المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية

ص -306-      باب: الأضحية
هي سنة مؤكدة، لا تجب إلا بالنذر، وبقوله هذه أضحية، أو جعلتها أضحية. ولا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والثاني: دم جزاء الصيد والشجر. والثالث: دم الحلق والقلم والطيب والدهن واللبس ومقدمات الجماع وشاة الجماع غير المفسد. والرابع: دم الجماع المفسد ودم الإحصار "وكل دم وجب" من هذه المذكورات يراق في النسك الذي وجب فيه إلا دم الفوات كما مر وكلها أو بدلها من الإطعام "يجب ذبحه" وتفرقته "في الحرم" على مساكينه "إلا دم الإحصار" فإنه يذبح ويفرق في محل الإحصار كما مر. "والأفضل في الحج" الذبح لما وجب أو ندب فيه "في منى" وإن كان متمتعًا "وفي العمرة المروة" أي الذبح فيها لما وجب أو ندب في العمرة لأنهما محل تحللهما، وكل هذه الدماء لا تختص بوقت فيذبحها "في أي وقت شاء" لأن الأصل عدم التخصيص ولم يرد ما يخالفه لكن يندب إراقته أيام التضحية. نعم إن حرم السبب وجبت المبادرة إليه. "ويصرفه" أي الدم أو بدله من الواجب المالي "إلى" ثلاثة أو أكثر من "مساكينه" أي الحرم الشاملين لفقرائه والمستوطنون أولى ما لم تكن حاجة الغرباء أشد ولا يجب استيعابهم وإن انحصروا، ويجوز أن يدفع لكل منهم مدًّا أو أكثر أو أقل إلا دم نحو الحلق فيتعين لكل واحد من ستة مساكين نصف صاع كما مر. فإن عدموا من الحرم أخر الواجب المالي حتى يجدهم ولا يجوز نقله بخلاف الزكاة إذ ليس فيها نص صريح بتخصيص البلد بخلاف هذا، ولو سرق المذبوح في الحرم ولو بغير تقصيره وإن كان السارق هو من مساكين الحرم سواء نوى الدفع أو لا أو غصب ذبح بدله وهو الأولى أو اشترى به لحمًا وتصدق به عليهم.
باب: الأضحية
وهي ما يذبح من النعم تقربًا إلى الله تعالى في الزمن الآتي. والأصل فيها قبل الإجماع ما صح من قوله صلى الله عليه وسلم:
"ما عمل ابن آدم يوم النحر من عمل أحب إلى الله تعالى من إراقة الدم وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وإن الدم ليقع من الله قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفسًا"1. "هي سنة" على الكفاية "مؤكدة" للأخبار الكثيرة فيها بل قيل بوجوبها، ويرده خبر الدارقطني: "كتب علي النحر وليس بواجب عليكم"2 فلو فعلها واحد من أهل البيت كفت عنهم وإن سنت لكل منهم فإن تركوها كلهم كره. و"لا تجب" الأضحية "إلا بالنذر" كلله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه من حديث عائشة: الترمذي "حديث 1493" والبيهقي "9/ 261" وابن ماجه "حديث 3126".
2 وروى بلفظ:
"كتب علي النحر ولم يكتب عليكم" رواه أحمد في المسند "1/ 317" والبيهقي في السنن الكبرى "7/ 89، 9/ 264" والطبراني في الكبير "11/ 301" والدارقطني في سننه "4/ 282".

 

ص -307-      يجزئ إلا الإبل والبقر والغنم وأفضلها بدنة ثم بقرة ثم ضائنة، ثم عنز ثم شرك من بدنة. وسبع شياه أفضل من البدنة، وأفضلها البيضاء، ثم الصفراء ثم الغبراء ثم البلقاء ثم السوداء ثم الحمراء. وشرطها من الإبل أن يكون لها خمس سنين تامة، ومن البقر والمعز سنتين تامتين، ومن الضأن سنة تامة، وأن لا تكون جرباء وإن قل, ولا شديدة العرج ولا عجفاء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عليّ أو عليّ أو أضحي بهذه "وبقوله هذه أضحية أو جعلتها أضحية" لزوال ملكه عنها بذلك فيتعين عليه ذبحها، ولا يجوز له التصرف فيها بنحو بيع أو إبدال ولو بخير منها وإنما لم يزل ملكه عن قن قال: علي أن أعتقه إلا بإعتاقه وإن لزمه لأن الملك هنا ينتقل للمساكين وثم لا ينتقل بل ينفك بالكلية ولا أثر لنية جعلها أضحية، نعم إشارة الأخرس المفهمة كنطق الناطق، وإذا ذبح الواجبة أو ولدها وجب التصدق بجميع أجزائها كما يأتي.
"ولا يجزئ" في الأضحية من الحيوان "إلا" النعم وهي "الإبل والبقر والغنم" لأن التضحية بغير ذلك لم تنقل فلا يجزئ نحو بقر الوحش وحماره، نعم يجزئ متولد بين جنسين من النعم هنا وفي العقيقة والهدي وجزاء الصيد ويعتبر بأعلى أبويه سنًّا كسنتين في المتولد بين ضأن ومعز. "وأفضلها بدنة ثم بقرة ثم ضائنة ثم عنز ثم شرك من بدنة" ثم من بقرة لأن كلا مما ذكر أطيب مما بعده أي من شأنه ذلك. "وسبع شياه" من الضأن أفضل من سبع من المعز، وسبع من المعز "أفضل من البدنة" لازدياد القربة بكثرة الدماء المراقة. "وأفضلها" من حيث اللون "البيضاء ثم الصفراء ثم الغبراء" وهي التي لا يصفو بياضها "ثم البلقاء" وهي ما بعضها أبيض وبعضها أسود "ثم السوداء ثم الحمراء" هذا ضعيف، والذي قاله الماوردي أن الحمراء قبل البلقاء، والتفضيل في ذلك قيل للتعبد، وقيل لحسن المنظر، وقيل لطيب اللحم، وورد:
"لدم عفراء أحب إلى الله تعالى من دم سوداوين"1 والذكر أفضل من الأنثى ما لم يكثر نزوانه وإلا فالتي لم تلد أفضل منه والأسمن أفضل من غيره من جنسه وإن تعدد، وورد: "عظموا ضحاياكم فإنها على الصراط مطاياكم"2, "وشرطها" أي الأضحية "من الإبل أن يكون لها خمس سنين تامة ومن البقر والمعز" أن يكون لها السن الذي مر في الزكاة أعني سنتين تامتين ومن الضأن" أن يكون لها "سنة تامة". نعم إن أجذع أي أسقط سنه قبل السنة أجزأ "و" شرطها "أن لا تكون جرباء وإن قل" الجرب أو رجي زواله لأنه يفسد اللحم والودك2 وينقص القيمة. "ولا شديدة العرج" بحيث تسبقها الماشية إلى الكلأ الطيب وتتخلف عن القطيع وإن حدث العرج تحت السكين ومثله بالأولى انكسار بعض الأعضاء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه البيهقي في السنن الكبرى "9/ 273". ورواه بلفظ: "أحب إليّ" بدل "إلى الله تعالى" أحمد في المسند "2/ 417" والحاكم في المستدرك "4/ 227".
2 ذكره الألباني في السلسلة الضعيفة "74".
3 الودك: الدسم.

 

ص -308-      ولا مجنونة، ولا عمياء، ولا عوراء، ولا مريضة مرضًا يفسد لحمها، وأن لا يبين شيء من أذنها وإن قل أو لسانها أو ضرعها أو أليتها، ولا شيء ظاهر من فخذها، وأن لا تذهب جميع أسنانها، وأن ينوي التضحية بها عند الذبح أو قبله، ووقت التضحية بعد طلوع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"ولا عجفاء" اشتد هزالها بحيث ذهب مخها. "ولا مجنونة" بأن يكون بها عدم هداية إلى المرعى بحيث قل رعيها لأن ذلك يورث الهزال. "ولا عمياء ولا عوراء" وهي ذاهبة ضوء إحدى عينها وإن بقيت الحدقة لفوات المقصود وهو كمال النظر، وتجزئ العمشاء1 والمكوية والعشواء وهي التي لا تبصر ليلا. "ولا مريضة مرضًا يفسد لحمها" أي يوجب هزاله للخبر الصحيح:
"أربع لا تجزئ في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين عرجها، والعجفاء البين عجفها"2, وأما اليسير من غير الجرب فلا يؤثر لأنه لا ينقص اللحم ولا يفسد. "و" شرطها "أن لا يبين شيء من أذنها وإن قل" ذلك المبان3 كأن خلقت بلا أذن لفوات جزء مأكول، أما قطع بعضها من غير إبانة وشقها من غير أن يذهب منها شيء بالشق فلا يضر إذ لا نقص فيه والنهي عنهما4 للتنزيه. "أو" من "لسانها أو ضرعها أو أليتها" أو أذنيها وإن قل؛ لأنه بين بالنسبة إليها، وتجزئ مخلوقة بلا ضرع أو ألية أو ذنب وفارقت المخلوقة بلا أذن بأنها عضو لازم غالبًا بخلاف تلك الثلاثة، ولا يؤثر فوات خصية وقرن لأنه لا ينقص اللحم بل الخصاء يزيده، ويكره غير الأقرن، ولا يضر كسر القرن إن لم يعب اللحم وإن دمي بالكسر "و" أن "لا" يبين "شيء ظاهر من فخذها" بخلاف غير الظاهر لأنه بالنسبة إليه غير بين. "وأن لا تذهب جميع أسنانها" وإن لم يؤثر فيها نقصًا بخلاف ذاهبة أكثرها ما لم يؤثر نقصًا في الاعتلاف. "وأن ينوي التضحية بها عند الذبح أو قبله" وإن لم يستحضرها عنده وإنما يعتد بتقديمها عند تعيين الأضحية بالشخص5 أو بالنوع كنيتها بشاة من غنمه التي في ملكه لا التي سيملكها، ولا يكفي تعيينها عن النية، ويجوز أن يوكل مسلمًا مميزًا في النية والذبح، ولا يضحي أحد عن حي بلا إذنه ولا عن ميت لم يوص.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 العمش: ضعف البصر مع سيلان دمع العين في أكثر الأوقات "المعجم الوسيط: ص628".
2 رواه أبو داود في الأضاحي باب 5، والنسائي في الضحايا باب 5-7، وابن ماجه في الأضاحي باب 8، والدارمي في الأضاحي باب 3، ومالك في الضحايا حديث 1، وأحمد في المسند "4/ 284، 289، 300، 301".
3 المبان: المنفصل.
4 ورد النهي في قول عليّ رضي الله عنه: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذنين، ولا نضحي بعوراء ولا مقابلة... إلخ" رواه أبو داود في الضحايا باب 5 "حديث 2804", والنسائي في الضحايا باب 11، وأحمد في المسند "1/ 108، 149".
5 أي أضحية مدلول عليها بذاتها، كأن يشير مثلاً إلى شاة بصفة معروفة بها من حيث اللون أو الشكل أو غير ذلك.

 

ص -309-      الشمس يوم النحر، ومضي قدر ركعتين وخطبتين ويمتد إلى آخر أيام التشريق، ويجب التصدق من لحمها نيئًا، ولا يجوز بيع شيء منها ويتصدق بجميع المنذورة، ويكره أن يزيل شيئًا من شعره أو غيره في عشر ذي الحجة حتى يضحي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"ووقت التضحية" يدخل "بعد طلوع الشمس يوم النحر" وبعد "مضي قدر ركعتين وخطبتين" خفيفات بأن يمضي من الطلوع أقل ما يجزئ من ذلك وإن لم يخرج وقت الكراهة "ويمتد" وقتها ليلا ونهارًا "إلى آخر أيام التشريق" الثلاثة بعد يوم النحر، فلو ذبح بعد ذلك أو قبله لم تقع أضحية لخبر الصحيحين:
"أول ما نبدأ به من يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر من فعل ذلك فقد أصاب سنتنا ومن ذبح قبل فإنما هو لحم قدمه لأهله وليس من النسك في شيء"1, "ويجب" في أضحية التطوع "التصدق" بشيء يقع عليه الاسم وإن قل "من لحمها" فيحرم عليه أكل جميعها لقوله تعالى في هدي التطوع ومثله أضحية التطوع: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ} أي السائل {وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36] أي المتعرض للسؤال، ويجب أن يتصدق بالجزء المذكور حال كونه "نيئًا" يملكه مسلمًا حرًّا أو مكاتبًا، والمعطي غير السيد فقيرًا أو مسكينًا فلا يكفي إعطاؤه مطبوخًا ولا قديدًا ولا جعله طعامًا ودعاؤه أو إرساله إليه لأن حقه في تملكه لا في أكله ولا تملكه غير اللحم من نحو كرش وكبد ولا تمليك ذمي كما في صدقة الفطر، فإن أكل الجميع ضمن الواجب وهو ما ينطبق عليه الاسم فيشتري بثمنه لحمًا ويحرم تمليك الأغنياء شيئًا من الأضحية لا إطعامهم ولا إهداؤه لهم، والأفضل أن يقتصر على أكل لقم ويتصدق بالباقي، ثم أكل الثلث والتصدق بالباقي، ثم أكل الثلث والتصدق بالثلث وإهداء الثلث الباقي للأغنياء، وفي هذه الصورة يثاب التضحية بالكل وعلى التصدق بالبعض. "ولا يجوز بيع شيء منها" أي من أضحية التطوع ولا إتلافه بغير البيع ولا إعطاء الجزار أجرته من نحو جلدها بل مؤنته على المالك، ولا يكره الادخار من لحمها ويحرم نقلها عن بلد التضحية. "ويتصدق" وجوبًا "بجميع المنذورة" والمعينة بنحو هذه أضحية أو عن الملتزمة في الذمة فلا يجوز له أكل شيء منها لأنه أخرج ذلك عن الواجب عليه فليس له صرف شيء منها إلى نفسه كما لو أخرج زكاته، وما أكله منها يغرم قيمته، والولد كأمه وإن حدث بعد التعيين أو انفصل منها بعد الذبح فحيث كانت واجبة لم يجز الأكل منه إلا ولد الواجبة المعينة ابتداء، وحيث كان تطوعًا كان كأضحية أخرى فلا بد من التصدق بجزء منه كأمه. "ويكره" لمريد التضحية "أن يزيل شيئًا من شعره أو غيره" كظفره وسائر أجزاء بدنه "في عشر ذي الحجة حتى يضحي" ولو الأولى لمن أراد التعدد للنهي عنه في مسلم2 والمعنى فيه شمول المغفرة لجميع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه البخاري في العيدين باب 8 و10، والأضاحي باب 1 و11، ومسلم في الأضاحي حديث 7، والنسائي في العيدين باب 8, وأحمد في المسند "4/ 232، 303".
2 روى مسلم في الأضاحي حديث 41 عن أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: $"إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره".

 

ص -310-      فصل: "في العقيقة"
والعقيقة سنة كالأضحية، ووقتها من الولادة إلى البلوغ، ثم يعق عن نفسه، والأفضل في اليوم السابع، فإن لم يذبح فيه ففي الرابع عشر وإلا ففي الحادي والعشرين، والأكمل شاتان للذكر وأن لا يكسر عظمها، وأن يتصدق به مطبوخًا وبحلو، والإرسال أكمل وحلق شعره بعد الذبح، والتصدق بزنته ذهبًا ثم فضة وتحنيكه بتمر ثم حلو، ويكره تلطيخ رأسه بالدم ولا بأس بالزعفران.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أجزائه، وتمتد الكراهة بامتداد تأخير التضحية، فإن أخرها عن أيام التشريق زالت الكراهة.
فصل: في العقيقة
وهي لغة: شعر رأس المولود، وشرعًا: ما يذبح عند حلق شعر رأسه، والأصل فيها ما صح من قوله صلى الله عليه وسلم:
"الغلام مرتهن بعقيقته"1 ومعناه ما ذهب إليه أحمد كجماعة أنه لم يعق عنه لم يشفع في والديه يوم القيامة.
"والعقيقة سنة" مؤكدة للخبر السابق وغيره، والمخاطب بها من عليه نفقة الولد، فليس للولي فعلها من مال ولده لأنها تبرع فإن فعل ضمن، ولا تخاطب بها الأم إلا عند إعسار الأب، وهي "كالأضحية" في سنها وجنسها وسلامتها مما يمنع الإجزاء وفي فضلها والأكل منها والتصدق والإهداء والادخار وقدر المأكول، وفي امتناع نحو البيع والتعين بالتعيين واعتبار النية ووقتها في غير ذلك، نعم لا يجب التمليك من لحمها نيئًا "ووقتها من الولادة" بالنسبة للموسر عندها "إلى البلوغ" فإن أعسر نحو الأب في السبعة لم يؤمر بها إن أيسر بعد مدة النفاس وإلا أمر بها. "ثم" بعد البلوغ يسقط الطلب عن نحو الأب والأحسن حينئذ أنه "يعق عن نفسه" تداركًا لما فات وخبر أنه صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد النبوة باطل وإن رواه البيهقي "والأفضل" ذبحها "في اليوم السابع" من الولادة فيدخل يومها في الحساب، ويسن أن يعق عمن مات بعد التمكن من الذبح وإن مات قبل السابع "فإن لم يذبح فيه ففي الرابع عشر وإلا ففي الحادي والعشرين" وهكذا في الأسابيع، وقيل إذا تكررت السبعة ثلاث مرات فات وقت الاختيار، وكلام المصنف يومئ إليه. وإنما يجزئ في العقيقة شاة بصفة الأضحية كما مر سواء الذكر والأنثى "و" لكن "الأكمل شاتان" متساويتان "للذكر" ويحصل بالواحدة فيه أصل السنة لما صح: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعق عن الغلام بشاتين متساويتين وعن الجارية بشاة"2 والخنثى كالأنثى وسبع البدنة أو البقرة كشاة "و" السنة "أن لا يكسر عظمها" ما أمكن سواء العاق والآكل تفاؤلا بسلامة أعضاء الولد. "وأن يتصدق به مطبوخًا و" أن يطبخ "بحلو"

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه الترمذي في الأضاحي باب 21 "حديث 1522" والبيهقي في السنن الكبرى "9/ 303" والحاكم في المستدرك "4/ 237" والطبراني في الكبير "7/ 242".
2 رواه ابن ماجه في الذبائح باب 1، وأحمد في المسند "6/ 158، 251".

 

ص -311-      فصل: "في محرمات تتعلق بالشعر ونحوه
ويحرم تسويد الشيب، ووصل الشعر، وتفليج الأسنان، والوشم، والحناء للرجل بلا حاجة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تفاؤلا بحلاوة أخلاق المولود ولا يكره طبخها بحامض "والإرسال" بالمطبوخ إلى الفقراء "أكمل" من ندائهم إليها لأنه أرفق بهم. "و" يسن "حلق شعره بعد الذبح" كما في الحج وأن يكون كالتسمية يوم السابع "و" يسن "التصدق بزنته" أي شعر رأسه "ذهبًا ثم" إن لم يتيسر أو لم يفعل تصدق بزنته "فضة" لما صح من أمره صلى الله عليه وسلم فاطمة رضي الله عنها بزنة شعر الحسين رضي الله عنه والتصدق بوزنه فضة1 لأنها المتيسرة حينئذ، وإعطاء القابلة رجل العقيقة، وقيس بالفضة الذهب بالأولى وبالذكر الأنثى. "و" يسن "تحنيكه بتمر" ثم رطب "ثم حلو يمضغه" ويدلك به حنكه حتى يصل منه شيء إلى جوفه للاتباع، وينبغي أن يكون المحنك له من أهل الخير. "ويكره تلطيخ رأسه" أي المولود "بالدم" لأنه فعل الجاهلية وإنما لم يحرم لأنه قيل بندبه لخبر فيه2 "ولا بأس" بتلطيخه "بالزعفران" والخلوق3 بل يندب كما في المجموع لحديث فيه4.
فصل: في محرمات تتعلق بالشعر ونحوه
"ويحرم تسويد الشيب" ولو للمرأة إلا للمجاهد إرهابًا للعدو. "و" يحرم "وصل الشعر وتفليج5 الأسنان والوشم6" "لأنه صلى الله عليه وسلم لعن فاعل ذلك والمفعول به"7 "و" تحرم "الحناء للرجل" والخنثى "بلا حاجة والله أعلم" لما فيه من التشبه بالنساء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه الحاكم في المستدرك.
2 روى أبو داود في الضحايا باب 20 "حديث 2838" عن سمرة بن جندب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"كل غلام رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى".
3 الخلوق: ضرب من الطيب أعظم أجزائه الزعفران "المعجم الوسيط: ص252".
4 روى أبو داود في الضحايا باب 20 "حديث 2843" عن بريدة قال: "كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها، فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران".
5 فلجت المرأة أسنانها: فرقت بينها للزينة. "المعجم الوسيط: ص699".
6 الوشم: ما يكون من غرز إبرة في البدن وذر النيلج عليه حتى يزرق أثره أو يخضر "المعجم الوسيط: ص1035".
7 حديث لعن الواشمة والمستوشمة... إلخ, رواه البخاري في البيوع باب 25 و113، وتفسير سورة 59 باب 4، والطلاق باب 51، واللباس باب 82-87 و96. ومسلم في اللباس حديث 119 و120.

 

ص -312-      ........................................

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تتمة: يسن أن يحسن الاسم، وأفضل الأسماء عبد الله وعبد الرحمن وأصدقها الحارث وأقبحها حرب ومرة لخبر مسلم1 وأبي داود2 بذلك، وحكمة تسميته صلى الله عليه وسلم ولده إبراهيم ذكرتها في شرح الإرشاد، وتكره الأسماء القبيحة وما يتطير بنفيه عادة كنجيح وبركة وكليب وحرب ومرة وشهاب وحمار وأفلح ويسار ورباح ونفاع ونحو ست الناس أو العلماء أشد كراهة، وتحرم بملك الأملاك وشاهنشاه3 وأقضى القضاة، قال القاضي أبو الطيب4: وبقاضي القضاة. ويندب تغيير القبيح وما يتطير بنفيه، ويندب لولده وتلميذه وغلامه أن لا يسميه باسمه، وأن يكنى أهل الفضل الرجال والنساء وإن لم يكن لهم ولد، وأن تكون التكنية بأكبر أولاده، ويحرم التكني بأبي القاسم لمن اسمه محمد وغيرها في زمنه صلى الله عليه وسلم وبعده، ولا يكنى نحو فاسق ومبتدع إلا لنحو خوف فتنة أو تعريف كأبي لهب، والأدب أن لا يكني نفسه مطلقًا إلا إن اشتهر بكنية ولم يعرف بغيرها، ويحرم تلقيبه بما يكره إن عرف بغيره وإن كان فيه5، ويسن أن يؤذن في أذن الولد اليمنى وأن يقام في اليسرى للاتباع6، ولأنه يمنع ضرر أم الصبيان كما ورد: أي التابعة من الجن؛ وأن يقرأ في أذنه اليمنى سورة الإخلاص للاتباع، وأن يقول في أذنه ولو ذكرا: "إني أعيذها -أي النسمة- بك وذريتها من الشيطان الرجيم".
أعاذنا الله منه ولا جعل له علينا سلطانًا آمين، والحمد لله رب العالمين أولًا وآخرًا وظاهرًا وباطنًا، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وذريته وسلم كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
هذا آخر ما أردت تسويده على هذا المختصر، ورأيت في بعض نسخه أن مؤلفه وصل فيه إلى قريب من نصف الكتاب وإنما لم أكتب عليه لأنه لم يصح عندي أن المصنف بيض

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه في الآداب "حديث 2" عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن".
2 رواه في الأدب باب 61 "حديث 4950" عن أبي وهب الجشمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"تسموا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن وأصدقها حارث وهمام وأقبحها حرب ومرة".
3 أي ملك الأملاك.
4 هو القاضي أبو الطيب الطبري. وقد تقدم التعريف به صفحة 145 حاشية 3.
5 أي وإن كان فيه تلك الصفة الملقب بها كالأعرج والأعور والأعمش وغيرها.
6 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى لم تضره أم الصبيان" ذكره الزبيدي في إتحاف السادة المتقين "5/ 86" والعراقي في المغني عن حمل الأسفار "2/ 55" والألباني في السلسلة الضعيفة "321" وابن عدي في الكامل في الضعفاء "6/ 2656" وابن تيمية في الكلم الطيب "311" وابن السني في عمل اليوم والليلة "617" والنووي في الأذكار "253".

 

ص -313-      ......................................

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلى ذلك المحل، وإنما الذي في نسخ الكتاب المعتمدة الوصول فيه إلى هذا المحل، على أنه بلغني أن له مختصرات متعددة فلعله قصد تكميل بعضها فلم يتم له. وأسأل الله تعالى من فضله أن ييسر لي إتمام ذلك متنًا تكميلا لما وجد وشرحًا للجميع إنه جواد كريم رؤوف رحيم، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وكان الفراغ منه بعد الظهر خامس عشر ذي القعدة سنة أربع وأربعين وتسعمائة بمنزلي بمكة المشرفة في المحل المسمى بالحريرة القريب من سوق الليل، وأنا أسأل الله تعالى وأتوجه إليه بحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم أن يتفضل عليّ بما أحبه من الخير، وأن يجيرني من فتنه ومحنه إلى أن ألقاه وهو راض عني إنه لا يردّ من اعتمد عليه ولجأ في سائر أموره إليه، وصلى الله عليه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام، وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين.
تم الكتاب بعود الله تعالى

 

ص -315-      فهرس المحتويات:
3 ترجمة مؤلف "المقدمة الحضرمية"
4 ترجمة ابن حجر الهيتمي مؤلف "المنهاج القويم"
7 خطبة الكتاب
11 باب أحكام الطهارة
13 فصل في الماء المكروه
13 فصل في الماء المستعمل
14 فصل في الماء النجس ونحوه
17 فصل في الاجتهاد
18 فصل في الأواني
20 فصل في خصال الفطرة
23 فصل في الوضوء
27 فصل في سنن الوضوء
33 فصل في مكروهات الوضوء
33 فصل في شروط الوضوء وبعضها شروط النية
34 فصل في المسح على الخفين
36 فصل في نواقض الوضوء
38 فصل فيما يحرم بالحدث
39 فصل فيما يندب له الوضوء
40 فصل في آداب قاضي الحاجة
45 فصل في الاستنجاء
47 فصل في موجب الغسل

 

ص -316-      49 فصل في صفات الغسل
51 فصل في مكروهاته
52 باب النجاسة وإزالتها
55 فصل في إزالة النجاسة
59 باب التيمم
61 فصل في شروط التيمم
63 فصل في أركان التيمم
64 فصل في الحيض والاستحاضة والنفاس
66 فصل في المستحاضة
68 باب الصلاة
70 فصل في مواقيت الصلاة
74 فصل في الاجتهاد في الوقت
75 فصل في الصلاة المحرمة من حيث الوقت
77 فصل في الأذان
85 باب صفة الصلاة
96 فصل في سنن الصلاة
101 فصل في سنن الركوع
101 فصل في سنن الاعتدال
103 فصل في سنن السجود
104 فصل في سنن الجلوس بين السجدتين
105 فصل في سنن التشهد
108 فصل في سنن السلام
109 فصل في سنن بعد الصلاة وفيها
111 فصل في شروط الصلاة
123 فصل في مكروهات الصلاة
127 فصل في سترة المصلي
128 فصل في سجود السهو

 

ص -317-      133 فصل في سجود التلاوة
135 فصل في سجود الشكر
136 فصل في صلاة النفل
144 فصل في صلاة الجماعة وأحكامها
148 فصل في أعذار الجمعة والجماعة
150 فصل في شروط القدوة
153 فصل فيما يعتبر بعد توفر الشروط السابقة
161 فصل في بيان إدراك المسبوق الركعة
162 فصل في صفات الأئمة المستحبة
167 فصل فيما يتحقق به السفر
169 فصل في بقية شروط القصر ونحوه
170 فصل في الجمع بالسفر والمطر
172 باب صلاة الجمعة
173 باب صلاة المسافر
178 فصل في بعض سنن الخطبة وصلاة الجمعة
180 فصل في سنن الجمعة
185 باب صلاة الخوف
187 فصل في اللباس
190 باب صلاة العيدين
194 فصل في توابع ما مر
195 باب صلاة الكسوف للشمس والقمر
199 فصل في توابع ما مر
201 فصل في تارك الصلاة
202 باب الجنائز
205 فصل في بيان غسل الميت وما يتعلق به
208 فصل في الكفن
212 فصل في أركان الصلاة على الميت وما يتعلق بها

 

ص -318-      215 فصل في الدفن
216 كتاب الزكاة
218 فصل في واجب البقر
219 فصل في زكاة الغنم
219 فصل في بعض ما يتعلق بما مر
220 فصل في شروط زكاة الماشية
222 باب زكاة النبات
224 فصل في واجب ما ذكر وما يتبعه
226 باب زكاة النقد
231 فصل في زكاة الفطر
234 فصل في النية في الزكاة وفي تعجيلها
240 فصل في صدقة التطوع
240 باب زكاة النقد
243 كتاب الصيام
249 فصل فيمن يجب عليه الصوم
250 فصل فيما يبيح الفطر
251 فصل في سنن الصوم
257 فصل في الجماع في رمضان وما يجب به
259 فصل في الفدية الواجبة بدلا عن الصوم وفيمن تجب عليه
266 باب الاعتكاف
268 فصل فيما يبطل الاعتكاف وفيما يقطع التتابع
270 كتاب الحج
274 فصل في المواقيت
276 فصل في بيان أركان الحج والعمرة
276 فصل في بيان الإحرام
279 فصل في سنن تتعلق بالنسك
281 فصل في واجبات الطواف وسننه

 

ص -319-      285 فصل في السعي
286 فصل في الوقوف
288 فصل في الحلق
288 فصل في واجبات الحج
289 فصل في بعض سنن المبيت والرمي وشروطه
293 فصل في أوجه أداء النسكين
294 فصل في دم الترتيب والتقدير
295 فصل في محرمات الإحرام
303 فصل في موانع الحج
306 باب الأضحية
310 فصل في العقيقة
311 فصل في محرمات تتعلق بالشعر ونحوه