الْعَشَرَةَ آلَافِ كُلَّهَا فَالْقَوْلُ
قَوْلُ الْغَاصِبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
وَمَنْ أَقَرَّ بِدَارٍ وَاسْتَثْنَى بِنَاءَهَا لِنَفْسِهِ
فَلِلْمُقَرِّ لَهُ الدَّارُ وَالْبِنَاءُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ
إلَّا ثُلُثَهَا أَوْ إلَّا بَيْتًا مِنْهَا وَالْفَصُّ فِي الْخَاتَمِ
وَالنَّخْلَةُ فِي الْبُسْتَانِ نَظِيرُ الْبِنَاءِ فِي الدَّارِ.
وَلَوْ قَالَ: بِنَاءُ هَذِهِ الدَّارِ لِي وَالْعَرْصَةُ لِفُلَانٍ
فَهُوَ كَمَا قَالَ مِثْلَ قَوْلِهِ: بَيَاضُ هَذِهِ الْأَرْضِ دُونَ
الْبِنَاءِ لِفُلَانٍ حَيْثُ يَكُونُ الْبِنَاءُ لِلْمُقَرِّ لَهُ؛
لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْبِنَاءِ كَالْإِقْرَارِ بِالدَّارِ.
وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ
اشْتَرَيْته مِنْهُ وَلَمْ أَقْبِضْهُ فَإِنْ ذَكَرَ عَبْدًا
بِعَيْنِهِ قِيلَ لِلْمُقَرِّ لَهُ: إنْ شِئْت سَلِّمْ الْعَبْدَ
وَخُذْ الْأَلْفَ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَك، وَإِنْ قَالَ مِنْ
ثَمَنِ عَبْدٍ اشْتَرَيْته وَلَمْ يُعَيِّنْهُ لَزِمَهُ الْأَلْفُ
وَلَا يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ مَا قَبَضْت عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ
وَصَلَ أَمْ فَصَلَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: إنْ وَصَلَ
صُدِّقَ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ فَصَلَ لَمْ يُصَدَّقْ إذَا
أَنْكَرَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ،
وَإِنَّ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهُ مَتَاعًا فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ.
وَلَوْ قَالَ: ابْتَعْت مِنْهُ عَيْنًا إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْهُ
فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ
عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَمَعْنَى
الْمَسْأَلَةِ إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ
ثَمَنِ الْخَمْرِ أَوْ الْخِنْزِيرِ لَزِمَهُ الْأَلْفُ وَلَمْ
يُقْبَلْ تَفْسِيرُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَلَ أَمْ فَصَلَ
وَقَالَا إذَا وَصَلَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ.
وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ أَوْ قَالَ
أَقْرَضْتنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ هِيَ زُيُوفٌ أَوْ
نَبَهْرَجَةٌ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: جِيَادٌ لَزِمَهُ الْجِيَادُ
فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا إنْ قَالَ مَوْصُولًا يُصَدَّقُ
وَإِنْ قَالَ مَفْصُولًا لَا يُصَدَّقُ وَصَارَ كَمَا إذَا قَالَ إلَّا
أَنَّهَا وَزْنُ خَمْسَةٍ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ: إذَا قَالَ:
سَتُّوقَةٌ أَوْ رَصَاصٌ، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ إلَّا أَنَّهَا
زُيُوفٌ وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ
زُيُوفٍ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ مِنْ
الْقَرْضِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الزُّيُوفِ إذَا وَصَلَ
وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ زُيُوفٌ وَلَمْ يَذْكُرْ
الْبَيْعَ وَالْقَرْضَ قِيلَ يُصَدَّقُ بِالْإِجْمَاعِ وَقِيلَ لَا
يُصَدَّقُ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ كَرُّ حِنْطَةٍ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ
إلَّا أَنَّهَا رَدِيئَةٌ صُدِّقَ وَلَوْ قَالَ غَصَبْت مِنْهُ أَلْفًا
أَوْ أَوْدَعَنِي ثُمَّ قَالَ هِيَ زُيُوفٌ أَوْ نَبَهْرَجَةٌ صُدِّقَ
وَصَلَ أَوْ فَصَلَ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِيهِ مَفْصُولًا وَلَوْ
قَالَ هِيَ سَتُّوقَةٌ أَوْ رَصَاصٌ بَعْدَ مَا أَقَرَّ بِالْغَصْبِ
الْوَدِيعَةِ وَوَصَلَ صُدِّقَ وَإِنْ فَصَلَ لَا يُصَدَّقُ وَإِنْ
قَالَ فِي هَذَا كُلِّهِ أَلْفًا إلَّا أَنَّهُ يَنْقُصُ كَذَا لَمْ
يُصَدَّقْ إنْ فَصَلَ وَإِنْ وَصَلَ يُصَدَّقُ وَإِنْ كَانَ الْفَصْلُ
ضَرُورَةَ انْقِطَاعِ الْكَلَامِ فَهُوَ وَاصِلٌ لِعَدَمِ إمْكَانِ
الِاحْتِرَازِ عَنْهُ
وَمَنْ أَقَرَّ بِغَصْبِ ثَوْبٍ ثُمَّ جَاءَ بِثَوْبٍ مَعِيبٍ
فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الْوَدِيعَةِ وَمَنْ قَالَ لِآخَرَ:
أَخَذْت مِنْك أَلْفَ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً فَهَلَكَتْ، وَقَالَ لَا بَلْ
أَخَذْتهَا غَصْبًا فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ قَالَ أَعْطَيْتهَا
وَدِيعَةً فَقَالَ: بَلْ غَصَبْتهَا لَمْ يَضْمَنْ، وَالْقَبْضُ فِي
هَذَا كَالْأَخْذِ، وَالدَّفْعُ كَالْإِعْطَاءِ.
وَلَوْ قَالَ أَخَذْتهَا مِنْك وَدِيعَةً فَقَالَ: لَا بَلْ قَرْضًا
يَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ، وَإِنْ قَالَ: هَذِهِ الْأَلْفُ
كَانَتْ وَدِيعَةً عِنْدَ فُلَانٍ فَأَخَذَتْهَا فَقَالَ فُلَانٌ هِيَ
لِي فَإِنَّهُ يَأْخُذهَا مِنْهُ وَلَوْ قَالَ أَوْدَعْتُهَا كَانَ
عَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْآتِي بَعْد هَذَا وَإِنَّ قَالَ آجَرْت
دَابَّتِي هَذِهِ فُلَانًا فَرَكِّبْهَا وَرَدَّهَا لِي أَوْ قَالَ
آجَرْت ثَوْبِي هَذَا فُلَانًا فَلَبِسَهُ وَرَدَّهُ وَقَالَ فُلَانٌ
كَذَبْت وَهُمَا لِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ عِنْد أَبِي حَنِيفَةَ
وَقَالَا الْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ الدَّابَّةَ
وَالثَّوْبَ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْإِعَارَةُ
وَالْإِسْكَانُ وَلَوْ قَالَ خَاطَ فُلَانٌ ثَوْبِي هَذَا بِنِصْفِ
دِرْهَم ثُمَّ
(1/372)
قَبَضَتْهُ وَقَالَ فُلَانٌ: الثَّوْبُ
ثَوْبِي فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِي الصَّحِيحِ وَلَوْ قَالَ
اقْتَضَيْت مِنْ فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَتْ لِي عَلَيْهِ أَوْ
أَقْرَضْتُهُ أَلْفًا ثُمَّ أَخَذْتُهَا مِنْهُ، وَأَنْكَرَ الْمُقِرّ
لَهُ ذَلِكَ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ.
وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ فُلَانًا زَرَعَ هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ بَنَى
هَذِهِ الدَّارَ أَوْ غَرَسَ هَذَا الْكَرْمَ، وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي
يَدِ الْمُقِرِّ فَادَّعَاهُ فُلَانٌ، وَقَالَ الْمُقِرُّ بَلْ ذَلِكَ
كُلُّهُ لِي اسْتَعَنْت بِك فَفَعَلْت أَوْ فَعَلْته بِأَجْرٍ
فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ كَمَا إذَا قَالَ خَاطَ لِي الْخَيَّاطُ
قَمِيصِي هَذَا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَقُلْ قَبَضْته مِنْ
الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الْأَلْفُ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ لَا بَلْ
وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ فَالْأَلْفُ لِلْأَوَّلِ وَعَلَى الْمُقِرِّ
لِلثَّانِي أَلْفٌ أُخْرَى هَذِهِ مِنْ الْكَنْزِ.
وَلَوْ قَالَ لِي عِنْدَك أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً فَدَفَعْته إلَيَّ
وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ كَذَبْت، وَهُوَ لِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ
الْمُقِرِّ وَلَوْ قَالَ لَهُ كَانَ لِي عِنْدَك ثَوْبُ عَارِيَّةً
فَلَبِسْته ثُمَّ رَدَدْته عَلَيَّ أَوْ عِنْدَك دَابَّةٌ فَرَكِبْتهَا
ثُمَّ دَفَعْتهَا إلَيَّ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ كَذَبْت هِيَ لِي
فَعَلَى قَوْلِهِمَا هَذَا وَالْأَوَّلِ سَوَاءٌ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي
حَنِيفَةَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ مِنْ الْخُلَاصَةِ مِنْ كِتَابِ
الْوَدِيعَةِ.
لَوْ قَالَ قَبَضْت بِبَيْتِ فُلَانٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ أَوْ مِنْ
كِيسِهِ أَوْ مِنْ سَفَطِهِ ثَوْبًا هَرَوِيًّا أَوْ مِنْ نَخْلِهِ
ثَمَرًا أَوْ أَوْدَعْته كَرَّ حِنْطَةٍ أَوْ مَنًا أَوْ قَالَ مِنْ
أَرْضِ فُلَانِ قَبَضْت عَدْلَ زُطِّيٍّ ثُمَّ قَالَ نَزَلْت فِيهَا
وَمَعِي أَحْمَالٌ مِنْ زُطِّيٍّ فَهِيَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إلَّا
إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْأَرْضَ فِي إجَارَتِهِ.
رَجُلٌ قَالَ وَجَدْت فِي كِتَابِي أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفَ
دِرْهَمٍ أَوْ كَتَبْت بِيَدِي أَنَّهُ لَهُ عَلَيَّ مِائَتَا دِرْهَمٍ
الْكُلُّ بَاطِلٌ.
وَأَئِمَّةُ بَلْخَ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا فِي
يادركاه الْبَاعَة: إذَا وَجَدَ فِيهِ مَكْتُوبًا بِخَطِّ الْبَائِعِ
فَهُوَ لَازِمٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ فِي يادركاه إلَّا
مَا كَانَ لَهُ عَلَى النَّاسِ وَمَا لِلنَّاسِ عَلَيْهِ فَعَلَى هَذَا
إذَا قَالَ الْبَائِعُ وَجَدْت فِي يادركاي بِخَطِّي أَنَّ لِفُلَانٍ
عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَ إقْرَارًا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ
السَّرَخْسِيُّ وَخَطُّ الصَّرَّافِ وَالسِّمْسَارِ أَيْضًا كَمَا
ذَكَرْنَا وَقِيلَ: إنَّ الصَّدْرَ الْقَاضِيَ بُرْهَانَ الْأَئِمَّةِ
كَانَ يُفْتِي هَكَذَا فِي خَطِّ الصَّرَّافِ أَنَّهُ حُجَّةٌ.
وَلَوْ قَالَ لِلصَّكَّاكِ اُكْتُبْ لِفُلَانٍ خَطَّ إقْرَارٍ بِأَلْفِ
دِرْهَمٍ عَلَيَّ يَكُونُ إقْرَارًا وَيَصِحُّ لِلصَّكَّاكِ أَنْ
يَشْهَدَ بِالْمَالِ.
وَلَوْ قَالَ كَتَبْت بِخَطِّ يَدِي بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ
صَكًّا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ كَانَ إقْرَارًا.
لَوْ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ خَطًّا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَالْقَوْمُ
يَنْظُرُونَ إلَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ: اشْهَدُوا عَلَيَّ بِهَذَا كَانَ
إقْرَارًا.
رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْآخَرُ:
وَلِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ مِثْلُهَا عَنْ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ
مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا
يَكُونُ إقْرَارًا وَالشَّيْخُ ظَهِيرُ الدِّينِ كَانَ يُفْتِي
بِقَوْلِ ابْنِ سِمَاعَةَ وَلَوْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ مراسراز
تَوْحِيدَيْنِ يابد يَكُونُ إقْرَارًا كَمَا لَوْ قَالَ مَرَّا بَارِّي
أزتوجندين ميبايد لَا يَكُونُ إقْرَارًا.
رَجُلٌ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إنَّ مِتُّ فَعَلَيْهِ
الْمَالُ مَاتَ أَوْ عَاشَ وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ أَفْطَرَ النَّاسُ
أَوْ إنْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ عِيدُ الْأَضْحَى؛ لِأَنَّ هَذَا
لَيْسَ بِتَعْلِيقٍ بَلْ ضَرْبٍ مِنْ الْأَجَلِ فَيَلْزَمُهُ الْمَالُ
حَالًّا أَمَّا تَعْلِيقُ الْإِقْرَارِ بِالشَّرْطِ نَحْوَ لِفُلَانٍ
عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ إنْ أَصَبْت مَالًا
فَبَاطِلٌ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.
رَجُلٌ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَارٌ أَوْ عَبْدٌ لَا يَلْزَمُهُ
شَيْءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِنْ
شَاةٍ إلَى بَقَرَةٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ سَوَاءٌ كَانَ بِعَيْنِهِ
أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ.
رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ أَخَذْت مِنْك هَذَا الثَّوْبَ عَارِيَّةً
وَقَالَ الْآخَرُ أَخَذْت مِنِّي بَيْعًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآخِذِ،
وَهَذَا إذَا لَمْ يَلْبَسْهُ أَمَّا إذَا لَبِسَ وَهَلَكَ يَضْمَنُ
مِنْ الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ قَالَ غَصَبْت
(1/373)
هَذَا الثَّوْبَ مِنْ زَيْدٍ لَا بَلْ مِنْ
عَمْرٍو فَهُوَ لِزَيْدٍ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِعَمْرٍو مِنْ
الْمُخْتَارِ.
وَلَوْ قَالَ لَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُ جَارِيَةٍ لَمْ
تَلْزَمْهُ وَجِيزِ.
لَوْ قَالَ لِآخَرَ اسْتَقْرَضْت مِنْك فَلَمْ تُقْرِضْنِي فَالْقَوْلُ
لَهُ لَوْ وَصَلَ وَإِنْ فَصَلَ لَا.
وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا قَالَ أَقْرَضْتنِي
أَلْفًا فَلَمْ أَقْبَلْ أَوْ أَوْدَعْتنِي أَوْ أَعْطَيْتنِي فَلَمْ
أَقْبَلْ فَالْقَوْلُ لَهُ وَلَوْ قَالَ أَخَذْت مِنِّي مِائَةَ
دِرْهَمٍ فَقَالَ لَا أَجُودُ بِهَا فَهَذَا إقْرَارٌ وَلَوْ قَالَ لَا
أُعْطِيك بَعْدَ هَذِهِ الْمِائَةِ شَيْئًا أَوْ قَالَ لَمْ أَغْصِبْك
مَعَ هَذِهِ الْمِائَةِ شَيْئًا أَوْ قَالَ لَمْ أَغْصِبْ أَحَدًا
بَعْدَك أَوْ قَبْلَك أَوْ مَعَك فَهَذَا كُلُّهُ إقْرَارٌ.
وَكَذَا لَوْ قَالَ لَمْ أَغْصِبْك إلَّا هَذَا الْمَالَ فَهُوَ
إقْرَارٌ بِالْمِائَةِ وَلَوْ قَالَ مَا لَك إلَّا مِائَةُ دِرْهَمٍ
أَوْ سِوَى مِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ
فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْمِائَةِ وَلَوْ قَالَ مَا لَك عَلَيَّ أَكْثَرُ
مِنْ مِائَةٍ وَلَا أَقَلُّ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا وَلَوْ قَالَ
لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ قَالَ أُخْبِرْهُ أَنَّ لَهُ عَلَيَّ
أَلْفًا أَوْ قَالَ لَهُ أَعْلِمْهُ أَنَّ لَهُ عَلَيَّ أَلْفًا أَوْ
قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ لَهُ عَلَيَّ أَلْفًا فَهَذَا إقْرَارٌ وَكَذَا
لَوْ قَالَ لَهُ غَيْرُهُ أَخْبِرْ فُلَانًا أَنَّ لَهُ عَلَيْك أَوْ
أَعْلِمْهُ أَوْ أُبَشِّرُهُ أَوْ أَقُولُ لَهُ أَوْ أَشْهَدُ لَهُ
فَقَالَ نَعَمْ أَمَّا إذَا قَالَ لَا تُخْبِرْ أَنَّ لَهُ عَلَيَّ
أَلْفًا أَوْ قَالَ لَا تَشْهَدْ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفًا
ذَكَرَ مُحَمَّدٌ أَنَّ قَوْلَهُ لَا تُخْبِرْ إقْرَارٌ وَقَوْلُهُ لَا
تَشْهَدْ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ وَعَامَّةُ
مَشَايِخِ بَلْخَ الْجَوَابُ فِي قَوْلِهِ لَا تُخْبِرْهُ غَلَطٌ مِنْ
الْكَاتِبِ وَقَالَ مَشَايِخُ بُخَارَى لَا بَلْ هُوَ صَوَابٌ قَالَ
فِي الْقُنْيَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَزَعَمَ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ
فِيهِ رِوَايَتَيْنِ.
وَلَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ قَتَلْت فُلَانًا فَقَالَ وَأَنْتَ أَيْضًا
قَتَلْت فُلَانًا فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا
يَكُونُ إقْرَارًا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَكُونُ إقْرَارًا مِنْهُمْ
بِقَتْلِ رَجُلٍ وَلَوْ قِيلَ لَهُ لِمَ قَتَلْت فُلَانًا فَقَالَ
كَذَا كَانَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أَوْ قَالَ عَدُوِّي فَهَذَانِ
اللَّفْظَانِ مِنْهُ إقْرَارٌ بِالْقَتْلِ فَيَلْزَمُهُ الدِّيَةُ فِي
مَالِهِ إنْ لَمْ يَقُلْ عَمْدًا مِنْ الصُّغْرَى.
ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كُلُّ مَا
يُوجَدُ فِي تَذْكِرَةِ الْمُدَّعِي بِخَطِّهِ فَقَدْ الْتَزَمْته لَا
يَكُونُ إقْرَارًا وَكَذَا لَوْ قَالَ مَا كَانَ فِي جَرِيدَتِك
فَعَلَيَّ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْجَرِيدَةِ شَيْءٌ مَعْلُومٌ
وَذَكَرَ الْمُدَّعِي شَيْئًا مَعْلُومًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ
عَلَى مَا ذَكَرَتْ كَانَ تَصْدِيقًا وَكَذَا إذَا أَشَارَ إلَى
الْجَرِيدَةِ فَقَالَ: مَا فِيهَا فَهُوَ عَلَيَّ كَذَلِكَ يَصِحُّ،
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُشَارًا إلَيْهِ لَا يَصِحُّ لِلْجَهَالَةِ كَذَا
فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ مِنْ الْأَشْبَاهِ.
لَوْ قَالَ أَلَسْت أَقْرَضْتُك أَمْسِ أَلْفًا أَوْ لَمْ أُقْرِضْك
فَقَالَ: نَعَمْ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَلَيْسَ قَدْ أَقْرَضْتنِي أَوْ
لَمْ تُقْرِضْنِي فَقَالَ الطَّالِبُ: بَلَى فَجَحَدَ الْمُقِرُّ
يَلْزَمُهُ الْمَالُ.
لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا عَشَرَةَ
دَرَاهِمَ فَقَضَيْتهَا إيَّاهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ؛
لِأَنَّهُ صَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا أَنِّي قَضَيْت
عَشَرَةً مِنْهَا، وَلَوْ قَالَ: وَقَدْ قَضَيْتهَا إيَّاهُ فَعَلَيْهِ
أَلْفٌ غَيْرَ عَشَرَةٍ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ غَيْرِ
الْجِنْسِ جَائِزٌ عِنْدَهُمَا إنْ كَانَ مِمَّا يَجِبُ فِي
الذِّمَّةِ، وَاسْتِخْرَاجُ قِيمَتِهِ بَاطِلٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ قَالَ:
لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَلِفُلَانٍ مِائَةُ دِينَارٍ
إلَّا دِرْهَمًا مِنْ الْأَلْفِ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ
الدَّرَاهِمِ، وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ فَهُوَ مِنْ الدَّنَانِيرِ.
لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ دِرْهَمٌ إلَّا رَطْلَ زَيْتٍ أَوْ
قِرْبَةَ مَاءٍ فَعَلَيْهِ دِرْهَمٌ إلَّا قِيمَةَ رَطْلِ زَيْتٍ أَوْ
قِيمَةَ قِرْبَةِ مَاءٍ، وَلَوْ قَالَ: عَشَرَةُ أَرْطَالِ زَيْتٍ
إلَّا دِرْهَمًا أَوْ عَلَيَّ كَرُّ حِنْطَةٍ إلَّا خَمْسَةَ أَرْطَالِ
زَيْتٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ لِعَدَمِ تَعَامُلِ النَّاسِ بِهِ،
وَفِي الْأَوَّلِ تَعَامَلُوا بِهِ.
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ
إلَّا قَلِيلًا فَعَلَيْهِ أَحَدٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا.
وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إلَّا دِرْهَمًا زَيْفًا
فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ جِيَادٌ، وَلَهُ
عَلَى الْمُقِرِّ لَهُ دِرْهَمٌ
(1/374)
زَيْفٌ مِنْ الْوَجِيزِ.
أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَ هَذِهِ الْعَيْنَ مِنْ هَذَا أَوْ مِنْ هَذَا،
وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَدَّعِيهِ فَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى أَخْذِهِ
أَخَذَاهُ، وَإِلَّا يَسْتَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
بِعَيْنِهِ فَلَوْ نَكَلَ لَهُمَا جَمِيعًا قَضَى بِالْعَيْنِ
بَيْنَهُمَا وَبِقِيمَتِهِ أَيْضًا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ نَكَلَ عَنْ
الْيَمِينِ لِأَحَدِهِمَا قَضَى بِهِ لِلَّذِي نَكَلَ لَهُ.
قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا بَلْ لِفُلَانٍ بَطَلَ
هَذَا الْإِقْرَارُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الْأَلْفُ لِلْأَوَّلِ، وَلَا شَيْءَ لِلثَّانِي
أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ لِفُلَانٍ ثُمَّ قَالَ: لَا بَلْ
أَوْدَعَنِيهِ فُلَانٌ آخَرُ أَوْ أَعَارَنِيهِ وَادَّعَى كُلٌّ
مِنْهُمَا أَنَّ الْعَبْدَ لَهُ قَضَى بِهِ لِلْأَوَّلِ سَوَاءٌ قَالَ
هَذَا مَوْصُولًا أَوْ مَفْصُولًا فَإِنْ دَفَعَهُ إلَى الْأَوَّلِ
بِغَيْرِ قَضَاءٍ ضَمِنَ لِلثَّانِي اتِّفَاقًا مِنْ الْمَجْمَعِ قَالَ
فِي الْحَقَائِقِ: الْخِلَافُ فِي الْإِقْرَارِ الْمُقَيَّدِ
الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ أَمَّا فِي الْإِقْرَارِ الْمُطْلَقِ
بِأَنْ قَالَ: هَذَا لِفُلَانٍ لَا بَلْ لِفُلَانٍ، وَدَفَعَ إلَى
الْأَوَّلِ بِقَضَاءٍ لَا يَضْمَنُ لِلثَّانِي بِاتِّفَاقٍ انْتَهَى.
وَفِي الصُّغْرَى قَالَ لِعَبْدٍ فِي يَدِهِ هَذَا الْعَبْدُ لِزَيْدٍ
لَا بَلْ لِعَمْرٍو أَوْ قَالَ: هَذَا الْعَبْدُ لِزَيْدٍ لَا بَلْ
غَصَبْته مِنْ عَمْرٍو أَوْ قَالَ: هُوَ لِزَيْدٍ بَلْ أَوْدَعَنِيهِ
عَمْرٌو، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَدَّعِي أَنَّ الْعَبْدَ لَهُ فَفِي
الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الْعَبْدُ يُسَلَّمُ إلَى الْأَوَّلِ، وَهُوَ
زَيْدٌ ثُمَّ يَنْظُرَانِ دَفَعَهُ إلَيْهِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَمْ
يَضْمَنْ لِعَمْرٍو شَيْئًا وَإِلَّا ضَمِنَ لِعَمْرٍو قِيمَتَهُ هَذَا
وَفِيمَا إذَا كَانَ إقْرَارُهُ لِعَمْرٍو مُرْسَلًا سَوَاءً
وَإِقْرَارُهُ لِعَمْرٍو الْوَدِيعَةِ وَالدَّفْعِ قَالَ أَبُو
يُوسُفَ: هَذَا وَإِقْرَارُهُ لِعَمْرٍو مُرْسَلًا سَوَاءٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: هَذَا وَإِقْرَارُهُ لِعَمْرٍو بِالْغَصْبِ سَوَاءٌ
انْتَهَى.
إذَا أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِمِائَةٍ وَأَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ ثُمَّ أَقَرَّ
لَهُ بِمِائَةٍ أَوْ بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَأَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ
آخَرَيْنِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَلْزَمُهُ الْمَالَانِ إذَا
ادَّعَاهُمَا الطَّالِبُ وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ مَالٌ وَاحِدٌ إنْ
تَسَاوَيَا، وَالْأَكْثَرُ إنْ تَفَاوَتَا مِنْ الْمَجْمَعِ قَالَ فِي
الْحَقَائِقِ: مَحَلُّ الْخِلَافِ الْإِقْرَارُ الْمُجَرَّدُ عَنْ
السَّبَبِ وَعَنْ الصَّكِّ إذْ فِي الْمُقَيَّدِ بِالسَّبَبِ
الْمُتَّحِدِ بِأَنْ قَالَ: فِي الْكَرَّتَيْنِ ثَمَنُ هَذِهِ
الْجَارِيَةِ فِي كَرَّةٍ، وَثَمَنُ هَذَا الْعَبْدِ فِي كَرَّةٍ
أُخْرَى الْمَالُ مُخْتَلِفٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَكَذَا إذَا كَانَ
الْإِقْرَارُ مُطْلَقًا عَنْ السَّبَبِ لَكِنْ مَعَ الصَّكِّ، فَإِنْ
كَانَ بِهِ صَكٌّ وَاحِدٌ فَالْمَالُ وَاحِدٌ سَوَاءٌ كَانَ
الْإِقْرَارُ وَالْإِشْهَادُ فِي مَوْطِنٍ أَوْ مَوْطِنَيْنِ، وَإِنْ
كَانَ صَكَّانِ فَمَالَانِ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ
بِمِائَةٍ وَكَتَبَ فِي صَكٍّ ثُمَّ أَقَرَّ وَكَتَبَ فِي صَكٍّ
فَهُمَا مَالَانِ انْتَهَى فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ إنَّمَا قَيَّدَ
بِتَكَرُّرِ الشُّهُودِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اتَّحَدَ أَحَدُهُمَا أَوْ
كِلَاهُمَا يَلْزَمُهُ مَالٌ وَاحِدٌ اتِّفَاقًا انْتَهَى.
وَفِي الْأَشْبَاهِ نَقْلًا عَنْ الْمُنْيَةِ إذَا تَعَدَّدَ
الْإِقْرَارُ بِمَوْضِعَيْنِ لَزِمَهُ الشَّيْئَانِ إلَّا فِي
الْإِقْرَارِ بِالْقَتْلِ لَوْ قَالَ: قَتَلْت ابْنَ فُلَانٍ ثُمَّ
قَالَ: قَتَلْت ابْنَ فُلَانٍ، وَكَانَ لَهُ ابْنَانِ، وَكَذَا فِي
الْعَبْدِ، وَكَذَا التَّزْوِيجُ، وَكَذَا الْإِقْرَارُ بِالْجِرَاحَةِ
فَهِيَ ثَلَاثٌ انْتَهَى.
لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفًا عِنْدَ الْقَاضِي فَأَقَرَّ بِهَا
ثُمَّ ادَّعَاهَا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا أَوْ
أَكْثَرَ فَأَقَرَّ بِهَا يَلْزَمُهُ أَلْفٌ وَاحِدٌ.
أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ حَقًّا ثُمَّ مَاتَ الْمُقَرُّ
عَلَيْهِ وَالْمُقِرُّ وَارِثُهُ فَالدَّيْنُ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ.
لَوْ قَالَ: نِصْفُ هَذِهِ الدَّارِ لِفُلَانٍ ثُمَّ اشْتَرَى
نِصْفَهَا مِنْ رَجُلٍ قُضِيَ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِرُبُعِهَا.
رَجُلٌ أَقَرَّ بِعَبْدٍ لِرَجُلٍ أَنَّهُ لِفُلَانٍ، وَجَحَدَ صَاحِبُ
الْيَدِ ثُمَّ قَالَ الْمُقِرُّ: إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ
اشْتَرَاهُ فَهُوَ لِلْمُقَرِّ لَهُ.
قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ وَعَلَى فُلَانٍ أَلْفٌ وَجَحَدَ فُلَانٌ
وَالطَّالِبُ يَدَّعِي الْكُلَّ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا النِّصْفُ،
وَإِنْ كَانَ فُلَانٌ صَبِيًّا أَوْ رَجُلًا لَا يَعْرِفُ أَوْ
مَيِّتًا، وَكَذَا لَوْ سَمَّى اثْنَيْنِ مَعَهُ لَزِمَهُ الثُّلُثُ
وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِقَطْعِ الْيَدِ
(1/375)
فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْأَرْشِ اسْتِحْسَانًا
قَالَ: ادْفَعْ إلَيَّ هَذِهِ الْأَلْفَ، وَهِيَ لِفُلَانٍ آخَرَ
وَصَدَّقَهُ الدَّافِعُ وَادَّعَى الْإِذْنَ بِالدَّفْعِ مِنْ
الثَّانِي وَصَدَّقَهُ الثَّانِي فِيهِ يَدْفَعُ الْمُقِرُّ إلَى
أَيِّهِمَا شَاءَ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الثَّانِي فِي الْإِذْنِ لَا
يَدْفَعُ إلَى الدَّافِعِ، وَلَا يَضْمَنُ لِلدَّافِعِ شَيْئًا.
فِي يَدِهِ عَبْدٌ قَالَ: هُوَ لِفُلَانٍ بَاعَنِيهِ فُلَانٌ آخَرُ
بِأَلْفٍ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ فِي الْبَيْعِ وَحَلَفَ الْمُقَرُّ
لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ بِالْبَيْعِ يُقْضَى بِالْعَبْدِ
لِلْمُقَرِّ لَهُ وَبِالثَّمَنِ لِلْبَائِعِ.
قَالَ هَذَا الْعَبْدُ اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفٍ وَنَقَدْتهَا
ثُمَّ قَالَ: اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ آخَرَ بِخَمْسِمِائَةٍ
وَنَقَدْتهَا، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْكُلِّ يُقْبَلُ،
وَعَلَيْهِ الثَّمَنَانِ، فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى نَقْدِهِ
فَلَا ثَمَنَ عَلَيْهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُقِمْ
الْبَيِّنَةَ فَالْعَبْدُ لِلْأَوَّلِ، وَلِلثَّانِي قِيمَةُ الْعَبْدِ
إنْ جَحَدَ الْبَيْعَ.
أَقَرَّ بِالسَّلَمِ ثُمَّ قَالَ مَوْصُولًا: لَمْ أَقْبِضْ رَأْسَ
الْمَالِ صُدِّقَ، فَإِنْ قَالَ مَفْصُولًا: لَا يُصَدَّقُ
اسْتِحْسَانًا.
وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ وَدِيعَةٌ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ
قَالَ: عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ قَرْضٌ ثُمَّ قَالَ مَفْصُولًا: لَمْ
أَقْبِضْهَا فَهُوَ لَازِمٌ لَهُ.
وَلَوْ قَالَ: أَقْرَضْتنِي أَمْسِ أَوْ أَسْلَمْت إلَيَّ أَوْ
اسْتَوْدَعْتنِي ثُمَّ قَالَ: لَمْ أَقْبِض يُصَدَّقْ مَوْصُولًا لَا
مَفْصُولًا مِنْ الْوَجِيزِ.
وَلَوْ قَالَ: دَفَعْت إلَيَّ أَوْ أَنَقَدْتنِي فَلَمْ أَقْبِضْهُ لَا
يُصَدَّقُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُصَدَّقُ
مَوْصُولًا لَا مَفْصُولًا مِنْ الْوَجِيزِ.
وَلَوْ قَالَ: قَالَ لِي: بِعْنِي وَبِعْتهَا وَلَمْ أَقْبِضْ
يُصَدَّقُ إجْمَاعًا، وَكَذَا أَقْرَضَنِي أَوْ أَوْدَعَنِي أَوْ
وَضَعَ عِنْدِي أَوْ أَعْطَانِي ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ.
جَاءَ مُسْلِمٌ إلَيْهِ بِزَيْفٍ فَرَدَّهُ عَلَى رَبِّ السَّلَمِ مِنْ
رَأْسِ مَالِهِ، وَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ
الْمُسْلَمُ إلَيْهِ قَالَ: قَبَضْت الْجِيَادَ أَوْ حَقِّي أَوْ
رَأْسَ مَالِي أَوْ اسْتَوْفَيْت الدَّرَاهِمَ لَا يُصَدَّقُ، وَإِنْ
قَالَ: قَبَضْت الدَّرَاهِمَ يُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَوْ قَالَ:
عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ قَرْضٌ أَوْ ثَمَنُ مَبِيعٍ إلَّا أَنَّهَا
سَتُّوقَةٌ أَوْ عَلَيَّ عَشَرَةُ أَفْلُسٍ كَاسِدَةٌ لَا يُصَدَّقُ
وَصَلَ أَوْ فَصَلَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يُصَدَّقُ
إذَا وَصَلَ، وَعَلَيْهِ الْكَاسِدَةُ وَالسَّتُّوقَةُ فِي الْقَرْضِ،
وَقِيمَةُ الْمَبِيعِ فِي الْبَيْعِ مِنْ الْوَجِيزِ.
أَقَرَّ بِقَبْضِ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ: هِيَ زُيُوفٌ
يُصَدَّقُ، وَلَوْ قَالَ: هِيَ سَتُّوقَةٌ لَا يُصَدَّقُ وَإِنْ مَاتَ
فَقَالَ وَرَثَتُهُ: هِيَ زُيُوفٌ لَمْ يُصَدَّقُوا.
وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةٌ ثُمَّ
قَالَ: زُيُوفٌ يُصَدَّقُ، وَإِنْ مَاتَ الْمُقِرُّ فَقَالَ وَرَثَتُهُ
هِيَ زُيُوفٌ لَا يُصَدَّقُونَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ دَيْنًا فِي مَالِ
الْمَيِّتِ وَفِي الْمُضَارَبَةِ الْوَدِيعَةِ وَالْغَصْبِ إذَا مَاتَ
صَارَ دَيْنًا فِي مَالِهِ فَلَا يُصَدَّقُ الْوَرَثَةُ فِي دَعْوَى
الزِّيَافَةُ.
لَوْ كَتَبَ كِتَابًا فِيهِ إقْرَارٌ بَيْنَ يَدَيْ شُهُودٍ هَلْ
يَكُونُ إقْرَارًا هَذِهِ أَقْسَامٌ أَحَدُهَا أَنْ يَكْتُبَ، وَلَمْ
يَقُلْ شَيْئًا، فَهَذَا لَا يَكُونُ إقْرَارًا حَتَّى لَا يَحِلَّ
لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا بِمَا فِيهِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ قَدْ
تَكُونُ لِلتَّجْرِبَةِ وَقَالَ: الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ
النَّسَفِيُّ إنْ كَانَ مَصْدَرًا مَكْتُوبًا عَلَى الرَّسْمِ،
وَعَلِمَ الشَّاهِدُ بِمَا كَتَبَ وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ، وَإِنْ لَمْ
يَقُلْ لَهُ: اشْهَدُوا كَمَا لَوْ خَاطَبَ هَكَذَا ذَكَرَ مُطْلَقًا
فَيَقُولُ: إنْ كَتَبَ لِلْغَائِبِ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ أَمَّا
بَعْدُ فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا فَهَذَا إقْرَارٌ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ
لِلْغَائِبِ كَالْخِطَابِ لِلْحَاضِرِ أَمَّا فِي حَقِّ الْأَخْرَسِ
فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُعَنْوَنًا وَمَصْدَرًا، وَإِنْ لَمْ
يَكُنْ كِتَابًا إلَى الْغَائِبِ الثَّانِي إذَا كَتَبَ وَقَرَأَ
بَيْنَ يَدَيْ الشُّهُودِ فَهَذَا إقْرَارٌ مِنْهُ وَحِلٌّ لَهُمْ أَنْ
يَشْهَدُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُمْ: اشْهَدُوا عَلَيَّ
بِمَا فِيهِ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَإِنْ قَالَ
لِلْكَاتِبِ: اشْهَدْ عَلَيَّ بِمَا فِيهِ فَهُوَ إقْرَارٌ، وَإِلَّا
فَلَا.
الرَّابِعُ: إذَا كَتَبَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَقَالَ: اشْهَدُوا بِمَا
فِيهِ عَلَيَّ إنْ عَلِمُوا مَا فِيهِ كَانَ إقْرَارًا، وَإِلَّا
فَلَا.
وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانِ عَلَيَّ مَالٌ
(1/376)
نَفِيسٌ أَوْ كَرِيمٌ أَوْ خَطِيرٌ أَوْ
جَلِيلٌ قَالَ: النَّاطِفِيُّ: لَمْ أَجِدْهُ مَنْصُوبًا وَكَانَ
عَبْدُ اللَّهِ الْجُرْجَانِيِّ يَقُولُ: مِائَتَانِ، وَلَوْ قَالَ:
أُلُوفُ دَرَاهِمَ فَثَلَاثَةُ آلَافٍ، وَلَوْ قَالَ: أُلُوفٌ
كَثِيرَةٌ، فَعَشَرَةُ آلَافٍ، وَكَذَا فِي الْفُلُوسِ
وَالدَّنَانِيرِ، وَلَوْ قَالَ: مَالٌ قَلِيلٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ.
وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ وَأَضْعَافٌ مُضَاعَفَةٌ فَهِيَ
ثَمَانُونَ.
إذَا قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَرَاهِمُ مَعَ كُلِّ دِرْهَمٍ أَوْ
قَالَ: مَعَ كُلِّ دِرْهَمٍ مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ دِرْهَمٌ
لَزِمَهُ عِشْرُونَ، وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّرَاهِمُ لَزِمَهُ
أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا.
وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانِ عَلَيَّ كُلُّ دِرْهَمٍ مِنْ هَذِهِ
الدَّرَاهِمِ لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ
وَمُحَمَّدٍ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مِنْ
الصُّغْرَى.
إذَا أَقَرَّ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ بِغَصْبِ مَالِ الصَّغِيرِ لَا
يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ غَصْبُهُ لِمَا أَنَّ
لَهُ وِلَايَةَ الْأَخْذِ هَذِهِ فِي الرَّهْنِ مِنْ الْهِدَايَةِ.
تَكْذِيبُ الْمُقَرِّ لَهُ الْمُقِرَّ فِي بَعْضِ مَا أَقَرَّ بِهِ لَا
يُبْطِلُ إقْرَارَهُ هَذِهِ فِي الْجِنَايَةِ مِنْهَا مَاتَ
الْمَدْيُونُ قَبْلَ تَمَامِ الْأَجَلِ فَطَالَبَ الدَّائِنُ ابْنَهُ
فَقَالَ: اصْبِرْ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ فَهُوَ إقْرَارٌ مِنْ
الْقُنْيَةِ.
إذَا أَقَرَّ بِالدِّينِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ
مِنْ الْأَشْبَاهِ وَفِيهِ إذَا أَقَرَّ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِهِ
لِزَوْجَتِهِ كِسْوَةً مَاضِيَةً فَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ
أَنَّهَا لَا تَلْزَمُهُ، وَلَكِنْ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْمَعَهَا، وَلَا
يَسْتَفْسِرَ الْمُقِرَّ انْتَهَى.
وَإِنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِأَجْنَبِيٍّ جَازَ، وَإِنْ أَحَاطَ
بِمَالِهِ وَإِنْ أَقَرَّ لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ قَالَ: هُوَ ابْنِي
ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَبَطَلَ إقْرَارُهُ، وَإِنْ أَقَرَّ
لِأَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَبْطُلْ إقْرَارُهُ لَهَا،
وَمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي مَرَضِهِ ثَلَاثًا ثُمَّ أَقَرَّ لَهَا
بِدَيْنٍ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الدِّينِ وَمِنْ مِيرَاثِهَا مِنْهُ
مِنْ الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ قَالَ: قَبَضْت مِنْ مَالِي عَلَى فُلَانٍ مِائَةً ثُمَّ قَالَ:
وَجَدْتهَا زُيُوفًا صُدِّقَ وَصَلَ أَمْ فَصَلَ - اسْتِحْسَانًا،
وَلَوْ قَالَ: سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصًا لَا يُصَدَّقُ، وَإِنْ قَالَ:
قَبَضْت حَقِّي أَوْ الدَّيْنَ الَّذِي لِي عَلَيْهِ، وَهُوَ أَلْفٌ
ثُمَّ قَالَ: وَجَدْتهَا زُيُوفًا لَا يُصَدَّقُ إلَّا إذَا وَصَلَ،
وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمَطْلُوبِ أَنَّهَا كَانَتْ جِيَادًا
عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: أُحَلِّفُهُ إذَا قَالَ اتَّهَمْته.
أَقَرَّ بِقَبْضِ مَالَهُ عَلَى الشَّرِكَةِ وَقَالَ: هِيَ زُيُوفٌ
صُدِّقَ وَصَلَ أَمْ فَصَلَ وَلِلشَّرِيكِ نِصْفُهُ إنْ شَاءُوا،
وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمَطْلُوبَ بِالْجِيَادِ، وَإِنْ قَالَ
مَفْصُولًا: هِيَ رَصَاصٌ لَمْ يُصَدَّقْ وَلِلشَّرِيكِ نِصْفُهَا
جِيَادًا، وَإِنْ قَالَ: مَوْصُولًا يُصَدَّقُ، وَلَا شَيْءَ
لِلشَّرِيكِ، وَإِنْ قَالَ: أَقْرَرْت لَك وَأَنَا صَبِيٌّ أَوْ
نَائِمٌ فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ،
وَإِنْ قَالَ: وَأَنَا ذَاهِبُ الْعَقْلِ مِنْ بِرْسَامٍ إنْ كَانَ
يَعْرِفُ أَنَّ ذَلِكَ أَصَابَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِلَّا
يَلْزَمُهُ.
وَلَوْ قَالَ: أَخَذْت مِنْك مَالًا وَقَطَعْت يَدَك، وَأَنَا
حَرْبِيٌّ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لَا بَلْ بَعْدَ إسْلَامِك
يَلْزَمُهُ الْمَالُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمَوْلَى لِمُعْتَقِهِ:
أَخَذْت مِنْك مَالًا أَوْ قَطَعْت يَدَك قَبْلَ الْعِتْقِ وَقَالَ
الْمُقَرُّ لَهُ: لَا بَلْ بَعْدَهُ أَوْ بَاعَهُ ثُمَّ أَقَرَّ
أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ مَالًا قَبْلَ الْبَيْعِ وَقَالَ الْمُقَرُّ
لَهُ: لَا بَلْ بَعْدَهُ لَا يُصَدَّقُ الْمُقِرُّ وَيَلْزَمُهُ
الْمَالُ عِنْدَهُمَا، وَقَالَ: مُحَمَّدٌ: يُصَدَّقُ فِي
الْمُسْتَهْلِكِ دُونَ الْقَائِمِ بِعَيْنِهِ مِنْ الْوَجِيزِ.
إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ: عَلَيَّ هَذَا
الْجِدَارُ يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: لَا
يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.
وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا بَلْ أَلْفَانِ
يَسْقُطُ الْأَلْفُ الْمَضْرُوبُ عَنْهُ وَيَلْزَمُهُ أَلْفَانِ عِنْدَ
أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ: زُفَرُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَإِذَا
قَالَ: غَصَبْت مِنْ فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ: كُنَّا
عَشَرَةً وَفُلَانٌ ادَّعَى أَنَّهُ هُوَ الْغَاصِبُ لِلْأَلْفِ
تَبْطُلُ دَعْوَى الشَّرِكَةِ وَتَلْزَمُهُ الْأَلْفُ عِنْدَنَا،
وَقَالَ: زُفَرُ يَلْزَمُهُ عَشَرَةُ آلَافٍ مِنْ الْمَجْمَعِ وَعَلَى
هَذَا الْخِلَافِ لَوْ قَالَ: أَقْرَضَنَا فُلَانٌ أَوْ أَعَارَنَا،
أَوْ أَوْدَعَنَا أَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيْنَا، وَفُلَانٌ يَدَّعِي
(1/377)
عَلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ
قُلْتُ: وَهَذَا لَا يَخْلُو مِنْ مُخَالَفَةٍ لِمَا مَرَّ عَنْ
الْوَجِيزِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ وَعَلَى فُلَانٍ
أَلْفٌ وَجَحَدَ فُلَانٌ وَالطَّالِبُ يَدَّعِي الْكُلَّ لَمْ
يَلْزَمْهُ إلَّا النِّصْفُ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ فِي
عِلْمِي يَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَا:
لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَجْمَعِ، وَلَوْ قَالَ: فِي ظَنِّي لَا
يَلْزَمُهُ شَيْءٌ اتِّفَاقًا، وَلَوْ قَالَ: قَدْ عَلِمْت يَلْزَمُهُ
اتِّفَاقًا مِنْ شَرْحِهِ.
وَلَوْ قَالَ: أَسْلَمْت إلَيَّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كَرِّ حِنْطَةٍ
أَوْ قَالَ: أَسْلَمْت إلَيَّ ثَوْبًا فِي كَرِّ حِنْطَةٍ ثُمَّ قَالَ
بَعْدَ مَا سَكَتَ: إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْهَا مِنْك وَقَالَ رَبُّ
السَّلَمِ: قَبَضْت فَالْقَوْلُ لِرَبِّ السَّلَمِ مَعَ يَمِينِهِ
اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ
قَالَ: أَعْطَيْتنِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ:
إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْهَا فَهَذَا كُلُّهُ عَلَى الْقِيَاسِ
وَالِاسْتِحْسَانِ، وَإِنْ قَالَ: أَعْطَيْتنِي لَكِنْ لَمْ تَدْفَعْ
إلَيَّ وَوَصَلَ كَلَامَهُ صُدِّقَ.
وَلَوْ قَالَ: دَفَعْت إلَيَّ أَلْفًا أَوْ نَقَدْتنِي أَلْفًا فَلَمْ
أَقْبَلْهَا قَالَ: أَبُو يُوسُفَ لَا يُصَدَّقْ، وَهُوَ ضَامِنٌ
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَلَا ضَمَانَ.
وَلَوْ قَالَ: قَبَضْت مِنْك أَلْفًا أَوْ أَخَذْت مِنْك أَلْفًا
لَكِنْ لَمْ تَدَعْنِي حَتَّى أَذْهَبَ بِهِ لَا يُصَدَّقُ، وَهُوَ
ضَامِنٌ.
لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَيْتَةٍ أَوْ
خَمْرٍ كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا قَالَ: النَّاطِفِيُّ عَلَى قِيَاسِ
قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَلْزَمُهُ الْمَالُ، وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ
فِي نَوَادِرِ أَبِي يُوسُفَ لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ
دِرْهَمٍ حَرَامٌ أَوْ بَاطِلٌ لَزِمَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ
وَإِنْ قَالَ: مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ وَصَدَّقَهُ الْمُدَّعِي قَالَ أَبُو
حَنِيفَةَ: يَجِبُ الْمَالُ وَقَالَا: لَا يَجِبُ بِنَاءً عَلَى
مَسْأَلَةِ تَوْكِيلِ الْمُسْلِمِ الذِّمِّيَّ بِشِرَاءِ الْخَمْرِ
وَإِنْ كَذَّبَهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَيْضًا عَلَى الِاخْتِلَافِ،
وَإِنْ أَقَرَّ بِالْمَالِ مِنْ وَجْهٍ يَلْزَمُهُ وَصَدَّقَهُ
الْمُدَّعِي فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ انْتَهَى الْكَلَامُ، وَإِنْ
كَذَّبَهُ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ وَادَّعَى سَبَبًا آخَرَ إنْ لَمْ
يَكُنْ بَيْنَ السَّبَبَيْنِ مُنَافَاةٌ يَجِبُ الْمَالُ نَحْوَ مَا
إذَا قَالَ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ بَدَلُ
الْقَرْضِ وَقَالَ الْمُدَّعِي: بَلْ بَدَلُ الْغَصْبِ.
وَإِنْ كَانَ بَيْنَ السَّبَبَيْنِ مُنَافَاةٌ بِأَنْ قَالَ
الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثَمَنُ عَبْدٍ بَاعَنِيهِ إلَّا أَنِّي لَمْ
أَقْبِضْ وَقَالَ الْمُدَّعِي بَلْ بَدَلُ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ فَإِنْ
لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُدَّعِي بِأَنْ كَانَ الْمُدَّعَى
عَلَيْهِ أَقَرَّ بِبَيْعِ عَبْدٍ لَا بِعَيْنِهِ فَعِنْدَ أَبِي
حَنِيفَةَ يَلْزَمُهُ الْمَالُ صَدَّقَهُ الْمُدَّعِي فِي الْحُجَّةِ
أَوْ كَذَّبَهُ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ لَمْ أَقْبِضْ قِيلَ
وَهِيَ مَسْأَلَةُ كِتَابِ الْبُيُوعِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ فِي
يَدِ الْمُدَّعِي بِأَنْ كَانَ الْمُقِرُّ عَيَّنَ فِي إقْرَارِهِ
عَبْدًا فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُدَّعِي يُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ
وَالْأَخْذِ، وَكَذَا إذَا قَالَ: الْعَبْدُ لَيْسَ لِي وَلَكِنَّ
هَذِهِ الْأَلْفَ عَلَيْهِ لِي مِنْ غَيْرِ ثَمَنِ هَذَا الْعَبْدِ،
وَإِنْ كَذَّبَهُ وَقَالَ: الْعَبْدُ لِي وَمَا بِعْته أَصْلًا إنَّمَا
لِي عَلَيْهِ بِسَبَبٍ آخَرَ مِنْ بَدَلٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ
فَالْقَوْلُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ بِاَللَّهِ مَا
لِهَذَا عَلَيْهِ أَلْفٌ مِنْ غَيْرِ ثَمَنِ هَذَا الْعَبْدِ مِنْ
الْوَجْه الَّذِي ادَّعَاهُ.
وَذَكَرَ فِي إقْرَارِ الْكَافِي إذَا قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٍ
مِنْ هَذَا الْعَبْدِ الَّذِي فِي يَدِي فَإِنْ أَقَرَّ الطَّالِبُ
بِذَلِكَ وَسَلَّمَ لَهُ أَخَذَهُ بِالْمَالِ، وَإِنْ قَالَ: لَمْ
أَبِعْك هَذَا وَبِعْتُك غَيْرَهُ، وَأَخَذَ مِنْهُ الْعَبْدَ وَحَلَفَ
عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ قَالَ الْحَاكِمُ: وَقَدْ قَالَ
فِي آخِرِ الْكِتَابِ: إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ يُحَلِّفُ كُلَّ
وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ وَيَرُدُّ الْعَبْدَ،
وَيُبْطِلُ الْمَالَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، وَلَوْ
قَالَ: هَذَا الْعَبْدُ لَك، وَلَمْ أَبِعْك وَبِعْتُك غَيْرَهُ كَانَ
الْمَالُ لَازِمًا، وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ
هَذَا الْعَبْدِ الَّذِي فِي يَدِهِ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لَمْ
أَبِعْك هَذَا الْعَبْدَ وَبِعْتُك غَيْرَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى
الْمُقِرِّ شَيْءٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا إلَّا إذَا قَالَ:
لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ فَقَالَ
فُلَانٌ مَا كَانَ لِي عَلَيْهِ أَلْفٌ قَطُّ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ
وَسَكَتَ
(1/378)
ثُمَّ ادَّعَى الْأَلْفَ أَنَّهَا قَرْضٌ
لَمْ يُصَدَّقْ.
قَالَ لِآخَرَ: هَذِهِ الْأَلْفُ لَك وَدِيعَةٌ فَقَالَ: لَيْسَتْ
بِوَدِيعَةٍ لِي وَلَكِنْ لِي عَلَيْك أَلْفٌ قَرْضٌ أَوْ ثَمَنُ
مَبِيعٍ فَجَحَدَ ذُو الْيَدِ أَلْفَ الدَّيْنِ الْوَدِيعَةِ فَأَرَادَ
الْمُقَرُّ لَهُ أَخْذَ الْأَلْفِ الْوَدِيعَةِ قِصَاصًا عَنْ
الدَّيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَا كُلُّ مَالٍ أَصْلُهُ
أَمَانَةٌ كَالْمُضَارَبَةِ وَغَيْرِهَا.
وَلَوْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لَيْسَتْ بِوَدِيعَةٍ لَكِنْ
أَقْرَضْتُكَهَا بِعَيْنِهَا فَجَحَدَ الْمُقِرُّ الْوَدِيعَةَ
وَالْقَرْضَ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَلْفَ بِعَيْنِهَا
إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ فِي الْقَرْضِ فَلَا يَأْخُذْهَا، وَهُوَ
قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ
يَأْخُذُهَا بِعَيْنِهَا، وَلَوْ قَالَ: لَك عَلَيَّ أَلْفٌ قَرْضٌ
فَقَالَ: لَيْسَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ قَرْضٌ لَكِنَّهَا ثَمَنُ مَبِيعٍ
فَجَحَدَ الْمُقِرُّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ وَالْقَرْضِ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ
أَنْ يَأْخُذَ الْأَلْفَ الْقَرْضَ قِصَاصًا.
وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الْأَلْفُ أَخَذْتهَا مِنْك غَصْبًا فَقَالَ:
لَمْ تَأْخُذْهَا مِنِّي وَلَكِنْ لِي عَلَيْك أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ
مَبِيعٍ فَجَحَدَ الْمُقِرُّ الدَّيْنَ وَالْغَصْبَ فَلَيْسَ
لِلْمُقَرِّ لَهُ عَلَى الْأَلْفِ الْغَصْبِ سَبِيلٌ، وَلَهُ أَنْ
يَأْخُذَ بِأَلْفٍ آخَرَ، وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّ
الْغَصْبَ يُوجِبُ الضَّمَانَ بِنَفْسِهِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ
الصُّغْرَى.
لَوْ قَالَ رَجُلٌ أَقْرَضَنِي أَوْ أَعَارَنِي أَوْ وَهَبَنِي أَلْفَ
دِرْهَمٍ هَذَا الصَّبِيُّ يَلْزَمُهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَتَكَلَّمُ،
وَلَا يَعْقِلُ، وَلَوْ قَالَ: هُوَ شَرِيكِي فِيمَا هُوَ فِي هَذَا
الْحَانُوتِ ثُمَّ قَالَ: مَا خَلَا الْعَدْلِ الزُّطِّيِّ فِي
الْحَانُوتِ لَا يُصَدَّقُ، وَهُوَ عَلَى الشَّرِكَةِ وَفِي رِوَايَةٍ
يُقْبَلُ وَقِيلَ إنْ كَانَ الْحَانُوتُ مُغْلَقًا مِنْ يَوْمِ
الْإِقْرَارِ إلَى يَوْمِ الْفَتْحِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَإِلَّا
يُقْبَلُ قَوْلُهُ.
قَالَ: هُوَ شَرِيكِي فِي هَذَا الْحَانُوتِ فِي عَمَلِ كَذَا فَكُلُّ
شَيْءٍ فِيهِ مِنْ عَمَلٍ أَوْ مَتَاعِ ذَلِكَ الْعَمَلِ فَهُوَ
بَيْنَهُمَا، وَلَوْ قَالَ: مَا هُوَ شَرِيكِي فِي الطَّحْنِ، وَفِي
يَدِهِ مَتَاعُ الطَّحْنِ فَلَا شَيْءَ لَلْمُقَرِّ لَهُ مِنْ ذَلِكَ
مِنْ الْوَجِيزِ.
إذَا أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِسَهْمٍ مِنْ دَارِهِ فَهُوَ إقْرَارٌ
بِالسُّدُسِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: الْبَيَانُ إلَى
الْمُقِرِّ مِنْ الْمَجْمَعِ وَفِي الشِّقْصِ وَالنَّصِيبِ
وَالطَّائِفَةِ وَالْقِطْعَةِ وَالْجُزْءِ يَلْزَمُهُ الْبَيَانُ
بِالِاتِّفَاقِ مِنْ الْحَقَائِقِ.
إذَا قَالَ: لِفُلَانٍ شِرْكٌ فِي هَذَا الْعَبْدِ فَلَهُ نِصْفُهُ
عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ: لَهُ أَنْ يُبَيِّنَ مَا
شَاءَ مِنْ الْمَجْمَعِ قَالَ فِي الْحَقَائِقِ: وَإِنَّمَا وَضَعَ فِي
الشِّرْكِ بِدُونِ الْهَاءِ؛ لِأَنَّ مَعَهَا لَهُ النِّصْفُ
بِالِاتِّفَاقِ.
إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى مَيِّتٍ دَيْنًا فَصَدَّقَهُ بَعْضُ
الْوَرَثَةِ وَجَحَدَ الْبَاقُونَ يُؤْخَذُ مِنْ حِصَّةِ الْمُصَدِّقِ
جَمِيعُ الدَّيْنِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُؤْخَذُ مَا
يَخُصُّهُ مِنْ الدَّيْنِ مِنْ الْمَجْمَعِ، وَقَدْ مَرَّتْ فِي
الدَّعْوَى.
وَفِي الْهِدَايَةِ مِنْ الْوَصِيَّةِ إذَا أَقَرَّ أَحَدُ ابْنَيْنِ
بِدَيْنٍ لِغَيْرِهِ دَفَعَ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ إلَّا إذَا كَانَ
الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا نَصِيبَهُ انْتَهَى.
وَفِي الْفُصُولَيْنِ ادَّعَى عَلَى مَيِّتٍ حَقًّا أَوْ شَيْئًا
مِمَّا كَانَ بِيَدِهِ فَأَقَرَّ الْوَارِثُ بِهِ لَزِمَهُ فِي
حِصَّتِهِ حَتَّى يَسْتَغْرِقَهَا.
وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي وَزَادَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ
زِيَادَةً يُحْتَاجُ إلَيْهَا، وَلَمْ يَشْتَرِطْهَا أَحَدٌ سِوَاهُ
وَهِيَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي عَلَى هَذَا الْوَارِثِ، وَإِنَّمَا
يَظْهَرُ هَذَا فِي مَسْأَلَةٍ فِي الزِّيَادَاتِ وَهِيَ أَنْ أَحَدَ
الْوَرَثَةِ لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ ثُمَّ شَهِدَ هُوَ وَآخَرُ بِذَلِكَ
الدَّيْنِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُقِرِّ فَلَوْ حَلَّ الدَّيْنُ فِي
نَصِيبِهِ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لِمَا
فِيهَا مِنْ دَفْعِ الْمَغْرَمِ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ تُحْفَظَ
هَذِهِ الرِّوَايَةُ.
وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ: شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ
قَالَ مَشَايِخُنَا: هُنَا زِيَادَةُ شَيْءٍ لَا يُشْتَرَطُ فِي
الْكُتُبِ، وَهُوَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي إلَخْ قَالَ قَاضِي خَانْ:
يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلْ مَاتَ
مُورَثُك فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ فَحِينَئِذٍ يَسْأَلُ عَنْ دَعْوَى
الْمَالِ فَلَوْ أَقَرَّ وَكَذَّبَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ، وَلَمْ
يَقْضِ بِإِقْرَارِهِ حَتَّى شَهِدَ هَذَا الْوَارِثُ وَأَجْنَبِيٌّ
بِهِ تُقْبَلُ وَيَقْضِي عَلَى جَمِيعِ
(1/379)
الْوَرَثَةِ، وَشَهَادَتُهُ بَعْدَ
الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ لَا تُقْبَلُ، وَلَوْ لَمْ يُقِمْ
الْبَيِّنَةَ، وَأَقَرَّ بِهِ الْوَارِثُ أَوْ نَكَلَ فَفِي ظَاهِرِ
الرِّوَايَةِ يَأْخُذُ كُلَّ الدَّيْنِ مِنْ حِصَّةِ الْمُقِرِّ؛
لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى إرْثِهِ،
وَقَالَ: أَبُو اللَّيْثِ هُوَ الْقِيَاسُ وَلَكِنَّ الْمُخْتَارَ
عِنْدِي يَلْزَمُهُ بِالْحِصَّةِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ
وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمَالِكٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَسُفْيَانَ
وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ تَابَعَهُمْ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَعْدَلُ،
وَأَبْعَدُ مِنْ الضَّرَرِ.
وَفِي الْخِزَانَةِ، وَلَوْ بَرْهَنَ لَا يَأْخُذُ إلَّا بِالْحِصَّةِ
وِفَاقًا وَفِي الرِّوَايَةِ يَأْخُذُ بِالْحِصَّةِ لَوْ ظَفِرَ بِهِمْ
جُمْلَةً عِنْدَ الْقَاضِي أَمَّا إذَا ظَفِرَ بِأَحَدِهِمْ يَأْخُذُ
مِنْهُ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ انْتَهَى مَا فِي الْفُصُولَيْنِ.
رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَخَوَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ
ثَالِثٍ، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ قَالَ عُلَمَاؤُنَا: يَأْخُذُ الْمُقَرَّ
لَهُ نِصْفَ مَا فِي يَدِ الْمُقِرِّ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى
يَأْخُذُ مِنْهُ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ.
رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفًا فَادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْمَيِّتِ
أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ، وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ
بِالْأَلْفِ، وَدَفَعَ إلَيْهِ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ، وَادَّعَى
عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَأَنْكَرَ وَرَثَتُهُ، وَصَدَّقَهُ
الْمَقْضِيُّ لَهُ بِالْأَلْفِ فَإِنَّ الثَّانِيَ يَأْخُذُ مِنْ
الْمَقْضِيِّ لَهُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ.
وَلَوْ ادَّعَى بَعْضُ الْوَرَثَةِ دَيْنًا عَلَى مُورَثِهِ
وَصَدَّقَهُ الْبَعْضُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الدِّينَ مِنْ نَصِيبِ مَنْ
صَدَّقَهُ بَعْدَ أَنْ يَطْرَحَ نَصِيبَ الْمُدَّعِي مِنْ ذَلِكَ
الدَّيْنِ مِنْ فَصْلِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ مِنْ دَعَاوَى
قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْفُصُولَيْنِ نَقْلًا عَنْ الْمُخْتَلِفَاتِ الْقَدِيمَةِ
لِلْمَشَايِخِ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ
أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ لِرَجُلٍ يَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ
فِي قَوْلِ زُفَرَ وَثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا
إذْ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ فِي مَحَلَّيْنِ فَأَصَابَ كِلَا نِصْفِهِ
وَهُوَ ثُلُثُ مَا فِي يَدِهِ فَقُبِلَ إقْرَارُهُ فِي حَقِّهِ لَا فِي
حَقِّ غَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ: أَقُولُ هَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ
وَفِيهَا أَحَدُ الْوَرَثَةِ لَوْ أَقَرَّ بِالْوَصِيَّةِ يُؤْخَذُ
مِنْهُ مَا يَخُصُّهُ وِفَاقًا.
تَرَكَ ثَلَاثَ بَنِينَ وَثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَأَخَذَ كُلٌّ
أَلْفًا فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ
مَالِهِ، وَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمْ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ
ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ مَا فِي يَدِهِ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ، وَفِي
الِاسْتِحْسَانِ: يَأْخُذُ مِنْهُ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ لِمَا مَرَّ
وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَائِنَا.
مَالٌ بِيَدِهِ زَعَمَ أَنَّهُ وَرِثَهُ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ قَالَ
لِرَجُلٍ: أَنْتَ أَخُوهَا فَقَالَ: الْمُقَرُّ لَهُ: أَنَا أَخُوهَا
وَلَسْت أَنْتَ زَوْجَهَا قَالَ: أَبُو يُوسُفَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا
نِصْفَانِ وَقَالَ زُفَرُ كُلُّهُ لِلْأَخِ إلَّا أَنْ يُبَرْهِنُ
الزَّوْجُ أَنَّهُ زَوْجُهَا، وَفِي الْمَجْمَعِ وَضَعَ الْخِلَافَ فِي
هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَبَيْنَ الشَّيْخَيْنِ
قُلْتُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَسَيَأْتِي دَلِيلُ الشَّيْخَيْنِ عَنْ
قَرِيبٍ وَهَاهُنَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
إحْدَاهَا: هَذِهِ وَالثَّانِيَةُ: مَجْهُولُ النَّسَبِ فِي يَدِهِ
مَالٌ فَقَالَ: وَرِثْته مِنْ أَبِي فُلَانٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِأَخٍ
لِأَبٍ وَأُمٍّ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: أَنَا ابْنُهُ لَا أَنْتَ
قَالَ أَبُو يُوسُفَ: الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَقَالَ زُفَرُ:
كُلُّهُ لَلْمُقَرِّ لَهُ.
وَالثَّالِثَةُ امْرَأَةٌ أَقَرَّتْ أَنَّهَا وَرِثَتْهُ مِنْ
زَوْجِهَا فُلَانٍ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِأَخٍ لِزَوْجِهَا فَقَالَ:
الْأَخُ أَنَا أَخُوهُ وَلَسْت أَنْتِ امْرَأَتَهُ فَقَالَ: أَبُو
يُوسُفَ لِلْمَرْأَةِ الرُّبُعُ، وَالْبَاقِي لِلْأَخِ.
وَقَالَ زُفَرُ: كُلُّهُ لِلْأَخِ إلَّا إذَا بَرْهَنَتْ.
مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفًا بِيَدِ آخَرَ فَقَالَ: ذُو الْيَدِ مَاتَ
أَبِي، وَهُوَ أَبُوك وَتَرَكَ هَذِهِ الْأَلْفَ وَقَالَ الْمُقَرُّ
لَهُ هُوَ أَبِي لَا أَبُوك فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ إذْ
الِاسْتِحْقَاقُ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِإِقْرَارِهِ، وَلَمْ يُقِرَّ
لَهُ إلَّا بِالنِّصْفِ، وَعَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ بِيَدِهِ مَالٌ
يَزْعُمُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ مِنْ مَيِّتٍ بِنَسَبٍ، وَلَوْ أَقَرَّ
بِوَارِثٍ غَيْرِ مَعْرُوفٍ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَالْقَوْلُ
لِلْمُقِرِّ، فَأَمَّا لَوْ ادَّعَى ذُو الْيَدِ الزَّوْجِيَّةَ،
وَأَقَرَّ بِوَارِثٍ، وَأَنْكَرَ الْمُقَرُّ لَهُ الزَّوْجِيَّةَ فَلَا
شَيْءَ لِلْمُقِرِّ حَتَّى يُبَرْهِنَ، وَالْفَرْقُ: أَنَّ
الْقَرَابَةَ سَبَبٌ أَصْلِيٍّ لِلِاسْتِحْقَاقِ وَالزَّوْجِيَّةُ
(1/380)
سَبَبٌ طَارِئٌ فَلَمَّا أَقَرَّ بِسَبَبٍ،
وَادَّعَى لِنَفْسِهِ حَقًّا طَارِئًا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا
بِبَيِّنَةٍ، وَأَمَّا فِي النَّسَبِ فَهُمَا سَوَاءٌ.
وَارِثٌ مَعْرُوفٌ أَقَرَّا بِوَارِثٍ آخَرَ قَاسَمَهُ مَا بِيَدِهِ
عَلَى مُوجِبِ إقْرَارِهِ؛ إذْ أَقَرَّ بِاسْتِحْقَاقِ الْمَالِ
فَنَفَذَ فِي حَقِّ الْمَالِ لَا فِي حَقِّ النَّسَبِ؛ إذْ فِيهِ
حَمْلُ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ، فَلَوْ أَقَرَّ بِآخَرَ بَعْدَهُ،
فَلَوْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ الْأَوَّلُ اقْتَسَمُوا مَا
بِيَدِهِمَا بِحَسَبِ مَا أَقَرَّا، وَلَوْ كَذَّبَهُ فَلَوْ دَفَعَ
إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءٍ فَلَا يَضْمَنُ فَيَصِيرُ مَا دَفَعَ
كَهَالِكٍ، فَيُقْسَمُ مَا بِيَدِهِ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ دَفَعَ بِلَا
قَضَاءٍ يُجْعَلُ الْمَدْفُوعُ كَبَاقٍ فِي يَدِهِ فَيَضْمَنُ،
وَيَدْفَعُ إلَيْهِ حَقَّهُ مِنْ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ فِي
التَّسْلِيمِ، وَقَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَسْلَمَ بِغَيْرِ حَقٍّ
فَيَضْمَنُ.
تَرَكَ ثَلَاثَ بَنِينَ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمْ بِامْرَأَةٍ لِلْمَيِّتِ
فَإِنَّهُ يُعْطِيهَا ثَلَاثَةَ أَعْشَارِ مَا بِيَدِهِ، فَإِنَّ
الْأَصْلَ فِي إقْرَارِ الْوَارِثِ بِوَارِثٍ آخَرَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى
نَصِيبِ الْمُقِرِّ وَنَصِيبِ الْمُقَرِّ لَهُ لَوْ كَانَ مَعْرُوفًا،
فَيُقْسَمُ مَا فِي يَدِ الْمُقِرِّ عَلَى ذَلِكَ.
وَلَوْ تَرَكَتْ ثَلَاثَ بَنِينَ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمْ بِزَوْجٍ
لِلْمَيِّتَةِ فَإِنَّهُ يُعْطِيهِ نِصْفَ مَا بِيَدِهِ أَقُولُ: فِيهِ
نَظَرٌ.
وَلَوْ تَرَكَ ابْنَتَيْنِ فَأَقَرَّتْ إحْدَاهُمَا بِامْرَأَةٍ
لِلْمَيِّتِ فَإِنَّهَا تُعْطِيهَا ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ
عَشَرَ جُزْءًا مِمَّا بِيَدِهَا امْرَأَةٌ تَرَكَتْ زَوْجًا، وَأُمًّا
وَأُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ فَأَقَرَّتْ الْأُخْتُ وَالزَّوْجُ بِأَخٍ
لِأَبٍ وَأُمٍّ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ مَا بِيَدِهِمَا عَلَى خَمْسَةَ
عَشَرَ سَهْمًا فَلِلزَّوْجِ تِسْعَةُ أَسْهُمٍ وَلِلْأَخِ وَالْأُخْتِ
سِتَّةٌ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَيُقَالُ لِهَذِهِ
الْمَسْأَلَةِ عِشْرِينِيَّةَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا مِنْ
عِشْرِينَ إذْ فَرِيضَةُ الْإِنْكَارِ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ
وَفَرِيضَةُ الْإِقْرَارِ مِنْ سِتَّةِ أَسْهُمٍ إلَّا أَنَّ لِلْأُمِّ
مِنْ فَرِيضَةِ الْإِنْكَارِ رُبُعُ الْمَالِ، وَذَلِكَ سَهْمَانِ مِنْ
ثَمَانِيَةٍ، وَمِنْ فَرِيضَةِ الْإِقْرَارِ سُدُسُ الْمَالِ، وَذَلِكَ
سَهْمٌ مِنْ سِتَّةٍ فَالزَّوْجُ وَالْأُخْتُ لَا يُصَدَّقَانِ فِي
إبْطَالِ بَعْضِ حَقِّ الْأُمِّ فَيُحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ لَهُ رُبُعٌ،
وَمَا بَقِيَ يَسْتَقِيمُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ، وَأَقَلُّ ذَلِكَ
عِشْرُونَ لِلْأُمِّ رُبُعُ الْمَالِ مِنْ ذَلِكَ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ
فَيَبْقَى خَمْسَةَ عَشَرَ لِلزَّوْجِ مِنْ ذَلِكَ تِسْعَةٌ،
وَلِلْأَخِ وَالْأُخْتِ سِتَّةٌ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الْأُنْثَيَيْنِ، وَتَبَيَّنَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ
الزَّوْجَ أَوْ الزَّوْجَةَ إذَا أَقَرَّ بِوَارِثٍ آخَرَ يَصِحُّ
إقْرَارُهُمَا عَلَى نَفْسِهِمَا، وَالْمُقَرُّ لَهُ يُشْرِكُهُمَا
فِيمَا قَبَضَا، وَلَوْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ مِمَّنْ لَا يَنْقُصُ
بِهِ حَقُّهُمَا مِنْ النِّصْفِ إلَى الرُّبُعِ أَوْ مِنْ الرُّبُعِ
إلَى الثُّمُنِ كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ:
إنَّ الزَّوْجَ لَوْ أَقَرَّ بِأَخٍ لِلْمَيِّتِ أَوْ بِعَمٍّ لَهُ
وَكَذَّبَهُ سَائِرُ الْوَرَثَةِ فَالْمُقَرُّ لَهُ لَا يُشْرِكُهُ
فِيمَا قَبَضَ؛ إذْ وُجُودُ الْمُقَرِّ لَهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ فِي
حَقِّهِ إذْ لَا يُنْقِصُهُ مِنْ نُصِيبهُ شَيْئًا، وَقَدْ صَرَّحَ فِي
الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يُشْرِكهُ فِيمَا قَبَضَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ
مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
مَاتَ وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَاقْتَسَمُوهَا، وَأَخَذَ
كُلُّ وَاحِدٍ أَلْفًا ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ لَهُ عَلَى
أَبِيهِمْ ثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَصَدَّقَهُ الْأَكْبَرُ فِي
الْكُلِّ وَالْأَوْسَطُ فِي الْأَلْفَيْنِ وَالْأَصْغَرُ فِي أَلْفٍ
أَخَذَ الْمُقَرُّ لَهُ مِنْ الْأَكْبَرِ كُلَّ الْأَلْفِ وَمِنْ
الْأَصْغَرِ ثُلُثَهَا بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الْأَكْبَرَ مُقِرٌّ
أَنْ لَا مِيرَاثَ لَهُ، وَالْأَصْغَرُ يَزْعُمُ أَنَّ دَعْوَاهُ فِي
الْأَلْفِ حَقٌّ، وَأَخَذَ مِنْ الْأَوْسَطِ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ
الْأَلْفِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالْكُلَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ.
دَارٌ بَيْنَ أَخَوَيْنِ فَأَقَرَّ الْأَكْبَرُ أَنَّهَا بَيْنَهُمَا
وَبَيْنَ عَمْرٍو أَثْلَاثًا، وَأَقَرَّ الْأَصْغَرُ أَنَّهَا بَيْنَ
زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا فَعَمْرٍو قَدْ اتَّفَقَا
عَلَيْهِ أَمَّا زَيْدٌ فَقَدْ أَقَرَّ الْأَصْغَرُ، وَجَحَدَ
الْأَكْبَرُ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَأْخُذُ عَمْرٌو مِنْ الْأَصْغَرِ
رُبُعَ سَهْمِهِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ خُمُسَهُ ثُمَّ يَضُمُّ عَمْرٌو
مَا أَخَذَهُ مِنْ الرُّبُعِ وَالْخُمُسِ إلَى مَا فِي يَدِ
الْأَكْبَرِ وَيُقَاسِمُهُ نِصْفَيْنِ اتِّفَاقًا وَيُقَاسِمُ
الْأَصْغَرَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ زَيْدًا
(1/381)
نِصْفَيْنِ اتِّفَاقًا.
دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِبَيْتٍ مُعَيَّنٍ
مِنْهَا لِرَجُلٍ وَأَنْكَرَ شَرِيكُهُ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ فِي
الْحَالِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِنْ اقْتَسَمَا الدَّارَ
وَوَقَعَ الْبَيْتُ فِي نَصِيبِ الْمُقِرِّ أَخَذَهُ الْمُقَرُّ لَهُ
اتِّفَاقًا، وَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْمُنْكِرِ، وَالْحَالُ أَنَّ
الْبَيْتَ عُشْرُ الدَّارِ بِأَنْ كَانَتْ مَثَلًا مِائَةَ ذِرَاعٍ،
وَالْبَيْتُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُقْسَمُ نَصِيبُ
الْمُقِرِّ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا سَهْمَانِ لِلْمُقَرِّ لَهُ،
وَالْبَاقِي لَهُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ مِنْ الْمَجْمَعِ وَدُرَرِ
الْبِحَارِ.
وَفِي الْحَقَائِقِ: وَإِنَّمَا وَضَعَ الدَّارَ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ
فِي شَيْءٍ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ أَمَّا فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ
الْقِسْمَةَ بِأَنْ أَقَرَّ بِبَيْتٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْحَمَّامِ،
وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَيَلْزَمُهُ نِصْفُ قِيمَةِ ذَلِكَ؛
لِأَنَّ الْقِسْمَةَ هَاهُنَا غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَالْإِقْرَارُ
بِعَيْنٍ تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ إقْرَارٌ بِبَدَلِهِ، وَهِيَ
الْقِيمَةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِجِذْعٍ فِي الدَّارِ انْتَهَى.
أَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ لِامْرَأَةٍ أَنَّهَا أُخْتُهُ لِأَبِيهِ،
وَجَحَدَ أَخُوهُ قَالَ: عُلَمَاؤُنَا يُعْطِيهَا ثُلُثَ مَا فِي
يَدِهِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: يُعْطِيهَا خُمُسَ مَا فِي يَدِهِ.
إذَا كَانَ ابْنَانِ وَبِنْتَانِ فَأَقَرَّ ابْنٌ وَبِنْتٌ مِنْهُمْ
لِرَجُلٍ أَنَّهُ أَخُوهُمْ لِأَبِيهِمْ وَجَحَدَ الْآخَرَانِ قَالَ
عُلَمَاؤُنَا: يُعْطِيهِ الْمُقِرَّانِ سَهْمَيْنِ مِنْ خُمُسَيْنِ
مِمَّا فِي أَيْدِيهِمَا، وَقَالَ: مَالِكٌ: يُعْطِيَانِهِ رُبُعَ مَا
فِي أَيْدِيهِمَا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِأَدِلَّتِهَا
وَتَخْرِيجِهَا مُسْتَوْفَاةٌ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ.
إذَا أَقَرَّ إنْسَانٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِدَيْنٍ لِرَجُلَيْنِ،
وَأَحَدُهُمَا وَارِثُهُ فَتَكَاذَبَا الشَّرِكَةَ بِأَنْ قَالَا:
هَذَا الدَّيْنُ لَمْ يَكُنْ مُشْتَرَكًا بَيْنَنَا بَلْ كَانَ
نِصْفُهُ لِي وَجَبَ لِي بِسَبَبٍ عَلَى حِدَةٍ، وَنِصْفُهُ
لِلْأَجْنَبِيِّ وَجَبَ لَهُ بِسَبَبٍ عَلَى حِدَةٍ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ
يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِحِصَّةِ الْأَجْنَبِيِّ وَقَالَا: لَا يَصِحُّ
فِيهِمَا، وَلَوْ صَدَّقَا الْمُقَرَّ لَهُمَا بِالشَّرِكَةِ بَطَلَ
الْإِقْرَارُ فِي الْكُلِّ اتِّفَاقًا، وَإِذَا كَذَّبَ الْوَارِثُ
الْمُقِرَّ فِي الشَّرِكَةِ وَصَدَّقَهُ الْأَجْنَبِيُّ لَمْ يَذْكُرْ
فِيهِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ قَالُوا: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى
الْخِلَافِ عِنْدَهُ يَصِحُّ خِلَافًا لَهُمَا وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ:
إنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ أَمَّا إذَا
كَذَّبَهُ الْأَجْنَبِيُّ فِي الشَّرِكَةِ وَقَالَ: جَمِيعُ الدَّيْنِ
أَوْلَى عَلَيْك خَمْسُمِائَةٍ بِسَبَبٍ عَلَى حِدَةٍ فَهِيَ عَلَى
الْخِلَافِ مِنْ الْحَقَائِقِ.
لَوْ قَالَ الْمَرِيضُ: هَذِهِ الْأَلْفُ لُقَطَةٌ عِنْدِي، وَلَا
مَالَ لَهُ غَيْرُهَا، وَكَذَّبَهُ الْوَرَثَةُ لَزِمَهُمْ
التَّصَدُّقُ بِثُلُثِهَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا
يَلْزَمُهُمْ شَيْءٌ مِنْ الْمَجْمَعِ.
مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ، وَلَهُ عَلَى آخَرَ مِائَةُ دِرْهَمٍ
فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا أَنَّ أَبَاهُ قَبَضَ مِنْهَا خَمْسِينَ فَلَا
شَيْءَ لِلْمُقِرِّ وَلِلْآخَرِ خَمْسُونَ؛ لِأَنَّ هَذَا إقْرَارٌ
بِالدِّينِ عَلَى الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ إنَّمَا يَكُونُ
بِقَبْضٍ مَضْمُونٍ فَإِذَا كَذَّبَهُ أَخُوهُ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ
نَصِيبَهُ كَمَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَنَا مِنْ الْهِدَايَةِ.
وَفِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَحْكَامِ الْوُكَلَاءِ مَاتَ عَنْ
ابْنَيْنِ فَقَالَ غَرِيمُهُ: دَفَعْته إلَى الْمُورَثِ وَصَدَّقَهُ
أَحَدُهُمَا فَإِنَّ الْآخَرَ يَأْخُذُ مِنْ الْغَرِيمِ نِصْفَ
الدَّيْنِ ثُمَّ الْمُقِرُّ يَضْمَنُهُ لِلْغَرِيمِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ
كَأَنَّهُ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ فِي التَّرِكَةِ فَيُطَالَبُ بِهِ
انْتَهَى.
وَلَوْ أَقَرَّ بِوَصِيَّةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ لِرَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ،
وَلَا تُعْرَفُ بِعَيْنِهَا فَهِيَ دَيْنٌ فِي تَرِكَتِهِ كَدَيْنِ
الْمَرِيضِ إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ بِمَوْتِهِ مُجْهَلًا، وَهُوَ
الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ سَوَاءٌ.
أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِوَارِثِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ ثُمَّ بَرِئَ فَهُوَ
كَدَيْنِ صِحَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَعْقَبَهُ بُرْءٌ فَلَهُ حُكْمُ
الصِّحَّةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ تَبَرُّعَاتُهُ فِي مِثْلِ
هَذَا الْمَرَضِ.
أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِوَارِثِهِ بِدَيْنٍ لَمْ يَجُزْ وَبِوَدِيعَةٍ
مُسْتَهْلَكَةٍ يَجُوزُ صُورَتُهَا أَوْدَعَ أَبَاهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ
فِي مَرَضِ الْأَبِ أَوْ فِي صِحَّتِهِ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ
فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَقَرَّ بِإِهْلَاكِهِ صُدِّقَ إذْ لَوْ
سَكَتَ وَمَاتَ، وَلَا يُدْرَى مَا صَنَعَ كَانَتْ دَيْنًا فِي مَالِهِ
فَإِذَا أَقَرَّ بِإِتْلَافِهِ فَأَوْلَى، وَلَوْ أَقَرَّ أَوَّلًا
بِتَلَفِهَا فِي يَدِهِ
(1/382)
فَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَمَاتَ لَمْ
يَكُنْ لِلْوَارِثِ فِي مَالِهِ شَيْءٌ.
وَجَبَ لِلْمَرِيضِ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ مِنْ جِنَايَةٍ عَلَى بَدَنِهِ
أَوْ قِنِّهِ بِعَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ أَوْ مَهْرٍ أَوْ نَحْوِهِ
وَأَقَرَّ بِقَبْضِهِ صُدِّقَ فِي الْبَرَاءَةِ لَا فِي أَنْ يُوجِبَ
بِهِ حَقًّا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ فِي مَالِهِ رُجُوعًا.
وَلَوْ وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ ثَمَنِ مَا شَرَاهُ أَوْ قِيمَةِ
قِنٍّ غَصَبَهُ فِي مَرَضِهِ فَهَلَكَ عِنْدَهُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي
قَبْضِهِ فَلَوْ كَانَ الْغَصْبُ فِي الصِّحَّةِ فَمَاتَ الْقِنُّ أَوْ
أَبَقَ فِي مَرَضِهِ فَقُضِيَ لَهُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ فَأَقَرَّ
بِقَبْضِهَا صُدِّقَ مَا لَمْ يَظْهَرْ الْآبِقُ، وَلَوْ قُضِيَ
بِقِيمَتِهِ فِي صِحَّتِهِ صُدِّقَ بِقَبْضِهَا ظَهَرَ الْآبِقُ أَوْ
لَا، وَكَذَا لَوْ بَاعَ فِي صِحَّتِهِ فَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ
بِقَبْضِ ثَمَنِهِ صُدِّقَ سَلَّمَ الْقِنَّ أَوْ لَا.
وَلَوْ بَاعَ فِي مَرَضِهِ شَيْئًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ
فَأَقَرَّ بِقَبْضِ ثَمَنِهِ لَمْ يُصَدَّقْ وَقِيلَ لِلْمُشْتَرِي:
أَدِّ ثَمَنَهُ مَرَّةً أُخْرَى أَوْ اُنْقُضْ الْبَيْعَ فِي قَوْلِ
أَبِي يُوسُفَ وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ يُؤَدِّي قَدْرَ قِيمَتِهِ أَوْ
يَنْقُضُ الْبَيْعَ.
مَرِيضَةٌ أَقَرَّتْ أَنَّهَا وَهَبَتْ مَهْرَهَا لِزَوْجِهَا فِي
صِحَّتِهَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ
لِلْوَارِثِ عَلَى مَا مَرَّ فَلَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهَا
الْوَرَثَةُ، وَلَوْ كَانَ لِلْمَرِيضِ دَيْنٌ عَلَى وَارِثِهِ
فَأَقَرَّ بِقَبْضِهِ لَمْ يَجُزْ سَوَاءٌ وَجَبَ الدَّيْنُ فِي
صِحَّتِهِ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ أَوْ لَا.
لِمَرِيضٍ وَارِثَانِ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَأَقَرَّ أَنَّ لِي عَلَى
الْمَيِّتِ دَيْنًا، وَقَدْ قَبَضَهُ فِي صِحَّتِهِ صَحَّ؛ إذْ لَا
تُهْمَةَ فِيهِ، وَقِيلَ: لَا كَذَا فِي الْوَصَايَا مِنْ الْمَرْضَى
مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
مَرِيضٌ أَقَرَّ لِوَارِثِهِ بِعَبْدٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ
الْوَارِثُ: لَيْسَ الْعَبْدُ لِي لَكِنَّهُ لِفُلَانٍ ثُمَّ مَاتَ
الْمَرِيضُ فَالْعَبْدُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَيَضْمَنُ الْوَارِثُ
لَلْمُقَرِّ لَهُ قِيمَتَهُ فَيَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ
الْوَرَثَةِ.
مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفًا وَابْنًا فَقَالَ الِابْنُ: لِفُلَانٍ عَلَى
أَلْفٌ، لَا بَلْ لِفُلَانٍ فَالْأَلْفُ لِلْأَوَّلِ، وَلَا شَيْءَ
لِلثَّانِي إلَّا أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ.
وَقَالَ زُفَرُ: الْأَلْفُ لِلْأَوَّلِ وَيَغْرَمُ لِلثَّانِي فِي
الْأَحْوَالِ كُلِّهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَوْصَى
لِهَذَا بِثُلُثِ مَالِهِ لَا بَلْ لِهَذَا.
وَلَوْ لَمْ يَتْرُكْ إلَّا عَبْدًا فَقَالَ: أَعْتَقَنِي أَبُوك فِي
الْمَرَضِ، وَقَالَ رَجُلٌ: لِي عَلَى أَبِيك أَلْفٌ فَقَالَ الِابْنُ
صِدْقًا قَالَ: أَبُو يُوسُفَ يَسْعَى الْعَبْدُ فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ
لِلْغَرِيمِ وَقَالَ زُفَرُ يَسْعَى فِي خَمْسَةِ أَسْدَاسِ قِيمَتِهِ؛
لِأَنَّهُ لَوْ بَدَأَ بِالْعِتْقِ لَكَانَ يَسْعَى فِي ثُلُثِي
قِيمَتِهِ لِلْغَرِيمِ وَسَقَطَ عَنْهُ الثُّلُثُ، وَلَوْ بَدَأَ
بِالدَّيْنِ لَكَانَ يَسْعَى فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ، فَإِذَا اشْتَبَهَ
سَقَطَ نِصْفُ الزِّيَادَةِ مِنْ الصُّغْرَى.
قَوْمٌ دَخَلُوا عَلَى رَجُلٍ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، وَأَشْهَرُوا
عَلَيْهِ سِلَاحًا وَتَهَدَّدُوهُ حَتَّى يُقِرَّ لِرَجُلٍ بِشَيْءٍ
فَفَعَلَ قَالُوا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ جَازَ
الْإِقْرَارُ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ الْإِكْرَاهَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ
السُّلْطَانِ وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ يَتَحَقَّقُ الْإِكْرَاهُ مِنْ
كُلِّ مُتَغَلِّبٍ يَقْدِرُ عَلَى تَحْقِيقِ مَا أَوْعَدَ،
وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا، وَهَذَا إذَا أَشْهَرُوا عَلَيْهِ
السِّلَاحَ فَإِنْ لَمْ يُشْهِرُوا عَلَيْهِ السِّلَاحَ وَضَرَبُوهُ
فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ فِي الْمِصْرِ جَازَ الْإِقْرَارُ؛ لِأَنَّ
غَيْرَ السِّلَاحِ يَلْبَثُ فَيُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَغِيثَ
فَيَلْحَقَهُ الْغَوْثُ، وَإِنْ تَهَدَّدُوهُ بِخَشَبٍ كَبِيرٍ لَا
يَلْبَثُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السِّلَاحِ فِي هَذَا الْحُكْمِ هَذَا
إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الْمِصْرِ نَهَارًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي
الطَّرِيقِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، أَوْ كَانَ فِي رُسْتَاقٍ لَا
يَلْحَقُهُ الْغَوْثُ كَانَ الْإِقْرَارُ بَاطِلًا، وَإِنْ لَمْ
يُشْهِرُوا عَلَيْهِ السِّلَاحَ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ
عَنْ الْخَانِيَّةِ.
رَجُلٌ قَالَ: مَا ادَّعَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فِي الْمَالِ الَّذِي
فِي يَدِي فَهُوَ صَادِقٌ، وَمَاتَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: إنْ لَمْ
يَكُنْ سَبَقَ مِنْ فُلَانٍ دَعْوَى فِي شَيْءٍ مَعْلُومٍ فَاَلَّذِي
ادَّعَى ثَابِتٌ لَهُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ ذَكَرَ فِي
الْكِتَابِ مَرِيضٌ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ حَقٌّ فَصَدَّقُوهُ
فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ إلَى الثُّلُثِ، وَلَوْ قَالَ: فَهُوَ صَادِقٌ
فَلَا
(1/383)
رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ
الْجَوَابُ كَمَا قَالَ: أَبُو الْقَاسِمِ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ مِنْ
الْوَصَايَا.
وَفِي إقْرَارِ الْيَتِيمَةِ سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ
أَقَرَّ أَنَّ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ حِنْطَةً مِنْ سَلَمٍ عَقَدَاهُ
بَيْنَهُمَا ثُمَّ إنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: سَأَلْت الْفُقَهَاءَ
عَنْ الْعَقْدِ فَقَالُوا: هُوَ فَاسِدٌ فَلَا يَجِبُ عَلَى شَيْءٍ
وَالْمُقِرُّ مَعْرُوفٌ بِالْجَهْلِ هَلْ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ
فَقَالَ: لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَقُّ بِدَعْوَى الْجَهْلِ انْتَهَى
كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الْجَهْلِ.
لَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا وَأَخَذَهُ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ
لَمْ يَكُنْ عَلَى خَصْمِهِ حَقٌّ فَعَلَى الْمُدَّعِي رَدُّ عَيْنِ
مَا قَبَضَ مَا دَامَ قَائِمًا هَذِهِ فِي أَحْكَامِ النَّقْدِ مِنْهُ.
لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ فُلَانٌ:
مَالِي عَلَيْك شَيْءٌ بَرِئَ الْمُقِرُّ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ؛
لِأَنَّهُ كَذَّبَهُ فِيهِ حَتَّى لَوْ عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ لَا
يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا فَإِنْ أَعَادَ الْإِقْرَارَ بَعْدَ
ذَلِكَ فَقَالَ: بَلْ لَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُقَرُّ
لَهُ: أَجَلْ هِيَ لِي أَخَذَهُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ وَصَدَّقَهُ
فِيهِ فَيَلْزَمُهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ جَارِيَةً
أَوْ عَبْدًا عَلَى هَذَا، وَلَوْ أَنْكَرَ الْمُقِرُّ الْإِقْرَارَ
الثَّانِيَ، وَادَّعَاهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً
عَلَيْهِ لَا تُسْمَعُ، وَلَوْ أَرَادَ تَحْلِيفَهُ لَا يُلْتَفَتُ
إلَيْهِ لِلتَّنَاقُضِ بَيْنَ هَذِهِ الدَّعْوَى، وَبَيْنَ تَكْذِيبِهِ
الْإِقْرَارَ الْأَوَّلَ، وَعَدَمِ عِلْمِ الْقَاضِي بِمَا مَرَّ مَعَ
التَّنَاقُضِ، وَهُوَ رُجُوعُ الْمُقِرِّ إلَى إقْرَارِهِ قَالَ:
أُسْتَاذُنَا يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ بَيِّنَةُ الْمُقَرِّ لَهُ
بَعْدَ مَا رَدَّ إقْرَارَهُ عَلَى إقْرَارِهِ لَهُ ثَانِيًا، وَهُوَ
الْأَشْبَهُ بِالصَّوَابِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ إذَا كَانَ بَيْنَ
رَجُلَيْنِ أَخْذٌ وَعَطَاءٌ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُهُمَا حَقَّ
صَاحِبِهِ، فَأَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى
أَنَّهُ صَاحِبُ الْحَقِّ، وَيَكْتُبُ إقْرَارَهُ، وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ
فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُفِيدَ الْإِشْهَادُ فَائِدَةً؛ لِأَنَّهُ
حِينَئِذٍ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ دَعْوَى الْإِقْرَارِ بَعْدَ إقْرَارِهِ
السَّابِقِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ بَعِيدٌ شَنِيعٌ
مِنْ الْقُنْيَةِ.