حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح

ص -713-     كتاب الزكاة
هي تمليك مال مخصوص لشخص مخصوص فرضت على حر مسلم مكلف مالك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب الزكاة
فرضت في السنة الثانية من الهجرة كالصوم قبل فرضه وهي واجبة على الفور وعليه الفتوى فيأثم بتأخيرها بلا عذر وترد شهادته والأنبياء لا تجب عليهم الزكاة لأنهم لا ملك لهم مع الله إنما كانوا يشهدون أن ما في أيديهم ودائع يبذلونه في أوان بذله ويمنعونه عن غير محله ولأن الزكاة إنما هي طهرة لمن عساه أن يتدنس والأنبياء مبرؤن من الدنس لعصمتهم ذكره السيد وهي طهرة لصاحبها من الذنوب قال الله تعالى:
{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103] ولها معان أخر وهي البركة يقال زكت النفقة إذا بورك فيها والمدح يقال زكى نفسه إذا مدحها والثناء الجميل يقال زكي الشاهد إذا أثنى عليه وتسمى صدقة لدلالتها على صدق العبد في العبودية منح ورأى صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به قوما يسرحون كالإبل على أقبالهم رقاع وعلى أدبارهم رقاع يسرحون كما تسرح الإبل يأكون الضريع وهو الشجر ذو الشوك والزقوم قيل إنه لا يوجد في الدنيا وقيل شجر يوجد بتهامة نتن الريح ورضف جهنم أي حجارتها المحماة والحجارة فسأل جبريل عنهم فقال هؤلاء الذين لا يؤدون زكاة أموالهم وقال الأجهوري قيل ورد أن على مانع الزكاة سبعين لعنة وعلى اليهود واحدة وعلى النصارى واحدة وفي معراج القليوبي ورد في الحديث الحسن أنه ينزل من السماء كل يوم وليلة اثنتان وسبعون لعنة منها إحدى وسبعون على مانع الزكاة وواحدة على اليهود ورواية عكس هذا خطأ وإذا مات صاحب المال الذي لا يؤدي زكاته استمرت الملائكة تكتب عليه هذه اللعنات إلى يوم القيامة وإن وقع في يد من يزكيه وإنما جوزوا بهذا الطعام وهذا الملبس لأنهم منعوا المال وصرفوه في المطاعم الطيبة لتحسين بواطنهم والملابس الطيبة لتحسين ظواهرهم فجوزوا بضد ما فعلوا نقله بعض المشايخ قوله: "هي

 

ص -714-     لنصاب من نقد ولو تبرا أو حلييا أو آنية أو ما يساوي قيمته من عروض تجارة فارغ عن الدين وعن حاجته الأصلية ولو تقديرا. وشرط وجوب أدائها حولان الحول على النصاب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تمليك مال" هو ما عليه المحققون من أهل الأصول لأنها وصفت بالوجوب الذي هو من صفات الأفعال وموضوع علم الفقه فعل المكلف حموي وإطلاقه على القدر المخرج مجاز شرعي وقوله تعالى:
{وَآتَوُا الزَّكَاةَ} [الحج: 41] أو المراد إخراجها من العدم إلى الوجود كما في أقيموا الصلاة وفي حاشية السيد الإيتاء أي الذي هو التمليك معنى مصدري والفرق بينه وبين الحاصل بالمصدر أن المعنى المصدري هو الإيقاع والمعنى الحاصل بالمصدر هو الهيئة الموقعة ا هـ وأخرج بالتمليك الإباحة فلا تكفي فيها فلو أطعم يتيما ناويا به الزكاة لا تجزيه إلا إذا دفع إليه المطعوم كما لو كساه بشرط أن يعقل القبض در والمال ما يتمول أو يدخر للحاجة وهو خاص بالأعيان وخرج بالمال المنفعة فلو أسكن فقيرا داره سنة ناويا للزكاة لا يجزيه در قوله: "مخصوص" وهو ربع عشر النصاب أو ما يقوم مقامه من صدقات السوائم قوله: "لشخص مخصوص" هو أن يكون فقيرا ونحوه من بقية المصارف غيرها شمي ولا مولاه بشرط قطع المنفعة عن المملك من كل وجه لله تعالى قوله: "على حر" خرج العبد ونحوه قوله: "مسلم" خرج الكافر ولو مرتدا بناء على أنه غير مخاطب بفروع الشريعة فلو أسلم المرتد لا يخاطب بشيء من العبادات أيام ردته ولو ارتد بعد وجوبها سقطت بحر قوله: "مكلف" أي بالغ عاقل فلا زكاة على صبي وقال المؤلف في الحاشية لا زكاة على المجنون إذا جن السنة كلها فإذا أفاق بعض الحول اختلفوا فيه والصحيح عند الإمام اشتراط الإفاقة أول السنة لإنعقاد الحول وآخرها ليخاطب بالأداء وتمامه فيها قوله: "مالك لنصاب" دخل فيه ما ملكه بسبب خبيث كمغصوب خلطه إلا إذا كان له غيره منفصل عنه يوفي دينه در ولا بد أن يكون الملك تاما فخرج ما ملكه المكاتب قوله: "أو حليا" وهو ما يتحلى به من الذهب والفضة سواء كان مباح الاستعمال أولا ولو خاتم الفضة للرجل وسوار اليد للمرأة أفاده صاحب الدرر وفي الدر أفاد وجوب الزكاة في النقدين ولو كانا للتجمل أو للنفقة قال لأنهما خلقا أثمانا فيزكيهما كيف كانا قوله: "أو ما يساوي قيمته" الأولى أو ما يساويه قيمة والضمير يرجع إلى النصاب لأن النصاب يقوم به ولا يتقوم قوله: "فارغ عن الذين" أي الذي له مطالب من جهة العباد سواء كان لله كزكاة وخراج أو للعبد ولو كفالة أو مؤجلا ولو صداق زوجته المؤجل بخلاف دين نذر وكفالة لعدم المطالب وعروض الدين كالهلاك عند محمد ورجحه في البحر قوله: "وعن حاجته الأصلية" كثيابه المحتاج إليها لدفع الحر والبرد وكالنفقة ودور السكنى وآلات الحرب والحرفة وأساس المنزل ودواب الركوب وكتب العلم لأهلها فإذا كان عنده دراهم أعدها لهذه الأشياء وحال عليها الحول لا تجب فيها الزكاة وكتب العلم لغير أهلها ليست

 

ص -715-     الأصلي وأما المستفاد في أثناء الحول فيضم إلى مجانسه ويزكي بتمام الحول الأصلي سواء استفيد بتجارة أو ميراث أو غيره ولو جعل ذو نصاب لسنين صح وشرط صحة أدائها نية مقارنة لأدائها للفقير أو وكيله أو لعزل ما وجب ولو مقارنة حكمية كما لو دفع بلا نية ثم نوى والمال قائم بيد الفقير ولا يشترط علم الفقير أنها زكاة على الأصح حتى لو أعطاه شيئا وسماه هبة أو قرضا ونوى به الزكاة صحت ولو تصدق بجميع ماله ولم ينو الزكاة سقط عنه فرضها. وزكاة الدين على أقسام فإنه قوي ووسط وضعيف فالقوي وهو بدل القرض ومال التجارة إذا قبضه وكان على مقر ولو مفلسا أو على جاحد عليه بينة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الحوائج الأصلية وإن كانت الزكاة لا تجب على صاحبها بدون نية التجارة بحر بتصرف وقوله وكالنفقة لا زكاة فيها ولو حال عليها الحول قال فيه وهو مخالف لما في المعراج والبدائع أن الزكاة تجب في النقد كيف أمسكه للنفقة أو للنماء ا هـ قوله: "نام ولو تقديرا" والنماء الحقيقي يكون بالتوالد والتناسل والتجارات والتقديري يكون بالتمكن من الاستنماء بأن يكون في يده أو يد نائبه در قوله: "وشرط وجوب أدائها" أي افتراضها قوله: "حولان الحول" وهو في ملكه أي وثمنية المال كالدراهم والدنانير أو السوم أو نية التجارة في العروض قوله: "إلى مجانسه" النقدان في الزكاة جنس واحد فما استفاده من أحدهما يضم إلى ما عنده منهما وما استفاده من السائمة يضم إليها لا إليهما قوله: "أو غيره" كهبة ووصية قوله: "ولو عجل ذو نصاب لسنين صح" صورته له ثلثمائة درهم دفع منها مائة عن المائتين لعشرين سنة جاز بشرط أن يكون عنده النصاب الذي عجل عنه كما في الصورة فلو كان في ملكه أقل منه فعجل خمسة عن مائتين وتم الحول والنصاب تام لا يجوز وأن لا ينقطع جميع النصاب أثناء الحول وأن يكون النصاب كاملا في آخر الحول وتمامه في كتابة الدر فلو عجل الفقير فأيسر قبل تمام الحول أو مات أو ارتد أجزأه لأن المعتبر كونه مصرفا وقت الصرف إليه لا بعده در قوله: "أو وكيله" أي وكيل المزكي فيصح ولو دفع الوكيل بلا نية أو دفعها الذمي ليدفعها للفقراء جاز لأن المعتبر نية الأمر در قوله: "أو لعزل ما وجب" كله أو بعضه ولا يخرج عن العهدة بالعزل بل بالأداء للفقراء در إلا أنه لا تشترط النية عند الدفع شرح قوله: "كما لو دفع بلا نية" ولو وضعها على كفه فانتهبها الفقراء جاز قوله: "والمال قائم" أي غير مستهلك وظاهره وإن لم يكن الفقير حاضرا بالمجلس قوله: "ولا يشترط علم الفقير أنها زكاة" ولو دفعها إلى صبيان أقربائه برسم عيد أو إلى مبشر أو مهدي الباكورة جاز إلا إذا نص على التفويض ولو دفعها المعلم إلى خليفته إن كان بحيث يعمل له لو لم يعطه صح وإلا لا در قوله: "ولم ينو الزكاة" ولا نذرا ولا واجبا آخر فإذا نواهما يضمن الزكاة ولو تصدق ببعضه لم تسقط حصته عند الثاني خلافا للثالث واعلم أن أداء الدين عن المال الذي عنده لا يصح والحيلة أن يعطي المديون زكاته ثم يأخذها عن دينه ولو امتنع المديون مد

 

ص -716-     زكاة لما مضى ويتراخى وجوب الأداء إلى أن يقبض أربعين درهما ففيها درهم لأن ما دون الخمس من النصاب عفو لا زكاة فيه وكذا فيما زاد بحسابه والوسط وهو بدل ما ليس للتجارة كثمن ثياب البذلة وعبد الخدمة ودار السكنى لا تجب فيه الزكاة فيه ما لم يقبض نصابا ويعتبر لما مضى من الحول من وقت لزومه لذمة المشتري في صحيح الرواية. والضعيف وهو بدل ما ليس بمال كالمهر والوصية وبدل الخلع والصلح عن دم العمد والدية وبدل الكتابة والسعاية لا تجب فيه الزكاة ما لم يقبض نصابا ويحول عليه الحول بعد القبض وهذا عند الإمام وأوجبا عن المقبوض من الديون الثلاثة بحسابه مطلقا. وإذا قبض مال الضمان لا تجب زكاة السنين الماضية وهو كآبق ومفقود ومغصوب ليس عليه بينة ومال ساقط في البحر ومدفون في مفازة أو دار عظيمة وقد نسي مكانه ومأخوذ مصادرة ومودع عند من لا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يده وأخذها لكونه لا ظفر بجنس حقه فإن مانعه رفعه للقاضي قوله: "أو على جاحد عليه بينة" تبع فيه العيني وفي النهر عن الخانية والتحفة صحح قول محمد بعدم الوجوب فيه لأن كل بينة لا تقبل ولا كل قاض يعدل قوله: "ففيها درهم" هذا إنما يظهر إذا كان الماضي عاما واحدا قوله: "لأن ما دون الخ" علة لقوله ويتراخى وجوب الأداء إلى أن يقبض أربعين درهما قوله: "وكذا فيما زاد بحسابه" ظاهره ولو دون أربعين والمذكور في زكاة المال أنه في كل خمس بحسابه وما بين الخمس إلى الخمس عفو وقالا ما زاد بحسابه فيحمل كلامه على الخمس قوله: "كثمن ثياب البذلة" أي إذا باع ثياب بذلته وصار ثمنها دينا في ذمة المشتري حتى حال عليه الحول فالحكم ما ذكره ومثله يقال فيما بعده قوله: "والوصية" إذا تأخرت عند الوارث مثلا عاما قوله: "وبدل الخلع" إذا تأخر عند الزوجة عاما قوله: "والصلح عن دم العمد" إذا تأخر بدله عند القاتل عاما مثلا قوله: "والدية" إذا تأخرت عند العاقلة أو القاتل عاما مثلا ثم قبضها ولي الدم قوله: "والسعاية" كما إذا أعتق بعضه واستسعاه في البعض الآخر وتأخر بدل السعاية عند العبد عاما مثلا ثم قبضه قوله: "لا تجب فيه الزكاة ما لم يقبض نصابا ويحول عليه الحول بعد القبض" أي إلا إذا كان عنده ما يضم إلى الضعيف در قوله: "مطلقا" قليلا أو كثيرا إلا دين الكتابة والسعاية والدية في رواية بحر قوله: "وإذا قبض مال الضمار" هو مال تعذر الوصول إليه مع قيام الملك درر قوله: "كا ومفقود" أي وهما من عبيد التجارة قوله: "ومغصوب ليس عليه بينة" فلو له بينة تجب لما مضى در قال في تحفة الأخيار وينبغي أن يجري هنا ما يأتي مصححا عن محمد من أنه لا زكاة فيه لأن البينة قد لا تقبل فيه ا هـ قوله: "ومدفون في مفازة" أما المدفون في حرز سواء كان داره أم دار غيره فتجب لإمكان التوصل إليه بالحفر كذا في سكب الأنره قوله: "وقد نسي مكانه" أي ثم تذكره ويقال نظير ذلك في كل مقام بما يناسبه قوله: "مأخوذ مصادرة" أي ظلما بأن يأمره الظالم بإتيان ماله أي ثم يدفعه إليه قوله: "عند من لا يعرفه" أما

 

ص -717-     يعرفه ودين لا بينة عليه ولا يجزئ عن الزكاة دين أبرئ عنه فقير بنيتها وصح دفع عرض ومكيل وموزون عن زكاة النقدين بالقيمة وإن أدى من عين النقدين فالمعتبر وزنهما أداء كما اعتبر وجوبا وتضم قيمة العروض إلى الثمنين والذهب إلى الفضة قيمة ونقصان النصاب في الحول لا يضر إن كمل في طرفيه فإن تملك عرضا بنية التجارة وهو لا يساوي نصابا وليس له غيره ثم بلغت قيمته نصابا في آخر الحول لا تجب زكاته لذلك الحول. ونصاب الذهب عشرون مثقالا ونصاب الفضة مائتا درهم من الدراهم التي كل عشرة منها وزن سبعة مثاقيل وما زاد على نصاب وبلغ خمسا زكاة بحسابه وما غلب على الغش فكالخالص
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن كانت عند معارفه وجبت الزكاة لتفريطه بالنسيان في غير محله بحر قوله: "لا بينة عليه" بل ولو كان عليه بينة لأنها قد لا تقبل قوله: "ولا يجزي عن الزكاة دين" تقدم ذكر الحيلة في ذلك قوله: "وموزون" أي غير النقدين قوله: "فالمعتبر وزنهما أداء" أي وقت الأداء أي يعتبر الوزن في الواجب المؤدي عندهما وقال زفر تعتبر القيمة وقال محمد يعتبر الأنفع للفقراء حتى لو أدى خمسة زيوفا عن خمسة جياد قيمتها أربعة جياد جاز عندهما خلافا لمحمد وزفر ولو أدى أربعة جيادا قيمتها خمسة رديئة عن خمسة رديئة لا يجوز إلا عند زفر وتمامه في كتابة الدر قوله: "وتضم قيمة العروض إلى الثمنين" لأن الكل للتجارة وضعا وجعلا در قوله: "قيمة" عند الإمام عندهما بالأجزاء فلو له مائة درهم وعشرة دنانير قيمتها مائة وأربعون تجب ستة عنده وخمسة عندهما در قوله: "إن كمل في طرفيه" يشترط كماله في الابتداء للانعقاد وفي الانتهاء للوجوب ولو هلك كله بطل الحول وأما الدين فلا يقطع ولو مستغرقا در قوله: "لا تجب زكاته" لعدم كماله أول الحول قوله: "ونصاب الذهب الخ" الذهب هو الحجر الأصفر الرزين مضروبا كان أو غيره وإنما سمي به لكونه ذاهبا بلا بقاء قهستاني والمناسب تقديم الكلام على الفضة اقتداء بكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنها أكثر تداولا ورواجا ألا ترى أن المهر ونصاب السرقة وقيم المستهلكات تقدر بها واعلم أن الدرهم الشرعي أربعة عشر قيراطا والدرهم المتعارف ستة عشر قيراطا وأن زنة الريال بالدراهم المتعارفة تسعة دراهم وقيراط واحد فتكون زنة الريال بالدراهم المتعارفة مائة وخمسة وأربعين قيراطا ويكون مقدار النصاب من الريال تسعة عشر ريالا وثلاثة دراهم متعارفة إلا ثلاثة قراريط وزنة كل واحد من البندقي والفندقلي والزنجرلي ثمانية عشر قيراطا فمقدار النصاب منها اثنان وعشرون دينارا وتسعا دينار وزنة المحبوب أربعة عشر قيراطا فيكون النصاب منها ثمانية وعشرين دينارا ونصف دينار ونصف سبع دينار هذا هو المشهور وقيل تعتبر في كل بلدة دراهمهم وأفتى بذلك جماعة من المتأخرين قال في الفتح وهو الحق فعلى هذا يكون النصاب من الدراهم المتعارفة مائتي درهم وعلى الأول مائة وخمسة وسبعين منها كذا حرره بعض المشايخ قوله: "التي كل عشرة منها وزن سبعة مثاقيل" اعلم أن الدراهم كانت في عهد

 

ص -718-     من النقدين ولا زكاة في الجواهر واللآلئ إلا أن يتملكها بنية التجارة كسائر العروض ولو تم الحول على مكيل أو موزون فغلا سعره أو رخص فأدى من عينه ربع عشره أجزأه وإن أدى من قيمته تعتبر قيمته يوم الوجوب وهو تمام الحول عند الإمام وقالا يوم الأداء لمصرفها ولا يضمن الزكاة مفرط غير متلف فهلاك المال بعد الحول يسقط الواجب وهلاك البعض حصته ويصرف الهالك إلى العفو فإن لم يجاوزه فالواجب على حاله ولا تؤخذ الزكاة جبرا ولا من تركته إلا أن يوصي بها فتكون من ثلثه ويجيز أبو يوسف الحيلة لدفع وجوب الزكاة وكرهها محمد رحمهما الله تعالى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عمر رضي الله عنه مختلفة فمنها عشرة دراهم على وزن عشرة مثاقيل وعشرة على ستة مثاقيل وعشرة على خمسة مثاقيل فأخذ عمر رضي الله عنه من كل نوع ثلثا كي لا تظهر الخصومة في الأخذ والعطاء فثلث عشرة ثلاثة وثلث وثلث ستة اثنان وثلث الخمسة درهم وثلثان فالمجموع سبعة وإن شئت فاجمع المجموع فيكون إحدى وعشرين فثلث المجموع سبعة ولذا كانت الدراهم العشرة وزن سبعة وهذا يجري في الزكاة ونصاب السرقة والمهر وتقدير الديات ا هـ منح قوله: "وما غلب على الغش فكالخالص" لأن الدراهم لا تخلو عن قليل غش لأنها لا تطبع إلا به فجعلنا الغلبة فاصلة نهر ومثلها الذهب وأما ما غلب غشه إن كان ثمنا رائجا اعتبرت قيمته فإن بلغت نصابا وجبت زكاته وإلا لا وإن لم يكن ثمنا رائجا كان في حكم العروض وإن نوى التجارة فيه وإن لم ينوها اعتبر ما يخلص منه فإن بلغ ما يخلص نصابا وجبت وإلا لا هكذا يستفاد من الزيلعي والعيني والنهر وتمام بيانه في كتابة الدر واختلف في الغش المساوي والمختار لزومها احتياطا در قوله: "ولا زكاة في الجواهر واللآلىء" قال في الدر الأصل أن ما عدا الحجرين والسوائم إنما يزكي بنية التجارة عند العقد فلو نوى التجارة بعد العقد أوا شترى شيئا للقنية ناويا أنه إن وجد ربحا باعه لا زكاة عليه ا هـ ملخصا قوله: "على مكيل أو موزون" أي للتجارة قوله: "ورخص" هو ككرم والرخص بالضم ضد الغلاء وبالفتح الشيء الناعم قوله: "غير متلف" لو أتلفه فإنه يضمن لوجود التعدي واستبدال مال التجارة بمال التجارة يعد هلا كلو بغير مال التجارة استهلاكا أفاده في الدر من باب زكاة الغنم قوله: "يسقط الواجب" لتعلقه بالعين لا بالذمة قوله: "وهلاك البعض حصته" أي ويسقط هلاك البعض حصة المالك قوله: "ولا من تركته" أي لعدم النية قوله: "فتكون من ثلثه" إلا أن تجيز الورثة فمن الكل ويعتبر حولها بالأهلة فهو قمري لا شمسي قوله: "ويجيز أبو يوسف الحيلة الخ" قال في البحر إعلم أنه لو وهب النصاب في خلال الحول ثم تم الحول وهو عند الموهوب له ثم رجع للواهب بعد الحول بقضاء أو بغيره فلا زكاة على واحد منهما كما في الخانية وهي من حيل إسقاط الزكاة قبل الوجوب وفي المعراج ولو باع السوائم قبل تمام الحول بيوم فرارا عن الوجوب قال محمد يكره وقال

 

ص -719-     ....................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أبو يوسف لا يكره وهو الأصح ولو باعها للنفقة لا يكره بالإجماع ولو احتال لإسقاط الواجب يكره بالإجماع ولو فر من الوجوب بخلا لا تأثما يكره بالإجماع والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم.

"باب المصرف
هو الفقير وهو: من يملك مالا يبلغ نصابا ولا قيمته من أي مال كان ولو صحيحا مكتسبا والمسكين وهو: من لا شيء له والمكاتب والمديون الذي لا يملك نصابا ولا قيمته فاضلا عن دينه وفي سبيل الله وهو منقطع الغزاة أو الحاج وابن السبيل وهو: من له
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
باب المصرف
هو في اللغة المعدل قال الله تعالى:
{وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفاً} أي معدلا بحر عن ضياء الحلوم وعرفه القهستاني اصطلاحا بقوله هو مسلم يصح في الشريعة صرف الصدقة إليه فالمصرف اسم مكان ا هـ قوله: "وهو من يملك ما لا يبلغ نصابا" أو يملكه وهو مستغرق في حاجته فمن تحقق فيه هذا أو هذا فهو فقير ومن له دين مؤجل على إنسان إذا احتاج إلى النفقة يجوز له أن يأخذ من الزكاة قدر كفايته إلى حلول الأجل وإن كان الدين غير مؤجل فإن كان من عليه الدين معسرا يجوز له أخذ الزكاة في أصح الأقاويل لأنه بمنزلة ابن السبيل وإن كان المديون موسرا معترفا لا يحل له أخذ الزكاة قوله: "ولو صحيحا مكتسبا" الأولى عدم أخذ لمن له سداد من عسر كذا في البدائع قوله: "والمسكين" من الكون فكأنه ساكن من الجهد غير متحرك وهو مفعيل يستوي فيه المذكر والمؤنث وقد يقال مسكينه ا هـ فهستاني قوله: "وهو من لا شيء له" أي على المذهب لقوله تعالى: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ} وآية السفينة للترحم در وقيل تعريفهما على عكس ما ذكر هنا قوله: "والمكاتب" هو معنى قوله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ} عند أكثر أهل العلم ولا فرق بين الصغير والكبير خلافا لتقييد الحدادي بالكبير كذا في حاشية السيد وكذا لا فرق بين مكاتب الغني والفقير على الصحيح ولا تدفع إلى مكاتب الهاشمي وليس للمكاتب صرف ما دفع إليه في غير فكاك رقبته على ما يفهم من كلام صاحب البحر قوله: "والمديون" هو المراد بالغارم وفي الظهيرية الدفع للمديون أولى منه للفقير والمراد المديون غير الهاشمي قوله: "وفي سبيل الله" أي ولمن في سبيل الله فإن المصرف الشخص قوله: "وهو منقطع الغزاة" بفتح الطاء والغزاة جمع الغازي أي الذين عجزوا عن اللحوق يجيش الإسلام لفقرهم بهلاك النفقة أو الدابة أو غيرهما فتحل لهم الصدقة وإن كانوا كاسبين إذا لكسب يقعدهم عن الجهاد قهستاني وهم بالاستحقاق أرسخ وأولى لزيادة الحاجة بالفقر والانقطاع زيلعي وهذا التفسير اختيار أبي يوسف قال في غاية

 

ص -720-     مال في وطنه وليس معه مال والعامل عليها يعطى قدر ما يسعه وأعوانه وللمزكي الدفع إلى كل الأصناف وله الاقتصار على واحد مع وجود باقي الأصناف ولا يصح دفعها لكافر وغني يملك نصابا أو ما يساوي قيمته من أي مال كان فاضل عن حوائجه الأصلية وطفل غني وبني هاشم ومواليهم. واختار الطحاوي جواز دفعها لبني هاشم وأصل المزكي وفرعه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البيان وهو الأظهر قوله: "أو الحاج" أي منقطع الحاج وهو قول محمد وقيل طلبة العلم وعليه اقتصر في الظهيرية وقيل حملة القرآن الفقراء مضمرات والخلاف في التفسير لا في جواز الدفع إلى الجميع بشرطه قوله: "وابن السبيل" هو المسافر وإضافته لأدنى ملابسة وكل من كان مسافرا يسمى ابن السبيل كافي قوله: "وهو من له مال في وطنه" ولو له ما يكفيه لوطنه لا يجزىء الدفع إليه وكذا لو كان كسوبا على ما روي عن أصحابنا كما نقله القهستاني عن الكرماني والأولى أن يستقرض إذا قدر وإذا قدر على ما لا يلزمه التصدق بما فضل كالفقير إذا استغنى والمكاتب إذا عجز أي فإن السيد يجوز له أخذ ما بيده من الصدقة كذا في سكب الأنهر قوله: "والعامل" أي إذا كان غير هاشمي مشتق من العمل وهو فعل الإنسان بقصد فهو أخص من الفعل ولذا لم يستعمل في الحيوان قهستاني.
قوله: "يعطي قدر ما يسعه وأعوانه" بالوسط مد ذهابهم وإيابهم ما دام المال باقيا ولا يجوز له أن يتبع شهوته في المآكل والمشارب والملابس فهو حرام لكونه إسرافا محضا وعلى الإمام أن يبعث من يرضى بالوسط وإذا استغرقت كفايته الزكاة فلا يزاد على النصف لأن التنصيف عين الإنصاف بحر ويجوز للعامل الأخذ وإن كان غنيا لأنه فرغ نفسه لهذا العمل فيحتاج إلى الكفاية قال في المنح وبهذا التعليل يقوى ما نسب للواقعات من أن طالب العلم يجوز له أخذ الزكاة ولو غنيا إذا فرغ نفسه لإفادة العلم واستفادته لعجزه عن الكسب والحاجة داعية إلى ما لا بد منه ا هـ وسكت المؤلف عن المؤلفة قلوبهم لأن الإعطاء لهم نسخ بقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ في آخر الأمر:
"خذها من أغنيائهم وردها في فقرائهم" قوله: "وله الاقتصار على واحد" لما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه مال من الصدقة فأعطاه للمؤلفة قلوبهم فأتاه مال آخر فأعطاه للغارمين بحر وروي عن كثير من الصحابة عدم التعيين نهر قوله: "ولا يصح دفعها لكافر" قال في التنوير وشرحه ولا تدفع لذمي وجاز دفع غيرها وغير العشر والخراج إليه ولو واجبا كنذر وكفارة وفطرة خلافا للثاني وبه يفتى ولا تجوز الصدقات بأسرها لحربي ولو مستأمنا وجزم الزيلعي بجواز التطوع إليه قوله: "وطفل غني" ذكرا كان أو أنثى في عياله أو لا على الأصح لأنه يعد غنيا بغنى أبيه والمراد بالطفل الذي لم يبلغ بخلاف ولده الكبير ولو زمنا وفي بنت الغني ذات الزوج خلاف والأصح الجواز وخرج طفل الغنية ولو أبوه ميتا فتجوز إليه لأنه لا يعد غنيا يغناها ولو انحاز إليها ويجوز الدفع لزوجة الغني الفقيرة قوله: "وبني هاشم" أطلق المنع فعم كل الأزمان وسواء في ذلك دفع بعضهم

 

ص -721-     وزوجته ومملوكه ومكاتبه ومعتق بعضه وكفن ميت وقضاء دينه وثمن قن يعتق ولو دفع بتجر لمن ظنه مصرفا فظهر بخلافه أجزأه إلا أن يكون عبده أو مكاتبه وكره الإغناء وهو أن يفضل للفقير نصاب بعد قضاء دينه وبعد إعطاء كل فرد من عياله دون نصاب من.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لبعض ودفع غيرهم لهم وجوز أبو يوسف دفع بعضهم لبعض وهو رواية عن الإمام نهر قوله: "واختار الطحاوي دفعها لبني هاشم" وكذا روى أبو عصمة عن الإمام أنه يجوز الدفع إلى بني هاشم في زمانه لأن عوضها وهو خمس الخمس لم يصل إليهم لإهمال الناس أمر الغنائم وإيصالها إلى غير مستحقيها فإذا لم يصل إليهم العوض عادوا إلى المعوض وأقره القهستاني كذا في شرح الملتقى وإنما حرمت على مواليهم لقوله صلى الله عليه وسلم:
"مولى القوم من أنفسهم وإنا لا تحل لنا الصدقة" وجاز التطوعات من الصدقات وغلة الأوقاف لهم سواء سماهم الواقف أم لا على ما هو الحق كما حققه في الفتح وتقييده بما ذكر يفيد أنه لا يجوز لهم دفع الصدقة الواجبة ولو غير زكاة وفي السيد ولا فرق في المنع بين الزكاة وغيرها كالنذور والكفارات وجزاء الصيد إلا خمس الزكاة فيجوز صرفه إليهم وسوى الزيلعي في المنع بين الواجبة والتطوع وأزوجه صلى الله عليه وسلم: لا يدخلن في الذين حرمت عليهم الصدقة.
قوله: "وأصل المزكي وفرعه" لأن الواجب عليه الإخراج عن ملكه رقبة ومنفعة ولم يوجد في الأصول والفروع والإخراج عن ملكه منفعة وإن وجد رقبة وهذا الحكم لا يخص الزكاة بل كل صدقة واجبة كالكفارات وصدقة الفطر والنذور لا يجوز دفعها إليهم ومن سوى ما ذكر يجوز الدفع إليهم كالأخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات الفقراء بل هم أولى لما فيه من الصلة مع الصدقة ثم بعدهم الأقارب ثم الجيران بحر قوله: "وزوجته" اتفاقا ولا تدفع هي لزوجها عند الإمام وقالا تدفع إليه قوله: "ومملوكه ومكاتبه ومعتق بعضه" أما في العبد ومثله المدبر فلعدم التمليك وأما في المكاتب ومثله معتق البعض فلأن للسيد في كسبه حقا فلم يتم التمليك قوله: "وكفن ميت وقضاء دينه وثمن قن يعتق" قال في الدر نقلا عن حيل الأشباه وحيلة التكفين بها التصدق على فقير ثم هو يكفن فيكون الثواب لهما وكذا في تعمير المساجد وقال في باب المصرف وهل للفقير أن يخالف أمره لم أره والظاهر نعم قوله: "أجزأه" لأنه إنما أتى بما في وسعه والزكاة حق الله تعالى والمعتبر فيها الوسع قوله: "إلا أن يكون عبده أو مكاتبه" لأنه بالدفع إليهما لم يخرجه عن ملكه والتمليك ركن أفاده صاحب التنوير وقيد بما ذكره لأنه لو ظهر غناه أو كونه ذميا أو أنه أبوه أو ابنه أو امرأته أو هاشمي أجزأه قوله: "وهو أن يفضل للفقير نصاب" وكما يكره ذلك يكره إعطاء ما به يكمل النصاب حتى لو كان له مائة وتسعة وتسعون درهما فأعطاه درهما يكره أيضا.

 

ص -722-     المدفوع إليه فلا يكره. وندب إغناؤه عن السؤال وكره نقلها بعد تمام الحول لبلد آخر لغير قريب وأحوج وأروع وأنفع للمسلمين بتعليم. والأفضل صرفها للأقرب فالأقرب من كل ذي رحم محرم منه ثم لجيرانه ثم لأهل محلته ثم لأهل حرفته ثم لأهل بلدته وقال الشيخ أبو حفص الكبير رحمه الله لا تقبل صدقة الرجل وقرابته محاويج حتى يبدأ بهم فيسد حاجتهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: نقل في البحر عن فخر الإسلام من أراد أن يتصدق بدرهم فاشترى به فلوسا ففرقها فقد قصر في أمر الصدقة لأن الجمع أولى من التفريق ولأن دفع الكثير أشبه بعمل الكرام فكان أولى قال صلى الله عليه وسلم:
"إن الله تعالى يحب معالي الأمور ويبغض سفسافها" وقد ذم الله تعالى على إعطاء القليل فقال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى،وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى} ا هـ قوله: "وندب إغناؤه عن السؤال" وينبغي أن ينظر إلى ما يقتضيه الحال في كل فقير من عيال أو حاجة كدين وثوب قال في النهر واقتضى كلامه أن الكثير لواحد أولى من توزيعه على جماعة ا هـ وفي التنوير وشرحه ولا يحل أن يسأل شيئا من القوت من له قوت يومه بالفعل أو بالقوة كالصحيح المكتسب ويأثم معطيه إن علم بحاله لإعانته على المحرم ولو سأل للكسوة أو لاشتغاله عن الكسب بالجهاد أو طلب العلم جاز لو محتاجا ا هـ.
قوله: "وكره نقلها" أي تحريما ولو إلى ما دون مسافة القصر قوله: "بعد تمام الحول" أما المعجلة ولو لفقير غير أحوج ومديون فتنتفي الكراهة فيها بحر ولا ينبغي دفعها لمن علم أنه ينفقها في سرف أو معصية وقال أبو حفص الكبير أنه لا يصرفها لمن لا يصلي إلا أحيانا وإن أجزاه كذا في سكب الأنهر قوله: "لغير قريب" أما نقلها للقريب فلا كراهة فيه لأن الدفع إلى الفقير منهم فيه صلة وصدقة قوله: "وأحوج" لأن المقصود منها سد خلة المحتاج فمن كان أحوج كان أولى بحر قوله: "وأنفع للمسلمين بتعليم" قال في المعراج التصدق على العالم الفقير أفضل ا هـ أي من الجاهل الفقير قهستاني ولا يكره نقلها من دار الحرب إلى دار الإسلام أي ولو مع وجود المصرف هناك قوله: "والأفضل صرفها للأقرب فالأقرب الخ" قال في النهر والأولى صرفها إلى أخوته الفقراء ثم أولادهم ثم أعمامه الفقراء ثم أخواله ثم ذوي الأرحام ثم جيرانه ثم أهل سكنه ثم أهل ربضه ا هـ قوله: "لا تقبل صدقة الرجل" أي لا يثاب عليها وإن سقط الفرض ومثل الرجل المرأة كذا في كتابة الدر.
تنبيه المعتبر في الزكاة فقراء مكان المال وفي الوصية مكان الموصي وفي الفطرة مكان المؤدي عند محمد وهو الأصح لأن رؤسهم تبع لرأسه در والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم.

 

ص -723-     باب صدقة الفطر
تجب على حر مسلم مكلف مالك لنصاب أو قيمته وإن لم يحل عليه الحول عند طلوع فجر يوم الفطر ولم يكن للتجارة فارغ عن الدين وحاجته الأصلية وحوائج عياله والمعتبر فيها الكفاية لا التقدير وهي مسكنه وأثاثه وثيابه وفرسه وسلاحه وعبيده للخدمة فيخرجها عن نفسه وأولاده الصغار الفقراء وإن كانوا أغنياء يخرجها من مالهم ولا تجب على الجد في ظاهر الرواية واختير أن الجد كالأب عند فقده أو فقره وعن مماليكه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
باب صدقة الفطر.
الفطر لفظ إسلامي والفطرة مولد وأمر بها في السنة التي فرض فيها رمضان قبل الزكاة وكان صلى الله عليه وسلم يخطب قبل الفطر بيومين يأمر بإخراجها ولا تسقط بهلاك المال بعد الوجوب بخلاف الزكاة قوله: "تجب على حر مسلم" إنما وجبت لقوله صلى الله عليه وسلم في خطبته أدوا عن كل حر وعبد صغير أو كبير نصف صاع من بر أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أخرجه أبو داود وتجب موسعا في العمر عند أصحابنا وهو الصحيح بحر كالزكاة وقيل مضيقا في يوم الفطر عينا فبعده تكون قضاه واختاره الكمال في تحرير ورجحه في تنوير البصائر قوله: "مالك النصاب" اعلم أن النصب ثلاثة نصاب يشترط فيه النماء وتتعلق به الزكاة وسائر الأحكام المتعلقة بالمال النامي ونصاب تجب به أحكام أربعة حرمة الصدقة ووجوب الأضحية وصدقة الفطر ونفقة الأقارب ولا يشترط فيه النمو بالتجارة ولا حولان الحول ونصاب تثبت به حرمة السؤال وهو ما إذا كان عنده قوت يومه عند بعض وقال بعضهم هو أن يملك خمسين درهما ذكره العلامة نوح قوله: "عند طلوع فجر يوم الفطر" فمن مات قبله أو ولد بعده أو أسلم لا تجب عليه كما سيأتي قوله: "ولم يكن للتجارة" أي وإن لم يكن للتجارة قوله: "والمعتبر فيها" أي في حوائجه وحوائج عياله قوله: "وأثاثه" الأثاث متاع البيت قاموس قوله: "وإن كانوا أغنياء يخرجها من مالهم" عندهما وقال محمد لا تجب على الصغير الغني ومثل ما قيل في الصغير الغني يقال في المجنون الكبير الغني والمعتوه كما في الهندية وفطرة رقيق الصغير كالصغير وفي البحر ونفقة الطفل الغني في ماله ا هـ ولو لم يخرج ولي الصغير والمجنون الغنيين عنهما وجب الأداء عليهما بعد البلوغ والإفافة قوله: "واختير أن الجد كالأب" اعلم أنهم جعلوا السبب في وجوب صدقة الفطر رأسا يموله ويلي عليه ولاية مطلقة كما يأتي التنبيه عليه فأورد عليه الجد إذا كانت نوافله صغارا في عياله لموت الأب أو فقره حيث لا يجب عليه الإخراج في ظاهر الرواية فقد تحقق السبب ولم تجب وما قيل في دفع الإيراد من انتفاء السبب لأن الولاية غير تامة لانتقالها له من الأب

 

ص -724-     للخدمة ومدبره وأم ولده ولو كفارا لا عن مكاتبه ولا عن ولده الكبير وزوجته وقن مشترك وآبق الأبعد عوده وكذا المغصوب والمأسور وهي نصف صاع من بر أو دقيقه أو صاع تمر أو زبيب أو شعير وهو ثمانية أرطال بالعراقي ويجوز دفع القيمة وهي أفضل عند وجدان ما يحتاجه لأنها أسرع لقضاء حاجة الفقير وإن كان زمن شدة فالحنطة والشعير وما يؤكل أفضل من الدراهم ووقت الوجوب عند طلوع فجر يوم الفطر فمن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فكانت كولاية الوصي غير سديد إذا الوصي لا يموله من ماله بخلاف الجد إذا لم يكن له مال فكالأب قالالكمال ولا مخلص عن الإيراد إلا بترجيح رواية الحسن من أنها على الجد فصحت السببية كما ذكروه واختارها في الاختيار وجرى عليها في الدر قوله: "لا عن مكاتبه" لعدم الولاية ولا تجب على المكاتب لأن لأن ما في يده لمولاه در قوله: "ولا ولده الكبير" أي الفقير وإن كان في عياله لانعدام الولاية ولو أدى عنه بغير إذنه فالقياس عدم الإجزاء كالزكاة وفي الاستحسان الإجزاء لثبوت الأذن عادة ذكره العلامة نوح قوله: "وزوجته" لعدم الولاية الكاملة عليها ولو أدى عنها بلا إذن جاز استحسانا للأذن عادة كالولد الكبير وإن كان في عياله وقيد به إشارة إلى أنه لو دفع عن الزوجة الناشزة والصغيرة التي لم تزف وعن الابن الكبير الذي لم يكن في عياله لا يجوز عنهم إلا بالأمر كما يفيده القهستاني وهل حكم الأجنبي إذا كان في عياله حكم الولد الكبير ومقتضى ما في البحر عن الظهيرية الجواز كذا في كتابة الدر قوله: "وقن مشترك الخ" لقصور الولاية والمؤنة في حق كل واحد منهما وهذا عند الإمام وقالا تجب في العبيد المشتركة على كل من الشريكين فطرة ما يخصه من الرؤس دون الأشقاص نهر فلو كانت العبيد تسعة تجب عندهما في ثمانية فقط كذا في سكب الأنهر قوله: "وكذا المغصوب المأسور" فلا تجب على سيدهما إلا بعد عودهما فتجب لما مضى كما في التنوير قوله: "أو زبيب" جعل الزبيب كالتمر قولما وهو رواية عن الإمام وبها يفتي كما في البرهان والرواية الأخرى عن الإمام أنه كالبر قوله: "وهو ثمانية أرطال بالعراقي" والرطل العراقي مائة وثلاثون درهما فالصاع ما يسع ألفا وأربعين درهما وقول أبي يوسف الصاع ما يسع خمسة أرطال وثلثا مراده بالرطل رطل المدينة وهو ثلاثون أستار أو رطل العراق عشرون أستارا فيكون المجموع على القولين مائة وستين أستارا والأستار ستة دراهم ونصف وبعضهم جعل الخلاف حقيقيا وما لم ينص عليه كذرة وخبز تعتبر فيه القيمة وصدقة الفطر كالزكاة في المصارف ولا تجوز للذمي على المفتي به وهل يعتبر الصاع أو نصفه بالوزن أو الكيل طريقتان ذكرهما الزيلعي قوله: "ويجوز دفع القيمة" قال في التنوير وجاز دفع القيمة في زكاة وعشر وخراج وفطرة ونذر وكفارة غير الاعتكاف ا هـ قوله: "عند وجدان ما يحتاجه" أي الفقير أي من هذه الأصناف التي تخرج منها الفطرة بأن كان الزمن زمن خصب قوله: "لقضاء حاجة الفقير" أي وحاجة الفقير متنوعة قوله: "وما يؤكل" أي ولو من غير هذه

 

ص -725-     مات أو افتقر قبله أو أسلم أو اغتنى أو ولد بعده لا تلزمه. ويستحب إخراجها قبل الخروج إلى المصلى وصح لو قدم أو أخر والتأخير مكروه ويدفع كل شخص فطرته لفقير واحد. واختلف في جواز تفريق فطرة واحدة على أكثر من فقير ويجوز دفع ما على جماعة لواحد على الصحيح والله الموفق للصواب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأعيان بأن يدفع عنها بالقيمة قوله: "قبل الخروج إلى المصلى" بعد طلوع فجر الفطر عملا بأمره وفعله صلى الله عليه وسلم در قوله: "وصح لو قدم" أي ولو قبل رمضان على ما عليه عامة المتون والشروح وصححه غير واحد ورجحه في النهر ونقل عن الولوالجية أنه ظاهر الرواية فكان هو المذهب در قوله: "أو أخر" فوقتها موسع لا يضيق إلا في آخر العمر وهو قول أصحابنا وبه قالت العامة بدائع قوله: "واختلف في جواز تفريق فطرة واحدة على أكثر من فقير" وعلى الجواز الأكثر وبه جزم في الولوالجية والخانية والبدائع والمحيط وتبعهم الزيلعي في الظهار من غير ذكر خلاف وصححه في البرهان فكان هو المذهب والأمر في حيث أغنوهم للندب فيفيد الأولوية در.
فرع من سقط عنه الصوم بعذر لم تسقط فطرته وقالوا: في إخراجها قبول الصوم والنجاح والفلاح والنجاة من سكرات الموت وعذاب القبر والنية فيها عند الدفع ويكفي وجودها عند العزل على الظاهر كما في الزكاة والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم.