اللباب
في شرح الكتاب كتاب الوصايا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فلأنه خالص حقه لم يتعلق به حق العامة، ألا يرى أن له أن لا يزرع، فكذلك له
ألا يبيع، وأما الثاني فالمذكور قول أبي حنيفة؛ لأن حق العامة إنما يتعلق
بما جمع في المصر وجلب إلى فنائها، وقال أبو يوسف: يكره؛ لإطلاق ما روينا،
وقال محمد: كل ما يجلب منه إلى المصر في الغالب فهو بمنزلة فناء المصر محرم
الاحتكار فيه، وعلى قول أبي حنيفة مشى الأئمة المصححون كما ذكره المصنف،
تصحيح.
(ولا ينبغي للسلطان أن يسعر على الناس) لأن الثمن حق العاقد فإليه تقديره؛
فلا ينبغي للحاكم أن يتعرض لحقه، إلا إذا تعلق به ضرر العامة، بأن كان
أرباب الطعام يتحكمون ويتعدون عن القيمة تعدياً فاحشا، فحينئذ لا بأس به
بمشورة أهل الرأي والبصر، وتمامه في الهداية.
(ويكره بيع السلاح في أيام الفتنة) ممن يعرف أنه من أهل الفتنة؛ لأنه تسبب
إلى المعصية.
(ولا بأس ببيع العصير) ولو (ممن يعلم أنه يتخذه خمرا) لأن المعصية لا تقام
بعينه، بل بعد تغيره، بخلاف بيع السلاح في أيام الفتنة، لأن المعصية تقوم
بعينه، هداية.
كتاب الوصايا
وجه مناسبة الوصايا للحظر والإباحة ظاهرة من حيث إنها تعتريها تلك الأحكام
وأراد بالوصايا ما يعم الوصية والإيصاء، يقال: "أوصي إلى فلان" أي جعله
وصيا،
(4/167)
- الوصية غير واجبةٍ، وهي مستحبةٌ، ولا
تجوز الوصية لوارثٍ إلا أن يجيزها الورثة. ولا تجوز الوصية بما زاد على
الثلث، ولا للقاتل،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والاسم منه الوصاية، و "أوصى لفلان" بمعنى ملكه بطريق الوصية، والمصنف لم
يتعرض للفرق بينهما وبيان كل واحد منهما بالاستقلال، بل ذكرهما في أثناء
تقرير المسائل.
ثم الوصية اسم بمعنى المصدر، ثم سمى به الموصى به، وهي: تمليك مضاف إلى ما
بعد الموت، وشرطها: كون الموصى أهلا للتمليك، وعدم استغراقه بالدين،
والموصى له حيا وقتها، غير وارث ولا قاتل، والموصى به قابلا للتمليك بعد
موت الموصى.
ولما كان الأصل فيها الاستحباب قال: (الوصية غير واجبة) ؛ لأنها تبرع
بمنزلة الهبة، والتبرعات ليست واجبة، وهذا إذا لم يكن مشغول الذمة بنحو
زكاة وفدية صوم وصلاة فرط فيها، وإلا فواجبة (وهي مستحبة) ؛ لأنها تبرع على
وجه الصدقة ولذا قال في المجتبى: إنها على الغني مباحة، وعلى أهل الفسق
مكروهة (ولا تجوز الوصية لوارث) لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قد
أعطى كل ذي حق حقه؛ فلا وصية لوارث".
ويعتبر كونه وارثاً عند الموت لا عند الوصية: فمن كان وارثاً عند الوصية
غير وارث عند الموت صحت له الوصية، وإن كان بالعكس لم تصح (إلا أن يجيزها
الورثة) بعد موته وهم كبار؛ لأن الامتناع كان لحقهم، فتجوز بإجازتهم، وإن
أجاز بعضهم دون بعض جاز على المجيز بقدر حصته (ولا تجوز) الوصية (بما زاد
على الثلث) إلا أن يجيزها الورثة كما مر (ولا لقاتل) عمداً كان أو خطأ، بعد
أن كان مباشراً ولو أجازتها الورثة جاز عند أبي حنيفة ومحمد، وقال أبي
يوسف: لا تجوز، وعلى قولهما
(4/168)
ويجوز أن يوصي المسلم للكافر، والكافر
للمسلم.
وقبول الوصية بعد الموت، فإن قبلها الموصى له في حال الحياة أو ردها فذلك
باطلٌ.
ويستحب أن يوصي الإنسان بدون الثلث.
وإذا أوصي إلى رجلٍ فقبل الوصي في وجه الموصي فردها في غير وجهه فليس بردٍ
وإن ردها في وجهه فهو بردٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مشى الأئمة كما هو الرسم، تصحيح.
(ويجوز أن يوصي المسلم للكافر) أي الذمي (والكافر للمسلم) ، لأنهم بعقد
الذمة ساووا المسلمين في المعاملات، ولهذا جاز التبرع من الجانبين في حالة
الحياة، فكذا في حالة الممات، هداية.
(وقبول الوصية) إنما يعتبر (بعد الموت) ، لأنه أوان ثبوتها، لإضافتها إلى
ما بعده، فلا تعتبر قبله (فإن قبلها الموصى له في حال الحياة أو ردها فذلك
باطل) لا عبرة به.
(ويستحب أن يوصي الإنسان بدون الثلث) سواء كانت الورثة أغنياء أم فقراء؛
لأن في النتقيص صلة القريب بترك ماله عليهم، بخلاف استكمال الثلث؛ لأنه
استيفاء تمام حقه، فلا صلة ولا منة، وتركها عند فقر الورثة وعدم استغنائهم
بحصصهم أحب.
(وإن أوصى إلى رجل) أي جعله وصيا على تنفيذ وصيته أو قضاء دينه أو على
أولاده الصغار (فقبل الوصي في وجه الموصي) ثم بدا له (فردها في غير وجهه)
في حياته أو بعد موته (فليس) ذلك (برد) أي لم يصح رده، لأن الميت مضى إلى
سبيله معتمداً عليه، فلو صح رده في غير وجهه صار مغروراً من جهته فرد رده،
هداية
(4/169)
والموصى به يملك بالقبول إلا في مسألةٍ،
وهي: أن يموت الموصي، ثم يموت الموصى له قبل القبول، فيدخل الموصى به في
ملك ورثته.
ومن أوصى إلى عبدٍ أو كافرٍ أو فاسقٍ أخرجهم القاضي من الوصية ونصب غيرهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(وإن ردها في وجهه فهو رد) ، لأنه ليس له إلزامه على قبولها، وإن لم يقبل
ولم يرد حتى مات الموصي فهو بالخيار، فإن باع شيئاً من تركته فقد لزمته،
لأنه دلالة القبول وهو معتبر بعد الموت، وسواء علم بالوصاية أو لم يعلم،
وتمامه في الجوهرة.
(والموصى به يملك بالقبول) ، لأن الوصية مثبته للملك، والقبول شرط للدخول
فيه؛ بخلاف الإرث، فإنه خلافة فيثبت الملك من غير قبول (إلا في مسألة
واحدة) فإن الموصى به فيها يملك من غير قبول (وهي أن يموت الموصي ثم يموت
الموصى له قبل القبول) والرد (فيدخل الموصى به في ملك ورثته) ، لأن الوصية
قد تمت من جانب الموصى بموته تماما لا يلحقه الفسخ من جهته، وإنما توقف لحق
الموصى له، فإذا مات دخل في ملكه كما في البيع المشروط فيه الخيار للمشتري
إذا مات قبل الإجازة.
(ومن أوصى إلى عبد) لغيره (أو كافر أو فاسق أخرجهم القاضي من الوصية ونصب
غيرهم) إتماماً للنظر، لأن العبد مملوك المنافع، والكافر معاداته الدينية
باعثة على ترك النظر، والفاسق متهم بالخيانة، وتعبيره بإخراجهم يشير إلى
صحة
(4/170)
ومن أوصى إلى عبد نفسه وفي الورثة كبارٌ لم
تصح الوصية.
ومن أوصى إلى من يعجز عن القيام بالوصية ضم إليه القاضي غيره.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الوصية، لأن الإخراج بعدها، فلو تصرفوا قبل الإخراج جاز، سراجية. وفي شرح
الإسبيجاني: هذا اللفظ يقتضي جواز الوصية، وذكر الشيخ أبو الحسن أنها
باطلة، فيحتمل أن معنى ذلك أن للقاضي أن يبطلها، ويحتمل أنها باطلة، والأول
أصح. اهـ] .
(ومن أوصى إلى عبد نفسه وفي الورثة كبار لم تصح الوصية) ، لأنه يصير مولى
عليه من جهتهم، فلا يكون واليا عليهم، ولا على غيرهم، لأن الوصية لا تتجزأ
فلو كان الكل صغاراً جاز عند أبي حنيفة، وقالا: لا يجوز أيضا، وقيل: قول
محمد مضطرب، وعلى قول الإمام اعتمد الأئمة الأعلام. تصحيح (ومن أوصى إلى من
يعجز عن القيام بالوصية) حقيقة (ضم إليه القاضي غيره) رعاية لحق الموصي
والورثة، وإنما قيدنا العجز بالحقيقة لأنه لو شكا إليه ذلك لا يجيبه حتى
يعرف ذلك حقيقة، لأنه قد يكون كاذبا تخفيفا على نفسه، وإن ظهر للقاضي عجزه
أصلا استبدل به غيره، ولو كان قادراً على التصرف أمينا فيه ليس للقاضي أن
يخرجه، لأنه لو اختار غيره كان دونه، لما أنه مختار الميت ومرضيه، فإبقاؤه
أولى، ولهذا قدم على أب الميت مع وفور شفقته، فأولى أن يقدم على غيره، وكذا
إذا شكا الورثة أو بعضهم الوصي للقاضي، فإنه لا ينبغي أن يعزله حتى يبدو
منه خيانة، لأنه استفاد لولاية من الميت، وتمامه في الهداية، وفي الجامع
الفصولين من الفصل السابع والعشرين: الوصي من الميت لو عدلا كافيا ينبغي
للقاضي أن يعزله، فلو عزله قيل: ينعزل، أقول: الصحيح عندي أنه لا ينعزل،
لأن الموصي أشفق بنفسه من القاضي، فكيف يعزله؟ وينبغي أن يفتي به
(4/171)
ومن أوصى إلى اثنين لم يجز لأحدهما أن
يتصرف عند أبي حنيفة ومحمدٍ دون صاحبه، إلا في شراء كفن الميت وتجهيزه،
وطعام الصغار وكسوتهم، ورد وديعةٍ بعينها، وقضاء دين، وتنفيذ وصيةٍ بعينها،
وعتق عبدٍ بعينه، والخصومة في حقوق الميت.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لفساد قضاة الزمان، اهـ. وفي البحر: فقد ترجح عدم صحة العزل للوصي، فكيف
بالوظائف في الأوقاف، اهـ.
(ومن أوصى إلى اثنين) معاً، أو على التعاقب (لم يجز لأحدهما أن يتصرف عند
أبي حنيفة ومحمد دون صاحبه) ؛ لأن الولاية تثبت بالتفويض فيراعى وصفه - وهو
وصف الاجتماع - إذ هو شرط مفيد (إلا في) أشياء ضرورية ليست من باب الولاية،
وهي ما استثناها المصنف وأخواتها، وذلك مثل (شراء كفن الميت وتجهيزه) ، لأن
في التأخير فساد الميت، ولهذا لا يملكه الجيران عند ذلك (وطعام الصغار
وكسوتهم) خشية ضياعهم (ورد وديعة بعينها) ورد مغصوب ومشترى شراء فاسداً،
وحفظ أموال (وقضاء دين عليه) ؛ لأنها ليست من باب الولاية، فإنه يملكه
المالك وصاحب الدين إذا ظفر بجنس حقه، فكان من باب الإعانة، هداية (وتنفيذ
وصية بعينها، وعتق عبد بعينه) ، لأنه لا يحتاج فيه إلى الرأي (والخصومة في
حقوق الميت) ؛ لأن الاجتماع فيها متعذر ولهذا ينفرد بها أحد الوكيلين، وزاد
في الهداية قبول الهبة؛ لأن في التأخير خيفة الفوات ولأنه تملكه الأم والذي
في حجره؛ فلم يكن من باب الولاية، وبيع ما يخشى عليه التوى والتلف؛ لأن فيه
ضرورة لا تخفى، وجمع الأموال الضائعة؛ لن في التأخير
(4/172)
ومن أوصى لرجلٍ بثلث ماله ولآخر بثلث ماله
فلم تجز الورثة فالثلث بينهما نصفان، وإن أوصى لأحدهما بالثلث وللآخر
بالسدس فالثلث بينهما أثلاثاً، وإن أوصى لأحدهما بجميع ماله وللآخر بثلث
ماله فلم تجز الورثة فالثلث بينهما على أربعة أسهمٍ عند أبي يوسف ومحمدٍ،
وقال أبو حنيفة: الثلث بينهما نصفان،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
خشية الفوات؛ ولأنه يملكه كل من وقع في يده، فلم يكن من باب الولاية، اهـ.
قال الإسبيجاني: وقال أبو يوسف: يجوز لكل واحد منهما ما صنع، والصحيح
قولهما، واعتمده الأئمة المصححون كما هو الرسم، تصحيح.
(ومن أوصى لرجل بثلث ماله ولآخر) أيضا (بثلث ماله، ولم تجز الورثة) ذلك
(فالثلث بينهما نصفان) اتفاقا، لتساويهما في سبب الاستحقاق فيستويان في
الاستحقاق، والثلث يضيق عن حقهما، فيكون بينهما (وإن أوصى لأحدهما بالثلث
وللآخر بالسدس) ولم تجز الورثة (فالثلث بينهما أثلاثاً) اتفاقا أيضا؛ لأن
الثلث يضيق عن حقيهما، فيقتسمانه على قدر حقيهما كما في أصحاب الديون (وإن
أوصى لأحدهما بجميع ماله وللآخر بثلث ماله ولم تجز الورثة) ذلك (فالثلث
بينهما على أربعة أسهم عند أبي يوسف ومحمد) على طريق العول: لصاحب الجميع
ثلاثة أرباع، ولصاحب الثلث ربع، لأن الموصى قصد شيئين: الاستحقاق والتفضيل،
وامتنع الاستحقاق لحق الورثة، ولا مانع من التفضيل، فيثبت كما في المحاباة
وأختيها (سيذكر المصنف أختيها. وهما السعاية والدراهم المرسلة، وسيبينهما
الشارح) ، كما في الهداية.
(وقال أبو حنيفة: الثلث بينهما نصفان) لأن الوصية وقعت بغير المشروع عند
عدم الإجازة فتبطل أصلا، والتفضيل ثبت في ضمن الاستحقاق، فبطل ببطلانه،
فتبقى الوصية لكل واحد منهما بالثلث
(4/173)
ولا يضرب أبو حنيفة للموصى له بما زاد على
الثلث إلا في المحاباة، والسعاية والدراهم المرسلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وإن أجازت الورثة: فعلى قولهما يكون بينهما أرباعا على طريق العول، وعلى
قول الإمام أثلاثا على طريق المنازعة. قال الإمام جمال الإسلام في شرحه:
والصحيح قول أبي حنيفة، واعتمده الإمام البرهاني، والنسفي، وغيرهما، تصحيح.
(ولا يضرب أبو حنيفة للموصى له بما زاد على الثلث إلا في) ثلاث مسائل
(المحاباة، والسعاية، والدراهم المرسلة) : أي المطلقة عن التقييد أو ثلث أو
نحوهما.
وصورة المحاباة: أن يكون لرجل عبدان، قيمة أحدهما ثلاثون، والآخر ستون، ولا
مال له سواهما، فأوصى بأن يباع الأول من زيد بعشرة والثاني من عمرو بعشرين،
فالوصية في حق زيد بعشرين وفي حق عمرو بأربعين، فيقسم الثلث بينهما أثلاثا،
فيباع الأول من زيد بعشرين والعشرة وصية له، ويباع الثاني من عمرو
بالأربعين والعشرون وصية له، فيأخذ عمرو من الثلث بقدر وصيته، وإن كانت
زائدة على الثلث.
وصورة السعاية: أن يوصي بعتق عبدين له قيمتهما ما ذكر، ولا مال له سواهما
فيعتق من الأول ثلثه بعشرة ويسعى بعشرين، ويعتق من الثاني ثلثه بعشرين،
ويسعى بأربعين.
وصورة الدراهم المرسلة: أن يوصي لزيد بعشرين، ولعمرو بأربعين، وهما ثلثا
ماله، فالثلث بينهما أثلاثاً: لزيد عشرة، ولعمرو عشرون، اتفاقا
(4/174)
ومن أوصى وعليه دينٌ يحيط بماله لم تجز
الوصية، إلا أن تبرئ الغرماء من الدين.
ومن أوصى بنصيب ابنه فالوصية باطلةٌ، وإن أوصى بمثل نصيب ابنه جاز، فإن كان
له ابنان فللموصي له الثلث.
ومن أعتق عبداً في مرضه، أو باع وحابى، أو وهب، فذلك كله جائز يعتبر من
الثلث ويضرب به مع أصحاب الوصايا،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(ومن أوصى وعليه دين يحيط بماله لم تجز الوصية) ، لأن الدين مقدم عليها؛
لأنه فرض، وهي تبرع (إلا أن يبرئ الغرماء) الموصي (من الدين) الذي عليه،
فتنفذ الوصية؛ لأنه لم يبق عليه دين.
(ومن أوصى بنصيب ابنه) أو غيره من الورثة (فالوصية باطلة) ؛ لأنه وصية بمال
الغير (وإن أوصى بمثل نصيب ابنه جازت) الوصية؛ لأن مثل الشيء غيره، غير أنه
مقدر به (فإن كان له) أي الموصي (ابنان، فللموصي له الثلث) لأنه يصير
بمنزلة ابن ثالث؛ فيكون المال بينهم أثلاثاً، فإن كان له ابن واحد كان
للموصى له النصف إن أجازه الابن، وإلا كان له الثلث كما لو أوصى له بنصف
ماله، والأصل: أنه متى أوصى بمثل نصيب بعض الورثة يزاد مثله على سهام
الورثة، مجتبى.
(ومن أعتق عبداً في مرضه) أي مرض موته (أو باع وحابى) في بيعه بأن باع
شيئاً بأقل من قيمته (أو وهب فذلك) كله جائز، (وهو معتبر من الثلث، ويضرب
به مع أصحاب الوصايا) . قال في الهداية: وفي بعض النسخ:
(4/175)
فإن حابى ثم أعتق فالمحاباة أولى عند أبي
حنيفة. وإن أعتق ثم حابى فهما سواءٌ، وقال أبو يوسف ومحمدٌ: العتق أولى في
المسألتين.
ومن أوصى بسهمٍ من ماله فله أخس سهام الورثة، إلا أن ينقص من السدس فيتمم
له السدس،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
"فهو وصية " مكان قوله "جائز"، والمراد الاعتبار من الثلث والضرب مع أصحاب
الوصايا، لا حقيقة الوصية؛ لأنها إيجاب بعد الموت، وهذا منجز غير مضاف،
واعتباره من الثلث لتعلق حق الورثة، اهـ (فإن حابى) المريض (ثم أعتق) وضاق
الثلث عنهما (فالمحاباة أولى) من العتق (عند أبي حنيفة) ؛ لأنه عقد ضمان
فأشبه الدين فكان أقوى، وبالسبق زاد قوة (وإن أعتق) أولا (ثم حابى، فهما
سواء) عنده أيضا، لأن عقد المحاباة ترجح بالقوة، والعتق بالسبق، فاستويا
(وقالا: العتق أولى في المسألتين) لأنه عقد لا يلحقه الفسخ بوجه، فكان أقوى
من هذا الوجه، واختار قول الإمام البرهاني، والنسفي، وصدر الشريعة، وغيرهم،
تصحيح.
(ومن أوصى بسهم من ماله فله أخس سهام الورثة) للموصى (إلا أن ينقص) أخس
سهامهم (من السدس؛ فيتم له) أي للموصى له (السدس) ولا يزاد عليه على رواية
الجامع الصغير. قال في الاختيار: وحاصله أن له السدس، وعلى رواية كتاب
الوصايا له أخس سهام الورثة ما لم يزد على السدس فله السدس، وكلاهما مروى
عن أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد: له أخس السهام إلا أن يزيد على الثلث
فله الثلث، قال الإسبيجاني: والصحيح قول الإمام، وعليه مشى الأئمة
(4/176)
وإن أوصى بجزء من ماله قيل للورثة: أعطوه
ما شئتم.
ومن أوصى بوصايا من حقوق الله تعالى قدمت الفرائض منها قدمها الموصى أو
أخرها، مثل الحج، والزكاة، والكفارات، وما ليس بواجبٍ قدم منه ما قدمه
الموصي.
ومن أوصى بحجة الإسلام أحجوا عنه رجلاً من بلده.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المصححون، تصحيح. قال في الهداية: قالوا: هذا في عرفهم، وفي عرفنا: السهم
كالجزء، اهـ. ومشى عليه في الكنز والدرر والتنوير. وفي الوقاية: السهم
السدس في عرفهم، وهو كالجزء في عرفنا، اهـ.
(وإن أوصى بجزء من ماله قيل للورثة: أعطوه ما شئتم) ، لأنه مجهول يتناول
القليل والكثير، غير أن الجهالة لا تمنع صحة الوصية، والورثة قائمون مقام
الموصي، فإليهم البيان، هداية.
(ومن أوصى بوصايا من حقوق الله تعالى) وضاق عنها الثلث (قدمت الفرائض منها)
على غير الفرائض، سواء (قدمها الموصي) في الوصية (أو أخرها) لأن قضاءها
أهم، وذلك (مثل الحج والزكاة والكفارة) وإن تساوت قوة بأن كانت فرائض أو
واجبات بدئ بما قدمه؛ لأن الظاهر أنه يبتدئ بالأهم (وما ليس بواجب قدم منه
ما قدمه الموصي) ؛ لأن تقديمه يدل على الاهتمام به، فكان كما إذا صرح بذلك.
(ومن أوصى بحجة الإسلام أحجوا عنه رجلا من بلده) ؛ لأن الواجب الحج من
بلده، ولهذا يعتبر فيه من المال ما يكفيه من بلده، والوصية لأداء ما كان
واجباً عليه
(4/177)
يحج عنه راكباً، فإن لم تبلغ الوصية النفقة
أحجوا عنه من حيث تبلغ.
ومن خرج من بلده حاجاً فمات في الطريق وأوصى أن يحج عنه حج عنه من بلده عند
أبي حنيفة.
ولا تصح وصية الصبي، والمكاتب وإن ترك وفاءً.
ويجوز للموصي الرجوع عن الوصية،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
و (يحج عنه راكباً) ؛ لأنه لا يلزمه أن يحج ماشيا، فانصرف إليه على الوجه
الذي وجب عليه، وهذا إن كفت النفقة ذلك (فإن لم تبلغ الوصية) تلك (النفقة
أحجوا عنه) راكبا (من حيث تبلغ) تلك النفقة، تنفيذاً لها بقدر الإمكان.
(ومن خرج من بلده حاجا فمات في الطريق) قبل أداء النسك (وأوصى أن يحج عنه
من بلده) راكباً (عند أبي حنيفة) لأن الوصية تنصرف إلى الحج من بلده كما
مر، وقالا: يحج عنه من حيث مات، لأن السفر بنية الحج وقع قربة، وسقط فرض
قطع المسافة بقدره، فيبتدأ من ذلك المكان كأنه من أهله، قال جمال الإسلام:
وعلى هذا إن مات الحاج عن غيره في الطريق حج عن الميت من بلده، والصحيح
قوله، واختاره المحبوبي والنسفي وغيرهما، تصحيح.
(ولا تصح وصية الصبي) مطلقاً: أي سواء كان مميزاً أو لا، مات قبل الإدراك
أو بعده، أضافه إلى الإدراك أولا، في وجوه الخير أولا، لأنها تبرع، وهو ليس
من أهل التبرع، فلا يملكها تنجيزاً ولا تعليقاً (و) لا (المكاتب وإن ترك
وفاء) لأن ماله لا يقبل التبرع.
(ويجوز للموصي الرجوع عن الوصية) ، لأنها تبرع لم يتم، فجاز الرجوع فيه
كالهبة
(4/178)
فإذا صرح بالرجوع، أو فعل ما يدل على
الرجوع كان رجوعاً، ومن جحد الوصية لم يكن رجوعاً.
ومن أوصى لجيرانه فهم الملاصقون عند أبي حنيفة.
ومن أوصى لأصهاره فالوصية لكل ذي رحمٍ محرمٍ من امرأته.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(فإذا صرح بالرجوع) بأن قال رجعت عما أوصيت به أو أبطلته (أو فعل ما يدل
على الرجوع) بأن أزاله عن ملكه، أو زاد به زيادة تمنع تسليمه إلا بها كلت
السويق والبناء في الدار، أو فعل به فعلا لو فعله في المغصوب لانقطع عنه حق
المالك (كان رجوعا) أما الصريح فظاهر، وكذا الدلالة، لأنها تعمل عمل الصريح
فقام مقام قوله "قد أبطلت" وصار كالبيع بشرط الخيار، فإنه يبطل الخيار فيه
بالدلالة، هداية.
(ومن جحد الوصية لم يكن رجوعا) قال في الهداية: كذا ذكره محمد، وقال أبو
يوسف: يكون رجوعا، ورجح قول محمد، واعتمده الإمام المحبوبي والنسفي
وغيرهما، تصحيح.
(ومن أوصى لجيرانه فهم الملاصقون) له (عند أبي حنيفة) ، لأن الجوار عبارة
عن القرب، وحقيقة ذلك في الملاصق، وما بعده بعيد بالنسبة إليه، وقال أبو
يوسف ومحمد: هم الملاصقون وغيرهم ممن يسكن محله الموصي ويجمعهم مسجد
المحلة، وهذا استحسان، هداية. قال في التصحيح: والصحيح قول الإمام، واختاره
المحبوبي والنسفي وصدر الشريعة وغيرهم، اهـ.
(ومن أوصى لأصهاره فالوصية لكل ذي رحم محرم من امرأته) كآبائها وأعمامها
وأخوالها وأخواتها. قال الحلواني: هذا في عرفهم، وأما في عرفنا فيختص
(4/179)
ومن أوصى لأختانه فالختن زوج كل ذات رحمٍ
محرمٍ منه.
ومن أوصى لأقربائه فالوصية للأقرب فالأقرب من كل ذي رحمٍ محرمٍ منه، ولا
يدخل فيهم الوالدان والولد، وتكون للاثنين فصاعداً، وإذا أوصى بذلك وله
عمان وخالان، فالوصية لعميه عند أبي حنيفة، وإن كان له عمٌ وخالان، فللعم
النصف، وللخالين النصف.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بأبويها، عناية وغيرها، وأقره القهستاني. قلت: لكن جزم في البرهان وغيره
بالأول، وأقره في الشرنبلالية، كذا في الدرر.
(ومن أوصى لأختانه فالختن زوج كل ذات رحم محرم منه) كأزواج بناته وأخواته
وعماته وخالاته، قال القهستاني: وينبغي في ديارنا أن يختص الصهر بأبي
الزوجة والختن بزوج البنت، لأنه المشهور، اهـ.
(ومن أوصى لأقربائه) ، أو لذوي قرابته، أو لأرحامه، أو لأنسبائه (فالوصية
للأقرب فالأقرب من كل ذي رحم محرم) منه (ولا يدخل فيهم الوالدان والولد) ،
لأنهم لا يسمون أقارب، ومن سمى والده قريباً كان منه عقوقاً؛ لأن القريب من
تقرب بوسيلة غيره، وتقرب الوالد والولد بنفسه لا بغيره، وتمامه في الهداية
(وتكون) الوصية (للاثنين فصاعداً) ؛ لأنه ذكر بلفظ الجمع، وأقل الجمع في
الوصية اثنان كما في الميراث (وإذا أوصى بذلك) أي لأقربائه ونحوه (وله) أي
الوصي (عمان زخالان فالوصية) كلها (لعميه عند أبي حنيفة) اعتباراً للأقرب
كما في الإرث (وإن كان له عم وخالان فللعم النصف وللخالين النصف) ؛ لأنه
لابد من اعتبار معنى الجمع وهو الاثنان في الوصية كما في الميراث، ولو ترك
عماً وخالا وخالة فالوصية
(4/180)
وقال أبو يوسف ومحمدٌ: الوصية لكل من ينسب
إلى أقصى أبٍ له في الإسلام.
ومن أوصى لرجلٍ بثلث دراهمه أو ثلث غنمه، فهلك ثلثا ذلك وبقي ثلثه وهو يخرج
من ثلث ما بقي من ماله فله جميع ما بقي، وإن أوصى بثلث ثيابه فهلك ثلثاها
وبقي ثلثها وهو يخرج من ثلث ما بقي من ماله لم يستحق إلا ثلث ما بقي من
الثياب.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
للعم والعمة بينهما بالسوية؛ لاستواء قرابتهما، وتمامه في الهداية (وقالا)
تكون (الوصية لكل من ينسب) إليه من قبل آبائه (إلى أقصى أب له في الإسلام)
وهو أول أب أسلم، القريب والبعيد والذكر والأنثى فيه سواء، قال في زاد
الفقهاء والزاهدي في شرحه: الصحيح قول أبي حنيفة، وعليه اعتمد المحبوبي
والنسفي وغيرهما، تصحيح.
(ومن أوصى لرجل بثلث دراهمه) المعينة (أو ثلث غنمه) المعينة (فهلك ثلثا
ذلك، وبقي ثلثه، وهو) أي ثلث ذلك (يخرج من ثلث ما بقي من ماله، فله) أي
الموصى له (جميع ما بقي) ؛ "لأن الوصية تعلقت بعينها؛ بدليل أنه لو قاسمه
الورثة استحق ذلك، وما تعلقت الوصية بعينه يستحقه الموصى له إذا خرج من
الثلث، كما لو أوصى بثلث شيء بعينه فاستحق ثلثاه.
(وإن أوصى له بثلث ثيابه فهلك ثلثاها، وبقي ثلثها، وهو) أي الثلث الباقي
(يخرج من ثلث ما بقي من ماله، لم يستحق) الموصى له (إلا ثلث ما بقي من
الثياب) قال في الهداية: قالوا: هذا إذا كانت الثياب من أجناس مختلفة، ولو
كانت من جنس واحد فهو بمنزلة الدراهم، اهـ. أي: لأن الوصية حيث كانت الثياب
مختلفة
(4/181)
ومن أوصى لرجلٍ بألف درهمٍ وله مالٌ عينٌ
ودينٌ، فإن خرجت الألف من ثلث العين دفعت إلى الموصى له، وإن لم تخرج دفع
إليه ثلث العين، وكلما خرج شيءٌ من الدين أخذ ثلثه حتى يستوفي الألف.
وتجوز الوصية للحمل، وبالحمل، إذا وضع لأقل من ستة أشهرٍ من يوم الوصية.
ومن أوصى لرجلٍ بجاريةٍ إلا حملها صحت الوصية والاستثناء.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لم تتعلق بعينها، ولذا لا يقسم بعضها في بعض، بخلاف ما إذا كانت متحدة
فإنها يقسم بعضها في بعض بمنزلة الدراهم.
(ومن أوصى لرجل بألف درهم) مثلا (وله) أي الموصي (مال عين ودين فإن خرجت
الألف) الموصى بها (من ثلث العين دفعت) الألف الموصى بها (إلى الموصى له) ؛
لأنه أمكن إبقاء كل ذي حق حقه من غير بخس؛ فيصار إليه (وإن لم تخرج) الألف
من الثلث العين (دفع إليه) أي الموصى له (ثلث العين، وكلما خرج شيء من
الدين أخذ ثلثه، حتى يستوفي الألف) ؛ لأن الموصى له شريك الوارث، وفي
تخصيصه بالعين بخس في حق الورثة؛ لأن للعين فضلا على الدين.
(وتجوز الوصية للحمل، وبالحمل، إذا) تحقق وجوده وقت الوصية بأن (وضع لأقل
من ستة أشهر من يوم الوصية) لو زوج الحامل حياً، ولو ميتاً وهي معتدة حين
الوصية فلأقل من سنتين؛ بدليل ثبوت نسبه، اختيار وجوهرة.
(ومن أوصى لرجل بجارية إلا حملها صحت الوصية والاستثناء) ؛ لأن ما جاز
إيراد العقد عليه جاز استثناؤه منه
(4/182)
ومن أوصى لرجلٍ بجاريةٍ فولدت بعد موت
الموصي قبل أن يقبل الموصى له ولدا ثم قبل وهما يخرجان من الثلث فهما
للموصى له، وإن لم يخرجا من الثلث ضرب بالثلث وأخذ ما يخصه منهما جميعاً في
قول أبي يوسف ومحمدٍ، وقال أبو حنيفة: يأخذ ذلك من الأم، فإن فضل شيءٌ أخذه
من الولد.
وتجوز الوصية بخدمة عبده وسكنى داره، سنين معلومةً، وتجوز بذلك أبداً،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(ومن أوصى لرجل بجارية فولدت بعد موت الموصي) ولو (قبل أن يقبل الموصى له
ولداً ثم قبل) الموصى له (وهما) : أي الجارية والولد (يخرجان من الثلث فهما
للموصى له) ؛ لأن الولد نماء الأم؛ فكان تبعاً لها (وإن لم يخرج من الثلث
ضرب) الموصى له (بالثلث، فأخذ ما يخصه منهما جميعاً في قول أبي يوسف ومحمد)
؛ لأن الولد لما دخل في الوصية صارا كأن الإيجاب ورد عليهما معاً فلا يقدم
أحدهما على الآخر (وقال أبو حنيفة: يأخذ ذلك) أي الثلث (من الأم، فإن فضل)
من الثلث (شيء أخذه من الولد) لأن الأم أصل في العقد، فكان في التنفيذ،
واختار قول الإمام البرهاني والنسفي وغيرهما، تصحيح.
(وتجوز الوصية بخدمة عبده وسكنى داره سنين معلومة، وتجوز) أيضاً (بذلك
أبداً) لأن المنافع يجوز تمليكها بعوض وبغير عوض، كالإجارة، والعارية،
فكذلك بالوصية، ويكون محبوساً على ملك الميت في حق المنفعة، كما في
(4/183)
فإن خرجت رقبة العبد من الثلث سلم إليه
للخدمة، وإن كان لا مال له غيره خدم الورثة يومين والموصى له يوماً، فإن
مات الموصى له عاد إلى الورثة، وإن مات الموصى له في حياة الموصى بطلت
الوصية.
وإذا أوصى لولد فلانٍ فالوصية بينهم: الذكر والأنثى فيه سواءٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الوقف، وتمامه في الدر.
(فإن خرجت رقبة العبد من الثلث سلم) العبد (إليه ليخدمه) إبقاء لحقه (وإن
كان) الموصي (لا مال له غيره) أي غير العبد الموصى بخدمته (خدم الورثة
يومين، و) خدم (الموصى له يوماً) ؛ لأن حقه في الثلث وحقهم في الثلثين، كما
في الوصية بالعين؛ ولا يمكن قسمه، فعدل إلى المهايأة إيفاء للحقين، وأما
الدار إذا لم يكن له غيرها فإنها تقسم أثلاثا للانتفاع، ولو اقتسموا مهايأة
من حيث الزمان يجوز أيضاً؛ لأن الحق لهم، إلا أن الأول أولى، وليس للورثة
أن يبيعوا ما في أيديهم من ثلثي الدار؛ وعن أبي يوسف لهم ذلك، وتمامه في
الهداية (فإن مات الموصى له عاد) العبد الموصى به (إلى الورثة) لأن الموصي
أوجب الحق للموصى له؛ ليستوفي المنافع على حكم ملكه؛ فلو انتقل إلى وارث
الموصى له استحقها ابتداء من ملك الموصي بلا رضاه، وذلك لا يجوز، هداية
(فإن مات الموصى له في حياة الموصي بطلت الوصية) ؛ لما تقدم أن الوصية
إيجاب بعد الموت، وقد مات الموصى له قبل وجوب الحق له؛ فبطل.
(وإذا أوصى لولد فلان فالوصية بينهم) أي بين جميع أولاده (الذكر والأنثى
فيه سواء) ؛ لأن اسم الولد ينطلق عليهما على حد سواء
(4/184)
ومن أوصى لورثة فلانٍ فالوصية بينهم: للذكر
مثل حظ الأنثيين.
ومن أوصى لزيدٍ وعمرو بثلث ماله، فإذا عمروٌ ميتٌ، فالثلث كله لزيدٍ وإن
قال: "ثلث مالي بين زيد وعمروٍ" وزيدٌ ميتٌ كان لعمروٍ نصف الثلث.
ومن أوصى بثلث ماله ولا ماله له ثم اكتسب مالا استحق الموصى له ثلث
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(ومن أوصى لورثة فلان فالوصية بينهم) أي بين جميع ورثته (للذكر مثل حظ
الأنثيين) ، لأن الإيجاب باسم الميراث يقتضي التفضيل، كما في الميراث.
(ومن أوصى لزيد وعمرو بثلث ماله) مثلا (فإذا عمرو ميت) قبل الوصية (فالثلث
كله لزيد) ، لأن الميت ليس بأهل للوصية، فلا يزاحم الحي، فصار كما إذا أوصى
لزيد وجدار، وعن أبي يوسف: أنه إذا لم يعلم بموته فله نصف الثلث، وعلى ما
في الكتاب مشى المحبوبي والنسفي وغيرهما، تصحيح.
(وإن قال) الموصي (ثلث مالي بين زيد وعمرو، وزيد ميت) قبل الوصية (كان
لعمرو نصف الثلث) ، لأن ابتداء الإيجاب لا يوجب له إلا النصف، لأن كلمة
"بين" تقتضي الاشتراك.
(ومن أوصى بثلث ماله ولا مال له) إذ ذاك، أو كان له مال وهلك، (ثم) بعد ذلك
(اكتسب مالا) ومات (استحق الموصى له ثلث
(4/185)
ما يملكه عند الموت، والله أعلم. |