المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية

ص -195-      باب: صلاة الكسوف
هي سنة مؤكدة، وهي ركعتان، ويستحب زيادة قيامين وركوعين وتطويل القيامات،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عنه، ولا بين أن يكون بمنى أو غيرها، ولا بين أن ينفر النفر الأول أو الثاني قبل صلاة الظهر أو بعدها في جميع ذلك فيما يظهر، "ويكبر غيره" أي غير الحاج "من صبح يوم عرفة إلى عصر آخر" أيام "التشريق" للاتباع وتكبير الحاج وغيره في الوقتين المذكورين يكون "بعد" أي عقب "صلاة كل فرض أو نفل أداء وقضاء وجنازة" ومنذورة "وإن نسي" التكبير عقب الصلاة "كبر إذا تذكر" وإن طال الزمان لأنه شعار للأيام لا تتمة للصلاة بخلاف سجود السهو "ويكبر" ندبًا "لرؤية النعم" أي عند رؤية شيء منها وهي الإبل والغنم "في الأيام المعلومات وهي عشر ذي الحجة" لقوله تعالى:
{وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج: 28]، "ولو شهدوا قبل الزوال" يوم الثلاثين بزمن يسع الاجتماع والصلاة كلها أو ركعة منها "برؤية الهلال الليلة الماضية أفطرنا وصلينا العيد" أداء أو قبل الزوال بزمن لا يسع ما ذكر "أو بعد الزوال وعدلوا قبل الغروب" قبلوا أيضًا وأفطرنا لقبول شهادتهم لكن الصلاة "فاتت" لخروج وقتها "وتقضى" في أي زمن أراد لما مر في صلاة النفل "أو" شهدوا "بعد الغروب" أو قبله وعدلوا بعده لم يقبلوا بالنسبة لصلاة العيد إذ لا فائدة في قبولهم إلا تركها فلم نصغ إلى شهادتهم ولذا "صليت من الغد أداء" وليس يوم الفطر أول يوم في شوال مطلقًا بل يوم فطر الناس، وكذا يوم النحر يوم يضحون ويوم عرفة يعرفون للحديث الصحيح1 بذلك، أما بالنسبة لنحو أجل وتعليق طلاق فتسمع شهادتهم مطلقًا.
باب: صلاة الكسوف للشمس والقمر
ويسميان خسوفين وكسوفين وقيل الكسوف للشمس والخسوف للقمر.
و"هي سنة مؤكدة" للاتباع2 فإنه صلى الله عليه وسلم فعلها: "وهي" على كيفيات أقلها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 روى الترمذي في الصوم باب 77: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس", ورواه الشافعي في مسنده "73" بلفظ: "الفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون وعرفة يوم تعرفون".
2 حديث صلاة الكسوف للشمس والقمر روي في الصحاح من طرق متعددة، فرواه من حديث ابن عمر: البخاري في الكسوف باب 1، ومسلم في الكسوف حديث 28، ومن حديث ابن عباس: البخاري في الكسوف باب9، والنكاح باب 88، ومن حديث عائشة: البخاري في الكسوف باب 2 و4 و5 و13، ومسلم في الكسوف حديث 3، ورواه البخاري أيضًا في الكسوف باب 1 من حديث أبي بكر أبي مسعود والمغيرة بن شعبة. ورواه مسلم في الكسوف حديث 9 من حديث جابر بن عبد الله.

 

ص -196-      وتطويل الركعات والسجدات، والجهر في القمر، ثم يخطب الإمام خطبتين أو واحدة، ويحث فيهما على الخير، ويفوت الكسوف بالانجلاء وبغروب الشمس، والخسوف بالانجلاء وبطلوع الشمس، لا بالفجر ولا بغروبه خاسفًا، وإذا اجتمع صلوات خاف فواتها قدم الفرض ثم الجنازة ثم العيد ثم الكسوف، وإن وسع الوقت قدم الجنازة ثم الكسوف، ويصلون لنحو الزلازل والصواعق منفردين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"ركعتان"1 كسنة الظهر "ويستحب" إذا أراد أدنى الكمال "زيادة قيامين وركوعين" بأن يجعل في كل ركعة قيامًا بعد الركعة بعد القيام للاتباع، ويسن أن يأتي بسمع الله لمن حمده ثم بربنا لك الحمد في كل اعتدال وإن كان يقرأ فيه كالاعتدال من قراءة الفاتحة كما مر "و" يسن إن أراد الأكمل "تطويل القيامات" فيقرأ في القيام الأول بعد الفاتحة البقرة أو قدرها، وفي القيام الثاني بعد الفاتحة آل عمران أو قدرها، وفي الثالث بعد الفاتحة النساء أو قدرها، وفي الرابع بعد الفاتحة المائدة أو قدرها. "وتطويل الركعات والسجدات" للاتباع بأن يسبح في الأول منها قدر مائة آية من البقرة، وفي الثاني قدر ثمانين، وفي الثالث قدر سبعين، وفي الرابع قدر خمسين. "و" يسن "الجهر" بالقراءة "في" كسوف "القمر" والإسرار بها في كسوف الشمس لأنها نهارية والأولى ليلية. "ثم" بعد الصلاة "يخطب الإمام خطبتين" للاتباع كخطبة الجمعة في الأركان والسنن دون الشروط. "أو واحدة" على ما قاله جماعة أخذًا من نص البويطي2 لكنه مردود بأن النص لا يفهم ذلك وبأن الأوجه أنه لابد من خطبتين. "وبحث فيهما على الخير" كالعتق والصدقة والتوبة والاستغفار ويحذرهم من الغفلة والتمادي في الغرور للاتباع في بعض ذلك والأمر به في الباقي "ويفوت الكسوف" أي صلاة كسوف الشمس "بالانجلاء" التام يقينًأ لأنه المقصود بالصلاة وقد حصل "وبغروب الشمس" كاسفة لعدم الانتفاع بها بعده "والخسوف" أي صلاة خسوف القمر3 "بالانجلاء" التام يقينًا "وبطلوع الشمس" لذهاب سلطانه "لا بالفجر" لبقاء ظلمة الليل والانتفاع به "ولا بغروبه" قبل الفجر أو بعده وقبل طلوع الشمس "خاسفًا" كما لو استتر بغمام "وإذا اجتماع صلوات خافت فواتها قدم"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كما ورد في الحديث الذي رواه البخاري في الكسوف باب 2 "حديث 1044" عن عائشة قال: خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس فقام فأطال القيام ثم ركع فأطال الركوع، ثم قام فأطال القيام -وهو دون القيام الأول- ثم ركع فأطال الركوع -وهو دون الركوع الأول- ثم سجد فأطال السجود، ثم فعل في الركعة الثانية مثل ما فعل في الأولى، ثم انصرف وقد انجلت الشمس فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
"إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا".
2 هو أبو يعقوب يوسف بن يحيى البويطي "نسبة لبويط من أعمال الصعيد الأدنى بمصر" فقيه. مناظر، صحب الإمام الشافعي وقام مقامه في الدرس والإفتاء، وتوفي سنة 231هـ "معجم المؤلفين: 4/ 188".
3 قال في اللسان "9/ 67": "وخسفت الشمس وكسفت بمعنى واحد. ابن سيده: خسفت الشمس تخسف خسوفًا ذهب ضوؤها، وخسفها الله، وكذلك القمر، قال الثعلب: كسفت الشمس وخسف القمر، هذا أجود الكلام".