الوسيط في المذهب

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَاب الرَّابِع فى الْغسْل وَالنَّظَر فى مُوجبه وكيفيته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
النّظر الأول فى الْمُوجب وَهِي أَرْبَعَة

الأول الْحيض وَالنّفاس وَسَيَأْتِي حكمهمَا فى موضعهما
الثَّانِي الْمَوْت وَسَيَأْتِي فى الْجَنَائِز
الثَّالِث الْولادَة فَإِذا انْفَصل الْوَلَد دون النّفاس فَالْأَصَحّ وجوب الْغسْل لِأَنَّهُ إِذا أوجب بِخُرُوج المَاء وَهُوَ أصل الْوَلَد فبأن يجب بِنَفس الْوَلَد أولى

(1/337)


وَقيل إِنَّه لَا يجب لِأَن الْأَحْدَاث لَا تثبت قِيَاسا
الرَّابِع الْجَنَابَة وَهِي الْمَقْصُودَة بِالذكر وَيحصل بالتقاء الختانين وَخُرُوج الْمَنِيّ قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا إِذا التقى الختانان فقد وَجب الْغسْل فعلته أَنا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاغتسلنا ونعني بالالتقاء التحاذي فَإِن ختان الْمَرْأَة

(1/338)


فَوق المنفذ يُقَال التقى الفارسان إِذا تحاذيا
ثمَّ لَيْسَ الْمَقْصُود الْخِتَان فَلَو قطعت الْحَشَفَة فغيب مثل الْحَشَفَة كفى وَكَذَلِكَ إِذا ولج فِي فرج ميت أَو بَهِيمَة أَو فِي غير المأتى وَلَا ختان فِيهِ وَفِي وجوب إِعَادَة غسل الْمَيِّت إِذا أولج فِيهِ خلاف

(1/339)


أما خُرُوج الْمَنِيّ فموجب الْغسْل وَصفته أَنه أَبيض ثخين دفاق يخرج

(1/340)


بدفعات وشهوة ويعقب خُرُوجه فتور وتشبه رائحتة رَائِحَة الطّلع
فَلَو فقد من هَذِه الصِّفَات التَّلَذُّذ بِخُرُوجِهِ بِأَن يخرج بِمَرَض وَجب الْغسْل خلافًا لأبي حنيفَة وَكَذَا إِن خرج بعد الْغسْل من بقيه الأول خلافًا لمَالِك لِأَن بَقِيَّة الصِّفَات معرفَة كَونه منيا وَكَذَا لَو خرج على لون الدَّم لاستكثار الْجِمَاع وَجب الْغسْل
فخواصه ثَلَاث التَّلَذُّذ ورائحة الطّلع والتدفق بدفعات فَإِن وجد وَاحِد من هَذِه الصِّفَات كفى
فَلَو تنبه من النّوم وَوجد رَائِحَة الطّلع من البلل لزمَه الْغسْل وَإِن لم ير إِلَّا

(1/341)


الثخانة وَالْبَيَاض فَلَا يلْزمه لِأَنَّهُ مثل الودي فَإِن كَانَ الودي لَا يَلِيق بطبع صَاحب الْوَاقِعَة أَو تذكر فى النّوم نشاطا وتلذذ فَهُوَ غَالب ظن يحْتَمل أَن يطْرَح كَمَا فى الْأَحْدَاث وَيحْتَمل أَن يخرج على الْخلاف فى النَّجَاسَات إِذا قَابل الْغَالِب الأَصْل لِأَن الْمَنِيّ مجَال العلامات كالنجاسات
وَأما الْمَرْأَة فمنيها أصفر رَقِيق وَلَا يعرف فى حَقّهَا إِلَّا من الشَّهْوَة فَإِذا تلذذت لخُرُوج المَاء اغْتَسَلت لما رُوِيَ أَن إم سليم إم أنس بن مَالك

(1/342)


قَالَت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل على إحدانا غسل إِذا هِيَ احْتَلَمت فَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فضحت النِّسَاء فَضَحِك الله أَو تحتلم الْمَرْأَة فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة

(1/343)


وَالسَّلَام تربت يَمِينك فمم الشّبَه إِذن إِذا سبق مَاء الرجل مَاء الْمَرْأَة نزع الْوَلَد إِلَى أَعْمَامه وَإِذا سبق مَاء الْمَرْأَة مَاء الرجل نزع الْوَلَد إِلَى أَخْوَاله ثمَّ قَالَ لإم سليم نعم عَلَيْهَا الْغسْل إِذا رَأَتْ المَاء
فَأَما إِذا خرج مني الرجل من الْمَرْأَة بعد أَن اغْتَسَلت فَلَا يلْزمهَا الْغسْل إِلَّا إِذا كَانَت قَضَت وطرها فيغلب اخْتِلَاط منيها بِهِ فَيجب الْغسْل بِحكم الْغَالِب وَهَذَا يدل على أَن لغَلَبَة الظَّن أثرا
النّظر الثَّانِي فى كَيْفيَّة الْغسْل

وَأَقل واجبه أَمْرَانِ

(1/344)


أَحدهمَا النِّيَّة فَإِن نوى اسْتِبَاحَة الصَّلَاة أَو رفع الْجَنَابَة أَو قِرَاءَة الْقُرْآن كفى وَإِن نوى رفع الْحَدث مُطلقًا فَالصَّحِيح جَوَازه وَإِن نَوَت الْحَائِض بغسلها اسْتِبَاحَة الْوَطْء جَازَ وَقيل لَا لِأَن الْوَطْء مُوجب للْغسْل
وَالثَّانِي الِاسْتِيعَاب فَلَا يجب فِيهَا الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق خلافًا لأبي حنيفَة

(1/345)


وَيجب إِيصَال المَاء إِلَى منابت الشُّعُور وَإِن كثفت وَنقض الضفائر إِن كَانَ المَاء لَا يصل إِلَى بَاطِنهَا دون النَّقْض كَقَوْلِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بلوا الشّعْر وانقوا الْبشرَة فَإِن كل تَحت شَعْرَة جَنَابَة
أما الْأَكْمَل فَيُسْتَحَب فِيهِ سِتَّة أُمُور

الأول أَن يغسل أَولا مَا على بدنه من أَذَى ونجاسة إِن كَانَت

(1/346)


الثَّانِي أَن يتَوَضَّأ بعد ذَلِك وضوءه للصَّلَاة وَإِن لم يكن مُحدثا وَيتَصَوَّر ذَلِك بتغيب الْحَشَفَة مَعَ حَائِل أَو بسبق الْمَنِيّ على الطَّهَارَة وَهل يُؤَخر غسل الرجلَيْن فِي وضوئِهِ إِلَى آخر الْغسْل فِيهِ قَولَانِ لاخْتِلَاف الرِّوَايَتَيْنِ عَن فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(1/347)


الثَّالِث يتعهد معاطف بدنه ومنابت شعوره بعد وضوءه ثمَّ يفِيض المَاء على رَأسه ثمَّ على ميامنه ثمَّ على مياسره
الرَّابِع التّكْرَار ثَلَاثًا كَمَا فى الْوضُوء وَالْأَظْهَر أَن تَجْدِيد الْغسْل لَا يسْتَحبّ فَإِنَّهُ لَا يَنْضَبِط بِخِلَاف الْوضُوء

(1/348)


وَفِيه وَجه
الْخَامِس إِذا اغْتَسَلت من الْحيض فَيُسْتَحَب لَهَا أَن تسْتَعْمل فرْصَة من مسك إمَاطَة للرائحة

(1/349)


أَو مَا يقوم مقَامه فَإِن لم تَجِد فالماء كَاف
السَّادِس الدَّلْك وَهُوَ مُسْتَحبّ
وَمَاء الْغسْل وَالْوُضُوء غير مُقَدّر وَقد يرفق بِالْقَلِيلِ فَيَكْفِي ويخرق بالكثير فَلَا يَكْفِي

(1/350)