عمدة السالِك وَعدة النَّاسِك

كتابُ الفرائضِ
يُبْدَأُ مِنْ تَرِكَةِ المَيِّتِ بِمُؤْنَةِ تَجْهيزِهِ ودَفْنِهِ قَبْلَ الدُّيونِ والوَصايا والإِرْثِ، إلا أنْ يَتَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكةِ حَقٌّ كالزَّكاةِ والرَّهْنِ والجاني، والمبِيعِ إذا ماتَ المُشتَري مُفلِساً، فإنَّ حُقوقَ هؤلاءِ تُقَدَّمُ على مُؤْنةِ التَّجْهيزِ والدَّفْنِ، ثُمَّ بعدَ ذلكَ تُقْضى دُيونُهُ، ثمَّ تُنَفَّذُ وصاياه، ثمَّ تُقَسَّمُ تَرِكَتُهُ بيْنَ وَرَثَتِهِ.
والوارثونَ مِنَ الرِجالِ عَشَرَةٌ: الابْنُ وابْنُهُ وإنْ سفلَ، والأبُ وأَبوهُ وإنْ علا، والأخُ شقيقاً كان أو لأبٍ أو لأُمٍّ، وابنُ الأخِِ الشَّقيقِ أوِ لأبٍ، والعمُّ الشَّقيقُ أو لأبٍ، وابْنهُما، والزَّوجُ والمُعْتِقُ.
والوارثاتُ مِنَ النِّساءِ سَبْعٌ: البنتُ وبِنْتُ الابنِ وإنْ سفلَ، والأُمُّ والجَدَّةُ أُمُّ الأُمِّ، وأُمُّ الأبِ وإنْ عَلتْ، والأُخْتُ شقيقةً كانتْ أَوْ لأبِ أو لأُمٍّ، والزَّوجةُ والمُعْتِقَةُ.
وأمَّا ذَوو الأرحامِ، وهُمْ: أولادُ البناتِ، وأولادُ الأخواتِ، وبَنوهنَّ وبناتُهُنَّ، وبناتُ الإِخوةِ، وبناتُ الأعمامِ، والعَمُّ لِلأُمِّ؛ أيْ: أَخو الأبِ لأمِّهِ، وأبو الأُمِّ، والخالُ والخالةُ، والعمَّةُ، ومنْ أدْلى بهمْ، فلا يَرِثونَ عِنْدنا بطريقِ الأصالةِ بل إذا فسَدَ بَيْتُ المالِ كما سيأتي.

(1/189)


[موانعُ الإرثِ]:
وموانعُ الإرثِ أربعةٌ:
الأولُ القتلُ:
فمَنْ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ لمْ يَرِثْهُ، سواءٌ قَتَلَهُ بحَقٍّ كالقِصاصِ، أوْ في الحَدِّ، أو بغَيْرِهِ، خَطأً كانَ أو عمداً، مُباشرةً كانَ أو سبباً، مِثلُ أنْ يشهدَ عليهِ بما يوجبُ القِصاصَ، أو حَفرَ بِئراً فوقَع فيها، والحاصِلُ أنَّهُ لا يَرِثُهُ مَتى كانَ لهُ مدْخَلٌ في قَتْلِهِ بأيِّ طريقٍ كانَ.
الثاني الكُفْرُ:
فلا يرثُ مُسلمٌ منْ كافرٍ، ولا كافرٌ منْ مسلمٍ، ولا يرثُ الكافرُ الحرْبِيُّ إلا منَ الحرْبيِّ، وأمَّا الذمِّيُّ والمُعاهِدُ والمُستَأمَنُ فيَتوارَثونَ بعضهُمْ منْ بعضٍ، وإنِ اخْتلفتْ مِلَلُهُمْ ودارُهُمْ. وأما المُرتدُّ فلا يرِثُ.
الثالثُ الرِّقُّ:
فالرَّقيقُ لا يرثُ، ولا يورَثُ، ومنْ بعْضُهُ حُرٌّ لا يرِثُ، لكنْ يورثُ بما جمعهُ ببعْضِهِ الحُرِّ.
الرابعُ استبهامُ وقتِ الموتِ:
فإذا ماتَ مُتوارثانِ بغرَقٍ أو تحت هدْمٍ ولمْ يُعلمْ السابقُ منْهما، لمْ يرِثْ أحدُهُما منَ الآخرِ.
فصْلٌ في ميراثِ أهلِ الفُرُوضِ، أعني الفروض السِّتَّةَ المذكورةَ في القرآنِ، وهي: النصفُ والرُّبُعُ والثُّمُنُ والثُّلُثانِ والثُّلُثُ والسُّدُسُ.
وهيَ لعَشَرةٍ: الزوجانِ والأبوانِ والبناتُ وبناتُ الابنِ والأخواتُ والجدُّ والجدَّاتُ والإخوةُ والأخواتُ منَ الأمِّ.
1 - الزوج: فلهُ النِّصفُ مع عدمِ ولدٍ، أو ولدِ ابنٍ وارثٍ، ولهُ الربُعُ مع الولدِ، أو ولدِ الابنِ.

(1/190)


2 - الزوجةُ: فلها الربُعُ مع عدمِ الولدِ، أوْ ولدِ ابنٍ وارثٍ، ولها الثُّمُنُ مع الولدِ، أو ولدِ الابنِ. وللزوجتينِ والثلاثِ والأربعِ ما للواحدةِ منَ الربعِ والثمنِ.
3 - الأبُ: فلهُ السُدُسُ مع الابنِ وابنِ الابنِ، فإنْ لمْ يكنْ معهُ ابنٌ ولا ابنُ ابنٍ فهوَ عَصَبَةٌ كما سيأتي.
4 - الأمُّ: فلها الثُلُثُ إذا لمْ يكنْ معها ولدٌ، ولا ولدُ ابنٍ ذكراً كانَ أو أنثى، ولا اثنانِ منَ الإخوةِ والأخواتِ، سواءٌ كانوا أشِقَّاء، أو لأبٍ أو لأمٍّ، ولمْ تكنْ في مسألةِ زوجٍ وأبوينِ، ولا زوجةٍ وأبوينِ.
فإنْ كانَ معها ولدٌ، أو ولدُ ابنٍ، أو اثنانِ من الإخوةِ والأخواتِ فلها السدُسُ.
وإنْ كانتْ في مسألةِ زوجٍ وأبوين، أو زوجةٍ وأبوين، فلها ثُلُثُ ما بقيَ بعدَ فرضِ الزوجِ أو الزوجةِ، والباقي للأبِ، فيأخذُ الزوجُ في الأولى النِّصفَ، ولها السدُسُ لأنهُ ثلُثُ ما بقيَ، والباقي للأبِ، وفي الثانيةِ تأخذُ الزوجةُ الرُبعَ، والأمُّ الربُعَ، لأنهُ ثلُثُ ما بقي، والباقي للأبِ.
5 - البنتُ المفردةُ: فلها النِّصفُ، وللبنتينِ فصاعداً الثُلثانِ.
6 - بنتُ الابنِ فصاعداً لها مع بنتِ الصُّلْبِ المُفردَةِ السُّدُسَ تكملةُ الثلثينِ.
7 - الأختُ المُفردةُ الشقيقةُ فلها النصفُ، ولاثنتينِ فصاعداً الثلثانِ، وإن كانت منَ الأبِ فلها النصفُ، ولاثنتينِ فصاعداً الثلثانِ، وللأختِ من الأبِ فصاعداً مع الشقيقةِ المفردةِ السدُسُ

(1/191)


تكملةُ الثلثينِ.
والأخواتُ الأشِقّاءُ مع البناتِ عَصَبَةٌ، فإنْ فُقِدْنَ فالأخواتُ منَ الأبِ.
مثالُهُ:
أبنتٌ وأختٌ: للبنتِ النصفُ، والباقي للأخت.
ب بنتانِ، وأختٌ شقيقةٌ، وأختٌ لأبٍ: للبنتينِ الثلثانِ، والباقي للشقيقةِ، ولا شيءَ للأخرى.
8 - وأما الجدُّ: فتارةً يكونُ معهُ إخوةٌ وأخواتٌ وتارة لا.
- فإنْ لمْ يكونوا معهُ فلهُ السدُسَ مع الابنِ وابنِ الابنِ، ومع عدمِهِما هوَ عَصَبَةٌ كما سيأتي.
- وإنْ كانَ معهُ إخوةٌ وأخواتٌ أشقاءُ، أو لأبٍ، فتارةً يكونُ معهمْ ذو فرضٍ، وتارةً لا. - فإنْ لمْ يكنْ معهمْ ذو فرضٍ قاسمَ الجدُّ الإخوةَ وعَصَّبَ إناثهُمْ، ما لمْ ينقُصْ ما يخصُّهُ بالمقاسمةِ عنْ ثلُثِ جميعِ المالِ، فإنْ نقصَ فإنَّهُ يُفرضُ لهُ الثُلثُ، ويُجعلُ الباقي للإخوةِ والأخواتِ، للذكرِ مثلُ حظِّ الأنثيينِ، مثالُهُ:
أجدُّ، وأختٌ.
ب جدٌّ وأختانِ.
ج- جدٌّ، وثلاثُ أخواتٍ.
د- جدٌّ، وأربعُ أخواتٍ.
هـ- جدٌّ، وأخٌ.
وجدٌّ، وأخوانِ.
ز- جدٌّ، وأخٌ، وأختٌ.
ح جدٌّ، وأخٌ، وأختانِ.
فيقاسمُ الجدُّ في هذهِ الصور للذكرِ مثلُ حظِّ الأنثيينِ.
- وإنْ كانَ معهُ ذو فرضٍ فُرِضَ لذي الفَرْضِ فرضُهُ ثمَّ يُعطى الجدُّ منَ الباقي الأوفرَ لهُ منْ ثلاثةِ أشياء: إما المقاسمةِ، أو ثلثِ ما يبقى، أو سدُسِ جميعِ المالِ، مثالُهُ:
أزوجٌ، وجدٌّ، وأخٌ: المقاسمةُ خيرٌ لهُ.
ب بنتانِ، وأخوانِ، وجدٌّ: سدُسُ جميعِ المالِ خيرٌ لهُ.
ج- زوجةٌ، وثلاثةُ إخوةٍ، وجدٌّ: ثلُثُ الباقي

(1/192)


خيرٌ لهُ.
د بنتانِ، وأمٌّ، وجدٌّ، وإخوةٌ: للبنتينِ الثلثانِ، وللأمِّ السدُسُ، وللجدِّ السدُسُ، وتسقُطُ الإخوةُ.
- وإنْ اجتمعَ مع الجدِّ الإخوةُ الأشقاءُ، والإخوةُ للأبِ: فإنَّ الأشقاءَ عند المقاسمةِ يَعُدُّونَ على الجدِّ الإخوةَ منَ الأبِ، ثمَّ يأخذونَ نصيبهُمْ، مثالُهُ:
جدٌّ، وأخٌ شقيقٌ، وأخٌ لأبٍ: للجدِّ الثلُثِ، والثلثانِ للأخِ الشقيقِ: الثلُثُ الذي خصَّهُ بالقسْمةِ، والثلُثِ الذي هوَ نصيبُ الأخِ منَ الأبِ، لأن الشقيقَ يحجِبُهُ فيعودُ نفعُهُ إليهِ، فإنْ كانَ الشقيقُ أختاً فردَةً كمَّلَ لها الأخُ منَ الأبِ النصفَ والباقي لهُ. ولا يُفرضُ للأختِ معَ الجدِّ إلا في الأكدَريةِ وهيَ: زوجٌ، وأمٌّ، وجدٌّ، وأختٌ شقيقةٌ: فللزوجِ النصفُ، وللأمِّ الثلثُ، وللجدِّ السدُسُ، استُغْرِقَ المالُ، وليسَ هنا منْ يحجبُ الأختَ عنْ فرضِها فتعولُ المسألةُ بنصيبِ الأختِ، فتقسَمُ منْ تسعةٍ: للزوجةِ ثلاثةٌ منَ التسعةِ، وللأمِّ اثنانِ، يبقى أربعةٌ وهيَ نصيبُ الأختِ والجدِّ، فتُجمعُ وتقسمُ بينها وبينهُ للذكرِ مثلُ حظِّ الأنثيينِ.
9 - الجداتُ: أما الجدَّةُ، فإنْ كانت أمَّ الأمِّ، أوْ أمَّ أمَّ الأمِّ وهكذا. أو أمَّ الأبِ، أو أمَّ أمِّ الأبِ وهكذا، فلها السدُسُ، وإن اجتمعَ جدتانِ في درجةٍ فلهما السدُسُ، مثلُ أمِّ أبٍ، وأمِّ أمٍّ، أو أمِّ أمِّ أبٍ، وأمِّ أبي أبٍ، وإن كانت إحداهما أقربَ فإن كانتِ القُربى منْ جهةِ الأمِّ أسقطتِ البعدى، مثلُ أمِّ أمٍّ وأمِّ أمِّ أبٍ، وإنْ كانَت منْ جهةِ الأبِ لمْ تسقطِ البُعدى، بلْ يشتركانِ في السُدُسِ، مثلَ أمِّ

(1/193)


أبٍ، وأمِّ أمِّ أمٍّ، وأما الجدةُ التي هي أمُّ أبي الأمِّ فلا ترثُ بلْ هي منْ ذوي الأرحامِ كما سبقَ.
10 - وأما الإخوةُ والأخواتُ منَ الأمِّ: فللواحدِ منهم السدُسُ، وللاثنينِ فصاعداً الثلثُ، ذكورُهُمْ وإناثُهُمْ فيهِ سواءٌ.
[خلاصةُ البحثِ]:
تلخصَ من ذلكَ أنَّ:
النصفَ فرضُ خمسةٍ: الزوجُ في حالةٍ، والبنتُ، وبنتُ الابنِ، والأختُ الشقيقةُ، أو لأبٍ.
والرُبُعُ فرضُ اثنينِ: الزوجُ في حالةٍ، والزوجةُ في حالةٍ.
والثُمُنُ فرضٌ للزوجةِ في حالةٍ.
والثلثانِ فرضُ أربعةٍ: البناتُ فصاعداً، أو بناتُ الابنِ فصاعداً، والأختانِ فصاعداً، الشقيقتانِ، أو للأبِ.
والثلُثُ فرضُ اثنينٍ: الأمُّ في حالةٍ، واثنانِ فأكثرُ منْ ولدِ الأمِّ.
وقدْ يُفرضٌ للجدِّ مع الإخوةِ.
والسدُسُ فرضُ سبعةٍ: الأبُ في حالةٍ، والجدُّ في حالةٍ، والأمُّ في حالةٍ، والجدَّةُ في حالةٍ، ولبنتِ الابنِ فصاعداً معَ بنتِ الصُّلْبِ، ولأختٍ أو أخواتٍ لأبٍ مع شقيقةٍ فردَةٍ، ولواحدٍ منَ الإخوةِ للأمِّ. فصلٌ في الحَجبِ:
لا يرثُ الأخُ منَ الأمِّ مع أربعةٍ: الولدِ، وولدِ الابنِ، ذكراً كانَ أو أنثى، والأبُ، والجدُّ.
ولا يرثُ الأخُ الشقيقُ مع ثلاثةٍ: الابنِ، وابنِ الابنِ، والأبِ.
ولا يرثُ الأخُ منَ الأبِ مع أربعةٍ: هؤلاءِ الثلاثةِ والأخِ

(1/194)


الشقيقِ.
ولا يرثُ ابنُ الابنِ فسافلاً مع الابنِ، ولا معَ ابنِ ابنٍِ أقربَ منهُ.
ولا الجداتُ كلُّهنَّ منْ أيِّ جهةٍ كُنَّ مع الأمِّ، ولا الجدُّ والجدَّةُ التي منْ جهةِ الأبِ مع الأبِ.
وإذا استكملَ البناتُ الثلثينِ لمْ ترثْ بناتُ الابنِ إلا أنْ يكونَ في درجتهنَّ، أو أسفلَ منهنَّ ذكرٌ يعصبُهُنَّ، للذكرِ مثلُ حظِّ الأنثيينِ.
مثالُهُ:
بنتانِ، وبنتُ ابنٍ: للبنتينِ الثلثان، ولا شيءَ لبنتِ الابنِ، فلو كانَ معها ابنُ ابنٍ، أو ابنُ ابنِ ابنٍ كانَ الباقي لها ولهُ، للذكرِ مثلُ حظِّ الأنثيينِ.
وإذا استكملت الأخواتُ الأشقاءُ الثلثينِ لم ترثِ الأخواتُ منَ الأب، إلا أنْ يكونَ معهُنَّ أخٌ لهنَّ فيعصبُهُنَّ، للذكرِ مثلُ حظِّ الأنثيينِ.
ومنْ لا يرثُ أصلاً لا يحجُبُ أحداً، ومنْ يرثُ لكنَّهُ محجوبٌ لا يحجُبُ أيضاً حجْبَ حرمانٍ، لكنَّهُ قدْ يحجُبُ حجبَ تنقيصٍ، مثلُ الإخوةِ منَ الأمِّ مع الأبِ والأمِّ لا يرثونَ، ويحجبونَ الأمَّ من الثلثِ إلى السدُسِ.
ومتى زادت الفُروضُ على السِّهامِ أُعيلتْ بالجُزءِ الزائدِ مثلَ مسألِةِ المباهلةِ، وهيَ: زوجٌ، وأمٌّ، وأختٌ شقيقةٌ: فللزوجِ النصفُ، وللأختِ النصفُ، استُغرقَ المالُ، والأمُّ لا تحجبُ، فيُفرضُ لها الثلُثُ، فتعالُ بفرضِ الأمِّ، فتنقسمُ منْ ثمانيةٍ: للزوجِ ثلاثةٌ، وللأختِ ثلاثةٌ، وللأمِّ اثنانِ.

(1/195)


فصلٌ في العصباتِ:
والعصبةُ منْ يأخذُ جميعَ المالِ إذا انفردَ، أو ما يفضُلُ عنْ صاحبِ الفرْضِ إذا اجتمعَ معهُ، فإنْ لمْ يفضُلْ عنْ صاحبِ الفَرْضِ شيءٌ سقطتِ العَصَباتُ. وأقربُ العصباتِ: الابنُ، ثمَّ ابنُ الابنِ وإنْ سفلَ، ثمَّ الأبُ، ثمَّ الجدُّ وإن علا. والأخُ للأبوينِ، ثمَّ للأبِ، ثمَّ ابنُ الأخِ للأبوينِ، ثمَّ ابنُ الأخِ للأبِ، ثمَّ العمُّ، ثمَّ ابنهُ وإنْ سفلَ، ثمَّ عمُّ الأبِ، ثمَّ ابنُهُ، وهكذا.
فإنْ لمْ يكنْ لهُ عصَباتُ نسبٍ فعصباتُ الوَلاءِ، فمنْ عتقَ عليهِ عبدٌ، إما بإعتاقٍ، أو تدبيرٍ، أو كتابةٍ، أو استيلادٍ، أو غيرِ ذلكَ فولاؤهُ لهُ، فإذا ماتَ هذا العتيقُ وليسَ لهُ وارثٌ ذو فرضٍ ولا عصَبَةٌ، ورثهُ المعتِقُ بالولاءِ، فإنْ كانَ المعتِقُ ميتاً انتقلَ الولاءُ إلى عصَباتهِ دونَ سائرِ الورثةِ، يُقدّمُ الأقربُ فالأقربُ على الترتيبِ المُتقدِّمِ، إلا أنَّ الأخَ يشاركُ الجدَّ، وهنا الأخُ مقدَّمٌ على الجدِّ، فإنْ لمْ يكنْ للمعتقِ عصَبَةُ نسبٍ انتقلَ إلى معتقِ المعتقِ، ثمَّ إلى عصبتهِ. وللمعتقِ أيضاً الولاءُ على أولادِ العتيقِ، فيقدَّمُ معتقُ الأبِ على معتقِ الأمِّ.
فلوْ تزوجَ عبدٌ بمعتَقَةٍ فأتتْ بولدٍ فولاؤهُ لمعتقِ الأمِّ، فلوْ عتقَ أبوهُ بعدَ ذلكَ انجرَّ الولاءُ منْ معتقٍ الأمِّ إلى معتِقِ الأبِ.
ولا ترثُ المرأةُ بالولاءِ إلا منْ عتيقها وأولادهِ وعُتقائهِ، فإذا لم يكنْ للميتِ أقارب، ولا ولاءَ عليهِ، انتقلَ مالُهُ إلى بيتِ المالِ إرثاً للمسلمينَ إنْ كانَ السلطانُ عادلاً، فإنْ

(1/196)


لمْ يكنْ عادلاً رُدَّ على ذوي الفروضِ منْ غيرِ الزوجينِ على قدْرِ فروضهم، إنْ كانَ ثَمَّ ذو فرضٍ.
[توريث ذوي الأرحامِ]:
وإلا فيصرفُ إلى ذوي الأرحامِ، فيقامُ كلُّ واحدٍ منهمْ مقامَ منْ يُدلي بهِ، فيُجعلُ ولدُ البناتِ والأخواتِ كأمهاتهمْ، وبناتُ الإخوةِ والأعمامِ كآبائهمْ، وأبو الأمِّ والخالُ والخالةُ كالأمِّ، والعمُّ للأمِّ والعمَّةُ كالأبِ.
ولا يرثُ أحدٌ بالتعصيبِ وثَمَّ أقربَ منهُ، ولا يُعصِّبُ أحدٌ أختهُ، إلا الابنُ، وابنُ الابنِ، والأخُ، فإنهمْ يعصِّبونَ أخواتهمْ للذكرِ مثلُ حظِّ الأنثيينِ، ويعصِّبُ ابنُ الابنِ منْ يحاذيهِ منْ بناتِ عمهِ، ويعصِّبُ منْ فوقهُ منْ عماتهِ وبناتِ عمِّ أبيهِ إذا لمْ يكنْ لهنَّ فرضٌ. ولا يشاركُ عاصبٌ ذا فرضٍ إلا المشرَّكةَ وهي: زوجٌ، وأمٌّ أو جدَّةٌ، واثنانِ فأكثرُ منَ الإخوةِ للأمِّ، وأخٌ شقيقٌ فأكثرُ: للزوجِ النصفُ، وللأمِّ أو الجدَّةِ السدُسُ، وللإخوةِ للأمِّ الثلُثُ يُشاركهم فيهِ الشقيقُ.
ومتى وُجدَ في شخصٍ جهتا فرضٍ وتعصيبٍ، ورِثَ بهما، كابنِ عمٍّ هو زوجٌ، أو ابنُ عمٍّ هوَ أخٌ لأمٍّ.

(1/197)