مراقي الفلاح شرح متن نور الإيضاح

ص -13-        بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الطهارة
ــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي شرف خلاصة عباده بوراثة صفوة خير عباده وأمدهم بالعناية فأحسنوا لذاته العبادة وحفظوا شريعته وبلغوها عباده وأشهد أن لا إله إلا الله الملك البر الرحيم وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله النبي الكريم القائل: "تعلموا العلم وتعلموا له السكينة والحلم" وعلى آله وأصحابه القائمين بنصرة الدين في الحرب والسلم.
"وبعد" فيقول العبد الذليل الراجي عفو ربه الجليل حسن بن عمار بن علي الشرنبلالي الحنفي غفر الله ذنوبه وستر عيوبه ولطف به في جميع أموره ما ظهر منها وما خفي وأحسن لوالديه ولمشايخه وذريته ومحبيه ومواليه. وأدام النعم مسبغة في الباطن والظاهر عليهم وعليه: إن هذا كتاب صغير حجمه غزير علمه صحيح حكمه احتوى على ما به تصحيح العبادات الخمس بعبارة منيرة كالبدر والشمس دليله من الكتاب العزيز والسنة الشريفة والإجماع تسر به قلوب المؤمنين وتلذ به الأعين والأسماع جمعت فيه ما احتوى عليه شرحي للمقدمة بالتماس أفاضل أعيان للخيرات مقدمة تقريبا للطلاب وتسهيلا لما به الفوز في المآب. وسميته:
[مراقي الفلاح بإمداد الفتاح شرح نور الإيضاح ونجاة الأرواح]
والله الكريم أسأل وبحبيبه المصطفى إليه أتوسل أن ينفع به جميع الأمة وأن يتقبله بفضله ويحفظه من شر من ليس من أهله إذ هو من أجل النعمة وأعظم المنة والله أسال أن ينفع به عباده ويديم به الإفادة: إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير آمين
كتاب الطهارة
الكتاب والكتابة لغة: الجمع واصطلاحا طائفة من المسائل الفقهية اعتبرت مستقلة شملت أنواعا أو لم تشمل والطهارة بفتح الطاء مصدر طهر الشيء بمعنى النظافة وبكسرها: الآلة وبضمها فضل ما يتطهر به وشرعا حكم يظهر1 بالمحل الذي تتعلق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 المراد بالمحل: بدن المصلي وثوبه ومكانه الذي يصلي فيه.

 

ص -14-        المياه التي يجوز التطهير بها سبعة مياه ماء السماء وماء البحر وماء النهر وماء البئر وماء الثلج وماء البرد وماء العين ثم المياه على خمسة أقسام الأول طاهر مطهر غير مكروه وهوالماء المطلق والثاني طاهر مطهر مكروه وهو ما شربت منه الهرة ونحوها وكان قليلا والثالث طاهر غير مطهر وهو ما استعمل لرفع حدث أو
ــــــــــــــــــــ
به الصلاة لاستعمال1 المطهر والإضافة بمعنى اللام وقدمت الطهارة على الصلاة لكونها شرطا وهو مقدم والمزيل للحدث والخبث اتفاقا "المياه" جمع2 كثرة وجمع القلة أمواه والماء جوهر شفاف لطيف سيال والعذب منه به حياة كل نام وهو ممدود وقد يقصر. وأقسام المياه "التي يجوز" أي يصح 3"التطهير بها سبعة مياه" أصلها "ماء السماء" لقوله تعالى:
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ} [الزمر: من الآية21] وهو طهور لقوله تعالى: {لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [لأنفال: من الآية11] وهو ماء المطر لأن السماء ككل ما علاك فأظلك وسقف البيت سماء وماء الطل وهو الندى مطهر في الصحيح "و" كذا "ماء البحر" الملح لقوله صلى الله عليه وسلم: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته ""و" كذا "ماء النهر" كسيحون وجيحون والفرات ونيل مصر وهي من الجنة "و" كذا "ماء البئر"
"و" كذا "ما ذاب من الثلج والبرد" بفتح الباء الموحدة والراء المهملة واحترز به عن الذي يذوب من الملح لأنه لا يطهر يذوب في الشتاء ويجمد في الصيف عكس الماء وقبل انعقاده ملحا طهور "و" كذا "ماء العين" الجاري على الأرض من ينبوع
والإضافة في هذه المياه للتعريف لا للتقييد والفرق بين الإضافتين: صحة إطلاق الماء على الأول دون الثاني إذ لا يصح أن يقال لماء الورد هذا ماء من غير قيد بالورد بخلاف ماء البئر لصحة إطلاقه فيه "ثم المياه" من حيث هي "على خمسة أقسام" لكل منها وصف يختص به أولها "طاهر مطهر غير مكروه" وهو الماء المطلق الذي لم يخالطه ما يصير به مقيدا "و" الثاني "طاهر مطهر مكروه" استعماله تنزيها4 على الأصح "وهو ما شرب منه" حيوان مثل "الهرة" الأهلية إذ الوحشية سؤرها نجس "ونحوها" أي الأهلية: الدجاجة المخلاة وسباع الطير والحية والفأرة لأنها لا تتحامى عن النجاسة وإصغاء النبي صلى الله عليه وسلم الإناء للهرة كان حال علمه بزوال ما يقتضي الكراهة منها إذ ذاك "و" الذي يصير مكروها بشربها منه ما "كان قليلا" وسيأتي تقديره "و" الثالث "طاهر" في نفسه "غير مطهر" للحدث بخلاف الخبث "وهو: ما استعمل" في الجسد أو لاقاه بغير قصد "لرفع حدث

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 المطهر هو الماء أو التراب عند العجز عن استعماله.
2 غير الماء من المائعات مزيل للأخباث على المعتمد خلافا لمحمد.
3 فسره بالصحة لا بالحل فدخل الماء المغصوب فإنه يصح التوضؤ به وإن لم يحل.
4 محل الكراهة إذا وجد الماء المطلق وإلا فلا كراهة.

 

ص -15-        لقربه كالوضوء على الوضوء بنيته ويصير الماء مستعملا بمجرد انفصاله عن الجسد ولا يجوز بماء شجر وثمر ولو خرج بنفسه من غير عصر في الأظهر ولا بماء زال طبعه بالطبخ أو بغلبة غيره عليه والغلبة في مخالطة الجامدات بإخراج الماء عن رقته وسيلانه ولا يضر تغير أوصافه كلها بجامد كزعفران وفاكهة وورق شجر,...........
ــــــــــــــــــــ
أو" قصد استعماله "لقربة" وهي: "كالوضوء" في مجلس آخر "على الوضوء بنيته" أي الوضوء تقربا ليصير عبادة فإن كان في مجلس واحد كره ويكون الثاني غير مستعمل ومن القربة: غسل اليد للطعام أو منه لقوله صلى الله عليه وسلم:: "الوضوء قبل الطعام بركة وبعده ينفي اللمم - أي الجنون - وقبله ينفي الفقر" فلو غسلها لوسخ وهو متوضئ ولم يقصد القربة لا يصير مستعملا: كغسل ثوب ودابة مأكولة "ويصير الماء مستعملا بمجرد انفصاله عن الجسد" وإن لم يستقر بمحل على الصحيح وسقوط حكم الاستعمال قبل الانفصال لضرورة التطهير ولا ضرورة بعد انفصاله "ولا يجوز" أي لا يصح الوضوء "بماء شجر وثمر" لكمال امتزاجه فلم يكن مطلقا "ولو خرج بنفسه من غير عصر" كالقاطر من الكرم "في الأظهر" احترز به عما قيل بأنه لا يجوز بماء يقطر بنفسه لأنه ليس لخروجه بلا عصر تأثير في نفي القيد وصحة نفي الاسم عنه وإنما صح إلحاق المائعات المزيلة بالماء المطلق لتطهير النجاسة الحقيقية: لوجود شرط الإلحاق وهي: تناهي أجزاء النجاسة بخروجها مع الغسلات وهو منعدم في الحكمية لعدم نجاسة محسوسة بأعضاء المحدث والحدث أمر شرعي له حكم النجاسة لمنع الصلاة معه وعين الشارع لإزالته آلة مخصوصة فلا يمكن إلحاق غيرها بها. "ولا" يجوز الوضوء "بماء زال طبعه" - وهو: الرقة والسيلان والإرواء والإنبات "بالطبخ" بنحو حمص وعدس لأنه إذا برد ثخن كما إذا طبخ بما يقصد به النظافة - كالسدر - وصار به ثخينا وإن بقي على الرقة جاز به الوضوء. ولما كان تقييد الماء يحصل بأحد الأمرين: كمال الامتزاج بتشرب النبات أو الطبخ بما ذكرناه بين الثاني وهو: غلبة الممتزج بقوله: "أو بغلبة غيره" أي غير الماء "عليه" أي على الماء ولما كانت الغلبة مختلفة باختلاف المخالط بغير طبخ ذكر ملخص ما جعله المحققون ضابطا في ذلك فقال: "والغلبة" تحصل "في مخالطة" الماء لشيء من "الجامدات" الطاهرة "بإخراج الماء عن رقته" فلا ينعصر عن الثوب "و" إخراجه عن "سيلانه" فلا يسيل على الأعضاء سيلان الماء "و" أما إذا بقي على رقته وسيلانه: فإنه "لا يضر" أي لا يمنع جواز الوضوء به "تغير أوصافه كلها بجامد: " خالطه بدون طبخ "كزعفران وفاكهة وورق شجر" لما في البخاري ومسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بغسل الذي وقصته ناقته وهو محرم بماء وسدر وأمر قيس بن عاصم حين أسلم أن يغتسل بماء وسدر واغتسل النبي صلى الله عليه وسلم بماء فيه أثر العجين وكان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل ويغسل

 

ص -16-        والغلبة في المائعات بظهور وصف واحد من مائع له وصفان فقط كاللبن له اللون والطعم ولا رائحة له وبظهور وصفين من مائع له ثلاثة كالخل والغلبة في المائع الذي لا وصف له كالماء المستعمل وماء الورد المنقطع الرائحة تكون بالوزن فإن اختلط رطلان من الماء المستعمل برطل من المطلق لا يجوز به الوضوء وبعكسه جاز والرابع ماء نجس وهو الذي حلت فيه نجاسة وكان راكدا قليلا والقليل ما دون عشر في عشر فينجس وإن لم يظهر أثرها فيه أو
ــــــــــــــــــــ
رأسه بالخطمي وهو جنب ويجتزئ بذلك. "والغلبة" تحصل "في" مخالطة "المائعات: بظهور وصف واحد" كلون فقط أو طعم "من مائع له وصفان فقط" أي لا ثالث له ومثل ذلك بقوله: "كاللبن له اللون والطعم" فإن لم يوجد أجاز به الوضوء وإن وجد أحدهما لم يجز كما لو كان المخالط له وصف واحد فظهر وصفه: كبعض البطيخ ليس له إلا وصف واحد "و" قوله "لا رائحة له" زيادة إيضاح لعلمه من بيان الوصفين. "و" الغلبة توجد "بظهور وصفين من مائع له" أوصاف "ثلاثة" وذلك "كالخل" له لون وطعم وريح فأي وصفين منها ظهرا منعا صحة الوضوء والواحد منها لا يضر لقلته "والغلبة في" مخالطة "المائع الذي لا وصف له" يخالف الماء بلون أو طعم أو ريح: "كالماء المستعمل" فإنه بالاستعمال لم يتغير له طعم ولا لون ولا ريح وهو طاهر في الصحيح "و" مثله ماء "الورد المنقطع الرائحة: تكون" الغلبة "بالوزن" لعدم التميز بالوصف لفقده "فإن اختلط رطلان" مثلا "من الماء المستعمل" أو ماء الورد الذي انقطعت رائحته "برطل من" الماء "المطلق لا يجوز به الوضوء" لغلبة المقيد "وبعكسه" وهو: لو كان الأكثر المطلق "جاز" به الوضوء وإن استويا لم يذكر حكمه في ظاهر الرواية وقال المشايخ: حكمه حكم المغلوب احتياطا
"و" القسم "الرابع" من المياه: "ماء نجس وهو: الذي حلت" أي وقعت "فيه نجاسة" وعلم وقوعها يقينا أو بغلبة الظن وهذا في غير قليل الأرواث لأنه معفو عنه كما سنذكره "وكان" الماء "راكدا" أي ليس جاريا وكان "قليلا والقليل" هو: "ما" مساحة محله "دون عشر في عشر" بذراع العامة - والذراع - يذكر ويؤنث - وإن كان قليلا وأصابته نجاسة "فينجس بها وإن لم يظهر أثرها" أي النجاسة "فيه" وأما إذا كان عشرا في عشر بحوض مربع أو سنة وثلاثين في مدور وعمقه أن يكون بحال لا تنكشف أرضه بالغرف منه على الصحيح وقيل: يقدر عمقه بذراع أو شبر فلا ينجس إلا بظهور وصف للنجاسة فيه حتى موضع الوقوع وبه أخذ مشايخ بلخ توسعة على الناس والتقدير بعشر في عشر هو المفتى به ولا بأس بالوضوء والشرب من جب يوضع كوزه في نواحي الدار ما لم يعلم تنجسه ومن حوض يخاف أن يكون فيه قذر ولا يتيقن ولا يجب أن يسأل عنه ومن البئر التي تدلى فيها الدلاء والجرار الدنسة

 

ص -17-        جاريا وظهر فيه أثرها والأثر طعم أو لون أو ريح والخامس ماء مشكوك في طهوريته وهو ما شرب منه حمار أو بغل.
ــــــــــــــــــــ
وتحملها الصغار والإماء ويمسها الرستاقيون بأيد دنسة ما لم تتيقن النجاسة أو كان "جاريا" عطف على راكدا "وظهر فيه" أي الجاري "أثرها" فيكون نجسا "والأثر: طعم" النجاسة "أو لون أو ريح" لها لوجود عين النجاسة بأثرها
- "و" النوع "الخامس: ماء مشكوك في طهوريته" لا في طهارته "وهو: ما شرب منه حمار أو بغل" وكانت أمه أتانا لا رمكة لأن العبرة للأم كما سنذكره في الأسآر إن شاء الله تعالى

فصل: في بيان أحكام السؤر
والماء القليل إذا شرب منه حيوان يكون على أربعة أقسام ويسمى سؤرا الأول طاهر مطهر وهو ما شرب منه آدمي أو فرس أو ما يؤكل لحمه والثاني نجس لا يجوز استعماله وهو ما شرب منه الكلب...........................
ــــــــــــــــــــ
فصل: في بيان أحكام السؤر
"والماء القليل" الذي بينا قدره بدون عشر في عشر ولم يكن جاريا "إذا شرب منه حيوان يكون على" أحد "أربعة أقسام - و" ما أبقاه بعد شربه "يسمى سؤرا" بهمز عينه ويستعار الاسم لبقية الطعام والجمع أسآر والفعل: أسأر أي أبقى شيئا مما شربه والنعت منه سآر على غير قياس لأنه قياسه مسئر ونظيره أجبره فهو جبار "الأول" من الأقسام: سؤر "طاهر مطهر" بالاتفاق من غير كراهة في استعماله "وهو: ما شرب منه آدمي" ليس بفمه نجاسة لما روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت:: "كنت أشرب وأنا حائض فأناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع في" ولا فرق بين الكبير والصغير والمسلم والكافر والحائض والجنب وإذا تنجس فمه فشرب الماء من فوره تنجس وإن كان بعد ما تردد البزاق في فمه مرات وألقاه أو ابتلعه قبل الشرب فلا يكون سؤره نجسا عند أبي حنيفة وأبي يوسف لكنه مكروه لقول محمد بعدم طهارة النجاسة بالبزاق عنده "أو" شرب منه "فرس" فإن سؤر الفرس طاهر بالاتفاق على الصحيح من غير كراهة "أو" شرب منه "ما" بمعنى حيوان "يؤكل لحمه" كالإبل والبقر والغنم ولا كراهة في سؤرها إن لم تكن جلالة تأكل الجلة بالفتح وهي في الأصل البعرة وقد يكنى بها عن العذرة فإن كانت جلالة فسؤرها من القسم الثالث مكروه "و" القسم "الثاني": سؤر "نجس" نجاسة غليظة وقيل خفيفة "لا يجوز استعماله" أي لا يصح التطهير به بحال ولا يشربه إلا مضطر كالميتة "وهو": أي السؤر النجس "ما شرب منه الكلب"

 

ص -18-        أو الخنزير أو شيء من سباع البهائم كالفهد والذئب. والثالث مكروه استعماله مع وجود غيره وهو سؤر الهرة والدجاجة المخلاة وسباع الطير كالصقر والشاهين والحدأة وكالفأرة لا العقرب.....................
ــــــــــــــــــــ
سواء فيه كلب صيد وماشية وغيره لما روى الدار قطني عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكلب يلغ في الإناء أنه يغسل ثلاثا أو خمسا أو سبعا1 "أو" شرب منه الخنزير لنجاسة عينه لقوله تعالى:
{فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: من الآية145] "أو" شرب منه "شيء" بمعنى حيوان "من سباع البهائم" احترز به عن سباع الطير وسيأتي حكمها والسبع حيوان مختطف منتهب عاد عادة "كالفهد والذئب" والضبع والنمر والسبع والقرد لتولد لعابها من لحمها وهو نجس كلبنها "و" القسم "الثالث": سؤر "مكروه استعماله" في الطهارة كراهة تنزيه "مع وجود غيره" مما لا كراهة فيه ولا يكره عند عدم الماء لأنه طاهر لا يجوز المصير إلى التيمم مع وجوده "وهو: سؤر الهرة" الأهلية لسقوط حكم النجاسة اتفاقا لعلة الطواف المنصوص عليه بقوله صلى الله عليه وسلم: "إنها ليست بنجسة إنها من الطوافين عليكم والطوافات" قال الترمذي حديث حسن صحيح ولكن يكره سؤرها تنزيها على الأصح لأنها لا تتحامى عن النجاسة كماء غمس صغير يده فيه2 وحمل إصغاء النبي صلى الله عليه وسلم لها الإناء على زوال ذلك الوهم بعلمه بحالها في زمان لا يتوهم نجاسة فمها بمنجس تناولته. والهرة البرية سؤرها نجس لفقد علة الطواف فيها ويكره أن تلحس الهرة كف إنسان ثم يصلي قبل غسله أو يأكل بقية ما أكلت منه إن كان غنيا يجد غيره ولا يكره أكله للفقير للضرورة "و" سؤر "الدجاجة" بتثليث الدال وتاؤها للوحدة لا للتأنيث والدجاج مشترك بين الذكر والأنثى والدجاجة الأنثى خاصة ولهذا لو حلف لا يأكل لحم دجاجة لا يحنث بلحم الديك ويكره سؤر "المخلاة": التي تجول في القاذورات ولم يعلم طهارة منقارها من نجاسته فكره سؤرها للشك فإن لم يكن كذلك فلا كراهة فيه بأن حبست فلا يصل منقارها لقذر "و" سؤر "سباع الطير: كالصقر والشاهين والحدأة" والرخم والغراب مكروه لأنها تخالط الميتات والنجاسات فأشبهت الدجاجة المخلاة حتى لو تيقن أنه لا نجاسة على منقارها لا يكره سؤرها وكان القياس نجاسته لحرمة لحمها كسباع البهائم لكن طهارته استحسان لأنها تشرب بمنقارها وهو عظم طاهر وسباع البهائم تشرب بلسانها وهو مبتل بلعابها النجس "و" سواكن البيوت مما له دم سائل "كالفأرة" والحية والوزغة مكروه للزوم طوافها وحرمة لحمها النجس و "لا" كذلك سؤر "العقرب"

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يندب عندنا التسبيع وكون إحداهن بالتراب.
2 لوحظ حالها وهي أنها لا تتحاشى النجاسة وحال الناس في الابتلاء بها فحكمنا بالكراهة للحالين.

 

ص -19-        والرابع مشكوك في طهوريته وهو سؤر البغل والحمار فإن لم يجد غيره توضأ به وتيمم ثم صلى.
ــــــــــــــــــــ
والخنفس والصرصر لعدم نجاستها فلا كراهة فيه. "و" القسم "الرابع: " سؤر "مشكوك" أي متوقف "قي" حكم "طهوريته" فلم يحكم بكونه مطهرا جزما ولم ينف عنه الطهورية "وهو: سؤر البغل" الذي أمه أتان "والخمار" وهو يصدق على الذكر والأنثى لأن لعابه طاهر على الصحيح والشك لتعارض الخبرين في إباحة لحمه وحرمته والبغل متولد من الحمار فأخذ حكمه "فإن لم يجد" المحدث "غيره" أي غير سؤر البغل والحمار "توضأ به وتيمم" والأفضل تقديم الوضوء لقول زفر بلزوم تقديمه والأحوط أن ينوي للاختلاف في لزوم النية في الوضوء بسؤر الحمار "ثم صلى" فتكون صلاته صحيحة بيقين لأن الوضوء به لو صح لم يضره التيمم وكذا عكسه ومن قال من مشايخنا إن سؤر الفحل نجس لأنه يشم البول فتنجس شفتاه فهو غير سديد لأنه أمر موهوم لا يغلب وجوده ولا يؤثر في إزالة النابت ويستحب غسل الأعضاء بعد ذلك بالماء لإزالة أثر المشكوك والمكروه.

فصل في التحري
لو اختلط أوان أكثرها طاهر تحري للتوضؤ والشرب وإن كان أكثرها نجسا لا
ــــــــــــــــــــ
"فصل" في التحري1
"لو اختلط" اختلاط مجاورة لا ممازجة "أوان" جمع إناء "أكثرها طاهر" وأقلها نجس "تحري للتوضؤ" والاغتسال قيد بالأكثر لأنه يتيمم عند تساوي الأواني والأفضل أن يمزجها أو يريقها فيتيمم لفقد المطهر قطعا وإن وجد ثلاثة رجال ثلاث أوان أحدها نجس وتحرى كل إناء صحت صلاتهم وحدانا "و" كذا يتحرى مع كثرة الطاهر لإرادة2 "الشرب" لأن المغلوب كالمعدوم ولو اختلط إناآن ولم يتحر وتوضأ بكل وصلى صحت إن مسح في موضعين من رأسه لا في موضع لأن تقديم الطاهر مزيل للحدث وقد تنجس بالثاني وفاقد المطهر يصلي مع النجاسة وطهر بالغسل الثاني إن قدم النجس ومسح محلا آخر من رأسه وإن مسح محلا بالماءين دار الأمر بين الجواز لو قدم الطاهر وعدم الجواز لتنجس البلل بأول ملاقاة لو أخر الطاهر فلا يجوز للشك احتياطا "وإن كان أكثرها" أي المختلطة بالمجاورة "نجسا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 التحري: الاجتهاد وبذل الطاقة لمعرفة الطاهر من النجس.
2 للأكثر حكم الكل فإذا كان أكثرها نجسا كانت كلها في حكم النجسة وللوضوء عند الضرورة بدل هذا التيمم بخلاف الشرب.

 

ص -20-        يتحرى إلا للشرب وفي الثياب المختلطة يتحرى سواء كان أكثرها طاهرا أو نجسا.
ــــــــــــــــــــ
لا يتحرى إلا للشرب" لنجاسة كلها حكما للغالب فيريقها عند عامة المشايخ ويمزجها لسقي الدواب عند الطحاوي ثم يتيمم. "وفي" وجود "الثياب المختلطة يتحرى" مطلقا أي: "سواء كان أكثرها طاهرا أو نجسا" لأنه لا خلف للثوب في ستر العورة والماء يخلفه التراب وإن صلى في أحد ثوبين متحريا لنجاسة أحدهما ثم أراد صلاة أخرى فوقع تحريه في غير الذي صلى فيه لم يصح لأن إمضاء الاجتهاد لا ينقض بمثله إلا في القبلة لأنها تحتمل الانتقال إلى جهة أخرى بالتحري لأنه أمر شرعي والنجاسة أمر حسي لا يصيرها طاهرة بالتحري للزوم الإعادة بظهور النجاسة بعد التحري في الثياب والأواني فمتى جعلنا الثوب طاهرا بالاجتهاد للضرورة لا يجوز جعله نجسا باجتهاد مثله فتفسد كل صلاة يصليها بالذي تحرى نجاسته أولا وتصح بالذي تحرى طهارته ولو تعارض عدلان في الحل والحرمة بأن أخبر عدل بأن هذا اللحم ذبحه مجوسي وعدل آخر أنه زكاه مسلم لا يحل لبقائه على الحرمة بتهاتر الخبرين ولو أخبرا عن ماء وتهاترا بقي على أصل الطهارة

فصل في مسائل الآبار
تنزح البئر الصغيرة: بوقوع نجاسة وإن قلت من غير الأرواث كقطرة دم أو خمر وبوقوع خنزير ولو خرج حيا ولم يصب فمه الماء وبموت كلب أو شاة أو آدمي فيها وبانتفاخ حيوان ولو صغيرا ومائتا دلو.......................
ــــــــــــــــــــ
"فصل": في مسائل الآبار
الواقع فيها روث أو حيوان أو قطرة من دم ونحوه وحكمها أن "تنزح البئر" أي ماؤها لأنه من إسناد الفعل إلى البئر وإرادة الماء الحال بالبئر "الصغيرة" وهي: ما دون عشر في عشر "بوقوع نجاسة" فيها "وإن قلت" النجاسة التي "من غير الأرواث" وقدر القليل: "كقطرة دم أو" قطرة "خمر" لأن قليل النجاسة ينجس قليل الماء وإن لم يظهر أثره فيه "و" تنزح "بوقوع خنزير ولو خرج حيا و" الحال أنه "لم يصب فمه الماء" لنجاسة عينه "و" تنزح "بموت كلب" قيد بموته فيها لأنه غير نجس العين على الصحيح فإذا لم يمت وخرج حيا ولم يصل فمه الماء لا ينجس "أو" موت "شاة أو" موت "آدمي فيها" لنزح ماء زمزم بموت زنجي وأمر ابن عباس وابن الزبير رضي الله عنهم به بمحضر من الصحابة من غير نكير "و" تنزح "بانتفاخ حيوان ولو" كان "صغيرا" لانتشار النجاسة "و" تنزح وجوبا1 "مائتا دلو" وسط وهو المستعمل كثيرا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هذه المسألة من مسائل البئر الكبيرة فلا تتنجس ما لم يتغير لون الماء أو طعمه و ريحه كما ذكره قاضيخان وغيره وقد سها عن هذا مؤلفا [المفتاح] ومؤلف [سبيل الفلاح] ففهموا: أن حكم البئر الكبيرة هو ما ذكره بقوله: "ومائتا دلو لو لم يكن نزحها" والحق أن هذا حكم البئر الصغيرة التي لا يمكن نزحها لغلبة نبع الماء حتى لو أمكن سد منابعه من غير عسر لزم نزح الجميع- أما ما ذكره المؤلف أولا ففي البئر الصغيرة التي يمكن نزحها.

 

ص -21-        لو لم يمكن نزحها, وإن ماتت فيها دجاجة أو هرة أو نحوهما لزم نزح أربيعن دلوا وإن ماتت فيها فأرة أو نحوها لزم نزح عشرين دلوا وكان ذلك طهارة للبئر والدلو والرشاء ويد المستسقي ولا تنجس البئر بالبعر والروث والخثي إلا إن
ــــــــــــــــــــ
في تلك البئر ويستحب زيادة مائة ولو نزح الواجب في أيام أو غسل الثوب النجس في أيام طهر وتطهير البئر بانفصال الدلو الأخير عن فمها عندهما وعند محمد بانفصاله عن الماء ولو قطر في البئر للضرورة وقال يشترط الانفصال لبقاء الاتصال بالقاطر بها وقدر محمد رحمه الله تعالى الواجب بمائتي دلو "لو لم يمكن نزحها" وأفتى به لما شاهد آبار بغداد كثيرة المياه لمجاورة دجلة والأشبه أن يقدر ما فيها بشهادة رجلين لهما خبرة بأمر الماء وهو الأصح "وإن مات فيها" أي البئر "دجاجة أو هرة أو نحوهما" في الجثة ولم تنتفخ "لزم نزح أربعين دلوا" بعد إخراج الواقع منها روي التقدير بالأربعين عن أبي سعيد الخدري في الدجاجة وما قاربها يعطى حكمها وتستحب الزيادة إلى خمسين أو ستين لما روي عن عطاء والشعبي "وإن مات فيها فأرة" بالهمز "أو نحوها" كعصفور ولم ينتفخ "لزم نزح عشرين دلوا" بعد إخراجه لقول أنس رضي الله عنه في فأرة ماتت في البئر وأخرجت من ساعتها: ينزح عشرون دلوا وتستحب الزيادة إلى ثلاثين لاحتمال زيادة الدلو المذكور في الأثر على ما قدر به من الوسط "وكان ذلك" المنزوح "طهارة للبئر والدلو والرشاء"1 والبكرة "ويد المستقى" روي ذلك عن أبي يوسف والحسن لأن نجاسة هذه الأشياء كانت بنجاسة الماء فتكون طهارتها بطهارته نفيا للحرج كطهارة دن الخمر بتخللها وطهارة عروة الإبريق بطهارة اليد إذا أخذها كلما غسل يده وروي عن أبي يوسف أن الأربع من الفئران كفأرة واحدة والخمس كالدجاجة إلى التسع والعشر كالشاة وقال محمد الثلاث إلى الخمس كالهرة والست كالكلب وهو ظاهر الرواية وما كان بين الفأرة والهرة فحكمه حكم الفأرة وما كان بين الهرة والكلب فحكمه حكم الهرة وإن وقع فأرة وهرة فهما كهرة ويدخل الأقل في الأكثر "ولا تنجس البئر بالبعر" وهو للإبل والغنم وبعر يبعر من حد منع "والروث" للفرس والبغل والحمار من حد نصر "والخثي [ 1 ]" بكسر الخاء - واحد الأخثاء للبقر من باب ضرب ؟ ؟ - ولا فرق بين آبار الأمصار والفلوات في الصحيح ولا فرق بين الرطب واليابس والصحيح والمنكسر في ظاهر الرواية لشمول الضرورة فلا تنجس "إلا أن" يكون كثيرا وهو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الرشاء: حبل الدلو

 

ص -22-        يستكثره الناظر أو أن لا يخلو دلو عن بعرة ولا يفسد الماء بخرء حمام وعصفور ولا بموت مالا دم له فيه كسمك وضفدع وحيوان الماء وبق وذباب وزنبور وعقرب ولا بوقوع آدمي وما يؤكل لحمه إذا خرج حيا ولم يكن على بدنه نجاسة ولا بوقوع بغل وحمار وسباع طير ووحش في الصحيح وإن وصل لعاب الواقع الى الماء أخذ حكمه ووجود حيوان ميت فيها ينجسها من يوم وليلة ومنتفخ من ثلاثة أيام و لياليها إن لم يعلم وقت وقوعه.
ـــــــــــــــــــ
ما "يستكثره الناظر" والقليل ما يستقله وعليه الاعتماد "أو أن لا يخلو دلو عن بعرة" ونحوها كما صححه في المبسوط "ولا يفسد" أي لا ينجس "الماء بخرء حمام" الخرء بالفتح واحد الخرء بالضم مثل قرء وقرء وعن الجوهري بالضم كجند وجنود والواو بعد الراء غلط "و" لا ينجس بخرء "عصفور" ونحوها مما يؤكل من الطيور غير الدجاج والإوز والحكم بطهارته استحسان لأن النبي صلى الله عليه وسلم شكر الحمامة وقال إنها أوكرت على باب الغار حتى سلمت فجازاها الله تعالى المسجد مأواها فهو دليل على طهارة ما يكون منها ومسح ابن مسعود رضي الله عنه خرء الحمامة بأصبعه والاختيار في كثير من كتب المذهب طهارته عندنا واختلف التصحيح في طهارة خرء ما لا يؤكل من الطيور ونجاسته مخففة "ولا" ينجس الماء ولا المائعات على الأصح "بموت ما" بمعنى حيوان "لا دم له" سواء البري والبحري "فيه" أي الماء أو المائع وهو "كسمك وضفدع" بكسر الدال أفصح والفتح لغة ضعيفة والأنثى ضفدعة والبري يفسده إن كان له دم سائل "وحيوان الماء" كالسرطان وكلب الماء وخنزيره لا يفسده "وبق" هو كبار البعوض واحده بقة وقد يسمى به الفسفس في بعض الجهات وهو حيوان كالقراد شديد النتن "وذباب" سمي به لأنه كلما ذب آب أي كلما طرد رجع "وزنبور" بالضم "وعقرب" وخنفس وجراد وبرغوث وقمل لقوله صلى الله عليه وسلم:
"إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء" رواه البخاري زاد أبو داود: "وأنه يتقى بجناحيه الذي فيه الداء" وقوله صلى الله عليه وسلم: "يا سلمان كل طعام وشراب وقعت فيه دابة ليس لها دم فماتت فيه فهو حلال أكله وشربه ووضوءه" "ولا" ينجس الماء "بوقوع آدمي و" لا بوقوع "ما يؤكل لحمه" كالإبل والبقر والغنم "إذا خرج حيا ولم يكن على بدنه نجاسة" متيقنة ولا ينظر إلى ظاهر اشتمال أبوالها على أفخاذها "ولا" الماء "بوقوع بغل وحمار وسباع طير" كصقر وشاهين وحدأة "و" لا يفسد بوقوع "وحش" كسبع وقرد "في الصحيح" لطهارة بدنها وقيل يجب نزح كل الماء إلحاقا لرطوبتها بلعابها "وإن وصل لعاب الواقع إلى الماء أخذ" الماء "حكمه" طهرة ونجاسة وكراهة وقد علمته في الأسآر فينزح بالنجس والمشكوك وجوبا ويستحب في المكروه عدد من الدلاء لو طاهرا وقيل عشرين "ووجود حيوان ميت فيها" أي البئر "ينجسها من يوم وليلة" عند الإمام احتياطا "ومنتفخ" ينجسها "من ثلاثة أيام ولياليها إن لم يعلم وقت وقوعه" لأن الانتفاخ دليل تقادم العهد فيلزم

 

ص -23-        ...................................................
ــــــــــــــــــــ
إعادة صلوات تلك المدة إذا توضئوا منها وهم محدثون أو اغتسلوا من جنابة وإن كانوا متوضئين أو غسلوا الثياب لا عن نجاسة فلا إعادة إجماعا وإن غسلوا الثياب من نجاسة ولم يتوضئوا منها فلا يلزمهم إلا غسلها في الصحيح لأنه من قبيل وجود النجاسة في الثوب ولم يدر وقت إصابتها ولا يعيد صلاته اتفاقا هو الصحيح وقال أبو يوسف ومحمد يحكم بنجاستها من وقت العلم بها ولا يلزمهم إعادة شي من الصلوات ولا غسل ما أصابه ماؤها في الزمن الماضي حتى يتحققوا متى وقعت فإن عجن الآن بمائها قيل يلقى للكلاب أو يعلف به المواشي وقال بعضهم يباع لشافعي وإن وجد بثوبه منيا أعاد من آخر نومة وفي الدم لا يعد شيئا لأنه يصيبه من الخارج

فصل في الاستنجاء
يلزم الرجل الاستبراء حتى يزول أثر البول ويطمئن قلبه على حسب عادته إما بالمشي أو التنحنح أو الاضطجاع أو غيره ولا يجوز له الشروع في الوضوء حتى يطمئن بزوال رشح البول والاستنجاء سنة..........................
ــــــــــــــــــــ
"فصل في الاستنجاء"1
هو قلع النجاسة بنحو الماء ومثل القلع التقليل بنحو الحجر
"يلزم الرجل الاستبراء" عبر باللازم لأنه أقوى من الواجب لفوات الصحة بفوته لا بفوت الواجب والمراد طلب براءة المخرج عن أثر الرشح "حتى يزول أثر البول" بزوال البلل الذي يظهر على الحجر بوضعه على المخرج "و" حينئذ "يطمئن قلبه" أي الرجل ولا تحتاج المرأة إلى ذلك بل تصبر قليلا ثم تستنجي واستبراء الرجل "على حسب عادته إما بالمشي أو بالتنحنح أو الاضطجاع" على شقه الأيسر "أو غيره" بنقل أقدام وركض وعصر ذكره برفق لاختلاف عادات الناس فلا يقيد بشيء "ولا يجوز" أي لا يصح "له الشروع في الوضوء حتى يطمئن بزوال رشح البول" لأن ظهور الرشح برأس السبيل مثل تقاطره يمنع صحة الوضوء "و" صفة "الاستنجاء" ليس إلا قسما واحدا وهو أنه "سنة" مؤكدة للرجال

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الاستنجاء: لغة مسح موضع النجو أو غسله والنجو ما خرج من البطن. أو هو من استنجيت الشجرة إذا قطعتها, لأنه يقطع الروائح الكريهة. والفرق بين الاستنجاء والاستقراء والاستنقاء أن الأول: هو إزالة النجاسة بالماء ونحوه لتقليلها. والثاني: طلب معرفة براءة المخرج بما اعتاده من مشي ونحوه. والأخير: المبالغة في الدلك بالأحجار في الاستجمار وبالأصابع في الاستنجاء حتى تزول الرائحة الكريهة.

 

ص -24-        من نجس يخرج من السبيلين ما لم يتجاوز المخرج وإن تجاوز وكان قدر الدرهم وجب إزالته بالماء وإن زاد على الدرهم افترض ويفترض غسل ما في المخرج عند الاغتسال من الجنابة والحيض والنفاس وإن كان ما في المخرج قليلا ويسن أن يستنجى بحجر منق ونحوه والغسل بالماء احب والأفضل الجمع بين الماء والحجر فيسمح ثم يغسل ويجوز أن يقتصر على الماء أو الحجر والسنة إنقاء المحل والعدد في الأحجار مندوب لا سنة...........................
ــــــــــــــــــــ
والنساء لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن واجبا لتركه عليه السلام له في بعض الأوقات وقال عليه السلام:
"من استجمر فليوتر ومن فعل هذا فقد أحسن ومن لا فلا حرج" وما ذكره بعضهم من تقسيمه إلى فرض وغيره فهو توسع وإنما قيدناه "من نجس" لأن الريح طاهر على الصحيح والاستنجاء منه بدعة وقولنا "يخرج من السبيلين" جرى على الغالب إذ لو أصاب المخرج نجاسة من غيره يظهر بالاستنجاء كالخارج ولو كان قيحا أو دما في حق العرق وجواز الصلاة معه لإجماع المتأخرين على أنه لو سال عرقه وأصاب ثوبه أكثر من درهم لا يمنع جواز الصلاة وإذا جلس في ماء قليل نجسه وقوله "ما لم يتجاوز المخرج" قيد لتسميته استنجاء ولكونه مسنونا "وإن تجاوز" المخرج "وكان" المتجاوز "قدر الدرهم" لا يسمى استنجاء و "وجب إزالته بالماء" أو المائع لأنه من باب إزالة النجاسة فلا يكفي الحجر بمسحه "وإن زاد" المتجاوز "على" قدر "الدرهم" المثقالي وهو عشرون قيراطا في المتجسدة أو على قدره مساحة في المائعة "افترض غسله" بالماء أو المائع "ويفترض غسل ما في المخرج عند الاغتسال من الجنابة والحيض والنفاس" بالماء المطلق "وإن كان ما في المخرج قليلا" ليسقط فرضية غسله للحدث "و" يسن "يستنجي بحجر منق" بأن لا يكون خشنا كالآخر ولا أملس كالعقيق لأن الإنقاء هو المقصود ولا يكون إلا بالمنقي "ونحوه" من كل طاهر مزيل بلا ضرر وليس متقوما ولا محترما "والغسل بالماء" المطلق "أحب" لحصول الطهارة المتفق عليها وإقامة السنة على الوجه الأكمل لأن الحجر مقلل والمائع غير الماء مختلف في تطهيره "والأفضل" في كل زمان "الجميع بين" استعمال "الماء والحجر" مرتبا "فيسمح" الخارج "ثم يغسل" المخرج لأن الله تعالى أثنى على أهل قباء بإتباعهم الأحجار الماء فكان الجميع سنة على الإطلاق في كل زمان وهو الصحيح وعليه الفتوى "ويجوز" أي يصح "أن يقتصر على الماء" فقط وهو يلي الجمع بين الماء والحجر في الفضل "أو الحجر" وهو دونهما في الفضل ويحصل به السنة وإن تفاوت الفضل "والسنة إنقاء المحل" لأنه المقصود "والعدد في" جعل "الأحجار" ثلاثة "مندوب" لقوله عليه السلام: "من استجمر فليوتر" لأنه يحتمل الإباحة فيكون العدد مندوبا "لا سنة

 

ص -25-        مؤكدة فيستنجي بثلاثة أحجار ندبا إن حصل التنظيف بما دونها وكيفية الاستنجاء أن يمسح بالحجر الأول من جهة المقدم إلى خلف وبالثاني من خلف الى قدام وبالثالث من قدام الى خلف إذا كانت الخصية مدلاة وإن كانت غير مدلاة يبتدىء من خلف الى قدام والمرأة تبتدىء من قدام الى خلف خشية تلويث فرجها ثم يغسل يده أولا بالماء ثم يدلك المحل بالماء بباطن إصبع أو إصبعين أو ثلاثة إن احتاج ويصعد الرجل إصبعه الوسطى على غيرها في ابتداء الاستنجاء ثم يصعد بنصره ولا يقتصر على إصبع واحدة والمرأة تصعد بنصرها وأوسط أصابعها معا ابتداء خشية حصول اللذة ويبالغ في التنظيف حتى يقطع الرائحة الكريهة وفي إرخاء المقعدة إن لم يكن صائما,.....................
ــــــــــــــــــــ
مؤكدة" لما ورد من التخيير لقوله صلى الله عليه وسلم:
"من استجمر فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج" فإنه محكم في التخيير "فيستنجي" مريد الفضل "بثلاثة أحجار" يعني بإكمال عددها ثلاثة "ندبا إن حصل التنظيف" أي الإنقاء "بدونها" ولما كان المقصود هو الإنقاء ذكر كيفية يحصل بها على الوجه الأكمل فقال "وكيفية الاستنجاء" بالأحجار "أن يمسح بالحجر الأول" بادئا "من جهة المقدم" أي القبل "إلى خلف وبالثاني من خلف إلى قدام" وهذا الترتيب "إذا كانت الخصية مدلاة" سواء كان صيفا أو شتاء خشية تلويثها "وإن كانت غير مدلاة يبتدئ من خلف إلى قدام" لكونه أبلغ في التنظيف "والمرأة تبتدئ من قدام إلى خلف خشية تلويث فرجها ثم" بعد المسح "يغسل يده أولا" أي ابتداء "بالماء" اتقاء عن تشرب جسده الماء النجس بأول الاستنجاء "ثم يدلك المحل بالماء بباطن أصبع أو أصبعين" في الابتداء "أو ثلاث إن احتاج" إليها فيه "ويصعد الرجل أصبعه الوسطى على غيرها" تصعيدا قليلا "في ابتداء الاستنجاء" لينحدر الماء النجس من غير شيوع على جسده "ثم" إذا غسل قليلا "يصعد بنصره" ثم خنصره ثم السبابة إن احتاج ليتمكن من التنظيف "ولا يقتصر على أصبع واحدة" لأنه يورث مرضا ولا يصل به كمال النظافة "والمرأة تصعد بنصرها وأوسط أصابعها معا ابتداء خشية حصول اللذة" لو ابتدأت بأصبع واحدة فربما وجب عليها الغسل ولم تشعر والعذراء لا تستنجي بأصابعها بل براحة كفها خوفا من إزالة العذرة "ويبالغ" المستنجي "في التنظيف حتى يقطع الرائحة الكريهة" ولم يقدر بعدد لأن الصحيح تفويضه إلى الرأي حتى يطمئن القلب بالطهارة بيقين أو غلبة الظن وقيل يقدر في حق الموسوس بسبع أو ثلاث وقيل في الإحليل بثلاث وفي المقعدة بخمس وقيل بتسع وقيل بعشر "و" يبالغ "في إرخاء المقعدة" فيزيل ما في الشرج بقدر الإمكان "إن لم يكن صائما" والصائم لا يبالغ حفظا للصوم عن الفساد ويحترز أيضا من إدخال

 

ص -26-        فإذا فرغ غسل يده ثانيا ونشف مقعدته قبل القيام إذا كان صائما.
ــــــــــــــــــــ
الأصبع مبتلة لأنه يفسد الصوم "فإذا فرغ" من الاستنجاء بالماء "غسل يده ثانيا ونشف مقعده قبل القيام" لئلا تجذب المقعدة شيئا من الماء "إذا كان صائما" ويستحب لغير الصائم حفظا للثوب عن الماء المستعمل.

فصل فيما يجوز به الاستنجاء وما يكره به وما يكره فعله
لا يجوز كشف العورة للاستنجاء وإن تجاوزت النجاسة مخرجها وزاد المتجاوز على قدر الدرهم لا تصح معه الصلاة إذا وجد ما يزيله ويحتال لإزالته من غير كشف العورة عند من يراه ويكره الاستنجاء بعظم وطعام لآدمي أو بهيمة وآجر وخزف وفحم وزجاج وجص وشيء محترم كخرقة ديباج وقطن,............................
ــــــــــــــــــــ
"فصل" فيما يجوز به الاستنجاء وما يكره به وما يكره فعله
"لا يجوز كشف العورة للاستنجاء" لحرمته والفسق به فلا يرتكبه لإقامة السنة ويمسح المخرج من تحت الثياب بنحو حجر وإن تركه صحت الصلاة بدونه "وإن تجاوزت النجاسة مخرجها وزاد المتجاوز" بانفراده "على قدر الدرهم" وزنا في المتجسدة ومساحة في المائعة "لا تصح معه الصلاة" لزيادته عن القدر المفوه عنه "إذا وجد ما يزيله" من مائع أو ماء "ويحتال1 لإزالته من غير كشف العورة عند من يراه" تحرزا عن ارتكاب المحرم بالقدر الممكن وأما إذا لم يزد إلا بالضم لما في المخرج فلا يضر تركه لأن ما في المخرج ساقط الاعتبار "ويكره الاستنجاء بعظم" وروث لقوله عليه الصلاة والسلام:
"لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام فإنهما زاد إخوانكم من الجن" فإذا وجدوهما صار العظم كأن لم يؤكل فيأكلونه وصار الروث شعيرا وتبنا لدوابهم معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم والنهي يقتضي التحريم "وطعام لآدمي أو بهيمة" للإهانة والإسراف وقد نهى عنه عليه الصلاة والسلام "وآجر" بمد الهمزة وضم الجيم وتشديد الراء المهملة فارسي معرب وهو الطوب بلغة أهل مصر ويقال له آجور - على وزن فاعول - اللبن المحرق فلا ينقي المحل ويؤذيه فيكره "وخزف" صغار الحصى فلا ينقي ويلوث اليد "وفحم" لتلويثه "وزجاج وجص"2 لأنه يضر المحل "وشيء محترم" لتقومه "كخرقه ديباج3 وقطن"

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يحتال إن أمكنه وإلا فلا. لأن كشف العورة حرام يعزر به في ترك النجاسة إذا لم يمكن إزالتها من غير كشف.
2 الجص: الجير.
3 الديباج: الحرير.

 

ص -27-        وباليد اليمنى إلا من عذر ويدخل الخلاء برجله اليسرى ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم قبل دخوله ويجلس معتمدا على يساره ولا يتكلم إلا لضرورة ويكره تحريما استقبال القبلة واستدبارها ولو في البنيان واستقبال عين الشمس والقمر ومهب الريح
ويكره أن يبول أو يتغوط في الماء والظل والحجر والطريق وتحت شجرة مثمرة والبول قائما إلا من عذر,............................
ــــــــــــــــــــ
لإتلاف المالية والاستنجاء بها يورث الفقر "و" يكره الاستنجاء "باليد اليمنى" لقوله صلى الله عليه وسلم:
"إذا بال أحدكم فلا يمسح بيمينه وإذا شرب فلا يشرب نفسا واحدا" "إلا من عذر" باليسرى فيستنجي بصب خادم أو من ماء جار "ويدخل الخلاء" - ممدودا - المتوضأ والمراد بيت التغوط "برجله اليسرى" ابتداء مستور الرأس استحبابا تكرمة لليمنى لأنه مستقذر يحضره الشيطان "و" لهذا "يستعيذ" أي يعتصم "بالله من الشيطان الرجيم قبل دخوله" وقبل كشف عورته ويقدم تسمية الله تعالى على الاستعاذة لقوله عليه الصلاة والسلام: "ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدكم الخلاء أن يقول بسم الله" ولقوله عليه السلام: "إن الحشوش محتضرة فإذا أتي فليقل أعوذ بالله من الخبث والخبائث" والشيطان معروف وهو من شطن يشطن إذا بعد ويقال فيه شاطن وشيطن ويسمى بذلك كل متمرد من الجن والإنس والدواب لبعد غوره في الشر وقيل من شاط يشيط إذا هلك فالمتمرد هالك بتمرده ويجوز أن يكون مسمى بفعلان لمبالغته في إهلاك غيره والرجيم مطرود باللعن والحشوش جمع الحش بالفتح والضم بستان النخيل في الأصل ثم استعمل في موضع قضاء الحاجة واحتضارها رصد بني آدم بالأذى والفضاء يصير مأواهم بخروج الخارج "ويجلس معتمدا على يساره" لأنه أسهل لخروج الخارج ويوسع في ما بين رجليه "ولا يتكلم إلا لضرورة" لأنه يمقت به "ويكره تحريما استقبال القبلة" بالفرج حال قضاء الحاجة واختلفوا في استقبالها للتطهير واختار التمرتاشي عدم الكراهة "و" يكره "استدبارها" لقوله عليه السلام: "إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا" وهو بإطلاقه منهي عنه "ولو في البنيان" وإذا جلس مستقبلا ناسيا فتذكر وانحرف إجلالا لها لم يقم من مجلسه حتى يغفر له كما أخرجه الطبراني مرفوعا ويكره إمساك الصبي نحو القبلة للبول "و" يكره "استقبال عين الشمس والقمر" لأنهما آيتان عظيمتان "ومهب الريح" لعوده به فينجسه "ويكره أن يبول أو يتغوط في الماء" ولو جاريا وبقرب بئر ونهر وحوض "والظل" الذي يجلس فيه "والجحر" لأذية ما فيه "والطريق" والمقبرة لقوله عليه السلام: "اتقوا اللاعنين" قالا: وما اللاعنان يا رسول الله ؟ قال: "الذي يتخلى في طريق الناس أو ظله" "وتحت شجرة مثمرة" لإتلاف الثمر "و" يكره "البول قائما" لتنجسه غالبا "إلا من عذر" كوجع بصلبه ويكره في محل التوضؤ لأنه يورث الوسوسة ويستحب دخول الخلاء

 

ص -28-        ويخرج من الخلاء برجله اليمنى ثم يقول الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني.
ــــــــــــــــــــ
بثوب غير الذي يصلي فيه وإلا يحترز ويتحفظ من النجاسة ويكره الدخول للخلاء ومعه شيء مكتوب فيه اسم الله أو قرآن ونهي عن كشف عورته قائما وذكر الله فلا يحمد إذا عطس ولا يشمت عاطسا ولا يرد سلاما ولا يجيب مؤذنا ولا ينظر لعورته ولا إلى الخارج منها ولا يبصق ولا يتمخط ولا يتنحنح ولا يكثر الالتفاتات ولا يعبث بيده ولا يرفع بصره إلى السماء ولا يطيل الجلوس لأنه يورث الباسور ووجع الكبد "ويخرج من الخلاء برجله اليمنى" لأنها أحق بالتقدم لنعمة الانصراف عن الأذى ومحل الشياطين "ثم يقول" بعد الخروج "الحمد لله الذي أذهب عني الأذى" بخروج الفضلات الممرضة بحبسها "وعافاني" بإبقاء خاصية الغذاء الذي لو أمسك كله أو خرج لكان مظنة الهلاك وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند خروجه:
"غفرانك" وهو كناية عن الاعتراف بالقصور عن بلوغ حق شكر نعمة الإطعام وتصريف خاصية الغذاء وتسهيل خروج الأذى لسلامة البدن من الآلام أو عدم الذكر باللسان حال التخلي.

فصل في الوضوء
أركان الوضوء أربعة وهي فرائضه الأول غسل الوجه............................
ــــــــــــــــــــ
"فصل: في" أحكام "الوضوء"
بضم الواو وفتحها وهو مصدر وبفتحها فقط ما يتوضأ به وهو لغة مأخوذ من الوضاءة والحسن والنظافة يقال وضؤ الرجل أي صار وضيئا وشرعا1 نظافة مخصوصة ففيه المعنى اللغوي لأنه يحسن أعضاء الوضوء في الدنيا بالتنظيف وبالآخرة بالتحجيل للقيام بخدمة المولى وقدم على الغسل لأن الله قدمه عليه وله سبب وشرط وحكم وركن وصفة:
"أركان الوضوء أربعة وهي فرائضه: الأول" منها "غسل الوجه" لقوله تعالى:
{فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: من الآية6] والغسل بفتح الغين مصدر غسلته وبالضم الاسم وبالكسر ما يغسل به من صابون ونحوه والغسل إسالة الماء على المحل بحيث يتقاطر وأقله قطرتان في الأصح ولا تكفي الإسالة بدون التقاطر والوجه ما يواجه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 استحسن بعضهم هذا التعريف "غسل الأعضاء الثلاثة ومسح الرأس" وحكمة مشروعيته:
أ‌- إزالة ما علق بأعضاء الوضوء من أقذار وما أفرزته من عرق تجميلا له ومحافظة على صحته.
ب‌- تنشيط المتوضئ وتنبيهه ليقبل على طاعة الله متيقظا منشرحا فيلم بأسرار الصلاة.
ج- الإشارة إلى تطهر أعضائه من الذنوب.

 

ص -29-        وحده طولا من مبدأ سطح الجبهة الى أسفل الذقن وحده عرضا ما بين شحمتي الأذنين
والثاني غسل يديه مع مرفقيه والثالث غسل رجليه مع كعبيه والرابع مسح ربع رأسه
وسببه استباحة ما لا يحل إلا به وهو حكمه الدنيوي وحكمه الأخروي الثواب في الآخرة
وشرط وجوبه العقل والبلوغ والاسلام وقدرة على استعمال الماء الكافي ووجود الحدث
ــــــــــــــــــــ
به الإنسان "وحده" أي جملة الوجه "طولا من مبدأ سطح الجبهة" سواء كان به شعر أم لا والجبهة ما اكتنفه الجبينان "إلى أسفل الذقن" وهي مجمع لحييه واللحي منبت اللحية فوق عظم الأسنان لمن ليست له لحية كثيفة وفي حقه إلى ما لا قي البشرة من الوجه "وحده" أي الوجه "عرضا" بفتح العين مقابل الطول "ما بين شحمتا الأذنين" الشحمة معلق القرط والأذن بضمتين وتخفف وتثقل ويدخل في الغايتين جزء منها لاتصاله بالفرض والبياض الذي بين العذار والأذن فيفترض غسله في الصحيح وعن أبي يوسف سقوطه بنبات اللحية
"و" الركن "الثاني غسل يديه مع مرفقيه" أحد المرفقين غسله فرض بعبارة النص لأن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي مقابلة الفرد بالفرد والمرفق الثاني بدلالته لتساويهما وللإجماع وهو بكسر الميم وفتح الفاء وقلبه - لغة: ملتقى عظم العضد والذراع "و" الركن "الثالث غسل رجليه" لقوله تعالى:
{وَأَرْجُلَكُمْ} ولقوله عليه السلام بعدما غسل رجليه: "هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به" وقراءة الجر للمجاورة "مع كعبيه" لدخول الغاية في المغيا والكعبان هما العظمان المرتفعان في جانبي القدم واشتقاقه من الارتفاع كالكعبة والكاعب التي بدا ثديها "و" الركن "الرابع مسح ربع رأسه" لمسحه صلى الله عليه وسلم ناصيته وتقدير الفرض بثلاثة أصابع مردود وإن صحح ومحل المسح ما فوق الأذنين فيصح مسح ربعه لا ما نزل عنهما فلا يصح مسح أعلى الذوائب المشدودة على الرأس وهو لغة إمرار اليد على الشيء وشرعا إصابة اليد المبتلة العضو ولو بعد غسل عضو لا مسحه ولا ببلل أخذ من عضو وإن أصابه ماء أو مطر قدر المفروض أجزأه "وسببه" السبب ما أفضى إلى الشيء من غير تأثير فيه "استباحة" أي إرادة فعل "ما" يكون من صلاة ومس مصحف وطواف "لا يحل" الإقدام عليه "إلا به" أي الوضوء "وهو" أي حل الإقدام على الفعل متوضئا "حكمة الدنيوي" المختص به المقام "وحكمه الأخروي الثواب في الآخرة" إذا كان بنيته وهذا حكم كل عبادة "وشرط وجوبه أي التكليف به وافتراضه ثمانية: "العقل" إذ لا خطاب بدونه "والبلوغ" لعدم تكليف القاصر وتوقف صحة صلاته عليه لخطاب الوضع "والإسلام" إذ لا يخاطب كافر بفروع الشريعة "وقدرة" المكلف "على استعمال الماء" الطهورة لأن عدم الماء والحاجة إليه تنفيه حكما فلا قدرة إلا بالماء "الكافي" لجميع الأعضاء مرة مرة وغيره كالعدم "ووجود

 

ص -30-        وعدم الحيض والنفاس وضيق الوقت وشرط صحته ثلاثة عموم البشرة بالماء الطهور وانقطاع ما ينافيه من حيض ونفاس وحدث وزوال ما يمنع وصول الماء الى الجسد كشمع وشحم
ــــــــــــــــــــ
الحدث" فلا يلزم الوضوء على الوضوء "وعدم الحيض و" عدم "النفاس" بانقطاعهما شرعا "وضيق الوقت" لتوجه الخطاب مضيقا حينئذ وموسعا في ابتدائه وقد اختصرت هذه الشروط في واحد هو قدرة المكلف بالطهارة عليها بالماء "وشرط صحته" أي الوضوء "ثلاثة" الأول "عموم البشرة بالماء الطهور" حتى لو بقي مقدار مغرز إبرة لم يصبه الماء من المفروض غسله لم يصح الوضوء "و" الثاني "انقطاع ما ينافيه من حيض ونفاس" لتمام العادة "و" انقطاع "حدث" حال التوضؤ لأنه بظهور بول وسيلان ناقض لا يصح الوضوء "و" الثالث "زوال ما يمنع وصول الماء إلى الجسد" لحرمة الحائل "كشمع وشحم" قيد به لأن بقاء دسومة الزيت ونحوه لا يمنع لعدم الحائل وترجع الثلاثة لواحد هو عموم المطهر شرعا البشرة.

"فصل" في تمام أحكام الوضوء
يجب غسل ظاهر اللحية الكثة في أصح ما يفتى به ويجب إيصال الماء الى بشرة اللحية الخفيفة
ولا يجب إيصال الماء الى المسترسل من الشعر عن دائرة الوجه ولا الى ما انكتم من الشفتين عند الانضمام ولو انضمت الأصابع أو طال الظفر فغطى الأنملة.................
ــــــــــــــــــــ
"فصل" في تمام أحكام الوضوء
ولما لم يقدم الكلام على اللحية قال "يجب" يعني يفترض "غسل ظاهر اللحية الكثة" وهي التي لا ترى بشرتها "في أصح ما يفتى به" من التصاحيح في حكمها لقيامها مقام البشرة بتحول الفرض إليها ورجعوا عما قيل من الاكتفاء بثلثها أو ربعها أو مسح كلها ونحوه "ويجب" يعني يفترض "إيصال الماء إلى بشرة اللحية الخفيفة" في المختار لبقاء المواجهة بها وعدم عسر غسلها وقيل يسقط لانعدام كمال المواجهة بالنبات "ولا يجب إيصال الماء إلى المسترسل من الشعر عن دائرة الوجه" لأنه ليس منه أصالة ولا بدلا عنه "ولا" يجب إيصال الماء "إلى ما انكتم من الشفتين عند الانضمام" المعتاد لأن المنضم تبع للفم في الأصح وما يظهر تبع للوجه ولا باطن العينين ولو في الغسل للضرر ولا داخل قرحة برأت ولم ينفصل من قشرها سوى مخرج القيح للضرورة "ولو انضمت الأصابع" بحيث لا يصل الماء بنفسه إلى ما بينها "أو طال الظفر فغطى الأنملة" ومنع

 

ص -31-        أو كان فيه ما يمنع الماء كعجين وجب غسل ما تحته ولا يمنع الدرن وخرء البراغيث ونحوها ويجب تحريك الخاتم الضيق ولو ضره غسل شقوق رجليه جاز إمرار الماء على الدواء الذي وضعه فيها ولا يعاد المسح ولا الغسل على موضع الشعر بعد حلقه ولا الغسل بقص ظفره وشاربه.
ــــــــــــــــــــ
وصول الماء إلى ما تحته "أو كان فيه" يعني المحل المفروض غسله "ما" أي شيء "يمنع الماء" أن يصل إلى الجسد "كعجين" وشمع ورمص بخارج العين بتغميضها "وجب" أي افترض "غسل ما تحته بعد إزالته المانع "ولا يمنع الدرن" أي وسخ الأظفار سواء القروي والمصري في الأصح فيصح الغسل مع وجوده "و" لا يمنع "خرء البراغيث ونحوها" كونيم الذباب وصول الماء إلى البدن لنفوذه فيه لقلته وعدم لزوجته ولا ما على ظفر الصباغ من صبغ للضرورة وعليه الفتوى "ويجب" أي يلزم "تحريك الخاتم الضيق" في المختار من الروايتين لأنه يمنع الوصول ظاهرا وكان صلى الله عليه وسلم إذا توضأ حرك خاتمه وكذا يجب تحريك القرط في الأذن لضيق محله والمعتبر غلبة الظن لإيصال الماء ثقبه فلا يتكلف لإدخال عود في ثقب للحرج والقرط بضم القاف وسكون الراء ما يتعلق في شحمة الأذن "ولو ضره غسل شقوق رجليه جاز" أي صح "إمرار الماء على الدواء الذي وضعه فيها" أي الشقوق للضرورة "ولا يعاد الغسل" ولو من جنابة "ولا المسح" في الوضوء "على موضع الشعر بعد حلقه" لعدم طروء حدث به "و" كذا "لا" يعاد "الغسل بقص ظفره وشاربه" لعدم طروء حدث وإن استحب الغسل

فصل في سنن الوضوء
يسن في الوضوء ثمانية عشر شيئا غسل اليدين الى الرسغين ...................
ــــــــــــــــــــ
"فصل" في سنن الوضوء
"يسن في" حال "الوضوء ثمانية عشر شيئا" ذكر العدد تسهيلا للطالب لا للحصر. والسنة لغة الطريقة ولو سيئة واصطلاحا الطريقة المسلوكة في الدين من غير لزوم على المواظبة وهي المؤكدة إن كان النبي صلى الله عليه وسلم تركها أحيانا وأما التي لم يواظب عليها فهي المندوبة وإن اقترنت بوعيد لمن لم يفعلها فهي للوجوب فيسن "غسل اليدين إلى الرسغين" في ابتداء الوضوء الرسغ بضم الراء وسكون السين المهملة وبالغين المعجمة المفصل الذي بين الساعد والكف وبين الساق والقدم وسواء استيقظ من نوم أو لا ولكنه آكد في الذي استيقظ لقوله صلى الله عليه وسلم:
"إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها" ولفظ مسلم "حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده"

 

ص -32-        والتسمية ابتداء والسواك في ابتدائه ولو بالإصبع عند فقده والمضمضة ثلاثا ولو بغرفة والاستنشاق بثلاث غرفات والمبالغة في المضمضة والاستنشاق....................
ــــــــــــــــــــ
وإذا لم يمكن إمالة الإناء يدخل أصبع يسراه الخالية عن نجاسة متحققة ويصب على كفه اليمنى حتى ينقيها ثم يدخل اليمنى ويغسل يسراه وإن زاد على قدر الضرورة فأدخل الكف صار الماء مستعملا "والتسمية ابتداء" حتى لو نسيها فتذكرها في خلاله لا تحصل له السنة بخلاف الأكل لأن الوضوء عمل واحد وكل لقمة فعل مستأنف لقوله صلى الله عليه وسلم:
"من توضأ وذكر الله فإنه يطهر جسده كله ومن توضأ ولم يذكر اسم الله لم يطهر إلا موضع الوضوء" والمنقول عن السلف وقيل عن النبي صلى الله عليه وسلم في لفظها باسم الله العظيم والحمد لله على دين الإسلام وقيل الأفضل بسم الله الرحمن الرحيم لعموم "كل ذي بال" الحديث ويسمي كذلك قبل الاستنجاء وكشف العورة في الأصح "والسواك" بكسر السين اسم للاستياك والعود أيضا والمراد الأول لقوله صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" أو "مع كل صلاة" ولما ورد أن كل صلاة به تفضل سبعين صلاة بدونه. وينبغي أن يكون لينا في غلظ الأصبع طول شبر مستويا قليل العقد من الأراك وهو من سنن الوضوء ووقته المسنون "في ابتدائه" لأن الابتداء به سنة أيضا عند المضمضة على قول الأكثر وقال غيرهم قبل الوضوء وهو من سنن الوضوء عندنا لا من سنن الصلاة فتحصل فضيلته لكل صلاة أداها بوضوء استاك فيه. ويستحب لتغير الفم والقيام من النوم وإلى الصلاة ودخول البيت واجتماع الناس وقراءة القرآن والحديث لقول الإمام إنه من سنن الدين وقال عليه الصلاة والسلام: "السواك مطهرة للفم مرضاة للرب" فيستوي فيه جميع الأحوال وفضله يحصل "ولو" كان الاستياك "بالأصبع" أو خرقة خشنة "عند فقده" أي السواك أو فقد أسنانه أو ضرر بفمه لقوله عليه السلام: "يجزئ من السواك الأصابع" وقال علي رضي الله عنه: التشويص بالمسبحة والإبهام سواك ويقوم العلك مقامه للنساء لرقة بشرتهن. والسنة في أخذه أن تجعل خنصر يمينك أسفله والبنصر والسبابة فوقه والإبهام أسفل رأسه كما رواه ابن مسعود رضي الله عنه ولا يقبضه لأنه يورث الباسور ويكره مضطجعا لأنه يورث كبر الطحال وجمع العارف بالله تعالى الشيخ أحمد الزاهد فضائله بمؤلف سماه تحفة السلاك في فضائل السواك "والمضمضة" وهي اصطلاحا استيعاب الماء جميع الفم وفي اللغة التحريك ويسن أن تكون "ثلاثا" لأنه صلى الله عليه وسلم توضأ فمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا يأخذ لكل واحدة ماء جديدا "ولو" تمضمض ثلاثا "بغرفة" واحدة أقام سنة المضمضة لا سنة التكرير "والاستنشاق" وهو لغة من النشق جذب الماء ونحوه بريح الأنف إليه واصطلاحا إيصال الماء إلى المارن وهو ما لان من الأنف ويكون "بثلاث غرفات" للحديث ولا يصح التثليث بواحدة لعدم انطباق الأنف عل باقي الماء بخلاف المضمضة "و" يسن "المبالغة في المضمضة" وهي إيصال الماء لرأس الحلق "و" المبالغة في "الاستنشاق" وهي

 

ص -33-        لغير الصائم وتخليل اللحية الكثة بكف ماء من أسفلها وتخليل الأصابع وتثليث الغسل واستيعاب الراس بالمسح مرة ومسح الأذنين ولو بماء الرأس والدلك والولاء والنية,........
ــــــــــــــــــــ
إيصاله إلى ما فوق المارن "لغير الصائم" والصائم لا يبالغ فيها خشية إفساد الصوم لقوله عليه الصلاة والسلام:
"بالغ في المضمضة والاستنشاق إلا أن تكون صائما " "و" يسن في الأصح "تخليل اللحية الكثة" وهو قول أبي يوسف لرواية أبي داود عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته والتخليل تفريق الشعر من جهة الأسفل إلى فوق ويكون بعد غسل الوجه ثلاثا "بكف ماء من أسفلها" لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ أخذ كفا من ماء تحت حنكه فخلل به لحيته وقال: "بهذا أمرني ربي عز وجل" وأبو حنيفة ومحمد يفضلانه لعدم المواظبة ولأنه لإكمال الفرض وداخلها ليس محلا له بخلاف تخليل الأصابع ورجح في المبسوط قول أبي يوسف لرواية أنس رضي الله عنه"و" يسن "تخليل الأصابع" كلها للأمر به ولقوله صلى الله عليه وسلم: "من لم يخلل أصابعه بالماء خللها الله بالنار يوم القيامة" وكيفيته في اليدين إدخال بعضها في بعض وفي الرجلين بأصبع من يده1 ويكفي عنه إدخالها في الماء الجاري ونحوه "و" يسن "تثليث الغسل" فمن زاد أو نقص فقد تعدى وظلم كما ورد في السنة إلا لضرورة "و" يسن "استيعاب الرأس بالمسح" كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم "مرة" كمسح الجبيرة والتيمم لأن وضعه للتخفيف "و" يسن "مسح الأذنين ولو بماء الرأس" لأنه صلى الله عليه وسلم غرف غرفة فمسح بها رأسه وأذنيه فإن أخذ لهما ماءا جديدا مع بقاء البلة كان حسنا "و" يسن "الدلك" لفعله صلى الله عليه وسلم بعد الغسل بإمرار يده على الأعضاء "و" يسن "الولاء" لمواظبته صلى الله عليه وسلم وهو بكسر الواو للمتابعة بغسل الأعضاء قبل جفاف السابق مع الاعتدال جسدا وزمانا ومكانا2 "و" يسن "النية" وهي لغة عزم القلب على الفعل واصطلاحا توجه القلب لإيجاد الفعل جزما ووقتها قبل الاستنجاء ليكون جميع فعله قربة.
وكيفيتها أن ينوي رفع الحدث أو إقامة الصلاة أو ينوي الوضوء أو امتثال الأمر ومحلها القلب فإن نطق بها ليجمع بين فعل القلب واللسان استحبه المشايخ والنية سنة لتحصيل الثواب لأن المأمور به ليس إلا غسلا ومسحا في الآية ولم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي مع جهله وفرضت في التيمم لأنه بالتراب وليس مزيلا للحدث بالأصالة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يخللها بخنصر يده اليسرى من خنصر رجله اليمنى إلى خنصر رجله اليسرى.
2 فلو كان بدنه يتشرب الماء أو كان الهواء شديدا أو كان المكان حارا يجفف الماء سريعا فلا يعد تاركا له, ولو كان طريا لا يجففه إلا في مدة مستطيلة, وتأني في الوضوء لا يكون آتيا بسنة الولاء اهـ طحطاوي.

 

ص -34-        والترتيب كما نص الله تعالى في كتابه والبداءة بالميامن ورؤوس الأصابع ومقدم الرأس ومسح الرقبة لا الحلقوم وقيل إن الأربعة الأخيرة مستحبة.
ــــــــــــــــــــ
"و" يسن "الترتيب" سنة مؤكدة في الصحيح وهو "كما نص الله تعالى في كتابه" ولم يكن فرضا لأن الواو في الأمر لمطلق الجمع والفاء التي في قوله تعالى
{فَاغْسِلُوا} [المائدة: من الآية6] لتعقيب جملة الأعضاء "و" يسن "البداءة بالميامن" جمع ميمنة خلاف الميسرة في اليدين والرجلين لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا توضأتم فابدءوا بميامنكم" وصرف الأمر عن الوجوب بالإجماع على استحبابه لشرف اليمنى "و" يسن البداءة بالغسل من "رؤوس الأصابع" في اليدين والرجلين لأن الله تعالى جعل المرافق والكعبين غاية الغسل فتكون منتهى الفعل كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم "و" يسن البداءة في المسح من "مقدم الرأس" "و" يسن "مسح الرقبة" لأنه صلى الله عليه وسلم توضأ وأومأ بيديه من مقدم رأسه حتى بلغ بهما أسفل عنقه من قبل قفاه و "لا" يسن مسح "الحلقوم" بل هو بدعة "وقيل إن الأربعة الأخيرة" التي أولها البداءة بالميامن "مستحبة" وكأن وجهه عدم ثبوت المواظبة وليس مسلما

فصل من آداب الوضوء
من آداب الوضوء أربعة عشر شيئا: الجلوس في مكان مرتفع واستقبال القبلة وعدم الاستعانة بغيره وعدم التكلم بكلام الناس والجمع بين نية القلب وفعل اللسان والدعاء بالمأثور والتسمية عند كل عضو,....................................
ــــــــــــــــــــ
"فصل: من آداب الوضوء"
"أربعة عشر شيئا" وزيد عليها وهي جمع أدب وعرف بأنه وضع الأشياء موضعها وقيل الخصلة الحميدة وقيل الورع وفي شرح الهداية هو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مرة أو مرتين ولم يواظب عليه وحكمه الثواب بفعله وعدم اللوم على تركه وأما السنة فهي التي واظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم مع الترك بلا عذر مرة أو مرتين وحكمها الثواب وفي تركها العتاب لا العقاب فآداب الوضوء: "الجلوس في مكان مرتفع" تحرزا عن الغسالة "واستقبال القبلة" في غير حالة الاستنجاء لأنها حالة أرجى لقبول الدعاء فيها وجعل الإناء الصغير على يساره والكبير الذي يغترف منه على يمينه "وعدم الاستعانة بغيره" ليقيم العبادة بنفسه من غير إعانة غيره عليها بلا عذر"وعدم التكلم بكلام الناس" لأنه يشغله عن الدعاء المأثور بلا ضرورة "والجمع بين نية القلب وفعل اللسان" لتحصيل العزيمة "والدعاء بالمأثور" أي المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين
"والتسمية" والنية "عند" غسل "كل عضو" أو مسحه فيقول ناويا عند المضمضة بسم الله اللهم أعني على تلاوة

 

ص -35-        وإدخال خنصره في صماخ أذنيه وتحريك خاتمه الواسع والمضمضة والاستنشاق باليد اليمنى والامتخاط باليسرى والتوضؤ قبل دخول الوقت لغير المعذور والإتيان بالشهادتين بعده وأن يشرب من فضل الوضوء قائما وأن يقول اللهم اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهرين.
ــــــــــــــــــــ
القرآن وذكرك وشكرك وحسن عبادتك وعند الاستنشاق بسم الله اللهم أرحني رائحة الجنة ولا ترحني رائحة النار وهكذا في سائرها ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم أيضا كما في [التوضيح]1 "و" من آدابه "إدخال خنصره في صماخ أذنيه" مبالغة في المسح
"وتحريك خاتمه الواسع" للمبالغة في الغسل"و" كون "المضمضة والاستنشاق باليد اليمنى" لشرفها "والامتخاط باليسرى" لامتهانها "و" تقديم "التوضؤ قبل دخول الوقت" مبادرة للطاعة "لغير المعذور" لأن وضوءه ينتقض بخروج الوقت عندنا وبدخوله عند زفر وبهما عند أبي يوسف "والإتيان بالشهادتين بعده" قائما مستقبلا لقوله صلى الله عليه وسلم:
"ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله" وفي رواية "أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخلها من أي باب شاء" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال إذا توضأ سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك طبع بطابع ثم جعل تحت العرش حتى يؤتى بصاحبها يوم القيامة "
"وأن يشرب من فضل الوضوء قائما" أو قاعدا لأنه صلى الله عليه وسلم شرب قائما من فضل وضوئه وماء زمزم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يشربن أحدكم قائما فمن نسي فليستقيء" وأجمع العلماء على كراهته تنزيها لأمر طبي لا ديني أي أن التقيؤ غير مستحب طبيا وهناك من يتقيأ بعد الأكل لمنع ازدياد الوزن وهذا يتحول إلى إدمان يصعب التخلص منه. دار الحديث "وأن يقول اللهم اجعلني من التوابين" أي الراجعين عن كل ذنب والتواب مبالغة وقيل هو الذي كلما أذنب بادر بالتوبة والتواب من صفات الله تعالى أيضا لأنه يرجع بالإنعام على كل مذنب بقبول توبته "واجعلني من المتطهرين" أي المتنزهين عن الفواحش وقدم المذنب على المتطهر لدفع القنوط والعجب ومن الآداب أنه لا يتوضأ بماء مشمس لأنه يورث البرص ولا يستخلص لنفسه إناء دون غيره لأن الشريعة حنيفية سهلة سمحة ومنه صب الماء برفق على وجهه وترك التجفيف وإن مسح لا يبالغ فيه وأن تكون آنيته من خزف وغسل عروتها ثلاثا ووضعه على يساره ووضع اليد حالة الغسل على عروته لا على رأسه وتعاهد موقيه وما تحت الخاتم ومجاوزة حدود الفروض وإطالة الغرة وملء آنيته استعدادا لوقت آخر وقراءة سورة القدر ثلاثا لقوله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ في إثر وضوئه {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1] مرة واحدة كان من الصديقين ومن قرأها مرتين كتب في ديوان الشهداء ومن قرأها ثلاثا حشره الله محشر الأنبياء" أخرجه1 الديلمي ولما ذكره الفقيه أبو الليث في مقدمته.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الدعاء على أعضاء الوضوء الأصل له كما قال النووي في [الأذكار] و [شرح المهذب] قال السيوطي في الأعضاء بعد ذكر طرقه كلها لا تخلو من التهم بوضع!.

 

ص -36-        فصل في المكروهات
ويكره للمتوضىء ستة أشياء: الإسراف في الماء والتقتير فيه و ضرب الوجه به والتكلم بكلام الناس والاستعانة بغيره من غير عذر وتثليث المسح بماء جديد.
ــــــــــــــــــــ
"فصل" في المكروهات
"و" مما "يكره" المكروه ضد المحبوب والأدب فيكره "للمتوضئ" ضد ما يستحب من الآداب قد حصرها لها بعدها "ستة أشياء" لأنه للتقريب فمنها "الإسراف في" صب "الماء" لقوله صلى الله عليه وسلم لسعد لما مر به وهو يتوضأ:
"ما هذا السرف يا سعد؟" فقال: أفي الوضوء سرف؟ قال: "نعم وإن كنت على نهر جار" ومنه تثليث المسح بماء جديد "والتقتير" بجعل الغسل مثل المسح "فيه" لأن فيه تفويت السنة وقال عليه السلام: "خير الأمور أوساطها" "و" يكره "ضرب الوجه به" لمنافاته شرف الوجه فيلقيه برفق عليه "و" يكره "التكلم بكلام الناس" لأنه يشغله عن الأدعية "و" يكره "الاستعانة بغيره" لقول عمر رضي الله عنه رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستقي ماء لوضوئه فبادرت أن أستقي له فقال: "مه يا عمر فإني لا أريد أن يعينني على صلاتي أحد" "من غير عذر" لأن الضرورات تبيح المحظورات فكيف لما لا حظر فيه وعن الإمام الوبري أنه لا بأس به فإن الخادم كان يصب على النبي صلى الله عليه وسلم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قال السخاوي في [المقاصد الحسنة]: لا أصل له وقال السيوطي: في سنده أبو عبيدة مجهول.

فصل في أوصاف الوضوء
الوضوء على ثلاثة أقسام: الأول فرض............................
ــــــــــــــــــــ
"فصل" في أوصاف الوضوء
وقد ذكرها بعد بيان سببه وشرطه وحكمه وركنه فقال "الوضوء على ثلاثة أقسام: الأول" منها أنه "فرض" كما قدمناه بدليله والمراد بالفرض هنا الثابت القطعي وأما المحدود والمقدر فهو ما يفوت الجواز بفوته ليشمل الفرض الاجتهادي كربع الرأس

 

ص -37-        على المحدث للصلاة ولو كانت نفلا ولصلاة الجنازة وسجدة التلاوة ولمس القرآن ولو آية
والثاني: واجب للطواف بالكعبة والثالث مندوب للنوم على طهارة وإذا استيقظ منه وللمداومة عليه وللوضوء على الوضوء وبعد غيبة وكذب ونميمة وكل خطيئة وإنشاد شعر وقهقهة خارج الصلاة وغسل ميت وحمله ولوقت كل صلاة وقبل غسل الجنابة وللجنب عند أكل وشرب ونوم ووطء ولغضب وقرآن................................
ــــــــــــــــــــ
ونزلت آيته بالمدينة وقد فرض بمكة "على المحدث" إذا أراد القيام "للصلاة" كما أمر الله تعالى "ولو كانت" الصلاة "نفلا" لأن الله لا يقبل صلاة من غير طهور كما تقدم وهو بفتح الطاء وقال بعضهم الأجود ضمه "و" كذا "لصلاة الجنازة" لأنها صلاة وإن لم تكن كاملة "و" مثلها "سجدة التلاوة و" كذا الوضوء فرض "لمس المصحف ولو آية" مكتوبة على درهم أو حائط لقوله تعالى
{لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة:79] وسواء الكتابة والبياض وقال بعض مشايخنا إنما يكره للمحدث مس الموضع المكتوب دون الحواشي لأنه لم يمس القرآن حقيقة والصحيح أن مسها كمس المكتوب ولو بالفارسية يحرم مسه اتفاقا على الصحيح "و" القسم "الثاني" وضوء "واجب" وهو الوضوء للطواف بالكعبة لقوله عليه السلام: "الطواف حول الكعبة مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه فمن تكلم فيه فلا يتكلمن إلا بخير" ولما لم يكن صلاة حقيقة لم تتوقف صحته على الطهارة فيجب بتركه دم في الواجب وبدنة في الفرض للجنابة وصدقة في النفل بترك الوضوء كما ذكره في محله "و" القسم "الثالث" وضوء "مندوب" في أحوال كثيرة كمس الكتب الشرعية ورخص مسها للمحدث إلا التفسير كذا في الدرر وهو يقتضي وجوب الوضوء لمس التفسير فيكون من القسم الثاني وندب الوضوء "للنوم على طهارة و" أيضا "إذا استيقظ منه" أي النوم "و" تجديده "للمدوامة عليه" لحديث بلال رضي الله عنه "وللوضوء على الوضوء" إذا تبدل مجلسه لأنه نور على نور وإذا لم يتبدل فهو إسراف وقيد بالوضوء لأن الغسل على الغسل والتيمم على التيمم يكون عبثا "وبعد" كلام "غيبة" بذكرك أخاك بما يكره في غيبته "وكذب" اختلاق ما لم يكن ولا يجوز إلا في نحو: الحرب وإصلاح ذات البين وإرضاء الأهل "ونميمة" النمام: المضرب والنميم والنميمة: السعاية بنقل الحديث من قوم إلى قوم على جهة الإفساد "و" بعد "كل خطيئة وإنشاد شعر" قبيح لأن الوضوء يكفر الذنوب الصغائر "وقهقة خارج الصلاة" لأنها حدث صورة "وغسل ميت وحمله" لقوله صلى الله عليه وسلم: "من غسل ميتا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ" "ولوقت كل صلاة" لأنه أكمل لشأنها "وقبل غسل الجنابة" لورود السنة به "وللجنب عند" إرادة "أكل وشرب ونوم و" معاودة "وطء ولغضب" لأنه يطفئه "و" لقراءة "قرآن و" قراءة

 

ص -38-        وحديث وروايته ودراسة علم وأذان وإقامة وخطبة وزيارة سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم ووقوف بعرفة وللسعي بين الصفا والمروى وأكل لحم جزور وللخروج من خلاف العلماء كما إذا مس امرأة
ــــــــــــــــــــ
"حديث وروايته" تعظيما لشرفهما "ودراسة علم" شرعي "وأذان وإقامة وخطبة" ولو خطبة نكاح "وزيارة النبي صلى الله عليه وسلم" تعظيما لحضرته ودخول مسجده "ووقوف بعرفة" لشرف المكان ومباهاة الله تعالى الملائكة بالواقفين بها "وللسعي بين الصفا والمروة" لأداء العبادة وشرف المكانين "و" بعد أكل لحم جزور للقول بالوضوء منه خروجا من الخلاف1 ولذا عممه فقال "وللخروج من خلاف" سائر "العلماء كما إذا مس امرأة" أو فرجه بباطن كفه لتكون عبادته صحيحة بالاتفاق عليها استبراء لدينه هكذا جمعت وإن ذكر بعضها بصفة السنة في محله للفائدة التامة بتوفيق الله تعالى وكرمه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ينتقض الوضوء به عند ابن حنبل لحديث جابر بن سمرة وفيه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم للسائل:
"نعم توضأ من لحوم الإبل".

فصل هو طائفة من المسائل تغيرت أحكامها بالنسبة لما قبلها
ينقض الوضوء اثنا عشرة شيئا ما خرج من السبيلين إلا ريح القبل في الأصح وينقضه ولادة من غير رؤية دم,.....................................
ــــــــــــــــــــ
"فصل" هو طائفة من المسائل تغيرت أحكامها بالنسبة لما قبلها
"ينقض الوضوء" النقض إذا أضيف إلى الأجسام كنقض الحائط يراد به إبطال تأليفها وإذا أضيف إلى المعاني كالوضوء يراد به إخراجها عن إقامة المطلوب بها والنواقض جمع ناقضة "اثنا عشر شيئا" منها "ما خرج من السبيلين" وإن قل سمي القبل والدبر سبيلا لكونه طريقا للخارج وسواء المعتاد وغيره كالدودة والحصاة "إلا ريح القبل" الذكر والفرج "في الأصح" لأنه اختلاج لا ريح وإن كان ريحا لا نجاسة فيه وريح الدبر ناقضة بمرورها على النجاسة لأن عينها طاهرة فلا ينجس مبتل الثياب عند العامة فينقض ريح المفضاة احتياطا والخروج يتحقق بظهور البلة على رأس المخرج ولو إلى القلفة على الصحيح "وينقضه" أي الوضوء "ولادة من غير رؤية دم" ولا تكون نفساء في قول أبي يوسف ومحمد آخرا وهو الصحيح لتعلق النفاس بالدم ولم يوجد وعليها الوضوء للرطوبة وقال أبو حنيفة عليها الغسل احتياطا لعدم خلوه عن قليل دم ظاهرا وصححه في الفتاوى وبه أفتى الصدر الشهيد رحمه الله تعالى "و" ينقض الوضوء

 

ص -39-        ونجاسة سائلة من غيرهما كدم وقيح وقيء طعام أو ماء أو علق أو مرة إذا ملأ الفم وهو ما لا ينطبق عليه الفم إلا بتكلف على الأصح ويجمع متفرق القيء إذا اتحد سببه ودم غلب على البزاق أو ساواه ونوم لم تتمكن فيه المقعدة من الأرض,.......................
ــــــــــــــــــــ
"نجاسة سائلة من غيرهما" أي السبيلين لقوله عليه الصلاة والسلام: "الوضوء من كل دم سائل" وهو مذهب العشرة المبشرين بالجنة وابن مسعود وابن عباس وزيد بن ثابت وأبي موسى الأشعري وغيرهم من كبار الصحابة وصدور التابعين كالحسن البصري وابن سيرين رضي الله عنهم والسيلان في السبيلين بالظهور على رأسهما وفي غير السبيلين بتجاوز النجاسة إلى محل يطلب تطهيره ولو ندبا فلا ينقض دم سال في داخل العين إلى جانب آخر منها بخلاف ما صلب من الأنف وقوله "كدم وقيح" إشارة إلى أن ماء الصديد ناقض كماء الثدي والسرة والأذن إذا كان لمرض على الصحيح "و" ينقضه "قيء طعام أو ماء" وإن لم يتغير "أو علق" هو سوداء محترقة "أو مرة" أي صفراء والنقض بأحد هذه الأشياء "إذا ملأ الفم" لتنجسه بما في قعر المعدة وهو مذهب العشرة المبشرين بالجنة ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فتوضأ قال الترمذي وهو أصح شيء في الباب ولقوله صلى الله عليه وسلم يعاد الوضوء من سبع من إقطار البول والدم السائل والقيء ومن دفعة تملأ الفم ونوم مضطجع وقهقة الرجل في الصلاة وخروج الدم "وهو" أي حد ملء الفم "ما لا يطبق عليه الفم إلا بتكلف على الأصح" من التفاسير فيه وقيل ما يمنع الكلام "ويجمع" تقديرا "متفرق القيء إذا اتحد سببه" عند محمد وهو الأصح فينقض إن كان قدر ملء الفم وقال أبو يوسف إن اتحد المكان وماء فم النائم1 إن نزل من الرأس فهو طاهر اتفاقا وكذا الصاعد من الجوف على المفتى به وقيل إن كان أصفر أو منتنا فهو نجس "و" ينقضه "دم" من جرح بفمه "غلب على البزاق" أي الريق "أو ساواه" احتياطا ويعلم باللون فالأصفر مغلوب وقيل الحمرة مساو وشديدها غالب والنازل من الرأس ناقض بسيلانه وإن قل بالإجماع وكذا الصاعد من الجوف رقيقا وبه أخذ عامة المشايخ "و" ينقضه "نوم" وهو فترة طبيعية تحدث فتمنع الحواس الظاهرة والباطنة عن العمل بسلامتها وعن استعمال العقل مع قيامه وهذا إذا لم "تتمكن فيه المقعدة" يعني المخرج "من الأرض" باضطجاع وتورك واستلقاء على القفا ولو كان مريضا يصلي بالإيماء على الصحيح وانقلاب على الوجه لزوال المسكة والناقض الحدث للإشارة إليه بقوله صلى الله عليه وسلم:
"العينان وكاء السه فإذا نامت العينان انطلق الوكاء" وفيه التنبيه على أن الناقض ليس النوم لأنه ليس حدثا وإنما ما لا يخلو النائم عنه فأقيم السبب الظاهر مقامه والنعاس الخفيف الذي يسمع به ما يقال عنده لا ينقض وإلا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قيد بالنائم لأن ماء فم الميت نجس.

 

ص -40-        وارتفاع مقعدة نائم قبل انتباهه وإن لم يسقط في الظاهر وإغماء وجنون وسكر وقهقهة بالغ يقظان في صلاة ذات ركوع وسجود ولو تعمد الخروج بها من الصلاة ومس فرج بذكر منتصب بلا حائل.
ــــــــــــــــــــ
فهو الثقيل ناقض "و" ينقضه "ارتفاع مقعدة" قاعد "نائم" على الأرض "قبل انتباهه" وإن لم يسقط" على الأرض "في الظاهر" من المذهب لزوال المقعدة "و" ينقضه "إغماء" وهو مرض يزيل القوى ويستر العقل "و" ينقضه "جنون" وهو مرض يزيل العقل ويزيد القوى "و" ينقضه "سكر" وهو خفة يظهر أثرها بالتمايل وتلعثم الكلام لزوال القوة الماسكة بظلمة الصدر وعدم انتفاع القلب بالعقل "و" ينقضه "قهقهة"1 مصل "بالغ" عمدا أو سهوا وهي ما يكون مسموعا لجيرانه والضحك ما يسمعه هو دون جيرانه يبطل الصلاة خاصة والتبسم لا يبطل شيئا وهو ما لا صوت فيه ولو بدت به الأسنان وقهقهة الصبي لا تبطل وضوءه لأنه ليس من أهل الزجر وقيل تبطله "يقظان" لا نائم على الأصح "في صلاة" كاملة "ذات ركوع وسجود" بالأصالة ولو وجدت بالإيماء سواء كان متوضئا أو متيمما أو مغتسلا في الصحيح لكونها عقوبة فلا يلزم القول بتجزئة الطهارة واحترزنا بالكاملة عن صلاة الجنازة وسجدة التلاوة لورود النص فلا ينقض فيهما وإن بطلتا "و" تنقص القهقهة في الكاملة و "لو تعمد" فاعلها "الخروج بها من الصلاة" بعد الجلوس الأخير ولم يبق إلا السلام لوجوده في حرمة الصلاة كما في سجود السهو والصلاة صحيحة لتمام فروضها وترك واجب السلام لا يمنعه "و" ينقضه مباشرة فاحشة وهي "مس فرج" أو دبر "بذكر منتصب بلا حائل" يمنع حرارة الجسد وكذا مباشرة الرجلين والمرأتين ناقضة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هي ليست بحدث والوضوء منها عقوبة, وعلى ذلك يجوز بعدها أن يمس المصحف. وقيل: هي حدث فلا يجوز أن يمسه.

فصل عشرة أشياء لا تنقض الوضوء
عشرة أشياء لا تنقض الوضوء ظهور دم لم يسل عن محله وسقوط لحم من غير سيلان دم كالعرق المدنى الذي يقال له رشته,.................................
ــــــــــــــــــــ
"فصل: عشرة أشياء لا تنقض الوضوء"
منها "ظهور دم لم يسل عن محله" لأنه لا ينجس جامدا ولا مائعا على الصحيح فلا يكون ناقضا "و" منها "سقوط لحم من غير سيلان دم" لطهارته وانفصال الطاهر لا يوجب الطهارة "كالعرق المدني1 الذي يقال له رشته" بالفارسية كما في [الفتاوى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 العرق المدني نسب إلى المدينة لكثرته بها, وهي بثرة تظهر على سطح الجلد تتفجر عن عرق يخرج كالدودة شيئا فشيئا, وسببه فضول غليظة.

 

ص -41-        وخروج دودة من جرح وإذن وأنف ومس ذكر ومس امرأة وقيء لا يملا الفم وقيء بلغم ولو كثيرا وتمايل نائم احتمل زوال مقعدته ونوم متمكن ولو مستندا الى شيء لو أزيل سقط على الظاهر فيهما ونوم مصل ولو راكعا أو ساجدا على جهة السنة والله الموفق.
ــــــــــــــــــــ
البزازية "و" منها "خروج دودة من جرح وأذن وأنف" لعدم نجاستها ولقلة الرطوبة التي معها بخلاف الخارجة من الدبر "و" منها "مس ذكر" ودبر وفرج مطلقا وهو مذهب كبار الصحابة كعمر وعلي وابن مسعود وابن عباس وزيد بن ثابت وصدور التابعين كالحسن وسعيد والثوري رضي الله تعالى عنهم لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه رجل كأنه بدوي فقال يا رسول الله ما تقول في رجل مس ذكره في الصلاة فقال:
"هل هو إلا بضعة منك أو مضغة منك" قال الترمذي وهذا الحديث أحسن شيء في هذا الباب "و" منها "مس امرأة" غير محرم لما في السنن الأربعة عن عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل بعض أزواجه ثم يصلي ولا يتوضأ واللمس في الآية المراد به الجماع كقوله تعالى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: من الآية237] "و" منها "قيء لا يملأ الفم" لأنه من أعلى المعدة "و" منها "قيء بلغم ولو" كان "كثيرا" لعدم تخلل النجاسة فيه وهو طاهر "و" منها "تمايل نائم احتمل زوال مقعدته" لما في سنن أبي داود كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون "و" منها "نوم متمكن" من الأرض "ولو" كان "مستندا إلى شيء" كحائط وسارية ووسادة بحيث "لو أزيل" المستند إليه "سقط" الشخص فلا ينتقض وضوءه "على الظاهر" من مذهب أبي حنيفة "فيهما" أي في المسألتين هذه والتي قبلها لاستقراره بالأرض فيأمن من خروج ناقض منه رواه أبو يوسف عن أبي حنيفة وهو الصحيح وبه أخذ عامة المشايخ وقال القدوري ينتقض وهو مروي عن الطحاوي "و" منها "نوم مصل ولو" نام "راكعا أو ساجدا" إذا كان "على جهة" أي صفة "السنة" في ظاهر المذهب بأن أبدى ضبعيه وجافى بطنه عن فخذيه لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يجب الوضوء على من نام جالسا أو قائما أو ساجدا حتى يضع جنبه" فإذا اضطجع استرخت مفاصله وإذا نام كذلك خارج الصلاة لا ينتقض به وضوءه في الصحيح وإن لم يكن على صفة السجود والركوع المسنون انتقض وضوءه "والله" سبحانه "الموفق" بمحض فضله وكرمه

 

ص -42-        فصل ما يجب فيه الاغتسال
يفترض الغسل بواحد من سبعة أشياء خروج المني الى ظاهر الجسد إذا انفصل عن مقره بشهوة من غير جماع,...............................
ــــــــــــــــــــ
"فصل ما يجب" أي يلزم "الاغتسال"يعني الغسل
وهو بالضم اسم من الاغتسال وهو تمام غسل الجسد واسم للماء الذي يغتسل به أيضا والضم هو الذي اصطلح عليه الفقهاء أو أكثرهم وإن كان الفتح أفصح وأشهر في اللغة وخصوه بغسل البدن من جنابة وحيض ونفاس والجنابة صفة تحصل بخروج المني بشهوة يقال أجنب الرجل إذا قضى شهوته من المرأة.
واعلم أنه يحتاج لتفسير الغسل لغة وشريعة وسببه وشرطه وحكمه وركنه وسننه وآدابه وصفته وعلمت تفسيره وسببه بأنه إرادة مالا يحل مع الجنابة أو وجوبه وله شروط وجوب وشروط صحة تقدمت في الوضوء وركنه عموم ما أمكن من الجسد من غير حرج بالماء الطهور وحكمه حل ما كان ممتنعا قبله والثواب بفعله تقربا والصفة والسنن والآداب يأتي بيانها.
"يفترض الغسل بواحد" يحصل للإنسان "من سبعة أشياء" أولها "خروج المني" وهو ماء أبيض ثخين ينكسر الذكر بخروجه يشبه رائحة الطلع ومني المرأة رقيق أصفر "إلى ظاهر الجسد" لأنه ما لم يظهر لا حكم له "إذا انفصل عن مقره" وهو الصلب "بشهوة" وكان خروجه "من جماع" كالاحتلام ولو بأول مرة لبلوغ في الأصح وفكر ونظر وعبث بذكره وله ذلك إن كان أعزب1 وبه ينجو رأسا برأس لتسكين شهوة يخشى منها لا لجلبها - وأغنى اشتراط الشهوة عن الدفق لملازمته لها فإذا لم توجد الشهوة لا غسل كما إذا حمل ثقيلا أو ضرب على صلبه فنزل منيه بلا شهوة والشرط وجودها عند انفصاله من الصلب لا دوامها حتى يخرج إلى الظاهر خلافا لأبي يوسف سواء المرأة أو الرجل لقوله صلى الله عليه وسلم وقد سئل هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال:
"نعم إذا رأت الماء" وثمرة الخلاف تظهر بما لو أمسك ذكره حتى سكنت شهوته فأرسل الماء يلزمه الغسل عند أبي حنيفة ومحمد لا عند أبي يوسف ويفتى بقول أبي يوسف لضيف خشي التهمة وإذا لم يتدارك مسكه يستتر بإيهام صفة المصلي من غير

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 المفتى به: التحريم كما أفاده بعض السادة علماء المذهب.

 

ص -43-        وتواري حشفة وقدرها من مقطوعها في أحد سبيلي آدمي حي وإنزال المني بوطء ميتة أو بهيمة ووجود ماء رقيق بعد النوم اذا لم يكن ذكره منتشرا قبل النوم ووجود بلل ظنه منيا بعد إفاقته من سكر وإغماء وبحيض ونفاس ولو حصلت الأشياء المذكورة قبل الإسلام في الأصح ويفترض تغسيل الميت كفاية.
ــــــــــــــــــــ
تحريمة وقراءة وتظهر الثمرة بما إذا اغتسل في مكانه وصلى ثم خرج بقية المني عليه الغسل عندهما لا عنده وصلاته صحيحة اتفاقا ولو خرج بعد ما بال وارتخى ذكره أو نام أو مشى خطوات كثيرة لا يجب الغسل اتفاقا وجعل المني وما عطف عليه سببا للغسل مجاز للسهولة في التعليم لأنها شروط "و" منها "توارى حشفة" هي رأس ذكر آدمي مشتهى حي احترز به عن ذكر البهائم والميت والمقطوع والمصنوع من جلد والأصبع وذكر صبي لا يشتهى والبالغة يوجب عليها بتواري حشفة المراهق الغسل "و" تواري "قدرها" أي الحشفة "من مقطوعها" إذا كان التواري "في أحد سبيلي آدمي حي" يجامع مثله فيلزمهما الغسل لو مكلفين ويؤمر به المراهق تخلقا ويلزم بوطء صغيرة لا تشتهي ولم يفضها لأنها صارت ممن يجامع في الصحيح ولو لف ذكره بخرقة وأولجه ولم ينزل فالأصح أنه إن وجد حرارة الفرج واللذة وجب الغسل وإلا فلا والأحوط وجوب الغسل في الوجهين لقوله صلى الله عليه وسلم:
"إذا التقى الختانان وغابت الحشفة وجب الغسل أنزل أو لم ينزل" و منها "إنزال المني بوطء ميتة أو بهيمة" شرط الإنزال لأن مجرد وطئهما لا يوجب الغسل لقصور الشهوة "و" منها "وجود ماء رقيق بعد" الانتباه من "النوم" ولم يتذكر احتلاما عندهما خلافا لأبي يوسف وبقوله أخذ خلف بن أيوب وأبو الليث لأنه مذي وهو الأقيس ولهما ما روي أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يجد البلل ولم يجد احتلاما قال: "يغتسل" ولأن النوم راحة تهيج الشهوة وقد يرق المني لعارض والاحتياط لازم في باب العبادات وهذا "إذا لم يكن ذكره منتشرا قبل النوم" لأن الانتشار سبب للمذي فيحال عليه ولو وجد الزوجان بينهما ماء دون تذكر ومميز بلفظ ورقة وبياض وصفرة وطول وعرض لزمهما الغسل في الصحيح احتياطا "و" منها "وجود بلل ظنه منيا بعد إفاقته من سكر و" بعد إفاقته من "إغماء" احتياطا "و" يفترض "بحيض" للنص "ونفاس" بعد الطهر من نجاستهما بالانقطاع إجماعا "و" يفترض الغسل بالموجبات "لو حصلت الأشياء المذكورة قبل الإسلام في الأصح" لبقاء صفة الجنابة ونحوها بعد الإسلام ولا يمكن أداء الشروط من الصلاة ونحوها بزوال الجنابة وما في معناها إلا به فيفترض عليه لكونه مسلما مكلفا بالطهارة عند إرادة الصلاة ونحوها بآية الوضوء "ويفترض تغسيل الميت" المسلم الذي لا جنابة منه مسقطة لغسله "كفاية"1 وسنذكر تمامه في محله إن شاء الله تعالى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين, وإن لم يقم به أحد أثموا جميعا.

 

ص -44-        فصل عشرة أشياء لا يغتسل منها
مذي وودي واحتلام بلا بلل وولادة من غير رؤية دم بعدها في الصحيح وإيلاج بخرقة مانعة من وجود اللذة وحقنة وإدخال إصبع ونحوه في أحد السبيلين ووطء بهيمة أو ميتة من غير إنزال وإصابة بكر لم تزل بكارتها من غير إنزال.
ــــــــــــــــــــ
"فصل: عشرة أشياء لا يغتسل منها
"مذي" بفتح الميم وسكون الدال المعجمة وكسرها وهو ماء أبيض رقيق يخرج عند شهوة لا بشهوة ولا دفق ولا يعقبه فتور وربما لا يحس بخروجه وهو أغلب في النساء من الرجال ويسمى في جانب النساء قذى بفتح القاف والدال المعجمة "و" منها "ودي" بإسكان الدال المهملة وتخفيف الياء وهو ماء أبيض كدر ثخين لا رائحة له يعقب البول وقد يسبقه أجمع العلماء على أنه لا يجب الغسل بخروج المذي والودي "و" منها "احتلام بلا بلل" والمرأة فيه كالرجل في ظاهر الرواية لحديث أم سليم كما قدمناه "و" منها "ولادة من غير رؤية دم بعدها في الصحيح" وهو قولهما لعدم النفاس وقال الإمام عليها الغسل احتياطا لعدم خلوها عن قليل دم ظاهرا كما تقدم "و" منها "إيلاج بخرقة مانعة من وجود اللذة" على الأصح وقدمنا لزوم الغسل به احتياطا "و" منها "حقنة"1 لأنها لإخراج الفضلات لا قضاء الشهوة "و" منها "إدخال أصبع ونحوه" كشبه ذكر مصنوع من نحو جلد "في أحد السبيلين" على المختار لقصور الشهوة "و" ومنها "وطء بهيمة أو" امرأة "ميتة من غير إنزال" مني لعدم كمال سببه ولا يغلب نزوله هنا ليقام مقامه "و" منها "إصابة بكر لم تزل" الإصابة "بكارتها من غير إنزال" لأن البكارة تمنع التقاء الختانين ولو دخل منيه فرجها بلا إيلاج فيه لا غسل عليها ما لم تحبل منه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هي الحقنة الشرجية.

 

ص -45-        فصل يفترض في الاغتسال أحد عشر شيئا
غسل الفم والأنف والبدن مرة وداخل قلفة لا عسر في فسخها وسرة وثقب غير منضم وداخل المضفور من شعر الرجل مطلقا لا المضفور من شعر المرأة إن سرى الماء في أصوله,....
ــــــــــــــــــــ
فصل لبيان فرائض الغسل
"يفترض في الاغتسال" من حيض أو جنابة أو نفاس "أحد عشر شيئا" وكلها ترجع لواحد هو عموم الماء ما أمكن من الجسد بلا حرج ولكن عدت التعليم.
منها "غسل الفم والأنف" وهو فرض اجتهادي لقوله تعالى:
{فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: من الآية6] بخلافه في الوضوء لأن الوجه لا يتناولهما لأن المواجهة لا تكون بداخل الأنف والفم وصيغة المبالغة في قوله {فَاطَّهَّرُوا} تتناولهما ولا حرج فيهما "والبدن" عطف عام على خاص ومنه الفرج الخارج لأنه كفمها لا الداخل لأنه كالحلق ولا بد من زوال ما يمنع من وصول الماء للجسد كشمع وعجين لا صبغ بظفر صباغ ولا بين الأظفار ولو لمدني في الصحيح كخرء برغوث وونيم ذباب كما تقدم والفرض الغسل "مرة" واحدة مستوعبة لأن الأمر لا يقتضي التكرار "و" يفترض غسل "داخل1 قلفة لا عسر في فسخها" على الصحيح وإن تعسر لا يكلف به كثقب انضم للحرج "و" يفترض غسل "داخل سرة" مجوفة لأنه من خارج الجسد ولا حرج في غسله "و" يفترض غسل "ثقب غير منضم" لعدم الحرج "و" يفترض غسل "داخل المضفور" من شعر الرجل" ويلزمه حله "مطلقا" على الصحيح سواء سرى الماء في أصوله أو لا لكونه ليس زينة له فلا حرج فيه و "لا" يفترض نقض "المضفور من شعر المرأة إن سري الماء في أصوله" اتفاقا لحديث أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: قلت يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة ؟ قال: "إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات من ماء ثم تفيضي على سائر جسدك الماء فتطهرين" وأما إن كان شعرها ملبدا أو غزيرا فلا بد من نقضه ولا يفترض إيصال الماء إلى أثناء ذوائبها على الصحيح بخلاف الرجل فإنه يفترض عليه ذوائبه كلها والضفيرة بالضاد المعجمة الذؤابة وهي الخصلة من الشعر والضفر فتل الشعر وإدخال بعضه في بعض وثمن الماء على

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 القلفة: الجلدة التي تقطع عند الختان. وفسخها: فتحها.

 

ص -46-        وبشرة اللحية وبشرة الشارب والحاجب والفرج الخارج
ــــــــــــــــــــ
الزوج لها وإن كانت غنية ولو انقطع حيضها لعشرة "و" يفترض غسل "بشرة اللحية" وشعرها ولو كانت كثيفة كثة لقوله تعالى:
{فَاطَّهَّرُوا} "و" يفترض "غسل الشارب و" بشرة "الحاجب" وشعرهما "والفرج الخارج" لأنه كالفم لا الداخل لأنه كالحلق كما تقدم

فصل يسن في الاغتسال اثنا عشرة شيئا
الابتداء بالتسمية والنية وغسل اليدين الى الرسغين وغسل نجاسة لو كانت بانفرادها وغسل فرجه ثم يتوضأ كوضوئه للصلاة فيثلث الغسل ويمسح الرأس ولكنه يؤخر غسل الرجلين إن كان يقف في محل يجتمع فيه الماء ثم يفيض الماء على بدنه ثلاثا ولو انغمس في الماء الجاري أو ما في حكمه ومكث فقد أكمل السنة ويبدتدىء في صب الماء برأسه ويغسل بعدها منكبه الأيمن ثم الأيسر
ــــــــــــــــــــ
"فصل" في سنن الغسل
"يسن في الاغتسال اثنا عشر شيئا" الأول "الابتداء بالتسمية لعموم الحديث: "كل أمر ذي بال" "و" الابتداء ب "النية" ليكون فعله تقربا يثاب عليه كالوضوء والابتداء بالتسمية يصاحب النية لتعلق التسمية باللسان والنية بالقلب "و" يكونان مع "غسل اليدين إلى الرسغين" ابتداء كفعله صلى الله عليه وسلم "و" يسن "غسل نجاسة لو كانت" على بدنه "بانفرادها" في الابتداء ليطمئن بزوالها قبل أن تشيع على جسده "و" كذا "غسل فرجه" وإن لم يكن به نجاسة كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ليطمئن بوصول الماء إلى الجزء الذي ينضم من فرجه حال القيام وينفرج حال الجلوس "ثم يتوضأ كوضوئه للصلاة فيثلث الغسل ويمسح الرأس" في ظاهر الرواية وقيل لا يمسحها لأنه يصب عليها الماء والأول أصح لأنه صلى الله عليه وسلم توضأ قبل الاغتسال وضوءه للصلاة وهو اسم للغسل والمسح "ولكنه يؤخر غسل الرجلين إن كان يقف" حال الاغتسال "في محل يجتمع فيه الماء" لاحتياجه لغسلهما ثانيا من الغسالة "ثم يفيض الماء على بدنه ثلاثا" يستوعب الجسد بكل واحدة منها وهو سنة للحديث "ولو انغمس" المغتسل "في الماء الجاري أو" انغمس في "ما" هو "في حكمه" أي الجاري كالعشر في العشر "ومكث" منغمسا قدر الوضوء والغسل أو في المطر كذلك ولو للوضوء فقط "فقد أكمل السنة" لحصول المبالغة بذلك كالتثليث "ويبتدئ في" حال "صب الماء برأسه" كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم "ويغسل بعدها" أي الرأس "منكبه الأيمن ثم الأيسر" لاستحباب التيامن وهو قول شمس

 

ص -47-        ويدلك جسده ويوالي غسله.
ــــــــــــــــــــ
الأئمة الحلواني "و" يسن أن "يدلك" كل أعضاء "جسده" في المرة الأولى ليعم الماء بدنه في المرتين الأخيرتين وليس الدلك بواجب في الغسل إلا في رواية عن أبي يوسف لخصوص صيغة "اطهروا" فيه بخلاف الوضوء لأنه بلفظ اغسلوا والله الموفق.

فصل وآداب الاغتسال
وآداب الاغتسال هي آداب الوضوء إلا أنه لا يستقبل القبلة لأنه يكون غالبا مع كشف العورة وكره فيه ما كره في الوضوء.
ــــــــــــــــــــ
فصل وآداب الاغتسال
هي" مثل "آداب الوضوء" وقد بيناها "إلا أنه لا يستقبل القبلة" حال اغتساله "لأنه يكون غالبا مع كشف العورة" فإن كان مستورا فلا بأس به ويستحب أن لا يتكلم بكلام معه ولو دعاء لأنه في مصب الأقذار ويكره مع كشف العورة ويستحب أن يغتسل بمكان لا يراه أحد لا يحل له النظر لعورته لاحتمال ظهورها في حال الغسل أو لبس الثياب لقوله صلى الله عليه وسلم:
"إن الله تعالى حيي ستير يحب الحياء والستر فإذا اغتسل أحدكم فليستتر" رواه أبو داود وإذا لم يجد سترة عند الرجال يغتسل ويختار ما هو أستر: والمرأة بين النساء كذلك وبين الرجال تؤخر غسلها والإثم على الناظر لا على من كشف إزاره لتطهيره وقيل يجوز أن يتجرد للغسل وحده ويجرد زوجته للجماع إذا كان البيت صغيرا مقدار عشرة أذرع ويستحب صلاة ركعتين سبحة بعده كالوضوء لأنه يشمله "وكره فيه ما كره في الوضوء" ويزاد فيه كراهة الدعاء كما تقدم ولا تقدير للماء الذي يتطهر به في الغسل والوضوء لاختلاف أحوال الناس ويراعى حالا وسطا من غير إسراف ولا تقتير والله الموفق

فصل يسن الاغتسال لأربعة أشياء
صلاة الجمعة, ...............................
ــــــــــــــــــــ
"فصل يسن الاغتسال لأربعة أشياء"
منها: "صلاة الجمعة" على الصحيح لأنها أفضل من الوقت وقيل إنه لليوم وثمرته أنه أحدث بعد غسله ثم توضأ لا يكون له فضله على الصحيح وله الفضل على

 

ص -48-        وصلاة العيدين وللإحرام وللحاج في عرفة بعد الزوال ويندب الاغتسال في ستة عشر شيئا لمن أسلم طاهرا ولمن بلغ بالسن ولمن أفاق من جنون وعند حجامة وغسل ميت وفي ليلة براءة وليلة القدر إذا رآها ولدخول مدينة سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم وللوقوف بمزدلفة غداة يوم النحر وعند دخول مكة لطواف الزيارة ولصلاة كسوف.
ــــــــــــــــــــ
المرجوح وفي [معراج الدراية] لو اغتسل يوم الخميس أو ليلة الجمعة استن بالسنة لحصول المقصود وهو قطع الرائحة "و" منها "صلاة العيدين" لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل يوم الفطر والأضحى وعرفة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل" وهو ناسخ لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: "غسل الجمعة واجب على كل محتلم" والغسل سنة للصلاة في قول أبي يوسف كما في الجمعة "و" يسن "للإحرام" للحج أو العمرة لفعله صلى الله عليه وسلم وهو للتنظيف لا للتطهير فتغتسل المرأة ولو كان بها حيض ونفاس ولهذا لا يتيمم مكانه بفقد الماء "و" يسن الاغتسال "للحاج" لا لغيرهم ويفعله الحاج "في عرفة" لا خارجها ويكون فعله "بعد الزوال" لفضل زمان الوقوف.
ولما فرغ من الغسل المسنون شرع في المندوب فقال "ويندب الاغتسال في ستة عشر شيئا" تقريبا لأنه يزيد عليها "لمن أسلم طاهرا" عن جنابة وحيض ونفاس للتنظيف عن أثر ما كان منه "ولمن بلغ بالسن"1 وهو خمسة عشر سنة على المفتى به في الغلام والجارية "ولمن أفاق من جنون" وسكر وإغماء "وعند" الفراغ من "حجامة وغسل ميت" خروجا للخلاف من لزوم الغسل بهما2 "و" ندب "في ليلة براءة" وهي ليلة النصف من شعبان لإحيائها وعظم شأنها إذ فيها تقسم الأرزاق والآجال "و" في "ليلة القدر إذا رآها" يقينا3 أو علما باتباع ما ورد في وقتها لإحيائها "و" ندب الغسل "لدخول مدينة النبي صلى الله عليه وسلم" تعظيما لحرمتها وقدومه على حضرة المصطفى صلى الله عليه وسلم "و" ندب "للوقوف بمزدلفة" لأنه ثاني الجمعين ومحل إجابة دعاء سيد الكونين بغفران الدماء والمظالم لأمته "غداة يوم الفجر" بعد طلوع فجره لأن به يدخل وقت الوقوف بالمزدلفة ويخرج قبيل طلوع الشمس "وعند دخول مكة" شرفها الله تعالى "لطواف" ما ولطواف "الزيارة" فيؤدي الطواف بأكمل الطهارتين ويقوم بتعظيم حرمة البيت الشريف "و" يندب "لصلاة كسوف" الشمس وخسوف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 احترز بالسن عن البلوغ بالاحتلام والإنزال والحيض فإن الغسل فيها واجب وأدنى مدة يعتبر فيها ظهور العلامة اثنتا عشرة سنة في حقه وتسع سنين في حقها فإذا بلغا هذا السن وأقرا بالبلوغ كانا بالغين حكما لأن ذلك مما يعرف من جهتهما.
2 الأولى: خروجا من خلاف القائل بلزوم الغسل منها اهـ طحطاوي.
3 ليلة القدر المشهور أنها ليلة السابع والعشرين من رمضان وفيها أقوال تصل إلى ثلاثين قولا منها: قول بأنها في السنة كلها وهو محكي عن عبد الله بن مسعود وتبعه فيه أبو حنيفة وصاحباه كما في [طرح التثريب] قالوا: ومعرفتها يقينا بالكشف وتحقق علاماتها وعلما- أي: ظنا- يقرب من العلم بملاحظة أمارتها وهي كونها بلجة لا حارة ولا باردة تطلع الشمس صبيحتها لا شعاع لها.

 

ص -49-        واستسقاء وفزع وظلمة وريح شديد.
ــــــــــــــــــــ
القمر لأداء سنة صلاتهما "واستسقاء" لطلب نزول الغيث رحمة للخلق بالاستغفار والتضرع بالصلاة بأكمل الطهارتين "و" لصلاة من "فزع" من مخوف التجاء إلى الله وكرمه لكشف الكرب عنه "و" من "ظلمة" حصلت نهارا "و" من "ريح شديد" في ليل أو نهار لأن الله تعالى أهلك به من طغى كقوم عاد فيلتجئ المتطهر إليه ويندب للتائب من ذنب وللقادم من سفر وللمستحاضة إذا انقطع دمها ولمن يراد قتله ولرمي الجمار ولمن أصابته نجاسة وخفي مكانها فيغسل جميع بدنه وكذا جميع ثوبه احتياطا.
تنبيه عظيم:
لا تنفع الطهارة الظاهرة إلا مع الطهارة الباطنة بالإخلاص لله والنزاهة عن الغل والغش والحقد والحسد وتطهير القلب عما سوى الله من الكونين فيعبده لذاته لا لعلة مفتقرا إليه وهو يتفضل بالمن بقضاء حوائجه المضطر بها عطفا عليه فيكون عبدا فردا للمالك الأحد الفرد الذي لا يسترقك شيء من الأشياء سواه ولا يستملك هواك عن خدمتك إياه قال الحسن البصري رحمه الله تعالى:

رب مستور سبته شهوته                      قد عري عن ستره وانتهكا

صاحب الشهوة عبد فإذا                        ملك الشهوة أضحى ملكا

فإذا أخلص لله وبما كلفه به وارتضاه قام فأداه حفته العناية حيثما توجه وتيمم وعلمه ما لم يكن يعلم.

باب التيمم
يصح بشروط ثمانية الأول: النية............................
ــــــــــــــــــــ
"باب التيمم"
هو من خصائص هذه الأمة وهو لغة القصد مطلقا والحج لغة: القصد إلى معظم وشرعا مسح الوجه واليدين عن صعيد1 مطهر والقصد شرط له لأنه النية وله سبب وشرط وحكم2 وركن وصفة3 وكيفية وستأتيك: فسببه كأصله إرادة ما لا يحل إلا به وشروطه قدمها بقوله "يصح" التيمم "بشروط ثمانية: " "الأول" منها "النية" لأن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قوله عن صعيد يشمل التراب والرمل وغيرها كما سيذكره وبهذا تعرف ما في عبارة [سبيل الفلاح] "عن تراب" من قصور لأن التخصيص بالتراب مذهب الحنابلة. قوله: "مطهر" أحسن من "طاهر" التي في [المفتاح] لعدم احتياجها إلى تأويل لأن الأرض إذا تنجست وجفت طهرت وجازت الصلاة عليها دون التيمم منها.
2 حكمه: حل ما كان ممتنعا قبله في الدنيا والثواب في الآخرة.
3 صفة: فرض للصلاة مطلقا وتندب لدخول المسجد محدثا ويجب فيما يجب به الوضوء. طحطاوي.

 

ص -50-        وحقيقتها عقد القلب على الفعل ووقتها عند ضرب يده على ما يتيمم به وشروط صحة النية ثلاثة الإسلام والتمييز والعلم بما ينويه ويشترط لصحة نية التيمم للصلاة به أحد ثلاثة أشياء إما نية الطهارة أو استباحة الصلاة أو نية عبادة مقصودة لا تصح بدون طهارة فلا يصلى به إذا نوى التيمم فقط أو نواه لقراءة القرآن ولم يكن جنبا الثاني العذر المبيح للتيمم ......................
ــــــــــــــــــــ
التراب ملوث فلا يصير مطهرا إلا بالنية والماء خلق مطهرا "و" النية "حقيقتها" شرعا "عقد القلب على" إيجاد "الفعل" جزما "ووقتها عند ضرب يده على ما يتيمم به" أو عند مسح أعضائه بتراب أصابها "و" للنية في حد ذاتها شروط لصحتها بينها بقوله "شروط صحة النية ثلاثة: الإسلام" ليصير الفعل سببا للثواب والكافر محروم منه "و" الثاني "التمييز" لفهم ما يتكلم به "و" الثالث "العلم بما ينويه" ليعرف حقيقة المنوي والنية معنى وراء العلم الذي يسبقها "و" نية التيمم لها شرط خاص بها بينه بقوله "يشترط لصحة نية التيمم" ليكون مفتاحا "للصلاة" فتصح "به أحد ثلاثة أشياء أما نية الطهارة" من الحدث القائم به ولا يشترط تعيين الجنابة من الحدث فتكفي نية الطهارة لأنها شرعت للصلاة وشرطت لصحتها وإباحتها فكانت نيتها نية إباحة الصلاة فلذا قال "أو" نية "استباحة الصلاة" لأن إباحتها يرفع الحدث فتصح بإطلاق النية وبنية رفع الحدث لأن التيمم رافع له كالوضوء وأما إذا قيد النية بشيء فلا بد أن يكون خاصا بينه في الشرط الثالث بقوله "أو نية عبادة مقصودة" وهي التي لا تجب في ضمن شي آخر بطريق التبعية فتكون قد شرعت ابتداء تقربا إلى الله تعالى وتكون أيضا "لا تصح بدون طهارة" فيكون المنوي إما صلاة أو جزءا للصلاة في حد ذاته كقوله نويت التيمم للصلاة أو لصلاة الجنازة أو سجدة التلاوة أو لقراءة القرآن وهو جنب أو نوته لقراءة القرآن بعد انقطاع حيضها أو نفاسها لأن كلا منها لا بد له من الطهارة وهو عبادة "فلا يصلي به" أي التيمم "إذا نوى التيمم فقط" أي مجردا من غير ملاحظة شيء مما تقدم "أو نواه" أي التيمم "لقراءة القرآن و" هو محدث حدثا أصغر و "لم يكن جنبا" وكذا المرأة إذا نوته للقراءة ولم تكن مخاطبة بالتطهر من حيض ونفاس لجواز قراءة المحدث لا الجنب فلو تيمم الجنب لمس المصحف أو دخول المسجد أو تعليم الغير لا تجوز به صلاته في الأصح وكذا لزيارة القبور والأذان والإقامة والسلام ورده أو للإسلام عند عامة المشايخ وقال أبو يوسف تصح صلاته به لدخوله في الإسلام لأنه رأس القرب وقال أبو حنيفة ومحمد لا تصح وهو الأصح ولو تيمم لسجدة شكر فهو على الخلاف كما سنذكره وفي رواية النوادر والحسن جوازه بمجرد نيته "الثاني" من شروط صحة التيمم "العذر المبيح للتيمم" وهو على أنواع

 

ص -51-        كبعده ميلا عن ماء ولو في المصر وحصول مرض وبرد يخاف منه التلف أو المرض وخوف عدو وعطش واحتياج لعجن لا الطبخ مرق ولفقد آلة وخوف فوت صلاة جنازة أو عيد,...
ــــــــــــــــــــ
"كبعده" أي الشخص "ميلا" وهو ثلث فرسخ بغلبة الظن هو المختار للحرج بالذهاب هذه المسافة وما شرع التيمم إلا لدفع الحرج وثلث الفرسخ أربعة آلاف خطوة وهي ذراع ونصف بذراع1 العامة فيتيمم لبعده ميلا "عن ماء" طهور "ولو" كان بعده عنه "في المصر" على الصحيح للحرج "و" من العذر "حصول مرض" يخاف منه اشتداد المرض أو بطء البرء أو تحركه كالمحموم والمبطون "و" من الأعذار "برد يخاف منه" بغلبة2 الظن "التلف" لبعض الأعضاء "أو المرض" إذا كان خارج المصر يعني العمران ولو القرى التي يوجد بها الماء المسخن أو ما يسخن به سواء كان جنبا أو محدثا وإذا عدم الماء الساخن أو ما يسخن به في المصر فهو كالبرية
{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} "و" منه "خوف عدو" آدمي أو غيره سواء خافه على نفسه أو ماله أو أمانته أو خافت فاسقا عند الماء أو خاف المديون المفلس الحبس والإعادة عليهم ولا على من حبس في السفر بخلاف المكره على ترك الوضوء فيتمم فإنه يعيد صلاته "و" منه "عطش" سواء خافه حالا أو مالا على نفسه أو رفيقه في القافلة أو دابته3 ولو كلبا لأن المعد للحاجة كالمعدوم "و" منه "احتياج لعجن"4 لضرورة "لا لطبخ مرق" لا ضرورة إليه "و" يتيمم "لفقد آلة" كحبل ودلو لأنه يصير البئر كعدمها والماء الموضوع للشرب في الفلوات ونحوها لا يمنع التيمم إلا أن يكون كثيرا يستدل بكثرته على إطلاق استعماله ولا يتشبه فاقد الماء والتراب الطهور بحبس عندهما وقال أبو يوسف يتشبه بالإيماء والعاجز الذي لا يجد من يوضئه بتيمم اتفاقا ولو وجد من يعينه فلا قدرة له عند الإمام بقدرة الغير خلافا لهما "و" من العذر "خوف فوت صلاة الجنازة" ولو جنبا لأنها تفوت بلا خلف فإن كان يدرك تكبيرة منها توضأ والولي5 لا يخاف الفوت هو الصحيح فلا يتيمم وإذا حضرت جنازة أخرى قبل القدرة على الوضوء صلى عليها بتيممه للأولى عندهما وقال محمد عليه الإعادة كما لو قدر ثم عجز "أو" خوف فوت صلاة "عيد" لو اشتغل بالوضوء لما روى عن ابن عباس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ضبطه بعضهم بسير القدم نصف ساعة.
2 غلبة الظن بتجربة أو إخبار طبيب حاذق مسلم عدل وقيل: يكفي المستور.
3 إذا تعذر حفظ الغسالة.
4 وكذلك لو احتاجه لإزالة نجاسة مائعة وللقهوة وكان ضرر بتركها.
5 الولي: المراد من له حق التقديم كالسلطان ونحوه ولو حضر المقدم تيمم المؤخر لخوف الفوات.

 

ص -52-        ولو بناء وليس من ال العذر خوف فوت الجمعة والوقت الثالث أن يكون التيمم بطاهر من جنس الأرض كالتراب والحجر والرمل لا الحطب والفضة والذهب الربع استيعاب المحل بالمسح الخامس: أن يمسح بجميع اليد أو بأكثرها حتى لو مسح بإصبعين لا يجوز ولو كرر حتى استوعب,..........................................
ــــــــــــــــــــ
رضي الله عنهما أنه قال إذا فاجأتك صلاة جنازة فخشيت فوتها فعمل عليها بالتيمم وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أتي بجنازة وهو على غير وضوء فتيمم ثم صلى عليها ونقل عنهما في صلاة العيدين كذلك والوجه فواتهما لا إلى بدل "ولو" كان "بناء"1 فيهما بأن سبقه حدث في صلاة الجنازة أو العيد يتيمم ويتم صلاته لعجزه عنه بالماء برفع الجنازة وطروء المفسد للزحام في العيد "وليس من العذر خوف" فوت "الجمعة و" خوف فوت "الوقت" لو اشتغل بالوضوء لأن الظهر يصلى بفوت الجمعة وتقضى الفائتة فلهما خلف
- 3 - "الثالث" من الشروط "أن يكون التيمم بطاهر" طيب وهو الذي لم تمسه نجاسة ولو زالت بذهاب أثرها "من جنس الأرض" وهو "كالتراب" المنبث وغيره "والحجر" الأملس "والرمل" عندهما خلافا لأبي يوسف فيجوز عندهما بالزرنيخ والنورة والمغرة والكحل والكبريت والفيروزج والعقيق وسائر أحجار المعادن وبالملح الجبلي في الصحيح وبالأرض المحترقة والطين المحرق الذي ليس به سرقين قبله والأرض المحترقة إن لم يغلب عليها الرماد وبالتراب الغالب على مخالط من غير جنس الأرض لأنه "لا" يصح التيمم بنحو "الحطب والفضة والذهب" والنحاس والحديد وضابطه أن كل شيء يصير رماد أو ينطبع بالإحراق لا يجوز به التيمم وإلا جاز لقوله تعالى:
{فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} [النساء: من الآية43] والصعيد اسم لوجه الأرض ترابا كان أو غيره وتفسيره بالتراب لكونه أغلب لقوله تعالى: {صَعِيداً زَلَقاً} [الكهف: من الآية40] أي حجرا أملس. "الرابع" من الشروط "استيعاب المحل" وهو الوجه واليدان إلى المرفقين "بالمسح" في ظاهر الرواية وهو الصحيح المفتى به فينزع الخاتم ويخلل الأصابع ويمسح جميع بشرة الوجه والشعر على الصحيح وما بين العذار والأذن إلحاقا له بأصله. وقيل يكفي مسح أكثر الوجه واليدين وصحح وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه إلى الرسغين. وجه ظاهر الرواية قوله صلى الله عليه وسلم: "التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة للذراعين إلى المرفقين" وكذا فعله عليه السلام لأنه سئل كيف أمسح فضرب بكفيه الأرض ثم رقعهما لوجهه ثم ضرب ضربة فمسح ذراعيه باطنهما وظاهرهما حتى مس بيديه المرفقين "الخامس" من الشروط "أن يمسح بجميع اليد أو بأكثرها" أو بما يقوم مقامه "حتى لو مسح بأصبعين لا يجوز" كما في الخلاصة "ولو كرر حتى استوعب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 خوف فوات صلاة العيد بزوال الشمس إن كان إماما وبعدم إدراكه شيئا منها مع الإمام إن كان مقتديا, وفسر البناء بأن سبقه الحدث لا بأن فاته جزء الصلاة كما في [المفتاح].

 

ص -53-        بخلاف مسح الرأس السادس أن يكون بضربتين بباطن الكفين ولو في مكان واحد ويقوم مقام الضربتين إصابة التراب بجسده إذا مسحه بنية التيمم السابع انقطاع ما ينافيه من حيض أو نفاس أو حدث الثامن زوال ما يمنع المسح كشمع وشحم وسببه وشورط وجوبه كما ذكر في الوضوء وركناه مسح اليدين والوجه وسنن التيمم سبعة التسمية في أوله والترتيب والموالاة وإقبال اليدين بعد وضعهما في التراب وإدبارهما ونفضهما وتفريج الأصابع وندب تأخير التيمم لمن يرجو الماء قبل خروج الوقت,..........................
ــــــــــــــــــــ
بخلاف مسح الرأس" كذا في السراج الوهاج عن الإيضاح "السادس" من الشروط "أن يكون" التيمم "بضربتين بباطن الكفين" لما روينا "فإن نوى التيمم" وأمر به غيره فيممه صح "ولو" كان الضربتان "في مكان واحد" على الأصح لعدم صيرورته مستعملا لأن التيمم بما في اليد "ويقوم مقام الضربتين إصابة التراب بجسده إذا مسحه بنية التيمم" حتى لو أحدث بعد الضرب أو إصابة التراب فمسحه يجوز على ما قاله الإسبيجاني كمن أحدث وفي كفيه ما يجوز به الطهارة وعلى ما اختاره شمس الأئمة لا يجوز لجعله الضرب ركنا كما لو أحدث بعد غسل عضو وقال المحقق ابن الهمام الذي يقتضيه النظر عدم اعتبار الضرب من مسمى التيمم شرعا لأن المأمور به في الكتاب ليس إلا المسح وقوله صلى الله عليه وسلم:
"التيمم ضربتان" خرج مخرج الغالب والله سبحانه وتعالى أعلم
"السابع" من الشروط "انقطاع ما ينافيه" حالة فعله "من حيض أو نفاس أو حدث" كما هو شرط أصله "الثامن" منها "زوال ما يمنع المسح" على البشرة "كشمه وشحم" لأنه يصير به المسح عليه لا على الجسد"وسببه" إرادة ما لا يحل إلا بالطهارة "وشروط وجوبه" ثمانية كما ذكر بيانها "في الوضوء" فأغنى عن إعادتها "وركناه مسح اليدين والوجه" لم يقل ضربتان لما علمته من الخلاف من كون الضرب من مسمى التيمم وكيفيته قد علمتها من فعله صلى الله عليه وسلم "وسنن التيمم سبعة" "التسمية في أوله" كأصله "والترتيب" كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم "والموالاة" لحكاية فعله صلى الله عليه وسلم "وإقبال اليدين بعد وضعهما في التراب" "وإدبارهما" "ونفضهما" اتقاء عن تلويث الوجه والمثلة ولذا لا يتيمم بطين رطب حتى يجففه إلا إذا خاف خروج الوقت وبين الإمام الأعظم لما سأله أبو يوسف عن كيفيته بأن مال على الصعيد فأقبل بيديه وأدبر ثم رفعهما ونفضهما ثم مسح وجهه ثم أعاد كفيه جميعا فأقبل بهما وأدبر ثم رفعهما ونفضهما ثم مسح بكل كف ذراع الأخرى وباطنها إلى المرفقين "وتفريج الأصابع" حالة الضرب مبالغة في التطهير "وندب تأخير التيمم" وعن أبي حنيفة أنه حتم "لمن يرجو" إدراك "الماء" بغلبة الظن "قبل خروج الوقت" المستحب إذ لا فائدة في التأخير سوى الأداء بأكمل الطهارتين كما فعله الإمام الأعظم في

 

ص -54-        ويجب التأخير بالوعد بالماء ولو خاف القضاء ويجب التأخير بالوعد بالثوب أو السقاء ما لم يخف القضاء ويجب طلب الماء الى مقدار أربعمائة خطوة إن طن قربه مع الأمن وإلا فلا ويجب طلبه ممن هو معه إن كان في محل لا تشح به النفوس وإن لم يعطه إلا بثمن مثله لزمه شراؤه به إن كان معه فاضلا عن نفقته يصلي بالتيمم الواحد ما شاء من الفرائض والنوافل وصح تقديمه على الوقت ما يصنع الجريح ولو كان أكثر البدن أو نصفه جريحا تيمم,...................
ــــــــــــــــــــ
صلاة المغرب مخالفا لأستاذه حماد وصوبه فيه وهي أول حادثة خالفه فيها وكان خروجهما لتشييع الأعمش رحمهم الله تعالى "ويجب" أي يلزم "التأخير بالوعد بالماء ولو خاف القضاء" اتفاقا إذا كان الماء موجودا أو قريبا إذ لاشك في جواز التيمم ومنع التأخير لخروج الوقت مع بعده ميلا "ويجب التأخير" عند أبي حنيفة "بالوعد بالثوب" على العاري "أو السقاء"1 كحبل أو دلو "ما لم يخف القضاء" فإن خافه تيمم لعجزه وللمنة بهما وقالا يجب التأخير ولو خاف القضاء كالوعد بالماء لظهور القدرة بوفاء الوعد ظاهرا "ويجب طلب الماء" غلوة بنفسه أو رسوله وهي ثلاثمائة خطوة "إلى مقدار أربعمائة خطوة" من جانب ظنه "إلا ظن قربه" برؤية طير أو خضرة أو خير "مع الأمن وإلا" بأن لم يظن أو خاف عدوا "فلا" يطلبه "ويجب" أي يلزم "طلبه" أي الماء "ممن هو معه" لأنه مبذول عادة فلا ذل في طلبه "إن كان في محل لا تشح2 به النفوس وإن لم يعطه إلا بثمن مثله لزمه شراؤه به" وبزيادة يسيرة لا بغبن فاحش وهو لا يدخل تحت تقويم المقومين وقيل شطر القيمة "إن كان" الثمن "معه" وكان "فاضلا عن نفقته3" وأجرة حمله فهذه شروط ثلاثة للزوم الشراء لو طلب الغبن الفاحش أو طلب ثمن المثل وليس معه فلا يستدين الماء أو احتاجه لنفقته "و" يجوز أن "يصلي بالتيمم الواحد ما شاء من الفرائض" كالوضوء للأمر به ولقوله صلى الله عليه وسلم:
"التراب طهور المسلم ولو إلى عشر حجج ما لم يجد الماء". والأولى إعادته لكل فرض خروجا من خلاف الشافعي "و" يصلي بالتيمم الواحد ما شاء من "النوافل" اتفاقا "وصح تقديمه على الوقت" لأنه شرط فيسبق المشروط والإرادة سبب وقد حصلت "ولو كان أكثر البدن" جريحا تيمم والكثرة تعتبر من حيث عدد الأعضاء في المختار فإذا كان بالرأس والوجه واليدين جراحة ولو قلت وليس بالرجلين جراحة تيمم ومنهم من اعتبرها في نفس كل عضو فإن كان أكثر كل عضو منها جريحا" تيمم وإلا فلا "أو" كان "نصفه" أي البدن "جريحا" تيمم في الأصح ولو جنبا لأن أحدا لم يقل بغسل ما بين كل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الكلام فيمن أراد الوضوء لا الشرب بدليل قوله: "مالم يخف القضاء" وما في [المفتاح] سهو.
2 تشح: تبخل.
3 فاضلا: زائدا.

 

ص -55-        وإن كان أكثره صحيحا غسله ومسح الجريج ولا يجمع بين الغسل والتيمم وينقضه ناقض الوضوء والقدرة على استعمال الماء الكافي مقطوع اليدين والرجلين ومقطوع اليدين والرجلين إذا كان بوجهه جراحة يصلي بغير طهارة ولا يعيد.
ــــــــــــــــــــ
جدرتين "وإن كان أكثره صحيحا غسله" أي الصحيح "ومسح" الجريح" بمروره على الجسد وإن لم يستطع فعلى خرقة وإن ضره تركه وإذا كان الجراحة قليلة ببطنه أو ظهره ويضره الماء صار كغال الجراحة حكما للضرورة "ولا" يصح أن "يجمع بين الغسل والتيمم" إذ لا نظير له في الشرع للجمع بين البدل والمبدل والجمع بين التيمم وسؤر الحمار لإداء الفرض بأحدهما لا بهما كما لا يجتمع قطع وضمان وحد مهر ووصية وميراث إلى غير ذلك من المعدودات هنا.
"مهمة" نظمها ابن الشحنة بقوله:

ويسقط مسح الرأس عمن برأسه                      من الداء ما إن بله يتضرر

وبه أفتى قاضي الهداية. قلت: وكذا يسقط غسله في الجنابة والحيض والنفاس للمساواة في العذر "وينقضه" أي التيمم "ناقض الوضوء" لأن ناقض الأصل ناقض لخلفه وينقضه زوال العذر المبيح له كذهاب العدو والمرض والبرد ووجود الآلة وقد شمل هذا قوله "و" ينقضه "القدرة على استعمال الماء الكافي" ولو مرة فلو ثلث الغسل وفني الماء قبل إكمال الوضوء بطل تيممه في المختار لانتهاء طهورية التراب بالحديث "ومقطوع اليدين والرجلين إذا كان بوجهه جراحة يصلي بغير طهارة ولا يعيد" وهو الأصح وقال بعضهم سقطت عنه الصلاة ويمسح وجهه وذراعيه بالأرض ولا يترك الصلاة ويمسح الأقطع ما بقي من الفروض كغسله ويسقطان بتجاوز القطع محل الفرض.

باب المسح على الخفين
صح المسح على الخفين في الحدث الأصغر, .................
ــــــــــــــــــــ
باب المسح على الخفين
ثبت بالسنة قولا وفعلا والخف الساتر للكعبين مأخوذ من الخفة لأن الحكم به أخف من الغسل إلى المسح وسببه لبس الخف وشرطه كونه ساترا محل الفرض صالحا للمسح مع بقاء المدة وحكمه حل الصلاة في مدته وركنه مسح القدر المفروض وصفته أنه شرع رخصة وكيفيته الابتداء من أصابع القدم خطوطا بأصابع اليد إلى الساق "صح" أي جاز "المسح على الخفين في" الطهارة من "الحدث الأصغر"1 لما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الحدث الأصغر: ما يوجب الوضوء. والأكبر ما يوجب الغسل.

 

ص -56-        للرجال والنساء ولو كانا من شيء ثخين غير الجلد سواء كان لهما نعل من جلد او لا
ويشترط لجواز المسح على الخفين سبعة شروط الأول لبسهما بعد غسل الرجلين ولو قبل كمال الوضوء إذا أتمه قبل حصول ناقض للوضوء والثاني سترهما للكعبين والثالث إمكان متابعة المشي فيهما فلا يجوز على خف من زجاج أو خشب أو حديد والرابع خلو كل منهما عن خرق قدر ثلاث أصابع من أصغر أصابع القدم, ........................
ــــــــــــــــــــ
ورد فيه من الأخبار1 المستفيضة فيخشى على منكره الكفر وإذا اعتقد جوازه وتكلف قلعه يثاب بالعزيمة لأن الغسل أشق والمسافر إذا تيمم لجنابة قم أحدث حدثا أصغر ووجد ماء كافيا لأعضاء الوضوء يلزمه قلع الخف وغسل رجليه ولا يصح له مسحه للجنابة "للرجال والنساء" سفرا أو حضرا لحاجة وبدونها لإطلاق النص الشامل للنساء "ولو كانا" أي الخفان متخذين "من شيء ثخين غير الجلد" كلبد وجوخ وكرباس يستمسك على الساق من غير شد لا يشف الماء وهو قولهما وإليه رجع الإمام وعليه الفتوى لأنه في معنى المتخذ من الجلد "وسواء كان لهما نعل من جلد" ويقال له جورب منعل بوضع الجلد أسفله كالنعل للقدم وإذا جعل أعلاه وأسفله يقال له مجلد "أولا" جلد بهما أصلا وهو الثخين "ويشترط لجواز المسح على الخفين سبعة شرائط: الأول" منها "لبسهما بعد غسل الرجلين ولو حكما" كجبيرة بالرجلين أو بإحداهما مسحها ولبس الخف بمسح خفه لأن مسح الجبيرة كالغسل "ولو" كان اللبس "قبل كمال الوضوء إذا أتمه" أي الوضوء "قبل حصول ناقض للوضوء" لوجود الشرط والخف مانع سراية الحدث لا رافع وإذا توضأ المعذور ولبس مع انقطاع عذره فمدته مثل غير المعذور وإلا تقيد بوقته فلا يمسح خفه بعده "و" الشرط "الثاني سترهما" أي الخفين "الكعبين" من الجوانب فلا يضر نظر الكعبين من أعلى خف قصير الساق والذي لا يغطي الكعبين إذا خيط به ثخين كجوخ يصح المسح عليه "و" الشرط "الثالث إمكان متابعة المشي فيهما" أي الخفين فتنعدم الرخصة لانعدام شرطها وهو متابعة المشي "فلا يجوز" المسح "على خف" صنع "من زجاج أو خشب أو حديد" لما قلنا "و" الشرط "الرابع خلو كل منهما" أي الخفين "عن خرق قدر ثلاث أصابع من أصغر أصابع القدم" لأنه محل المشي واختلف في اعتبارها مضمومة أو مفرجة فإذا انكشفت الأصابع اعتبر ذاتها فلا يضر كشف الإبهام مع جاره وإن بلغ قدر ثلاث هي أصغرها على الأصح

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 روى المسح أكثر من ثمانين صحابيا منهم: العشرة المبشرون بالجنة. وقال بعض الحفاظ: خبر المسح على الخفين متواتر كما في [فتح الباري].

 

ص -57-        والخامس استمساكهما على الرجلين من غير شد والسادس منعهما وصول الماء الى الجسد والسابع أن يبقى من مقدم القدم قدر ثلاث أصابع من أصغر أصابع اليد فلو كان فاقدا مقدم قدمه لا يمسح على خفه ولو كان عقب القدم موجودا ويمسح المقيم يوما وليلة والمسافر ثلاثة أيام بلياليها وابتداء المدة من وقت الحدث بعد لبس الخفين وإن مسح مقيم ثم سافر قبل تمام مدته أتم مدة المسافر وإن أقام المسافر بعد ما مسح يوما وليلة نزع وإلا يتم يوما وليلة وفرض المسح قدر ثلاث أصابع من أصغر أصابع اليد على ظاهر مقدم كل رجل وسسنه مد الأصابع مفرجة من رؤوس أصابع........................
ــــــــــــــــــــ
والخرق طولا يدخل فيه ثلاث أصابع ولا يرى شيء من القدم عند المشي لصلابته لا يمنع ولا يضم ما دون ثلاثة من رجل لمثله من الأخرى وأقل خرق يجمع هو ما يدخل فيه مسلة ولا يعتبر ما دونه "و" الشرط "الخامس استمساكهما على الرجلين من غير شد"1 لثخانته إذ الرقيق لا يصلح لقطع المسافة "و" الشرط "السادس منعهما وصول الماء إلى الجسد" فلا يشفان الماء "و" الشرط "السابع أن يبقى" بكل رجل "من مقدم القدم قدر ثلاث أصابع من أصابع اليد" ليوجد المقدار المفروض من محل المسح فإذا قطعت رجل فوق الكعب جاز مسح خف الباقية وإن بقي من دون الكعب أقل من ثلاث أصابع لا يمسح لافتراض غسل الباقي وهو لا يجمع مع مسح خف الصحيحة "فلو كان فاقدا مقدم قدمه لا يمسح على خفه ولو كان عقب القدم موجودا" لأنه ليس محلا لفرض المسح ويفترض غسله "ويمسح المقيم يوما وليلة و" يمسح "المسافر ثلاثة أيام بلياليها" كما روى التوقيت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "وابتداء المدة" للمقيم والمسافر "من وقت الحدث" الحاصل "بعد لبس الخفين" على طهر هو الصحيح لأنه ابتداء منع الخف سراية الحدث وما قبله طهارة غسل وقيل من وقت اللبس وقيل من وقت المسح "وإن مسح مقيم ثم سافر قبل تمام مدته أتم مدة المسافر" لأن العبرة لآخر الوقت كالصلاة "وإن أقام المسافر بعد ما مسح يوما وليلة نزع" خفيه لأن رخصة السفر لا تبقى بدونه "وإلا" بأن مسح دون يوم وليلة "يتم يوما وليلة" لأنهما مدة المقيم "وفرض المسح قدر ثلاث أصابع من أصغر أصابع اليد" هو الأصح لأنها آلة المسح والثلاث أكثرها وبه وردت السنة فإن ابتل قدرها ولو بخرقة أو صب جاز والأصبع يذكر ويؤنث ومحل المسح "على ظاهر مقدم كل رجل" مرة واحدة فلا يصح على باطن القدم ولا عقبه وجوانبه وساقه ولا يسن تكراره "وسننه مد الأصابع مفرجة" يبدأ "من رؤوس أصابع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 شد: ربط.

 

ص -58-        القدم الى الساق. وينقض مسح الخف أربعة أشياء كل شيء ينقض الوضوء ونزع خف ولو بخروج أكثر القدم الى ساق الخف وإصابة الماء أكثر إحدى القدمين في الخف على الصحيح ومضي المدة إن لم يخف ذهاب رجله من البرد وبعد الثلاثة الأخيرة غسل رجليه فقط ولا يجوز المسح على عمامة وقلنسوة وبرقع وقفازين.
ــــــــــــــــــــ
القدم إلى الساق" لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل يتوضأ وهو يغسل خفية فنخسه بيده وقال: "إنما أمرنا بالمسح هكذا" وأراه من مقدم الخفين إلى أصل الساق مرة وفرج بين أصابعه فإن بدأ بالساق أو مسح عرضا صح وخالف السنة "وينقض مسح الخف" أحد "أربعة أشياء" أولها "كل شيء ينقض الوضوء" لأنه بدل فينقضه ناقض الأصل وقد علمته "و" الثاني "نزع خف" لسراية الحدث السابق إلى القدم وهو الناقض في الحقيقة وإضافة النقض إلى النزع مجاز وبنزع خف يلزم قلع الآخر لسراية الحدث ولزوم غسلهما "ولو" كان النزع "بخروج أكثر القدم إلى ساق الخف" غب الصحيح لمفارقة محل المسح مكانه وللأكثر حكم الكل في الصحيح "و" الثالث "إصابة الماء أكثر إحدى القدمين في الخف على الصحيح" كما لو ابتل جميع القدم فيجب قلع الخف وغسلهما تحرزا عن الجمع بين الغسل والمسح ولو تكلف فغسل رجليه على غير نزع الخف أجزأه عن الغسل فلا تبطل طهارته بانقضاء المدة "و" الرابع "مضي المدة" للمقيم والمسافر وإضافة النقض مجاز هنا والناقض حقيقة الحدث السابق بظهوره الآن فإن تمت وهو في الصلاة بطلت ويتمم لفقد الماء "إن لم يخف ذهاب رجله" أو بعضها أو عطبها "من البرد" فيجوز له المسح حتى يأمن وظاهر المتون بقاء صفة المسح وفي معراج الدراية يستوعبه بالمسح كالجبائر "وبعد الثلاثة الأخيرة" وهي نزع الخف وابتلال أكثر القدم ومضي المدة "غسل رجليه فقط" وليس عليه إعادة بقية الوضوء إذا كان متوضئا لحلول الحدث السابق بقدميه "ولا يجوز" أي لا يصح "المسح على عمامة1 وقلنسوة وبرفع قفازين" لأن المسح ثبت بخلاف القياس فلا يلحق به غيره والقفاز بالضم والتشديد يعمل لليدين محشوا بقطن له أزرار يزر على الساعدين من البرد تلبسه النساء وتتخذه الصياد من جلد اتقاء مخالب الصقر والقلنسوة بفتح القاف وضم السين المهملة مكان المجوزة والبرقع بضم الباء الموحدة وسكون الراء المهملة وضم القاف وفتحها: خرقة تثقب للعينين تلبسها الدواب ونساء الأعراب2 على وجوههن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إذا لم ينفذ البلل من العمامة إلى القدر المفروض من الرأس.
2 الأولى: تستر به المرأة وجهها لأنه لا يخص نساء الأعراب. اهـ طحطاوي.

 

ص -59-        فصل في الجبيرة ونحوها
إذا افتصد أو جرح أو كسر عضوه فشده بخرقة أو جبيرة وكان لا يستطيع غسل العضو ولا يستطيع مسحه وجب المسح على أكثر ما شد به العضو وكفى المسح على ما ظهر من الجسد بين عصابة المفتصد والمسح كالغسل فلا يتوقت بمدة ولا يشترط شد الجبيرة على طهر ويجوز مسح جبيرة احدى الرجلين مع غسل الأخرى ولا يبطل المسح بسقوطها قبل البرء ويجوز تبديلها بغيرها ولا يجب إعادة المسح عليها والأفضل إعادته وإذا رمد وأمر أن لا يغسل عينه أو انكسر ظفره وجعل...............
ــــــــــــــــــــ
فصل في الجبيرة ونحوها
1
"إذا افتصد أو جرح أو كسر عضوه فشده بخرقة أو جبيرة" هي عيدان من جريد تلف بورق وتربط على العضو المنكسر "وكان لا يستطيع غسل العضو" بماء بارد ولا حار وقيل لا يجب استعمال الحار "ولا يستطيع مسحه وجب المسح" على الصحيح مرة واحدة في الصحيح وقيل يكرر إلا في الرأس واستحبابه رواية وقيل فرض لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسح على عصابته ولما كسر زند علي رضي الله تعالى عنه يوم أحد أو يوم خيبر أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يمسح على الجبائر ويمسح "على أكثر ما شد به العضو" هو الصحيح لئلا يؤدي إلى فساد الجراحة بالاستيعاب "وكفى المسح على ما ظهر من الجسد بين عصابة المفتصد" ونحوه إن ضره حلها تبعا للضرورة لئلا يسري الماء فيضر الجراحة وإن لم يضر الحل حلها وغسل الصحيح ومسح الجريح وإن ضره المسح تركه "والمسح" على الجبيرة ونحوها "كالغسل" لما تحتها ولبس بدلا بخلاف الخف لأنه بدل محض "فلا يتوقت" مسح الجبيرة "بمدة" لكونه أصلا "ولا يشترط" لصحة المسح "شد الجبيرة" ونحوها "على طهر" دفعا للحرج "ويجوز مسح جبيرة إحدى الرجلين مع غسل الأخرى" لكونه أصلا "ولا يبطل المسح بسقوطها قبل البرء" لقيام العذر والجنابة والحدث سواء فيها ويجوز مسح العصابة العليا بعد مسح السفلى ولا يمسح السفلى بعد نزع العليا ولا يبطل مسحها بابتلال ما تحتها بخلاف الخف "ويجوز تبديلها بغيرها" بعد مسحها "ولا يجب إعادة المسح عليها" أي الموضوعة بدلا "والأفضل إعادته" على الثانية لشبهة البدلية "وإذا رمد وأمر" أي أمره طبيب مسلم حاذق "أن لا يغسل عينه" أو غلب على ظنه ضرر الغسل تركه "أو انكسر ظفره" أو حصل به داء "وجعل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 نحوها: كخرقة الجراحة.

 

ص -60-        عليه دواء أو علكا أو جلدة مرارة وضره نزعه جاز له المسح وإن ضره المسح تركه
ولا يفتقر الى النية في مسح الخف والجبيرة والرأس .
ــــــــــــــــــــ
عليه دواء أو علكا"1 لمنع ضرر الماء ونحوه "أو" جعل عليه "جلدة مرارة" ونحوها "وضره نزعه جاز له المسح" للضرورة "وإن ضره المسح تركه" لأن الضرورة تقدر بقدرها "ولا يفتقر إلى النية في مسح الخف" في الأظهر وقيل تشترط فيه كالتيمم للبدلية "و" مسح "الجبيرة و" مسح "الرأس" فهي سواء في عدم اشتراط النية لأنه طهارة بالماء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 العلك: ما يمضغ, اللبان.

باب الحيض والنفاس والاستحاضة
يخرج من الفرج حيض ونفاس واستحاضة الحيض فالحيض دم ينفضه رحم بالغة لا داء بها ولا حبل ولم تبلغ سن الإياس وأقل الحيض ثلاثة أيام وأوسطه خمسة وأكثره عشرة والنفاس هو الدم الخارج عقب الولادة,................
ــــــــــــــــــــ
باب الحيض والنفاس والاستحاضة
"يخرج من الفرج" أي بالمرور منه ثلاثة دماء "حيض ونفاس" ومقرهما الرحم "واستحاضة" وفسرها بقوله "فالحيض" من غوامض الأبواب وأعظم المهمات لأحكام كثيرة كالطلاق والعتاق والاستبراء والعدة والنسب وحل الوطء والصلاة والصوم وقراءة القرآن ومسه والاعتكاف ودخول المسجد وطواف الحج والبلوغ وحقيقته "دم ينفضه" أي يدفعه بقوة "رحم" وهو محل تربية الولد من نطفة "بالغة" تسع سنين "لا داء بها" يقتضي خروج دم بسببه "ولا حبل" لأن الله تعالى أجرى عادته بانسداد فم الرحم بالحبل فلا يخرج منه شيء حتى يخرج الولد أو أكثره "ولم تبلغ سن الإياس" وهو خمس وخمسون ستة على المفتى به وهذا تعريفه شرعا وأما لغة فأصله السيلان يقال حاض الوادي إذا سال "وأقل الحيض ثلاثة أيام" بلياليها وهذه شروطه وركنه بروز الدم المخصوص وصفته دم إلى السواد أقرب لذاع كريه الرائحة "وأوسطه خمسة" أيام "وأكثره عشرة" بلياليها1 للنص في عدده وقيل خمسة عشر يوما وليس الشرط دوامه فانقطاعه في مدته كنزوله "والنفاس" لغة مصدر نفست المرأة بضم النون وفتحها إذا ولدت فهي نفساء وشرعا "هو الدم" الخارج من الفرج "عقب الولادة" أو خروج أكثر الولد ولو سقطا استبان بعض خلقه فإن نزل مستقيما فالعبرة بصدره وإن نزل منكوسا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لا يشترط أن يستغرق نزول الدم المدة بل يكفي وجوده أولها وآخرها ولو تخلل الطهر بينهما ويجعل الكل حيضا.

 

ص -61-        وأكثره أربعون يوما ولا حد لأقله والاستحاضة دم نقص عن ثلاثة أيام أو زاد على عشرة في الحيض وعلى أربعين في الفناس وأقل الطهر الفاصل بين الحيضتين خمسة عشر يوما ولا حد لأكثره إلا لمن بلغت مستحاضة ويحرم بالحيض والنفاس ثمانية أشياء الصلاة والصوم وقراءة آية من القرآن ومسها إلا بغلاف
ــــــــــــــــــــ
برجليه فالعبرة بسرته فما بعده نفاس وتنقضي بوضعه العدة وتصير أم ولد ويحنث في يمينه بولادته ولكن لا يرث ولا يصلى عليه إلا إذا خرج أكثره حيا وإذا لم تر دما بعده لا تكون نفساء في الصحيح ولا يلزمها إلا الوضوء عندهما وقدمنا لزوم غسلها احتياطا عند الإمام "وأكثره" أي النفاس "أربعون يوما" لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت للنفساء أربعين يوما إلا أن ترى الطهر قبل ذلك "ولا حد لأقله" أي النفاس إذ لا حاجة إلى أمارة زائدة على الولادة ولا دليل للحيض سوى امتداده ثلاثة أيام "والاستحاضة دم نقص عن ثلاثة أيام أو زاد على عشرة أيام في الحيض" لما رويناه "و" دم زاد "على أربعين في النفاس" أو زاد على عادتها وتجاوز أكثر الحيض والنفاس لما قدمناه "وأقل الطهر الفاصل بين الحيضتين خمسة عشر يوما" لقوله صلى الله عليه وسلم: "أقل الحيض ثلاثة وأكثره عشرة وأقل ما بين الحيضتين خمسة عشر يوما ""ولا حد لأكثره" لأنه قد يمتد أكثر من سنة "إلا لمن بلغت مستحاضة" فيقدر حيضها بعشرة1 وطهرها بخمسة عشر يوما ونفاسها بأربعين وأما إذا كان لها عادة وتجاوز عادتها حتى زاد على أكثر الحيض والنفاس فإنها تبقى على عادتها والزائد استحاضة وأما إذا نسيت عادتها فهي المحيرة "ويحرم بالحيض والنفاس ثمانية أشياء: " "الصلاة والصوم" ولا يصحان لفوت شرط الصحة "و" يحرم "قراءة آية من القرآن" إلا بقصد الذكر إذا اشتملت عليه لا على حكم أو خبر وقال الهندواني لا أفتي بجوازه على قصد الذكر وإن روي عن أبي حنيفة. واختلف التصحيح فيما دون الآية وإطلاق المنع هو المختار لقوله صلى الله عليه وسلم لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن والنفساء كالحائض "و" يحرم "مسها" أي الآية لقوله تعالى
{لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة:79] سواء كتب على قرطاس أو درهم أو حائط "إلا بغلاف" متجاف عن القرآن والحائل كالخريطة في الصحيح ويكره بالكم تحريما لتبعيته للابس ويرخص لأهل كتب الشريعة أخذها بالكم وباليد للضرورة إلا التفسير فإنه يجب الوضوء لمسه.
والمستحب أن لا يأخذها إلا بوضوء ويجوز تقليب أوراق المصحف بنحو قلم للقراءة وأمر الصبي بحمله ورفعه لضرورة التعلم ولا يجوز لف شيء في كاغد كتب عليه فقه أو اسم الله تعالى أو النبي صلى الله عليه وسلم ونهي عن محو اسم الله تعالى بالبزاق ومثله النبي تعظيما ويستر المصحف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يقدر حيضها بعشرة من أول ما رأت سواء رأت الدم في أول الشهر أو في وسطه أو في آخره.

 

ص -62-        ودخول مسجد والطواف والجماع والاستمتاع بما تحت السرة الى تحت الركبة.
وإذا انقطع الدم لأكثر الحيض والنفاس حل الوطء بلا غسل ولا يحل إن انقطع لدونه لتمام عادتها إلا أن تغتسل أو تتيمم وتصلي أو تصير الصلاة دينا في ذمتها وذلك بأن تجد بعد الانقاطع من الوقت الذي انقطع الدم فيه زمنا يسع الغسل والتحريمة فما فوقهما ولم تغتسل ولم تتيمم حتى خرج الوقت, .........................
ــــــــــــــــــــ
لوطء زوجته استحياء وتعظيما ولا يرمي براية قلم ولا حشيش المسجد في محل ممتهن.
"و" يحرم بالحيض والنفاس "دخول مسجد" لقوله صلى الله عليه وسلم:
"لا أحل المسجد لجنب ولا حائض" وحكم النفساء كالحائض "و" يحرم بهما "الطواف" بالكعبة وإن صح لأن الطهارة فيه شرط كمال وتحل به من الإحرام ويلزمها بدنة في طواف الركن وعلى المحدث شاة إلا أن يعاد على الطهارة لشرف البيت ولأن الطواف به مثل الصلاة كما وردت به السنة "و" يحرم بالحيض والنفاس "الجماع والاستمتاع بما تحت السرة إلى تحت الركبة" لقوله تعالى {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: من الآية222] وقوله صلى الله عليه وسلم: "لك ما فوق الإزار" فإن وطئها غير مستحل له يستحب أن يتصدق بدينار أو نصفه ويتوب ولا يعود وجزم في المبسوط وغيره بكفر مستحله وصحح في الخلاصة عدم كفره لأنه حرام لغيره وحرمة وطء النفساء مصرح به ولم أر الحكم في تكفيره وعدمه
"وإذا انقطع الدم لأكثر الحيض والنفاس حل الوطء بلا غسل" لقوله تعالى
{وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} بتخفيف الطاء فإنه جعل الطهر غاية للحرمة ويستحب أن لا يطأها حتى تغتسل لقراءة التشديد خروجا من الخلاف والنفاس كالحيض "ولا يحل" الوطء "إن انقطع" الحيض والنفاس عن المسلمة "لدونه" أي دون الأكثر ولو "لتمام عادتها" إلا بأحد ثلاثة أشياء: إما "أن تغتسل" لأن زمان الغسل في الأقل محسوب من الحيض وبالغسل خلصت منه وإذا انقطع لدون عادتها لا يقربها حتى تمضي عادتها لأن عوده فيها غالب فلا أثر لغسلها قبل تمام عادتها أو تتيمم" لعذر "وتصلي" على الأصح ليتأكد التيمم لصلاة ولو نفلا بخلاف الغسل فإنه لا يحتاج لمؤكد. والثالث ذكره بقوله "أو تصير الصلاة دينا في ذمتها وذلك بأن تجد بعد الانقطاع" لتمام عادتها "من الوقت الذي انقطع الدم فيه زمنا يسع الغسل والتحريمة فما فوقهما و" لكن "لم تغتسل" فيه "لم تتيمم حتى خرج الوقت" فبمجرد خروجه يحل وطؤها لترتيب صلاة ذلك الوقت في ذمتها وهو حكم من أحكام الطهارات. فإن كان الوقت يسيرا لا يسع الغسل والتحريمة لا يحكم بطهارتها بخروجه مجردا عن الطهارة بالماء أو التيمم حتى لا تلزمها العشاء ولا يصح صوم اليوم كأنها أصبحت وبها الحيض. قيدنا بالمسلمة لأن الكتابية يحل وطؤها بنفس

 

ص -63-        وتقضي الحائض والنفساء الصوم دون الصلاة ويحرم بالجنابة خمسة أشياء الصلاة وقراءة آية من القرآن ومسها إلا بغلاف ودخول مسجد والطواف ويحرم على المحدث ثلاثة أشياء الصلاة والطواف ومس المصحف إلا بغلاف ودم الاستحافة كرعاف دائم لا يمنع صلاة ولا صوما ولا وطأ وتتوضأ المستحاضة ومن به عذر كسلس بول واستطلاق بطن لوقت كل فرض ويصلون به ما شاءوا من الفرائض والنوافل ويبطل وضوء المعذورين بخروج الوقت فقط
ــــــــــــــــــــ
انقطاع دمها لتمام عادتها قبل العشرة لعدم خطابها بالغسل وإنما اشترطنا المؤكد للانقطاع لدون الأكثر توفيقا بين القراءتين "وتقضي الحائض والنفساء الصوم دون الصلاة" لحديث عائشة رضي الله عنها كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة وعليه الإجماع "ويحرم بالجنابة خمسة أشياء الصلاة" للأمر بالطهارة في الآية "وقراءة آية من القرآن" لنهيه عنه صلى الله عليه وسلم "ومسها إلا بغلاف" للنهي عنه بالنص "ودخول مسجد والطواف" للنص المتقدم "ويحرم على المحدث1 ثلاثة أشياء الصلاة والطواف" لما تقدم "ومس المصحف" القرآن ولو آية "إلا بغلاف" للنهي عنه في الآية "ودم الاستحاضة" وهو دم عرق انفجر ليس من الرحم وعلامته أن لا رائحة له وحكمه "كرعاف2 دائم لا يمنع صلاة" أي لا يسقط الخطاب بها ولا يمنع صحتها إذا استمر نازلا وقتا كاملا كما سنذكره "ولا" يمنع أداؤها "صوما" فرضا أو نفلا "ولا" يحرم "وطأ" لأنه ليس أذى وطهارة ذوي الأعذار ضرورية بينها بقوله "وتتوضأ المستحاضة" وهي ذات دم نقص عن أقل الحيض أو زاد على أكثره أو أكثر النفاس أو زاد على عادتها في أقلهما وتجاوز أكثرهما والحبلى والتي لم تبلغ تسع سنين "ومن به عذر كسلس بول أو استطلاق بطن" وانفلات ريح ورعاف دائم وجرح لا يرقأ ولا يمكن حبسه بحشو من غير مشقة ولا بجلوس ولا بالإيماء في الصلاة فبهذا يتوضؤون "لوقت كل فرض" لا لكل فرض ولا نفل لقوله صلى الله عليه وسلم:
"المستحاضة تتوضأ لوقت كل صلاة" رواه سبط ابن الجوزي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى فسائر ذوي الأعذار في حكم المستحاضة فالدليل يشملهم "ويصلون به" أي بوضوئهم في الوقت "ما شاؤوا من "النوافل" والواجبات كالوتر والعيد وصلاة جنازة وطواف ومس مصحف "ويبطل وضوء المعذورين" إذا لم يطرأ ناقض غير العذر "بخروج الوقت" كطوع الشمس في الفجر عند أبي حنيفة ومحمد "فقط" وعند زفر بدخوله فقط وقال أبو يوسف بهما وإضافة النقض للخروج

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 المحدث حدثا اصغر.
2 الرعاف: دم يسيل من الأنف.

 

ص -64-        ولا يصير معذورا حتى يستوعبه العذر وقتا كاملا ليس فيه انقطاع بقدر الوضوء والصلاة وهذا شرط ثبوته وشرط دوامه وجوده في كل وقت بعد ذلك ولو مرة وشرط انقطاعه وخروج صابحه عن كونه معذورا خلو وقت كامل عنه.
ــــــــــــــــــــ
مجاز وفي الحقيقة ظهور الحدث السابق به فيصلي الظهر بوضوء الضحى والعيد على الصحيح خلافا لأبي يوسف وزفر ولا يصلي العيد بوضوء الصبح خلافا لزفر "ولا يصير" من ابتلي بناقض "معذورا حتى يستوعبه العذر وقتا كاملا ليس فيه انقطاع" اعذره "بقدر الوضوء والصلاة" فلو وجد لا يكون معذورا "وهذا" الاستيعاب الحقيقي بوجود العذر في جميع الوقت والاستيعاب الحكمي بالانقطاع القليل الذي لا يسع الطهارة والصلاة "شرط ثبوته" أي العذر "وشرط دوامه" أي العذر "وجوده" أي العذر "في كل وقت بعد ذلك" الاستيعاب الحقيقي أو الحكمي "ولو" كان وجوده "مرة" واحدة ليعلم بها بقاؤه "وشرط انقطاعه وخروج صاحبه عن كونه معذورا خلو وقت كامل عنه" بانقطاعه حقيقة فهذه الثلاث شروط الثبوت والدوام والانقطاع نسأل الله العفو والعافية بمنه وكرمه.

باب الانجاس والطهارة عنها
تنقسم النجاسة الى قسمين غليظة وخفيفة فالغليظة كالخمر, ........................
ــــــــــــــــــــ
باب الأنجاس والطهارة منها
لما فرغ من بيان النجاسة الحكمية والطهارة عنها شرع في بيان الحقيقية ومزيلها وتقسيمها ومقدار المعفو منها وكيفية تطهير محلها وقدمت الأولى لبقاء المنع عن المشروط بزوالها ببقاء بعض المحل وإن قل من غير إصابة مزيلها بخلاف الثانية فإن قليلها عفو بل الكثير للضرورة والأنجاس جمع نجس بفتحتين اسم لعين مستقذرة شرعا وأصله مصدر ثم استعمل اسما في قوله تعالى:
{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: من الآية28] ويطلق على الحكمي والحقيقي ويختص الخبيث بالحقيقي ويختص الحدث بالحكمي. فالنجس بالفتح اسم ولا تلحقه التاء وبالكسر صفة وتلحقه التاء. والتطهير إما إثبات الطهارة بالمحل أو إزالة النجاسة عنه ويفترض فيما لا يعفى منها وقد ورد أن أول شيء يسأل عنه العبد في قبره الطهارة وأن عامة عذاب القبر من عدم الاعتناء بشأنها والتحرز عن النجاسة خصوصا البول.
وقد شرع في بيان حقيقتها فقال "تنقسم النجاسة" الحقيقية "إلى قسمين" أحدهما نجاسة "غليظة" باعتبار قلة المعفو عنه منها لا في كيفية تطهيرها لأنه لا يختلف بالغلظة والخفة "و" القسم الثاني نجاسة "خفيفة" باعتبار كثرة المعفو عنه منها بما ليس في المغلظة لا في تطهيرها وإصابة الماء والمائعات لأنه لا يختلف تنجيسها بهما "فالغليظة كالخمر" وهي التي من ماء العنب إذا غلى واشتد وقذف بالزبد وكانت غليظة

 

ص -65-        والدم المسفوح ولحم الميتة وإهابها وبول ما لا يؤكل لحمه ونجو الكلب ورجيع السباع ولعابها وخرء الدجاج والبط والإوز وما ينقض الوضوء بخروجه من بدن الإنسان وأما الخفيفة فكبول الفرس وكذا بول ما يؤكل لحمه وخرء طير لا يؤكل وعفي عن قدر الدرهم من المغلظة
ــــــــــــــــــــ
لعدم معارضة نص بنجاستها كالدم المسفوح عند الإمام والخفيفة لثبوت المعارض كقوله صلى الله عليه وسلم:
"استنزهوا من البول" مع خبر العرنيين الدال على طهارة بول الإبل "والدم المسفوح" للآية الشريفة " {أَوْ دَماً مَسْفُوحاً} [الأنعام: من الآية145] " لا الباقي في اللحم المهزول والسمين والباقي في عروق المذكي ودم الكبد والطحال والقلب وما لا ينقض الوضوء في الصحيح ودم البق والبراغيث والقمل وإن كثر ودم السمك في الصحيح ودم الشهيد في حقه "ولحم الميتة" ذات الدم لا السمك والجراد وما لا نفس له سائلة "وإهابها" أي جلد الميتة قبل دبغه "وبول ما لا يؤكل لحمه" كالآدمي ولو رضيعا والذئب وبول الفأرة ينجس الماء لإمكان الاحتراز عنه لأنه يخمر ويعفى عن القليل منه ومن خرئها في الطعام والثياب للضرورة "ونجو الكلب" بالجيم رجيعه "ورجيع1 السباع" من البهائم كالفهد والسبع والخنزير "ولعابها" أي سباع البهائم لتولده من لحم نجس "وخرء الدجاج" بتثليث الدال "والبط والإوز" لنتنه "وما ينقض الوضوء بخروجه من بدن الإنسان" كالدم السائل والمني والمذي والودي والاستحاضة والحيض والنفاس والقيء ملء الفم ونجاستها غليظة بالاتفاق لعدم معارض دليل نجاستها عنده ولعدم مساغ الاجتهاد في طهارتها عندهما "وأما" القسم الثاني وهي النجاسة "الخفيفة فكبول الفرس" على المفتى به لأنه مأكول وإن كره لحمه وعند محمد طاهر "وكذا بول" كل "ما يؤكل لحمه" من النعم الأهلية والوحشية كالغنم والغزال قيد ببولها لأن روث الخيل والبغال والحمير وخثي البقر وبعر الغنم نجاسته مغلظة عند الإمام لعدم تعارض نصين وعندهما خفيفة لاختلاف العلماء وهو الأظهر لعموم البلوى وطهرها محمد آخرا وقال لا يمنع الروث وإن فحش لبلوى الناس بامتلاء الطرق والخانات بها وجرة البعير كسرقينه وهي ما يصعد من جوفه إلى فيه فكذا جرة البقر والغنم. وأما دم السمك ولعاب البغل والحمار فطاهر في ظاهر الرواية وهو الصحيح "و" من الخفيفة "خرء طير لا يؤكل" كالصقر والحدأة في الأصح لعموم الضرورة وفي رواية طاهر وصححه السرخسي ولما بين القسمين بين القدر المعفو عنه فقال "وعفي قدر الدرهم" وزنا في المتجسدة وهو عشرون قيراطا ومساحة في المائعة وهو قدر مقعر الكف داخل مفاصل الأصابع كما وفقه الهندواني وهو الصحيح فذلك عفو "من" النجاسة "المغلظة"

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الرجيع: الروث والعذرة. اهـ مصباح.

 

ص -66-        وما دون ربع الثوب أو البدن من الخفيفة وعفي عن رشاش بول كرؤوس الإبر ولو ابتل فراش أو تراب نجسان من عرق نائم أو بلل قدم وظهر أثر النجاسة في البدن والقدم تنجسا وإلا فلا كما لا ينجس ثوب جاف طاهر لف في ثوب نجس رطب لا ينعصر الركب لو عصر ولا ينجس ثوب رطب بنشره على أرض نجسة يابسة فتندت منه ولا بريح هبت...
ــــــــــــــــــــ
فلا يعفى عنها إذا زادت على الدرهم مع القدرة على الإزالة "و" عفي قدر "ما دون ربع الثوب" الكامل "أو البدن" كله على الصحيح من الخفيفة لقيام الربع مقام الكل كمسح ربع الرأس وحلقه وطهارة ربع الساتر وعن الإمام ربع أدنى ثوب تجوز فيه الصلاة كالمئزر1 وقال الإمام البغدادي المشهور بالأقطع هذا هو أصح ما روي فيه لكنه قاصر على الثوب وقيل ربع الموضع المصاب كالذيل والكم قال في التحفة هو الأصح وفي الحقائق وعليه الفتوى وقيل غير ذلك "وعفي رشاش بول" ولو مغلظا "كرؤوس الإبر" ولو محل إدخال الخيط للضرورة وإن امتلأ منه الثوب والبدن ولا يجب غسله لو أصابه ماء كثير وعن أبي يوسف يجب ولو ألقيت نجاسة في ماء فأصابه من وقعها لا ينجسه ما لم يظهر أثر النجاسة ويعفى عما لا يمكن الاحتراز عنه من غسالة الميت ما دام في علاجه لعموم البلوى وبعد اجتماعها تنجس ما أصابته وإذا انبسط الدهن النجس فزاد على القدر المعفو عنه لا يمنع في اختيار المرغيناني وجماعة بالنظر لوقت الإصابة ومختار غيرهم المنع فإن صلى قبل اتساعه صحت وبعده لا وبه أخذ الأكثرون كما في السراج الوهاج ولو مشى في السوق فابتل قدماه من ماء رش فيه لم تجز صلاته لغلبة النجاسة فيه وقيل تجزيه وردغة الطين والوحل الذي فيه نجاسة عفو إلا إذا علم عين النجاسة للضرورة "ولو ابتل فراش أو تراب نجسا" وكان ابتلالهما "من عرق نائم" عليهما "أو" كان من "بلل قدم وظهر أثر النجاسة" وهو طعم أو لون أو ريح "في البدن والقدم تنجسا" لوجودها بالأثر "وإلا" أي وإن لم يظهر أثرها فيهما "فلا" ينجسان "كما لا ينجس ثوب جاف طاهر لف في ثوب نجس رطب لا ينعصر الرطب لو عصر" لعدم انفصال جرم النجاسة إليه.
واختلف المشايخ فيما لو كان الثوب الجاف الطاهر بحيث لو عصر لا يقطر فذكر الحلواني أنه لا ينجس في الأصح وفيه نظر لأن كثيرا من النجاسة يتشربه الجاف ولا يقطر بالعصر كما هو مشاهد عند ابتداء غسله فلا يكون المنفصل إليه مجرد نداوة إلا إذا كان النجس لا يقطر بالعصر فيتعين أن يفتى بخلاف ما صحح الحلواني.
"ولا ينجس ثوب رطب بنشره على أرض نجسة" ببول أو سرقين لكونها "يابسة فتندت" الأرض "منه" أي من الثوب الرطب ولم يظهر أثرها فيه "ولا" ينجس الثوب "بريح هبت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 المئزر: أي الثوب يستر العورة من السرة إلى الركبتين.

 

ص -67-        على نجاسة فأصابت الثوب إلا أن يظهر أثرها فيه ويطهر متنجس بنجاسة مرئية بزوال عينها ولو بمرة على الصحيح ولا يضر بقاء أثر شق زواله وغير المرئية بغسلها ثلاثا والعصر كل مرة,
ــــــــــــــــــــ
على نجاسة فأصابت" الريح "الثوب إلا أن يظهر أثرها" أي النجاسة "فيه" أي الثوب وقيل ينجس إن كان مبلولا لاتصالها به ولو خرج منه ريح ومقعدته مبلولة حكم شمس الأئمة بتنجيسه وغيره بعدمه وتقدم أن الصحيح طهارة الريح الخارجة فلا تنجس الثياب المبتلة
"ويطهر متنجس" سواء كان بدنا أو ثوبا أو آنية "بنجاسة" ولو غليظة "مرئية" كدم "بزوال عينها ولو" كان "بمرة" أي غسلة واحدة "على الصحيح" ولا يشترط التكرار لأن النجاسة فيه باعتبار عينها فتزول بزوالها وعن الفقيه أبي جعفر أنه يغسل مرتين بعد زوال العين إلحاقا لها بغير مرئية غسلت مرة وعن فخر الإسلام ثلاثا بعده كغير مرئية لم تغسل ومسح محل الحجامة بثلاث خرق رطبات نظاف مجزئ عن الغسل لأنه يعمل عمله "ولا يضر بقاء أثر" كلون أو ريح في محلها "شق زواله".
والمشقة أن يحتاج في إزالته لغير الماء أو غير المائع كحوض وصابون لأن الآلة المعدة للتطهير الماء فالثوب المصبوغ بمتنجس يطهر إذا صار الماء صافيا مع بقاء اللون وقيل يغسل بعده ثلاثا ولا يضر أثر دهن متنجس على الأصح بزوال النجاسة المجاورة بخلاف شحم الميتة لأنه عين النجاسة والسمن والدهن المتنجس يطهر بصب الماء عليه ورفعه عن ثلاثا والغسل يصب عليه الماء ويغليه حتى يعود كما كان ثلاثا والفخار الجديد يغسل ثلاثا بانقطاع تقاطره في كل منها وقيل يحرق الجديد ويغسل القديم والأواني الثقيلة تطهر بالمسح والخشب الجديد ينحت والقديم يغسل واللحم المطبوخ بنجس حتى نضج لا يطهر وقيل يغلي ثلاثا بالماء الطاهر ومرقته تصب لا خير فيها وعلى هذا الدجاج المغلي قبل إخراج أمعائها وأما وضعها بقدر انحلال المسام لنتف ريشها فتطهر بالغسل وتمويه الحديد بعد سقيه بالنجس مرات ويتجه مرة لحرقه وقبل التمويه يطهر ظاهرها بالغسل والتمويه يطهر باطنها عند أي يوسف وعليه الفتوى والاستحالة تطهر الأعيان النجسة كالميتة إذا صارت ملحا والعذرة ترابا أو رمادا كما سنذكره والبلة النجسة في التنور بالإحراق ورأس الشاة إذا زال الدم عنه والخمر إذا خللت كما لو تخللت والزيت النجس صابونا.
"و" يطهر محل النجاسة "غير المرئية بغسلها ثلاثا" وجوبا وسبعا مع الترتيب ندبا في نجاسة الكلب خروجا من الخلاف "والعصر كل مرة" تقديرا لغلبة الظن في استخراجها في ظاهر الرواية وفي رواية يكتفي بالعصر مرة وهو أوفق ووضعه في الماء الجاري يغني عن التثليث والعصر كالإناء إذا وضعه فيه فامتلأ وخرج منه طهر إذا غسله في أوان فهي والمياه متفاوتة فالأولى تطهر وما تصيبه بالغسل ثلاثا والثانية باثنتين

 

ص -68-        وتطهر النجاسة عن الثوب والبدن بالماء وبكل مائع مزيل كالخل وماء الورد ويطهر الخف ونحوه بالدلك من نجاسة لها جرم ولو كانت رطبة ويطهر السيف ونحوه بالمسح وإذا ذهب أثر النجاسة عن الأرض وجفت جازت الصلاة عليها دون التيمم منها ويطهر ما بها من شجر و كلأ قائم بخفافه, ..................................
ــــــــــــــــــــ
والثالثة بواحدة وإذا نسي محل النجاسة فغسل طرفا من الثوب بدون تحر حكم بطهارته على المختار ولكن إذا طهرت في محل آخر أعاد الصلاة "وتطهر النجاسة" الحقيقية مرئية كانت أو غير مرئية "عن الثوب والبدن بالماء" المطلق اتفاقا وبالمستعمل على الصحيح لقوة الإزالة به "و" كذا تطهر عن الثوب والبدن في الصحيح "بكل مائع" طاهر على الأصح "مزيل" لوجود إزالتها به فلا تطهر بدهن لعدم خروجه بنفسه ولا باللبن ولو مخيضا في الصحيح وروي عن أبي يوسف لو غسل الدم من الثوب بدهن أو سمن أو زيت حتى ذهب أثره جاز. والمزيل "كالخل وماء الورد" والمستخرج من البقول لقوة إزالته لأجزاء النجاسة المتناهية كالماء بخلاف الحدث لأنه حكمي وخص بالماء بالنص وهو أهون موجود فلا حرج ويطهر الثدي إذا رضعه الولد وقد تنجس بالقيء ثلاث مرات بريقه. وفم شارب الخمر بترديد ريقه وبلعه ولحس الأصبع ثلاثا عن نجاسة وخص التطهير محمد بالماء وهو إحدى الروايتين عن أبي يوسف "ويطهر الخف ونحوه" كالنعل بالماء وبالمائع و "بالدلك" بالأرض أو التراب "من نجاسة لها جرم" ولو مكتسبا من غيرها على الصحيح كتراب أو رماد وضع على الخف قبل جفافه من نجاسة مائعة "ولو كانت" المتجسدة من أصلها أو باكتساب الجرم من غيرها "رطبة" على المختار للفتوى وعليه أكثر المشايخ لقوله صلى الله عليه وسلم:
"إذا وطئ أحدكم الأذى بخفيه فطهورهما التراب" ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء أحدكم المسجد فلينظر في نعليه فإن رأى أو قذر فليمسحهما وليصل فيهما" قيد بالخف احترازا عن الثوب والبساط واحترازا عن البدن إلا في المني لما تقدم
"ويطهر السيف ونحوه" كالمرآة والأواني المدهونة والخشب الخرائطي والآبنوس والظفر "بالمسح" بتراب زخرفة لأنها لا تتداخلها أجزاء النجاسة أو صوف الشاة المذبوحة فلا يبقى بعد المسح إلا القليل وهو غير معتبر ويحصل بالمسح حقيقة التطهير في رواية فإذا قطع بها البطيخ يحل أكله واختاره الإسبيجاني ويحرم على رواية التقليل واختاره القدوري ولا فرق بين الرطب والجاف والبول والعذرة على المختار للفتوى لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يقتلون الكفار بسيوفهم ثم يمسحونها ويصلون معها "وإذا ذهب أثر النجاسة عن الأرض و" قد "جفت" ولو بغير الشمس على الصحيح طهرت و "جازت الصلاة عليها" لقوله صلى الله عليه وسلم:
"أيما أرض جفت فقد زكت" "دون التيمم منها" في الأظهر لاشتراط الطيب نصا وروي جوازه منها "ويطهر ما بها" أي الأرض "من شجر وكلأ" أي عشب "قائم" أي نابت فيها "بجفافه" من النجاسة لا يبسه

 

ص -69-        وتطهر نجاسة استحالت عينها كأن صارت ملحا أو احترقت بالنار ويطهر المني الجاف بفركه عن الثوب والبدن ويطهر الربط بغسله.
ــــــــــــــــــــ
عن رطوبته وذهاب أثرها تبعا للأرض على المختار وقيل لا بد من غسله "وتطهر نجاسة استحالت عينها كأن صارت ملحا" أو ترابا أو أطرونا "أو احترقت بالنار" فتصير رمادا طاهرا على الصحيح لتبدل الحقيقة كالعصير يصير خمرا فينجس ثم يصير خلا فيطهر وبخار الكنيف والإصطبل والحمام إذا قطر لا يكون نجسا استحسانا والمستقطر من النجاسة نجس كالمسمى بالعرقي ؟ ؟ فهو حرام. وبيض ما لا يؤكل قيل نجس كلحمه وقيل طاهر "ويطهر المني الجاف" ولو من امرأة على الصحيح "بفركه من الثوب" ولو جديدا مبطنا "و" عن "البدن" بفركه في ظاهر الرواية إن لم يتنجس بملطخ خارج المخرج كبول "ويطهر" المني "الرطب بغسله" لقوله صلى الله عليه وسلم:
"اغسليه رطبا وافركيه يابسا" فإذا أصابه الماء بعد الفرك فهو ونظائره كالأرض إذا جفت وجلد الميتة المشمس والبئر إذا غارت. وقد اختلف التصحيح والأولى اعتبار الطهارة في الكل كما تفيده المتون وملاقاة الطاهر طاهرا مثله لا توجب التنجيس.

فصل يطهر جلد الميتة ولو فيلا
يطهر جلد الميتة بالدباغة الحقيقية كالقرظ وبالحكمية كالتتريب والتشميس إلا جلد الخنزير والآدمي وتطهر الذكاة الشرعية جلد غير المأكول .................
ــــــــــــــــــــ
فصل: يطهر جلد الميتة ولو فيلا
لأنه كسائر السباع في الأصح لأنه صلى الله عليه وسلم: كان يتمشط بمشط من عاج وهو عظم الفيل ويطهر جلد الكلب لأنه ليس نجس العين في الصحيح "بالدباغة الحقيقية كالقرظ" وهو ورق السلم أو تمر السنط والعفص وقشور الرمان والشب "وب" الدباغة "الحكمية كالتتريب والتشميس" والإلفاء في الهواء فتجوز الصلاة فيه وعليه الوضوء منه لقوله صلى الله عليه وسلم:
"أيما إهاب دبغ فقد طهر" وأراد صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ من سقاء فقيل له إنه ميتة فقال دباغه مزيل خبثه أو نجسه أو رجسه وقال صلى الله عليه وسلم: "استمتعوا بجلود الميتة إذا دبغت" ترابا كان أو رمادا أو ملحا أو ما كان بعد أن يزيل صلاحه "إلا جلد الخنزير" لنجاسة عينة والدباغة لإخراج الرطوبة النجسة من الجلد الطاهر بالأصالة وهذا نجس للعين "و" جلد "الآدمي" لحرمته صونا له لكرامته وإن حكم بطهارته به لا يجوز استعماله كسائر أجزاء الآدمي "وتطهر الذكاة الشرعية" خرج بها ذبح المجوسي شيئا والمحرم صيدا وتارك التسمية عمدا "جلد غير المأكول" سوى الخنزير لعمل الذكاة عمل الدباغة

 

ص -70-        دون لحمه على أصح ما يفتى به وكل شيء لا يسري فيه الدم لا ينجس بالموت كالشعر والريش المجزوز والقرن والحافر والعظم ما لم يكن به دسم والعصب نجس في الصحيح ونافجة المسك طاهرة كالمسك وأكلة حلال والزباد طاهر تصح صلاة متطيب به.
ــــــــــــــــــــ
في إزالة الرطوبات النجسة بل أولى "دون لحمه" فلا يطهر "على أصح ما يفتى به" من التصحيحين المختلفين في طهارة لحم غير المأكول وشحمه بالذكاة الشرعية للاحتياج إلى الجلد "وكل شيء" من أجزاء الحيوان غير الخنزير "لا يسري فيه الدم لا ينجس بالموت" لأن النجاسة باحتباس الدم وهو منعدم فيما هو "كالشعر والريش المجزوز" لأن المنسول جذره نجس "والقرن والحافر والعظم ما لم يكن به" أي العظم "دسم" أي ردك لأنه نجس من الميتة فإذا زال عن العظم زال عنه النجس والعظم في ذاته طاهر لما أخرج الدارقطني إنما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الميتة لحمها فأما الجلد والشعر والصوف فلا بأس به "والعصب نجس في الصحيح" من الرواية لأن فيه حياة بدليل التألم بقطعه وقيل طاهر لأنه عظم غير صلب "ونافجة1 المسك طاهرة" مطلقا ولو كانت تفسد بإسالة الماء كما تقدم في الدباغة الحكمية "كالمسك" للاتفاق على طهارته "وأكله" أي المسك "حلال" ونص على حل أكله لأنه لا يلزم من طهارة الشيء حل أكله كالتراب طاهر لا يحل أكله "والزباد"2 معروف "طاهر تصح صلاة متطيب به" لاستحالته للطيبية كالمسك فأنه بعض دم الغزال وقد اتفق على طهارته وليس إلا بالاستحالة للطيبية والاستحالة مطهرة والله تعالى الموفق بمنه وكرمه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 نافجة المسك: جلدة في الحيوان يجتمع فيها المسك.
2 في القاموس: الزباد الطيب وهو رشح يجتمع تحت ذنبها على المخرج فتمسك الدابة وتمنع الاضطراب, ويسلت ذلك الوسخ المجتمع هناك بليطة أو خرفة.