متن
بداية المبتدي في فقه الإمام أبي حنيفة = كتاب الْحَج
الْحَج وَاجِب على الْأَحْرَار الْبَالِغين الْعُقَلَاء الأصحاء إِذا
قدرُوا على الزَّاد وَالرَّاحِلَة فَاضلا عَن الْمسكن وَمَا لَا بُد مِنْهُ
وَعَن نَفَقَة عِيَاله إِلَى حِين عوده وَكَانَ الطَّرِيق آمنا
(1/42)
وَلَا يجب فِي الْعُمر إِلَّا مرّة
وَاحِدَة وَيعْتَبر فِي الْمَرْأَة أَن يكون لَهَا محرم تحج بِهِ أَو زوج
وَلَا يجوز لَهَا أَن تحج بِغَيْرِهِمَا إِذا كَانَ بَينهَا وَبَين مَكَّة
مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام وَإِذا وجدت محرما لم يكن للزَّوْج منعهَا وَلها
أَن تخرج مَعَ كل محرم إِلَّا أَن يكون مجوسيا وَإِذا بلغ الصَّبِي
بَعْدَمَا أحرم أَو أعتق العَبْد فمضيا لم يجزهما عَن حجَّة الْإِسْلَام
وَلَو جدد الصَّبِي الْإِحْرَام قبل الْوُقُوف وَنوى حجَّة الْإِسْلَام
جَازَ وَالْعَبْد لَو فعل ذَلِك لم يجز
فصل
والمواقيت الَّتِي لَا يجوز أَن يجاوزها الْإِنْسَان إِلَّا محرما خَمْسَة
لأهل الْمَدِينَة ذُو الحليفة وَلأَهل الْعرَاق ذَات عرق وَلأَهل الشَّام
الْجحْفَة وَلأَهل نجد قرن وَلأَهل الْيمن يَلَمْلَم ثمَّ الآفاقي إِذا
انْتهى إِلَيْهَا على قصد دُخُول مَكَّة عَلَيْهِ أَن يحرم قصد الْحَج أَو
الْعمرَة أَو لم يقْصد عندنَا وَمن كَانَ دَاخل الْمِيقَات لَهُ أَن يدْخل
مَكَّة بِغَيْر إِحْرَام لِحَاجَتِهِ فَإِن قدم الْإِحْرَام على هَذِه
الْمَوَاقِيت جَازَ وَمن كَانَ دَاخل الْمِيقَات فوقته الْحل وَمن كَانَ
بِمَكَّة فوقته فِي الْحَج الْحرم وَفِي الْعمرَة الْحل
بَاب الْإِحْرَام
وَإِذا أَرَادَ الْإِحْرَام اغْتسل أَو تَوَضَّأ وَالْغسْل أفضل وَلبس
ثَوْبَيْنِ جديدين أَو غسيلين إزارا ورداء وَمَسّ طيبا إِن كَانَ لَهُ
وَصلى رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ اللَّهُمَّ أَنِّي أُرِيد الْحَج فيسره لي
وتقبله مني ثمَّ يُلَبِّي عقب صلَاته وَإِن كَانَ مُفردا بِالْحَجِّ
يَنْوِي بتلبيته الْحَج والتلبية أَن يَقُول لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك لبيْك
لَا شريك لَك لبيْك إِن الْحَمد وَالنعْمَة لَك وَالْملك لَا شريك لَك
وَلَا يَنْبَغِي أَن يخل بِشَيْء من هَذِه الْكَلِمَات وَلَو زَاد فِيهَا
جَازَ وَإِذا لبّى فقد أحرم وَلَا يصير شَارِعا فِي الْإِحْرَام بِمُجَرَّد
النِّيَّة مالم يَأْتِ بِالتَّلْبِيَةِ وَيَتَّقِي مَا نهى الله عَنهُ من
الرَّفَث والفسوق والجدال وَلَا يقتل صيدا وَلَا يُشِير إِلَيْهِ وَلَا يدل
عَلَيْهِ وَلَا يلبس عَلَيْهِ قَمِيصًا وَلَا سَرَاوِيل وَلَا عِمَامَة
وَلَا
(1/43)
خُفَّيْنِ إِلَّا أَن لَا يجد نَعْلَيْنِ
فيقطعهما أَسْفَل من الْكَعْبَيْنِ وَلَا يُغطي وَجهه وَلَا رَأسه وَلَا
يمس طيبا وَكَذَا لَا يدهن وَلَا يحلق رَأسه وَلَا شعر بدنه وَلَا يقص من
لحيته وَلَا يلبس ثوبا مصبوغا بورس وَلَا زعفران وَلَا عصفر إِلَّا أَن
يكون غسيلا لَا ينفض وَلَا بَأْس بِأَن يغْتَسل وَيدخل الْحمام ويستظل
بِالْبَيْتِ والمحمل وَلَو دخل تَحت استار الْكَعْبَة حَتَّى غطته إِن
كَانَ لَا يُصِيب رَأسه وَلَا وَجهه فَلَا بَأْس بِهِ ويشد فِي وَسطه
الْهِمْيَان وَلَا يغسل رَأسه وَلَا لحيته بالخطمي وَيكثر من التَّلْبِيَة
عقيب الصَّلَوَات وَكلما علا شرفا أَو هَبَط وَاديا أَو لَقِي ركبا
وبالأسحار وَيرْفَع صَوته بِالتَّلْبِيَةِ فَإِذا دخل مَكَّة ابْتَدَأَ
بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام وَإِذا عاين الْبَيْت كبر وَهَلل ثمَّ ابْتَدَأَ
بِالْحجرِ الْأسود فَاسْتَقْبلهُ وَكبر وَهَلل وَيرْفَع يَدَيْهِ واستلمه
إِن اسْتَطَاعَ من غير أَن يُؤْذِي مُسلما وَإِن أمكنه أَن يمس الْحجر
بِشَيْء فِي يَده ثمَّ قبل ذَلِك فعله ثمَّ أَخذ عَن يَمِينه مِمَّا يَلِي
الْبَاب وَقد اضطبع رِدَاءَهُ قبل ذَلِك فيطوف بِالْبَيْتِ سَبْعَة
أَشْوَاط والإضطباع أَن يَجْعَل رِدَاءَهُ تَحت إبطه الْأَيْمن وَيُلْقِيه
على كتفه الْأَيْسَر وَيجْعَل طوافة من وَرَاء الْحطيم ويرمل فِي
الثَّلَاثَة الأول من الأشواط وَيَمْشي فِي الْبَاقِي على هينته والرمل من
الْحجر إِلَى الْحجر فَإِن زحمه النَّاس فِي الرمل قَامَ فَإِذا وجد مسلكا
رمل ويستلم الْحجر كلما مر بِهِ أَن اسْتَطَاعَ ويستلم الرُّكْن
الْيَمَانِيّ وَلَا يسْتَلم غَيرهمَا وَيخْتم الطّواف بالاستلام ثمَّ
يَأْتِي الْمقَام فَيصَلي عِنْده رَكْعَتَيْنِ أَو حَيْثُ تيَسّر من
الْمَسْجِد ثمَّ يعود إِلَى الْحجر فيستلمه وَهَذَا الطّواف طواف الْقدوم
وَيُسمى طواف التَّحِيَّة وَهُوَ سنة وَلَيْسَ بِوَاجِب وَلَيْسَ على أهل
مَكَّة طواف الْقدوم ثمَّ يخرج إِلَى الصَّفَا فيصعد عَلَيْهِ وَيسْتَقْبل
الْبَيْت وَيكبر ويهلل وَيُصلي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَيرْفَع يَدَيْهِ وَيَدْعُو الله لِحَاجَتِهِ ثمَّ ينحط نَحْو الْمَرْوَة
وَيَمْشي على هينته فَإِذا بلغ بطن الْوَادي يسْعَى بَين الميلين الأخضرين
سعيا ثمَّ يمشي على هينته حَتَّى يَأْتِي الْمَرْوَة فيصعد عَلَيْهَا
وَيفْعل كَمَا فعل على الصَّفَا وَهَذَا شوط وَاحِد فيطوف سَبْعَة أَشْوَاط
يبْدَأ بالصفا وَيخْتم بالمروة وَيسْعَى فِي بطن الْوَادي فِي كل شوط ثمَّ
يُقيم بِمَكَّة حَرَامًا وَيَطوف بِالْبَيْتِ كلما بدا لَهُ فَإِذا
(1/44)
كَانَ قبل يَوْم التَّرويَة بِيَوْم خطب
الإِمَام خطْبَة يعلم فِيهَا النَّاس الْخُرُوج إِلَى منى وَالصَّلَاة
بِعَرَفَات وَالْوُقُوف والإفاضة فَإِذا صلى الْفجْر يَوْم التَّرويَة
بِمَكَّة خرج إِلَى منى فيقيم بهَا حَتَّى يُصَلِّي الْفجْر من يَوْم
عَرَفَة وَلَو بَات بِمَكَّة لَيْلَة عَرَفَة وَصلى بهَا الْفجْر ثمَّ غَدا
إِلَى عَرَفَات وَمر بمنى أَجزَأَهُ ثمَّ يتَوَجَّه إِلَى عَرَفَات فيقيم
بهَا وَإِذا زَالَت الشَّمْس يُصَلِّي الإِمَام بِالنَّاسِ الظّهْر
وَالْعصر فيبتدىء بِالْخطْبَةِ فيخطب خطْبَة يعلم فِيهَا النَّاس الْوُقُوف
بِعَرَفَة والمزدلفة وَرمي الْجمار والنحر وَالْحلق وَطواف الزِّيَارَة
يخْطب خطبتين يفصل بَينهمَا بجلسة كَمَا فِي الْجُمُعَة وَيُصلي بهم
الظّهْر وَالْعصر فِي وَقت الظهربأذان وَإِقَامَتَيْنِ وَلَا يتَطَوَّع
بَين الصَّلَاتَيْنِ فَإِن صلى بغيرخطبة أَجزَأَهُ وَمن صلى الظّهْر فِي
رَحْله وَحده صلى الْعَصْر فِي وقته ثمَّ يتَوَجَّه إِلَى الْموقف فيقف
بِقرب الْجَبَل وَالْقَوْم مَعَه عقيب انصرافهم من الصَّلَاة وعرفات كلهَا
موقف إِلَّا بطن عَرَفَة وَيَنْبَغِي للْإِمَام أَن يقف بِعَرَفَة على
رَاحِلَته وَإِن وقف على قَدَمَيْهِ جَازَ وَيَنْبَغِي أَن يقف مُسْتَقْبل
الْقبْلَة وَيَدْعُو وَيعلم النَّاس الْمَنَاسِك وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ
وَيَنْبَغِي للنَّاس أَن يقفوا بِقرب الإِمَام وَيَنْبَغِي أَن يقف وَرَاء
الإِمَام وَيسْتَحب أَن يغْتَسل قبل الْوُقُوف بِعَرَفَة ويجتهد فِي
الدُّعَاء ويلبي فِي موقفه سَاعَة بعد سَاعَة وَإِذا غربت الشَّمْس أَفَاضَ
الإِمَام وَالنَّاس مَعَه على هينتهم حَتَّى يَأْتُوا الْمزْدَلِفَة فَلَو
مكث قَلِيلا بعد غرُوب الشَّمْس وإفاضة الإِمَام لخوف الزحام فَلَا بَأْس
بِهِ وَإِذا أَتَى مُزْدَلِفَة فالمستحب أَن يقف بِقرب الْجَبَل الَّذِي
عَلَيْهِ الميقدة يُقَال لَهُ قزَح وَيُصلي الإِمَام بِالنَّاسِ الْمغرب
وَالْعشَاء بِأَذَان وَإِقَامَة وَاحِدَة وَلَا يتَطَوَّع بَينهمَا وَلَا
تشْتَرط الْجَمَاعَة لهَذَا الْجمع عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَمن صلى
الْمغرب فِي الطَّرِيق لم تجزه عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله
وَعَلِيهِ إِعَادَتهَا مالم يطلع الْفجْر وَإِذا طلع الْفجْر يُصَلِّي
الإِمَام بِالنَّاسِ الْفجْر بِغَلَس ثمَّ وقف ووقف مَعَه النَّاس ودعا
والمزدلفة كلهَا موقف إلاوادي محسر فَإِذا طلعت الشَّمْس أَفَاضَ الإِمَام
وَالنَّاس مَعَه حَتَّى يَأْتُوا منى فيبتدىء بجمرة الْعقبَة فيرميها من
بطن الْوَادي بِسبع حَصَيَات مثل حَصى الخزف وَلَو رمى بأكبر مِنْهَا جَازَ
وَلَو رَمَاهَا من فَوق
(1/45)
الْعقبَة أَجزَأَهُ وَيكبر مَعَ كل حَصَاة
وَلَو سبح مَكَان التَّكْبِير أَجزَأَهُ وَلَا يقف عِنْدهَا وَيقطع
التَّلْبِيَة مَعَ أول حَصَاة وَلَو طرحها طرحا أَجزَأَهُ وَلَو وَضعهَا
وضعا لم يجزه وَلَو رَمَاهَا فَوَقَعت قَرِيبا من الْجَمْرَة يَكْفِيهِ
وَلَو وَقعت بَعيدا مِنْهَا لَا يُجزئهُ وَلَو رمى بِسبع حَصَيَات جملَة
فَهَذِهِ وَاحِدَة وَيَأْخُذ الْحَصَى من أَي مَوضِع شَاءَ إِلَّا من عِنْد
الْجَمْر فَإِن ذَلِك يكره
وَيجوز الرَّمْي بِكُل مَا كَانَ من أَجزَاء الأَرْض عندنَا ثمَّ يذبح أَن
أحب ثمَّ يحلق أَو يقصر وَالْحلق أفضل وَقد حل لَهُ كل شَيْء إلاالنساء
وَلَا يحل لَهُ الْجِمَاع فِيمَا دون الْفرج عندنَا ثمَّ الرَّمْي لَيْسَ
من أَسبَاب التَّحَلُّل عندنَا ثمَّ يَأْتِي مَكَّة من يَوْمه ذَلِك أَو من
الْغَد أَو من بعد الْغَد فيطوف بِالْبَيْتِ طواف الزِّيَارَة سَبْعَة
أَشْوَاط وَوَقته أَيَّام النَّحْر وَأول وقته بعد طُلُوع الْفجْر من يَوْم
النَّحْر فَإِن كَانَ قد سعى بَين الصَّفَا والمروة عقيب طواف الْقدوم لم
يرمل فِي هَذَا الطّواف وَلَا سعى عَلَيْهِ وَإِن كَانَ لم يقدم السَّعْي
رمل فِي هَذَا الطّواف وسعى بعده وَيُصلي رَكْعَتَيْنِ بعد هَذَا الطّواف
وَقد حل لَهُ النِّسَاء وَهَذَا الطّواف هُوَ الْمَفْرُوض فِي الْحَج
وَيكرهُ تَأْخِيره عَن هَذِه الْأَيَّام وَإِن أَخّرهُ عَنْهَا لزمَه دم
عِنْد أبي حنيفَة ثمَّ يعود إِلَى منى فيقيم بهَا فَإِذا زَالَت الشَّمْس
من الْيَوْم الثَّانِي من أَيَّام النَّحْر رمى الْجمار الثَّلَاث فَيبْدَأ
بِالَّتِي تلِي مَسْجِد الْخيف فيرميها بِسبع حَصَيَات يكبر مَعَ كل حَصَاة
وَيقف عِنْدهَا ثمَّ يَرْمِي الَّتِي تَلِيهَا مثل ذَلِك وَيقف عِنْدهَا
ثمَّ يَرْمِي جَمْرَة الْعقبَة كَذَلِك وَلَا يقف عِنْدهَا وَيقف عِنْد
الْجَمْرَتَيْن فِي الْمقَام الَّذِي يقف فِيهِ النَّاس ويحمد الله ويثني
عَلَيْهِ ويهلل وَيكبر وَيُصلي على النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة
وَالسَّلَام وَيَدْعُو بحاجته وَيرْفَع يَدَيْهِ وَإِذا كَانَ من الْغَد
رمى الْجمار الثَّلَاث بعد زَوَال الشَّمْس كَذَلِك وَإِن أَرَادَ أَن
يتعجل النَّفر إِلَى مَكَّة نفر وَإِن أَرَادَ أَن يُقيم رمي الْجمار
الثَّلَاث فِي الْيَوْم الرَّابِع بعد زَوَال الشَّمْس وَالْأَفْضَل أَن
يُقيم وَإِن قدم الرَّمْي فِي هَذَا الْيَوْم قبل الزَّوَال بعد طُلُوع
الْفجْر جَازَ عِنْد أبي حنيفَة
(1/46)
رَحمَه الله فَأَما يَوْم النَّحْر فَأول
وَقت الرَّمْي فِيهِ من وَقت طُلُوع الْفجْر وَإِن أَخّرهُ إِلَى اللَّيْل
رَمَاه وَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن أَخّرهُ إِلَى الْغَد رَمَاه وَعَلِيهِ
دم فَإِن رَمَاهَا رَاكِبًا أَجزَأَهُ وكل رمي بعده رمي فَالْأَفْضَل أَن
يرميه مَاشِيا وَإِلَّا فيرميه رَاكِبًا وَيكرهُ أَن لَا يبيت بمنى ليَالِي
الرَّمْي وَلَو بَات فِي غَيرهَا مُتَعَمدا لَا يلْزمه شَيْء عندنَا
وَيكرهُ أَن يقدم الرجل ثقله إِلَى مَكَّة وَيُقِيم حَتَّى يَرْمِي وَإِذا
نفر إِلَى مَكَّة نزل بالمحصب ثمَّ دخل مَكَّة وَطَاف بِالْبَيْتِ سَبْعَة
أَشْوَاط لَا يرمل فِيهَا وهذاطواف الصَّدْر وَهُوَ وَاجِب عندنَا إِلَّا
على أهل مَكَّة ثمَّ يَأْتِي زَمْزَم وَيشْرب من مَائِهَا وَيسْتَحب أَن
يَأْتِي الْبَاب وَيقبل العتبة وَيَأْتِي الْمُلْتَزم وَهُوَ مَا بَين
الْحجر إِلَى الْبَاب فَيَضَع صَدره وَوَجهه عَلَيْهِ ويتشبث بالأستار
سَاعَة ثمَّ يعود إِلَى أَهله
فصل فَإِن لم يدْخل الْمحرم مَكَّة وَتوجه إِلَى عَرَفَات ووقف بهَا سقط
عَنهُ طواف الْقدوم وَلَا شَيْء عَلَيْهِ بِتَرْكِهِ وَمن أدْرك الْوُقُوف
بِعَرَفَة مَا بَين زَوَال الشَّمْس من يَوْمهَا إِلَى طُلُوع الْفجْر من
يَوْم النَّحْر فقد أدْرك الْحَج ثمَّ إِذا وقف بعد الزَّوَال وأفاض من
سَاعَته أَجزَأَهُ وَمن اجتاز بِعَرَفَات نَائِما أَو مغمى عَلَيْهِ أَو
لَا يعلم أَنَّهَا عَرَفَات جَازَ عَن الْوُقُوف وَمن أُغمي عَنهُ فَأهل
عَنهُ رفقاؤه جَازَ عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا لَا يجوز وَلَو أَمر إنْسَانا
بِأَن يحرم عَنهُ إِذا أُغمي عَلَيْهِ أَو نَام فَأحْرم الْمَأْمُور عَنهُ
صَحَّ وَالْمَرْأَة فِي جَمِيع ذَلِك كَالرّجلِ غير أَنَّهَا لَا تكشف
رَأسهَا وَتكشف وَجههَا وَلَو سدلت شَيْئا على وَجههَا وجافته عَنهُ جَازَ
وَلَا ترفع صَوتهَا بِالتَّلْبِيَةِ وَلَا ترمل وَلَا تسْعَى بَين الميلين
وَلَا تحلق وَلَكِن تقصر وتلبس من الْمخيط مَا بدا لَهَا وَمن قلد بدنه
تَطَوّعا أَو نذرا أَو جَزَاء صيد أَو شَيْئا من الْأَشْيَاء وَتوجه مَعهَا
يُرِيد الْحَج فقد أحرم فَإِن قلدها وَبعث بهَا وَلم يسقها لم يصر محرما
فَإِن توجه بعد ذَلِك لم يصر محرما حَتَّى يلْحقهَا فَإِن أدْركهَا وساقها
أَو أدْركهَا فقد اقترنت نِيَّته بِعَمَل هُوَ من خَصَائِص الْإِحْرَام
فَيصير محرما إِلَّا فِي بَدَنَة الْمُتْعَة فَإِنَّهُ محرم حِين توجه
فَإِن جلل بَدَنَة أَو أشعرها أَو قلد شَاة لم يكن محرما وَالْبدن من
الْإِبِل وَالْبَقر
(1/47)
بَاب الْقرَان
الْقرَان أفضل من التَّمَتُّع والإفراد وَصفَة الْقرَان أَن يهل
بِالْعُمْرَةِ وَالْحج مَعًا من الْمِيقَات وَيَقُول عقيب الصَّلَاة
اللَّهُمَّ إِنِّي أُرِيد الْحَج وَالْعمْرَة فيسرهما لي وتقبلهما مني
فَإِذا دخل مَكَّة ابْتَدَأَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعَة أَشْوَاط يرمل
فِي الثَّلَاث الأول مِنْهَا وَيسْعَى بعْدهَا بَين الصَّفَا والمروة
وَهَذِه أَفعَال الْعمرَة ثمَّ يبْدَأ بِأَفْعَال الْحَج فيطوف طواف
الْقدوم سَبْعَة أَشْوَاط وَيسْعَى بعده كَمَا بَينا فِي الْمُفْرد وَيقدم
أَفعَال الْعمرَة وَلَا يحلق بَين الْعمرَة وَالْحج فَإِن طَاف طوافين
لعمرته وحجته وسعى سعيين يجْزِيه وَإِذا رمى الْجَمْرَة يَوْم النَّحْر ذبح
شَاة أَو بقرة أَو بَدَنَة أَو سبع بدنه فَهَذَا دم الْقرَان فَإِذا لم يكن
لَهُ مَا يذبح صَامَ ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج آخرهَا يَوْم عَرَفَة
وَسَبْعَة أَيَّام إِذا رَجَعَ إِلَى أَهله وَإِن صامها بِمَكَّة بعد
فَرَاغه من الْحَج جَازَ فَإِن فَاتَهُ الصَّوْم حَتَّى أَتَى يَوْم
النَّحْر لم يجزه إِلَّا الدَّم وَلَا يُؤَدِّي بعْدهَا فَإِن لم يدْخل
الْقَارِن مَكَّة وَتوجه إِلَى عَرَفَات فقد صَار رافضا لعمرته
بِالْوُقُوفِ وَسقط عَنهُ دم الْقرَان وَعَلِيهِ دم لرفض عمرته وَعَلِيهِ
قَضَاؤُهَا
بَاب التَّمَتُّع
التَّمَتُّع أفضل من الْإِفْرَاد عندنَا والمتمتع على وَجْهَيْن متمتع
يَسُوق الْهَدْي ومتمتع لَا يَسُوق الْهَدْي وَصفته أَن يبتدىء من
الْمِيقَات فِي أشهر الْحَج فَيحرم بِالْعُمْرَةِ وَيدخل فِي مَكَّة فيطوف
لَهَا وَيسْعَى ويحلق أَو يقصر وَقد حل من عمرته وَيقطع التَّلْبِيَة إِذا
ابْتَدَأَ بِالطّوافِ وَيُقِيم بِمَكَّة حَلَالا فَإِذا كَانَ يَوْم
التَّرويَة أحرم بِالْحَجِّ من الْمَسْجِد وَفعل مَا يَفْعَله الْحَاج
الْمُفْرد وَعَلِيهِ دم التَّمَتُّع فَإِن لم يجد صَامَ ثَلَاثَة أَيَّام
فِي الْحَج سَبْعَة وَإِذا رَجَعَ إِلَى أَهله فَإِن صَامَ ثَلَاثَة ايام
من شَوَّال ثمَّ اعْتَمر لم يجزه عَن الثَّلَاثَة وَإِن صامها بعد مَا أحرم
بِالْعُمْرَةِ قبل أَن يطوف جَازَ عندنَا وَالْأَفْضَل تَأْخِيرهَا إِلَى
آخر وَقتهَا وَهُوَ يَوْم
(1/48)
عَرَفَة وَإِن أَرَادَ الْمُتَمَتّع أَن
يَسُوق الْهَدْي أحرم وسَاق هَدْيه فَإِن كَانَت بَدَنَة قلدها بمزادة أَو
نعل وأشعر الْبَدنَة عِنْد أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَلَا يشْعر عِنْد أبي
حنيفَة وَيكرهُ وَصفته أَن يشق سنامها من الْجَانِب الآيمن أَو الْأَيْسَر
فَإِذا دخل مَكَّة طَاف وسعى إِلَّا أَنه لَا يتَحَلَّل حَتَّى يحرم
بِالْحَجِّ يَوْم التَّرويَة وَإِن قدم الْإِحْرَام قبله جَازَ وَمَا عجل
الْمُتَمَتّع من الْإِحْرَام بِالْحَجِّ فَهُوَ أفضل وَعَلِيهِ دم وَإِذا
حلق يَوْم النَّحْر فقد حل من الإحرامين وَلَيْسَ لأهل مَكَّة تمتّع وَلَا
قرَان وَإِنَّمَا لَهُم الْإِفْرَاد خَاصَّة وَمن كَانَ دَاخل الْمَوَاقِيت
فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْمَكِّيّ حَتَّى لَا يكون لَهُ مُتْعَة وَلَا قرَان
وَإِذا عَاد الْمُتَمَتّع إِلَى بَلَده بعد فَرَاغه من الْعمرَة وَلم يكن
سَاق الْهَدْي بَطل تمتعه وَإِذا سَاق الْهَدْي فإلمامه لَا يكون صَحِيحا
وَلَا يبطل تمتعه وَمن أحرم بِعُمْرَة قبل أشهر الْحَج فَطَافَ لَهَا أقل
من أَرْبَعَة أَشْوَاط ثمَّ دخلت أشهر الْحَج فتمها وَأحرم بِالْحَجِّ
كَانَ مُتَمَتِّعا وَإِن طَاف لعمرته قبل أشهر الْحَج أَرْبَعَة أَشْوَاط
فَصَاعِدا ثمَّ حج من عَامه ذَلِك لم يكن مُتَمَتِّعا وَأشهر الْحَج
شَوَّال وَذُو الْقعدَة وَعشر من ذِي الْحجَّة فَإِن قدم الْإِحْرَام
بِالْحَجِّ عَلَيْهَا جَازَ إِحْرَامه وانعقد حجا وَإِذا قدم الْكُوفِي
بِعُمْرَة فِي أشهر الْحَج وَفرغ مِنْهَا وَحلق أَو قصر ثمَّ اتخذ مَكَّة
أَو الْبَصْرَة دَارا وَحج من عَامه ذَلِك فَهُوَ متمتع فَإِن قدم
بِعُمْرَة فأفسدها وَفرغ مِنْهَا وَقصر ثمَّ اتخذ الْبَصْرَة دَارا وَحج من
عَامه لم يكن مُتَمَتِّعا عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا هُوَ متمتع فَإِن كَانَ
رَجَعَ إِلَى أَهله ثمَّ اعْتَمر فِي أشهر الْحَج وَحج من عَامه يكون
مُتَمَتِّعا فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَلَو بَقِي بِمَكَّة وَلم يخرج إِلَى
الْبَصْرَة حَتَّى اعْتَمر فِي أشهر الْحَج وَحج من عَامه لايكون
مُتَمَتِّعا بالِاتِّفَاقِ وَمن اعْتَمر فِي أشهر الْحَج وَحج من عَامه
فَأَيّهمَا أفسد مضى فِيهِ وَسقط دم الْمُتْعَة وَإِذا تمتعت الْمَرْأَة
فضحت بِشَاة لم يجزها عَن دم الْمُتْعَة وَإِذا حَاضَت الْمَرْأَة عِنْد
الْإِحْرَام اغْتَسَلت وأحرمت وصنعت كَمَا يصنعه الْحَاج غير أَنَّهَا لَا
تَطوف بِالْبَيْتِ حَتَّى تطهر فَإِن حَاضَت بعد الْوُقُوف وَطواف
الزِّيَارَة انصرفت من مَكَّة وَلَا شَيْء عَلَيْهَا لطواف الصَّدْر وَمن
اتخذ مَكَّة دَارا فَلَيْسَ عَلَيْهِ طواف الصَّدْر
(1/49)
بَاب الْجِنَايَات
وَإِذا تطيب الْمحرم فَعَلَيهِ الْكَفَّارَة فَإِن طيب عضوا كَامِلا فَمَا
زَاد فَعَلَيهِ دم وَإِن طيب أقل من عُضْو فَعَلَيهِ الصَّدَقَة وكل
صَدَقَة فِي الْإِحْرَام غير مقدرَة فَهِيَ نصف صَاع من بر إِلَّا مَا يجب
بقتل القملة والجرادة فَإِن خضب رَأسه بحناء فَعَلَيهِ دم وَلَو خضب رَأسه
بالوسمة لَا شَيْء عَلَيْهِ فَإِن أدهن بِزَيْت فَعَلَيهِ دم عِنْد أبي
حنيفَة رَحمَه الله وَقَالا عَلَيْهِ الصَّدَقَة وَلَو داوى بِهِ جرحه أَو
شقوق رجلَيْهِ فَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ وَإِن لبس ثوبا مخيطا أَو غطى
رَأسه يَوْمًا كَامِلا فَعَلَيهِ دم وَإِن كَانَ أقل من ذَلِك فَعَلَيهِ
صَدَقَة وَلَو ارتدى بالقميص أَو اتَّشَحَ بِهِ أَو ائتزر بالسراويل فَلَا
بَأْس بِهِ وَكَذَا لَو أَدخل مَنْكِبَيْه فِي القباء وَلم يدْخل يَدَيْهِ
فِي الكمين وَإِذا حلق ربع رَأسه أَو ربع لحيته فَصَاعِدا فَعَلَيهِ دم
فَإِن كَانَ أقل من الرّبع فَعَلَيهِ صَدَقَة وَإِن حلق الرَّقَبَة كلهَا
فَعَلَيهِ دم وَإِن حلق الإبطين أَو أَحدهمَا فَعَلَيهِ دم وَقَالَ أَبُو
يُوسُف وَمُحَمّد إِذا حلق عضوا فَعَلَيهِ دم وَإِن كَانَ أقل فطعام وَإِن
أَخذ من شَاربه فَعَلَيهِ طَعَام حُكُومَة عدل وَإِن حلق مَوضِع المحاجم
فَعَلَيهِ دم عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا عَلَيْهِ صَدَقَة وَإِن حلق رَأس
محرم بأَمْره أَو بِغَيْر أمره فعلى الحالق الصَّدَقَة وعَلى المحلوق دم
فَإِن أَخذ من شَارِب حَلَال أَو قلم أظافيره أطْعم مَا شَاءَ وَإِن قصّ
أظافير يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ فَعَلَيهِ دم وَلَا يُزَاد على دم إِن حصل فِي
مجْلِس وَاحِد وَإِن قصّ يدا أَو فَعَلَيهِ دم وَأَن قصّ أقل من خَمْسَة
أظافير فَعَلَيهِ صَدَقَة وَإِن قصّ خَمْسَة أظافير رجلا مُتَفَرِّقَة من
يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ فَعَلَيهِ صَدَقَة عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف
وَقَالَ مُحَمَّد عَلَيْهِ دم وَإِن انْكَسَرَ ظفر الْمحرم وَتعلق فَأَخذه
فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن تطيب أَو لبس مخيطا أَو حلق من عذر فَهُوَ
مُخَيّر إِن شَاءَ ذبح شَاة وَإِن شَاءَ تصدق على سِتَّة مَسَاكِين
بِثَلَاثَة أصوع من الطَّعَام وَإِن شَاءَ صَامَ ثَلَاثَة أَيَّام وَلَو
اخْتَار الطَّعَام أَجزَأَهُ فِيهِ التغدية والتعشية عِنْد أبي يُوسُف
وَعند مُحَمَّد لَا يُجزئهُ
(1/50)
فصل
فَإِن نظر إِلَى فرج امْرَأَته بِشَهْوَة فأمنى لَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن
قبل أَو لمس بِشَهْوَة فَعَلَيهِ دم وَإِن جَامع فِي أحد السَّبِيلَيْنِ
قبل الْوُقُوف بِعَرَفَة فسد حجه وَعَلِيهِ شَاة ويمضي فِي الْحَج كَمَا
يمْضِي من لم يُفْسِدهُ وَعَلِيهِ الْقَضَاء وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يُفَارق
امْرَأَته فِي قَضَاء مَا أفسداه عندنَا وَمن جَامع بعد الْوُقُوف
بِعَرَفَة لم يفْسد حجه وَعَلِيهِ بَدَنَة وَإِن جَامع بعد الْحلق
فَعَلَيهِ شَاة وَمن جَامع فِي الْعمرَة قبل أَن يطوف أَرْبَعَة أَشْوَاط
فَسدتْ عمرته فيمضي فِيهَا ويقضيها وَعَلِيهِ شَاة وَإِذا جَامع بَعْدَمَا
طَاف أَرْبَعَة أَشْوَاط أَو أَكثر فَعَلَيهِ شَاة وَلَا تفْسد عمرته وَمن
جَامع نَاسِيا كَانَ كمن جَامع مُتَعَمدا
فصل
وَمن طَاف طواف الْقدوم مُحدثا فَعَلَيهِ صَدَقَة وَلَو طَاف طواف
الزِّيَارَة مُحدثا فَعَلَيهِ شَاة وَإِن كَانَ جنبا فَعَلَيهِ بَدَنَة
وَالْأَفْضَل أَن يُعِيد الطّواف مَا دَامَ بِمَكَّة وَلَا ذبح عَلَيْهِ
وَمن طَاف طواف الصَّدْر مُحدثا فَعَلَيهِ صَدَقَة وَلَو طَاف جنبا
فَعَلَيهِ شَاة وَمن ترك من طواف الزِّيَارَة ثَلَاثَة أَشْوَاط فَمَا
دونهَا فَعَلَيهِ شَاة وَمن ترك أَرْبَعَة أَشْوَاط بَقِي محرما أبدا
حَتَّى يطوفها وَمن ترك طواف الصَّدْر أَو أَرْبَعَة أَشْوَاط مِنْهُ
فَعَلَيهِ شَاة وَمن ترك ثَلَاثَة أَشْوَاط من طواف الصَّدْر فَعَلَيهِ
الصَّدَقَة وَمن طَاف طواف الْوَاجِب فِي جَوف الْحجر فَإِن كَانَ بِمَكَّة
أَعَادَهُ وَإِن أعَاد على الْحجر أَجزَأَهُ فَإِن رَجَعَ إِلَى أَهله وَلم
يعده فَعَلَيهِ دم وَمن طَاف طواف الزِّيَارَة على غير وضوء وَطواف
الصَّدْر فِي آخر أَيَّام التَّشْرِيق طَاهِرا فَعَلَيهِ دم فَإِن كَانَ
طَاف طواف الزِّيَارَة جنبا فَعَلَيهِ دمان عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا
عَلَيْهِ دم وَاحِد وَمن طَاف لعمرته وسعى على غير وضوء وَحل فَمَا دَامَ
بِمَكَّة يعيدهما وَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن رَجَعَ إِلَى أَهله قبل أَن
يُعِيد فَعَلَيهِ دم وَمن ترك السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة فَعَلَيهِ دم
وحجه تَامّ وَمن أَفَاضَ قبل الإِمَام من عَرَفَات فَعَلَيهِ دم وَمن ترك
الْوُقُوف بِالْمُزْدَلِفَةِ فَعَلَيهِ دم وَمن ترك رمي الْجمار فِي
الْأَيَّام كلهَا فَعَلَيهِ دم ويكفيه دم وَاحِد
(1/51)
وَإِن ترك رمي يَوْم وَاحِد فَعَلَيهِ دم
وَمن ترك رمي إِحْدَى الْجمار الثَّلَاث فَعَلَيهِ الصَّدَقَة وَإِن ترك
رمي جَمْرَة الْعقبَة فِي يَوْم النَّحْر فَعَلَيهِ دم وَإِن ترك مِنْهَا
حَصَاة أَو حصاتين أَو ثَلَاثًا تصدق لكل حَصَاة نصف صَاع إِلَّا أَن يبلغ
دَمًا فينقص مَا شَاءَ وَمن أخر الْحلق حَتَّى مَضَت أَيَّام النَّحْر
فَعَلَيهِ دم عِنْد أبي حنيفَة وَكَذَا أذا أخر طواف الزِّيَارَة فَعَلَيهِ
دم عِنْده وَقَالا لَا شَيْء عَلَيْهِ فِي الْوَجْهَيْنِ وَإِن حلق فِي
ايام النَّحْر فِي غير الْحرم فَعَلَيهِ دم وَمن اعْتَمر فَخرج من الْحرم
وَقصر فَعَلَيهِ دم عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا
شَيْء عَلَيْهِ وَالتَّقْصِير وَالْحلق فِي الْعمرَة غير موقت بِالزَّمَانِ
بِالْإِجْمَاع فَإِن لم يقصر حَتَّى رَجَعَ وَقصر فَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِي
قَوْلهم جَمِيعًا فَإِن حلق الْقَارِن قبل أَن يذبح فَعَلَيهِ دمان
فصل
اعْلَم أَن صيد الْبر محرم على الْمحرم وصيد الْبَحْر حَلَال وَإِذا قتل
الْمحرم صيدا أَو دلّ عَلَيْهِ من قَتله فَعَلَيهِ الْجَزَاء وَلَو كَانَ
الدَّال حَلَالا فِي الْحرم لم يكن عَلَيْهِ شَيْء وَسَوَاء فِي ذَلِك
الْعَامِد وَالنَّاسِي والمبتدىء والعائد سَوَاء وَالْجَزَاء عِنْد أبي
حنيفَة وَأبي يُوسُف أَن يقوم الصَّيْد فِي الْمَكَان الَّذِي قتل فِيهِ
أَو فِي أقرب الْمَوَاضِع مِنْهُ إِذا كَانَ فِي بَريَّة فيقومه ذَوا عدل
ثمَّ هُوَ مُخَيّر فِي الْفِدَاء إِن شَاءَ ابْتَاعَ بهَا هَديا وذبحه إِن
بلغت هَديا وَإِن شَاءَ اشْترى بهَا طَعَاما وَتصدق على كل مِسْكين نصف
صَاع من بر أَو صَاعا من تمر أَو شعير وَإِن شَاءَ صَامَ وَيقومَانِ فِي
الْمَكَان الَّذِي أَصَابَهُ وَالْهَدْي لَا يذبح إِلَّا بِمَكَّة وَيجوز
الْإِطْعَام فِي غَيرهَا وَالصَّوْم يجوز فِي غير مَكَّة فَإِن ذبح
الْهَدْي بِالْكُوفَةِ أَجزَأَهُ عَن الطَّعَام وَإِذا وَقع الِاخْتِيَار
على الْهَدْي يهدى مَا يجْزِيه فِي الْأُضْحِية وَإِذا اشْترى بِالْقيمَةِ
طَعَاما تصدق على كل مِسْكين نصف صَاع من بر أَو صَاعا من تمر أَو شعير
وَلَا يجوز أَن يطعم الْمِسْكِين أقل من نصف صَاع وَإِن اخْتَار الصّيام
يقوم الْمَقْتُول طَعَاما ثمَّ يَصُوم عَن كل نصف صَاع من بر أَو صَاع من
تمر أَو شعير يَوْمًا فَإِن فضل من الطَّعَام أقل من نصف صَاع فَهُوَ
مُخَيّر إِن شَاءَ تصدق بِهِ وَإِن شَاءَ صَامَ عَنهُ يَوْمًا كَامِلا
(1/52)
وَلَو جرح صيدا أَو نتف شعره أَو قطع عضوا
مِنْهُ ضمن مَا نَقصه وَلَو نتف ريش طَائِر أَو قطع قَوَائِم صيد فَخرج من
حيّز الِامْتِنَاع فَعَلَيهِ قِيمَته كَامِلَة وَمن كسر بيض نعَامَة
فَعَلَيهِ قِيمَته فَإِن خرج من الْبيض فرخ ميت فَعَلَيهِ قِيمَته حَيا
وَلَيْسَ فِي قتل الْغُرَاب والحدأة وَالذِّئْب والحية وَالْعَقْرَب
والفارة وَالْكَلب الْعَقُور جَزَاء وَلَيْسَ فِي قتل البعوض والنمل
والبراغيث والقراد شَيْء وَمن قتل قملة تصدق بِمَا شَاءَ وَفِي الْجَامِع
الصَّغِير أطْعم شَيْئا وَمن قتل جَرَادَة تصدق بِمَا شَاءَ وَتَمْرَة خير
من جَرَادَة وَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِي ذبح السلحفاة وَمن حلب صيد الْحرم
فَعَلَيهِ قِيمَته وَمن قتل مَا يُؤْكَل لَحْمه من الصَّيْد كالسباع
وَنَحْوهَا فَعَلَيهِ الْجَزَاء وَلَا يُجَاوز بِقِيمَتِه شَاة وَإِذا صال
السَّبع عَن الْمحرم فَقتله لَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن اضْطر الْمحرم إِلَى
قتل صيد فَقتله فَعَلَيهِ الْجَزَاء وَلَا بَأْس للْمحرمِ أَن يذبح الشَّاة
وَالْبَقَرَة وَالْبَعِير والدجاجة والبط الأهلي وَلَو ذبح حَماما مسرولا
فَعَلَيهِ الْجَزَاء وَكَذَا إِذا قتل ظَبْيًا مستأنسا وَإِذا ذبح الْمحرم
صيدا فذبيحته ميتَة لَا يحل أكلهَا فَإِن أكل الْمحرم الذَّابِح من ذَلِك
شَيْئا فَعَلَيهِ قيمَة مَا أكل عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا لَيْسَ عَلَيْهِ
جَزَاء مَا أكل وَإِن أكل مِنْهُ محرم آخر فَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِي
قَوْلهم جَمِيعًا وَلَا بَأْس بِأَن يَأْكُل الْمحرم لحم صيد اصطاده حَلَال
وذبحه إِذا لم يدل الْمحرم عَلَيْهِ وَلَا أمره بصيده وَفِي صيد الْحرم
إِذا ذبحه الْحَلَال قِيمَته يتَصَدَّق بهَا على الْفُقَرَاء وَلَا يُجزئهُ
الصَّوْم وَمن دخل الْحَرَام بصيد فَعَلَيهِ أَن يُرْسِلهُ فِيهِ إِذا
كَانَ فِي يَده فَإِن بَاعه رد البيع فِيهِ إِن كَانَ قَائِما وَإِن كَانَ
فائتا فعليهالجزاء وَكَذَلِكَ بيع الْمحرم الصَّيْد من محرم أَو حَلَال
وَمن احرم وَفِي بَيته أَو فِي قفص مَعَه صيد فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن
يُرْسِلهُ فَإِن أصَاب حَلَال صيدا ثمَّ أحرم فَأرْسلهُ من يَده غَيره يضمن
عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا لَا يضمن وَإِذا أصَاب محرم صيدا فَأرْسلهُ من
يَده غَيره لَا ضَمَان عَلَيْهِ بالِاتِّفَاقِ فَإِن قَتله محرم آخر فِي
يَده فعلى كل وَاحِد مِنْهُمَا جَزَاؤُهُ وَيرجع الْآخِذ على الْقَاتِل
فَإِن قطع حشيش الْحرم أَو شَجَرَة لَيست بمملوكة وَهُوَ مِمَّا لَا ينبته
النَّاس فَعَلَيهِ قِيمَته إِلَّا فِيمَا جف مِنْهُ وَلَا يرْعَى
(1/53)
حشيش الْحرم وَلَا يقطع إِلَّا الأذخر وكل
شَيْء فعله الْقَارِن مِمَّا ذكرنَا أَن فِيهِ على الْمُفْرد دَمًا
فَعَلَيهِ دمان دم لحجته وَدم لعمرته إِلَّا أَن يتَجَاوَز الْمِيقَات غير
محرم بِالْعُمْرَةِ أَو الْحَج فَيلْزمهُ دم وَاحِد وَإِذا اشْترك محرمان
فِي قتل صيد فعلى كل وَاحِد مِنْهُمَا جَزَاء كَامِل وَإِذا اشْترك حلالان
فِي قتل صيد الْحرم فعلَيْهِمَا جَزَاء وَاحِد وَإِذا بَاعَ الْمحرم
الصَّيْد أَو ابتاعه فَالْبيع بَاطِل وَمن أخرج ظَبْيَة من الْحرم فَولدت
أَوْلَادًا فَمَاتَتْ هِيَ وَأَوْلَادهَا فَعَلَيهِ جزاؤهن فَإِن أدّى
جزاءها ثمَّ ولدت لَيْسَ عَلَيْهِ جَزَاء الْوَلَد
بَاب مُجَاوزَة الْوَقْت بِغَيْر إِحْرَام
وَإِذا أَتَى الْكُوفِي بُسْتَان بني عَامر فَأحْرم بِعُمْرَة فَإِن رَجَعَ
إِلَى ذَات عرق ولبى بَطل عَنهُ دم الْوَقْت وَإِن رَجَعَ إِلَيْهِ وَلم
يلب حَتَّى دخل مَكَّة وَطَاف لعمرته فَعَلَيهِ دم فَإِن دخل الْبُسْتَان
لِحَاجَتِهِ فَلهُ أَن يدْخل مَكَّة بِغَيْر إِحْرَام وَوَقته الْبُسْتَان
وَهُوَ وَصَاحب الْمنزل سَوَاء فَإِن أحرما من الْحل ووقفا بِعَرَفَة لم
يكن عَلَيْهِمَا شَيْء وَمن دخل مَكَّة بِغَيْر إِحْرَام ثمَّ خرج من عَامه
ذَلِك إِلَى الْوَقْت وَأحرم بِحجَّة عَلَيْهِ أَجزَأَهُ ذَلِك من دُخُوله
مَكَّة بِغَيْر إِحْرَام وَمن جَاوز الْوَقْت فَأحْرم بِعُمْرَة وأفسدها
مضى فِيهَا وقضاها وَلَيْسَ عَلَيْهِ دم لترك الْوَقْت وَإِذا خرج
الْمَكِّيّ يُرِيد الْحَج فَأحْرم وَلم يعد إِلَى الْحرم ووقف بِعَرَفَة
فَعَلَيهِ شَاة والمتمتع إِذا فرغ من عمرته ثمَّ خرج من الْحرم فَأحْرم
ووقف بِعَرَفَة فَعَلَيهِ دم فَإِن رَجَعَ إِلَى الْحرم فَأهل فِيهِ قبل
أَن يقف بِعَرَفَة فَلَا شَيْء عَلَيْهِ
بَاب إِضَافَة الْإِحْرَام إِلَى الْإِحْرَام
قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله إِذا أحرم الْمَكِّيّ بِعُمْرَة وَطَاف
لَهَا شوطا ثمَّ أحرم بِالْحَجِّ فَإِنَّهُ يرفض الْحَج وَعَلِيهِ لرفضه دم
وَعَلِيهِ حجَّة وَعمرَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله رفض
الْعمرَة أحب إِلَيْنَا وقضاؤها وَعَلِيهِ دم وَإِن مضى عَلَيْهِمَا
أَجزَأَهُ
(1/54)
وَعَلِيهِ دم لجمعه بَينهمَا وَمن أحرم
بِالْحَجِّ ثمَّ احرم يَوْم النَّحْر بِحجَّة أُخْرَى فَإِن حلق فِي الأولى
لَزِمته الْأُخْرَى وَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن لم يحلق فِي الأولى لَزِمته
الآخرى وَعَلِيهِ دم قصر أَو لم يقصر عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا أَن لم يقصر
فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَمن فرغ من عمرته إِلَّا التَّقْصِير فَأحْرم
بِأُخْرَى فَعَلَيهِ دم لاحرامه قبل الْوَقْت وَمن أهل بِالْحَجِّ ثمَّ
أحرم بِعُمْرَة لزماه فَلَو وقف بِعَرَفَات وَلم يَأْتِ بِأَفْعَال
الْعمرَة فَهُوَ رافض لعمرته فَإِن توجه إِلَيْهَا لم يكن رافضا حَتَّى يقف
فَإِن طَاف لِلْحَجِّ ثمَّ أحرم بِعُمْرَة فَمضى عَلَيْهِمَا لزماه
وَعَلِيهِ دم لجمعه بَينهمَا وَيسْتَحب أَن يرفض عمرته وَإِذا رفض عمرته
يَقْضِيهَا وَعَلِيهِ دم وَمن أهل بِعُمْرَة فِي يَوْم النَّحْر أَو فِي
ايام التَّشْرِيق لَزِمته ويرفضها وَعمرَة مَكَانهَا فَإِن مضى عَلَيْهَا
أَجزَأَهُ وَعَلِيهِ دم لجمعه بَينهمَا فَإِن فَاتَهُ الْحَج ثمَّ أحرم
بِعُمْرَة أَو بِحجَّة فَإِنَّهُ يرفضها
بَاب الْإِحْصَار
وَإِذا أحْصر الْمحرم بعدو أَو أَصَابَهُ مرض فَمَنعه من الْمُضِيّ جَازَ
لَهُ التَّحَلُّل وَإِذا جَازَ لَهُ التَّحَلُّل يُقَال لَهُ ابْعَثْ شَاة
تذبح فِي الْحرم وواعد من تبعثه بِيَوْم بِعَيْنِه يذبح فِيهِ ثمَّ تحلل
وَإِن كَانَ قَارنا بعث بدمين فَإِن بعث بِهَدي وَاحِد ليتحلل عَن الْحَج
وَيبقى فِي إِحْرَام الْعمرَة لم يتَحَلَّل عَن وَاحِد مِنْهُمَا وَلَا
يجوز ذبح دم الْإِحْصَار إِلَّا فِي الْحرم وَيجوز ذبحه قبل يَوْم النَّحْر
عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا لَا يجوز الذّبْح للمحصر بِالْحَجِّ إِلَّا فِي
يَوْم النَّحْر وَيجوز للمحصر بِالْعُمْرَةِ مَتى شَاءَ والمحصر بِالْحَجِّ
إِذا تحلل فَعَلَيهِ حجَّة وَعمرَة وعَلى الْمحصر بِالْعُمْرَةِ الْقَضَاء
وعَلى الْقَارِن حج وعمرتان فَإِن بعث الْقَارِن هَديا وواعدهم أَن يذبحوه
فِي يَوْم بِعَيْنِه ثمَّ زَالَ الْإِحْصَار فَإِن كَانَ لَا يدْرك الْحَج
وَالْهَدْي لَا يلْزمه أَن يتَوَجَّه بل يصبر حَتَّى يتَحَلَّل ينْحَر
الْهَدْي وَإِن كَانَ يدْرك الْحَج وَالْهَدْي لزمَه التَّوَجُّه وَإِذا
أدْرك هَدْيه صنع بِهِ مَا شَاءَ وَإِن كَانَ يدْرك الْهَدْي دون الْحَج
يتَحَلَّل وَإِن كَانَ يدْرك الْحَج دون الْهَدْي جَازَ لَهُ
(1/55)
التَّحَلُّل وَمن وقف بِعَرَفَة ثمَّ أحْصر
لَا يكون محصرا وَمن أحْصر بِمَكَّة وَهُوَ مَمْنُوع عَن الطّواف
وَالْوُقُوف فَهُوَ محصر وَإِن قدر على أَحدهمَا فَلَيْسَ بمحصر
بَاب الْفَوات
وَمن أحرم بِالْحَجِّ وَفَاته الْوُقُوف بِعَرَفَة حَتَّى طلع الْفجْر من
يَوْم النَّحْر فقد فَاتَهُ الْحَج وَعَلِيهِ أَن يطوف وَيسْعَى ويتحلل
وَيَقْضِي الْحَج من قَابل وَلَا دم عَلَيْهِ وَالْعمْرَة لَا تفوت وَهِي
جَائِزَة فِي جَمِيع السّنة إِلَّا خَمْسَة أَيَّام يكره فِيهَا فعلهَا
وَهِي يَوْم عرفه وَيَوْم النَّحْر وَأَيَّام التَّشْرِيق وَالْعمْرَة سنة
وَهِي الطّواف وَالسَّعْي
بَاب الْحَج عَن الْغَيْر
وَمن أمره رجلَانِ بِأَن يحجّ عَن كل وَاحِد مِنْهُمَا حجَّة فَأهل بِحجَّة
عَنْهُمَا فَهِيَ عَن الْحَاج وَيضمن النَّفَقَة أَن انفق من مَالهمَا
وَإِن أبهم الْإِحْرَام بِأَن نوى عَن أَحدهمَا غير عين فَإِن مضى على
ذَلِك صَار مُخَالفا فَإِن أمره غَيره أَن يقرن عَنهُ فالدم على من احرم
وَكَذَا إِن أمره وَاحِد بِأَن يحجّ عَنهُ وَالْآخر بِأَن يعْتَمر عَنهُ
وأذنا لَهُ بالقران فالدم عَلَيْهِ وَدم الْإِحْصَار على الْآمِر وَقَالَ
أَبُو يُوسُف على الْحَاج فَإِن كَانَ يحجّ عَن ميت فأحصر فالدم فِي مَال
الْمَيِّت وَدم الْجِمَاع على الْحَاج وَيضمن النَّفَقَة وَمن أوصى بِأَن
يحجّ عَنهُ فأحجوا عَنهُ رجلا فَلَمَّا بلغ الْكُوفَة مَاتَ أَو سرقت
نَفَقَته وَقد أنْفق النّصْف يحجّ عَن الْمَيِّت من منزله بِثلث مَا بَقِي
وَقَالا يحجّ عَنهُ من حَيْثُ مَاتَ الأول وَمن أهل بِحجَّة عَن أَبَوَيْهِ
يُجزئهُ أَن يَجعله عَن أَحدهمَا
بَاب الْهَدْي
الْهَدْي أدناه شَاة وَهُوَ من ثَلَاثَة أَنْوَاع الْإِبِل وَالْبَقر
وَالْغنم وَلَا يجوز فِي الْهَدَايَا إِلَّا مَا جَازَ فِي الضَّحَايَا
وَالشَّاة جَائِزَة فِي كل شَيْء إِلَّا فِي موضِعين من طَاف طواف
الزِّيَارَة جنبا وَمن جَامع بعد الْوُقُوف بِعَرَفَة فَإِنَّهُ لَا يجوز
فيهمَا إِلَّا بَدَنَة وَيجوز الْأكل من هدي التَّطَوُّع والمتعة
وَالْقرَان وَيسْتَحب لَهُ أَن يَأْكُل مِنْهَا أَو لَا
(1/56)
يجوز الْأكل من بَقِيَّة الْهَدَايَا وَلَا
يجوز ذبح هدي التَّطَوُّع والمتعة وَالْقرَان إِلَّا فِي يَوْم النَّحْر
وَفِي الأَصْل يجوز ذبح دم التَّطَوُّع قبل يَوْم النَّحْر وَذبح يَوْم
النَّحْر أفضل وَهُوَ الصَّحِيح فَإِذا وجد ذَلِك جَازَ ذَبحهَا فِي غير
يَوْم النَّحْر وَفِي أَيَّام النَّحْر أفضل وَيجوز ذبح بَقِيَّة
الْهَدَايَا فِي أَي وَقت شَاءَ وَلَا يجوز ذبح الْهَدَايَا إِلَّا فِي
الْحرم وَيجوز أَن يتَصَدَّق بهَا على مَسَاكِين الْحرم وَغَيرهم وَلَا يجب
التَّعْرِيف بالهدايا فَإِن عرف بِهَدي الْمُتْعَة فَحسن وَالْأَفْضَل فِي
الْبدن النَّحْر وَفِي الْبَقر وَالْغنم الذّبْح وَلَا يذبح الْبَقر
وَالْغنم قيَاما وَالْأولَى أَن يتَوَلَّى ذَبحهَا بِنَفسِهِ إِذا كَانَ
يحسن ذَلِك وَيتَصَدَّق بجلالها وخطامها وَلَا يُعْطي أُجْرَة الجزار
مِنْهَا وَمن سَاق بَدَنَة فاضطر إِلَى ركُوبهَا ركبهَا وَإِن اسْتغنى عَن
ذَلِك لم يركبهَا وَإِن كَانَ لَهَا لبن لم يحلبها وينضح ضرْعهَا
بِالْمَاءِ الْبَارِد حَتَّى يَنْقَطِع اللَّبن وَمن سَاق هَديا فَعَطب
فَإِن كَانَ تَطَوّعا فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيره وَإِن كَانَ عَن وَاجِب
فَعَلَيهِ أَن يُقيم غَيره مقَامه وَإِن أَصَابَهُ عيب كَبِير يُقيم غَيره
مقَامه وصنع بالمعيب مَا شَاءَ وَإِذا عطبت الْبَدنَة فِي الطَّرِيق فَإِن
كَانَ تَطَوّعا نحرها وصبغ نعلها بدمها وَضرب بهَا صفحة سنامها وَلَا
يَأْكُل هُوَ وَلَا غَيره من الْأَغْنِيَاء مِنْهَا فَإِن كَانَت وَاجِبَة
أَقَامَ غَيرهَا مقَامهَا وصنع بهَا مَا شَاءَ ويقلد هدي التَّطَوُّع
والمتعة وَالْقرَان وَلَا يُقَلّد دم الْإِحْصَار وَلَا دم الْجِنَايَات
مسَائِل منثورة
أهل عَرَفَة إِذا وقفُوا فِي يَوْم وَشهد قوم أَنهم وقفُوا يَوْم النَّحْر
أجزأهم وَمن رمى فِي الْيَوْم الثَّانِي الْجَمْرَة الْوُسْطَى
وَالثَّالِثَة وَلم يرم الأولى فَإِن رمى الأولى ثمَّ الْبَاقِيَتَيْنِ
فَحسن وَلَو رمى الأولى وَحدهَا أَجزَأَهُ وَمن جعل على نَفسه أَن يحجّ مَا
شيا فَإِنَّهُ لَا يركب حَتَّى يطوف طواف الزِّيَارَة وَمن بَاعَ جَارِيَة
مُحرمَة قد أذن لَهَا مَوْلَاهَا فِي ذَلِك فَلِلْمُشْتَرِي أَن يحللها
ويجامعها وَفِي بعض النّسخ أَو يُجَامِعهَا
(1/57)
|