اللباب
في شرح الكتاب كتاب الفرائض.
- المجمع على توريثهم من الذكور.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ما يملكه) الموصي (عند الموت) لأن الوصية عقد استخلاف مضاف إلى ما بعد
الموت، ويثبت حكمه بعده، فيشترط وجود المال عند الموت، لا قبله، هداية.
كتاب الفرائض
الفرائض، جمع فريضة، فعيلة من الفرض، وهو في اللغة: التقدير والقطع، وفي
الشرع: ما ثبت بدليل قطعي لا شبهة فيه. وسمي هذا النوع من الفقه "فرائض"
لأنه سهام مقدرة ثبتت بدليل قطعي لا شبهة فيه؛ فقد اشتمل على المعنى اللغوي
والشرعي، وإنما خص بهذا الاسم لأن الله تعالى سماه به، فقال بعد القسمة:
"فريضة من الله" وكذا النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: "تعلموا الفرائض".
والفرائض من العلوم الشريفة التي تجب العناية بها؛ لافتقار الناس إليها،
ففي الحديث: "تعلموا الفرائض، وعلموها الناس، فإني امرؤ مقبوض، وإن العلم
سيقبض، وتظهر الفتن، حتى يختلف اثنان في الفريضة فلا يجدان من يقضي
بينهما"، رواه الإمام أحمد، والترمذي، والنسائي، والحاكم، وقال: صحيح
الإسناد لكن في رواية الحاكم "من يقضي بها".
قال رحمه الله تعالى: (المجمع على توريثهم من الذكور) فرضاً أو تعصيباً أو
بهما
(4/186)
عشرةٌ: الابن، وابن الابن وإن سفل، والأب،
والجد أب الأب وإن علا، والأخ، وابن الأخ؛ والعم، وابن العم، والزوج، ومولى
النعمة.
ومن الإناث سبعٌ: البنت، وبنت الابن، والأم، والجدة، والأخت، والزوجة،
ومولاة النعمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بطريق الاختصار (عشرة: الابن، وابن الابن وإن سفل) بمحض الذكور (والأب،
والجد أب الأب وإن علا) بمحض الذكور (والأخ) مطلقاً (وابن الأخ) الشقيق أو
الأب وإن سفل بمحض الذكور (والعم) الشقيق أو لأب (وابن العم) كذلك وإن سفل
بمحض الذكور (والزوج، ومولى النعمة) أي المعتق، أما بطريق البسط فخمسة عشر:
الابن، وابنه وإن نزل، والأب، والجد وإن علا، والأخ الشقيق، والأخ للأب،
والأخ للأم، وابن الأخ الشقيق، وابن الأخ للأب، والعم الشقيق، والعم للأب،
وابن العم الشقيق، وابن العم للأب، والزوج، والمعتق. ومن عدا هؤلاء من
الذكور فمن ذوي الأرحام.
(و) المجمع على توريثهم (من الإناث) بطريق الاختصار أيضا (سبع: البنت، وبنت
الابن) وإن سفلت بمحض الذكور (والأم، والجدة) لأم أو لأب وإن علت ما لم تدل
بجد فاسد (والأخت) مطلقاً (والزوجة، ومولاة النعمة) أي المعتقة، وأما بطريق
البسط فعشرة: البنت، وبنت الابن، والأم، والجدة من قبلها، والجدة من الأب،
والأخت الشقيقة، والأخت للأب، والأخا للأم، والزوجة، والمعتقة، ومن عدا
هؤلاء من الإناث فمن ذوي الأرحام]
(4/187)
ولا يرث أربعةٌ: المملوك، والقاتل من
المقتول، والمرتد، وأهل الملتين.
والفروض المحددة في كتاب الله تعالى ستةٌ: النصف، والربع، والثمن،
والثلثان، والثلث، والسدس.
فالنصف فرض خمسةٍ: فرض البنت، وبنت الابن إذا لم تكن بنت الصلب، والأخت.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(ولا يرث أربعة: المملوك) مطلقاً؛ لأن الميراث نوع تمليك، والعبد لا يملك
ولأن ملكه لسيده، ولا قرابة بين السيد والميت (والقاتل من المقتول)
لاستعجاله ما أخره الله تعالى فعوقب بحرمانه، وهذا إذا كان قتلا يوجب القود
أو الكفارة، وأما ما لا يتعلق به ذلك فلا يمنع، وقد مر في الجنايات
(والمرتد) فلا يرث من مسلم ولا ذمي ولا مرتد؛ لأنه لا ملة له؛ بدليل أنه لا
يقر على ما هو عليه (وأهل الملتين) فلا توارث بين مسلم وكافر، وكذا أهل
الدارين: حقيقة كالذمي والحربي، أو حكما كالذمي والمستأمن، وحربيين من
دارين مختلفين كتركي وهندي؛ لانقطاع العصبة فيما بينهم، بخلاف المسلمين كما
في الدر.
(والفروض المحدودة) أي المقدرة (في كتاب الله تعالى: النصف، و) نصفه وهو
(الربع، و) نصف نصفه وهو (الثمن، والثلثان، و) نصفهما وهو (الثلث، و) نصف
نصفهما وهو (السدس) ويقال غير ذلك من العبارت التي أخصرها قول ابن الهائم:
ثلثٌ وربعٌ ونصف كلٍ وضعفه.
(فالنصف فرض خمسة) أصناف (للبنت) عند انفرادها (وبنت الابن إذا كانت منفردة
(ولم تكن بنت الصلب) ولا ابن فأكثر (والأخت) الشقيقة وهي
(4/188)
من الأب والأم، والأخت من الأب إذا لم تكن
أختٌ لأبٍ وأمٍ، والزوج إذا لم يكن للميت ولدٌ ولا ولد ابنٍ.
والربع فرض الزوج مع الولد أو ولد الابن، والزوجات إذا لم يكن للميت ولدٌ
ولا ولد ابن.
والثمن فرض الزوجات مع الولد وولد الابن.
والثلثان لكا اثنين فصاعداً ممن فرضه النصف إلا الزوج.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأخت (من الأب والأم) عند انفرادها، وعدم الأولاد وأولاد الأبناء (والأخت
من الأب إذا) كانت منفردة، و (لم تكن أخت) ولا أخ (لأب وأم) فأكثر، ولا من
شرط فقده مع الشقيقة (وللزوج إذا لم يكن للميت ولد) مطلقا (ولا ولد ابن) .
(والربع) فرض اثنين: (للزوج مع الولد) مطلقاً (أو ولد الابن، وللزوجات)
تستقل به الواحدة إذا انفردت، ويشترك به الأكثر (إذا لم يكن، للميت ولد)
مطلقاً (ولا ولد ابن) .
(والثمن) فرض صنف واحد: أي (للزوجات مع الولد) مطلقاً (أو ولد الابن) تستقل
به الواحدة إذا انفردت، ويشترك به الأكثر كما مر.
(والثلثان) فرض أربعة أصناف عبر عنها بقوله: (لكل اثنين فصاعدا ممن فرضه
النصف، إلا الزوج) وتقدم أنهم خمسة، فإذا خرج الزوج المستثنى بقي أربعة،
وهن: البنات، وبنات الابن، والأخوات الأشقاء، والأخوات من الأب، ويشترط في
حال تعددهن ما يشترط حال انفرادهن]
(4/189)
والثلث للأم إذا لم يكن للميت ولدٌ، ولا
ولد ابن، ولا اثنان من الإخوة والأخوات فصاعداً، ويفرض لها في مسألتين -
وهما: زوجٌ وأبوان، وامرأةٌ وأبوان - ثلث ما يبقى بعد فرض الزوج أو الزوجة،
وهو لكل اثنين فصاعداً من ولد الأم: ذكورهم وإناثهم فيه سواءٌ.
والسدس فرض سبعةٍ: لكل واحدٍ من الأبوين مع الولد أو ولد الابن، وللأم مع
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(والثلث) فرض صنفين: (للأم إذا لم يكن للميت ولد) مطلقاً (ولا ولد ابن، ولا
اثنان) فأكثر (من الإخوة والأخوات) أشقاء أو لأب أو لأم، متحدين أو مختلفين
(ويفرض لها) أي الأم (في مسألتين) فقط (وهما: زوج وأبوان، وامرأة) أي زوجة
(وأبوان - ثلث ما يبقى بعد) رفع (فرض الزوج) في الأول (و) فرض (الزوجة) في
الثانية، وكان الأصل - على ما سبق - أن يكون لها ثلث جميع المال، ولكن يلزم
من ذلك تفضيل الأم على الأب، فأعطيت ثلث الباقي، ولو كان مكان الأب جد كان
لها ثلث الجميع (وهو) أي الثلث لكل اثنين فصاعدا من ولد الأم، ذكورهم
وإناثهم فيه) أي الثلث المفروض لهم (سواء) أي: من غير تفضيل ذكرهم على
أنثاهم؛ لقوله تعالى: {فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث} والتشريك
إذا أطلق يقتضي المساواة.
(والسدس فرض سبعة) أصناف: (لكل واحد من الأبوين مع وجود الولد) مطلقا (أو
ولد الابن) مطلقا (وللأم) أيضا (مع) اثنين فأكثر
(4/190)
الإخوة والأخوات من أي جهةٍ كانوا،
وللجدات، وللجد، مع الولد أو ولد الابن، ولبنات الابن مع البنت، وللأخوات
لأبٍ مع الأخت لأبٍ وأمٍ، وللواحد من ولد الأم.
وتسقط الجدات بالأم، والجد والإخوة والأخوات بالأب.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من (الإخوة والأخوات) مطلقا، مع الاتحاد أو الاختلاف، وارثين أو لا
(وللجدات الصحيحات، وهن اللاتي لم يدلين بجد فاسد، تستقل به الواحدة إذا
انفردت ويشترك به الأكثر إذا كثرن وتحاذين (وللجد) الصحيح، وهو الذي لم
يدخل في نسبته إلى الميت أنثى (مع الولد) أو ولد الابن، وعدم الأب، لأنه
يقوم مقامه (ولبنات الابن) إذا كن (مع البنت) إذا لم يكن معهن من يعصبهن،
تستقل به الواحدة إذا انفردت، ويشترك به الأكثر (والأخوات لأب مع الأخت)
الواحدة التي (لأب وأم) إذا لم يكن معهن من يعصبهن، تستقل به الواحدة إذا
انفردت، ويشترك به الأكثر كما مر (وللواحد من ولد الأم) سواء كان ذكرا أو
أنثى.
ولما أنهى الكلام على أصحاب الفروض، شرع في ذكر الحجب، فقال: (وتسقط
الجدات) مطلقاً (بالأم، و) يسقط (الجد والإخوة والأخوات) مطلقا (بالأب)
(4/191)
ويسقط ولد الأم بأربعةٍ: بالولد، وولد
الابن، والأب، والجد.
وإذا استكمل البنات الثلثين سقطت بنات الابن؛ إلا أن يكون بإزائهن أو أسفل
منهن ابن ابن فيعصبهن.
وإذا استكمل الأخوات لأبٍ وأم الثلثين سقطت الأخوات لأب. إلا أن يكون معهن
أخٌ لهن فيعصبهن.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(ويسقط ولد الأم) أي الأخ من الأم (بأربعة) أصناف (بالولد) مطلقاً (وولد
الابن) مطلقا، وإن سفل بمحض الذكور (والأب، والجد) الصحيح وإن علا.
(وإذا استكملت البنات الثلثين سقطت بنات الابن) ، لأنه لا حق للبنات وبنات
الابن فيما وراء الثلثين فريضة (إلا أن يكون بإزائهن) أي بإزاء بنات الابن
سواء كان أخا أو ابن عم (أو أسفل منهن) بدرجة أو أكثر (ابن ابن فيعصبهن)
إلا أنه يعصب من فوقه إذا لم تكن ذات سهم، أما إذا كانت ذات سهم كما إذا
كان بنت وبنت ابن وابن ابن ابنٍ، فإن البنت تأخذ النصف، وبنت الابن السدس،
والباقي لابن ابن الابن، ولا تصير عصبة به.
(وإذا استكملت الأخوات لأب وأم الثلثين سقطت الأخوات لأب) ؛ لأنه لا حق
للأخوات فيما وراء الثلثين فريضة (إلا أن يكون معهن أخ لهن فيعصبهن) كما مر
في بنات الابن مع البنات. وسيذكر تمام أحكام الحجب بعد إنهاء الكلام على
العصبات
(4/192)
باب أقرب العصبات.
- وأقرب العصبات البنون، ثم بنوهم، ثم الأب، ثم الجد، ثم بنو الأب، وهم
الأخوة، ثم بنو الجد، وهم الأعمام، ثم بنو أب الجد.
وإذا استوى بنو أبٍ في الدرجة فأولاهم من كان لأبٍ وأمٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
باب أقرب العصبات
(وأقرب العصبات) جمع عصبة - وهو ذكر لم تدخل في نسبته إلى الميت أنثى - جزء
الميت (جعل الشارع هذا خبر المبتدأ الذي هو قوله "أقرب العصبات") ، وهم
(البنون، ثم بنوهم) وإن سفلوا بمحض الذكور (ثم) أصله، وهو (الأب، ثم الجد)
وإن علا بمحض الذكور (ثم بنو الأب، وهم الإخوة) لأبويين، أو لأب عند عدم
الإخوة لأبوين، ثم بنوهم كذلك وإن سفلوا بمحض الذكور (ثم بنو الجد، وهم
الأعمام) لأبوين، أو لأب عند عدم الأعمام لأبوين، ثم بنوهم كذلك، وإن سفلوا
بمحض الذكور (ثم بنو أب الجد) وهم أعمام أب الميت: لأبوين، أو لأب، ثم
بنوهم كذلك وإن سفلوا، وهكذا؛ لأنهم في القرب والدرجة على هذا الترتيب؛
فيكونون في الميراث كذلك.
(وإذا استوى بنو أب في درجة) وكانوا كلهم لأب وأم ولأب فقط اشتركوا في
الميراث، وإن كان بعضهم لأب وأم وبعضهم لأب فقط (فأولاهم) بالميراث (من كان
لأب وأم) ، لأن الانتساب إلى الأبوين أقوى؛ فيقع به الترجيح.
ولما ذكر العصبة بنفسه أواد أن يتمم أنواع العصبة بذكر العصبة بغيره؛ فقال:
(4/193)
والابن وابن الابن والإخوة يقاسمون
أخواتهم، للذكر مثل حظ الأنثيين، ومن عداهم من العصبات ينفرد بالميراث
ذكورهم دون إناثهم.
وإذا لم يكن عصبةٌ من النسب فالعصبة هو المولى المعتق، ثم أقرب عصبة
المولى.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(والابن وابن الابن والإخوة) لأبوين أو لأب كما مر (يقاسمون أخواتهم للذكر
مثل حظ الانثيين) لأن أخواتهم يصرن عصبة بهم، أما البنات وبنات الابن
فلقوله تعالى: {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين} وأما
الأخوات فلقوله تعالى: {وإن كانوا إخوة رجالا ونساء للذكر مثل حظ الأنثيين}
(ومن عداهم) أي: من عدا الابن وابن والابن والإخوة (من) بقية (العصبات)
كالعم وابنه وابن الأخ (ينفرد بالميراث ذكورهم دون إناثهم) ؛ لأن أخواتهم
لا يصرن عصبة بهم؛ لأنهن لم يكن لهن فرضٌ، بخلاف الأولين فإن أخواتهم لهن
فرضٌ، وجعلوا عصبة بهم لئلا يكون نصيبهن مساوياً لنصيبهم أو أكثر، وههنا
ليس كذلك.
وبقي من العصبات النسبية العصبة مع الغير، وهم الأخوات لأبوين أو لأب مع
البنات أو بنات الابن.
ولما أنهى الكلام على العصبة النسبية أخذ في ذكر العصبة السببية، فقال
(وإنا لم تكن) للميت (عصبة من النسب فالعصبة) له (المولى المعتق) سواء كان
ذكراً أو أنثى (ثم) بعده (أقرب عصبة المولى) بنفسه، على الترتيب السابق.
ولما لم يستوعب أحكام الحجب فيما سبق أخذ في تمام ذلك فقال:
(4/194)
باب الحجب.
- وتحجب الأم من الثلث إلى السدس بالولد، أو بأخوين.
والفاضل عن فرض البنات لبني الابن وأخواتهم، للذكر مثل حظ الأنثيين.
والفاضل عن فرض الأختين من الأب والأم للإخوة والأخوات من الأب للذكر مثل
حظ الأنثيين.
وإذا ترك بنتاً وبنات ابنٍ وبني ابنٍ، فللبنت النصف، والباقي لبني الابن
وأخواتهم للذكر مثل حظ الأنثيين، وكذلك الفاضل عن فرض الأخت من
ـــــــــــــــــــــــــــــ
باب الحجب
(وتحجب الأم من الثلث إلى السدس بالولد) أو ولد الابن (أو أخوين) مطلقاً
كما مر آنفاً (والفاضل عن فرض البنات لبني الابن وأخواتهم للذكر مثل حظ
الأنثيين) لما مر أنهن يصرن عصبة بهم (و) كذلك (الفاضل عن فرض الأختين من
الأب والأم للأخوة والأخوات من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين) كما مر (وإذا
ترك) الميت (بنتاً وبنات ابن) واحدة أو أكثر (وبني ابن) واحداً أو أكثر
إخوةً لبنات الابن أو أولاد عم أو مختلفين (فللبنت النصف والباقي لبني
الابن وأخواتهم) أو أولاد عمهم (للذكر مثل حظ الأنثيين) اعتباراً بما إذا
لم يكن معهم ذو فرض (وكذلك الفاضل عن) النصف (فرض الأخت من
(4/195)
الأب والأم لبني الأب وبنات الأب للذكر مثل
حظ الأنثيين.
ومن ترك ابني عمٍ أحدهما أخٌ لأمٍ فللأخ للأم السدس، والباقي بينهما.
والمشركة: أن تترك المرأة زوجاً وأماً - أو جدةً - وأختين من أمٍ وأخا لأبٍ
وأمٍ، فللزوج النصف، وللأم السدس، ولولد الأم الثلث، ولا شيء للإخوة من
الأب والأم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأب والأم) يكون (لبني الأب وبنات الأب، للذكر مثل حظ الأنثيين) وقد مر
آنفا.
(ومن ترك ابني عم أحدهما أخ لأم فللأخ) من الأم (السدس) بالفرضية،
(والباقي) بعد السدس (بينهما) نصفين بالعصوبة؛ لاستوائهما بها.
(و) المسألة (المشركة) بفتح الراء كما ضبطها ابن الصلاح والنووي، أي المشرك
فيها وبكسرها على نسبة التشريك إليها مجازا كما ضبطها ابن يونس: أي
المشتهرة بذلك عند الفرضيين، وصورتها (أن تترك المرأة زوجا و) ذات سدس (أما
أو جدة) صحيحة (وأختين من أم) فأكثر (وأخا لأب وأم) فأكثر (فللزوج النصف،
وللأم السدس، ولولدي الأم الثلث) بالنصوص الواردة فيهم (ولا شيء للأخ من
الأب والأم) لاستغراق التركة بالفروض.
ولما أنهى الكلام على أحكام الحجب أخذ في أحكام الرد، فقال:
(4/196)
باب الرد.
- والفاضل عن فرض ذوي السهام إذا لم يكن عصبةٌ مردودٌ عليهم بمقدار سهامهم،
إلا على الزوجين.
ولا يرث القاتل من المقتول، والكفر كله ملةٌ واحدةٌ يتوارث به أهله.
ولا يرث المسلم من الكافر، ولا الكافر من المسلم، ومال المرتد لورثته من
المسلمين، وما اكتسبه في حال ردته فيٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
باب الرد
(والفاضل عن فرض ذوي السهام - إذا لم يكن عصبة - مردود عليهم) أي على ذوي
السهام (بمقدار سهامهم، إلا) أنه لا يرد (على الزوجين) ؛ لأن الرد إنما
يستحق بالرحم، لقوله تعالى: {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض} ولا رحم بين
الزوجين.
(ولا يرث القاتل) إذا كان بالغاً عاقلاً (من المقتول) وقد مر (والكفر كله
ملة واحدة يتوارث به أهله) إذا اتحدت الدار كما مر (ولا يرث المسلم من
الكافر، ولا الكافر من المسلم) لاختلاف الملة.
(ومال المرتد) الذي اكتسبه حالة إسلامه إذا مات أو قتل (لورثته من
المسلمين) لاستناد زوال الملك لزمن الردة (وما اكتسبه في حال ردته فئ) ؛
لأنه مباح الدم؛ فيكون ما يكتسبه في تلك الحالة فيئا كما في الحربي
(4/197)
وإذا غرق جماعةٌ أو سقط عليهم حائطٌ فلم
يعلم من مات منهم أولاً فمال كل واحدٍ منهم للأحياء من ورثته.
وإذا اجتمع في المجوسي قرابتان لو تفرقت في شخصين ورث أحدهما مع الآخر ورث
بهما، ولا يرث المجوسي بالأنكحة الفاسدة التي يستحلونها في دينهم.
وعصبة ولد الزنا وولد الملاعنة مولى أمهما.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(وإذا غرق جماعة) أو احترقوا (أو سقط عليهم حائط فلم يعلم من مات منهم أولا
فمال كل واحد منهم) يكون (للأحياء من ورثته) ولا يرث بعضهم من بعض، لأنه
لما لم يعلم حالهم جعلوا كأنهم ماتوا معاً، وإذا كاتوا معاً لا يرث بعضهم
من بعض؛ لاشتراط تحقق حياة الوارث بعد موت المورث.
(وإذا اجتمع في الموسي قرابتان) وكان بحيث (لو تفرقت) قرابتاه (في شخصين)
لكان (ورث أحدهما) : أي أحد المفروضين (مع الآخر ورث بهما) اعتباراً
بالمسلم إذا كان له قرابتان كابن العم إذا كان أخا لأم كما مر (ولا يرث
المجوسي بالأنكحة الفاسدة التي يستحلونها في دينهم) ؛ لاستحقاقها النقض
والفسخ، ولهذا لو رفع إلينا لا نقرهم عليه، والعقد الفاسد لا يوجب
الاستحقاق.
(وعصبة ولد الزنا وولد الملاعنة مولى أمهما) ؛ لأنه لا نسب لهما من قبل
الأب؛ فيكون ولاؤهما لمولى الأم، والمراد بالمولى ما يعم المعتق والعصبة؛
ليتناول ما لو كانت حرة الأصل، قال في التصحيح نقلا عن الجواهر: يعني إذا
كانت الأم حرة الأصل يكون الميراث لمواليها، وهم عصبتها، وإن كانت معتقة
يكون الميراث لمعتقها أو عصبته فقوله "مولى أمهما" يتناول المعتق وغيره وهو
عصبة أمهما. اه
(4/198)
ومن مات وترك حملاً وقف ماله حتى تضع
امرأته حملها في قول أبي حنيفة.
والجد أولى بالميراث من الإخوة عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمدٌ:
يقاسمهم، إلا أن تنقصه المقاسمة من الثلث.
وإذا اجتمعت الجدات فالسدس لأقربهن،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(ومن مات وترك) ورثة و (حملا) يشارك بقية الورثة أو يحجبهم حجب نقصان (وقف
ماله) أي مال الميت (حتى تضع امرأته عند أبي حنيفة) ؛ لئلا يحتاج إلى فسخ
القسمة، فإن طلب الورثة حقوقهم دفع إليهم المتيقن، ويوقف ميراث أربع بنين
في رواية ابن المبارك عن الإمام، وقال محمد: ميراث ابنين؛ وقال أبو يوسف:
ميراث واحد، قال الزاهدي والإسبيجاني وصاحب الحقائق والمحيط وقاضيخان:
وعليه الفتوى، وقال قاضيخان: وهو مختار الصدر الشهيد، وبه أفتى فخر الدين،
وهو المختار، تصحيح. وإنما قيدت بما إذا كان يشارك بقية الورثة أو يحجبهم
حجب نقصان؛ لأنه إذا كان يحجب حجب حرمان فإنه يوقف جميع التركة اتفاقاً.
(والجد) الصحيح (أولى بالميراث من الإخوة) والأخوات (عند أبي حنيفة لأنه
بمنزلة الأب عند فقده (وقالا: يقاسمهم إلا أن تنقصه المقاسمة من الثلث)
فيكون له الثلث والباقي بين الإخوة والإخوات؛ قال الإسبيجاني: والصحيح قول
أبي حنيفة، وقال في الحقائق: وبه يفتي، تصحيح.
(وإذا اجتمعت الجدات) الصحيحات، وتفاوتن في الدرجة (فالسدس لأقربهن)
(4/199)
ويحجب الجد أمه.
ولا ترث أم أبي الأم بسهمٍ، وكل جدةٍ تحجب أمها.
باب ذوي الأرحام.
- وإذا لم يكن للميت عصبةٌ ولا ذو سهمٍ ورثه ذوو أرحامه، وهم عشرةٌ: ولد
البنت، وولد الأخت، وابنة الأخ، وابنة العم، والخال، والخالة، وأب الأم،
والعم من الأم، والعمة، وولد
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من أي جهة كانت (ويحجب الجد أمه) لأنها تدلي به (ولا ترث أم لأبي الأم
بسهم) أي بفرض؛ لإدلائها بغير الوارث؛ فهي من ذوي الأرحام (وكل جدة تحجب
أمها) لأنهما يرثان بجهة واحدة؛ فكانت القربى أولى كالأم والجدة.
ولما أنهى الكلام على الوارثين بالفرضية والعصوبة أخذ في الكلام على ذوي
الأرحام فقال:.
باب ذوي الأرحام
(وإذا لم يكن للميت عصبة ولا ذو سهم ورثه ذوو أرحامه) ، لقوله تعالى:
{وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض} والأرحام: جمع رحم، وهو: قريب ليس بعصبة
ولا ذي سهمٍ (وهم عشرة) أصناف: الأول (ولد البنت) مطلقاً (و) الثاني (ولد
الأخت) مطلقاً (و) الثالث (ابنة الأخ) مطلقاً (و) الرابع (ابنة العم) مطلقا
(و) الخامس (الخال) مطلقاً (و) السادس (الخالة) مطلقا (و) السابع (أب الأم،
و) الثامن (العم) أخ الأب (من الأم، و) التاسع (العمة) مطلقا (و) العاشر
(ولد
(4/200)
الأخ من الأم، ومن أدلى بهم،
وأولاهم ولد الميت، ثم ولد الأبوين، أو أحدهما، وهم بنات الإخوة وولد
الأخوات، ثم ولد أبوي أبويه أو أحدهما، وهم الأخوال والخالات والعمات.
وإذا استوى ولد أبٍ في درجةٍ فأولاهم من أدلى بوارثٍ، وأقربهم أولى من
أبعدهم، وأب الأم أولى من ولد الأخ والأخت.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأخ من الأم، و) كذلك (من أدلى بهم) ؛ لوجود القرابة والرحم.
ولما كان توريث ذوي الأرحام كتوريث العصبة بحيث من انفرد منهم أحرز جميع
المال، وإذا اجتمعوا يعتبر أو لأقرب القرابة. ثم قرب الدرجة، ثم قرب القوة
بكون الأصل وارثاً - شرع في بيان ذلك، فقال: (وأولاهم) أي أقرب جهات ذوي
الأرحام (من كان من ولد الميت) ؛ لأنه أقرب إليه من غيره وإن سفل، ثم الجد
الفاسد؛ لأنه مقدم على ولد الأبوين بإجماع أصحابنا كما في التصحيح عن زاد
الفقهاء، ونص عليه المصنف كما يأتي قريبا (ثم ولد الأبوين أو أحدهما وهم
بنات الإخوة) مطلقا (وولد الأخوات) مطلقاً (ثم ولد أبوي أبويه أو أحدهما
وهم الأخوال والخالات والعمات) مطلقاً (وإذا استوى ولد أب في درجة) وكان
بعضهم يدلي بوارث وبعضهم بغير وارث (فأولاهم من أدلى) إليه (بوارث) ؛ لأن
الإدلاء بالوارث أقوى، وذلك كبنت بنت البنت وبنت بنت الابن، فالمال كله
لبنت بنت الابن، لما ذكر (و) إن تفاوتوا بالقرب كان (أقربهم) وإن أدلى بغير
وارث (أولى من أبعدهم) وإن أدلى بوارث، وذلك كبنت العمة وبنت ابن العم
لأبوين أو لأب فالمال كله لبنت العمة؛ لما مر من أن المعتبر هو القرب (وأب
الأم) وإن علا (أولى من ولد الأخ والأخت) اعتبارا بالعصبات، قال الزاهدي
والإسبيجاني:
(4/201)
والمعتق أحق بالفاضل عن سهم ذوي السهام إذا
لم تكن عصبةٌ سواه، ومولى الموالاة يرث.
وإذا ترك المعتق أبا مولاه وابن مولاه فماله للابن، وقال أبو يوسف: للأب
السدس والباقي للابن، فإن ترك جد مولاه وأخ مولاه فالمال للجد في قول أبي
حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمدٌ: هو بينهما.
ولا يباع الولاء، ولا يوهب.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هذا عند أبي حنيفة، وقالا: ولد الأخ والأخت أولى؛ ورجحا دليل أبي حنيفة،
واختاره النسفي وغيره، تصحيح.
(والمعتق أحق) من ذوي الأرحام (بالفاضل عن سهم ذوي السهام إذا لم تكن عصبة
سواه) وكذلك عصبته بعده كما مر.
(ومولى الموالاة يرث) ممن والاه إذا لم يكن له وارث سواه.
(وإذا ترك المعتق أب مولاه وابن مولاه فماله للابن) وحده عند أبي حنيفة
ومحمد؛ لأن ولاء العتاقة تعصيب، والابن مقدم على الأب في التعصيب (وقال أبو
يوسف: للأب السدس، والباقي للابن) اعتبارا بالإرث، قال الإسبيجاني: الصحيح
قولهما، تصحيح (فإن ترك جد مولاه وأخ مولاه فالمال للجد في قول أبي حنيفة،
وقالا: هو بينهما) قال الإسبيجاني والزاهدي: هذا بناء على اختلافهم في
الميراث؛ وقد مر، قلت: وقد مر أن الفتوى على قول الإمام، تصحيح.
(ولا يباع الولاء ولا يوهب) لحديث: "الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا
يوهب ولا يورث"
(4/202)
حساب الفرائض.
- إذا كان في المسألة نصفٌ ونصفٌ، أو نصفٌ وما بقي، فأصلها من اثنين، وإن
كان
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولما أتم الكلام على أحكام الفرائض أخذ في الكلام على كيفية تقسيمها بين
مستحقيها، فقال:
حساب الفرائض
وهذه ترجمة للأصول التي يحتاج إليها الفرضيون في تصحيح المسائل وقسمة
الفروض على مستحقيها، وفي مخارج الفروض المذكورة في القرآن العظيم.
واعلم أن مخرج كل فرض مفرد أقل عدد يكون ذلك الفرض منه واحداً صحيحاً،
ومخرج الفرض المكرر هو مخرج الفرض المفرد؛ فالنصف من اثنين، والثلث من
ثلاثة، وكذا الثلثان، وهكذا.
ثم اعلم أن الفروض المقدرة نوعان: النصف، والثلثان، ونصفهما ونصف نصفهما
كما سبق؛ فإن لم يختلط أحد النوعين في الآخر كان أصل المسألة من مخرج أدق
فرض فيها، وإن اختلط أحد النوعين في الآخر؛ فإن اختلط النصف بالنوع الثاني
كله أو بعضه، فالمسألة من ستة، وإن اختلط الربع كذلك فمن اثني عشر، وإن
اختلط الثمن كذلك فمن أربعة وعشرين. وقد أخذ المصنف في بيان ذلك فقال:
(إذا كان في المسألة نصف ونصف) كزوج وأخت شقيقة أو لأب (أو نصف وما بقي)
كبنت وأخت شقيقة أو لأب (فأصلها من اثنين، وإن كان) في المسألة
(4/203)
ثلثٌ وما بقي، أو ثلثان وما بقي فأصلها من
ثلاثة، وإن كان ربعٌ وما بقي أو ربعٌ ونصفٌ فأصلها من أربعة، وإن كان ثمنٌ
وما بقي، أو ثمنٌ ونصفٌ وما بقي فأصلها من ثمانية، وإذا كان سدسٌ وما بقي
أو نصفٌ وثلثٌ أو سدس فأصلها من ستة، وتعول إلى سبعة وثمانية وتسعة وعشرة.
وإن كان مع الربع ثلثٌ أو سدسٌ فأصلها من اثني عشر، وتعول إلى ثلاثة عشر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(ثلث وما بقي) كأم وأخ شقيق أو لأب، أو ثلث وثلثان كأخوين لأم وأختين
لأبوين أو لأب (أو ثلثان وما بقي) كبنتين وعم (فأصلها من ثلاثة، وإن كان)
في المسألة (ربع وما بقي) كزوج وعم (أو ربع ونصف) كزوج وبنت (فأصلها من
أربعة، وإن كان) في المسألة (ثمن وما بقي) كزوجة وابن (أو ثمن ونصف وما
بقي) كزوجة وبنت وعم (فأصلها من ثمانية، وإذا كان) في المسألة (سدس وما
بقي) كجدة وعم أو سدس وثلث وما بقي كأم وولدي أم وعم، أو سدس ونصف وما بقي
كجدة وزوج وعم (أو نصف وثلث) وما بقي كأم وأخت شقيقة أو لأب وعم (أو) نصف
(وسدس) وما بقي كأم وبنت وعم (فأصلها من ستة، و) قد (تعول) الستة (إلى
سبعة) كزوج وأختين لأب (و) إلى (ثمانية) كزوج وثلاث أخوات متفرقة (و) إلى
(تسعة) كزوج وأختين لأب وأختين لأم (و) إلى (عشرة) كزوج وأم وأختين لأب
وأختين لأم (وإن كان مع الربع ثلث) كزوجة وأم (أو) كان مع الربع (سدس)
كزوجة وأخ لأم (فأصلها من اثني عشر، و) قد (تعول) الاثنا عشر (إلى ثلاثة
عشر) كزوجة وثلاثة أخوات متفرقة (وخمسة عشر) كالمسألة السابقة يزيادة أخت
(4/204)
وخمسة عشر وسبعة عشر.
وإذا كان مع الثمن ثلثان أو سدسٌ فأصلها من أربعة وعشرين، وتعول إلى سبعة
وعشرين.
فإذا انقسمت المسألة على الورثة فقد صحت، وإن لم تنقسم سهام فريقٍ عليهم
فاضرب عددهم في أصل المسألة وعولها إن كانت عائلة، فما خرج فمنه تصح
المسألة، كامرأة وأخوين: للمرأة الربع سهمٌ، وللأخوين ما بقي، وهي ثلاثة
أسهمٍ لا تنقسم عليهما
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أخرى من أم (وسبعة عشر) كما لو كان معهن أم أيضاً.
(وإذا كان مع الثمن ثلثان) كزوجة وبنتين (أو) كان مع الثمن (سدس) كزوجة وأم
وابن (فأصلها من أربعة وعشرين، وتعول إلى سبعة وعشرين) كزوجة وبنتين
وأبوين.
(فإن انقسمت المسألة) الحادثة (على الورثة) من غير كسر (فقد صحت المسألة)
من أصلها؛ لحصول المقصود بحصول الانقسام من غير كسر في السهام (وإن لم
ينقسم سهام فريق) من الورثة (عليهم) لتعدد ذلك الفريق (فاضرب عددهم) أي عد
ذلك الفريق المنكسر عليه إذا لم يكن بينهما موافقة كما يأتي (في أصل
المسألة) إن كانت عادلة (و) في (عولها إن كانت عائلة) ويسمى المضروب فيه
عندهم جزء السهم (فما خرج فمنه تصح المسألة) ويسمى الحاصل بالضرب التصحيح،
وذلك (كامرأة وأخوين) لأب وأم أو لأب، أصل المسألة من أربعة (للمرأة الربع
سهم وللأخوين ما بقي وهو ثلاثة أسهم) وهي (لا تنقسم عليهما) قسمة صحيحة ولا
موافقة بينهما (فاضرب اثنين) عدد رءوسهم (في أصل المسألة) وهو أربعة (يكون)
الحاصل (ثمانية ومنها تصح) المسألة: للمرأة واحد في اثنين باثنين، وللأخوين
ثلاثة في اثنين بستة لكل واحد ثلاثة، وكزوج وثلاث أخوات كذلك: أصلها من
ستة، وعالت إلى سبعة، وقد انكسر سهام الأخوات عليهن، ولا موافقة بينهما،
(4/205)
فاضرب اثنين في أصل المسألة فتكون ثمانية،
ومنها تصح.
وإن وافق سهامهم عددهم، فاضرب وفق عددهم في أصل المسألة، كامرأةٍ وستة
أخوةٍ، للمرأة الربع سهمٌ، وللأخوة ثلاثةٌ، فاضرب وفق عددهم في أصل المسألة
يكون ثمانيةً، ومنها تصح.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فاضرب عدد رءوسهن - وهي ثلاثة - في أصل المسألة مع عولها - وهو سبعة - تبلغ
إحدى وعشرين؛ فمنها تصح للزوج ثلاثة في ثلاثة بتسعة، وللأخوات أربعة في
ثلاثة باثني عشر لكل واحدة أربعة (وإن وافق سهامهم) أي سهام الفريق المنكسر
عليهم (عددهم فاضرب وفق عددهم في أصل المسألة) إن كانت عادلة وعولها إن
كانت عائلة كما مر، وذلك (كامرأة وستة أخوة) لأب وأم أو لأب: أصل المسألة
من أربعة (للمرأة الربع سهم، وللإخوة ثلاثة) وهي لا تنقسم عليهم (لكن
بينهما موافقة بالثلث (فاضرب ثلث عددهم) وهو اثنان (في أصل المسألة) وهو
أربعة يكن الحاصل ثمانية (ومنها تصح المسألة) للمرأة واحد في اثنين باثنين،
وللإخوة ثلاثة في اثنين بستة لكل واحد منهم واحد، وكزوج وأبوين وست بنات،
أصلها من اثني عشر، وتعول إلى خمسة عشر، وينكسر سهام البنات عليهن، وبينهما
موافقة بالنصف، فاضرب وفق الرءوس - وهو ثلاثة - في أصل المسألة مع عولها
يكن الحاصل خمسة وأربعين، ومنها تصح للزوج ثلاثة بتسعة، وللأبوين أربعة في
ثلاث باثني عشر لكل واحد ستة، وللبنات ثمانية في ثلاثة بأربعة وعشرين لكل
واحدة أربعة
(4/206)
وإن لم تنقسم سهام فريقين أو أكثر، فاضرب
أحد الفريقين في الآخر ثم ما اجتمع في الفريق الثالث، ثم ما اجتمع في أصل
المسألة، فإن تساوت الأعداد أجزأ أحدهما عن الآخر، كامرأتين وأخوين، فاضرب
اثنين في أصل المسألة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولما فرغ من النظر بين السهام والرءوس أخذ في النظر بين الرءوس والرءوس على
أربعة أصول؛ لأنه إما أن يتباينا أو يتماثلا أو يتداخلا أو يتوافقا، ونبه
على الأول بقوله:
(وإن لم تنقسم سهام الفريقين) : من الورثة (أو أكثر) وكان بين العددين
مباينة (فاضرب أحد الفريقين) أي عدد رءوس أحد الفريقين (في) عدد رءوس
(الآخر، ثم) اضرب (ما اجتمع) بالضرب (في الفريق الثالث) إن كان، ثم ما
اجتمع في الرابع إن كان، وهذا غايته بالاستقراء (ثم) اضرب (ما اجتمع) بضرب
رءوس الفرق، ويسمى السهم كما مر (في أصل المسألة) والحاصل هو التصحيح،
ومثال من ذلك: ثلاث زوجات وأخوان، أصل المسألة من أربعة: للزوجات سهم لا
ينقسم عليهن، وللأخوين ثلاثة لا تنقسم عليهما، وبين الثلاثة والاثنين
تباين، فاضرب الاثنين في الثلاثة بستة، وهي في أصل المسألة؛ يكن الحاصل
أربعة وعشرين؛ ومنها تصح؛ كان للزوجات واحد في ستة بستة لكل واحدة اثنان،
وللأخوين ثلاثة في ستة بثمانية عشر لكل واحد تسعة.
ونبه على الثاني بقوله: (فإن تساوت الأعداد) أي تماثلت (أجزأ أحدهما) أي
ضرب أحد المتماثلين (عن) ضرب (الآخر) ، لأنه بضرب أحدهما ينبجبر الكسر
فيهما، وذلك (كامرأتين وأخوين) لأب وأم أو لأب، أصل المسألة من أربعة
للمرأتين سهم واحد لا ينقسم عليهما، وللأخوين ثلاثة لا تنقسم عليهما أيضا،
وبين رءوس الفريقين مماثلة (فاضرب الاثنين) أحد رءوس الفريقين (في أصل
المسألة)
(4/207)
فإن كان أحد العددين جزءاً من الآخر أغنى
الأكثر عن الأقل كأربع نسوةٍ وأخوين، إذا ضربت الأربعة أجزأك عن الأخوين.
وإن وافق أحد العددين الآخر ضربت وفق أحدهما في جميع الآخر، ثم ما اجتمع في
أصل المسألة، كأربع نسوةٍ وأختٍ وستة أعمامٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وهو أربعة؛ يكن الحاصل ثمانية، ومنها تصح المسألة؛ كان للمرأتين واحد في
اثنين باثنين لكل واحدة واحد، وكان للأخوين ثلاثة في اثنين بستة لكل واحد
ثلاثة.
ونبه على الثالث بقوله: (فإن كان أحد العددين) داخلا في الآخر، بأن كان
-جزءا من الآخر أغنى الأكثر) أي ضرب الأكثر منهما (عن) ضرب (الأقل) ؛ لدخول
الأقل في الأكثر، وذلك (كأربع نسوة وأخوين) لأب وأم أو لأب، أصل المسألة من
أربعة: للنسوة سهم واحد لا ينقسم عليهن، وللأخوين ثلاثة أسهم لا تنقسم
عليهما أيضاً، وعدد أحد الفريقين جزء من الآخر، فيغني ضرب الأكثر عن الأقل،
ففي المثال المذكور (إذا ضربت الأربعة) عدد رءوس النسوة في أصل المسألة
(أجزأك) ذلك (عن) ضربه في رءوس (الأخوين) ثم في المسألة، لحصول الانجبار مع
الاختصار.
ونبه على الرابع بقوله: (وإن وافق أحد العددين) العدد (الآخر) بجزء من
الأجزاء (ضربت وفق أحدهما في جميع الآخر، ثم) ضربت (ما اجتمع في أصل
المسألة) يحصل التصحيح، وذلك (كأربعة نسوة وأخت) لأب وأم أو لأب وستة أعمام
أصل المسألة من أربعة: للنسوة سهم لا ينقسم عليهن، وللأخت سهمان وللأعمام
سهم لا ينقسم عليهم أيضاً، فيكون الرءوس المنكسرة عليها أربعة وستة
(4/208)
فالستة توافق الأربعة بالنصف، فاضرب نصف
أحدهما في جميع الآخر، ثم ما اجتمع في أصل المسألة، تكون ثمانيةً وأربعين،
ومنها تصح.
فإذا صحت المسألة فاضرب سهام كل وارثٍ في التركة ثم أقسم ما اجتمع على ما
صحت منه الفريضة يخرج حق ذلك الوارث.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(فالستة توافق الأربعة بالنصف، فاضرب نصف أحدهما) أي الأربعة والستة (في
جميع الآخر) يكن الحاصل اثني عشر (ثم) اضرب الحاصل (في أصل المسألة يكن)
الحاصل (ثمانية وأربعين، ومنها تصح) المسألة؛ كان للنسوة واحد في اثني عشر
باثني عشر لكل واحدة ثلاثة، وكان للأخت سهمان في اثني عشر بأربعة وعشرين،
وكا للأعمام سهم في اثني عشر باثني عشر لكل واحد اثنان.
(فإذا صحت المسألة) بالطرق المارة، وأردت معرفة ما يخص كل واحد من التركة
حيث كانت درهم أو دنانير أو نحوهما (فاضرب سهام كل وارث) من التصحيح (في)
جميع (التركة، ثم اقسم ما اجتمع) بالضرب (على ما صحت منه الفريضة) أي
التصحيح (يخرج) بالقسمة (حق ذلك الوارث) ففي المسألة السابقة لو فرضنا
التركة ستة وتسعين، وقد كان للزوجات من التصحيح لكل واحدة ثلاثة فاضرب
الثلاثة في الستة والتسعين يكن الحاصل مائتين وثمانية وثمانين، اقسمها على
ثمانية وأربعين يخرج ستة، فهي لها، وكذلك بقية الزوجات، وكان للأخت أربعة
وعشرون اضربها في الستة والتسعين يكن الحاصل ألفين وثلاثمائة وأربعة،
اقسمها على ثمانية وأربعين يخرج ثمانية وأربعون، فهي لها، وكان لكل واحد من
الأعمام سهمان اضربهما
(4/209)
وإذا لم تقسم التركة حتى مات أحد الورثة،
فإن كان ما يصيبه من الميت الأول ينقسم على ورثته فقد صحت المسألتان مما
صحت الأولى، وإن لم ينقسم صححت فريضة الميت الثاني بالطريقة التي ذكرناها،
ثم ضربت إحدى المسألتين في الأخرى إن لم يكن بين سهام الميت الثاني وما صحت
منه فريضته موافقةٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
في الستة والتسعين يكن الحاصل مائة واثنين وتسعين، اقسمها على ثمانية
وأربعين يخرج أربعة، فهي له، ومثله بقية الأعمام، وجملة ذلك ستة وتسعون.
ولما أنهى الكلام على حساب الفرائض أخذ في الكلام على كيفية عمل المناسخة
فقال:
(وإذا لم تقسم التركة حتى مات أحد الورثة) عمن في المسألة فقط، أو عن غيرهم
فقط، أو عنهما، وأردت تصحيح مسألتهما معاً؛ فطريقه أن تصحح مسألة الميت
الأول بالطرق المارة، وتنظر ما خص الميت الثاني من التصحيح (فإن كان ما
يصيبه من الميت الأول ينقسم على عدد ورثته) أي ورثة الميت الثاني (فقد صحت
المسألتان مما) أي من التصحيح الذي (صحت) منه المسألة (الأولى) فلا يحتاج
إلى عمل آخر، وذلك كما إذا ترك ابناً وبنتاً، ثم مات الابن عن ابنين،
المسألة الأولى من ثلاثة: للابن منها اثنان، وللبنت واحد، والذي أصابه
الميت الثاني ينقسم على ورثته، فأصل المسألتين من ثلاثة (وإن لم ينقسم) ما
يصيب الميت الثاني على عدد ورثته (صححت) أيضاً (فريضة) أي مسألة (الميت
الثاني بالطريقة التي ذكرناها) آنفاً (ثم ضربت إحدى المسألتين في) المسألة
(الأخرى، إن لم يكن بين سهام الميت الثاني) من فريضة الميت الأول (وما صحت
منه فريضته) أي فريضة الميت الثاني (موافقة
(4/210)
فإن كان بينهما موافقةٌ فاضرب المسألة
الثانية في الأولى، فما اجتمع صحت منه المسألتان.
وكل من له شيءٌ من المسألة الأولى مضروبٌ في وفق المسألة الثانية، ومن كان
له شيءٌ من المسألة الثانية مضروبٌ في وفق تركة الميت الثاني.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فإن كان بينهما موافقة فاضرب المسألة الثانية) أي وفقها (في) جميع المسألة
(الأولى) أو بالعكس (فما اجتمع) بالضرب (صحت منه المسألتان) ويسمى ذلك في
اصطلاحهم الجامعة، فإن مات ثالث، فاجعل له مسألة أيضاً، واجعل الجامعة مكان
التصحيح الأول: واجعل التصحيح الثالث مكان الثاني، وتمم العمل كما ذكر،
وهكذا إن مات رابع، وهلم جرا، ومثال ذلك: زوج وابن أبوان، ثم مات الابن عن
ابن وأبيه وجدته؛ فالأولى من اثني عشر: للزوج ثلاثة، وللأبوين أربعة،
وللابن خمسة؛ ومسألة الثاني من ستة، وسهامه من الأول خمسة، وهي لا تنقسم
على مسألته، وبينهما مباينة، فتضرب مصحح الثاني - وهو ستة - في مصحح الأولى
- وهو اثنا عشر - يكن الحاصل اثنين وسبعين، ومنه تصح المسألتان.
ثم ذكر كيفية أخذ كل من الورثة ما يخصه من الجامعة فقال: (وكل من له شيء من
المسألة الأولى) فهو (مضروب) يعني يأخذه مضروباً (في وفق المسألة الثانية)
عند الموافقة، أو في كلها عند المباينة (ومن كان له شيء من المسألة
الثانية) فهو (مضروب في وفق تركة الميت الثاني) عند الموافقة، أو في كلها
عند المباينة، ومن كان له شيء منهما أخذه مضروباً في وفقهما عند الموافقة،
أو في كل منهما عند المباينة؛ ففي المسألة السابقة للزوج في الأولى ثلاثة
في ستة
(4/211)
وإذا صحت مسألة المناسخة، وأردت معرفة ما
يصيب كل واحدٍ من حبات الدرهم قسمت ما صحت منه المسألة على ثمانية وأربعين،
فما خرج أخذت له من سهام كل وارثٍ حبةً.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بثمانية عشر، ومن الثانية واحد في خمسة بخمسة، ومجموعه ثلاثة وعشرون، وللأب
من الأولى فقط اثنان في ستة باثني عشر، وللأم من الأولى اثنان في ستة باثني
عشر، ومن الثانية واحد في خمسة بخمسة، ومجموعها سبعة عشر، وللابن من
الثانية فقط أربعة في خمسة بعشرين، ومجموع ذلك اثنان وسبعون، وعلى هذا فقس.
(وقد جرت عادة الفرضيين إذا انتهوا من عمل المناسخة أو غيرها من المسائل أن
يحولوا ذلك إلى القيراط أو الأدق منه، وهو الحبة؛ فذكر المصنف كيفية ذلك
بقوله: (وإذا صحت المناسخة) بالطرق المارة، ومثلها وغيرها من المسائل
(وأردت معرفة ما يصيب كل واحد) من الورثة (من حبات الدرهم) جمع حبة، وهي
الشعيرة المتوسطة التي لم تقشر وقطع من طرفها ما دق وطال، ونسبتها إلى
القيراط ثلث. واعلم أن القيراط في عرف أهل الحجاز واليمن ومصر والشام
والمغرب عبارة عن جزء من أربعة وعشرين جزأ من الواحد، فحبات الواحد عندهم
اثنان وسبعون حبة، وفي عرف أهل العراق ونواحيها عبارة عن جزء من عشرين جزأ
من الواحد، وعلى هذا فرع كثير من المتقدمين كالموصلي وصاحب المختار في شرحه
الاختيار وغيره، فحبات الواحد عندهم ستون حبة، وفي عرف آخرين عبارة عن جزء
من ستة عشر جزأ من الواحد، فحبات الواحد عندهم ثمانية وأربعون حبة، وعليه
فرع المصنف بقوله: (قسمت ما صحت منه المسألة على ثمانية وأربعين) التي هي
مخرج الحبة (فما خرج) بالقسمة فهو الحبة؛ فإذا أردت معرفة مقدار حبات كل
واحد من الورثة (أخذت له) أي لذلك الخارج بالقسمة وهو الحبة (من سهام كل
وارث) بكل قدر ما يقابله (حبة) وذلك بأن تقسم ما لكل وارث
(4/212)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من التصحيح على الخارج بالقسمة، أعني الحبة؛ فيكون كل واحد من الخارج
بالقسمة عليه حبة؛ فجمعه الخارج بالقسمة هو حبات ذلك الوارث، ففي المسألة
المتقدمة صحت من اثنين وسبعين، فإذا قسمنا ذلك على ثمانية وأربعين كان
الخارج بالقسمو واحداً ونصفاً، وهو حبة، فاقسم ما لكل وارث عليه يكن الخارج
جملة ما له من الحبات، فالزوج له ثلاثة وعشرون اقسمها على واحد ونصف يكن
الخارج خمسة عشر وثلثاً، وللأب اثنا عشر اقسمها عليه يكن الخارج ثمانية،
وللأم سبعة عشر اقسمها عليه يكن الخارج أحد عشر وثلثاً، وللابن عشرون
اقسمها عليه يكن الخارج ثلاثة عشر وثلثاً، والله سبحانه وتعالى أعلم]
(4/213)
|