الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع

فصل فِي بَيَان نِصَاب الْغنم وَمَا يجب إِخْرَاجه
(وَأول نِصَاب الْغنم أَرْبَعُونَ) شَاة (وفيهَا شَاة جَذَعَة من الضَّأْن) بِالْهَمْز وَتَركه لَهَا سنة (أَو ثنية من الْمعز) بِفَتْح الْعين لَهَا سنتَانِ (وَفِي مائَة وَإِحْدَى وَعشْرين شَاتَان وَفِي مِائَتَيْنِ وَوَاحِدَة ثَلَاث شِيَاه وَفِي أَرْبَعمِائَة أَربع شِيَاه ثمَّ فِي كل مائَة شَاة) لحَدِيث أنس فِي ذَلِك رَوَاهُ البُخَارِيّ
وَنقل الشَّافِعِي أَن أهل الْعلم لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِك
وَلَو تَفَرَّقت مَاشِيَة الْمَالِك فِي أَمَاكِن فَهِيَ كَالَّتِي فِي مَكَان وَاحِد حَتَّى لَو ملك أَرْبَعِينَ شَاة فِي بلدين لَزِمته الزَّكَاة وَلَو ملك ثَمَانِينَ فِي بلدين فِي كل بلد أَرْبَعُونَ لَا يلْزمه إِلَّا شَاة وَاحِدَة وَإِن بَعدت الْمسَافَة بَينهمَا خلافًا للْإِمَام أَحْمد فَإِنَّهُ يلْزمه عِنْده عِنْد التباعد شَاتَان
تَتِمَّة يجزىء فِي إِخْرَاج الزَّكَاة نوع عَن نوع آخر كضأن عَن معز وَعَكسه من الْغنم وأرحبية عَن مهرية وَعَكسه من الْإِبِل وعراب عَن جواميس وَعَكسه من الْبَقر برعاية الْقيمَة فَفِي ثَلَاثِينَ عَنْزًا وَهِي أُنْثَى الْمعز وَعشر نعجات من الضَّأْن عنز أَو نعجة بِقِيمَة ثَلَاثَة أَربَاع عنز وَربع نعجة وَفِي عكس ذَلِك عَكسه وَلَا يُؤْخَذ نَاقص من ذكر ومعيب وصغير إِلَّا من مثله فِي غير مَا مر من جَوَاز أَخذ ابْن اللَّبُون أَو ألحق أَو الذّكر من الشياه فِي الْإِبِل أَو التبيع فِي الْبَقر فَإِن اخْتلف مَاله نقصا وكمالا واتحد نوعا أخرج كَامِلا برعاية الْقيمَة وَإِن لم يوف تمم بناقص وَلَا يُؤْخَذ خِيَار كحامل وأكولة وَهِي المسمنة للْأَكْل وربي وَهِي الحديثة الْعَهْد بالنتاج بِأَن يمْضِي لَهَا من وِلَادَتهَا نصف شهر كَمَا قَالَه الْأَزْهَرِي أَو شَهْرَان كَمَا نَقله الْجَوْهَرِي إِلَّا بِرِضا مَالِكهَا بأخذها
نعم إِن كَانَت كلهَا

(1/217)


خيارا أَخذ الْخِيَار مِنْهَا إِلَّا الْحَوَامِل فَلَا تُؤْخَذ مِنْهَا حَامِل كَمَا نَقله الإِمَام وَاسْتَحْسنهُ وَتُؤْخَذ زَكَاة سَائِمَة عِنْد وُرُودهَا مَاء لِأَنَّهَا أقرب إِلَى الضَّبْط حِينَئِذٍ فَلَا يكلفهم السَّاعِي ردهَا إِلَى الْبَلَد كَمَا لَا يلْزمه أَن يتبع المراعي فَإِن لم ترد المَاء بِأَن اكتفت بالكلأ وَقت الرّبيع فَعِنْدَ بيُوت أَهلهَا وأفنيتهم وَيصدق مخرجها فِي عَددهَا إِن كَانَ ثِقَة والا فتعد والأسهل عدهَا عِنْد مضيق تمر بِهِ وَاحِدَة وَاحِدَة وبيد كل من الْمَالِك والساعي أَو نائبهما قضيب يشيران بِهِ إِلَى كل وَاحِدَة أَو يصيبان بِهِ ظهرهَا لِأَن ذَلِك أبعد عَن الْغَلَط فَإِن اخْتلفَا بعد الْعد وَكَانَ الْوَاجِب يخْتَلف بِهِ أعادا الْعد

فصل فِي زَكَاة خلْطَة الْأَوْصَاف
وَتسَمى خلْطَة جوَار إِذْ هِيَ الْمَذْكُورَة فِي كَلَامه (والخليطان) من أهل زَكَاة فِي نِصَاب أَو فِي أقل مِنْهُ وَأَحَدهمَا نِصَاب وَلَو فِي غير مَاشِيَة من نقد أَو غَيره كَمَا سَيَأْتِي (يزكيان) وجوبا (زَكَاة) بِالنّصب على نزع الْخَافِض أَي كَزَكَاة المَال (الْوَاحِد) إِجْمَاعًا كَمَا قَالَه الشَّيْخ أَبُو حَامِد (بشرائط سَبْعَة) بل عشرَة مَعَ أَنه جرى فِي وَاحِد مِمَّا ذكره على رَأْي ضَعِيف كَمَا ستعرفه مَعَ إِبْدَاله بِغَيْرِهِ تَصْحِيحا لما ذكره من الْعدَد الأول (إِذا كَانَ المراح وَاحِدًا) وَهُوَ بِضَم الْمِيم اسْم لموْضِع مبيت الْمَاشِيَة
(و) الثَّانِي إِذا كَانَ (المسرح وَاحِدًا) وَهُوَ بِفَتْح الْمِيم وَإِسْكَان الْمُهْملَة اسْم للموضع الَّذِي تَجْتَمِع فِيهِ ثمَّ تساق إِلَى المرعى
(و) الثَّالِث إِذا كَانَ (المرعى وَاحِدًا) وَهُوَ بِفَتْح الْمِيم اسْم للموضع الَّذِي ترعى فِيهِ
(و) الرَّابِع إِذا كَانَ (الْفَحْل) الَّذِي يضر بهَا (وَاحِدًا) أَو أَكثر بِأَن تكون مُرْسلَة تنزو على كل من الماشيتين بِحَيْثُ لَا تخْتَص مَاشِيَة هَذَا بفحل عَن مَاشِيَة الآخر وَإِن كَانَ ملكا لأَحَدهمَا أَو معارا لَهُ أَو لَهما إِلَّا إِذا اخْتلف النَّوْع كضأن ومعز فَلَا يضر اختلافه قطعا للضَّرُورَة
(و) الْخَامِس إِذا كَانَ (المشرب وَاحِدًا) وَهُوَ بِفَتْح الْمِيم مَوضِع شرب الْمَاشِيَة سَوَاء كَانَ من نهر أم من غَيره
(و) السَّادِس إِذا كَانَ (الحالب) وَهُوَ الَّذِي يحلب اللَّبن (وَاحِدًا) على رَأْي ضَعِيف وَهَذَا هُوَ الشَّرْط الَّذِي تقدم الْإِعْلَام

(1/218)


بِأَن المُصَنّف جرى فِيهِ على رَأْي ضَعِيف وَالأَصَح أَنه لَا يشْتَرط اتحاده كجاز الْغنم والإناء الَّذِي يحلب فِيهِ كآلة الجز ويبدل باتحاد الرَّاعِي فَإِنَّهُ شَرط على الْأَصَح وَمَعْنَاهُ كَمَا فِي الرَّوْضَة أَنه لَا يخْتَص أَحدهمَا براع وَلَا يضر تعدد الرُّعَاة
(و) السَّابِع إِذا كَانَ (مَوضِع الْحَلب وَاحِدًا) وَهُوَ بِفَتْح اللَّام يُقَال للبن وللمصدر وَهُوَ المُرَاد هُنَا وَحكي سكونها
وَالثَّامِن إِذا كَانَت الماشيتان نِصَابا كَامِلا أَو أقل من نِصَاب ولأحدهما نِصَاب كَمَا مرت الْإِشَارَة إِلَيْهِ
وَالتَّاسِع مُضِيّ الْحول من وَقت خلطهما إِذا كَانَ المَال حوليا فَلَو ملك كل مِنْهُمَا أَرْبَعِينَ شَاة فِي أول الْمحرم وخلطا فِي أول صفر فالجديد أَنه لَا خلْطَة فِي الْحول بل إِذا جَاءَ الْمحرم وَجب على كل مِنْهُمَا شَاة وَلَو تَفَرَّقت ماشيتهما فِي أثْنَاء الْحول نظر إِن كَانَ زَمَانا طَويلا عرفا وَلَو بِلَا قصد ضرّ وَإِن كَانَ يَسِيرا وَلم يعلمَا بِهِ لم يضر فَإِن علما بِهِ وَأَقَرَّاهُ أَو قصدا ذَلِك أَو علمه أَحدهمَا فَقَط ضرّ كَمَا قَالَه الْأَذْرَعِيّ
والعاشر أَن يَكُونَا من أهل الزَّكَاة كَمَا مرت الْإِشَارَة إِلَيْهِ فَلَو كَانَ النّصاب الْمَخْلُوط بَين مُسلم وَكَافِر أَو مكَاتب لم تُؤثر هَذِه الْخلطَة شَيْئا بل يعْتَبر نصيب من هُوَ من أهل الزَّكَاة إِن كَانَ بلغ نِصَابا زكى زَكَاة الْمُنْفَرد وَإِلَّا فَلَا زَكَاة وَلَا تشْتَرط نِيَّة الْخلطَة فِي الْأَصَح لِأَن خفَّة الْمُؤْنَة باتحاد الْمرَافِق لَا تخْتَلف بِالْقَصْدِ وَعَدَمه وَإِنَّمَا اشْترط الِاتِّحَاد فِيمَا مر ليجتمع المالان كَالْمَالِ الْوَاحِد ولتخف الْمُؤْنَة على المحسن بِالزَّكَاةِ
تَنْبِيه مثل خلْطَة الْجوَار خلْطَة الشّركَة وَتسَمى خلْطَة أَعْيَان لِأَن كل عين مُشْتَركَة وخلطة شيوع
تَتِمَّة الْأَظْهر تَأْثِير خلْطَة الثَّمر وَالزَّرْع والنقد وعروض التِّجَارَة باشتراك أَو مجاورة كَمَا فِي الْمَاشِيَة وَإِنَّمَا توثر خلْطَة الْجوَار فِي الثَّمر وَالزَّرْع بِشَرْط أَن لَا يتَمَيَّز الناطور وَهُوَ بِالْمُهْمَلَةِ أشهر من الْمُعْجَمَة حَافظ الزَّرْع وَالشَّجر والجرين وَهُوَ بِفَتْح الْجِيم مَوضِع تجفيف الثِّمَار والبيدر وَهُوَ بِفَتْح الْمُوَحدَة وَالدَّال الْمُهْملَة مَوضِع تصفية الْحِنْطَة وَفِي النَّقْد وعروض التِّجَارَة بِشَرْط أَن لَا يتَمَيَّز الدّكان والحارس وَمَكَان الْحِفْظ كخزانة وَنَحْو ذَلِك كالميزان والوزان والنقاد والمنادي والحراث وجداد النّخل والكيال والحمال والمتعهد والملقح والحصاد وَمَا يسقى بِهِ لَهما فَإِذا كَانَ لكل مِنْهُمَا نخيل أَو زرع مجاور لنخيل الآخر أَو لزرعه أَو لكل وَاحِد كيس فِيهِ نقد فِي صندوق وَاحِد وأمتعة تِجَارَة فِي مخزن وَاحِد وَلم يتَمَيَّز أَحدهمَا عَن الآخر بِشَيْء مِمَّا سبق ثبتَتْ الْخلطَة لِأَن الْمَالَيْنِ يصيران بذلك كَالْمَالِ الْوَاحِد كَمَا دلّت عَلَيْهِ السّنة فِي الْمَاشِيَة

فصل فِي بَيَان نِصَاب الذَّهَب وَالْفِضَّة
وَمَا يجب إِخْرَاجه وَالْأَصْل فِي ذَلِك قبل الْإِجْمَاع مَعَ مَا يَأْتِي قَوْله تَعَالَى {وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة}

(1/219)


والكنز هُوَ الَّذِي لم تُؤَد زَكَاته (ونصاب الذَّهَب) الْخَالِص وَلَو غير مَضْرُوب (عشرُون مِثْقَالا) بِالْإِجْمَاع بِوَزْن مَكَّة لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمِكْيَال مكيال الْمَدِينَة وَالْوَزْن وزن مَكَّة وَهَذَا الْمِقْدَار تَحْدِيد فَلَو نقص فِي ميزَان وَتمّ فِي أُخْرَى فَلَا زَكَاة على الْأَصَح للشَّكّ فِي النّصاب والمثقال لم يتَغَيَّر جَاهِلِيَّة وَلَا إسلاما وَهُوَ اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ حَبَّة وَهِي شعيرَة معتدلة لم تقشر وَقطع من طرفيها مَا دق وَطَالَ (وَفِيه) أَي نِصَاب الذَّهَب (ربع الْعشْر) وَهُوَ نصف مِثْقَال تحديدا لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ فِي أقل من عشْرين دِينَارا شَيْء وَفِي عشْرين نصف دِينَار (وَفِيمَا زَاد) على النّصاب (فبحسابه) وَلَو يَسِيرا (ونصاب الْوَرق) وَهُوَ بِكَسْر الرَّاء الْفضة وَلَو غير مَضْرُوبَة (مِائَتَا دِرْهَم) خَالِصَة بِوَزْن مَكَّة تحديدا لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ فِيمَا دون خمس أَوَاقٍ من الْوَرق صَدَقَة وَالْأُوقِية بِضَم الْهمزَة وَتَشْديد الْيَاء على الْأَشْهر أَرْبَعُونَ درهما بالنصوص الْمَشْهُورَة وَالْإِجْمَاع قَالَه فِي الْمَجْمُوع وَالْمرَاد بِالدَّرَاهِمِ الدَّرَاهِم الإسلامية الَّتِي كل عشرَة مِنْهَا سَبْعَة مَثَاقِيل وكل عشرَة مَثَاقِيل أَرْبَعَة عشر درهما وسبعان وَكَانَت فِي الْجَاهِلِيَّة مُخْتَلفَة ثمَّ ضربت فِي زمن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَقيل عبد الْملك على هَذَا الْوَزْن وَأجْمع الْمُسلمُونَ عَلَيْهِ وَوزن الدِّرْهَم سِتَّة دوانق والدانق ثَمَان حبات وخمسا حَبَّة فالدرهم خَمْسُونَ حَبَّة وخمسا حَبَّة وَمَتى زيد على الدِّرْهَم ثَلَاثَة أسباعه كَانَ مِثْقَالا وَمَتى نقص من المثقال ثَلَاثَة أعشاره كَانَ درهما لِأَن المثقال عشرَة أَسْبَاع فَإِذا نقص مِنْهَا ثَلَاثَة بَقِي دِرْهَم (وفيهَا) أَي الدَّرَاهِم الْمَذْكُورَة (ربع الْعشْر) مِنْهُ (وَهُوَ خَمْسَة دَرَاهِم) لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي الرقة ربع الْعشْر (وَمَا زَاد) على النّصاب وَلَو يَسِيرا (فبحسابه) وَالْفرق بَينهمَا وَبَين الْمَوَاشِي ضَرَر الْمُشَاركَة وَالْمعْنَى فِي ذَلِك أَن الذَّهَب وَالْفِضَّة معدان للنماء كالماشية السَّائِمَة وهما من أشرف نعم الله تَعَالَى على عباده إِذْ بهما قوام الدُّنْيَا ونظام أَحْوَال الْخلق فَإِن حاجات النَّاس كَثِيرَة وَكلهَا تقضى بهما بِخِلَاف غَيرهمَا من الْأَمْوَال فَمن كنزهما فقد أبطل الْحِكْمَة الَّتِي خلقا لَهَا كمن حبس قَاضِي الْبَلَد وَمنعه أَن يقْضِي حوائج النَّاس وَلَا يكمل نِصَاب أحد النَّقْدَيْنِ بِالْآخرِ لاخْتِلَاف الْجِنْس كَمَا لَا يكمل نِصَاب التَّمْر بالزبيب ويكمل الْجيد بالرديء من الْجِنْس الْوَاحِد وَعَكسه كَمَا فِي الْمَاشِيَة وَالْمرَاد بالجودة النعومة وَنَحْوهَا وبالرداء الخشونة وَنَحْوهَا وَيُؤْخَذ من كل نوع بِقسْطِهِ إِن سهل الْأَخْذ بِأَن قلت أَنْوَاعه فَإِن كثرت وشق اعْتِبَار الْجَمِيع أَخذ من الْوسط كَمَا فِي المعشرات وَلَا يجزىء رَدِيء عَن جيد وَلَا مكسور عَن صَحِيح كَمَا لَو أخرج مَرِيضَة عَن صِحَاح قَالُوا ويجزىء عَكسه بل هُوَ أفضل لِأَنَّهُ زَاد خيرا فَيسلم الْمخْرج الدِّينَار الصَّحِيح أَو الْجيد إِلَى من يُوكله الْفُقَرَاء مِنْهُم أَو من غَيرهم
قَالَ فِي الْمَجْمُوع وَإِن لزمَه نصف دِينَار سلم إِلَيْهِم دِينَارا نصفه عَن الزَّكَاة وَنصفه يبْقى لَهُ مَعَهم أَمَانَة ثمَّ يتفاصل هُوَ وهم فِيهِ بِأَن يبيعوه

(1/220)


لأَجْنَبِيّ ويتقاسموا ثمنه أَو يشتروا مِنْهُ نصفه أَو يَشْتَرِي هُوَ نصفهم لَكِن يكره لَهُ شِرَاء صدقته مِمَّن تصدق عَلَيْهِ سَوَاء فِيهِ الزَّكَاة وَصدقَة التَّطَوُّع وَلَا شَيْء فِي الْمَغْشُوش وَهُوَ الْمُخْتَلط بِمَا هُوَ أدون مِنْهُ كذهب بِفِضَّة وَفِضة بنحاس حَتَّى يبلغ خالصه نِصَابا فَإِذا بلغه أخرج الْوَاجِب خَالِصا أَو مغشوشا خالصه قدر الْوَاجِب وَكَانَ مُتَطَوعا بِالنُّحَاسِ وَيكرهُ للْإِمَام ضرب الْمَغْشُوش لخَبر الصَّحِيحَيْنِ من غَشنَا فَلَيْسَ منا وَلِئَلَّا يغش بِهِ بعض النَّاس بَعْضًا فَإِن علم معيارها صحت الْمُعَامَلَة بهَا وَكَذَا إِذا كَانَت مَجْهُولَة على الْأَصَح كَبيع الغالية والمعجونات
وَيكرهُ لغير الإِمَام ضرب الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير وَلَو خَالِصَة لِأَنَّهُ من شَأْن الإِمَام وَلِأَن فِيهِ افتياتا عَلَيْهِ
(وَلَا تجب فِي الْحلِيّ الْمُبَاح) من ذهب أَو فضَّة كخلخال لامْرَأَة (زَكَاة) لِأَنَّهُ معد لاستعمال مُبَاح فَأشبه العوامل من النعم ويزكى الْمحرم من حلي وَمن غَيره كالأواني بِالْإِجْمَاع وَكَذَا الْمَكْرُوه كالضبة الْكَبِيرَة من الْفضة للْحَاجة وَالصَّغِيرَة للزِّينَة وَمن الْمحرم الْميل للْمَرْأَة وَغَيرهَا فَيحرم عَلَيْهِمَا
نعم لَو اتخذ شخص ميلًا من ذهب أَو فضَّة لجلاء عينه فَهُوَ مُبَاح فَلَا زَكَاة فِيهِ والسوار والخلخال للبس الرجل بِأَن يَقْصِدهُ باتخاذهما فهما محرمان بِالْقَصْدِ وَالْخُنْثَى فِي حلي النِّسَاء كَالرّجلِ وَفِي حلي الرِّجَال كَالْمَرْأَةِ احْتِيَاطًا للشَّكّ فِي إِبَاحَته فَلَو اتخذ الرجل سوارا مثلا بِلَا قصد لَا للبس وَلَا لغيره أَو بِقصد إِجَارَته لمن لَهُ اسْتِعْمَاله بِلَا كَرَاهَة فَلَا زَكَاة فِيهِ لانْتِفَاء الْقَصْد الْمحرم وَالْمَكْرُوه وَكَذَا لَو انْكَسَرَ الْحلِيّ الْمُبَاح للاستعمال وَقصد إِصْلَاحه وَأمكن بِلَا صوغ فَلَا زَكَاة أَيْضا وَإِن دَامَ أحوالا لدوام صُورَة الْحلِيّ وَقصد إِصْلَاحه وَحَيْثُ أَوجَبْنَا الزَّكَاة فِي الْحلِيّ وَاخْتلفت قِيمَته ووزنه فَالْعِبْرَة بِقِيمَتِه لَا بوزنه بِخِلَاف الْمحرم لعَينه كالأواني فَالْعِبْرَة بوزنه لَا بِقِيمَتِه فَلَو كَانَ لَهُ حلي وَزنه مِائَتَا دِرْهَم وَقِيمَته ثلثمِائة تخير بَين أَن يخرج ربع عشره مشَاعا ثمَّ يَبِيعهُ السَّاعِي بِغَيْر جنسه وَيفرق ثمنه على الْمُسْتَحقّين أَو يخرج خَمْسَة مصوغة قيمتهَا سَبْعَة وَنصف نَقْدا وَلَا يجوز كَسره ليعطي مِنْهُ خَمْسَة مكسرة لِأَن فِيهِ ضَرَرا عَلَيْهِ وعَلى الْمُسْتَحقّين أَو كَانَ لَهُ إِنَاء كَذَلِك تخير بَين أَن يخرج خَمْسَة من غَيره أَو يكسرهُ وَيخرج خَمْسَة أَو يخرج ربع عشره مشَاعا وَيحرم على الرجل حلي الذَّهَب وَلَو فِي آلَة الْحَرْب لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحل الذَّهَب وَالْحَرِير لإناث أمتِي وَحرم على ذكورها إِلَّا الْأنف إِذا جدع فَإِنَّهُ يجوز أَن يتَّخذ من الذَّهَب لِأَن بعض الصَّحَابَة قطع أَنفه فِي غَزْوَة فَاتخذ أنفًا من فضَّة فَأَنْتن عَلَيْهِ فَأمره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَتَّخِذهُ من ذهب وَإِلَّا الْأُنْمُلَة فَإِنَّهُ يجوز اتخاذها لمن قطعت مِنْهُ وَلَو لكل أصْبع من الذَّهَب قِيَاسا على الْأنف وَإِلَّا السن فَإِنَّهُ يجوز لمن قلعت سنه اتِّخَاذ سنّ من ذهب وَإِن تعدّدت قِيَاسا أَيْضا على الْأنف وَيحرم سنّ الْخَاتم من الذَّهَب على الرجل وَهِي الشعبة الَّتِي يسْتَمْسك بهَا الفص وَيحل للرجل من الْفضة الْخَاتم بِالْإِجْمَاع وَلِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اتخذ خَاتمًا من فضَّة بل لبسه سنة سَوَاء أَكَانَ فِي الْيَمين أم فِي الْيَسَار لَكِن الْيَمين أفضل وَالسّنة أَن يَجْعَل الفص مِمَّا يَلِي كَفه
وَلَا يكره للْمَرْأَة لبس خَاتم الْفضة
تَنْبِيه لم يتَعَرَّض الْأَصْحَاب لمقدار الْخَاتم الْمُبَاح ولعلهم اكتفوا فِيهِ بِالْعرْفِ أَي عرف تِلْكَ الْبَلدة وَعَادَة أَمْثَاله فِيهَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمد وَإِن قَالَ الْأَذْرَعِيّ الصَّوَاب ضَبطه بِدُونِ مِثْقَال
وَلَو اتخذ الرجل خَوَاتِم كَثِيرَة ليلبس الْوَاحِدَة مِنْهَا بعد الْوَاحِد جَازَ كَمَا فِي الرَّوْضَة وَأَصلهَا فَإِن لبسهَا مَعًا جَازَ مَا لم يود إِلَى إِسْرَاف كَمَا يُؤْخَذ من كَلَامهم وَلَو تختم الرجل فِي غير الْخِنْصر جَازَ مَعَ الْكَرَاهَة كَمَا فِي شرح مُسلم وَيحل للرجل من الْفضة تحلية آلَة الْحَرْب كالسيف وَالرمْح والمنطقة لَا مَا لَا يلْبسهُ كالسرج واللجام وَلَيْسَ للْمَرْأَة تحلية آلَة الْحَرْب بِذَهَب وَلَا

(1/221)


فضَّة وَلها لبس أَنْوَاع حلي الذَّهَب وَالْفِضَّة كالسوار وَكَذَا مَا نسج بهما من الثِّيَاب
وَتحرم الْمُبَالغَة فِي السَّرف كخلخال وَزنه مِائَتَا دِينَار وَكَذَا يحرم إِسْرَاف الرجل فِي آلَة الْحَرْب
وَيجوز تحلية الْمُصحف بِفِضَّة للرجل وَالْمَرْأَة وَيجوز لَهَا فَقَط بِذَهَب لعُمُوم أحل الذَّهَب وَالْحَرِير لإناث أمتِي قَالَ الْغَزالِيّ وَمن كتب الْمُصحف بِذَهَب فقد أحسن وَلَا زَكَاة فِي سَائِر الْجَوَاهِر كَاللُّؤْلُؤِ والياقوت لعدم وُرُودهَا فِي ذَلِك