جواهر العقود ومعين القضاة والموقعين والشهود

كتاب السّلم

وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام
السّلم: جَائِز
وَالْأَصْل فِي جَوَازه: الْكتاب وَالسّنة وَالْقِيَاس
أما الْكتاب: فَقَوله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا تداينتم بدين إِلَى أجل مُسَمّى فاكتبوه وليكتب بَيْنكُم كَاتب بِالْعَدْلِ وَلَا يأب كَاتب أَن يكْتب كَمَا علمه الله فليكتب وليملل الَّذِي عَلَيْهِ الْحق وليتق الله ربه وَلَا يبخس مِنْهُ شَيْئا فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحق سَفِيها أَو ضَعِيفا أَو لَا يَسْتَطِيع أَن يمل هُوَ فليملل وليه بِالْعَدْلِ واستشهدوا شهيدين من رجالكم فَإِن لم يَكُونَا رجلَيْنِ فَرجل وَامْرَأَتَانِ مِمَّن ترْضونَ من الشُّهَدَاء أَن تضل إِحْدَاهمَا فَتذكر إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى وَلَا يأب الشُّهَدَاء إِذا مَا دعوا وَلَا تسأموا أَن تكتبوه صَغِيرا أَو كَبِيرا إِلَى أَجله ذَلِكُم أقسط عِنْد الله وأقوم للشَّهَادَة وَأدنى أَلا ترتابوا إِلَّا أَن تكون تِجَارَة حَاضِرَة تديرونها بَيْنكُم فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَلا تكتبوها وَأشْهدُوا إِذا تبايعتم وَلَا يضار كَاتب وَلَا شَهِيد وَإِن تَفعلُوا فَإِنَّهُ فسوق بكم وَاتَّقوا الله ويعلمكم الله وَالله بِكُل شَيْء عليم} وَقَالَ ابْن عَبَّاس: (أشهد أَن السّلف الْمَضْمُون إِلَى أجل أَجله الله فِي كِتَابه وَأذن فِيهِ فَقَالَ تَعَالَى الْآيَة) {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا تداينتم بدين}
وَأما السّنة: فروى الشَّافِعِي بِإِسْنَادِهِ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وهم يسلفون فِي الثَّمر السّنة وَرُبمَا قَالَ: السنتين وَالثَّلَاث فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من أسلف فِي شَيْء فليسلف فِي كيل مَعْلُوم وَوزن مَعْلُوم إِلَى أجل مَعْلُوم)
وَالسَّلَف: يَقع على الْقَرْض وعَلى السّلم
وَهُوَ أَن يسلف عوضا خَاصّا فِي عوض مَوْصُوف فِي الذِّمَّة وَالْمرَاد بالْخبر: هُوَ السّلم
لِأَن الْقَرْض يثبت بِمثلِهِ حَالا
فَلَا يحْتَاج إِلَى تَقْدِير أجل
وَأما الْقيَاس: فَلِأَن البيع يشْتَمل على ثمن ومثمن
فَإِذا جَازَ أَن يثبت الثّمن فِي الذِّمَّة جَازَ أَن يثبت الْمُثمن فِي الذِّمَّة وَلِأَن بِالنَّاسِ حَاجَة إِلَى جَوَاز السّلم لِأَن أَرْبَاب الثِّمَار قد يَحْتَاجُونَ إِلَى مَا يُنْفقُونَ على تَكْمِيل ثمارهم وَرُبمَا أعوزتهم النَّفَقَة فجوز لَهُم السّلف ليرتفقوا بذلك ويرتفق بِهِ الْمُسلم إِلَيْهِ فِي الاسترخاص

(1/114)


سمي (سلما) لتسليم رَأس المَال فِي الْمجْلس
و (سلفا) لتقديم رَأس المَال
وَفِي حد السّلم عِبَارَات أحْسنهَا: أَنه عقد على مَوْصُوف فِي الذِّمَّة وَقيل: تَسْلِيم عَاجل فِي عوض لَا يجب تَعْجِيله

الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب
: اتّفق الْأَئِمَّة على جَوَاز السّلم الْمُؤَجل وَهُوَ السّلف وعَلى أَنه يَصح بِشُرُوط سِتَّة: أَن يكون فِي مَعْلُوم بِصفة مَعْلُومَة وَمِقْدَار مَعْلُوم وَأجل مَعْلُوم وَمَعْرِفَة مِقْدَار رَأس المَال وتسليمه فِي الْمجْلس
وَزَاد أَبُو حنيفَة شرطا سابعا وَهُوَ تَسْمِيَة مَكَان التَّسْلِيم إِذا كَانَ لحمله مُؤنَة
وَهَذَا السَّابِع لَازم عِنْد بَاقِي الْأَئِمَّة وَلَيْسَ بِشَرْط
وَاتَّفَقُوا على جَوَاز السّلم فِي المكيلات والموزونات والمذروعات الَّتِي تضبط بِالْوَصْفِ
وَاتَّفَقُوا على جَوَازه فِي المعدودات الَّتِي تَتَفَاوَت كالرمان والبطيخ
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز السّلم فِيهِ
لَا وزنا وَلَا عددا
وَقَالَ مَالك: يجوز مُطلقًا
وَقَالَ الشَّافِعِي: يجوز وزنا
وَلأَحْمَد رِوَايَتَانِ أشهرهما: الْجَوَاز مُطلقًا عددا
وَقَالَ أَحْمد: مَا أَصله الْكَيْل لَا يجوز السّلم فِيهِ وزنا
وَمَا أَصله الْوَزْن: لَا يجوز السّلم فِيهِ كَيْلا
وَيجوز السّلم حَالا ومؤجلا عِنْد الشَّافِعِي
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد: لَا يجوز السّلم حَالا
وَلَا بُد فِيهِ من أجل وَلَو أَيَّامًا يسيرَة
وَيجوز السّلم فِي الْحَيَوَان من الرَّقِيق والبهائم والطيور وَكَذَلِكَ قرضه لَا الْجَارِيَة الَّتِي يحل للمقترض وَطئهَا عِنْد الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد وَجُمْهُور الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يَصح السّلم فِي الْحَيَوَان وَلَا استقراضه
وَقَالَ الْمُزنِيّ وَابْن جرير الطَّبَرِيّ: يجوز قرض الْإِمَاء اللواتي يجوز للمقترض وطئهن
وَيجوز عِنْد مَالك البيع إِلَى الْحَصاد والجداد والنيروز والمهرجان وفصح النَّصَارَى
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: لَا يجوز وَهُوَ أظهر الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد
وَيجوز السّلم فِي اللَّحْم عِنْد الثَّلَاثَة
وَمنع مِنْهُ أَبُو حنيفَة
وَلَا يجوز السّلم فِي الْخبز عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ
وَأَجَازَهُ مَالك
وَقَالَ أَحْمد: يجوز السّلم فِي الْخبز وَفِيمَا مسته النَّار
وَيجوز السّلم فِي الْمَعْدُوم حِين عقد السّلم عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد إِذا غلب

(1/115)


على الظَّن وجوده عِنْد الْمحل
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز إِلَّا أَن يكون مَوْجُودا من حِين العقد إِلَى الْمحل
لَا يجوز السّلم فِي الْجَوَاهِر النفيسة النادرة الْوُجُود إِلَّا عِنْد مَالك
وَيجوز الِاشْتِرَاك وَالتَّوْلِيَة فِي السّلم كَمَا يجوز فِي البيع عِنْد مَالك
وَمنع مِنْهُ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد

فصل: وَالْقَرْض: مَنْدُوب إِلَيْهِ بالِاتِّفَاقِ

وَيكون حَالا يطْلب بِهِ مَتى شَاءَ وَإِذا أجل لَا يلْزم التَّأْجِيل فِيهِ
وَقَالَ مَالك: يلْزم
وَيجوز قرض الْخبز عِنْد الثَّلَاثَة
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز بِحَال
وَهل يجوز وزنا أَو عددا فِي مَذْهَب الشَّافِعِي وَجْهَان
أصَحهمَا: وزنا
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ
وَقَالَ مَالك: يجوز الْخبز بالخبز عددا
وَإِذا اقْترض رجل من رجل قرضا فَهَل يجوز لَهُ أَن ينْتَفع بِشَيْء من مَال الْمُقْتَرض من الْهَدِيَّة وَالْعَارِية وَأكل مَا يَدعُوهُ إِلَيْهِ من الطَّعَام فَيجوز مَا لم تجر عَادَته بِهِ قبل الْقَرْض
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: لَا يجوز وَإِن لم يَشْتَرِطه
وَقَالَ الشَّافِعِي: إِن كَانَ من غير شَرط جَازَ
وَالْخَبَر مَحْمُول على مَا إِذا شَرط
وَقَالَ فِي الرَّوْضَة: وَإِذا أهْدى الْمُقْتَرض للمقرض هَدِيَّة جَازَ قبُولهَا بِغَيْر كَرَاهَة
وَيسْتَحب للمقترض أَن يرد أَجود مِمَّا أَخذ للْحَدِيث الصَّحِيح وَلَا يكره للمقرض أَخذه
وَاتَّفَقُوا على أَن من كَانَ لَهُ دين على إِنْسَان إِلَى أجل فَلَا يحل لَهُ أَن يضع عَنهُ بعض الدّين قبل الْأَجَل ليعجل لَهُ الْبَاقِي
وَكَذَلِكَ لَا يحل لَهُ أَن يعجل قبل الْأَجَل بعضه وَيُؤَخر الْبَاقِي إِلَى أجل آخر
وَكَذَلِكَ لَا يحل لَهُ أَن يَأْخُذ قبل الْأَجَل بعضه عينا وَبَعضه عرضا
وعَلى أَنه لَا بَأْس إِذا حل الْأَجَل أَن يَأْخُذ مِنْهُ الْبَعْض وَيسْقط الْبَعْض أَو يُؤَخِّرهُ إِلَى أجل آخر
وَإِذا كَانَ للْإنْسَان دين آخر من جِهَة بيع أَو قرض فَأَجله مُدَّة
فَلَيْسَ لَهُ عِنْد مَالك أَن يرجع فِيهِ
وَيلْزمهُ تَأْخِيره إِلَى تِلْكَ الْمدَّة الَّتِي أجلهَا
وَكَذَا لَو كَانَ لَهُ دين مُؤَجل فزاده فِي الْأَجَل
وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حنيفَة إِلَّا فِي الْجِنَايَة وَالْقَرْض
وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يلْزمه فِي الْجَمِيع
وَله الْمُطَالبَة قبل ذَلِك الْأَجَل الثَّانِي
إِذْ الْحَال لَا يُؤَجل
انْتهى
فَائِدَة: الْأَجَل الْمَضْرُوب بِالْعقدِ سَبْعَة أَنْوَاع
أَحدهَا: عقد يُبطلهُ الْأَجَل
كالصرف وَرَأس مَال السّلم

(1/116)


الثَّانِي: عقد لَا يَصح إِلَّا بالأجل كَالْإِجَارَةِ وَالْكِتَابَة
الثَّالِث: عقد يَصح حَالا ومؤجلا
كالسلم
الرَّابِع: عقد يَصح بِأَجل مَجْهُول وَلَا يَصح بِمَعْلُوم كَالرَّهْنِ والقراض وكفالة الْبدن وَالشَّرِكَة وَالنِّكَاح
الْخَامِس: عقد يَصح بِأَجل مَعْلُوم ومجهول كالعارية والوديعة
السَّادِس: عقد يَصح بِمَجْهُول
وَلَا يَصح بِمَعْلُوم كالعمرى والرقبى
السَّابِع: أجل يخْتَص بِالرِّجَالِ دون النِّسَاء كالجزية
انْتهى
فَائِدَة: قَالَ أَبُو حَاتِم الْقزْوِينِي رَحمَه الله تَعَالَى: لَو أَرَادَ أَن يَأْخُذ بدل الْمُسلم فِيهِ شَيْئا آخر لم يَصح
وَالْحِيلَة فِي تَصْحِيح ذَلِك: أَن يتفاسخ المتعاقدان عِنْد السّلم
فَيثبت فِي ذمَّة البَائِع الثّمن ثمَّ إِنَّه يدْفع إِلَى المُشْتَرِي مَا يَقع تراضيهما عَلَيْهِ سَوَاء كَانَ من جنس الْمُسلم فِيهِ أَو من غير جنسه
وَيَنْبَغِي أَن يتقابضا قبل التَّفَرُّق كَيْلا يصير بيع دين بدين

المصطلح: فِي صور السّلم على الأوضاع المترتبة على الْمسَائِل الْمُتَّفق عَلَيْهَا والمختلف فِيهَا
صُورَة السّلم فِي المكيلات فِي شَيْء مجمع على صِحَة السّلم فِيهِ: أقرّ فلَان أَنه قبض وتسلم من فلَان كَذَا وَكَذَا سلما فِي كَذَا وَكَذَا من الْقَمْح أَو من الْحِنْطَة أَو من الْبر وَيذكر نوعها وَذَلِكَ بكيل مَدِينَة كَذَا
يقوم لَهُ بذلك بعد مُضِيّ مُدَّة شَهْرَيْن كَامِلين من تَارِيخه مَحْمُولا إِلَى الْمَكَان الْفُلَانِيّ
وَأقر بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك
وَقبض رَأس مَال السّلم الشَّرْعِيّ فِي مجْلِس العقد
وَهُوَ كَذَا وَكَذَا
وَإِن شَاءَ كتب: أقرّ فلَان أَن فِي ذمَّته لفُلَان من الْحِنْطَة كَذَا
ويكمل على نَحْو مَا سبق
وَهَذِه الصُّورَة مُتَّفق عَلَيْهَا لَا خلاف بَين الْأَئِمَّة فِيهَا من جِهَة كَون الْأَجَل إِلَى شَهْرَيْن لموافقة من قَالَ: إِن السّلم لَا يجوز حَالا
وموافقة من قَالَ: إِن أقل مُدَّة السّلم شَهْرَان وموافقة من قَالَ: إِن أقل مُدَّة السّلم ثَلَاثَة أَيَّام
فَإِن زَاد عَلَيْهَا فَجَائِز عِنْده
وَكَون الْمُسلم فِيهِ مَوْجُودا من حِين السّلم إِلَى حِين الْمحل
وَكَون الْأَجَل مَعْلُوما بِمدَّة مُعينَة لَيْسَ إِلَى الْحَصاد والجداد والصرام وَغير ذَلِك مِمَّا هُوَ مُخْتَلف فِيهِ
فَإِن كَانَ الْمُسلم فِيهِ حَالا
فَيَقُول: يقوم لَهُ بذلك على حكم الْحُلُول

(1/117)


وَإِن كَانَ السّلم فِي تمر فَيَقُول: من التَّمْر الْجيد الْيَابِس الصيحاني أَو البرني أَو الْعِرَاقِيّ أَو الإبراهيمي أَو اللبانة والواحي أَو الصعيدي أَو غير ذَلِك من أَنْوَاع التَّمْر
وَفِي الْعَسَل: جبلي أَو بلدي صَيْفِي أَو خريفي أَو أَبيض أَو أصفر
وَإِن كَانَ السّلم فِي زَيْت فَيَقُول: من زَيْت الزَّيْتُون الطّيب الْبراق الْجيد والصافي الْمُسْتَخْرج على المطران أَو الجفت الْخَالِي من الْعَيْب الشَّرْعِيّ كَذَا وَكَذَا قِنْطَارًا بالقنطار الْفُلَانِيّ
وَإِن كَانَ السّلم فِي ثِيَاب ضَبطهَا بِالْجِنْسِ وَالنَّوْع والذرع والطول وَالْعرض والجودة والرقة والصفاقة والنعومة والخشونة واللون والصبغ
وَإِن كَانَ حَرِيرًا أضَاف إِلَى هَذِه الْأَوْصَاف: الْوَزْن والنقش
وَإِن كَانَ السّلم فِي حبال ضَبطهَا بالطول وَالْجِنْس والغلظ وَالْوَزْن
وَإِن كَانَ السّلم فِيمَا هُوَ من المعدودات كالجوز الْهِنْدِيّ وَيُسمى النارجين والرانج أَو الْجَوْز الْعَادة
فيذكر الْجِنْس وَالنَّوْع والجودة والخلو من الْعَيْب الشَّرْعِيّ وَالْعدَد
وَفِي بيع بعض الدَّجَاج أَو الأوز أَو النعام: الطري الْغَيْر الْخَفِيف وَلَا المذر وَلَا الجائف
وَلَا ذِي أفراخ وَلَا أصفر القشرة
وَفِي الرُّمَّان: الحلو الأتابكي
أَو العقيقي الْأَحْمَر القاني أَو الْأَبْيَض الحامي أَو المليسي أَو الغوي الرَّقِيق قشره الناعم حبه أَو الحامض الشَّحْم السلطي الشَّديد الحموضة كَذَا وَكَذَا قِنْطَارًا
وَفِي الْبِطِّيخ الْأَخْضَر: الشوشي أَو القلماوي أَو العتري أَو الْبَلَدِي أَو الْأَصْفَر الْكرْمَانِي أَو القلفي أَو الكمالي أَو السلطاني أَو الضميري
فَإِن كَانَ بلديا فَيَقُول: الناعم قشره
وَفِي الكمالي والسلطاني والضميري: الخشن قشره
وَإِن كَانَ الْأَجَل إِلَى الْحَصاد والجداد والصرام فَيكْتب كَذَلِك عِنْد ذكر الْأَجَل
فَإِن كَانَ فِي التَّمْر فَيَقُول: إِلَى الجداد على قَاعِدَة أهل الْحجاز فِي التَّمْر
وَفِي الْبِلَاد الشامية يكون الْأَجَل إِلَى الْحَصاد
وَفِي المصرية وَمَا يَليهَا يكون الْأَجَل إِلَى الصرام
وَهَذَا عِنْد مَالك
وَفِيه رِوَايَة عَن أَحْمد
خلافًا لأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَالرِّوَايَة الْأُخْرَى من مَذْهَب أَحْمد

(1/118)


وَإِذا كَانَ رَأس مَال السّلم غير مَقْبُوض فِي الْمجْلس بل مُتَأَخِّرًا إِلَى مُدَّة بعده على مَا رَآهُ مَالك خلافًا للباقين
فَيَقُول عِنْد ذكر رَأس مَال السّلم: وَيقوم الْمُسلم للْمُسلمِ لَهُ بِرَأْس مَال السّلم الشَّرْعِيّ فِي ذَلِك
وَهُوَ كَذَا وَكَذَا بعض مُضِيّ عشرَة أَيَّام أَو يَوْم أَو يَوْمَيْنِ من تَارِيخه على مَذْهَب من يرى ذَلِك من السَّادة الْعلمَاء رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ
فَإِن كَانَ السّلم فِي الرَّقِيق فَيَقُول: أسلم فلَان إِلَى فلَان كَذَا وَكَذَا سلما شَرْعِيًّا مُشْتَمِلًا على الْإِيجَاب وَالْقَبُول فِي مَمْلُوك مغلي الْجِنْس أَو رومي أَو جركسي أَو تتري أَو غَيره من الْأَجْنَاس بَالغ أَو مراهق أَو عشاري أَو ثَمَانِي أَو غير ذَلِك أسود الْعَينَيْنِ أَبيض الْبشرَة مفلج الْأَسْنَان صَغِير الْفَم رَقِيق الشفتين مدور الْوَجْه مكلثم الْخَدين أَو سهل الْخَدين أقنى الْأنف طَوِيل الْعُنُق عريض الْمَنْكِبَيْنِ رَقِيق الخصر طَوِيل أَصَابِع الْكَفّ صَغِير الْقَدَمَيْنِ إِلَى غير ذَلِك
وَإِن كَانَ السّلم فِي جَارِيَة وصفهَا بالأوصاف الَّتِي يتواصفاها بَينهمَا
وَذكر نوعها وجنسها وحليتها مَعَ الْبكارَة أَو الثيوبة
وَإِن كَانَ السّلم فِي عبد أسود ذكر جنسه حبشِي هُوَ أَو تكروري أَو داجوري أَو نوبي ومخطوط أَو غير مخطوط وسنه وَقدره
وَإِن كَانَ السّلم فِي الْخَيل
فَيَقُول: فِي فرس عَرَبِيّ جواد عَتيق فَحل أَو خصي أَو برذون تتري أَو رومي وَيذكر لَونه وسنه
وَإِن كَانَ السّلم فِي الْجمال ذكر اللَّوْن وَالْجِنْس وَالْعدة وقعودا أَو جذعا أَو رباعيا أَو سداسيا
وَإِن كَانَ السّلم فِي الْبَقر فَيَقُول: بقرة أَو ثورا أَو تبيعا أَو مُسِنَّة
وَيذكر اللَّوْن وَالْعدة
وَإِن كَانَ السّلم فِي الْغنم والمعز: فيذكر الْعدة والشيات والأسنان
وَإِن كَانَ السّلم فِي أَطْرَاف الْحَيَوَان وفضلاته
فيذكر الْعدة وَهِي مائَة رَأس مثلا

(1/119)


من رُؤُوس الْغنم الضَّأْن وَألف كارع من أكارع الضَّأْن السميط السمينة النظيفة المغسولة
وَإِن كَانَ السّلم فِي الْجُلُود فَيَقُول: فِي ألف جلد من جُلُود الضَّأْن الخرفان الْبيض النقية من السوَاد والحمرة الرفيعة أَو السَّوْدَاء أَو الْحَمْرَاء المحكمة الدبغ السليمة من الْعَيْب الشَّرْعِيّ
وَإِن كَانَ السّلم فِي جُلُود الْبَقر أَو غَيرهَا فَيَقُول: من جُلُود الْبَقر أَو من جُلُود الْجمال أَو من جُلُود الجواميس المدبوغة والمملوحة أَو القطير أَو غير ذَلِك
وَإِن كَانَ السّلم فِي الشَّحْم أَو اللَّحْم أَو الألية وَالْخبْز
فَيَقُول: من لحم الضَّأْن أَو الْمعز أَو الشيشك السمين السليخ أَو السميط لحم الْكَتف أَو الْفَخْذ أَو الضلع الْخصي أَو الرَّضِيع أَو المعلوف كَذَا وَكَذَا رطلا بالرطل الْفُلَانِيّ يقوم لَهُ كل يَوْم كَذَا وَكَذَا رطلا أَو من الألية الجيدة الخالية من الْعَيْب أَو من شَحم الْغنم الضَّأْن الْخَالِي من المصارين والدرن الطري أَو الكسير المملوح أَو من خبز الْحِنْطَة الكماخة الْأَصْفَر المصبغ أَو السميذ المخشخش أَو الماوي أَو الطلمة طلمة الجراية
ويصف وزن المصبغ وَوزن الكماخة فِي كل رغيف
وَلَك أَن تكْتب سلما فِي المكيلات وَتعين الْوَزْن فِيهَا مثل أَن يكون السّلم فِي أَرْبَعِينَ مكوكا أَو غرارة أَو إردبا
فَتَقول: زنة المكوك أَو الغرارة أَو الإردب كَذَا وَكَذَا رطلا بالرطل الْفُلَانِيّ
وَلَك أَن تكْتب سلما فِي الموزونات وَتعين الْكَيْل فِيهَا وتطرح الْوَزْن كل ذَلِك خلافًا لِأَحْمَد وَحده مُوَافقا للأئمة الثَّلَاثَة
وَإِن كَانَ السّلم فِي الْجَوَاهِر
فقد أجَازه مَالك وَحده وَمنعه الْبَاقُونَ
والجواهر تشْتَمل على أَنْوَاع
مِنْهَا اللُّؤْلُؤ
وَفِي تَعْيِينه اخْتِلَاف كثير من كبر الْحبَّة إِلَى صغرها
وَمِنْهَا مَا يدْخل مِنْهُ ألف حَبَّة تَحت مِثْقَال وَأكْثر من ذَلِك وَأَقل
وَمِنْهَا مَا يدْخل أَكثر من ألف تَحت مِثْقَال
وَهُوَ الَّذِي لَا يُمكن ثقبه لصغره وَعدم تدويره
وَإِنَّمَا يسْتَعْمل فِي الأكحال مصحونا
وينتقل التَّفَاوُت من ذَلِك إِلَى أَن تكون الْحبَّة الْوَاحِدَة مِثْقَالا
ثمَّ الْيَاقُوت: وَمِنْه الْأَحْمَر والأصفر والأزرق والأبيض
ثمَّ البلخش
وَفِي أوزان قطعه

(1/120)


اخْتِلَاف وَكَذَلِكَ فِي الْقيمَة عَنهُ
فَكلما كثر وزن الْقطعَة كَانَت الْقيمَة كَثِيرَة
ثمَّ الفيروزج
وَفِيه تفَاوت كثير
ثمَّ الماس وَعين الهر
فَهَذِهِ مُقَدّمَة تعرف بهَا مَا نتكلم عَلَيْهِ من هَذِه الْجَوَاهِر المثمنة ذَوَات الْقيم النفيسة
فَإِن كَانَ السّلم فِي اللُّؤْلُؤ فَيَقُول: من اللُّؤْلُؤ الْأَبْيَض الْخَالِي من الصُّفْرَة والكدرة والقشرة المدور المتناسب الْخَالِي من التبعيج مائَة حَبَّة
زنتها كَذَا وَكَذَا مِثْقَالا أَو زنة كل لؤلؤة نصف مِثْقَال أَو أقل أَو أَكثر
وَإِن كَانَ فِي لُؤْلُؤ صغَار يَقُول: من اللُّؤْلُؤ الصغار كَذَا وَكَذَا مِثْقَالا يدْخل تَحت كل مِثْقَال كَذَا وَكَذَا لؤلؤة
وَإِن كَانَ السّلم فِي شَيْء من الفصوص الْجَوَاهِر
كتب: عدَّة قطعهَا وزنة كل قِطْعَة مِنْهَا
ويصف كل جنس بِوَصْف الْجَوْدَة والصفاء وإشراق اللَّوْن وَغير ذَلِك مِمَّا هُوَ مُعْتَبر فِي وصف الْجَوْهَر
وَالله أعلم

(1/121)