جواهر العقود ومعين القضاة والموقعين والشهود

كتاب الْمُسَاقَاة والمزارعة

وَمَا يتَعَلَّق بهما من الْأَحْكَام
الأَصْل فِي الْمُسَاقَاة: مَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ: (افْتتح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَيْبَر على أَن لَهُ الأَرْض وكل صفراء وبيضاء يَعْنِي: الذَّهَب وَالْفِضَّة فَقَالُوا: نَحن أعلم بِالْأَرْضِ مِنْكُم فأعطونا على أَن لنا النّصْف وَلكم النّصْف فَأَعْطَاهُمْ
فَلَمَّا كَانَ وَقت الثَّمَرَة بعث إِلَيْهِم عبد الله بن رَوَاحَة ليحزر الثَّمَرَة
فحزرها عَلَيْهِم
فَقَالُوا: يَا ابْن رَوَاحَة أكثرت علينا
فَقَالَ: إِن شِئْتُم فلكم وضمنتم نصيب الْمُسلمين وَإِن شِئْتُم فلي وأضمن لكم نصيبكم
فَقَالُوا: هَذَا هُوَ الْحق
وَبِه قَامَت السَّمَاوَات) وَرُوِيَ (أَن عبد الله بن رَوَاحَة خرص عَلَيْهِم أَرْبَعِينَ ألف وسق
فَكَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشرُون ألفا
وَلَهُم عشرُون ألفا) وروى ابْن عمر (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ساقى أهل خَيْبَر على تِلْكَ الْأُصُول بالشطر)
وَالْمُسَاقَاة: أَن يُعَامل إنْسَانا على أَشجَار ليتعهدها بالسقي والتربية على أَن ثمارها تكون بَينهمَا
وَاللَّفْظ مَأْخُوذ من السَّقْي
وَإِن كَانَ مَشْرُوطًا على الْعَامِل أعمالا كَثِيرَة لِأَن السَّقْي أشق الْأَعْمَال وأكثرها نفعا
وَهِي خَاصَّة بالحجاز لِأَن أَهلهَا يسقون من الْآبَار
فَكَانَ الْمَالِك وَالْعَامِل يتعاونان على السَّقْي
وَقيل: الْمُسَاقَاة من نوب المَاء بَين الْقَوْم
فَيكون لبَعْضهِم فِي وَقت ولآخرين فِي وَقت
وَتجوز الْمُسَاقَاة من جَائِز التَّصَرُّف لنَفسِهِ وللصبي وَالْمَجْنُون بِالْولَايَةِ
وموردها: الْكَرم والنخيل
وَلَا ترد على مَا لَا يُثمر من الْأَشْجَار وَمَا ينْبت وَلَا سَاق لَهُ بِحَال
وَلَا تصح المخابرة وَهِي الْمُعَامَلَة على الأَرْض بِبَعْض مَا يخرج مِنْهَا وَالْبذْر من الْعَامِل وَلَا الْمُزَارعَة
وَهِي هَذِه الْمُعَامَلَة وَالْبذْر من الْمَالِك
نعم لَو كَانَ بَين النخيل بَيَاض يجوز الْمُزَارعَة عَلَيْهِ تبعا للمساقاة على النخيل وعسر إِفْرَاد النخيل بالسقي وَالْبَيَاض بالمزارعة
وَكَذَا يشْتَرط أَن يفصل بَينهمَا وَأَن لَا يقدم الْمُزَارعَة على الْمُسَاقَاة فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ
وَأَصَح

(1/199)


الْوَجْهَيْنِ: أَنه لَا فرق بَين أَن يكثر الْبيَاض أَو يقل وَأَنه لَا يشْتَرط تَسَاوِي الْجُزْء الْمَشْرُوط من الثَّمر وَالزَّرْع
وَلَا يجوز أَن يخابر تبعا للمساقاة
وَإِذا أفردت الأَرْض بالزراعة كَانَ الرّيع للْمَالِك وَعَلِيهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَة مثل عمله وثيرانه وآلاته
وَالطَّرِيق فِي أَن يصير الرّيع بَينهمَا وَلَا تلْزم أجرته: أَن يسْتَأْجر الْعَامِل بِنصْف الْبذر ليزرع لَهُ نصف الأَرْض ويعيره النّصْف الآخر أَو يستأجره بِنصْف الْبذر وَنصف مَنْفَعَة الأَرْض ليزرع لَهُ النّصْف الآخر من الْبذر فِي النّصْف الآخر من الأَرْض
وَسَيَأْتِي بَيَان ذَلِك فِي كتاب الْإِجَارَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَيشْتَرط تَخْصِيص الثِّمَار بالمتساقيين
وتشريكهما فِيهَا وَالْعلم بالنصيبين بالجزئية كَمَا فِي الْقَرَاض وَأَصَح الْقَوْلَيْنِ عَن الشَّافِعِي: أَنه لَا تصح الْمُسَاقَاة بعد ظُهُور الثِّمَار وَلَكِن قبل بَدو الصّلاح
وَلَو ساقاه على ودي ليغرسه وَيكون بَينهمَا لم يجز
وَإِن كَانَ مغروسا وَشرط لَهُ جُزْءا من الثَّمَرَة
فَإِن قدر العقد بِمدَّة يُثمر فِيهَا غَالِبا صَحَّ العقد
وَإِن قدره بِمدَّة لَا يُثمر فِيهَا مثله لم يَصح
وَلَا يشْتَرط على الْعَامِل مَا لَيْسَ من جنس أَعمال الْمُسَاقَاة وَيعرف الْعَمَل بِتَقْدِير الْمدَّة من سنة أَو أَكثر
وَلَا يجوز التَّوْقِيت بِإِدْرَاك الثِّمَار
وَصِيغَة العقد أَن يَقُول: ساقيتك على هَذَا النّخل بِكَذَا
وَمَعْنَاهُ سلمتها إِلَيْك لتتعهدها
وَيشْتَرط فِيهِ الْقبُول وَلَا يشْتَرط تَفْصِيل الْأَعْمَال
وَيحمل الْمُطلق فِي كل نَاحيَة على الْعرف الْغَالِب
وعَلى الْعَامِل كل عمل يحْتَاج إِلَيْهِ إصْلَاح الثِّمَار واستزادتها وتكررها فِي كل سنة
كالسقي وَمَا يتبعهُ من تنقية النَّهر وَإِصْلَاح الأجاجين الَّتِي يثبت فِيهَا المَاء
وكالتلقيح وتنحية الْحَشِيش والقضبان الْمضرَّة وتعريش الكروم حَيْثُ جرت الْعَادة بِهِ وَحفظ الثِّمَار وجدادها وتجفيفها
وَمَا يقْصد بِهِ حفظ الْأُصُول وَلَا يتَكَرَّر كل سنة
فَهُوَ من وَظِيفَة الْمَالِك
كبناء الْحِيطَان
وحفر الْأَنْهَار الجديدة
وَالْمُسَاقَاة لَازِمَة
فَلَو هرب الْعَامِل قبل تَمام الْعَمَل
وأتمه الْمَالِك مُتَبَرعا بَقِي اسْتِحْقَاق الْعَامِل فِي الثَّمَرَة تَاما وَإِلَّا اسْتَأْجر الْحَاكِم عَلَيْهِ من يتم الْعَمَل
فَإِن لم يقدر على مُرَاجعَة الْحَاكِم فليشهد على الْإِنْفَاق إِن أَرَادَ الرُّجُوع
وَإِن مَاتَ الْعَامِل وَخلف تَرِكَة أتم الْوَارِث الْعَمَل مِنْهَا
وَإِن قَالَ الْوَارِث: أَنا أتم الْعَمَل بنفسي أَو أستأجر من مَالِي
فعلى الْمَالِك تَمْكِينه
وَإِذا ثَبت خِيَانَة الْعَامِل اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ من مَاله من يعْمل
وَإِن أمكن الْحِفْظ بمشرف اقْتصر عَلَيْهِ
وَإِذا خرجت الثِّمَار مُسْتَحقَّة رَجَعَ الْعَامِل على الَّذِي ساقاه بِأُجْرَة الْمثل

(1/200)


الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب: اتّفق فُقَهَاء الْأَمْصَار من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وأئمة الْمذَاهب على جَوَاز الْمُسَاقَاة
وَذهب أَبُو حنيفَة إِلَى بُطْلَانهَا وَلم يذهب إِلَى ذَلِك أحد غَيره
وَتجوز الْمُسَاقَاة على سَائِر الْأَشْجَار المثمرة كالنخل وَالْعِنَب والتين والجوز
وَغير ذَلِك عِنْد مَالك وَأحمد وَهُوَ الْقَدِيم من مَذْهَب الشَّافِعِي
وَاخْتَارَهُ الْمُتَأَخّرُونَ من أَصْحَابه
وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد
والجديد الصَّحِيح من مَذْهَب الشَّافِعِي: أَنه لَا تجوز إِلَّا فِي النّخل وَالْعِنَب
وَقَالَ دَاوُد: لَا تجوز إِلَّا فِي النّخل خَاصَّة

فصل: وَإِذا كَانَ بَين النخيل بَيَاض
وَإِن كثر صحت الْمُزَارعَة عَلَيْهِ مَعَ الْمُسَاقَاة على النّخل عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد بِشَرْط اتِّحَاد الْعَامِل وعسر إِفْرَاد النّخل بالسقي وَالْبَيَاض بالعمارة
وبشرط أَن لَا يفصل بَينهمَا وَأَن لَا تقدم الْمُزَارعَة بل تكون تبعا للمساقاة
وَأَجَازَ مَالك: دُخُول الْبيَاض الْيَسِير بَين الشّجر فِي غير الْمُسَاقَاة من غير اشْتِرَاط
وَجوزهُ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد على أَصلهمَا فِي جَوَاز المخابرة فِي كل أَرض
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: بِالْمَنْعِ هُنَا كَمَا قَالَ بِعَدَمِ الْجَوَاز فِي الأَرْض المنفردة

فصل: وَلَا تجوز المخابرة
وَهِي عمل الأَرْض بِبَعْض مَا يخرج مِنْهَا وَالْبذْر من الْعَامِل بالِاتِّفَاقِ
وَلَا الْمُزَارعَة وَهِي أَن يكون الْبذر من مَالك الأَرْض عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَهُوَ الْجَدِيد الصَّحِيح من قولي الشَّافِعِي
وَالْقَدِيم من قوليه وَاخْتَارَهُ أَعْلَام الْمَذْهَب
وَهُوَ الْمُرَجح
وَقَالَ النَّوَوِيّ: وَهُوَ الْمُخْتَار الرَّاجِح فِي الدَّلِيل صِحَّتهَا
وَهُوَ مَذْهَب أَحْمد وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد
وَقَالَ النَّوَوِيّ: وَطَرِيق جعل الْغلَّة لَهما وَلَا أُجْرَة: أَن يستأجره بِنصْف الْبذر ليزرع لَهُ النّصْف الآخر
ويعيره نصف الأَرْض وَقد تقدم ذكر ذَلِك فِي الحكم

فصل: وَإِذا ساقاه على ثَمَرَة مَوْجُودَة وَلم يبد صَلَاحهَا
: جَازَ عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد
وَأَجَازَهُ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَسَحْنُون على كل ثَمَرَة مَوْجُودَة من غير تَفْصِيل
وَإِذا اخْتلفَا فِي الْجُزْء الْمَشْرُوط تحَالفا عِنْد الشَّافِعِي وينفسخ العقد
وَيكون لِلْعَامِلِ أُجْرَة مثله فِيمَا عمل بِنَاء على أَصله فِي اخْتِلَاف الْمُتَبَايعين وَمذهب الْجَمَاعَة: أَن القَوْل قَول الْعَامِل مَعَ يَمِينه
انْتهى

المصطلح: وَمَا يشْتَمل عَلَيْهِ من الصُّور
وَلها عمد
وَهِي ذكر المساقي والمساقى وأسمائهما وأنسابهما
وَذكر النّخل وَالْعِنَب
وَلَا يُقَال: الْكَرم لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (نهى عَن

(1/201)


تَسْمِيَة الْعِنَب كرما) وموضعهما وتحديدهما
وَمُدَّة الْمُسَاقَاة وَعمل الْعَامِل فيهمَا على مَا يَصح
وَيجوز ذكر الْأَجْزَاء من التَّمْر أَو الْعِنَب على مَا يتفقان عَلَيْهِ لكل وَاحِد مِنْهُمَا والتسلم وَالتَّسْلِيم والرؤية وَالْإِشْهَاد والتاريخ
وَصُورَة مَا إِذا كتب الْمُسَاقَاة فِي ذيل الْإِجَارَة: وساقى الْمُؤَجّر الْمَذْكُور الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور على مَا فِي الْمَأْجُور الْمَذْكُور من الْأَشْجَار المثمرة مُدَّة الْإِجَارَة على أَن يعْمل لَهُ فِي ذَلِك حق الْعَمَل بِنَفسِهِ أَو بِمن يقوم مقَامه فِي ذَلِك
وَمهما فتح الله تَعَالَى من ثَمَر كَانَ للمؤجر الْمَذْكُور بِحَق عمله فِي ذَلِك كَذَا وَكَذَا سَهْما وَكَانَ لرب الأَرْض من ذَلِك بِحَق ملكه كَذَا وَكَذَا سَهْما أَو يَقُول: كَانَ مقسوما على كَذَا وَكَذَا سَهْما مَا هُوَ للمؤجر بِحَق ملكه كَذَا وَكَذَا
وَمَا هُوَ للْمُسْتَأْجر بِحَق عمله كَذَا وَكَذَا مُسَاقَاة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لَازِمَة
وَسلم إِلَيْهِ ذَلِك
فتسلمه مِنْهُ بِعقد هَذِه الْمُسَاقَاة تسلما شَرْعِيًّا
ويكمل بالتاريخ
وَصُورَة مَا إِذا كتب الْمُسَاقَاة مُفْردَة عَن كتاب الْإِجَارَة: ساقى فلَان فلَانا أَو أقرّ فلَان أَنه ساقى فلَانا أَو أشهد عَلَيْهِ فلَان أَنه ساقى فلَانا على مَا بِيَدِهِ من الْكَرم والنحل أَو على الْأَشْجَار النّخل وَالرُّمَّان والتين وَالزَّيْتُون وَالْعِنَب وَغير ذَلِك النابتة فِي أَرَاضِي الْبُسْتَان الْفُلَانِيّ الْجَارِي فِي ملك المساقي الْمَذْكُور
وَبِيَدِهِ وتصرفه يذكرهُ ويصفه ويحدده وَإِن أمكن ذكر مساحته ذكرهَا وَمَا يُحِيط بِهِ من السياج الدائر عَلَيْهِ ويغلق عَلَيْهِ بَاب خَاص وشربه من ساقية كَذَا مُسَاقَاة صَحِيحَة شَرْعِيَّة جَائِزَة نَافِذَة مُدَّة سنة كَامِلَة من تَارِيخه أَو أَكثر مَا يتفقان عَلَيْهِ على أَن الْعَامِل الْمَذْكُور يتَوَلَّى الْقيام بِسَائِر مَا تحْتَاج إِلَيْهِ الْأَشْجَار المساقى عَلَيْهَا الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ من سقِِي وتنظيف الأَرْض من الْحَشِيش والعيدان وَإِصْلَاح الأجاجين وتنحية مَا يضر بالأشجار وتأبير النّخل وجداده وزبر الْكَرم وَإِقَامَة عرائشه وَحفظه وَسَائِر مَا يحْتَاج إِلَيْهِ بِنَفسِهِ وبمن يَسْتَعِين بِهِ من أَجْزَائِهِ وعوامله وأبقاره وعدده وآلاته الْمعدة لمثل ذَلِك وَمهما أطلعه الله فِي ذَلِك ورزقه من ثَمَرَة كَانَ مقسوما على ثَلَاثَة أَقسَام: للْمَالِك بِحَق ملكه قِسْمَانِ وللعامل بِحَق عمله قسم وَاحِد أَو يَقُول: كَانَ مقسوما على ألف جُزْء لفُلَان المبدأ بِذكرِهِ بِحَق ملكه جُزْء وَاحِد وَلفُلَان الْمثنى بِذكرِهِ بِحَق عمله بَقِيَّة الْأَجْزَاء الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ وَذَلِكَ بعد إِخْرَاج الْمُؤَن والكلف وَالْأَجْر وَحقّ الله تَعَالَى إِن وَجب
تعاقدا على ذَلِك معاقدة صَحِيحَة شَرْعِيَّة مُشْتَمِلَة على الْإِيجَاب وَالْقَبُول وَسلم الْمَالِك إِلَى الْعَامِل جَمِيع الْبُسْتَان الْمَذْكُور بِعقد هَذِه الْمُسَاقَاة الْجَائِزَة بَينهمَا على الحكم المشروح أَعْلَاهُ
فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا بعد الرُّؤْيَة والمعرفة والإحاطة بذلك علما وخبرة نَافِيَة للْجَهَالَة
رَضِيا بذلك واتفقا عَلَيْهِ
ويكمل

(1/202)


وَصُورَة الْمُسَاقَاة على سَائِر الْأَشْجَار الْمُخْتَلفَة الثِّمَار على مَذْهَب مَالك وَأحمد وَأحد قولي الشَّافِعِي خلافًا لأبي حنيفَة: ساقى فلَان فلَانا البستاني على جَمِيع الْأَشْجَار الْمُخْتَلفَة الثِّمَار الْقَائِمَة بأراضي الْبُسْتَان الْفُلَانِيّ الْمَعْرُوف ببستان كَذَا الرَّاكِب على نهر كَذَا
وَله حق شرب من النَّهر الْمَذْكُور مَعْلُوم وَهُوَ يَوْم الثُّلَاثَاء وَلَيْلَة الْأَرْبَعَاء من كل أُسْبُوع مثلا أَو يكون سقيه بالسواقي والعوامل فيذكر ذَلِك
ويصف الْبُسْتَان وَيذكر اشتمالاته وأنواع فواكهه وأشجاره وَصفا تَاما ويحدده ثمَّ يَقُول: مُسَاقَاة صَحِيحَة شَرْعِيَّة جَائِزَة لَازِمَة مُدَّة سنة كَامِلَة من تَارِيخه أَو أقل أَو أَكثر على أَن الْعَامِل الْمَذْكُور يتَوَلَّى سقِِي الْأَشْجَار الْمَذْكُورَة والحرث حول أُصُولهَا وتنظيف الأَرْض من الْحَشِيش والعيدان وتنحية مَا يَضرهَا
وَوضع الشواميك تَحت غصونها عِنْد تعذر حمل ثمارها وَأَن يحفظ ثمارها بِنَفسِهِ وَيعْمل فِي ذَلِك بأجرائه وعوامله وعدده وآلاته
وَمهما رزق الله تَعَالَى من ثَمَرَة فِي ذَلِك كَانَ مقسوما بَينهمَا على كَذَا وَكَذَا سَهْما للْمَالِك من ذَلِك بِحَق ملكه كَذَا
وللعامل بِحَق عمله كَذَا
وَذَلِكَ بعد إِخْرَاج الْمُؤَن والكلف وَالْأَجْر
وَحقّ الله تَعَالَى إِن وَجب
ويكمل بِذكر المعاقدة والتسلم وَالتَّسْلِيم والرؤية والاتفاق والتراضي على نَحْو مَا تقدم شَرحه
تَنْبِيه: هَذِه الْمُسَاقَاة مَقْصُودَة فِي الْأَشْجَار الَّتِي لَيْسَ تحتهَا أَرض مكشوفة قَليلَة وَلَا كَثِيرَة
وَإِنَّمَا الْأَشْجَار مغطية لجَمِيع الأَرْض
فَأَما إِذا كَانَ بَين الْأَشْجَار أَرض بَيَاض مكشوفة قَليلَة أَو كَثِيرَة
فَإِنَّهُ تجوز الْمُزَارعَة عَلَيْهَا مَعَ الْمُسَاقَاة فِي عقد وَاحِد وَيكون لِلْعَامِلِ جُزْء من الثَّمَرَة وجزء مِمَّا يخرج من الأَرْض
وَذَلِكَ مَذْهَب أَحْمد وَحده وَمذهب أبي يُوسُف خلافًا للباقين
وَأَن يكون الْبذر من صَاحب الأَرْض لَا يرجع ببذره
وَقَالَ أَبُو يُوسُف: يخرج الْبذر أَولا من وسط الْغلَّة وَيقسم الْبَاقِي بَينهمَا بالجزئية الَّتِي اشترطاها
سَوَاء كَانَ الْبذر لِلْعَامِلِ أَو لَهما
وَصُورَة الْمُسَاقَاة والمزارعة على أَشجَار بَينهمَا أَرض بَيَاض وَالْبذْر من الْمَالِك يخرج أَولا وَيقسم الْبَاقِي بَينهمَا: ساقى فلَان فلَانا على جَمِيع الْأَشْجَار الْمُخْتَلفَة الثِّمَار الْقَائِمَة أُصُولهَا بأراضي الْبُسْتَان الْفُلَانِيّ الْمَعْرُوف بِكَذَا ويوصف ويحدد وزارعه على الْأَرَاضِي الْبيَاض الْكَشْف الَّتِي بَين الْأَشْجَار الْمَذْكُورَة مُسَاقَاة ومزارعة صحيحتين شرعيتين جائزتين شرعا على أَن فلَانا يعْمل فِي ذَلِك حق الْعَمَل الْمُعْتَاد فِي مثل ذَلِك ويتعاهد أشجاره بالسقي على عَادَته ويقطف ثماره وَيقوم بمصالحه وإزاحة أعذاره وَسَائِر مَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَأَن يبذر الأَرْض الْبيَاض الَّتِي بِهِ بِمَا يحضرهُ لَهُ الْمَالِك من الْبذر ويغلقها بالزراعة بعد الْحَرْث والسواد وَغير ذَلِك مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ الزراع فِي مثل ذَلِك بِنَفسِهِ وبمن يَسْتَعِين بِهِ من أجرائه وعوامله وثيرانه وعدده وآلاته
فَإِذا بدا الصّلاح فِي الثَّمَرَة

(1/203)


وَجَاز بيعهَا ودرست الْغلَّة وَصَارَت حبا صافيا وَبَلغت الخضراوات المزروعة بِالْأَرْضِ الْمَذْكُورَة فطاب أكلهَا: كَانَ ذَلِك بَينهمَا على ثَلَاثَة أسْهم: سَهْمَان للْمَالِك بِحَق ملكه وَسَهْم لِلْعَامِلِ بِحَق عمله
وَذَلِكَ بعد إِخْرَاج مَا يجب إِخْرَاجه من الْمُؤَن والكلف وَالْأَجْر وَالْبذْر
وَحقّ الله تَعَالَى إِن وَجب
ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه
وَإِن اتفقَا على ترك الْبذر وَعدم إِخْرَاجه من الْوسط
فقد وَافق مَذْهَب مُحَمَّد أَيْضا
تَنْبِيه: قد منع الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى جَوَاز الْمُسَاقَاة إِلَّا على وَجه وَاحِد وَهُوَ أَن يكون النّخل كثيرا وَالْبَيَاض يَسِيرا
وَجوز مَالك الْمُزَارعَة تبعا للمساقاة على الأَرْض الَّتِي بَين النخيل قَليلَة كَانَت أَو كَثِيرَة تبعا لِلْأُصُولِ
وَفِي الْمُسَاقَاة على الليف وَالسَّعَف والكرنوف خلاف
فَإِن كَانَت تعد من الثَّمَرَة جَازَ
وَإِلَّا فَلَا
وَصُورَة مَا إِذا أجره الأَرْض وساقاه على مَا فِيهَا من نخل أَو عِنَب أَو شجر: اسْتَأْجر فلَان من فلَان جَمِيع بَيَاض الأَرْض الْفُلَانِيَّة ويصفها ويحددها وَيَقُول: خلا مَوَاضِع النّخل وَالشَّجر ومغارسها من الأَرْض المحدودة الموصوفة أَعْلَاهُ أَو يَقُول: خلا منابت الْأَشْجَار النابتة فِي الأَرْض الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ وَمَا لذَلِك من طَرِيق شرب وَحقّ من هَذِه الأَرْض الْمَذْكُورَة
فَإِن ذَلِك لم يدْخل وَلَا شَيْء مِنْهُ فِي عقد الْإِجَارَة إِجَارَة شَرْعِيَّة لمُدَّة كَذَا بِأُجْرَة مبلغها كَذَا وَيذكر قبضهَا أَو حلولها أَو تقسيطها ويكمل الْإِجَارَة بالمعاقدة والتسلم وَالتَّسْلِيم والرؤية
وَبعد ذكر التَّفَرُّق يَقُول: ثمَّ يعد تَمام ذَلِك ولزومه شرعا ساقى فلَان الْمُؤَجّر فلَانا الْمُسْتَأْجر أَو سَأَلَ فلَان الْمُسْتَأْجر فلَانا الْمُؤَجّر أَن يساقيه على مَا فِي الأَرْض الْمُؤجرَة المحدودة الموصوفة بأعاليه من نخل وَشَجر مُدَّة الْإِجَارَة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ على أَن يسقى ذَلِك كُله ويؤبر مَا يحْتَاج مِنْهُ إِلَى التَّأْثِير ويلقحه وَيقطع الْحَشِيش وَالسَّعَف والأطراف الْمضرَّة بِهِ ويعمره وَيقوم بِجَمِيعِ مَا يحْتَاج إِلَيْهِ لطول الْمدَّة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ بِنَفسِهِ وبمن يَسْتَعِين بِهِ من أَجْزَائِهِ وعوامله وآلاته وعدده وَمهما رزق الله فِيهِ وَأَعْطَاهُ من ثَمَرَة كَانَ لفُلَان مِنْهَا بِحَق ملكه كَذَا وَلفُلَان بِحَق عمله ومساقاته كَذَا
وَذَلِكَ بعد إِخْرَاج الْمُؤَن والكلف وَالْأَجْر وَحقّ الله تَعَالَى إِن وَجب
فَأَجَابَهُ إِلَى مَا سَأَلَهُ وساقاه على ذَلِك وَرَضي بِمَا شَرطه لَهُ
وَسلم إِلَيْهِ جَمِيع مَا فِي الأَرْض الْمَذْكُورَة من نخل وَشَجر
فتسلمه مِنْهُ وَصَارَ بِيَدِهِ بِعقد الْمُسَاقَاة الْجَارِي بَينهمَا على ذَلِك بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُول
وَضمن المساقي الْمَذْكُور الْقيام بِمَا ساقاه عَلَيْهِ على مَا يُوجِبهُ شَرط الْمُسَاقَاة الشَّرْعِيَّة الْجَائِزَة شرعا
وَذَلِكَ بعد الرُّؤْيَة والمعرفة عِنْد عقد الْإِجَارَة وَقَبله
ويؤرخ
وَصُورَة إِجَارَة ومساقاة أُخْرَى: اسْتَأْجر فلَان من فلَان جَمِيع بَيَاض أَرض الْبُسْتَان الشّجر السَّقْي الْمَعْرُوف بِكَذَا ويوصف ويحدد بحقوقها كلهَا وحدودها وبئرها الكائنة

(1/204)


بهَا
والساقية الْخشب المركبة على فوهتها وَمَا يعرف بهَا وينسب إِلَيْهَا خلا مغارس الْأُصُول النابتة فِي الأَرْض الْمَذْكُورَة فَإِنَّهَا خَارِجَة عَن عقد هَذِه الْإِجَارَة إِجَارَة شَرْعِيَّة لينْتَفع الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور بذلك الِانْتِفَاع الشَّرْعِيّ بالزراعات الصيفية والشتوية غير الْمضرَّة بالأشجار النابتة فِي الْمَأْجُور مُدَّة كَذَا بِأُجْرَة مبلغها كَذَا
وَسلم إِلَيْهِ مَا أجره إِيَّاه
فتسلم ذَلِك مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا بعد النّظر والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة وَسلم إِلَيْهِ الْأُصُول الْقَائِمَة فِي الأَرْض الْمُؤجرَة المحدودة الموصوفة بأعاليه
فتسلمها مِنْهُ على سَبِيل الْمُسَاقَاة الشَّرْعِيَّة الْجَائِزَة شرعا المنعقدة بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُول على أَن هَذَا المساقي الَّذِي هُوَ الْمُسْتَأْجر يتَوَلَّى تكريم أُصُولهَا وتقليم نخلها وتأبيرها وتلقيحها وسقيها بِالْمَاءِ والتحويط عَلَيْهَا
وتنقية مَا حولهَا من النباتات الْمضرَّة بهَا وَأَن يفعل مَا يَفْعَله المساقون فِيهَا على الْعَادة فِي مثلهَا لطول مُدَّة الْإِجَارَة الْمعينَة أَعْلَاهُ بِنَفسِهِ وبمن يَسْتَعِين بِهِ من أجرائه وعوامله وعدده وآلاته
وَمهما فتح الله فِي ذَلِك عِنْد إِدْرَاك غلاتها فللمساقي الْمَالِك سهم وَاحِد من جملَة ألف سهم بِحَق ملكه وللمستأجر المساقي تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتسْعُونَ جُزْءا بِحَق عمله حَسْبَمَا اتفقَا وتراضيا على ذَلِك
وَذَلِكَ بعد إِخْرَاج مَا يجب إِخْرَاجه شرعا
واعترف كل مِنْهُمَا بِمَعْرِِفَة مَا تعاقد عَلَيْهِ ونظرهما لَهُ وخبرتهما بِهِ الْخِبْرَة النافية للْجَهَالَة
ويؤرخ
تَنْبِيه: من أَرَادَ الِاحْتِيَاط فِي الْمُسَاقَاة وَالْخُرُوج مِمَّا جرى فِيهِ الْخلاف بَين الْعلمَاء فليذكر فِي آخر العقد: أَن الْمُتَعَاقدين تَصَادقا على أَن العقد الْجَارِي بَينهمَا فِي ذَلِك حكم بِهِ حَاكم شَرْعِي يرى صِحَّته وَيَقُول: وأنهما رفعا ذَلِك إِلَى حَاكم شَرْعِي نظر فِيهِ
فَرَآهُ صَحِيحا على مُقْتَضى قَاعِدَة مذْهبه الشريف
وَأَنه حكم بِصِحَّتِهِ وأمضاه
وَأَجَازَهُ وارتضاه وألزم الْعَمَل بِمُقْتَضَاهُ حكما شَرْعِيًّا
وَيكون الِاحْتِرَاز بِذكر حكم الْحَاكِم لأجل اخْتِلَاف النَّاس فِي عقد الْمُسَاقَاة
وَقد تقدم بَيَانه
ضَابِط: الْعَمَل فِي الْمُسَاقَاة على ضَرْبَيْنِ: عمل يعود نَفعه على الثَّمَرَة
فَهُوَ على الْعَامِل وَعمل يعود نَفعه على الأَرْض فَهُوَ رب المَال
وَلَا بُد أَن تكون الْمُسَاقَاة مُؤَقَّتَة لمُدَّة مَعْلُومَة
والأجود: أَن لَا تزيد على ثَلَاث سِنِين
وصيغتها: ساقيتك أَو عقدت مَعَك عقد الْمُسَاقَاة
وتنعقد بِكُل لفظ يُؤَدِّي إِلَى مَعْنَاهَا
وَالْمُسَاقَاة عقد لَازم
وَيملك الْعَامِل نصِيبه من الثَّمَرَة بعد الظُّهُور على الْمَذْهَب
وَقد تقدم ذكر ذَلِك
وَالله أعلم

بَاب الْمُزَارعَة وَالْمُخَابَرَة
: الصَّحِيح: أَنَّهُمَا عقدان مُخْتَلِفَانِ
فالمزارعة: الْمُعَامَلَة على الأَرْض بِبَعْض مَا يخرج

(1/205)


من زَرعهَا
وَالْبذْر من مَالك الأَرْض
وَالْمُخَابَرَة: مثلهَا إِلَّا أَن الْبذر من الْعَامِل
وَقيل: هما بِمَعْنى وَاحِد
وَالصَّحِيح الأول
وَبِه قَالَ الْجُمْهُور وَهُوَ ظَاهر نَص الشَّافِعِي
وَأما قَول صَاحب الْبَيَان: إِن أَكثر الْأَصْحَاب قَالُوا: هما بِمَعْنى وَاحِد
فمردود لَا يعْتَبر
وَقد يُقَال: المخابرة اكتراء الأَرْض بِبَعْض مَا يخرج مِنْهَا
والمزارعة: اكتراء الْعَامِل ليزرع الأَرْض بِبَعْض مَا يخرج مِنْهَا
وَالْمعْنَى: لَا يخْتَلف
وَهِي مُخْتَلف فِيهَا بَين الْعلمَاء
قَالَ النَّوَوِيّ: الْمُخْتَار جَوَاز الْمُزَارعَة وَالْمُخَابَرَة وَالْمَعْرُوف من مَذْهَب الشَّافِعِي بُطْلَانهَا
قَالَ صَاحب الْبَحْر الصَّغِير: وَأرى جَوَاز الْمُزَارعَة وَالْمُسَاقَاة فِي جَمِيع الْأَرَاضِي وَالْأَشْجَار المثمرة والمعاطاة فِي المحقرات لعُمُوم الْبلوى فِي الْبلدَانِ وصيانة الْخلق عَن الْعِصْيَان
فَمن كتبهَا على مَذْهَب من يرى ذَلِك فليعرض بِذكر حكم الْحَاكِم بِصِحَّتِهَا وإجازتها ليخرج من الْخلاف كَمَا تقدم ذكره آنِفا
وَصُورَة الْمُزَارعَة على أصل من يَقُول بِصِحَّتِهَا: أقرّ فلَان أَنه تسلم من فلَان جَمِيع الْقطعَة الأَرْض الْفُلَانِيَّة وَيذكر حُدُودهَا وحقوقها على أَن يعمرها بِنَفسِهِ وأعوانه ودوابه ويزرع فِيهَا كَذَا وَكَذَا فِي سنة كَذَا أَو ليزرع فِيهَا مَا يحب ويختار من المزروعات الصيفية والشتوية على الْعَادة فِي مثل ذَلِك
وَيقوم بسقي مَا يزرع فِيهَا وَبِمَا يصلحه وينميه إِلَى حِين بُلُوغه واستكمال منفعَته
وَمهما رزق الله تَعَالَى فِي ذَلِك وَأَعْطَاهُ بكرمه من غلَّة الزَّرْع الْمَذْكُور أخرج مِنْهُ مَا يجب عَلَيْهِ فِيهِ الصَّدَقَة
وَكَانَ الْبَاقِي بَينهمَا لفُلَان بِحَق أرضه كَذَا وَلفُلَان بِحَق بذره وَعَمله كَذَا
وَرَضي فلَان الْمَالِك للْأَرْض الْمَذْكُورَة بذلك بمخاطبته إِيَّاه واتفاقهما وتراضيهما على ذَلِك
ويؤرخ
وَصُورَة أُخْرَى فِي الْمُزَارعَة: أقرّ فلَان أَنه تسلم من فلَان جَمِيع الأَرْض السليخة الكائنة بمَكَان كَذَا
الْمَعْرُوفَة بِكَذَا وتوصف وتحدد ليزرعها من عِنْده أَو يَقُول: من مَاله وصلب حَاله حِنْطَة أَو غَيرهَا من أَصْنَاف الْحُبُوب والمزروعات فِي سنة كَذَا تسلما شَرْعِيًّا وَمهما لحق ذَلِك من حرث وحصاد ورجاد ودرس ودراوة وَغير ذَلِك من بداءة الزَّرْع وَإِلَى نِهَايَة استغلاله يكون على فلَان الْعَامِل الْمَذْكُور
فَإِذا صَار حبا صافيا كَانَ لفُلَان كَذَا وَلفُلَان كَذَا حَسْبَمَا اتفقَا وتراضيا على ذَلِك
ويؤرخ
فَائِدَة: رُبمَا اشْترط النَّاس فِي الْمُسَاقَاة أَو الْمُزَارعَة مَا يفْسد عقدهَا من عمل

(1/206)


دولاب أَو حفر نهر أَو بِنَاء حَائِط
فالموثق إِذا خَافَ الْفساد فِي كِتَابَته وَكَانَ لَا بُد من ذكر مَا اتفقَا عَلَيْهِ من ذَلِك فليكتب آخر الْكتاب بعد تَمام العقد
ثمَّ أقرّ الْمزَارِع الْمَذْكُور أَو المساقي الْمَذْكُور إِقْرَارا شَرْعِيًّا صدر مِنْهُ على غير شَرط كَانَ فِي صلب عقد هَذِه الْمُزَارعَة أَو الْمُسَاقَاة وَلَا مقترن بِهِ أَن عَلَيْهِ لفُلَان بِحَق وَاجِب عرفه لَهُ على نَفسه: بِنَاء جَمِيع الْحَائِط الْفُلَانِيّ أَو حفر النَّهر الْفُلَانِيّ أَو عمل دولاب فِي الْجِهَة الْفُلَانِيَّة
قبل ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا
وَفِي هَذَا ضَرَر على الْمزَارِع وَمَا أَظن كَاتبه بَينهمَا يسلم من الْإِثْم
فَيَنْبَغِي أَن يتَحَلَّل مِنْهُمَا: وَأَيْضًا فَلَا بُد فِي هَذِه الْعُقُود من مُرَاعَاة الشُّرُوط كرؤية الأَرْض والآلات وَتَقْدِير الْمدَّة وَغَيرهَا
هَذَا إِذا أفردت الأَرْض بِالْعقدِ
وَأما إِذا كَانَ بَين النّخل: فَتجوز الْمُزَارعَة عَلَيْهِ مَعَ الْمُسَاقَاة على النّخل وَقد تقدّمت صور ذَلِك
وَيشْتَرط فِيهِ اتِّحَاد الْعَامِل فَلَا يجوز أَن يساقي وَاحِدَة ويزارع آخر

(1/207)