متن
بداية المبتدي في فقه الإمام أبي حنيفة = كتاب النِّكَاح
النِّكَاح ينْعَقد بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُول بلفظين يعبر بهما عَن
الْمَاضِي وَينْعَقد بلفظين يعبر بِأَحَدِهِمَا عَن الْمَاضِي وبالآخر عَن
الْمُسْتَقْبل مثل أَن يَقُول زَوجنِي فَيَقُول زَوجتك وَينْعَقد بِلَفْظ
النِّكَاح وَالتَّزْوِيج وَالْهِبَة وَالتَّمْلِيك وَالصَّدَََقَة
وَينْعَقد بِلَفْظ البيع وَلَا ينْعَقد بِلَفْظَة الْإِجَارَة
وَالْإِبَاحَة والإحلال والإعارة وَالْوَصِيَّة وَلَا ينْعَقد نِكَاح
الْمُسلمين إِلَّا بِحُضُور شَاهِدين حُرَّيْنِ عاقلين بالغين مُسلمين
رجلَيْنِ أَو رجل وَامْرَأَتَيْنِ عُدُولًا كَانُوا أَو غير عدُول أَو
محدودين فِي الْقَذْف وَإِن تزوج مُسلم ذِمِّيَّة بِشَهَادَة ذميين جَازَ
عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد وَزفر لَا يجوز وَمن أَمر
رجلا بِأَن يُزَوّج ابْنَته الصَّغِيرَة فَزَوجهَا وَالْأَب حَاضر
بِشَهَادَة رجل وَاحِد سواهُمَا جَازَ النِّكَاح وَإِن كَانَ الْأَب
غَائِبا لم يجز
فصل فِي بَيَان الْمُحرمَات
لَا يحل للرجل أَن يتَزَوَّج بِأُمِّهِ وَلَا بجداته من قبل الرِّجَال
وَالنِّسَاء وَلَا ببنته وَلَا ببنت وَلَده وَإِن سفلت وَلَا بأخته وَلَا
ببنات أُخْته وَلَا ببنات أَخِيه وَلَا بعمته وَلَا بخالته وَلَا بِأم
امْرَأَته الَّتِي دخل بهَا أَو لم يدْخل وَلَا ببنت امْرَأَته الَّتِي دخل
بهَا سَوَاء كَانَت فِي حجره أَو فِي حجر غَيره وَلَا بِامْرَأَة أَبِيه
وأجداده وَلَا بِامْرَأَة ابْنه وَبني أَوْلَاده وَلَا بِأُمِّهِ من
الرضَاعَة وَلَا بأخته من الرضَاعَة وَلَا يجمع بَين أُخْتَيْنِ نِكَاحا
وَلَا يملك يَمِين وَطْء فَإِن تزوج أُخْت أمه وَله قد وَطئهَا صَحَّ
النِّكَاح وَلَا يطَأ الْأمة وَإِن كَانَ لم يطَأ الْمَنْكُوحَة فَإِن تزوج
أُخْتَيْنِ فِي عقدتين وَلَا يدْرِي أَيَّتهمَا أولى فرق بَينه وَبَينهمَا
وَلَهُمَا نصف الْمهْر وَلَا يجمع بَين الْمَرْأَة وعمتها أَو خَالَتهَا
أَو ابْنة أَخِيهَا أَو ابْنة أُخْتهَا وَلَا يجمع بَين امْرَأتَيْنِ لَو
كَانَت إِحْدَاهمَا رجلا لم يجز لَهُ أَن يتَزَوَّج بِالْأُخْرَى وَلَا
بَأْس بِأَن يجمع بَين امْرَأَة وَبنت زوج كَانَ لَهَا من قبل وَمن زنى
بِامْرَأَة حرمت عَلَيْهِ أمهَا وبنتها وَمن مسته امْرَأَة بِشَهْوَة
(1/58)
حرمت عَلَيْهِ أمهَا وابنتها وَإِذا طلق
امْرَأَته طَلَاقا بَائِنا أَو رَجْعِيًا لم يجز لَهُ أَن يتَزَوَّج بأختها
حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا وَلَا يتَزَوَّج الْمولى أمته وَلَا الْمَرْأَة
عَبدهَا وَيجوز تزوج الكتابيات وَلَا يجوز تزوج المجوسيات وَلَا الوثنيات
وَيجوز تزوج الصابئيات إِن كَانُوا يُؤمنُونَ بدين نَبِي ويقرون بِكِتَاب
وَإِن كَانُوا يعْبدُونَ الْكَوَاكِب وَلَا كتاب لَهُم لم تجز مناكحتهم
وَيجوز للْمحرمِ والمحرمة أَن يتزوجا فِي حَالَة الْإِحْرَام وَيجوز تزوج
الْأمة مسلمة كَانَت أَو كِتَابِيَّة وَلَا يتَزَوَّج أمة على حرَّة وَيجوز
تزوج الْحرَّة عَلَيْهَا فَإِن تزوج أمة على حرَّة فِي عدَّة من طَلَاق
بَائِن أَو ثَلَاث لم يجز عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَيجوز عِنْدهمَا
وللحر أَن يتَزَوَّج أَرْبعا من الْحَرَائِر وَالْإِمَاء وَلَيْسَ لَهُ ان
يتَزَوَّج أَكثر من ذَلِك وَلَا يجوز للْعَبد أَن يتَزَوَّج أَكثر من
اثْنَتَيْنِ فَإِن طلق الْحر إِحْدَى الْأَرْبَع طَلَاقا بَائِنا لم يجز
لَهُ أَن يتَزَوَّج رَابِعَة حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا وَإِن تزوج حُبْلَى
من زنى جَازَ النِّكَاح وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى تضع حملهَا وَإِن كَانَ
الْحمل ثَابت النّسَب فَالنِّكَاح بَاطِل بِالْإِجْمَاع فَإِن تزوج حَامِلا
من السَّبي فَالنِّكَاح فَاسد وَإِن زوج أم وَلَده وَهِي حَامِل مِنْهُ
فَالنِّكَاح بَاطِل وَمن وطىء جَارِيَته ثمَّ زَوجهَا جَازَ النِّكَاح
وَإِذا جَازَ النِّكَاح فَللزَّوْج أَن يَطَأهَا قبل الِاسْتِبْرَاء
وَكَذَا إِذا رأى امْرَأَة تَزني فَتَزَوجهَا حل لَهُ أَن يَطَأهَا قبل أَن
يَسْتَبْرِئهَا عِنْدهمَا وَقَالَ مُحَمَّد لَا أحب لَهُ أَن يَطَأهَا مالم
يَسْتَبْرِئهَا وَنِكَاح الْمُتْعَة بَاطِل وَالنِّكَاح الْمُؤَقت بَاطِل
وَمن تزوج امْرَأتَيْنِ فِي عقدَة وَاحِدَة وإحداهما لَا يحل لَهُ
نِكَاحهَا صَحَّ نِكَاح الَّتِي يحل نِكَاحهَا وَبَطل نِكَاح الْأُخْرَى
وَمن ادَّعَت عَلَيْهِ امْرَأَة أَنه تزَوجهَا وأقامت بَيِّنَة فَجَعلهَا
القَاضِي امْرَأَته وَلم يكن تزَوجهَا وسعهَا الْمقَام مَعَه وَأَن تَدعه
يُجَامِعهَا
بَاب فِي الْأَوْلِيَاء والأكفاء
وَينْعَقد نِكَاح الْحرَّة الْعَاقِلَة الْبَالِغَة بِرِضَاهَا وَإِن لم
يعْقد عَلَيْهَا ولي بكرا
(1/59)
كَانَت ثَيِّبًا أَو بكرا عِنْد أبي حنيفَة
وَأبي يُوسُف فِي ظَاهر الرِّوَايَة وَعَن أبي يُوسُف أَنه لَا ينْعَقد
إِلَّا بولِي وَعند مُحَمَّد ينْعَقد مَوْقُوفا وَلَا يجوز للْوَلِيّ
إِجْبَار الْبكر الْبَالِغَة على النِّكَاح فَإِذا استأذنها الْوَلِيّ
فَسَكَتَتْ أَو ضحِكت فَهُوَ إِذن وَإِن فعل هَذَا غير الْوَلِيّ أَو ولي
غَيره أولى مِنْهُ لم يكن رضَا حَتَّى تَتَكَلَّم بِهِ وَلَا تشْتَرط
تَسْمِيَة الْمهْر وَلَو زَوجهَا فبلغها الْخَبَر فَسَكَتَتْ فَهُوَ على
مَا ذكرنَا وَلَو اسْتَأْذن الثّيّب فَلَا بُد من رِضَاهَا بالْقَوْل
وَإِذا زَالَت بَكَارَتهَا بوثبة أَو حَيْضَة أَو جِرَاحَة أَو تعنيس
فَهِيَ فِي حكم الْأَبْكَار وَلَو زَالَت بزنى فَهِيَ كَذَلِك عِنْد أبي
حنيفَة وَإِذا قَالَ الزَّوْج بلغك النِّكَاح فَسكت وَقَالَ ترددت
فَالْقَوْل قَوْلهَا وَإِن أَقَامَ الزَّوْج الْبَيِّنَة على سكُوتهَا ثَبت
النِّكَاح وَيجوز نِكَاح الصَّغِير وَالصَّغِيرَة إِذا زَوجهمَا الْوَلِيّ
بكرا كَانَت الصَّغِيرَة أَو ثَيِّبًا وَالْوَلِيّ هُوَ الْعصبَة فَإِن
زَوجهمَا الْأَب أَو الْجد فَلَا خِيَار لَهما بعد بلوغهما وَإِن زَوجهمَا
غير الْأَب وَالْجد فَلِكُل وَاحِد مِنْهُمَا الْخِيَار إِذا بلغ إِن شَاءَ
أَقَامَ على النِّكَاح وَإِن شَاءَ فسخ وَيشْتَرط فِيهِ الْقَضَاء ثمَّ
عِنْدهمَا إِذا بلغت الصَّغِيرَة وَقد علمت بِالنِّكَاحِ فَسَكَتَتْ فَهُوَ
رضَا وَإِن لم تعلم بِالنِّكَاحِ فلهَا الْخِيَار حَتَّى تعلم فتسكت ثمَّ
خِيَار الْبكر يبطل السُّكُوت وَلَا يبطل خِيَار الْغُلَام مالم يقل رضيت
أَو يَجِيء مِنْهُ مَا يعلم أَنه رضَا وَكَذَلِكَ الْجَارِيَة إِذا دخل
بهَا الزَّوْج قبل الْبلُوغ وخيارالبلوغ فِي حق الْبكر لَا يَمْتَد إِلَى
آخر الْمجْلس وَلَا يبطل بِالْقيامِ فِي حق الثّيّب والغلام ثمَّ الْفرْقَة
بِخِيَار الْبلُوغ لَيست بِطَلَاق فَإِن مَاتَ أَحدهمَا قبل الْبلُوغ
وَرثهُ الآخر وَلَا ولَايَة لعبد وَلَا صَغِير وَلَا مَجْنُون وَلَا
لكَافِر على مُسلم ولغير الْعَصَبَات من الآقارب ولَايَة التَّزْوِيج عِنْد
أبي حنيفَة رَحمَه الله وَمن لَا ولي لَهَا أذا زَوجهَا مَوْلَاهَا الَّذِي
أعْتقهَا جَازَ وَإِذا عدم الْأَوْلِيَاء فالولاية إِلَى الإِمَام
وَالْحَاكِم فَإِذا غَابَ الْوَلِيّ الْأَقْرَب غيبَة مُنْقَطِعَة جَازَ
لمن هُوَ أبعد مِنْهُ أَن يُزَوّج والغيبة المنقطعة أَن يكون فِي بلد لَا
تصل إِلَيْهِ القوافل فِي السّنة إِلَّا مرّة وَاحِدَة وَإِذا اجْتمع فِي
الْمَجْنُونَة أَبوهَا وَابْنهَا فالولي فِي إنكاحها ابْنهَا فِي قَول أبي
حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله أَبوهَا
(1/60)
فصل فِي الْكَفَاءَة
الْكَفَاءَة فِي النِّكَاح مُعْتَبرَة وَإِذا زوجت الْمَرْأَة نَفسهَا من
غير كُفْء فللأولياء أَن يفرقُوا بَينهمَا ثمَّ الْكَفَاءَة تعْتَبر فِي
النّسَب فقريش بَعضهم أكفاء لبَعض وَالْعرب بَعضهم أكفاء لبَعض وَأما
الموَالِي فَمن كَانَ لَهُ أَبَوَانِ فِي الْإِسْلَام فَصَاعِدا فَهُوَ من
الْأَكفاء وَمن أسلم بِنَفسِهِ أَو لَهُ أَب وَاحِد فِي الْإِسْلَام لَا
يكون كُفؤًا لمن لَهُ أَبَوَانِ وَمن أسلم بِنَفسِهِ لَا يكون كُفؤًا لمن
لَهُ أَب وَاحِد فِي الْإِسْلَام وَتعْتَبر أَيْضا فِي الدّين وَفِي المَال
وَهُوَ أَن يكون مَالِكًا للمهر وَالنَّفقَة وَفِي الصَّنَائِع وَإِذا
تزوجت الْمَرْأَة ونقصت عَن مهر مثلهَا فللأولياء الِاعْتِرَاض عَلَيْهَا
عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله حَتَّى يتم لَهَا مهر مثلهَا أَو يفارقها
وَإِذا زوج الْأَب ابْنَته الصَّغِيرَة وَنقص من مهرهَا أَو ابْنه
الصَّغِير وَزَاد فِي مهر امْرَأَته جَازَ ذَلِك عَلَيْهِمَا وَلَا يجوز
ذَلِك لغير الْأَب وَالْجد وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا لَا يجوز
الْحَط وَالزِّيَادَة إِلَّا بِمَا يتَغَابَن النَّاس فِيهِ وَمن زوج
ابْنَته وَهِي صَغِيرَة عبدا أَو زوج ابْنه وَهُوَ صَغِير أمة فَهُوَ
جَائِز وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله
فصل فِي الْوكَالَة بِالنِّكَاحِ وَغَيرهَا
وَيجوز لِابْنِ الْعم أَن يُزَوّج بنت عَمه من نَفسه وَإِذا أَذِنت
الْمَرْأَة لرجل أَن يُزَوّجهَا من نَفسه فعقد بِحَضْرَة شَاهِدين جَازَ
وتزويج العَبْد وَالْأمة بِغَيْر إِذن مولاهما مَوْقُوف فَإِن أجَازه
الْوَلِيّ جَازَ وَإِن رده بَطل وَكَذَا لَو زوج رجل امْرَأَة بِغَيْر
رِضَاهَا أَو رجلا بِغَيْر رِضَاهُ وَمن قَالَ اشْهَدُوا أَنِّي قد زوجتها
مِنْهُ فبلغها الْخَبَر فأجازت فَهُوَ بَاطِل وَإِن قَالَ آخر اشْهَدُوا
أَنِّي قد زوجتها مِنْهُ فبلغها الْخَبَر فأجازت جَازَ وَكَذَا إِن كَانَت
الْمَرْأَة هِيَ الَّتِي قَالَت جَمِيع ذَلِك وَمن أَمر رجلا أَن يُزَوجهُ
امْرَأَة فَزَوجهُ اثْنَتَيْنِ فِي عقدَة لم تلْزمهُ وَاحِدَة مِنْهُمَا
وَمن أمره أَمِير بِأَن يُزَوجهُ امْرَأَة فَزَوجهُ أمة لغيره جَازَ عِنْد
ابي حنيفَة وَقَالَ ابو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يجوز إِلَّا أَن يُزَوجهُ
كُفؤًا
بَاب الْمهْر
وَيصِح النِّكَاح وَإِن لم يسم فِيهِ مهْرا وَأَقل الْمهْر عشرَة دَرَاهِم
وَلَو سمي أقل من عشرَة فلهَا الْعشْرَة وَقَالَ زفر لَهَا مهر الْمثل وَمن
سمى مهْرا عشرَة فَمَا زَاد
(1/61)
فَعَلَيهِ الْمُسَمّى إِن دخل بهَا أَو
مَاتَ عَنْهَا وَإِن طَلقهَا قبل الدُّخُول بهَا وَالْخلْوَة فلهَا نصف
الْمُسَمّى وَإِن تزَوجهَا وَلم يسم لَهَا مهْرا أَو تزَوجهَا على أَن لَا
مهر لَهَا فلهَا مهر مثلهَا إِن دخل بهَا أَو مَاتَ عَنْهَا وَلَو طَلقهَا
قبل الدُّخُول بهَا فلهَا الْمُتْعَة والمتعة ثَلَاثَة أَثوَاب من كسْوَة
مثلهَا وَيشْتَرط فِي الْمُتْعَة أَن لَا تزيد على نصف مهر مثلهَا وَلَا
تنقص عَن خَمْسَة دَرَاهِم وَإِن تزَوجهَا وَلم يسم لَهَا مهْرا ثمَّ
تَرَاضيا على تَسْمِيَته فَهِيَ لَهَا إِن دخل بهَا أَو مَاتَ عَنْهَا
وَإِن طَلقهَا قبل الدُّخُول بهَا فلهَا الْمُتْعَة فَإِن زَاد لَهَا فِي
الْمهْر بعد العقد لَزِمته الزِّيَادَة وَتسقط بِالطَّلَاق قبل الدُّخُول
وَإِن حطت عَنهُ من مهرهَا صَحَّ الْحَط وَإِذا خلا الرجل بامرأته وَلَيْسَ
هُنَاكَ مَانع من الْوَطْء ثمَّ طَلقهَا فلهَا كَمَال الْمهْر وَإِن كَانَ
أَحدهمَا مَرِيضا أَو صَائِما فِي رَمَضَان أَو محرما بِحَجّ فرض أَو نفل
أَو بِعُمْرَة أَو كَانَت حَائِضًا فَلَيْسَتْ الْخلْوَة صَحِيحَة وَإِن
كَانَ احدهما صَائِما تَطَوّعا فلهَا الْمهْر كُله وَإِذا خلا الْمَجْبُوب
بامرأته ثمَّ طَلقهَا فلهَا كَمَال الْمهْر عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله
وَقَالا عَلَيْهِ نصف الْمهْر وَعَلَيْهَا الْعدة فِي جَمِيع هَذِه
الْمسَائِل وتستحب الْمُتْعَة لكل مُطلقَة إِلَّا لمطلقة وَاحِدَة وَهِي
الَّتِي طَلقهَا الزَّوْج قبل الدُّخُول بهَا وَقد سمى لَهَا مهْرا وَإِذا
زوج الرجل بنته على أَن يُزَوجهُ الآخر بنته أَو أُخْته ليَكُون أحد
الْعقْدَيْنِ عوضا عَن الآخر فالعقدان جائزان وَلكُل وَاحِدَة مِنْهُمَا
مهر مثلهَا وَأَن تزوج حر امْرَأَة على خدمته إِيَّاهَا سنة أَو على
تَعْلِيم الْقُرْآن فلهَا مهر مثلهَا وَقَالَ مُحَمَّد لَهَا قيمَة خدمته
سنة وَإِن تزوج عبد امْرَأَة بِإِذن مَوْلَاهُ على خدمته سنة جَازَ وَلها
خدمته فَإِن تزَوجهَا على ألف فقبضتها ووهبتها لَهُ ثمَّ طَلقهَا قبل
الدُّخُول بهَا رَجَعَ عَلَيْهَا بِخَمْسِمِائَة فَإِن لم تقبض الْألف
حَتَّى وهبتها لَهُ ثمَّ طَلقهَا قبل الدُّخُول بهَا لم يرجع وَاحِد
مِنْهُمَا على صَاحبه بِشَيْء وَلَو قبضت خَمْسمِائَة ثمَّ وهبت الْألف
كلهَا الْمَقْبُوض وَغَيره أَو وهبت الْبَاقِي ثمَّ طَلقهَا قبل الدُّخُول
بهَا لم يرجع وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه بِشَيْء عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه
الله وَقَالا يرجع عَلَيْهَا بِنصْف مَا قبضت وَلَو كَانَ تزَوجهَا على عرض
فقبضته أَو لم تقبض فَوَهَبته لَهُ ثمَّ طَلقهَا قبل الدُّخُول بهَا لم
يرجع عَلَيْهَا بِشَيْء وَلَو تزَوجهَا على حَيَوَان أَو عرُوض فِي
الذِّمَّة فَكَذَلِك الْجَواب وَإِذا
(1/62)
تزَوجهَا على ألف على أَن لَا يُخرجهَا من
الْبَلدة أَو على أَن لَا يتَزَوَّج عَلَيْهَا أُخْرَى فَإِن وفى بِالشّرطِ
فلهَا الْمُسَمّى وَإِن تزوج عَلَيْهَا أُخْرَى أَو أخرجهَا فلهَا مهر
مثلهَا وَلَو تزَوجهَا على ألف إِن اقام بهَا وعَلى أَلفَيْنِ إِن أخرجهَا
فَإِن أَقَامَ بهَا فلهَا الْألف وَإِن أخرجهَا فلهَا مهر الْمثل لَا
يُزَاد على الْأَلفَيْنِ وَلَا ينقص عَن الْألف وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة
رَحمَه الله وَقَالا الشرطان جَمِيعًا جائزان وَلَو تزَوجهَا على هَذَا
العَبْد أَو على هَذَا العَبْد فَإِذا أَحدهمَا أوكس وَالْآخر أرفع فَإِن
كَانَ مهر أقل من أوكسهما فلهَا الأوكس وَإِن كَانَ أَكثر من أرفعهما فلهَا
الأرفع وَإِن كَانَ بَينهمَا مهر مثلهَا فَإِن طَلقهَا قبل الدُّخُول بهَا
فلهَا نصف الأوكس فِي ذَلِك كُله بِالْإِجْمَاع وَإِذا تزَوجهَا على
حَيَوَان غير مَوْصُوف صحت التَّسْمِيَة وَلها الْوسط مِنْهُ وَالزَّوْج
مُخَيّر إِن شَاءَ أَعْطَاهَا ذَلِك وَإِن شَاءَ أَعْطَاهَا قِيمَته وَإِن
تزَوجهَا على ثوب غير مَوْصُوف فلهَا مهر الْمثل فَإِن تزوج مسم على خمر
أَو خِنْزِير فَالنِّكَاح جَائِز وَلها مهر مثلهَا فَإِن تزوج امْرَأَة على
هَذَا الدن من الْخلّ فَإِذا هُوَ خمر فلهَا مهر مثلهَا عِنْد أبي حنيفَة
وَقَالا لَهَا مثل وَزنه خلا وَإِذا تزَوجهَا على هَذَا العَبْد فَإِذا
هُوَ حر يجب مهر الْمثل عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف
تجب الْقيمَة فَإِن تزَوجهَا على هذَيْن الْعَبْدَيْنِ فَإِذا أَحدهمَا حر
فَلَيْسَ لَهَا إِلَّا الْبَاقِي إِذا سَاوَى عشرَة دَرَاهِم عِنْد أبي
حنيفَة رَحمَه الله وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَهَا العَبْد وَقِيمَة الْحر لَو
كَانَ عبدا وَقَالَ مُحَمَّد لَهَا العَبْد الْبَاقِي وَتَمام مهر مثلهَا
إِن كَانَ مهر مثلهَا أَكثر من قيمَة العَبْد وَإِذا فرق القَاضِي بَين
الزَّوْجَيْنِ فِي النِّكَاح الْفَاسِد قبل الدُّخُول فَلَا مهر لَهَا
وَكَذَا بعد الْخلْوَة فَإِن دخل بهَا فلهَا مهر مثلهَا لَا يُزَاد على
الْمُسَمّى وَعَلَيْهَا الْعدة وَثَبت نسب وَلَدهَا وَمهر مثلهَا يعْتَبر
بإخواتها وعماتها وَبَنَات أعمامها وَلَا يعْتَبر بامها وخالتها إِذا لم
تَكُونَا من قبيلتها فَإِن كَانَت الْأُم من قوم أَبِيهَا بِأَن كَانَت بنت
عَمه فَحِينَئِذٍ يعْتَبر بمهرها وَيعْتَبر فِي مهر الْمثل أَن تتساوى
الْمَرْأَتَانِ فِي السن وَالْجمال وَالْمَال وَالْعقل وَالدّين والبلد
وَالْعصر وَإِذا ضمن الْوَلِيّ الْمهْر صَحَّ ضَمَانه ثمَّ الْمَرْأَة
بِالْخِيَارِ فِي مطالبتها زَوجهَا أَو وَليهَا وللمرأة أَن تمنع نَفسهَا
حَتَّى تَأْخُذ الْمهْر وتمنعه أَن
(1/63)
يُخرجهَا وَلَيْسَ للزَّوْج أَن يمْنَعهَا
من السّفر وَالْخُرُوج من منزله وزيارة أَهلهَا حَتَّى يوافيها الْمهْر
كُله وَلَو كَانَ الْمهْر كُله مُؤَجّلا لَيْسَ لَهَا أَن تمنع نَفسهَا
وَإِذا أوفاها مهرهَا نقلهَا إِلَى حَيْثُ شَاءَ وَمن تزوج امْرَأَة ثمَّ
اخْتلفَا فِي الْمهْر فَالْقَوْل قَول الْمَرْأَة إِلَى تَمام مهر مثلهَا
وَالْقَوْل قَول الزَّوْج فِيمَا زَاد على مهر الْمثل وَإِن طَلقهَا قبل
الدُّخُول بهَا فَالْقَوْل قَوْله فِي نصف الْمهْر وَهَذَا عِنْد أبي
حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله وَقَالَ أَبُو يُوسُف القَوْل قَوْله بعد
الطَّلَاق وَقَبله إِلَّا أَن يَأْتِي بِشَيْء قَلِيل وَلَو كَانَ
الِاخْتِلَاف فِي أصل الْمُسَمّى يجب مهر الْمثل بِالْإِجْمَاع وَلَو كَانَ
الِاخْتِلَاف بعد موت أَحدهمَا فَالْجَوَاب فِيهِ كالجواب فِي حياتهما
وَلَو كَانَ الِاخْتِلَاف بعد مدتهما فِي الْمِقْدَار فَالْقَوْل قَول
وَرَثَة الزَّوْج وَإِذا مَاتَ الزَّوْجَانِ وَقد سمى لَهَا مهْرا فلورثتها
أَن يَأْخُذُوا ذَلِك من مِيرَاث الزَّوْج وَإِن لم يسم لَهَا مهْرا فَلَا
شَيْء لورثتها عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا لورثتها الْمهْر فِي الْوَجْهَيْنِ
وَمن بعث إِلَى امْرَأَته شَيْئا فَقَالَت هُوَ هَدِيَّة وَقَالَ الزَّوْج
هُوَ من الْمهْر فَالْقَوْل قَوْله إِلَّا فِي الطَّعَام الَّذِي يُؤْكَل
فَإِن القَوْل قَوْلهَا
فصل
وَإِذا تزوج النَّصْرَانِي نَصْرَانِيَّة على ميتَة أَو على غير مهر
وَذَلِكَ فِي دينهم جَائِز وَدخل بهَا أَو طَلقهَا قبل الدُّخُول بهَا أَو
مَاتَ عَنْهَا فَلَيْسَ لَهَا مهر وَكَذَلِكَ الحربيان فِي دَار الْحَرْب
فَإِن تزوج الذِّمِّيّ ذِمِّيَّة على خمر أَو خِنْزِير ثمَّ أسلما أَو أسلم
أَحدهمَا فلهَا الْخمر وَالْخِنْزِير
بَاب نِكَاح الرَّقِيق
لَا يجوز نِكَاح العَبْد وَالْأمة إِلَّا بِإِذن مولاهما وَكَذَا الْمكَاتب
وَالْمُدبر وَأم الْوَلَد وَإِذا تزوج العَبْد بِإِذن مَوْلَاهُ فالمهر دين
فِي رقبته يُبَاع فِيهِ وَالْمُدبر وَالْمكَاتب يسعيان فِي الْمهْر وَلَا
يباعان فِيهِ وَإِذا تزوج العَبْد بِغَيْر إِذن مَوْلَاهُ فَقَالَ الْمولى
طَلقهَا أَو فَارقهَا فَلَيْسَ هَذَا بِإِجَازَة وَإِن قَالَ طَلقهَا
تَطْلِيقَة تملك الرّجْعَة فَهَذَا إجَازَة وَمن قَالَ لعَبْدِهِ تزوج
هَذِه الْأمة فَتَزَوجهَا نِكَاحا فَاسِدا وَدخل بهَا فَإِنَّهُ يُبَاع فِي
الْمهْر عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا يُؤْخَذ مِنْهُ إِذا عتق وَمن زوج عبدا
مديونا
(1/64)
مَأْذُونا لَهُ امْرَأَة جَازَ
وَالْمَرْأَة أُسْوَة للْغُرَمَاء فِي مهرهَا وَمن زوج أمته فَلَيْسَ
عَلَيْهِ أَن يبوئها بَيت الزَّوْج لَكِنَّهَا تخْدم الْمولى وَيُقَال
للزَّوْج مَتى ظَفرت بهَا وطئتها فَإِن بوأها مَعَه بَيْتا فلهَا
النَّفَقَة وَالسُّكْنَى وَإِلَّا فَلَا وَلَو بوأها بَيْتا ثمَّ بدا لَهُ
أَن يستخدمها لَهُ ذَلِك ذكر تَزْوِيج الْمولى عَبده وَأمته وَلم يذكر
رضاهما وَمن زوج أمته ثمَّ قَتلهَا قبل أَن يدْخل بهَا زَوجهَا فَلَا مهر
لَهَا عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا عَلَيْهِ الْمهْر مَوْلَاهَا وَإِن قتلت
حرَّة نَفسهَا قبل أَن يدْخل بهَا زَوجهَا فلهَا الْمهْر وَإِذا تزوج أمة
فالإذن فِي الْعَزْل إِلَى الْمولى وَإِن تزوجت أمة بِإِذن مَوْلَاهَا ثمَّ
اعتقت فلهَا الْخِيَار حرا كَانَ زَوجهَا أَو عبدا وَكَذَلِكَ الْمُكَاتبَة
وَإِن تزوجت أمة بِغَيْر إِذن مَوْلَاهَا ثمَّ عتقت صَحَّ النِّكَاح وَلَا
خِيَار لَهَا فَإِن كَانَت تزوجت بِغَيْر إِذْنه على ألف وَمهر مثلهَا
مائَة فَدخل بهَا زَوجهَا ثمَّ أعْتقهَا مَوْلَاهَا فالمهر للْمولى وَإِن
لم يدْخل بهَا حَتَّى أعْتقهَا فالمهر لَهَا وَمن وطىء أمة ابْنه فَولدت
مِنْهُ فَهِيَ أم ولد لَهُ وَعَلِيهِ قيمتهَا وَلَا مهر عَلَيْهِ وَلَو
كَانَ الابْن زَوجهَا إباه فَولدت لم تصر أم ولد لَهُ وَلَا قيمَة عَلَيْهِ
وَعَلِيهِ الْمهْر وَوَلدهَا حر وَإِذا كَانَت الْحرَّة تَحت عبد فَقَالَت
لمَوْلَاهُ أعْتقهُ عني بِأَلف فَفعل فسد النِّكَاح وَلَو قَالَت أعْتقهُ
عني وَلم تسم مَالا لم يفْسد النِّكَاح وَالْوَلَاء للْمُعْتق
بَاب نِكَاح اهل الشّرك
وَإِذا تزوج الْكَافِر بِغَيْر شُهُود أَو فِي عدَّة كَافِر وَذَلِكَ فِي
دينهم جَائِز ثمَّ أسلما أقرا عَلَيْهِ فَإِذا تزوج الْمَجُوسِيّ أمه أَو
ابْنَته ثمَّ أسلما فرق بَينهمَا وَلَا يجوز أَن يتَزَوَّج الْمُرْتَد
مسلمة وَلَا كَافِرَة وَلَا مرتدة وَكَذَا الْمُرْتَدَّة لَا يَتَزَوَّجهَا
مُسلم وَلَا كَافِر فَإِن كَانَ أحد الزَّوْجَيْنِ مُسلما فَالْوَلَد على
دينه وَكَذَلِكَ إِن أسلم أَحدهمَا وَله ولد صَغِير صَار وَلَده مُسلما
بِإِسْلَامِهِ وَلَو كَانَ أَحدهمَا كتابيا وَالْآخر مجوسيا فَالْوَلَد
كتابي وَإِذا أسلمت الْمَرْأَة وَزوجهَا كَافِر عرض القَاضِي عَلَيْهِ
الْإِسْلَام
(1/65)
فَإِن أسلم فَهِيَ امْرَأَته وَإِن أَبى
فرق بَينهمَا وَكَانَ ذَلِك طَلَاقا عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَإِن
اسْلَمْ الزَّوْج وَتَحْته مَجُوسِيَّة عرض عَلَيْهَا الْإِسْلَام فَإِن
أسلمت فَهِيَ امْرَأَته وَإِن أَبَت فرق القَاضِي بَينهمَا وَلم تكن
الْفرْقَة بَينهمَا طَلَاقا ثمَّ إِذا فرق القَاضِي بَينهمَا بإبائها فلهَا
الْمهْر إِن كَانَ دخل بهَا وَإِن لم يكن دخل بهَا فَلَا مهر لَهَا وَإِذا
أسلمت الْمَرْأَة فِي دَار الْحَرْب وَزوجهَا كَافِر أَو أسلم الْحَرْبِيّ
وَتَحْته مَجُوسِيَّة لم تقع الْفرْقَة عَلَيْهَا حَتَّى تحيض ثَلَاث حيض
ثمَّ تبين من زَوجهَا وَإِذا أسلم زوج الْكِتَابِيَّة فهما على نِكَاحهمَا
وَإِذا خرج أحد الزَّوْجَيْنِ إِلَيْنَا من دَار الْحَرْب مُسلما وَقعت
الْبَيْنُونَة بَينهمَا وَلَو سبي أحد الزَّوْجَيْنِ وَقعت الْبَيْنُونَة
بَينهمَا بِغَيْر طَلَاق وَإِن سبيا مَعًا لم تقع الْبَيْنُونَة وَإِذا
خرجت الْمَرْأَة إِلَيْنَا مهاجرة جَازَ لَهَا أَن تتَزَوَّج وَلَا عدَّة
عَلَيْهَا وَإِن كَانَت حَامِلا لم تتَزَوَّج حَتَّى تضع حملهَا وَإِذا
ارْتَدَّ أحد الزَّوْجَيْنِ عَن الْإِسْلَام وَقعت الْفرْقَة بِغَيْر
طَلَاق ثمَّ إِن كَانَ الزَّوْج هُوَ الْمُرْتَد فلهَا كل الْمهْر إِن دخل
بهَا وَنصف الْمهْر إِن لم يدْخل بهَا وَإِن كَانَت هِيَ الْمُرْتَدَّة
فلهَا كل الْمهْر إِن دخل بهَا وَإِن لم يدْخل بهَا فَلَا مهر لَهَا وَلَا
نَفَقَة وَإِذا ارتدا مَعًا ثمَّ أسلما مَعًا فهما على نِكَاحهمَا
بَاب الْقسم
وَإِذا كَانَ لرجل امْرَأَتَانِ حرتان فَعَلَيهِ أَن يعدل بَينهمَا فِي
الْقسم بكرين كَانَتَا أَو ثيبين أَو إِحْدَاهمَا بكرا وَالْأُخْرَى
ثَيِّبًا وَإِن كَانَت إِحْدَاهمَا حرَّة وَالْأُخْرَى أمة فللحرة
الثُّلُثَانِ من الْقسم وللأمة الثُّلُث وَلَا حق لَهُنَّ فِي الْقسم
حَالَة السفرفيسافر الزَّوْج بِمن شَاءَ مِنْهُنَّ وَالْأولَى أَن يقرع
بَينهُنَّ فيسافر بِمن خرجت قرعتها وَإِن رضيت إِحْدَى الزَّوْجَات بترك
قسمهَا لصاحبتها جَازَ وَلها أَن ترجع فِي ذَلِك = كتاب الرَّضَاع
قَلِيل الرَّضَاع وَكَثِيره سَوَاء إِذا حصل فِي مُدَّة الرَّضَاع تعلق
بِهِ التَّحْرِيم ثمَّ مُدَّة الرَّضَاع ثَلَاثُونَ شهرا عِنْد ابي حنيفَة
وَقَالا سنتَانِ وَإِذا مَضَت مُدَّة الرَّضَاع
(1/66)
لم يتَعَلَّق بِالرّضَاعِ تَحْرِيم وَيحرم
من الرَّضَاع مَا يحرم من النّسَب إِلَّا أم أُخْته من الرَّضَاع فَإِنَّهُ
يجوز أَن يَتَزَوَّجهَا وَلَا يجوز أَن يتَزَوَّج أم أُخْته من النّسَب
وَيجوز أَن يتَزَوَّج أُخْت ابْنه من الرَّضَاع وَلَا يجوز ذَلِك من
النّسَب وَامْرَأَة أَبِيه أَو امْرَأَة ابْنه من الرَّضَاع لَا يجوز أَن
يَتَزَوَّجهَا كَمَا يجوز ذَلِك النّسَب وَابْن الْفَحْل يتَعَلَّق بِهِ
التَّحْرِيم وَهُوَ أَن ترْضع الْمَرْأَة صبية فَتحرم هَذِه الصبية على
زَوجهَا وعَلى آبَائِهِ وأبنائه وَيصير الزَّوْج الَّذِي نزل لَهَا مِنْهُ
اللَّبن أَبَا للمرضعة وَيجوز أَن يتَزَوَّج الرجل بأخت أَخِيه من
الرَّضَاع وكل صبيين اجْتمعَا على ثدي امْرَأَة وَاحِدَة لم يجز لأَحَدهمَا
أَن يتَزَوَّج بِالْأُخْرَى وَلَا يتَزَوَّج الْمُرضعَة أحد من ولد الَّتِي
أرضعت وَلَا ولد وَلَدهَا وَلَا يتَزَوَّج الصَّبِي الْمُرْضع أُخْت زوج
الْمُرضعَة وَإِذا اخْتَلَط اللَّبن بِالْمَاءِ وَاللَّبن هُوَ الْغَالِب
تعلق بِهِ التَّحْرِيم وَإِن غلب المَاء لم يتَعَلَّق بِهِ التَّحْرِيم
وَإِن اخْتَلَط بِالطَّعَامِ لم يتَعَلَّق بِهِ التَّحْرِيم وَإِن اخْتَلَط
بالدواء وَاللَّبن غَالب تعلق بِهِ التَّحْرِيم وَإِذا اخْتَلَط اللَّبن
بِلَبن الشَّاة وَهُوَ الْغَالِب تعلق بِهِ التَّحْرِيم وَإِن غلب لبن
الشَّاة لم يتَعَلَّق بِهِ التَّحْرِيم وَإِذا اخْتَلَط لبن امْرَأتَيْنِ
تعلق التَّحْرِيم بأغلبهما عِنْد أبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد وَزفر
يتَعَلَّق التَّحْرِيم بهما وَإِذا نزل للبكر لبن فأرضعت صَبيا تعلق بِهِ
التَّحْرِيم وَإِذا حلب لبن الْمَرْأَة بعد مَوتهَا فأوجر الصَّبِي تعلق
بِهِ التَّحْرِيم وَإِذا احتقن الصَّبِي بِاللَّبنِ لم يتَعَلَّق بِهِ
التَّحْرِيم وَإِذا نزل للرجل لبن فأرضع بِهِ صَبيا لم يتَعَلَّق بِهِ
التَّحْرِيم وَإِذا شرب صبيان من لبن شَاة لم يتَعَلَّق بِهِ التَّحْرِيم
وَإِذا تزوج الرجل صَغِيرَة وكبيرة فأرضعت الْكَبِيرَة الصَّغِيرَة حرمتا
على الزَّوْج ثمَّ إِن لم يدْخل بالكبيرة فَلَا مهر لَهَا وللصغيرة نصف
الْمهْر وَيرجع بِهِ الزَّوْج على الْكَبِيرَة إِن كَانَت تَعَمّدت بِهِ
الْفساد وَإِن لم تتعمد فَلَا شَيْء عَلَيْهَا وَإِن علمت بِأَن
الصَّغِيرَة امْرَأَته وَلَا تقبل فِي الرَّضَاع شَهَادَة النِّسَاء
منفردات وَإِنَّمَا تثبت بِشَهَادَة رجلَيْنِ أَو رجل وَامْرَأَتَيْنِ
(1/67)
|