جواهر العقود ومعين القضاة والموقعين والشهود

كتاب الدَّعْوَى والبينات

وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام
الْمُدَّعِي فِي اللُّغَة هُوَ من ادّعى شَيْئا لنَفسِهِ سَوَاء كَانَ فِي يَده أَو فِي يَد غَيره
وَفِي الشَّرْع هُوَ من ادّعى شَيْئا فِي يَد غَيره أَو دينا فِي ذمَّته
وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ فِي اللُّغَة وَالشَّرْع هُوَ من ادّعى عَلَيْهِ بِشَيْء فِي يَده أَو فِي ذمَّته
وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله فِي مَوضِع الْمُدَّعِي من يَدعِي أمرا بَاطِنا وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ من يَدعِي أمرا ظَاهرا
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر الْمُدَّعِي من إِذا سكت ترك وسكوته
وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ من لَا يتْرك وسكوته
والدعاوى على ضَرْبَيْنِ
أَحدهمَا فَاسد
وَالْآخر صَحِيح
فَأَما الْفَاسِد فَثَلَاثَة أَنْوَاع
أَحدهَا أَن يَدعِي محالا مثل أَن يَدعِي مثل جبل أحد ذَهَبا أَو فضَّة أَو نَحْو ذَلِك
وَالثَّانِي أَن يَدعِي دَعْوَى أبطلها الشَّرْع مثل من يَدعِي ثمن كلب أَو خِنْزِير أَو ثمن مَا يتناسل مِنْهُمَا أَو ثمن ميتَة أَو نَجَاسَة مائعة كَانَت أَو جامدة أَو ثمن شَيْء حرَام حرمه الشَّرْع
مجمع عَلَيْهِ أَو مُخْتَلف فِيهِ
وَالثَّالِث أَن يَدعِي من لَا قَول لَهُ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُون والمحجور عَلَيْهِ بِسَفَه
فَأَما الدَّعْوَى الصَّحِيحَة فَإِنَّهَا مسموعة
فَإِن أقرّ بهَا الْمُدعى عَلَيْهِ وَإِلَّا حلف
إِن لم يكن للْمُدَّعِي بَيِّنَة إِلَّا فِي خمس مسَائِل إِحْدَاهَا أَن يَدعِي على صبي أَنه بَالغ
فَأنْكر الصَّبِي
وَالثَّانيَِة أَن يَدعِي على رجل مَالا ثمَّ يقر بِهِ لوَلَده الطِّفْل
وَالثَّالِثَة أَن يَدعِي عقدين فِي عقد وَاحِد
فَيقر الْمُدعى عَلَيْهِ بِأَحَدِهِمَا وينكر الآخر مثل بيع وَإِجَارَة أَو نِكَاح وخلع
وَالرَّابِعَة أَن يَدعِي على حَاكم أَنه جَائِر فِي حكمه
وَالْخَامِسَة أَن يَدعِي على شَاهد أَنه شهد بالزور
فأتلف مَا أوجبت شَهَادَته
فَعَلَيهِ الغرامة إِذا أَقَامَ الْبَيِّنَة وَإِن لم يقم الْبَيِّنَة فعلى الْمُدعى عَلَيْهِ الْيَمين على أحد الْوَجْهَيْنِ
وَالْوَجْه الآخر أَن يحلف الْمُدَّعِي

(2/395)


وَلَا يَمِين فِي شَيْء من الْحُدُود إِلَّا فِي ثَلَاث مسَائِل اللّعان والقسامة وحد الْقَذْف
وَالْيَمِين على ضَرْبَيْنِ
أَحدهمَا على الْبَتّ
وَالثَّانِي على نفي الْعلم
فَأَما الْيَمين على الْبَتّ فَهُوَ أَن يحلف على أَمر يرجع فِيهِ إِلَى ذَاته وَنَحْو ذَلِك
وَأما الْيَمين على نفي الْعلم فَفِي ثَلَاث مسَائِل
إِحْدَاهَا أَن يَدعِي أمرا يُعلمهُ مثل نِكَاح الوليين وَنَحْو ذَلِك
وَالثَّانيَِة أَن يَبِيع حَيَوَانا بِشَرْط الْبَرَاءَة من الْعُيُوب ثمَّ يجد بِهِ المُشْتَرِي عَيْبا حلف البَائِع على علمه
وَالثَّالِثَة من كَانَ لَهُ حق على إِنْسَان
فَمَنعه مِنْهُ فَلم يتَوَصَّل إِلَى أَخذه وَقدر بعد ذَلِك على مَال من أَمْوَاله كَانَ لَهُ أَخذه عَن حَقه سَوَاء كَانَ ذَلِك من جنسه أَو من غير جنسه
وَفِي إِلَى الْحَاكِم قَولَانِ
أَحدهمَا يرفع وَيُقِيم الْبَيِّنَة
وَالثَّانِي لَا يرفع وَيَأْخُذ حَقه

فصل فِي النّكُول
وَلَا يحكم بِالنّكُولِ فِي شَيْء من الْأَحْكَام
وَهنا مسَائِل تشبه الحكم بِالنّكُولِ وَلَيْسَ ذَلِك حكم بِالنّكُولِ أَحدهَا أَن يَقُول رب المَال للساعي أدّيت زَكَاة مَالِي فِي بلد آخر
فَإِن اتهمَ حلف
وَإِن نكل حكمنَا عَلَيْهِ بِالزَّكَاةِ بِالْوُجُوب السَّابِق عَلَيْهِ
وَالثَّانيَِة أَن يكون بدل الزَّكَاة جِزْيَة
وَالثَّالِثَة أَن يكون بدل الْجِزْيَة خراجا
وَالرَّابِعَة أَن يَدعِي رب الْحَائِط خطأ الخارص
فَإِذا اتهمَ أَحْلف
وَإِن نكل حكمنَا عَلَيْهِ بخرصه
وَالْخَامِسَة لَو طلب سهم الْمُعَامَلَة من الْغَنِيمَة
فَإِن اتهمَ أَحْلف وَإِن نكل لم يُعْط شَيْئا
وَزَاد الشَّيْخ أَبُو حَامِد مَسْأَلَة سادسة فَقَالَ لَو وجد الإِمَام فِي دَار الْحَرْب من قد أنبت وَأمر بقتْله
فَقَالَ مسحت عَلَيْهِ دَوَاء حَتَّى نبت
فَإِن اتهمَ أَحْلف وَإِن نكل قَتَلْنَاهُ
وَالدَّعْوَى بِالْمَجْهُولِ فِي غير الْوَصِيَّة وَالْإِقْرَار لَا تصح
لِأَن الْمُدعى عَلَيْهِ رُبمَا صدقه فِيمَا ادَّعَاهُ
فَلَا يعلم الْحَاكِم بِمَاذَا يحكم عَلَيْهِ فَإِن ادّعى عَلَيْهِ شَيْئا من الْأَثْمَان
فَلَا بُد أَن يذكر الْقدر وَالْجِنْس وَالصّفة
فَيَقُول ألف دِينَار مثلا وَيبين الضرائب لِأَنَّهَا تخْتَلف وَإِن اخْتلف الْوَزْن فِي ذَلِك فَلَا بُد من ذكر الْوَزْن
وَإِن ادّعى شَيْئا غير الْأَثْمَان
فَإِن كَانَ مِمَّا يضْبط بِالصّفةِ وَصفه بِمَا يُوصف بِهِ فِي السّلم وَلَا يفْتَقر إِلَى ذكر قِيمَته مَعَ ذَلِك
لِأَنَّهُ يصير مَعْلُوما من غير ذكر قِيمَته وَإِن ذكر قِيمَته كَانَ آكِد
وَإِن كَانَ مِمَّا لَا يضْبط بِالصّفةِ كالجواهر فَلَا بُد من ذكر قيمَة
وَإِن كَانَ الْمُدَّعِي تَالِفا فَإِن كَانَ لَهُ مثل ذكر مثله
وَإِن ذكر قِيمَته مَعَ ذَلِك كَانَ آكِد
وَإِن لم

(2/396)


يكن لَهُ مثل لم يدع إِلَّا بِقِيمَتِه من نقد الْبَلَد لِأَنَّهُ لَا يجب لَهُ إِلَّا ذَلِك
وَإِن كَانَ الْمُدعى أَرضًا أَو دَارا
فَلَا بُد من أَن يذكر اسْمه وَاسم الْوَادي
والبلد الَّذِي هُوَ فِيهِ وحدوده الَّتِي تليه
وَإِن ادّعى عَلَيْهِ سَيْفا محلى بِذَهَب تَالِفا
قومه بِدَرَاهِم من الْفضة
وَإِن كَانَ محلى بِالْفِضَّةِ قومه بِدَنَانِير من الذَّهَب
وَإِن كَانَ محلى بِالذَّهَب وَالْفِضَّة قومه بِالذَّهَب أَو الْفضة لِأَنَّهُ مَوضِع ضَرُورَة
وَإِن ادّعى عَلَيْهِ مَالا مَجْهُولا من وَصِيَّة أَو إِقْرَار صحت الدَّعْوَى لِأَن الْوَصِيَّة والأقرار يصحان فِي الْمَجْهُول
فَصحت الدَّعْوَى فِي الْمَجْهُول مِنْهُمَا
وَإِن ادّعى عَلَيْهِ دينا فِي ذمَّته أَو عينا فِي يَده فَلَا يفْتَقر إِلَى ذكر السَّبَب الَّذِي ملك ذَلِك بِهِ
قَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد وَهُوَ إِجْمَاع
وَلِأَن المَال يملك بجهات مُخْتَلفَة من الابتياع وَالْهِبَة وَالْإِرْث وَالْوَصِيَّة وَغير ذَلِك
وَقد يملك ذَلِك من جِهَات ويشق عَلَيْهِ ذكر سَبَب كل ذَلِك
فَإِن ادّعى قتلا أَو جراحا فَلَا بُد من ذكر سَببه فَيَقُول عمدا أَو خطأ أَو شبه عمد
ويصف الْعمد وَالْخَطَأ وَشبه الْعمد
وَلَا بُد أَن يذكر أَنه انْفَرد بِالْجِنَايَةِ أَو شَاركهُ غَيره فِيهَا
لِأَن الْقصاص يجب بذلك
فَإِذا لم يذكر سَببه لم يُؤمن أَن يَسْتَوْفِي الْقصاص فِيمَا لَا قصاص فِيهِ
فَإِن ادّعى عَلَيْهِ جِرَاحَة فِيهَا أرش مُقَدّر كالموضحة من الْحر لم يفْتَقر إِلَى ذكر الْأَرْش فِي الدَّعْوَى
وَإِن لم يكن لَهَا أرش مُقَدّر بالجراحة الَّتِي لَيْسَ لَهَا أرش مُقَدّر من الْحر والجراحات كلهَا فِي العَبْد فَلَا بُد من ذكر الْأَرْش فِي الدَّعْوَى
لِأَن الْأَرْش غير مُقَدّر فِي الشَّرْع فَلم يكن بُد من تَقْدِيره فِي الدَّعْوَى

الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب
اتّفق الْأَئِمَّة على أَنه إِذا حضر رجل وَادّعى على رجل وَطلب إِحْضَاره من بلد آخر فِيهِ حَاكم إِلَى الْبَلَد الَّذِي فِيهِ الْمُدَّعِي
فَإِنَّهُ لَا يُجَاب سُؤَاله
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا كَانَ فِي بلد لَا حَاكم فِيهِ
فَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يلْزمه الْحُضُور إِلَّا أَن يكون بَينهمَا مَسَافَة يرجع مِنْهَا فِي يَوْمه إِلَى بَلَده
وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد يحضرهُ

(2/397)


الْحَاكِم سَوَاء قربت الْمسَافَة أَو بَعدت
وَاتَّفَقُوا على أَن الْحَاكِم يسمع دَعْوَى الْحَاضِر وبينته على الْغَائِب
ثمَّ اخْتلفُوا هَل يحكم بهَا على الْغَائِب أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يحكم عَلَيْهِ وَلَا على من هرب قبل الحكم وَبعد إِقَامَة الْبَيِّنَة
وَلَكِن يَأْتِي من عِنْد القَاضِي ثَلَاثَة إِلَى بَابه يَدعُونَهُ إِلَى الحكم
فَإِن جَاءَ وَإِلَّا فتح عَلَيْهِ بَابه
وَحكي عَن أبي يُوسُف أَنه يحكم عَلَيْهِ
وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يحكم على غَائِب بِحَال إِلَّا أَن يتَعَلَّق الحكم بالحاضر مثل أَن يكون الْغَائِب وَكيلا أَو وَصِيّا أَو يكون جمَاعَة شُرَكَاء فِي شَيْء
فيدعي على أحدهم وَهُوَ حَاضر فَيحكم عَلَيْهِ وعَلى الْغَائِب
وَقَالَ مَالك يحكم على الْغَائِب للحاضر إِذا أَقَامَ الْحَاضِر الْبَيِّنَة وَسَأَلَهُ الْحَاكِم لَهُ
وَقَالَ الشَّافِعِي يحكم على الْغَائِب للحاضر إِذا أَقَامَ الْبَيِّنَة للْمُدَّعِي على الْإِطْلَاق
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ
إِحْدَاهمَا جَوَاز ذَلِك على الْإِطْلَاق
كمذهب الشَّافِعِي
وَكَذَلِكَ اخْتلَافهمْ فِيمَا إِذا كَانَ الَّذِي قَامَت عَلَيْهِ الْبَيِّنَة حَاضرا وَامْتنع من أَن يحضر مجْلِس الحكم
وَاخْتلف الْقَائِلُونَ بالحكم على الْغَائِب فِيمَا إِذا قَامَت الْبَيِّنَة على غَائِب أَو صبي أَو مَجْنُون
فَهَل يحلف الْمُدَّعِي مَعَ بَينته أَو يحكم بِالْبَيِّنَةِ من غير استحلافه قَالَ مَالك وَهُوَ الْأَصَح من مَذْهَب الشَّافِعِي يحلف
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ
إِحْدَاهمَا يحلف
وَالثَّانيَِة لَا يحلف
وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا ثَبت الْحق على حَاضر بعدلين حكم بِهِ وَلَا يحلف الْمُدَّعِي مَعَ شاهديه

فصل وَلَو مَاتَ رجل وَخلف ابْنا
مُسلما وابنا نَصْرَانِيّا
فَادّعى كل وَاحِد مِنْهُمَا أَنه مَاتَ على دينه وَأَنه يَرِثهُ
وَأقَام على ذَلِك بَيِّنَة وَعرف أَنه كَانَ نَصْرَانِيّا أَو شهِدت إِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ أَنه مَاتَ وَآخر كَلَامه الْإِسْلَام
وَشهِدت الْأُخْرَى أَنه مَاتَ وَآخر كَلَامه الْكفْر
فهما متعارضتان
ويسقطان فِي إِحْدَى قولي الشَّافِعِي وَيصير كَأَن لَا بَيِّنَة
فَيحلف النَّصْرَانِي وَيقْضى لَهُ وعَلى قَوْله الآخر يستعملان
فيقرع بَينهمَا
وَإِن لم يعرف أصل دينه فَقَوْلَانِ
فَإِن قُلْنَا يسقطان رَجَعَ إِلَى من فِي يَده المَال وَإِن قُلْنَا يستعملان وَقُلْنَا يقرع بَينهمَا أَقرع
وَإِن قُلْنَا يُوقف وقف إِلَى أَن ينْكَشف
وَإِن قُلْنَا يقسم قسم على الْمَنْصُوص
وَفِي الْمسَائِل كلهَا يغسل وَيصلى عَلَيْهِ ويدفن فِي مَقَابِر الْمُسلمين
وَبِه قَالَ

(2/398)


أَحْمد
وَقَالَ أَبُو حنيفَة فِي جَمِيع الْمسَائِل تقدم بَيِّنَة الْإِسْلَام

فصل لَو تنَازع اثْنَان
حَائِطا بَين ملكيهما غير مُتَّصِل بِبِنَاء أَحدهمَا اتِّصَال الْبُنيان جعل بَينهمَا
وَإِن كَانَ لأَحَدهمَا جُذُوع عِنْد الثَّلَاثَة
وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا كَانَ لأَحَدهمَا عَلَيْهِ جُذُوع قدم على الآخر
وَلَو كَانَ فِي يَد إِنْسَان غُلَام بَالغ وَادّعى أَنه عَبده وَكذبه فَالْقَوْل قَول المكذب مَعَ يَمِينه أَنه حر
وَإِن كَانَ الْغُلَام طفْلا صَغِيرا لَا تَمْيِيز لَهُ فَالْقَوْل قَول صَاحب الْيَد
فَإِن ادّعى رجل نسبه لم يقبل إِلَّا بِبَيِّنَة
هَذَا كُله مُتَّفق عَلَيْهِ بَين الْأَئِمَّة
وَلَو كَانَ الْغُلَام مراهقا
فلأصحاب الشَّافِعِي وَجْهَان
أَحدهمَا كَالْبَالِغِ
وَالثَّانِي كالصغير
وَاتَّفَقُوا على أَن الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي وَالْيَمِين على من أنكر
وَلَو قَالَ لَا بَيِّنَة لي أَو كل بَيِّنَة لي زور ثمَّ أَقَامَ بَيِّنَة
قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ يقبل
وَقَالَ أَحْمد لَا يقبل
وَاخْتلفُوا فِي بَين الْخَارِج هَل هِيَ أولى من بَيِّنَة صَاحب الْيَد أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد فِي إِحْدَى روايتيه صَاحب الْيَد أولى
وَهل بَيِّنَة الْخَارِج مُقَدّمَة على بَيِّنَة صَاحب الْيَد على الْإِطْلَاق أم فِي أَمر مَخْصُوص قَالَ أَبُو حنيفَة بَيِّنَة الْخَارِج مُقَدّمَة على بَيِّنَة صَاحب الْيَد فِي الْملك الْمُطلق
وَأما إِذا كَانَ مُضَافا إِلَى سَبَب لَا يُنكره كالنسج فِي الثِّيَاب الَّتِي لَا تنسج إِلَّا مرّة وَاحِدَة
والنتاج الَّذِي لَا يتَكَرَّر فَبَيِّنَة صَاحب الْيَد تقدم حِينَئِذٍ
وَإِذا أرخا وَصَاحب الْيَد أسبق تَارِيخا فَإِنَّهُ مقدم
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ بَيِّنَة صَاحب الْيَد مُقَدّمَة على الْإِطْلَاق
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ
إِحْدَاهمَا بَيِّنَة الْخَارِج مُطلقًا
وَالْأُخْرَى كمذهب أبي حنيفَة

فصل إِذا تَعَارَضَت بينتان
إِلَّا أَن إِحْدَاهمَا أشهر عَدَالَة
فَهَل ترجح أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا ترجح
وَقَالَ مَالك ترجح بذلك
وَلَو ادّعى رجل دَارا فِي يَد إِنْسَان وتعارضت الْبَيِّنَتَانِ
قَالَ أَبُو حنيفَة لَا تسقطان
وَيقسم بَينهمَا
وَقَالَ مَالك يَتَحَالَفَانِ ويقتسماها
فَإِن حلف أَحدهمَا وَنكل الآخر قضى للْحَالِف دون الناكل
وَإِن نكلا جَمِيعًا
فَعَنْهُ رِوَايَتَانِ
إِحْدَاهمَا تقسم بَينهمَا وَلَا توقف حَتَّى يَتَّضِح

(2/399)


الْحَال
وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ
أَحدهمَا يسقطان مَعًا كَمَا لَو لم تكن بَيِّنَة
وَالثَّانِي يسقطان
ثمَّ فِيمَا يفعل ثَلَاثَة أَقْوَال
أَحدهَا الْقِسْمَة
وَالثَّانِي الْقرعَة
وَالثَّالِث الْوَقْف
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ
إِحْدَاهمَا يسقطان مَعًا
وَالثَّانيَِة لَا يسقطان
وَيقسم بَينهمَا
وَإِذا ادّعى اثْنَان شَيْئا فِي يَد ثَالِث وَلَا بَيِّنَة لوَاحِد مِنْهُمَا
فَأقر بِهِ لوَاحِد مِنْهُمَا لَا بِعَيْنِه
قَالَ أَبُو حنيفَة إِن اصطلحا على أَخذه فَهُوَ لَهما
وَإِن لم يصطلحا وَلم يعين أَحدهمَا يحلف كل وَاحِد مِنْهُمَا على الْيَقِين أَنه لَيْسَ لهَذَا
فَإِذا حلف لَهَا فَلَا شَيْء لَهما
وَإِن نكل لَهما أَخذ ذَلِك أَو قِيمَته مِنْهُ
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يُوقف الْأَمر حَتَّى ينْكَشف الْمُسْتَحق أَو يصطلحا
وَقَالَ أَحْمد يقرع بَينهمَا
فَمن خرجت قرعته حلف واستحقه
وَلَو ادّعى رجل أَنه تزوج امْرَأَة تزويجا صَحِيحا
قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك تسمع دَعْوَاهُ من غير ذكر شُرُوط الصِّحَّة
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يسمع الْحَاكِم دَعْوَاهُ حَتَّى يذكر الشَّرْط الَّذِي يَقْتَضِي صِحَة النِّكَاح وَهُوَ أَن يَقُول تَزَوَّجتهَا بولِي مرشد وشاهدي عدل ورضاها إِن كَانَت بكرا

فصل إِذا نكل الْمُدعى عَلَيْهِ
عَن الْيَمين فَهَل ترد على الْمُدَّعِي أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَا ترد وَيَقْضِي بِالنّكُولِ
وَقَالَ مَالك ترد
وَيَقْضِي على الْمُدعى عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ فِيمَا يثبت بِشَاهِد وَيَمِين وَشَاهد وَامْرَأَتَيْنِ
وَقَالَ الشَّافِعِي ترد الْيَمين على الْمُدَّعِي وَيَقْضِي على الْمُدعى عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ فِي جَمِيع الْأَشْيَاء

فصل الْيَمين هَل تغلظ بِالزَّمَانِ
وَالْمَكَان أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَا تغلظ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ تغلظ
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ كالمذهبين
وَلَو ادّعى اثْنَان عبدا فَأقر أَنه لأَحَدهمَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يقبل إِقْرَاره إِذا كَانَ مدعياه اثْنَيْنِ فَإِن كَانَ مدعيه وَاحِد قبل إِقْرَاره
وَقَالَ الشَّافِعِي يقبل إِقْرَاره فِي الْحَالين
وَمذهب مَالك وَأحمد أَنه لَا يقبل إِقْرَاره لوَاحِد مِنْهُمَا إِذا كَانَا اثْنَيْنِ
فَإِن كَانَ الْمُدَّعِي وَاحِدًا فروايتان
وَلَو شهد عَدْلَانِ على رجل أَنه أعتق عَبده فَأنْكر العَبْد
قَالَ أَبُو حنيفَة لَا تصح الشَّهَادَة مَعَ إِنْكَار العَبْد وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا يحكم بِعِتْقِهِ

(2/400)


فصل لَو اخْتلف الزَّوْجَانِ
فِي مَتَاع الْبَيْت الَّذِي يسكنانه ويدهما عَلَيْهِ ثَابِتَة وَلَا بَيِّنَة
قَالَ أَبُو حنيفَة مَا كَانَ فِي يدهما مشَاهد فَهُوَ لَهما
وَمَا كَانَ فِي يدهما من طَرِيق الحكم فَمَا يصلح للرِّجَال فَهُوَ للرجل وَالْقَوْل قَوْله فِيهِ
وَمَا يصلح للنِّسَاء فَهُوَ للْمَرْأَة وَالْقَوْل قَوْلهَا فِيهِ
وَمَا يصلح لَهما فَهُوَ للرِّجَال فِي الْحَيَاة
وَبعد الْمَوْت فَهُوَ للْبَاقِي مِنْهُمَا
وَقَالَ مَالك كل مَا يصلح لوَاحِد مِنْهُمَا فَهُوَ للرجل
وَقَالَ الشَّافِعِي هُوَ بَينهمَا بعد التَّحَالُف
وَقَالَ أَحْمد إِذا كَانَ الْمُتَنَازع عَلَيْهِ مِمَّا يصلح للرِّجَال كالطيالسة والعمائم فَالْقَوْل قَول الرجل فِيهِ
وَإِن كَانَ مِمَّا يصلح للنِّسَاء كالمقانع والوقايات فَالْقَوْل قَول الْمَرْأَة فِيهِ
وَإِن كَانَ مِمَّا يصلح لَهما كَانَ بَينهمَا بعد الْوَفَاة
ثمَّ لَا فرق بَين أَن تكون يدهما عَلَيْهِ من طَرِيق الْمُشَاهدَة أَو من طَرِيق الحكم
وَكَذَا الحكم فِي اخْتِلَاف ورثتهما وورثة أَحدهمَا وورثة الآخر
فَالْقَوْل قَول الثَّانِي مِنْهُمَا
وَقَالَ أَبُو يُوسُف القَوْل قَول الْمَرْأَة فِيمَا جرت الْعَادة أَنه قدر جهاز مثلهَا

فصل وَمن لَهُ دين على إِنْسَان
يجحده إِيَّاه وَقدر لَهُ على مَال فَهَل لَهُ أَن يَأْخُذ مِنْهُ مِقْدَار دينه بِغَيْر إِذْنه أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَهُ أَن يَأْخُذ ذَلِك من حنس ملكه
وَعَن مَالك رِوَايَتَانِ
إِحْدَاهمَا أَنه إِن لم يكن على غَرِيمه غير دينه فَلهُ أَن يَسْتَوْفِي حَقه بِغَيْر إِذْنه وَإِن كَانَ عَلَيْهِ غير دينه استوفى بِقدر حِصَّته من المقاصصة ورد مَا فضل
وَالثَّانيَِة وَهِي من مَذْهَب أَحْمد أَنه لَا يَأْخُذ بِغَيْر إِذْنه سَوَاء كَانَ من جنس حَقه أَو من غير جنسه
وَقَالَ الشَّافِعِي لَهُ أَن يَأْخُذ ذَلِك مُطلقًا بِغَيْر إِذْنه
وَكَذَا لَو كَانَ عَلَيْهِ بَيِّنَة وَأمكنهُ أَخذ الْحق بالحاكم
فَالْأَصَحّ من مذْهبه جَوَاز الْأَخْذ
وَلَو كَانَ مقرا بِهِ وَلكنه يمْنَع الْحق سُلْطَانه فَلهُ الْأَخْذ
انْتهى

فرع قَالَ أَبُو حَاتِم الْقزْوِينِي لَو ادّعى
رجل على رجل حَقًا مَعْلُوما وَكَانَ الْمُدَّعِي قد أَبْرَأ الْمُدعى عَلَيْهِ
فَلَو قَالَ قد أبرأتني من هَذَا لزمَه الْحق وَجعل مُدعيًا للإبراء وَلَو احتال فَقَالَ قد أبرأتني من هَذِه الدَّعْوَى لم يصر مقرا
فَائِدَة لَو ادّعى العَبْد الْعتْق وَأنكر السَّيِّد وَكَانَت قِيمَته نِصَابا غلظت الْيَمين وَإِن نقصت عَن نِصَاب لم تغلظ وَإِن نكل السَّيِّد ردَّتْ الْيَمين على العَبْد وغلظت بِكُل حَال قلت قِيمَته أَو كثرت
وَالْفرق بَينهمَا هُوَ أَن السَّيِّد يحلف على اسْتِدَامَة الْملك وَهِي مَال
فتغلظ يَمِينه فِي حَالَة دون حَالَة
وَالْعَبْد يحلف على إِثْبَات الْعتْق وَلَيْسَ بِمَال وَلَا يقْصد بِهِ مَال

(2/401)


فتغلظت عَلَيْهِ الْيَمين بِكُل حَال
المصطلح وَهُوَ يشْتَمل على صور مِنْهَا صُورَة دَعْوَى فِي عقار وَقع فِيهِ تبَايع بَين شَخْصَيْنِ وَأنكر البَائِع البيع حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين فلَان وَفُلَان وَادّعى المبدي بِذكرِهِ وَهُوَ فلَان على فلَان المثني بِذكرِهِ أَنه بَاعه جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويوصف ويحدد بيعا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُشْتَمِلًا على الْإِيجَاب وَالْقَبُول بِثمن مبلغه كَذَا على حكم الْحُلُول
وَقبض مِنْهُ جَمِيع الثّمن الْوَاقِع عَلَيْهِ عقد البيع بَينهمَا وَلم يُسلمهُ الْمَكَان الْمَذْكُور وَهُوَ مُمْتَنع من تَسْلِيمه إِيَّاه
وطالبه بِتَسْلِيم الْمَكَان الْمَذْكُور
وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك
فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ عَن ذَلِك
فَأجَاب بِصِحَّة الدَّعْوَى وصدور البيع مِنْهُ للْمُدَّعِي الْمَذْكُور فِي الْمَكَان الْمَذْكُور على الْوَجْه المشروح أَعْلَاهُ
فَأمره سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بِتَسْلِيم ذَلِك للْمُدَّعِي الْمَذْكُور فسلمه إِلَيْهِ
فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا بِالتَّخْلِيَةِ الشَّرْعِيَّة الْمُوجبَة للتسليم شرعا
وَإِن أجَاب الْمُدعى عَلَيْهِ بالإنكار وَطلب من الْمُدَّعِي بَيَان مَا ادَّعَاهُ كتب فَخرج الْمُدَّعِي ثمَّ عَاد وَمَعَهُ بَيِّنَة شَرْعِيَّة وهم فلَان وَفُلَان وَشهد بجريان عقد التبايع بَين المتداعيين الْمَذْكُورين فِي الْمَكَان الْمَذْكُور بِالثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ وَهُوَ كَذَا فِي تَارِيخ كَذَا وَأَن البَائِع الْمَذْكُور تسلم الثّمن الْمَذْكُور بِتَمَامِهِ وكماله بِإِقْرَارِهِ عِنْدهم بذلك أَو بمعاينتهم للقبض وحضورهم وصدور التبايع بَينهمَا فِي ذَلِك بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُول
وشخصا الْمُتَبَايعين الْمَذْكُورين الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ عرفهما وَسمع شَهَادَتهمَا
وَقبلهَا بِمَا رأى مَعَه قبُولهَا شرعا
وَأمر البَائِع الْمَذْكُور بِالتَّسْلِيمِ
فَسلم إِلَيْهِ الْمَكَان الْمَذْكُور بِالتَّخْلِيَةِ الشَّرْعِيَّة الْمُوجبَة للتسليم شرعا
فَإِن طلب المُشْتَرِي من الْحَاكِم ثُبُوت ذَلِك وَالْحكم بِمُوجبِه كتب بعد ذكر التَّسْلِيم فَعِنْدَ ذَلِك سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ ثُبُوت مَا قَامَت بِهِ الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة عِنْده فِيهِ
وَالْحكم بِهِ
فأعذر للْمُدَّعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور
فاعترف بِعَدَمِ الدَّافِع والمطعن لذَلِك ولشيء مِنْهُ الِاعْتِرَاف الشَّرْعِيّ وَثَبت اعترافه بذلك لَدَيْهِ ثبوتا شَرْعِيًّا
وَإِن طلب الحكم بِالصِّحَّةِ فَلَا بُد من ثُبُوت الْملك والحيازة للْبَائِع إِلَى حِين صُدُور

(2/402)


البيع
فَإِذا قَامَت الْبَيِّنَة عِنْده بذلك فَيَقُول فاستخار الله تَعَالَى وَأجَاب السَّائِل إِلَى سُؤَاله
وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بِثُبُوت ذَلِك عِنْده وَالْحكم بِهِ أَو بِمُوجبِه أَو بِصِحَّة البيع حكما شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا ويكمل
وَيكْتب الْحَاكِم التَّارِيخ والحسبلة بِخَطِّهِ
صُورَة دَعْوَى بحيوان وانتزاعه مِمَّن هُوَ فِي يَده الصُّورَة بِعَينهَا غير أَنه يحْتَاج فِي الدَّعْوَى إِلَى تشخيص الْحَيَوَان فِي مجْلِس الحكم وَيَدعِي على عَيبه
وَإِن كَانَ تَالِفا
فَالْقيمَة كَمَا تقدم ذكره
وَكَذَلِكَ فِي القماش وَغَيره
وَإِن كَانَ الْمُدعى بِهِ من ذَلِك عدم من يَد الْمُدَّعِي أَو سرق من يَده
قَالَ فِي دَعْوَاهُ إِنَّه سرق من يَده من مُدَّة كَذَا
وَهُوَ بَاقٍ على ملكه وَأَنه بيد الْمُدعى عَلَيْهِ بِغَيْر حق وَلَا طَرِيق شَرْعِي
وَكَذَلِكَ يشْهد الشُّهُود ثمَّ يحلف الْمُدَّعِي أَنه يسْتَحق الْمُدعى بِهِ وَأَنه سرق من مُدَّة كَذَا
وَأَنه لم يخرج عَن ملكه لأحد من خلق الله تَعَالَى بِبيع وَلَا هبة وَلَا ناقل شَرْعِي بِوَجْه من الْوُجُوه وَلَا سَبَب من الْأَسْبَاب وَأَنه بَاقٍ على ملكه إِلَى تَارِيخ حلفه وَأَن من شهد لَهُ بذلك صَادِق فِي شَهَادَته
وَبعد ذَلِك يسْأَل الْحَاكِم وَيحكم لَهُ
وَيَأْمُر الْمُدعى عَلَيْهِ بِالتَّسْلِيمِ
صُورَة دَعْوَى فِي قَرْيَة وقف وانتزاعها حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين فلَان وَفُلَان وَادّعى المبدي بِذكرِهِ على المثني بِذكرِهِ أَن جَمِيع الْقرْيَة الْفُلَانِيَّة أَو جَمِيع الْحصَّة الشائعة وقدرها كَذَا من أصل كَذَا من جَمِيع الْقرْيَة الْفُلَانِيَّة وتوصف وتحدد وقف مؤبد وَحبس محرم مخلد على الْجِهَة الْفُلَانِيَّة
وَأَنَّهَا فِي يَد الْمُدعى عَلَيْهِ بِغَيْر حق وَلَا طَرِيق شَرْعِي وَأَنه مُسْتَحقّ للْوَقْف الْمَذْكُور وطالب بِرَفْع يَده عَن الْقرْيَة الْمَذْكُورَة أَو عَن الْحصَّة الْمُدعى بهَا من الْقرْيَة الْمَذْكُورَة وتسليمها لجِهَة الْوَقْف الْمَذْكُور
وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسئلَ
فَأجَاب أَن الَّذِي فِي يَده من الْقرْيَة الْمَذْكُورَة ملكه وَبِيَدِهِ وحيازته واختصاصه وَأَن أهل الْوَقْف لَا يسْتَحقُّونَ مَعَه شَيْئا فِي ذَلِك
فأحضر الْمُدَّعِي الْمَذْكُور أَو وَكيله الشَّرْعِيّ فلَان كتاب الْوَقْف الثَّابِت مضمونه شرعا الْمُتَّصِل ثُبُوته بالحاكم الْمُدَّعِي عِنْده الِاتِّصَال الشَّرْعِيّ وأحضر الْمُدعى عَلَيْهِ من يَده كتابا يشْهد أَنه ابْتَاعَ الْحصَّة الْمَذْكُورَة من فلَان
فَتَأمل الْحَاكِم الْكِتَابَيْنِ الْمَذْكُورين فَوجدَ تَارِيخ الْوَقْف مُتَقَدم على تَارِيخ البيع
وَقد ثَبت فِيهِ الْملك والحيازة للْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ فِيهِ إِلَى حَالَة الْوَقْف
فَحِينَئِذٍ سَأَلَ الْمُدَّعِي من الْحَاكِم الحكم بِصِحَّة الْوَقْف وَبطلَان البيع
وَرفع يَد الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور عَن

(2/403)


الْحصَّة أَو عَن الْعين الْمُدعى بهَا وتسليمها إِلَيْهِ
فأعذر إِلَى الْخصم الْمُدعى عَلَيْهِ
فاعترف لَدَيْهِ بِعَدَمِ الدَّافِع والمطعن لذَلِك ولشيء مِنْهُ
وَثَبت اعترافه بذلك عِنْده بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّة الثُّبُوت الشَّرْعِيّ
فاستخار الله تَعَالَى وَأجَاب السَّائِل إِلَى سُؤَاله وَحكم لَهُ بِمَا سَأَلَهُ الحكم لَهُ بِهِ
فِيهِ حكما شَرْعِيًّا
ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه
وَإِن كَانَت الْحصَّة الْمُدعى بهَا وَقفا من قَرْيَة كلهَا وقف أَو الْحصَّة وقف من قَرْيَة فِيهَا ملك
والجميع بيد الْمُدعى عَلَيْهِ الصُّورَة بِحَالِهَا فِي الدَّعْوَى
وَجَوَاب الْمُدعى عَلَيْهِ أَن الْقرْيَة جَمِيعهَا ملكه وَفِي يَده وَأَن المدعين أَو الْمُدَّعِي من جهتهم لَا يسْتَحقُّونَ عِنْده ذَلِك وَلَا شَيْئا مِنْهُ
فأحضر الْمُدَّعِي كتابا يتَضَمَّن أَن الْحصَّة الْمَذْكُورَة وقف صَحِيح شَرْعِي على الْجِهَة الْمَذْكُورَة ثمَّ على جِهَات مُتَّصِلَة بالفقراء وَالْمَسَاكِين حَسْبَمَا هُوَ مَنْصُوص عَلَيْهِ فِي كتاب الْوَقْف الْمَذْكُور ثَابت مضمونه
وَملك الْوَاقِف الْمَوْقُوف الْمعِين فِيهِ والحيازة لَهُ إِلَى حَالَة الْوَقْف بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ مُتَّصِل بالحاكم الْمشَار إِلَيْهِ الِاتِّصَال الشَّرْعِيّ
وأحضر الْمُدعى عَلَيْهِ كتاب ملكه أَو كتاب وَقفه
فَوجدَ كتاب الْوَقْف الْمُتَقَدّم ذكره مُتَقَدم التَّارِيخ على كِتَابه
فَأعلمهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بذلك ثمَّ سَأَلَ الْخصم الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الحكم من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ وشيوع الْحصَّة الْمَذْكُورَة فِي جَمِيع أَرَاضِي الْقرْيَة الْمَذْكُورَة وَالْقَضَاء بذلك والإلزام بِمُقْتَضَاهُ
فَتَأمل الْحَاكِم ذَلِك وتدبره
وروى فِيهِ فكره وأمعن فِيهِ نظره
وَسَأَلَ الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور عَن حجَّة دافعة
فَلم يَأْتِ بِحجَّة
غير أَنه ذكر أَن هَذِه الْقرْيَة مقسومة
فَأعلمهُ أَن الأَصْل الإشاعة
وطالبه بِإِثْبَات قسمتهَا فَلم يقم على ذَلِك بَيِّنَة وَلم يَأْتِ بدافع شَرْعِي
فَعِنْدَ ذَلِك حكم بِصِحَّة الْوَقْف وشيوع الْحصَّة الْمَذْكُورَة فِي أَرَاضِي جَمِيع الْقرْيَة المحدودة الموصوفة أَعْلَاهُ حكما شَرْعِيًّا
ويكمل إِلَى آخِره
صُورَة دَعْوَى بوقف ظهر أَن نصفه ملك وَالْحكم بتفريق الصَّفْقَة حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الشَّافِعِي فلَان وَهُوَ النَّاظر فِي أَمر الْوَقْف الْفُلَانِيّ أَو الْمُتَكَلّم الشَّرْعِيّ عَن مستحقي ريع الْوَقْف الْفُلَانِيّ وأحضر مَعَه فلَانا وَادّعى عَلَيْهِ أَن فلَانا الْفُلَانِيّ وقف وَحبس جَمِيع الْحصَّة الشائعة وقدرها عشرَة أسْهم مثلا من أصل أَرْبَعَة وَعشْرين سَهْما هِيَ جَمِيع الْقرْيَة الْفُلَانِيَّة وأراضيها الْمَعْرُوفَة بِكَذَا وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا على مصَالح الْمَسْجِد الْفُلَانِيّ أَو الْمدرسَة الْفُلَانِيَّة وَأَن الْحصَّة الْمَذْكُورَة فِي يَد الْمُدعى عَلَيْهِ بِغَيْر حق وَلَا طَرِيق شَرْعِي
وطالبه بِرَفْع يَده عَنْهَا وتسليمها إِلَيْهِ بِحكم الْوَقْف

(2/404)


الْمَذْكُور الَّذِي هُوَ نَاظر فِيهِ
وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك
فَسئلَ فَأجَاب أَن جده فلَانا لم يزل مَالِكًا حائزا لجَمِيع الْحصَّة الْمَذْكُورَة
وَأَنه توفّي وَتركهَا مخلفة لِوَلَدَيْهِ وهما فلَان وَالِد الْمُدعى عَلَيْهِ
وَفُلَان عَمه
وَأَن وَالِد الْمُدعى عَلَيْهِ توفّي عَن نصف الْحصَّة وانتقلت إِلَيْهِ بِالْإِرْثِ الشَّرْعِيّ وَهِي فِي يَده ملكا لَهُ لَا يسْتَحق الْمُدَّعِي الْمَذْكُور رفع يَده عَنْهَا وَلَا عَن شَيْء مِنْهَا
فأحضر الْمُدَّعِي الْمَذْكُور كتابا يتَضَمَّن أَن فلَانا الْمَذْكُور أَعْلَاهُ وقف جَمِيع الْحصَّة الشائعة وقدرها عشرَة أسْهم من الأَصْل الْمَذْكُور أَعْلَاهُ وَهِي جَمِيع الْقرْيَة المحدودة أَعْلَاهُ وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا على مصَالح الْمَسْجِد أَو الْمدرسَة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ ثمَّ على جِهَة مُتَّصِلَة حَسْبَمَا هُوَ مشروح ومنصوص عَلَيْهِ فِي كتاب الْوَقْف الْمَذْكُور المؤرخ بِكَذَا الثَّابِت مضمونه بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الْمُتَّصِل ثُبُوته بالحاكم الْمشَار إِلَيْهِ أَعْلَاهُ
فَأعْلم الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور بذلك وَسَأَلَهُ عَن حجَّة دافعة لما ثَبت عِنْده من ذَلِك
فأحضر الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور كتابا يتَضَمَّن أَن جده فلَانا الْمَذْكُور لم يزل مَالِكًا حائزا لجَمِيع الْحصَّة الشائعة وقدرها عشرَة أسْهم من الأَصْل الْمَذْكُور من جَمِيع الْقرْيَة المحدودة أَعْلَاهُ ملكا صَحِيحا شَرْعِيًّا وحيازة تَامَّة إِلَى أَن توفّي
وَترك ذَلِك مخلفا عَنهُ لِوَلَدَيْهِ الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ وهما فلَان وَالِد الْمُدعى عَلَيْهِ وَفُلَان عَمه مؤرخ بِكَذَا ثَابت مضمونه بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ واتصل ثُبُوته بالحاكم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ
ثمَّ أحضر الْمُدَّعِي الْمَذْكُور كتابا يتَضَمَّن أَن فلَانا الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ اشْترى من فلَان عَم الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور أخي وَالِده جَمِيع الْحصَّة الَّتِي وَقفهَا الْمعينَة أَعْلَاهُ
بِثمن مبلغه كَذَا وأقبضه الثّمن الْمَذْكُور
فَقَبضهُ مِنْهُ وتسلم مِنْهُ الْمَبِيع الْمَذْكُور مؤرخ الْكتاب الْمَذْكُور بِكَذَا الثَّابِت مضمونه شرعا واتصل ثُبُوته بالحاكم الْمشَار إِلَيْهِ الِاتِّصَال الشَّرْعِيّ
وَثَبت عِنْده أَن الْمُخْتَص بِملك الْمُدعى عَلَيْهِ من الْحصَّة المخلفة عَن جده فلَان الْمَذْكُور نصفهَا وَهُوَ خَمْسَة أسْهم من عشرَة أسْهم من أصل أَرْبَعَة وَعشْرين سَهْما من جَمِيع الْقرْيَة المحدودة أَعْلَاهُ انْتَقَلت إِلَيْهِ بِالْإِرْثِ الشَّرْعِيّ من وَالِده الْمَذْكُور وَأَن الْمُخْتَص بِملك عَمه فلَان الْمَذْكُور النّصْف من الْحصَّة الْمَذْكُورَة وَهُوَ خَمْسَة أسْهم إِلَى حِين وُرُود عقد البيع الْمَذْكُور ثبوتا شَرْعِيًّا
فَعِنْدَ ذَلِك طلب الْمُدَّعِي الْمَذْكُور من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم بِصِحَّة البيع وبصحة الْوَقْف الْمُتَرَتب عَلَيْهِ فِي نصف الْحصَّة المخلفة عَن جده الْمُدعى عَلَيْهِ وَهِي الَّتِي صَحَّ البيع فِيهَا
وَالْقَضَاء بذلك والإلزام بِمُقْتَضَاهُ وَالْإِجَازَة لَهُ والإمضاء وَالْإِشْهَاد على نَفسه الْكَرِيمَة بذلك
فَنظر الْحَاكِم فِي هَذِه الْوَاقِعَة وَتَأمل ثُبُوت مَا ذكر ثُبُوته عِنْده مِمَّا شرح فِي هَذَا

(2/405)


الْكتاب
وَعلم صِحَة ذَلِك وموافقته لمذهبه
فَرَأى الحكم بتفريق الصَّفْقَة فِي البيع الْمَذْكُور وإمضاءه فِي نصيب البَائِع الْمَذْكُور الْمُخْتَص بِهِ من الْحصَّة الْمَذْكُورَة وَجَوَاز الْوَقْف الْمُتَرَتب على الشِّرَاء فِيمَا ترجح عِنْده
وَاخْتَارَ من مذْهبه تَفْرِيق الصَّفْقَة فِي البيع وتقسيط الثّمن على مَا أمضى فِيهِ البيع وعَلى مَا أبْطلهُ
وَسَأَلَ الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور عَن حجَّة دافعة لما ثَبت عِنْده من ذَلِك
فَلم يَأْتِ بدافع
فاستخار الله كثيرا واتخذه هاديا ونصيرا
وَأجَاب السَّائِل إِلَى سُؤَاله
وَحكم بتفريق الصَّفْقَة فِي البيع الْمَذْكُور وإمضاء البيع فِي نصيب البَائِع الْمُخْتَص بِهِ من الْمَبِيع الْمَذْكُور إِلَى حِين البيع
وَهُوَ النّصْف من الْحصَّة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ بِقسْطِهِ من الثّمن الْمُقدم ذكره حكما شَرْعِيًّا مُعْتَبرا مرضيا
وأبطل البيع فِيمَا عدا ذَلِك
وَحكم بِصِحَّة الْوَقْف فِي الْحصَّة الَّتِي أمضى البيع فِيهَا
وأبطله فِيمَا عَداهَا من الْوَقْف الْمَذْكُور لعدم اسْتِقْرَار ملك الْوَاقِف عَلَيْهِ إبطالا شَرْعِيًّا
قضى بذلك كُله وأمضاه
وَالْتزم بِمُقْتَضَاهُ بعد أَن ثَبت عِنْده ثَبت الله مجده أَن الأسهم الْعشْرَة الَّتِي اشْتَرَاهَا الْوَاقِف الْمَذْكُور وَهِي الَّتِي وَقفهَا
وَلم يظْهر لَهُ فِي الْقرْيَة الْمَذْكُورَة ملك سوى الْحصَّة الْمَذْكُورَة وَأَن البَائِع لم يظْهر لَهُ ملك فِي الْقرْيَة الْمَذْكُورَة أَيْضا سوى مَا بَاعه من المُشْتَرِي الْمَذْكُور بعد اعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا
وَأذن للْمُدَّعِي الْمَذْكُور فِي تسلم الْحصَّة الَّتِي حكم بِصِحَّة الْوَقْف فِيهَا لجِهَة الْوَقْف الْمَذْكُور إِذْنا شَرْعِيًّا
وَذَلِكَ فِي مجَالِس آخرهَا يَوْم كَذَا
وَيكْتب الْحَاكِم التَّارِيخ والحسبلة بِخَطِّهِ
ويكمل على نَحْو مَا سبق
وَصُورَة دَعْوَى لوقف على غَائِب وانتزاعه حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الشَّافِعِي فلَان وَادّعى على مَنْصُوب شَرْعِي عَن فلَان المستولي على الْوَقْف الْآتِي ذكره الْغَائِب يَوْمئِذٍ عَن مَدِينَة كَذَا الْغَيْبَة الشَّرْعِيَّة الثَّابِتَة عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ المسوغة لسَمَاع الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَة وَالْحكم على الْغَائِب مِمَّا يسوغ شرعا
أَنه اتَّصل إِلَيْهِ بِمُقْتَضى الْوَقْف الشَّرْعِيّ عَن حَده فلَان جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويصفه ويحدده وَأَن فلَانا الْغَائِب الْمَذْكُور استولى على ذَلِك بِالْيَدِ العادية وَأَنه بِيَدِهِ بِغَيْر حق وَلَا طَرِيق شَرْعِي وَطلب انْتِزَاعه وتسليمه إِلَيْهِ
وَسَأَلَ سُؤال الْمَنْصُوب الْمَذْكُور عَن ذَلِك
فَسئلَ
فَأجَاب بِعَدَمِ الْعلم بِصِحَّة مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور
فأحضر الْمُدَّعِي محضرا شَرْعِيًّا يتَضَمَّن أَن فلَانا جده وقف الْمَكَان الْمَذْكُور على أَوْلَاده ثمَّ على أَوْلَاد أَوْلَاده ثمَّ على نَسْله وعقبه
وَهُوَ مؤرخ بِكَذَا ثَابت مضمونه عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ
فَعرف الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْمَنْصُوب الْمَذْكُور بِثُبُوت ذَلِك عِنْده

(2/406)


فَأجَاب إِن الْمحْضر الْمَذْكُور يتَضَمَّن أَن فلَانا الْمَذْكُور وقف ذَلِك على أَوْلَاده ثمَّ على أَوْلَاد أَوْلَاده ثمَّ على ذُريَّته ونسله وعقبه حَسْبَمَا شرح فِيهِ
وَسُئِلَ هَل يثبت اسْتِحْقَاق الْمَذْكُور لذَلِك وطالبه بِثُبُوت أَنه من ذُرِّيَّة الْوَاقِف الْمَذْكُور وَأَن مَنَافِعه واستحقاقه آلت إِلَيْهِ
فأحضر فلَانا وَفُلَانًا وَفُلَانًا
فَشَهِدُوا لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن الْمُدَّعِي الْمَذْكُور ولد فلَان ابْن فلَان الْوَاقِف الْمَذْكُور لصلبه وَأَن الْمُدَّعِي الْمَذْكُور يسْتَحق الْوَقْف الْمَذْكُور بِحكم مآله إِلَيْهِ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ على مَا شَرطه الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ وَأَنه يسْتَحق انْتِزَاعه من يَد الْغَائِب المستولى عَلَيْهِ وتسليمه إِلَيْهِ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ أَو يَقُول فأحضر محضرا شَرْعِيًّا يتَضَمَّن وَفَاة جده الْمَذْكُور وانحصار إِرْثه فِي وَلَده الْمَذْكُور مؤرخ بِكَذَا ثَابت عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم الْمَذْكُور
فَعِنْدَ ذَلِك سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم بِرَفْع يَد الْغَائِب الْمَذْكُور عَن الْمَكَان الْمَذْكُور أَعْلَاهُ وتسليمه إِلَيْهِ بِمُقْتَضى مَا ثَبت لَدَيْهِ
فاستخار الله تَعَالَى وَحكم بِرَفْع يَد الْغَائِب الْمَذْكُور أَعْلَاهُ عَن الْمَكَان أَعْلَاهُ وتسليمه إِلَى الْمُدَّعِي الْمَذْكُور حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره
وَإِن كَانَت الدَّعْوَى فِي ذَلِك على حَاضر فالصورة بِحَالِهَا غير أَن الدَّعْوَى تكون على الْحَاضِر وَالْجَوَاب مِنْهُ وَالْحكم عَلَيْهِ
وَفِي الصُّورَة الأولى يبْقى الْحَاكِم الْحجَّة للْغَائِب
وَفِي الصُّورَة الثَّانِيَة يعْذر إِلَيْهِ
فَإِذا ثَبت إعذاره عِنْده حكم عَلَيْهِ وَأمره بِتَسْلِيم الْمُدعى بِهِ للْمُدَّعِي
ويكمل على نَحْو مَا سبق
صُورَة دَعْوَى بِتَمْلِيك غراس فِي أَرض مَوْقُوفَة مستأجرة لجِهَة الْوَقْف حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْمَالِكِي فلَان مبَاشر الْوَقْف الْفُلَانِيّ أَو النَّاظر الشَّرْعِيّ فِي الْوَقْف الْفُلَانِيّ
وأحضر مَعَه فلَانا
وَادّعى عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه اسْتَأْجر جَمِيع الْقطعَة الأَرْض الْفُلَانِيَّة الْوَقْف الْجَارِي على مصَالح الْمدرسَة الْفُلَانِيَّة حَسْبَمَا يشْهد بذلك كتاب الْوَقْف الْمُتَقَدّم على تَارِيخه
الثَّابِت مضمونه شرعا ويحددها إِجَارَة شَرْعِيَّة لَازِمَة للزِّرَاعَة وَالْغِرَاس وَالِانْتِفَاع بالمأجور بِالْمَعْرُوفِ مُدَّة كَذَا بِأُجْرَة مَعْلُومَة حَسْبَمَا يشْهد بذلك كتاب الْإِجَارَة المؤرخ بِكَذَا وَأَنه غرس فِي الْقطعَة الْمَذْكُورَة من الْأَشْجَار كَذَا وَيذكر عدتهَا ونوعها وَأَن مُدَّة هَذِه الْإِجَارَة انْقَضتْ وَطلب تملك الْغِرَاس الْمَذْكُور لجِهَة الْوَقْف الْمَذْكُور من ريعه بِقِيمَتِه مقلوعا بعد إِسْقَاط قيمَة قلعه وتسوية الأَرْض من قيمَة ذَلِك لظُهُور الْمصلحَة فِي ذَلِك لجِهَة الْوَقْف الْمَذْكُور وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك

(2/407)


فَسئلَ
فَأجَاب بِصِحَّة الِاسْتِئْجَار وانقضاء الْمدَّة وبالغراس الْمَذْكُور
وَعين قيمَة الْغِرَاس الْمَذْكُور
فَلم يصدقهُ الْمُدَّعِي على ذَلِك
فَحَضَرت بَيِّنَة شَرْعِيَّة عادلة مِمَّن لَهُ علم وخبرة بتقويم الْغِرَاس والأعشاب شهِدت عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن قيمَة الْغِرَاس الْمَذْكُور مقلوعا بعد إِسْقَاط قيمَة الْقلع وتسوية الأَرْض كَذَا وَكَذَا درهما وَأَن إبْقَاء الْغِرَاس الْمَذْكُور بِالْقيمَةِ الْمَذْكُورَة مصلحَة للْوَقْف
وَثَبت ذَلِك عِنْده الثُّبُوت الشَّرْعِيّ
فَعِنْدَ ذَلِك سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ إِلْزَام الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور بِرَفْع يَده عَن الأَرْض الْمَذْكُورَة وَعَن الْغِرَاس الْمعِين أَعْلَاهُ وَالْحكم بِبَقَاء الْغِرَاس لجِهَة الْوَقْف الْمشَار إِلَيْهِ
فاستخار الله كثيرا
واتخذه هاديا ونصيرا
وألزم الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور بِرَفْع يَده عَن الأَرْض الْمَذْكُورَة وَعَن الْغِرَاس الْقَائِم بهَا
وَحكم بِبَقَاء الْغِرَاس الْمَذْكُور لجِهَة الْوَقْف الْمشَار إِلَيْهِ حكما شَرْعِيًّا لموافقة ذَلِك مذْهبه ومعتقده مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ
وَذَلِكَ بعد أَن بذل الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الْقيمَة الْمَشْهُود بهَا الْمعينَة أَعْلَاهُ من ريع الْوَقْف الْمَذْكُور إِلَى الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور
وأحضرها إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْمشَار إِلَيْهِ وأقبضه إِيَّاهَا
فقبضها مِنْهُ وَكيل شَرْعِي عَن الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور أَو فقبضها الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا
وَلم يتَأَخَّر لَهُ من ذَلِك شَيْء قل وَلَا جلّ
وَبعد اسْتِيفَاء الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا
ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه
صُورَة دَعْوَى على مُشْتَر من صبي وَالْحكم بِبُطْلَان البيع حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الشَّافِعِي فلَان وَهُوَ مُتَكَلم شَرْعِي جَائِز كَلَامه مسموعة دَعْوَاهُ شرعا عَن فلَان الصَّبِي الْمُمَيز أَو الْمُرَاهق الْقَاصِر عَن دَرَجَة الْبلُوغ وأحضر مَعَه فلَانا وَادّعى عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه ابْتَاعَ من فلَان الصَّبِي الْمَذْكُور الَّذِي هُوَ تَحت يَده وَفِي حجره وَولَايَة نظره أَو تَحت حجر فلَان بِالْوَصِيَّةِ الشَّرْعِيَّة المسندة إِلَيْهِ من وَالِده الْمَذْكُور من قبل تَارِيخه الثَّابِت مضمونها شرعا بِحُضُور وَصيته الْمَذْكُورَة وإذنه لَهُ فِي البيع جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويحدده بِثمن مبلغه كَذَا وَأَنه أقبضهُ الثّمن وتسلم مِنْهُ الْمَبِيع الْمَذْكُور
وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك
فَسئلَ
فَأجَاب بالاعتراف
فَعِنْدَ ذَلِك سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم بِبُطْلَان البيع فِي الْمَبِيع الْمَذْكُور ورده إِلَى ملك الصَّبِي البَائِع الْمَذْكُور وَالثمن إِلَى المُشْتَرِي الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور
فأعذر الْحَاكِم إِلَى الْمُدعى عَلَيْهِ
فَذكر أَنه ابْتَاعَ من الصَّبِي الْمَذْكُور بِإِذن الْوَصِيّ وحضوره وَلم يَأْتِ بدافع غير ذَلِك ثمَّ اعْترف بِعَدَمِ الدَّافِع والمطعن لذَلِك ولشيء مِنْهُ
فَحِينَئِذٍ أجَاب الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ السَّائِل إِلَى سُؤَاله وَحكم بِبُطْلَان البيع وإبقاء الْمَبِيع على ملك

(2/408)


الصَّبِي البَائِع وَرُجُوع الثّمن إِلَى المُشْتَرِي الْمَذْكُور حكما شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَإِن كَانَ الصَّبِي قد قبض الثّمن من المُشْتَرِي وأتلفه
فَيَقُول فِي الحكم وَحكم بِبُطْلَان البيع وَرُجُوع الْمَبِيع إِلَى ملك الصَّبِي وإبقائه فِي ملكه وَعدم الرُّجُوع بِالثّمن فِي مَاله لكَون أَن الصَّبِي لَا يضمن مَا يتلفه أَو يَقُول وبإسقاط الثّمن عَن الصَّبِي وَعدم الرُّجُوع بِهِ فِي مَاله حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره
ويكمل على نَحْو مَا سبق
صُورَة دَعْوَى بالحكم بِبُطْلَان البيع الْوَاقِع بِغَيْر إِيجَاب وَلَا قبُول الصُّورَة بِحَالِهَا عِنْد الشَّافِعِي فَيَقُول وَأَن البيع وَقع بَينهمَا بِغَيْر إِيجَاب وَلَا قبُول وَلَكِن على سَبِيل المعاطاة بِغَيْر عقد صَحِيح لَازم وَيَقَع السُّؤَال من الْحَاكِم
فَإِن أجَاب الْمُدعى عَلَيْهِ بالاعتراف
سَأَلَ الْمُدَّعِي من الْحَاكِم الحكم بِبُطْلَان البيع الْمَذْكُور لكَونه وَقع على الْوَجْه المشروح أَعْلَاهُ
وَإِن أجَاب بالإنكار
فتقوم الْبَيِّنَة فِي وَجه الْمُدعى عَلَيْهِ على عين الْمَبِيع إِن كَانَ مِمَّا ينْقل ويشخص لَدَى الْحَاكِم وَيثبت ذَلِك عِنْده الثُّبُوت الشَّرْعِيّ
فَعِنْدَ ذَلِك يَقع السُّؤَال من الْمُدَّعِي بالحكم بِبُطْلَان البيع
فَيحكم بعد الْإِعْذَار إِلَى الْمُدَّعِي الْمَذْكُور
ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه
وَكَذَلِكَ يكون الحكم من الشَّافِعِي بِبُطْلَان البيع من الصَّبِي أَو الرجل الْكَامِل فِي سلْعَة بِغَيْر معاقدة شَرْعِيَّة سَوَاء كَانَت خطيرة أَو حقيرة
وَكَذَلِكَ الحكم من الشَّافِعِي فِي الْأَشْيَاء النَّجِسَة مثل الْكَلْب وَالزَّيْت النَّجس والأدهان النَّجِسَة والسرجين
ويسوق الْكَلَام فِي كل مجْلِس بِحَسبِهِ على نَحْو مَا تقدم
صُورَة دَعْوَى وَحكم بِبُطْلَان البيع الْوَاقِع بَين الْمُتَبَايعين فِي الْمَسْجِد على مَذْهَب الإِمَام أَحْمد يكْتب الصَّدْر كَمَا تقدم إِلَى آخر وصف الْمَبِيع ثمَّ يَقُول وَأَنه ابتاعه مِنْهُ بِالْمَسْجِدِ الْجَامِع أَو بِمَسْجِد بني فلَان بِحُضُور جمَاعَة من الْمُسلمين وَيَقَع السُّؤَال وَالْجَوَاب بالاعتراف أَو الْإِنْكَار وَتقوم الْبَيِّنَة على أَن عقد البيع وَقع فِي الْمَسْجِد الْجَامِع
فَإِذا ثَبت ذَلِك بالاعتراف أَو بِالْبَيِّنَةِ
يسْأَل الْمُدَّعِي من الْحَاكِم الْعَمَل مَعَه بِمُقْتَضى مَذْهَب الإِمَام أَحْمد وَمَا يرَاهُ من عدم صِحَة البيع وجوازه بِالْمَسْجِدِ وَالْحكم بِبُطْلَان البيع بِمُقْتَضى ذَلِك وثبوته لَدَيْهِ
فَيحكم الْحَاكِم بِبُطْلَان عقد البيع الصَّادِر على

(2/409)


الْمَبِيع الْمَذْكُور بِالْمَسْجِدِ وَرُجُوع الْمَبِيع إِلَى ملك البَائِع وَالثمن إِلَى المُشْتَرِي حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ
ويكمل على نَحْو مَا سبق
وَكَذَلِكَ يكون الحكم بِبُطْلَان البيع فِي الْأَعْيَان الثَّابِتَة الموصوفة أَو الَّتِي لم تُوصَف وَلم تكن مرئية للمتعاقدين عِنْد الشَّافِعِي أَو الْمَالِكِي
وَكَذَلِكَ يكون الحكم من الشَّافِعِي فِي أحد قوليه بِبُطْلَان البيع بَين أعميين أَو أعمى وبصير
وَكَذَلِكَ يكون الحكم بِصِحَّة البيع بَين أعميين أَو أعمى وبصير عِنْد الثَّلَاثَة خلافًا للشَّافِعِيّ
وَقد تقدم ذكر ذَلِك فِي كتاب الْبيُوع
وَأما الملاهي فَإِن ترافع الخصمان فِي شَيْء مِنْهَا إِلَى حَنَفِيّ كتب صُورَة الدَّعْوَى كَمَا تقدم
وَيحكم الْحَاكِم بتضمين الْمُتْلف وإلزام الْمُدعى عَلَيْهِ بِقِيمَة مَا أتْلفه مِنْهَا أَو أَلْوَاح غير مؤلفة تأليفا يلهى
وَكَذَلِكَ يكْتب صُورَة الدَّعْوَى عِنْده فِي تَصْحِيح البيع وإلزام المُشْتَرِي بِالثّمن وَالْحكم بذلك
وَإِن ترافعا إِلَى شَافِعِيّ كتب صُورَة الدَّعْوَى وَوصف الْمَبِيع وَيَقَع الحكم بِبُطْلَان البيع وَعدم تغريم الْمُتْلف إِلَّا أَن يكون الْمَبِيع طبل الحجيج
فَإِن الْإِجْمَاع على جَوَاز بَيْعه وتغريم الْمُتْلف
صُورَة دَعْوَى بِالصُّلْحِ على الْإِنْكَار عِنْد من يرَاهُ حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْحَنَفِيّ أَو الْمَالِكِي فلَان
وَهُوَ الْمُتَكَلّم الشَّرْعِيّ عَن مستحقي أوقاف الزاوية الْفُلَانِيَّة أَو الْمدرسَة أَو غير ذَلِك
وأحضر مَعَه فلَانا وَادّعى عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن جَمِيع الدَّار الكائنة بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ ويحددها وقف محرم وَحبس مخلد جَارِيَة أجوره ومنافعه على الزاوية الْفُلَانِيَّة على الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين المقيمين بهَا ثمَّ على جِهَة مُتَّصِلَة
وَأَن فلَانا الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور وضع يَده على الدَّار الْمَذْكُورَة وأخربها وأزال عينهَا وَتصرف فِي جَمِيع آلاتها تَصرفا معينا عُدْوانًا بِغَيْر حق على سَبِيل الْغَصْب والتعدي
وَطلب عود هَذِه الدَّار إِلَى حالتها الَّتِي كَانَت عَلَيْهِ قبل الْهدم إِلَى غير ذَلِك مِمَّا تحررت مَعَه الدَّعْوَى شرعا وَسَأَلَ سُؤال الْمُدعى عَلَيْهِ عَن ذَلِك
فَسَأَلَهُ الْحَاكِم
فَأجَاب بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاق
فَطلب الْحَاكِم من الْمُدَّعِي بَيِّنَة تشهد لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ
فَذكر أَنه لَيْسَ لَهُ بَيِّنَة وَطلب يَمِين الْمُدعى عَلَيْهِ على ذَلِك
فتوقف وَقَالَ أَنا أصالحه بِمَال رفعا للأيمان ودفعا لهَذِهِ الْخُصُومَة
وَسَأَلَ الْحَاكِم الْعَمَل بِمَا يَقْتَضِيهِ الشَّرْع الشريف
فَأجَاب إِلَى ذَلِك

(2/410)


وَرَضي الْخصم الْمُدَّعِي بذلك
فَعِنْدَ ذَلِك أحضر الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور من الدَّرَاهِم كَذَا وَكَذَا وَدفع الْجُمْلَة الْمعينَة أَعْلَاهُ صلحا على الْمُدعى بِهِ ودفعا للخصومة
فَقبل الْمُدَّعِي مِنْهُ ذَلِك لجِهَة الْوَقْف الْمَذْكُور لما رأى لَهَا فِي ذَلِك من الْحَظ والمصلحة
وَقبض ذَلِك مِنْهُ على هَذِه الصّفة
وَصَارَت هَذِه الْجُمْلَة فِي يَده ليصرفها فِي ثمن عقار يبتاعه لجِهَة الْوَقْف الْمَذْكُور
وَوَقع هَذَا الصُّلْح مَعَ إِصْرَار الْمُدعى عَلَيْهِ على الْإِنْكَار إِلَى حِين الصُّلْح وَبعده
وَجرى هَذَا الصُّلْح بَين المتداعيين الْمَذْكُورين على ذَلِك بَين يَدي الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بطريقه الشَّرْعِيّ وَحكم أيد الله تَعَالَى أَحْكَامه بِصِحَّة هَذَا الصُّلْح ولزومه ونفوذه وبسقوط الدَّعْوَى بالمدعى بِهِ الْمَذْكُور وباستحقاق الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور للمكان الْمُدعى بِهِ وَمَا هُوَ من حُقُوقه وَمن حُقُوق الرّكُوب والتعلي وَغير ذَلِك من سَائِر حُقُوقه مَعَ إِصْرَار الْمُدعى عَلَيْهِ على الْإِنْكَار إِلَى حِين الصُّلْح وَبعده بالمدعى بِهِ الْمَذْكُور حكما شرعا إِلَى آخِره مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ فِي ذَلِك
وَحضر فلَان النَّاظر على الزاوية الْمَذْكُورَة وَرَضي بِهَذَا الصُّلْح وَأقر بِصِحَّتِهِ ولزومه
ويكمل على نَحْو مَا سبق
وَإِن كَانَت الدَّعْوَى بِمَال وَصَالح الْمُدعى عَلَيْهِ على مَال
فَيَقُول فالتمس يَمِينه على ذَلِك
فَرَأى الْمُدعى عَلَيْهِ أَن يُصَالح عَن هَذِه الدَّعْوَى بِمَال افتداء ليمينه ودفعا للخصومة مَعَ اعْتِقَاده بطلَان هَذِه الدَّعْوَى
فَدفع إِلَيْهِ من مَاله كَذَا
فَقَبضهُ مِنْهُ صلحا عَن هَذِه الدَّعْوَى
وَرَأى سيدنَا الْحَاكِم صِحَة هَذَا الصُّلْح وجوازه ونفوذه فِي حق الْخَصْمَيْنِ المتداعيين
وَحكم بذلك حكما شرعا إِلَى آخِره مَعَ علمه باخْتلَاف الْعلمَاء رَضِي الله عَنْهُم فِي صِحَة الصُّلْح على الْإِنْكَار
ويكمل
صُورَة دَعْوَى شُفْعَة الْجوَار وَالْحكم بهَا حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْحَنَفِيّ فلَان
وأحضر مَعَه فلَانا وَادّعى عَلَيْهِ أَنه اشْترى فِي سقبه فِي تَارِيخ كَذَا جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويحدده بحقوقه كلهَا بِثمن مبلغه كَذَا وَأَنه مَالك لجَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ الملاصق للمكان الْمَشْفُوع من جِهَة الشرق مثلا ويحدده ملكا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُتَقَدما على تَارِيخ الشِّرَاء مستمرا إِلَى حِين هَذِه الدَّعْوَى وَأَن الْمَكَان الْمَحْدُود فِي يَد المُشْتَرِي الْمَذْكُور
وطالبه بِتَسْلِيمِهِ إِلَيْهِ بِحكم الشُّفْعَة بِحَق الْجوَار والتلاصق لذَلِك فِي الْحُدُود من جِهَة كَذَا
وبذل لَهُ نَظِير الثّمن الْمَذْكُور
وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك
فَسَأَلَهُ الْحَاكِم
فَأجَاب أَنه اشْترى الْمَكَان الْمَحْدُود فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور لنَفسِهِ أَو لأيتام فلَان بِإِذن الْحَاكِم

(2/411)


فلَان الدّين لَهُ فِي ذَلِك وَأمره الْكَرِيم فِي ثَلَاث عُقُود الثُّلُث مِنْهُ لفُلَان الْيَتِيم وَالثلث لفُلَان وَالثلث لفُلَان بِالثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ
بعد أَن ثَبت عِنْد الْحَاكِم الْمُسَمّى أَعْلَاهُ أَن قيمَة الْمثل لَهُ كَذَا وأحضر الْمُدعى عَلَيْهِ الْكتب الثَّلَاثَة
وَثَبت مَضْمُون كل مِنْهُنَّ على الحكم المشروح أَعْلَاهُ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ
وَحكم بِمَا ثَبت عِنْده من ذَلِك
ثمَّ طلب الْمُدَّعِي من الْحَاكِم الحكم لَهُ بِالشُّفْعَة الْمَذْكُورَة
فَعرض عَلَيْهِ الْيَمين الشَّرْعِيَّة المتوجهة عَلَيْهِ شرعا
فَأجَاب إِلَيْهَا وبذلها فحلفه الْحَاكِم فِي مجْلِس حكمه الْيَمين الشَّرْعِيَّة المستوفاة أَنه حِين علم بشرَاء الْمَكَان الْمَذْكُور سارع لطلب الشُّفْعَة الْوَاجِبَة لَهُ بِحكم الْجوَار والتلاصق لملكه الْمَذْكُور وَأشْهد عَلَيْهِ بِالطَّلَبِ عِنْد ذَلِك وَلم يُؤَخر الطّلب وَلَا صدر مِنْهُ مَا يبطل حَقه من الشُّفْعَة بقول وَلَا فعل وَأَنه يسْتَحق أَخذ الْمَكَان الْمَذْكُور بِالشُّفْعَة
فَحلف كَمَا أَحْلف بالتماسه لذَلِك
فَعِنْدَ ذَلِك أَجَابَهُ إِلَى مَا سَأَلَ وَحكم لَهُ بِالشُّفْعَة الْمَذْكُورَة
وَالْتزم المُشْتَرِي فلَان بِتَسْلِيم الْمَكَان الْمَذْكُور إِلَيْهِ وَأذن لَهُ فِي قبض نَظِير الثّمن الْمَذْكُور من الشَّفِيع الْمُبْتَاع لَهُم حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ ثمَّ بعد ذَلِك ولزومه شرعا سلم المُشْتَرِي الْمَذْكُور إِلَى الشَّفِيع الْمَذْكُور جَمِيع الْمَكَان الْمَذْكُور
فتسلمه مِنْهُ وَلم يبْق للْمُبْتَاع لَهُم فِي ذَلِك حق وَلَا بَقِيَّة من حق وَلَا ملك وَلَا شُبْهَة ملك وَلَا حِصَّة وَلَا نصيب وَقبض الْمُتَكَلّم للأيتام نَظِير الثّمن الْمَذْكُور بِقدر حصصهم المختصة بهم من ذَلِك قبضا شَرْعِيًّا وَأَبْرَأ الشَّفِيع من ذَلِك بَرَاءَة شَرْعِيَّة
ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه
صُورَة دَعْوَى بمَكَان بيد شخص وادعاه شخص آخر وَالْحكم بِتَقْدِيم بَيِّنَة صَاحب الْيَد حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الشَّافِعِي فلَان وَفُلَان
وَادّعى المبدي بِذكرِهِ على فلَان المثني بِذكرِهِ أَنه يملك جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويوصف ويحدد ملكا شَرْعِيًّا وَأَن يَده عَلَيْهِ يَد عدوان وَأَن لَهُ بَيِّنَة شَرْعِيَّة تشهد بذلك وطالبه بِرَفْع يَده عَن الْمَكَان الْمَذْكُور وتسليمه إِلَيْهِ
وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك
فَسَأَلَهُ الْحَاكِم
فَأجَاب الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور أَن ذَلِك ملكه وَأَن يَده عَلَيْهِ يَد حق غير عدوان
فَأَقَامَ كل مِنْهُمَا بَيِّنَة أَن الْمَكَان لَهُ
وَقبلهَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ لما رأى مَعَه قبُولهَا شرعا ثمَّ بعد ذَلِك سَأَلَ صَاحب الْيَد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن يحكم لَهُ بِالْمَكَانِ الْمَذْكُور لحُصُول الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة مَعَ الْيَد واستقرار ملكه على الْمَكَان الْمَذْكُور دون الْمُدَّعِي بِحكم إِقَامَة الْبَيِّنَة وَحُصُول

(2/412)


على ثُبُوت الْيَد على ذَلِك
فأعذر لغريمه الْمَذْكُور بعد أَن حلف الْمُدَّعِي الْمَذْكُور أَنه مُسْتَحقّ لذَلِك وَأَن من شهد لَهُ بِهِ صَادِق فِي شَهَادَته
فاعترف المعذر إِلَيْهِ بِعَدَمِ الدَّافِع والمطعن لذَلِك وبشيء مِنْهُ الِاعْتِرَاف الشَّرْعِيّ وَثَبت اعترافه بذلك وجريان حلف الْحَالِف الْمَذْكُور على ذَلِك لَدَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ
فَعِنْدَ ذَلِك أجَاب السَّائِل إِلَى سُؤَاله وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بِثُبُوت ذَلِك عِنْده وَالْحكم بِمُوجبِه وَمن مُوجبه تَقْدِيم بَيِّنَة صَاحب الْيَد وَإِن عارضتها بَيِّنَة ملك أَو وقف واستقرار ملك فلَان على الْمَكَان الْمَذْكُور لانضمام يَده إِلَى بَينته حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ
ويكمل على نَحْو مَا سبق
صُورَة دَعْوَى على مُمْتَنع عَن الْحُضُور إِلَى مجْلِس متعزز متمرد حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين فلَان
وَادّعى على فلَان الْمَنْصُوب الشَّرْعِيّ عَن فلَان الْمُمْتَنع عَن الْحُضُور إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز المتعزز المتمرد أَو المتواري وَسَمَاع الدَّعْوَى عَلَيْهِ ورد الْجَواب عَنهُ الثَّابِت امْتِنَاعه وتعززه وتمرده واختفاؤه وتواريه لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّة بعد أَن أنفذ إِلَيْهِ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَولا وَأمره بالحضور فَلم يحضر ثمَّ تقدم إِلَيْهِ ثَانِيًا مَعَ جمَاعَة من ذَوي الشَّوْكَة
فاختفى وَلم يظفروا بِهِ
فنصب عَنهُ الْمَنْصُوب الْمَذْكُور لعلمه بقدرته على الْقيام بأَدَاء مَا فوض إِلَيْهِ من سَماع الدَّعْوَى على فلَان المتمرد الْمَذْكُور ورد الْجَواب عَنهُ على الْوَجْه الشَّرْعِيّ
ادّعى الْمُدَّعِي الْمَذْكُور على الْمَنْصُوب الْمَذْكُور أَنه يسْتَحق فِي ذمَّة فلَان المتمرد الْمَذْكُور كَذَا وَكَذَا
وَسَأَلَ سُؤال الْمَنْصُوب عَن ذَلِك
فَسئلَ فَأجَاب بقوله يثبت مَا يَدعِيهِ
فأحضر الْمُدَّعِي الْمَذْكُور كل وَاحِد من فلَان وَفُلَان وَفُلَان
فأقاموا شَهَادَتهم لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بذلك فِي وَجه الْمَنْصُوب الْمَذْكُور
وقبلهم الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْقبُول الشَّرْعِيّ
ثمَّ طلب الْمُدَّعِي الْمَذْكُور من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم لَهُ بذلك وَالْتمس الْمَنْصُوب يَمِين الْمُدَّعِي الْمَذْكُور على اسْتِحْقَاق ذَلِك فِي ذمَّة المتمرد الْمَذْكُور وعَلى عدم الْمسْقط لذَلِك ولشيء مِنْهُ
فَحلف كَمَا أَحْلف بالتماسه لذَلِك
وَثَبت جَرَيَان حلفه على ذَلِك لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ
ثمَّ أرسل الْحَاكِم ونادى بِصُورَة الْحَال وَمَا جرى فِي هَذِه الْقَضِيَّة فِي محلّة الْمُدعى عَلَيْهِ وبإحضاره حَتَّى يعْذر إِلَيْهِ فِي ذَلِك
وَأعلم أصدقاءه بِمَا جرى عِنْده بِسَبَب الدَّعْوَى الْمَذْكُورَة وَأَنه أوقف الْأَمر إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام من تَارِيخه
فَإِن بَان خلاف مَا صدر من الدَّعْوَى وَشَهَادَة الشُّهُود وَإِلَّا حكمت عَلَيْهِ
فَإِذا مَضَت الْأَيَّام الثَّلَاثَة وَاسْتمرّ المتمرد

(2/413)


على عدم الْحُضُور لمجلس الحكم وَلم يصل جَوَاب عَن ذَلِك وَنفذ إِلَيْهِ مرَارًا بعد ذَلِك وَثَبت بذلك تمرده واختفاؤه وتعززه عَن الْحُضُور لمجلس الحكم الْعَزِيز بِسَبَب الدَّعْوَى الْمَذْكُورَة
وَسَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم لَهُ بذلك أعذر إِلَى الْمَنْصُوب الْمَذْكُور
فَإِذا اعْترف بِعَدَمِ الدَّافِع والمطعن ولشيء مِنْهُ
أجَاب السَّائِل إِلَى سُؤَاله وَحكم بِمُوجبِه حكما شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة
وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا من تشخيص الْمُدَّعِي الْمَذْكُور التشخيص الشَّرْعِيّ وَمَعْرِفَة المتعزز الْمَذْكُور الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة
ويكمل على نَحْو مَا سبق
وَإِن شَاءَ كتب أَولا لما قَامَت الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة عِنْد سيدنَا فلَان الدّين الْحَاكِم الْفُلَانِيّ بتعزز فلَان عَن الْحُضُور لمجلس الحكم الْعَزِيز وتمرده بعد طلبه مرَارًا والنداء فِي مَجْلِسه بذلك
وَثَبت ذَلِك لَدَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ ادّعى فلَان على فلَان الْمَنْصُوب الشَّرْعِيّ عَن فلَان الثَّابِت تعززه وتمرده وامتناعه من الْحُضُور الثُّبُوت الشَّرْعِيّ أَنه يسْتَحق فِي ذمَّة فلَان المتمرد الْمَذْكُور كَذَا وَكَذَا
ويكمل على نَحْو مَا سبق من الْجَواب وَإِقَامَة الْبَيِّنَة وجريان الْحلف والإعذار للمنصوب بعد الْإِمْهَال كَمَا تقدم وَالْحكم بِالْمُوجبِ إِلَى آخِره
صُورَة دَعْوَى الزَّوْجَة بجب الزَّوْج حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز فلَان وفلانة وَادعت فُلَانَة الْمَذْكُورَة على زَوجهَا فلَان الْمَذْكُور أَنه تزوج بهَا تزويجا شَرْعِيًّا بولِي مرشد وشاهدي عدل وصداق مَعْلُوم وَلم تعلم الْمَذْكُورَة بِهِ عَيْبا يثبت بِهِ لَهَا الْخِيَار وَالْفَسْخ
وَالْعقد على ظَاهر السَّلامَة وَأَنه سليم من الْعُيُوب
خلي من الْجب والعنة وَأَنَّهَا اطَّلَعت الْآن على أَنه مجبوب وَلم يقدر بِهَذَا الْعَيْب على وَطئهَا
وَلَا يُمكنهَا الْمقَام مَعَه لما فِي ذَلِك من الضَّرَر وَأَنَّهَا حِين علمت بذلك اخْتَارَتْ الْفَسْخ والمفارقة على الْفَوْر دون التَّرَاخِي
وَسَأَلت سُؤَاله عَن ذَلِك فَسئلَ
فَأجَاب بِصِحَّة دَعْوَاهَا
فَعِنْدَ ذَلِك خَيرهَا الْحَاكِم بَين الْمقَام مَعَه أَو الْفَسْخ
فَإِن اخْتَارَتْ الْمقَام مَعَه فَلَا كَلَام
وَإِن اخْتَارَتْ الْفَسْخ سَأَلت الْحَاكِم أَن يُمكنهَا من فسخ نِكَاحهَا من عصمَة زَوجهَا الْمَذْكُور
فَقَالَ لَهَا مكنتك من ذَلِك
فَتَقول بعد ذَلِك فسخت نِكَاحي من عصمَة زَوجي فلَان بِالسَّبَبِ الْمَذْكُور فسخا شَرْعِيًّا ثمَّ تسْأَل الْحَاكِم أَن يحكم لَهَا بذلك
فيجيبها إِلَى ذَلِك بعد أَن يعْذر الزَّوْج ثمَّ يَقُول حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره وَفرق بَينهمَا التَّفْرِيق الشَّرْعِيّ

(2/414)


وَكَذَلِكَ يفعل فِي الْجُنُون والجذام والبرص
فَإِن اعْترف بِصِحَّة دَعْوَاهَا وَإِلَّا فتقام الْبَيِّنَة
فَإِذا ثبتَتْ دَعْوَاهَا يَقع اخْتِيَار الْفَسْخ وَالْحكم بِمُوجبِه كَمَا تقدم شَرحه
وَيفرق القَاضِي بَينهمَا
صُورَة دَعْوَى بِالْفَسْخِ بالعنة حضرت إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز فُلَانَة وَزوجهَا فلَان
وَادعت فُلَانَة الْمَذْكُورَة على زَوجهَا الْمَذْكُور أَنه تزوج بهَا تزويجا شَرْعِيًّا إِلَى آخر مَا تقدم وَأَنه عنين لَا قدرَة لَهُ على وَطئهَا وَلَا يُمكنهَا الْمقَام مَعَه لما عَلَيْهَا فِي ذَلِك من الضَّرَر وَأَنَّهَا حِين علمت بذلك اخْتَارَتْ الْفَسْخ والمفارقة لَهُ
وَسَأَلت سُؤَاله عَن ذَلِك
فَسئلَ
فَإِن أجَاب بالاعتراف وَإِلَّا فتقام الْبَيِّنَة بِالزَّوْجِيَّةِ
وعَلى إِقْرَاره بِالْعَجزِ عَن إصابتها وجماعه لَهَا لكَونه عنينا لَا قدرَة لَهُ عَلَيْهَا بِدَعْوَى محررة وَقبُول الْحَاكِم الْبَيِّنَة ثمَّ بعد ذَلِك يُؤَجل القَاضِي هَذَا الزَّوْج سنة شمسية اثْنَا عشر شهرا
كل شهر ثَلَاثُونَ يَوْمًا من وَقت الْمَسْأَلَة لذَلِك ويأمرها بتمكينه من الْجِمَاع
فَإِذا مَضَت السّنة الْمَذْكُورَة المتضمنة للفصول الْأَرْبَعَة
فيتبين بانقضائها عدم الْجِمَاع مَعَ تمكينها إِيَّاه من نَفسهَا مَعَ سَلامَة شَأْنهَا واعتدال أحوالها
فَإِذا مَضَت الْمدَّة سَأَلت الزَّوْجَة الْحَاكِم بِحُضُور زَوجهَا الْمَذْكُور الْفِرَاق مِنْهُ وَفسخ نِكَاحهَا من عصمته بِحَق عَجزه عَن الْجِمَاع
وصدقها على عَجزه وَعدم الْجِمَاع مِنْهُ لَهَا وَبَقَاء بَكَارَتهَا
فَعِنْدَ ذَلِك يخيرها الْحَاكِم بَين الْمقَام مَعَه على مَا هُوَ عَلَيْهِ لحق الزَّوْجِيَّة الْقَائِمَة بَينهمَا وَبَين الْفرْقَة بَينه وَبَينهَا
فَإِن اخْتَارَتْ التَّفْرِيق فسخ الْحَاكِم عقد الزواج وَرَفعه وأبانها مِنْهُ وَقطع عصمَة الزَّوْجِيَّة بَينهمَا قطعا حرمت بِهِ عَلَيْهِ فَلَا تحل لَهُ إِلَّا بِرُجُوع حكم الزَّوْجِيَّة الشَّرْعِيَّة إِلَى آخِره
وَإِن ادّعى الْإِصَابَة فِي مُدَّة التَّأْجِيل وَأنْكرت
فَيَقُول ثمَّ بعد مُضِيّ الْمدَّة الْمَذْكُورَة سَأَلت الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة الْحَاكِم بِحُضُور زَوجهَا الْمَذْكُور الْفِرَاق مِنْهُ وَفسخ نِكَاحهَا من عصمته بِحَق عَجزه عَن الْجِمَاع
فَادّعى الزَّوْج إِصَابَة زَوجته الْمَذْكُورَة وَأنْكرت
فَأمر الْحَاكِم نسْوَة عفيفات صالحات مسلمات حرائر أجنبيات من أولات الْخِبْرَة بالبكارة
فنظرن أكمل نظر ثمَّ شهدن أَن بَكَارَتهَا الْأَصْلِيَّة غير مصابة
وَيثبت ذَلِك ويكمل الْفَسْخ كَمَا تقدم
وَإِن حَلَفت الْمَرْأَة مَعَ شَهَادَة النسْوَة كَانَ أحسن وأحوط لِلْخُرُوجِ من الْخلاف على قَول من قَالَ إِن الْبكارَة تعود
فَيَقُول وحلفها الْحَاكِم احْتِيَاطًا على نفي الْإِصَابَة وَعدم الْجِمَاع
وَحِينَئِذٍ حصل الْفَسْخ وَإِن طلب الزَّوْج

(2/415)


تحليفها من غير بَيِّنَة
فَيَقُول بعد تَمام الدَّعْوَى وَالْجَوَاب ومضي مُدَّة التَّأْجِيل وطلبها للفراق فالتمس الزَّوْج يَمِينهَا على عدم الْإِصَابَة فَحَلَفت بِاللَّه الْعَظِيم يَمِينا شَرْعِيًّا جَامِعَة لمعاني الْحلف شرعا أَنَّهَا على الْبكارَة وَأَن هَذَا الزَّوْج مَا أَصَابَهَا وَلَا وَطئهَا
وَهُوَ على الْعنَّة إِلَى الْآن
وَيثبت عِنْد الْحَاكِم بذلك عَجزه عَن الْإِصَابَة
ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه
وَإِن كَانَت ثَيِّبًا فَيكْتب صدر الدَّعْوَى كَمَا تقدم إِلَى قَوْله الْفُصُول الْأَرْبَعَة فادعت الزَّوْجَة بَقَاءَهُ على الْعَجز عَن الْإِصَابَة
فاعترف الزَّوْج بذلك
وَإِن ادّعى الْإِصَابَة وَأنْكرت حَلفهَا كَمَا تقدم
وَيذكر الْفَسْخ على نَحْو مَا سبق
صُورَة دَعْوَى الزَّوْج أَن بِالزَّوْجَةِ جنونا أَو جذاما أَو رتقا أَو قرنا حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فلَان وفلانة واعترفا أَنَّهُمَا زوجان متناكحان بولِي مرشد وشاهدي عدل وصداق مَعْلُوم وَأَن الزَّوْج تزوج بِزَوْجَتِهِ الْمَذْكُورَة على أَنَّهَا سليمَة من الْعُيُوب خلية من الْقرن أَو الرتق أَو الْجُنُون أَو الجذام أَو البرص وَأَنه علم قبل وَطئهَا أَن بهَا كَذَا وَكَذَا
وَلَا يُمكنهُ الْمقَام مَعهَا وَلَا تتأتى الْمَقَاصِد الْأَصْلِيَّة من النِّكَاح وَالْعشرَة بذلك وَأَنه لما علم بِهَذَا الْعَيْب أمسك نَفسه عَنْهَا
وَطلب الْفَسْخ والفراق على الْفَوْر دون التَّرَاخِي ويختار ذَلِك
وَسَأَلَ سؤالها عَن ذَلِك
فَسُئِلت
فأجابت بالإنكار
فَأَقَامَ الزَّوْج جمَاعَة من الشُّهُود الْعُدُول
وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان
فَشَهِدُوا فِي وَجه الْمَرْأَة أَنه تزوج بهَا على وَجه الْخُلُو من الْعُيُوب الْمَذْكُورَة وَأَنَّهَا مَجْنُونَة أَو مجذومة أَو برصاء أَو غير ذَلِك
وَإِن كَانَ الْعَيْب مِمَّا تَحت الْإِزَار مِمَّا لَا يطلع عَلَيْهِ الرِّجَال غَالِبا كالرتق والقرن فيكشفها النِّسَاء اللَّاتِي يثبت بِهن ذَلِك
فَإِن شهدن بذلك وقبلهن الْحَاكِم وَحكم بِصِحَّة مَا ادَّعَاهُ
فَيَقُول ثمَّ إِن الزَّوْج اخْتَار الْفَسْخ
وَطلب الْفرْقَة
وَصرح بذلك
وَكَانَ قبل الدُّخُول بِزَوْجَتِهِ الْمَذْكُورَة وإصابتها ثمَّ سَأَلَ الْحَاكِم الْإِشْهَاد على نَفسه بِثُبُوت ذَلِك وَالْحكم بِمُوجبِه
فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله
وَحكم بذلك وبرفع النِّكَاح الَّذِي كَانَ بَينهمَا وبقطع الْعِصْمَة بَينهمَا حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا سبق
صُورَة دَعْوَى فِي متزوجة عتقت زَوجهَا عبد حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فلَان ابْن عبد الله مَمْلُوك فلَان وفلانة بنت عبد الله عتيقة فلَان وَادعت الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة على زَوجهَا الْمَذْكُور أَنه تزوج بهَا وَهِي رقيقَة وَهُوَ رَقِيق بِنِكَاح صَحِيح شَرْعِي بولِي مرشد وشاهدي عدل على الْوَجْه الشَّرْعِيّ بِإِذن سَيّده الْمَذْكُور بِصَدَاق

(2/416)


مَعْلُوم عِنْدهمَا وَأَنَّهَا عتقت وَهُوَ رَقِيق الْآن
وتختار فسخ نِكَاحهَا من عصمته وَعدم الْمقَام مَعَه
وتسأل سُؤَاله عَن ذَلِك
فكلفها الثُّبُوت لذَلِك
فأثبتت التَّزْوِيج وَالْإِعْتَاق وَبَقَاء الزَّوْج على الرّقّ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّة فِي وَجه الزَّوْج الْمَذْكُور بعد تشخيصهما عِنْده التشخيص الشَّرْعِيّ
وَحِينَئِذٍ سَأَلت الزَّوْجَة من الْحَاكِم فسخ نِكَاحهَا من زَوجهَا الْمَذْكُور بِهَذَا الْمُقْتَضى
فَخَيرهَا بَين الْبَقَاء وَالْفَسْخ
فَاخْتَارَتْ الْفَسْخ والفرقة
وصرحت بذلك
فأنفذ الْحَاكِم مِنْهَا ذَلِك وأمضاه وأوقع الْفرْقَة بَينهمَا وَصَارَت الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة مُفَارقَة عَنهُ بَائِنَة عَن نِكَاحه لَا تحل لَهُ إِلَّا بِعقد جَدِيد بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّة
وَحكم أيد الله أَحْكَامه بِمُوجب ذَلِك حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه
صُورَة دَعْوَى فِي زَوْجَيْنِ ثَبت بَينهمَا رضَاع وَفرق بَينهمَا يكْتب على ظهر الصَدَاق وَإِن كَانَ قد كتب محْضر فَيكْتب على ظَهره
لما قَامَت الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة عِنْد سيدنَا فلَان الدّين الْحَاكِم الْفُلَانِيّ بجريان عقد النِّكَاح بَين فلَان وفلانة الْمَذْكُورين بَاطِنه بِشَهَادَة فلَان وَفُلَان وقبلهما الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْقبُول الشَّرْعِيّ وبشهادة فلَان وَفُلَان الواضعين خطوطهم آخر الْمحْضر المسطر بَاطِنه أَنَّهُمَا أَخَوان من الرَّضَاع أَو أَن بَينهمَا رضَاعًا شَرْعِيًّا محرما قبل الْحَوْلَيْنِ من امْرَأَة حَيَّة بلغت تسع سِنِين أَو أَكثر بِخمْس رَضعَات متفرقات كاملات من غير قطع وَلَا تبعيض وَوُجُود السَّبَب الْمُقْتَضى للرضاع الْمحرم للنِّكَاح الشَّرْعِيّ وتشخيص الزَّوْجَيْنِ الْمَذْكُورين عِنْده التشخيص الشَّرْعِيّ واستنطاقهما بِالْمَجْلِسِ الْمشَار إِلَيْهِ
فاعترفا بذلك وَأَن ذَلِك ظهر لَهما الْآن وَثَبت ذَلِك جَمِيعه لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ على الْوَجْه الشَّرْعِيّ فسخ نِكَاحهمَا وَفرق بَينهمَا التَّفْرِيق الشَّرْعِيّ وَحرم الْجمع بَينهمَا بِالرّضَاعِ الْمَذْكُور كَمَا يحرم بِالنّسَبِ
وَتارَة لَا يعْتَرف الزَّوْجَانِ بذلك فَيثبت بِشَهَادَة رجلَيْنِ أَو رجل وَامْرَأَتَيْنِ أَو بِأَرْبَع نسْوَة وَلَا يثبت الْإِقْرَار بِهِ إِلَّا برجلَيْن
وَقد تقدم ذكر ذَلِك فِي بَاب الْقَضَاء
وَلَا تقبل الشَّهَادَة بِهِ مُطلقًا أَن بَينهمَا رضَاع أَو حُرْمَة عِنْد الْأَكْثَر بل يشْتَرط التَّفْصِيل وَذكر الشُّرُوط
وَلَا يَكْفِي فِي الْأَدَاء حِكَايَة الْقَرَائِن بِلَا تعرض لوصول اللَّبن إِلَى الْجوف وَلَا الرَّضَاع الْمحرم وَإِن حصل الْوَطْء مَعَ الْجَهْل
وَالْحَالة هَذِه وَجب لَهَا مهر الْمثل
صُورَة دَعْوَى فِي إبِْطَال بيع الْوَصِيّ بِغَيْر غِبْطَة وَلَا مصلحَة وبتفريطه حضر إِلَى

(2/417)


مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فلَان الْمَنْصُوب الشَّرْعِيّ عَن فلَان الْمَحْجُور عَلَيْهِ بِحجر الشَّرْع الشريف أَو فلَان الثَّابِت رشده وَفك الْحجر عَنهُ وَإِطْلَاق تَصَرُّفَاته الشَّرْعِيَّة من مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ وَفُلَان
وَادّعى المبدي بِذكرِهِ على المثني بِذكرِهِ أَن من الْجَارِي فِي ملكه وتصرفه واختصاصه جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويوصف ويحدد انْتقل ذَلِك إِلَيْهِ بِالْإِرْثِ الشَّرْعِيّ من وَالِده فلَان الْمَذْكُور
وَأَن الْمُدعى عَلَيْهِ وَاضع الْيَد على الْمَكَان الْمَذْكُور بِغَيْر طَرِيق شَرْعِي وطالبه بِرَفْع يَده عَنهُ وتسليمه إِلَيْهِ
وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك
فَسئلَ
فَأجَاب بِصِحَّة الدَّعْوَى فِي وضع الْيَد بِمُقْتَضى أَنه ابْتَاعَ ذَلِك من فلَان الْفُلَانِيّ الْوَصِيّ على فلَان الْمَذْكُور من جِهَة وَالِده الْمَذْكُور بِمُقْتَضى وَصِيَّة شَرْعِيَّة ثَابِتَة بِالشَّرْعِ الشريف من قبل تَارِيخه بِثمن مبلغه كَذَا
وتسلم الْمُبْتَاع من بَائِعه الْمَذْكُور بِمُقْتَضى ذَلِك وَهُوَ فِي يَده وَملكه
فَأجَاب الْمُدَّعِي الْمَذْكُور أَن الْوَصِيّ الْمَذْكُور بَاعَ الْمَكَان الْمَذْكُور من غير احْتِيَاط وَلَا غِبْطَة
وَكَانَ مقصرا مفرطا فِيهِ
وَبَاعه بِدُونِ ثمن مثله
وَأَن البيع بَينهمَا فِي ذَلِك كَانَ فَاسِدا لما حصل فِيهِ من الشُّرُوط الْفَاسِدَة الْمُخَالفَة للْبيع على الْمَحْجُور عَلَيْهِ
فَإِن كَانَت الدَّعْوَى عِنْد حنبلي
فَيَقُول مَعَ ذَلِك وَأَنه غبن فِي ثمنه غبنا فَاحِشا وَقِيمَته يَوْم تَارِيخه أَكثر مِمَّا بَاعه بِهِ وَأَن لَهُ بَيِّنَة شَرْعِيَّة تشهد بذلك
ثمَّ أحضر كل وَاحِد من فلَان وَفُلَان وَفُلَان
وَأَقَامُوا شَهَادَتهم بذلك لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ
وقبلهم الْقبُول الشَّرْعِيّ
فَإِن كَانَ البيع من وَكيل قد خَالف أَمر مُوكله
فَيَقُول فِي الْجَواب من الْمُدَّعِي إِنَّه كَانَ وكل فلَانا فِي بيع الْمَكَان الْمَذْكُور بِثمن مثله
على وَجه النّظر وَالِاحْتِيَاط مِمَّن يرغب فِي ابتياعه مِنْهُ لفُلَان بِعَيْنِه أَو مُطلقًا بِكَذَا وَكَذَا
وَأَن الْوَكِيل الْمَذْكُور خَالف أمره وَبَاعه بِدُونِ ثمن مثله وَهُوَ غبن فَاحش أَو كَانَت قِيمَته يَوْم العقد كَذَا وَكَذَا وَقد بَاعه بِكَذَا وَسلم الْمَكَان الْمَذْكُور إِلَى المُشْتَرِي وَلَيْسَ لَهُ ذَلِك شرعا لكَونه مُخَالفا لأَمره مقصرا فِيمَا تولى عقده وَأَن الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور لم يملك الْمَكَان الْمَذْكُور وَهُوَ بَاقٍ على ملك الْمُوكل
وَيلْزمهُ رد إِلَيْهِ وَرفع يَده عَنهُ لما حصل من الْمُخَالفَة المشروحة أَعْلَاهُ وَأَن بَيْعه بَاطِل بِمُقْتَضى ذَلِك وأحضر بَيِّنَة شَرْعِيَّة شهِدت لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بذلك وبالتوكيل على الصّفة المشروحة أَعْلَاهُ
قبلهَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ لما رأى مَعَه قبُولهَا شرعا
وَعند ذَلِك سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ إِلْزَام المُشْتَرِي الْمَذْكُور بِرَفْع يَده عَن الْمَكَان الْمَذْكُور وتسليمه لَهُ
فأعذر إِلَيْهِ بذلك
فاعترف بِعَدَمِ الدَّافِع والمطعن لذَلِك ولشيء مِنْهُ الِاعْتِرَاف الشَّرْعِيّ
وَثَبت ذَلِك لَدَى الْحَاكِم

(2/418)


الْمشَار إِلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّة الثُّبُوت الشَّرْعِيّ
وَحِينَئِذٍ أمره الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بِرَفْع يَده عَن الْمَكَان الْمَذْكُور وتسليمه لمستحقه شرعا
فسلمه إِيَّاه
فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا بِالتَّخْلِيَةِ الشَّرْعِيَّة
ويكمل
وَإِن أذن الْمُوكل للْوَكِيل فِي الدَّعْوَى
فيدعي لِأَنَّهُ هُوَ الْمُبَاشر للْبيع
وَذَلِكَ أحسن وَكَذَلِكَ يفعل فِي بيع أَمِين الحكم على الْيَتِيم بِدُونِ ثمن الْمثل
وَقد تقدم شَرحه
صُورَة دَعْوَى بحوالة على شخص بدين
وَأنكر الْحِوَالَة
وطالب الْمُحِيل بِالدّينِ الْأَصْلِيّ حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فلَان وَفُلَان
فَادّعى الأول مِنْهُمَا على الثَّانِي أَن لَهُ فِي ذمَّته بِحَق شَرْعِي كَذَا وَكَذَا
وطالبه بذلك
وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك
فَسئلَ
فَأجَاب بِصِحَّة دَعْوَاهُ وَأَنه أَحَالهُ بذلك على شخص يُسمى فلَانا حِوَالَة شَرْعِيَّة بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُول والرضى الْمُعْتَبر من كل مِنْهُمَا بِحكم أَن للمبدي بِذكرِهِ فِي ذمَّة فلَان الْمَذْكُور دينا شَرْعِيًّا مُوَافقا لذَلِك فِي الْقدر وَالْجِنْس وَالصّفة والحلول
أَو التَّأْجِيل
فَسَأَلَ الْحَاكِم الْمُحْتَال الْمَذْكُور وَهُوَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور فَأنْكر الْحِوَالَة
فَخرج الْمُدعى عَلَيْهِ الْمُحِيل الْمَذْكُور ثمَّ عَاد وبصحبته شَاهِدَانِ عَدْلَانِ هما فلَان وَفُلَان
فشهدا بصدور الْحِوَالَة الْمَذْكُورَة على الْمحَال عَلَيْهِ وبالرضى بالحوالة الْمَذْكُورَة
وقبلهما الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْقبُول الشَّرْعِيّ
وَثَبت ذَلِك
عِنْده ثبوتا شَرْعِيًّا ثمَّ سَأَلَ الْمُدعى عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُحِيل الْمَذْكُور الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْإِشْهَاد على نَفسه بِثُبُوت ذَلِك عِنْده وَالْحكم بِمُوجبِه
فَأجَاب إِلَى ذَلِك وَحكم بِمُوجبِه وَمن مُوجبه رفع الطّلب عَن الْمُدعى عَلَيْهِ وإلزام الْمحَال عَلَيْهِ الْمَذْكُور بِحكم صُدُور الْحِوَالَة الْمَذْكُورَة على الْوَجْه الشَّرْعِيّ حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا سبق
صُورَة دَعْوَى على شخص ضمن شخصا فِي دين فِي ذمَّته لشخص وَأنكر الضَّمَان حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فلَان وَفُلَان
وَادّعى الأول مِنْهُمَا على الثَّانِي أَنه ضمن لَهُ فلَان الْفُلَانِيّ بِمَا كَانَ لَهُ فِي ذمَّته من الدّين الشَّرْعِيّ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا ضمانا شَرْعِيًّا فِي الذِّمَّة بِإِذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِك وَأقر أَنه مَلِيء بِمَا ضمنه قَادر عَلَيْهِ عَارِف بِمَعْنى الضَّمَان ولزومه شرعا وبالمضمون لَهُ
وطالبه بالمبلغ الْمَضْمُون الْمَذْكُور
وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك
فَسئلَ
فَأجَاب بالإنكار
فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور بَيِّنَة شَرْعِيَّة بِالدّينِ وَالضَّمان وَالْإِذْن وَإِقْرَار الضَّامِن بالمعرفة بالمضمون لَهُ فِيهِ وَبِمَعْنى الضَّمَان
وَثَبت ذَلِك عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ
وَعند ذَلِك سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور إِلْزَام الْمُدعى عَلَيْهِ

(2/419)


الْمَذْكُور لَهُ بِالْقدرِ الْمَضْمُون فِيهِ
فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله
وألزم الضَّامِن الْمَذْكُور بذلك إلزاما شَرْعِيًّا
ويكمل على نَحْو مَا سبق فِي صور الْحِوَالَة
صُورَة دَعْوَى فِي قَضَاء الْحَاكِم بِعِلْمِهِ حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فلَان وَفُلَان
وَادّعى الأول مِنْهُمَا على الثَّانِي بِكَذَا وَكَذَا
وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك
فَسئلَ
فَأجَاب بالإنكار ثمَّ زعم الْمُدَّعِي أَن الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ يشْهد لَهُ بذلك
وَكَانَ الْحَاكِم ذَاكِرًا لهَذِهِ الْوَاقِعَة ولصحة مَا ادَّعَاهُ
فَسَأَلَ الْحَاكِم أَن يحكم لَهُ على الْمُدعى عَلَيْهِ بِعِلْمِهِ فِي ذَلِك
فَقَالَ الْحَاكِم للْمُدَّعى عَلَيْهِ لي علم وَمَعْرِفَة بِمَا يَدعِيهِ عَلَيْك من الدّين وَهُوَ كَذَا أقضيته أَو أبرأك أَو سقط ذَلِك عَن ذِمَّتك بطرِيق شَرْعِي فَإِن أَقمت على ذَلِك بَيِّنَة وَإِلَّا قضيت عَلَيْك بعلمي
فَمَا أَقَامَ على ذَلِك بَيِّنَة وَلَا اعْترف الْمُدَّعِي بِقَبض ذَلِك وَلَا بسقوطه عَن ذمَّة الْمُدعى عَلَيْهِ بِوَجْه شَرْعِي إِلَى حِين الدَّعْوَى
فَحِينَئِذٍ سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن يحكم لَهُ على الْمُدعى عَلَيْهِ بِعِلْمِهِ فِي ذَلِك
فَأجَاب سُؤَاله وَرَأى فِي مذْهبه وَمَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده جَوَاز الحكم وتنفيذ الْقَضَاء بِعِلْمِهِ
وَكَانَ فَقِيها عَالما بأدلة الشَّرْع وَعلل الْمسَائِل
فَحكم على الْمُدعى عَلَيْهِ للْمُدَّعِي الْمَذْكُور بِعِلْمِهِ
وَقضى عَلَيْهِ بالمبلغ الْمُدَّعِي بِهِ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَكَونه ثَابتا فِي ذمَّته
وألزمه الْخُرُوج من عهدته وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بذلك من حضر مجْلِس حكمه وقضائه وَهُوَ نَافِذ الْقَضَاء وَالْحكم ماضيهما
وَيكْتب التَّارِيخ والحسبلة بِخَطِّهِ
انْتهى وَالله أعلم

(2/420)