الوسيط في المذهب

= كتاب التَّدْبِير=

(7/493)


وَالنَّظَر فِي أَرْكَانه وَأَحْكَامه
الأول فِي الْأَركان وَهُوَ اثْنَان الصِّيغَة والأهل أما الْمحل فَلَا يخفى
الرُّكْن الأول الصِّيغَة وَهِي أَن يَقُول إِذا مت فَأَنت حر أَو دبرتك أَو أَنْت مُدبر وَحكمه أَنه يعْتق إِن وَفِي الثُّلُث بِهِ بعد قَضَاء الدُّيُون وَفِيه مسَائِل
الأولى أَن لفظ التَّدْبِير صَرِيح نَص عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَشْهُور فِي اللُّغَة لهَذَا الْمَعْنى وَورد الشَّرْع بتقريره وَلَفظ الْكِتَابَة يفْتَقر إِلَى النِّيَّة لِأَن اللُّغَة لَا تجعلها صَرِيحًا فِي حكمهَا الشَّرْعِيّ وَقيل فِيهَا قَولَانِ بِالنَّقْلِ والتخريج وَهُوَ ضَعِيف
الثَّانِيَة التَّدْبِير الْمُقَيد كالمطلق وَهُوَ أَن يَقُول إِن مت من مرضِي هَذَا أَو قتلت فَأَنت حر وَلَو قَالَ إِن دخلت الدَّار فَأَنت مُدبر لَا يصير مُدبرا مَا لم يدْخل الدَّار وَقد علق الْعتْق بصفتين وَلَو قَالَ إِن مت فَأَنت حر بعد موتِي بِيَوْم عتق بعد مَوته بِيَوْم وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله صَار وَصِيَّة فتحتاج إِلَى الْإِنْشَاء بعد الْمَوْت
فَلَو قَالَ شريكان إِذا متْنا فَأَنت حر فَإِذا مَاتَ أَحدهمَا لم يعْتق نصِيبه لِأَنَّهُ مُعَلّق بموتهما جَمِيعًا لَكِن صَار نصيب الآخر مُدبرا عِنْد موت صَاحبه وَقيل ذَلِك لِأَن تَدْبِير الثَّانِي مُعَلّق بِمَوْت صَاحبه والآن لم يبْق إِلَّا موت الْمَالِك وَلَكِن لَيْسَ للْوَارِث التَّصَرُّف فِي نصيب من مَاتَ أَولا لِأَنَّهُ ينْتَظر الْعتْق بِمَوْت الثَّانِي فَهُوَ كَمَا لَو قَالَ إِن دخلت الدَّار بعد موتِي فَأَنت حر لم يجز للْوَارِث بَيْعه بعد الْمَوْت كَمَا لَا يَبِيع مَال الْوَصِيَّة قبل قبُول الْمُوصى لَهُ وَلَيْسَ للْوَارِث رفع تَعْلِيق الْمَيِّت كَمَا لَيْسَ لَهُ رفع عاريته الَّتِي أضافها إِلَى مَا بعد الْمَوْت

(7/495)


الثَّالِثَة إِذا قَالَ أَنْت مُدبر إِن شِئْت فَالْمَشْهُور أَنه لَا بُد من مَشِيئَته على الْفَوْر وَفِيه وَجه آخر أَنه لَا يجب على الْفَوْر لَا هَا هُنَا وَلَا فِي تَعْلِيق الطَّلَاق إِلَّا أَن يكون الطَّلَاق على عوض
أما إِذا قَالَ أَنْت مُدبر مَتى شِئْت فَلَا يجب على الْفَوْر أصلا لَكِن يَقْتَضِي مَشِيئَته فِي حَيَاة السَّيِّد وَكَذَلِكَ لَو قَالَ إِن دخلت الدَّار فَأَنت حر لم يعْتق بِالدُّخُولِ بعد موت السَّيِّد بل مُطلق تَعْلِيقه ينزل على حَيَاته إِلَّا أَن يُصَرح وَيَقُول إِن دخلت الدَّار بعد موتِي فَأَنت حر وَكَذَلِكَ لَو قَالَ إِن شِئْت بعد موتِي فَأَنت حر فشاء بعد مَوته عتق وَلم يجب الْفَوْر بعد الْمَوْت إِلَّا أَن يرتب بفاء التعقي بفيقول إِن مت فشئت فَأَنت حر فَفِي الْفَوْر وَجْهَان يجريان فِي كل تَعْلِيق بِهَذِهِ الصِّيغَة

فرع
لَو قَالَ إِذا مت فَأَنت حر إِن شِئْت فَفِيهِ ثَلَاثَة أوجه
أَحدهَا أَنه تَكْفِي الْمَشِيئَة فِي الْحَيَاة
وَالثَّانِي أَنه يحمل على الْمَشِيئَة بعد الْمَوْت
وَالثَّالِث أَنه لَا بُد من مَشِيئَته فِي الْحَال وَأُخْرَى بعد الْمَوْت حَتَّى يحصل الْيَقِين وَلَا يعْتق بِأَحَدِهِمَا

(7/496)


وَلَو قَالَ إِن رَأَيْت الْعين فَأَنت حر وَالْعين اسْم مُشْتَرك لِأَشْيَاء فَالظَّاهِر أَنه إِذا رأى وَاحِدًا يسما عينا عتق
الرُّكْن الثَّانِي الْأَهْل وَيصِح التَّدْبِير من كل مُكَلّف مَالك غير مَحْجُور فَهَذِهِ ثَلَاثَة قيود
أما الْمُكَلف فنعني بِهِ أَنه لَا ينفذ من الْمَجْنُون وَالصَّبِيّ الَّذِي لَا تَمْيِيز لَهُ وَفِي الْمُمَيز قَولَانِ وَكَذَا فِي وَصيته لِأَنَّهُ قربَة وَلَا ضَرَر عَلَيْهِ فِيهِ
وَأما الْمَالِك فَيخرج عَلَيْهِ أَنه لَو دبر نصيب نَفسه من عبد مُشْتَرك لَا يسري إِلَى الآخر وَذكر صَاحب التَّقْرِيب فِي سرايته وَجْهَيْن وَهُوَ بعيد لِأَنَّهُ تَعْلِيق أَو وَصِيَّة لَا تلِيق بِهِ السَّرَايَة بل لَو دبر نصف عَبده لم يسر إل الْبَاقِي لَا فِي الْحَال وَلَا إِذا عتق بعد الْمَوْت لِأَنَّهُ بعد الْمَوْت مُعسر
وَأما الْمَحْجُور فَيخرج عَلَيْهِ السَّفِيه وَفِيه طَرِيقَانِ
أَحدهمَا الْقطع بنفوذه مِنْهُ
وَالثَّانِي أَنه كالمميز
وَأما الْمُرْتَد فَإِن قُلْنَا لَا يَزُول ملكه وَقد حجر عَلَيْهِ فَيخرج تَدْبيره على تَدْبِير الْمُفلس الْمَحْجُور وَإِن قُلْنَا يَزُول ملكه لم ينفذ وَإِن قُلْنَا إِنَّه مَوْقُوف فَهُوَ مَوْقُوف

(7/497)


وَلَو دبر ثمَّ ارْتَدَّ فطريقان
أَحدهمَا أَنه يخرج بُطْلَانه على أَقْوَال الْملك
وَالثَّانِي الْقطع بِأَنَّهُ لَا يبطل لِأَنَّهُ حق العَبْد مُتَعَلق بِهِ فَلَا يُمكن إِبْطَاله كَمَا لَا يبطل حق الْغُرَمَاء وَنَفَقَة الْأَقَارِب عَن مَاله
وَإِن قُلْنَا يبطل فَلَو عَاد إِلَى الْإِسْلَام فَفِي عود التَّدْبِير طَرِيقَانِ
أَحدهمَا أَنه يعود كَمَا لَو اسْتَحَالَ الْعصير الْمَرْهُون خمرًا ثمَّ صَار خلا
وَالثَّانِي أَنه يخرج على قولي عود الْحِنْث
أما إِذا مَاتَ مُرْتَدا وَقُلْنَا لَا يبطل التَّدْبِير فَينفذ إِن وفى بِهِ الثلثه وَفِيه وَجه أَنه لَا ينفذ لِأَن الْوَارِث لَا شي لَهُ من مَاله وَإِنَّمَا تنفذ الْوَصِيَّة فِي مَال يُورث وَمَاله فَيْء وَهَذَا ضَعِيف لِأَن الْفَيْء مصرفه بَيت المَال فَيعْتَبر الثُّلُث لأَجله
أما الْكَافِر الْأَصْلِيّ فَيصح تَدْبيره فَإِن نقض الْعَهْد مكن من اسْتِصْحَاب مدبره لِأَنَّهُ قن وَلَا يُمكن من مكَاتبه وَلَو أسلم مدبره فَهَل يُبَاع عَلَيْهِ فِيهِ قَولَانِ

(7/498)


أَحدهمَا نعم كالقن
وَالثَّانِي لَا نظرا للْعَبد وَلَكِن يُحَال بَينهمَا ويستكسب لَهُ كالمستولدة
وَفِي الْمكَاتب إِذا أسلم طَرِيقَانِ
أَحدهمَا أَنه كالمستولدة لَا تتباع عَلَيْهِ
وَالثَّانِي أَنه كالمدبر فَيخرج على الْقَوْلَيْنِ
النّظر الثَّانِي فِي أَحْكَامه
وَالنَّظَر فِي حكمين ارْتِفَاع التَّدْبِير وسرايته إِلَى الْوَلَد وَيرْفَع التَّدْبِير بِأُمُور خَمْسَة

الأول إِزَالَة الْملك بِبيع وَهبة جَائِر ويرتفع التَّدْبِير فِي الْحَال فَإِن عَاد إِلَى الْملك وَقُلْنَا إِن التَّدْبِير وَصِيَّة لم يعد وَإِن قُلْنَا تَعْلِيق فَيخرج على قولي عود الحنق وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله لَا يجوز إِزَالَة الْملك عَنهُ كَالْمكَاتبِ
الثَّانِي صَرِيح الرُّجُوع وَهُوَ جَائِز إِن قَالَ أعتقوه عني بعد موتِي لِأَنَّهُ وَصِيَّة وَإِن قَالَ إِذا مت فَدخلت الدَّار فَأَنت حر لم يجز صَرِيح الرُّجُوع لَكِن يجوز ازالة الْملك لِأَنَّهُ تَعْلِيق مَحْض أما إِذا قَالَ دبرتك أَو أَنْت حر بعد موتِي فَفِيهِ معنى التَّعْلِيق وَالْوَصِيَّة فَإِنَّهُ إِثْبَات حق للْعَبد فَأَيّهمَا يغلب فِيهِ قَولَانِ وَاخْتِيَار الْمُزنِيّ تَرْجِيح معنى الْوَصِيَّة وتجويز الرُّجُوع
فَإِن قُلْنَا إِنَّه وَصِيَّة حصل الرُّجُوع عَنهُ بِمَا يحصل بِهِ الرُّجُوع عَن الْوَصِيَّة حَتَّى الْعرض

(7/499)


على البيع إِلَّا الإستيلاد فَإِنَّهُ يُوَافق مُوجب التَّدْبِير فَلَا يرفعهُ وَيرْفَع الْوَصِيَّة وَلَو قَالَ بعد التَّدْبِير الْمُطلق إِذا مت فَدخلت الدَّار فَأَنت حر كَانَ رُجُوعا عَن التَّدْبِير الْمُطلق وَلَو قَالَ إِن دخلت فَأَنت حر فقد زَاده سَببا آخر للحرية فَلَا رُجُوع فَلَو كَاتبه أَو رَهنه هَل يكون رُجُوعا فِيهِ وَجْهَان وَلَو رَجَعَ عَن التَّدْبِير فِي نصفه فالباقي مُدبر وَلَو رَجَعَ عَن تَدْبِير الْحمل لم يسر الرُّجُوع إِلَى الْأُم وَلَا بِالْعَكْسِ بل يقْتَصر
الثَّالِث إِنْكَار السَّيِّد التَّدْبِير وَقد قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ القَوْل قَول السَّيِّد وَهَذَا مُشكل لوَجْهَيْنِ
أَحدهمَا أَن الْإِنْكَار رُجُوع فَأَي معنى للتحليف فَمنهمْ من قَالَ فرع الشَّافِعِي على معنى الرُّجُوع الصَّحِيح وَمِنْهُم من قَالَ الْإِنْكَار لَيْسَ بِرُجُوع بل هُوَ رفع الأَصْل فَعَلَيهِ أَن يحلف أَو يرجع فقد تحصلنا على وَجْهَيْن فِي الْإِنْكَار هَل يكون رُجُوعا وَيجْرِي فِي إِنْكَار الْوَصِيَّة أَيْضا وَأما إِنْكَار الْمُوكل فَهُوَ عزل قطعا وَمِنْهُم من طرد الْوَجْهَيْنِ وإنكار البَائِع بِشَرْط الْخِيَار لَيْسَ فسخا وَفِيه احْتِمَال وإنكارالزوج الطَّلَاق الرَّجْعِيّ لَا يكون رَجْعَة قطعا لِأَنَّهُ فِي حكم عقد فيحتاط بِاللَّفْظِ
الْإِشْكَال الثَّانِي أَن الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ نَص على أَن الدَّعْوَى بِالدّينِ الْمُؤَجل لَا تقبل إِذْ لَا لُزُوم فِي الْحَال فَكيف تقبل دَعْوَى العَبْد فِي التَّدْبِير وَاتفقَ الْأَصْحَاب على آخر الْخلاف فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِالنَّقْلِ والتخريج فَإِن قُلْنَا تقبل دَعْوَى التَّدْبِير فَلَا يَكْفِي فِيهِ شَاهد وَامْرَأَتَانِ لِأَن مَقْصُوده الْعتْق

(7/500)


الرَّابِع مُجَاوزَة الثُّلُث فَلَو كَانَ استوفى ثلثه بتبرع قبل التَّدْبِير لم ينفذ تَدْبيره وَلَو لم يَفِ الثُّلُث إِلَّا بِبَعْضِه اقْتصر على ذَلِك الْقدر وَالتَّدْبِير وَإِن كَانَ فِي الصِّحَّة فيحسب من الثُّلُث كَالْوَصِيَّةِ لِأَنَّهُ مُضَاف إِلَى الْمَوْت أما إِذا علق على صفة فِي الصِّحَّة فَوجدت الصّفة فِي الْمَرَض فَهَل ينْحَصر فِي الثُّلُث فِيهِ قَولَانِ

فرع
لَو لم يملك إِلَّا عبدا فدبره عتق ثلثه عِنْد الْمَوْت فَلَو كَانَ لَهُ مَال غَائِب فَهَل ينجز الْعتْق فِي الثُّلُث فِيهِ قَولَانِ
أَحدهمَا نعم لِأَن الْغَائِب لَا يزِيد على الْمَعْدُوم فَقدر الثُّلُث مستيقن بِكُل حَال
وَالثَّانِي لَا لِأَن العَبْد لَو تسلط على ثلث نَفسه للَزِمَ تسليط الْوَرَثَة على ثُلثَيْهِ فَكيف يُسَلط ويتوقع عتق الثُّلثَيْنِ بِرُجُوع المَال وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوص وَالْأول مخرج وَالْقَوْلَان جاريان فِي الْوَصِيَّة بِمَال إِذا كَانَ لَهُ مَال غَائِب أَن الْمُوصى لَهُ هَل يسلم إِلَيْهِ الثُّلُث الْحَاضِر فِي الْحَال وَكَذَلِكَ لَو كَانَ لَهُ دين على أحد ابنيه لَا مَال لَهُ غَيره فَهَل يبرأ عَن نصيب نَفسه قبل تَسْلِيم نصيب أَخِيه فِيهِ قَولَانِ
الْخَامِس إِذا جنى الْمُدبر بيع فِيهِ فَإِن فدَاه السَّيِّد بَقِي التَّدْبِير وَإِن بَاعَ بعضه فالباقي مُدبر وَإِن مَاتَ قبل الْفِدَاء وَالثلث واف بِالْأَرْشِ وَالْعِتْق وَجب على الْوَارِث فداؤه ليعتق وَفِيه قَول أَنه لَا يجب بِنَاء على أَن أرش الْجِنَايَة يمْنَع نُفُوذ الْعتْق وَفِيه خلاف
النّظر الثَّانِي فِي الْوَلَد وَفِيه مسَائِل
الأولى ولد الْمُدبرَة من زنا أَو نِكَاح هَل يسري إِلَيْهِ التَّدْبِير فِيهِ قَولَانِ
أَحدهمَا أَنه يسري كالإستيلاد

(7/501)


وَالثَّانِي لَا كَالْوَصِيَّةِ
لَو علق عتقهَا بِالدُّخُولِ فَفِي سرَايَة التَّعْلِيق إِلَى وَلَدهَا قَولَانِ نَص عَلَيْهِمَا فِي الْكَبِير فَإِن قُلْنَا يسري فَمَعْنَاه أَنه إِن دخل أَيْضا عتق وَلَا يعْتق بِدُخُول الْأُم لِأَن هَذَا سرَايَة عتق لَا سرَايَة تَعْلِيق وَمِنْهُم من قَالَ مَعْنَاهُ أَن يعْتق بِدُخُول الْأُم
ثمَّ إِذا سرينا التَّدْبِير كَانَ كَمَا لَو دبرهما مَعًا حَتَّى لَا يكون الرُّجُوع عَن أَحدهمَا رُجُوعا عَن الآخر وَلَو لم يَفِ الثُّلُث بهما أَقرع بَينهمَا وَفِيه وَجه أَنه يقسم الْعتْق عَلَيْهِمَا إِذْ يبعد أَن تخرج الْقرعَة على الْوَلَد فَيعتق دون الأَصْل وَهَذَا ضَعِيف فَإِنَّهُ صَار مُسْتقِلّا بعد السَّرَايَة وَكَذَلِكَ لَو مَاتَت الْأُم بَقِي مُدبرا أما ولد الْمُدبر فَلَا يتبعهُ بل يتبع الْأُم الرقيقة أَو الْحرَّة
الثَّانِيَة إِذا مَاتَ السَّيِّد وَهِي حَامِل عتق مَعهَا الْجَنِين بِالسّرَايَةِ وَلَو كَانَت حَامِلا حَال التَّدْبِير فَهَل يسري التَّدْبِير الْمُضَاف إِلَى الْأُم إِلَى الْجَنِين فِيهِ وَجْهَان فعلى هَذَا لَو تبرع الْوَارِث بِالْفِدَاءِ وَعتق فَالْولَاء للْمَيت إِن قُلْنَا إِن إجَازَة الْوَرَثَة لَيْسَ بابتداء عَطِيَّة

فرع
الْمُدبر الْمُشْتَرك إِذا أعتق أَحدهمَا نصِيبه هَل يسري إِلَى الآخر فِيهِ قَولَانِ أقيسهما أَنه يسري
وَالثَّانِي لَا لِأَن الثَّانِي اسْتحق الْعتَاقَة من نَفسه
وَهَذَا يضاهي قَوْلنَا إِذا أصدقهَا عبدا فدبرته لم ينشطر بِالطَّلَاق كَيْلا يبطل غرضها من التَّدْبِير
فَإِن قُلْنَا لَا يسري فَرجع عَن التَّدْبِير فَهَل يسري الْآن وَجْهَان وَجه قَوْلنَا لَا يسري أَنه لم يسر فِي الْحَال فَلَا يسري بعده كَمَا لَو ظن الْيَسَار فَإِن قُلْنَا يسري فيسري فِي الْوَقْت أَو تتبين السَّرَايَة من الأَصْل فِيهِ وَجْهَان
أَحدهمَا نعم كَمَا يسري إِلَيْهِ البيع

(7/502)


وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ أدرج فِي البيع لِأَن استثناءه يبطل البيع
فرع لَو دبر الْحمل دون الْأُم صَحَّ وَاقْتصر عَلَيْهِ فَلَو بَاعَ الْأُم وَنوى الرُّجُوع صَحَّ البيع وَدخل فِيهِ الْجَنِين وَإِن لم ينْو الرُّجُوع فَكَأَنَّهُ اسْتثْنى الْحمل
الثَّالِثَة لَو تنَازعا فَقَالَت ولدت بعد التَّدْبِير فَتَبِعَنِي على قَول السَّرَايَة وَقَالَ السَّيِّد بل قبله فَالْقَوْل قَول السَّيِّد لِأَن الأَصْل بَقَاء ملكه
وعَلى قَوْلنَا لَا يسري لَو نازعت الْوَارِث وَقَالَت ولدت بعد الْمَوْت فَهُوَ حر وَقَالَ الْوَارِث بل قبله فَالْقَوْل قَول الْوَارِث
وَلَو كَانَ فِي يَد الْمُدبر مَال فَقَالَ الْوَارِث هُوَ من كسبك قبل الْمَوْت وَقَالَ بل بعده فَالْقَوْل قَول الْمُدبر لِأَن الْملك فِي يَده بِخِلَاف الْوَلَد فَإِنَّهُ لَا يَد لَهَا عَلَيْهِ وَهِي تَدعِي حُرِّيَّته

(7/503)