حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء

فصل لَا يجوز الْمسْح على الجرموق وَهُوَ خف يلبس فَوق خف
وهما صَحِيحَانِ فِي أحد الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ أشهر الرِّوَايَتَيْنِ عَن مَالك وَالثَّانِي يجوز الْمسْح عَلَيْهِ وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَأحمد

(1/135)


وَهُوَ اخْتِيَار الْمُزنِيّ رَحمَه الله فَإِن قُلْنَا بِالْأولِ فَأدْخل يَده فِي سَاق الجرموق وَمسح على الْخُف تَحْتَهُ أَجزَأَهُ على ظَاهر الْمَذْهَب
وَفِيه وَجه آخر أَنه لَا يُجزئهُ وَهُوَ قَول الشَّيْخ أبي حَامِد وَالْأول اخْتِيَار القَاضِي أبي الطّيب رَحمَه الله وَإِن قُلْنَا بالْقَوْل الثَّانِي فَلم يمسح على الجرموق وادخل يَده فِي سَاقه وَمسح على الْخُف أَجزَأَهُ فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ
وَإِن لبس الجرموقين وَمسح عَلَيْهِمَا وَقُلْنَا بِجَوَاز ذَلِك ثمَّ نزعهما فَفِيهِ ثَلَاثَة طرق أَحدهمَا أَن الجرموق كالخف الْمُنْفَرد فَإِذا نَزعه اقْتصر على مسح الْخُف فِي أحد الْقَوْلَيْنِ واستأنف الْوضُوء وَمسح على الْخُف فِي القَوْل الآخر
وَالطَّرِيق الثَّانِي أَن الجرموق مَعَ الْخُف كالخف فَوق اللفافة فَيلْزمهُ نزع الْخُف إِذا نَزعه ويقتصر على غسل الرجل فِي أحد الْقَوْلَيْنِ ويستأنف الْوضُوء فِي القَوْل الآخر
وَالطَّرِيق الثَّالِث أَن نزع الجرموق لَا يُؤثر كالظهارة مَعَ البطانة
فَإِن نزع أحد الجرموقين بَطل الْمسْح فِي الجرموق الاخر وَلَزِمَه نَزعه وَيكون كَمَا لَو نزعهما على مَا تقدم
وَقَالَ زفر لَا يبطل الْمسْح فِي الجرموق الآخر فيمسح على الْخُف الَّذِي نزع عَنهُ الجرموق وَحده فَإِن لبس خفا مَغْصُوبًا جَازَ لَهُ الْمسْح عَلَيْهِ
وَقَالَ ابْن الْقَاص لَا يجوز
وَإِن كَانَ فِي سفر مَعْصِيّة فَهَل يجوز لَهُ أَن يمسح يَوْمًا وَلَيْلَة فِيهِ وَجْهَان

(1/136)


فصل وَلَا يجوز الْمسْح على الْخُف حَتَّى يلْبسهُ على طَهَارَة كَامِلَة
فَإِن غسل إِحْدَى رجلَيْهِ وأدخلها الْخُف ثمَّ غسل الْأُخْرَى وأدخلها الْخُف لم يجز لَهُ أَن يمسح حَتَّى يخلع الَّذِي لبسه أَولا وَيُعِيد لبسه وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد
وَقَالَ أَبُو حنيفَة يجوز الْمسْح عَلَيْهِ وَبِه قَالَ دَاوُد وَاخْتَارَهُ الْمُزنِيّ غير أَن أَبَا حنيفَة لَا يعْتَبر الطَّهَارَة فِي ابْتِدَاء اللّبْس بِحَال حَتَّى لَو لبس الْخُف على حدث ثمَّ تَوَضَّأ وَغسل رجلَيْهِ فِي الْخُفَّيْنِ ثمَّ أحدث جَازَ لَهُ الْمسْح وَيعْتَبر أَن يرد الْحَدث بعد اللّبْس على طَهَارَة كَامِلَة
فَإِن لبس الْخُفَّيْنِ على طَهَارَة ثمَّ أحدث وَمسح عَلَيْهِمَا ثمَّ لبس الجرموقين ثمَّ أحدث وَقُلْنَا بِجَوَاز الْمسْح على الجرموقين لم يجز الْمسْح عَلَيْهِمَا فِي أحد الْوَجْهَيْنِ
وَفِي الثَّانِي يجوز
إِذا تَوَضَّأت الْمُسْتَحَاضَة ولبست الْخُفَّيْنِ وأحدثت حَدثا غير الِاسْتِحَاضَة جَازَ لَهَا أَن تمسح على الْخُف للفريضة وَمَا شَاءَت من النَّوَافِل

(1/137)


وَقَالَ زفر لَهَا أَن تصلي بِهِ مَا يُصَلِّي الطَّاهِر
وَحكي الْقفال فِي جَوَاز صلَاتهَا بِالْمَسْحِ على الْخُف قَوْلَيْنِ وبناهما على أَن طَهَارَتهَا هَل ترفع الْحَدث أم لَا وَهَذَا فَاسد فِي الأَصْل وَالْبناء
فَإِن تيَمّم وَلبس الْخُف ثمَّ وجد المَاء
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس يجوز لَهُ الْمسْح لفريضة وَمَا شَاءَ من النَّوَافِل
وَقَالَ سَائِر أَصْحَابنَا لَا يجوز لَهُ الْمسْح