الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع

فصل فِي بَيَان نِصَاب الْإِبِل وَمَا يجب إِخْرَاجه
(وَأول نِصَاب الْإِبِل خمس) لحَدِيث لَيْسَ فِيمَا دون خمس ذود من الْإِبِل صَدَقَة (وفيهَا شَاة) وَإِنَّمَا وَجَبت الشَّاة وَإِن كَانَ وُجُوبهَا على خلاف الأَصْل للرفق بالفريقين لِأَن إِيجَاب الْبَعِير يضر بالمالك وَإِيجَاب جُزْء من بعير وَهُوَ الْخمس يضر بِهِ وبالفقراء (وَفِي عشْرين شَاتَان وَفِي خمس عشرَة ثَلَاث شِيَاه وَفِي عشْرين أَربع شِيَاه) وَالشَّاة الْوَاجِبَة فِيمَا دون خمس وَعشْرين من الْإِبِل جَذَعَة ضَأْن لَهَا سنة أَو أجذعت مقدم أسنانها وَإِن لم يتم لَهَا سنة كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي الْأُضْحِية وَنزل ذَلِك منزلَة الْبلُوغ بِالسِّنِّ أَو الِاحْتِلَام أَو ثنية معز لَهَا سنتَانِ فَهُوَ مُخَيّر بَين الْجَذعَة والثنية وَلَا يتَعَيَّن غَالب غنم الْبَلَد لخَبر فِي كل خمس شَاة وَالشَّاة تطلق على الضَّأْن والمعز لَكِن لَا يجوز الِانْتِقَال إِلَى غنم بلد أُخْرَى إِلَّا بِمِثْلِهَا فِي الْقيمَة أَو خير مِنْهَا ويجزىء الْجذع من الضَّأْن أَو الثني من الْمعز كالأضحية وَإِن كَانَت الْإِبِل إِنَاثًا لصدق اسْم الشَّاة عَلَيْهِ ويجزىء بعير الزَّكَاة عَن دون خمس وَعشْرين عوضا عَن الشَّاة الْوَاحِدَة أَو الشياه المتعددة وَإِن لم يساو قيمَة الشَّاة لِأَنَّهُ يجزىء عَن خمس وَعشْرين كَمَا سَيَأْتِي فعما

(1/215)


دونهَا أولى وأفادت إِضَافَته إِلَى الزَّكَاة اعْتِبَار كَونه أُنْثَى بنت مَخَاض فَمَا فَوْقهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوع (وَفِي خمس وَعشْرين) من الْإِبِل (بنت مَخَاض من الْإِبِل) وَهِي الَّتِي لَهَا سنة وطعنت فِي الثَّانِيَة سميت بذلك لِأَن أمهَا بعد سنة من وِلَادَتهَا تحمل مرّة أُخْرَى فَتَصِير من الْمَخَاض أَي الْحَوَامِل (وَفِي سِتّ وَثَلَاثِينَ بنت لبون) من الْإِبِل وَهِي الَّتِي تمّ لَهَا سنتَانِ وطعنت فِي الثَّالِثَة سميت بِهِ لِأَن أمهَا آن لَهَا أَن تَلد فَتَصِير لبونا (وَفِي سِتّ وَأَرْبَعين حقة) من الْإِبِل بِكَسْر الْحَاء وَهِي الَّتِي لَهَا ثَلَاث سِنِين وطعنت فِي الرَّابِعَة سميت بذلك لِأَنَّهَا اسْتحقَّت أَن تركب ويطرقها الْفَحْل وَيحمل عَلَيْهَا وَلَو أخرج بدلهَا بِنْتي لبون أَجزَأَهُ كَمَا فِي الزَّوَائِد (وَفِي إِحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَة) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة من الْإِبِل وَهِي الَّتِي تمّ لَهَا أَربع سِنِين وطعنت فِي الْخَامِسَة سميت بذلك لِأَنَّهَا أجذعت مقدم أسنانها أَي أسقطته وَقيل لتكامل أسنانها وَهُوَ آخر أَسْنَان الزَّكَاة وَاعْتبر فِي الْجَمِيع الْأُنُوثَة لما فِيهَا من رفق الدّرّ والنسل
وَلَو أخرج بدل الْجَذعَة حقتين أَو بِنْتي لبون أَجزَأَهُ على الْأَصَح لِأَنَّهُمَا يجزئان عَمَّا زَاد (وَفِي سِتّ وَسبعين بِنْتا لبون) من الْإِبِل (وَفِي إِحْدَى وَتِسْعين حقتان) من الْإِبِل (وَفِي مائَة وَإِحْدَى وَعشْرين ثَلَاث بَنَات لبون) من الْإِبِل (ثمَّ) يسْتَمر ذَلِك إِلَى مائَة وَثَلَاثِينَ فيتغير الْوَاجِب فِيهَا وَفِي كل عشرَة بعْدهَا (فِي كل أَرْبَعِينَ) من الْإِبِل (بنت لبون) مِنْهَا (وَفِي كل خمسين حقة) مِنْهَا كَمَا روى ذَلِك كُله البُخَارِيّ مقطعا فِي عشرَة مَوَاضِع وَأَبُو دَاوُد بِكَمَالِهِ
تَنْبِيه قَول المُصَنّف ثمَّ فِي كل أَرْبَعِينَ إِلَى آخِره
قد يَقْتَضِي لَوْلَا مَا قدرته أَن استقامة الْحساب بذلك إِنَّمَا تكون فِيمَا بعد مائَة وَإِحْدَى وَعشْرين وَلَيْسَ مرَادا بل يتَغَيَّر الْوَاجِب بِزِيَادَة تسع ثمَّ بِزِيَادَة عشر كَمَا قررت بِهِ كَلَامه فَإِن عدم بنت مَخَاض فَابْن لبون وَإِن كَانَ أقل قيمَة مِنْهَا
وَبنت الْمَخَاض المعيبة والمغصوبة الْعَاجِز عَن تَخْلِيصهَا والمرهونة بمؤجل أَو حَال وَعجز عَن تَخْلِيصهَا كمعدومة وَلَا يُكَلف أَن يخرج بنت مَخَاض كَرِيمَة لَكِن تمنع الْكَرِيمَة عِنْده ابْن لبون وَحقا لوُجُود بنت مَخَاض مجزئة فِي مَاله وَيُؤْخَذ الْحق عَن بنت مَخَاض عِنْد فقدها لَا عَن بنت لبون عِنْد فقدها

فصل فِي بَيَان نِصَاب الْبَقر وَمَا يجب إِخْرَاجه
(وَأول نِصَاب الْبَقر ثَلَاثُونَ فَيجب فِيهِ) أَي النّصاب (تبيع) ابْن سنة سمي بذلك لِأَنَّهُ يتبع أمه فِي المرعى (وَفِي كل أَرْبَعِينَ مُسِنَّة) لَهَا سنتَانِ سميت بذلك لتكامل أسنانها وَذَلِكَ لما روى التِّرْمِذِيّ وَغَيره عَن معَاذ قَالَ بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْيمن فَأمرنِي أَن آخذ من كل أَرْبَعِينَ بقرة مُسِنَّة وَمن كل ثَلَاثِينَ تبيعا وَصَححهُ الْحَاكِم وَغَيره
وَالْبَقَرَة تقال للذّكر وَالْأُنْثَى وَلَو أخرج بدل المسنة تبيعين أَجزَأَهُ على الْمَذْهَب (وعَلى هَذَا) الحكم (أبدا فقس) عِنْد الزِّيَادَة فَفِي سِتِّينَ تبيعان وَفِي سبعين تبيع ومسنة وَفِي ثَمَانِينَ مسنتان وَفِي تسعين ثَلَاثَة أتبعة وَفِي مائَة مُسِنَّة وتبيعان وَفِي مائَة وَعشرَة مسنتان وتبيع وَفِي مائَة وَعشْرين ثَلَاث مسنات أَو أَرْبَعَة أتبعة

(1/216)


تَنْبِيه قد تلخص أَن الْفَرْض بعد الْأَرْبَعين لَا يتَغَيَّر إِلَّا بِزِيَادَة عشْرين ثمَّ يتَغَيَّر بِزِيَادَة كل عشرَة وَفِي مائَة وَعشْرين يتَّفق فرضان وَإِذا اتّفق فِي إبل أَو بقر فرضان فِي نِصَاب وَاحِد وَجب فيهمَا الأغبط مِنْهُمَا وَهُوَ الأنفع للمستحقين فَفِي مِائَتي بعير أَو مائَة وَعشْرين بقرة يجب فيهمَا الأغبط من أَربع حقاق وَخمْس بَنَات لبون وَثَلَاث مسنات وَأَرْبَعَة أتبعة إِن وجدا بِمَالِه بِصفة الْإِجْزَاء لِأَن كلا مِنْهُمَا فَرضهَا فَإِذا اجْتمعَا روعي مَا فِيهِ حَظّ الْمُسْتَحقّين إِذْ لَا مشقة فِي تَحْصِيله وأجزأه غير الأغبط بِلَا تَقْصِير من الْمَالِك أَو السَّاعِي للْعُذْر وجبر التَّفَاوُت لنَقص حق الْمُسْتَحقّين بِنَقْد الْبَلَد أَو جُزْء من الأغبط أما مَعَ التَّقْصِير من الْمَالِك بِأَن دلّس أَو من السَّاعِي بِأَن لم يجْتَهد وَإِن ظن أَنه الأغبط فَلَا يجزىء للتقصيد وَإِن وجد أَحدهمَا بِمَالِه أَخذ وَإِن وجد شَيْء من الآخر إِذْ النَّاقِص كَالْمَعْدُومِ وَإِن لم يُوجد أَو أَحدهمَا بِمَالِه بِصفة الْإِجْزَاء فَلهُ تَحْصِيل مَا شَاءَ مِنْهُمَا كلا أَو بَعْضًا مِنْهُمَا بشرَاء أَو غَيره وَلَو غير أغبط لما فِي تعْيين الأغبط من الْمَشَقَّة فِي تَحْصِيله
تَتِمَّة لمن عدم وَاجِبا من الْإِبِل وَلَو جَذَعَة فِي مَاله أَن يصعد دَرَجَة وَيَأْخُذ جبرانا وَإِبِله سليمَة أَو ينزل دَرَجَة وَيُعْطِي الْجبرَان كَمَا جَاءَ ذَلِك فِي خبر أنس فالخيرة فِي الصعُود وَالنُّزُول للْمَالِك لِأَنَّهُمَا شرعا تَخْفِيفًا عَلَيْهِ والجبران شَاتَان بِالصّفةِ أَو عشرُون درهما نقرة خَالِصَة بخيرة الدَّافِع ساعيا كَانَ أَو مَالِكًا وَله صعُود دَرَجَتَيْنِ فَأكْثر ونزول دَرَجَتَيْنِ فَأكْثر مَعَ تعدد الْجبرَان هَذَا عِنْد عدم الْقُرْبَى فِي جِهَة المخرجة
وَلَا يَتَبَعَّض جبران فَلَا تجزىء شَاة وَعشرَة دَرَاهِم بجبران وَاحِد إِلَّا لمَالِك رَضِي بذلك لِأَن الْجبرَان حَقه فَلهُ إِسْقَاطه أما الجبرانان فَيجوز تبعيضهما فيجزىء شَاتَان وَعِشْرُونَ درهما لجبرانين كالكفارتين وَلَا جبران فِي غير الْإِبِل من بقر أَو غنم