متن بداية المبتدي في فقه الإمام أبي حنيفة

= كتاب الْبيُوع
البيع ينْعَقد بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُول إِذا كَانَا بلفظي الْمَاضِي وَإِذا أوجب أحد الْمُتَعَاقدين البيع فالآخر بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ قبل فِي الْمجْلس وَإِن شَاءَ رده وَأيهمَا قَامَ عَن الْمجْلس قبل الْقبُول بَطل الأيجاب والأعواض الْمشَار إِلَيْهَا لَا يحْتَاج إِلَى معرفَة مقدارها فِي جَوَاز البيع والأثمان الْمُطلقَة لَا تصح إِلَّا أَن تكون مَعْرُوفَة الْقدر وَالصّفة وَيجوز البيع بِثمن حَال ومؤجل إِذا كَانَ الْأَجَل مَعْلُوما وَمن أطلق الثّمن فِي البيع كَانَ على غَالب نقد الْبَلَد فَإِن كَانَت النُّقُود مُخْتَلفَة فَالْبيع فَاسد إِلَّا أَن يبين أَحدهمَا وَيجوز بيع الطَّعَام والحبوب مكايلة ومجازفة وَيجوز بِإِنَاء بِعَيْنِه لَا يعرف مِقْدَاره وبوزن حجر بِعَيْنِه لَا يعرف مِقْدَاره وَمن بَاعَ صبرَة طَعَام كل قفيز بدرهم جَازَ البيع فِي قفيز وَاحِد عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله إِلَّا أَن يُسمى جملَة قفزاتها وَقَالا يجوز فِي الْوَجْهَيْنِ وَمن بَاعَ قطيع غنم كل شَاة بدرهم فسد البيع فِي جَمِيعهَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَكَذَلِكَ من بَاعَ ثوبا مذارعة كل ذِرَاع بدرهم وَلم يسم جملَة الذرعان وَكَذَا كل مَعْدُود متفاوت وَعِنْدَهُمَا يجوز فِي الْكل وَعِنْده ينْصَرف إِلَى الْوَاحِد وَمن ابْتَاعَ صبرَة طَعَام على أَنَّهَا مائَة دِرْهَم فَوَجَدَهَا أقل كَانَ الْمُشْتَرى بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ الْمَوْجُود بِحِصَّتِهِ من الثّمن وَإِن شَاءَ فسخ البيع وَإِن وجدهَا أَكثر فَالزِّيَادَة للْبَائِع وَمن اشْترى ثوبا على أَنه عشرَة أَذْرع بِعشْرَة دَرَاهِم أَو أَرضًا على أَنَّهَا مائَة ذِرَاع بِمِائَة دِرْهَم فَوَجَدَهَا أقل فالمشترى بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذهَا بجملة الثّمن وَإِن شَاءَ ترك وَإِن وجدهَا أَكثر من الذِّرَاع الَّذِي سَمَّاهُ

(1/130)


فَهُوَ للْمُشْتَرِي وَلَا خِيَار للْبَائِع وَلَو قَالَ بعتكها على أَنَّهَا مائَة ذِرَاع بِمِائَة دِرْهَم كل ذِرَاع بدرهم فَوَجَدَهَا نَاقِصَة فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذهَا بحصتها من الثّمن وَإِن شَاءَ ترك وَإِن وجدهَا زَائِدَة فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ الْجَمِيع كل ذِرَاع بدرهم وَإِن شَاءَ فسخ البيع وَإِن اشْترى عشرَة أَذْرع من مائَة ذِرَاع من دَار أَو حمام فَالْبيع فَاسد عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا هُوَ جَائِز وَإِن اشْترى عشرَة أسْهم من مائَة سهم جَازَ فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَلَو اشْترى عدلا على أَنه عشرَة أَثوَاب فَإِذا هُوَ تِسْعَة أَو أحد عشر فسد البيع وَلَو بَين لكل ثوب ثمنا جَازَ فِي فصل النُّقْصَان بِقَدرِهِ وَله الْخِيَار وَلم يجز فِي الزِّيَادَة وَلَو اشْترى ثوبا وَاحِدًا على أَنه عشرَة أَذْرع كل ذِرَاع بدرهم فَإِذا هُوَ عشرَة وَنصف أَو تِسْعَة وَنصف قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الْوَجْه الأول يَأْخُذهُ بِعشْرَة من غير خِيَار وَفِي الْوَجْه الثَّانِي يَأْخُذهُ بِتِسْعَة إِن شَاءَ وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحْمَة الله عَلَيْهِ فِي الْوَجْه الأول يَأْخُذهُ بِأحد عشر إِن شَاءَ وَفِي الثَّانِي يَأْخُذهُ بِعشْرَة إِن شَاءَ وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله فِي الأول يَأْخُذهُ بِعشْرَة وَنصف إِن شَاءَ وَفِي الثَّانِي بِتِسْعَة وَنصف وَيُخَير
فصل
وَمن بَاعَ دَارا دخل بناؤها فِي البيع وَإِن لم يسمه وَمن بَاعَ أَرضًا دخل مَا فِيهَا من النّخل وَالشَّجر وَإِن لم يسمه وَلَا يدْخل الزَّرْع فِي بيع الأَرْض إِلَّا بِالتَّسْمِيَةِ وَمن بَاعَ نخلا أَو شَجرا فِيهِ ثَمَر فثمرته للْبَائِع إِلَّا أَن يشْتَرط الْمُبْتَاع وَيُقَال للْبَائِع اقطعها وَسلم الْمَبِيع وَمن بَاعَ ثَمَرَة لم يبد صَلَاحهَا أَو قد بدا جَازَ البيع وعَلى المُشْتَرِي قطعهَا فِي الْحَال وَأَن شَرط تَركهَا على النخيل فسد البيع وَلَا يجوز أَن يَبِيع ويستثني مِنْهَا أرطالا مَعْلُومَة وَيجوز بيع الْحِنْطَة فِي سنبلها والباقلاء فِي قشره وَمن بَاعَ دَارا دخل فِي البيع مَفَاتِيح إغلاقها وَأُجْرَة الكيال وناقد الثّمن على البَائِع وَأُجْرَة وزان الثّمن على المُشْتَرِي وَمن بَاعَ سلْعَة بِثمن قيل للْمُشْتَرِي ادْفَعْ الثّمن أَولا وَمن بَاعَ سلْعَة بسلعة أَو ثمنا بِثمن قيل لَهما سلما مَعًا

(1/131)


بَاب خِيَار الشَّرْط
وَلَهُمَا الْخِيَار ثَلَاثَة أَيَّام فَمَا دونهَا وَلَا يجوز أَكثر مِنْهَا عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا يجوز إِذا سمى مُدَّة مَعْلُومَة إِلَّا أَنه إِذا أجَاز 6 فِي الثَّلَاثَة جَازَ عِنْد أبي حنيفَة وَلَو اشْترى على أَنه إِن لم ينْقد الثّمن إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام فَلَا بيع بَينهمَا جَازَ وَإِلَى أَرْبَعَة أَيَّام لَا يجوز عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد يجوز إِلَى أَرْبَعَة أَيَّام أَو أَكثر فَإِن نقد فِي الثَّلَاث جَازَ فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَخيَار البَائِع يمْنَع خُرُوج الْمَبِيع عَن ملكه فَلَو قَبضه المُشْتَرِي وَهلك فِي يَده فِي مُدَّة الْخِيَار ضمنه بِالْقيمَةِ وَخيَار المُشْتَرِي لَا يمْنَع خُرُوج الْمَبِيع عَن ملك البَائِع إِلَّا أَن المُشْتَرِي لَا يملكهُ عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَقَالا يملكهُ فَإِن هلك فِي يَده هلك بِالثّمن وَكَذَا إِذا دخله عيب وَمن اشْترى امْرَأَته على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام لم يفْسد النِّكَاح وَإِن وَطئهَا لَهُ أَن يردهَا إِلَّا إِذا كَانَت بكرا وَقَالا يفْسد النِّكَاح لِأَنَّهُ ملكهَا وَإِن وَطئهَا يردهَا وَمن شَرط لَهُ الْخِيَار فَلهُ أَن يفْسخ فِي مُدَّة الْخِيَار وَله أَن يُجِيز فَإِن أجَازه بِغَيْر حَضْرَة صَاحبه جَازَ وَإِن فسخ لم يجز إِلَّا أَن يكون الآخر حَاضرا عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف يجوز وَإِذا مَاتَ من لَهُ الْخِيَار بَطل خِيَاره وَلم ينْتَقل إِلَى ورثته وَمن اشْترى شَيْئا وَشرط الْخِيَار لغيره فَأَيّهمَا أجَاز جَازَ للخيار وَأيهمَا نقض انْتقض وَلَو أجَاز أَحدهمَا وَفسخ الآخر يعْتَبر السَّابِق وَمن بَاعَ عَبْدَيْنِ بِأَلف دِرْهَم على أَنه بِالْخِيَارِ فِي أَحدهمَا ثَلَاثَة أَيَّام فَالْبيع فَاسد وَإِن بَاعَ كل وَاحِد منهمابخمسمائة على أَنه بِالْخِيَارِ فِي أَحدهمَا بِعَيْنِه جَازَ البيع وَمن اشْترى ثَوْبَيْنِ على أَن يَأْخُذ أَيهمَا شَاءَ بِعشْرَة وَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَهُوَ جَائِز وَكَذَا الثَّلَاثَة فَإِن كَانَت أَرْبَعَة أَثوَاب فَالْبيع فَاسد وَمن اشْترى دَارا على أَنه بِالْخِيَارِ فبيعت دَار أُخْرَى إِلَى جنبها فَأَخذهَا بِالشُّفْعَة فَهُوَ رضَا وَإِذا اشْترى الرّجلَانِ غُلَاما على أَنَّهُمَا بِالْخِيَارِ فَرضِي أَحدهمَا فَلَيْسَ للْآخر أَن يردهُ وَمن بَاعَ عبدا على أَنه خباز أَو كَاتب وَكَانَ بِخِلَافِهِ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذه بِجَمِيعِ الثّمن وَإِن شَاءَ ترك

(1/132)


بَاب خِيَار الرُّؤْيَة
وَمن اشْترى شَيْئا لم يره فَالْبيع جَائِز وَله الْخِيَار إِذا رَآهُ إِن شَاءَ أَخذه بِجَمِيعِ الثّمن وَإِن شَاءَ رده وَمن بَاعَ مالم يره فَلَا خِيَار لَهُ وَمن نظر إِلَى وَجه الصُّبْرَة أَو إِلَى ظَاهر الثَّوْب مطويا إو إِلَى وَجه الْجَارِيَة أَو إِلَى وَجه الدَّابَّة وكفلها فَلَا خِيَار لَهُ وَإِن رأى صحن الدَّار فَلَا خِيَار لَهُ وَإِن لم يُشَاهد بيوتها وَنظر الْوَكِيل كنظر المُشْتَرِي حَتَّى لَا يردهُ إِلَّا من عيب وَلَا يكون نظر الرَّسُول كنظر المُشْتَرِي وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا هما سَوَاء وَله أَن يردهُ وَبيع الْأَعْمَى وشراؤه جَائِز وَله الْخِيَار إِذا اشْترى ثمَّ يسْقط خِيَاره بجسه الْمَبِيع إِذا كَانَ يعرف بالجس ويشمه إِذا كَانَ يعرف بالشم ويذوقه إِذا كَانَ يعرف بالذوق وَلَا يسْقط خِيَاره فِي الْعقار حَتَّى يُوصف لَهُ وَمن رأى أحد الثَّوْبَيْنِ فاشتراهما ثمَّ رأى الآخر جَازَ لَهُ أَن يردهما وَمن مَاتَ وَله خِيَار الرُّؤْيَة بَطل خِيَاره وَمن رأى شَيْئا ثمَّ اشْتَرَاهُ بعد مُدَّة فَإِن كَانَ على الصّفة الَّتِي رَآهُ فَلَا خِيَار لَهُ وَإِن وجده متغيرا فَلهُ الْخِيَار وَمن اشْترى عدل زطي وَلم يرد فَبَاعَ مِنْهُ ثوبا أَو وهبه وَسلمهُ لم يرد شَيْئا مِنْهَا إِلَّا من عيب وَكَذَلِكَ خِيَار الشَّرْط
بَاب خِيَار الْعَيْب
وَإِذا اطلع المُشْتَرِي على عيب فِي الْمَبِيع فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذه بِجَمِيعِ الثّمن وَإِن شَاءَ رده وَلَيْسَ لَهُ أَن يمسِكهُ وَيَأْخُذ النُّقْصَان وكل مَا أوجب نُقْصَان الثّمن فِي عَادَة التُّجَّار فَهُوَ عيب والأباق وَالْبَوْل فِي الْفراش وَالسَّرِقَة فِي الصَّغِير عيب مالم يبلغ فَإِذا بلغ فَلَيْسَ ذَلِك بِعَيْب حَتَّى يعاوده بعد الْبلُوغ وَالْجُنُون فِي الصغر عيب أبدا والبخر والدفر عيب فِي الْجَارِيَة وَالزِّنَا وَولد الزِّنَا عيب فِي الْجَارِيَة دون الْغُلَام وَالْكفْر عيب فيهمَا فَلَو كَانَت الْجَارِيَة بَالِغَة لَا تحيض أَو هِيَ مُسْتَحَاضَة فَهُوَ عيب وَإِذا حدث عِنْد المُشْتَرِي عيب فَاطلع على عيب كَانَ عِنْد البَائِع فَلهُ أَن يرجع

(1/133)


بِالنُّقْصَانِ وَلَا يرد الْمَبِيع وَمن اشْترى ثوبا فَقَطعه فَوجدَ بِهِ عَيْبا رَجَعَ بِالْعَيْبِ فَإِن قَالَ البَائِع أقبله كَذَلِك كَانَ لَهُ فَإِن بَاعه المُشْتَرِي لم يرجع بِشَيْء فَإِن قطع الثَّوْب وخاطه أَو صبغه أَحْمَر أولت السويق بِسمن ثمَّ اطلع على عيب رَجَعَ بنقصانه وَلَيْسَ للْبَائِع أَن يَأْخُذهُ فَإِن بَاعه المُشْتَرِي بَعْدَمَا رأى الْعَيْب رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ وَمن اشْترى عبدا فَأعْتقهُ أَو مَاتَ عِنْده ثمَّ اطلع على عيب رَجَعَ بنقصانه وَإِن أعْتقهُ على مَال لم يرجع بِشَيْء فَإِن قتل المُشْتَرِي العَبْد أَو كَانَ طَعَاما فَأَكله لم يرجع بِشَيْء عِنْد أبي حنيفَة وَمن اشْترى بيضًا أَو بطيخا أَو قثاء أَو خيارا أَو جوزا فَكَسرهُ فَوَجَدَهُ فَاسِدا فَإِن لم ينْتَفع بِهِ رَجَعَ بِالثّمن كُله وَإِن كَانَ ينْتَفع بِهِ مَعَ فَسَاده لم يردهُ وَيرجع بِنُقْصَان الْعَيْب وَمن بَاعَ عبدا فَبَاعَهُ الْمُشْتَرى ثمَّ رده عَلَيْهِ بِعَيْب فَإِن قبل بِقَضَاء القَاضِي بِإِقْرَار أَو بَيِّنَة أَو بأباء يَمِين لَهُ أَن يردهُ على بَائِعه وَإِن قبل بِغَيْر قَضَاء القَاضِي لَيْسَ لَهُ إِن يردهُ وَفِي الْجَامِع الصَّغِير وَإِن رد عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بِغَيْر قَضَاء بِعَيْب لَا يحدث مثله لم يكن لَهُ أَن يُخَاصم الَّذِي بَاعه وَمن اشْترى عبدا فَقَبضهُ فَادّعى عَيْبا لم يجْبر على دفع الثّمن حَتَّى يحلف البَائِع أَو يُقيم المُشْتَرِي الْبَيِّنَة فَإِن قَالَ المُشْتَرِي شهودي بِالشَّام اسْتحْلف البَائِع وَدفع الثّمن وَمن اشْترى عبدا فَادّعى أباقا لم يحلف البَائِع حَتَّى يُقيم المُشْتَرِي الْبَيِّنَة إِنَّه أبق عِنْده فَإِذا أَقَامَهَا حلف بِاللَّه تَعَالَى لقد بَاعه وَسلمهُ إِلَيْهِ وَمَا أبق عِنْده قطّ وَمن اشْترى جَارِيَة وَتقَابَضَا فَوجدَ بهَا عَيْبا فَقَالَ البَائِع بِعْتُك هَذِه وَأُخْرَى مَعهَا وَقَالَ المُشْتَرِي بعتنيها وَحدهَا فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي وَكَذَا إِذا اتفقَا على مِقْدَار الْمَبِيع وَاخْتلفَا فِي الْمَقْبُوض وَمن اشْترى عَبْدَيْنِ صَفْقَة وَاحِدَة فَقبض أَحدهمَا وَوجد بِالْآخرِ عَيْبا فَإِنَّهُ يأخذهما أَو يدعهما وَمن اشْترى شَيْئا مِمَّا يُكَال أَو يُوزن فَوجدَ بِبَعْضِه عَيْبا رده كُله أَو أَخذه كُله وَلَو اسْتحق بعضه فَلَا خِيَار لَهُ فِي رد مَا بَقِي وَإِن كَانَ ثوبا فَلهُ الْخِيَار وَمن اشْترى جَارِيَة فَوجدَ بهَا قرحا فداواه أَو كَانَت دَابَّة فركبها فِي حَاجته فَهُوَ رضَا وَإِن ركبهَا ليردها على بَائِعهَا أَو ليسقيها أَو ليَشْتَرِي لَهَا علفا

(1/134)


فَلَيْسَ بِرِضا وَمن اشْترى عبدا قد سرق وَلم يعلم بِهِ فَقطع عِنْد المُشْتَرِي لَهُ أَن يردهُ وَيَأْخُذ الثّمن عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَقَالا يرجع بِمَا بَين قِيمَته سَارِقا وَغير سَارِق وَمن بَاعَ عبدا وَشرط الْبَرَاءَة من كل عيب فَلَيْسَ لَهُ أَن يردهُ بِعَيْب وَإِن لم يسم الْعُيُوب بعددها
بَاب البيع الْفَاسِد
وَإِذا كَانَ أحد الْعِوَضَيْنِ أَو كِلَاهُمَا محرما فَالْبيع فَاسد كَالْبيع بالميتة وَالدَّم وَالْخمر وَالْخِنْزِير وَكَذَا إِذا كَانَ غير مَمْلُوك كَالْحرِّ وَبيع أم الْوَلَد وَالْمُدبر وَالْمكَاتب فَاسد وَإِن مَاتَت أم الْوَلَد أَو الْمُدبر فِي يَد المُشْتَرِي فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَقَالا عَلَيْهِ قيمتهمَا وَلَا يجوز بيع السّمك قبل أَن يصاد وَلَا فِي حَظِيرَة إِذا كَانَ لَا يُؤْخَذ إِلَّا بصيد وَلَا بيع الطير فِي الْهَوَاء وَلَا بيع الْحمل وَلَا النِّتَاج وَلَا اللَّبن فِي الضَّرع وَلَا الصُّوف على ظهر الْغنم وجذع فِي سقف وذراع من ثوب ذكرا الْقطع أَو لم يذكراه وضربة القانص وَبيع الْمُزَابَنَة وَهُوَ بيع الثَّمر على النخيل بِتَمْر مجذوذ مثل كَيْله خرصا وَلَا يجوز البيع بإلقاء الْحجر وَالْمُلَامَسَة والمنابذة وَلَا يجوز بيع ثوب من ثَوْبَيْنِ وَلَا يجوز بيع المراعي وَلَا إِجَارَتهَا وَلَا يجوز بيع النَّحْل وَلَا يجوز بيع دود القز عِنْد أبي حنيفَة لِأَنَّهُ من الْهَوَام وَعند أبي سيف يجوز إِذا ظهر فِيهِ القز تبعا لَهُ وَعند مُحَمَّد يجوز كَيْفَمَا كَانَ وَلَا يجوز بيع بَيْضَة عِنْد أبي حنيفَة وَعِنْدَهُمَا يجوز وَلَا يجوز بيع الْآبِق إِلَّا أَن يَبِيعهُ من رجل زعم أَنه عِنْده وَلَا يجوز بيع لبن امْرَأَة فِي قدح وَلَا يجوز بيع شعر الْخِنْزِير وَلَا يجوز بيع شُعُور الْإِنْسَان وَلَا الِانْتِفَاع بهَا وَلَا بيع جُلُود الْميتَة قبل أَن تدبغ وَلَا بَأْس بِبَيْعِهَا وَالِانْتِفَاع بهَا بعد الدّباغ وَلَا بَأْس بِبيع عِظَام الْميتَة وعصبها وصوفها وقرنها وشعرها ووبرها وَالِانْتِفَاع بذلك كُله وَإِذا كَانَ السّفل لرجل وعلوه لآخر فسقطا أَو سقط الْعُلُوّ وَحده فَبَاعَ صَاحب الْعُلُوّ علوه لم يجز وَبيع الطَّرِيق وهبته جَائِز وَبيع مسيل المَاء وهبته بَاطِل وَمن بَاعَ جَارِيَة فَإِذا هُوَ

(1/135)


غُلَام فَلَا بيع بَينهمَا بِخِلَاف مَا إِذا بَاعَ كَبْشًا فَإِذا هُوَ نعجة حَيْثُ ينْعَقد البيع وَيتَخَيَّر وَمن اشْترى جَارِيَة بِأَلف دِرْهَم حَالَة أَو نَسِيئَة فقبضها ثمَّ بَاعهَا من البَائِع بِخَمْسِمِائَة قبل أَن ينْقد الثّمن الأول لَا يجوز البيع الثَّانِي وَمن اشْترى جَارِيَة بِخَمْسِمِائَة ثمَّ بَاعهَا وَأُخْرَى مَعهَا من البَائِع قبل أَن ينْقد الثّمن بِخَمْسِمِائَة فَالْبيع جَائِز فِي الَّتِي لم يشترها من البَائِع وَيبْطل فِي الْأُخْرَى وَمن اشْترى زيتا على أَن يزنه بظرفه فيطرح عَنهُ مَكَان كل ظرف خمسين رطلا فَهُوَ فَاسد وَإِن اشْترى على أَن يطْرَح عَنهُ بِوَزْن الظّرْف جَازَ وَمن اشْترى سمنا فِي زق فَرد الظّرْف وَهُوَ عشرَة أَرْطَال فَقَالَ البَائِع الزق غير هَذَا وَهُوَ خَمْسَة أَرْطَال فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي وَإِذا أَمر الْمُسلم نَصْرَانِيّا بِبيع خمر أَو بشرائها فَفعل ذَلِك جَازَ عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا لَا يجوز على الْمُسلم وَمن بَاعَ عبدا على أَن يعتقهُ المُشْتَرِي أَو يدبره أَو يكاتبه أَو أمة على أَن يستولدها فَالْبيع فَاسد وَكَذَلِكَ لَو بَاعَ عبدا على أَن يستخدمه البَائِع شهرا أَو دَارا على أَن يسكنهَا أَو على أَن يقْرضهُ المُشْتَرِي درهما أَو على أَن يهدي لَهُ هَدِيَّة وَمن بَاعَ عينا على أَن لَا يُسلمهُ إِلَى رَأس الشَّهْر فَالْبيع فَاسد وَمن اشْترى جَارِيَة إِلَّا حملهَا فَالْبيع فَاسد وَمن اشْترى ثوبا على أَن يقطعهُ البَائِع ويخيطه قَمِيصًا أَو قبَاء فَالْبيع فَاسد وَمن اشْترى نعلا على أَن يحذوه البَائِع أَو يشركهُ فَالْبيع فَاسد وَالْبيع إِلَى النيروز والمهرجان وَصَوْم النَّصَارَى وَفطر الْيَهُود إِذا لم يعرف الْمُتَبَايعَانِ ذَلِك فَاسد وَلَا يجوز البيع إِلَى قدوم الْحَاج وَلَو بَاعَ إِلَى هَذِه الْآجَال ثمَّ تَرَاضيا بِإِسْقَاط الْأَجَل قبل أَن يَأْخُذ النَّاس فِي الْحَصاد والدياس وَقبل قدوم الْحَاج جَازَ البيع أَيْضا وَمن جمع بَين حر وَعبد أَو شَاة ذكية وميته بَطل البيع فيهمَا وَإِن جمع بَين عبد ومدبر أَو بَين عَبده وَعبد غَيره صَحَّ البيع فِي العَبْد بِحِصَّتِهِ من الثّمن
فصل فِي أَحْكَامه
وَإِذا قبض المُشْتَرِي الْمَبِيع فِي البيع الْفَاسِد بِأَمْر البَائِع وَفِي العقد عوضان كل وَاحِد مِنْهُمَا مَال ملك الْمَبِيع وَلَزِمتهُ قِيمَته وَلكُل وَاحِد من الْمُتَعَاقدين فَسخه فَإِن

(1/136)


بَاعه المُشْتَرِي نفذ بَيْعه وَمن اشْترى عبدا بِخَمْر أَو خِنْزِير فَقَبضهُ وَأعْتقهُ أَو بَاعه أَو وهبه وَسلمهُ فَهُوَ جَائِز وَعَلِيهِ الْقيمَة وَلَيْسَ للْبَائِع فِي البيع الْفَاسِد أَن يَأْخُذ الْمَبِيع حَتَّى يرد الثّمن وَإِن مَاتَ البَائِع فَالْمُشْتَرِي أَحَق بِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِي الثّمن وَمن بَاعَ دَارا بيعا فَاسِدا فبناها المُشْتَرِي فَعَلَيهِ قيمتهَا وَقَالا ينْقض الْبناء وَترد الدَّار وَمن اشْترى جَارِيَة بيعا فَاسِدا وَتقَابَضَا فَبَاعَهَا وَربح فِيهَا تصدق بِالرِّبْحِ ويطيب للْبَائِع مَا ربح فِي الثّمن وَكَذَا إِذا ادّعى على آخر مَالا فقضاه إِيَّاه ثمَّ تَصَادقا أَنه لم يكن عَلَيْهِ شَيْء وَقد ربح الْمُدَّعِي فِي الدَّرَاهِم يطيب لَهُ الرِّبْح
فصل فِيمَا يكره
وَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن النجش وَعَن السّوم على سوم غَيره وَعَن تلقي الجلب وَعَن بيع الْحَاضِر للبادي وَالْبيع عِنْد أَذَان الْجُمُعَة كل ذَلِك يكره وَلَا يفْسد بِهِ البيع وَلَا بَأْس بِبيع من يزِيد عَن نوع مِنْهُ وَمن ملك مملوكين صغيرين أَحدهمَا ذُو رحم محرم من الآخر لم يفرق بَينهمَا وَكَذَلِكَ إِن كَانَ أَحدهمَا كَبِيرا فَإِن فرق كره لَهُ ذَلِك وَجَاز العقد وَإِن كَانَا كبيرين فَلَا بَأْس بِالتَّفْرِيقِ بَينهمَا
بَاب الْإِقَالَة
الْإِقَالَة جَائِزَة فِي البيع بِمثل الثّمن الأول فَإِن شرطا أَكثر مِنْهُ أَو أقل فَالشَّرْط بَاطِل وَيرد مثل الثّمن الأول وهلاك الثّمن لَا يمْنَع صِحَة الْإِقَالَة وهلاك الْمَبِيع يمْنَع عَنْهَا فَإِن هلك بعض الْمَبِيع جَازَت الْإِقَالَة فِي الْبَاقِي
بَاب الْمُرَابَحَة وَالتَّوْلِيَة
الْمُرَابَحَة نقل مَا ملكه بِالْعقدِ الأول بِالثّمن الأول مَعَ زِيَادَة ربح وَالتَّوْلِيَة نقل مَا ملكه بِالْعقدِ الأول بِالثّمن الأول من غير زِيَادَة ربح وَلَا تصح الْمُرَابَحَة وَالتَّوْلِيَة حَتَّى يكون الْعِوَض مِمَّا لَهُ مثل وَلَو كَانَ المُشْتَرِي بَاعه مُرَابحَة مِمَّن يملك ذَلِك الْبَدَل وَقد بَاعه بِرِبْح دِرْهَم أَو بِشَيْء من الْمكيل مَوْصُوف جَازَ وَإِن بَاعه

(1/137)


بِرِبْح ده يازده لَا يجوز وَيجوز أَن يضيف إِلَى رَأس المَال أُجْرَة الْقصار والطراز والصبغ والفتل وَأُجْرَة حمل الطَّعَام وَيَقُول قَامَ على بِكَذَا وَلَا يَقُول اشْتَرَيْته بِكَذَا فَإِن اطلع المُشْتَرِي على خِيَانَة فِي الْمُرَابَحَة فَهُوَ بِالْخِيَارِ وَإِن اطلع على خِيَانَة فِي التَّوْلِيَة أسقطها من الثّمن وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله يحط فيهمَا وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله يُخَيّر فيهمَا وَمن اشْترى ثوبا وَبَاعه بِرِبْح ثمَّ اشْتَرَاهُ فَإِن بَاعه مُرَابحَة طرح عَنهُ كل ربح كَانَ قبل ذَلِك فَإِن كَانَ استغرق الثّمن لم يَبِعْهُ مُرَابحَة وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَقَالا نبيعه مُرَابحَة على الثّمن الْأَخير وَإِذا اشْترى العَبْد الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة ثوبا بِعشْرَة وَعَلِيهِ دين يُحِيط بِرَقَبَتِهِ فَبَاعَهُ من الْمولى بِخَمْسَة عشر فَإِنَّهُ يَبِيعهُ مُرَابحَة على عشرَة وَكَذَلِكَ إِن كَانَ الْمولى اشْتَرَاهُ فَبَاعَهُ من العَبْد وَإِذا كَانَ مَعَ الْمضَارب عشرَة دَرَاهِم بِالنِّصْفِ فَاشْترى ثوبا بِعشْرَة وَبَاعه من رب المَال بِخَمْسَة عشر فَإِنَّهُ يَبِيعهُ مُرَابحَة بِاثْنَيْ عشر وَنصف وَمن اشْترى جَارِيَة فاعورت أَو وَطئهَا وَهِي ثيب يَبِيعهَا مُرَابحَة وَلَا يبين فإمَّا إِذا فَقَأَ عينهَا بِنَفسِهِ أَو فقأها أَجْنَبِي فَأخذ أَرْشهَا لم يبعها مُرَابحَة حَتَّى يبين وَلَو اشْترى ثوبا فَأَصَابَهُ قرض فأر أَو حرق نَار يَبِيعهُ مُرَابحَة من غير بَيَان وَلَو تكسر بنشره وطيه لَا يَبِيعهُ مُرَابحَة حَتَّى يبين وَمن اشْترى غُلَاما بِأَلف دِرْهَم نَسِيئَة فَبَاعَهُ بِرِبْح مائَة وَلم يبين فَعلم المُشْتَرِي فَإِن شَاءَ رده وَإِن شَاءَ قبل وَإِن اسْتَهْلكهُ ثمَّ علم لزمَه بِأَلف وَمِائَة فَإِن كَانَ ولاه إِيَّاه وَلم يبين رده إِن شَاءَ وَإِن كَانَ اسْتَهْلكهُ ثمَّ علم لزمَه بِأَلف حَالَة وَمن ولى رجلا شَيْئا بِمَا قَامَ عَلَيْهِ وَلم يعلم المُشْتَرِي بكم قَامَ عَلَيْهِ فَالْبيع فَاسد فَإِن أعلمهُ البَائِع فِي الْمجْلس فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذه وَإِن شَاءَ تَركه
فصل
وَمن اشْترى شَيْئا مِمَّا ينْقل ويجول لم يجز لَهُ بَيْعه حَتَّى يقبضهُ وَيجوز بيع الْعقار قبل الْقَبْض عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد لَا يجوز وَمن اشْترى مَكِيلًا مكايلة أَو مَوْزُونا موازنة فاكتاله أَو اتزنه ثمَّ بَاعه مكايلة أَو موازنة لم يجز للْمُشْتَرِي مِنْهُ أَن يَبِيعهُ وَلَا أَن يَأْكُلهُ حَتَّى يُعِيد الْكَيْل وَالْوَزْن

(1/138)


وَالتَّصَرُّف فِي الثّمن قبل الْقَبْض جَائِز وَيجوز للْمُشْتَرِي أَن يزِيد للْبَائِع فِي الثّمن وَيجوز للْبَائِع أَن يزِيد للْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيع وَيجوز أَن يحط عَن الثّمن وَيتَعَلَّق الِاسْتِحْقَاق بِجَمِيعِ ذَلِك وَمن بَاعَ بِثمن حَال ثمَّ أَجله أَََجَلًا مَعْلُوما صَار مُؤَجّلا وكل دين حَال إِذا أَجله صَاحبه صَار مُؤَجّلا إِلَّا الْقَرْض
بَاب الرِّبَا
الرِّبَا محرم فِي كل مَكِيل أَو مَوْزُون إِذا بيع بِجِنْسِهِ مُتَفَاضلا وَإِن تفاضلا لم يجز وَلَا يجوز بيع الْجيد بالرديء مِمَّا فِيهِ الرِّبَا إِلَّا مثلا بِمثل وَيجوز بيع الحفنة بالحفنتين والتفاحة بالتفاحتين وَإِذا عدم الوصفان الْجِنْس وَالْمعْنَى المضموم إِلَيْهِ حل التَّفَاضُل وَالنِّسَاء وكل شَيْء نَص رَسُول الله عَلَيْهِ السَّلَام على تَحْرِيم التَّفَاضُل فِيهِ كَيْلا فَهُوَ مَكِيل أبدا وَإِن ترك النَّاس الْكَيْل فِيهِ مثل الْحِنْطَة وَالشعِير وَالتَّمْر وَالْملح وكل مَا نَص على تَحْرِيم التَّفَاضُل فِيهِ وزنا فَهُوَ مَوْزُون أبدا وَإِن ترك النَّاس الْوَزْن فِيهِ مثل الذَّهَب وَالْفِضَّة ومالم ينص عَلَيْهِ فَهُوَ مَحْمُول على عادات النَّاس وكل مَا ينْسب إِلَى الرطل فَهُوَ وزني وَعقد الصّرْف مَا وَقع على جنس الْأَثْمَان يعْتَبر فِيهِ قبض عوضيه فِي الْمجْلس وَمَا سواهُ مِمَّا فِيهِ الرِّبَا يعْتَبر فِيهِ التَّعْيِين وَلَا يعْتَبر فِيهِ التَّقَابُض وَيجوز بيع الْبَيْضَة بالبيضتين وَالتَّمْرَة بالتمرتين والجوزة بالجوزتين وَيجوز بيع الْفلس بالفلسين بأعيانهما وَلَا يجوز بيع الْحِنْطَة بالدقيق وَلَا بالسويق وَيجوز بيع الدَّقِيق بالدقيق مُتَسَاوِيا كَيْلا وَبيع الدَّقِيق بالسويق لَا يجوز وَيجوز بيع اللَّحْم بِالْحَيَوَانِ وَيجوز بيع الرطب بِالتَّمْرِ مثلا بِمثل عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَكَذَلِكَ الْعِنَب بالزبيب وَلَا يجوز بيع الزَّيْتُون بالزيت والسمسم بالشيرج حَتَّى يكون الزَّيْت والشيرج أَكثر مِمَّا فِي الزَّيْتُون والسمسم فَيكون الدّهن بِمثلِهِ وَالزِّيَادَة بالثجير وَيجوز بيع اللحمان الْمُخْتَلفَة بَعْضهَا بِبَعْض مُتَفَاضلا وَكَذَلِكَ ألبان الْبَقر وَالْغنم وَكَذَا خل الدقل بخل الْعِنَب وَكَذَا شَحم الْبَطن بالإلية أَو بِاللَّحْمِ وَيجوز بيع الْخبز بِالْحِنْطَةِ والدقيق مُتَفَاضلا وَلَا رَبًّا بَين الْمولى وَعَبده وَلَا بَين الْمُسلم وَالْحَرْبِيّ فِي دَار الْحَرْب

(1/139)


بَاب الْحُقُوق
وَمن اشْترى منزلا فَوْقه منزل فَلَيْسَ لَهُ الْأَعْلَى إِلَّا أَن يَشْتَرِيهِ بِكُل حق هُوَ لَهُ أَو بمرافقه أَو بِكُل قَلِيل وَكثير هُوَ فِيهِ أَو مِنْهُ وَمن اشْترى بَيْتا فَوْقه بَيت بِكُل حق هوله لم يكن لَهُ الْأَعْلَى وَمن اشْترى دَارا بحدودها فَلهُ الْعُلُوّ والكنيف وَمن اشْترى بَيْتا فِي دَار أَو منزلا أَو مسكنا لم يكن لَهُ الطَّرِيق إِلَّا أَن يَشْتَرِيهِ بِكُل حق هُوَ لَهُ أَو بمرافقه أَو بِكُل قَلِيل وَكثير وَكَذَا الشّرْب والمسيل
بَاب الِاسْتِحْقَاق
وَمن اشْترى جَارِيَة فَولدت عِنْده فاستحقها رجل بِبَيِّنَة فَإِنَّهُ يَأْخُذهَا وَوَلدهَا وَإِن أقرب بهَا لرجل لم يتبعهَا وَلَدهَا وَمن اشْترى عبدا فَإِذا هُوَ حر وَقد قَالَ العَبْد للْمُشْتَرِي اشترني فَإِنِّي عبد لَهُ فَإِن كَانَ البَائِع حَاضرا أَو غَائِبا غيبَة مَعْرُوفَة لم يكن على العَبْد شَيْء وَإِن كَانَ البَائِع لَا يدْرِي أَيْن هُوَ رَجَعَ المُشْتَرِي على العَبْد وَرجع هُوَ على البَائِع وَإِن ارْتهن عبدا مقرابا بالعبودية فَوَجَدَهُ حرا لم يرجع عَلَيْهِ على كل حَال وَمن ادّعى حَقًا فِي دَار فَصَالحه الَّذِي فِي يَده على مائَة دِرْهَم فاستحقت الدَّار إِلَّا ذِرَاعا مِنْهَا لم يرجع بِشَيْء وَإِن ادَّعَاهَا كلهَا فَصَالحه على مائَة دِرْهَم فَاسْتحقَّ مِنْهَا شَيْء رَجَعَ بِحِسَابِهِ
فصل فِي بيع الْفُضُولِيّ
وَمن بَاعَ ملك غَيره بِغَيْر أمره فالمالك بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أجَاز البيع وَإِن شَاءَ فسخ وَله الْإِجَازَة إِذا كَانَ الْمَعْقُود عَلَيْهِ بَاقِيا والمتعاقدان بحالهما وَمن غصب عبدا فَبَاعَهُ وَأعْتقهُ المُشْتَرِي ثمَّ أجَاز الْمولى البيع فالعتق جَائِز اسْتِحْسَانًا فَإِن قطعت يَد العَبْد فَأخذ إرشها ثمَّ أجَاز الْمولى البيع فالأرض للْمُشْتَرِي وَيتَصَدَّق بِمَا زَاد على نصف الثّمن فَإِن بَاعه المُشْتَرِي من آخر ثمَّ أجَاز المول البيع الأول لم يجز البيع الثَّانِي فَإِن لم يَبِعْهُ المُشْتَرِي فَمَاتَ فِي يَده أَو قتل ثمَّ أجَاز البيع لم يجز وَمن بَاعَ عبد غَيره بِغَيْر أمره وَأقَام المُشْتَرِي الْبَيِّنَة على إِقْرَار البَائِع أَو رب العَبْد أَنه لم يَأْمُرهُ بِالْبيعِ وَأَرَادَ رد

(1/140)


الْمَبِيع لم تقبل بَينته وَإِن أقرّ البَائِع بذلك عِنْد القَاضِي بَطل البيع وَمن بَاعَ دَارا لرجل وأدخلها المُشْتَرِي فِي بنائِهِ لم يضمن البَائِع
بَاب السّلم
السّلم عقد مَشْرُوع وَهُوَ جَائِز فِي المكيلات والموزونات وَكَذَا فِي المزروعات وَلَا يجوز السّلم فِي الْحَيَوَان وَلَا فِي أَطْرَافه كالرؤوس والأكارع وَلَا فِي الْجُلُود عددا وَلَا فِي الْحَطب حزما وَلَا فِي الرّطبَة جرزا وَلَا يجوز السّلم حَتَّى يكون السّلم فِيهِ مَوْجُودا من حِين العقد إِلَى حِين الْمحل حَتَّى لَو كَانَ مُنْقَطِعًا عِنْد العقد مَوْجُودا عِنْد الْمحل أَو على الْعَكْس أَو مُنْقَطِعًا فِيمَا بَين ذَلِك لَا يجوز وَلَو انْقَطع بعد الْمحل فَرب السّلم بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ فسخ السّلم وَإِن شَاءَ انْتظر وجوده وَيجوز السّلم فِي السّمك المالح وزنا مَعْلُوما وَضَربا مَعْلُوما وَلَا يجوز السّلم فِيهِ عددا وَلَا خير فِي السّلم فِي السّمك الطري إِلَّا فِي حِينه وزنا مَعْلُوما وَضَربا مَعْلُوما وَلَا خير فِي السّلم فِي اللَّحْم عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَقَالا إِذا وصف من اللَّحْم موضعا مَعْلُوما بِصفة مَعْلُومَة جَازَ وَلَا يجوز السّلم إِلَّا مُؤَجّلا وَلَا يجوز إِلَّا بِأَجل مَعْلُوم وَلَا يجوز السّلم بِمِكْيَال رجل بِعَيْنِه وَلَا بِذِرَاع رجل بِعَيْنِه وَلَا فِي طَعَام قَرْيَة بِعَينهَا وَلَا يَصح السّلم عِنْد أبي حنيفَة إِلَّا بِسبع شَرَائِط جنس مَعْلُوم وَنَوع مَعْلُوم وَصفَة مَعْلُومَة وَمِقْدَار مَعْلُوم وَأجل مَعْلُوم وَمَعْرِفَة مِقْدَار رَأس المَال إِذا كَانَ يتَعَلَّق العقد على مِقْدَاره وَتَسْمِيَة الْمَكَان الَّذِي يُوفيه فِيهِ إِذا كَانَ لَهُ حمل ومؤونة ومالم يكن لَهُ حمل ومؤونة لَا يحْتَاج فِيهِ إِلَى بَيَان مَكَان الْإِيفَاء بِالْإِجْمَاع ويوفيه فِي الْمَكَان الَّذِي أسلم فِيهِ وَلَا يَصح السّلم حَتَّى يقبض راس المَال قبل أَن يُفَارِقهُ فِيهِ وَجلة الشُّرُوط جمعوها فِي قَوْلهم إِعْلَام رَأس المَال وتعجيله وإعلام الْمُسلم فِيهِ وتأجيله وَبَيَان مَكَان الْإِيفَاء وَالْقُدْرَة على تَحْصِيله فَإِن أسلم مِائَتي دِرْهَم فِي كرّ حِنْطَة مائَة مِنْهَا دين على الْمُسلم إِلَيْهِ وَمِائَة نقد فالسلم فِي حِصَّة الدّين بَاطِل وَيجوز فِي حِصَّة النَّقْد وَلَا يجوز التَّصَرُّف فِي مَال السّلم وَالْمُسلم فِيهِ قبل الْقَبْض وَلَا تجوز الشّركَة

(1/141)


وَالتَّوْلِيَة فِي الْمُسلم فِيهِ فَإِن تقابلا السّلم لم يكن لَهُ أَن يشترى من الْمُسلم إِلَيْهِ بِرَأْس المَال شَيْئا حَتَّى يقبضهُ كُله وَمن أسلم فِي كرّ حِنْطَة فَلَمَّا حل الْأَجَل اشْترى الْمُسلم إِلَيْهِ من رجل كرا وَأمر رب السّلم بِقَبْضِهِ قَضَاء لم يكن قَضَاء وَإِن أمره أَن يقبضهُ لَهُ ثمَّ يقبضهُ لنَفسِهِ فاكتاله ثمَّ اكتاله لنَفسِهِ جَازَ وَمن أسلم فِي كرّ فَأمر رب السّلم أَن يكيله الْمُسلم إِلَيْهِ فِي غَرَائِر رب السّلم فَفعل وَهُوَ غَائِب لم يكن قَضَاء وَمن أسلم جَارِيَة فِي كرّ حِنْطَة وَقَبضهَا الْمُسلم إِلَيْهِ ثمَّ تَقَايلا فَمَاتَتْ فِي يَد المُشْتَرِي فَعَلَيهِ قيمتهَا يَوْم قبضهَا وَلَو تَقَايلا بعد هَلَاك الْجَارِيَة جَازَ وَلَو اشْترى جَارِيَة بِأَلف دِرْهَم ثمَّ تَقَايلا فَمَاتَتْ فِي يَد المُشْتَرِي بطلت الْإِقَالَة وَلَو تَقَايلا بعد مَوتهَا فالإقالة بَاطِلَة وَمن أسلم إِلَى رجل دَرَاهِم فِي كرّ حِنْطَة فَقَالَ الْمُسلم إِلَيْهِ شرطت رديئا وَقَالَ رب السّلم لم تشْتَرط شَيْئا فَالْقَوْل قَول الْمُسلم إِلَيْهِ وَلَو قَالَ الْمُسلم إِلَيْهِ لم يكن لَهُ أجل وَقَالَ رب السّلم بل كَانَ لَهُ أجل فَالْقَوْل قَول رب السّلم وَيجوز السّلم فِي الثِّيَاب إِذا بَين طولا وعرضا ورقعة وَلَا يجوز السّلم فِي الْجَوَاهِر وَلَا فِي الخرز وَلَا بَأْس بالسلم فِي اللَّبن والآجر إِذا سمى ملبنا مَعْلُوما وكل مَا أمكن ضبط صفته وَمَعْرِفَة مِقْدَاره جَازَ السّلم فِيهِ ومالا يضْبط صفته وَلَا يعلم مِقْدَاره لَا يجوز السّلم فِيهِ وَلَا بَأْس بالسلم فِي طست أَو قمقمة أَو خُفَّيْنِ أَو نَحْو ذَلِك إِذا كَانَ يعرف وَإِن كَانَ لَا يعرف فَلَا خير فِيهِ وَإِن استصنع شَيْئا من ذَلِك بِغَيْر أجل جَازَ اسْتِحْسَانًا وَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذا رَآهُ إِن شَاءَ أَخذه وَإِن شَاءَ تَركه
مسَائِل منثورة
وَيجوز بيع الْكَلْب والفهد وَالسِّبَاع الْمعلم وَغير الْمعلم فِي ذَلِك سَوَاء ولايجوز بيع الْخمر وَالْخِنْزِير وَأهل الذِّمَّة فِي الْبياعَات كالمسلمين إِلَّا فِي الْخمر وَالْخِنْزِير خَاصَّة وَمن قَالَ لغيره بِعْ عَبدك من فلَان بِأَلف دِرْهَم على أَنِّي ضَامِن ضَامِن لَك خَمْسمِائَة من الثّمن سوى الْألف فَفعل فَهُوَ جَائِز وَيَأْخُذ الْألف من المُشْتَرِي والخمسمائة من الضَّامِن وَإِن

(1/142)


كَانَ لم يقل من الثّمن جَازَ البيع بِأَلف دِرْهَم وَلَا شيءعلى الضمين وَمن اشْترى جَارِيَة وَلم يقبضهَا حَتَّى زَوجهَا فَوَطِئَهَا الزَّوْج فَالنِّكَاح جَائِز وَهَذَا قبض وَإِن لم يَطَأهَا فَلَيْسَ تفيض وَمن اشْترى عبدا فَغَاب وَالْعَبْد فِي يَد البَائِع وَأقَام البَائِع الْبَيِّنَة أَنه بَاعه إِيَّاه فَإِن كَانَت غيبته مَعْرُوفَة لم يبع فِي دين البَائِع وَإِن لم يدر أَيْن هُوَ بيع العَبْد وأوفى الثّمن فَإِن كَانَ الْمُشْتَرى اثْنَيْنِ فَغَاب أَحدهمَا فللحاضر أَن يدْفع الثّمن كُله ويقبضه وَإِذا حضر الآخر لم يَأْخُذ نصِيبه حَتَّى ينْقد شَرِيكه الثّمن كُله وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله إِذا دفع الْحَاضِر الثّمن كُله لم يقبض إِلَّا نصِيبه وَكَانَ مُتَطَوعا بِمَا أدّى عَن صَاحبه وَمن اشْترى جَارِيَة بِأَلف مِثْقَال ذهب وَفِضة فهما نِصْفَانِ وَمن لَهُ على آخر عشرَة دَرَاهِم جِيَاد فقضاه زُيُوفًا وَهُوَ لَا يعلم فأنفقها أَو هَلَكت فَهُوَ قَضَاء عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله يرد مثل زيوفه وَيرجع بدراهمه وَإِذا أفرخ طير فِي أَرض رجل فَهُوَ لمن أَخذه وَكَذَا إِذا تكنس فِيهَا ظَبْي