الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع

فصل فِي بَيَان الْأَوْقَات الَّتِي تكره فِيهَا الصَّلَاة بِلَا سَبَب
وَهِي كَرَاهَة تَحْرِيم كَمَا صَححهُ فِي الرَّوْضَة وَالْمَجْمُوع هُنَا وَإِن صحّح فِي التَّحْقِيق وَفِي الطَّهَارَة من الْمَجْمُوع أَنَّهَا كَرَاهَة تَنْزِيه (و) هِيَ (خَمْسَة أَوْقَات لَا يصلى فِيهَا) أَي فِي غير حرم مَكَّة (إِلَّا صَلَاة لَهَا سَبَب) غير مُتَأَخّر فَإِنَّهَا تصح كفائتة وَصَلَاة كسوف واستسقاء وَطواف وتحية وَسنة وضوء وَسجْدَة تِلَاوَة وشكر وَصَلَاة جَنَازَة وَسَوَاء أَكَانَت فَائِتَة فرضا أم نفلا لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى بعد الْعَصْر رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ هما اللَّتَان بعد الظّهْر أما مَا لَهُ سَبَب مُتَأَخّر كركعتي الاستخارة وَالْإِحْرَام فَإِنَّهَا لَا تَنْعَقِد كَالصَّلَاةِ الَّتِي لَا سَبَب لَهَا
تَنْبِيه هَل المُرَاد بالمتقدم وقسيميه بِالنِّسْبَةِ إِلَى الصَّلَاة كَمَا فِي الْمَجْمُوع أَو إِلَى الْأَوْقَات الْمَكْرُوهَة كَمَا فِي أصل الرَّوْضَة رأيان أظهرهمَا كَمَا قَالَه الْإِسْنَوِيّ الأول وَعَلِيهِ جرى ابْن الرّفْعَة فَعَلَيهِ صَلَاة الْجِنَازَة وَنَحْوهَا كركعتي الطّواف سَببهَا مُتَقَدم وعَلى الثَّانِي قد يكون مُتَقَدما وَقد يكون مُقَارنًا بِحَسب وُقُوعه فِي الْوَقْت وَمحل مَا ذكر إِذا لم يتحر بِهِ وَقت الْكَرَاهَة ليوقعها فِيهِ وَإِلَّا بِأَن قصد تَأْخِير الْفَائِتَة أَو الْجِنَازَة ليوقعها فِيهِ أَو دخل الْمَسْجِد وَقت الْكَرَاهَة بنية التَّحِيَّة فَقَط أَو قَرَأَ آيَة سَجْدَة ليسجد لَهَا فِيهِ وَلَو قَرَأَهَا قبل الْوَقْت لم تصح للْأَخْبَار الصَّحِيحَة كَخَبَر لَا تحروا بصلاتكم طُلُوع الشَّمْس وَلَا غُرُوبهَا
ثمَّ أَخذ المُصَنّف فِي بَيَان الْأَوْقَات الْمَذْكُورَة فَقَالَ مبتدئا بأولها (بعد صَلَاة الصُّبْح) أَدَاء (حَتَّى تطلع الشَّمْس) وترتفع للنَّهْي عَنهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ (و) ثَانِيهَا (عِنْد) مُقَارنَة (طُلُوعهَا) سَوَاء أصلى الصُّبْح أم لَا (حَتَّى تتكامل) فِي الطُّلُوع (وترتفع) بعد ذَلِك (قدر رمح) فِي رَأْي الْعين وَإِلَّا فالمسافة بعيدَة (و) ثَالِثهَا (عِنْد الاسْتوَاء حَتَّى تَزُول) لما روى مُسلم عَن عقبَة بن عَامر ثَلَاث سَاعَات كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينهانا أَن نصلي فِيهِنَّ أَو نقبر فِيهِنَّ مَوتَانا حِين تطلع الشَّمْس بازغة حَتَّى ترْتَفع وَحين يقوم قَائِم الظهيرة حَتَّى تميل الشَّمْس وَحين تضيف للغروب
فالظهيرة شدَّة الْحر وقائمها الْبَعِير يكون باركا فَيقوم من شدَّة حر الأَرْض وتضيف بتاء مثناة من فَوق ثمَّ ضاد مُعْجمَة ثمَّ مثناة من تَحت مُشَدّدَة أَي تميل وَالْمرَاد بالدفن فِي هَذِه الْأَوْقَات أَن يترقب الشَّخْص هَذِه الْأَوْقَات لأجل الدّفن وَسبب الْكَرَاهَة مَا جَاءَ فِي الحَدِيث أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الشَّمْس تطلع وَمَعَهَا قرن الشَّيْطَان فَإِذا ارْتَفَعت فَارقهَا فَإِذا اسْتَوَت قارنها فَإِذا زَالَت فَارقهَا
فَإِذا دنت للغروب قارنها فَإِذا غربت فَارقهَا
رَوَاهُ الشَّافِعِي بِسَنَدِهِ
وَاخْتلف فِي المُرَاد بقرن الشَّيْطَان فَقيل قوهه وهم عباد الشَّمْس يَسْجُدُونَ لَهَا فِي هَذِه الْأَوْقَات وَقيل إِن الشَّيْطَان يدني رَأسه من الشَّمْس فِي هَذِه الْأَوْقَات ليَكُون الساجد لَهَا سَاجِدا لَهُ وَقيل غير ذَلِك
وتزول الْكَرَاهَة بالزوال وَوقت الاسْتوَاء لطيف لَا يسع الصَّلَاة وَلَا يكَاد يشْعر بِهِ حَتَّى تَزُول الشَّمْس

(1/161)


إِلَّا أَن التَّحَرُّم يُمكن إِيقَاعه فِيهِ فَلَا تصح الصَّلَاة فِيهِ إِلَّا يَوْم الْجُمُعَة فيستثنى من كَلَامه لاستثنائه فِي خبر أبي دَاوُد وَغَيره وَالأَصَح جَوَاز الصَّلَاة فِي هَذَا الْوَقْت مُطلقًا سَوَاء أحضر إِلَى الْجُمُعَة أم لَا وَقيل يخْتَص بِمن حضر الْجُمُعَة وَصَححهُ جمَاعَة
(و) رَابِعهَا (بعد) صَلَاة (الْعَصْر) أَدَاء وَلَو مَجْمُوعَة فِي وَقت الظّهْر (حَتَّى تغرب الشَّمْس) بكمالها للنَّهْي عَنهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ
(و) خَامِسهَا (عِنْد) مُقَارنَة (الْغُرُوب حَتَّى يتكامل غُرُوبهَا) للنَّهْي عَنهُ فِي خبر مُسلم
القَوْل فِي أَقسَام الْأَوْقَات الْمَكْرُوهَة بِاعْتِبَار الْوَقْت وَبِاعْتِبَار الْفِعْل تَنْبِيه قد علم مِمَّا تقرر انقسام النَّهْي فِي هَذِه الْأَوْقَات إِلَى مَا يتَعَلَّق بِالزَّمَانِ وَهُوَ ثَلَاثَة أَوْقَات عِنْد الطُّلُوع وَعند الاسْتوَاء وَعند الْغُرُوب
وَإِلَى مَا يتَعَلَّق بِالْفِعْلِ وَهُوَ وقتان بعد الصُّبْح أَدَاء وَبعد الْعَصْر كَذَلِك
وتقسيم هَذِه الْأَوْقَات إِلَى خَمْسَة هِيَ عبارَة الْجُمْهُور وتبعهم فِي الْمُحَرر عَلَيْهَا وَهِي أولى من اقْتِصَار الْمِنْهَاج على الاسْتوَاء وعَلى بعد صَلَاة الصُّبْح وَبعد صَلَاة الْعَصْر
قَالَ الْإِسْنَوِيّ وَالْمرَاد بحصر الصَّلَاة فِي الْأَوْقَات الْمَذْكُورَة إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَوْقَات الْأَصْلِيَّة وَإِلَّا فَسَيَأْتِي كَرَاهَة التَّنَفُّل فِي وَقت إِقَامَة الصَّلَاة وَوقت صعُود الإِمَام لخطبة الْجُمُعَة انْتهى
وَإِنَّمَا ترد الأولى إِذا قُلْنَا الْكَرَاهَة للتنزيه وَزَاد بَعضهم كَرَاهَة وَقْتَيْنِ آخَرين وهما بعد طُلُوع الْفجْر إِلَى صلَاته وَبعد الْمغرب إِلَى صلَاته وَقَالَ إِنَّهَا كَرَاهَة تَحْرِيم على الصَّحِيح وَنَقله عَن النَّص انْتهى
وَالْمَشْهُور فِي الْمَذْهَب خِلَافه
وَأَخْبرنِي بعض الْحَنَابِلَة أَن التَّحْرِيم مَذْهَبهم وَخرج بِغَيْر حرم مَكَّة حرمهَا فَلَا تكره فِيهِ صَلَاة فِي شَيْء من هَذِه الْأَوْقَات مُطلقًا لخَبر يَا بني عبد منَاف لَا تمنعوا أحدا طَاف بِهَذَا الْبَيْت وَصلى فِي أَيَّة سَاعَة شَاءَ من ليل أَو نَهَار رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَغَيره وَقَالَ حسن صَحِيح وَلما فِيهِ من زِيَادَة فضل الصَّلَاة نعم هِيَ خلاف الأولى خُرُوجًا من الْخلاف
وَخرج بحرم مَكَّة حرم الْمَدِينَة فَإِنَّهُ كَغَيْرِهِ

فصل فِي صَلَاة الْجَمَاعَة
وَالْأَصْل فِيهَا قبل الْإِجْمَاع قَوْله تَعَالَى {وَإِذا كنت فيهم فأقمت لَهُم الصَّلَاة} أَمر بهَا فِي الْخَوْف فَفِي الْأَمْن أولى وَالْأَخْبَار كَخَبَر الصَّحِيحَيْنِ صَلَاة الْجَمَاعَة أفضل من صَلَاة الْفَذ بِسبع وَعشْرين دَرَجَة وَفِي رِوَايَة بِخمْس وَعشْرين دَرَجَة قَالَ فِي الْمَجْمُوع وَلَا مُنَافَاة لِأَن الْقَلِيل لَا يَنْفِي الْكثير أَو أَنه أخبر أَولا بِالْقَلِيلِ ثمَّ أخبرهُ الله تَعَالَى بِزِيَادَة الْفضل فَأخْبر بهَا أَو أَن ذَلِك يخْتَلف باخْتلَاف أَحْوَال الْمُصَلِّين
وَمكث صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُدَّة مقَامه بِمَكَّة ثَلَاث عشرَة سنة يُصَلِّي بِغَيْر جمَاعَة لِأَن الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى

(1/162)


عَنْهُم كَانُوا مقهورين يصلونَ فِي بُيُوتهم فَلَمَّا هَاجر إِلَى الْمَدِينَة أَقَامَ بهَا الْجَمَاعَة وواظب عَلَيْهَا وانعقد الْإِجْمَاع عَلَيْهَا
وَفِي الْإِحْيَاء عَن أبي سُلَيْمَان الدَّارَانِي أَنه قَالَ لَا يفوت أحدا صَلَاة الْجَمَاعَة إِلَّا بذنب أذنبه
قَالَ وَكَانَ السّلف الصَّالح يعزون أنفسهم ثَلَاثَة أَيَّام إِذا فَاتَتْهُمْ التَّكْبِيرَة الأولى وَسَبْعَة أَيَّام إِذا فَاتَتْهُمْ الْجَمَاعَة
وأقلها إِمَام ومأموم كَمَا يعلم مِمَّا سَيَأْتِي وَذكر فِي الْمَجْمُوع فِي بَاب هَيْئَة الْجُمُعَة أَن من صلى فِي عشرَة آلَاف لَهُ سبع وَعِشْرُونَ دَرَجَة وَمن صلى مَعَ اثْنَيْنِ لَهُ ذَلِك لَكِن دَرَجَات الأول أكمل
(وَصَلَاة الْجَمَاعَة) فِي المكتوبات غير الْجُمُعَة (سنة مُؤَكدَة) وَلَو للنِّسَاء للأحاديث السَّابِقَة وَهَذَا مَا قَالَه الرَّافِعِيّ وَتَبعهُ المُصَنّف وَالأَصَح الْمَنْصُوص كَمَا قَالَه النَّوَوِيّ أَنَّهَا فِي غير الْجُمُعَة فرض كِفَايَة لرجال أَحْرَار مقيمين غير عُرَاة فِي أَدَاء مَكْتُوبَة لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من ثَلَاثَة فِي قَرْيَة أَو بَدو لَا تُقَام فيهم الْجَمَاعَة إِلَّا استحوذ عَلَيْهِم الشَّيْطَان أَي غلب فَعَلَيْك بِالْجَمَاعَة فَإِنَّمَا يَأْكُل الذِّئْب من الْغنم القاصية رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَصَححهُ ابْن حبَان وَالْحَاكِم فَتجب بِحَيْثُ يظْهر شعار الْجَمَاعَة بإقامتها بِمحل فِي الْقرْيَة الصَّغِيرَة وَفِي الْكَبِيرَة والبلد بمحال يظْهر بهَا الشعار وَيسْقط الطّلب بطَائفَة وَإِن قلت فَلَو أطبقوا على إِقَامَتهَا فِي الْبيُوت وَلم يظْهر بهَا شعار لم يسْقط الْفَرْض فَإِن امْتَنعُوا كلهم من إِقَامَتهَا على مَا ذكر قَاتلهم الإِمَام أَو نَائِبه دون آحَاد النَّاس وَهَكَذَا لَو تَركهَا أهل محلّة فِي الْقرْيَة الْكَبِيرَة أَو الْبَلَد فَلَا تجب على النِّسَاء ومثلهن الخناثى وَلَا على من فِيهِ رق لاشتغالهم بِخِدْمَة السَّادة وَلَا على الْمُسَافِرين كَمَا جزم بِهِ فِي التَّحْقِيق وَإِن نقل السُّبْكِيّ وَغَيره عَن نَص الْأُم أَنَّهَا تجب عَلَيْهِم أَيْضا وَلَا على العراة بل هِيَ والانفراد فِي حَقهم سَوَاء إِلَّا أَن يَكُونُوا عميا أَو فِي ظلمَة فتستحب وَلَا فِي مقضية خلف مقضية من نوعها بل تسن أما مقضية خلف مُؤَدَّاة أَو بِالْعَكْسِ أَو خلف مقضية لَيست من نوعها فَلَا تسن وَلَا فِي منذورة بل وَلَا تسن
أما الْجُمُعَة فالجماعة فِيهَا فرض عين كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَالْجَمَاعَة فِي الْمَسْجِد لغير الْمَرْأَة وَمثلهَا الْخُنْثَى أفضل مِنْهَا فِي غير الْمَسْجِد كالبيت وَجَمَاعَة الْمَرْأَة وَالْخُنْثَى فِي الْبَيْت أفضل مِنْهَا فِي الْمَسْجِد لخَبر الصَّحِيحَيْنِ صلوا أَيهَا النَّاس فِي بُيُوتكُمْ فَإِن أفضل الصَّلَاة صَلَاة الْمَرْء فِي بَيته إِلَّا الْمَكْتُوبَة أَي فَهِيَ فِي الْمَسْجِد أفضل لِأَن الْمَسْجِد مُشْتَمل على الشّرف وَإِظْهَار الشعائر وَكَثْرَة الْجَمَاعَة وَيكرهُ لذوات الهيئات حُضُور

(1/163)


الْمَسْجِد مَعَ الرِّجَال لما فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت لَو أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى مَا أحدث النِّسَاء لمنعهن الْمَسْجِد كَمَا منعن نسَاء بني إِسْرَائِيل ولخوف الْفِتْنَة
أما غَيْرهنَّ فَلَا يكره لَهُنَّ ذَلِك قَالَ فِي الْمَجْمُوع قَالَ الشَّافِعِي وَالْأَصْحَاب وَيُؤمر الصَّبِي بِحُضُور الْمَسَاجِد وجماعات الصَّلَاة ليعتادها وَتحصل فَضِيلَة الْجَمَاعَة للشَّخْص بِصَلَاتِهِ فِي بَيته أَو نَحوه بِزَوْجَة أَو ولد أَو رَقِيق أَو غير ذَلِك وأقلها اثْنَان كَمَا مر وَمَا كثر جمعه من الْمَسَاجِد كَمَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ أفضل مِمَّا قل جمعه مِنْهَا وَكَذَا مَا كثر جمعه من الْبيُوت أفضل مِمَّا قل جمعه مِنْهَا وَأفْتى الْغَزالِيّ أَنه لَو كَانَ إِذا صلى مُنْفَردا خشع وَإِذا صلى فِي جمَاعَة لم يخشع فالانفراد أفضل وَتَبعهُ ابْن عبد السَّلَام
قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَالْمُخْتَار بل الصَّوَاب خلاف مَا قَالَاه وَهُوَ كَمَا قَالَ وَقد يكون قَلِيل الْجمع أفضل فِي صور مِنْهَا مَا لَو كَانَ الإِمَام مبتدعا كمعتزلي وَمِنْهَا مَا لَو كَانَ قَلِيل الْجمع يُبَادر إِمَامه بِالصَّلَاةِ فِي أول الْوَقْت المحبوب فَإِن الصَّلَاة مَعَه أول الْوَقْت أولى كَمَا قَالَه فِي الْمَجْمُوع وَمِنْهَا مَا لَو كَانَ قَلِيل الْجمع لَيْسَ فِي أرضه شُبْهَة وَكثير الْجمع بِخِلَافِهِ لاستيلاء ظَالِم عَلَيْهِ فالسالم من ذَلِك أولى وَمِنْهَا مَا لَو كَانَ الإِمَام سريع الْقِرَاءَة وَالْمَأْمُوم بطيئا لَا يدْرك مَعَه الْفَاتِحَة قَالَ الْغَزالِيّ فَالْأولى أَن يُصَلِّي خلف إِمَام بطيء الْقِرَاءَة وَإِدْرَاك تَكْبِيرَة الْإِحْرَام مَعَ الإِمَام فَضِيلَة وَإِنَّمَا تحصل بالاشتغال بالتحرم عقب تحرم إِمَامه مَعَ حُضُوره تَكْبِيرَة إِحْرَامه لحَدِيث الشَّيْخَيْنِ إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ فَإِذا كبر فكبروا وَالْفَاء للتعقيب فإبطاؤه بالمتابعة لوسوسة غير ظَاهِرَة كَمَا فِي الْمَجْمُوع عذر بِخِلَاف مَا لَو أَبْطَأَ لغير وَسْوَسَة وَلَو لمصْلحَة الصَّلَاة كالطهارة أَو لم يحضر تَكْبِيرَة إِحْرَام إِمَامه أَو لوسوسة ظَاهِرَة
وتدرك فَضِيلَة الْجَمَاعَة فِي غير الْجُمُعَة مَا لم يسلم الإِمَام وَإِن لم يقْعد مَعَه أما الْجُمُعَة فَإِنَّهَا لَا تدْرك إِلَّا بِرَكْعَة كَمَا سَيَأْتِي
وَينْدب أَن يُخَفف الإِمَام مَعَ فعل الأبعاض والهيئات إِلَّا أَن يرضى بتطويله محصورون لَا يُصَلِّي وَرَاءه غَيرهم وَيكرهُ التَّطْوِيل ليلحق آخَرُونَ سَوَاء أَكَانَ عَادَتهم الْحُضُور أم لَا وَلَو أحس الإِمَام فِي رُكُوع غير ثَان من صَلَاة الْكُسُوف أَو فِي تشهد أخير بداخل مَحل الصَّلَاة يقْتَدى بِهِ سنّ انْتِظَاره لله تَعَالَى إِن لم يُبَالغ فِي الِانْتِظَار وَلم يُمَيّز بَين الداخلين وَإِلَّا كره
وَيسن إِعَادَة الْمَكْتُوبَة مَعَ غَيره وَلَو وَاحِدًا فِي الْوَقْت وَهل تشْتَرط نِيَّة الْفَرْضِيَّة فِي الصَّلَاة الْمُعَادَة أم لَا الَّذِي اخْتَارَهُ الإِمَام أَنه يَنْوِي الظّهْر أَو الْعَصْر مثلا وَلَا يتَعَرَّض للْفَرض وَرجحه فِي الرَّوْضَة وَهُوَ الظَّاهِر وَإِن صحّح فِي الْمِنْهَاج الِاشْتِرَاط وَالْفَرْض الأولى
وَرخّص فِي ترك الْجَمَاعَة بِعُذْر عَام أَو خَاص كمشقة مطر وَشدَّة ريح بلَيْل وَشدَّة وَحل وَشدَّة حر وَشدَّة برد وَشدَّة جوع وَشدَّة عَطش بِحَضْرَة طَعَام مَأْكُول أَو مشروب يتوق إِلَيْهِ ومشقة مرض ومدافعة حدث وَخَوف على مَعْصُوم وَخَوف من غَرِيم لَهُ وبالخائف إعسار يعسر عَلَيْهِ إثْبَاته وَخَوف من عُقُوبَة يَرْجُو الْخَائِف الْعَفو عَنْهَا بغيبته وَخَوف من تخلف عَن رفْقَة وفقد لِبَاس لَائِق وَأكل ذِي ريح كريه يعسر إِزَالَته وَحُضُور مَرِيض بِلَا متعهد أَو بمتعهد وَكَانَ نَحْو قريب كَزَوج محتضر أَو لم يكن محتضرا لكنه يأنس بِهِ
وَقد ذكرت فِي شرح الْمِنْهَاج زِيَادَة على الْأَعْذَار الْمَذْكُورَة مَعَ فَوَائِد قَالَ فِي الْمَجْمُوع وَمعنى كَونهَا أعذارا سُقُوط الْإِثْم على قَول الْفَرْض وَالْكَرَاهَة على قَول السّنة لَا حُصُول فَضلهَا
وَجزم الرَّوْيَانِيّ بِأَنَّهُ يكون محصلا للْجَمَاعَة إِذا صلى مُنْفَردا وَكَانَ قَصده الْجَمَاعَة لَوْلَا الْعذر وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر وَيدل لَهُ خبر أبي مُوسَى إِذا مرض العَبْد أَو سَافر كتب لَهُ من الْعَمَل مَا كَانَ يعمله صَحِيحا مُقيما رَوَاهُ البُخَارِيّ
ثمَّ شرع المُصَنّف فِي شُرُوط الِاقْتِدَاء (و) هِيَ أُمُور الأول أَنه يجب (على الْمَأْمُوم أَن يَنْوِي الائتمام) بِالْإِمَامِ أَو الِاقْتِدَاء بِهِ أَو نَحْو ذَلِك فِي غير جُمُعَة مُطلقًا وَفِي جُمُعَة مَعَ

(1/164)


تحرم لِأَن التّبعِيَّة عمل فافتقرت إِلَى نِيَّة فَإِن لم ينْو مَعَ تحرم انْعَقَدت صلَاته فُرَادَى إِلَّا الْجُمُعَة فَلَا تَنْعَقِد أصلا لاشْتِرَاط الْجَمَاعَة فِيهَا فَلَو ترك هَذِه النِّيَّة أَو شكّ فِيهَا وَتَابعه فِي فعل أَو سَلام بعد انْتِظَار كثير للمتابعة بطلت صلَاته لِأَنَّهُ وَقفهَا على صَلَاة غَيره بِلَا رابطة بَينهمَا وَلَا يشْتَرط تعْيين الإِمَام فَإِن عينه وَلم يشر إِلَيْهِ وَأَخْطَأ كَأَن نوى الِاقْتِدَاء بزيد فَبَان عمرا وَتَابعه كَمَا مر بطلت صلَاته لمتابعته لمن لم ينْو الِاقْتِدَاء بِهِ فَإِن عينه بِإِشَارَة إِلَيْهِ كَهَذا مُعْتَقدًا أَنه زيد أَو بزيد هَذَا أَو الْحَاضِر صحت
وَقَوله (دون الإِمَام) أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن نِيَّة الإِمَام الْإِمَامَة لَا تشْتَرط فِي غير الْجُمُعَة بل تسْتَحب ليحوز فَضِيلَة الْجَمَاعَة فَإِن لم ينْو لم تحصل لَهُ إِذْ لَيْسَ للمرء من عمله إِلَّا مَا نوى وَتَصِح نِيَّته لَهَا مَعَ تحرمه وَإِن لم يكن إِمَامًا فِي الْحَال لِأَنَّهُ سيصير إِمَامًا وفَاقا للجويني وَخِلَافًا للعمراني فِي عدم الصِّحَّة حِينَئِذٍ وَإِذا نوى فِي أثْنَاء الصَّلَاة حَاز الْفَضِيلَة من حِين النِّيَّة وَلَا تنعطف نِيَّته على مَا قبلهَا بِخِلَاف مَا لَو نوى الصَّوْم فِي النَّفْل قبل الزَّوَال فَإِنَّهَا تنعطف على مَا قبلهَا لِأَن النَّهَار لَا يَتَبَعَّض صوما وَغَيره بِخِلَاف الصَّلَاة فَإِنَّهَا تبعض جمَاعَة وَغَيرهَا أما فِي الْجُمُعَة فَيشْتَرط أَن يَأْتِي بهَا فِيهَا مَعَ التَّحَرُّم فَلَو تَركهَا لم تصح جمعته لعدم استقلاله فِيهَا سَوَاء أَكَانَ من الْأَرْبَعين أم زَائِدا عَلَيْهِم
نعم إِن لم يكن من أهل الْوُجُوب وَنوى غير الْجُمُعَة لم يشْتَرط مَا ذكر وَظَاهر أَن الصَّلَاة الْمُعَادَة كَالْجُمُعَةِ إِذْ لَا تصح فُرَادَى فَلَا بُد من نِيَّة الْإِمَامَة فِيهَا فَإِن أَخطَأ الإِمَام فِي غير الْجُمُعَة وَمَا ألحق بهَا فِي تعْيين تَابعه الَّذِي نوى الْإِمَامَة بِهِ لم يضر لِأَن غلطه فِي النِّيَّة لَا يزِيد على تَركهَا أما إِذا نوى ذَلِك فِي الْجُمُعَة وَمَا ألحق بهَا فَإِنَّهُ يضر لِأَن مَا يجب التَّعَرُّض لَهُ يضر الْخَطَأ فِيهِ
الثَّانِي من شُرُوط الِاقْتِدَاء عدم تقدم الْمَأْمُوم على إِمَامه فِي الْمَكَان فَإِن تقدم عَلَيْهِ فِي أثْنَاء صلَاته بطلت أَو عِنْد التَّحَرُّم لم تَنْعَقِد كالتقدم بتكبيرة الْإِحْرَام قِيَاسا للمكان على الزَّمَان
نعم يسْتَثْنى من ذَلِك صَلَاة شدَّة الْخَوْف كَمَا سَيَأْتِي فَإِن الْجَمَاعَة فِيهَا أفضل من الِانْفِرَاد وَإِن تقدم بَعضهم على بعض وَلَو شكّ هَل هُوَ مُتَقَدم أم لَا كَأَن كَانَ فِي ظلمَة صحت صلَاته مُطلقًا لِأَن الأَصْل عدم الْمُفْسد كَمَا نَقله النَّوَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ عَن النَّص وَلَا تضر مُسَاوَاة الْمَأْمُوم لإمامه وَالِاعْتِبَار فِي التَّقَدُّم وَغَيره للقائم بالعقب وَهُوَ مُؤخر الْقدَم لَا الكعب فَلَو تَسَاويا فِي الْعقب وَتَقَدَّمت أَصَابِع الْمَأْمُوم لم يضر
نعم إِن كَانَ اعْتِمَاده على رُؤُوس الْأَصَابِع ضرّ كَمَا بَحثه الأسنوي وَلَو تقدّمت عقبه وتأخرت أَصَابِعه ضرّ
تَنْبِيه لَو اعْتمد على إِحْدَى رجلَيْهِ وَقدم الْأُخْرَى على رجل الإِمَام لم يضر وَلَو قدم إِحْدَى رجلَيْهِ وَاعْتمد عَلَيْهِمَا لم يضر كَمَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ
وَالِاعْتِبَار للقاعد بالألية كَمَا أفتى بِهِ الْبَغَوِيّ أَي وَلَو فِي التَّشَهُّد أما فِي حَال السُّجُود فَيظْهر أَن يكون الْمُعْتَبر رُؤُوس الْأَصَابِع ويشمل ذَلِك الرَّاكِب وَهُوَ الظَّاهِر وَمَا قيل من أَن الْأَقْرَب فِيهِ الِاعْتِبَار بِمَا اعتبروا بِهِ فِي الْمُسَابقَة بعيد وَفِي المضطجع بالجنب وَفِي المستلقي بِالرَّأْسِ وَهُوَ أحد وَجْهَيْن يظْهر اعْتِمَاده
وَفِي المقطوعة رجله بِمَا اعْتمد عَلَيْهِ وَفِي المصلوب بالكتف

(1/165)


وَيسن أَن يقف الإِمَام خلف الْمقَام عِنْد الْكَعْبَة وَأَن يستدير المأمومون حولهَا وَلَا يضر كَونهم أقرب إِلَيْهَا فِي غير جِهَة الإِمَام مِنْهُ إِلَيْهَا فِي جِهَته كَمَا لَو وَقفا فِي الْكَعْبَة وَاخْتلفَا جِهَة وَلَو وقف الإِمَام فِيهَا وَالْمَأْمُوم خَارِجهَا جَازَ وَله التَّوَجُّه إِلَى أَي جِهَة شَاءَ وَلَو وَقفا بِالْعَكْسِ جَازَ أَيْضا لَكِن لَا يتَوَجَّه الْمَأْمُوم إِلَى الْجِهَة الَّتِي توجه إِلَيْهَا الإِمَام لتقدمه حِينَئِذٍ عَلَيْهِ
وَيسن أَن يقف الذّكر وَلَو صَبيا عَن يَمِين الإِمَام وَأَن يتَأَخَّر عَنهُ قَلِيلا لِلِاتِّبَاعِ واستعمالا للآداب فَإِن جَاءَ ذكر آخر أحرم عَن يسَاره ثمَّ يتَقَدَّم الإِمَام أَو يتأخران فِي قيام وَهُوَ أفضل هَذَا إِذا أمكن كل من التَّقَدُّم والتأخر وَإِلَّا فعل الْمُمكن وَأَن يصطف ذكران خَلفه كامرأة فَأكْثر وَأَن يقف خَلفه رجال لفضلهم فصبيان لَكِن مَحَله إِذا استوعب الرِّجَال الصَّفّ وَإِلَّا كمل بهم أَو بَعضهم فخناثى لاحْتِمَال ذكورتهم فنساء وَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ وَأَن تقف إمامتهن وسطهن فَلَو أمهن غير امْرَأَة قدم عَلَيْهِنَّ وكالمرأة عَار أم عُرَاة بصراء فِي وضوء وَكره لمأموم انْفِرَاد عَن صف من جنسه بل يدْخل الصَّفّ إِن وجد سَعَة وَله أَن يخرق الصَّفّ الَّذِي يَلِيهِ فَمَا فَوْقه إِلَيْهَا لتقصيرهم بِتَرْكِهَا وَلَا يتَقَيَّد خرق الصُّفُوف بصفين كَمَا زَعمه بَعضهم وَإِنَّمَا يتَقَيَّد بِهِ تخطي الرّقاب الْآتِي فِي الْجُمُعَة فَإِن لم يجد سَعَة أحرم ثمَّ بعد إِحْرَامه جر إِلَيْهِ شخصا من الصَّفّ ليصطف مَعَه وَيسن لمجرور مساعدته
(وَيجوز) للْمُصَلِّي المتوضىء (أَن يأتم) بالمتيمم الَّذِي لَا إِعَادَة عَلَيْهِ وبماسح الْخُف وَيجوز للقائم أَن يَقْتَدِي بالقاعد والمضطجع لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى فِي مرض مَوته قَاعِدا وَأَبُو بكر وَالنَّاس قيَاما وَأَن يأتم الْعدْل (بِالْحرِّ الْفَاسِق) وَلَكِن تكره خَلفه وَإِنَّمَا صحت خَلفه لما رَوَاهُ الشَّيْخَانِ أَن ابْن عمر كَانَ يُصَلِّي خلف الْحجَّاج
قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَكفى بِهِ فَاسِقًا وَلَيْسَ لأحد من وُلَاة الْأُمُور تَقْرِير فَاسق إِمَامًا فِي الصَّلَوَات كَمَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ فَإِن فعل لم يَصح كَمَا قَالَه بعض الْمُتَأَخِّرين والمبتدع الَّذِي لَا يكفر ببدعته كالفاسق (وَالْعَبْد) أَي يجوز للْحرّ أَن يأتم بِالْعَبدِ لِأَن ذكْوَان مولى عَائِشَة كَانَ يؤمها لَكِن الْحر وَلَو كَانَ أعمى أولى مِنْهُ (والبالغ بالمراهق) لِأَن عَمْرو بن سَلمَة بِكَسْر اللَّام كَانَ يؤم قومه على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ ابْن سِتّ أَو سبع رَوَاهُ البُخَارِيّ
لَكِن الْبَالِغ أولى من الصَّبِي وَالْحر الْبَالِغ الْعدْل أولى من الرَّقِيق وَالْعَبْد الْبَالِغ أولى من الْحر الصَّبِي وَفِي العَبْد الْفَقِيه وَالْحر غير الْفَقِيه ثَلَاثَة أوجه أَصَحهَا أَنَّهُمَا سَوَاء والمبعض أولى من كَامِل الرّقّ وَالْأَعْمَى والبصير فِي الْإِمَامَة سَوَاء وَيقدم الْوَالِي بِمحل ولَايَته الْأَعْلَى فالأعلى على غَيره فإمام راتب
نعم إِن ولاه الإِمَام الْأَعْظَم فَهُوَ مقدم على الْوَالِي وَيقدم السَّاكِن فِي مَكَان بِحَق وَلَو بإعارة على غَيره لَا على معير للساكن بل يقدم الْمُعير عَلَيْهِ وَلَا على سيد غير سيد مكَاتب لَهُ فأفقه فأقرأ فأورع فأقدم هِجْرَة فأسن فأنسب فأنظف ثوبا وبدنا وصنعة فَأحْسن صَوتا فَأحْسن صُورَة ولمقدم بمَكَان لَا بِصِفَات تَقْدِيم لمن يكون أَهلا للْإِمَامَة
(وَلَا) يَصح اقْتِدَاؤُهُ بِمن يعْتَقد بطلَان صلَاته كشافعي اقْتدى بحنفي مس فرجه لَا إِن افتصد اعْتِبَارا باعتقاد الْمُقْتَدِي وكمجتهدين اخْتلفَا فِي إناءين من المَاء طَاهِر ومتنجس فَإِن تعدد الطَّاهِر صَحَّ اقْتِدَاء بَعضهم بِبَعْض مَا لم يتَعَيَّن إِنَاء إِمَام للنَّجَاسَة

(1/166)


فَلَو اشْتبهَ خَمْسَة من آنِية فِيهَا نجس على خَمْسَة فَظن كل طَهَارَة إِنَاء مِنْهَا فَتَوَضَّأ بِهِ وَأم بالباقين فِي صَلَاة من الْخمس أعَاد مَا ائتم بِهِ آخرا وَلَا يَصح اقْتِدَاؤُهُ بمقتد وَلَا بِمن تلْزمهُ إِعَادَة كمتيمم لبرد
وَلَا يَصح أَن (يأتم) ذكر (رجل) أَو صبي (مُمَيّز) وَلَا خُنْثَى مُشكل (ب) أُنْثَى (امْرَأَة) أَو صبية مُمَيزَة وَلَا خُنْثَى مُشكل لِأَن الْأُنْثَى نَاقِصَة عَن الرجل وَالْخُنْثَى الْمَأْمُوم يجوز أَن يكون ذكرا وَالْإِمَام أُنْثَى لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لن يفلح قوم ولوا أَمرهم امْرَأَة
وروى ابْن ماجة لاتؤمن امْرَأَة رجلا
وَيصِح اقْتِدَاء خُنْثَى بَانَتْ أنوثته بِامْرَأَة وَرجل بخنثى بَانَتْ ذكورته مَعَ الْكَرَاهَة قَالَه الْمَاوَرْدِيّ
وَتَصِح قدوة الْمَرْأَة بِالْمَرْأَةِ وبالخنثى كَمَا تصح قدوة الرجل وَغَيره بِالرجلِ
فيتلخص من ذَلِك تسع صور خَمْسَة صَحِيحَة وَهِي قدوة رجل بِرَجُل خُنْثَى بِرَجُل امْرَأَة بِرَجُل امْرَأَة بخنثى امْرَأَة بِامْرَأَة وَأَرْبَعَة بَاطِلَة وَهِي قدوة رجل بخنثى رجل بِامْرَأَة خُنْثَى بخنثى خُنْثَى بِامْرَأَة
(وَلَا) يَصح أَن يأتم (قارىء) وَهُوَ من يحسن الْفَاتِحَة (بأمي) أمكنه التَّعَلُّم أم لَا والأمي من يخل بِحرف كتخفيف مشدد من الْفَاتِحَة بِأَن لَا يُحسنهُ كأرت بمثناة وَهُوَ من يدغم بإبدال فِي غير مَحل الْإِدْغَام بِخِلَافِهِ بِلَا إِبْدَال كتشديد اللَّام أَو الْكَاف من مَالك وألثغ بمثلثة وَهُوَ من يُبدل حرفا بِأَن يَأْتِي بِغَيْرِهِ بدله كَأَن يَأْتِي بِالْمُثَلثَةِ بدل السِّين فَيَقُول المثتقيم فَإِن أمكن الْأُمِّي التَّعَلُّم وَلم يتَعَلَّم لم تصح صلَاته وَإِلَّا صحت كاقتدائه بِمثلِهِ فِيمَا يخل بِهِ وَكره الِاقْتِدَاء بِنَحْوِ تأتاء كفأفاء ولاحن بِمَا لَا يُغير الْمَعْنى كضم هَاء لله فَإِن غير معنى فِي الْفَاتِحَة كأنعمت بِضَم أَو كسر وَلم يحسن اللاحن الْفَاتِحَة فكأمي فَلَا يَصح اقْتِدَاء القارىء بِهِ وَإِن كَانَ اللّحن فِي غير الْفَاتِحَة كجر اللَّام فِي قَوْله تَعَالَى {أَن الله بَرِيء من الْمُشْركين وَرَسُوله} صحت صلَاته والقدوة بِهِ حَيْثُ كَانَ عَاجِزا عَن التَّعَلُّم أَو جَاهِلا بِالتَّحْرِيمِ أَو نَاسِيا كَونه فِي الصَّلَاة أَو أَن ذَلِك لحن لَكِن الْقدْوَة بِهِ مَكْرُوهَة
أما الْقَادِر الْعَالم الْعَامِد فَلَا تصح صلَاته وَلَا الْقدْوَة بِهِ للْعَالم بِحَالهِ وكالفاتحة فِيمَا ذكر بدلهَا وَلَو بَان إِمَامه بعد اقتدائه بِهِ كَافِرًا وَلَو مخفيا كفره كزنديق وَجَبت الْإِعَادَة لتَقْصِيره بترك الْبَحْث عَنهُ
نعم لَو لم يبن كفره إِلَّا بقوله وَقد أسلم قبل الِاقْتِدَاء بِهِ فَقَالَ بعد الْفَرَاغ لم أكن أسلمت حَقِيقَة أَو أسلمت ثمَّ ارتددت لم تجب الْإِعَادَة لِأَنَّهُ كَافِر بذلك فَلَا يقبل خَبره لَا إِن بَان ذَا حدث وَلَو حَدثا أكبر أَو ذَا

(1/167)


نَجَاسَة خُفْيَة فِي ثَوْبه أَو بدنه فَلَا تجب الْإِعَادَة على الْمُقْتَدِي لانْتِفَاء التَّقْصِير بِخِلَاف الظَّاهِرَة فَتجب فِيهَا الْإِعَادَة كَمَا لَو بَان إِمَامه أُمِّيا
وَلَو اقْتدى رجل بخنثى فَبَان الإِمَام رجلا لم يسْقط الْقَضَاء لعدم صِحَة الْقدْوَة فِي الظَّاهِر لتردد الْمَأْمُوم فِي صِحَة صلَاته عِنْدهَا
وثالث الشُّرُوط اجْتِمَاع الإِمَام وَالْمَأْمُوم بمَكَان كَمَا عهد عَلَيْهِ الْجَمَاعَات فِي الْعَصْر الخالية ولاجتماعهما أَرْبَعَة أَحْوَال لِأَنَّهُمَا إِمَّا أَن يَكُونَا بِمَسْجِد أَو بِغَيْرِهِ من فضاء أَو بِنَاء أَو يكون أَحدهمَا بِمَسْجِد وَالْآخر خَارجه (و) إِذا كَانَا بِمَسْجِد ف (أَي مَوضِع صلى) الْمَأْمُوم (فِي الْمَسْجِد) وَمِنْه رحبته (بِصَلَاة الإِمَام فِيهِ) أَي الْمَسْجِد (وَهُوَ عَالم بِصَلَاتِهِ) أَي الإِمَام ليتَمَكَّن من مُتَابَعَته بِرُؤْيَتِهِ أَو بعض صف أَو نَحْو ذَلِك كسماع صَوته أَو صَوت مبلغ (أَجزَأَهُ) أَي كَفاهُ ذَلِك فِي صِحَة الِاقْتِدَاء بِهِ وَإِن بَعدت مسافته وحالت أبنية نَافِذَة إِلَيْهِ كبئر أَو سطح سَوَاء أغلقت أَبْوَابهَا أم لَا وَسَوَاء أَكَانَ أَحدهمَا أَعلَى من الآخر أم لَا كَأَن وقف أَحدهمَا على سطحه أَو منارته وَالْآخر فِي سرداب أَو بِئْر فِيهِ لِأَنَّهُ كُله مَبْنِيّ للصَّلَاة فالمجتمعون فِيهِ مجتمعون لإِقَامَة الْجَمَاعَة مؤدون لشعارها فَإِن لم تكن نَافِذَة إِلَيْهِ لم يعد الْجَامِع لَهما مَسْجِدا وَاحِدًا فَيضر الشباك والمساجد المتلاصقة الَّتِي تفتح أَبْوَاب بَعْضهَا إِلَى بعض كمسجد وَاحِد وَإِن انْفَرد كل مِنْهَا بِإِمَام وَجَمَاعَة
وَمحل ذَلِك (مَا لم يتَقَدَّم) الْمَأْمُوم (عَلَيْهِ) أَي الإِمَام فِي غير الْمَسْجِد الْحَرَام كَمَا مر (وَإِن صلى) الإِمَام فِي الْمَسْجِد وَالْمَأْمُوم (خَارج الْمَسْجِد) حَالَة كَونه (قَرِيبا مِنْهُ) أَي من الْمَسْجِد بِأَن لَا يزِيد مَا بَينهمَا على ثَلَاثمِائَة ذِرَاع تَقْرِيبًا مُعْتَبرا من آخر الْمَسْجِد لِأَن الْمَسْجِد كُله شَيْء وَاحِد لِأَنَّهُ مَحل الصَّلَاة فَلَا يدْخل فِي الْحَد الْفَاصِل (وَهُوَ عَالم بِصَلَاتِهِ) أَي الإِمَام الَّذِي فِي الْمَسْجِد بِأحد الْأُمُور الْمُتَقَدّمَة (وَلَا حَائِل هُنَاكَ) بَينهمَا كالباب المفتوح الَّذِي لَا يمْنَع الاستطراق والمشاهدة (جَازَ) الِاقْتِدَاء حِينَئِذٍ فَلَو كَانَ الْمَأْمُوم فِي الْمَسْجِد وَالْإِمَام خَارجه اعْتبرت الْمسَافَة من طرفه الَّذِي يَلِي الإِمَام فَإِن حَال جِدَار لَا بَاب فِيهِ أَو بَاب مغلق منع الِاقْتِدَاء لعدم الِاتِّصَال وَكَذَا الْبَاب الْمَرْدُود والشباك يمْنَع لحُصُول الْحَائِل من وَجه إِذْ الْبَاب الْمَرْدُود مَانع من الْمُشَاهدَة والشباك مَانع من الاستطراق
قَالَ الأسنوي نعم قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ لَو كَانَ الْبَاب مَفْتُوحًا وَقت الْإِحْرَام فانغلق فِي أثْنَاء الصَّلَاة لم يضر انْتهى
أما الْبَاب المفتوح فَيجوز اقْتِدَاء الْوَاقِف بحذائه والصف الْمُتَّصِل بِهِ وَإِن خَرجُوا عَن الْمُحَاذَاة بِخِلَاف الْعَادِل عَن محاذاته فَلَا يَصح اقْتِدَاؤُهُ بِهِ للحائل وَإِن كَانَ الإِمَام وَالْمَأْمُوم بِغَيْر مَسْجِد من فضاء أَو بِنَاء شَرط فِي فضاء وَلَو محطوطا أَو مسقفا أَن لَا يزِيد مَا بَينهمَا وَلَا مَا بَين كل صفّين أَو شَخْصَيْنِ مِمَّن ائتم بِالْإِمَامِ خَلفه أَو بجانبه

(1/168)


على ثَلَاثمِائَة ذِرَاع بِذِرَاع الْآدَمِيّ تَقْرِيبًا أخذا من عرف النَّاس فَإِنَّهُم يعدونهما فِي ذَلِك مُجْتَمعين فَلَا تضر زِيَادَة ثَلَاثَة أَذْرع كَمَا فِي التَّهْذِيب وَغَيره وَإِن كَانَا فِي بناءين كصحن وَصفَة من دَار أَو كَانَ أَحدهمَا بِبِنَاء وَالْآخر بفضاء شَرط مَعَ مَا مر آنِفا إِمَّا عدم حَائِل بَينهمَا يمْنَع مرورا أَو رُؤْيَة أَو وقُوف وَاحِد حذاء منفذ فِي الْحَائِل إِن كَانَ فَإِن حَال مَا يمْنَع مرورا كشباك أَو رُؤْيَة كباب مَرْدُود أَو لم يقف أحد فِيمَا مر لم يَصح الِاقْتِدَاء إِذْ الْحَيْلُولَة بذلك تمنع الِاجْتِمَاع وَإِذا صَحَّ اقْتِدَاء الْوَاقِف فِيمَا مر فَيصح اقْتِدَاء من خَلفه أَو بجانبه وَإِن حيل بَينه وَبَين الإِمَام وَيكون ذَلِك كَالْإِمَامِ لمن خَلفه أَو بجانبه لَا يجوز تقدمه عَلَيْهِ كَمَا لَا يجوز تقدمه على الإِمَام وَلَا يضر فِي جَمِيع مَا ذكر شَارِع وَلَو كثر طروقه وَلَا نهر وَإِن أحْوج إِلَى سباحة لِأَنَّهُمَا لم يعدا للْحَيْلُولَة وَكره ارتفاعه على إِمَامه وَعَكسه حَيْثُ أمكن وقوفهما على مستوى إِلَّا لحَاجَة كتعليم الإِمَام الْمَأْمُومين صفة الصَّلَاة وكتبليغ الْمَأْمُوم تَكْبِيرَة الإِمَام فَيسنّ ارتفاعهما لذَلِك كقيام غير مُقيم من مريدي الصَّلَاة بعد فرَاغ الْإِقَامَة لِأَنَّهُ وَقت الدُّخُول فِي الصَّلَاة سَوَاء أَقَامَ الْمُؤَذّن أم غَيره
أما الْمُقِيم فَيقوم قبل الْإِقَامَة ليقيم قَائِما وَكره ابْتِدَاء نفل بعد شُرُوع الْمُقِيم فِي الْإِقَامَة فَإِن كَانَ فِي النَّفْل أتمه إِن لم يخْش بإتمامه فَوت جمَاعَة بِسَلام الإِمَام وَإِلَّا ندب لَهُ قطعه وَدخل فِيهَا لِأَنَّهَا أولى مِنْهُ
وَالرَّابِع من شُرُوط الِاقْتِدَاء توَافق نظم صلاتيهما فِي الْأَفْعَال الظَّاهِرَة فَلَا يَصح الِاقْتِدَاء مَعَ اختلافه كمكتوبة وكسوف أَو جَنَازَة لتعذر الْمُتَابَعَة وَيصِح الِاقْتِدَاء لمؤد بقاض ومفترض بمتنفل وَفِي طَوِيلَة بقصيرة كَظهر بصبح وَبِالْعَكْسِ وَلَا يضر اخْتِلَاف نِيَّة الإِمَام وَالْمَأْمُوم والمقتدي فِي نَحْو الظّهْر بصبح أَو مغرب كمسبوق فَيتم صلَاته بعد سَلام إِمَامه وَالْأَفْضَل مُتَابَعَته فِي قنوت الصُّبْح وَتشهد أخير فِي الْمغرب وَله فِرَاقه بِالنِّيَّةِ إِذا اشْتغل بهما والمقتدي فِي صبح أَو مغرب بِنَحْوِ ظهر إِذا أتم صلَاته فَارقه بِالنِّيَّةِ وَالْأَفْضَل انْتِظَاره فِي صبح ليسلم مَعَه بِخِلَافِهِ فِي الْمغرب لَيْسَ لَهُ انْتِظَاره لِأَنَّهُ يحدث جُلُوس تشهد لم يَفْعَله الإِمَام ويقنت فِي الصُّبْح إِن أمكنه الْقُنُوت بِأَن وقف الإِمَام يَسِيرا وَإِلَّا تَركه وَلَا سُجُود عَلَيْهِ لتَركه وَله فِرَاقه بِالنِّيَّةِ ليقنت تحصيلا للسّنة
وَالْخَامِس من شُرُوط الِاقْتِدَاء مُوَافَقَته فِي سنَن تفحش مُخَالفَته فِيهَا فعلا وتركا كسجدة تِلَاوَة وَتشهد أول على تَفْصِيل فِيهِ بِخِلَاف مَا لَا تفحش فِيهِ الْمُخَالفَة كجلسة الاسْتِرَاحَة
وَالسَّادِس من شُرُوط الِاقْتِدَاء تَبَعِيَّة إِمَامه بِأَن يتَأَخَّر تحرمه عَن تحرم إِمَامه فَإِن خَالفه لم تَنْعَقِد صلَاته
وَأَن لَا يسْبقهُ بركنين فعليين وَلَو غير طويلين عَامِدًا عَالما بِالتَّحْرِيمِ وَأَن لَا يتَخَلَّف عَنهُ بهما بِلَا عذر فَإِن خَالف فِي السَّبق أَو التَّخَلُّف بهما وَلَو

(1/169)


غير طويلين بطلت صلَاته لفحش الْمُخَالفَة بِلَا عذر بِخِلَاف سبقه بهما نَاسِيا أَو جَاهِلا لَكِن لَا يعْتد بِتِلْكَ الرَّكْعَة فَيَأْتِي بعد سَلام إِمَامه بِرَكْعَة وَبِخِلَاف سبقه بِرُكْن كَأَن ركع قبله وَإِن عَاد إِلَيْهِ أَو ابْتَدَأَ رفع الِاعْتِدَال قبل رُكُوع إِمَامه لِأَن ذَلِك يسير لكنه فِي الْفعْلِيّ بِلَا عذر حرَام وَبِخِلَاف سبقه بركنين غير فعليين كَقِرَاءَة وركوع أَو تشهد وَصَلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا تجب إِعَادَة ذَلِك وَبِخِلَاف تخلفه بفعلي مُطلقًا أَو بفعليين بِعُذْر كَأَن ابْتَدَأَ إِمَامه هوي السُّجُود وَهُوَ فِي قيام الْقِرَاءَة والسبق بهما يُقَاس بالتخلف بهما وَبِخِلَاف الْمُقَارنَة فِي غير التَّحَرُّم لَكِنَّهَا فِي الْأَفْعَال مَكْرُوهَة مفوتة لفضيلة الْجَمَاعَة كَمَا جزم بِهِ فِي الرَّوْضَة وَهل هِيَ مفوتة لما قَارن فِيهِ فَقَط أَو لجَمِيع الصَّلَاة الظَّاهِر الأول وَأما ثَوَاب الصَّلَاة فَلَا يفوت بارتكاب مَكْرُوه فقد صَرَّحُوا بِأَنَّهُ إِذا صلى بِأَرْض مَغْصُوبَة أَن الْمُحَقِّقين على حُصُول الثَّوَاب فالمكروه أولى والعذر للتخلف كَأَن أسْرع إِمَام قِرَاءَته وَركع قبل إتْمَام مُوَافق لَهُ الْفَاتِحَة وَهُوَ بطيء الْقِرَاءَة فِيهَا فيتمها وَيسْعَى خَلفه مَا لم يسْبق بِأَكْثَرَ من ثَلَاثَة أَرْكَان طَوِيلَة فَإِن سبق بِأَكْثَرَ من الثَّلَاثَة بِأَن لم يفرغ من الْفَاتِحَة إِلَّا وَالْإِمَام قَائِم عَن السُّجُود أَو جَالس للتَّشَهُّد تبعه فِيمَا هُوَ فِيهِ ثمَّ تدارك بعد سَلام إِمَامه مَا فَاتَهُ كمسبوق فَإِن لم يُتمهَا الْمُوَافق لشغله بِسنة كدعاء افْتِتَاح فمعذور كبطيء الْقِرَاءَة فَيَأْتِي فِيهِ مَا مر كمأموم علم أَو شكّ قبل رُكُوعه وَبعد رُكُوع إِمَامه أَنه ترك الْفَاتِحَة فَإِنَّهُ مَعْذُور فَيَقْرَؤُهَا وَيسْعَى خَلفه كَمَا مر فِي بطيء الْقِرَاءَة وَإِن كَانَ علم بذلك أَو شكّ فِيهِ بعد ركوعهما لم يعد إِلَى مَحل قرَاءَتهَا لِيَقْرَأهَا فِيهِ لفوته بل يتبع إِمَامه وَيُصلي رَكْعَة بعد سَلام إِمَامه كمسبوق
وَسن لمسبوق أَن لَا يشْتَغل بعد تحرمه بِسنة كتعوذ بل بِالْفَاتِحَةِ إِلَّا أَن يظنّ إِدْرَاكهَا مَعَ اشْتِغَاله بِالسنةِ وَإِذا ركع إِمَامه وَلم يقْرَأ الْمَسْبُوق الْفَاتِحَة فَإِن لم يشْتَغل بِسنة تبعه وجوبا فِي الرُّكُوع وأجزأه وَسَقَطت عَنهُ الْفَاتِحَة وَإِن اشْتغل بِسنة قَرَأَ وجوبا بِقَدرِهَا من الْفَاتِحَة لتَقْصِيره بعدوله عَن فرض إِلَى سنة سَوَاء أَقرَأ شَيْئا من الْفَاتِحَة أم لَا فَإِن ركع مَعَ الإِمَام بِدُونِ قِرَاءَة بِقَدرِهَا بطلت صلَاته
تَتِمَّة تَنْقَطِع قدوة بِخُرُوج إِمَامه من صلَاته بِحَدَث أَو غَيره وللمأموم قطعهَا بنية الْمُفَارقَة وَكره قطعهَا إِلَّا لعذر كَمَرَض وَتَطْوِيل إِمَام وَتَركه سنة مَقْصُودَة كتشهد أول وَلَو نوى الْقدْوَة مُنْفَرد فِي أثْنَاء صلَاته جَازَ وَتَبعهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ فَإِن فرغ إِمَامه أَولا فَهُوَ كمسبوق أَو فرغ هُوَ أَولا فانتظاره أفضل من مُفَارقَته ليسلم مَعَه وَمَا أدْركهُ مَسْبُوق فَأول صلَاته فَيُعِيد فِي ثَانِيَة صبح الْقُنُوت وَفِي ثَانِيَة مغرب التَّشَهُّد لِأَنَّهُمَا مَحلهمَا فَإِن أدْركهُ فِي رُكُوع مَحْسُوب للْإِمَام وَاطْمَأَنَّ يَقِينا قبل ارْتِفَاع إِمَامه عَن أَقَله أدْرك الرَّكْعَة
وَيكبر مَسْبُوق أدْرك الإِمَام فِي رُكُوع لتحرم ثمَّ لركوع فَلَو كبر وَاحِدَة فَإِن نوى بهَا التَّحَرُّم فَقَط وأتمها قبل هويه انْعَقَدت صلَاته وَإِلَّا لم تَنْعَقِد وَلَو أدْركهُ فِي اعتداله فَمَا بعده وَافقه فِيمَا هُوَ فِيهِ وَفِي ذكر مَا أدْركهُ فِيهِ من تحميد وتسبيح وَتشهد وَدُعَاء وَفِي ذكر انْتِقَاله عَنهُ من تَكْبِير لَا فِي ذكر انْتِقَاله إِلَيْهِ وَإِذا سلم إِمَامه كبر لقِيَامه أَو بدله ندبا إِن كَانَ مَحل جُلُوسه وَإِلَّا فَلَا
وَالْجَمَاعَة فِي الْجُمُعَة ثمَّ صبح الْجُمُعَة ثمَّ صبح غَيرهَا ثمَّ الْعشَاء ثمَّ الْعَصْر أفضل وَأما جمَاعَة الظّهْر وَالْمغْرب فهما سَوَاء

(1/170)