خبايا الزوايا

فَوَائِد

قَالَ الرَّافِعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فِي بَاب التَّيَمُّم معنى قَول المذهبين فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَولَانِ بِالنَّقْلِ والتخريج فَنَقُول إِذا ورد نصان عَن صَاحب الْمَذْهَب مُخْتَلِفَانِ فِي صُورَتَيْنِ متشابهتين وَلم يظْهر بَينهمَا مَا يصلح فارقا فالأصحاب يخرجُون نَصه فِي كل وَاحِدَة من الصُّورَتَيْنِ فِي الصُّورَة الْأُخْرَى لاشْتِرَاكهمَا فِي الْمَعْنى فَيحصل فِي كل وَاحِدَة من الصُّورَتَيْنِ قَولَانِ مَنْصُوص ومخرج الْمَنْصُوص فِي هَذِه هُوَ الْمخْرج فِي تِلْكَ وَالْمَنْصُوص فِي تِلْكَ هُوَ الْمخْرج فِي هَذِه فَيَقُولُونَ فيهمَا قَولَانِ بِالنَّقْلِ والتخريج

(1/504)


أَي نقل الْمَنْصُوص فِي هَذِه الصُّورَة إِلَى تِلْكَ الصُّورَة وَخرج فِيهَا وَكَذَلِكَ بِالْعَكْسِ وَيجوز أَن يُرَاد بِالنَّقْلِ الرِّوَايَة وَيكون الْمَعْنى فِي كل وَاحِدَة من الصُّورَتَيْنِ قَول مَنْقُول أَي مروى عَنهُ وَآخر مخرج
ثمَّ الْغَالِب فِي مثل ذَلِك عدم إطباق الْأَصْحَاب على هَذَا التَّصَرُّف بل ينقسمون إِلَى فريقين مِنْهُم من يَقُول بِهِ وَمِنْهُم من يَأْبَى ويستخرج فارقا بَين الصُّورَتَيْنِ يسْتَند إِلَيْهِ افْتِرَاق النصين
وَذكر فِيمَا لَو كَانَ فِي رَحْله مَاء أَن الْقَوْلَيْنِ للشَّافِعِيّ قد يخرجَانِ على قَوْلَيْنِ لَهُ أَيْضا وَقَالَ فِيهِ أعلم أَن الْأَئِمَّة إِذا رتبوا صُورَة على صُورَة فِي الْخلاف ثمَّ قَالُوا وَأولى بِكَذَا لَا يعنون بِهِ سوى رُجْحَان مَا وصفوه بالأولوية بِالْإِضَافَة إِلَيْهِ فِي الصُّورَة الْمُرَتّب عَلَيْهَا وَلَا يلْزم من كَون النَّفْي أَو الْإِثْبَات فِي صُورَة أرجح مِنْهُ فِي صُورَة أُخْرَى كَونه أرجح على على مُقَابِله نعم إِذا قيل أولى الْوَجْهَيْنِ كَذَا فقضيته رُجْحَان ذَلِك الْوَجْه كَمَا إِذا قيل الْأَظْهر أَو الأولى كَذَا

(1/505)


وَقَالَ فِي بَاب اسْتِقْبَال الْقبْلَة وَمَتى رتب المذهبيون صُورَة على صُورَة فِي الْخلاف وَجعلُوا الثَّانِيَة أولى بِالنَّفْيِ أَو الْإِثْبَات حصل فِي الصُّورَة الْمرتبَة طَرِيقَانِ أَحدهمَا طرد الْخلاف وَالثَّانِي الْقطع فِي الصُّورَة الْأَخِيرَة أولى بِهِ من النَّفْي وَالْإِثْبَات قَالَ وَقد يعبر عَن هَذَا الْغَرَض بِعِبَارَة أُخْرَى فَيُقَال فِي الصُّورَتَيْنِ ثَلَاثَة أوجه
وَقَالَ فِي أول الشُّفْعَة كل مَا يدل على مَسْأَلَة فِي بَاب يدل على ثُبُوت أصل ذَلِك الْبَاب
وَقَالَ فِي بَاب زَكَاة التِّجَارَة الْمذَاهب المخرجة يعبر عَنْهَا بالوجوه تَارَة وبالأقوال أُخْرَى
وَفِيه عَن الإِمَام أَن الْأَئِمَّة قد يذكرُونَ القَوْل الضَّعِيف مَعَ الصَّحِيح ثمَّ إِذا توسطوا التَّفْرِيع تركُوا الضَّعِيف جانبا يَعْنِي فَيحمل إِطْلَاقهم فِي التَّفْرِيع على أَنه مُفَرع على الصَّحِيح وَأَن التَّفْرِيع على الضَّعِيف بِخِلَافِهِ وَإِن لم يصرحوا بِهِ
وَالله تَعَالَى سُبْحَانَهُ أعلم بِالصَّوَابِ

(1/506)