لسان
الحكام في معرفة الأحكام الْفَصْل السَّابِع وَالْعشْرُونَ
فِيمَا يكون إسلاما من الْكَافِر وَمَا لَا يكون وَمَا يكون كفرا من
الْمُسلم ومالا يكون
وَفِي شرح الْقَدُورِيّ إِذا قَالَ الْكَافِر الَّذِي يجْحَد الْبَارِي
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كعبدة الْأَوْثَان أَو يقر بالباري ويشرك بِهِ
غَيره كالثنوية فَإِنَّهُم إِذا قَالُوا لَا اله الا الله كَانَ مِنْهُم
إسلاما وَكَذَا إِذا قَالُوا أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله لأَنهم
يمتنعون عَن كل وَاحِدَة من الْكَلِمَتَيْنِ فَإِذا شهدُوا بهَا فقد
انتقلوا عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ فَيحكم بِإِسْلَامِهِمْ
وَفِي السّير إِذا حمل على مُشْرك ليَقْتُلهُ فَقَالَ لَا اله الا الله
وَهُوَ مِمَّن لَا يَقُول ذَلِك فَهُوَ مُسلم يَنْبَغِي أَن يكف عَنهُ
وَكَذَا إِذا شهدُوا برسالة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو قَالُوا
إِنَّا على دين الْإِسْلَام أَو قَالُوا على الحنيفية وَلَو رَجَعَ يقتل
وَفِي التَّجْرِيد مِنْهُم من يقر بِالتَّوْحِيدِ ويجحد الرسَالَة فَإِذا
قَالَ لَا اله الا الله لَا يصير مُسلما وَإِذا قَالَ مُحَمَّد رَسُول الله
يصير مُسلما والمجوسي إِذا قَالَ خداي يَك است وهمة بيغمبر ان حق يحكم
بِإِسْلَامِهِ
وَفِي مَجْمُوع النَّوَازِل مَجُوسِيّ قَالَ صل على مُحَمَّد لَا يكون
إسلاما وَقَالَ مُحَمَّد بن مقَاتل سَمِعت مُحَمَّد بن الْحسن يَقُول
الذِّمِّيّ إِذا قَالَ أسلمت فَهُوَ إِسْلَام وَهَكَذَا قَالَ غَيره من
الْعلمَاء لِأَن الْمُشرك إِذا قَالَ أَنا مُسلم وَهُوَ مِمَّن لَا يَقُول
ذَلِك كعبدة الْأَوْثَان فَهُوَ عندنَا مُسلم وَلَو قَالَ أردْت مِنْهُ
التَّعَوُّذ حَتَّى لَا يقتلني لَا يقبل مِنْهُ هَكَذَا فِي الْأَجْنَاس
وَفِي الرَّوْضَة لَو قَالَ الْكَافِر آمَنت بِاللَّه أَو بِمَا آمن بِهِ
الرُّسُل صَار مُسلما وَفِي مَجْمُوع النَّوَازِل إِذا قَالَ الْكَافِر
الله وَاحِد يصير بِهِ مُسلما
(1/413)
وَلَو قَالَ للْمُسلمِ دينك حق لَا يصير
مُسلما وَقيل يصير مُسلما إِلَّا إِذا قَالَ حق لَكِن لَا أومن بِهِ
وَفِي نَوَادِر ابْن رستم قَالَ مُحَمَّد فِي يَهُودِيّ مَرِيض قَالَ أسلمت
وَقطع هِمْيَانه لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ إِن مَاتَ وَلَو قَالَ بَرِئت من
ديني وَدخلت فِي دين الْإِسْلَام يكون مُسلما
وَفِي التَّجْرِيد لَو قَالَ الْيَهُودِيّ أَو النَّصْرَانِي لَا اله الا
الله وتبرأ عَن الْيَهُودِيَّة أَو عَن النَّصْرَانِيَّة أَو كل وَاحِد
مِنْهُمَا فَإِن ذَلِك لَيْسَ بِإِسْلَام وَلَو قَالَ مَعَ ذَلِك وَأدْخل
فِي دين الْإِسْلَام أَو دين مُحَمَّد عَليّ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ
مُسلما
وَفِي الْأَجْنَاس كَافِر أذن قَالَ يكون مُسلما وَفِي مَجْمُوع
النَّوَازِل لَو أذن فِي وَقت الصَّلَاة يجْبر على الْإِسْلَام أما لَو
قَرَأَ الْقُرْآن وتعلمه لَا يكون إسلاما وَفِي الْأَجْنَاس لَو شهدُوا
أَنهم رَأَوْهُ يُصَلِّي الصَّلَوَات الْخمس مَعَ الْمُسلمين فِي
الْجَمَاعَة كَانَ ذَلِك إسلاما 2
وَفِي الرَّوْضَة الْكَافِر إِذا صلى وَحده فَهُوَ مِنْهُ إِسْلَام أَيْضا
وَهَكَذَا فِي الْأَجْنَاس وَمِمَّا يتَّصل بِهَذَا ايمان اليائس غير
مَقْبُول وتوبة اليائس الْمُخْتَار أَنَّهَا مَقْبُولَة
إِذا أكره على الْإِسْلَام فَأجرى كلمة الْإِسْلَام على لِسَانه يكون
مُسلما فَإِن عَاد إِلَى الْكفْر لَا يقتل وَيجْبر على الْإِسْلَام
وَفِي نَوَادِر ابْن رستم السَّكْرَان إِذا أسلم يكون إسلاما فَإِن رَجَعَ
عَن الْإِسْلَام يجْبر على الْعود وَلَا يقتل وَقَالَ مُحَمَّد لَا يجْبر
على الْإِسْلَام
وَفِي السّير الْكَبِيرَة يُصَلِّي الْمُسلمُونَ على الْمَيِّت بقول وَاحِد
بعد أَن يكون عدلا
وَفِي مَجْمُوع النَّوَازِل ذمِّي دخل دَار الْحَرْب وسرق صَبيا وَأدْخلهُ
دَار الْإِسْلَام يحكم بِإِسْلَامِهِ وَلَو اشْترى الصَّبِي لَا يحكم
بِإِسْلَامِهِ لِأَنَّهُ ملكه بِالشِّرَاءِ
الرافضي إِذا كَانَ يسب الشَّيْخَيْنِ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا
ويلعنهما يكون كَافِرًا وَإِن كَانَ يفضل عليا على أبي بكر وَعمر رَضِي
الله عَنْهُمَا أَجْمَعِينَ لَا يكون كَافِرًا لكنه يكون مبتدعا والمعتزلي
مُبْتَدع إِلَّا إِذا قَالَ باستحالة الرُّؤْيَة فَحِينَئِذٍ هُوَ كَافِر
وَفِي الْمُنْتَقى سُئِلَ أَبُو حنيفَة عَن مَذْهَب أهل السّنة
وَالْجَمَاعَة فَقَالَ أَن تفضل الشَّيْخَيْنِ وتحب الختنين وَترى الْمسْح
على الْخُفَّيْنِ وَتصلي خلف كل بر وَفَاجِر وَالله أعلم
فصل فِيمَا يكون كفرا من الْمُسلم ومالا يكون
وَيَنْبَغِي للْمُسلمِ أَن يتَعَوَّذ من ذَلِك وَيذكر هَذَا الدُّعَاء
صباحا وَمَسَاء فَإِنَّهُ سَبَب للعصمة من هَذِه الورطة بوعد النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ هَذَا اللَّهُمَّ اني أعوذ بك أَن أشرك بك
شَيْئا وَأَنا أعلم وأستغفرك مِمَّا لَا أعلم وَمِنْهَا اذا كَانَ فِي
الْمَسْأَلَة وُجُوه توجب التَّكْفِير وَوجه وَاحِد يمْنَع فعلى الْمُفْتِي
أَن يمِيل الى ذَلِك الْوَجْه
الْجَاهِل اذا تكلم بِكَلِمَة الْكفْر وَلم يدر أَنَّهَا كفر قَالَ بَعضهم
لَا يكون كَافِرًا ويعذر بِالْجَهْلِ وَقَالَ بَعضهم يصير كَافِرًا
وَمِنْهَا من أَتَى بِلَفْظَة الْكفْر وَلم يعلم أَنَّهَا كفر الا أَنه
أَتَى بهَا عَن اخْتِيَار يكفر عِنْد عَامَّة الْعلمَاء خلافًا للْبَعْض
وَلَا يعْذر بِالْجَهْلِ أما إِذا أَرَادَ أَن يتَكَلَّم فَجرى على لِسَانه
كلمة الْكفْر
(1/414)
وَالْعِيَاذ بِاللَّه من غير قصد لَا يكفر
وَمِنْهَا أَن من خطر بِبَالِهِ مَا يُوجب الْكفْر لَو تكلم بِهِ وَهُوَ
كَارِه لذَلِك فَذَلِك مَحْض الايمان وَمِنْهَا اذا عزم على الْكفْر وَلَو
بعد سنة يكفر فِي الْحَال بِخِلَاف الاسلام حَيْثُ لَا يصير الْكَافِر
مُسلما بالعزم على الاسلام وَمِنْهَا أَن من اعْتقد الْحَرَام حَلَالا أَو
على الْقلب يكفر أما لَو قَالَ لحرام هَذَا حَلَال لتزويج السّلْعَة أَو
بِحكم الْجَهْل لَا يكون كفرا
رجل قَالَ هَذَا بِتَقْدِير الله فَقَالَ ظَالِم أَنا أفعل بِغَيْر
تَقْدِير الله يكفر
وَفِي فتاوي القَاضِي الامام رجل حلف وَقَالَ الله يعلم أَنِّي مَا فعلت
هَذَا وَهُوَ يعلم أَنه قد فعل اخْتلف الْمَشَايِخ فِيهِ حكى عَن الشَّيْخ
الامام اسماعيل الزَّاهِد أَنه قَالَ وجدت رِوَايَة فِي هَذَا أَنه يكفر
كَذَا لَو صلى مَعَ الامام الى غير الْقبْلَة عمدا وَقَالَ بَعضهم إِذا
قَالَ يعلم أَنِّي لم أفعل كَذَا وَهُوَ يعلم أَنه قد فعل لَا يكون كفرا
وَالْأول أصح
وَفِي الفتاوي رجل قَالَ إِن قلت كَذَا فَأَنا كَافِر أَو يَهُودِيّ أَو
نَصْرَانِيّ على الِاسْتِقْبَال يكفر وَلَيْسَ هَذَا بِيَمِين وَذهب بعض
عُلَمَائِنَا الى أَنه يَمِين عندنَا وَقد تقدم ذَلِك فِي الايمان
رجل كفر بِاللِّسَانِ طَائِعا وَقَبله مطمئن بالايمان يكون كَافِرًا عندنَا
وَيكون عِنْد الله مُؤمنا
رجل قَالَ أثقله أَمر أردْت أَن أكفر يصير كَافِرًا وَلَو ادّعى رجل
النُّبُوَّة فَطلب رجل مِنْهُ المعجزة قَالَ بَعضهم يكفر وَقَالَ بَعضهم
إِن كَانَ غَرَضه إِظْهَار عَجزه وافتضاحه لَا يكفر
وَفِي الفتاوي رجل قَالَ أَنا مُؤمن إِن شَاءَ الله تَعَالَى يكفر إِن
قَالَ ذَلِك من غير تَأْوِيل وَلَو قَالَ لَا أَدْرِي أخرج من الدُّنْيَا
مُؤمنا أَولا لَا يكفر كَافِر جَاءَ إِلَى رجل وَقَالَ اعْرِض على
الْإِسْلَام وَقَالَ الرجل اذْهَبْ إِلَى فلَان الْعَالم يكفر وَقَالَ
الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث لَا يكفر رجل قَالَ لآخر يَا يَهُودِيّ فَقَالَ
لبيْك أَو قَالَ جهود كَبِير يكفر وَلَو قَالَ لآخر قبض الله روحك على
الْكفْر عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله أَنه لَا يكفر واليه مَال الصَّدْر
القَاضِي برهَان الدّين
رجل علم امْرَأَة الرِّدَّة لتبين من زَوجهَا تكفر وَيكفر الْمعلم يَعْنِي
من علمهَا أَو أمرهَا بذل
وَفِي النَّوَازِل رجل قَالَ أَنا ملحد يكفر وَلَو قَالَ النَّصْرَانِيَّة
خير من الْيَهُودِيَّة يكفر وَيَنْبَغِي أَن يَقُول الْيَهُودِيَّة شَرّ من
النَّصْرَانِيَّة
رجل وضع قلنسوة الْمَجُوس على راسه قَالَ بَعضهم يكفر وَقَالَ بَعضهم لَا
يكفر وَقَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين إِنَّه إِن كَانَ لضَرُورَة الْبرد أَو
لِأَن الْبَقَرَة لَا تعطيه اللَّبن لَا يكفر
رجل تصدق بالحرام ويرجو الثَّوَاب يكفر وَلَو علم الْفَقِير ودعا لَهُ
وَأمن الْمُعْطِي كفراه وَلَو قَالَ لآخر كل من الْحَلَال فَقَالَ
الْحَرَام أحب الي كفر وَكَذَا فَاسق يشرب الْخمر فجَاء أقرباؤه ونئروا
الدَّرَاهِم عَلَيْهِ كفرُوا وَلَو قَالَ حُرْمَة الْخمر لم تثبت
بِالْقُرْآنِ يكفر
وَفِي النّصاب من ابغض عَالما بِغَيْر سَبَب ظَاهر خيف عَلَيْهِ الْكفْر
وَفِي نُسْخَة الخسرواني رجل يجلس على مَكَان مُرْتَفع ويسألون مِنْهُ
مسَائِل بطرِيق الِاسْتِهْزَاء وهم يضربونه بالوسائد وَيضْحَكُونَ يكفرون
جَمِيعًا
(1/415)
وَفِي النّصاب رجل قَرَأَ على ضرب الدُّف أَو الْقصب يكفر لاستخفافه
بِالْقُرْآنِ
رَجَب يدْخل آيَة الْقُرْآن فِي الْوِعَاء أَو يمْلَأ قدحا وَيَقُول وكاسا
دهاقا أَو قَالَ خانه بالكردة أست جون وَالسَّمَاء والطارق قَالَ الامام
أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْفضل اسحاق يكفر الْعَالم دون الْجَاهِل وَلَو
قَالَ لما فِي الْقدر والباقيات الصَّالِحَات يكفر
وَفِي نُسْخَة الخسرواني رجل شرب الْخمر وَقَالَ بِسم الله أَو قَالَهَا
عِنْد الزِّنَا يكفر وَكَذَا لَو أكل الْحَرَام وَقَالَ بعد أكل الْحَرَام
الْحَمد لله اخْتلفُوا فِيهِ
وَفِي نُسْخَة الخسرواني قيل لآخر صل وَهُوَ فِي وَقت الصَّلَاة فَقَالَ
لَا اصلي يكفر وَلَو قَالَ لَا اصلي بِأَمْرك لَا يكفر
وَفِي مَجْمُوع النَّوَازِل وَلَو قَالَ لآخر دع الدُّنْيَا لتنال
الْآخِرَة فَقَالَ أترك النَّقْد بِالنَّسِيئَةِ يكفر
وَفِي الفتاوي سُلْطَان عطس فَقَالَ لَهُ رجل يَرْحَمك رَبك الله فَقَالَ
لَهُ رجل لَا يُقَال للسُّلْطَان هَكَذَا يكفر
وَمن قَالَ إِن السُّلْطَان فِي زَمَاننَا عَادل يكفر لِأَنَّهُ جَائِز
وَمن سمى الْجور عدلا يكفر كَذَا قَالَ الامام علم الْهدى أَبُو
الْمَنْصُور الماتريدي وَقَالَ بَعضهم لَا يكفر
إِذا قيل للْمُسلمِ اسجد للْملك وَإِلَّا قتلناك فَالْأَفْضَل أَن لَا
يسْجد لِأَنَّهُ كفر وَالْأَفْضَل أَن لَا يَأْتِي بِمَا هُوَ كفر صُورَة
وَفِي الْأَجْنَاس قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله لَا يُصَلِّي على غير
الْأَنْبِيَاء وَالْمَلَائِكَة
اللَّعْن على يزِيد بن مُعَاوِيَة لَا يَنْبَغِي أَن يفعل وَكَذَا على
الْحجَّاج قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى سَمِعت عَن الشَّيْخ الامام
الزَّاهِد قوام الدّين الصفار أَنه كَانَ يَحْكِي عَن أَبِيه أَنه يجوز
ذَلِك وَيَقُول لَا تَلْعَنُوا مُعَاوِيَة وَأما اللَّعْن على يزِيد فَلَا
بَأْس هَذَا مَا يسر الله نَقله من الْخُلَاصَة وَالله الْمُوفق للصَّوَاب |