لسان
الحكام في معرفة الأحكام الْفَصْل الْخَامِس عشر فِي الْإِعْتَاق
الْإِعْتَاق تصرف مَنْدُوب إِلَيْهِ قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا
مُسلم أعتق مُؤمنا أعتق الله بِكُل عُضْو مِنْهُ عضوا مِنْهُ من النَّار
وَلِهَذَا استحسنوا أَن يعْتق الرجل العَبْد وَالْمَرْأَة الْأمة لتحَقّق
مُقَابلَة الْأَعْضَاء بالأعضاء
الْعتْق يَصح من الْحر الْعَاقِل الْبَالِغ فِي ملكه شَرطه الْحُرِّيَّة
لِأَن الْعتْق لَا يَصح الا فِي الْملك وَلَا ملك للمملوك وَالْبُلُوغ
لِأَن الصَّبِي لَيْسَ من أَهله لكَونه ضَرَرا ظَاهرا وَلِهَذَا لَا يملكهُ
الْمولى عَلَيْهِ وَالْعقل لِأَن الْمَجْنُون لَيْسَ بِأَهْل للتَّصَرُّف
وَلِهَذَا لَو قَالَ الْبَالِغ أعتقت وَأَنا صبي فَالْقَوْل قَوْله وَكَذَا
لَو قَالَ الْمُعْتق أعتقت وَأَنا مَجْنُون وجنونه كَانَ ظَاهرا لوُجُود
الاسناد إِلَى حَالَة مُنَافِيَة وَكَذَا إِذا قَالَ الصَّبِي كل مَمْلُوك
أملكهُ حر إِذا احْتَلَمت لَا يَصح لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْل لقَوْل مُلْزم
وَلَا بُد أَن يكون العَبْد فِي ملكه حَتَّى لَو أعتق عبد غَيره لَا ينفذ
لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا عتق فِيمَا لَا يملك ابْن آدم وَإِذا
قَالَ لعَبْدِهِ أَو أمته أَنْت حر أَو مُعتق أَو عَتيق أَو مُحَرر أَو
حررتك أَو أَعتَقتك فقد عتق نوى بِهِ الْعتْق أَو لم ينْو لِأَن هَذِه
الْأَلْفَاظ صَرِيح فِيهِ وَلَو قَالَ عنيت بِهِ الاخبار الْبَاطِل أَو
أَنه حر من الْعَمَل صدق ديانَة لِأَنَّهُ يحْتَملهُ وَلَا يدين قَضَاء
لِأَنَّهُ نوى خلاف الظَّاهِر وَلَو قَالَ لَا ملك لي عَلَيْك
(1/341)
وَنوى بِهِ الْحُرِّيَّة عتق وَإِن لم ينْو
لم يعْتق كَذَا فِي الْهِدَايَة وَفِي المنبع إِذا قَالَ لعَبْدِهِ أَنْت
لله أَو أَنَّك لله أَو أَنْت خَالص لله لم يعْتق عِنْد أبي حنيفَة مُطلقًا
فِي رِوَايَة وَفِي رِوَايَة أُخْرَى إِن نوى بِهِ الْعتْق عتق وَقَالَ
أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِنَّه يعْتق مُطلقًا وَفِي رِوَايَة عَنْهُمَا
يتَوَقَّف الْعتْق على النِّيَّة وَلَو قَالَ أَنْت عبد الله لَا يعْتق
إِذا قَالَ لعَبْدِهِ هَذَا مولَايَ أَو يَا مولَايَ أَو قَالَ لأمته هَذِه
مولاتي أَو يَا مولاتي عتق وَإِن لم يكن لَهُ فِيهِ وَقَالَت الْأَئِمَّة
الثَّلَاثَة إِنَّهَا كِنَايَة فَلَا بُد من النِّيَّة
وَفِي الْوَاقِعَات رجل قَالَ لعَبْدِهِ يَا سَيِّدي أَو يَا سيد إِن نوى
بِهِ الْعتْق عتق وَإِن لم ينْو قيل يعْتق وَقيل لَا يعْتق وَقيل يعْتق فِي
يَا سَيِّدي وَلَا يعْتق فِي يَا سيد وَقَالَ نصير الدّين رَحمَه الله
تَعَالَى لَا يعْتق فيهمَا إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَلَو قَالَ لعَبْدِهِ يَا
أبي أَو يَا ابْني أَو يَا أخي أَو يَا عمي أَو يَا خَالِي أَو لأمته يَا
أُمِّي أَو يَا بِنْتي أَو يَا أُخْتِي أَو يَا عَمَّتي أَو يَا خَالَتِي
لَا يعْتق فِي هَذِه الْفُصُول كلهَا من غير نِيَّة وَفِي الْهِدَايَة
ويروي عَن أبي حنيفَة شاذا أَنه نِيَّة يعْتق فيهمَا أَي فِي يَا ابْني أَو
يَا أخي وَهُوَ رِوَايَة الْحسن عَنهُ
وَفِي الْوَلْوَالجيّ رجل قَالَ عبيد أهل بَلخ أَحْرَار وَلم ينْو عَبده
أَو قَالَ كل عبد ببلخ حر أَو قَالَ كل عبد بِبَغْدَاد حر أَو قَالَ كل
عبيد أهل بَغْدَاد أَحْرَار وَلم ينْو عَبده أَو قَالَ كل عبد فِي الأَرْض
أَو قَالَ كل عبيد أهل الدُّنْيَا أَو كَانَ مَكَان الْإِعْتَاق طَلَاق
اخْتلف فِيهِ المتقدمون والمتأخرون أما المتقدمون فَقَالَ ابو يُوسُف فِي
نوادره لَا يعْتق وَقَالَ مُحَمَّد يعْتق وَأما الْمُتَأَخّرُونَ فَقَالَ
عِصَام ابْن يُوسُف لَا يعْتق
وَلَو قَالَ ولد آدم كلهم أَحْرَار لَا يعْتق عَبده بالِاتِّفَاقِ وَلَو
قَالَ كل عبد فِي هَذَا الدَّار حر عتق عَبده وَالْفَتْوَى على قَول أبي
يُوسُف وعصام الدّين
رجل قَالَ لعَبْدِهِ إِن شتمتك فَأَنت حر ثمَّ قَالَ لَهُ لَا بَارك الله
فِيك لَا يعْتق لِأَنَّهُ لَيْسَ بشتم بل دُعَاء عَلَيْهِ
وَفِي الْقنية قرعت الْبَاب فَقَالَت أمتها من أَنْت فَقَالَت أمك الفاعلة
عتقت
أعتق الْمَحْجُور عَلَيْهِ عبدا لَا يعْتق عَلَيْهِ وسعى العَبْد عِنْد أبي
يُوسُف آخرا لِأَنَّهُ لَو سعى إِنَّمَا يسْعَى لمعتقه وَلَو قَالَ إِن مت
من مرضِي هَذَا فغلامي حر فَقتل لَا يعْتق لِأَنَّهُ مَا مَاتَ بل قتل
وَلَو قَالَ إِن مت فِي مرضِي هَذَا فغلامي حر فَقتل يعْتق لِأَنَّهُ مَاتَ
فِي مَرضه
قَالَ لعَبْدِهِ وَعبد غَيره أَحَدكُمَا حر يعْتق عَبده وَلَو قَالَ لعبد
وحر أَحَدكُمَا حر عتق العَبْد عِنْد أبي حنيفَة خلافًا لَهما
وروى عَن أبي يُوسُف أَن الْأَب إِذا وطيء جَارِيَة وَلَده فَجَاءَت بِولد
فَادَّعَاهُ لَا يثبت نسبه كجارية مكَاتبه
قَالَ لمَوْلَاهُ بِعني نَفسِي فَبَاعَهُ عتق وَلَزِمَه الثّمن وَالْوَلَاء
لمَوْلَاهُ
قَالَ لعَبْدِهِ إِذا سقيت الْحمار فَأَنت حر فأسقاه وَلم يشرب فَالْعَبْد
حر وَكَذَا إِذا قَالَ إِن شربت المَاء كُله من الْكوز فَأَنت حر فشربه
فَالْعَبْد حر
وَفِي الْهِدَايَة وَمن ملك ذَا رحم محرم مِنْهُ عتق عَلَيْهِ وَلَا فرق
بَين مَا إِذا كَانَ الْمَالِك مُسلما أَو كَافِرًا فِي دَار الاسلام
(1/342)
وَعتق الْمُكْره والسكران وَاقع لصدور
الرُّكْن من الْأَهْل فِي الْمحل كَمَا فِي الطَّلَاق وَقد بَيناهُ من قبل
فِي فصل الطَّلَاق
وَإِن أعتق حَامِلا عتقت وَعتق حملهَا تبعا لَهَا إِذْ هُوَ مُتَّصِل بهَا
وَإِن أعتق الْحمل خَاصَّة عتق دونهَا وَولد الْأمة من مَوْلَاهَا حر
لِأَنَّهُ مَخْلُوق من مائَة فَيعتق عَلَيْهِ
وَإِذا أعتق الْمولى بعض عَبده عتق ذَلِك الْقدر وَيسْعَى فِي بَقِيَّة
قِيمَته لمَوْلَاهُ عِنْد أبي حنيفَة وَقَالا يعْتق كُله واصله أَن
الْإِعْتَاق يتَجَزَّأ عِنْده فَيقْتَصر على مَا أعتق وَعِنْدَهُمَا لَا
يتَجَزَّأ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى
وَإِذا كَانَ العَبْد بَين شَرِيكَيْنِ فَأعتق أَحدهمَا نصِيبه عتق فَإِن
كَانَ مُوسِرًا فشريكه بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ ضمن
شَرِيكه قيمَة نصِيبه وَإِن شَاءَ استسعى العَبْد فَإِن ضمنه رَجَعَ
الْمُعْتق على العَبْد وَالْوَلَاء للْمُعْتق وَإِن أعتق أَو استسعى
فَالْولَاء بَينهمَا فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا
وَإِن كَانَ الْمُعْتق مُعسرا فالشريك بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق وَإِن
شَاءَ استسعى وَالْوَلَاء بَينهمَا فِي الْوَجْهَيْنِ وَهَذَا عِنْد أبي
حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَقَالا لَيْسَ لَهُ إِلَّا الضَّمَان مَعَ
الْيَسَار أَو السّعَايَة مَعَ الْإِعْسَار وَلَا يرجع الْمُعْتق على
العَبْد وَالْوَلَاء للْمُعْتق
وَمن أعتق عَبده على مَال فَقبل العَبْد عتق وَذَلِكَ مثل أَن يَقُول أَنْت
حر على ألف دِرْهَم أَو بِأَلف دِرْهَم وَإِنَّمَا يعْتق بقبوله لِأَنَّهُ
مُعَاوضَة المَال بِغَيْر المَال إِذْ العَبْد لَا يملك نَفسه وَمن
قَضِيَّة الْمُعَاوضَة ثُبُوت الحكم وَثُبُوت الحكم بِقبُول الْعِوَض فِي
الْحَال كَمَا فِي البيع فَإِذا قبل صَار حرا وَمَا شَرط دين عَلَيْهِ
حَتَّى تصح الْكفَالَة بِهِ
وَمن قَالَ لعَبْدِهِ أَنْت حر بعد موتِي على ألف دِرْهَم فالقبول بعد
الْمَوْت لإضافة الايجاب إِلَى مَا بعد الْمَوْت فَصَارَ كَمَا لَو قَالَ
أَنْت حر غَدا على ألف دِرْهَم بِخِلَاف مَا إِذا قَالَ أَنْت مُدبر على
ألف دِرْهَم حَيْثُ يكون الْقبُول إِلَيْهِ فِي الْحَال لِأَن ايجاب
التَّدْبِير فِي الْحَال إِلَّا أَنه لَا يجب المَال لقِيَام الرّقّ
قَالُوا لَا يعْتق فِي مَسْأَلَة الْكتاب وَإِن قبل بعد الْمَوْت مالم
يعتقهُ الْوَارِث لِأَن الْمَيِّت لَيْسَ بِأَهْل لِلْعِتْقِ وَهَذَا هُوَ
الصَّحِيح
إِذا قَالَ الْمولى لمملوكه إِذا مت فَأَنت حر أَو أَنْت حر عَن دبر مني
أَو أَنْت مُدبر وَقد دبرتك فقد صَار مُدبرا لَا يُبَاع وَلَا يُوهب
ويستخدم ويستؤجر وَالْأمة تُوطأ وَتنْكح
وَإِذا مَاتَ الْمولى عتق الْمُدبر من ثلث مَاله لِأَن التَّدْبِير
وَصِيَّة فتنفذ من الثُّلُث حَتَّى لَو لم يكن لَهُ مَال غَيره سعى فِي
ثُلثَيْهِ وَإِن كَانَ على الْمولى دين سعى فِي كل قِيمَته لتقدم الدّين
على الْوَصِيَّة وَلَا يُمكن نقض الْعتْق فَيجب رد قِيمَته وَولد
الْمُدبرَة مُدبر
وَإِن علق التَّدْبِير بِمَوْتِهِ على صفة مثل أَن يَقُول إِن مت من مرضِي
أَو سَفَرِي أَو من مرض كَذَا فَلَيْسَ بمدبر وَيجوز بَيْعه لِأَن السَّبَب
لم ينْعَقد فِي الْحَال لتردده فِي تِلْكَ الصّفة بِخِلَاف الْمُدبر
الْمُطلق لِأَنَّهُ تعلق عتقه بِمُطلق الْمَوْت وَهُوَ كَائِن لَا محَالة
وَإِن مَاتَ الْمولى على الصّفة الَّتِي ذكرهَا عتق كَمَا يعْتق الْمُدبر
وَمَعْنَاهُ من الثُّلُث لِأَنَّهُ يثبت حكم التَّدْبِير فِي آخر جُزْء من
أَجزَاء حَيَاته لتحَقّق تِلْكَ الصّفة فَلهَذَا يعْتَبر من الثُّلُث
(1/343)
وَمن الْمُقَيد أَن يَقُول إِن مت إِلَى
سنة أَو إِلَى عشر سِنِين لما ذكرنَا بِخِلَاف مَا إِذا قَالَ إِلَى مائَة
سنة وَمثله لَا يعِيش إِلَيْهَا فِي الْغَالِب لِأَنَّهُ كالكائن لَا
محَالة
وغذا ولدت الْأمة من مَوْلَاهَا فقد صَارَت أم ولد لَهُ لَا يجوز بيعهَا
وَلَا تمليكها لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعْتقهَا وَلَدهَا وَله
وَطْؤُهَا واستخدامها وإجارتها وتزويجها لِأَن الْملك قَائِم فِيهَا
فَأَشْبَهت الْمُدبرَة وَلَا يثبت نسب وَلَدهَا إِلَّا أَن يعْتَرف بِهِ
وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله يثبت نسبه مِنْهُ وَإِن لم يَدعه
لِأَنَّهُ لما ثَبت النّسَب بِالْعقدِ فَلِأَن يثبت بِالْوَطْءِ أولى
وَلنَا أَن وَطْء الْأمة يقْصد بِهِ قَضَاء الشَّهْوَة دون الْوَلَد
لوُجُود الْمَانِع مِنْهُ فَلَا بُد من الدَّعْوَى بِمَنْزِلَة ملك
الْيَمين من غير وَطْء بِخِلَاف العقد لِأَن الْوَلَد يتَعَيَّن مَقْصُودا
مِنْهُ فَلَا حَاجَة إِلَى الدَّعْوَى فَإِن جَاءَت بعد ذَلِك بِولد ثَبت
نسبه بِغَيْر اقرار وَمَعْنَاهُ بعد اعْتِرَاف مِنْهُ بِالْوَلَدِ الأول
لِأَنَّهُ بِدَعْوَى الأول تعين الْوَلَد مَقْصُودا مِنْهَا فَصَارَت فراشا
كالمعقود عَلَيْهَا إِلَّا أَنه إِذا نَفَاهُ يَنْتَفِي بقوله لِأَن فراشها
ضَعِيف حَتَّى يملك نَقله بِالتَّزْوِيجِ بِخِلَاف الْمَنْكُوحَة حَيْثُ
لَا يَنْتَفِي الْوَلَد بنفيه إِلَّا بِاللّعانِ لتأكد الْفراش حَتَّى لَا
يملك إِبْطَاله بِالتَّزْوِيجِ وَهَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ حكم الْقَضَاء
فَأَما الدّيانَة فَإِن كَانَ وَطئهَا وحصنها وَلم يعْزل عَنْهَا يلْزمه
أَن يعْتَرف بِهِ ويدعيه لِأَن الظَّاهِر أَن الْوَلَد مِنْهُ وَإِن عزل
عَنْهَا وَلم يحصنها جَازَ لَهُ أَن يَنْفِيه لِأَن هَذَا الظَّاهِر
يُقَابله ظَاهر آخر هَكَذَا روى عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى
وَفِيه رِوَايَتَانِ أخريان عَن ابي يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله
تَعَالَى ذكرهمَا صَاحب الْهِدَايَة فِي كِفَايَة الْمُنْتَهى فَلْينْظر
ثمَّة
وَإِذا وَطْء جَارِيَة ابْنه فَجَاءَت بِولد فَادَّعَاهُ ثَبت مِنْهُ
وَصَارَت أم وَلَده وَعَلِيهِ قيمتهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ عقرهَا وَلَا
قيمَة وَلَدهَا وَإِن وَطئهَا أَبُو الاب مَعَ بَقَاء الْأَب لَا يثبت
النّسَب مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا ولَايَة للْجدّ حَال قيام الْأَب وَلَو كَانَ
الْأَب مَيتا ثَبت النّسَب من الْجد كَمَا يثبت من الْأَب لظُهُور ولَايَته
عِنْد فقد الْأَب وَكفر الْأَب ورقه بِمَنْزِلَة مَوته لِأَنَّهُ قَاطع
للولاية
وَفِي الْعِمَادِيّ وَقد يكون الْوَلَد حرا من زَوْجَيْنِ رقيقين فَيعتق من
غير إِعْتَاق وَلَا وَصِيَّة وَصورته إِذا كَانَ للْحرّ ولد وَهُوَ عبد
لأَجْنَبِيّ يتَزَوَّج الْأَب جَارِيَة من وَلَده بِرِضا مَوْلَاهُ فَولدت
الْجَارِيَة ولدا فَهُوَ حر لِأَنَّهُ ولد ولد الْمولى
وَفِي الْمُحِيط لَا تقبل الْبَيِّنَة على عتق العَبْد بِدُونِ الدَّعْوَى
عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله خلافًا لَهما وَتقبل الْبَيِّنَة على عتق
الْأمة وَطَلَاق الْمَرْأَة حسبَة بِدُونِ الدَّعْوَى وَلَا يحلف على عتق
العَبْد حسبَة بِدُونِ الدَّعْوَى بالِاتِّفَاقِ وَهل يحلف على عتق الْأمة
وَطَلَاق الْمَرْأَة حسبَة بِدُونِ الدَّعْوَى أَشَارَ مُحَمَّد رَحمَه
الله تَعَالَى فِي آخر كتاب التَّحَرِّي إِلَى أَنه يحلف وَقَالَ شمس
الائمة لَا يحلف فيتأمل عد الْفَتْوَى
وَذكر رشيد الدّين فِي فَتَاوَاهُ أَن الشَّهَادَة على حريَّة الأَصْل فِي
العَبْد تقبل بِدُونِ دَعْوَى العَبْد إِذا كَانَت أم العَبْد حَيَّة
لِأَنَّهَا شَهَادَة على تَحْرِيم الْفرج وَتَحْرِيم الْفرج حق الله
تَعَالَى فَقبل الشَّهَادَة فِيهِ حسبَة بِدُونِ الدَّعْوَى وَإِن كَانَت
الْأُم ميتَة لَا تقبل لِأَن فِي الْميتَة لَا يتَصَوَّر تَحْرِيم الْفرج
وَقيل تقبل الشَّهَادَة على حريَّة الأَصْل من غير الدَّعْوَى من غير هَذَا
التَّفْصِيل اه وَقد كتبنَا جِنْسا من هَذَا الْفَصْل فِي فصل أَنْوَاع
الدعاوي والبينات فَلْينْظر ثمَّة
(1/344)
وَإِذا كَانَت الْجَارِيَة بَين شَرِيكَيْنِ فَجَاءَت بِولد فَادَّعَاهُ
أَحدهمَا ثَبت نسبه مِنْهُ وَصَارَت أم ولد لَهُ وَإِن ادعياه مَعًا ثَبت
نسبه مِنْهُمَا وَصَارَت أم ولد لَهما مَعْنَاهُ إِذا حملت على ملكهمَا
وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى يرجع إِلَى قَول الْقَافة لِأَن
إِثْبَات النّسَب من شَخْصَيْنِ مَعَ علمنَا أَن الْوَلَد لَا يتخلق من
ماءين مُتَعَذر فعملنا بالشبه قلت وَيجوز أَن يتخلق الْوَلَد من مَاء ذكر
وَأُنْثَى أَلا ترى أَن الكلبة تعلق من كلاب جمة لِأَن الرَّحِم لَا يجوز
أَن يستد بوصول مَاء أَحدهمَا إِلَّا بعد مُدَّة ثمَّ يصل مَاء الآخر
إِلَيْهِ أُشير إِلَيْهِ فِي أدب الْقَضَاء للسروجي |