لسان الحكام في معرفة الأحكام

الْفَصْل الثَّامِن وَالْعشْرُونَ فِي الْوَصَايَا
وَفِي شرح الطَّحَاوِيّ الْأَفْضَل لمن كَانَ لَهُ مَال قَلِيل أَن لَا يُوصي بِشَيْء اذا كَانَ لَهُ وَرَثَة وَالْأَفْضَل لمن كَانَ لَهُ مَال كثير أَن لَا يتَجَاوَز عَن الثُّلُث فِيمَا لَا مَعْصِيّة فِيهِ ويوصي فِيمَا لَا مَعْصِيّة فِيهِ
وَعَن الامام الفضلى إِذا كَانَت الْوَرَثَة صغَارًا فَترك الْوَصِيَّة أفضل قَالَ هَكَذَا روى عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله وَإِن كَانُوا بالغين إِن كَانُوا فُقَرَاء وَلَا يستغنون بِثُلثي التَّرِكَة فَترك الْوَصِيَّة أفضل وَإِن كَانُوا أَغْنِيَاء ويستغنون بالثلثين فَالْوَصِيَّة أفضل وَقدر الِاسْتِغْنَاء عَن أبي حنيفَة إِذا ترك لكل وَاحِد من الْوَرَثَة أَرْبَعَة آلَاف دون الْوَصِيَّة وَعَن الفضلى عشرَة آلَاف وَفِي الْموضع الَّذِي اراد أَن يُوصي اليه يَنْبَغِي أَن يبْدَأ بالواجبات فَإِن لم يكن عَلَيْهِ شَيْء من الْوَاجِبَات يبْدَأ بِالْقَرَابَةِ وَإِن كَانُوا أَغْنِيَاء فالجيران
نوع مِنْهُ وَفِي شرح الطَّحَاوِيّ ثمَّ الْوَصِيَّة يشْتَرط فِيهَا الْقبُول وَذَلِكَ بِالصَّرِيحِ أَو بِالدّلَالَةِ وَذَلِكَ بِأَن يَمُوت الْمُوصي لَهُ بعد موت الْمُوصي وَفِي التَّجْرِيد وَالدّلَالَة أَن يَمُوت الْمُوصي لَهُ قبل الْقبُول وَالرَّدّ

(1/416)


بعد موت الْمُوصي فَيكون مَوته قبولا للْوَصِيَّة وَيكون ذَلِك مِيرَاثا لوَرثَته وَقبُول الْمُوصي لَهُ ورده قبل موت الْمُوصي لَا يعْتَبر
ثمَّ الْوَصَايَا على أَرْبَعَة أوجه مِنْهَا مَا يجوز أجازت الْوَرَثَة اَوْ لم يجيزوا بِأَن أوصى لأَجْنَبِيّ بِثلث مَاله أَو بِكُل مَاله وَلَا وَارِث لَهُ وَمِنْهَا مَا لَا يجوز وَإِن أجازت الْوَرَثَة وَهِي الْوَصِيَّة للحربي بِخِلَاف الْمُسْتَأْمن وَالذِّمِّيّ فَإِنَّهُ يجوز لَهما الْوَصِيَّة اسْتِحْسَانًا وَمِنْهَا مَا يجوز إِن أجازت الْوَرَثَة بِأَن أوصى باكثر من ثلث مَاله لأَجْنَبِيّ أَو أوصى لوَاحِد من الْوَرَثَة لَا يجوز إِلَّا بِالْإِجَازَةِ من الْوَرَثَة لَا يجوز إِلَّا بِالْإِجَازَةِ من الْوَرَثَة إِذا كَانُوا بالغين وَمِنْهَا مَا يكون مُخْتَلفا فِيهِ وَهِي الْوَصِيَّة للْقَاتِل وإجازه الْوَرَثَة عِنْدهمَا تجوز وَعند أبي يُوسُف لَا تجوز ثمَّ فِي كل مَوضِع تشْتَرط الْإِجَازَة فِيهِ إِنَّمَا يجوز إِذا كَانَ الْمُجِيز من أهل الْإِجَازَة بِأَن كَانَ عَاقِلا بَالغا صَحِيحا فَإِذا أجَاز فالموصي لَهُ يملكهُ من الْمُوصي لَا من الْمُجِيز هَكَذَا فِي التَّجْرِيد
وَفِي فتاوي القَاضِي الامام رجل أوصى بِجَمِيعِ مَاله للْفُقَرَاء أَو لرجل بِعَيْنِه لَا يجوز ذَلِك إِلَّا من الثُّلُث فَإِن أجازت الْوَرَثَة فِي حَيَاة الْمُوصي لَا تعْتَبر إجازتهم وَكَانَ لَهُم الرُّجُوع فَإِن أَجَازُوا بعد مَوته صحت الاجازة
ثمَّ الْوَصِيَّة على ثَلَاثَة أَنْوَاع فِي وَجه يكون الْمُوصي لَهُ كَالْمُودعِ وَالْوَصِيَّة فِي يَد الْمُوصي أَو فِي يَد الْوَرَثَة كَالْوَدِيعَةِ نَحْو لَو هلك من غير تعد يضمن وَفِي وَجه إِن أوصى بِعَين مَال قَائِم وَذَلِكَ يخرج من الثُّلُث حَتَّى لَو هلك من غير تعد لَا يضمن وَفِي وَجه يكون الْمُوصي لَهُ كالشريك مَعَ الْوَرَثَة نَحْو إِن أوصى بِثلث مَاله أَو بِربع مَاله يكون مَال الْمَيِّت مُشْتَركا حَتَّى إِن مَا هلك يهْلك بِالْحِسَابِ وَمَا بَقِي يبْقى بِالْحِسَابِ
جنس آخر وَفِي فتاوي الفضلى مَرِيض لَا يقدر على الْكَلَام لضَعْفه فأوصى واشار براسه وَيعلم أَنه يعقل إِن مَاتَ قبل أَن يقدر على النُّطْق جَازَت وَصيته وَقَالَ فِي النَّوَازِل هَذَا قَول مُحَمَّد بن مقَاتل وَأَنه لَا يجوز عِنْد اصحابنا
وَفِي واقعات الناطفي إِذا اصابه فالج فَذهب لِسَانه فَلم يقدر على الْكَلَام فاشار بِشَيْء أَو كتب وَقد تقادم وَطَالَ وازداد بِهِ مُدَّة سنة فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْأَخْرَس
وَفِي النَّوَازِل قيل للْمَرِيض أوصى بِشَيْء فَقَالَ ثلث مَالِي وَلم يزدْ على ذَلِك إِن قَالَ على أثر سُؤَالهمْ ثلث مَاله للْفُقَرَاء وَقَالَ مُحَمَّد بن سَلمَة ثلث مَاله للْفُقَرَاء وَلم يذكر هَذَا التَّفْصِيل قَالَ وَهَذَا مُوَافق لما يَأْتِي بعد هَذَا فَإِنَّهُ قَالَ لَو قَالَ ثُلثي لفُلَان أَو سدسي أَو ربعي لفُلَان فِي الِاسْتِحْسَان هَذِه وَصِيَّة جَائِزَة وَكَذَا لَو قَالَ بعد موتِي بِخِلَاف مَا لَو قَالَ فِي صِحَّته ثلث مَالِي وَلَو ذكره فِي خلال الْوَصَايَا أَو اضافه الى مَا بعد الْمَوْت وَكَانَ ذَلِك فِي الصِّحَّة يكون وَصِيَّة وَفِي الْمَرَض على هَذَا وَكَذَا لَو قَالَ فِي مَرضه أخرجُوا ألف دِرْهَم من مَالِي أَو لم يقل من مَالِي وَلم يزدْ على هَذَا إِن كَانَ فِي ذكر الْوَصِيَّة جَازَ وَيصرف الى الْفُقَرَاء وَلَو قَالَ ثلث مَالِي وقف وَلم يزدْ على هَذَا إِن كَانَ مَاله دَرَاهِم أَو دَنَانِير فَهَذَا القَوْل بَاطِل وَإِن كَانَ ضيَاعًا صَار وَقفا على الْفُقَرَاء الْكل من النَّوَازِل
وَفِي نَوَادِر هِشَام لَو قَالَ ثلث مَالِي لله تَعَالَى فَالْوَصِيَّة بَاطِلَة عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَعند مُحَمَّد تصرف الى وُجُوه الْبر وَلَو قَالَ انْظُرُوا الى مَا يجوز إِعْطَاؤُهُ فَأَعْطوهُ فَهَذَا على الثُّلُث
رجل أوصى بِأَن يتَّخذ الطَّعَام بعد مَوته ليطعم النَّاس ثَلَاثَة ايام فَالْوَصِيَّة بَاطِلَة هُوَ الْأَصَح أوصى

(1/417)


بِالثُّلثِ فِي وُجُوه الْخَيْر يصرف الى القنطرة أَو بِنَاء الْمَسَاجِد أَو طلبة الْعلم رجل أوصى لوَارِثه وللأجنبي فللأجنبي نصف الْوَصِيَّة وَبَطلَت الْوَصِيَّة للْوَارِث وَلَو أوصى لحي وميت فَجَمِيع الْوَصِيَّة للحي وَالْمَرِيض إِذا أقرّ لوَارِثه وللأجنبي بدين بَطل ذَلِك كُله
جنس مِنْهُ وَفِي مَجْمُوع النَّوَازِل الْوَصِيَّة للْعَبد بِعَين من أَعْيَان مَاله لَا تصح أما لَو أوصى بِثلث مَاله مُطلقًا يَصح وَيكون وَصِيَّة بِالْعِتْقِ إِن خرج من الثُّلُث قيمَة العَبْد عتق كُله بِغَيْر سِعَايَة وَإِن خرج بعضه عتق وسعى فِي بَقِيَّة قِيمَته
وَفِي الْجَامِع الصَّغِير رجل أوصى بِثلث مَاله لأمهات أَوْلَاده وَهن ثَلَاث وللفقراء وَالْمَسَاكِين يقسم الثُّلُث بَينهم على خَمْسَة أسْهم سهم للْفُقَرَاء وَسَهْم للْمَسَاكِين وَثَلَاثَة لأمهات أَوْلَاده وَعند مُحَمَّد يقسم الثُّلُث بَينهم على سَبْعَة أسْهم لأمهات الْأَوْلَاد ثَلَاثَة وَاثْنَانِ للْفُقَرَاء وَاثْنَانِ للْمَسَاكِين
وَتجوز الْوَصِيَّة لما فِي الْبَطن وَبِمَا فِي بطن الْجَارِيَة وَلَا تجوز الْهِبَة للجنين وَالْوَصِيَّة لأهل الْحَرْب بَاطِلَة
حَرْبِيّ دخل دَار الاسلام بِأَمَان فأوصى بِمَالِه كُله لمُسلم أَو ذمِّي صَحَّ
وَصِيَّة الذِّمِّيّ فِيمَا زَاد على الثُّلُث لَا تجوز وَصَايَا الذِّمِّيّ على وُجُوه أَرْبَعَة أَحدهَا لَو أوصى بِمَا هُوَ قربَة عندنَا وَعِنْدهم كالصدقات وَعتق الرّقاب والإسراج فِي بَيت الْمُقَدّس وَأَن يغزى بِهِ التّرْك والديلم صحت سَوَاء أوصى لقوم بأعيانهم أَو لم يسموا كمل لَو فعل فِي صِحَّته وَالثَّانِي لَو أوصى بِمَا هُوَ مَعْصِيّة عندنَا وَعِنْدهم كالصدقة للمغنية والنائحة إِن أوصى لقوم بأعيانهم صحت الْوَصِيَّة وَيكون تَمْلِيكًا وَإِن أوصى لقوم لَا يُحصونَ لَا تصح وَالثَّالِث إِذا أوصى بِمَا هُوَ طَاعَة عندنَا ومعصية عِنْدهم كَالْوَصِيَّةِ بِبِنَاء الْمَسْجِد أَو بإسراجه أَو بِالْحَجِّ فَإِن سمي لقوم بأعيانهم صحت فَيكون تَمْلِيكًا مِنْهُم وَتبطل الْجِهَة الَّتِي عينهَا إِن شاؤوا فعلوا ذَلِك وَإِن شَاءُوا تركُوا وَإِن كَانُوا لَا يُحصونَ لَا تصح الرَّابِع إِذا أوصى بِمَا هُوَ مَعْصِيّة عندنَا طَاعَة عِنْدهم كَالْوَصِيَّةِ بِبِنَاء الْبيعَة والكنيسة إِن كَانَت لقوم بأعيانهم صحت بالاجماع وَإِن كَانَت لقوم لَا يُحصونَ تصح عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله وَعِنْدَهُمَا لَا تصح
وَالذِّمِّيّ لَو جعل دَاره بيعَة أَو كَنِيسَة فِي حَيَاته فَهِيَ مِيرَاث عِنْدهمَا عَنهُ أما عِنْد أبي حنيفَة فَإِنَّهُ كالوقف عِنْده فِي حق الْمُسلم وَأما عِنْدهمَا فَلِأَن وَصِيَّة الذِّمِّيّ بِمَا لَا يكون قربَة عندنَا لَا يجوز وَالله أعلم بِالصَّوَابِ
جنس آخر فِي الرُّجُوع عَن الْوَصِيَّة وَفِي شرح الطَّحَاوِيّ إِذا أوصى بالأمة لرجل ثمَّ بَاعهَا الْمُوصي أَو أعْتقهَا أَو دبرهَا أَو كاتبها أَو بَاعهَا من نَفسهَا فَهَذَا كُله يكون إبطالا للْوَصِيَّة بِخِلَاف مَا اذا أوصى بِبَيْعِهَا من فلَان فَإِنَّهُ لَا يكون رُجُوعا وَفِي مَجْمُوع النَّوَازِل كَذَا لَو أخرجهَا عَن ملكه باي طَرِيق كَانَ بطلت الْوَصِيَّة وَلَو عَادَتْ الى ملكه لَا تصح الْوَصِيَّة
ثمَّ الْوَصِيَّة على أَرْبَعَة أوجه فِي وَجه يحْتَمل الْفَسْخ بالْقَوْل وَالْفِعْل وَفِي وَجه يحْتَمل الْفَسْخ بالْقَوْل وَفِي وَجه لَا يحْتَمل بهما وَفِي وَجه يحْتَمل بِأَحَدِهِمَا دون الآخر أما الْوَجْه الَّذِي يحْتَمل الْفَسْخ بالْقَوْل وَالْفِعْل فَهُوَ الْوَصِيَّة بِالْعينِ لرجل وَالْفَسْخ بالْقَوْل بِأَن يَقُول رجعت عَن تِلْكَ الْوَصِيَّة وبالفعل بِأَن يُخرجهُ عَن ملكه وَأما الْوَجْه الَّذِي لَا يحْتَمل الْفَسْخ بالْقَوْل وَالْفِعْل فَهُوَ التَّدْبِير وَأما الْوَجْه الَّذِي يجوز الرُّجُوع فِيهِ بالْقَوْل دون الْفِعْل فَهُوَ الْوَصِيَّة بِثلث مَاله أَو ربع مَاله إِن رَجَعَ عَنْهَا بالْقَوْل صَحَّ وَإِن أخرجه عَن ملكه

(1/418)


بِالْبيعِ لَا تبطل الْوَصِيَّة وتنفذ من الثُّلُث الْبَاقِي وَأما الْوَجْه الَّذِي يجوز الرُّجُوع عَنهُ بِالْفِعْلِ دون القَوْل فَهُوَ التَّدْبِير الْمُقَيد إِن رَجَعَ بالْقَوْل لَا يَصح وَلَو بَاعَ الْمُدبر الْمُقَيد صَحَّ الْكل من شرح الطَّحَاوِيّ
وَفِي التَّجْرِيد لَو اوصى بِثَوْب ثمَّ قطعه وخاطه أَو بِقطن فغزله أَو بغزل فنسجه أَو بحديد فصنعه إِنَاء أَو بِقطن ثمَّ حشي بِهِ أَو ببطانة فبطن بهَا أَو بِشَاة فذبحها أَو بقميص فقصه وَجعله قبَاء بطلت الْوَصِيَّة فِي جَمِيع ذَلِك وَلَو أوصى بدار فَهَدمهَا فَهَذَا لَيْسَ بِرُجُوع وَلَو أوصى بِعَبْدِهِ وَهُوَ يخرج من ثلثه ثمَّ أوصى بِهِ لآخر فَهُوَ بَينهمَا نِصْفَانِ وَلَو قَالَ العَبْد الَّذِي أوصيت بِهِ لفُلَان فَهُوَ لفُلَان يكون رُجُوعا
قَالَ أَبُو يُوسُف إِذا اوصى بِوَصِيَّة ثمَّ قَالَ لَا أعرف هَذِه الْوَصِيَّة أَو قَالَ لم أَرض بهَا فَهُوَ رُجُوع وَقَالَ مُحَمَّد لَا يكون رُجُوعا وَفِي الْجَامِع الْكَبِير لَو قَالَ اشْهَدُوا أَنِّي لم أوص بِشَيْء لم يكن رُجُوعا وَلَو قَالَ كل وَصِيَّة أوصيت بهَا لفُلَان فَهِيَ بَاطِلَة فَهُوَ رُجُوع وَلَو قَالَ حرَام أَو رَبًّا لَيْسَ بِرُجُوع اه وَالله أعلم
نوع فِي الْوَصِيَّة بِالْكَفَّارَةِ وَفِي التَّجْرِيد إِذا اجْتمعت الْوَصَايَا وَالثلث يضيق عَن الْجَمِيع إِن كَانَت مُتَسَاوِيَة يبْدَأ بِمَا يبْدَأ بِهِ الْمَيِّت
وَاخْتلفت الرِّوَايَات عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله فِي الْحَج وَالزَّكَاة وَفِي رِوَايَة يبْدَأ بِالْحَجِّ وَفِي رِوَايَة يبْدَأ بِالزَّكَاةِ وَالْحج وَالزَّكَاة يقدمان على الْكَفَّارَات وَالْكَفَّارَات مُقَدّمَة على صَدَقَة الْفطر وَصدقَة الْفطر مُقَدّمَة على النذور وَالنُّذُور وَالْكَفَّارَات مُقَدّمَة على الاضحية وَالْوَاجِب يقدم على النَّافِلَة وَفِي النَّوَازِل يقدم فِيهَا مَا بَدَأَ بِهِ الْمَيِّت
وَأما الْوَصَايَا بِالْعِتْقِ فَإِن كَانَت فِي كَفَّارَة فَحكمهَا حكم الْكَفَّارَات وَإِن كَانَت فِي غير وَاجِب فَحكمهَا حكم النَّفْل فَإِن كَانَ مَعَ شَيْء من هَذِه الْوَصَايَا الثَّانِيَة حق لله تَعَالَى وَوَصِيَّة لآدَمِيّ صرف مَا أوصى بِهِ وَجعلت كل جِهَة من جِهَات الْقرْبَة مُنْفَرِدَة بِالصرْفِ نَحْو أَن يَقُول ثلث مَالِي فِي الْحَج وَالزَّكَاة وَالْكَفَّارَات ولزيد سهم من أَرْبَعَة اسهم
وَفِي النَّوَازِل وَلَو أوصى بالاطعام عَن فوائت صلَاته يطعم لكل صَلَاة نصف صَاع من الْحِنْطَة وَهُوَ الْأَصَح
جنس آخر وَفِي الْعُيُون رجل أوصى بِثلث مَاله للْمَسَاكِين وَهُوَ فِي بلد ووطنه فِي بلد آخر إِن كَانَ مَعَه مَال يصرف ذَلِك الى فُقَرَاء هَذَا الْبَلَد وَمَا كَانَ فِي وَطنه يصرف الى فُقَرَاء وَطنه كَمَا فِي الزَّكَاة وَلَو أوصى أَن يتَصَدَّق بِثلث مَاله على فُقَرَاء بَلخ فَالْأَفْضَل أَن يصرف اليهم وَإِن أعْطى غَيرهم جَازَ وَهَذَا قَول أبي يُوسُف وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَقَالَ مُحَمَّد لَا يجوز وَكَذَا لَو اوصى بِأَن يتَصَدَّق على فُقَرَاء الْحَاج فَيتَصَدَّق على غَيرهم
وَفِي النَّوَازِل لَو أوصى بِأَن يتَصَدَّق فِي عشرَة أَيَّام فَتصدق فِي يَوْم جَازَ
رجل أوصى لأهل السجون أَو الزمني أَو الْيَتَامَى أَو الأرامل أَو الغارمين أَو ابناء السَّبِيل فَإِنَّهُ يُعْطي فقراؤهم دون أغنياءهم وَلَو أوصى بِثلث مَاله للرباط قَالَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث إِن كَانَ هُنَاكَ دلَالَة يعرف أَنه أَرَادَ بِهِ المقيمين فِي الرِّبَاط صرف اليهم وَإِن لم يكن هُنَاكَ دلَالَة صرف الى الْعِمَارَة
وَأما الْوَصِيَّة لمَسْجِد كَذَا أَو لقنطرة كَذَا فجائزة وَهُوَ لمرمتها وإصلاحها كَذَا روى عَن مُحَمَّد وَعَن أبي يُوسُف أَنَّهَا بَاطِلَة إِلَّا أَن يَقُول ينْفق على الْمَسْجِد وَلَو قَالَ لبيت الْمُقَدّس ينْفق على الْمَسْجِد فِي إسراجه

(1/419)


وَنَحْو ذَلِك وَلَو قَالَ لبيت الْمُقَدّس بِثلث مَالِي أَو الى الْكَعْبَة فَهُوَ جَائِز وَيُعْطِي لمساكين مَكَّة هَكَذَا فِي الْعُيُون
وَلَو اوصى بِأَن يخرج ثلث مَاله لمجاوري مَكَّة وهم لَا يُحصونَ فَالْوَصِيَّة جَائِزَة وَيصرف الى أهل الْحَاجة مِنْهُم وَإِن كَانُوا يُحصونَ قسم على رؤوسهم وَلَو قَالَ أوصيت لفُلَان بِثلث مَالِي وَهُوَ ألف دِرْهَم وَالثلث أَكثر فَلهُ الثُّلُث بَالغا مَا بلغ وَفِي الفتاوي الصُّغْرَى فِي تَنْفِيذ الْوَصِيَّة فِي الثُّلُث الْقيمَة وَقت الْقِسْمَة
نوع فِي الْوَصِيَّة للاقارب وَالْجِيرَان وَفِي الزِّيَادَات لَو أوصى بِثلث مَاله لأقربائه فَعِنْدَ أبي حنيفَة رَحمَه الله يعْتَبر لاسْتِحْقَاق هَذِه الْوَصِيَّة شَرَائِط ثَلَاث إِحْدَاهَا لَا يُعْطي كل الْوَصِيَّة لوَاحِد الثَّانِيَة الْمَحْرَمِيَّة كَمَا فِي نَفَقَة الْأَقَارِب الثَّالِثَة الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب وَلَا شَيْء للابعد مَعَ الْأَقْرَب كالميراث وَلَا يدْخل فِي هَذِه الْوَصِيَّة من كَانَ وَارِثا وَلَا يدْخل وَالِده ولد الصلب وَيدخل فِيهِ الْجد وَالْجدّة وَولد الْوَلَد وروى الْحسن عَن أبي حنيفَة أَنه لَا يدْخل
وَفِي التَّجْرِيد لَو أوصى لِذَوي قرَابَته وَله عمان وخالان فَعِنْدَ أبي حنيفَة الثُّلُث للعمين وَعِنْدَهُمَا يقسم أَربَاعًا وَلَو كَانَ لَهُ عَم وخالان فللعم نصف الثُّلُث وَالنّصف للخالين عِنْد أبي حنيفَة وَلَو كَانَ لَهُ عَم وَاحِد كَانَ لَهُ نصف الثُّلُث وَلَو أوصى لذِي قرَابَته فَجَمِيع الثُّلُث كُله للعم
وَفِي الزِّيَادَات الْمَرْأَة إِذا أوصت بِنصْف مَالهَا أَو كل مَالهَا للزَّوْج المَال كُله لَهُ النّصْف بِحكم الْإِرْث وَالنّصف بِحكم الْوَصِيَّة
نوع فِي الْوَصِيَّة بالدفن والكفن وَمَا يتَّصل بهما وَفِي النَّوَازِل رجل أوصى لقارئ القرأن يقْرَأ عِنْد قَبره بِشَيْء فَالْوَصِيَّة بَاطِلَة
سُئِلَ أَبُو بكر عَن رجل أَمر بِأَن يحمل بعد مَوته الى مَوضِع كمذا ويدفن هُنَاكَ وَيَبْنِي هُنَاكَ رِبَاط من ثلث مَاله فَمَاتَ وَلم يحمل الى هُنَاكَ قَالَ الْوَصِيَّة بالرباط جَائِزَة وبحمله الى هُنَاكَ بعد مَوته بَاطِلَة
وَسُئِلَ أَبُو الْقَاسِم عَن رجل دفع الى ابْنَته خمسين درهما وَقَالَ إِن مت فعمري قَبْرِي وَخَمْسَة دَرَاهِم لَك وَاشْترى بِالْبَاقِي حِنْطَة وَتصدق بهَا قَالَ أما الْخَمْسَة لَهَا فَلَا تجوز وَينظر الى الْقَبْر الَّذِي أمرت بعمارته إِن كَانَ يحْتَاج فِي عِمَارَته للتجصيص عمرت بِقدر ذَلِك أما الزِّيَادَة على ذَلِك يَعْنِي للتزيين فَالْوَصِيَّة بَاطِلَة وَتَتَصَدَّق بِالْبَاقِي على الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين
وَفِي النَّوَازِل الْوَصِيَّة بتطيين الْقَبْر وَأَن يضْرب على قَبره قبَّة بَاطِلَة وَلَو أوصى بِأَن يدْفن فِي مَقْبرَة كَذَا بِقرب فلَان الزَّاهِد تراعى شَرَائِط الْوَصِيَّة وَلَو أوصى بِأَن يقبر مَعَ فلَان فِي قبر وَاحِد لَا تراعي شُرُوطهَا
وَفِي النَّوَازِل لَو أوصى بِأَن يدْفن فِي بَيته لَا يَصح ويدفن فِي مَقَابِر الْمُسلمين وَلَو أوصى بِأَن تدفن كتبه لَا يجوز إِلَّا أَن يكون فِيهَا شَيْء لَا يفهمهُ أحد وفيهَا فَسَاد فَيَنْبَغِي أَن تدفن وَلَو أوصى بِأَن يُصَلِّي عَلَيْهِ فلَان صَلَاة الْجِنَازَة فَالْوَصِيَّة بَاطِلَة هُوَ الْأَصَح
نوع فِي الايصاء والعزل عَن أبي مُطِيع الْبَلْخِي أَنه قَالَ أفتى مُنْذُ نَيف وَعشْرين سنة فَمَا رَأَيْت عَمَّا عدل فِي مَال ابْن أَخِيه وَهَذَا يدل على أَنه إِذا لم يقبل الْوَصِيَّة فَهُوَ اسْلَمْ

(1/420)


إِذا عرفنَا هَذَا جِئْنَا الى الْمسَائِل فَنَقُول فِي فَتَاوَى النَّسَفِيّ رجل قَالَ لآخر تيمار دَاري فرر يدان بمردماريش برش أَو قَالَ بِالْعَرَبِيَّةِ تعهدهم أَو قُم بأمرهم أَو مَا يجْرِي مجْرَاه يصير وَصِيّا
وَفِي النَّوَازِل لَو قَالَ الْمَرِيض لرجل اقْضِ ديوني يصير وَصِيّا عِنْد أبي حنيفَة وَعند مُحَمَّد إِذا قَالَ الرجل لغيره إئت وصيي فَهَذِهِ وَصِيَّة بعد الْمَوْت
رجل قَالَ لآخر استأجرتك بِمِائَة دِرْهَم لتنفذ وصاياي فالمائة صلَة لِأَن هَذِه اجارة بعد الْمَوْت والاجارة بعد الْمَوْت بَاطِلَة وَهِي من الثُّلُث وَهُوَ وَصِيّ
رجل قَالَ لآخر لَك أجر مائَة دِرْهَم على أَن تكون وَصِيّا فَالشَّرْط بَاطِل وَالْمِائَة وَصِيَّة لَهُ وَهُوَ وَصِيّ
وَلَو خَاطب الْمَرِيض قوما اجْتَمعُوا عِنْده وَقَالَ لَهُم افعلوا كَذَا بعد موتِي من الْأَعْمَال الَّتِي يصير الرجل بهَا وَصِيّا فَالْكل أوصياء وَلَو سكتوا حَتَّى مَاتَ الْمَرِيض ثمَّ قبل بَعضهم دون بعض إِن كَانَ الْقَابِل اثْنَيْنِ صَار وصيين وَإِن كَانَ وَاحِدًا يرفع الْأَمر الى القَاضِي حَتَّى يضم اليه آخر كَأَنَّهُ أوصى الى رجلَيْنِ لَا ينْفَرد أَحدهمَا إِلَّا فِي أَشْيَاء مُتعَدِّدَة الْمسَائِل فِي النَّوَازِل
جنس آخر فِي الْعَزْل وَفِي شرح الطَّحَاوِيّ الأوصياء البالغون الْأَحْرَار على ثَلَاث مَرَاتِب أما الأول أَن يكون الْوَصِيّ قَوِيا أَمينا يُمكنهُ الْقيام على مَال الْمَيِّت فَلَيْسَ للْحَاكِم عَزله الثَّانِي إِن كَانَ أَمينا لَكِن لَا يُمكنهُ الْقيام على مَاله من التَّصَرُّف وَغَيره فللقاضي أَن يضم اليه ثِقَة آخر وَلَا يعزله الثَّالِث أَن يكون خائنا وَتظهر خيانته فللقاضي أَن يعزله
وَفِي التَّجْرِيد لَو لم يعلم القَاضِي أَن لَهُ وَصِيّا فنصب لَهُ وَصِيّا فَلَيْسَ هَذَا الْفِعْل إخراجا لَهُ من الْوَصِيَّة وللوصي أَن يُوصي الى آخر عِنْد الْمَوْت وَفِي نُسْخَة الامام خُوَاهَر زَاده الْوَصِيّ إِذا كَانَ عدلا كَافِيا لَا يَنْبَغِي للْقَاضِي أَن يعزله لَكِن مَعَ هَذَا لَو عَزله يَنْعَزِل وَهَكَذَا فِي الفتاوي الصُّغْرَى أَنه يَنْعَزِل
وَفِي الْأَقْضِيَة ذكر فِيهِ اخْتِلَاف الْمَشَايِخ وَفِي قسْمَة الفتاوي الْوَصِيّ إِذا عجز عَن الْقيام بِأَمْر الْمَيِّت فَأَقَامَ الْحَاكِم قيمًا آخر لَا يَنْعَزِل الأول
الْوَصِيّ إِذا ادّعى دينا على الْمَيِّت لَا يُخرجهُ القَاضِي من الْوَصِيَّة وَلَو ادّعى شَيْئا من الْأَعْيَان يُخرجهُ
قَالَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث الْمُخْتَار فِي الدّين أَيْضا أَن يَقُول لَهُ القَاضِي إِمَّا أَن تقيم الْبَيِّنَة على الدّين أَو تبرئه من الدّين أَو يخْرجك عَن الْوَصِيَّة فَإِن أَبرَأَهُ وَإِلَّا أخرجه عَن الْوِصَايَة وَجعل مَكَانَهُ آخر
الْوَصِيّ لَا يقْرض مَال الْيَتِيم على مَا يذكر وَلَو أقْرض مَعَ هَذَا لَا يكون هَذَا خِيَانَة حَتَّى لَا يسْتَحق الْعَزْل
نوع فِي تَصَرُّفَات الْوَصِيّ وَفِي وكَالَة الأَصْل للْوَصِيّ أَن يُوكل بِالْخُصُومَةِ أما الْوَكِيل هَل يُوكل أم لَا قد ذكرنَا فِي كتاب الْوكَالَة الْوكَالَة يَبِيع الْوَصِيّ مَال الصَّبِي وَقد ذكرنَا فِي كتاب الْبيُوع الْوَصِيّ لَا يقْرض مَال الْيَتِيم وَالْقَاضِي يقْرض مَال الْيَتِيم وَتَكَلَّمُوا فِي الْأَب وَالأَصَح أَنه كالوصي هَكَذَا فِي الْجَامِع الصَّغِير من كتاب الْقَضَاء
وَفِي أدب القَاضِي للخصاف القَاضِي إِنَّمَا يملك الْإِقْرَاض إِذا لم يجد من يدْفع اليه مُضَارَبَة أَو يَشْتَرِي شَيْئا وَالْوَصِيّ يملك بيع مَال الْيَتِيم نَسِيئَة إِذا كَانَ لَا يخَاف الْجُحُود وَالْوَصِيّ لَو اسْتقْرض لنَفسِهِ يضمن وَعَن مُحَمَّد رَحمَه الله أَنه لَا يضمن وَفِي رهن الأَصْل يضمن

(1/421)


وَالْمُتوَلِّيّ إِذا أقْرض مَا فضل من الْوَقْف صَحَّ اذا كَانَ أحرز من الامساك وَإِن اسْتقْرض إِن شَرط الْوَاقِف فَلهُ ذَلِك وَإِلَّا يرفع الْأَمر الى القَاضِي ان احْتَاجَ
وَالْعَبْد الْمَأْذُون وَالْمكَاتب لَا يقرضان وَإِذا آجر الْوَصِيّ الصَّبِي أَو عَبده أَو مَاله جَازَ وَإِذا بلغ الصَّغِير لَهُ أَن يفْسخ الاجارة الَّتِي عقدهَا لَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَن يفْسخ الاجارة الَّتِي عقدهَا على مَاله وَالْوَصِيّ اذا آجر نَفسه للصَّبِيّ لم يجز لَهُ
وَفِي النّصاب الْوَصِيّ إِذا اراد أَن يسْتَأْجر دَار الصَّبِي وَلَا يكون غَاصبا يُؤَاجر الدَّار من امْرَأَته ثمَّ يسكنهَا فِيهَا ويهب من مَاله مِقْدَار الْأُجْرَة فتؤدي الْمَرْأَة الْأُجْرَة
الْوَصِيّ إِذا رهن مَال الْيَتِيم بدين نَفسه جَازَ اسْتِحْسَانًا وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله لَا يجوز قِيَاسا واستحسانا وَأَجْمعُوا على أَنه لَو اراد أَن يُوفي دينه من مَال الصَّغِير لَيْسَ لَهُ ذَلِك وَفِي أدب القَاضِي الْوَصِيّ يودع مَال الْيَتِيم ويعير ويبضع
الْوَصِيّ إِذا أَخذ أَرض الْيَتِيم مُزَارعَة قَالَ الفضلي إِن كَانَ الْبذر على الْيَتِيم لَا يجوز وَلَو جعله الْوَصِيّ على نَفسه فعلى قِيَاس مَا قَالَ أَبُو حنيفَة فِي جَوَاز بيع الْوَصِيّ مَال الْيَتِيم من نَفسه يَنْبَغِي أَن يجوز
وَفِي الْجَامِع الصَّغِير مقاسمة الْوَصِيّ الْمُوصي لَهُ على الْوَرَثَة جَائِزَة ومقاسمة الْوَصِيّ الْوَرَثَة على الْمُوصي لَهُ بَاطِلَة وَتَفْسِير الْمَسْأَلَة إِذا كَانَ الْوَارِث غَائِبا فقاسم الْوَصِيّ الْمُوصي لَهُ بِالثُّلثِ فصرف الثُّلُث الى الْمُوصي لَهُ وَأمْسك الثُّلثَيْنِ للْوَارِث فَهَلَك شَيْء من الثُّلثَيْنِ هلك من مَال الْوَارِث وَلَو كَانَ الْمُوصي لَهُ غَائِبا فقاسم الْوَصِيّ الْوَارِث وَصرف الثُّلثَيْنِ للْوَارِث وَأمْسك الثُّلُث للْمُوصي لَهُ فَضَاعَ الثُّلُث فِي يَده لَا يهْلك من مَال الْمُوصي لَهُ وَله أَن يُشَارك للْوَارِث فَيَأْخُذ ثلث مَا بَقِي فِي يَده
رجل وقف وَقفا وَلم يَجْعَل لَهُ قيمًا فوصيه وصّى قَائِما على أوقافه
الْوَصِيّ مَتى يدْفع المَال الى الْيَتِيم قَالَ اذا بلغ وَظهر مِنْهُ الرشد
جنس آخر أحد الْوَصِيّين لَا ينْفَرد بِالتَّصَرُّفِ إِلَّا فِي ثَمَانِيَة مَوَاضِع تجهيز الْمَيِّت وَشِرَاء مَا لَا بُد مِنْهُ للصَّغِير كالطعام وَالْكِسْوَة وَبيع مَا يخْشَى عَلَيْهِ التّلف وتنفيذ الْوَصِيَّة الْمعينَة وَقَضَاء دين الْمَيِّت من جنسه وَالْخُصُومَة ورد الْمَغْصُوب والودائع وَقبُول الْهِبَة وَجمع الْأَمْوَال الضائعة وَفِيمَا عدا هَذِه الْمَوَاضِع على الْخلاف فَعِنْدَ أبي يُوسُف ينْفَرد وَعِنْدَهُمَا لَا ينْفَرد وَسَوَاء أوصى اليهما أَو على التَّعَاقُب هُوَ الْأَصَح هَكَذَا فِي الْجَامِع الصَّغِير
وَفِي الايضاح إِذا مَاتَ الرجل وَفِي يَده ودائع لقوم شَتَّى وَعَلِيهِ دين وَأوصى الى رجلَيْنِ فَقبض أَحدهمَا المَال والودائع من منزل الْمَيِّت بِغَيْر أَمر صَاحبه أَو قبض ذَلِك بعض الْوَرَثَة بِغَيْر أَمر الْوَصِيّين أَو بِغَيْر امْر سَائِر الْوَرَثَة وَهلك فِي يَده فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ قَالَ لِأَن أحد الْوَصِيّين ينْفَرد بِقَضَاء الدّين ورد الودائع وَكَذَا أحد الْوَرَثَة وَلَو لم يكن على الْمَيِّت دين فَقبض أحد الْوَصِيّين التَّرِكَة فَضَاعَت فِي يَده لَا يضمن وَلَو أَخذهَا أحد الْوَرَثَة ضمن حِصَّة اصحابه من الْمِيرَاث وَلَو كَانَ المَال فِي مَوضِع يخَاف عَلَيْهِ الضَّيْعَة اسْتحْسنَ أَن لَا يضمن وَاحِد من الْوَرَثَة
لَو قبض دينا للْمَيت على رجل أَو وَدِيعَة عِنْد رجل فَضَاعَ عِنْده يضمن وَالله تَعَالَى أعلم

(1/422)


فصل فِي الضَّمَان
وَفِي أدب القَاضِي للخصاف السُّلْطَان إِذا طمع فِي مَال الْيَتِيم فَصَالح الْوَصِيّ بِبَعْض مَال الْيَتِيم لدفع ظلمه إِن أمكنه دفع ظلمه من غير أَن يُعْطي شَيْئا فَأعْطِي لَا يضمن
وَفِي النَّوَازِل وَإِن خَافَ الْوَصِيّ على نَفسه الْقَتْل أَو اتلاف عُضْو فَدفع لَا يضمن وَإِن خَافَ على نَفسه الْحَبْس أَو الْقَيْد فَأعْطى ضمن وَإِن خَافَ أَن يَأْخُذ من مَاله لَو لم يدْفع اليه مَال الْيَتِيم إِن علم الْوَصِيّ أَنه يَأْخُذ بعض مَاله وَيبقى من مَاله كِفَايَة لَا يَسعهُ أَن يدْفع مَال الْيَتِيم فَإِن دفع ضمن وَإِن خشِي أَخذ مَاله كُله فَأعْطى لَا يضمن وَهَذَا اذا كَانَ الْوَصِيّ هُوَ الَّذِي دفع اليه فَإِن كَانَ السُّلْطَان هُوَ الَّذِي بسط يَده وَأخذ لَا ضَمَان على الْوَصِيّ
رجل مَاتَ وَخلف بنتين وعصبة فَطلب السُّلْطَان التَّرِكَة وَلم يقر بالعصبة فغرم الْوَصِيّ للسُّلْطَان دَرَاهِم من التَّرِكَة بِأَمْر البنتين حَتَّى ترك السُّلْطَان التَّعَرُّض قَالَ إِذا لم يقدر على تحصين التَّرِكَة إِلَّا بِمَال غرم للسُّلْطَان فَذَلِك مَحْسُوب من جَمِيع الْمِيرَاث وَلَيْسَ لَهما أَن يجعلا ذَلِك من نصيب الْعصبَة خَاصَّة هَذَا فِي قَول أبي جَعْفَر
وَفِي إجارات فتاوي الفضلى الْوَصِيّ إِذا أنْفق على بَاب القاصي فَمَا أعطي على وَجه الاجارة لَا يضمن قدر أجر الْمثل وَمَا أعطي على وَجه الرِّشْوَة ضمن وَمِمَّا يتَّصل بِهَذَا مَسْأَلَة المصادرة سُئِلَ الامام النَّسَفِيّ عَمَّن صودر فَقَالَ لرجل ادْفَعْ إِلَيْهِ والى أعوانه شَيْئا عني فَدفع اليه هَل يرجع عَلَيْهِ قَالَ لَا قَالَ رَحمَه الله وَعَامة الْمَشَايِخ إِنَّه لَا يرجع بِدُونِ شَرط الرُّجُوع
وَفِي النَّوَازِل قوم وَقعت المصادرة بَينهم فَأمروا رجلا بِأَن يستقرض لَهُم مَالا وَينْفق فِي هَذِه المؤنات فَفعل فالمقرض يرجع على الْمُقْتَرض والمستقرض هَل يرجع على الْآمِر إِن شَرط الرُّجُوع يرجع وبدونه هَل يرجع اخْتلف الْمَشَايِخ فِيهِ وَالله الْمُوفق لسبيل الرشاد هَذَا مَا يسر الله تَعَالَى نَقله من كتاب الْخُلَاصَة وَالله تَعَالَى أعلم