الإقناع في الفقه الشافعي

= كتاب الْجِهَاد
وَفرض الْجِهَاد على الْكِفَايَة يَتَوَلَّاهُ الإِمَام مَا لم يتَعَيَّن وَأَقل مَا عَلَيْهِ أَن لَا يأتى عَام إِلَّا وَله فِيهِ غزَاة إِمَّا بِنَفسِهِ أَو بسراياه
فَإِن لم يقم بِهِ مَعَ الإِمَام من فِيهِ كِفَايَة خرج النَّاس حَتَّى يقوم بِهِ مِنْهُم من فِيهِ كِفَايَة
وَإِن سَار الْعَدو إِلَيْهِم تعين فرض جهاده على كل من أطَاق دَفعه من

(1/175)


الْمُسلمين حَتَّى يردوا
وَأهل الْجِهَاد من أطَاق الْقِتَال من الْمُسلمين الْأَحْرَار الْبَالِغين إِذا وجدوا زادا وراحلة
وَيبدأ الإِمَام بِقِتَال من يَلِيهِ من الْمُشْركين إِلَّا أَن يكون من الْبعدَاء أخوف فَيبْدَأ بقتالهم وَإِذا كَانُوا من جِهَات أَقَامَ بِإِزَاءِ كل جِهَة مِنْهَا من يكافئها
وَلَا يَغْزُو قوم بِغَيْر إِذن الإِمَام فَإِن فعلوا قسم فيهم مَا غنموا بعد تخميسه
وَيجوز قِتَالهمْ مُقْبِلين ومدبرين وَينصب عَلَيْهِم المنجنيقات وتلقى عَلَيْهِم الأفاعي والحيات والعقارب وَيُوضَع عَلَيْهِم التحريق والبيات وَيقطع شجرهم وَإِن كَانَ مثمرا
وَمن أسر من رِجَالهمْ كَانَ الإِمَام مُخَيّرا فِيهِ بَين أَرْبَعَة أَشْيَاء يفعل مِنْهَا مَا يُؤَدِّيه اجْتِهَاده الصَّحِيح إِلَيْهِ يقْتله إِن رأى أَو يسترقه أَو يفادي بِهِ على مَال أَو أسرى أَو يمن عَلَيْهِ
فَإِن أسلم بعد الْقُدْرَة عَلَيْهِ زَالَ الْقَتْل عَنهُ وَكَانَ الإِمَام فِي الثَّلَاثَة على خِيَاره
وإسلامه يكون بِالشَّهَادَتَيْنِ وَإِن يتبرأ من كل دين خَالف الْإِسْلَام لَا سِيمَا إِذا كَانَ من قوم يقرونَ ببعثة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى قومه ويحتاط عَلَيْهِ بِأَن يقر بِالْبَعْثِ وَالْجَزَاء وَالْجنَّة وَالنَّار
وَيكون إِسْلَامه إسلاما لصغار أَوْلَاده ومجانينهم وَكَذَلِكَ إِسْلَام الْأُم
وَلَا يقتل نِسَاؤُهُم وَلَا صبيانهم وَيجوز قتل شيوخهم وَرُهْبَانهمْ

(1/176)


وَلَا يهادنهم مَعَ الْقُدْرَة عَلَيْهِم أَكثر من أَرْبَعَة أشهر إِلَّا أَن يضعف عَنْهُم أَو يتشاغل عَنْهُم بغيرهم فيتولى الإِمَام أَو من يستنيبه الإِمَام فِيهِ مهادنتهم أقرب المدد الَّتِي تَدْعُو الْحَاجة إِلَيْهَا وَلَا يتَجَاوَز بهَا عشر سِنِين وَإِن احْتَاجَ
وَأي عَاقل بَالغ من الْمُسلمين من رجل وَامْرَأَة وحر وَعبد أَمن مِنْهُم قوما لزم كَافَّة الْمُسلمين أمانهم على نُفُوسهم وذراريهم وَأَمْوَالهمْ وَلَا يتَجَاوَز بِمدَّة أمانهم أَرْبَعَة أشهر = كتاب قسْمَة الْغَنِيمَة
أول مَا نبدأ بِهِ من الْغَنَائِم إِعْطَاء سلب الْمَقْتُول لقاتله نَادَى الإِمَام بِهِ أَو لم يناد وَلَا يخمسه عَلَيْهِ وَإِن كَانَ كثيرا ويخمس مَا سواهُ من الْغَنَائِم فَيقسم خمسه على خَمْسَة أسْهم سهم لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصرف بعده فِي مصَالح الْمُسلمين الْعَامَّة
وَسَهْم لِذَوي الْقُرْبَى وهم بَنو هَاشم وَبَنُو الْمطلب يدْفع إِلَى صَغِيرهمْ وَكَبِيرهمْ وغنيهم وفقيرهم للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَسَهْم لِلْيَتَامَى الْفُقَرَاء من الْمُسلمين ويتمهم بِمَوْت الْآبَاء دون الْأُمَّهَات
وَسَهْم لفقراء الْمُسلمين وَالْمَسَاكِين
وَسَهْم لبني السَّبِيل
ثمَّ يرْضخ من الْغَنِيمَة بعد إِخْرَاج خمسها لمن لَا سهم لَهُ من الْحَاضِرين بِحَسب غنائه وَلَا يبلغ بالرضخ سهم فَارس وَلَا راجل ثمَّ يقسم الْبَاقِي بَين من

(1/177)


شهد الْوَقْعَة يعْطى الراجل سَهْما والفارس ثَلَاثَة أسْهم وَلَا يفضل ذَا غناء على غَيره إِلَّا رضخا من الْخمس
وَمن حضر بأفراس لم يُعْط إِلَّا سهم فرس وَاحِد
والفرسان هم أَصْحَاب الْخَيل وَحدهَا هجانا كَانَت أَو عتاقا والذراري من النِّسَاء وَالصبيان غنيمَة تقسم على الْغَانِمين وَكَذَلِكَ الأرضون وَالْعَقار
وَلَا يفرق بَين وَالِدَة وَوَلدهَا مَا كَانَ صَغِيرا
ويستبرىء الْجَارِيَة قبل الْإِصَابَة
وَيجوز إِذا دخل الْمُسلمُونَ أَرض الْحَرْب أَن يَأْكُلُوا من طعامهم ويعلفوا دوابهم مَا لَا يحْتَسب بِهِ عَلَيْهِم
وَمن أَتَى من الْمُسلمين فِي دَار الْحَرْب وَغَيرهَا مَا يُوجب حدا أقيم عَلَيْهِ فِي دَار الْحَرْب وَغَيرهَا
وَيجوز قسم الْغَنِيمَة فِي دَار الْحَرْب وَغَيرهَا إِذْ رَآهُ الإِمَام

(1/178)


= كتاب قسْمَة الْفَيْء
وكل مَال أَخذ من الْمُشْركين بِغَيْر إيجَاف خيل وَلَا ركاب من خراج أَرض أَو جِزْيَة رَقَبَة أَو مَال صلح أَو عشور تِجَارَة أَو تَرِكَة ميت لم يخلف وَارِثا فجميعه فَيْء يصرف خمسه فِي أهل الْخمس كالغنيمة
ويعد أَرْبَعَة أخماسه لمصَالح الْمُسلمين وأرزاق جيوشهم ويرتزق مِنْهُ إمَامهمْ
وَيمْنَع مِنْهُ أهل الصَّدقَات كَمَا يمْنَع أهل الْفَيْء من مَال الصَّدقَات
ويسوى بَين الْمُقَاتلَة فِي الْعَطاء وَإِن تفاضلوا فِي الْغناء وَلَو فَاضل بَينهم لرأيته مذهبا = كتاب الْجِزْيَة
وَإِذا بذل الْجِزْيَة أهل الْكتاب من الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَمن وافقهما فِي أصُول دينهما من الصابئين والسامرة وَالْمَجُوس الَّذين هم فِيهَا كَأَهل الْكتاب أقرُّوا بهَا فِي دَار الْإِسْلَام آمِنين على نُفُوسهم وَأَمْوَالهمْ وذراريهم

(1/179)


وَلَا يقبل من أحد مِنْهُم فِي كل سنة أقل من دِينَار فَإِن صولحوا على أَكثر مِنْهُ لَزِمَهُم مَا صولحوا عَلَيْهِ
وَمن مَاتَ مِنْهُم فِي الْحول أَخذ من تركته بِقدر مَا مضى مِنْهُ
وَمن أسلم مِنْهُم كَانَ مَا لزم من جزيته دينا يُؤْخَذ بِهِ
وَمن بلغ من صغارهم وأفاق من مجانينهم اسْتقْبل بِهِ حول الْجِزْيَة
وَيُؤْخَذ القير بهَا إِذا أيسر
وَلَا تسْقط عَن شيخ وَلَا زمن
وَلَا تُؤْخَذ من امْرَأَة وَلَا عبد
وَإِذا صَالح الإِمَام قوما عَلَيْهَا أثبت مَا اسْتَقر من صلحهم فِي دواوين أَمْصَار الْمُسلمين ليؤخذوا بهَا
وَيشْتَرط عَلَيْهِ أَن من ذكر كتاب الله أَو مُحَمَّدًا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو دين الله عز وَجل بِمَا لَا يَنْبَغِي أَو زنى بِمسلمَة أَو أَصَابَهَا باسم نِكَاح أَو فتن مُسلما عَن دينه أَو قطع عَلَيْهِ الطَّرِيق أَو أعَان عَلَيْهِ أهل الْحَرْب أَو آوى عينا لَهُم فقد نقض عَهده وَحل دَمه
وَيشْتَرط عَلَيْهِم أَن يخالفوا الْمُسلمين فِي هيآتهم بِلبْس الغيار وَشد الزنار وَلَا يطولوا عَلَيْهِم فِي الْأَبْنِيَة وَلَا يسمعوهم أصوات نواقيسهم وَلَا قَوْلهم فِي عُزَيْر والمسيح وَلَا يظهروا لَهُم صليبا وَلَا خنزيرا ويخفوا دفن موتاهم عَنْهُم ويمنعوا ركُوب الْخَيل

(1/180)


وَإِن صولح مِنْهُم قوم على ضِيَافَة من مر بهم من الْمُسلمين ذكر مَا يتحمله كل وَاحِد من أغنيائهم وَمن متوسطهم من عدد الأضياف وَمُدَّة الضِّيَافَة وَمَكَان السُّكْنَى وَقدر الطَّعَام وعلوفة الْخَيل ليؤخذوا بهَا من غير جَهَالَة
وَإِن صولحوا على مضاعفة الصَّدَقَة وَيكون جِزْيَة باسم الصَّدَقَة جَازَ إِذا لم ينقص فِي السّنة عَن دِينَار
وَتُؤْخَذ الْجِزْيَة من الْعَرَب إِذا دخلُوا فِي دين أهل الْكتاب قبل التبديل وَلَا تُؤْخَذ من دهري وَلَا عَابِد وثن