حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء

فصل السّنة أَن يمسح أَعلَى الْخُف وأسفله
فَيَضَع كَفه الْيُسْرَى تَحت عقب الْخُف واليمنى على أَطْرَاف الْأَصَابِع ثمَّ يمر الْيُمْنَى إِلَى سَاقه واليسرى إِلَى رُؤُوس الْأَصَابِع وَهُوَ قَول الزُّهْرِيّ وَمَالك

(1/138)


وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري وَأحمد وَدَاوُد لَا مدْخل لأسفل الْخُف فِي الْمسْح
وَأما عقب الْخُف فَمن أَصْحَابنَا من قَالَ يمسحه قولا وَاحِدًا وَمِنْهُم من قَالَ فِيهِ قَولَانِ أصَحهمَا أَنه يمسحه
قَالَ فَإِن اقْتصر على مسح أَعلَى الْخُف أَجزَأَهُ وَإِن اقْتصر على مسح أَسْفَله لم يُجزئهُ على الْمَنْصُوص
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق الْقيَاس أَن يُجزئهُ
وَحكي عَن أبي عَليّ بن أبي هُرَيْرَة أَنه كَانَ يخرج ذَلِك على قَوْلَيْنِ
أَحدهمَا لَا يُجزئهُ وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَأبي الْعَبَّاس بن سُرَيج
وَالثَّانِي يُجزئهُ وَهُوَ قَول أبي إِسْحَاق

(1/139)


فَأَما الِاقْتِصَار على الْعقب فَإِن قُلْنَا إِن مَسحه سنة جَازَ الِاقْتِصَار عَلَيْهِ
وَإِن قُلْنَا إِن مَسحه لَيْسَ بِسنة فَفِي الِاقْتِصَار عَلَيْهِ وَجْهَان
قَالَ الإِمَام أَبُو بكر وَعِنْدِي أَنه يجب أَن يكون الْأَمر بِالْعَكْسِ من ذَلِك فَإِن قُلْنَا إِنَّه لَيْسَ بِسنة لم يجز الِاقْتِصَار عَلَيْهِ وَجها وَاحِدًا وَإِن قُلْنَا إِنَّه سنة فَفِي الِاقْتِصَار عَلَيْهِ وَجْهَان وَيجزئهُ من مسح الْأَعْلَى مَا يَقع عَلَيْهِ الِاسْم وَبِه قَالَ الثَّوْريّ وَأَبُو ثَوْر
وَقَالَ أَبُو حنيفَة يجب مسح قدر ثَلَاثَة أَصَابِع بِثَلَاث أَصَابِع
وَقَالَ زفر إِن مسح قدر ثَلَاث بأصابع بأصع وَاحِدَة أَجزَأَهُ
وَقَالَ أَحْمد يجب مسح أَكثر الْخُف
وَقَالَ مَالك يلْزمه مسح جَمِيع مَحل الْفَرْض

(1/140)


فصل إِذا نزع الْخُفَّيْنِ بَطل الْمسْح وَاقْتصر على غسل الرجلَيْن
فِي أصح الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَاخْتَارَهُ المزنى
وَالْقَوْل الثَّانِي أَنه يسْتَأْنف الْوضُوء وَبِه قَالَ أَحْمد وَالْقَوْلَان أصلان بأنفسهما على الصَّحِيح من الْمَذْهَب
وَمن أَصْحَابنَا من بناهما على الْقَوْلَيْنِ فِي تَفْرِيق الْوضُوء
وَقَالَ مَالك إِن كَانَ قد تطاول الْفَصْل لزمَه اسْتِئْنَاف الطَّهَارَة وَإِن لم يَتَطَاوَل غسل الرجلَيْن
وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ وَدَاوُد يُصَلِّي بِطَهَارَة الْمسْح إِلَى أَن يحدث وَاخْتلفَا
فَقَالَ الْحسن لَا يجب عَلَيْهِ نزع الْخُفَّيْنِ
وَقَالَ دَاوُد يجب عَلَيْهِمَا نزعهما ثمَّ يصلى الى ان يحدث وَلَا يُصَلِّي قبل نزع الْخُفَّيْنِ
فَإِن خلع أحد الْخُفَّيْنِ فَإِنَّهُ يبطل حكم الْمسْح فِي الآخر فينزع الْخُف الآخر وَيغسل الرجلَيْن

(1/141)


وَحكي عَن أصبغ من اصحاب مَالك أَنه قَالَ لَا يلْزمه ذَلِك بل يمسح على الْخُف الآخر وَيغسل الرجل
فَإِن مسح على الْخُف ثمَّ أَزَال رجله عَن مَوضِع الْقدَم وَلم تبرز عَن الْكَعْبَيْنِ لم يبطل الْمسْح على قَوْله الْقَدِيم
وَقَالَ فِي الْجَدِيد يبطل الْمسْح وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد وَهُوَ الْأَصَح

(1/142)


- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب الْأَحْدَاث
والأحداث الْمُوجبَة للطَّهَارَة أَرْبَعَة
أَحدهَا الْخَارِج من السَّبِيلَيْنِ نَادرا كَانَ أَو مُعْتَادا وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَأحمد
وَقَالَ مَالك لَا وضوء فِيمَا يخرج نَادرا كالحصا والدود

(1/143)


والمذي الدَّائِم وَدم الِاسْتِحَاضَة
وَقَالَ دَاوُد لَا يجب الْوضُوء بالدود وَالدَّم
وَالرِّيح الْخَارِجَة من الذّكر أَو الْقبل توجب الطَّهَارَة
وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا توجب
فَإِن أطلعت دودة رَأسهَا من أحد السَّبِيلَيْنِ وَلم تنفصل حَتَّى رجعت انْتقض طهره فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ فَإِن انسد الْمخْرج الْمُعْتَاد وَانْفَتح دون الْمعدة مخرج يخرج مِنْهُ الْبَوْل وَالْغَائِط انْتقض الْوضُوء بالخارج مِنْهُ وَإِن انْفَتح فَوق الْمعدة لم ينْتَقض وضوءه فِي أحد الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ اخْتِيَار الْمُزنِيّ وَإِن لم ينسد الْمخْرج الْمُعْتَاد وَانْفَتح دون الْمعدة مخرج لم ينْتَقض الْوضُوء بالخارج مِنْهُ فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ وَإِن انْفَتح فَوق الْمعدة لم ينْتَقض الْوضُوء بالخارج مِنْهُ وَجها وَاحِدًا
وَمن أَصْحَابنَا من بنى ذَلِك عَلَيْهِ إِذا انسد الْمخْرج الْمُعْتَاد وَانْفَتح فَوق الْمعدة وَقُلْنَا بِأحد الْقَوْلَيْنِ أَن الْوضُوء ينْتَقض فها هُنَا وَجْهَان

(1/144)


فصل وَالثَّانِي زَوَال الْعقل بجنون أَو إِغْمَاء أَو نوم
وَالنَّوْم حدث فِي الْجُمْلَة
وَحكي عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يَقُول النّوم لَيْسَ بِحَدَث بِحَال وَرُوِيَ مثله عَن عَمْرو بن دِينَار وَأبي مجلز وَهُوَ قَول الإمامية
فَإِن نَام جَالِسا مُتَمَكنًا بِمحل الْحَدث من الأَرْض لم ينْتَقض طهره على الْمَنْصُوص فِي عَامَّة كتبه وَفِيه قَول آخر أَنه ينْتَقض طهره وَهُوَ اخْتِيَار الْمُزنِيّ رَحمَه الله وَهُوَ قَول أبي إِسْحَاق فَيكون النّوم حَدثا بِكُل حَال

(1/145)


فَإِن نَام قَائِما أَو رَاكِعا أَو سَاجِدا فِي الصَّلَاة انْتقض طهره فِي أصح الْقَوْلَيْنِ
وَقَالَ فِي الْقَدِيم لَا ينْتَقض
وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا نَام على هَيْئَة من هيئات الصَّلَاة فِي حَال الِاخْتِيَار من قيام أَو قعُود أَو رُكُوع أَو سُجُود
وَإِن كَانَ خَارج الصَّلَاة لم ينْتَقض طهره وَبِه قَالَ دَاوُد
وَقَالَ مَالك النّوم ينْقض الْوضُوء إِلَّا أَن يكون يَسِيرا فِي حَال الْجُلُوس

(1/146)


وَحكي عَن أَحْمد أَنه قَالَ النّوم الْيَسِير فِي حَال الْقيام وَالْقعُود وَالرُّكُوع وَالسُّجُود لَا ينْقض