المجموع شرح المهذب ط دار الفكر

 (باب زكاة التجارة)

* قال المصنف رحمه الله
* (تجب الزكاة في عروض التجارة لِمَا رَوَى أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (في الابل صدقتها وفى البقر صدقتها وفى البز صدقته ولان التجارة يطلب بها نماء المال فتعلقت بها الزكاة كالسوم في الماشية)
* (الشرح) هذا الحديث رواه الدارقطني فِي سُنَنِهِ وَالْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَالْبَيْهَقِيُّ بِأَسَانِيدِهِمْ ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ بِإِسْنَادَيْنِ ثُمَّ قَالَ هَذَانِ الْإِسْنَادَانِ صَحِيحَانِ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ (قَوْلُهُ) وَفِي الْبَزِّ صَدَقَتُهُ هُوَ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَبِالزَّايِ هَكَذَا رَوَاهُ جَمِيعُ الرُّوَاةِ وَصَرَّحَ بالزاى الدارقطني وَالْبَيْهَقِيُّ وَنُصُوصُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْقَدِيمَةُ وَالْجَدِيدَةُ مُتَظَاهِرَةٌ عَلَى وُجُوبِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي القديم اخلتف النَّاسُ فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا زَكَاةَ فِيهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِيهَا الزَّكَاةُ وَهَذَا أَحَبُّ إلَيْنَا هَذَا نَصُّهُ فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَآخَرُونَ هَذَا تَرْدِيدُ قَوْلٍ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ فِي الْقَدِيمِ قَوْلَانِ فِي وُجُوبِهَا وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُثْبِتْ هَذَا الْقَدِيمَ وَاتَّفَقَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَكُلُّ مَنْ حَكَى هَذَا الْقَدِيمَ عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ فِي الْقَدِيمِ أَنَّهَا تَجِبُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ وَالْمَشْهُورُ لِلْأَصْحَابِ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وُجُوبُهَا وَلَيْسَ فِي هَذَا الْمَنْقُولِ عَنْ الْقَدِيمِ إثْبَاتُ قَوْلٍ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا وَإِنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ اخْتِلَافِ النَّاسِ وَبَيَّنَ أَنَّ مَذْهَبَهُ الْوُجُوبُ بِقَوْلِهِ وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِالْوُجُوبِ وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ بَعْدَهُمْ
أَجْمَعِينَ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى وُجُوبِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ قال رويناه عن عمر بن الخطاب وبن عباس والفقهاء السبعة سعيد بن المسيب والقسم بْنِ مُحَمَّدٍ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَأَبِي بَكْرِ بن عبد الرحمن بن الحارث وجارحة بْنِ زَيْدٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وسلمان بْنِ يَسَارٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَطَاوُسٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَمَيْمُونَ بْنِ مِهْرَانَ وَالنَّخَعِيِّ وَمَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ والاوزاعي والشافعي والنعمان واصحابه وأحمد واسحق وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَحَكَى أَصْحَابُنَا عَنْ دَاوُد وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ أَنَّهُمْ قَالُوا لَا تَجِبُ وَقَالَ رَبِيعَةُ وَمَالِكٌ لَا زَكَاةَ في عروض التجارة ما لم تنض وتصير دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَإِذَا نُضَّتْ لَزِمَهُ زَكَاةُ عَامٍ وَاحِدٍ وَاحْتَجُّوا بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ وهو في الصحيحين وقد سبق بيانه وربما جَاءَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لَا زَكَاةَ فِي الْعُرُوضِ وَاحْتَجَّ

(6/47)


أَصْحَابُنَا بِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ الْمَذْكُورِ وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا سَبَقَ وَعَنْ سَمُرَةَ قَالَ أَمَّا بَعْدُ (فان رسول الله صلي الله عليه سلم كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنْ الَّذِي يُعَدُّ لِلْبَيْعِ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي أَوَّلِ كِتَابِ الزَّكَاةِ وَفِي إسْنَادِهِ جَمَاعَةٌ لَا أَعْرِفُ حَالَهُمْ وَلَكِنْ لَمْ يُضَعِّفْهُ أَبُو دَاوُد وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ مَا لَمْ يُضَعِّفْهُ فَهُوَ حَسَنٌ عِنْدَهُ وَعَنْ حِمَاسٍ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ وَآخِرُهُ سِينٌ مُهْمَلَةٌ وَكَانَ يَبِيعُ الْأُدُمَ قَالَ قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَا حماس اد زكاة مالك فقلت مالي مَالٌ إنَّمَا أَبِيعُ الْأُدُمَ قَالَ قَوِّمْهُ ثُمَّ أَدِّ زَكَاتَهُ فَفَعَلْتُ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْحَافِظُ فِي مُسْنَدِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَيْسَ فِي الْعُرُوضِ زَكَاةٌ إلَّا مَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ بِإِسْنَادِهِ الصَّحِيحِ وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ (لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ) فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَيْسَ لِلتِّجَارَةِ وَمَعْنَاهُ لا زكاة في عينه بخلاف الانعمام وَهَذَا التَّأْوِيلُ مُتَعَيَّنٌ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَأَمَّا قول بن عَبَّاسٍ فَهُوَ ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ ضَعَّفَهُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ مَحْمُولًا عَلَى عَرَضٍ لَيْسَ لِلتِّجَارَةِ لِيُجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ السَّالِفَةِ وَلِمَا رَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ مِنْ وُجُوبِ زَكَاةِ التجارة كما سبق وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
*
*
قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى
*
(ولا يصير العرض للتجارة الا بشرطين أحدهما ان يملكه بعقد فيه عوض كالبيع والاجارة والنكاح والخلع والثاني ان ينوى عند العقد انه تملكه للتجارة وأما إذا ملكه بارث أو وصية أو هبة من غير شرط الثواب فلا تصير للتجارة بالنية وإن ملكه بالبيع والاجارة ولم ينو عند العقد انه للتجارة لم يصر للتجارة وقال الكرابيسي من أصحابنا إذا ملك عرضا ثم نوى انه للتجارة صار للتجارة كما إذا كان عنده متاع للتجارة ثم نوى القنية صار للقنية بالنية والمذهب الاول لانه ما لم يكن للزكاة من أصله لم يصر للزكاة بمجرد النية كالمعلوفه إذا نوى إسامتها ويفارق إذا نوى القنية بمال التجارة لان القنية هي الامساك بنية القنية وقد وجد الامساك والنية والتجارة هي التصرف بنية التجارة وقد وجدت النية ولم يوجد التصرف فلم يصر للتجارة)
* (الشَّرْحُ) قَوْلُهُ مِنْ أَصْلِهِ احْتِرَازٌ مِنْ حُلِيِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إذَا قُلْنَا لَا زَكَاةَ فِيهِ فَنَوَى اسْتِعْمَالَهُ فِي حَرَامٍ أَوْ نَوَى كَنْزَهُ واقتناه فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ كَمَا سَبَقَ لِأَنَّ أَصْلَهُ الزَّكَاةُ قَالَ أَصْحَابُنَا مَالُ التِّجَارَةِ هُوَ كُلُّ مَا قُصِدَ الِاتِّجَارُ فِيهِ عِنْدَ تَمَلُّكِهِ بمعاوضة محضة وتفصيل هذه القيودان مُجَرَّدَ نِيَّةِ التِّجَارَةِ لَا يَصِيرُ بِهِ الْمَالُ لِلتِّجَارَةِ فَلَوْ كَانَ لَهُ عَرَضُ قُنْيَةٍ مَلَكَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فَجَعَلَهُ لِلتِّجَارَةِ لَمْ يَصِرْ للتجارة هذا هو

(6/48)


لمذهب وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَقَالَ الْكَرَابِيسِيُّ يَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ وهو مذهب احمد واسحق بْنِ رَاهْوَيْهِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ دَلِيلَ الْوَجْهَيْنِ أَمَّا إذَا اقْتَرَنَتْ نِيَّةُ التِّجَارَةِ بِالشِّرَاءِ فَإِنَّ الْمُشْتَرَى يَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ وَيَدْخُلُ فِي الْحَوْلِ بِنَفْسِ الشِّرَى سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ بِعَرَضٍ أَوْ نَقْدٍ أَوْ دَيْنٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ وَإِذَا صَارَ لِلتِّجَارَةِ اسْتَمَرَّ حُكْمُهَا وَلَا يَحْتَاجُ فِي كُلِّ مُعَامَلَةٍ إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى بِلَا خِلَافٍ بَلْ النِّيَّةُ مُسْتَصْحَبَةٌ كَافِيَةٌ وَفِي مَعْنَى الشِّرَى مَا لَوْ صَالَحَ عَنْ دَيْنٍ لَهُ فِي ذِمَّةِ إنْسَانٍ عَلَى عِوَضٍ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ بلا خلاف سواء كان الدَّيْنُ قَرْضًا أَوْ ثَمَنَ مَبِيعٍ أَوْ ضَمَانَ مُتْلَفٍ وَهَكَذَا الِاتِّهَابُ بِشَرْطِ الثَّوَابِ إذَا نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ صَارَ لِلتِّجَارَةِ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا الْهِبَةُ بِلَا ثَوَابٍ وَالِاحْتِطَابُ وَالِاحْتِشَاشُ وَالِاصْطِيَادُ فَلَيْسَتْ مِنْ أَسْبَابِ التِّجَارَةِ وَلَا أَثَرَ لِاقْتِرَانِ النِّيَّةِ بِهَا وَلَا يَصِيرُ الْعَرَضُ لِلتِّجَارَةِ بِلَا خِلَافٍ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْمُعَاوَضَةُ وَهَكَذَا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَالِاسْتِرْدَادُ فَلَوْ بَاعَ عَرَضَ قُنْيَةٍ بِعَرَضِ قُنْيَةٍ ثُمَّ
وَجَدَ بِمَا أَخَذَهُ عَيْبًا فَرَدَّهُ وَاسْتَرَدَّ الْأَوَّلَ عَلَى قَصْدِ التِّجَارَةِ أَوْ وَجَدَ صَاحِبُهُ بِمَا أَخَذَ عَيْبًا فَرَدَّهُ فَقَصَدَ الْمَرْدُودَ عَلَيْهِ بِأَخْذِهِ لِلتِّجَارَةِ لَمْ يَصِرْ لِلتِّجَارَةِ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ ثَوْبُ قُنْيَةٍ فَاشْتَرَى بِهِ عَبْدًا لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ الثَّوْبَ بِالْعَيْبِ انْقَطَعَ حَوْلُ التِّجَارَةِ وَلَا يَكُونُ الثَّوْبُ لِلتِّجَارَةِ بخلاف مالو كَانَ الثَّوْبُ لِلتِّجَارَةِ أَيْضًا فَإِنَّهُ يَبْقَى حُكْمُ التِّجَارَةِ فِيهِ كَمَا لَوْ بَاعَ عَرَضَ التِّجَارَةِ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ عَرَضًا آخَرَ وَكَذَا لَوْ تَبَايَعَ التَّاجِرَانِ ثُمَّ تَعَامَلَا يَسْتَمِرُّ حُكْمُ التِّجَارَةِ فِي الْمَالَيْنِ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ ثَوْبُ تِجَارَةٍ فَبَاعَهُ بِعَبْدٍ لِلْقُنْيَةِ فَرَدَّ عَلَيْهِ الثَّوْبَ بِالْعَيْبِ لَمْ يَعُدْ إلَى حُكْمِ التِّجَارَةِ لِأَنَّ قَصْدَ الْقُنْيَةِ حَوْلُ التِّجَارَةِ وَلَيْسَ الرَّدُّ وَالِاسْتِرْدَادُ مِنْ التِّجَارَةِ كَمَا لَوْ قَصَدَ الْقُنْيَةَ بِمَالِ التِّجَارَةِ الَّذِي عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَصِيرُ قُنْيَةً بِالِاتِّفَاقِ فَلَوْ نَوَى بَعْدَ ذَلِكَ جَعْلَهُ لِلتِّجَارَةِ لَا يُؤَثِّرُ حَتَّى تَقْتَرِنَ النِّيَّةُ بِتِجَارَةٍ جَدِيدَةٍ وَلَوْ خَالَعَ وَقَصَدَ بعرض الْخُلْعِ التِّجَارَةَ فِي حَالِ الْمُخَالَعَةِ أَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ أَوْ تَزَوَّجَتْ الْحُرَّةُ وَنَوَيَا حَالَ الْعَقْدِ التِّجَارَةَ فِي الصَّدَاقِ فَطَرِيقَانِ (أَصَحُّهُمَا) وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَجَمَاهِيرُ الْعِرَاقِيِّينَ يَكُونُ مَالَ تِجَارَةٍ وَيَنْعَقِدُ الْحَوْلُ مِنْ حِينَئِذٍ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ ثَبَتَتْ فِيهَا الشُّفْعَةُ كَالْبَيْعِ
(وَالثَّانِي)
وَهُوَ مَشْهُورٌ فِي طَرِيقَةِ الخراسانيين وذكر بعض العراقيين فيه (وجهان) أَصَحُّهُمَا هَذَا (وَالثَّانِي) لَا يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ عُقُودِ التِّجَارَاتِ وَالْمُعَاوَضَاتِ الْمَحْضَةِ وَطَرَدَ الْخُرَاسَانِيُّونَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَالِ الْمُصَالَحِ بِهِ عَنْ الدَّمِ وَاَلَّذِي آجَرَ بِهِ نَفْسَهُ أَوْ مَالَهُ إذَا نَوَى بِهِمَا التِّجَارَةَ وَفِيمَا إذَا كَانَ يَصْرِفُهُ فِي الْمَنَافِعِ بِأَنْ كَانَ يَسْتَأْجِرُ الْمُسْتَغَلَّاتِ وَيُؤَجِّرُهَا لِلتِّجَارَةِ فَالْمَذْهَبُ فِي الْجَمِيعِ مَصِيرُهُ لِلتِّجَارَةِ هَذَا كُلُّهُ فِيمَا يَصِيرُ بِهِ الْعَرْضُ لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ إذَا صَارَ لِلتِّجَارَةِ وَنَوَى بِهِ الْقُنْيَةَ صَارَ لِلْقُنْيَةِ وَانْقَطَعَ

(6/49)


حُكْمُ التِّجَارَةِ بِلَا خِلَافٍ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله تعالى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ * قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالي
* (إذا اشترى للتجارة ما تجب الزكاة في عينه كنصاب السائمة والكرم والنخل نظرت فان وجد فيه نصاب احدى الزكاتين دون الاخرى كخمس من الابل لا تساوي مائتي درهم أو اربع من الابل تساوى مائتي درهم وجبت فيه زكاة ما وجد نصابه لانه وجد سببها ولم يوجد ما يعارضه فوجبت وان وجد نصابهما ففيه طريقان قال أبو اسحق ان سبق حول التجارة بان يكون
عنده نصاب من الاثمان مدة ثم اشترى به نصابا من السائمة وجبت زكاة التجارة فيه وان سبق وجوب زكاة العين بان اشترى نخلا للتجارة فبدا فيها الصلاح قبل ان يحول حول التجارة وجبت زكاة العين لان السابق منهما قد وجد سبب وجوب زكاته وليس هناك زكاة تعارضها فوجبت كما قلنا في ما وجد فيه نصاب احدى الزكاتين دون الاخرى وان وجد سببهما في وقت واحد مثل ان يشترى بما تجب فيه الزكاة نصابا من السائمة للتجارة ففيه قولان (قال) في القديم تجب زكاة التجارة لانها أنفع للمساكين لانها تزداد بزيادة القيمة فكان ايجابها أولي (وقال) في الجديد تجب زكاة العين لانها اقوى لانها مجمع عليها وزكاة التجارة مختلف في وجوبها ولان نصاب العين يعرف قطعا ونصاب التجارة يعرف بالظن فكانت زكاة العين اولي وقال القاضى أبو حامد في المسألة قولان سواء اتفق حولهما أو سبق حول أحدهما (والاول) اصح فان كان المشترى نخيلا وقلنا بقوله القديم قوم النخيل والثمرة واخرج الزكاة عن قيمتها وإن قلنا بقوله الجديد لزمه عشر الثمرة وهل يقوم النخيل فيه قولان (احدهما) لا يقوم لان المقصود هو الثمار وقد اخرجنا عنها العشر والثاني يقوم ويخرج الزكاة من قيمتها لان العشر زكاة الثمار فاما الاصول فلم يخرج زكاتها فوجب ان تقوم وتخرج عنها الزكاة)
* (الشرح) قال أصحابنا رحمهم الله تعالى إذا كَانَ مَالُ التِّجَارَةِ نِصَابًا مِنْ السَّائِمَةِ أَوْ الثَّمَرِ أَوْ الزَّرْعِ لَمْ يُجْمَعْ فِيهِ بَيْنَ وُجُوبِ زَكَاتَيْ التِّجَارَةِ وَالْعَيْنِ بِلَا خِلَافٍ وَإِنَّمَا يَجِبُ إحْدَاهُمَا وَفِي الْوَاجِبِ قَوْلَانِ (أَصَحُّهُمَا) وَهُوَ الْجَدِيدُ وَأَحَدُ قَوْلَيْ الْقَدِيمِ تَجِبُ زَكَاةُ الْعَيْنِ
(وَالثَّانِي)
وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الْقَدِيمِ تَجِبُ زَكَاةُ التِّجَارَةِ وَدَلِيلُ الْعَيْنِ أَنَّهَا أَقْوَى لِكَوْنِهَا مُجْمَعًا عَلَيْهَا وَلِأَنَّهَا يُعْرَفُ نِصَابُهَا قَطْعًا بِالْعَدَدِ وَالْكَيْلِ وَأَمَّا التِّجَارَةُ فَتُعْرَفُ ظَنًّا وَدَلِيلُ التِّجَارَةِ أَنَّهَا أَنْفَعُ لِلْمَسَاكِينِ فَإِنَّهُ لَا وَقْصَ فِيهَا

(6/50)


فَإِنْ قُلْنَا بِالْعَيْنِ أَخْرَجَ السِّنَّ الْوَاجِبَةَ مِنْ السائمة ويضم السِّخَالِ إلَى الْأُمَّاتِ كَمَا سَبَقَ فِي بَابِهِ وَإِنْ قُلْنَا بِالتِّجَارَةِ قَالَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ يُقَوَّمُ فِي الثِّمَارِ الثَّمَرَةُ وَالنَّخِيلُ وَالْأَرْضُ وَفِي الزَّرْعِ يُقَوَّمُ الْحَبُّ وَالتِّبْنُ وَالْأَرْضُ وَفِي السَّائِمَةِ تُقَوَّمُ مَعَ دُرِّهَا وَنَسْلِهَا وَصُوفِهَا وَمَا اُتُّخِذَ مِنْ لَبَنِهَا وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّ النِّتَاجَ
مَالُ تِجَارَةٍ وَفِيهِ خِلَافٌ سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا تَأْثِيرَ لِنَقْصِ النِّصَابِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ نِصَابَ الْعَرَضِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الْحَوْلِ وَلَوْ اشْتَرَى نِصَابًا مِنْ السَّائِمَةِ لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا عَرَضًا بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا فَعَلَى (قَوْلِ) اعْتِبَارِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ لَا يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ وَعَلَى (قَوْلِ) الْعَيْنِ يَنْقَطِعُ وَيَبْتَدِئُ حَوْلُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ مِنْ حِينِ مِلْكِ الْعَرَضِ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ فِيمَا إذَا مَلَكَ نِصَابَ الزَّكَاتَيْنِ وَاتَّفَقَ الحولان أما إذا لم يكمل الانصاب أَحَدِهِمَا بِأَنْ كَانَ الْمَالُ أَرْبَعِينَ شَاةً وَتَبْلُغُ قِيمَتُهَا نِصَابًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ أَوْ كَانَ دُونَ أَرْبَعِينَ شَاةً وَتَبْلُغُ قِيمَتُهَا نِصَابًا فَالصَّحِيحُ وُجُوبُ زَكَاةِ مَا بَلَغَتْ بِهِ نِصَابًا وَبِهَذَا قَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ فِي مُعْظَمِ الطُّرُقِ وَقِيلَ فِي وُجُوبِهَا وَجْهَانِ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ غَلَطٌ وَإِذَا قُلْنَا بِزَكَاةِ الْعَيْنِ فَنَقَصَتْ الْمَاشِيَةُ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ عَنْ نِصَابِهَا ونقلناها الي زكاة فَهَلْ يَبْنِي حَوْلَهَا عَلَى حَوْلِ الْعَيْنِ أَمْ يَسْتَأْنِفُ حَوْلَ التِّجَارَةِ فِيهِ وَجْهَانِ كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَنْ مَلَكَ نِصَابَ سَائِمَةٍ لَا لِلتِّجَارَةِ فَاشْتَرَى بِهِ عَرَضَ تِجَارَةٍ هَلْ يَبْنِي حَوْلَ التِّجَارَةِ عَلَى حَوْلِ السَّائِمَةِ (أَصَحُّهُمَا) يَسْتَأْنِفُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَإِذَا أَوْجَبْنَا زَكَاةَ التِّجَارَةِ لِنُقْصَانِ الْمَاشِيَةِ الْمُشْتَرَاةِ لِلتِّجَارَةِ عَنْ النِّصَابِ ثُمَّ بَلَغَتْ نِصَابًا فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ بِالنِّتَاجِ وَلَمْ تَبْلُغْ الْقِيمَةُ نِصَابًا فِي آخِرِ الْحَوْلِ فَوَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا) لَا زَكَاةَ لِأَنَّ الْحَوْلَ انْعَقَدَ لِلتِّجَارَةِ فَلَا يَتَعَيَّنُ
(وَالثَّانِي)
يَنْتَقِلُ إلَى زَكَاةِ الْعَيْنِ لِإِمْكَانِهَا فَعَلَى هَذَا هَلْ يُعْتَبَرُ الْحَوْلُ مِنْ وَقْتِ نَقْصِ الْقِيمَةِ عَنْ النِّصَابِ أَوْ مِنْ وَقْتِ تَمَامِ النِّصَابِ بِالنِّتَاجِ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا إذَا كَمُلَ نِصَابُ الزَّكَاتَيْنِ وَاخْتَلَفَ الْحَوْلَانِ بِأَنْ اشْتَرَى بِمَتَاعِ التِّجَارَةِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ نِصَابَ سَائِمَةٍ أَوْ اشْتَرَى بِهِ مَعْلُوفَةً لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ أَسَامَهَا بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَفِيهِ طَرِيقَانِ حَكَاهُمَا الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ (أَصَحُّهُمَا) وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ وصححه البغوي والرافعي وآخرون وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ كَمَا لَوْ اتَّفَقَ حَوْلُهُمَا وَلِأَنَّ الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يُفَرِّقْ وَلِأَنَّهُ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ وَيَبْعُدُ اتِّفَاقُ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَوْلِ التِّجَارَةِ مَعَ أَوَّلِ بُدُوِّ الصَّلَاحِ (والطريق الثاني) وبه قال أبو إسحق وأبو علي وابن أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبُو حَفْصِ بْنُ الْوَكِيلِ حَكَاهُ عَنْهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَشَيْخُهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَقَطَعَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ فِي التَّحْرِيرِ أَنَّ

(6/51)


الْقَوْلَيْنِ مَخْصُوصَانِ بِمَا إذَا اتَّفَقَ الْحَوْلَانِ بِأَنْ اشْتَرَى بِعَرْضٍ لِلْقُنْيَةِ نِصَابَ سَائِمَةٍ لِلتِّجَارَةِ فَعَلَى هَذَا يُقَدِّمُ أَسْبَقَهُمَا حَوْلًا فَفِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ يَجِبُ زَكَاةُ التِّجَارَةِ لِسَبْقِ حَوْلِهَا وَحُجَّةُ هَذَا الطَّرِيقِ أَنَّهُ أَرْفَقُ بِالْمَسَاكِينِ فَإِنْ قُلْنَا بِطَرْدِ الْقَوْلَيْنِ فَسَبَقَ حَوْلُ التِّجَارَةِ فَإِنْ غَلَّبْنَا زَكَاةَ التِّجَارَةِ أُخِذَتْ زَكَاتُهَا وَإِنْ غَلَّبْنَا الْعَيْنَ فَوَجْهَانِ حَكَاهُمَا الرَّافِعِيُّ
(أَحَدُهُمَا)
تَجِبُ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهَا وَيَبْطُلُ مَا سَبَقَ مِنْ حَوْلِ التِّجَارَةِ (وَأَصَحُّهُمَا) تَجِبُ زَكَاةُ التِّجَارَةِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهَا هَذَا لِئَلَّا يَبْطُلَ بَعْضُ حَوْلِهَا وَيَفُوتُ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَعَلَى هَذَا يُسْتَفْتَحُ حَوْلُ زَكَاةِ الْعَيْنِ بَعْدَ انْقِضَاءِ حَوْلِ التِّجَارَةِ وَتَجِبُ زَكَاةُ الْعَيْنِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ الْمُسْتَقْبَلَةِ أَمَّا إذَا اشْتَرَى نَخِيلًا لِلتِّجَارَةِ فَأَثْمَرَتْ أَوْ أَرْضًا مَزْرُوعَةً فَأَدْرَكَ الزَّرْعَ وَبَلَغَ الْحَاصِلُ نِصَابًا فَهَلْ الْوَاجِبُ زَكَاةُ التِّجَارَةِ أو العين فيه القولان (الْأَصَحُّ) الْعَيْنُ فَإِنْ لَمْ يَكْمُلْ أَحَدُ النِّصَابَيْنِ أَوْ كَمُلَا وَاخْتَلَفَ الْحَوْلَانِ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ هَذَا إذَا كَانَتْ الثَّمَرَةُ حَاصِلَةً عِنْدَ الشِّرَى وَبَدَا الصَّلَاحُ فِي مِلْكِهِ أَمَّا إذَا أَطْلَعَتْ بَعْدَ الشِّرَى فَهَذِهِ ثَمَرَةٌ حَدَثَتْ مِنْ شَجَرِ التِّجَارَةِ وَفِي ضَمِّهَا إلَى مَالِ التِّجَارَةِ خِلَافٌ سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَالْأَصَحُّ) ضَمُّهَا (قَالَ) إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فَعَلَى هَذَا هِيَ كَالْحَاصِلَةِ عِنْدَ الشِّرَى وَتُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ زِيَادَةٍ مُتَّصِلَةٍ أَوْ أَرْبَاحٍ مُتَحَدِّدَةٍ فِي قِيمَةِ الْعَرْضِ وَلَا تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ رِبْحٍ يَنِضُّ لِيَكُونَ فِيهَا الْخِلَافُ الْمَعْرُوفُ فِي ضَمِّ الرِّبْحِ النَّاضِّ وَإِنْ قُلْنَا لَيْسَتْ مَالَ تِجَارَةٍ وَجَبَتْ زَكَاةُ الْعَيْنِ فِيهَا وَتَخْتَصُّ زَكَاةُ التِّجَارَةِ بِالْأَرْضِ وَالْأَشْخَاصِ (قَالَ) أَصْحَابُنَا فَإِنْ غَلَّبْنَا زَكَاةَ الْعَيْنِ أَخْرَجَ الْعُشْرَ أَوْ نِصْفَهُ مِنْ الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ وَهَلْ يَسْقُطُ بِهِ زَكَاةُ التِّجَارَةِ عَنْ قِيمَةِ جِذْعِ النَّخْلَةِ وَتِبْنِ الزَّرْعِ فِيهِ (وَجْهَانِ) مَشْهُورَانِ حَكَاهُمَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالسَّرَخْسِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالْجُمْهُورُ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ هُمَا قَوْلَانِ (أَصَحُّهُمَا) لَا يَسْقُطُ لِأَنَّ الْمُخْرَجَ زَكَاةُ الثَّمَرَةِ وَبَقِيَ الْجِذْعُ وَالتِّبْنُ بِلَا زَكَاةٍ وَلَا يُمْكِنُ فِيهَا زَكَاةُ الْعَيْنِ فَوَجَبَتْ زَكَاةُ التِّجَارَةِ كَمَا لَوْ كَانَ لِلتِّجَارَةِ مُنْفَرِدًا
(وَالثَّانِي)
تَسْقُطُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الثَّمَرَةُ وَالْحَبُّ وَقَدْ أَخْرَجَ زَكَاتَهُمَا وَفِي أَرْضِ النَّخِيلِ وَالزَّرْعِ طَرِيقَانِ (أَصَحُّهُمَا) وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْجِذْعِ (وَالثَّانِي) حَكَاهُ الْبَغَوِيّ وَالسَّرَخْسِيُّ وَآخَرُونَ من الخراسانيين تجب الزكاة فيها وَجْهًا وَاحِدًا لِأَنَّ الْأَرْضَ لَيْسَتْ أَصْلًا لِلثَّمَرَةِ وَالْحَبُّ بِخِلَافِ الْجِذْعِ (قَالَ) إمَامُ الْحَرَمَيْنِ يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ ذَلِكَ بِمَا يَدْخُلُ فِي الْأَرْضِ الْمُتَخَلِّلَةِ بَيْنَ النَّخِيلِ
فِي الْمُسَاقَاةِ وَمَا لَا يَدْخُلُ فَمَا لَا يَدْخُلُ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ بِلَا خِلَافٍ وَمَا يَدْخُلُ فَهُوَ عَلَى الطَّرِيقِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ احْتِمَالًا لِنَفْسِهِ وَقَدْ صَرَّحَ بِنَقْلِهِ صَاحِبُ الْحَاوِي فَقَالَ إذَا كَانَ فِي الْأَرْضِ بَيَاضٌ

(6/52)


غَيْرُ مَشْغُولٍ بِزَرْعِ وَلَا نَخْلٍ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ وَجْهًا وَاحِدًا فَإِذَا أَوْجَبْنَا زَكَاةَ التِّجَارَةِ فِي الْأَرْضِ وَالْجِذْعِ وَالتِّبْنِ وَنَحْوِهَا فَلَمْ تَبْلُغْ قِيمَتُهَا نِصَابًا فَهَلْ تُضَمُّ قِيمَةُ الثَّمَرَةِ وَالْحَبِّ إلَيْهَا لِإِكْمَالِ النِّصَابِ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْبَغَوِيّ وَآخَرُونَ
(أَحَدُهُمَا)
لَا لِأَنَّهُ أَدَّى زَكَاتَهُمَا
(وَالثَّانِي)
تُضَمُّ لِتَكْمِيلِ النِّصَابِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا لِإِيجَابِ زَكَاةٍ أُخْرَى فِي الثَّمَرَةِ وَالْحَبِّ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ قَالَ الرَّافِعِيُّ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ وَإِذَا قُلْنَا بِزَكَاةِ الْعَيْنِ فَزَكَاهَا لَا يُسْقِطُ اعْتِبَارَ زَكَاةِ التجارة عن الثمرة وَالْحَبِّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بَلْ تَجِبُ فِيهَا زَكَاةُ التِّجَارَةِ فِي الْأَحْوَالِ الْمُسْتَقْبَلَةِ وَيَكُونُ ابْتِدَاءُ حَوْلِ التِّجَارَةِ مِنْ وَقْتِ إخْرَاجِ الْعُشْرِ لَا مِنْ وَقْتِ بُدُوِّ الصِّلَاحِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ تَرْبِيَةُ الثِّمَارِ لِلْمَسَاكِينِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْسَبَ عَلَيْهِ زَمَنُ التَّرْبِيَةِ فَأَمَّا إذَا غَلَّبْنَا زَكَاةَ التِّجَارَةِ فَتُقَوَّمُ الثَّمَرَةُ وَالْجِذْعُ وَيُقَوَّمُ فِي الزرع الحب والتبن وتقوم الْأَرْضَ فِيهِمَا جَمِيعًا وَسَوَاءٌ اشْتَرَاهَا مَزْرُوعَةً لِلتِّجَارَةِ أَمْ اشْتَرَى بَذْرًا وَأَرْضًا لِلتِّجَارَةِ وَزَرَعَهُ فِيهَا فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا كُلِّهِ وَلَوْ اشْتَرَى الثِّمَارَ وَحْدَهَا لِلتِّجَارَةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ ثُمَّ بَدَا فِي مِلْكِهِ جَرَى الْقَوْلَانِ فِي أَنَّهُ يَجِبُ الْعُشْرُ أَمْ زَكَاةُ التِّجَارَةِ قَالَ الْبَغَوِيّ وَالْأَصْحَابُ وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا لِلتِّجَارَةِ فَزَرَعَهَا بِبَذْرٍ لِلْقُنْيَةِ وَجَبَ الْعُشْرُ فِي الزَّرْعِ وَزَكَاةُ التِّجَارَةِ فِي الْأَرْضِ بِلَا خِلَافٍ فِيهِمَا
* (فَرْعٌ)
لَوْ اتَّهَبَ نِصَابًا مِنْ المسائمة بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ لَزِمَهُ زَكَاةُ الْعَيْنِ إذَا تَمَّ حَوْلُهَا بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّ حَوْلَ التِّجَارَةِ لَا يَنْعَقِدُ بِالِاتِّهَابِ وَاحْتَجَّ الْبَغَوِيّ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى نَخِيلًا أَوْ أَرْضًا مَزْرُوعَةً أو سائمة للتجارة فوجب نصاب احديهما دُونَ الْأُخْرَى وَجَبَتْ زَكَاتُهَا لِإِمْكَانِهَا دُونَ الْأُخْرَى
* (فَرْعٌ)
قَالَ أَصْحَابُنَا إذَا اشْتَرَتْ الْمَرْأَةُ حُلِيًّا يُبَاحُ لَهَا لُبْسُهُ لِلتِّجَارَةِ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ وَإِنْ كَانَتْ تَلْبَسُهُ كَمَا لَوْ اسْتَعْمَلَ الرَّجُلُ دَوَابَّ التِّجَارَةِ ثُمَّ إنْ قُلْنَا الْحُلِيُّ الْمُبَاحُ لَا زَكَاةَ فِيهِ وَجَبَتْ هُنَا زَكَاةُ التِّجَارَةِ بِلَا خِلَافٍ إذَا بَلَغَ نِصَابًا وَإِنْ قُلْنَا فِيهِ زَكَاةٌ فَهَلْ تَجِبُ هُنَا زَكَاةُ التِّجَارَةِ أَمْ الْعَيْنِ فِيهِ الْقَوْلَانِ قَالَ
صَاحِبُ الْحَاوِي تَظْهَرُ فَائِدَتُهُمَا فِي الصِّيغَةِ إنْ قُلْنَا بِالتِّجَارَةِ اعتبرت الصيغة وَإِلَّا فَلَا
*
* قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
* (وَإِنْ اشْتَرَى عبدا للتجارة وجبت عليه فطرته لوقتها وزكاة التجارة لحولها لانهما حقان يجبان بسببين مختلفين فلم يمنع
(أحدهما)
الآخر كالجزاء والقيمة وحد الزنا والشرب)
* (الشَّرْحُ) هَذَا الَّذِي قَالَهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا تَجِبُ فِيهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَاسْتَدَلَّ أَصْحَابُنَا بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَعَ عُمُومِ النُّصُوصِ الثَّابِتَةِ فِي زَكَاةِ فِطْرِ

(6/53)


الْعَبِيدِ (وَقَوْلُ) الْمُصَنِّفِ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَالْقِيمَةِ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا قَتَلَ صَيْدًا مَمْلُوكًا عَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِمَالِكِهِ وَالْجَزَاءُ لِلْمَسَاكِينِ وَلِأَنَّهُ يُكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا
*
* قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
* (وَإِنْ اشْتَرَى للتجارة عرضا لا تجب فيه الزكاة لم يخل اما أن يشترى بعرض أو نقد فان اشتراه بنقد نظرت فان كان نصابا جعل ابتداء الحول من حين ملك النصاب من النقد ويبنى حول العرض الذى اشتراه عليه لان النِّصَابَ هُوَ الثَّمَنُ وَكَانَ ظَاهِرًا فَصَارَ فِي ثمن السلعة كامنا فبنى حوله عليه كما لو كان عينا فاقرضه فصار دينار وان اشتراه بدون النصاب انعقد الحول عليه من حين الشراء سواء كانت قيمة العرض نصابا أو اقل (وقال) أبو العباس لا ينعقد الحول إلا أن يكون قيمته من أول الحول الي آخره نصابا كسائر الزكوات والمنصوص في الام هو الاول لان نصاب زكاة التجارة يتعلق بالقيمة وتقويم العرض في كل ساعة يشق فلم يعتبر إلا في حال الوجوب ويخالف سائر الزكوات فان نصابها في عينها فلم يشق اعتباره في جميع الحول وإن اشتراة بعرض للقنية نظرت

(6/54)


فان كان من غير أموال الزكاة انعقد الحول عليه من يوم الشراء وان اشتراه بنصاب من السائمة ففيه وجهان قال أبو سعيد الاصطخرى يبنى حول التجارة علي حول السائمة لان الشافعي رحمه الله قال في المختصر ولو اشترى عرضا للتجارة بدراهم أو دنانير أو بشئ تجب فيه الصدقة لم يقوم عليه حتى يحول عليه الحول من يوم ملك ثمن العرض والدليل عليه أنه ملكه بما يجزى في الحول فبنى حوله علي
حوله كما لو اشتراه بنصاب من الاثمان وقال اكثر اصحابنا لا يبنى علي حول السائمة وتأولوا قوله في المختصر والدليل عليه أن الزكاة تتعلق بقيمة العرض والماشية ليست بقيمة فلم يبن حوله علي حولها ويخالف الاثمان لانها قيمة وانما كانت عينا ظاهرة فخفيت كالعين إذا صارت دينا)
* (الشَّرْحُ) النِّصَابُ وَالْحَوْلُ مُعْتَبَرَانِ فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ بِلَا خِلَافٍ لَكِنَّ فِي وَقْتِ اعْتِبَارِهِ النِّصَابَ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ وَسَمَّاهَا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ أَقْوَالًا وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ أَوْجَهُ لَكِنَّ الصَّحِيحَ مِنْهَا مَنْصُوصٌ وَالْآخَرَانِ مُخْرَجَانِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ جَمِيعِ الْأَصْحَابِ وَهُوَ نَصُّهُ فِي الْأُمِّ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ فَقَطْ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالْقِيمَةِ وَتَقْوِيمُ الْعَرْضِ فِي كُلِّ وَقْتٍ يَشُقُّ فَاعْتُبِرَ حَالُ الْوُجُوبِ وَهُوَ آخِرُ الْحَوْلِ بِخِلَافِ سَائِرِ الزَّكَوَاتِ لِأَنَّ نِصَابَهَا مِنْ عَيْنِهَا فَلَا يَشُقُّ اعْتِبَارُهُ (وَالثَّانِي) وَبِهِ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ وَمَتَى نَقَصَ النِّصَابُ فِي لَحْظَةٍ مِنْهُ انْقَطَعَ الْحَوْلُ قِيَاسًا عَلَى زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ وَالنَّقْدِ (وَالثَّالِثُ) يُعْتَبَرُ النِّصَابُ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ وَآخِرِهِ دُونَ مَا بَيْنَهُمَا فَإِذَا كَانَ نِصَابًا فِي الطَّرَفَيْنِ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ وَلَا يَضُرُّ نَقْصُهُ بَيْنَهُمَا وَهَذَا الْوَجْهُ حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالشَّاشِيُّ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ وَوَافَقَ الْمُصَنِّفَ عَلَى حِكَايَةِ الثَّانِي عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَيْضًا ابْنُ الصَّبَّاغِ وَسَبَقَهُمَا بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ فَإِذَا قُلْنَا بِالصَّحِيحِ فَاشْتَرَى عَرْضًا للتجارة بشئ يَسِيرٍ جِدًّا انْعَقَدَ الْحَوْلُ فَإِذَا بَلَغَ نِصَابًا فِي آخِرِ الْحَوْلِ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ وَلَوْ كَانَ عَرْضُ التِّجَارَةِ دُونَ النِّصَابِ فَبَاعَهُ بِسِلْعَةٍ أُخْرَى دُونَ نِصَابٍ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ فَالْمَذْهَبُ أَنْ لَا يَنْقَطِعَ الْحَوْلُ وَحَكَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِيهِ خلافا سنذكره كذا في نسختين إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى: وَأَمَّا ابْتِدَاءُ الْحَوْلِ فَإِنْ مَلَكَ عَرْضَ التِّجَارَةِ بِنِصَابٍ مِنْ النَّقْدِ بان اشتراه بعشرين دينارا أو بمأتى درهم فابتدأ

(6/55)


لحول مِنْ حِينِ مَلَكَ ذَلِكَ النَّقْدَ وَيَبْنِي حَوْلَ التِّجَارَةِ عَلَيْهِ وَاحْتَجَّ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ النِّصَابَ هُوَ الثَّمَنُ وَكَانَ ظَاهِرًا فَصَارَ فِي ثَمَنِ السِّلْعَةِ كَامِنًا فَوَجَبَ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ كَانَ عَيْنًا فَأَقْرَضَهُ مَلِيئًا فَصَارَ دَيْنًا هَذَا إذَا اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ النَّقْدِ فَإِنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَدَفَعَهُ فِي ثَمَنِهِ انْقَطَعَ حَوْلُ النَّقْدِ وابتداء حَوْلُ التِّجَارَةِ مِنْ حِينِ الشِّرَى بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ كَانَ النَّقْدُ الَّذِي اشْتَرَى بِعَيْنِهِ دُونَ نِصَابٍ فَإِنْ قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ إنَّ النِّصَابَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ انْعَقَدَ مِنْ حِينِ الشِّرَى وَإِنْ قُلْنَا يُعْتَبَرُ فِي الطَّرَفَيْنِ أَوْ فِي الْجَمِيعِ لَمْ
يَنْعَقِدْ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ قَبْلَ الشِّرَى لِأَنَّ الثَّمَنَ لَمْ يكن مال تجارة لِنَقْصِهِ عَنْ النِّصَابِ وَإِنْ اشْتَرَى بِغَيْرِ نَقْدٍ فَلِلثَّمَنِ حَالَانِ
(أَحَدُهُمَا)
أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ كَالثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ فَابْتِدَاءُ الْحَوْلِ مِنْ حِينِ مَلَكَ عَرْضَ التِّجَارَةِ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَرْضِ نِصَابًا أَوْ كَانَتْ دُونَهُ وَقُلْنَا بِالصَّحِيحِ إنَّ النِّصَابَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ الْحَالُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ بِأَنْ مَلَكَ بِنِصَابٍ مِنْ السَّائِمَةِ فَوَجْهَانِ (الصَّحِيحُ) الَّذِي قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ وجمهور أصحابنا المتقدمين وصححه جميعا الْمُصَنِّفِينَ أَنَّ حَوْلَ الْمَاشِيَةِ يَنْقَطِعُ وَيَبْتَدِئُ حَوْلُ التِّجَارَةِ مِنْ حِينِ مَلَكَ عَرْضَ التِّجَارَةِ وَلَا يَبْنِي لِاخْتِلَافِ الزَّكَاتَيْنِ قَدْرًا وَوَقْتًا بِخِلَافِ بِنَاءِ التِّجَارَةِ عَلَى النَّقْدِ (وَقَالَ) أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ يُبْنَى عَلَى حَوْلِ الْمَاشِيَةِ كَمَا يُبْنَى عَلَى النَّقْدِ وَاحْتَجَّ لَهُ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ فِي الْمُخْتَصَرِ فَإِنْ اشْتَرَى العرض بدراهم أو دنانير أو شئ يَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ لَمْ يُقَوَّمْ حَتَّى يَحُولَ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ مَلَكَ ثَمَنَ الْعَرَضِ وَأَجَابَ الْأَصْحَابُ عَنْ نَصِّهِ فِي الْمُخْتَصَرِ بِجَوَابَيْنِ (أَحَدُهُمَا) أَنَّ الْمُرَادَ إذَا اشْتَرَى مَاشِيَةً ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا عَرْضَ التِّجَارَةِ فِي الْحَالِ
(وَالثَّانِي)
أَنَّ المراد بثمن العرض الدراهم والدناينر خَاصَّةً وَهَذَا مُعْتَادٌ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَذْكُرَ مَسَائِلَ وَيَعُودَ الْجَوَابُ أَوْ التَّفْرِيعُ إلَى بَعْضِهَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَالَ أَصْحَابُنَا وَحَوْلُ التِّجَارَةِ وَالنَّقْدِ يُبْنَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ فَبِنَاءُ التِّجَارَةِ عَلَى النَّقْدِ سَبَقَ تَصْوِيرُهُ وَبِنَاءُ النَّقْدِ عَلَى التِّجَارَةِ أَنْ يَبِيعَ عَرْضَ التِّجَارَةِ بِنِصَابٍ مِنْ النَّقْدِ لِلْقُنْيَةِ فَيُبْنَى حَوْلُ النَّقْدِ عَلَى حَوْلِ التِّجَارَةِ كعكسه وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
*

(6/56)


قال المصنف رحمه الله
* (إذا باع عرض التجارة في أثناء الحول بعرض للتجارة لم ينقطع الحول لان زكاة التجارة تتعلق بالقيمة وقيمة الثاني وقيمة الاول واحدة وإنما انتقلت من سلعة الي سلعة فلم ينقطع الحول كمائتي درهم انتقلت من بيت إلى بيت وان باع العرض بالدراهم أو الدنانير نظرت فان باعه بقدر قيمته بنى حول الثمن على حول العرض كما يبنى حَوْلَ الْعَرْضِ عَلَى حَوْلِ الثَّمَنِ وَإِنْ بَاعَهُ بزيادة مثل أن يشترى العرض بمائتين فباعه في أثناء الحول بثلثمائة ففيه طريقان
من أصحابنا من قال يزكي المأتين لحولها ويستأنف الزيادة قولا واحدا وقال أبو إسحق في الزيادة قولان (احدهما) بزكيها لحول الاصل لانه نماء الاصل فيزكى يحول الاصل كالسخال
(والثانى)
يستأنف الحول بها لانها فائدة غير متولدة مما عنده فلا يزكي بحوله كما لو استفاد الزيادة بارث أو هبة فإذا قلنا يستأنف الحول للزيادة ففى حولها وجهان
(أحدهما)
من حين ينض لانه لا يتحقق وجودها قبل أن ينض
(والثانى)
من حين يظهر وهو الاظهر لانه قد ظهر فإذا

(6/57)


نض علمنا انه قد ملكه من ذلك الوقت فان كان عنده نصاب من الدراهم فباعه بالدراهم أو بالدنانير فان فعل ذلك لغير التجارة انقطع الحول فيما باع واستقبل الحول فيما اشترى وإن فعله للتجارة كما يفعل الصيارف ففيه وجهان
(أحدهما)
ينقطع الحول لانه مال تجب الزكاة في عينه فانقطع الحول فيه بالمبادلة كالماشية
(والثانى)
لا ينقطع الحول لانه باع مال التجارة للتجارة فلم ينقطع الحول لو باع عرض بعرض)
* (الشَّرْحُ) قَوْلُهُ يَنِضُّ بِكَسْرِ النُّونِ وَفَتْحِ الْيَاءِ وَفِي الْفَصْلِ مَسَائِلُ (إحْدَاهَا) إذَا بَاعَ عَرْضَ التِّجَارَةِ بِعَرْضٍ لِلتِّجَارَةِ لَمْ يَنْقَطِعْ الْحَوْلُ بِلَا خِلَافٍ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَلِأَنَّ هَذَا شَأْنُ التِّجَارَةِ (الثَّانِي) إذَا بَاعَ الْعَرْضَ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ فَإِنْ بَاعَهُ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ وَهِيَ رَأْسُ الْمَالِ بَنَى حَوْلَ الثَّمَنِ عَلَى حَوْلِ الْعَرْضِ بِلَا خِلَافٍ كَمَا بَنَى حَوْلَ الْعَرْضِ عَلَى حَوْلِ الثَّمَنِ وَإِنْ بَاعَهُ بِزِيَادَةٍ بِأَنْ اشْتَرَاهُ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَبَاعَهُ فِي اثناء الحول بثلثمائة ففيه طريقان مَشْهُورَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ بِدَلِيلِهِمَا (أَصَحُّهُمَا) عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى قَوْلَيْنِ (أَصَحُّهُمَا) عِنْدَ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يُزَكِّي الْمِائَتَيْنِ لِحَوْلِهَا وَيُفْرِدُ الرِّبْحَ بِحَوْلٍ (وَالثَّانِي) يُزَكِّي الْجَمِيعَ بِحَوْلِ الْأَصْلِ (وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) وَبِهِ قَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَكَاهُ عَنْهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ يُفْرِدُ الرِّبْحَ قَوْلًا وَاحِدًا فَإِذَا قُلْنَا يُفْرِدُ الرِّبْحَ بِحَوْلٍ فَفِي ابْتِدَائِهِ وَجْهَانِ مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما (أَصَحُّهُمَا) مِنْ حِينِ النُّضُوضِ (وَالثَّانِي) مِنْ حِينِ الظهور وهذا الوجه قول ابن سريح وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصْحَابِ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ هَذَا إذَا أَمْسَكَ النَّاضَّ حَتَّى تَمَّ الْحَوْلُ فَلَوْ اشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً لِلتِّجَارَةِ قَبْلَ الْحَوْلِ وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَطَرِيقَانِ حَكَاهُمَا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ
(أَحَدُهُمَا)
وَهُوَ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَمَا
لَوْ أَمْسَكَ النَّاضَّ فَيَكُونُ عَلَى الطَّرِيقَيْنِ (وَالثَّانِي) الْقَطْعُ بِأَنَّهُ يُزَكِّي الْجَمِيعَ بِحَوْلِ الْأَصْلِ هَذَا كُلُّهُ إذَا

(6/58)


نَضَّ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ فَلَوْ نَضَّ بَعْدَهُ نظران ظَهَرَتْ الزِّيَادَةُ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ زَكَّى الْجَمِيعَ بِحَوْلِ الْأَصْلِ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ ظَهَرَتْ بَعْدَ تمامه فوجهان حكاهما الرافعى (احدهما) هكذا
(وَالثَّانِي)
وَهُوَ الْأَصَحُّ يَسْتَأْنِفُ لِلرِّبْحِ حَوْلًا هَذَا كُلُّهُ إذَا صَارَ الْمَالُ نَاضًّا مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ بِأَنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ فَبَاعَهُ بِدَرَاهِمَ أَمَّا إذَا صَارَ نَاضًّا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ بِأَنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ فَبَاعَ الْعَرْضَ بِدَنَانِيرَ فَيُقَوِّمُهَا إذَا انْقَضَى الْحَوْلُ بِالدَّرَاهِمِ وَيُزَكِّي رِبْحَهَا لِحَوْلِ الْأَصْلِ قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا سَنَذْكُرُهُ فِي الْعَرْضِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ إذَا كَانَ دَرَاهِمَ لَا يُقَوَّمُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ إلَّا بِهَا فَالدَّنَانِيرُ كَالْعَرْضِ هَكَذَا قَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْأَكْثَرُونَ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْجُمْهُورِ ثُمَّ قَالَ وَقِيلَ فِي ضَمِّ الرِّبْحِ إلَى حَوْلِ الْأَصْلِ الطَّرِيقَانِ السَّابِقَانِ فِيمَا إذَا كَانَ النَّاضُّ مِنْ جِنْسِهِ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ هَذَا كُلُّهُ إذَا نَضَّ مَالُ التِّجَارَةِ وَفِيهِ رِبْحٌ: أَمَّا إذَا حَصَلَ رِبْحٌ فِي قِيمَةِ الْعَرْضِ وَلَمْ يَنِضَّ بِأَنْ اشْتَرَى عَرْضًا بِمِائَتَيْنِ وَلَمْ يَنِضَّ حَتَّى تَمَّ الْحَوْلُ وهو يساوى ثلثمائة فيحسب زكاة ثلثمائة عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِ رَأْسِ الْمَالِ بِلَا خِلَافٍ سواء كانت الزِّيَادَةُ فِي نَفْسِ الْعَرْضِ كَثَمَنِ الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ وَالدَّابَّةِ وَكِبَرِ الشَّجَرَةِ وَغَيْرِهَا أَوْ بِارْتِفَاعِ السُّوقِ وسواء كانت الزِّيَادَةُ فِي الْقِيمَةِ حَاصِلَةً يَوْمَ الشِّرَى أَوْ حَدَثَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ بِزَمَنٍ طَوِيلٍ أَوْ قَصِيرٍ حَتَّى يَوْمٍ وَاحِدٍ أَوْ لَحْظَةٍ فَفِي كُلِّ هَذَا يُضَمُّ الرِّبْحُ إلَى الْأَصْلِ وَيُزَكَّى الْجَمِيعُ لِحَوْلِ الْأَصْلِ بِلَا خِلَافٍ هَكَذَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَسَائِرُ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي الْمُجَرَّدِ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ نَمَاءٌ فِي السِّلْعَةِ فَأَشْبَهَ النِّتَاجَ فِي الْمَاشِيَةِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ حَكَى الْأَصْحَابُ الْقَطْعَ بِهَذَا لَكِنَّ مَنْ يَعْتَبِرُ النصاب في جميع الحول قَدْ لَا يُسَلِّمُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي الرِّبْحِ فِي آخِرِ الْحَوْلِ وَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَقُولَ ظُهُورُ الرِّبْحِ فِي أَثْنَائِهِ كَنَضُوضِهِ فَيَكُونُ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ قَالَ وَهَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْمَذْهَبُ مَا سَبَقَ (قُلْتُ) وَهُوَ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا الَّذِي أَبْدَاهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ احتمال

(6/59)


ضَعِيفٌ لِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي النِّتَاجِ فَإِنَّ النِّصَابَ مُعْتَبَرٌ فِي الْمَاشِيَةِ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ بِالِاتِّفَاقِ وَالنِّتَاجُ مَضْمُومٌ إلَى الْأَصْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: أَمَّا إذَا ارْتَفَعَتْ قِيمَةُ الْعَرْضِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَوْلِ فَالرِّبْحُ مَضْمُومٌ إلَى الْأَصْلِ
فِي الْحَوْلِ الثَّانِي لَا فِي الْأَوَّلِ كَالنِّتَاجِ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَآخَرُونَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) إذَا كَانَ عِنْدَهُ نِصَابٌ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِلْقُنْيَةِ فَبَاعَهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ بِنِصَابٍ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ مِنْ الْجِنْسِ الْآخَرِ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ التِّجَارَةَ انْقَطَعَ الْحَوْلُ بِلَا خِلَافٍ كَمَا لَوْ بَادَلَ بِالْمَاشِيَةِ ثُمَّ إنْ لَمْ يَقْصِدْ الْفِرَارَ مِنْ الزَّكَاةِ فَلَا كَرَاهَةَ وَإِنْ قَصَدَهُ كُرِهَ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقِيلَ تَحْرِيمٍ وَقَدْ سَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي بَابِ زَكَاةِ الثِّمَارِ وَإِنْ بَاعَهُ بِقَصْدِ التِّجَارَةِ كَالصَّيْرَفِيِّ وَنَحْوِهِ فَوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ بِدَلِيلِهِمَا (أَصَحُّهُمَا) عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ فِي الْبَيْعِ وَيَسْتَأْنِفُ حَوْلًا لِمَا اشْتَرَاهُ فَإِنْ بَاعَ الثَّانِيَ قَبْلَ حَوْلِهِ لِلتِّجَارَةِ انْقَطَعَ حَوْلُهُ وَاسْتَأْنَفَ حَوْلًا آخَرَ لِمَا اشْتَرَاهُ وَهَكَذَا أَبَدًا (وَالْوَجْهُ الثَّانِي) لَا يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ بَلْ يُبْنَى الثَّانِي عَلَى حَوْلِ الْأَوَّلِ وَهَذَا قول ابي اسحق الْمَرْوَزِيِّ وَصَحَّحَهُ الشَّاشِيُّ وَالصَّحِيحُ مَا سَبَقَ ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ وَالْجُمْهُورَ حَكَوْهُمَا وَجْهَيْنِ كَمَا سَبَقَ وَحَكَاهُمَا الْبَغَوِيّ قَوْلَيْنِ فَقَالَ الْجَدِيدُ يَنْقَطِعُ وَالْقَدِيمُ لَا يَنْقَطِعُ
* (فَرْعٌ)
لِابْنِ الْحَدَّادِ وَشَرَحَهُ الْأَصْحَابُ قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ إذَا مَلَكَ عِشْرِينَ دِينَارًا فَاشْتَرَى بِهَا عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ بَاعَهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ ابْتِدَاءِ الْحَوْلِ بِأَرْبَعِينَ دِينَارًا وَاشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً أُخْرَى ثُمَّ بَاعَهَا بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَإِنْ قُلْنَا ان الربح من الناض لا يفرد بحول فَعَلَيْهِ زَكَاةُ جَمِيعِ الْمِائَةِ لِحَوْلِ الْأَصْلِ وَإِنْ قلنا يفرد فَعَلَيْهِ زَكَاةُ خَمْسِينَ دِينَارًا لِأَنَّهُ اشْتَرَى السِّلْعَةَ الثَّانِيَةَ بِأَرْبَعِينَ مِنْهَا عِشْرُونَ رَأْسُ مَالِهِ الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَعِشْرُونَ رِبْحٌ اسْتَفَادَهُ يَوْمَ بَاعَ الْأَوَّلَ فَإِذَا مَضَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَقَدْ تَمَّ الْحَوْلُ عَلَى نِصْفِ السِّلْعَةِ فَيُزَكِّيَهُ بزيادته وزيادته ثلاثون دينارا لانه ربح للعشرينين سِتِّينَ وَكَانَ ذَلِكَ كَامِنًا وَقْتَ تَمَامِ الْحَوْلِ ثُمَّ إذَا مَضَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ أُخْرَى فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْعِشْرِينَ الثَّانِيَةِ فَإِنَّ حَوْلَهَا حِينَئِذٍ وَلَا يَضُمُّ إلَيْهَا رِبْحَهَا لِأَنَّهُ صَارَ نَاضًّا قَبْلَ تمام حولها فإذا مضت ستة

(6/60)


شهر أُخْرَى فَعَلَيْهِ زَكَاةُ رِبْحِهَا وَهِيَ الثَّلَاثُونَ الْبَاقِيَةُ فَإِنْ كَانَتْ الْخَمْسُونَ الَّتِي أَخْرَجَ زَكَاتَهَا فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ بَاقِيَةً عِنْدَهُ فَعَلَيْهِ زَكَاتُهَا أَيْضًا لِلْحَوْلِ الثَّانِي مَعَ الثَّلَاثِينَ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هو قول الْحَدَّادِ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ النَّاضَّ لَا يُفْرَدُ رِبْحُهُ بِحَوْلٍ وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ ضَعِيفَيْنِ ضَعَّفَهُمَا
إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْأَصْحَابُ (أَحَدُهُمَا) يُخْرِجُ عِنْدَ الْبَيْعِ الثَّانِي زَكَاةَ عِشْرِينَ فَإِذَا مَضَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ أَخْرَجَ زَكَاةَ عِشْرِينَ أُخْرَى وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ رِبْحًا فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ فَإِذَا مَضَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ أَخْرَجَ زَكَاةَ السِّتِّينَ الْبَاقِيَةَ لِأَنَّهَا إنَّمَا اسْتَقَرَّتْ عِنْدَ الْبَيْعِ الثَّانِي فَمِنْهُ يَبْتَدِئُ حَوْلَهَا فِيهِ (وَالْوَجْهُ الْآخَرُ) أَنَّهُ عِنْدَ الْبَيْعِ الثَّانِي يُخْرِجُ زَكَاةَ عِشْرِينَ ثُمَّ إذَا مَضَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ زَكَّى الثَّمَانِينَ الْبَاقِيَةَ لِأَنَّ السِّتِّينَ الَّتِي هِيَ رِبْحٌ حَصَلَتْ فِي حَوْلِ الْعِشْرِينَ الَّتِي هِيَ الرِّبْحُ الْأَوَّلُ فَضُمَّتْ إلَيْهَا فِي الْحَوْلِ وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَكِنَّهُ لَمْ يَبِعْ السِّلْعَةَ الثَّانِيَةَ فَيُزَكِّي عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ خَمْسِينَ كَمَا ذَكَرْنَا وَعِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ الثَّانِي الْخَمْسِينَ الثَّانِيَةَ لِأَنَّ الرِّبْحَ الْأَخِيرَ مَا صَارَ نَاضًّا: وَلَوْ اشْتَرَى بِمِائَتَيْنِ عرضا فباعه بعد ستة أشهر بثلثمائة وَاشْتَرَى بِهَا عَرْضًا آخَرَ وَبَاعَهُ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ بِسِتِّمِائَةٍ فَإِنْ لَمْ يُفْرِدْ الرِّبْحَ بِحَوْلٍ أَخْرَجَ زَكَاةَ سِتِّمِائَةٍ وَإِنْ أَفْرَدْنَاهُ أَخْرَجَ زَكَاةَ أَرْبَعِمِائَةٍ فَإِذَا مَضَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ زَكَّى مِائَةً فَإِذَا مَضَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ أُخْرَى زَكَّى الْمِائَةَ الْبَاقِيَةَ هَذَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَدَّادِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَأَمَّا عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْآخَرَيْنِ فَيُزَكِّي عِنْدَ البيع الثاني ما تبين ثُمَّ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ إذَا مَضَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ زَكَّى مِائَةً ثُمَّ إذَا مَضَتْ سِتَّةٌ أشهر أخرى زكى ثلثمائة وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي إذَا مَضَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ مِنْ الْبَيْعِ الثَّانِي زَكَّى الْأَرْبَعَمِائَةِ الْبَاقِيَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
ذَكَرَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ لَوْ كَانَ مَعَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ بِخَمْسِينَ مِنْهَا فَبَلَغَتْ قِيمَتُهُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَقُلْنَا بِالْمَذْهَبِ إنَّهُ يَنْعَقِدُ الْحَوْلُ عَلَى مَا دُونَ النِّصَابِ لَزِمَهُ زَكَاةُ الْجَمِيعِ فَلَوْ اشْتَرَى الْعَرْضَ بِمِائَةٍ فَلَمَّا مَضَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ اسْتَفَادَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى فَلَمَّا تَمَّ حَوْلُ الْعَرْضِ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَلَا زَكَاةَ لِأَنَّ الْخَمْسِينَ الْمُسْتَفَادَةَ لَمْ يَتِمَّ حَوْلُهَا لِأَنَّهَا وَإِنْ ضُمَّتْ إلَى مَالِ التِّجَارَةِ فَإِنَّمَا تُضَمُّ إلَيْهِ فِي النِّصَابِ لَا فِي الْحَوْلِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ نَفْسِ الْعَرْضِ وَلَا مِنْ رِبْحِهِ فَإِذَا تَمَّ حَوْلُ الْخَمْسِينَ زَكَّى الْمِائَتَيْنِ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ مائة درهم

(6/61)


فَاشْتَرَى بِهَا عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ ثُمَّ اسْتَفَادَ مِائَةً أَوَّلَ صَفَرٍ فَاشْتَرَى بِهَا عَرْضًا ثُمَّ اسْتَفَادَ مِائَةً ثَالِثَةً فِي أَوَّلِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَاشْتَرَى بِهَا عَرْضًا آخَرَ فَإِذَا تَمَّ حَوْلُ الْمِائَةِ الْأُولَى فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ عَرْضِهَا نِصَابًا زَكَّاهَا وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ فَلَا زَكَاةَ فَإِذَا تَمَّ حَوْلُ الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ قَوَّمَ عرضها فان بلغت قيمته
مع الاولي نِصَابًا زَكَّاهُمَا وَإِنْ نَقَصَا عَنْهُ فَلَا زَكَاةَ فِي الْحَالِ فَإِذَا تَمَّ حَوْلُ الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ فَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ نِصَابًا زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا
* (فَرْعٌ)
قَالَ الْبَغَوِيّ لَوْ اشْتَرَى عَرْضًا بِنِصَابٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَصَارَ نَاضًّا فِي خِلَالِ الْحَوْلِ نَاقِصًا عَنْ النِّصَابِ فَإِنْ نَضَّ بِغَيْرِ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ بِأَنْ اشْتَرَى عَرْضًا بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَنَضَّ بِغَيْرِهِ دَنَانِيرَ لَمْ يَنْقَطِعْ الْحَوْلُ فَإِذَا تَمَّ الْحَوْلُ تُقَوَّمُ الدَّنَانِيرَ بِالدَّرَاهِمِ وَإِنْ نَضَّ بِجِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ بِأَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ بِأَنْ بَاعَهُ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا فَوَجْهَانِ (أَحَدُهُمَا) لَا يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ كَمَا لَوْ نَضَّ بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَكَمَا لَوْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الْعَرْضِ وَلَمْ يَنِضَّ
(وَالثَّانِي)
يَنْقَطِعُ لِأَنَّ الْحَوْلَ انْعَقَدَ عَلَى عَيْنِ الدراهم وقد نقص نصابها بخلاف مالو نَضَّ مِنْ غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ الْحَوْلَ هُنَاكَ لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَى عَيْنِهِ إنَّمَا انْعَقَدَ عَلَى قِيمَتِهِ وَنِصَابُ الْقِيمَةِ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ لَا يَنِضُّ فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ وَلَوْ اشْتَرَى عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَبَاعَهُ بِعِشْرِينَ دِينَارًا فَتَمَّ الْحَوْلُ وَهِيَ فِي يَدِهِ قُوِّمَتْ الدَّنَانِيرُ بِالدَّرَاهِمِ كَالْعُرُوضِ فَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا مِنْ الدَّرَاهِمِ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ وَإِلَّا فَهَلْ يَسْقُطُ حُكْمُ الْحَوْلِ أَمْ لَا يَسْقُطُ حَتَّى إذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَيَّامٍ نِصَابًا لَزِمَهُ الزَّكَاةُ فِيهِ هَذَانِ الْوَجْهَانِ فَإِنْ قُلْنَا يَسْقُطُ بِتَبَدُّلِ الْحَوْلِ فَهَلْ تَنْتَقِلُ الزَّكَاةُ مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَى الدَّنَانِيرِ فِيهِ وَجْهَانِ
(أَحَدُهُمَا)
لَا كَمَا لَوْ كَانَ عَرْضًا وَلَمْ تَبْلُغْ قِيمَتُهُ نِصَابًا لَا يَنْتَقِلُ إلَى نَقْدِ الْبَلَدِ (وَالثَّانِي) يَنْتَقِلُ وَيَبْطُلُ حول الدراهم حيت لم يبلغ قيمة مافى يَدِهِ نِصَابًا وَالدَّنَانِيرُ فِي نَفْسِهَا فَاعْتِبَارُهَا بِنَفْسِهَا أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ قِيمَتِهَا فَإِنْ قُلْنَا تَنْتَقِلُ الزَّكَاةُ إلَى الدَّنَانِيرِ فَمِنْ أَيِّ وَقْتٍ يُحْسَبُ حَوْلُ الدَّنَانِيرِ فِيهِ وَجْهَانِ
(أَحَدُهُمَا)
مِنْ وَقْتِ التَّقْوِيمِ لِأَنَّ حَوْلَ الدَّرَاهِمِ بَطَلَ عِنْدَ التَّقْوِيمِ وَالثَّانِي مِنْ حِينِ نَضَّتْ الدَّنَانِيرُ هَذَا كَلَامُ البغوي والوجه الاول أصح والله أعلم
*

(6/62)


قال المصنف رحمه الله تعالى

(إذَا حَالَ الْحَوْلُ عَلَى عَرْضِ التِّجَارَةِ وَجَبَ تقويمه لاخراج الزكاة فان اشتراه بنصاب من الاثمان قوم به لانه فرع لما اشترى به فوجب التقويم به وان اشتراه بعرض للقنية قوم بنقد البلد لانه لا يمكن تقويمه باصله فوجب تقويمه بِنَقْدِ الْبَلَدِ فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدَانِ قوم باكثرهما معاملة وان
كانا متساويين نظرت فان كان باحدهما يبلغ نصابا وبالآخر لا يبلغ نصابا قوم بما يبلغ به لانه قد وجد نصاب تتعلق به الزكاة فوجب التقويم به وإن كان يبلغ بكل واحد منهما نصابا ففيه اربعة أوجه
(أحدهما)
انه يقوم بما شاء منهما وهو قول ابي اسحق وهو الاظهر لانه لامزية لاحدهما علي الآخر فخير بينهما (والثاني) يقوم بما هو أنفع للمساكين كما إذا اجتمع في النصاب فرضان أخذ ما هو أنفع للمساكين (والثالث) يقوم بالدراهم لانها اكثر استعمالا (والرابع) يقوم بنقد اقرب البلاد إليه لان النقدين تساويا فجعلا كالمعدومين فان قومه ثم باعه بزيادة علي قيمته قبل اخراج الزكاة ففيه وجهان (احدهما) لا يلزمه زكاة تلك الزيادة لانها زيادة حدثت بعد الوجوب فلم تلزمه زكاتها كالسخال الحادثة بعد الحول
(والثانى)
تلزمه لان الزيادة حَصَلَتْ فِي نَفْسِ الْقِيمَةِ الَّتِي تَعَلَّقَ بِهَا الوجوب فهو بمنزلة الماشية إذا سمنت بعد الحول فانه يلزمه اخراج فرض سمين وان اشتراه بما دون النصاب من الاثمان ففيه وجهان
(أحدهما)
يقوم بنقد البلد لانه ملكه بما لا تجب فيه الزكاة فاشبه إذا ملكه بعرض للقنية
(والثانى)
انه يقوم بالنقد الذى اشتراه به لانه اصل يمكن ان يقوم به فيقوم به كما

(6/63)


لو كان نصابا فان حَالَ الْحَوْلُ عَلَى الْعَرْضِ فَقُوِّمَ فَلَمْ يَبْلُغْ النصاب لم تجب فيه الزكاة فان زادت قيمته بعد الحول بشهر فبلغت نصابا ففيه وجهان قال أبو اسحق لا تجب الزكاة حتى يحول عليه الحول الثاني مِنْ حِينِ حَالَ الْحَوْلُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْحَوْلَ يبتدئ من حين الشراء وقد تم الحول وهو ناقص عن النصاب فلم تتعلق به الزكاة وقال أبو علي بن ابي هريرة إذا بلغت قيمته نصابا بعد شهر وجبت فيه الزكاة لانه مضي عليه حول بعد الشراء بشهر وهو نصاب فوجبت فيه الزكاة)
* (الشرح) قال اصحابنا رحمهم الله إذَا أَرَادَ التَّقْوِيمَ فَلِرَأْسِ الْمَالِ أَحْوَالٌ (أَحَدُهَا) يَكُونُ نَقْدًا نِصَابًا بِأَنْ اشْتَرَى عَرْضًا بِمِائَتَيْ درهم أو عشرين دينارا فيقوم في آخر الحول بِرَأْسِ الْمَالِ فَإِنْ بَلَغَ بِهِ نِصَابًا زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا: فَلَوْ نَقَصَ بِهِ عَنْ النِّصَابِ وَبَلَغَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ نِصَابًا فَلَا زَكَاةَ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ عَرْضًا فَبَاعَهُ بِعِشْرِينَ دِينَارًا وَقَصْدُ التِّجَارَةِ مُسْتَمِرٌّ فَحَالَ الْحَوْلُ وَالدَّنَانِيرُ فِي يَدِهِ وَهِيَ نَقْدُ الْبَلَدِ وَلَا تَبْلُغُ قِيمَتُهَا بِالدَّرَاهِمِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَلَا زَكَاةَ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ
الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ وَحَكَى صَاحِبُ التَّقْرِيبِ (قَوْلًا غَرِيبًا) أَنَّ التَّقْوِيمَ أَبَدًا يَكُونُ بِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ سَوَاءٌ كان رَأْسُ الْمَالِ نَقْدًا أَمْ لَا وَحَكَى الشَّيْخُ أبو حامد الماوردى وَالرُّويَانِيُّ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ هَذَا وَجْهًا عَنْ ابْنِ الْحَدَّادِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَاحْتَجَّ له بالقياس علي مالو أَتْلَفَ عَلَى غَيْرِهِ شَيْئًا مُتَقَوِّمًا فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ لَا بِمَا اشْتَرَاهُ بِهِ وَاحْتَجَّ الاصحاب للمذهب بان العرض لما فرع

(6/64)


ما اشْتَرَاهُ بِهِ وَإِذَا أَمْكَنَ تَقْوِيمُهُ بِأَصْلِهِ كَانَ أَوْلَى بِخِلَافِ الْمُتْلَفِ فَإِنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ فَوَجَبَ تَقْوِيمُهُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ (الْحَالُ الثَّانِي) أَنْ يَكُونَ نَقْدًا دُونَ نِصَابٍ فَوَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا) عِنْدَ الْأَصْحَابِ يُقَوَّمُ بِرَأْسِ الْمَالِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْحَالِ الْأَوَّلِ (وَالثَّانِي) يُقَوَّمُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَهُوَ قول ابي اسحق الْمَرْوَزِيِّ لِأَنَّهُ لَا يُبْنَى حَوْلُهُ عَلَى حَوْلِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِعَرْضٍ (قَالَ) الْبَغَوِيّ وَالرَّافِعِيُّ وَمَوْضِعُ الْوَجْهَيْنِ مَا إذَا مَلَكَ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ مَا يَتِمُّ بِهِ النِّصَابُ فَإِنْ مَلَكَ بِأَنْ اشْتَرَى بِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَرْضًا وَهُوَ حِينَئِذٍ يَمْلِكُ مِائَةً أُخْرَى فَلَا خِلَافَ أن التقويم يَكُونُ بِرَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ اشْتَرَى بِبَعْضِ مَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَابْتِدَاءُ الْحَوْلِ مِنْ مِلْكِ الدراهم (قلت) ويجئ فِيهِ الْقَوْلُ الَّذِي حَكَاهُ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ (الْحَالُ الثَّالِثُ) أَنْ يَمْلِكَ بِالنَّقْدَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ (أَحَدُهَا) أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابًا فَيُقَوَّمُ بِهِمَا جَمِيعًا عَلَى نِسْبَةِ التَّقْسِيطِ يَوْمَ الْمِلْكِ وَطَرِيقَةُ تَقْوِيمِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالْآخَرِ مثل مالو اشْتَرَى الْعَرْضَ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا فَيُنْظَرُ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّرَاهِمِ عِشْرِينَ دِينَارًا فَنِصْفُ الْعَرْضِ مُشْتَرًى بِدَنَانِيرَ وَنِصْفُهُ بِدَرَاهِمَ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّرَاهِمِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَثُلُثَاهُ مُشْتَرًى بِدَرَاهِمَ وَثُلُثُهُ مُشْتَرًى بِدَنَانِيرَ وَهَكَذَا يُقَوَّمُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ وَلَا يُضَمُّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخِرِ فَإِنْ نَقَصَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي آخِرِ الْحَوْلِ عَنْ النِّصَابِ فَلَا زَكَاةَ وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ قُوِّمَ بِأَحَدِهِمَا لَبَلَغَ نِصَابًا لِمَا سَبَقَ فِي بَابِ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أَنَّهُ لَا يُضَمُّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ وَيَكُونُ حَوْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ حِينِ مِلْكِ ذَلِكَ النَّقْدِ (وَالضَّرْبُ الثَّانِي) أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دون النصاب فان قلنا بقول أبى اسحق إنَّ مَا دُونَ النِّصَابِ كَالْعَرْضِ يُقَوَّمُ الْجَمِيعُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّهُ كَالنِّصَابِ فَوَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ (أَصَحُّهُمَا) وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ يُقَوَّمُ مَا قَابَلَ الدَّرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ وَمَا قَابَلَ الدَّنَانِيرَ بِدَنَانِيرَ (وَالثَّانِي) يُقَوَّمُ الْجَمِيعُ بِالدَّرَاهِمِ
لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَنُصُوصُ زَكَاتِهَا صَرِيحَةٌ (الضَّرْبُ الثَّالِثُ) أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا نِصَابًا وَالْآخَرُ دُونَهُ

(6/65)


فَيُقَوَّمُ مَا مَلَكَهُ بِالنَّقْدِ الَّذِي هُوَ نِصَابٌ بِرَأْسِ مَالِهِ وَمَا مَلَكَهُ بِالنَّقْدِ الْآخَرِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ (أَصَحُّهَا) بِرَأْسِ مَالِهِ
(وَالثَّانِي)
بِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ (وَالثَّالِثُ) أَنَّهُ إنْ كَانَ فِضَّةً قُوِّمَ بِهَا وَإِنْ كَانَ ذَهَبًا قُوِّمَ بِالْفِضَّةِ أَيْضًا وَهُوَ الْوَجْهُ الْمَحْكِيُّ قَرِيبًا عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ أَصْحَابُنَا وَيُقَوَّمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي آخِرِ حَوْلِهِ وَيَكُونُ حَوْلُ الَّذِي مَلَكَهُ بِنِصَابٍ مِنْ حِينِ مَلَكَ ذَلِكَ النِّصَابَ وَحَوْلُ الْمَمْلُوكِ بِمَا دُونَ النِّصَابِ مِنْ حِينِ مَلَكَ الْعَرَضَ وَإِذَا اخْتَلَفَ جِنْسُ الْمُقَوَّمِ بِهِ فَلَا ضَمَّ (الْحَالُ الرَّابِعُ) أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ غَيْرَ نقد بان ملك العرض بعرض قُنْيَةٍ أَوْ مَلَكَهُ بِخُلْعٍ أَوْ نِكَاحٍ بِقَصْدِ التِّجَارَةِ وَقُلْنَا بِالْمَذْهَبِ إنَّهُ يَصِيرُ مَالَ تِجَارَةٍ فَيُقَوَّمُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدَانِ فَيُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَغْلَبَ قُوِّمَ بِالْأَغْلَبِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ واتفق عليه الاصحاب سواء كان دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَإِنْ بَلَغَ بِهِ نِصَابًا وَجَبَتْ زَكَاتُهُ وَإِنْ نَقَصَ بِهِ عَنْ النِّصَابِ وَبَلَغَ بِنَقْدٍ آخَرَ غَيْرِ الْغَالِبِ نِصَابًا فَلَا زَكَاةَ بِالِاتِّفَاقِ: وَلَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدَانِ مُتَشَابِهَانِ فِي الرَّوَاجِ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَغْلَبَ مِنْ الْآخَرِ فَإِنْ بَلَغَ بِأَحَدِهِمَا نِصَابًا دُونَ الْآخَرِ قُوِّمَ بِمَا بَلَغَ بِهِ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ بلغ بكل وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابًا فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ حَكَاهَا الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ (أَصَحُّهَا) عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَآخَرِينَ من الاصحاب وهو قول ابى اسحق الْمَرْوَزِيِّ يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ فَيُقَوِّمُ بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا لانه لا مزيد لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخِرِ
(وَالثَّانِي)
يُقَوَّمُ بِالْأَنْفَعِ لِلْمَسَاكِينِ كَمَا سَبَقَ فِي اجْتِمَاعِ الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ (وَالثَّالِثُ) يَتَعَيَّنُ التَّقْوِيمُ بِالدَّرَاهِمِ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا وَلِأَنَّهَا أَرْفَقُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاحْتَجَّ لَهُ بِأَنَّ الدَّرَاهِمَ ثَبَتَتْ زَكَاتُهَا بِالنُّصُوصِ الْمُتَوَاتِرَةِ بِخِلَافِ الذَّهَبِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ هَذَا الِاسْتِدْلَال بَاطِلٌ لِأَنَّ زَكَاةَ الذَّهَبِ ثَابِتَةٌ بِالْإِجْمَاعِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا (وَالرَّابِعُ) يُقَوَّمُ بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ لِأَنَّهُمَا تَعَارَضَا فَصَارَا كَالْمَعْدُومَيْنِ فَانْتَقَلَ إلَى أَقْرَبِ الْبِلَادِ (الْحَالُ الْخَامِسُ) أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ نَقْدًا أَوْ غيره

(6/66)


بِأَنْ اشْتَرَى بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ عَبْدَ قُنْيَةٍ فَمَا قَابَلَ الدَّرَاهِمَ يُقَوَّمُ بِهَا وَمَا قَابَلَ الْعَبْدَ يُقَوَّمُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ فَإِنْ
كَانَ النَّقْدُ دُونَ نِصَابٍ عَادَ الْوَجْهَانِ (الْأَصَحُّ) يُقَوَّمُ بِرَأْسِ مَالِهِ
(وَالثَّانِي)
بِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ قَالَ الْبَغَوِيّ وَالرَّافِعِيُّ وَكَمَا يَجْرِي التَّقْسِيطُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ يَجْرِي عِنْدَ اخْتِلَافِ الصِّفَةِ بِأَنْ اشْتَرَى بِنِصَابٍ دَنَانِيرَ بَعْضُهَا صِحَاحٌ وَبَعْضُهَا مُكَسَّرَةٌ وَبَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ فَيُقَوَّمُ مَا يَخُصُّ الصَّحِيحَ وَمَا يَخُصُّ الْمَكْسُورَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
إذَا قَوَّمَ الْعَرْضَ فِي آخِرِ الْحَوْلِ ثُمَّ بَاعَهُ بِزِيَادَةٍ عَلَى قِيمَتِهِ فَإِنْ كان البيع بعد اخراج الزكاة فلا شئ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ عَنْ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ وَلَكِنَّهَا تُضَمُّ إلَى الْمَالِ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ قَبْلَ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ فَوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ حَكَاهُمَا الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ
(أَحَدُهُمَا)
يَلْزَمُهُ زَكَاةُ الزِّيَادَةِ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ فِي نَفْسِ الْقِيمَةِ الَّتِي تَعَلَّقَ بِهَا الْوُجُوبُ فَأَشْبَهَتْ الْمَاشِيَةَ إذَا سُمِّنَتْ بَعْدَ الْحَوْلِ قَبْلَ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ سَمِينَةٌ بِلَا خِلَافٍ (وَأَصَحُّهُمَا) عِنْدَ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالْأَصْحَابِ لَا تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الزِّيَادَةِ لِأَنَّهَا حَدَثَتْ بَعْدَ الْوُجُوبِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ زَكَاتُهَا كَالسِّخَالِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَيُخَالِفُ السِّمَنَ فَإِنَّهُ وَصْفٌ تَابِعٌ وَلَوْ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ بَعْدَ أَنْ قَوَّمَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ فَبَاعَهَا بِنَقْصٍ عَمَّا قَوَّمَهَا بِهِ نُظِرَ إنْ نَقَصَتْ نَقْصًا يَسِيرًا وَهُوَ الْقَدْرُ الذى لا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِهِ لَمْ تَلْزَمْهُ إلَّا زَكَاةُ مَا بِيعَ بِهِ لِأَنَّ هَذَا قِيمَتُهُ وَإِنْ نَقَصَتْ نَقْصًا كَثِيرًا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِهِ بِأَنْ قَوَّمَهَا بِأَرْبَعِينَ دِينَارًا ثُمَّ نَقَصَتْ فَبَاعَهَا بخمس وَثَلَاثِينَ لَزِمَهُ زَكَاةُ الْأَرْبَعِينَ الَّتِي قُوِّمَ بِهَا لِأَنَّ هَذَا النَّقْصَ بِتَفْرِيطِهِ هَكَذَا فَصَّلَهُ أَصْحَابُنَا وَكَذَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَصَاحِبُ البيان
*

(6/67)


(فَرْعٌ)
إذَا حَالَ الْحَوْلُ عَلَى الْعَرْضِ فَقُوِّمَ فَلَمْ يَبْلُغْ قِيمَتُهُ نِصَابًا فَلَا زَكَاةَ فِي الْحَالِ بِلَا خِلَافٍ فَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ فَبَلَغَتْ بَعْدَ ذَلِكَ نِصَابًا فَفِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ حَكَاهُمَا الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ
(أَحَدُهُمَا)
وَحَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عن ابن أَبِي هُرَيْرَةَ والماسرجسي تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ عِنْدَ تَمَامِ النصاب فخرج عَنْ الْمَاضِي وَيَكُونُ ابْتِدَاءُ الْحَوْلِ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْوَقْتِ وَقَدْ زَادَ الْحَوْلُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهَا إذا وجبت فِي اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا فَفِي أَكْثَرَ أَوْلَى (وَالثَّانِي) وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ والاصحاب وبه قال أبو اسحق الْمَرْوَزِيُّ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ حَتَّى يَحُولَ حَوْلٌ ثَانٍ مِنْ حِينِ حَالَ الْحَوْلُ
الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْحَوْلَ الْأَوَّلَ انْقَضَى وَلَا زَكَاةَ فِيهِ فَوَجَبَ ان لا يجب شئ حَتَّى يَتِمَّ الْحَوْلُ الثَّانِي ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ وَشَيْخَهُ الْقَاضِيَ وَمَنْ تَبِعَهُمَا فَرَضُوا الْمَسْأَلَةَ فِيمَا إذَا زَادَ قِيمَتُهُ فَبَلَغَتْ نِصَابًا بَعْدَ الْحَوْلِ بِشَهْرٍ وَنَحْوِهِ وَقَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ مَتَى زَادَتْ بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ تَمَامِ الثَّانِي فَفِيهِ وجهان
*
* قال المصنف رحمه الله
* (إذا قوم العرض فقد قال في الام يخرج الزكاة مما قوم به وقال في القديم فيه قولان
(أحدهما)
يخرج ربع عشر قيمته (والثاني) يخرج ربع عشر العرض وقال في موضع آخر لا يخرج الا العين والورق والعرض فمن أصحابنا من قال فيه ثلاثة أقوال (أحدها) يخرج من الذى قوم به لان الوجوب يتعلق به
(والثانى)
يخرج من العرض لان الزكاة تجب لاجله (والثالث) يخير بينهما لان الزكاة تتعلق بهما فيخيره بينهما وقال أبو اسحق فيه قولان
(أحدهما)
يخرج مما قوم به (والثاني) انه بالخيار فقال أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيهِ قَوْلَانِ (احدهما) يخرج مما قوم به (والثاني) يخرج العرض)
* (الشَّرْحُ) قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ زَكَاةُ عَرْضِ التِّجَارَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ بِلَا خِلَافٍ وَلَا وَقْصَ فِيهِ كَالنَّقْدِ وَفِيمَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ طُرُقٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ حَاصِلُهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ (أَصَحُّهَا) عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَهُوَ نَصُّهُ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَهُوَ الْجَدِيدُ وَبِهِ الْفَتْوَى وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ يَجِبُ رُبْعُ عُشْرِ الْقِيمَةِ مِمَّا قُوِّمَ
*

(6/68)


بِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ نَفْسِ الْعَرْضِ
(وَالثَّانِي)
يَجِبُ الْإِخْرَاجُ مِنْ نَفْسِ الْعَرْضِ ولا تجزى الْقِيمَةُ (وَالثَّالِثُ) يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ دَلِيلَ الْجَمِيعِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ قَدِيمَانِ ضَعِيفَانِ وَحَكَى الصَّيْمَرِيُّ (طَرِيقًا رَابِعًا) وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْعَرْضُ حِنْطَةً أَوْ شَعِيرًا أَوْ مِمَّا يَنْفَعُ الْمَسَاكِينَ أَخْرَجَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ عَقَارًا أَوْ حَيَوَانًا فَمِنْ الْقِيمَةِ نَقْدًا
* (فَرْعٌ)
ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ تَفْرِيعًا عَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ قَالُوا إذَا اشْتَرَى بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِائَتَيْ قَفِيزِ حِنْطَةٍ أَوْ بِمِائَةٍ وَقُلْنَا يُعْتَبَرُ النِّصَابُ آخِرَ الْحَوْلِ فَقَطْ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَحَالَ الْحَوْلُ وَهِيَ تُسَاوِي مِائَتَيْنِ فَعَلَى الصَّحِيحِ الْجَدِيدِ عَلَيْهِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَعَلَى الثَّانِي خَمْسَةُ أَقْفِزَةٍ وَعَلَى الثَّالِثِ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا (قَالُوا) فَلَوْ أَخَّرَ إخْرَاجَ الزَّكَاةِ حَتَّى نَقَصَتْ الْقِيمَةُ فَعَادَتْ إلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ نُظِرَ إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ إمْكَانِ
الْأَدَاءِ وَقُلْنَا الْإِمْكَانُ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ فَلَا زَكَاةَ وَإِنْ قُلْنَا شَرْطٌ لِلضَّمَانِ لَا لِلْوُجُوبِ لَزِمَهُ عَلَى الْجَدِيدِ الصَّحِيحِ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ وَعَلَى الثَّانِي خَمْسَةُ أَقْفِزَةٍ وَعَلَى الثَّالِثِ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْإِمْكَانِ لَزِمَهُ عَلَى الْجَدِيدِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ لِأَنَّ النُّقْصَانَ مِنْ ضَمَانِهِ وَعَلَى الثَّانِي خَمْسَةُ أَقْفِزَةٍ وَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ نُقْصَانِ الْقِيمَةِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ كَالْغَاصِبِ وَعَلَى الثَّالِثِ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ أَخَّرَ الْإِخْرَاجَ فَبَلَغَتْ الْقِيمَةُ أَرْبَعَمِائَةٍ فَإِنْ كان قبل امكان الاداء وقلنا هو شَرْطُ الْوُجُوبِ لَزِمَهُ عَلَى الْجَدِيدِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَعَلَى الثَّانِي خَمْسَةُ أَقْفِزَةٍ وَعَلَى الثَّالِثِ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ قُلْنَا شَرْطٌ فِي الضَّمَانِ لَزِمَهُ عَلَى الْجَدِيدِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَعَلَى الثَّانِي خَمْسَةُ أَقْفِزَةٍ قِيمَتُهَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي مَالِهِ وَمَالِ الْمَسَاكِينِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَكْفِيهِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ خَمْسَةُ أَقْفِزَةٍ قِيمَتُهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ حَدَثَتْ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَهِيَ مَحْسُوبَةٌ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي وَعَلَى الثَّالِثِ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ بَلَغَتْ الْحِنْطَةُ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَقِيمَتُهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ فَصَارَتْ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ لَزِمَهُ عَلَى الْجَدِيدِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ لِأَنَّهَا الْقِيمَةُ يَوْمَ الْإِتْلَافِ وَعَلَى الثَّانِي خَمْسَةُ أَقْفِزَةٍ قِيمَتُهَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَعَلَى الثَّالِثِ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا

(6/69)


*
قال المصنف رحمه الله تعالى
* (إذا دفع الي رجل الف درهم قراضا على أن الربح بينهما نصفان فحال الحول وقد صار ألفين بنيت علي ان المضارب متى يملك الربح وفيه قولان
(أحدهما)
يملكه بالمقاسمة (والثاني) يملكه بالظهور فان قلنا بالاول كانت زكاة الجميع علي رب المال فان أخرجها من عين المال فمن أين تحسب فيه ثلاثة أوجه (أحدها) انه تحسب من الربح لانها من مؤن المال فتحتسب من الربح كأجرة النقال والوزان والكيال (والثاني) تحتسب من رأس المال لان الزكاة دين عليه في الذمة في أحد القولين فإذا قضاه من المال حسب من رأس المال كسائر الديون (والثالث) انها تحسب من رأس المال والربح جميعا لان الزكاة تجب في رأس المال والربح في حسب المخرج منهما (وان قلنا) ان العامل يملك حصته من الربح بالظهور وجب علي رب المال زكاة ألف وخمسمائة واخراجها على ما ذكرناه وتجب علي العامل زكاة خمسمائة غير انه لا يلزمه اخراجها لانه لا يدرى هل يسلم له أم لا فلم يلزمه اخراج زكاته
كالمال الغائب فان أخرج زكاته من غير المال جاز وان أراد أخراجه من المال ففيه وجهان
(أحدهما)
ليس له لان الربح وقاية لرأس المال فلا يخرج منه الزكاة (والثاني) ان له ذلك لانهما دخلا علي حكم الاسلام ووجوب الزكاة)
*

(6/70)


(الشرح) عامل القراض لا بملك حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ إلَّا بِالْقِسْمَةِ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ وَفِي الثَّانِي يَمْلِكُهَا بِالظُّهُورِ فَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ نَقْدًا قِرَاضًا وَهُمَا جَمِيعًا مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ فَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ (فَإِنْ قُلْنَا) الْعَامِلُ لَا يَمْلِكُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ إلَّا بِالْقِسْمَةِ لَزِمَ الْمَالِكَ زَكَاةُ رَأْسِ الْمَالِ وَالرِّبْحِ جَمِيعًا فَإِنَّ الْجَمِيعَ مِلْكُهُ هَكَذَا قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ وَأَشَارَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إلَى احْتِمَالٍ فِي تَخْرِيجِ الْوُجُوبِ عَلَى الْمَالِكِ فِي نَصِيبِ الْعَامِلِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمَغْصُوبِ وَالْمَجْحُودِ لِتَأَكُّدِ حَقِّ الْعَامِلِ فِي حِصَّتِهِ وَالْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ قَالَ أَصْحَابُنَا وَحَوْلُ الرِّبْحِ مَبْنِيٌّ عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ إلَّا إذَا صَارَ نَاضًّا فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ فَفِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ ثُمَّ إنْ أَخْرَجَ الْمَالِكُ الزَّكَاةَ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ فَذَاكَ وَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ نَفْسِ مَالِ الْقِرَاضِ فَهُوَ جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ وَفِي حُكْمِ الْمُخْرَجِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ مَشْهُورَةٍ حَكَاهَا الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ (أَصَحُّهَا) عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْبَغَوِيِّ وَالْجُمْهُورِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يُحْسَبُ مِنْ الرِّبْحِ كَالْمُؤَنِ الَّتِي تَلْزَمُ الْمَالَ كَأُجْرَةِ حَمَّالٍ وَكَيَّالٍ وَوَزَّانٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَكَمَا أَنَّ فُطْرَةَ عَبِيدِ التِّجَارَةِ مِنْ الرِّبْحِ بِلَا خِلَافٍ وَنَقَلَهُ الْبَغَوِيّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وكذا اروش جناياتهم
(والثانى)
بحسب مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ الزَّكَاةَ دَيْنٌ عَلَى الْمَالِكِ فَحُسِبَ عَلَى الْمَالِكِ كَمَا لَوْ أَخَذَ قِطْعَةً مِنْ الْمَالِ وَقَضَى بِهَا دَيْنًا آخَرَ (وَالثَّالِثُ) يُحْسَبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالرِّبْحِ جَمِيعًا لِأَنَّهَا تَجِبُ فِيهِمَا فَحُسِبَتْ فِيهِمَا وَيَكُونُ الْمُخْرَجُ كطائفة مِنْ الْمَالِ اسْتَرَدَّهَا الْمَالِكُ وَيُقَسَّطُ عَلَيْهِمَا مِثَالُهُ رَأْسُ الْمَالِ مِائَتَانِ وَالرِّبْحُ مِائَةٌ فَثُلُثَا الْمُخْرَجِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَثُلُثُهُ مِنْ الرِّبْحِ قَالَ الْخُرَاسَانِيُّونَ هَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ بِالْعَيْنِ أَمْ بِالذِّمَّةِ (إنْ قُلْنَا) بِالْعَيْنِ فَكَالْمُؤَنِ وَإِلَّا فَهُوَ اسْتِرْدَادٌ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ (ان قلنا) بالعين فكالمؤن وَإِلَّا فَوَجْهَانِ وَاسْتَبْعَدَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ هَذَا الْبِنَاءَ وَقَالَ لَيْسَ هُوَ بِمَرْضِيٍّ قَالَ وَلَا يَمْتَنِعُ إثْبَاتُ الْخِلَافِ عَلَى قَوْلِ تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالْعَيْنِ مِنْ جِهَةِ شُيُوعِ تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ فِي الْجَمِيعِ (أَمَّا) إذَا قُلْنَا الْعَامِلُ يَمْلِكُ حِصَّتَهُ بِالظُّهُورِ فَعَلَى الْمَالِكِ زَكَاةُ رَأْسِ الْمَالِ
وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ بِلَا خِلَافٍ وَلَا يَلْزَمُهُ زَكَاةُ حِصَّةِ الْعَامِلِ بِلَا خِلَافٍ
* قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ وَحُكْمُ الْإِخْرَاجِ وَالْحَوْلِ كَمَا سَبَقَ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ بَقِيَتْ السِّلْعَةُ إلَى آخِرِ الْحَوْلِ زَكَّى الرِّبْحَ بِحَوْلِ الْأَصْلِ وَإِنْ نَضَّ الرِّبْحُ قَبْلَ الْحَوْلِ فَهَلْ يُضَمُّ إلَى حَوْلِ الْأَصْلِ أَمْ يُفْرَدُ بِحَوْلٍ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ ثُمَّ إنْ أَرَادَ إخْرَاجَ الزَّكَاةِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ مِنْ أَيْنَ يُحْسَبُ فِيهِ الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ هَذَا حُكْمُ الْمَالِكِ (وأما)

(6/71)


الْعَامِلُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ زَكَاةُ نَصِيبِهِ مِنْ الرِّبْحِ فِيهِ ثَلَاثُ طُرُقٍ حَكَاهَا الْفُورَانِيُّ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَآخَرُونَ (وَأَصَحُّهَا) وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَجُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ وَصَاحِبُ التَّقْرِيبِ وَالصَّيْدَلَانِيّ وَغَيْرُهُمْ الْقَطْعُ بِوُجُوبِهَا لِأَنَّهُ مَالِكٌ قَادِرٌ عَلَى الْفَسْخِ وَالْمُقَاسَمَةِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَالتَّصَرُّفِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فِي نَصِيبِهِ فَلَزِمَهُ الزَّكَاةُ
(وَالثَّانِي)
أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ الْمَغْصُوبِ وَالْمَجْحُودِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ فِي الْحَالِ مِنْ كَمَالِ التَّصَرُّفِ (وَالثَّالِثُ) الْقَطْعُ بِعَدَمِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ وَعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ لِاحْتِمَالِ الْخُسْرَانِ فَأَشْبَهَ الْمُكَاتَبَ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْقَفَّالِ وَضَعَّفَهَا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فَحَصَلَ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْإِيجَابُ عَلَى الْعَامِلِ وَفِي ابْتِدَاءِ حَوْلِهِ فِي نَصِيبِهِ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ (أَصَحُّهَا) الْمَنْصُوصُ مِنْ حِينِ الظُّهُورِ لِأَنَّهُ مَلَكَ مِنْ حِينَئِذٍ
(وَالثَّانِي)
مِنْ حِينِ يُقَوَّمُ الْمَالُ عَلَى الْمَالِكِ لِأَجْلِ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الرِّبْحُ إلَّا بِذَلِكَ حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْأَصْحَابُ (وَالثَّالِثُ) حَكَاهُ أَبُو حَامِدٍ أَيْضًا وَالْأَصْحَابُ مِنْ حِينِ الْمُقَاسَمَةِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ إلَّا مِنْ حِينَئِذٍ وَهَذَا غَلَطٌ وَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا لِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّ الْعَامِلَ لَا زَكَاةَ فِي نَصِيبِهِ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْمُقَاسَمَةِ لَيْسَ بِعَامِلٍ بَلْ مَالِكٍ مِلْكًا مُسْتَقِرًّا كَامِلِ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَالتَّفْرِيعُ عَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ بِالظُّهُورِ فَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ حَوْلُهُ إلَّا مِنْ الْمُقَاسَمَةِ رُجُوعٌ إلَى أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ (وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ) حَوْلُهُ حَوْلُ رَأْسِ الْمَالِ حَكَاهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَهَذَا أَيْضًا غَلَطٌ صَرِيحٌ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا فَكَيْفَ يُبْنَى مِلْكُهُ وَحَوْلُهُ عَلَى حَوْلِ غَيْرِهِ ولا خلاف ان حول الانسان يبنى على حول غيره لا الْوَارِثُ عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ لِكَوْنِهِ قَائِمًا مَقَامَ المورث والخامس أَنَّهُ مِنْ حِينِ اشْتَرَى الْعَامِلُ السِّلْعَةَ حَكَاهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا وَهُوَ غَلَطٌ قَالَ أَصْحَابُنَا ثُمَّ إذَا تَمَّ حَوْلُ الْعَامِلِ وَنَصِيبُهُ لَا يَبْلُغُ نِصَابًا لَكِنَّهُ مَعَ جُمْلَةِ الْمَالِ يَبْلُغُ نِصَابًا فَإِنْ أَثْبَتْنَا الْخُلْطَةَ فِي النَّقْدَيْنِ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَإِلَّا فَلَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنْ جِنْسِهِ
مَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ وَهَذَا إذَا لَمْ نَقُلْ ابْتِدَاءُ الْحَوْلِ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ فَإِنْ جَعَلْنَاهُ مِنْهَا سَقَطَ اعْتِبَارُ الْخُلْطَةِ قَالَ أصحابنا وإذا أوجبنا الزكاة علي الحامل لَمْ يَلْزَمْهُ إخْرَاجُهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَسَائِرُ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْجُمْهُورُ فَإِذَا اقْتَسَمَا زَكَّى مَا مَضَى وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِخْرَاجُ فِي الْحَالِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْقِسْمَةِ وَهُوَ قَوْلُ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ حَكَاهُ صَاحِبُ الابانة والبيان وَآخَرُونَ عَنْهُ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْمَالَ لَيْسَ في يده ولا تصرفه فلا يكون أكثر مِنْ الْمَالِ الْغَائِبِ الَّذِي تُرْجَى سَلَامَتُهُ

(6/72)


وَيُخَافُ تَلَفُهُ قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِنْ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ فَذَاكَ وَإِنْ أَرَادَ إخْرَاجَهَا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ فَهَلْ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِهِ أَمْ لِلْمَالِكِ مَنْعُهُ فِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ يَسْتَقِلُّ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ لِأَنَّ الزَّكَاةَ وَجَبَتْ فِيهِ وَلِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْقِرَاضِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ
(وَالثَّانِي)
لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلِلْمَالِكِ مَنْعُهُ لِأَنَّ الرِّبْحَ وِقَايَةٌ لِرَأْسِ الْمَالِ فَلَعَلَّهُ يَخْسَرُ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ هَذَانِ الْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ هَلْ تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ أَمْ بِالذِّمَّةِ إنْ قُلْنَا بِالْعَيْنِ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا وبهذا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْمَالِكُ وَالْعَامِلُ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ جَمِيعًا فَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَالِكُ مِنْ أَهْلِهَا دُونَ الْعَامِلِ وَقُلْنَا الْجَمِيعُ لِلْمَالِكِ مَا لَمْ يُقْسَمْ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْجَمِيعِ وَإِنْ قُلْنَا بِالْقَوْلِ الْآخَرِ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ رَأْسِ الْمَالِ وَنَصِيبُهُ مِنْ الرِّبْحِ وَلَا يَكْمُلُ نَصِيبُهُ إذَا لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا بِنَصِيبِ الْعَامِلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ فَلَا تَصِحُّ خُلْطَتُهُ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعَامِلُ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ دُونَ الْمَالِكِ فَإِنْ قُلْنَا كُلُّهُ لِلْمَالِكِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَلَا زَكَاةَ وَإِنْ قُلْنَا لِلْعَامِلِ حِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ فَفِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فَإِنْ أَوْجَبْنَاهَا فَذَلِكَ إذَا بَلَغَتْ حِصَّتُهُ نِصَابًا أَوْ كَانَ لَهُ مَا يَتِمُّ بِهِ نصاب ولا تثبت الخلطة ولا يجئ فِي اعْتِبَارِ الْحَوْلِ هُنَا إلَّا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ وَلَيْسَ لَهُ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْ غَيْرِ الْمَالِ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْعَقْدِ عَلَى إخْرَاجِ زَكَاةٍ مِنْ الْمَالِ هَكَذَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْمَانِعُ مَنْعُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ عَامَلَ مَنْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَاَللَّهُ أعلم
* (فرع)
في مسائل تتعلق بزكاة التجارة
إحدها إذَا بَاعَ عَرْضَ التِّجَارَةِ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ قَبْلَ إخْرَاجِهَا فَفِيهِ ثَلَاثُ طُرُقٍ أَصَحُّهَا وَبِهِ قَطَعَ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ فِي الطَّرِيقَيْنِ صِحَّةُ بَيْعِهِ قَوْلًا وَاحِدًا
(وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي بَيْعِ غَيْرِهِ مِنْ أَمْوَالِ الزَّكَاةِ قَبْلَ إخْرَاجِهَا كَبَيْعِ السَّائِمَةِ وَالثَّمَرَةِ وَالْحَبِّ وَالنَّقْدِ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ قَبْلَ إخْرَاجِهَا حَكَاهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَآخَرُونَ (وَالثَّالِثُ) إنْ قُلْنَا يُخْرِجُ زَكَاةَ التِّجَارَةِ مِنْ نَفْسِ الْعَرْضِ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ وَإِنْ قُلْنَا يُخْرِجُ مِنْ الْقِيمَةِ فَهُوَ كَمَا لَوْ وَجَبَتْ شَاةٌ فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ فَبَاعَهَا قَبْلَ إخْرَاجِ الشَّاةِ وَفِيهِ طَرِيقَانِ سَبَقَا فِي مَوْضِعِهِمَا وَهَذَا الطَّرِيقُ قَالَهُ (1) وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَانِ الطَّرِيقَانِ شَاذَّانِ وَالْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ كَمَا قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ وَسَوَاءٌ بَاعَ بِقَصْدِ التِّجَارَةِ أَمْ بِقَصْدِ اقْتِنَاءِ الْمَالِ أَمْ بِلَا قَصْدٍ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ بِهِ لَا يَبْطُلُ وَإِنْ صَارَ مَالَ قُنْيَةٍ كَمَا لَوْ نَوَى الِاقْتِنَاءَ بِلَا بَيْعٍ وَلَوْ وَهَبَ مَالَ التِّجَارَةِ أو أعتق عبدها قال الرافعي هو
__________
(1) بياض بالاصل فحرر

(6/73)


كَبَيْعِ الْمَاشِيَةِ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا لِأَنَّ الْهِبَةَ وَالْإِعْتَاقَ يُبْطِلَانِ مُتَعَلِّقَ زَكَاةِ التِّجَارَةِ كَمَا أَنَّ بَيْعَ الْمَاشِيَةِ يُبْطِلُ مُتَعَلِّقَ زَكَاتِهَا قَالَ وَلَوْ بَاعَ مَالَ التِّجَارَةِ بَعْدَ وُجُوبِهَا بِمُحَابَاةٍ فَقَدْرُ الْمُحَابَاةِ كَالْمَوْهُوبِ فَإِنْ لَمْ تُصَحَّحْ الْهِبَةُ بَطَلَ فِي ذَلِكَ الْقَدْرُ وَفِي الثَّانِي قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (الثَّانِيَةُ) إذَا كَانَ مَالُ التِّجَارَةِ حَيَوَانًا فَلَهُ حَالَانِ
(أَحَدُهُمَا)
أَنْ يَكُونَ مِمَّا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ كَنِصَابِ الْمَاشِيَةِ وَسَبَقَ حكمه (الثاني) أن لَا يَجِبُ فِي عَيْنِهِ كَالْعَبِيدِ وَالْجَوَارِي وَالْخَيْلِ وَالْحَمِيرِ وَالْمَعْلُوفَةِ مِنْ الْغَنَمِ فَهَلْ يَكُونُ نِتَاجُهَا مَالَ تِجَارَةٍ فِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ أَصَحُّهُمَا يَكُونُ لِأَنَّ الْوَلَدَ جُزْءٌ مِنْ أُمِّهِ قَالُوا وَالْوَجْهَانِ فِيمَا إذَا لَمْ تَنْقُصْ قِيمَةُ الْأُمِّ بِالْوِلَادَةِ فَإِنْ نَقَصَتْ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَلْفًا فَصَارَتْ بِالْوِلَادَةِ ثَمَانَمِائَةٍ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ مِائَتَانِ جَبَرَ نَقْصُ الْأُمِّ بِالْوَلَدِ وَزَكَّى الْأَلْفَ وَلَوْ صَارَتْ قِيمَةُ الْأُمِّ تِسْعَمِائَةٍ جُبِرَتْ الْمِائَةُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ كَذَا قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ وَالْأَصْحَابُ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ ظَاهِرٌ وَمُقْتَضَى قَوْلِنَا إنَّهُ لَيْسَ مَالَ تِجَارَةٍ لَا يُجْبَرُ بِهِ الْأُمُّ كَالْمُسْتَفَادِ بِسَبَبٍ آخَرَ قَالَ أَصْحَابُنَا وَثِمَارُ أَشْجَارِ التِّجَارَةِ كَأَوْلَادِ حَيَوَانِهَا فَفِيهَا الْوَجْهَانِ فَإِنْ لَمْ يُجْعَلُ الْأَوْلَادُ وَالثِّمَارُ مَالَ تِجَارَةٍ فَهَلْ يَجِبُ فِيهَا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فَمَا بَعْدَهَا زَكَاةٌ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الظَّاهِرُ أَنَّا لَا نُوجِبُ لِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْ تَبَعِيَّةِ الْأُمِّ وَلَيْسَ أَصْلًا فِي التِّجَارَةِ وَأَمَّا إذَا ضَمَمْنَاهَا إلَى الْأَصْلِ وَجَعَلْنَاهَا مَالَ تِجَارَةٍ فَفِي حَوْلِهَا طَرِيقَانِ (أَصَحُّهُمَا) حولها حول الاصل
كنتائج السائمة وكلزيادة الْمُتَّصِلَةِ (وَالثَّانِي) عَلَى قَوْلَيْ رِبْحِ النَّاضِّ فَعَلَى أَحَدِهِمَا ابْتِدَاءُ حَوْلِهَا مِنْ انْفِصَالِ الْوَلَدِ وَظُهُورِ الثِّمَارِ (الثَّالِثَةُ) حَكَى الْبَغَوِيّ وَالْأَصْحَابُ عَنْ ابْنِ الْحَدَّادِ فَرْعًا وَوَافَقُوهُ عَلَيْهِ وَهُوَ إذَا اشْتَرَى شِقْصًا مَشْفُوعًا بِعِشْرِينَ دِينَارًا لِلتِّجَارَةِ فَحَالَ الْحَوْلُ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ لَزِمَهُ زَكَاةُ مِائَةٍ وَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِعِشْرِينَ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِمِائَةٍ فَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَقِيمَتُهُ عِشْرُونَ لَزِمَهُ زَكَاةُ عِشْرِينَ وَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِمِائَةٍ وَحَكَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَدَّادِ فِي الصُّورَةِ ثُمَّ قَالَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ خَرَّجَ قَوْلًا إنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ مِلْكَهُ مُعَرَّضٌ لِلزَّوَالِ بِتَسَلُّطِ الشَّفِيعِ عَلَيْهِ وَلَوْ تَصَرَّفَ فِي الدار فتصرفه معرض للنقص مِنْ جِهَةِ الشَّفِيعِ بِخِلَافِ الصَّدَاقِ فَإِنَّ تَصَرُّفَ المرأة فيه لا ينقص لَوْ فُرِضَ فُرْقَةٌ قَبْلَ الدُّخُولِ قَالَ الْإِمَامُ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ وَإِنْ كَانَ يُتَوَجَّهُ تَفْرِيعُهُ فَالْوَجْهُ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ قَدْرُ عِشْرِينَ دِينَارًا فان ملكه وان كان معرضا في لزوال في الشقص فيبذل في مقابلته عشرون دينار أو عين الْمَالِ لَيْسَتْ مَقْصُودَةً فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ وَإِنَّمَا المقصود المالية وهى موجودة دائمة في مقدار

(6/74)


عِشْرِينَ دِينَارًا قَالَ الْإِمَامُ ثُمَّ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَجْهًا أَنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقُولَ قَدْ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي مَالِيَّةِ الدَّارِ فَيُخْرِجُ الزَّكَاةَ مِنْهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ كَنُقْصَانِ صِفَةٍ فِي الشقص فيأخذه الشَّفِيعُ الْبَاقِيَ بِجَمِيعِ الْعِشْرِينَ كَمَا لَوْ نَقَصَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ قَالَ الْإِمَامُ وَهَذَا الْوَجْهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ نَقْصَهُ بِالزَّكَاةِ بِسَبَبِ قَصْدِهِ التِّجَارَةَ لَا في نفسه والله أعلم