جواهر العقود ومعين القضاة والموقعين والشهود

كتاب الْإِجَارَة

وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام
وَهِي مُشْتَقَّة من الْأجر وَهُوَ الثَّوَاب
تَقول: آجرك الله أَي أثابك الله
فَكَأَن الْأُجْرَة عوض عمله
كَمَا أَن الثَّوَاب عوض عمله
وَالْأَصْل فِيهَا: الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَالْقِيَاس
أما الْكتاب: فَقَوله تَعَالَى: {فَإِن أرضعن لكم فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ} قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: لَو لم يكن فِي الْإِجَارَة إِلَّا هَذَا لكفى
وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى ذكر أَن الْمُطلقَة إِذا أرضعت ولد زَوجهَا فَإِنَّهُ يُعْطِيهَا أجرتهَا
وَالْأُجْرَة لَا تكون إِلَّا فِي الْإِجَارَة
وَالرّضَاع غرر لِأَن اللَّبن قد يقل وَقد يكثر
وَقد يشرب الصَّبِي من اللَّبن كثيرا وَقد يشرب قَلِيلا
وَقد أجَازه الله تَعَالَى
وَيدل على صِحَّتهَا: قَوْله تَعَالَى فِي قصَّة مُوسَى وَشُعَيْب عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام: {يَا أَبَت اسْتَأْجرهُ إِن خير من اسْتَأْجَرت الْقوي الْأمين قَالَ إِنِّي أُرِيد أَن أنكحك إِحْدَى ابْنَتي هَاتين على أَن تَأْجُرنِي ثَمَانِي حجج} فلولا أَن الْإِجَارَة كَانَت جَائِزَة فِي شرعهم لما قَالَت: {يَا أَبَت اسْتَأْجرهُ} وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ قَالَ بعد قَوْلهَا {يَا أَبَت اسْتَأْجرهُ} وَلم يُنكر عَلَيْهَا {إِنِّي أُرِيد أَن أنكحك إِحْدَى ابْنَتي هَاتين على أَن تَأْجُرنِي ثَمَانِي حجج} فَجعل الْمَنْفَعَة مهْرا
وَقَوله تَعَالَى فِي قصَّة مُوسَى وَالْخضر عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام: {قَالَ لَو شِئْت لاتخذت عَلَيْهِ أجرا}
وَأما السّنة: فروى أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (أعْطوا الْأَجِير حَقه قبل أَن يجِف عرقه) وروى أَبُو هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (من اسْتَأْجر أَجِيرا فليبين لَهُ الْأُجْرَة) وَرُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (قَالَ ربكُم سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ثَلَاثَة أَنا خصمهم يَوْم الْقِيَامَة وَمن كنت خَصمه خصمته: رجل أعْطى بِي عهدا ثمَّ غدر وَرجل بَاعَ حرا فَأكل

(1/208)


ثمنه وَرجل اسْتَأْجر أَجِيرا فاستوفى عمله وَلم يوفه أجره وروت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر استأجرا رجلا خريتا عَالما بالهداية والخريت الدَّلِيل وَرُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احْتجم وَأعْطى الْحجام أجرته
وَأما الْإِجْمَاع فَروِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه أجر نَفسه من يَهُودِيّ يَسْتَقِي لَهُ المَاء اكل دلو بتمرة وَرُوِيَ أَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس قَالَا فِي قَوْله تَعَالَى {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم} (الْبَقَرَة 198) هُوَ أَن يحجّ الرجل ويؤاجر نَفسه وَرُوِيَ أَن عبد الرحمنبن عَوْف اسْتَأْجر أَرضًا فَبَقيت فِي يَده إِلَى أَن مَاتَ فَقَالَ أَهله نَا نرى أَنَّهَا لَهُ حَتَّى وصّى بهَا وَذكر أَن عَلَيْهِ شَيْئا من أجرتهَا وَمَا رُوِيَ خلاف ذَلِك عَن أحد من الصَّحَابَة
وَأما الْقيَاس فَلِأَن الْمَنَافِع كالأعيان فَلَمَّا جَازَ عقد البيع على الْأَعْيَان جَازَ عقد الْإِجَارَة على الْمَنَافِع وَيعْتَبر فِي الْمُؤَجّر وَالْمُسْتَأْجر مَا يعْتَبر فِي البَائِع وَالْمُشْتَرِي وَصِيغَة العقد أَن يَقُول أجرتك هَذِه الدَّار أَو أكريتك أَو مَلكتك مَنَافِعهَا مُدَّة كَذَا بِكَذَا فَيَقُول الْمُسْتَأْجر اسْتَأْجَرت أَو اكتريت أَو تملكت أَو قبلت
وَأظْهر الْوَجْهَيْنِ أَنَّهَا تَنْعَقِد بِمَا لَو قَالَ أجرتك مَنْفَعَتهَا وَأَنَّهَا لَا تَنْعَقِد إِذا قَالَ بِعْتُك مَنْفَعَتهَا وتنقسم الْإِجَارَة إِلَى وَارِدَة على الْعين كإجارات العقارات وكما إِذا اسْتَأْجر دَابَّة بِعَينهَا للْحَمْل أَو الرّكُوب أَو شخصا بِعَيْنِه للخياطة أَو غَيرهَا وَإِلَى وَارِدَة على الذِّمَّة كاستئجار دَابَّة مَوْصُوفَة وكما إِذا الْتزم للْغَيْر خياطَة أَو بِنَاء
وَإِذا قَالَ استأجرك لتعمل كَذَا فَالْحَاصِل إِجَارَة عين أَو إِجَارَة فِي الذِّمَّة فِيهِ وَجْهَان أظهرهمَا الأول وَيشْتَرط فِي الْإِجَارَة فِي الذِّمَّة تَسْلِيم الْأُجْرَة فِي الْمجْلس كتسليم رَأس مَال السّلم فِي الْمجْلس وَفِي إِجَارَة الْعين لَا يشْتَرط وَيجوز فِي الْأُجْرَة التَّعْجِيل والتأجيل إِن كَانَت فِي الذِّمَّة وَإِذا أطلقت تعجلت وَإِن كَانَت مُعينَة ملكت فِي الْحَال كَالْبيع ولتكن الْأُجْرَة مَعْلُومَة
تَنْبِيه قَوْلنَا مَعْلُومَة احْتِرَازًا من الْمَنْفَعَة المجهولة فَإِنَّهَا لَا تصح للغرر وَلَا بُد من الْعلم بِالْمَنْفَعَةِ قدرا ووصفا بِحَيْثُ تكون قَابِلَة للبذل وَالْإِبَاحَة وعَلى هَذَا اسْتِئْجَار آلَات اللَّهْو كالطنبور والمزمار والرباب وَنَحْوهَا حرَام يحرم بذل الْأُجْرَة فِي مقابلتها

(1/209)


وَيحرم أَخذ الْأُجْرَة عَلَيْهَا
لِأَنَّهَا من قبيل أكل أَمْوَال النَّاس بِالْبَاطِلِ
وَكَذَلِكَ لَا يجوز اسْتِئْجَار المغاني وَلَا اسْتِئْجَار شخص لحمل خمر وَنَحْوه وَلَا اسْتِئْجَار شخص لجبي المكوس والرشا وَجَمِيع الْمُحرمَات
وَلَا تصح إِجَارَة الدَّار بعمارتها وَلَا الدَّابَّة بعلفها
وَلَا يجوز اسْتِئْجَار السلاخ بِالْجلدِ والطحان بِجُزْء من الدَّقِيق أَو بالنخالة
وَلَو اسْتَأْجر الْمُرضعَة بِجُزْء من الرَّقِيق المرتضع فِي الْحَال
الظَّاهِر: الْجَوَاز
انْتهى
وَيشْتَرط فِي الْمَنْفَعَة أَن تكون مُتَقَومَة
فَلَا يجوز اسْتِئْجَار البَائِع على كلمة لَا يتعب بهَا وَإِن كَانَت السّلْعَة تروج بهَا
وَأظْهر الْوَجْهَيْنِ: أَنه لَا يجوز اسْتِئْجَار الْكَلْب للصَّيْد والفحل للضراب
وَيشْتَرط أَن يكون الْمُؤَجّر يقدر على تَسْلِيمه
فَلَا يجوز اسْتِئْجَار الْآبِق وَالْمَغْصُوب وَلَا اسْتِئْجَار الْأَعْمَى لحفظ الْمَتَاع
وَلَا يجوز اسْتِئْجَار الأَرْض لزرع مَا يسقى إِذا لم يكن لَهَا مَاء دَائِم وَكَذَا إِن كَانَ لَا تكفيها الأمطار الْمُعْتَادَة
وَيجوز إِن كَانَ لَهَا مَاء دَائِم
وَكَذَا إِن كَانَ يكفيها الأمطار الْمُعْتَادَة
أَو مَاء الثلوج المجتمعة فِي الْجَبَل
وَالْغَالِب الْحُصُول فِي الْوَجْهَيْنِ والمعجوز عَنهُ شرعا كالمعجوز عَنهُ حسا فَلَا يجوز الِاسْتِئْجَار لقلع سنّ صَحِيحَة وَلَا اسْتِئْجَار الْحَائِض لخدمة الْمَسْجِد
وَأظْهر الْوَجْهَيْنِ: أَن اسْتِئْجَار الْمَنْكُوحَة للرضاع وَغَيره بِغَيْر إِذن الزَّوْج لَا يجوز
وَيجوز تَأْجِيل الْمَنْفَعَة فِي الْإِجَارَة ف الذِّمَّة كَمَا إِذا ألزم ذمَّته الْحمل إِلَى مَوضِع كَذَا أَو إِلَى شهر كَذَا
وَلَا يجوز إِيرَاد إِجَارَة الْعين على الْمَنْفَعَة الْمُسْتَقْبلَة كإجارة الدَّار للسّنة الْقَابِلَة وَلَو أجر السّنة الثَّانِيَة من الْمُسْتَأْجر قبل انْقِضَاء الأولى
فالأشبه الْجَوَاز
وَيجوز أَن يُؤجر دَابَّة من إِنْسَان ليرْكبَهَا بعض الطَّرِيق دون بعض أَو من اثْنَيْنِ ليركب هَذَا أَيَّامًا وَهَذَا أَيَّامًا
وَيبين البعضين
وَيشْتَرط أَيْضا فِي الْمَنْفَعَة: أَن تكون مَعْلُومَة
وتقدر الْمَنَافِع تَارَة بِالزَّمَانِ كاستئجار الدَّار سنة
وَتارَة بِمحل الْعَمَل كاستئجار الدَّابَّة إِلَى مَوضِع كَذَا للرُّكُوب والخياط ليخيط هَذَا الثَّوْب
وَلَو جمع بَينهمَا فَقَالَ: استأجرتك لتخيط لي هَذَا الثَّوْب بَيَاض هَذَا النَّهَار
فأصح الْوَجْهَيْنِ: أَنه لَا يجوز
وَيقدر تَعْلِيم الْقُرْآن بالمدة أَو بِتَعْيِين السُّور
وَيقدر فِي الِاسْتِئْجَار للْبِنَاء بتبيين الْموضع والطول وَالْعرض والسمك وَمَا يبنىء بِهِ إِن قدر بِالْعَمَلِ
وَالْأَرْض الَّتِي تصلح للْبِنَاء والزراعة وَالْغِرَاس لَا بُد فِي إِجَارَتهَا من تعْيين الْمَنْفَعَة
وَتَعْيِين الزِّرَاعَة يَعْنِي ذكر مَا يزرع فِي أصح الْوَجْهَيْنِ
وَلَو قَالَ: أجرتكها لتنتفع بهَا مَا شِئْت صَحَّ
وَلَو قَالَ: إِن

(1/210)


شِئْت فازرعها وَإِن شِئْت فاغرسها جَازَ على الْأَصَح
وَفِي إِجَارَة الدَّابَّة للرُّكُوب يَنْبَغِي أَن يعرف الْمُؤَجّر الرَّاكِب بمشاهدته وَيقوم مقَام الْمُشَاهدَة: الْوَصْف التَّام على الْأَشْبَه
وَكَذَا الحكم فِيمَا يركب عَلَيْهِ من زاملة أَو حمل أَو غَيرهمَا
وَلَا بُد فِي الْإِجَارَة على الْعين من تعْيين الدَّابَّة وَاشْتِرَاط رؤيتها
وَفِي الْإِجَارَة فِي الذِّمَّة لَا بُد من ذكر الْجِنْس وَالنَّوْع والذكورة وَالْأُنُوثَة
وتبيين قدر السّير فِي كل يَوْم
فَإِن كَانَ فِي الطَّرِيق منَازِل مضبوطة
جَازَ إهماله وَينزل العقد عَلَيْهَا
وَفِي الِاسْتِئْجَار للْحَمْل يَنْبَغِي أَن يعرف الْمُؤَجّر الْمَحْمُول بِرُؤْيَتِهِ إِن كَانَ حَاضرا
ويمتحنه بِالْيَدِ إِن كَانَ فِي ظرف وَإِن كَانَ غَائِبا فَيقدر بِالْكَيْلِ أَو الْوَزْن وَلَا بُد من ذكر الْجِنْس
وَلَا يشْتَرط معرفَة جنس الدَّابَّة وصفتها إِن كَانَت الْإِجَارَة فِي الذِّمَّة إِلَّا إِذا كَانَ الْمَحْمُول زجاجا وَنَحْوه
وَلَا يجوز الِاسْتِئْجَار للعبادات الَّتِي لَا تَنْعَقِد إِلَّا بِالنِّيَّةِ
وَيسْتَثْنى الْحَج وتفرقة الزَّكَاة وَكَذَا الْجِهَاد
وَيجوز لتجهيز الْمَيِّت وَدَفنه وَتَعْلِيم الْقُرْآن
وَيجوز الِاسْتِئْجَار للحضانة والإرضاع مَعًا ولأحدهما دون الآخر
وَالأَصَح: أَنه لَا يستتبع وَاحِد مِنْهُمَا الآخر
والحضانة: حفظ الصَّبِي وتعهده بِغسْل الرَّأْس وَالْبدن وَالثيَاب وتدهينه وتكحيله وربطه فِي المهد وتحريكه لينام وَنَحْوهَا
وَإِذا استؤجرت لَهما فَانْقَطع اللَّبن
فَالْمَذْهَب: أَن العقد يَنْفَسِخ فِي الْإِرْضَاع وَفِي الْحَضَانَة
وَالْمَشْهُور: أَنه لَا يجب الحبر على الْوراق وَلَا الْخَيط على الْخياط وَلَا الذرور على الكحال فِي استئجارهم
وَيجب تَسْلِيم مِفْتَاح الدَّار إِلَى الْمُكْتَرِي وَلَيْسَ عَلَيْهِ عمَارَة الدَّار وَإِنَّمَا هِيَ من وَظِيفَة الْمكْرِي فَإِن بَادر وَعمر وَأصْلح المنكسر فَذَاك
وَإِلَّا فللمكتري الْخِيَار
وكسح الثلوج من السَّطْح كالعمارة وتطهير عَرصَة الدَّار عَن الكناسات على الْمُكْتَرِي وَكَذَا كسح الثَّلج فِي عَرصَة الدَّار
وعَلى الْمكْرِي إِذا أجر الدَّابَّة للرُّكُوب: الإكاف والبرذعة والحزام والثفر والبرة والخطام وَالْأَشْبَه فِي السرج: اتِّبَاع الْعرف فِيهِ والمحمل والمظلة والغطاء وتوابعها على الْمُكْتَرِي
والظرف الَّذِي ينْقل فِيهِ الْمَحْمُول على الْمكْرِي إِن وَردت الْإِجَارَة على الذِّمَّة وعَلى الْمُكْتَرِي إِن تعلّقت بِالْعينِ
وعَلى الْمكْرِي فِي إِجَارَة الذِّمَّة: الْخُرُوج مَعَ الدَّابَّة ليتعهدها وإعانة الرَّاكِب فِي الرّكُوب وَالنُّزُول بِحَسب الْحَاجة وَرفع الْحمل

(1/211)


وحطه وَشد الْمحمل وحله
وَفِي إِجَارَة الْعين لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا التَّخْلِيَة بَين الْمُكْتَرِي وَالدَّابَّة
وتنفسخ إِجَارَة الْعين بِتَلف الدَّابَّة ويثتت الْخِيَار بعيبها
وَفِي إِجَارَة الذِّمَّة لَا تَنْفَسِخ بالتلف
وَلَا يثبت فِيهَا الْخِيَار بِالْعَيْبِ وَلَكِن على الْمكْرِي الْإِبْدَال وَالطَّعَام الْمَحْمُول ليؤكل بِبَدَل إِذا أكل على الْأَصَح
وَالأَصَح: أَن مُدَّة الْإِجَارَة لَا تتقدر لَكِن يَنْبَغِي أَن لَا تزيد على مُدَّة بَقَاء ذَلِك الشَّيْء غَالِبا
وَفِي قَول: لَا تزيد الْمدَّة على سنة
وَفِي قَول آخر: ثَلَاثِينَ سنة
والمستحق لِاسْتِيفَاء الْمَنْفَعَة لَهُ اسْتِيفَاء الْمَنْفَعَة بِغَيْرِهِ
فَمن اسْتَأْجر ليركب: لَهُ أَن يركب مثل نَفسه أَو أخف مِنْهُ وَإِذا اسْتَأْجر ليسكن أسكن مثله وَلَا يسكن الْحداد والقصار
وَلَا يجوز إِبْدَال مَا يَسْتَوْفِي الْمَنْفَعَة مِنْهُ كَالدَّارِ وَالدَّابَّة الْمعينَة والمستوفى بِهِ كَالثَّوْبِ الْمعِين للخياطة وَالصَّبِيّ الْمعِين للإرضاع وَفِي جَوَاز إِبْدَاله وَجْهَان
أظهرهمَا: الْجَوَاز
وَيَد الْمُسْتَأْجر على الدَّابَّة وَالثَّوْب يَد أَمَانَة فِي مُدَّة الْإِجَارَة
وَبعد انْقِضَائِهَا كَذَلِك فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ
وَلَو ربط دَابَّة اكتراها لحمل أَو ركُوب وَلم ينْتَفع بهَا
فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ إِلَّا إِذا انْهَدم الإصطبل عَلَيْهَا فِي وَقت لَو انْتفع بهَا لما أَصَابَهَا الانهدام
وَإِذا تلف المَال فِي يَد الْأَجِير من غير تعد كَالثَّوْبِ إِذا اُسْتُؤْجِرَ لخياطة أَو صبغة
فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ إِن لم ينْفَرد الْآجر بِالْيَدِ بل قعد الْمُسْتَأْجر عِنْده أَو أحضرهُ إِلَى منزله
وَإِن انْفَرد بِالْيَدِ فَكَذَلِك فِي أصح الْأَقْوَال
وَالثَّالِث: الْفرق بَين الْمُنْفَرد والمشترك وَلَا يضمن الْمُنْفَرد
وَالْمُنْفَرد: هُوَ الَّذِي أجر نَفسه مُدَّة مُعينَة للْعَمَل
والمشترك: هُوَ الَّذِي يقبل الْعَمَل فِي ذمَّته
وَلَو دفع ثوبا إِلَى قصار ليقصره أَو خياط ليخيطه
فَفعل وَلم يجر ذكر أُجْرَة
فأصح الْوَجْهَيْنِ: أَن لَهُ الْأُجْرَة
وَقد يستحسن القَوْل الثَّالِث وَهُوَ الْفرق بَين أَن يكون الْعَامِل مَعْرُوفا بذلك الْعَمَل فَيسْتَحق أَو لَا فَلَا يسْتَحق
وَإِذا تعدى الْمُسْتَأْجر فِيمَا اسْتَأْجرهُ كَمَا لَو ضرب الدَّابَّة فَوق الْعَادة أَو أركب الدَّابَّة أثقل مِنْهُ أَو أسكن الدَّار الْحداد أَو الْقصار دخل الْمُسْتَأْجر فِي ضَمَانه
وَكَذَلِكَ لَو اكترى لحمل مائَة من من الْحِنْطَة أَو الْعَكْس أَو اكترى لحمل عشر أَقْفِزَة من الشّعير فَحمل عشرَة من الْحِنْطَة دون الْعَكْس أَو أَن يحمل مائَة من من حِنْطَة فَحمل مائَة وَعشرَة
فَعَلَيهِ أُجْرَة الْمثل للزِّيَادَة
وَإِن تلفت الدَّابَّة بذلك فَعَلَيهِ الضَّمَان إِن لم يكن صَاحبهَا مَعهَا وَانْفَرَدَ بِالْيَدِ
وَإِن كَانَ صَاحبهَا مَعهَا فَيضمن نصف الْقيمَة أَو قسطها من الزِّيَادَة فِيهِ قَولَانِ
أقربهما: الثَّانِي
وَإِن سلمه إِلَى الْمكْرِي فَحَمله وَهُوَ جَاهِل
فَالظَّاهِر: وجوب الضَّمَان على الْمُكْتَرِي أَيْضا
وَإِن وزن الْمكْرِي بِنَفسِهِ وَحمل فَلَا أُجْرَة لَهُ للزِّيَادَة
وَلَا ضَمَان لَو تلفت

(1/212)


الدَّابَّة
وَلَو دفع ثوبا إِلَى خياط فخاطه قبَاء وَقَالَ: هَكَذَا أَمرتنِي
وَقَالَ الْمَالِك: بل أَمرتك أَن تقطعه قَمِيصًا
فأصح الْقَوْلَيْنِ: أَن القَوْل قَول الْمَالِك مَعَ يَمِينه
وَإِذا حلف فَلَا أُجْرَة عَلَيْهِ
وعَلى الْخياط أرش النُّقْصَان
وَلَا تَنْفَسِخ الْإِجَارَة بالأعذار مثل أَن يسْتَأْجر حَماما فيتعذر عَلَيْهِ الْوقُود أَو دَابَّة ليسافر عَلَيْهَا فتمرض
وَلَو اسْتَأْجر أَرضًا للزِّرَاعَة فزرعها فَهَل الزَّرْع بجائحة فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخ وَلَا حط شَيْء من الْأُجْرَة
وَمَوْت الدَّابَّة والأجير المعينين يُوجب الِانْفِسَاخ فِي الْمُسْتَقْبل
وَلَا يُؤثر فِي الْمَاضِي فِي أصح الْقَوْلَيْنِ
ويستقر الْمُسَمّى بِالْقِسْطِ
وَمَوْت الْمُتَعَاقدين لَا يُوجب الِانْفِسَاخ
وَكَذَا مُتَوَلِّي الْموقف إِذا أجر الْبَطن الأول وَمَات قبل تَمامهَا
فأصح الْوَجْهَيْنِ: أَن الْإِجَارَة تَنْفَسِخ
وَلَو أجر ولي الصَّبِي مُدَّة لَا يبلغ فِيهَا بِالسِّنِّ فَبلغ بالاحتلام
فأظهر الْوَجْهَيْنِ: أَن الْإِجَارَة تبقى
وَالأَصَح: أَن انهدام الدَّار يُوجب الِانْفِسَاخ
فَإِن انْقَطع مَاء الأَرْض الْمُسْتَأْجرَة للزِّرَاعَة فَذَلِك لَا يُوجب الِانْفِسَاخ
وَلَكِن يثبت الْخِيَار
وَلَو أكرى الْجمال جمالا وهرب وَتركهَا عِنْد الْمُكْتَرِي فيراجع الْمُكْتَرِي الْحَاكِم لينفق عَلَيْهَا من مَال الْجمال
فَإِن لم يجد لَهُ مَالا اسْتقْرض عَلَيْهِ ثمَّ إِن وثق بالمكتري دَفعه إِلَيْهِ وَإِلَّا جعله عِنْد ثِقَة
وَيجوز أَن يَبِيع مِنْهَا بِقدر مَا ينْفق من ثمنه عَلَيْهَا وَبَاقِي النَّفَقَة للمكتري
وَيجوز أَن يَأْذَن للمكتري فِي الْإِنْفَاق عَلَيْهَا من مَاله ليرْجع فِي أظهر الْقَوْلَيْنِ
وَإِذا تسلم الْمُكْتَرِي الدَّابَّة أَو الدَّار وأمسكها حَتَّى مَضَت مُدَّة الْإِجَارَة اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَة سَوَاء انْتفع بهَا أَولا
وَلَو اسْتَأْجر للرُّكُوب إِلَى مَوضِع وتسلم المركوب وَمَضَت مُدَّة إِمْكَان السّير إِلَيْهِ فَكَذَلِك
وَلَا فرق بَين إِجَارَة الْعين وَبَين أَن تكون فِي الذِّمَّة
ويستقر فِي الْإِجَارَة الْفَاسِدَة أُجْرَة الْمثل بِمَا يسْتَقرّ بِهِ الْمُسَمّى فِي الصَّحِيحَة
وَلَو أكرى عينا مُدَّة وَلم يُسَلِّمهَا حَتَّى مَضَت الْمدَّة
انْفَسَخت الْإِجَارَة وَلم تقدر الْمدَّة
وَلَو كَانَت الْإِجَارَة للرُّكُوب إِلَى مَوضِع وَلم يسلم الدَّابَّة حَتَّى مَضَت مُدَّة إِمْكَان السّير
فَالْأَظْهر: أَنَّهَا لَا تَنْفَسِخ
وَالصَّحِيح: أَنه إِذا أعتق عَبده الْمُسْتَأْجر لم تَنْفَسِخ الْإِجَارَة وَأَنه لَا خِيَار للْعَبد وَلَا رُجُوع على السَّيِّد بِالْأُجْرَةِ لما بعد الْعتْق
وَيصِح بيع الْمُسْتَأْجر من الْمُسْتَأْجر وَلَا تَنْفَسِخ الْإِجَارَة فِي أصح الْوَجْهَيْنِ
وَفِي بَيْعه من غير الْمُسْتَأْجر قَولَانِ
أصَحهمَا: صِحَّته أَيْضا
وَلَا تَنْفَسِخ الْإِجَارَة
وَإِذا أجر النَّاظر فزادت الْأُجْرَة فِي الْمدَّة أَو ظهر طَالب بِالزِّيَادَةِ لم يَنْفَسِخ العقد فِي الْأَصَح

(1/213)


الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب
: اتّفق الْعلمَاء على أَن الْإِجَارَة من الْعُقُود الْجَائِزَة بِالْعِوَضِ وَأَن من شَرط صِحَّتهَا: أَن تكون الْمَنْفَعَة والعوض معلومين
وَاخْتلفُوا: هَل تملك الْأُجْرَة بِنَفس العقد فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا تملك الْأُجْرَة بِالْعقدِ
وَتجب أُجْرَة كل يَوْم بِقسْطِهِ من الْأُجْرَة
وَقَالَ مَالك: لَا تملك الْمُطَالبَة إِلَّا يَوْمًا بِيَوْم
وَأما الْأُجْرَة: فقد ملكت بِالْعقدِ
وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: تملك الْأُجْرَة بِنَفس العقد
وتستحق بِالتَّسْلِيمِ
وتستقر بِمُضِيِّ الْمدَّة
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا استأجروا دَارا كل شهر بِشَيْء مَعْلُوم
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ: تصح الْإِجَارَة فِي الشَّهْر الأول وَتلْزم
وَأما مَا عداهُ من الشُّهُور: فَيلْزم بِالدُّخُولِ فِيهِ
وَقَالَ الشَّافِعِي الْمَشْهُور عَنهُ وَأحمد فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: تبطل الْإِجَارَة فِي الْجَمِيع
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا اسْتَأْجر مِنْهُ شهر رَمَضَان فِي شهر رَجَب فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد: يَصح العقد
وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يَصح
وَاخْتلفُوا: هَل تصح الْإِجَارَة مُدَّة تزيد على سنة فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد: يجوز
وَعَن الشَّافِعِي أَقْوَال أظهرها: لَا يَصح أَكثر من سنة
وَعنهُ يجوز إِلَى ثَلَاثِينَ سنة
وَعنهُ يجوز أَكثر من سنة بِغَيْر تَقْدِير
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا حول الْمَالِك الْمُسْتَأْجر فِي أثْنَاء الشَّهْر
فَقَالُوا: لَهُ أُجْرَة مَا سكن إِلَّا أَحْمد
فَإِنَّهُ قَالَ: لَا أُجْرَة لَهُ
وَكَذَلِكَ قَالَ: إِن تحول السَّاكِن لم يكن لَهُ أَن يسْتَردّ أُجْرَة مَا بَقِي
فَإِن أخرجته يَد غالبة كَانَ عَلَيْهِ أُجْرَة مَا سكن
وَاخْتلفُوا فِي الْعين الْمُسْتَأْجرَة: هَل يجوز لمَالِكهَا بيعهَا فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا تبَاع إِلَّا برضاء الْمُسْتَأْجر أَو يكون عَلَيْهِ دين يحْبسهُ الْحَاكِم عَلَيْهِ
فيبيعها فِي دينه
وَقَالَ مَالك وَأحمد: يجوز بيعهَا من الْمُسْتَأْجر وَغَيره يتسلمها المُشْتَرِي إِذا كَانَ غير الْمُسْتَأْجر بعد انْقِضَاء مُدَّة الْإِجَارَة
وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ
وَاخْتلفُوا فِي إِجَارَة الْمشَاع
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا تصح إِجَارَة الْمشَاع إِلَّا من الشَّرِيك
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: تجوز على الْإِطْلَاق
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ
أظهرهمَا: أَنَّهَا لَا تصح على الْإِطْلَاق
وَالْأُخْرَى: تصح اخْتَارَهَا أَبُو حَفْص العكبري
وَاخْتلفُوا فِي جَوَاز الِاسْتِئْجَار لِاسْتِيفَاء الْقصاص فِي النَّفس وَفِيمَا دون النَّفس
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: يَصح الِاسْتِئْجَار على اسْتِيفَاء الْقصاص فِي النَّفس وَفِيمَا دون النَّفس
وَقتل أهل الْحَرْب
ثمَّ اخْتلفُوا
هَل تجب الْأُجْرَة على الْمُقْتَص لَهُ أَو الْمُقْتَص مِنْهُ فَقَالَ أَبُو حنيفَة: هِيَ على الْمُقْتَص لَهُ فِي الْجَمِيع إِذا كَانَ فِي الطّرف أَو فِيمَا دون

(1/214)


النَّفس
وَمَا فَوق ذَلِك فَلَا يجوز الِاسْتِئْجَار فِيهِ أصلا بِنَاء على مذْهبه
وَقَالَ مَالك: هِيَ على الْمُقْتَص لَهُ فِي الْجَمِيع
وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: هِيَ على الْمُقْتَص مِنْهُ فِي الْجَمِيع
وَاخْتلفُوا: هَل يجوز للْمُسْتَأْجر فسخ عقد الْإِجَارَة من عذر مُخْتَصّ كَمَرَض أَو غَيره فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: لَا يجوز
وَهِي لَازِمَة من الطَّرفَيْنِ لَا يجوز لأحد مِنْهُمَا فَسخهَا إِلَّا أَن يمْتَنع اسْتِيفَاء الْمَنْفَعَة بِعَيْب فِي الْمَعْقُود عَلَيْهِ
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: للْمُسْتَأْجر الْفَسْخ لعذر يلْحقهُ مثل: أَن يمرض أَو يَحْتَرِق مَتَاعه أَو يسرق أَو يغصب أَو يفلس: فَيكون لَهُ فسخ الْإِجَارَة
وَاخْتلفُوا هَل تَنْفَسِخ الْإِجَارَة بِمَوْت أحد الْمُتَعَاقدين فَقَالَ أَبُو حنيفَة: تبطل مَعَ الْإِمْكَان من اسْتِيفَاء الْمَنْفَعَة
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: لَا تَنْفَسِخ بِمَوْت أحد الْمُتَعَاقدين وَلَا بموتهما جَمِيعًا
وَيقوم الْوَارِث مقَام مُوَرِثه فِي ذَلِك
وَاخْتلفُوا فِي أَخذ الْأُجْرَة على الْقرب كتعليم الْقُرْآن وَالْحج وَالْأَذَان والإمامة
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد: لَا يجوز ذَلِك
وَقَالَ مَالك: يجوز فِي تَعْلِيم الْقُرْآن وَالْحج وَالْأَذَان
وَأما الْإِمَامَة: فَإِن أفردها وَحدهَا لم يجز لَهُ أَخذ الْأُجْرَة عَلَيْهَا وَإِن جمعهَا مَعَ الْأَذَان جَازَ
وَكَانَت الْأُجْرَة على الْأَذَان لَا على الصَّلَاة
وَقَالَ الشَّافِعِي: يجوز فِي تَعْلِيم الْقُرْآن وَالْحج
وَأما الْإِمَامَة فِي الْفُرُوض: فَلَا تجوز فِيهَا وَيجوز فِي النَّوَافِل ولأصحابه فِي جَوَاز ذَلِك فِي التَّرَاوِيح وَجْهَان
وَفِي الْأَذَان ثَلَاثَة أوجه
وَاخْتلفُوا فِي أُجْرَة الْحجام فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ: يجوز وَيُبَاح للْحرّ
وَقَالَ أَحْمد: لَا يجوز
فَإِن أَخذهَا من غير شَرط وَلَا عقد عَلفهَا ناضحة وأطعمها رقيقَة وَهِي حرَام فِي حق الْحر
وَاخْتلفُوا هَل يجوز للْمُسْتَأْجر أَن يُؤَخر الْعين الْمُسْتَأْجرَة بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجرهَا بِهِ فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز إِلَّا أَن يكون قد أحدث فِيهَا شَيْئا
فَإِن لم يحدث فِيهَا شَيْئا لم يكن لَهُ أَن يكْرِي بِزِيَادَة
فَإِن أكرى تصدق بِالْفَضْلِ
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: يجوز سَوَاء أصلح فِي الْعين شَيْئا أَو بنى فِيهَا بِنَاء أَو لم يفعل
وَعَن أَحْمد أَربع رِوَايَات
إِحْدَاهُنَّ: كمذهب أبي حنيفَة
وَالثَّانيَِة: كمذهب مَالك وَالشَّافِعِيّ
وَالثَّالِثَة: لَا تجوز إِجَارَتهَا بِزِيَادَة بِحَال
وَالرَّابِعَة: يجوز ذَلِك بِإِذن الْمُؤَجّر وَلَا يجوز بِغَيْر إِذْنه
وَاخْتلفُوا فِي جَوَاز اسْتِئْجَار الْخَادِم والظئر بِالطَّعَامِ وَالْكِسْوَة
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجوز فِي الظِّئْر دون الْخَادِم وَقَالَ مَالك: يجوز فيهمَا جَمِيعًا
وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يجوز

(1/215)


فيهمَا
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ
أظهرهمَا: الْجَوَاز فيهمَا كَقَوْل مَالك
وَالْأُخْرَى: الْمَنْع فيهمَا كَقَوْل الشَّافِعِي
وَاخْتلفُوا فِي اسْتِئْجَار الْكتب للنَّظَر فِيهَا
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: يجوز
وَاخْتلفُوا فِي الْأَجِير الْمُشْتَرك هَل يجب عَلَيْهِ الضَّمَان فِيمَا جنت يَده فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد: يضمن مَا جنت يَده
وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ
أَحدهمَا: يضمن
وَالثَّانِي: لَا يضمن
وَاخْتلفُوا فِي الْأَجِير الْمُشْتَرك أَيْضا هَل يضمن مَا لم تجن يَده فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا ضَمَان عَلَيْهِ
وَقَالَ مَالك: عَلَيْهِ الضَّمَان
وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ كالمذهبين
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ
إِحْدَاهمَا: لَا ضَمَان عَلَيْهِ كمذهب أبي حنيفَة
وَالْأُخْرَى: يضمن كمذهب مَالك
وَالثَّالِثَة: إِن كَانَ هَلَاكه مِمَّا لَا يُسْتَطَاع الِامْتِنَاع مِنْهُ
كالحريق واللصوص وَمَوْت الْبَهِيمَة
فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ
وَإِن كَانَ بِأَمْر خَفِي
ويستطاع الِاحْتِرَاز مِنْهُ ضمن
وَأما الأجراء: فَلَا يضمنُون عِنْد مَالك
وهم على الْأَمَانَة إِلَّا الصناع خَاصَّة
فَإِنَّهُم ضامنون إِذا انفردوا بِالْعَمَلِ فِيمَا عملوه بِالْأُجْرَةِ أَو بغَيْرهَا إِلَّا أَن تقوم بَيِّنَة بفراغه وهلاكه فَيبرأ
وَاخْتلف الْخياط وَصَاحب الثَّوْب
فَعِنْدَ مَالك وَأحمد: إِن القَوْل قَول الْخياط
وَهُوَ أحد قولي الشَّافِعِي
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي أحد قوليه: القَوْل قَول صَاحب الثَّوْب
وَاتَّفَقُوا على أَن الرَّاعِي مَا لم يَتَعَدَّ فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا ضرب الْبَهِيمَة الْمُسْتَأْجرَة الضَّرْب الْمُعْتَاد فَهَلَكت
فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: لَا يضمن
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يضمن وَإِن كَانَ ضربا مُعْتَادا
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا عقد مَعَ حمال على حمل مائَة رَطْل ثمَّ أكل مِنْهَا
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد: كلما أكل مِنْهَا شَيْئا أبدل عوضه وَقَالَ الشَّافِعِي فِي أظهر قوليه: لَيْسَ لَهُ أَن يُبدل عوضه
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا اسْتَأْجر دَابَّة فَهَل لَهُ أَن يؤجرها لغيره فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز إِلَّا لمن يُسَاوِيه فِي معرفَة الرّكُوب وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: لَا يجوز لَهُ أَن يؤجرها إِلَّا لمن يُسَاوِيه فِي الطول وَالسمن
وَقَالَ مَالك: لَهُ أَن يكريها من مثله فِي رفْقَة يسيرَة
وَاخْتلفُوا فِيمَن نصب نَفسه للمعاش من غير عقد إِجَارَة
كالملاح والحلاق
فَقَالَ مَالك وَأحمد: يسْتَحق كل مِنْهُم الْأُجْرَة
وَقَالَ أَصْحَاب الشَّافِعِي: لَا يسْتَحق الْأُجْرَة من غير عقد
وَلم يُوجد عَن أبي حنيفَة فِيهِ نَص بل قَالَ أَصْحَابه الْمُتَأَخّرُونَ: إِنَّهُم يسْتَحقُّونَ الْأُجْرَة
وَاخْتلفُوا فِي إِجَارَة الْحلِيّ الذَّهَب بِالذَّهَب أَو الْفضة بِالْفِضَّةِ هَل يكره فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَمَالك: لَا يكره
وَكَرِهَهُ أَحْمد

(1/216)


وَاخْتلفُوا فِي إِكْرَاه الأَرْض بِالثُّلثِ وَالرّبع مِمَّا يخرج مِنْهَا
فَقَالُوا: لَا يَصح
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ
أظهرهمَا: جَوَازه
وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا اسْتَأْجر أَرضًا ليزرعها حِنْطَة
فَلهُ أَن يَزْرَعهَا حِنْطَة
وَمَا ضَرَره ضَرَر الْحِنْطَة
وَاخْتلفُوا فِي الرجل يسْتَأْجر زَوجته لإرضاع وَلَده مِنْهَا
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ: لَا يَصح
وَزَاد مَالك فَقَالَ: تجبر على ذَلِك إِلَّا أَن تكون شريفة لَا ترْضع مثلهَا
وَقَالَ أَحْمد: يَصح
وَاخْتلفُوا فِيمَن اكترى بَهِيمَة إِلَى مَوضِع مَعْلُوم فجاوزه فعطبت الدَّابَّة
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: عَلَيْهِ الْأُجْرَة الْمُسَمَّاة إِلَى الْموضع الْمُسَمّى وَعَلِيهِ قيمتهَا
وَلَا أُجْرَة عَلَيْهِ فِيمَا جاوزه
وَقَالَ مَالك: صَاحبهَا بعد تلفهَا بِالْخِيَارِ بَين أَن يضمنهُ الْقيمَة بِلَا أُجْرَة أَو أُجْرَة الْمثل بِلَا قيمَة بعد أَن يُؤَدِّي الْأُجْرَة الأولى
وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: عَلَيْهِ الْمُسَمّى وَأُجْرَة مَا تعداه أَو قيمتهَا
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا اسْتَأْجر دَارا ليُصَلِّي فِيهَا
فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: يجوز أَن يُؤجر الرجل دَاره مِمَّن يتخذها مصلى مُدَّة مَعْلُومَة ثمَّ تعود إِلَيْهِ ملكا
وَله الْأُجْرَة
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز ذَلِك وَلَا أُجْرَة لَهُ
وَقَالَ ابْن هُبَيْرَة فِي الإفصاح: وَهَذَا من محَاسِن أبي حنيفَة لَا مِمَّا يعاب عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَبْنِيّ على الْقرب عِنْده
فَلَا يُؤْخَذ عَلَيْهَا أُجْرَة
وَاخْتلفُوا: هَل يجوز اشْتِرَاط الْخِيَار ثَلَاثًا فِي الْإِجَارَة فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد: يجوز سَوَاء كَانَت على مُدَّة أَو فِي الذِّمَّة
وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يجوز فِي الْمدَّة قولا وَاحِدًا
وَفِي الذِّمَّة قَولَانِ
وَاتَّفَقُوا على أَن العقد فِي الْإِجَارَة: إِنَّمَا يتَعَلَّق بِالْمَنْفَعَةِ دون الرَّقَبَة خلافًا لأحد قولي الشَّافِعِي
وَاخْتلفُوا فِي إِجَارَة الإقطاع
وَالْمَشْهُور الْمَعْرُوف الْمُقَرّر من الشَّافِعِي: صِحَّتهَا
وَالْجُمْهُور على ذَلِك
قَالَ النَّوَوِيّ: لِأَن الجندي يسْتَحق الْمَنْفَعَة
تَنْبِيه: قَالَ شَيخنَا الإِمَام تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: مَا زلنا نسْمع عُلَمَاء الْإِسْلَام قاطبة بالديار المصرية والبلاد الشامية يَقُولُونَ بِصِحَّة إِجَارَة الإقطاع حَتَّى بزغ الشَّيْخ تَاج الدّين الْفَزارِيّ وَولده
فَقَالَا فِيهَا مَا قَالَا وَهُوَ الْمَعْرُوف من مَذْهَب أَحْمد
وَلَكِن مَذْهَب أبي حنيفَة: بُطْلَانهَا

فصل
: وَإِذا اسْتَأْجر أَرضًا ليزرع فِيهَا نوعا من الْغِرَاس مِمَّا يتأبد ثمَّ انْقَضتْ السّنة فللمؤجر الْخِيَار عِنْد مَالك بَين أَن يُعْطي الْمُسْتَأْجر قيمَة الْغِرَاس وَكَذَلِكَ إِن بنى: أَن يُعْطِيهِ قيمَة بِنَاء ذَلِك على أَنه مقلوع أَو يَأْمُرهُ بقلعه
وَقَالَ أَبُو حنيفَة كَقَوْل مَالك إِلَّا أَنه قَالَ: إِذا كَانَ الْقلع يضر بِالْأَرْضِ أعطَاهُ الْمُؤَجّر الْقيمَة
وَلَيْسَ للغارس قلعه وَإِن لم

(1/217)


يضر لم يكن لَهُ إِلَّا الْمُطَالبَة بِالْقَلْعِ
وَقَالَ الشَّافِعِي: لَيْسَ ذَلِك للمؤجر وَلَا يلْزم الْمُسْتَأْجر قلع ذَلِك
وَيبقى مُؤَبَّدًا وَيُعْطى الْمُؤَجّر قيمَة الْغِرَاس للْمُسْتَأْجر
وَلَا يَأْمُرهُ بقلعه
وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد أَو يقره فِي أرضه
ويكونان مشتركين أَو يَأْمُرهُ بقلعه وَيُعْطِيه أرش مَا نقص بِالْقَلْعِ
وَقَالَ أَحْمد فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة: لَا يلْزم الْمُسْتَأْجر قلع ذَلِك وَيبقى مُؤَبَّدًا
وَيُعْطى الْمُسْتَأْجر أُجْرَة الْمثل للْأَرْض

فصل: وَمن اسْتَأْجر إِجَارَة فَاسِدَة وَقبض مَا اسْتَأْجرهُ وَلم ينْتَفع بِهِ
كَمَا لَو كَانَت أَرضًا فَلم يَزْرَعهَا وَلَا انْتفع بهَا حَتَّى انْقَضتْ مُدَّة الْإِجَارَة فَعَلَيهِ أُجْرَة مثلهَا عِنْد مَالك
وَكَذَلِكَ لَو اسْتَأْجر دَارا فَلم يسكنهَا أَو عبدا فَلم ينْتَفع بِهِ
وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: لَهُ أُجْرَة الْمثل
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا أُجْرَة عَلَيْهِ لكَونه لم ينْتَفع بهَا
انْتهى

المصطلح: ويشتمل على صور
وَلها عمد وَهِي أصُول الشُّرُوط الَّتِي تذكر للِاحْتِيَاط
وَهِي على أَصْنَاف: ذكر الْمُسْتَأْجر والمؤجر وأسمائهما وأنسابهما وَمَا يعرفان بِهِ والمأجور وموضعه وَوَصفه وتحديده والمدة مبتدأها ومنتهاها وَالْأُجْرَة وَذكر تأجيلها إِن كَانَت مُؤَجّلَة أَو تنجيمها إِن كَانَت منجمة أَو قبضهَا إِن كَانَت مُعجلَة وَأَن لَا تتأخر الْإِجَارَة عَن وَقت العقد مُدَّة طَوِيلَة وَلَا قَصِيرَة
وَذكر المعاقدة والتسلم وَالتَّسْلِيم وَأَن يكون الْمَأْجُور مفرغا عِنْد الْإِجَارَة غير مَشْغُول وَإِقْرَار المتؤاجرين عِنْد الشُّهُود بِمَا نسب إِلَى كل وَاحِد مِنْهُمَا من ذَلِك
وَمَعْرِفَة الشُّهُود بهما وَصِحَّة الْعقل وَالْبدن وَجَوَاز الْأَمر والتاريخ
وَأما الصُّور فَمِنْهَا: صُورَة الْإِجَارَة الْوَارِدَة على الْعين: اسْتَأْجر فلَان الْوَصِيّ الشَّرْعِيّ على تَرِكَة فلَان وعَلى أَوْلَاده لصلبه
وهم: فلَان وَفُلَان وَفُلَان الْأَيْتَام الصغار الَّذين هم فِي حجور الشَّرْع الشريف بِمُقْتَضى كتاب الْوَصِيَّة الْمحْضر من يَده ويشرحه وَيذكر تَارِيخه وثبوته وَإِن كَانَ بِالْإِذْنِ من الْحَاكِم بِغَيْر وَصِيَّة فقد تقدم من ذَلِك مَا فِيهِ كِفَايَة ثمَّ يَقُول: للأيتام الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ بمالهم الْحَاصِل لَهُم تَحت يَد الْوَصِيّ الْمَذْكُور بَينهم بِالسَّوِيَّةِ أَثلَاثًا لظُهُور الْحَظ والمصلحة وَالْغِبْطَة لَهُم فِي ذَلِك المسوغة للاستئجار لَهُم شرعا من فلَان وَهُوَ الْقَائِم فِي إِيجَار مَا يَأْتِي ذكره على الْوَجْه الْآتِي شَرحه عَن الْإِخْوَة الأشقاء
وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان أَوْلَاد فلَان وَعَن والدتهم فُلَانَة بإذنهم لَهُ وتوكيلهم إِيَّاه فِي إِيجَار الْمَأْجُور الْآتِي ذكره من الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور بِالْأُجْرَةِ الْآتِي ذكرهَا على الْوَجْه الْآتِي

(1/218)


شَرحه
وَفِي قبض الْأُجْرَة وَتَسْلِيم الْمَأْجُور
وَفِي التسلم وَالتَّسْلِيم وَالْمُكَاتبَة وَالْإِشْهَاد على الرَّسْم الْمُعْتَاد التَّوْكِيل الصَّحِيح الشَّرْعِيّ الَّذِي قبله مِنْهُم
وتقلده عَنْهُم الْقبُول الشَّرْعِيّ بِشَهَادَة شُهُوده أَو بِشَهَادَة من يعين ذَلِك فِي رسم شَهَادَته أَو بِمُقْتَضى كتاب الْوكَالَة الْمحْضر من يَده المتضمن لذَلِك المؤرخ بِكَذَا الثَّابِت مضمونه بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ للأيتام الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ وَبِمَا لَهُم دون مَاله بِالْإِذْنِ الْمشَار إِلَيْهِ أَو بِالْوَصِيَّةِ الشَّرْعِيَّة مَا هُوَ لموكلي الْأجر الْمَذْكُور أَعْلَاهُ وملكهم وبيدهم وَتَحْت تصرفهم إِلَى حَالَة هَذِه الْإِجَارَة
ومنتقل إِلَيْهِم بِالْإِرْثِ الشَّرْعِيّ من وَالِد الْإِخْوَة الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ زوج والدتهم الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ بَينهم على حكم الْفَرِيضَة الشَّرْعِيَّة
وَالْأُجْرَة الْآتِي ذكرهَا بَينهم كَذَلِك
وَذَلِكَ جَمِيع كَذَا وَكَذَا إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة
لَازِمَة الِانْتِفَاع بالمأجور الْمعِين أَعْلَاهُ انْتِفَاع مثله بِمثل ذَلِك لمُدَّة كَذَا وَكَذَا من تَارِيخه بِأُجْرَة مبلغها عَن ذَلِك كَذَا وَكَذَا مَا هُوَ على حكم الْحُلُول كَذَا وَكَذَا عجل الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور ذَلِك من المَال الْحَاصِل تَحت يَده للأيتام الْمُسْتَأْجر لَهُم الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ
وَدفعه إِلَى الْوَكِيل الْمُؤَجّر الْمَذْكُور
فَقَبضهُ مِنْهُ لموكليه الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ قبضا شَرْعِيًّا
وَالْبَاقِي من الْأُجْرَة الْمعينَة أَعْلَاهُ كَذَا وَكَذَا يقوم الْوَصِيّ الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور بِهِ من مَال الْأَيْتَام الْمَذْكُورين للْوَكِيل الْمُؤَجّر الْمَذْكُور أَو لمن يسْتَحق قبض ذَلِك مِنْهُ شرعا على قسطين متساويين أَو ثَلَاثَة أقساط كل سنة تمْضِي من تَارِيخه كَذَا وَكَذَا
سلم الْوَكِيل الْمُؤَجّر الْمَذْكُور إِلَى الْمُسْتَأْجر الْوَصِيّ الْمَذْكُور جَمِيع الْمَأْجُور الْمعِين أَعْلَاهُ
فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وَإِن كَانَ الْمَأْجُور فِي بلد غير بلد العقد كتب مَوضِع التَّسْلِيم وخلاه التَّخْلِيَة الشَّرْعِيَّة
فَإِذا انْتهى من ذَلِك يَقُول: ثمَّ ساقى الْمُؤَجّر الْمَذْكُور على مَا بأراضي الْقرْيَة الموصوفة المحدودة بأعاليه من الْأَشْجَار الْمُخْتَلفَة الثِّمَار على أَن يعْمل فِي ذَلِك الْعَمَل الْمُعْتَاد فِي مثله شرعا بأجراء الْأَيْتَام الْمَذْكُورين وعواملهم ودوابهم وآلاتهم ويكسح أشجاره وينقي ثماره
وَمهما رزق الله تَعَالَى فِي ذَلِك فِي طول الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ كَانَ بَين الْأَيْتَام الْمُسْتَأْجر لَهُم وَبَين موكلي الْمُؤَجّر الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ على ألف سهم من ذَلِك سهم وَاحِد للموكلين الْمَذْكُورين بِحَق ملكهم حَسْبَمَا وكلوه فِي ذَلِك التَّوْكِيل الشَّرْعِيّ
وَالْبَاقِي للأيتام الْمُسْتَأْجر لَهُم مُسَاقَاة شَرْعِيَّة حَسْبَمَا اتفقَا وتراضيا على ذَلِك
قبل كل مِنْهُمَا ذَلِك من الآخر قبولا شَرْعِيًّا
وَذَلِكَ بعد أَن ثَبت عِنْد الْحَاكِم الْآذِن الْمشَار إِلَيْهِ مَا ذكر ثُبُوته أَعْلَاهُ حَالَة الِاسْتِئْجَار الْمعِين أَعْلَاهُ وَأَن فِي اسْتِئْجَار ذَلِك للأيتام الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ حظا وافرا وغبطة ظَاهِرَة مسوغتي الِاسْتِئْجَار لَهُم شرعا وَأَن الْأُجْرَة أُجْرَة الْمثل للمأجور حَالَة التآجر وَأَن الْمَأْجُور الْمَذْكُور بيد الموكلين الْمَذْكُورين

(1/219)


وملكهم وَتَحْت تصرفهم إِلَى حِين صُدُور الْإِجَارَة الْمعينَة أَعْلَاهُ بعد اسْتِيفَاء الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة
وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا
ويكمل بِالْإِشْهَادِ والتاريخ والحسبلة بِخَط الْحَاكِم
وَصُورَة إِجَارَة دَار للسُّكْنَى
وَهِي وَارِدَة أَيْضا على الْعين: اسْتَأْجر فلَان من فلَان الْوَصِيّ الشَّرْعِيّ أَو بِإِذن الْحَاكِم ويشرح على مَا تقدم من أَمر الْوَصِيَّة أَو الْإِذْن على الْإِخْوَة الأشقاء الْأَيْتَام الصغار
وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان أَوْلَاد فلَان الَّذين هم فِي حجر الشَّرْع الشريف لوُجُود الْحَظ والمصلحة وَالْغِبْطَة للأيتام الْمَذْكُورين فِي إِيجَار الْمَأْجُور الْآتِي ذكره على الْوَجْه الْآتِي شَرحه المسوغ ذَلِك للإيجار عَلَيْهِم شرعا مَا هُوَ ملك للأيتام الْمُؤَجّر عَلَيْهِم الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ وبيدهم وَتَحْت تصرفهم إِلَى حَالَة هَذِه الْإِجَارَة الثَّابِتَة ملكيتهم لذَلِك عِنْد الْحَاكِم الْآذِن الْمشَار إِلَيْهِ
وَذَلِكَ جَمِيع الدَّار الْكُبْرَى العامرة الكائنة بِموضع كَذَا ويصفها ويحددها إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لَازِمَة لمُدَّة كَذَا وَكَذَا من تَارِيخه بِأُجْرَة مبلغها عَن الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ كَذَا وَكَذَا حسابا لكل شهر كَذَا وَكَذَا يقوم الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور للمؤجر الْوَصِيّ الْمَذْكُور بِأُجْرَة كل شهر فِي غرته أَو فِي سلخه
ويكمل الْإِجَارَة بِالشُّرُوطِ الْمُعْتَبرَة
كَمَا تقدم
وَإِن كَانَ فِي الدَّار جنينة ذَات أَشجَار ذيل بالمساقاة على نَحْو مَا تقدم شَرحه
وَصُورَة اسْتِئْجَار الأَرْض للزِّرَاعَة: اسْتَأْجر فلَان من فلَان مَا ذكر الْمُؤَجّر الْمَذْكُور: أَنه لَهُ وَبِيَدِهِ وَملكه وَتَحْت تصرفه إِلَى حِين صُدُور هَذِه الْإِجَارَة
وَذَلِكَ جَمِيع قِطْعَة الأَرْض الْكَشْف الْبيَاض الَّتِي شربهَا من النَّهر الْفُلَانِيّ أَو من الْقَنَاة الْفُلَانِيَّة أَو من مَاء الْمَطَر أَو من مَاء الثلوج السَّائِل إِلَيْهَا من الْجَبَل الْفُلَانِيّ أَو من مَاء النّيل الْمُبَارك ويصفها ويحددها إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لَازِمَة لينْتَفع الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور بذلك الزَّرْع والزراعة بِالْحِنْطَةِ أَو غير ذَلِك من أَصْنَاف المزروعات والحبوب على الْوَجْه الشَّرْعِيّ لمُدَّة كَذَا وَكَذَا من تَارِيخه ويكمل بِذكر الْأُجْرَة وَقَبضهَا أَو حلولها أَو تقسيطها
وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة والتسلم وَالتَّسْلِيم والرؤية والمعرفة
ويؤرخ
وَصُورَة الْإِجَارَة الْوَارِدَة على الذِّمَّة بتأجيل الْمَنْفَعَة وتعجيل الْأُجْرَة: اسْتَأْجر فلَان من فلَان
فَأَجره نَفسه على أَن يحمل الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور وَزَوجته فُلَانَة فِي زوج محاير عجمي ملبد مغطى بِثَوْب جوخ ويصف مَا يحملهُ لَهما من الْأَحْمَال والحوائج خاناه والمواهي والزوامل وَمَا فِيهَا من القماش والأثاث والزاد وَالْمَاء ويضبط كل شَيْء مِنْهَا بِالْوَزْنِ وَيذكر الْخَيْمَة وَآلَة الطَّبْخ والكراريز والدست والصاغرة والمنصب الْحَدِيد

(1/220)


والتعاليق وَمَا فِيهَا من الأدهان
وقماش الْبدن وَمَا يقيهما من الْحر وَالْبرد
ويستوفي الْكَلَام فِي ذكر مَا يحْتَاج إِلَيْهِ الْحَاج ثمَّ يَقُول: من مَدِينَة كَذَا إِلَى مَدِينَة كَذَا ثمَّ إِلَى مَكَّة المشرفة ثمَّ إِلَى عَرَفَات ثمَّ إِلَى منى ثمَّ إِلَى مَكَّة المشرفة ثمَّ إِلَى الْمَدِينَة الشَّرِيفَة النَّبَوِيَّة على الْحَال بهَا أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام ثمَّ إِلَى الينبوع ثمَّ إِلَى الْعقبَة ثمَّ إِلَى الْقَاهِرَة المحروسة على جمال يقيمها من مَاله وصلب حَاله صُحْبَة الركب الشريف السلطاني الشَّامي أَو الْمصْرِيّ أَو الْحلَبِي أَو الْكُوفِي أَو الغزاوي ذَهَابًا وإيابا وعَلى أَن يحمل لَهُ فِي الرّجْعَة من التَّمْر والجوز والشاشات والأزر البيارم والأنطاع والجلود الطَّائِفِي وَغير ذَلِك من أَنْوَاع الْهَدِيَّة الْمُعْتَادَة كَذَا وَكَذَا ويضبط كل نوع مِنْهَا بِتَقْدِير وزن مَعْلُوم إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة بِأُجْرَة مبلغها كَذَا على حكم الْحُلُول دَفعهَا الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور إِلَى الْمُؤَجّر الْمَذْكُور بِحَضْرَة شُهُوده
فقبضها مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا
وَهَذِه الْأُجْرَة يجوز تَعْجِيلهَا وتأجيلها
وَلَا بُد فِيهَا من اعْتِرَاف الْمُؤَجّر بِمَعْرِِفَة مَا عَاقد عَلَيْهِ الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة النافية للْجَهَالَة
ثمَّ يَقُول: وَعَلِيهِ الشُّرُوع فِي السّفر من اسْتِقْبَال كَذَا صُحْبَة الركب الشريف الْمشَار إِلَيْهِ مصحوبا بالسلامة
ويكمل على نَحْو مَا سبق
وَصُورَة الْإِجَارَة الْوَارِدَة على الْعين بِأُجْرَة مُعجلَة أَو مُؤَجّلَة: اسْتَأْجر فلَان من فلَان الْجمال الْحَادِي جَمِيع الْجمال الْعشْرَة الْمَذْكُورَة المذللة السمان الْجِيَاد الْحَاضِرَة حَال العقد عِنْد الْمُتَعَاقدين المشخصة عِنْدهمَا الْوَارِد عقد هَذِه الْإِجَارَة عَلَيْهَا بعد تشخيصها ليحمل الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور وَزَوجته فُلَانَة الَّتِي وصفهَا كوصفه فِي الطول وَالسمن فِي زوج محاير عجمي ملبد مغطى وَيذكر مَا تقدم شَرحه مُبينًا على الْجمال الْمَذْكُورَة من مَدِينَة كَذَا إِلَى مَدِينَة كَذَا ويسوق الْكَلَام الْمُتَقَدّم من غير إخلال بمقصود فِي سفر الْحَاج ثمَّ يَقُول: إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لَازِمَة للْحَمْل وَالِانْتِفَاع بالجمال الْمَذْكُورَة انْتِفَاع مثلهَا على الْعَادة فِي مثل ذَلِك بِأُجْرَة مبلغها كَذَا
دفع الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور إِلَى الْمُؤَجّر الْمَذْكُور كَذَا وَكَذَا من جملَة الْأُجْرَة الْمعينَة أَعْلَاهُ
فَقبض ذَلِك مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَبَاقِي الْأُجْرَة الْمعينَة أَعْلَاهُ يقوم بِهِ الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور بدفعها على قسطين متساويين أَو على قسط وَاحِد
أَحدهمَا: فِي الْعشْر الأول من ذِي الْقعدَة سنة تَارِيخه
وَالثَّانِي: فِي الْعشْر الأول من ذِي الْحجَّة بِمَكَّة المشرفة
وَأقر بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك وَسلم الْمكْرِي الْمَذْكُور إِلَى الْمُكْتَرِي الْمَذْكُور الْجمال المكراة
فتسلمها مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا بعد الرُّؤْيَة لَهَا ومعرفتها الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة النافية للْجَهَالَة
وعَلى الْجمال الْمَذْكُور إِبْدَال الْجمل المعيوب والهالك من الْجمال الْوَارِد عَلَيْهَا عقد هَذِه الْإِجَارَة بِغَيْرِهِ من الْجمال الْجِيَاد السليمة من الْعُيُوب وتعاقدا على ذَلِك معاقدة شَرْعِيَّة
ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه

(1/221)


وَصُورَة اسْتِئْجَار رجل لِلْحَجِّ عَن ميت بِمُبَاشَرَة وَصِيّه الشَّرْعِيّ: أجر فلَان نَفسه لفُلَان الْوَصِيّ الشَّرْعِيّ عَن فلَان أَو الْقَائِم فِيمَا سَيَأْتِي ذكره فِيهِ بِالْوَصِيَّةِ الشَّرْعِيَّة الصادرة لَهُ من فلَان الْمُتَوفَّى إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى من قبل تَارِيخه المؤرخ بَاطِنهَا بِكَذَا وَالثَّالِث مضمونها بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ المؤرخ ثُبُوته بِكَذَا على أَن يحجّ بِنَفسِهِ عَن فلَان الْمُوصي الْمُتَوفَّى الْمَذْكُور حجَّة الْإِسْلَام الْوَاجِبَة عَلَيْهِ شرعا على أَن يتَوَجَّه من الْبَلَد الْفُلَانِيّ فِي عَام تَارِيخه فِي مُدَّة يتَمَكَّن فِيهَا من أَدَاء فرض الْحَج فِي الْعَام الْمَذْكُور
قَاصِدا أَدَاء حجَّة الْإِسْلَام وعمرته إِمَّا مَعَ الركب الشريف الْمصْرِيّ أَو الشَّامي أَو غَيرهمَا أَو فِي الْبَحْر الْملح أَو غير ذَلِك على مَا يتفقان عَلَيْهِ
فَيحرم من الْمِيقَات الَّذِي يجب على مثله
وَيَنْوِي حجَّة مُفْردَة كَامِلَة
وَيدخل الْحرم الشريف ملبيا
فَيُؤَدِّي عَنهُ الْحجَّة الْمَذْكُورَة بأركانها وواجباتها وشروطها وسننها
ثمَّ يعْتَمر عَنهُ عمْرَة من ميقاتها الشَّرْعِيّ مكملة الشُّرُوط على الأوضاع الْمُعْتَبرَة الشَّرْعِيَّة
وَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أفرد وَإِن شَاءَ تمتّع وَإِن شَاءَ قرن
وَيَنْوِي فِي جَمِيع أَفعاله لذَلِك وتلبسه بِهِ: وُقُوعه عَن الْمُتَوفَّى الْمُوصي الْمَذْكُور وَأجر ثَوَابه لَهُ
وَمَتى وَقع مِنْهُ إخلال يلْزم فِيهِ فديَة
وَوَجَب عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ دم كَانَ ذَلِك مُتَعَلقا بِهِ وبماله دون مَال الْمُتَوفَّى الْمَذْكُور
عاقده الْوَصِيّ الْمَذْكُور على ذَلِك كُله معاقدة صَحِيحَة شَرْعِيَّة بِالْأُجْرَةِ الْمعينَة لذَلِك فِي كتاب الْوَصِيَّة الْمَذْكُور وَهِي كَذَا وَكَذَا أقبضها الْوَصِيّ الْمَذْكُور للمعاقد الْمَذْكُور من مَال الْمُسْتَأْجر لَهُ الْمُوصي الْمَذْكُور
فقبضها مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا
وَصَارَت بِيَدِهِ وحوزه
وَعَلِيهِ أَن يَأْتِي بمسطور يُبرئهُ من ذَلِك
وَذَلِكَ بعد أَن ثَبت بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ أَن الْمُؤَجّر نَفسه الْمَذْكُور حج عَن نَفسه الْفَرِيضَة الْوَاجِبَة عَلَيْهِ ثبوتا شَرْعِيًّا
ويؤرخ
وَصُورَة اسْتِئْجَار رجل لتعليم الْقُرْآن: اسْتَأْجر فلَان فلَانا المقرىء المجود الْحَافِظ المتقن الْمُحَرر ليقرىء وَلَده لصلبه فلَانا الصَّبِي الْمُمَيز أَو العشاري الَّذِي أَجَاد الْحِفْظ من سُورَة: {قل أعوذ بِرَبّ النَّاس} إِلَى آخر (سُورَة الْكَهْف) مثلا
تَكْمِلَة كتاب الله الْعَزِيز الْقُرْآن الْكَرِيم كَلَام رب الْعَالمين وَهُوَ من أول الْفَاتِحَة لسورة الْبَقَرَة إِلَى آخر سُورَة سُبْحَانَ قِرَاءَة متقنة جَيِّدَة
خَالِيَة من اللّحن والتغيير والتحريف والتبديل إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة فِي مُدَّة سنة كَامِلَة من تَارِيخه بِأُجْرَة مبلغها عَن ذَلِك كَذَا وَكَذَا
يقوم لَهُ بِالْأُجْرَةِ الْمعينَة أَعْلَاهُ مقسطة عَلَيْهِ من تَارِيخه فِي اثْنَي عشر قسطا مُتَسَاوِيَة سلخ كل شهر يمْضِي من اسْتِقْبَال الْمدَّة الْمَذْكُورَة قسط وَاحِد أقرّ بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك
وَسلم الْمُؤَجّر نَفسه لذَلِك
وَشرع فِي تلقين الْوَلَد الْمَذْكُور وإقرائه وتحفيظه
ويؤرخ
وَصُورَة اسْتِئْجَار الْمَرْأَة للحضانة والإرضاع: اسْتَأْجر فلَان مطلقته فُلَانَة لحضانة

(1/222)


وَلَده فلَان أَو ابْنَته فُلَانَة الصَّغِيرَة الرَّضِيع الْمُقدر عمرها بِكَذَا وَكَذَا شهرا الَّتِي رزقها على فرَاشه قبل تَارِيخه من مطلقته الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ وإرضاعها بَقِيَّة مُدَّة الرَّضَاع الشَّرْعِيّ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا شهرا من تَارِيخه على أَن الحاضنة الْمَذْكُورَة تحفظ الصَّغِيرَة الْمَذْكُورَة وتتعهدها بِغسْل وَجههَا ورأسها وبدنها وثيابها ودهنها وكحلها وربطها فِي مهدها وتحريكها لتنام وإرضاعها من ثديها وَالْقِيَام بِمَا تحْتَاج إِلَيْهِ وملازمتها بالحضانة والإرضاع فِي السكن الْفُلَانِيّ قَائِمَة بِمَا يلْزم الحاضنات من مُلَازمَة مَحل الْحَضَانَة على الْوَجْه الشَّرْعِيّ إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لَازِمَة بِأُجْرَة مبلغها عَن كل شهر يمْضِي من تَارِيخه كَذَا وَكَذَا يقوم الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور للمستأجرة الْمَذْكُورَة بِأُجْرَة كل شهر فِي غرته أقرّ فلَان بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك
وتعاقدا على ذَلِك معاقدة شَرْعِيَّة
وسلمت الْمُؤجرَة الْمَذْكُورَة نَفسهَا لذَلِك
وتسلمت الصَّغِيرَة الْمَذْكُورَة لتحضنها وترضعها على الحكم المشروح أَعْلَاهُ
ويكمل
وَصُورَة اسْتِئْجَار شَيْء جَار فِي إِيجَار الْغَيْر قبل فرَاغ مُدَّة الأول وَهِي صَحِيحَة على مَذْهَب الإِمَام أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ: اسْتَأْجر فلَان من فلَان
مَا ذكر الْمُؤَجّر الْمَذْكُور أَنه لَهُ وبملكه وَله إيجاره وَقبض أجرته بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ
وَذَلِكَ جَمِيع الشَّيْء الْفُلَانِيّ ويصفه ويحدده وَيَقُول: وَهُوَ جَار الْآن فِي إِيجَار فلَان الْفُلَانِيّ مُدَّة انقضاؤها سلخ سنة من تَارِيخه
إِجَارَة شَرْعِيَّة لَازِمَة مُدَّة سنة كَامِلَة
أَولهَا: مستهل الْمحرم الْحَرَام سنة كَذَا بِأُجْرَة مبلغها كَذَا حسابا لكل شهر كَذَا يقوم الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور بِأُجْرَة كل شهر فِي سلخه
أقرّ بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك
وَذَلِكَ بعد الرُّؤْيَة والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة
وعَلى الْمُؤَجّر الْمَذْكُور تَسْلِيم الْمَأْجُور الْمعِين أَعْلَاهُ إِلَى الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور فِي أول الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ ويكمل على نَحْو مَا سبق وَإِن رفعت هَذِه الْإِجَارَة إِلَى حَاكم حَنَفِيّ حكم بِصِحَّتِهَا أَو إِلَى شَافِعِيّ حكم ببطلانها مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ
وَإِن كَانَت الْإِجَارَة مُدَّة مستأنفة تالية لمُدَّة الْمُسْتَأْجر
كتب على نَحْو مَا تقدم فِي الصُّورَة الَّتِي تقدّمت
وَفِي التَّسْلِيم يَقُول: والمأجور الْمعِين أَعْلَاهُ بيد الْمُسْتَأْجر بِحكم عقده السَّابِق على هَذَا العقد بتصادقهما على ذَلِك
وَإِن كَانَ الْمُؤَجّر قد أجر مَا هُوَ جَار فِي عقد إيجاره
فَيحْتَاج عِنْد الإِمَام أبي حنيفَة أَن لَا يكون الْمَأْجُور حِصَّة شائعة وَأَن لَا يُؤجر الْمُسْتَأْجر مَا اسْتَأْجرهُ إِلَّا بنظير مَا اسْتَأْجر بِهِ لَا بِزِيَادَة
فَإِن ذَلِك مَمْنُوع عِنْده وَعند أَحْمد
جَائِز عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ
وَإِن أجره مَنْفَعَة دَار بِمَنْفَعَة دَار
فَجَائِز
وَكَذَلِكَ إِذا اسْتَأْجر دَارا من رجل لَهُ عَلَيْهِ دين
فهما مخيران بَين أَن يستأجره مِنْهُ بِأُجْرَة مُعينَة ويقاصصه بنظيرها من دينه وَبَين أَن

(1/223)


يسْتَأْجر مِنْهُ بِالدّينِ الَّذِي فِي ذمَّته
وَيَقُول: بِأُجْرَة مبلغها كَذَا من دين الْمُسْتَأْجر المستقر فِي ذمَّة الْمُؤَجّر الْمَذْكُور وَيَقُول فِي آخر كتاب الْإِجَارَة: بَرِئت بذلك ذمَّة الْمُسْتَأْجر من الْأُجْرَة الْمعينَة أَعْلَاهُ
وَذمَّة الْمُؤَجّر من نظيرها من الدّين الْبَرَاءَة الشَّرْعِيَّة
ضَابِط: كل مَا جرى عَلَيْهِ عقد البيع فِي كتاب التبايع من الشُّرُوط يجْرِي عَلَيْهِ عقد الْإِجَارَة
ويوصف فِي كتاب الْإِجَارَة بِلَفْظ (الْإِجَارَة) وَفِي كتاب التبايع بِلَفْظ (التبايع) وَلَا يخفى ذَلِك على الحذاق الممارسين لهَذِهِ الصِّنَاعَة ووقائعها
انْتهى
وَصُورَة إِجَارَة الأَرْض الْبناء وَالْغِرَاس: اسْتَأْجر فلَان من فلَان جَمِيع الْقطعَة الأَرْض الْكَشْف أَو الْبيَاض أَو الخالية من الْجدر والسقوف الكائنة بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ ويحددها
وَيذكر ذرعها إِن أمكن الذرع إِجَارَة شَرْعِيَّة لَازِمَة للْبِنَاء والعمارة والتعلية وحفر الأساسات وَالشرب وَالْغِرَاس الْمُخْتَلف الْأَنْوَاع وَالثِّمَار وحفر الْآبَار والقنوات والمجاري والمصارف والمنازف وسوق المَاء إِلَيْهَا
والزراعة بأرضها مَا شَاءَ من الزَّرْع مِمَّا لَهُ سَاق وَمَا لَيْسَ لَهُ سَاق من الصيفي والشتوي
وَالِانْتِفَاع بالمأجور الْمعِين أَعْلَاهُ كَيفَ شَاءَ الْمُسْتَأْجر بِالْمَعْرُوفِ مُدَّة ثَلَاثِينَ سنة أَو أَكثر أَو أقل مُتَوَالِيَات الشُّهُور وَالْأَيَّام والأعوام من تَارِيخه بِأُجْرَة مبلغها عَن الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ كَذَا وَكَذَا دفع الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور إِلَى الْمُؤَجّر الْمَذْكُور جَمِيع الْأُجْرَة الْمعينَة أَعْلَاهُ
فقبضها مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا
وَسلم إِلَيْهِ الْمَأْجُور الْمَحْدُود الْمَذْكُور بأعاليه
فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا بعد النّظر والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة ويكمل
وَإِن كَانَ الْمَأْجُور وَقفا والمؤجر نَاظرا فِيهِ
فَيَقُول: أجره مَا هُوَ وقف صَحِيح شَرْعِي جَار تَحت نظر الْمُؤَجّر الْمَذْكُور وَهُوَ وقف عَلَيْهِ وعَلى من يشركهُ فِيهِ بِمُقْتَضى كتاب الْوَقْف الْمحْضر من يَده لشهوده الَّذِي من مضمونه: أَن فلَانا الْوَاقِف لذَلِك جعل النّظر فِيهِ للأرشد فالأرشد من أهل الْوَقْف وَلم يشرط فِي إيجاره مُدَّة مُعينَة وَيجْرِي الْكَلَام فِي الْإِجَارَة إِلَى آخِره
وَإِن حضر إخْوَة الْمُؤَجّر وَصَدقُوا على ذَلِك
كتب تصديقهم على ذَلِك التَّصْدِيق الشَّرْعِيّ فِي ذيل الْإِجَارَة
ويؤرخ
وَإِن كَانَت الْإِجَارَة وَارِدَة على حفر بِئْر
فيذكر طولهَا واتساعها ومدورة أَو مربعة
وَإِن كَانَت دولابا فَكَذَلِك
وَإِن كَانَت قناة تَحت الأَرْض
فيذكر ذرعها من أول الْحفر إِلَى آخر الْمَكَان المحفور بالذراع الْمَقْصُود واتساع الْقَنَاة وارتفاعها
وحفر آبار الْعُيُون
النَّازِلَة عَلَيْهَا

(1/224)


وَإِن كَانَت وَارِدَة على رجل للخياطة أَو للْبِنَاء فَهِيَ وَارِدَة على الذِّمَّة
فَلَا يحْتَاج فِيهَا إِلَى تعْيين الْقَمِيص أَو الْعِمَارَة
وَإِن كَانَت وَارِدَة على الْعين
فيعين الْقَمِيص للخياطة والعمارة للْبِنَاء من الطول وَالْعرض والارتفاع وَمَا يبْنى بِهِ من الْآلَات
وَكَذَلِكَ إِذا اسْتَأْجر رجلا ليرعى لَهُ الْغنم أَو غَيرهَا
فَهُوَ إِمَّا أَن يسْتَأْجر عينه ليرعى لَهُ أغنامه
فَلَا يذكر عدتهَا
وَإِمَّا أَن يستأجره ليرعى لَهُ أغناما مَعْلُومَة فيذكر عدتهَا
وَيذكر فِي كل وَاقعَة بحسبها مراعيا فِي ذَلِك الذِّمَّة وَالْعين
وَإِن كَانَت إِجَارَة حَائِط لوضع الْجُذُوع
فَيجْرِي القَوْل فِيهَا على نَحْو مَا تقدم فِي وضع الْجُذُوع فِي كتاب الْعَارِية لَكِن هَذِه بِلَفْظ الْإِجَارَة
وَيذكر فِيهَا الْمدَّة وَالْأُجْرَة
وَإِن كَانَت إِجَارَة عُقُود
فَيَقُول: إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لَازِمَة للْبِنَاء والعمارة وَالِانْتِفَاع بالمأجور الْمعِين كَيفَ شَاءَ الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور الْمَعْرُوف مُدَّة ثَمَانِيَة وَأَرْبَعين سنة كاملات مُتَوَالِيَات
أولَاهُنَّ: يَوْم تَارِيخه بِأُجْرَة مبلغها كَذَا
دفع الْمُسْتَأْجر إِلَى الْمُؤَجّر الْمَذْكُور جَمِيع الْأُجْرَة الْمعينَة أَعْلَاهُ
فقبضها مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا
ويكمل
ثمَّ يَقُول: وَوَجَب للْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور الِانْتِفَاع بالمأجور الْمعِين أَعْلَاهُ الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ وجوبا شَرْعِيًّا وَجرى عقد هَذِه الْإِجَارَة على الْمَأْجُور الْمعِين أَعْلَاهُ فِي سِتَّة عشر عقدا مِنْهَا متتابعة المدد مُتَفَرِّقَة الْمجَالِس كل عقد مِنْهَا ثَلَاث سِنِين لكل عقد مِنْهَا أُجْرَة تخصه وَلَفظ يَشْمَلهُ فَأول مُدَّة العقد الأول: أول الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ
وَأول كل عقد من بَقِيَّة الْعُقُود: مَا أعقبه مُدَّة العقد الَّذِي قبله
وَآخر مُدَّة العقد الآخر: آخر الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ
وَصُورَة الِاسْتِئْجَار لِاسْتِيفَاء الْقصاص فِي النَّفس خلافًا ل أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وَحده: اسْتَأْجر فلَان وَفُلَان وَفُلَان الْإِخْوَة الأشقاء أَوْلَاد فلَان فلَانا لِاسْتِيفَاء الْقصاص من فلَان قَاتل وَالِد المستأجرين الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ الثَّابِت عَلَيْهِ قَتله عمدا
وَأَنه ضربه ضَرْبَة بمثقل فَمَاتَ مِنْهَا
كل ذَلِك بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّة أَو باعترافه بذلك بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ بعد الدَّعْوَى عَلَيْهِ
وَطلب اسْتِيفَائه بِالسَّيْفِ إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة
فَإِن كتب هَذِه الْإِجَارَة على مَذْهَب مَالك فَتكون الْأُجْرَة عِنْده على الْمُوكل أَو الْمُسْتَأْجر
فَيَقُول: بِأُجْرَة مبلغها كَذَا دَفعهَا المستأجرون المذكورون أَعْلَاهُ إِلَى الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور
فقبضها مِنْهُم قبضا شَرْعِيًّا
ويكمل

(1/225)


وَإِن كتب على مَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد فَتكون الْأُجْرَة عِنْدهمَا على الْمُقْتَص مِنْهُ
وَكَذَلِكَ الْإِجَارَة فِي اسْتِيفَاء الْقصاص فِيمَا دون النَّفس فَإِنَّهَا جَائِزَة إِجْمَاعًا وَالْخلاف بَاقٍ فِي الْأُجْرَة على حَاله
وَإِن كَانَت إِجَارَة حجام فَجَائِز عِنْدهم مُبَاحَة للْحرّ
خلافًا لِأَحْمَد
فَإِن الْأُجْرَة حرَام عِنْده فِي حق الْحر
وَصورتهَا: اسْتَأْجر فلَان فلَانا ليحجمه بالمشرط أَو الملازم فِي نقرته وساقيه إِجَارَة شَرْعِيَّة بمبلغ كَذَا دفع ذَلِك إِلَيْهِ
فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا
ويكمل
وَصُورَة اسْتِئْجَار الْخَادِم بِالطَّعَامِ وَالْكِسْوَة: أجر فلَان نَفسه من فلَان على أَن يقوم بخدمته فِي شِرَاء مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من المطعومات بالأسواق من اللحوم والألبان وَغير ذَلِك
وَأَن يقوم بِخِدْمَة دَابَّته أَو بغلته مثلا وعلفها وسقيها وربط الدَّابَّة وحلها وَشد السرج والإكاف عَلَيْهَا وحله وإلباسها اللجام وَرَفعه وَالْمَشْي مَعَه حَيْثُ توجه
وَتَقْدِيم الدَّابَّة لَهُ عِنْد الرّكُوب ومسكها عِنْد النُّزُول وحفظها من حِين النُّزُول إِلَى أَن يركب فِي كل يَوْم وَلَيْلَة على الدَّوَام والاستمرار سفرا وحضرا خلا أَوْقَات الصَّلَوَات إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة
جَائِزَة مُدَّة كَذَا من تَارِيخه بِأُجْرَة لَهُ عَن ذَلِك من الْكسْوَة قَمِيص ولباس وقبع وعمامة من الْقطن الخشن وجبة من الْقطن الْمَضْرُوب أَو بِشَتٍّ من الصُّوف المخطط أَو جوخة من الجوخ الملون المخيوط الْقيمَة لذَلِك كُله كَذَا وَكَذَا درهما
وَمن الطَّعَام مَا يَكْفِي مثله فِي الْعَادة
فالكسوة مُؤَجّلَة تحل عِنْد فرَاغ الْمدَّة وانقضائها
وَالنَّفقَة كل يَوْم فِيهِ وَأقر الْمُسْتَأْجر بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك
وَأقر الْمُؤَجّر نَفسه بِالْقُدْرَةِ على الْعَمَل وَسلم نَفسه لذَلِك وَشرع فِيهِ من يَوْم تَارِيخه
ويكمل
وَصُورَة اسْتِئْجَار كتب الْعلم للمطالعة وَالنَّظَر والاستفادة والنسخ مِنْهَا إِلَى غير ذَلِك مِمَّا يقْصد بهَا: اسْتَأْجر فلَان من فلَان فَأَجره مَا ذكر أَنه لَهُ وَملكه وَبِيَدِهِ وَتَحْت تصرفه إِلَى حِين صُدُور هَذِه الْإِجَارَة
وَذَلِكَ جَمِيع الْكتب المجلدات النفيسات الْحَسَنَة الْخط المتقنات الْجلد الْمُشْتَملَة على شرح كَذَا
وعدته كَذَا وَكَذَا جُزْءا وَشرح كَذَا وعدته كَذَا وَكَذَا جُزْءا ويعدد الْكتب إِن كَانَت متونا أَو شروحا بأسمائها وَأَسْمَاء مؤلفيها وعدة أَجْزَائِهَا ثمَّ يَقُول: إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لَازِمَة جَائِزَة ليطالع الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور وَمن أَرَادَ من الْفُقَهَاء وطلبة الْعلم الشريف فِي الْكتب الْمَذْكُورَة كَيفَ شَاءَ لَيْلًا وَنَهَارًا
وَينظر فِيهَا ويستنسخ مِنْهَا مَا أَرَادَ وَينْتَفع بهَا انْتِفَاع مثله بِمِثْلِهَا بِأُجْرَة مبلغها عَن ذَلِك كَذَا وَكَذَا يقوم لَهُ بذلك مقسطا عَلَيْهِ فِي كل يَوْم كَذَا أقرّ بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك
وَسلم

(1/226)


إِلَيْهِ الْكتب الْمَذْكُورَة فتسلمها مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا
وَهَذِه الْإِجَارَة جرت الْعَادة فِي كتَابَتهَا من غير تعْيين مُدَّة بل يذكر الْأُجْرَة ويقسطها كل يَوْم بِقسْطِهِ
وَعِنْدِي أَن ضَبطهَا بِمدَّة مَعْلُومَة أولى وأحوط
وَتسقط الْأُجْرَة كل يَوْم بيومه
وَصُورَة اسْتِئْجَار الْحلِيّ الذَّهَب بِالذَّهَب أَو الْفضة بِالْفِضَّةِ: اسْتَأْجر فلَان من فلَان
فَأَجره مَا ذكر: أَنه لَهُ وَملكه وَبِيَدِهِ وَتَحْت تصرفه إِلَى حَالَة هَذِه الْإِجَارَة وَذَلِكَ جَمِيع الشبارة الذَّهَب الْمصْرِيّ الْهَزِيمَة المزركش على خرقَة بندقي الَّتِي زنتها بِمَا فِيهَا من الْخِرْقَة كَذَا وَكَذَا مِثْقَالا
وَجَمِيع الْعِصَابَة الزركش الْمُشْتَملَة على قطع ذهب صياغ عدتهَا كَذَا وَكَذَا قِطْعَة
وعَلى فصوص وَيذكر وصفهَا وعدتها
وَوصف مَا فِيهَا من اللُّؤْلُؤ الْكِبَار وَالصغَار وزنة ذَلِك كُله
وَجَمِيع القلادة الذَّهَب ويصفها وَيذكر وَزنهَا وَجَمِيع الأساور الذَّهَب العريض والمفتول ويصفه
ووزنه بالمثاقيل وَكَذَلِكَ يفعل فِي كل مَا يَقع عَلَيْهِ عقد الْإِجَارَة من أَنْوَاع الْحلِيّ ويصفه وَصفا تَاما يُخرجهُ عَن الْجَهَالَة ويضبطه بِالْوَزْنِ ثمَّ يَقُول: إِجَارَة شَرْعِيَّة لَازِمَة مُدَّة كَذَا وَكَذَا من تَارِيخه لاستعمال ذَلِك اسْتِعْمَال مثله
والتزين والتجمل بِهِ لزوجة الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور
وَمن أَرَادَ لَيْلًا وَنَهَارًا بِأُجْرَة كَذَا وَكَذَا
ويكمل
وَصُورَة إِجَارَة الأَرْض بِثلث مَا يخرج مِنْهَا: اسْتَأْجر فلَان من فلَان فَأَجره جَمِيع الْقطعَة الأَرْض الْكَشْف الْبيَاض الْمعدة للزَّرْع الَّتِي بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ ويحددها إِجَارَة شَرْعِيَّة جَائِزَة بِأُجْرَة مبلغها الثُّلُث مِمَّا تخرج الأَرْض الْمَذْكُورَة من الْمغل
فَإِذا صَارَت ذَلِك حبا صافيا اسْتحق الثُّلُث مِنْهُ أُجْرَة لَهُ عَن تِلْكَ الأَرْض الْمَذْكُورَة
أقرّ بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك
وَأَنه تسلم الْمَأْجُور الْمعِين تسلما شَرْعِيًّا بعد الرُّؤْيَة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة
ويكمل
وَصُورَة إِجَارَة الرجل زَوجته لإرضاع وَلَده مِنْهَا: اسْتَأْجر فلَان زَوجته فُلَانَة المستقرة فِي عصمته وَعقد نِكَاحه يَوْمئِذٍ لترضع وَلَده لصلبه مِنْهَا الَّذِي عمره يَوْمئِذٍ ثَلَاثَة أشهر بَقِيَّة أمد الرَّضَاع الشَّرْعِيّ بِأُجْرَة مبلغها لكل شهر يمْضِي من تَارِيخه كَذَا وَكَذَا يقوم لَهَا بِأُجْرَة كل شهر فِي سلخه
أقرّ بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك
ويكمل
وَصُورَة إِيجَار الرجل دَاره مَسْجِدا: اسْتَأْجر فلَان من فلَان فَأَجره مَا هُوَ لَهُ وَملكه وَبِيَدِهِ وَتَحْت تصرفه إِلَى حِين صُدُور هَذِه الْإِجَارَة
وَذَلِكَ جَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة ويصفها ويحددها ثمَّ يَقُول: بِجَمِيعِ حُقُوق ذَلِك كُله إِلَى آخِره إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لَازِمَة

(1/227)


لاتخاذها مصلى لَهُ وللمسلمين تُقَام بهَا الصَّلَوَات الْخمس فِي أَوْقَاتهَا وَيُؤذن بهَا أَوْقَات التأذين للصلوات ولقراءة الْقُرْآن بهَا وَالِاعْتِكَاف والتهجد وَصَلَاة التَّرَاوِيح فِي شهر رَمَضَان وصلوات التَّطَوُّع وَالسّنَن الرَّاتِبَة مُدَّة ثَلَاثِينَ سنة كاملات مُتَوَالِيَات من تَارِيخه بِأُجْرَة مبلغها كَذَا حسابا لكل شهر كَذَا يقوم لَهُ بِأُجْرَة كل شهر فِي سلخه
أقرّ بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك
وَسلم الْمُؤَجّر إِلَى الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور جَمِيع الْمَأْجُور الْمعِين أَعْلَاهُ
فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا بعد الرُّؤْيَة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة
ويكمل
وَصُورَة اسْتِئْجَار أَرض ممر مَاء من مقسم إِلَى مقسم آخر أَو إِلَى دَار الْمُسْتَأْجر: اسْتَأْجر فلَان من فلَان جَمِيع الْقطعَة الأَرْض المستطيلة الَّتِي طولهَا خَمْسمِائَة ذِرَاع مثلا بالذراع التجاري وعرضها ذِرَاع وَاحِد بالذراع الْمَذْكُور
وَجَمِيع السُّدس الشَّائِع من جَمِيع الْقطعَة الأَرْض الحاملة لأبنية الْمقسم الْمُشْتَملَة على جرن أسود مربع بِهِ سِتَّة فروض
أَحدهَا: فرض سدس جَمِيع المَال الْوَاصِل إِلَى الْمَذْكُور الْآخِذ إِلَى دَار الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور وَجَمِيع السُّدس الشَّائِع من جَمِيع الْمقسم الْمَذْكُور ليسوق الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور بِالْأَرْضِ الْمَذْكُورَة المَاء فِي كيزان يدفنها فِي الأَرْض الْمَذْكُورَة متقنة الْبناء باللافونية والقطن وَالزَّيْت والكلس والطين الْأَحْمَر والآجر من الْمقسم الْمَذْكُور إِلَى دَاره الْفُلَانِيَّة ويحددها وَيجْرِي بالكيزان الْمَذْكُورَة حَقه من مَاء الْمقسم الْمَذْكُور
وَهُوَ سدسه بِحَق ذَلِك من حُقُوق مَا ذكر أَعْلَاهُ إِلَى دَاره الْمَذْكُورَة إِجَارَة شَرْعِيَّة لَازِمَة مُدَّة ثَلَاثِينَ سنة مثلا كاملات مُتَوَالِيَات من تَارِيخه بِأُجْرَة مبلغها كَذَا
ويكمل بِقَبض الْأُجْرَة والتسلم وَالتَّسْلِيم والرؤية وَالْمُعَاقَدَة والتاريخ
وَصُورَة إِجَارَة حِصَّة من حَوْض مَاء مَوْقُوف: اسْتَأْجر فلَان من فلَان النَّاظر فِي أَمر الْوَقْف الْآتِي ذكره فِيهِ
فَأَجره جَمِيع مَا سَيَأْتِي ذكره فِيهِ بِحكم ولَايَته عَلَيْهِ شرعا لوُجُود الْمصلحَة لجِهَة الْوَقْف الْجَارِي تَحت نظره وَلكَون الْأُجْرَة الْآتِي تَعْيِينهَا فِيهِ: أُجْرَة الْمثل للمأجور الْآتِي ذكره يَوْمئِذٍ وَذَلِكَ جَمِيع الْحصَّة الَّتِي قدرهَا كَذَا وَكَذَا سَهْما من أصل كَذَا وَكَذَا سَهْما وَهِي مبلغ سِهَام الْحَوْض الْوَقْف على الْجِهَة الْفُلَانِيَّة الْمَبْنِيّ بِالْحِجَارَةِ والكلس الْمُشْتَمل على جرن حجر أسود يجْرِي إِلَيْهِ المَاء من دَائِرَة مفتحة فِي كتب قناة كَذَا بِحَق وَاجِب مُسْتَمر دَائِم ينزل المَاء إِلَيْهِ فِي قساطل وطوالع ونوازل بِحَق وَاجِب إِلَى أَن يَنْتَهِي إِلَى الْمقسم الْمَذْكُور ثمَّ يَنْقَسِم بِهِ على كَذَا وَكَذَا إِصْبَع بِحَق ذَلِك كُله وحقوقه وَمَا يعرف بِهِ وينسب إِلَيْهِ شرعا وبحقه من مَاء الْحَوْض الْمَذْكُور
وَهُوَ كَذَا وَكَذَا إِصْبَع إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لَازِمَة مُدَّة ثَلَاثِينَ سنة مثلا كاملات مُتَوَالِيَات من

(1/228)


تَارِيخه بِأُجْرَة مبلغها كَذَا حَالَة أَو مَقْبُوضَة أَو مقسطة أَو مُؤَجّلَة ثمَّ يكمل بِالتَّسْلِيمِ والتسلم والرؤية وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة والتاريخ
وَصُورَة إِجَارَة أَرض من نَاظر وقف
وَفِي الأَرْض غراس ونصوب ملك الْمُسْتَأْجر
وَالْأُجْرَة حِصَّة من الْغِرَاس: اسْتَأْجر فلَان من فلَان وَهُوَ النَّاظر الشَّرْعِيّ فِي الْوَقْف الْآتِي ذكره
فَأَجره لما رأى فِي ذَلِك من الْحَظ والمصلحة لجِهَة الْوَقْف الْجَارِي تَحت نظره وَلكَون الْأُجْرَة الْآتِي ذكرهَا فِيهِ أُجْرَة الْمثل للمأجور يَوْمئِذٍ
وَذَلِكَ جَمِيع أَرَاضِي الْبُسْتَان الْفُلَانِيّ الْجَارِيَة أجوره ومنافعه على مصَالح الْمدرسَة الْفُلَانِيَّة الْمَنْسُوب إيقافها إِلَى فلَان الْفُلَانِيّ الْمُشْتَملَة أَرَاضِي الْبُسْتَان الْمَذْكُور
على غراس ونصوب عدتهَا كَذَا وَكَذَا شَجَرَة مُخْتَصَّة بِملك الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور
وَهِي غراسه وإنشاؤه من مَاله وصلب حَاله غرسها بِإِذن شَرْعِي سَائِغ مِمَّن لَهُ ولَايَة الْإِذْن شرعا فِي تَارِيخ مُتَقَدم على تَارِيخ الْغَرْس الْمَذْكُور ويحدد الْبُسْتَان ثمَّ يَقُول: إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لَازِمَة لإبقاء الْغِرَاس والنصوب المختصة بِملك الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور الْمعينَة أَعْلَاهُ وللبناء والعمارة وَزرع الغلات الصيفية والشتوية وَالِانْتِفَاع بالمأجور كَيفَ شَاءَ الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور بِالْمَعْرُوفِ مُدَّة ثَلَاثِينَ سنة مثلا كاملات مُتَوَالِيَات من تَارِيخه بِأُجْرَة هِيَ جَمِيع الْحصَّة الشائعة وقدرها الرّبع من جَمِيع الْغِرَاس والنصوب المختصة بِملك الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور الْمعينَة أَعْلَاهُ
سلم الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور إِلَى الْمُؤَجّر الْمَذْكُور الْمشَار إِلَيْهِ جَمِيع الرّبع من الْأَشْجَار الْمَذْكُورَة
فتسلمها لجِهَة الْوَقْف الْمعِين أَعْلَاهُ تسلما شَرْعِيًّا بعد النّظر والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة
واستقرت أَرَاضِي الْبُسْتَان الْمَذْكُور فِي إِيجَار الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور استقرارا شَرْعِيًّا
وَوَجَب لَهُ الِانْتِفَاع بهَا الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ وجوبا شَرْعِيًّا وَاسْتقر الرّبع الشَّائِع من الْأَشْجَار الْمَذْكُورَة بيد النَّاظر الْمُؤَجّر الْمَذْكُور استقرارا شَرْعِيًّا
ثمَّ بعد تَمام ذَلِك ولزومه شرعا: وقف النَّاظر الْمُؤَجّر الْمَذْكُور وَحبس وسبل وَحرم وأبد وخلد جَمِيع الرّبع الشَّائِع من الْأَشْجَار الْمَذْكُورَة على مصَالح الْمدرسَة الْمشَار إِلَيْهَا أَعْلَاهُ وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُتبعا فِي ذَلِك شُرُوط وَاقِف الْمدرسَة الْمَذْكُورَة الْمَنْصُوص عَلَيْهَا فِي كتاب وَقفهَا المستقر تَحت يَد النَّاظر الْمشَار إِلَيْهِ
ثمَّ ساقى النَّاظر الْمُؤَجّر الْمَذْكُور الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور على الرّبع الشَّائِع من الْأَشْجَار الْمَذْكُورَة الصائرة إِلَى الْوَقْف الْمَذْكُور الْقَائِم ذَلِك بأراضي الْبُسْتَان الْمَذْكُور المستقر فِي إِيجَار الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور ويومئذ وَبِيَدِهِ
على أَن يعْمل فِي ذَلِك حق الْعَمَل الْمُعْتَاد فِي مثله شرعا
ويكسح أشجاره وينقي ثماره ويتعاهده بالسقي على الْعَادة
وَمهما رزق الله تَعَالَى فِي ذَلِك من ثَمَرَة كَانَ مقسوما على أَرْبَعَة أسْهم للْمُسْتَأْجر الْعَامِل من ذَلِك سهم وَاحِد وَهُوَ الرّبع
وَثَلَاثَة أسْهم
وَهِي النّصْف وَالرّبع لجِهَة الْوَقْف الْمشَار إِلَيْهِ مُسَاقَاة صَحِيحَة شَرْعِيَّة جَائِزَة لَازِمَة مدَّتهَا

(1/229)


نَظِير الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ وأولها يَوْم تَارِيخه
رَضِيا بهَا واتفقا عَلَيْهَا وقبلاها قبولا شَرْعِيًّا
وَيسْتَشْهد بِأَن أَرَاضِي الْبُسْتَان الْمَذْكُور وقف محرم وَحبس مخلد جَارِيَة أجوره ومنافعه على الْمدرسَة الْمَذْكُورَة
وَأَن الرّبع الشَّائِع من الْأَشْجَار الْمَذْكُورَة أُجْرَة الْمثل عَن الْمَأْجُور وزياة حَالَة الْإِجَارَة من سيعين ذَلِك فِي رسم شَهَادَته آخِره ثمَّ تصادق المؤاجران الْمَذْكُورَان أَعْلَاهُ على أَن أُجْرَة الْمثل عَن الرّبع من الأَرْض الْجَارِيَة فِي إِيجَار الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور للمدة الْمعينَة أَعْلَاهُ: مَا مبلغه كَذَا وَكَذَا
وَأَبْرَأ النَّاظر الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور من ذَلِك الْبَرَاءَة الشَّرْعِيَّة
ويكمل
تَنْبِيه: الدَّار الْمُؤجرَة إِذا كَانَت مَشْغُولَة حَالَة الِاسْتِئْجَار فَسدتْ الْإِجَارَة
وَترك ذكر الْملك فِيهَا أولى لما فِيهِ من بطلَان الدَّرك وَالرُّجُوع بِهِ عِنْد الِاسْتِحْقَاق
وَذكر الْيَد جَائِز لخلوه عَن معنى الْإِقْرَار بِالْملكِ وَلَا يخفى الْبدَاءَة بِتَسْلِيم الْأُجْرَة على قبض الْمَأْجُور احْتِرَازًا من قَول مَالك
وَقد سبق بَيَانه فِي الْبيُوع
انْتهى
وَصُورَة إِجَارَة طاحون: اسْتَأْجر فلَان من فلَان جَمِيع بَيت الأرحاء الراكبة على النَّهر الْفُلَانِيّ الْمُجَاورَة للْأَرْض الْفُلَانِيَّة المبينة بِأَرْض الْقرْيَة الْفُلَانِيَّة الْمُشْتَملَة على ثَلَاثَة أَحْجَار أَو أَرْبَعَة أَحْجَار أَو أقل أَو أَكثر الدائرة يَوْمئِذٍ أَو بَعْضهَا يَنُوب عَن بعض وَالدَّار والإصطبل
وَإِن كَانَت طاحونة فَارسي فيصف عدتهَا وَهِي حجر نجدي وَقَاعِدَة عدسي وفأس وعمود وحلقة وسرير وقائم وجذع وجرن ومصطلح وتابوت وَالدَّار والإسطبل
والعلو وَمَا فِيهِ من الطباق والحقوق ويصف ذَلِك وَصفا تَاما ويحدده ثمَّ يَقُول: بِجَمِيعِ حُدُودهَا وحقوقها وطرقها ورسومها وعلوها وسفلها وأحجارها وآلاتها وحدايدها وأخشابها وأبوابها وَمَا هُوَ من حُقُوقهَا الدَّاخِلَة فِيهَا والخارجة عَنْهَا الْمَعْرُوفَة بهَا والمنسوبة إِلَيْهَا
الْمَعْلُوم ذَلِك عِنْد المتآجرين الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ الْعلم الشَّرْعِيّ النَّافِي للْجَهَالَة
إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لَازِمَة لمُدَّة كَذَا بِأُجْرَة مبلغها كَذَا
ويكمل بِقَبض الْأُجْرَة أَو تأجيلها وَالْمُعَاقَدَة والتسلم وَالتَّسْلِيم وَغير ذَلِك على الْعَادة
ويؤرخ
وَصُورَة اسْتِئْجَار حمام: اسْتَأْجر فلَان من فلَان جَمِيع الْحمام الدائرة يَوْمئِذٍ بِبَلَد كَذَا الْمَعْرُوفَة بِكَذَا الْمعدة لدُخُول الرِّجَال وَالنِّسَاء أَو لأَحَدهمَا وتوصف وتحدد ثمَّ يَقُول: بِجَمِيعِ حُقُوقهَا كلهَا وحدودها ومنافعها ومرافقها وَبَيت وقودها ومجاري مياهها ومسلخها وأجرائها ومقاصيرها ومقاطيعها ودواليبها وخزائنها وأبوابها وأعتابها وأخشابها وكل حق قَلِيل وَكثير هُوَ لَهَا ومعروف بهَا ومنسوب إِلَيْهَا شرعا إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لَازِمَة بِمدَّة كَذَا بِأُجْرَة مبلغها كَذَا
ويكمل على نَحْو مَا سبق
وَجَرت الْعَادة: أَن أُجْرَة شهر رَمَضَان فِي الحمامات مُطلقَة للْمُسْتَأْجر لَا تُؤْخَذ مِنْهُ

(1/230)


فَمنهمْ من يكْتب على الْحَاشِيَة: وللحمامي أَن ينْتَفع بالحمام الْمَذْكُور بِغَيْر أُجْرَة لشهر رَمَضَان فِي كل سنة من سني هَذِه الْمدَّة
وَالْأَحْسَن فِي هَذِه الْوَاقِعَة: أَن تحسب الْأُجْرَة الْمَذْكُورَة على شهور الْمدَّة
مِثَاله: أَن تكون الْأُجْرَة سِتّمائَة دِرْهَم حسابا لكل شهر خمسين
فَإِذا أسقطت خمسين عَن شهر رَمَضَان تصير الْأُجْرَة خَمْسمِائَة وَخمسين تقسط على شهور السّنة
فَيصير لكل شهر خَمْسَة وَأَرْبَعين درهما وَنصف وَثلث دِرْهَم فَيمْتَنع بذلك الرُّجُوع وتستمر الْأُجْرَة مَقْبُوضَة فِي رَمَضَان وَغَيره خُصُوصا إِن كَانَت الْحمام وَقفا أَو المحدور عَلَيْهِ
فَلَا يجوز الْإِسْقَاط
وَيجْرِي الْحَال على هَذَا الْقيَاس فِي أُجْرَة كل سنة قَليلَة كَانَت أَو كَثِيرَة
انْتهى
وَصُورَة اسْتِئْجَار أَرض من وَكيل بَيت المَال أَو جِدَار أَو سطح للْبِنَاء أَو غَيره: اسْتَأْجر فلَان من القَاضِي وَكيل بَيت المَال الْمَعْمُور بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيّ جَمِيع الْقطعَة الأَرْض الْكَشْف الكائنة بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ الْجَارِيَة فِي أَمْلَاك بَيت المَال الْمَعْمُور ويصفها ويذرعها ويحددها وَإِن كَانَ الْمَأْجُور جدارا وَصفه وذرعه وحدده
وكمل الْإِجَارَة بشروطها وألفاظها على نَحْو مَا تقدم فِي الْمُبَايعَة ثمَّ يَقُول بعد تَمام عقد الْإِجَارَة: السائغ شرعا وَالسَّبَب فِي هَذِه الْإِجَارَة: أَن الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور رفع قصَّة مضمونها كَذَا وَكَذَا ويشرحها كَمَا يشْرَح فِي الْمُبَايعَة وَبعد أَن صَار كل وَاحِد من فلَان وَفُلَان أَرْبَاب الْخِبْرَة والمهندسين العارفين بالعقارات وَقيمتهَا والأملاك وتثمينها المندوبين لذَلِك من مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ إِلَى حَيْثُ الْقطعَة الأَرْض الْمُؤجرَة المحدودة المذروعة الموصوفة بأعاليه
وشملوها بِالنّظرِ
وَأَحَاطُوا بهَا علما وخبرة نَافِيَة للْجَهَالَة
وَقَالُوا: إِن الْأُجْرَة لمن يرغب فِي استئجارها لينْتَفع بهَا كَيفَ شَاءَ وَيَبْنِي عَلَيْهَا مَا أحب بِنَاؤُه وَيعْلي مَا أَرَادَ تعليته ويحفر فِيهَا الْآبَار ويسقي السرب والأساسات وَيخرج الرواشن ويشرع الجناحات
وَغير ذَلِك: لمُدَّة كَذَا مَا مبلغه كَذَا
وَأَن ذَلِك أُجْرَة الْمثل يَوْمئِذٍ عَن الْمَأْجُور الْمَحْدُود الْمَوْصُوف بأعاليه لَا حيف فِي ذَلِك وَلَا شطط وَلَا غبينة وَلَا فرط
وَأَن فِي إِيجَار ذَلِك بِالْأُجْرَةِ الْمعينَة الْحَظ والمصلحة
وَثَبت ذَلِك لَدَى سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ
وَأَن الْقطعَة الأَرْض الْمَذْكُورَة جَارِيَة فِي ديوَان الْمَوَارِيث الحشرية بِمَدِينَة كَذَا وَأَن الْمُؤَجّر الْمشَار إِلَيْهِ لَهُ ولَايَة إِيجَار ذَلِك بِأَحْكَام الْوكَالَة المفوضة إِلَيْهِ من مَوْلَانَا الْمقَام الشريف السلطاني الملكي الْفُلَانِيّ الثَّابِتَة وكَالَته لَدَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ
وَإِن شَاءَ كتب بعد تَمام الْإِجَارَة وَذَلِكَ بعد أَن يتجر الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور مشروحا يتَضَمَّن الْإِشْهَاد على فلَان وَفُلَان المهندسين أَرْبَاب الْخِبْرَة بالعقارات وَقيمتهَا بِبَلَد كَذَا

(1/231)


: أَنهم صَارُوا إِلَى الْمَأْجُور الْمَوْصُوف المذروع الْمَحْدُود بأعاليه
وَذكروا من الذرع والتحديد مَا وَافق أَعْلَاهُ
وَأَن الْأُجْرَة الْمعينَة أَعْلَاهُ أُجْرَة الْمثل وَقِيمَة الْعدْل
وأحضر الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور من يَده وصُولا من بَيت المَال الْمَعْمُور شَاهدا بِصُورَة الْحَال نسخته كَذَا وَكَذَا ويشرحه فَلَمَّا تَكَامل ذَلِك وَقع الْإِشْهَاد على القَاضِي فلَان الدّين الْمُؤَجّر الْمشَار إِلَيْهِ وعَلى الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور بِمَا نسب إِلَى كل مِنْهُمَا أَعْلَاهُ
ويؤرخ
وَإِن كَانَ الْمَأْجُور سطحا أَو جدارا قَالَ: ليبني عَلَيْهِ مَا أحب وَأَرَادَ بالطوب والطين والجير وآلات الْعِمَارَة مَا زنته كَذَا وَكَذَا قِنْطَارًا بالقنطار الْفُلَانِيّ
وَإِن كَانَت الأَرْض كشفا
واستأجرها ليبني عَلَيْهَا
فَلَا حَاجَة لذكر الْوَزْن
وَصُورَة إِجَارَة الفرن: اسْتَأْجر فلَان من فلَان جَمِيع الفرن الْكَائِن بالموضع الْفُلَانِيّ بالحارة الْفُلَانِيَّة بالزقاق الْفُلَانِيّ النَّافِذ أَو الْغَيْر نَافِذ الْمُشْتَمل على بَيت نَار مبلط يعلوه قبَّة
وتحاذيه زلاقة لملقى الْوقُود وَبَيت الْعَجِين ومطرح النَّار والرماد ويصفه ويحدده وَيَقُول: بِجَمِيعِ حُقُوقه كلهَا بِأُجْرَة مبلغها كَذَا وَكَذَا
ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه
وَصُورَة اسْتِئْجَار مَوضِع بعض النَّهَار بِأُجْرَة حَالَة مَقْبُوضَة أَو حَالَة أَبرَأَهُ الْمُؤَجّر مِنْهَا: اسْتَأْجر فلَان من فلَان جَمِيع الْحَانُوت الْفُلَانِيّ الْجَارِي فِي يَده وَملكه وتصرفه ويوصف ويحدد مُدَّة سنة كَامِلَة من تَارِيخه لينْتَفع بذلك فِي السكن والإسكان لطول الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ من أول النَّهَار إِلَى وَقت الْعَصْر خلا بَقِيَّة النَّهَار اللَّيْل
وَأَن مَنْفَعَة ذَلِك بَاقِيَة فِي يَد الْمُؤَجّر وتصرفه ينْتَفع بهَا كَيفَ شَاءَ بِأُجْرَة مبلغها كَذَا وَكَذَا حَالَة قبضهَا الْمُؤَجّر من الْمُسْتَأْجر أَو حَالَة أَبرَأَهُ الْمُؤَجّر مِنْهَا بَرَاءَة شَرْعِيَّة بَرَاءَة عَفْو وَإِسْقَاط
قبل ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا
وَسلم إِلَيْهِ الْمُؤَجّر الْمَذْكُور
فتسلمه مِنْهُ بعد النّظر والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة
ويؤرخ
تَنْبِيه: هَذِه الْإِجَارَة فِيهَا نظر لعدم التَّمَكُّن من الِانْتِفَاع الْمُتَّصِل
قَالَ النَّوَوِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: وإيجار الدَّار والحانوت شهرا على أَن ينْتَفع بهَا الْأَيَّام دون اللَّيَالِي بَاطِل بِخِلَاف مثله فِي الْبَهِيمَة وَالْعَبْد
فَإِنَّهُ يجوز
انْتهى كَلَامه
وَصُورَة اسْتِئْجَار دَار بدار: اسْتَأْجر فلَان من فلَان جَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة ويصفها ويحددها الْجَارِيَة فِي يَد الْمُؤَجّر الْمَذْكُور وَملكه مُدَّة كَذَا من تَارِيخه بِجَمِيعِ الدَّار الْفُلَانِيَّة الْجَارِيَة فِي يَد الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور وَملكه وتوصف وتحدد إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لينْتَفع بذلك الِانْتِفَاع الشَّرْعِيّ على الْوَجْه الشَّرْعِيّ
وتعاقدا على ذَلِك معاقدة صَحِيحَة شَرْعِيَّة مُشْتَمِلَة على الْإِيجَاب وَالْقَبُول
وتسلم كل مِنْهُمَا من الآخر مَا وَجب لَهُ

(1/232)


تسلمه شرعا
وَصَارَ بِيَدِهِ بعد النّظر والمعرفة والإحاطة بذلك علما وخبرة نَافِيَة للْجَهَالَة
ويؤرخ
تَنْبِيه: قَالَ فِي الرَّوْضَة: وَيجوز أَن تكون الْأُجْرَة مَنْفَعَة سَوَاء اتّفق الْجِنْس كَمَا إِذا أجر دَارا بِمَنْفَعَة دَاره أَو اخْتلف
بِأَن أجره دَارا بِمَنْفَعَة عبد وَلَا رَبًّا فِي الْمَنَافِع أصلا حَتَّى لَو أجر دَارا بِمَنْفَعَة دارين أَو أجر حلي ذهب بِذَهَب جَازَ
وَصُورَة إِجَارَة مركب: اسْتَأْجر فلَان من فلَان جَمِيع الْمركب المورقي أَو الباطوسي أَو غير ذَلِك من أَوْصَاف المراكب الْمُتَقَدّمَة فِي الْبيُوع وَيذكر طولهَا ومحملها وَمَا يشْتَمل عَلَيْهِ من عدتهَا بِجَمِيعِ حقومها كلهَا لينْتَفع بهَا فِي حمل الغلات والركاب وَمَا يحمل على ظُهُور المراكب من الأحطاب والأغنام والأبقار وَغير ذَلِك فِي بَحر النّيل الْمُبَارك مقلعا ومنحدرا لمُدَّة كَذَا بِأُجْرَة مبلغها كَذَا مَقْبُوضَة أَو حَالَة مقسطة وتسلم الْمُسْتَأْجر مَا اسْتَأْجرهُ وَوَجَب لَهُ الِانْتِفَاع بِهِ أُسْوَة أَمْثَاله وسق السَّلامَة
وَذَلِكَ بعد النّظر والمعرفة والرضى وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة الْمُشْتَملَة على الْإِيجَاب وَالْقَبُول والتفرق عَن ترَاض
وَإِن كَانَ الِاتِّفَاق على حمل شَيْء معِين من مَكَان معِين إِلَى مَكَان معِين دفْعَة وَاحِدَة صدر بقوله: عَاقد فلَان فلَانا على أَن يحمل لَهُ على ظهر مركبه الْفُلَانِيّ من الغلال كَذَا وَكَذَا من الْبَلَد الْفُلَانِيّ إِلَى الْبَلَد الْفُلَانِيّ بِمَا مبلغه كَذَا
معاقدة شَرْعِيَّة ويكمل بقوله: وعَلى المعاقد الْمَذْكُور تسفير الْمركب الْمَذْكُور بِمَا سيصل إِلَيْهِ من الغلات المعاقد عَلَيْهَا من الْبَلَد الْمَذْكُور إِلَى الْبَلَد الْمَذْكُور بِنَفسِهِ وَرِجَاله مَعَ سَلامَة الله تَعَالَى وعونه
وَله المؤونة على الْعَادة
ويكمل
وَقد تقدم معنى ذَلِك فِي الصُّور السَّابِقَة
وَالله أعلم
وَصُورَة اسْتِئْجَار صبي دون الْبلُوغ من أَبِيه أَو مِمَّن لَهُ عَلَيْهِ ولَايَة شَرْعِيَّة: اسْتَأْجر فلَان من فلَان وَلَده لصلبه فلَانا الَّذِي هُوَ غير بَالغ المستمر يَوْمئِذٍ تَحت حجر أَبِيه الْمَذْكُور وَولَايَة نظره لما رأى فِيهِ من الْمصلحَة ليعْمَل عِنْده فِي الصَّنْعَة الْفُلَانِيَّة أُسْوَة أَمْثَاله من الصناع فِي مثل ذَلِك مُدَّة كَذَا بِأُجْرَة مبلغها كَذَا مَقْبُوضَة أَو حَالَة مقسطة
وتسلم الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور الصَّبِي الْمَذْكُور ليعْمَل مَعَه فِي ذَلِك من أول النَّهَار إِلَى آخِره دون اللَّيَالِي خلا الْأَيَّام الَّتِي جرت الْعَادة فِيهَا بالبطالة وَهِي الْجُمُعَة من كل أُسْبُوع والعيدان وخلا أَوْقَات الصَّلَوَات
وَعَلِيهِ الْعَمَل فِي تَعْلِيم الْوَلَد الْمَذْكُور واستعماله فِي ذَلِك بتقوى الله وطاعته وخشيته ومراقبته فِي سره وعلانيته وَالِاجْتِهَاد فِي تَعْلِيمه
وَذَلِكَ بعد اعترافهما بِمَعْرِِفَة مِقْدَار عمل الصَّبِي الْمَذْكُور الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة
ويكمل

(1/233)


تَنْبِيه: الْإِجَارَة الْوَارِدَة على الذِّمَّة لَا يجوز فِيهَا تَأْجِيل الْأُجْرَة وَلَا الِاسْتِبْدَال عَنْهَا وَلَا الْحِوَالَة بهَا وَلَا الْحِوَالَة عَلَيْهَا وَلَا الْإِبْرَاء بل يجب التَّسْلِيم فِي الْمجْلس
وَصُورَة إِجَارَة الرجل نَفسه: أجر فلَان نَفسه لفُلَان على أَن يعْمل مَعَه الفلاحة أَو الْبناء أَو النجارة أَو الْخياطَة أَو عملا بِعَيْنِه مُدَّة كَذَا من صَبِيحَة كل يَوْم من تَارِيخه وَإِلَى آخِره لطول الْمدَّة الْمَذْكُورَة خلا أَوْقَات الصَّلَوَات وَالْوُضُوء وَقَضَاء الْحَاجة وَمَا لَا غنى عَنهُ شرعا بِأُجْرَة مبلغها كَذَا مقسطة أَو حَالَة مَقْبُوضَة
وَسلم نَفسه إِلَيْهِ وَشرع فِي الْعَمَل الْمَذْكُور لابتداء مُدَّة الْإِجَارَة وَإِلَى انتهائها مُلْتَزما فِي ذَلِك مَا يلْزم أَمْثَاله من أهل الْعَمَل فِي مثل ذَلِك من الِاجْتِهَاد وبذل النَّصِيحَة لمستأجره فِي الْعَمَل الْمَذْكُور
تعاقدا على ذَلِك معاقدة شَرْعِيَّة مُشْتَمِلَة على الْإِيجَاب وَالْقَبُول ويكمل على نَحْو مَا سبق
وَالْأولَى: أَن يُورد الْإِجَارَة على الذِّمَّة فِي الْبناء والخياطة وَتَعْلِيم الْخط وَالْقِرَاءَة وَالْحج وَيكْتب: ألزم فلَان ذمَّته أَن يخيط لفُلَان كَذَا أَو يَبْنِي لَهُ كَذَا أَو يُعلمهُ كَذَا أَو أَن يحجّ عَن فرض فلَان الْمُتَوفَّى إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى حجَّة الْإِسْلَام وعمرته الواجبتين عَلَيْهِ من بلد كَذَا
وَإِن شَاءَ كتب فِي صُورَة الْحَج: عَاقد فلَان فلَانا على أَن يحجّ عَن فلَان الْمُتَوفَّى
ويكمل على نَحْو مَا تقدم فِي الْإِجَارَة
لَكِن هَذِه بِلَفْظ المعاقدة وَيَقُول فِيهَا: فَإِن تعذر وَلم يخرج فِي هَذِه السّنة لقَضَاء هَذِه الْحجَّة أَو حدث لَهُ حَادث مَنعه عَن قَضَائهَا على مَا سمي فِيهِ
فَعَلَيهِ رد مَا قَبضه بِسَبَب ذَلِك وَالْخُرُوج مِنْهُ لمستحق استرجاعه بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ
ويكمل
وَصُورَة إِجَارَة السَّيِّد عَبده: اسْتَأْجر فلَان من فلَان جَمِيع الْغُلَام الحبشي أَو الزنْجِي أَو غير ذَلِك الْمُسلم الدّين الْبَالِغ أَو الْمُرَاهق أَو الرجل الْكَامِل ويصف مَا فِي وَجهه وبدنه من عَلامَة الْمَدْعُو فلَان على أَن يَخْدمه ويتصرف فِي أشغاله فِي الْقَضَاء والاقتضاء وَالْبيع وَالشِّرَاء وَالْأَخْذ وَالعطَاء وَغير ذَلِك مِمَّا يَنْضَبِط خدمَة مَعْلُومَة بَينهمَا أَو برسم خدمَة وَلَده فلَان وَحمل ألواحه وأدواته ومصحفه من دَار سكنه بالموضع الْفُلَانِيّ فِي كل يَوْم من أَيَّام هَذِه الْإِجَارَة والتوجه بِهِ بكرَة النَّهَار إِلَى مكتبه بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ وَعوده مَعَه من مكتبه إِلَى منزل مَسْكَنه الْمَذْكُور عَشِيَّة النَّهَار مُدَّة سنة كَامِلَة من تَارِيخه بِأُجْرَة مبلغها كَذَا مقسطة أَو حَالَة مَقْبُوضَة
وَسلم فلَان إِلَى فلَان الْغُلَام الْمَذْكُور
فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا
ويكمل

(1/234)


تَنْبِيه: هَذِه الصُّورَة لَا تكْتب مسانهة وَلَا مشاهرة احْتِرَازًا من قَول الشَّافِعِي فَإِنَّهُ يُفْسِدهَا
وَأهل الْعرَاق يجيزون ذَلِك
وَلَا يكْتب (العَبْد) بل يكْتب (الْغُلَام) احْتِرَازًا من أَن يكون حرا فَيبْطل رُجُوعه على الْمُؤَجّر بالدرك لِأَنَّهُ صدقه أَنه عَبده
فَيكون قد أبطل حَقه بتصديقه السَّابِق إِن اشْتَرَاهُ مِنْهُ
وَصُورَة مَا إِذا اسْتَأْجر رجل رجلا لعمل مَعْلُوم أَو خدمَة مَعْلُومَة إِلَى وَقت مَعْلُوم: أجر فلَان نَفسه لفُلَان فاستأجره ليقوم فِي خدمته فِي الْبَز للطي والنشر والشد والحل والحط وَالرَّفْع وَالْقَضَاء والاقتضاء وَالْبيع وَالشِّرَاء وَالْأَخْذ وَالعطَاء وَقبض الْأَثْمَان وَأَدَاء الرسائل وَالْقِيَام بالحوائج
خدمَة مَعْرُوفَة مفهومة مَعْلُومَة بَينهمَا الْعلم الشَّرْعِيّ النَّافِي للْجَهَالَة مُدَّة سنة وَاحِدَة من تَارِيخه بِاثْنَيْ عشر دِينَارا ذَهَبا أُجْرَة كل شهر كَذَا
وَذَلِكَ بعد معرفتهما بِالْخدمَةِ عِنْد عقد الْإِجَارَة الْمَذْكُورَة على الْعرف الْقَائِم فِي مثلهَا الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة
وَسلم نَفسه إِلَيْهِ
وَشرع فِي الْعَمَل الْمَذْكُور وتعاقدا على ذَلِك معاقدة شَرْعِيَّة مُشْتَمِلَة على الْإِيجَاب وَالْقَبُول وتفرقا عَن ترَاض
ويكمل
وَصُورَة مَا إِذا اسْتَأْجر رجل رجلا لينقل لَهُ مَاء عذبا إِلَى منزله أَو غَيره: اسْتَأْجر فلَان فلَانا على أَن ينْقل إِلَيْهِ على ظُهُور جمال يقيمها من مَاله وصلب حَاله من المَاء العذب فِي بَحر النّيل الْمُبَارك إِلَى منزله بالموضع الْفُلَانِيّ أَو إِلَى صهريج التربة الْفُلَانِيَّة كَذَا وَكَذَا راوية زنة مَا فِي كل راوية من المَاء كَذَا وَكَذَا رطلا فِي مُدَّة كَذَا أَو فِي كل يَوْم كَذَا وَكَذَا راوية أَو جملَة وَاحِدَة فِي مُدَّة كَذَا
تعاقدا على ذَلِك تعاقدا شَرْعِيًّا
وَإِن شَاءَ صدر هَذِه الصُّورَة بقوله: عَاقد فلَان فلَانا على كَذَا وَكَذَا
وَإِن شَاءَ كتب: أقرّ فلَان أَنه قبض وتسلم من فلَان كَذَا وَكَذَا درهما
وَذَلِكَ ثمنا عَن مَاء سيحمله على ظُهُور جمال يقيمها من مَاله وصلب حَاله من المَاء العذب
ويكمل فِي كل صُورَة بحسبها
وَالْكل جَائِز
تَنْبِيه: اعْلَم أَن هَذِه الْإِجَارَة مُخْتَلف فِيهَا عِنْد أَصْحَاب الشَّافِعِي
قَالَ فِي الرَّوْضَة وَفِي بيع المَاء على شط النَّهر وَبيع التُّرَاب فِي الصَّحرَاء وَبيع الْحِجَارَة فِي الشعاب الْكَثِيرَة الْأَحْجَار
وَجْهَان
الْأَصَح الْجَوَاز
انْتهى
فعلى الصَّحِيح بِمُجَرَّد وضع يَده على المَاء ملكه لكَونه مُبَاحا
فَيكون مَا يُعْطِيهِ فِي الْحَقِيقَة ثمن المَاء
وعَلى الثَّانِي: مَا يُعْطِيهِ أُجْرَة الْجمال
وَصُورَة مَا إِذا اسْتَأْجر رجل رجلا ليحمل لَهُ بضَاعَة من مَوضِع مَعْلُوم إِلَى مَوضِع مَعْلُوم: عَاقد فلَان فلَانا على حمله وَحمل تِجَارَته وقماشه ويصف كل شَيْء بِحَسبِهِ

(1/235)


وَيذكر الْوَزْن ثمَّ يَقُول: من مَدِينَة كَذَا إِلَى مَدِينَة كَذَا على جماله الَّتِي بِيَدِهِ وَتَحْت تصرفه بِمَا مبلغه كَذَا
وَإِن شَاءَ اسْتَأْجرهُ لحملها
وكمل بِدفع الْأُجْرَة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة قِيَاسا على مَا تقدم
وَإِن شَاءَ صدر بِالْقَبْضِ وَقَالَ: وَذَلِكَ أُجْرَة مَا سيحمله لَهُ من مَوضِع كَذَا إِلَى مَوضِع كَذَا
وبعين وَزنه
وَإِن كَانَ مِمَّا يُكَال ذكر كَيْله
ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه
وَصُورَة مَا إِذا اسْتَأْجر رجلا ليرعى لَهُ أغناما مَعْلُومَة: أقرّ فلَان أَنه أجر نَفسه لفُلَان ليرعى لَهُ أغناما عدتهَا كَذَا وَكَذَا رَأْسا من الْغنم الضَّأْن الْبيَاض أَو الْمعز الشعري الْمَوَاشِي الرَّوَاتِب أَو اللواحق الْجَارِيَة فِي ملك فلَان الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور ويذكره ويتولى سقيها وَخدمتهَا وعلوفتها وحلبها وتسريحها وترويحها وحفظها وإيوائها أُسْوَة أَمْثَاله من الأجراء فِي مثل ذَلِك بالموضع الْفُلَانِيّ فِي مُدَّة أَولهَا كَذَا وَآخِرهَا كَذَا بِأُجْرَة مبلغها كَذَا حَالَة دَفعهَا الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور من مَاله للمؤجر نَفسه الْمَذْكُور
فقبضها مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا
وَسلم فلَان الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور لفُلَان الْآجر نَفسه الْمَذْكُور جَمِيع الأغنام الْمَذْكُورَة بعدتها الْمَذْكُورَة
فتسلمها مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا
وَصَارَت بِيَدِهِ بِحكم هَذِه الْإِجَارَة الْجَارِيَة بَينهمَا على ذَلِك الْمُشْتَملَة على الْإِيجَاب وَالْقَبُول
ويؤرخ
وَفِي إِجَارَة الْأَب وَالْجد على ولدهما الصَّغِير وَإِجَارَة أَمِين الحكم أَو مَنْصُوب الشَّرْع الشريف أَو الْوَصِيّ على محجوري الحكم الْعَزِيز
وَفِي استئجارهم لَهُم: تقدم مَعْنَاهُ فِي الْبيُوع بِلَفْظ البيع وَفِي الْإِجَارَة: يكون بِلَفْظ الْإِيجَار والاستئجار وَلَا يخفى ذَلِك على الحذاق البارعين فِي هَذَا الْفَنّ فعنهم أَخذنَا وَمِنْهُم استفدنا
فَائِدَة: يكْتب فِي حق الْقَائِم فِي الْإِجَارَة وَالْبيع على الْمَحْجُور: من فلَان الْقَائِم فِي بيع مَا سَيَأْتِي ذكره وَفِي إيجارة مَا سَيَأْتِي ذكره فِيهِ على مَحْجُوره فلَان وَلَا يَقُول عَن مَحْجُوره فلَان بِخِلَاف الْقَائِم فِي ذَلِك بِالْوكَالَةِ عَن مُوكل شَرْعِي
فَإِنَّهُ يَقُول فِيهِ: من فلَان الْقَائِم فِي بيع أَو فِي إِجَارَة مَا سَيَأْتِي ذكره فِيهِ بطرِيق الْوكَالَة الشَّرْعِيَّة عَن فلَان

فصل: فِي الْإِقَالَة

وَلها عمد: وَهِي ذكر الْمُسْتَأْجر والمؤجر وأسمائهما وأنسابهما: وَذكر الْإِجَارَة
وسؤال الْمُسْتَأْجر للمؤجر أَن يقيله عقد الْإِجَارَة والإجابة إِلَى ذَلِك وَإِقْرَاره بِقَبض نَظِير الْأُجْرَة
وَذكر التَّارِيخ

(1/236)


وَصُورَة التقايل وَيكْتب على ظهر الْإِجَارَة تقايل المتآجران الْمَذْكُورَان بَاطِنه: وهما فلَان وَفُلَان أَحْكَام الْإِجَارَة الصادرة بَينهمَا فِي الْمَأْجُور الْمعِين بَاطِنه على الحكم المشروح بَاطِنه
تَقَايلا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُشْتَمِلًا على الْإِيجَاب وَالْقَبُول وَدفع الْمُؤَجّر إِلَى الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور نَظِير الْأُجْرَة الْمَذْكُورَة بَاطِنه
فَقبض ذَلِك مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَرفع الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور يَده عَن الدَّار الْمَذْكُورَة بَاطِنه وَسلمهَا إِلَى الْمُؤَجّر الْمَذْكُور بَاطِنه على صفتهَا الأول الَّتِي تسلمها مِنْهُ عَلَيْهَا قبل تَارِيخه فتسلمها مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وتفرقا عَن ترَاض
وَإِن شَاءَ صدر بإقرارهما أَنَّهُمَا تَقَايلا وَإِن شَاءَ قَالَ: وَرجع كل مِنْهُمَا إِلَى عين مَاله وتسلم كل وَاحِد مِنْهُمَا من الآخر مَا وَجب لَهُ تسلمه شرعا على صفته الأولى
وتفرقا بعد تَمام الْإِقَالَة عَن ترَاض
ويؤرخ
وَصُورَة حجَّة بمداواة عين وَهِي قريبَة من معنى الْإِجَارَة حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان المتطبب أَو الكحال
وَسَأَلَ فلَانا وَرغب إِلَيْهِ فِي مداواة عينه الْيُمْنَى أَو الْيُسْرَى أَو هما جَمِيعًا مِمَّا بهما من الْمَرَض الْفُلَانِيّ أَو المَاء النَّازِل بهما وقدحهما وَعمل مصلحتهما فِي وَاجِب الصَّنْعَة على مَا يُؤَدِّيه إِلَيْهِ اجْتِهَاده وتقتضيه صَنعته ومعرفته فِي مثل ذَلِك طَالبا من الله تَعَالَى المعونة وَالْهِدَايَة إِلَى طَرِيق الاسْتقَامَة على النهج القويم الْمُؤَدِّي إِلَى برْء الْمَذْكُور وشفائه من مَرضه
فَإِن عوفي كَانَ بِفضل الله تَعَالَى ومنته وَإِن جَاءَ الْأَمر وَالْعِيَاذ بِاللَّه بِخِلَاف ذَلِك كَانَ بِقَضَاء الله وَقدره
وَكَانَ فلَان الكحال الْمَذْكُور بَرِيئًا من ذَلِك وَمن تَبعته
فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك وَقبل مِنْهُ عقد هَذِه المداواة على الشُّرُوط الْمَذْكُورَة والبراءة من الضَّمَان والعلقة والتبعة مِمَّا يحدث بعد المعالجة من عدم الْبُرْء وَغَيره حَسْبَمَا اتفقَا وتراضيا على ذَلِك
وَإِن كَانَت المعالجة على مبلغ شَرطه لَهُ عِنْد زَوَال الْمَرَض وَحُصُول الْبُرْء والشفاء
فَيَقُول بعد قَوْله فَإِن عوفي كَانَ بِفضل الله ومنته وَكَانَ عَلَيْهِ الْقيام لَهُ بِمَا مبلغه كَذَا وَكَذَا قيَاما شَرْعِيًّا من مَاله وصلب حَاله فِي نَظِير عمله فِي ذَلِك حَسْبَمَا ألزم ذمَّته لَهُ بذلك الْإِلْزَام الشَّرْعِيّ
قبل ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا
ويكمل ويؤرخ
وَالله أعلم

(1/237)