ملتقى الأبحر

 (كتاب الدَّعْوَى)
هِيَ إِخْبَار بِحَق لَهُ على غَيره وَالْمُدَّعِي من لَا يجْبر على الْخُصُومَة، وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ من

(1/342)


يجْبر، وَلَا تصح الدَّعْوَى إلاَّ بِذكر شَيْء علم جنسه وَقدره، فَإِن كَانَ دينا ذكر أنَّه يُطَالِبهُ بِهِ،

(1/343)


وَإِن كَانَ نقلياً ذكر أَنَّهَا فِي يَد الْمُدعى عَلَيْهِ بِغَيْر حق، وأنَّه يُطَالِبهُ بهَا وَلَا بُد من إحضارها إِن أمكن ليشار إِلَيْهَا عِنْد الدَّعْوَى وَالشَّهَادَة أَو الْحلف، وَإِن تعذر يذكر قيمتهَا، وَفِي

(1/345)


الْعقار لَا يحْتَاج إِلَى قَوْله بِغَيْر حق وَلَا تثبت الْيَد فِيهِ بتصادقهما بل بِبَيِّنَة أَو بِعلم القَاضِي فِي الصَّحِيح، وَلَا بُد فِيهِ من ذكر الْبَلَد والمحلة وَالْحُدُود الْأَرْبَعَة فِي الدَّعْوَى، وَالشَّهَادَة

(1/346)


وَأَسْمَاء أَصْحَابهَا ونسبتهم إِلَى الْجد وَفِي الرجل الْمَشْهُور يكْتَفى بِذكرِهِ، فَإِن ذكره ثَلَاثَة وَترك الرَّابِع صَحَّ، وَإِن ذكره وَغلط فِيهِ لَا، وَإِذا صحت سَأَلَ القَاضِي الْخصم عَنْهَا، فَإِن أقرَّ حكم عَلَيْهِ، وإنْ أنكر سَأَلَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَة، فإنْ أَقَامَهَا وإلاَّ حلف الْخصم إِن طلبه خَصمه

(1/347)


لَيْسَ لَك إِلَّا هَذَا شَاهِدَاك أَو يَمِينه، فَإِن حلف انْقَطَعت الْخُصُومَة حَتَّى تقوم الْبَيِّنَة، وَإِن

(1/348)


نكل مرّة أَو سكت بِلَا آفَة فقضي بِالنّكُولِ صَحَّ وَعرض الْيَمين ثَلَاثًا ثمَّ الْقَضَاء أحوط،

(1/349)


وَلَا ترد يَمِين على مُدع، وَلَا يقْضِي بِشَاهِد وَيَمِين، وَلَا يحلف فِي نِكَاح ورجعة وفيء وإيلاء واستيلاد ورقّ وَنسب وَوَلَاء، وَعِنْدَهُمَا يحلف وَبِه يُفْتى، وَلَا فِي حد ولعان،

(1/350)


وَالسَّارِق يحلف فإنْ نكل ضمن وَلَا يقطع، وَيحلف الزَّوْج إنْ ادَّعَت طَلَاقا قبل الدُّخُول

(1/351)


إِجْمَاعًا فَإِن نكل ضمن نصف الْمهْر. وَكَذَا فِي النِّكَاح إنْ ادَّعَت مهرهَا، وَفِي النّسَب إنْ ادّعى حَقًا كإرث وَنَفَقَة وَغَيرهمَا وَفِي الْقصاص فَإِن نكل فِي النَّفس حبس حَتَّى يقر أَو يحلف وَفِيمَا دونهَا يقْتَصّ، وَعِنْدَهُمَا يضمن الْأَرْش فيهمَا، فإنْ قَالَ الْمُدَّعِي لي بَيِّنَة

(1/352)


حَاضِرَة وَطلب يَمِين خَصمه لَا يحلف ويكفل بِنَفسِهِ ثَلَاثَة أَيَّام، فَإِن أَبى لَازمه وَدَار مَعَه

(1/353)


حَيْثُ دَار، وَإِن كَانَ غَرِيبا يكفل أَو يلازم قدر مجْلِس القَاضِي، وَالْيَمِين بِاللَّه تَعَالَى لَا

(1/354)


بِطَلَاق وعتاق، وَقيل إِن ألحّ الْخصم صَحَّ بهما فِي زَمَاننَا، وتغلظ بِذكر صِفَاته تَعَالَى إِن شَاءَ

(1/355)


القَاضِي ويحترز من التّكْرَار لَا بِزَمَان أَو مَكَان، وَيحلف الْيَهُودِيّ بِاللَّه الَّذِي أنزل التَّوْرَاة على مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالنَّصْرَانِيّ بِاللَّه الَّذِي أنزل الْإِنْجِيل على عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام والمجوسي بِاللَّه الَّذِي خلق النَّار والوثني بِاللَّه وَلَئِن سَأَلتهمْ من خَلقكُم

(1/356)


ليَقُولن الله وَلَا يحلفُونَ فِي معابدهم، وَيحلف على الْحَاصِل، فَفِي البيع وَالنِّكَاح بِاللَّه مَا بَيْنكُمَا بيع قَائِم أَو نِكَاح قَائِم فِي الْحَال، وَفِي الطَّلَاق مَا هِيَ بَائِن مِنْك الْآن، وَفِي الْغَصْب مَا يجب عَلَيْك رده، وَفِي الْوَدِيعَة مَاله هَذَا الَّذِي ادَّعَاهُ فِي يدك وَدِيعَة وَلَا شَيْء مِنْهُ، وَلَا لَهُ قبلك حق، لَا على السَّبَب نَحْو بِاللَّه مَا بِعته، خلافًا لأبي يُوسُف فَإِن كَانَ فِي الْحلف

(1/357)


على الْحَاصِل ترك النّظر للْمُدَّعِي حلف على السَّبَب إِجْمَاعًا كدعوى الشُّفْعَة بالجوار وَنَفَقَة المبتوتة، والخصم لَا يراهما، وَكَذَا فِي سَبَب لَا يرْتَفع كَعبد مُسلم يَدعِي الْعتْق

(1/358)


بِخِلَاف الْكَافِر وَالْأمة، وَمن ورث شَيْئا فَادَّعَاهُ آخر حلف على الْعلم وَإِن شراه أَو وهب لَهُ فعلى الْبَتَات، وَلَو افتدى الْمُنكر يَمِينه أَو صَالح عَنْهَا على شَيْء صَحَّ وَلَا يحلف بعده.

(1/359)


(بَاب التَّحَالُف)
وَلَو اخْتلفَا فِي قدر الثّمن أَو الْمَبِيع أَو فيهمَا حكم لمن برهن، وإنْ برهنا فلمثبت

(1/360)


الزِّيَادَة، وَإِن عَجزا عَن الْبُرْهَان قيل لَهما، إِمَّا أنْ يرضى أَحَدكُمَا بِدَعْوَى الآخر وإلاّ فسخنا البيع، فإنْ لم يرض أَحدهمَا بِدَعْوَى الآخر تحَالفا وبدىء بِيَمِين المُشْتَرِي، وَفِي المقايضة بِأَيِّهِمَا شَاءَ، وَمن نكل لزمَه دَعْوَى صَاحبه، وإنْ حلفا فسخ القَاضِي البيع بِطَلَب أَحدهمَا وَلَا

(1/361)


تحالف لَو اخْتلفَا فِي الْأَجَل أَو شَرط الْخِيَار أَو قبض بعض الثّمن وَحلف الْمُنكر وَلَا بعد هَلَاك الْمَبِيع وَحلف المُشْتَرِي، وَعند مُحَمَّد يَتَحَالَفَانِ وَيفْسخ وَتلْزم الْقيمَة، وَكَذَا الْخلاف

(1/362)


لَو تعذر الرَّد وَهُوَ قَائِم وَلَا بعد هَلَاك بعضه إلاَّ أَن يرضى البَائِع بترك حِصَّة الْهَالِك،

(1/363)


وَعِنْدهَا يَتَحَالَفَانِ، وَيرد الْبَاقِي، وَالْقَوْل للْمُشْتَرِي فِي حِصَّة الْهَالِك عِنْد أبي يُوسُف، وَتلْزم قِيمَته عِنْد مُحَمَّد وَتعْتَبر قيمتهمَا فِي الانقسام يَوْم الْقَبْض، وإنْ اخْتلفَا فِي قيمَة الْهَالِك فِيهِ فَالْقَوْل للْبَائِع، وَإِن برهنا فبرهانه أولى، وإنْ اخْتلفَا فِي قدر الثّمن بعد إِقَالَة البيع

(1/364)


إنْ لم يقبض البَائِع الْمَبِيع، وإنْ قَبضه فَلَا تحالف خلافًا لمُحَمد، وَفِي قدر رَأس المَال بعد إِقَالَة السّلم فَالْقَوْل فِيهِ وَلَا يعود السّلم، وَلَو اخْتلفَا فِي قدر الْأُجْرَة أَو الْمَنْفَعَة أَو فيهمَا قبل اسْتِيفَاء الْمَنْفَعَة تحَالفا وترادا وبدىء بِيَمِين الْمُسْتَأْجر إنْ اخْتلفَا فِي الْأُجْرَة وبيمين

(1/365)


الْمُؤَجّر لَو فِي الْمَنْفَعَة، وَأيهمَا نكل لزمَه دَعْوَى الآخر، وَأيهمَا برهن قبل، وإنْ برهنا فحجة الْمُسْتَأْجر فِي الْمَنْفَعَة، وَحجَّة الْمُؤَجّر فِي الْأُجْرَة، وَبعد اسْتِيفَاء الْمَنْفَعَة لَا يَتَحَالَفَانِ وَالْقَوْل للْمُسْتَأْجر، وَبعد اسْتِيفَاء الْبَعْض يَتَحَالَفَانِ وتفسخ فِيمَا بَقِي، وَالْقَوْل للْمُسْتَأْجر فِيمَا مضى، وإنْ اخْتلفَا فِي قدر بدل الْكِتَابَة لَا يَتَحَالَفَانِ وَالْقَوْل للْعَبد، وَقَالا يَتَحَالَفَانِ

(1/366)


وتفسخ، وَإِن اخْتلف الزَّوْجَانِ فِي مَتَاع الْبَيْت فَالْقَوْل لَهَا فِيمَا صلح لَهَا، وَله فِيمَا صلح لَهُ، أَولهمَا، وَبعد موت أَحدهمَا القَوْل فِي الْمُحْتَمل للحي، وَعند أبي يُوسُف كَذَلِك فِي الزَّائِد على

(1/367)


جهاز مثلهَا، وَفِي جهاز مثلهَا لَهَا أَو لورثتها، وَعند مُحَمَّد للرجل أولورثته، وَإِن كَانَ أَحدهمَا مَمْلُوكا فَالْكل للْحرّ فِي الْحَيَاة وللحي فِي الْمَوْت، وَقَالا الْمَأْذُون وَالْمكَاتب كَالْحرِّ.

(1/368)


(فصل)
قَالَ ذُو الْيَد هَذَا الشَّيْء أودعنيه فلَان الْغَائِب، أَو أعارنيه أَو آجرنيه أَو

(1/369)


رهننيه أَو غصبته مِنْهُ وَبرهن على ذَلِك اندفعت خُصُومَة الْمُدَّعِي، وَقَالَ أَبُو يُوسُف فِيمَن عرف بالحيل لَا تنْدَفع وَبِه يُؤْخَذ، وإنْ قَالَ الشُّهُود أودعهُ من لَا نعرفه لَا تنْدَفع بِخِلَاف قَوْلهم نعرفه بِوَجْهِهِ لَا باسمه وَنسبه حَيْثُ تنْدَفع عِنْد الإِمَام خلافًا لمُحَمد، وَلَو قَالَ

(1/370)


اشْتَرَيْته مِنْهُ لَا تنْدَفع، وَكَذَا لَو قَالَ الْمُدَّعِي سَرقته أَو غصبته مني وإنْ برهن ذُو الْيَد على إِيدَاع الْغَائِب، وَكَذَا إِن قَالَ سرق مني خلافًا لمُحَمد، وَلَو قَالَ الْمُدَّعِي ابتعته من زيد، وَقَالَ

(1/371)


ذُو الْيَد أودعنيه هُوَ اندفعت بِلَا حجَّة، إلاّ إِذا برهن الْمُدَّعِي أنَّ زيدا وكَّله بِقَبْضِهِ.

(بَاب دَعْوَى الرجلَيْن)
لَا تعْتَبر بَيِّنَة ذِي الْيَد فِي الْملك الْمُطلق، وَبَيِّنَة الْخَارِج فِيهِ أَحَق، برهنا على مَا فِي يَد آخر

(1/372)


قضى بِهِ لَهما، وَلَو على نِكَاح امْرَأَة سقطا وَهِي لمن صدقته فإنْ أرخا فَالسَّابِق أَحَق، وَإِن أقرَّت لأَحَدهمَا قبل الْبُرْهَان فَهِيَ لَهُ، فإنْ برهن الآخر بعد ذَلِك قضيي لَهُ وَإِن برهن أَحدهمَا

(1/373)


فقضيي لَهُ ثمَّ برهن الآخر لَا يقبل إلاّ إنْ أثبت سبقه، وَكَذَا لَا يقبل برهَان خَارج على ذِي يَد نِكَاحه ظَاهر إلاَّ أنْ أثبت سبقه وإنْ برهنا على شِرَاء شَيْء من آخر فَلِكُل نصفه بِنصْف ثمنه أَو تَركه، وبترك أَحدهمَا بعد مَا قضى لَهما لَا يَأْخُذ الآخر كُله فإنْ كَانَ لأَحَدهمَا يَد أَو تَارِيخ فَهُوَ أولى، وإنْ أرخا فَالسَّابِق أولى، وإنْ كَانَ لأَحَدهمَا يَد وَللْآخر تَارِيخ فذو الْيَد

(1/374)


أولى، وَالشِّرَاء أَحَق من هبة وَصدقَة مَعَ قبض، وَالْهِبَة وَالصَّدَََقَة فِيمَا لَا يحْتَمل الْقِسْمَة سَوَاء. وَكَذَا الشِّرَاء وَالْمهْر عِنْد أبي يُوسُف، وَقَالَ مُحَمَّد: الشِّرَاء أولى وعَلى الزَّوْج

(1/375)


الْقيمَة، وَالرَّهْن مَعَ الْقَبْض أولى من الْهِبَة مَعَه، فإنكانتبشرط الْعِوَض فَهِيَ أولى، وإنْ برهن خارجان على ملك مؤرخ أَو شِرَاء مؤرخ من وَاحِد غير ذِي الْيَد فَالسَّابِق أولى، وإنْ

(1/376)


برهن أَحدهمَا على الشِّرَاء من زيد وَالْآخر عَلَيْهِ من بكر، وَاتفقَ تاريخهما فهما سَوَاء، وَكَذَا لَو وَقت أَحدهمَا فَقَط، وَلَو برهن خَارج على الشِّرَاء من شخص وَآخر على الْهِبَة وَالْقَبْض من غَيره، وَآخر على الْإِرْث من أَبِيه، وَآخر على الصَّدَقَة، وَالْقَبْض من رَابِع قضى بَينهم أَربَاعًا، وَلَو برهن خَارج على ملك مؤرخ، وَذُو الْيَد على ملك أقدم مِنْهُ فَهُوَ أولى خلافًا لمُحَمد فِي رِوَايَة، وَكَذَا الْخلاف لَو كَانَت الْيَد لَهما، وَلَو برهن خَارج وَذُو يدٍ على

(1/377)


ملك مُطلق، وَوقت أَحدهمَا فَقَط فالخارج أولى، وَعند أبي يُوسُف ذُو الْوَقْت أولى، وَلَو كَانَ الْمُدعى فِي أَيْدِيهِمَا أَو فِي يَد ثَالِث، وَالْمَسْأَلَة بِحَالِهَا فهما سَوَاء، وَعند أبي يُوسُف الَّذِي وَقت أولى، وَعند مُحَمَّد الَّذِي أطلق أولى، وإنْ برهن خَارج وَذُو يَد على النِّتَاج فذو الْيَد أولى، وَكَذَا لَو برهن كل على تلقي الْملك من آخر، وعَلى النِّتَاج

(1/378)


عِنْده، وَلَو برهن أَحدهمَا على الْملك الْمُطلق، وَالْآخر على النِّتَاج فَهُوَ أولى، وَكَذَا لَو كَانَا خَارِجين وَلَو قضى بالنتاج لذِي الْيَد ثمَّ برهن ثَالِث على النِّتَاج قضى لَهُ إلاَّ أنْ يُعِيد ذُو الْيَد برهانه كَمَا لَو برهن الْمقْضِي عَلَيْهِ بِالْملكِ الْمُطلق على النِّتَاج يقبل وينقض الْقَضَاء،

(1/379)


وكل سَبَب لَا يتَكَرَّر فَهُوَ مثل النِّتَاج كنسج ثِيَاب لَا تنسج إلاَّ مرّة، وكحلب اللَّبن واتخاذ الْجُبْن واللبد والمرعزي وجز الصُّوف، وَمَا يتَكَرَّر بِمَنْزِلَة الْملك الْمُطلق كنسج الْخَزّ وكالبناء وَالْغَرْس وزراعة الْبر والحبوب، وَمَا أشكل رَجَعَ فِيهِ إِلَى أهل الْخِبْرَة، فإنْ أشكل

(1/380)


عَلَيْهِم جعل كالمطلق، وإنْ برهن خَارج على ملك مُطلق، وَذُو يَد على الشِّرَاء مِنْهُ فَهُوَ أولى، وَإِن برهن كل مِنْهُمَا على الشِّرَاء من صَاحبه وَلَا تَارِيخ لَهما تهاترتا وَترك المَال فِي يَد ذِي الْيَد، وَعند مُحَمَّد يقْضِي للْخَارِج، وإنْ أرخا فِي الْعقار بِلَا ذكر قبض، وتاريخ الْخَارِج أسبق قضى لذِي الْيَد، وَعند مُحَمَّد للْخَارِج، وإنْ أثبتا قبضا قضى لذِي الْيَد

(1/381)


اتِّفَاقًا، وَإِن كَانَ وَقت ذِي الْيَد أسبق قضى للْخَارِج فِي الْوَجْهَيْنِ، وَلَا تَرْجِيح بِكَثْرَة الشُّهُود

(1/382)


وإنْ ادّعى أحد خَارِجين نصف دَار وَالْآخر كلهَا فَالرِّبْح للْأولِ، وَعِنْدَهُمَا الثُّلُث وَالْبَاقِي للْآخر، وَإِن كَانَت فِي أَيْدِيهِمَا فَكلهَا لمُدعِي الْكل نصف بِقَضَاء، وَنصف بِلَا قَضَاء وإنْ برهنخارجان على نتاج دَابَّة وأرخا قضي لمن وَافق سنّهَا تَارِيخه، وَإِن أشكل فَلَهُمَا، وَإِن

(1/383)


خالفهما بطلا، وإنْ برهن أحد الخارجين على غصب شَيْء وَالْآخر على وديعته اسْتَويَا.

(فصل فِي التَّنَازُع بِالْأَيْدِي)
لابس الثَّوْب أولى من الْآخِذ بكمه، والراكب أَحَق من الْآخِذ باللجام وَمن فِي السرج أَحَق من الرديف، وَصَاحب الْحمل أولى مِمَّن علق كوزه عَلَيْهَا والراكبان بِلَا سرج أَو فِيهِ

(1/384)


سَوَاء، وَكَذَا الْجَالِس على الْبسَاط والمتعلق بِهِ سَوَاء، وَمن مَعَه ثوب وطرفه مَعَ آخر والحائط لمن جذوعه عَلَيْهِ أَو اتَّصل ببنائه اتِّصَال تربيع، لَا لمن لَهُ عَلَيْهِ هرادي، بل الجاران فِيهِ سَوَاء، وَإِن كَانَ لكل عَلَيْهِ ثَلَاثَة جُذُوع فبينهما وَلَا تَرْجِيح بِالْأَكْثَرِ مِنْهَا وَإِن

(1/385)


ْ كَانَ لأَحَدهمَا ثَلَاثَة وَللْآخر أقل فَهُوَ لصَاحب الثَّلَاثَة وَللْآخر مَوضِع خشبه، وَلَو لأَحَدهمَا جُذُوع وَللْآخر اتِّصَال فلذي الِاتِّصَال وَللْآخر حق الْوَضع، وَقيل لذِي الْجُذُوع،

(1/386)


وَذُو بَيت من دَار كذي بيُوت مِنْهَا فِي حق ساحتها، وَلَو ادّعَيَا أَرضًا كل أَنَّهَا فِي يَده وبرهنا قضى بيدهما، فإنْ برهن أَحدهمَا أَو كَانَ لبن فِيهَا أَو بنى أَو حفر قضى بِيَدِهِ. فِي يَده صبي يعبر عَن نَفسه قَالَ أَنا حر فَالْقَوْل لَهُ، وَإِن قَالَ أَنا عبد لفُلَان فَهُوَ عبد لذِي الْيَد، وَكَذَا من لَا يعبر عَن نَفسه، فَلَو ادّعى الْحُرِّيَّة عِنْد كبره، لَا يقبل بِلَا حجَّة.

(1/387)


(بَاب دَعْوَى النّسَب)
ولدت مبيعة لأَقل من نصف سنة مُنْذُ بِيعَتْ فَادَّعَاهُ البَائِع فَهُوَ ابْنه وَهِي أم وَلَده وَيفْسخ البيع وَيرد الثّمن، وإنْ ادَّعَاهُ المُشْتَرِي مَعَ دَعوته أَو بعْدهَا، وَكَذَا لَو ادَّعَاهُ بعد موت الْأُم أَو

(1/388)


عتقهَا، وَيرد حِصَّته من الثّمن فِي الْعتْق، وكل الثّمن فِي الْمَوْت، وَقَالا حِصَّته فيهمَا، وَلَو ادَّعَاهُ

(1/389)


بعد مَوته أَو عتقه ردَّتْ، وَلَو ولدت لأكْثر من نصف سنة وَأَقل من سنتَيْن إنْ صدقه المُشْتَرِي فَالْحكم كَالْأولِ وإلاّ فَلَا يثبت، وإنْ لأكْثر من سنتَيْن لَا تصح دَعوته، فإنْ صدقه المُشْتَرِي ثَبت نسبه وَحمل على النِّكَاح، وَلَا يرد البيع وَلَا يعْتق الْوَلَد، وإنْ بَاعَ عبدا ولد

(1/390)


عِنْده ثمَّ ادَّعَاهُ بعد بيع مُشْتَرِيه صحت دَعوته ورد بيع مُشْتَرِيه، وَكَذَا لَو كَاتبه المُشْتَرِي أَو كَاتب أمه أَو رهن أَو آجر أَو زَوجهَا ثمَّ كَانَت الدعْوَة صحت ونقضت هَذِه التَّصَرُّفَات وَلَو بَاعَ أحد توأمين ولدا عِنْده فَأعْتقهُ مُشْتَرِيه، ثمَّ ادّعى البَائِع الآخر ثَبت نسبهما مِنْهُ وَبَطل عتق المُشْتَرِي، وَمن فِي يَده صبي لَو قَالَ هُوَ ابْن زيد ثمَّ قَالَ هُوَ ابْني لَا يكون ابْنه وإنْ جحد زيد بنوته، وَعِنْدَهُمَا يَصح إنْ جحد، وَلَو كَانَ فِي يَد مُسلم وذمي،

(1/391)


فَادّعى الْمُسلم رقّه وَالْكَافِر بنوته فَهُوَ حر ابْن الْكَافِر وَلَو كَانَ فِي يَد زَوْجَيْنِ فَزعم أنَّه ابْنه من غَيرهَا وَزَعَمت أنَّه ابْنهَا من غَيره فَهُوَ ابنهما، وَلَو استولد مشتراته ثمَّ اسْتحقَّت فَالْوَلَد

(1/392)


حر وعَلى الْأَب قِيمَته يَوْم الْخُصُومَة، فإنْ مَاتَ الْوَلَد فَلَا شَيْء على أَبِيه وَتركته لَهُ، وَإِن قَتله الْأَب غرم قِيمَته، وَكَذَا إِن قَتله غَيره فَأخذ دِيَته وَيرجع بِقِيمَتِه وبالثمن على بَائِعه لَا بالعقر.

(1/393)


(كتاب الْإِقْرَار)
وَهُوَ إِخْبَار بِحَق لآخر على نَفسه، وَلَا يَصح إلاَّ لمعلوم، وَحكمه ظُهُور الْمقر بِهِ لاإنشاؤه

(1/395)


فصح الْإِقْرَار بِالْخمرِ للْمُسلمِ، لَا بِطَلَاق وعتاق مكْرها، وَإِذا أقرَّ حر مُكَلّف بِحَق مَعْلُوم أَو

(1/396)


مَجْهُول كشيء وَحقّ صَحَّ وَلَزِمَه بَيَان الْمَجْهُول بِمَا لَهُ قيمَة وَالْقَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه إِن ادّعى الْمقر لَهُ أَكثر، وَفِي مَال لَا يصدق فِي أقل من دِرْهَم، وَمَال عَظِيم نِصَاب مِمَّا بَين بِهِ فضَّة أَو

(1/397)


غَيرهَا، وَمن الْإِبِل خمس وَعِشْرُونَ، وَمن الْبر خَمْسَة أوسق، وَمن غير مَال الزَّكَاة لزمَه قيمَة النّصاب، وأموال عِظَام ثَلَاثَة نصب ودراهم ثَلَاثَة ودراهم كَثِيرَة عشرَة وَعِنْدَهُمَا نِصَاب، وَكَذَا درهما دِرْهَم، وَكَذَا كَذَا أحد عشر، وَإِن ثلث فَكَذَلِك، وَكَذَا وَكَذَا أحد وَعِشْرُونَ،

(1/398)


وإنْ ثلث بِالْوَاو زيد مائَة، وَإِن ربع زيد ألف، وَكَذَا كل مَكِيل أَو مَوْزُون، وبشرك فِي عبد فَهُوَ نصف عِنْد أبي يُوسُف، وَعند مُحَمَّد يُؤمر بِالْبَيَانِ، وَقَوله عليي أَو قبلي إِقْرَار بدين فإنْ وصل

(1/399)


بِهِ هُوَ وَدِيعَة صدق، وإنْ فصل لَا، وَعِنْدِي أَو معي أَو فِي بَيْتِي أَو فِي صندوقي أَو كيسي إِقْرَار بأمانة، وَلَو قَالَ لمن ادّعى عَلَيْهِ ألفا اتزنها أَو انتقدها أَو أجلني بهَا، أَو قد قضيتكها أَو أبرأتني مِنْهَا أَو وهبتها لي أَو تَصَدَّقت بهَا عَليّ، أَو أحلتك بهَا فقد أقرَّ، وَبلا ضمير لَا،

(1/400)


وَلَو أقرَّ بدين مُؤَجل وَقَالَ الْمقر لَهُ هُوَ حَال لزمَه حَالا وَحلف الْمقر لَهُ على الْأَجَل، وَلَو قَالَ عَليّ مائَة دِرْهَم فَالْكل دَرَاهِم، وَكَذَا كل مَا يُكَال أَو يُوزن، وَلَو قَالَ مائَة وثوب أَو مائَة وثوبان لزمَه تَفْسِير الْمِائَة، وإنْ قَالَ مائَة وَثَلَاثَة أَثوَاب فَالْكل ثِيَاب، وَلَو أقرَّ بِتَمْر فِي قوصرة

(1/401)


لزماه، أَو بِخَاتم لزمَه الْحلقَة والفص، أَو بِسيف فالنصل والجفن والحمائل، أَو بحجلة فالكسوة والبعيدان، وإنْ بِدَابَّة فِي إصطبل لزمَه الدَّابَّة فَقَط، وبثوب فِي منديل لزماه، وَكَذَا بِثَوْب فِي ثوب، وإنْ بِثَوْب فِي عشرَة أَثوَاب لزمَه ثوب وَاحِد عِنْد أبي يُوسُف وَأحد عشر

(1/402)


عِنْد مُحَمَّد، وَلَو قَالَ عَليّ خَمْسَة فِي خَمْسَة لزمَه خَمْسَة، وإنْ نوى الضَّرْب وبنية مَعَ لزمَه عشرَة، وَفِي قَوْله عَليّ من دِرْهَم إِلَى عشرَة أَو مَا بَين دِرْهَم إِلَى عشرَة يلْزمه تِسْعَة، وَعِنْدَهُمَا عشرَة، وَإِن قَالَ لَهُ من دَاري مَا بَين هَذَا الْجِدَار إِلَى هَذَا الْجِدَار فَلهُ مَا بَينهمَا فَقَط، وَصَحَّ

(1/403)


الْإِقْرَار بِالْحملِ وَحمل على الْوَصِيَّة من غَيره، وللحمل إنْ بيَّن سَببا صَالحا كإرث أَو وَصِيَّة، فإنْ ولدت حَيا لأَقل من نصف حول مذ أقرَّ فَلهُ مَا أقرّ بِهِ، وإنْ حيين فَلَهُمَا، وإنْ مَيتا فللموصي والمورث، وإنْ فسَّر بِبيع أَو إقراض أَو أبهم الْإِقْرَار يكون لَغوا، وإنْ أقرّ بِشَرْط الْخِيَار لزمَه المَال وَبَطل الشَّرْط.

(1/404)


(بَاب الِاسْتِثْنَاء وَمَا فِي مَعْنَاهُ)
صَحَّ اسْتثِْنَاء بعض مَا أقرَّ بِهِ لَو مُتَّصِلا وَلَزِمَه بَاقِيه وَبَطل اسْتثِْنَاء الْكل، وَإِن أقرَّ بشيئين وَاسْتثنى أَحدهمَا، أَو أَحدهمَا وَبَعض الآخر بَطل اسْتِثْنَاؤُهُ خلافًا

(1/406)


لَهما، وَإِن اسْتثْنى بعض أَحدهمَا أَو بعض كل مِنْهُمَا صَحَّ اتِّفَاقًا، وَلَو اسْتثْنى كيلياً أَو وزنياً أَو عددياً متقارباً من دَرَاهِم صَحَّ بِالْقيمَةِ خلافًا لمُحَمد، وَلَو اسْتثْنى مِنْهَا شاتاً أَو ثوبا

(1/407)


أَو دَارا بطلاتفاقاً، وَمن وصل بِإِقْرَارِهِ إنْ شَاءَ الله بَطل إِقْرَاره، وَكَذَا إنْ علقه بِمَشِيئَة من لَا تعرف مَشِيئَته كالملائكة وَالْجِنّ وَلَو أقرَّ بدار وَاسْتثنى بناءها كَانَا للْمقر لَهُ، وَلَو قَالَ بناؤها

(1/408)


لي والعرصة لَهُ كَانَ كَمَا قَالَ، وفص الْخَاتم ونخل الْبُسْتَان كبنائها، وإنْ قَالَ لَهُ عَليّ ألف من ثمن عبد لم أقبضهُ، فَإِن عينه قيل للْمقر لَهُ سلم وتسلم إنْ شِئْت، وإنْ لم يُعينهُ لزمَه الْألف

(1/409)


ولغا قَوْله لم أقبضهُ، وَلَو قَالَ من ثمن خمر أَو خِنْزِير لَا يصدق، وَعِنْدَهُمَا إِن وصل صدق، وَلَو قَالَ من ثمن مَتَاع أَو أَقْرضنِي وَهِي زيوف أَو نبهرجة لزمَه الْجِيَاد، وَقَالا يلْزمه مَا قَالَ إنْ وصل، وَإِن قَالَ من غصب أَو وَدِيعَة وَهِي زيوف أَو نبهرجة صدق، وَلَو قَالَ ستوقة أَو رصاص، فإنْ وصل صدق وإلاّ فَلَا، وَلَو قَالَ: غصبت ثوبا وَجَاء بمعيب صدق، وَلَو قَالَ

(1/410)


على ألف إلاَّ أنَّه ينقص مائَة صدق، إنْ وصل وإلاَّ لزم الْألف، وَلَو قَالَ أخذت مِنْك ألفا وَدِيعَة فَهَلَكت، وَقَالَ الْمقر لَهُ أَخَذتهَا غصبا ضمن، وَلَو قَالَ بدل أخذت أَعْطَيْتنِي لَا يضمن، وَلَو قَالَ غصبت هَذَا الشَّيْء من زيد لَا بل من عَمْرو فَهُوَ لزيد وَعَلِيهِ قِيمَته لعَمْرو،

(1/411)


وَلَو قَالَ هَذَا كَانَ وَدِيعَة عنْدك فَأَخَذته، وَقَالَ الآخر هُوَ لي دفع إِلَيْهِ، وإنْ قَالَ آجرت فرسي أَو ثوبي هَذَا فلَانا فَرَكبهُ أَو لبسه ورده عَليّ أَو أعرته أَو أسكنته دَاري ثمَّ ردهَا عَليّ صدق، وَعِنْدَهُمَا القَوْل للمأخوذ مِنْهُ وَلَو قَالَ خاط ثوبي هَذَا بِكَذَا، ثمَّ قَبضته مِنْهُ وادعاه الآخر فعلى هَذَا الْخلاف فِي الصَّحِيح، وَلَو قَالَ اقتضيت من فلَان ألفا كَانَت لي عَلَيْهِ أَو أَقْرَضته ألفا ثمَّ أَخَذتهَا مِنْهُ، وَأنكر فلَان فَالْقَوْل لَهُ، وَلَو قَالَ زرع فلَان هَذَا الزَّرْع أَو بنى

(1/412)


هَذِه الدَّار أَو غرس هَذَا الْكَرم لي استعنت بِهِ فِيهِ وَادّعى فلَان ذَلِك فَالْقَوْل للْمقر.

(1/413)


(بَاب إِقْرَار الْمَرِيض)
دين صِحَّته وَمَا لزمَه فِي مَرضه بِسَبَب مَعْرُوف سَوَاء، ويقدمان على مَا أقرَّ بِهِ فِي مَرضه، وَالْكل مقدم على الْإِرْث، وَلَا يَصح تَخْصِيصه غريماً بِقَضَاء دينه وَلَا إِقْرَاره لوَارِثه إلاَّ أَن

(1/414)


يصدقهُ بَقِيَّة الْوَرَثَة، وإنْ أقرَّ لأجنبيّ صَحَّ، وَلَو أحَاط بِمَالِه، وإنْ أقرَّ لأَجْنَبِيّ ثمَّ أقرَّ أَنه ابْنه

(1/415)


ثَبت نسبه وَبَطل إِقْرَاره، وإنْ أقرَّ لأجنبية ثمَّ تزَوجهَا لَا يبطل إِقْرَاره، وَلَو أوصى لَهَا ثمَّ تزَوجهَا بطلت، وَلَو وَهبهَا ثمَّ تزَوجهَا فَلَا رُجُوع، وَإِن أقرَّ بِغُلَام مَجْهُول النّسَب يُولد مثله

(1/416)


لمثله أنَّه ابْنه وَصدقه الْغُلَام يثبت نسبه مِنْهُ وَلَو مَرِيضا وشارك الْوَرَثَة وَصَحَّ إِقْرَار الرجل

(1/417)


بالوالدين وَالْولد وَالزَّوْجَة وَالْمولى وَشرط تَصْدِيق هَؤُلَاءِ وَكَذَا إِقْرَار الْمَرْأَة، لَكِن شَرط فِي إِقْرَارهَا بِالْوَلَدِ تَصْدِيق الزَّوْج أَيْضا أَو شَهَادَة قَابِلَة، وَصَحَّ تصديقهم بعد موت الْمقر إلاَّ تَصْدِيق الزَّوْج بعد مَوتهَا، وَعِنْدَهُمَا يَصح أَيْضا، وإنْ أقرَّ بِنسَب غير الولاد كأخٍ وعمٍ لَا

(1/418)


يثبت ويرثه إنْ لم يكن لَهُ وَارِث مَعْرُوف وَلَو بَعيدا، وَمن مَاتَ أَبوهُ فأقرَّ بِأَخ شَاركهُ فِي الْإِرْث وَلَا يثبت نسبه، وَلَو كَانَ لأبيهما الْمَيِّت دين على شخص فأقرَّ أَحدهمَا بِقَبض أَبِيه

(1/419)


نصفه فالنصف الْبَاقِي للْآخر وَلَا شَيْء للْمقر.

(1/420)


(كتاب الصُّلْح)
هُوَ عقد يرفع النزاع وَيجوز مَعَ إِقْرَار وسكوت وإنكار، فَالْأول كَالْبيع إنْ وَقع عَن مَال

(1/422)


بِمَال فَتثبت فِيهِ الشُّفْعَة وَالرَّدّ بِالْعَيْبِ وَخيَار الرُّؤْيَة، وتفسده جَهَالَة الْبَدَل جَهَالَة الْمصَالح عَنهُ، وتشترط الْقُدْرَة على تَسْلِيم الْبَدَل وَإِن اسْتحق بعض الْمصَالح عَنهُ أَو كُله رَجَعَ بِكُل الْبَدَل أَو بعضه، وإنْ اسْتحق بعض الْبَدَل أَو كُله رَجَعَ بِكُل الْمصَالح عَنهُ أَو بعضه، وإنْ وَقع عَن مالٍ بِمَنْفَعَة اعْتبر إِجَارَة فَيشْتَرط فِيهِ التَّوْقِيت، وَيبْطل بِمَوْت أَحدهمَا، والأخيران

(1/424)


مُعَاوضَة فِي حق الْمُدَّعِي وَفِدَاء الْيَمين وَقطع الْمُنَازعَة فِي حق الآخر فَلَا شُفْعَة فِي دَار

(1/425)


صولح عَنْهَا مَعَ أَحدهمَا، وَتجب فِي دَار صولح عَلَيْهَا، وَمَا اسْتحق من الْمُدعى كلا أَو بَعْضًا يرد الْمُدَّعِي حِصَّته من الْبَدَل وَيرجع بِالْخُصُومَةِ فِيهِ، وَمَا اسْتحق من الْبَدَل بَعْضًا أَو كلا يرجع الْمُدَّعِي إِلَى دَعْوَاهُ فِي قدره، وهلاك الْبَدَل قبل التَّسْلِيم فِي الْفَصْلَيْنِ، وَلَو صَالح

(1/426)


على بعض دَار يدعيها لَا يَصح، وحيلته أنْ يزِيد فِي الْبَدَل شَيْئا أَو يبرأ عَن دَعْوَى الْبَاقِي.

(1/427)


(فصل)
يجوز الصُّلْح عَن مَجْهُول، وَلَا يجوز إلاَّ على مَعْلُوم فَيجوز عَن دَعْوَى المَال وَالْمَنْفَعَة

(1/428)


وَالْجِنَايَة فِي النَّفس وَمَا دونهَا عمدا أَو خطأ وَعَن دَعْوَى الرّقّ وَكَانَ عتقا بِمَال وَلَا وَلَاء عَلَيْهِ، وَدَعوى الزَّوْج النِّكَاح وَكَانَ خلعاً وَيحرم عَلَيْهِ ديانَة إنْ كَانَ مُبْطلًا، وَلَو صالحها بِمَال

(1/429)


لتقر لَهُ بِالنِّكَاحِ جَازَ، وتعجل زِيَادَة فِي الْمهْر لِأَنَّهَا تزْعم أَنَّهَا زوجت نَفسهَا مِنْهُ ابْتِدَاء بِالْمُسَمّى، وَهُوَ يزْعم أَنه زَاد فِي مهرهَا وَلَا يجوز إنْ ادَّعَتْهُ الْمَرْأَة، وَقيل يجوز، وَلَا عَن دَعْوَى الحدِّ والاعتياض عَن حق الْغَيْر لَا يجوز، كصلح وَاحِد عَن حق الْعَامَّة وَإِن قتل عبد مَأْذُون رجلا عمدا وَصَالح عَن نَفسه لَا يجوز بِخِلَاف صلحه عَن

(1/430)


نفس عبد لَهُ قتل رجلا عمدا، وإنْ صَالح عَن مَغْصُوب تلف بِأَكْثَرَ من قِيمَته جَازَ، وَقَالا يبطل الْفضل إنْ كَانَ مِمَّا لَا يتَغَابَن فِيهِ وَإِن بِعرْض صَحَّ مُطلقًا اتِّفَاقًا، وإنْ أعتق مُوسر عبدا مُشْتَركا وَصَالح عَن بَاقِيه بِأَكْثَرَ من نصف قِيمَته بَطل الْفضل وإنْ بِعرْض صَحَّ، وَيجوز صلح الْمُدَّعِي بِمَال يَدْفَعهُ إِلَى الْمُنكر لِيُقِر لَهُ، وَبدل الصُّلْح عَن دم عمد أَو على بعض دين

(1/431)


يَدعِيهِ يلْزم الْمُوكل لَا الْوَكِيل إلاَّ إنْ ضمنه وَبدل مَا هُوَ كَبيع يلْزم الْوَكِيل وإنْصالح فُضُولِيّ وَضمن الْبَدَل أَو أضَاف إِلَى مَاله أَو أَشَارَ إِلَى عرض أَو نقد بِلَا إِضَافَة أَو أطلق وَسلم صَحَّ وَكَانَ مُتَبَرعا، وإنْ أطلق وَلم يسلم توقف، فإنْ أجَازه الْمُدعى عَلَيْهِ جَازَ وَلَزِمَه الْبَدَل وإلاَّ بَطل.

(1/432)


(بَاب الصُّلْح فِي الدّين)
الصُّلْح عَمَّا اسْتحق بِعقد المداينة على بعض جنسه أَخذ لبَعض حَقه وَإِسْقَاط لباقيه لَا مُعَاوضَة، فَلَو صَالح عَن ألف حَال على مائَة حَالَة، أَو على ألف مُؤَجل

(1/433)


صَحَّ، وَكَذَا عَن ألف جِيَاد على مائَة زيوف، وَلَا يَصح عَن دَرَاهِم على دَنَانِير مُؤَجّلَة أَو عَن ألف مُؤَجل على نصفه حَالا، أَو عَن ألف سود على نصفه بيضًا، وَلَو صَالح عَن ألف دِرْهَم وَمِائَة دِينَار على مائَة دِرْهَم حَالَة أَو مُؤَجّلَة صَحَّ، وَإِن قَالَ: من لَهُ على آخر ألف إِذا

(1/434)


غَدا نصفه على أَنَّك بَرِيء من بَاقِيه فَفعل برىء وإلاَّ فَلَا يبرأ خلافًا لأبي يُوسُف، وإنْ قَالَ صالحتك على نصفه على أَنَّك إنْ لم تدفع غَدا النّصْف فالألف عَلَيْك، لَا يبرأ إِذا لم يدْفع إِجْمَاعًا، فَإِن قَالَ: أَبْرَأتك من نصفه على أنْ تُعْطِينِي نصفه غَدا برىء من نصفه أعْطى أَو لم يُعْط، وَكَذَا لَو قَالَ أد إِلَيّ نصفه على أَنَّك بَرِيء من بَاقِيه وَلم يُوَقت، وَلَو قَالَ: إنْ

(1/435)


أدّيت إِلَيّ نصفه فَأَنت بَرِيء أَو إِذا أدّيت أَو مَتى أدّيت لَا يَصح الْإِبْرَاء وإنْ أدّى، وَمن قَالَ سرا لربِّ دينه لَا أقرّ لَك حَتَّى تُؤخر عني أَو تحط بعضه فَفعل جَازَ، وإنْ أعلن لزمَه للْحَال.

(فصل)
إنْ صَالح أحد رَبِّي الدّين عَن نصفه على ثوب فلشريكه أنْ يتبع الْمَدْيُون بِنصفِهِ أَو يَأْخُذ نصف الثَّوْب، إلاَّ أنْ يضمن لَهُ الْمصَالح ربع الدّين، وَإِن قبض شَيْئا من الدّين شَاركهُ شَرِيكه

(1/436)


فِيهِ واتبعا الْغَرِيم بِمَا بقيَ، وإنْ اشْترى بِنَصِيبِهِ شَيْئا ضمنه شَرِيكه ربع الدّين أَو اتبع الْغَرِيم، وَمن أَبْرَأ عَن نصِيبه أَو قاص الْغَرِيم بدين سَابق لَا يضمن لشَرِيكه، وَإِن أَبْرَأ عَن الْبَعْض قسَّم الْبَاقِي على سهامه، وَإِن أجل نصِيبه لَا يَصح خلافًا لأبي يُوسُف، وَبَطل صلح أحد رَبِّي

(1/437)


السّلم عَن نصِيبه على مَا دفع خلافًا لَهُ أَيْضا وإنْ أخرج الْوَرَثَة أحدهم عَن عرض أَو عقار بِمَال، أَو عَن أحد النَّقْدَيْنِ بِالْآخرِ، أَو عَنْهُمَا بهما صَحَّ، قل الْبَدَل أَو كثر، وَعَن تَقْدِيم

(1/438)


وَغَيرهمَا بِأحد النَّقْدَيْنِ لَا يَصح إلاّ أنْ يكون الْمُعْطى أَكثر من نصِيبه من ذَلِك الْجِنْس، وإنْ بِعرْض جَازَ مُطلقًا، وَإِن فِي التَّرِكَة دين على النَّاس فأخرجوا ليَكُون الدّين لَهُم بَطل الصُّلْح، فإنْ شرطُوا بَرَاءَة الْغُرَمَاء من نصِيبه صَحَّ، وَكَذَا إنْ قضوا حِصَّته

(1/439)


مِنْهُ تَبَرعا، أَو أقرضوه قدرهَا وأحالهم بِهِ على الْغُرَمَاء وصالحوه عَن غَيره، وَفِي صِحَة الصُّلْح عَن تَرِكَة هِيَ أَعْيَان غير مَعْلُومَة على مَكِيل أَو مَوْزُون اخْتِلَاف، وَالأَصَح الْجَوَاز إنْ علم أنَّها غير الْمكيل أَو الْمَوْزُون إِذا كَانَت كلهَا فِي يَد الْبَقِيَّة، وَبَطل الصُّلْح وَالْقِسْمَة إِن كَانَ على الْمَيِّت دين مُسْتَغْرق، وَإِن غير مُسْتَغْرق فَالْأولى أنْ لَا يُصَالح قبل

(1/440)


قَضَائِهِ وَلَو فعل قَالُوا يجوز وَالْقِسْمَة تجوز قِيَاسا لَا اسْتِحْسَانًا، وَقيل الْقيَاس أنْ يُوقف الْكل، وَالِاسْتِحْسَان أَن يُوقف قدر الدّين وَيقسم الْبَاقِي.

(1/441)