اللباب في الفقه الشافعي

ص -9-           مصادر ترجمة المصنف:
وردت ترجمة المصنف أبي الحسن أحمد بن محمد المحاملي الشافعي في مصادر كثيرة من أهمها:
طبقات الشافعية للعبادي 72
تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 4/372
طبقات الفقهاء للشيرازي 136
الأنساب للسمعاني 5/209
المنتظم لابن الجوزي 8/17
الكامل لابن الأثير 9/341
طبقات الشافعية لابن الصلاح 1/366
تهذيب الأسماء واللغات للنووي 2/210
وفيات الأعيان لابن خلكان 1/74
سير أعلام النبلاء للذهبي 17/403
العبر في خبر من غبر. له أيضا 2/228.
الوافي بالوفيات للصفدي 7/321
مرآة الجنان لليافعي 3/29
طبقات الشافعية لابن السبكي 4/48
طبقات الشافعية للأسنوي 2/202
البداية والنهاية لابن كثير 12/19
طبقات الشافعية. له أيضا 1/369
طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/174

 

 

ص -10-        النجوم الزاهرة لابن تغري بدري 4/262
طبقات الشافعية لابن هداية الله 132
كشف الظنون الظنون للحاج خليفة 
شذرات الذهب لابن العماد 5/77
هدية العارفين لإسماعيل باشا 1/72
الأعلام للزركلي 1/211
معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 2/74
تاريخ التراث العربي لفؤاد سزكين 1/3/208

 

ص -11-        المبحث الأول: اسمه، ونسبه، ومولده
اسمه ونسبه: هو أحمد بن محمد بن أحمد بن القاسم بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن سعيد بن أبان الضبي، المحاملي، البغدادي، الشافعي1.
وكنيته: أبو الحسن2.
والضَّبِّي: بفتح الضاد المعجمة، وتشديد الباء الموحدة؛ نسبة إلى ضَبَّة ابن أدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر. وهو جد جاهلي، تنسب إليه (بني صبَّة)، وهي قبيلة كبيرة مشهورة3.
والمحاملي: بفتح الميم الأولى والحاء المهملة، وكسر الميم الثانية واللام؛ نسبة إلى المَحَامِل جمع مَحْمِل كمجلس، وهي: التي يحمل عليها الناس على الجمال في السفر إلى مكة وغيرها، وذلك لأن بعض أجداد المصنف كان يبيع هذه المحامل ببغداد، فنسبت هذه الأسرة إلى تلك المهنة4

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وفيات الأعيان 1/74، طبقات الشافعية للأسنوي 2/202، البداية والنهاية 12/19، طبقات الشافعية لابن كثير 1/369، النجوم الزاهرة 4/262.
2 المصادر السابقة.
3 جمهرة أنساب العرب 192، الأنساب للسمعاني 4/10، الوفيات 1/75.
4 الأنساب، والوفيات. الصفحات السابقة، الوافي 7/321، مرآة الجنان 3/29، القاموس 3/372.

 

ص -12-        البغدادي: نسبة إلى مدينة (بغداد) حيث ولد وعاش ومات فيها1.
الشافعي: نسبة إلى مذهب الإمام محمد بن إدريس الشافعي، حيث برع المصنِّف في الفقه الشافعي وكتب فيه عدة مصنفات2.
مولده: ولد المَحَامِلي بمدينة (بغداد) سنة ثمان وستين وثلاثمائة للهجرة3.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تاريخ بغداد 4/372.
2 طبقات الشافعية لابن الصلاح 1/366، ولابن السبكي 4/48، ولابن قاضي شهبة 1/174.

المبحث الثاني: نشأته في أسرة علمية
نشأ المصنف – رحمه الله – في بيئة علمية متميزة، ساعدته في تكوين شخصيته العلمية، وظهور مواهبه، وسرعة نبوغه ونجابته، فهو ينتسب إلى أسرة (المَحَامِلي)، وهي أسرة اشتهرت بتفوقها العلمي، قد ألفت المرابطة في حلقات العلم، ولازمت مجالس التعليم، واستأنست بمرافقة العلماء، وآثر أفرادها الانتساب إلى حلقات التدريس والإفتاء التي كانت تغص بها مساجد ومدارس بغداد، قد ارتوت جذور هذه الأسرة بالعلوم الشرعية، ونمت أغصانها على ذلك، وترعرعت يانعة نديَّة، تحمل بين جوانحها أنواع العلوم، وأصناف المعارف، فتألقت، وارتفعت، وعلا شأنها، وذاع صيتها، وسجَّل التاريخ أخبارها وسيرتها ومسيرتها في رحلة التعليم الطويلة، إذ أسهمت هذه الأسرة في بث الوعي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تاريخ بغداد 4/372.
2 طبقات الشافعية لابن الصلاح 1/366، ولابن السبكي 4/48، ولابن قاضي شهبة 1/174.
3 المصادر السابقة، وطبقات الشافعية للأسنوي 2/202.

 

ص -13-        الديني، ونشر العلم الشرعي وتبليغه.
يقول ابن الصلاح1 في وصف هذه الأسرة: "بيت النبل والجلالة، والفضل، والفقه، والرواية".
ويقول ابن السبكي2: "بيت الفضل والجلالة، والفقه والرواية".
وقد برز أفراد هذه الأسرة، واشتهروا، وتقلد عدد من أفرادها مناصب مرموقة في التدريس والإفتاء، والخطابة والقضاء، والإمامة والرواية، وغير ذلك من المناصب العلمية البارزة.
ومن أشهر علماء هذه الأسرة وأعلامها:
1- ولد المصنِّف.
محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن القاسم بن إسماعيل الصبي، المحاملي، أبو الفضل ولد سنة [400هـ]، وتتلمذ على والده، وتفقه به، وكان فقيها، عالما بالتفسير، والحديث، ذكيا، وكانت له حلقة أيام الجمع بجامع القصر ببغداد يُقرأ عليه فيها التفسير والحديث، ولم يُنقل عنه إلاَّ اليسير؛ لأنه ترك العلم، وأقبل على الدنيا، مات في شهر رجب سنة (477هـ)3.
2- حفيده.
يحيى بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن القاسم الضبي، المحاملي، أبو الطاهر، كان فقيها كبيرا، ورعا، كثير العبادة، له مصنف في الفقه، أقام بمكة المكرمة أكثر من خمسين عاما، مات بها في جمادى الآخرة سنة (528هـ)4

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 طبقات ابن الصلاح 1/366.
2 طبقات ابن السبكي 4/48.
3 المنتظم 6/13، طبقات ابن الصلاح 1/98، الوافي 2/86، طبقات الأسنوي 2/202.
4 طبقات ابن السبكي 7/335، والأسنوي 2/203، وابن قاضي شهبة 1/314.

 

ص -14-        3- والده.
محمد بن أحمد بن القاسم بن إسماعيل الضبي، المحاملي، أبو الحسين البغدادي، من كبار فقهاء الشافعية، ولد سنة (332هـ)، حفظ القرآن، والفرائض، ودرس الفقه على مذهب الشافعي، وكتب الحديث، وكان ثقة صادقا خيّرا فاضلا، من مصنفاته: (تفسير النبي صلى الله عليه وسلم)، مات في رجب سنة (407هـ)1.
4- أجداده.
( أ )- إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الضبي، المَحَامِلي، جدُّ جدِّ المصنف، ووالد القاضي أبي عبد الله الحسين المحدث المشهور.
سكن بغداد، وتتلمذ عليه كثير من محدثيها، روى عنه ابناه الحسين والقاسم شيئا يسيرا2.
( ب )- القاسم بن إسماعيل بن محمد الضبي، المَحَامِلي، أبو عبيد، جدُّ والدِ المصنف، ولد سنة (238هـ)، كان من أهل الحديث والعلم، ثقة صدوقا، مات ببغداد في شهر رجب سنة (323هـ)3.
( ج )- أحمد بن إسماعيل بن إسماعيل بن محمد الضبي، المَحَامِلي، أبو الحسن، جدُّ المصنف لأبيه، سمع من أبيه، وصنف وذاكر بالحديث، ومات سنة (337هـ)4

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تاريخ بغداد 1/333، طبقات الأسنوي 2/203، هدية العارفين 2/60.
2 تاريخ بغداد 6/280.
3 تاريخ بغداد 12/447، الأنساب 5/208، العبر 2/20، شذرات الذهب 4/124.
4 تاريخ بغداد 4/352، طبقات الشافعية لابن الصلاح 1/366، وللأسنوي 2/302.

 

ص -15-        ( د )- جدَّتُه:
هي أمة الواحد ابنة القاضي أبي عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي، جدة المصنف، اسمها: ستيتة، كانت عالمة فاضلة من أحفظ الناس للفقه، وحفظت القرآن، والفرائض، والحساب، والعربية وغير ذلك من العلوم، وكانت تفتي، كثيرة الصدقة والمسارعة إلى الخيرات. ماتت في شهر رمضان سنة (377هـ)1.
5- أخوه:
عبد الكريم بن محمد بن أحمد بن القاسم الضبي، المحاملي، أبو الفتح، أخو المصنف، كتب عنه الخطيب البغدادي، ووثقه. مات في شهر المحرم سنة (448هـ)2.
6- عمُّ جدِّه:
الحسين بن إسماعيل بن محمد الضبي، المحاملي، القاضي أبو عبد الله البغدادي الشافعي، العلامة، الحافظ، شيخ بغداد ومحدثها وفقيهها، ولد سنة (235هـ)، وكان فاضلا، دينا، صادقا، ثقة، ولي قضاء الكوفة ستين سنة، وكان يحضر مجلس إملائه عشرة آلاف رجل يكتبون عنه. من مصنفاته (الدعاء)، (الأمالي) مطبوعان، (كتاب السنن)، (كتاب صلاة العيدين). مات في شهر ربيع الآخر سنة (330هـ)3.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تاريخ بغداد 14/442، مرآة الجنان 2/407، العبر 2/149، طبقات الأسنوي 2/204.
2 تاريخ بغداد 11/81، الأنساب 5/210.
3 سير أعلام النبلاء 15/258، البداية والنهاية 11/216، الشذرات 4/170.

 

ص -16-        7- ابن ابن عم جده:
أحمد بن عبد الله بن الحسين بن إسماعيل الضبي، المحاملي، أبو عبد الله ولد في رمضان سنة (343هـ)، سمع عددا من مشايخ بغداد، وسماعه صحيح، روى عنه الخطيب البغدادي وغيره. مات ببغداد في شهر ربيع الآخر سنة (429هـ)1.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تاريخ بغداد 4/238، الأنساب 5/209.

المبحث الثالث: شيوخه
ولد المحاملي في الوقت الذي كانت فيه بغداد تشهد حركة علمية مزدهرة، ونهضة تعليمية نشطة، إذ كانت المساجد عامرة بحلقات العلوم الشرعية، والمدارس تغص بالتلاميذ الذين توافدوا من كل حدب وصوب، ينهلون من مختلف العلوم، ويتلقون من أساتذتهم أصناف الفنون والمعارف؛ من تفسير، وفقه، وحديث، ولغة، وغير ذلك، فقد برز في تلك الحقبة من الزمن الجهابذ من العلماء، وفحول الشيوخ الأتقياء، يدفعهم حب العلم، والإخلاص لله تعالى إلى بثة ونشره، لا مقصد لهم إلا طلب الثواب من الله تعالى، ورجاء مغفرته ورضوانه، وقد اعتلى قمة الإفتاء والتدريس في تلك الفترة أعلام اشتهروا، وحفظ التاريخ أسماءهم؛ من أمثال أبي الحسن القصار المالكي، وأبي محمد الخوارزمي الشافعي أحد الأئمة الفقهاء أصحاب الوجوه، وأبي عبد الله الحناطي الشافعي، وابن اللباب الفقيه الشافعي المشهور، وأبي عبد الله الحسن بن حامد شيخ الحنابلة، وأبي عبد الله الحاكم المحدث العلم،

 

ص -17-        وأبي حازم محدث بغداد، وغيرهم من العلماء الأفذاذ، الذين ظهروا وعاشوا في تلك الفترة الزمنية. وعلى الرغم من ذلك الكم الهائل، والعدد الوافر من العلماء الذين برزوا في الفترة التي قارنت حياة الإمام المحاملي إلا أن كتب التراجم لم تورد لنا ذكر جميع أساتذته ومشايخه الذين روى عنهم، وقرأ عليهم ونهل من مناهلهم.
ومن خلال قيامي بقراءة استقراء وتتبع لتراجم الأعلام المعاصرين له – والذين هم مظنة أن يكون قد تتلمذ عليهم – عبر قراءة لكتب التراجم والطبقات؛ تمكنت من العثور على أسماء أربعة من شيوخه الذين أخذ عنهم، وهم:
1- الشيخ أبو حامد أحمد بن أبي طاهر محمد بن أحمد الإسفراييني، شيخ الشافعية بالعراق، ولد سنة (344هـ)، اشتغل بالعلم منذ قدومه بغداد، فأخذ عن كبار علمائها، وبر ع في المذهب حتى فاق متقدميه، وأفتى وهو ابن سبع عشرة سنة، واتفق معاصروه على تقديمه وتفضيله، وأخذ عنه جمع كبير من أئمة وفقهاء بغداد، علق على (مختصر المزني)، وله (التعليقة الكبرى) في الفروع، وكتاب (البستان) وهو صغير. وثقه الخطيب البغدادي وغيره. مات ببغداد في شوال سنة (406هـ)1.
2- الإمام علي بن عبد الرحمن البكائي، أبو الحسن بن أبي السري الكوفي، من كبار شيوخ الكوفة ومحدثيها، سمع من أبي جعفر بن مطين، وأبي حصين الوادعي، وعبد الله بن بحر، وغيرهم، وحدث عنه جماعة؛ منهم أبو العلاء صاعد بن محمد بن الحسن السكري، وأبو الحسين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 طبقات الشيرازي 131، طبقات الشافعية لابن السبكي 4/61، ولابن قاضي شهبة 1/172.

 

ص -18-        الدهان. مات في ثالث عشر من شهر ربيع الأول سنة (376هـ)، وله تسع وتسعون سنة1
3- الإمام الفقيه أبو الحسين محمد بن أحمد بن القاسم الضبي، المحاملي، الابغدادي، والد المصنف. تقدمت ترجمته عند الكلام على أسرة المصنف2.
4- الشيخ الحافظ محمد بن المظفر بن موسى البغدادي، أبو الحسين، ولد ببغداد سنة (286هـ) من أشهر علماء الحديث ببغداد، سمع من كبار علمائها، ثم رحل إلى الكوفة، وحلب، وحمص، ومصر، وغيرها، واشتهر في معرفة الرجال، وجمع وصنف، حدث عنه أبو حفص بن شاهين، والإمام الدار قطني، والبرقاني، أبو محمد الخلال وغيرهم، وثقه غير واحد من العلماء. مات في جمادى الأولى سنة (379هـ)3

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الأنساب 1/382، العبر 2/147، الشذرات 4/405.
2 ص (14) من هذا الكتاب.
3 تاريخ بغداد 3/262، المنتظم 7/152، البداية والنهاية 11/328.

المبحث الرابع: تلاميذه
برز المحاملي وذاعت شهرته، وعلا صِيته، ورُزق من الذكاء والفطنة وحُسن الفهم ما تميز به على معاصريه، وتفوق به على أقرانه، وبرع في الفقه، وظهر للجميع تمكنه وطول باعه في مذهب الشافعي، لذلك التفَّ حوله طلبة العلم، وقصده التلاميذ من كل البلدان، فكان يُدرِّس في بغداد في حياة شيخه أبي حامد وبعده.

 

ص -19-        ومن أبرز تلاميذه الذين سمعوا منه وقرءوا عليه:
1- الإمام، الحافظ، الناقد، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، الخطيب البغدادي، ولد سنة (392هـ)، كان أحد الحفاظ المتقنين، والعلماء المتبحرين، وكان فقهيا، فغلب عليه الحديث والتاريخ، كان فصيح اللهجة، عارفا بالأدب، ولوعا بالمطالعة والتأليف، من مصنفاته الكثيرة: (تاريخ بغداد)، (السابق واللاحق)، (موضح أوهام الجمع والتفريق). مات ببغداد في شهر ذي الحجة سنة (463هـ)1.
2- علي بن أحمد الكاتب
ذكر الخطيب البغدادي2 وغيره3، أن هذا قرأ على المصنِّف رواية الحافظ عبد الله بن محمد البغوي (ت 317هـ)4 عن الإمام أحمد بن محمد بن حنبل (الفوائد)5.
ولم أقف على ترجمة لعليٍّ هذا.
3- القاضي علي بن المحسن بن علي التنوخي، أبو القاسم البغدادي، وُلد بالبصرة سنة (365هـ)، ذكر الخطيب البغدادي أنه سمع منه وقال: "وكان قد قبلت شهادته عند الحكام في حداثته، ولم يزل على ذلك مقبولا إلى آخر عمره، وكان متحفظا في الشهادة، صدوقا في الحديث،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وفيات الأعيان 1/92، طبقات ابن السبكي 4/29، هدية العارفين 1/79، الأعلام 1/172
2 تاريخ بغداد 4/373
3 طبقات ابن السبكي 4/49
4 سير أعلام النبلاء 14/440
5 وهي مسائل رواها عن الإمام أحمد – رحمه الله – البغوي، طبعت سنة (1407هـ) في الرياض

 

ص -20-        وتقلَّد قضاء نواحٍ عدة. مات ببغداد سنة (447هـ)1
4- محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن القاسم، الضبي، المحاملي، أبو الفضل، ولد المصنف. تقدمت ترجمته عند الكلام على أسرة المصنف2
5- محمود بن الحسن بن محمد، أبو حاتم القزويني الشافعي، من كبار فقهاء الشافعية، أخذ عن الباقلاني، وابن اللبَّان، وهو شيخ الشيرازي صاحب (المهذب)، كان حافظا للمذهب، وصنف كتبا كثيرة في المذهب وفي الأصول والخلاف والجدل؛ منها (الحيل) مطبوع، و(تجريد التجريد). مات سنة (440هـ)3.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تاريخ بغداد 12/115، الأنساب 1/485، 5/209، الوفيات 4/162، العبر 2/291.
2 ص (13) من هذا الكتاب.
3 طبقات الشيرازي 137، طبقات الشافعية لابن السبكي 5/312، ولابن قاضي شهبة 1/218، ولابن هداية الله 145

المبحث الخامس: مصنفاته
على الرغم من أن المحاملي – رحمه الله – لم يعمَّر طويلا، وإنما اخترمته المنية وهو في ريعان شبابه، إلا أنه لم يمت حتى ترك وراءه عددا من المصنفات الفقهية المفيدة، والمؤلفات المشهورة الفريدة، حيث صنف كتبا في المذهب، وأخرى في الخلاف، أعانه على ذلك ما وهبه الله من ذكاء حاد، وحضور

 

ص -21-        فكر، وفهم، وقريحة جيدة، وسرعة حفظ؛ فاستغل هذه المواهب، وأشرع قلمه في الكتابة والتأليف، وقدَّم للمكتبة الإسلامية ثروة فكرية تمثلت في مصنفاته الفقهية المتعددة في المذهب الشافعي، حيث اعتمد عليها من جاء بعده من مصنفي المذهب، فنقلوا عنها كثيرا من أقواله، وتحريراته، وأفادوا منها إفادة كبيرة".
وهذه مصنَّفات العلاَّمة المحاملي، مع الإشارة إلى بعض النقولات المتأخرة عن بعضها:
أولا: أمالي1 الأصفهاني2.
ثانيا: الأوسط:
ذكره ابن خلكان3، والصفدي4، والحافظ ابن كثير5
ثالثا: التجريد في الفروع6.
وهو كتاب في الفقه، غالبه فروع عارية عن الاستدلال7، وقد جرَّده

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الأمالي: جمع إملاء، وهو: أن يعقد عالم وحوله تلامذته بالمحابر والقراطيس، فيتكلم العالم بما فتح الله – سبحانه وتعالى – عليه من العلم، ويكتبه التلامذة فيصير كتابا وهو المعروف عند فقهاء الشافعية وعلمائهم بالتعليق. وانظر: كشف الظنون 161، الرسالة المستطرفة 119.
2 هدية العارفين 1/72.
3 وفيات الأعيان 1/75
4 الوافي 7/321.
5 البداية والنهاية 12/19.
6 طبقات الشافعية للأسنوي 2/202، تهذيب الأسماء 2/210، هدية العارفين 1/72.
7 كشف الظنون 351

 

ص -22-        تلميذه أبو حاتم القزويني1، وسمَّاه: تجريد التجريد2.
وقد نقل عنه الشافعية كثيرا، ومنهم الإمام النووي، فقد نقل عن التجريد مسائل كثيرة في كتابه المجموع؛ منها:
في الجزء الأول/ الصفحات: 108، 123، 133، 356.
والجزء الخامس / الصفحات: 176، 190، 191، 209، 217، 219، 239، 254، 423.
والجزء السادس / 139، 186، 443، 450، 525.
والجزء الثامن / 137. وغير ذلك.
رابعا: تحرير الأدلة:
نسَبَه للمحاملي ابن هداية الله في طبقاته3.
خامسا: التعليقة4
نقلها عن شيخه أبي حامد الإسفراييني.
سادسا: رؤوس المسائل:
وهو مجلدان يذكر فيه أصول المسائل ويستدل عليها5.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 طبقات ابن السبكي 5/312.
2 المصدر السابق.
3 طبقات الشافعية لابن هداية الله 132.
4 طبقات الشيرازي 136، سير أعلام النبلاء 17/404، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/174.
5 طبقات ابن قاضي شهبة 1/175، شذرات الذهب 5/78.

 

ص -23-        سابعا: عدة المسافر وكفاية الحاضر1.
وهو كتاب في مجلد واحد، ذكر فيه الخلاف بين الشافعية والحنفية، منه نسخة موقوفة بالمدرسة الفاضلية بالقاهرة2.
ونقل عنه الأسنوي في كتابه: التمهيد في تخريج الفروع على الأصول3..
ثامنا: كتاب القولين والوجهين4.
تاسعا: اللُّباب:
وهو الكتاب الذي بين يديك أخي القارئ، وسيأتي الكلام عليه بالتفصيل إن شاء الله تعالى5.
عاشرا: المجرَّد6.
حادي عشر: المجموع7.
وهو كتاب في الفقه على مذهب الإمام الشافعي، يشتمل على نصوص كثيرة للشافعي، ويقع في عدة مجلدات بحجم كتاب (الروضة) للإمام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 طبقات ابن قاضي شهبة 1/175، شذرات الذهب 5/78، هدية العارفين 1/72، معجم المؤلفين 2/74.
2 كشف الظنون 2/1130
3 التمهيد 142.
4 كشف الظنون 2/1366، هدية العارفين 1/72.
5 انظر ص (31) من هذا الكتاب.
6 طبقات الشافعية لابن الصلاح 1/368، 377، ولابن قاضي شهبة 1/174، الشذرات 5/77.
7 المصادر السابقة، وتهذيب الأسماء 2/220، سير أعلام النبلاء 17/404، مرآة الجنان 3/29، الوافي 7/321.

 

ص -24-        النووي1.
وقد نقل عنه النووي كثيرا.
فنقل عنه في الروضة 1/57.
وفي المجموع 1/108، 129، 187، 194، 320، 325، 327، 345. 5/181، 189.
6/24، 132، 139، 146، 187، 296، 357، 358، وغير ذلك.
ونقل عنه السيوطي في الأشباه والنظائر 460.
ثاني عشر: المقنع2.
ذكر سركين أنه يقع في (222) ورقة3.
وقد نقل عنه النووي في عدة مواضع.
فنقل عنه في الروضة: 2/318.
3/87، 232، 535.
4/438.
وفي المجموع: 1/129، 133، 157، 196، 360.
5/7، 141، 190، 301.
6/36، 174، 208.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الشذرات 5/78.
2 طبقات الشيرازي 224، طبقات الشافعية لابن الصلاح 1/367، تهذيب الأسماء 2/210، وفيات الأعيان 1/75، السير 17/405، الوافي 7/321، طبقات الشافعية لابن السبكي 4/48، البداية والونهاية 12/19، طبقات الشافعية لابن كثير 1/369، وللأسنوي 2/202، ولابن قاضي شهبة 1/175، كشف الظنون 2/1810، هدية العارفين 1/72، معجم المؤلفين 2/74.
3 تاريخ التراث العربي 1/3/210.

 

ص -25-        8/137، 331، 433.
9/214.
وفي طبقات ابن السبكي عدة مسائل نقلها عنه1.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 طبقات ابن السبكي 4/49-52.

المبحث السادس: وفاته
توفي العلاّمة أبو الحسن المحاملي شابا في بغداد، بعد حياة حافلة بالعلم، والتعليم، والتصنيف. وكانت وفاته يوم الأربعاء لتسع بقين من شهر ربيع الآخر سنة خمس عشرة وأربعمائة للهجرة، وكان عمره عند وفاته سبعا وأربعين سنة2.
وقد ذكر غير واحد ممن ترجموا له3، عن أبي الفتح سُلَيم بن أيوب الرازي الشافعي (ت 447هـ)4 قال: "لما صنف المحاملي كتبه (المقنع) و(المجرد) وغيرهما من تعليق أستاذه أبي حامد الإسفراييني، ووقف عليها – قال: بَتَرَ كتبي بَتَرَ الله عمره، فما عاش إلا يسيرا ومات، فنفذت فيه دعوة أبي حامد".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 طبقات ابن السبكي 4/49-52.
2 تاريخ بغداد 4/373، المنتظم 8/17، الكامل 8/147، وفيات الأعيان 1/75، سير أعلام النبلاء 16/405، طبقات الشافعية للأسنوي 2/202، ولابن كثير 1/370، الشذرات 5/77..
3 طبقات الشافعية لابن الصلاح 1/368، 377، تهذيب الأسماء 2/210، طبقات ابن السبكي 4/94.
4 طبقات ابن السبكي 4/388، سير أعلام النبلاء 17/645.

 

ص -26-        وقد اتفقت كلمة المترجمين له على أن وفاته كانت سنة خمس عشرة وأربعمائة للهجرة1.
غير أن أبا إسحاق الشيرازي تشكك في وفاته حيث قال2: "وتوفي في سنة أربع عشرة، أو خمس عشرة وأربعمائة"، ولم يذكر ذلك أحد سواه.
كما ذكر الحاج خليفة صاحب كتاب كشف الظنون في أحد المواضع أن تاريخ وفاة المحاملي سنة (425هـ)3، ثم ذكر في خمسة مواضع أخرى أنها كانت سنة (415هـ) وذلك عند ذكره مؤلفات المصنِّف4.
وأرجح بل أجزم أن الموضع الأول كان خطأ مطبعيا، حيث كتبت كلمة (عشرين) بدل (عشر)، وذلك لاتفاق المواضع الخمسة الأخرى على ذكر تاريخ الوفاة الصحيح المتفق عليه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر المصادر في مقدمة الدراسة ص (9).
2 طبقات الفقهاء للشيرازي 136.
3 كشف الظنون 351.
4 كشف الظنون 1130، 1366، 1541، 1606، 1810.

المبحث السابع: ثناء العلماء عليه
لقد بلغ العلاّمة المحاملي مكانة مرموقة بين علماء عصره، وتبوَّأ مرتبة عالية بين أقرانه، وذلك لما وهبه الله – تعالى – من النجابة، والذكاء، والفطنة، وحضور الفكر، وسرعة البديهة، ولا عجب في ذلك، فإن لنشأته في أسرة علمية عريقة في العلم، ومجتمع علمي نَشِط، أثرا كبيرا في بلوغه تلك المكانة، ووصوله تلك المرتبة.

 

ص -27-        ولعل أول من وصفه بالنجابة والذكاء وغزارة العلم: شيخه أبو حامد الإسفراييني. فقد قال تلميذه1 - أعني تلميذ المحاملي – علي بن المحسِّن التنوخي2: "قال لي أبو القاسم علي بن حسين الموسوي3: دخل عليَّ أبو الحسن بن المحاملي مع أبي حامد الإسفراييني ولم أكن أعرفه، فقال لي أبو حامد: هذا أبو الحسن بن المحاملي، وهو اليوم أحفظ للفقه منِّي".
وقال عنه تلميذه الخطيب البغدادي4: "أحد الفقهاء الموجودين على مذهب الشافعي، وبرع في الفقه ورُزق من الذكاء وحسن الفهم ما أربى به على أقرانه.
وكذلك قال عنه السمعاني5، وابن خلكان6، والصفدي7.
وقال ابن الصلاح8: "الإمام، المصنِّف، من رفعاء أصحاب الشيخ أبي حامد، ومن بيت النُّبل والجلالة، والفضل والفقه والرواية".
وقال الإمام الذهبي9: "الإمام الكبير، شيخ الشافعية، أحد الأعلام، وكان عجبا في الفهم والذكاء وسعة العلم".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تاريخ بغداد 4/373، المنتظم 8/17، طبقات ابن الصلاح 1/369، وطبقات ابن السبكي 4/49، السير 17/404.
2 ترجمته ص (19) من هذا الكتاب.
3 تاريخ بغداد 11/402.
4 تاريخ بغداد 4/372.
5 الأنساب 5/209.
6 وفيات الأعيان 1/75.
7 الوافي بالوفيات 7/321.
8 طبقات الشافعية لابن الصلاح 1/366.
9 سير أعلام النبلاء 17/403-404.

 

ص -28-        وقال أيضا1: "وكان عديم النَّظير في الذكاء والفطنة، صنَّف عدة كتب".
وقال اليافعي2: "الإمام أبو الحسن المحاملي، شيخ الشافعية، برع في الفقه، وكان عديم النَّظير في الذكاء".
وأثنى عليه ابن السبكي في طبقاته فقال3: "الإمام الجليل، من رفعاء أصحاب الشيخ أبي حامد، وبيته بيت الفضل والجلالة، والفقه والرواية".
وقال ابن قاضي شهبة4: "أحد الأئمة الشافعية، وكان غاية في الذكاء والفهم، وبرع في المذهب".
وقال المؤرخ الشهير ابن العماد5: "أبو الحسن المحاملي، شيخ الشافعية، كان عديم النَّظير في الذكاء والفطنة، صنَّف عدة كتب".
فجميع تلك الأوصاف والنعوت، وهذا الثناء العطِر على المحاملي من معاصريه؛ شيوخا وتلاميذا، وممن جاء بعدهم من العلماء والمؤرخين – يُظهر لنا ما وصل إليه هذا العالم العَلَم من مكانة رفيعة، ومنزلة عالية في نفوس الناس، ولم تحصل له تلك المكانة والمنزلة، إلا بإخلاصه لله تعالى في طلب العلم ونشره، وإيصاله للناس، وبما ترك وراءه من المصنَّفات الجليلة، والتحريرات المفيدة، التي استفاد منها كل من اطّلع عليها ممن جاء بعده، فرحمنا الله وإياه رحمة واسعة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 العِبر 2/228-229.
2 مرآة الجنان 3/29.
3 طبقات ابن السبكي 4/48.
4 طبقات ابن قاضي شهبة 1/174.
5 شذرات الذهب 5/77.

 

ص -31-        الفصل الثاني
المبحث الأول: نسبة الكتاب إلى المصنف

تقدّم على أن المحاملي – رحمه الله تعالى – قد صنف عدة كتب في الفقه؛ منها ما اقتصر فيه على مذهب الإمام الشافعي ولم يتطرق فيه إلى ذكر أقوال المذاهب الأخرى إلا ما ندر، ومنها ما صنفه على طريقة الخلاف، وكتاب (اللُّباب)1 الذي بين أيدينا من النوع الأول، ولعله أصغر مصنفاته حجما، ومع ذلك فهو أكثر كتب المصنِّف نسبة إليه، فجُلّ ُمن سطروا حياة المحاملي، وترجموا له في كتبهم؛ نسبوا هذا الكتاب إليه.
وثمة طريقة أخرى في نسبة هذا الكتاب إليه، وذلك باعتماد فقهاء الشافعية عليه، وإفادتهم منه، وربطهم الوثيق بين (اللُّباب) وبين (المحاملي).
فتلخَّص مما ذكرتُه طريقتان في نسبة كتاب (اللُّباب) إلى (المحاملي):
الأول: نسبة الكتاب إليه أثناء الترجمة له، وقد نسبه إليه كلٌّ من:
ابن خلِّكان في: وفيات الأعيان 1/75.
والذهبي في: سير أعلام النبلاء 17/405.
والصفدي في: الوافي بالوفيات 7/321.
واليافعي في: مرآة الجنان 3/29.
وابن السبكي في: طبقات الشافعية الكبرى 4/48.
والأسنوي في: طبقات الشافعية 2/202.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 اللّباب: خالص كل شيء وأنفسُه.

 

ص -32-        والحافظ ابن كثير في: البداية والنهاية 12/19.
وفي: طبقات الشافعية له 1/369.
والحاج خليفة في: كشف الظنون 1/934، 2/1541.
وإسماعيل باشا في: هدية العارفين 1/72.
والزركلي في: الأعلام 1/211.
وعمر رضا كحالة في: معجم المؤلفين 2/74.
وفؤاد سزكين في: تاريخ التراث العربي 1/3/208.
وبروكلمان في: تاريخ الأدب العربي 3/304.
والثاني: نسبته إليه بالنقل والاقتباس منه، فينصُّ الفقهاء في كتبهم على نسبته إليه بعبارة: (قال المحاملي في كتابه اللُّباب) أو (في اللُّباب)، ونحو هذه العبارة، فتربط هذه اللفظة بين الكتاب وبين مصنِّفه، وممن نسبه إليه هكذا.
الإمام النووي في الروضة 1/333.
وفي المجموع 1/282.
والسبكي في تكملة المجموع 10/185.
والعلائي في المجموع المذهب 1/389.
وابن السبكي في الأشباه والنظائر 1/290.
والأذرعي في تعليقاته على المجموع 2/246.
والزركشلي في إعلام الساجد 107.
والحافظ ابن حجر في رسالته: كشف الستر عن حكم الصلاة بعد الوتر 42.
والأقفهسي في الإرشاد 1/653، 686.
والشربيني في مغني المحتاج 1/331.

 

ص -33-        فتبين من ذلك كله ثبوت نسبة نسبة كتاب (اللُّباب) إلى العلاّمة الفقيه المحاملي ثبوتا جازما، بالإضافة إلى إثبات عنوان الكتاب على غلافه منسوبا إلى المحاملي رحمه الله.
غير أنَّ تقي الدين ابن قاضي شهبة (ت 851هـ) ذكر في كتابه (طبقات الشافعية 1/175، 314) أن كتاب (اللُّباب) لحفيد المصنِّف: يحيى بن محمد بن أحمد بن محمد المحاملي1، وليس لأبي الحسن المحاملي.
وهذا الكلام شذ فيه ابن قاضي شهبة - رحمه الله – عن كل من ترجم للمصنِّف من السابقين واللاحقين، حيث أجمعوا على أن نسبة كتاب (اللُّباب) للمحاملي، فهم يذكرونه في عداد مؤلفاته، فيقولون: (له التصانيف المشهورة؛ منها: (المجموع) و(المقنع) و(اللُّباب) وغيرها). فهم ينسبون جميع هذه المصنفات إليه، ومن ضمنها (اللُّباب)، ويطلقون على المصنِّف أبا الحسن المحاملي، أو ابن المحاملي، ويقصدونه هو دون سواه، وقد نص على هذه الشافعية أنفسهم، فقالوا: "وحيث يطلق المحاملي فهو المراد"؛ أي المصنف.
فلعل ما ذكره ابن قاضي شهبة وهْمٌ منه رحمنا الله – تعالى – وإياه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر ترجمته: ص (13) من هذا الكتاب.

المبحث الثاني: مكانة اللُّباب عند فقهاء الشافعية
يعتبر كتاب (اللُّباب) للمحاملي واحدا من أهم المصادر المتقدمة في الفقه الشافعي، ولذلك اعتمد عليه فقهاء المذهب، وأفادوا منه، ونقلوا عنه كثيرا من المسائل الفقهية الفرعية، والضوابط والقواعد الفقهية، وجعله كثير

 

ص -34-        من مصنِّفي الشافعية في مقدمة مواردهم التي اعتمدوا عليها في كتابة مصنَّفاتهم؛ وبخاصة العلائي في كتابه الذي أبدع فيه: المجموع المذهب في قواعد المذهب.
ومن خلال نظرة سريعة في كتب الفقه الشافعي التي بين أيدينا؛ يندر أن نجد واحدا منها لم ينقل عنه، أو يقتبس منه، فعلى سبيل المثال لا الحصر: نقل عنه:
الإمام النووي في الروضة 1/333.
3/348.
وفي المجموع 1/282، 324، 410، 426، 466.
2/5، 135، 203، 230، 246، 466.
4/52.
9/358. وغير ذلك.
وابن الوكيل في: الأشباه والنظائر 2/412.
والعلائي في: المجموع المذهب في مواضع كثيرة جدا؛ منها 1/389.
والسُّبكي في: تكملة المجموع 10/185.
وابنه في: الأشباه والنظائر 1/290. ونقل عنه في طبقاته 2/131.
والزركشلي في: إعلام الساجد 107.
والأقفهسي في: الإرشاد 1/653، 686.
والسيوطي في: الأشباه والنظائر: 229، 267، 443، 458، 477.
كل ذلك يدل على أن كتاب (اللُّباب) قد احتل مكانة علمية هامة بين المؤلفات الفقهية في المذهب الشافعي.
هذا، وقد اعتنى المتأخرون من الشافعية، بكتاب (اللُّباب) وأوْلَوْه عناية خاصة، حيث اختصره ولي الدين أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين،

 

ص -35-        أبو زرعة (ت 826هـ)1 ابن الحافظ العراقي، وسماه (تنقيح اللُّباب)، وفي مكتبتي مصورة عن أصله في الظاهرية بدمشق.
وقد شرح هذا المختصر برهان الدين إبراهيم بن موسى الكركي الشافعي (ت 853هـ)2.
وشرحه - أيضا- جلال الدين محمد بن عبد الرحمن الصدّيقي الشافعي (ت 891هـ)3.
ثم اختصر (تنقيح اللُّباب) الشيخ زكريا بن محمد بن أحمد الأنصاري الشافعي (ت 926هـ)4، وسماه (تحرير تنقيح اللُّباب)، وهو مطبوع.
ثم شرح الشيخ زكريا مختصره هذا، وسماه (تحفة الطُّلاَّب بشرح تحرير تنقيح اللُّباب)، وهو مطبوع أيضا.
وشرحه - أيضا – زين الدين عبد الرؤوف بن علي المناوي الشافعي (ت 1031هـ)5، وسماه (إحسان التقرير بشرح التحرير)6.
وقد وهم فؤاد سزكين7 وبروكلمان8 فيما ذكراه من أن المناوي شرح (اللُّباب)، والصحيح أنه شرح كتاب (العباب) في الفقه الشافعي، وسماه (إتحاف الطُّلاَّب بشرح كتاب العباب)9.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كشف الظنون 1541.
2 كشف الظنون. الصفحة السابقة، وهدية العارفين 1/20.
3 كشف الظنون 1542، الأعلام 6/194.
4 الأعلام 3/46.
5 هدية العارفين 1/510.
6 المصدر السابق 1/510.
7 تاريخ التراث العربي 1/3/210.
8 تاريخ الأدب العربي 3/305.
9 إيضاح المكنون 1/19، هدية العارفين 1/510.

 

ص -36-        وعلى هذا الشرح – أعني تحفة الطلاب للشيخ زكريا – عدّة حواشٍ؛ منها:
1- حاشية القيلوبي1
تأليف: شهاب الدين أحمد بن أحمد بن سلامة القليوبي (ت 1069هـ).
منه نسخة في المكتبة الأزهرية بالقاهرة (197 ورقة)، تحت رقم (335) 22842.
2- حاشية الشوبري3
تأليف: شمس الدين محمد بن أحمد الشوبري الشافعي (ت 1069هـ).
منه عدة نسخ في المكتبة الأزهرية4.
3- منحة الأحباب بشرح تحفة الطلاب5
تأليف: عبد البر بن عبد الله الأجهوري الشافعي (ت 1070هـ).
له عدة نسخ في المكتبة الأزهرية؛ إحداها (501 ورقة)، تحت رقم (737) 56446.
4- فتح الكريم الوهاب على شرح تنقيح اللُّباب7
تأليف: شمس الدين محمد بن داود بن سليمان العناني (ت 1098هـ).
الجزء الثاني في مكتبة برلين (169 ورقة)، تحت رقم (4449)8.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هدية العارفين 1/161، الأعلام 1/92.
2 فهرس المكتبة الأزهرية 2/517.
3 هدية العارفين 1/287، الأعلام 6/11.
4 فهرس الأزهرية 2/512.
5 هدية العارفين 1/498، الأعلام 3/273.
6 فهرس الأزهرية 2/614.
7 هدية العارفين 2/300، الأعلام 6/120.
8 تاريخ التراث العربي 1/3/210.

 

ص -37-        5- حاشية المدابغي1
تأليف: حسن بن علي بن أحمد المنطاوي المدابغي الشافعي (ت 1170هـ).
منه نسخة في مجلدين (729 ورقة) في الأزهرية، تحت رقم (38) 9092.
6- حاشية الشرقاوي
تأليف: الشيخ عبد الله بن حجازي الشرقاوي الشافعي (ت 1227هـ)3.
وهو مطبوع متداول.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هدية العارفين 1/298، الأعلام 2/205.
2 فهرس الأزهرية 2/519.
3 هدية العارفين 1/488، الأعلام 4/78.

المبحث الثالث: منهج المصنِّف في الكتاب
من خلال تحقيقي لهذا الكتاب القيِّم، وقراءته، وتتبع مسائله وجزئياته التي شملت مختلف أبواب الفقه – اتضح لي أن المنهج الذي سلكه المصنف – رحمه الله – في تأليف كتابه هذا يتلخص في النقاط التالية:
أولا: افتتح المصذِف كتابه هذا بذكر أحكام الطهارة مباشرة دون أن يحرر في البداية مُقَدِّمَةً يعرض فيها المنهج الذي سيسلكه في تصنيفه لهذا الكتاب، مخالفا بذلك ما جرت عليه عادة معظم المصنِّفين من ذكر مقدمة يفتتح بها مصنَّفه، يبين فيها السبب الدافع لتأليفه الكتاب، والطريقة التي سينتهجها في كتابته، كما أنه لم يذكر اسمه، ولا اسم كتابه في الافتتاحية، كما جرت به عادة المصنِّفين من الربط بين أسمائهم وأسماء مصنفاتهم.

 

ص -38-        ثانيا: اتضح لي من خلال التحقيق أن المصنّف التزم بذكر أحكام الفقه على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله، ولم يتطرق فيه إلى ذكر أقوال المذاهب الأخرى إلا نادرا، حيث ذكر مذهب الإمام أبي حنيفة – رحمه الله – في مسألة محلِّ سجود السهو، ومذهب الإمام أحمد – رحمه الله – في مسألتين، هما: حكم صلاة الجماعة، وأخرى في أحكام الحوالة.
ثالثا: يشير إلى الخلاف عن الإمام الشافعي – رحمه الله – في المسألة، فيذكر الأقوال المنسوبة إليه، دون الإشارة إلى مصدرها في الغالب، ودون ترجيح لقول على آخر في أكثر الأحيان، كما أنه يذكر الأوجه المنقولة عن الأصحاب في بعض المواضع دون ترجيح لها أيضا.
رابعا: تنوعت طريقة المصنِّف في عرضه للأحكام والمسائل من باب لآخر، فتارة يذكرها على الطريقة المعروفة السائدة في المصنَّفات الفقهية كالتنبيه، وغيرها، ملتزما جانب الاختصار، والإيجاز، وتارة يذكرها على طريقة الحصر والاستثناء، وتارة يذكر قاعدة فقهية، أو ضابطا، ويذكر ما يتصل به من جزئيات وفرعيات للمسألة.
خامسا: يذكر - في مواضع متعددة – القول الضعيف في المذهب، دون الإشارة إلى شذوذه أو ضعفه، وقد تَعَقَّبْتُه في تلك المواضع، وبيَّنتُ القول الراجح في المذهب والصحيح المعتمد، وكذلك الأمر في الأوجه التي يذكرها.
سادسا: رتَّب الكتاب في معظم أبوابه على الطريقة المتّبعة في ذكر أبواب الفقه، والمنهج السائد عند فقهاء الشافعية، إلا أنه أقحم بعض الأبواب في غير مواضعها، فقد ذكر باب الفرائض وما يتبعه قبل استكمال كتاب البيوع كاملا، ثم ذكر بقية أبواب البيوع بعد ذلك، وكذلك

 

ص -39-        فإنه يذكر بعض المسائل في غير مظانِّها المعهودة، كذكره باب قسمة الغنيمة والفيء، وباب الكفارات والفدية، والدماء في كتاب الزكاة؛ مخالفا بذلك المنهج الذي سلكه معظم فقهاء الشافعية في ذلك.
سابعا: جاء الكتاب شاملا لجميع أبواب الفقه بلا استثناء ابتداء من كتاب الطهارة حتى كتاب العتق وما يتعلق به.
ثامنا: أشار المصنِّف في بعض الأبواب – عند ذكره مسألة من المسائل – إلى أنه قد فصّل القول في هذه المسألة، وبسط الكلام عليها في موضع آخر، ولم يشر إلى اسم مصنّفه الذي قصده، وكان الأولى أن يذكره.
تاسعا: لم يخل الكتاب – رغم أنه من المختصرات – من الأدلة النقلية من الكتاب والسنة، حيث استدل المصنِّف ببعض الآيات القرآنية الكريمة، وأورد جملة من الأحاديث النبوية الشريفة مشيرا إلى درجتها في بعض الأحيان.
عاشرا: يكتنف أسلوب المصنِّف – رحمه الله – الغموض والإبهام وعدم وضوح المراد في عدة مواضع، مما استلزم شرح وبيان ذلك كله.
وبالجملة، فإن كتاب (اللُّباب) للمحاملي – رحمه الله – يدل دلالة واضحة على طول باع المصنِّف في الفقه، واطلاعه الواسع، وشخصيته الفقهية المتميزة في إدراك مسائل الفقه، وصياغتها بعبارة دقيقة ومختصرة، وبأساليب متنوعة، إذ اشتمل كتابه هذا على جملة من فنون الفقه؛ ما بين قواعد، واستثناءات، وضوابط، وفروق، وأقوال، ووجوه، في المذهب الشافعي، ولا يعني ذلك أن الكتاب سليم من المآخذ والملاحظات؛ فإن الكمال لله وحده جلّ شأنه، وقد أشرت إلى بعض تلك المآخذ آنفا، كما نبّهت عليها في مواضعها من الكتاب أثناء التحقيق.

 

ص -40-        المبحث الرابع: وصف النسختين الخطِّيتين للكتاب
بعد جهد واستقراء مستمرين، وبحث دائم ومتواصل في فهارس المخطوطات، وسؤال المختصين من العلماء والباحثين، وبعد اطلاع على فهارس المكتبات التي زرتها في مكة المكرمة، والمدينة المنورة، والرياض، ومصر؛ تمكنتُ – ولله الحمد والمنة – من الحصول على مصورتين لنسختين خطِّيتين للكتاب، وهما:
أولا: النسخة الأولى (أ):
نسخة مكتبة (أيا صوفيا) التركية باستانبول، وهي محفوظة فيها تحت رقم (1378/1)، ضمن مجموع يحتوي على عدة كتب، أولها كتابنا هذا من ورقة (1-76).
وقد رمزت لهذه النسخة بالحرف (أ).
وهذا وصف شامل لها:
- كتبت بخط نسخ مقروء.
- عدد أوراقها ست وسبعون ورقة (مائة وإحدى وخمسون صفحة).
- عدد الأسطر سبعة عشر سطرا في الصفحة الواحدة (أربعة وثلاثون سطرا في الورقة الواحدة).
- بمعدل تسع كلمات في السطر الواحد.
- تاريخ النسخ: يوم الأحد من شهر صفر سنة ثلاث وأربعين وستمائة للهجرة.
- لم يُذكَر اسم الناسخ.
- على غلافها استعارة وتملك كُتب بعبارة: (عارية عندي، مالكه الجناب العسّال المولوي الكمال أبو الحسين البالسي الإمام...أحسن الله إليه).

 

ص -41-        - كتب على الغلاف عنوان الكتاب واسم مؤلفه (اللُّباب في الفقه، تصنيف القاضي الجليل أبي الحسن بن محمد بن القاسم الضبي المحاملي رحمة الله عليه).
- كتب في أعلى الغلاف أربعة أبيات، وقال: للشاطبي رضي الله عنه.
- ثم ختْم نقشه {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّه}.
- ثم عنوان الكتاب كما ذكرته، واسم مؤلّفه.
- ثم أبيات شعرية؛ منها:

يفوق من الفوائد والمعالى                      مع الإيجاز كلَّ مُطوَّلاتِ

كتاب كل علم الفقه فيه                        ويكشف عن جميع المشكلاتِ

- وتلا الأبيات عبارة (نسب الشافعي – رضي الله عنه -: محمد بن إدريس ابن عباس بن عثمان بن شافع بن سائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم).
- ثم عبارة: (قال عبد الله بن عون: سئلتْ أم الدرداء: "ما كان أفضل عمل أبي الدرداء؟ قالت: التفكر والاعتبار).
- ثم عبارة بخمسة أسطر، عليها آثار بلل. لم أتمكن من قراءتها.
- وفي أثناء هذه النسخة كُتب على الورقة الثانية (وقف لله تعالى، فمن نظر فيه يدعو لمن كان السبب فيه ولوالديه). وقد كُررت مثل هذه العبارة، وعبارة (وقف لله تعالى) في عدة أماكن في ثنايا الكتاب.
- في هذه النسخة بعض التصويبات على هوامش أوراقها الداخلية.
- فيها بعض السقط.
- أخطاؤها الإملائية واللغوية كثيرة، ويظهر أن الناسخ أعجمي.
- ختم الكتاب بعبارة: (تم كتاب اللُّباب بحمد الله، وعونه، وتوفيقه، وبمنِّه، وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وآله وسلم تسليما كثيرا، وكان الفراغ من نسْخه في اليوم الأحد من شهر صفر سنة ثلاث وأربعين وستمائة).

 

ص -42-        ثانيا: النسخة الثانية (ب):
نسخة المكتبة الظاهرية بدمشق، محفوظة فيها تحت رقم (387) فقه شافعي، ضمن مجموع يحتوي على ثلاثة كتب في فقه الشافعية، هي:
1- اللُّباب. للمحاملي من ورقة (1) إلى ورقة (30). من أول المجموع.
2- التدريب. لعمر بن رسلان البلقيني. من ورقة (31) إلى ورقة (159).
3- تنقيح اللُّباب. لولي الدين أبي زرعة العراقي. من ورقة (160) إلى ورقة (209).
وقد رمزت لهذه النسخة بالحرف (ب).
وهذا وصف شامل لها:
- كُتبت بقلم معتاد، معظمها بخط النسخ.
- عدد أوراقها ثلاثون ورقة (ستون صفحة).
- عدد الأسطر في الصفحة الواحدة يتفاوت ما بين سبعة وعشرين سطرا إلى ثلاثين سطرا.
- معدل الكلمات في السطر الواحد ثماني عشرة كلمة.
- تاريخ النسخ 9/ جمادى الأولى / سنة (829هـ).
- اسم الناسخ: أحمد بن أبي بكر البوصيري.
- على الغلاف وقفية للكتاب على إحدى المدارس.
- عنوان الكتاب واسم مؤلفه على الغلاف (كتاب اللُّباب، تأليف الإمام، العالم، العامل، أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد الضبي المحاملي، توفي سنة خمس عشرة وأربعمائة عن تسع وأربعين سنة). وهذا خطأ في تحديد عمره، فعمره سبع وأربعون سنة كما تقدم.

 

ص -43-        - ثم عليها ختم المكتبة الظاهرية بدمشق، وختم المكتبة العمرية، وهي إحدى المكتبات التي تضمها المكتبة الظاهرية.
- هذه النسخة كثيرة السقط، كثيرة الأخطاء اللغوية والإملائية، فالأخطاء فيها أكثر من سابقتها.
وقد أشار الزركلي إلى أن هذا الناسخ معروف بتحريفه الكثير في نسْخه للكتب.
- آخر الكتاب (تم الكتاب بعون الله – تعالى – وفضله، والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وسلم، على يد أحوج خلق الله للمغفرة أحمد بن أبي بكر البوصيري، في تاسع جمادى الأولى سنة تسع وعشرين وثمانمائة).

 

ص -48-        المبحث الخامس: عملي في التحقيق
يتلخص المنهج الذي سرت عليه في تحقيق الكتاب بالآتي:
أولا: بما أن النسختين اللتين حصلت عليهما لم تكن إحداهما بخط المؤلف، ولا في حياته، كما أن بينهما اتفاقا في بعض المواضع في الأخطاء التي أكاد أجزم بأنها من الناسخين، وكذلك فإنك قد تجد خطأ في موضع في نسخة (أ)، لا تجده في (ب) في نفس المكان، لذلك كله سلكت طريقة اختيار العبارة الصحيحة منهما، وعملت على إخراج النص سليما بمقارنة النسختين، ومن ثم استخلاص النص الأصح واعتماده، وتحقيق الكتاب على مقتضاه.
ثانيا: أثبت الفروق بين النسختين، فما كان من زيادة، أو خطأ، أو سقط، أو فرق، أو نحو ذلك؛ ذكرته في الحاشية، مشيرا إلى النسخة التي وقع فيها ذلك.
ثالثا: نسخت نص الكتاب حسب قواعد الإملاء والخط الحديثة.
رابعا: إذا اقتضى السياق إضافة عبارة أو لفظة ما، لا يستقيم المعنى إلا بها؛ أضفتها في النص، مع الإشارة إلى ذلك في الحاشية علما بأن هذا نادر.
خامسا: رقمت الآيات القرآنية الكريمة الواردة في الكتاب، وتثبت منها في مواضعها من المصحف الشريف، وأشرت في الحاشية إلى رقم الآية واسم السورة، ورسمتها بالرسم العثماني تمييزا لها عن غيرها.

 

ص -49-        سادسا: خرجت الأحاديث النبوية الشريفة، فإن كان الحديث في الصحيحين، أو في أحدهما؛ اكتفيت بتخريجه منهما أو من أحدهما، وإن لم يكن كذلك؛ خرجته من مظانه في كتب الحديث الأخرى كالسنن، والمسانيد، والمصنفات، وبينت درجة ذلك الحديث، معتمدا على الكتب المختصة بذلك.
سابعا: وثقت المسائل الفقهية، والقواعد، والضوابط، وكذا الفرعيات والجزئيات من كتب الفقه، والقواعد الفقهية، والأشباه والنظائر في المذهب الشافعي، كما وثقت أقوال الإمامين أبي حنيفة وأحمد – رحمهما الله تعالى – من كتبهما الأصيلة في المسائل المعدودة التي ذكرها المصنف.
ثامنا: إذا استدل المصنف للمسألة بآية قرآنية، فإني أوثق المسألة الفقهية من كتب أحكام القرآن والتفسير التي صنفها الشافعية؛ ككتاب أحكام القرآن للإمام الشافعي، وكتاب أحكام القرآن للهراسي الشافعي، وتفسير الماوردي والبغوي، ثم أضيف إلى ذلك بعض كتب الفقه.
تاسعا: إذا ذكر المصنف قولين أو وجهين في المسألة، فإني أشير في الحاشية إلى أصحهما، وإلى القول المعتمد منهما في المذهب، كما أبين القول المعتمد في المسائل التي أثبت المصنف فيها القول الضعيف.
عاشرا: شرحت الألفاظ، والكلمات الغريبة، وبعض المصطلحات الواردة في الكتاب، والتي تحتاج إلى بيان، معتمدا في ذلك على كتب اللغة، وكتب الغريب التي ألفت في شرح الألفاظ الفقهية عند فقهاء الشافعية.

 

ص -50-        حادي عشر: بينت مقادير الأطوال، والمقاييس، والمكاييل، والموازين الشرعية – التي أوردها المصنف – بما يعادلها ويساويها من المقادير الحديثة المتداولة الآن.
ثاني عشر: ترجمت باختصار للأعلام غير المشهورين، ثم أعقبت الترجمة بذكر المصادر لمن أراد الإطالة والتوسع.
ثالث عشر: ضبطت الألفاظ والكلمات التي تحتمل اللبس بالشكل.
رابع عشر: عند ذكر مصادر التوثيق للمسائل الفقهية أو غيرها في الحواشي؛ أقدم المصدر الأسبق في التصنيف أولا ثم الذي يليه، فإذا اجتمعت ثلاثة مصادر في حاشية واحدة؛ كالأم، والحاوي، والتنبيه مثلا؛ أرتبها هكذا، الأسبق فالأسبق، وكذا المجموع، ومغني المحتاج هكذا، وقد التزمت بذلك في القسمين الدراسي والتحقيقي، إلا ما سهوت أو غفلت عنه. فالله المستعان.
خامس عشر: وضعت هذه العلامة ( / ) للدلالة على نهاية كل ورقة من المخطوط، مع الإشارة إلى رقم تلك الورقة وتسلسلها في الحاشية، وبيان النسخة، وذلك ليسهل الأمر على من أراد الرجوع للمخطوط.
سادس عشر: وضعت فهارس فهارس عامة للكتاب في آخره تعين القارئ عند الرجوع إلى مراده منه، وهي كما يلي:
1- فهرس للآيات القرآنية الكريمة، مرتبة حسب ترتيب السور في المصحف الشريف.
2- فهرس للأحاديث النبوية الشريفة، ورتبتها على الحروف الهجائية.
3- فهرس للأعلام الوارد ذكرهم في الكتاب.

 

ص -51-        4- فهرس للأبيات الشعرية
5- فهرس للمصطلحات والكلمات الغريبة
6- فهرس للمصادر والمراجع التي اعتمدت عليها في تحقيق هذا الكتاب ودراسته، مرتبة على الحروف الهجائية.
7- فهرس تفصيلي لمحتويات وموضوعات الكتاب، شملت القسمين الدراسي والتحقيقي.