فتاوى ابن الصلاح

@
الْقسم الرَّابِع
فِي الْمسَائِل الْفِقْهِيَّة

(2/547)


@
مسَائِل ابْن الصّلاح
مسَائِل فِي الزَّكَاة

555 - مَسْأَلَة لَو دفع الزَّكَاة إِلَى صبي ليوصله إِلَى الْمُسْتَحق
قَالَ إِن عين الْمَدْفُوع إِلَيْهِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا
بَاب زَكَاة الْبَقر

556 - السَّائِل إِذا وَجب عَلَيْهِ مُسِنَّة فِي أَرْبَعِينَ من الْبَقر فَأعْطى تبيعين
قَالَ الْمسَائِل رَأَيْت لبَعض أَصْحَابنَا أَنه يجوز لِأَنَّهُ يجوز عَن سِتِّينَ فَعَن أَرْبَعِينَ أولى ذكره أَبُو إِسْحَق فِي الْمُهَذّب أَنه يجوز بِلَا خلاف لِأَنَّهُ لما جَازَ عَن سِتِّينَ بقر فَفِي أَرْبَعِينَ أولى
قَالَ شَيخنَا رَضِي الله عَنهُ وَعِنْدِي لَا يجوز لِأَنَّهُ ينقص عَن السن فَلَا ينجبر نُقْصَان السن بِزِيَادَة الْعدَد كَمَا لَو أخرج بِنْتي لبون عَن إِحْدَى وَسِتِّينَ بدل الْجَذعَة لَا يجوز وَإِن كَانَ يجوز إِخْرَاج بِنْتي لبون عَن سِتّ وَسبعين

(2/549)


@
بَاب تَعْجِيل الزَّكَاة

557 - مَسْأَلَة إِذا عجل الزَّكَاة ثمَّ خرج الْمِسْكِين عَن الِاسْتِحْقَاق قبل الْحول وَقُلْنَا يسْتَردّ وَكَانَت قد حصلت مِنْهُ الزَّوَائِد قَالَ أَصْحَابنَا تِلْكَ الزَّوَائِد تقع للمسكين كالموهوب يرجع فِيهِ الْأَب
قَالَ رَضِي الله عَنهُ وَعِنْدِي فِيهِ إِشْكَال يَنْبَغِي أَن يرجع بالزوائد الْمُنْفَصِلَة لِأَنَّهُ إِذا خرج عَن الِاسْتِحْقَاق تبين أَنه لم يملك كَمَا لَو أظهر أَنه لم يكن مُسْتَحقّا حَالَة الدّفع النِّيَّة فَقُلْنَا إِنَّه يرجع بالزوائد الْمُنْفَصِلَة بِخِلَاف الْمَوْهُوب فَإِنَّهُ لَا يعْدم الْملك من قبل كَمَا لَو دفع إِلَيْهِ على ظن أَن عَلَيْهِ دينا فَلم يكن وَلَو عجل عَن خمس وَعشْرين بنت مَخَاض ثمَّ تلف عَنْهَا وَاحِدَة قبل الْحول يسْتَردّ بنت الْمَخَاض وَعَلِيهِ أَربع شِيَاه فَلَو أَرَادَ أَن يحْسب بنت الْمَخَاض عَن الزَّكَاة على قَوْلنَا أَن الْوَاجِب فِي خمس من الْإِبِل خمس بعير حَتَّى يجوز أَن يخرج عَن عشْرين بَعِيرًا وَجب أَن يجوز وَلَا يُؤمر بِأَن يسْتَردّ ثمَّ يُعْطي بِخِلَاف مَا لَو عجل عَن خمس وَثَلَاثِينَ بنت مَخَاض ثمَّ نتجت وَاحِدَة قبل الْحول حَتَّى وَجَبت بنت لبون فقد صَارَت بنت الْمَخَاض فِي يَد الْمِسْكِين بنت لبون يسْتَردّ ثمَّ يُعْطي ثَانِيًا لِأَنَّهُ ظهر أَن الْوَاجِب عَلَيْهِ بنت لبون وَهُوَ حِين أعْطى كَانَت بنت مَخَاض وَأَعْطَاهُ المخلص عَن بنت اللَّبُون لَا يجوز وَهَا هُنَا حِين أعْطى ظهران الْوَاجِب عَلَيْهِ أَربع شِيَاه وَإِعْطَاء بنت الْمَخَاض عَنْهَا يجوز على هَذَا الْأَقْوَال
558 - مَسْأَلَة إِذا عجل الزَّكَاة ثمَّ خرج الْأَخْذ عَن الِاسْتِحْقَاق وَقُلْنَا يسْتَردّ فَإِن كَانَ قد تغيب فِي يَد الْمِسْكِين فَعَلَيهِ أرش النُّقْصَان مَعهَا فَلَو اسْتردَّ على ظن أَنَّهَا سليمَة كَانَت فَبَان الْعَيْب يرجع بِالْعَيْبِ وَكَذَلِكَ لَو بَاعَ شَيْئا وَوجد المُشْتَرِي بِهِ عَيْبا وَقد تعيب فِي يَده لَا يُمكنهُ الرَّد إِلَّا

(2/550)


@ بِرِضا البَائِع بل يَأْخُذ الْأَرْش وَلَو فسخ البيع بِالْعَيْبِ الْقَدِيم وَلم يعرف البَائِع بحدوث الْعَيْب ثمَّ ظهر عَلَيْهِ لم يكن لَهُ فسخ الرَّد لِأَن الْفَسْخ لَا يقبل الْفَسْخ بل يرجع بِالْأَرْشِ كَمَا لَو تقابيا ثمَّ ظهر البَائِع على عيب حدث فِي يَد المُشْتَرِي إِن قُلْنَا الْإِقَالَة فسخ لَا رد لَهُ وَإِن قُلْنَا بيع يردهُ بِالْعَيْبِ وَيحْتَمل أَن يُقَال فِي مَسْأَلَة الْفَسْخ بعد حُدُوث الْعَيْب أَن يفْسخ الرَّد وَهُوَ الْأَصَح إِذا لم يرض بِهِ البَائِع
559 - مَسْأَلَة قَالَ رَضِي الله عَنهُ وَلَو عجل عَن خمس وَثَلَاثِينَ بنت مَخَاض ثمَّ نتجت فِي الْحول وَاحِدَة وَكَانَت بنت الْمَخَاض قد بلغت فِي يَد الْمِسْكِين قَالَ يحْتَمل أَن يُقَال عَلَيْهِ إِخْرَاج بنت مَخَاض وَلَا يجب عَلَيْهِ بنت اللَّبُون لِأَن إِيجَاب بنت اللَّبُون إِنَّمَا يكون بتقدم بَقَاء مَا تلف فِي يَد الْمِسْكِين وَإِنَّمَا يَجْعَل التآلف فِي يَد الْمِسْكِين فِي حكم الْبَاقِي إِذا كُنَّا نحسبه من الزَّكَاة لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يكون الْوَاجِب عَلَيْهِ بنت اللَّبُون إِذا ثَبت أَنا لَا نحسبه عَن الزَّكَاة فَلَا نجْعَل التآلف كالباقي وَإِذا لم نجْعَل التآلف فَيصير كَأَنَّهُ تلفت وَاحِدَة من خمس وَثَلَاثِينَ قبل الْحول وَجعلت وَاحِدَة فَلَا يكون فِيهَا إِلَّا بنت مَخَاض وَلَا يُمكنهُ أَن يَجْعَل بنت الْمَخَاض المخرجة محسوبة لأَنا لَو جعلناها محسوبة جعلناها كالقائم وَلَو جعلناها كالقائم كَانَ الْوَاجِب عَلَيْهِ بنت اللَّبُون بِخِلَاف مَا لَو تلفت وَاحِدَة فِي يَد الْمَالِك لَا يجب بنت مَخَاض أُخْرَى لأَنا لَا نحتاج إِلَى أَن نَجْعَلهَا كالباقية والمعجل إِذا تلف يحْتَاج إِلَى أَن نجعله كالباقي فِي حق الحسبان عَن الزَّكَاة قَالَ وَهَذَا احْتِمَال وَالصَّحِيح أَن يُقَال الْمخْرج كالقائم وَعَلِيهِ بنت لبون كَمَا لَو زَاد وَاحِدَة لِأَن الْمخْرج يَجْعَل كالقائم فِي ملك الْمَالِك وَإِن كَانَت تالفة إِذا لم يكن تغير حَال الدَّافِع والمدفوع إِلَيْهِ
560 - مَسْأَلَة إِذا مَاتَ وَعَلِيهِ دين قَالَ لَا يجوز صرف الزَّكَاة إِلَى

(2/551)


@ دينه إِذا كَانَ قد مَاتَ مُعسرا كَمَا لَا يجوز فِي حَيَاته دون إِذْنه وَالله أعلم
561 - مَسْأَلَة سُئِلَ رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَ عَلَيْهِ دين يزِيد على يسَاره هَل يجوز أَن يتَصَدَّق تَطَوّعا فِيهِ
قَالَ يجوز وَالْأولَى أَن لَا يفعل وَيصرف المَال إِلَى دينه لِأَن أداءه وَاجِب عَلَيْهِ وَفِي الْمُهَذّب أَنه لَا يجوز
562 - مَسْأَلَة من عَلَيْهِ الزَّكَاة وَالْكَفَّارَة إِذا بعث الْكَفَّارَة أَو الزَّكَاة على يَد صبي إِلَى الْفَقِير
قَالَ رَضِي الله عَنهُ يجوز التَّمْلِيك من الْبَاعِث لَا من الْحَامِل وَحمل الْحَامِل أَمارَة وعلامة للتَّمْلِيك كَمَا لَو كتب إِلَيْهِ كتابا
بَاب الْخلطَة

563 - مَسْأَلَة قَالَ رَأَيْت إِذا كَانَ لَهُ ثَمَانُون شَاة فَبعد مُضِيّ سِتَّة أشهر بَاعَ مِنْهَا أَرْبَعِينَ وَلم يعين فَإِذا مَضَت سِتَّة أشهر من يَوْم البيع على البَائِع شَاة ثمَّ إِذا تمّ حول فَالْمُشْتَرِي عَلَيْهِ نصف شَاة ثمَّ بعده على البَائِع نصف شَاة إِذا تمّ نصف حول الآخر
قَالَ شَيخنَا رَضِي الله عَنهُ وَجب أَن لَا يحب على البَائِع فِي الْحول الأول أَيْضا إِلَّا نصف شَاة لِأَن جَمِيع مَاله كَانَ يخْتَلط بالأربعين فِي جَمِيع الْحول بِخِلَاف مَا لَو كَانَ شَرِيكه ذِمِّيا فَأسلم فِي خلال الْحول يبتدأ لَهُ الْحول من الْآن وعَلى شَرِيكه إِذا تمّ حوله شَاة لِأَنَّهُ كَانَ فِي حكم الِانْفِرَاد
بَاب النِّيَّة

564 - مَسْأَلَة إِذا امْتنع رجل عَن أَدَاء الزَّكَاة أَخذه السُّلْطَان قهرا

(2/552)


@
قَالَ شَيخنَا الإِمَام رَضِي الله عَنهُ لَا فرق بَين الْأَمْوَال الظَّاهِرَة والباطنة إِذا قَالَ رب المَال لَا اؤدي أما إِذا قَالَ أَنا أؤدي غير أَنه يوخر هَل للسُّلْطَان أَخذه قهرا قَالَ لَيْسَ لَهُ فِي المَال الْبَاطِن أما فِي الظَّاهِر إِن أَوجَبْنَا الدّفع إِلَيْهِ أَخذه قهرا وَإِلَّا فَلَا
565 - مَسْأَلَة إِذا أخرج زَكَاة مَاله الْغَائِب فَقَالَ هَذَا عَن زَكَاة مَالِي الْغَائِب إِن كَانَ قَائِما فَإِن كَانَ تَالِفا يَقع عَن التَّطَوُّع لَا الْوُجُوب وَقَوله إِن كَانَ قَائِما يرجع إِلَى وُقُوعه عَن الْغَرَض لَا إِلَى أَنه إِن لم يكن قَائِما يرجع فَإِن قيد فَقَالَ إِن لم يكن قَائِما أرجع حِينَئِذٍ لَهُ الرُّجُوع إِن كَانَ تَالِفا وَكَذَلِكَ فِي الْعتْق إِذا قَالَ أعتقت هَذَا عَن كفارتي إِن جَازَت فَإِن لم تجز لعيب بهَا يعْتق تَطَوّعا وَقَوله إِن جَازَت يرجع إِلَى وُقُوعه عَن الْكَفَّارَة إِلَى أصل الْعتْق وَإِن قَالَ فَإِن لم يجز فَلَيْسَ بَحر فَحِينَئِذٍ إِن لم يجز لم يعْتق وَلَو أَرَادَ بقوله إِن جَازَت شرطا الأَصْل نُفُوذ الْعتْق وَلأَجل أَن يكون صَدَقَة فَلهُ الرُّجُوع
بَاب زَكَاة الثِّمَار

566 - مَسْأَلَة حَائِط نصفه مَمْلُوك وَنصفه مَوْقُوف هَل يحب الْعشْر على صَاحب الْملك فِي ثمره
قَالَ إِن بلغ نِصَابا يجب وَإِن لم يبلغ إِن كَانَ الْمَوْقُوف عَلَيْهِ جمَاعَة مُعينين يجب إِذا كَانَ فِي مَجْمُوع الْحَائِط نِصَابا للخلطة وَإِن كَانَ وَقفا على غير مُتَعَيّن مثل الْفُقَرَاء وَالْمَسْجِد وَنَحْوه فَلَا يجب لِأَن الْخلطَة إِنَّمَا تثبت أَيْضا مَعَ مُتَعَيّن وَهنا غير مُتَعَيّن كَمَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا ملك أَرْبَعِينَ من الْغنم ثَلَاث

(2/553)


@ سِنِين لم يؤد زَكَاتهَا وَقُلْنَا الزَّكَاة تتَعَلَّق بِالْعينِ فَيجب للحول الأول شَاة لوُجُود الْأَرْبَعين وَلَا يجب بعده لِأَن النّصاب ينتقص بِاسْتِحْقَاق الْمَسَاكِين حَيْثُ إِن النّصاب انْتقصَ بِوَاحِدَة فَأصْبح الْعدَد أقل من النّصاب الَّذِي بِدفع عَنهُ الزَّكَاة فَلم توجب الْخلطَة بَينه وَبَين الْمَسَاكِين إِذا بَاعَ حَائِطا قد وَجب فِيهِ الْعشْر بِأَن قَالَ بِعْتُك إِلَّا الْعشْر جَازَ وَإِلَّا قدر الزَّكَاة
567 - مَسْأَلَة وَلَو ملك أَرْبَعِينَ من الْغنم كلهَا أمراض إِلَّا وَاحِدَة فَقَالَ بِعْتُك إِلَّا تِلْكَ الْوَاحِدَة بعد مَا وَجب الزَّكَاة لَا يَصح على قَوْلنَا إِن الزَّكَاة تتَعَلَّق بِالْعينِ لِأَن تِلْكَ الْوَاحِدَة غير متعينة لِلزَّكَاةِ حَتَّى يُقَال حق الْمَسَاكِين فِي كلهَا شَائِعا وَلكنه مَعْلُوم بالجزئية فَجَاز الِاسْتِثْنَاء وَالْبيع
568 - مَسْأَلَة الْحَائِط الْمَوْقُوف إِذا أثمرت نخيله هَل يجب فِيهِ الْعشْر قَالَ إِن كَانَ مَوْقُوفا على جمَاعَة متعينين يجب إِن بلغ نِصَابا وَإِن كَانَ مَوْقُوفا على مَسْجِد أَو رِبَاط أَو على جمَاعَة غير مُعينين لَا يجب لِأَن دفع الزَّكَاة عَن مَجْهُول لَا يَصح قَالَ فَإِن اشْترى رجل ثَمَرَته قبل بَدو الصّلاح فَبَدَأَ الصّلاح عِنْده يجب الْعشْر على المُشْتَرِي
بَاب زَكَاة الزَّرْع

569 - مَسْأَلَة إِذا غصب أَرضًا وَزرع فِيهَا للْمَالِك قلعهَا مجَّانا وَإِن كَانَ بعد اشتداد الْحبّ فَإِن لم يقْلع حَتَّى حصد يجب الْعشْر على الزَّارِع لِأَن الزَّرْع لَهُ وَإِن قلع بعد اشتداد الْحبّ قبل أَن يبلغ الْحَصاد فَلَا شَيْء على الْغَاصِب لِأَنَّهُ قد تلف قبل الْإِمْكَان وَفِيه مَا فِيهِ

(2/554)


@ = كتاب الصَّوْم وَالِاعْتِكَاف
570 - مَسْأَلَة لَو نذر اعْتِكَاف الْعشْر الْأَوَاخِر من شهر رَمَضَان يلْزمه أَن يدْخل الْمُعْتَكف لَيْلَة الْحَادِي وَالْعِشْرين فَإِن خرج الشَّهْر نَاقِصا لَا يلْزمه إِلَّا ذَلِك كَمَا لَو نذر صَوْم الْعشْر الأولى من ذِي الْحجَّة قَالَ لَا يلْزمه إِلَّا تِسْعَة أَيَّام وَلَو نذر صَوْم عشرَة أَيَّام من آخر شهر رَمَضَان فَدخل لَيْلَة الْحَادِي وَالْعِشْرين وَخرج نَاقِصا عَلَيْهِ أَن يتم عشرا من أول شَوَّال وَلَو نذر صَوْم عشرَة أَيَّام من أول ذِي الْحجَّة يَنْبَغِي أَن يُقَال يَصُوم يَوْمًا بعد مُضِيّ أَيَّام التَّشْرِيق لِأَنَّهُ من أول الشَّهْر
571 - مَسْأَلَة إِذا اشْتبهَ عَلَيْهِ شهر رَمَضَان وَصَامَ شهرا بِالِاجْتِهَادِ إِن وَافق بعد رَمَضَان صَحَّ صَوْمه وَإِن وَافق قبله فَقَوْلَانِ الْأَصَح أَن لَا يَصح قَالَ وَلَو وَافق رَمَضَان السّنة الثَّانِيَة صَحَّ صَوْمه عَن رَمَضَان السّنة الثَّانِيَة لِأَنَّهُ نوى فرض الْوَقْت كَمَا لَو نوى الصَّلَاة لفرض الْوَقْت وَأَخْطَأ فِي الْيَوْم لَا يضر وبمثله لَو كَانَ عَلَيْهِ قَضَاء رَمَضَان فاجتهد فِي الشُّهُور فَوَافَقَ قَضَاؤُهُ فِي السّنة الثَّانِيَة لَا يَصح لَا عَن الْقَضَاء وَلَا عَن ذَلِك الشَّهْر لِأَنَّهُ لم يصمه بنية فرض الْوَقْت بل صَامَ عَن الْقَضَاء وَلَا يَصح صَوْم شهر رَمَضَان وَفِيه مَا فِيهِ عَن الْقَضَاء وَالله أعلم
وعَلى هَذَا لَو نذر صَوْم يَوْم الِاثْنَيْنِ فَاشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْيَوْم فاجتهد فَوَافَقَ يَوْمًا بعده صَحَّ وَقَبله لَا على الْأَصَح وَلَو فَاتَهُ صَوْم من الأثانين فاجتهد لصومه فَوَقع من يَوْم اثْنَيْنِ بعده على هَذَا الْقيَاس لَا يَصح عَن وَاحِد

(2/555)


- مَسْأَلَة من مَاتَ وَفِي ذمَّته صَوْم يطعم عَنهُ وَارثه وَفِي قَول يصام عَنهُ فِي قَول وَمن مَاتَ وَفِي ذمَّته صَلَاة كَانَ يُفْتِي على مَذْهَب أبي حنيفَة أَن يطعم عَن كل صَلَاة مَدين من حِنْطَة فَيكون عَن صلوَات شهر مِائَتَان من حِنْطَة وَكَانَ يخْتَار فِي جَمِيع الْكَفَّارَات مَدين لكل مِسْكين لحَدِيث كَعْب بن عجْرَة
573 - مَسْأَلَة قَالُوا إِذا لمسها فَوق خمارها فَأنْزل لَا يبطل بالإنزال وَإِن لمس شعرهَا فَأنْزل إِن قُلْنَا بِمَسّ الشّعْر ينْتَقض وضوءه يبطل صَوْمه وَإِلَّا فَلَا
وَقَالَ شَيخنَا الإِمَام رَضِي الله عَنهُ وَعِنْدِي إِذا لمس شعرهَا فَأنْزل يفْسد صَوْمه بِخِلَاف نقض الْوضُوء بلمسه
574 - مَسْأَلَة سُئِلَ رَضِي الله عَنهُ عَن المبسور إِذا كَانَ صَائِما فَخرج دبره فَرده بِأُصْبُعِهِ هَل يبطل صَوْمه
قَالَ وَجْهَان أصَحهمَا أَنه لَا يبطل
575 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لله عَليّ أَن أعتكف صَائِما وَقُلْنَا يخرج عَن مُطلق نذر الِاعْتِكَاف باعتكاف سَاعَة فَأصْبح صَائِما وَاعْتَكف ثمَّ فِي آخر النَّهَار خرج عَن الْمُعْتَكف وَأفْطر هَل يخرج عَن نَذره قَالَ لَا وَلَو قَالَ لله عَليّ أَن أعتكف مُصَليا وَقُلْنَا لَا يجوز إِفْرَاد أَحدهمَا عَن الآخر قَالَ يُجزئهُ أَن يُصَلِّي فِي الْمُعْتَكف رَكْعَتَيْنِ

(2/556)


@ = كتاب الْحَج
576 - مَسْأَلَة إِذا نذر المعضوب أَن يحجّ بِنَفسِهِ لَا ينْعَقد قَالَ إِذا نذر الصَّحِيح أَن يحجّ بِمَالِه وَجب أَن ينْعَقد بِخِلَاف المعضوب لِأَن المعضوب وَقع الْيَأْس عَن حجه بِنَفسِهِ فَلم ينْعَقد نَذره فَلم يَقع للصحيح الْيَأْس عَن أَن يحجّ بِمَالِه بعضب أَو موت فَإِذا عجز حج بِمَالِه نَظِيره الْمَرِيض الَّذِي لَا يُمكنهُ أَن يحجّ بِنَفسِهِ لَكِن مَرضه مرجو الزَّوَال نذر أَن يحجّ بِنَفسِهِ ينْعَقد ثمَّ إِذا صَحَّ حج بِنَفسِهِ وَلَو أَن المعضوب نذر أَن يحجّ بِنَفسِهِ وَقُلْنَا لَا ينْعَقد فبرأ قَالَ وَجب أَن يلْزمه الْحَج لِأَنَّهُ بَان أَنه لم يكن ميئوس الزَّوَال وَيُمكن بِنَاؤُه على المعضوب إِذا حج عَن نَفسه حجَّة الْإِسْلَام ثمَّ برأَ هَل يحْسب
قَولَانِ إِن قُلْنَا ثمَّ يحْسب ينْعَقد نَذره هَا هُنَا وَإِن قُلْنَا لَا يحْسب هَاهُنَا لَا ينْعَقد نَذره وَلَو نذر غير المعضوب أَن يحجّ بِنَفسِهِ فعجز حج عَنهُ بِمَالِه سَوَاء كَانَ عَجزه بِمَوْت أَو عضب
577 - مَسْأَلَة إِذا أوصى وَقَالَ احجوا عني فلَانا فِي حج التَّطَوُّع وجوزنا الْوَصِيَّة
قَالَ القَاضِي الإِمَام إِن كَانَ وَارِثا لَا يعْطى إِلَيْهِ شَيْء لِأَن الْوَصِيَّة للْوَارِث لَا تصح قَالَ الشَّيْخ الإِمَام رَضِي الله عَنهُ وَيَنْبَغِي أَن يُقَال يجوز لِأَن الْوَارِث لَا يَأْخُذهُ تَبَرعا إِنَّمَا يَأْخُذهُ بِمُقَابلَة عمله كَمَا لَو قَالَ اشْتَروا عبدا وأعتقوه يجوز أَن يَشْتَرِي لِأَن الْوَارِث يَأْخُذ المَال مُقَابِله العَبْد وَيُمكن أَن يفرق بَينهمَا بِأَن بذل المَال فِي الْحَج تبرع من الْمُورث يعود إِلَى الْوَارِث وبذل المَال فِي مُقَابلَة العَبْد لَيْسَ بتبرع وَإِنَّمَا الْإِعْتَاق هُوَ التَّبَرُّع وَهُوَ لَا يعود إِلَى الْوَارِث وَفِي الْحَج يعود إِلَيْهِ فَافْتَرقَا

(2/557)


- مَسْأَلَة يجوز الْحَج عَن الْمَيِّت الْأَجْنَبِيّ وَإِن لم يوص بِهِ
قَالَ الشَّيْخ لَو أَن رجلا اجنبيا اشْترى رجلا ليحج عَن ميت حج الْفَرْض يجوز لِأَنَّهُ كَمَا يجوز أَن يحجّ عَن الْمَيِّت بِنَفسِهِ يجوز أَن يحجّ بِمَالِه وَإِن لم يوص بِهِ الْمَيِّت وَلَو اسْتَأْجر الْوَصِيّ رجلا ليحج عَن ميت فَمَرض الْأَجِير فِي الطَّرِيق فاستأجر رجلا ليحج عَن الْمَيِّت يَصح وَتَكون أجرته على الْأَجِير الأول وَلَا شَيْء لَهُ على الْوَصِيّ أما الأول فَلَا يسْتَحق الْأُجْرَة على الْوَصِيّ إِن كَانَ قد اسْتَأْجر لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن يثبت للْغَيْر فَيكون بالاستئجار متبديا وَإِن كَانَ ألزم ذمَّته يسْتَحق
579 - مَسْأَلَة إِذا وَقع على بدن الْمحرم شَعْرَة أَجْنَبِيَّة فعلقت فنتفها لَا فديَة عَلَيْهِ أَو حلق الحلاق رَأسه فَوَقَعت شَعْرَة من رَأسه على مَوضِع آخر من بدنه فعلقت ثمَّ نتفها بعد الْإِحْرَام لَا فديَة لِأَنَّهُ مُسْتَحقّ النتف
580 - مَسْأَلَة إِذا ترك الْحَاج رمي يَوْم من أَيَّام التَّشْرِيق يقْضِي فِي الْيَوْم الثَّانِي وَيجوز الْقَضَاء لَيْلًا وَنَهَارًا بعد الزَّوَال وَقَبله أما رُعَاة الْإِبِل وَأهل سِقَايَة الْحَاج يجوز لَهُم أَن يدعوا رمي يَوْم ويقضوا فِي الْيَوْم الثَّانِي بعد الزَّوَال فَلَو قضوا بِاللَّيْلِ أَو قبل الزَّوَال قَالَ لَا يجوز لِأَنَّهُ رخص لَهُم فِي ترك الرَّمْي فَيكون قَضَاؤُهُ فِي وقته من الْيَوْم الثَّانِي والتارك الَّذِي لم يرخص لَهُ فِيهِ فَلهُ أَن يقْضِي مَتى شَاءَ كمن فَاتَتْهُ صلوَات قَضَاهَا فِي أَي وَقت شَاءَ أما إِذا أخر الظّهْر ليجمع بَينهمَا وَبَين الْعَصْر بِعُذْر السّفر فَيكون مَعَ الْعَصْر فِي وقته
581 - مَسْأَلَة الْمحرم إِذا رمى سَهْما إِلَى صيد فتحلل ثمَّ أَصَابَهُ يضمن وَكَذَلِكَ لَو رمى حَلَال إِلَى صيد فَأحْرم ثمَّ أَصَابَهُ لِأَنَّهُ فِي أحد الطَّرفَيْنِ محرم كَمَا لَو رمى سَهْما من الْحرم إِلَى صيد غب الْحل إِلَى صيد فِي الْحرم فَأَصَابَهُ يضمن
582 - مَسْأَلَة وَلَو نصب شبكة أَو حفر بِئْر عدوان وَهُوَ محرم فَوَقع فِيهَا صيد بعد مَا تحلل قَالَ يجب الْجَزَاء لِأَن حَالَة الْحفر كَانَ مُتَعَدِّيا فِي حق

(2/558)


@ الصَّيْد وَعَكسه لَو نصب أَو حفر وَهُوَ حَلَال ثمَّ أحرم ثمَّ وَقع فِيهَا صيد لَا يضمن لِأَنَّهُ حِين حفر لم يكن مُتَعَدِّيا فِي حق الصَّيْد كَمَا لَو حفر بِئْر عدوان فِي الْحرم ثمَّ خرج الى الْحل فَوَقع فِيهَا صيد ضمن وَلَو حفر فِي الْحل ثمَّ دخل الْحرم ثمَّ وَقع فِيهَا صيد لم يضمن وَلَيْسَ كرمي السهْم لِأَنَّهُ مُبَاشرَة قبل وحفر الْبِئْر تسبب وَكَذَلِكَ قُلْنَا لَو رمي سَهْما إِلَى إِنْسَان والإرسال ضَعِيف فقوته الرّيح يضمن لِأَنَّهُ بِالرَّمْي مبَاشر وَلَو حفر بِئْر عدوان فَأَلْقَت الرّيح إنْسَانا فِيهَا لم يضمن وَالله أعلم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كتاب الْبيُوع
583 - مَسْأَلَة قَالَ الشَّيْخ الإِمَام رَضِي الله عَنهُ اخْتِيَاري أَن الْمُعَامَلَة بِالدَّرَاهِمِ جَائِزَة وَإِذا بَاعَ بِدَرَاهِم مُطلقَة ينْصَرف إِلَى نقد الْبَلَد وَإِن كَانَ مغشوشا
584 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ بِوَزْن عشرَة دَرَاهِم نقره وَلم يبين بِأَنَّهَا مَضْرُوبَة أَو تبر قَالَ رَضِي الله عَنهُ لَا يَصح البيع لِأَنَّهُ لم يعين ثمنا فَصَارَ كَمَا إِذا كَانَ فِي الْبَلَد نقود مُخْتَلفَة فَأطلق وَلم يبين أَحدهَا
585 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ شَيْئا فِي مجْلِس العقد ليَشْتَرِي بِثمنِهِ شَيْئا آخر
قَالَ شَيخنَا رَضِي الله عَنهُ يجوز وَيكون إجَازَة للْعقد وإسقاطا للخيار وَإِن اشْترى بِبَعْض الثّمن فَهُوَ كَمَا أجَاز العقد فِي بعض الْمَبِيع قَالَ رَضِي الله عَنهُ وَجب أَن يجوز ثمَّ لَهما الْفَسْخ فِي الْبَاقِي لِأَنَّهُ تَفْرِيق بِالتَّرَاضِي فَيصير كَمَا لَو فسخا العقد فِي بعض الْمَبِيع بِالتَّرَاضِي
586 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ بِعْتُك هَذَا بِكَذَا فَقَالَ المُشْتَرِي اشْتريت وَلم يسمع البَائِع كَلَامه هَل ينْعَقد البيع قَالَ شَيخنَا رَضِي الله عَنهُ إِن قَالَه بِحَيْثُ

(2/559)


@ يسمعهُ من يقربهُ صَحَّ وَإِن لم يسمعهُ البَائِع وَإِن قَالَ خفِيا بِحَيْثُ لَا يسمعهُ من يقربهُ لَا يَصح كَمَا لَو حلف لَا يكلم فلَانا
587 - مَسْأَلَة إِذا اشْترى شَيْئا وَبَاعه ثمَّ أطلع على عيب قديم وَلم يعلم المُشْتَرِي بِهِ ثمَّ اشْتَرَاهُ لَيْسَ لَهُ الرَّد على البَائِع الأول لِأَنَّهُ تخلص عَن ظلامته بِالْبيعِ
588 - مَسْأَلَة بيع الصُّوف على ظهر الْغنم لَا يجوز قَالَ رَضِي الله عَنهُ فَإِذا بَاعَ بعد الذّبْح عِنْدِي يجوز لِأَنَّهُ لَا يتَأَذَّى بِهِ إِذا استوعبه وَكَذَلِكَ الأكارع أَو الرؤوس بعد الذّبْح قبل أَن يفصلها إِذا بَاعهَا يجوز كَبيع أَغْصَان الشَّجَرَة
589 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ القثاء والفرصد أَو الكراث بِشَرْط الْقطع فَلم يقطع حَتَّى ازْدَادَ وَطَالَ الكراث هَل يَنْفَسِخ العقد
فِيهِ قَولَانِ قَالَ رَضِي الله عَنهُ وَلَو بَاعَ أَغْصَان الفراصيد وَبَين مقاطعها بِبَيَان عقد يكون عَلَيْهَا فَمَا يزْدَاد فَوق ذَلِك المقطع من ورق أَو شجر وَطول يكون عِنْدِي للْمُشْتَرِي وَلَا يفْسخ بِخِلَاف القثاء والفرصد والكراث يزْدَاد لِأَن مَا يحدث من أَصله الَّذِي لم يَبِعْهُ غير متميز عَمَّا بَاعه لِأَن مقاطعها لَا تعرف بعد الزِّيَادَة وَكَذَلِكَ مَا يتَفَرَّع من أَلْقَت على أَصله الْمَوْجُود قبل البيع لَا يتَمَيَّز عَمَّا نبت من أَصله الَّذِي لم يدْخل فِي البيع
590 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ ورق الفرصاد مَعَ مقاطعها بِشَرْط الْقطع فَلم يتَّفق الْقطع حَتَّى مضى أَوَانه وَصَارَ إِلَى حَالَة لَو قطع ضرّ بِالشَّجَرَةِ قَالَ لَا يقطع جبرا فَإِن تَرَاضيا على الْقطع وَإِلَّا يفْسخ العقد بَينهمَا وَيرد إِلَى البَائِع الثّمن
591 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ إِنَاء بِشَرْط أَن لَا يَجْعَل فِيهِ شَيْئا محرما كَالْخمرِ قَالَ

(2/560)


@ يَصح البيع كَمَا لَو بَاعَ سَيْفا بِشَرْط أَن لَا يَسْتَعْمِلهُ فِي قطع طَرِيق أَو قتال ظلما أَو عبدا
592 - مَسْأَلَة إِذا ابْتَاعَ شَجَرَة كَانَت تثمر فِي يَد البَائِع وَلم تثمر فِي يَد المُشْتَرِي فِي السّنة الأولى من الشِّرَاء هَل لَهُ الرَّد
قَالَ إِن كَانَ عدم الإثمار لآفة بِالشَّجَرَةِ نظر إِن حدثت تِلْكَ الآفة فِي يَد المُشْتَرِي فَلَا رد لَهُ وَإِن كَانَت فِي يَد البَائِع يرد وَإِن تنَازعا فِي ذَلِك القَوْل قَول البَائِع مَعَ يَمِينه وَإِن كَانَ عدم الإثمار لكبر الشَّجَرَة فَلَا رد لَهُ كالحائض إِذا كَانَت لَا تحيض لكبر السن لَا ترد وَالْجَارِيَة إِذا كَانَت تحيض عِنْد البَائِع على عَادَة فجاوزت عَادَتهَا فِي يَد المُشْتَرِي فَكَذَلِك إِن عرف حُدُوث سَبَب عِنْد المُشْتَرِي فَلَا رد لَهُ وَإِن لم يعرف رد وَإِن تنَازعا فَالْقَوْل قَول البَائِع مَعَ يَمِينه
593 - مَسْأَلَة إِذا استرعى عبدا صَغِيرا فثغر سنه فِي يَد المُشْتَرِي ثمَّ لم ينْبت هَل لَهُ الرَّد
قَالَ شَيخنَا الإِمَام لَهُ ذَلِك إِن كَانَ ذَلِك بِسَبَب قديم
594 - مَسْأَلَة إِذا اشْترى أَرضًا ثمَّ قَامَت حجَّة على أَنَّهَا مَوْقُوفَة بَعْدَمَا كَانَت مُدَّة فِي يَد المُشْتَرِي قَالَ رَضِي الله عَنهُ على المُشْتَرِي أجر مثل الْمدَّة الَّتِي كَانَت فِي يَده وَإِن كَانَ قد أدّى خراجها يرجع بالخراج على البَائِع وَلَا يرجع بِأَجْر الْمثل على البَائِع إِن كَانَ قد انْتفع بهَا
595 - مَسْأَلَة إِذا وجد بِالْمَبِيعِ عَيْبا وَالْبَائِع غَائِب فَرده بَين يَدي القَاضِي وَفسخ البيع ثمَّ القَاضِي قَالَ للْمُشْتَرِي احفظه فَاسْتَعْملهُ المُشْتَرِي بعده أَو رَضِي بعده بِالْعَيْبِ هَل يرْتَفع الْفَسْخ قَالَ رَضِي الله عَنهُ إِن أَخذه القَاضِي ثمَّ رده إِلَيْهِ ليحفظه لَا يرْتَفع الْفَسْخ وَلَا يكون مَضْمُونا عَلَيْهِ وَإِن اسْتَعْملهُ ضمن

(2/561)


@ وَإِن لم يَأْخُذهُ القَاضِي بل تَركه فِي يَده قَالَ يكون مَضْمُونا عَلَيْهِ وَالْقِيَاس أَن لَا يكون مَضْمُونا عَلَيْهِ أَن لَا يرْتَفع الْفَسْخ لِأَنَّهُ عَاد إِلَى ملك البَائِع برده بَين يَدي القَاضِي
596 - مَسْأَلَة شِرَاء الْغَائِب أجوزه فَلَو اشْترى شَيْئا وَكَانَت فِي يَده مُدَّة مديدة فَهَلَكت عِنْده ثمَّ ادّعى أَنه لم يكن رَآهُ لَا فسخ لَهُ وَيلْزمهُ الثّمن كَمَا لَو اشْترى شَيْئا وَقَبضه فَهَلَك عِنْده ثمَّ اطلع على عيب بِهِ لَا فسخ لَهُ وَلَو هلك بعض مَا اشْتَرَاهُ غَائِبا عِنْده لَا فسخ لَهُ فِي الْبَاقِي كَمَا لَا يرد بعض الْمَبِيع بِالْعَيْبِ
597 - مَسْأَلَة بيع الْغَائِب لَا يجوز فَلَو بَاعَ شَيْئا فَقَالَ البَائِع بِعْت مَا لم أره وَقَالَ المُشْتَرِي بل رَأَيْته فَالْقَوْل قَول البَائِع مَعَ يَمِينه وَلَو وكل بِالْبيعِ فرؤية الْوَكِيل شَرط فَلَو ادّعى المُشْتَرِي على الْوَكِيل بأنك بِعته بعد الرُّؤْيَة وَأنكر الْوَكِيل الرُّؤْيَة قَالَ لَا عِبْرَة بقول الْوَكِيل فَيسْأَل الْمُوكل فَإِن قَالَ قد رَآهُ الْوَكِيل وَبَاعه فقد أقرّ بِصِحَّة البيع وَإِن قَالَ لم يره فَالْقَوْل قَوْله لِأَن الأَصْل بَقَاء ملكه
598 - مَسْأَلَة الْمُعَامَلَة بِالدَّرَاهِمِ المغشوشة جَائِزَة وَلَو بَاعَ بِدَرَاهِم مُطلقَة ينْصَرف إِلَى نقد الْبَلَد وَلَو كَانَت مغشوشة وَلَو بَاعَ بِنَقْد لَا يُوجد فِي الْبَلَد كالدنانير المغربية لَا يَصح كَمَا لَو بَاعَ مَا لَا يقدر على تَسْلِيمه فَإِن كَانَ يعين وجوده يبْنى على جَوَاز الِاسْتِبْدَال عَن الثّمن فَإِن جَوَّزنَا جَازَ فَإِن لم يُوجد يسْتَبْدل وَإِلَّا فَلَا قَالَ وَالأَصَح عِنْدِي أَنه لَا يجوز لِأَنَّهُ يَبِيع مَا لَا يقدر على تَسْلِيمه ويضطر إِلَى بذل عوضه وَلَو بَاعَ بِوَزْن عشرَة دَرَاهِم نقرة وَلم يبين أَنه مَضْرُوب أَو تبر لَا يَصح
599 - مَسْأَلَة بَاعَ نصف أَرض مشَاعا بِأَلف ثمَّ أَمر البَائِع أَن يَبْنِي حوالي الأَرْض بذلك الثّمن حَائِطا وَأَن يغْرس ثلث نصيب البَائِع وَيجْعَل ثلثه كرما فَفعل وَمَات البَائِع مَاذَا يكون للْوَرَثَة وَمَا أَمر الْغِرَاس وَالْبناء

(2/562)


@
قَالَ هَذَا الشَّرْط فَاسد لِأَن الأَرْض بَينهمَا مشاعة وَأمر البَائِع أَن يغْرس ثلث نصِيبه وَهُوَ غير مَعْلُوم فَبعد مَوته على وارثيه أَن يغرموا قيمَة نصف بنائِهِ وغراسه فَيكون الْكل بَينهم وعَلى المُشْتَرِي الثّمن الْمُسَمّى أَو يتقاضان
600 - مَسْأَلَة رجل بَاعَ طَعَاما ثمَّ أَمر البَائِع المُشْتَرِي بإتلافه أَو أَمر بِأَكْلِهِ أَو ثوبا أمره بِقطعِهِ قَالَ إِن كَانَ المُشْتَرِي عَالما بِالْحَال صَار قَابِضا وَاسْتقر عَلَيْهِ الثّمن وَإِن كَانَ جَاهِلا ظَنّه قَالَ البَائِع مِمَّن ضَمَان من يكون أول قَالَ هَذَا الكرباس لي قَالَ يحْتَمل وَجْهَيْن بِنَاء على الْغَاصِب إِذا أطْعم الْمَغْصُوب الْمَالِك فَأَكله جَاهِلا بِأَنَّهُ طَعَامه قَالَ هَل يبرأ عَن الضَّمَان فِيهِ قَولَانِ إِن قُلْنَا يبرأ هَاهُنَا يكون من ضَمَان المُشْتَرِي ويستقر عَلَيْهِ الثّمن وَإِلَّا فَهُوَ كَمَا لَو حدث فِي يَد البَائِع بِآفَة سَمَاوِيَّة وَلَو اخْتلفَا فِي الْعلم القَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه لِأَن الأَصْل عدم الْعلم
601 - مَسْأَلَة عبد مُشْتَرك بَين جمَاعَة بَاعَ أحدهم نصِيبه وَكَانَ مَعْلُوما عَبده لَا خلاف أَنه يَصح وَإِن جهل كمية نصِيبه وَيعلم أَن العَبْد بَينه وَبَين غَيره قَالَ لَا يَصح البيع لِأَنَّهُ مَجْهُول وَإِن كَانَ يعْتَقد أَن العَبْد كُله لَهُ فَبَاعَهُ أَو يعْتَقد أَن بعضه لَهُ وَبَعضه لغيره وَيعلم قدر نصِيبه فَبَاعَ كُله قَالَ بَطل فِي نصيب الْغَيْر وَفِي نصِيبه قَولَانِ وَالله أعلم
602 - مَسْأَلَة إِذا وكل وَكيلا فَقَالَ بِعْ هذَيْن الْعَبْدَيْنِ بِأَلفَيْنِ فَبَاعَ أَحدهمَا بِأَلف قَالَ لَا يَصح لِأَنَّهُمَا قد يَخْتَلِفَانِ فِي الْقيمَة فَرُبمَا يكون قيمَة أَحدهمَا أقل من الف وَلَو قَالَ بِعْ عَبدِي هَذَا بِأَلف فَبَاعَ من رجلَيْنِ قَالَ لَا يجوز لِأَن يتشقص الْملك فِي الرَّد بِالْعَيْبِ
603 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ مُرْتَدا بيعا فَاسِدا فَقتل فِي يَد المُشْتَرِي فنقله إِلَى الْمَقَابِر على البَائِع لِأَن الْمَالِك بِخِلَاف رده فِي الْحَيَاة على المُشْتَرِي لِأَنَّهُ وَجب لحق البَائِع وَقد زَالَ
604 - مَسْأَلَة إِذا اشْترى عبدا مَرِيضا يظنّ أَنه عَارض يمْضِي فَبَان أَنه

(2/563)


@ مرض ودق قديم قَالَ لَهُ الرَّد كَمَا لَو اشْتَرَاهُ وَبِه دمل وَهُوَ عَالم بِهِ فَبَان أَنه لَيْسَ بدمل لكنه أصل الجزام لَهُ الرَّد وكما لَو اشْتَرَاهُ وَرَأى بِهِ بَيَاضًا ظَنّه بهقا فَبَان برصا لَهُ الرَّد
605 - مَسْأَلَة إِذا اشْترى عبدا قد شرب الْخمر مرّة وَتَابَ وَصلح فَعلم المُشْتَرِي بعد الشِّرَاء ذَلِك قَالَ إِن كَانَ قد أقيم عَلَيْهِ الْحَد لَا رد لَهُ وَإِن لم يقم عَلَيْهِ الْحَد لَهُ الرَّد لِأَن وجوبا الْحَد عَلَيْهِ نقص بِهِ إِلَّا على قَوْلنَا إِن حُدُود الله تَعَالَى تسْقط بِالتَّوْبَةِ فَلَا يرد
606 - مَسْأَلَة إِذا اشْترى جَارِيَة على أَنَّهَا بكر فَبَانَت ثَيِّبًا لَهُ الرَّد فَلَو قَالَ البَائِع سلمتها إِلَيْك بكرا فثابت عنْدك وَقَالَ بل سلمت ثَيِّبًا فَالْقَوْل قَول البَائِع مَعَ يَمِينه فَلَو أَقَامَ كل وَاحِد بَيِّنَة إِمَّا رجلَيْنِ أَو أَربع نسْوَة قَالَ بَيِّنَة الثيابة أولى لِأَن مَعهَا زِيَادَة علم وَهُوَ زَوَال مَا كَانَت من الْبكارَة
607 - مَسْأَلَة قَالَ وَلَو قَالَ لعَبْدِهِ إِن مت فِي رَمَضَان فَأَنت حر ثمَّ اخْتلف العَبْد وَالْوَارِث فَقَالَ العَبْد مَاتَ فِي رَمَضَان وَقَالَ الْوَارِث بل بعده وَأقَام كل وَاحِد بَيِّنَة فَبَيِّنَة العَبْد أولى لِأَن عِنْدهم زِيَادَة علم وَهُوَ نَقله عَن الْحَيَاة إِلَى الْمَوْت
608 - مَسْأَلَة إدا ادّعى أَنِّي اشْتريت مِنْك هَذَا العَبْد بِأَلف وَأديت الثّمن فَأنْكر وَنكل عَن الْيَمين وَحلف الْمُدَّعِي فَأخذ الْعين ثمَّ وجد بِالْعينِ عَيْبا لَهُ رده واستراد الثّمن لَان البيع قد ثَبت بنكول الْمُدعى عَلَيْهِ عَلَيْهِ وَيَمِينه كَمَا لَو قَامَ بَيِّنَة على الشِّرَاء لَهُ رده بِالْعَيْبِ
609 - مَسْأَلَة دفع مسحاة إِلَى غُلَامه وَبَعثه لعمل فالغلام دفع المسحاة إِلَى إِنْسَان وَأخذ مِنْهُ مسحاة أُخْرَى فَهَلَكت المسحاة فِي يَد الْغُلَام قَالَ رَضِي

(2/564)


@ الله عَنهُ على من أَخذ مسحاة الْغُلَام ردهَا إِلَى سَيّده وَضَمان مسحاته فِي ذمَّة العَبْد حَتَّى يعْتق كَمَا لَو بَاعَ من عبد إِنْسَان شَيْئا دون إِذن مَوْلَاهُ فَهَلَك فِي يَد العَبْد
610 - مَسْأَلَة عبد رَآهُ إِنْسَان يحترف فِي يَد مَالِكه بحرفة ثمَّ اشْتَرَاهُ هَذَا الَّذِي رَآهُ فَاسْتَعْملهُ فَلم يحسن تِلْكَ الحرفة قَالَ إِن لم يشْتَرط الحرفة فِي البيع فَلَا رد لَهُ وَإِن شَرط فَإِن كَانَ اسْتِعْمَاله قَرِيبا من رُؤْيَته فِي يَد البَائِع وَهُوَ يحترف بِتِلْكَ الحرفة وَلَا يحْتَمل النسْيَان فِي تِلْكَ الْمدَّة سوء خلق من العَبْد فَلهُ الرَّد بِسوء خلقه وَإِن كَانَ بَينهمَا مُدَّة يحْتَمل فِيهَا النسْيَان فَإِن كَانَت تِلْكَ الْمدَّة فِي يَد البَائِع فَلهُ الرَّد وَإِن كَانَ فِي يَد المُشْتَرِي فَلَا وَإِن كَانَ فِي يدهما وَاخْتلفَا فَالْقَوْل قَول البَائِع مَعَ يَمِينه
611 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لإِنْسَان ادْفَعْ ألف دِرْهَم من جهتي إِلَى فلَان حَتَّى أُعْطِيك حِنْطَة فَدفع فَامْتنعَ الْأَمر من إِعْطَاء الْحِنْطَة قَالَ يرجع الدَّافِع بِأَلف إِلَى من دفع إِلَيْهِ دون أمره لِأَن هَذَا بِمَنْزِلَة البيع الْفَاسِد من جِهَة الْأَمر فَلَا يجب عَلَيْهِ ضَمَان مَا لم يقبض إِنَّمَا الضَّمَان على الْقَابِض قَالَ رَضِي الله عَنهُ هَذَا إِذا لم يكن لفُلَان على الْأَمر شَيْء فَإِن كَانَ لفُلَان عَلَيْهِ ألف فَقَالَ ادْفَعْ اليه حَتَّى يرجع إِلَيّ فَدفع يرجع عَلَيْهِ وَلَو قَالَ ادْفَعْ حَتَّى أُعْطِيك حِنْطَة فَدفع وَجب أَن يرجع على الْأَمر بِمَا دفع وَلَا يلْزم الْحِنْطَة وَلَو كَانَ رجل يَدعِي عَلَيْهِ ألفا فَقَالَ الْمُدعى عَلَيْهِ لزجل ادْفَعْ إِلَيْهِ ألفا من جهتي حَتَّى يرجع عَليّ وَلَا يكون هَذَا إِقْرَار من جِهَته فَإِن دفع قَالَ وَجب أَن يرجع على الْأَمر لِأَنَّهُ وَإِن لم يجب عَلَيْهِ أَدَاء المَال فَلهُ غَرَض فِي إِسْقَاط دَعْوَاهُ عَن نَفسه وَكَذَلِكَ لَو قَالَ أعْط هَذَا الْفَقِير درهما حَتَّى يرجع عَليّ كَمَا لَو قَالَ افْدِ هَذَا الْأَسير وَأطْعم هَذَا الجائع حَتَّى يرجع عَليّ فَفعل يرجع على الْأَمر كَمَا لَو قَالَ طلق زَوجتك بِأَلف عَليّ أَو أعتق عَبدك بِأَلف عَليّ رَجَعَ عَلَيْهِ بِأَلف بِخِلَاف مَا لَو قَالَ لإِنْسَان ألق مَالك فِي المَاء على أَن أضمن لَك فَألْقى لَا يسْتَحق شَيْئا لِأَنَّهُ

(2/565)


@ لَا غَرَض فِيهِ كَمَا لَو قَالَ للجائع كل طَعَامك وَلَك عَليّ كَذَا فَفعل لَا يسْتَحق شَيْئا وَلَا شَيْء على الْقَائِل فَإِن كَانَ فِي حَال خوف الْغَرق فَقَالَ لإِنْسَان ألق متاعك فِي الْبَحْر على إِنِّي ضَامِن وَفِي السَّفِينَة غير صَاحب المَال ضمن الْقَائِل لِأَن لَهُ غَرضا فِي تَخْلِيص الآخرين وَكَذَلِكَ لَو مدحه إِنْسَان فَقَالَ لآخر أعْطه شَيْئا حَتَّى يرجع عَليّ فَأعْطى يرجع لِأَن لَهُ غَرضا وَكَذَلِكَ لَو تعلق بِهِ ظَالِم فَقَالَ لآخر أعْطه شَيْئا حَتَّى يرجع فَأعْطى رَجَعَ عَلَيْهِ وَلَو قَالَ قَائِل أعْطه درهما حَتَّى أُعْطِيك حِنْطَة يرجع عَلَيْهِ بِمَا أعْطى وَهُوَ الدِّرْهَم لَا بِالْحِنْطَةِ وَفِي الْجُمْلَة حكم عَام كل مَوضِع أَمر إنْسَانا حَتَّى يُعْطي حق جِهَته مَالا وللأمر فِيهِ غَرَض من نفع يعود إِلَيْهِ أَو قربَة تعود إِلَيْهِ يرجع الدَّافِع إِلَيْهِ كَمَا لَو فدا أَسِيرًا أَو بذل فِي إِعْتَاق عبد
612 - مَسْأَلَة أَخذ حِنْطَة من إِنْسَان فِي أَيَّام الغلاء وَأكله ثمَّ اخْتلفَا بعد الرُّخص فَقَالَ الدَّافِع بِعْتُك وَقَالَ الْأَخْذ أَو وَارثه من بعد كَانَ قرضا
قَالَ القَوْل قَول الْآخِذ ووارثه مَعَ يَمِينه أَنه لم يشتره وَعَلِيهِ الْمثل
613 - مَسْأَلَة إِذا دفع شَاة إِلَى إِنْسَان فَقَالَ اذْبَحْهَا وَسلم إِلَيّ شحمها وَاللَّحم بيع مِنْك كل من بِكَذَا فَأخذ فَهَلَكت من يَده قَالَ لَا ضَمَان عَلَيْهِ لِأَن دفع الشَّاة إِلَيْهِ للذبح وَلم يَأْخُذ مِنْهُ إِنَّمَا شَرط اللَّحْم مِنْهَا بعد الذّبْح وَقد هَلَكت قبلهَا كَمَا لَو دفع شَيْئا إِلَى إِنْسَان أَمَانَة وَقَالَ إِذا مضى شهر فَهُوَ بيع مِنْك فَقبل مُضِيّ الشَّهْر يكون أَمَانَة فِي يَده إِذا هلك لَا يلْزمه الضَّمَان
614 - مَسْأَلَة لَو بَاعَ بَيْتا من دَاره وَذَلِكَ الْبَيْت لَا يَلِي ملكا للْمُشْتَرِي قَالَ
عِنْدِي لَا يَصح البيع حَتَّى يبين مَمَره فَلَو كَانَ يَلِي ملك المُشْتَرِي جَازَ وَيجْعَل مَمَره فِي ملكه

(2/566)


- مَسْأَلَة إِذا بَاعَ دَارا فانهدمت قبل الْقَبْض لَا يَنْفَسِخ العقد إِن لم يفت الْبَعْض وَللْمُشْتَرِي الْفَسْخ وَإِن فَاتَ الْبَعْض يَنْفَسِخ فِي الْبَعْض وَفِي الْبَاقِي قَولَانِ 617 مَسْأَلَة إِذا بَاعَ شَيْئا وَادّعى البَائِع شرطا فَاسِدا وَأنكر المُشْتَرِي قبل أَن يحلف البَائِع ثمَّ حلف البَائِع كَانَ مُنْكرا للْبيع بِدَعْوَى شَرط الْفساد فَالْمُشْتَرِي كَانَ بَائِعا مَال الْغَيْر
616 - مَسْأَلَة لفظ البيع لَيْسَ بِشَرْط حَتَّى لَو قَالَ البَائِع خُذ هَذَا بِأَلف فَقَالَ المُشْتَرِي أخذت وَقَالَ المُشْتَرِي أَعْطِنِي هَذَا بِأَلف فَقَالَ البَائِع أَعْطَيْت كَانَ بيعا وَقد رَأَيْته للقفال
618 - مَسْأَلَة اسْتَأْجر صباغا ليصبغ ثَوْبه بصبغ من عِنْد الصّباغ قَالَ لَا أجوز للْمَالِك بيع الثَّوْب قبل أَن يَأْخُذهُ من الصّباغ لِأَن الصَّبْغ عين للصباغ فِي الثَّوْب وَبيع الْمَبِيع قبل الْقَبْض لَا يجوز
618
- 619 مَسْأَلَة طِفْل بَاعَ شَيْئا من مَال إِنْسَان فِي حَال طفولته وَأخذ الثّمن فَهَلَك فِي يَده أَو أهلكه فلوليه أَن يسْتَردّ الْمَبِيع من المُشْتَرِي وَلَا ضَمَان على الطِّفْل فِيمَا أَخذ وَلَو بلغ الصَّبِي بعد مَا هلك الشَّيْء فِي يَده أَو أهلكه واسترد الْمَبِيع لَا يجب عَلَيْهِ ضَمَان الَّذِي أهلكه لِأَن المُشْتَرِي أهلك مَال نَفسه بِدَفْعِهِ إِلَيْهِ
620 - مَسْأَلَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا بَاعَ جَارِيَة شَرط الْخِيَار لَهما فوطىء البَائِع فِي زمَان الْخِيَار فَهُوَ فسخ للْبيع وَإِن وَطأهَا المُشْتَرِي يبطل خِيَاره على ظَاهر الْمَذْهَب دون خِيَار البَائِع فَإِذا اسْتَوْلدهَا المُشْتَرِي إِن قُلْنَا الْملك للْبَائِع لم ينفذ استيلاده وَإِن قُلْنَا مَوْقُوف فَحكم الِاسْتِيلَاد مَوْقُوف وَإِن قُلْنَا للْمُشْتَرِي

(2/567)


@ فَفِي نُفُوذ الِاسْتِيلَاد إختلاف وَالصَّحِيح أَن أمره منتظر إِن فسخ البَائِع البيع لم ينفذ وَإِن تمّ نفذ وَفِيه وَجه آخر وَهُوَ أَنه ينفذ استيلاده وَفِي بطلَان خِيَار البَائِع وَجْهَان إِن قُلْنَا إِنَّه لَا يبطل فَإِن شَاءَ فسخ واسترد قيمَة الْجَارِيَة وَإِن شَاءَ أجَاز وَأخذ الثّمن
قَالَ الإِمَام رَضِي الله عَنهُ فَأَما إِذا وَطئهَا أَب وَاحِد مِنْهُمَا نظر إِن لم يستولدها فَالْعقد بِحَالهِ كَمَا كَانَ وخيارهما ثَابت سَوَاء وَطئهَا أَب البَائِع أَو أَب المُشْتَرِي فَإِن اسْتَوْلدهَا نظر إِن اسْتَوْلدهَا أَب البَائِع فيبنى على أَقْوَال الْملك إِن قُلْنَا الْملك للْبَائِع نفذ استيلاده فَلَو ملكهَا بعد ذَلِك نظر إِن ملكهَا الابْن لم ينفذ استيلاد الْأَب وَإِن ملكهَا الْأَب فَقَوْلَانِ كَمَا لَو استولد جَارِيَة الْغَيْر بِالشُّبْهَةِ ثمَّ ملكهَا وَهَذَا بِخِلَاف البَائِع نَفسه لَو استولد كَانَ فسخا للْعقد لِأَن حق الْفَسْخ ثَابت لَهُ بِدَلِيل أَن بِمُجَرَّد الْوَطْء يصير فاسخا فَأَما إِذا اسْتَوْلدهَا أَب المُشْتَرِي فَهُوَ كاستيلاد المُشْتَرِي نَفسه إِن قُلْنَا الْملك للْبيع لم ينفذ سَوَاء فسخ العقد أَو تمّ وَإِن قُلْنَا الْملك مَوْقُوف فالاستيلاد مَوْقُوف إِن تمّ نفذ وَإِلَّا فَلَا وَإِن قُلْنَا الْملك للْمُشْتَرِي فَالصَّحِيح أَنه منتظر أجَاز البَائِع البيع وَتمّ العقد بَينهمَا نفذ وَإِلَّا فَلَا ينفذ
621 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ صبرَة من حِنْطَة فَرَأى ظَاهرهَا يَكْفِيهِ لِأَنَّهَا قَلما تَتَفَاوَت وَإِذا رأى أحد جانبيها جعلُوا كَبيع الْغَائِب وَإِن كَانَ الْغَالِب أَنَّهَا لَا تَتَفَاوَت كَالثَّوْبِ الصفيق يرى أحد وجهيه
622 - مَسْأَلَة رجل اشْترى عبدا من إِنْسَان كَانَ فِي يَد البَائِع مُدَّة مديدة فَلَمَّا أَن اشْتَرَاهُ هَذَا الرجل ادّعى أَن حر الأَصْل وَهُوَ كَانَ قد استسخرني مُدَّة قَالَ القَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه فَإِذا حلف العَبْد قَالَ يحكم بحريَّته وَللْمُشْتَرِي أَن يرجع على البَائِع بِالثّمن وَذكر عَن القَاضِي أَنه لَا يرجع المُشْتَرِي على البَائِع بِالثّمن لِأَنَّهُ مَا أزيلت يَده عَن العَبْد بِالْبَيِّنَةِ إِلَّا أَن يُقيم بَيِّنَة أَنه حر الأَصْل
623 - مَسْأَلَة إِذا أخرج كفا من جوالقه وَأرَاهُ وَبَاعه مَا فِي الجوالق جوز

(2/568)


@ الشَّيْخ الْقفال وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَلم يجوز أَصْحَابنَا رَحِمهم الله لِأَن الْمَبِيع غير المرئي قَالَ الشَّيْخ الإِمَام وَلَو بَاعَ الْكَفّ مَعَ مَا فِي الجوالق لَا يخلوا مَا إِن رد إِلَيْهِ ثمَّ بَاعه أَو لم يرد فَإِن رد إِلَيْهِ ثمَّ بَاعه فَهُوَ كَمَا لَو بَاعَ شَيْئا رأى بعضه دون بعضه وَلَا يكون كصبرة رأى بَعْضهَا لَان رَأْي الْكَفّ متميزا وَإِن لم يردهَا إِلَيْهِ وباعها فَهُوَ كَمَا لَو بَاعَ لشخصين رأى أَحدهمَا دون الآخر وَكَذَلِكَ صبرَة من حِنْطَة جعلهَا صبرتين ثمَّ أرَاهُ إِحْدَاهمَا وباعهما فَيكون كمن بَاعَ عينتين رأى إِحْدَاهمَا دون الْأُخْرَى وَلَا يَجْعَل كصبرة وَاحِدَة رأى ظَاهرهَا لِأَن المرئي مُمَيّز عَن غير المرئي وَشرط صِحَة العقد فِي رُؤْيَة الْبَعْض أَن لَا يتَمَيَّز المرئي عَن غير المرئي أَو يكون المرئي من صَلَاح غير المرئي كالجوز يرى قشره يجوز أَو يكون مِمَّا يسْتَدلّ بِرُؤْيَة بعضه على رُؤْيَة كُله لكَونهَا غير مُخْتَلفَة فِي الْغَالِب كالصبرة من الْحِنْطَة فَإِذا تميز لايجوز كَمَا إِذا كَانَ شَيْئا لايستبدل بِرُؤْيَة بعضه على رُؤْيَة كُله مثل صبرَة من الْبِطِّيخ وَلم يكن من صَلَاحه لَا يجوز فالتمييز مُشَاهدَة فِيمَا لَا يخْتَلف صِفَاته تنزل منزلَة تميز الصِّفَات وَلَو جعل الصُّبْرَة صبرتين فَأرَاهُ إِحْدَاهمَا ثمَّ خلطهما فَهُوَ كَمَا لَو رأى بعض الْمَبِيع وَلَو رأى ظَاهر صبرَة ثمَّ الْمَالِك رفع مَا ظهر مِنْهَا ثمَّ بَاعَ الْبَاقِي من غير رُؤْيَة فَهُوَ كَبيع الْغَائِب لِأَن المرئي لم يَبِعْهُ قَالَ وَكَذَلِكَ بيع الْجَوْز وَيجوز وَإِن لم يرى اللب لِأَنَّهُ مستتر بِمَا فِيهِ صَلَاحه فَلَو رأى الْجَوْز وَلم يكسرهُ ثمَّ الْمَالِك كَسره وَبَاعَ اللب غيرمرئي فَهُوَ شِرَاء الْغَائِب فَأَما إِذا دفع مَا ظهر من الصُّبْرَة الَّتِي رَآهَا المُشْتَرِي وَبَاعه ذَلِك الَّذِي دفع فَيجوز قولا وَاحِدًا
624 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ سفطا من الثِّيَاب لَا يدْرِي عَددهَا لَا يجوز وَإِن كَانَت مَفْتُوحَة يَرَاهَا كلهَا وَإِن لم يعرف عَددهَا يجوز على جَوَاز بيع الْغَائِب لِأَنَّهَا مطوية وَلَو قَالَ كل وَاحِد بِكَذَا يجوز كصبرة لَا يعرف عدد صبعانها بَاعَ كل صَاع بِكَذَا جَازَ
625 - مَسْأَلَة ذكر الشَّيْخ أَبُو عَليّ لَو بَاعَ ثَوْبَيْنِ أَحدهمَا حَاضر بِشَرْط أَنه إِذا رأى الْغَائِب لَهُ الْخِيَار فِيمَا لَا يَصح قَالَ الإِمَام إِذا كَانَ باعهما صَفْقَة

(2/569)


@ وَاحِدَة فَهَذَا الشَّرْط لَا يضر لِأَن قَضِيَّة العقد هَذَا أَنه يثبت لَهُ ردهما جَمِيعًا كمن اشْترى شَيْئَيْنِ فَوجه بِأَحَدِهِمَا عَيْبا وَلَو أَرَادَ رد أَحدهمَا فَقَوْلَانِ بل حكم هَذِه الْمَسْأَلَة لَا يتَغَيَّر بِهَذَا الشَّرْط فَإِن قُلْنَا بيع الْغَائِب لَا يجوز لم يَصح فِي الْغَائِب وَفِي الْحَاضِر قَولَانِ وَإِن جَوَّزنَا فقد جمع بَين مختلفي الحكم ففيهما قَولَانِ فَإِذا جَوَّزنَا لَهُ الْخِيَار فيهمَا فَلَو أَرَادَ رد أَحدهمَا نظر إِن أَرَادَ رد الْحَاضِرَة دون الْأُخْرَى لم يجز وَإِن أَرَادَ رد الغائبة فَقَوْلَانِ بِنَاء على تَفْرِيق الصَّفْقَة وَفِي الرَّد بِالْعَيْبِ مَا ذكره حَكَاهُ عَن القَاضِي الإِمَام قَالَ وَالصَّحِيح أَن يُقَال إِن قُلْنَا شِرَاء الْغَائِب لَا يجوز لَا يَصح فِي الْغَائِب وَفِي الْحَاضِر قَولَانِ كَمَا ذكرنَا وَإِن قُلْنَا شِرَاء الْغَائِب يجوز يَصح فيهمَا ثمَّ لَهُ الْخِيَار إِن شَاءَ ردهما وَإِن شَاءَ أمسكهما فَإِن أَرَادَ رد الْغَائِب دون الْحَاضِر قَولَانِ وَلَا يَبْنِي على الْجمع بَين مختلفي الحكم لأَنا إِذا أثبتنا الْخِيَار فيهمَا فَلَا يكون جمعا بَين الْمُخْتَلِفين كَمَا لَو اشْترى شَيْئَيْنِ وبأحدهما عيب وَمن بنى على مختلفي الحكم وجوزنا العقد على أحد الْقَوْلَيْنِ وَجب أَن يكون لَهُ رد الغائبة دون الْحَاضِرَة كَمَا لَو اشْترى شَيْئَيْنِ بِشَرْط الْخِيَار فِي أَحدهمَا دون الآخر وجوزنا لَهُ رد مَا شَرط فِيهِ الْخِيَار دون الآخر فَيمكن أَن يكون هَذَا على وَجْهَيْن إِن عدم رُؤْيَة أَحدهمَا يَجْعَل كَشَرط الْخِيَار فِي أَحدهمَا فَيكون فِي صِحَة العقد قَولَانِ ثمَّ يجوز التَّفْرِيق أم يَجْعَل كالعيب حَتَّى يَصح العقد فيهمَا ثمَّ فِي التَّفْرِيق قَولَانِ
626 - مَسْأَلَة وَلَو أَن رجلا عرض أَرضًا للْبيع فالرجل لَا يرغب فِي شِرَائِهِ لظَنّه أَن خراجه سِتَّة فَقَالَ خراجه سِتَّة فَقَالَ البَائِع خراجه سِتَّة لَكِن أبيعك بخراج خَمْسَة لَا يَصح البيع كَمَا لَو قَالَ عَبدك أشل فَقَالَ البَائِع أبيعك على الصِّحَّة لَا يَصح البيع هَذَا إِذا عرض للْبيع
627 - مَسْأَلَة إِذا عرض أَرضًا للْبيع وَرجل لَا يرغب فِي شِرَائِهِ لظَنّه أَن خراجه سِتَّة دَنَانِير فَقَالَ البَائِع خراجه خَمْسَة دَنَانِير فَاشْترى عَلَيْهِ ثمَّ بَان أَن

(2/570)


@ خراجه سته لَهُ الرَّد لِأَن البَائِع أخبرهُ أَن خراجه خَمْسَة وَهُوَ أعلم بِهِ والاعتماد على قَوْله كَمَا لَو أقرّ بحريّة عبد الْغَيْر ثمَّ اشْتَرَاهُ صَحَّ البيع للاعتماد على قَوْله قَالَ الإِمَام رَضِي الله عَنهُ وكما لَو كَانَ يظنّ أَن عبد فلَان بِهِ شلل لَا يُرِيد شِرَاءَهُ فَقَالَ الْمَالِك لَا شلل بِهِ فاعتمد فَاشْتَرَاهُ ثمَّ بَان أَنه أشل لَهُ الرَّد بِالْعَيْبِ إِذا كَانَ المُشْتَرِي تَيَقّن أَن خراجه سِتَّة لَا ردد لَهُ وَإِن كَانَ البَائِع يَقُول خراجه خَمْسَة
628 - مَسْأَلَة رجل بَاعَ أَرضًا بِشَرْط أَن عَلَيْهِ خراجا فَبَان أَن لَا خراج عَلَيْهَا لَا يلْزم المُشْتَرِي الْخِيَار وَلَا خِيَار للْبَائِع كَمَا لَو ظن البَائِع معيبا فَبَان سليما وَلَو شَرط فِي البيع عَلَيْهِ أَدَاء خراج أَرَاضِي أُخْرَى نقل البَائِع إِلَيْهَا لَا يَصح البيع وَلَو اشْترى جَارِيَة فَقَالَ المُشْتَرِي أَنا اتهمها بِالزِّنَا وَلم يتيقنه فاشتراها ثمَّ تَيَقّن الزِّنَا لَهُ الرَّد لِأَن البَائِع لم يتَنَبَّه على حَقِيقَة الزِّنَا وَالْعَيْب
629 - مَسْأَلَة ذكر القَاضِي الإِمَام جَوَاز بيع الأكارع والرؤوس قَالَ الإِمَام وَهَذَا فِي رَأس الشَّاة فَأَما رَأس الْبَعِير وَالْبَقر وَجب أَن يكون كَبيع اللَّحْم قبل السلخ لَا يجوز لِأَنَّهُ يُؤْكَل كل مسلوخا بِخِلَاف الشَّاة وَلَو بَاعَ الكراع بعد الذّبْح قبل أَن يفصل لَا يجوز وَرَأَيْت فِي تَعْلِيق غَيْرِي عَن القَاضِي الإِمَام جَوَازه لِأَن مفصله مَعْلُوم كَبيع الْغُصْن على الشَّجَرَة قَالَ وَهَذَا هُوَ الِاخْتِيَار عِنْدِي إِذا كَانَ لَا يدْخل الْبَائِن نقص بإفرازها لِأَنَّهُ لَيْسَ على الأَصْل ضَرَر فِي إبانته وَكَذَلِكَ الصُّوف على ظهر الْغنم بعد الذّبْح
630 - مَسْأَلَة ذكر الشَّيْخ أَبُو عَليّ لَو بَاعَ صبرَة تَحت كسَاء لَا يجوز سَوَاء بَاعهَا مَعَ الكساء أَو دونه لِأَنَّهُ متستر بِمَا لَيْسَ صَلَاحه ظَاهر قَالَ الإِمَام وَهُوَ عِنْدِي بيع الْغَائِب وَذكر القَاضِي لَو سلخ الْجلد عَن اللَّحْم ثمَّ رد اللَّحْم إِلَى الْجلد فَبَاعَهُ فَهُوَ على قولي بيع الْغَائِب قَالَ الإِمَام وهما متشابهان قَالَ وَيُمكن الْفرق بَينهمَا وَهُوَ أَن الصُّبْرَة تَحت الكساء لَا يُوقف على حَقِيقَتهَا وَهَاهُنَا الْوُقُوف على حَقِيقَة اللَّحْم مُمكن لِأَن الْجلد كَانَ أصلا لَهُ قَالَ

(2/571)


@ القَاضِي لَو بَاعَ الصُّوف على الْغنم لَا يجوز قَالَ الإِمَام على هَذَا الْقيَاس لَو بَاعَ الْجلد دون الشّعْر الَّذِي عَلَيْهِ وَجب أَن لَا يجوز وَرَأَيْت فِي كتب بعض أَصْحَابنَا وَلَو كَانَ الشّعْر بخسا بِأَن دبغت جلد ميتَة وفيهَا الشّعْر لَا يظْهر فَلَو بَاعهَا فِي جلد كِلَاهُمَا مَقْصُود كالفرو وَقَالَ البيع فِي الشّعْر بَاطِل وَفِي الْجلد قَولَانِ وَلَو بَاعَ الْجلد دون الشّعْر وَالشعر لَا يحول بَين رُؤْيَة الْجلد قَالَ يجوز قَالَ وَفِيه دَلِيل على جَوَاز إِفْرَاد الْجلد عَن الشّعْر بِالْبيعِ قَالَ لَعَلَّه يجوز بعد السلخ ذَلِك قَالَ وَكَذَلِكَ لَو بَاعَ نصف الْجلد معينا بعد الدّباغ أَو دبغ نصفه وَنصفه لم يدبغ فَبَاعَ النّصْف المدبوغ وَجب أَن يجوز إِذا كَانَ لَا ينتقص قِيمَته بِالْقطعِ كَالثَّوْبِ الصفيق لِأَن الْجلد بعد السلخ والدبغ مُلْحق بالثياب
بَاب الرِّبَا

631 - مَسْأَلَة يجوز بيع الثَّلج بالثلج وزنا وَكَذَلِكَ يجوز بيع الجمد بالجمد وَيجوز السّلم فيهمَا وَلَا يجوز بيع الجمد بِالْمَاءِ وَيجوز بيع المَاء بِالْمَاءِ متساويين فِي الْكَيْل وَهُوَ كاللبن بِاللَّبنِ يجوز كَيْلا وَلَا يجوز بيع اللَّبن بالسمن وَيجوز بيع السّمن بالسمن وزنا لِأَنَّهُ على هَيْئَة الادخار والثلج مَعَ الجمد جِنْسَانِ وَالْبرد مَعَهُمَا جنس آخر
632 - مَسْأَلَة بيع إلية الشَّاة بالبعير أَو سَنَام الْبَعِير بِالشَّاة لَا يجوز لِأَنَّهُ وَإِن لم يكن اللَّحْم بِالْحَيَوَانِ صُورَة فَهُوَ مَعْنَاهُ وَفِي الْخَبَر النَّهْي عَن بيع الْحَيّ بِالْمَيتِ
633 - مَسْأَلَة الْأَدْوِيَة تثبت فِيهَا الرِّبَا أما الْورْد قَالَ لَا يثبت فِيهِ الرِّبَا لِأَنَّهُ لَا يعد مَأْكُولا بل هُوَ مَعْدُود من الطّيب غير أَنه يسْتَعْمل فِي بعض الْأَدْوِيَة أَحْيَانًا فَيكون ذَلِك نَادرا كاللآلي الصغار والأبريسم يتَنَاوَل بعض الْأَدْوِيَة لَكِنَّهَا لم تكن معدة للْأَكْل لم يكن مَال الرِّبَا كَمَا يُؤْكَل نَادرا من الأذاخر جمع إذخر والبلوط وَنَحْوهَا وَكَذَلِكَ جلد الشَّاة والعظم لَا رَبًّا فِيهَا وَإِن كَانَ الْجلد لَا يُؤْكَل فِي

(2/572)


@ المسموط والعظم الرخو قد يتَنَاوَل نَادرا أما الكشوت والشاهترج واللبلاب فَهِيَ أدوية مأكولة يثبت فِيهَا الرِّبَا بزر الْكَتَّان يثبت فِيهِ الرِّبَا لِأَنَّهُ مَأْكُول ودهنه هَل يثبت فِيهِ الرِّبَا
وَفِيه وَجْهَان أصَحهمَا لَا يثبت لِأَنَّهُ بعد للاستصباح لَا للْأَكْل وَكَذَلِكَ دهن السّمك وَقد يجوز أَن يكون الشَّيْء حَال الرِّبَا ثمَّ يصير إِلَى مَا لَا رَبًّا فِيهِ لتغيره عَن هَيْئَة المطعوم كالقرع الرطب حَال الرِّبَا ثمَّ إِذا جف خرج عَن مَال الرِّبَا لِخُرُوجِهِ عَن المطعوم وَكَذَلِكَ الْبيض يثبت فِي الرِّبَا ثمَّ الفرخ الْخَارِج مِنْهُ بِخِلَافِهِ لَا رَبًّا فِيهِ وَكَذَلِكَ فِي الْحِنْطَة إِذا صَارَت ذرعا لَا رَبًّا فِيهِ وَعَكسه أصل الشّجر لَا رَبًّا فِيهَا وَالثَّمَرَة الْخَارِجَة مِنْهَا يثبت فِيهَا الرِّبَا للتفاوت قَالَ وَكَذَلِكَ الصمغ الَّذِي يخرج من الشّجر يثبت فِيهِ الرِّبَا لِأَنَّهُ دَوَاء كَسَائِر الْأَدْوِيَة ودهن الخروع يثبت فِيهِ الرِّبَا لِأَنَّهُ دَوَاء وَأما الخروع قَالَ لَا رَبًّا فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَل وبذر الفجل والبصل يثبت فِيهِ الرِّبَا قَالَ وَيجوز بَيْعه بالفجل والبصل كَمَا يجوز بيع بيض الْحمام بِلَحْم الْحمام وَكَذَلِكَ بذر الجزر والشلجم
أما الباذنجان لَو بَاعه ببزره وَجب أَن لَا يجوز لِأَنَّهُ مَوْجُود فِيهِ كَبيع لب الْجَوْز إِلَّا إِن يكون صَغِيرا قبل انْعِقَاد البزر فِيهِ وَكَذَلِكَ بذر الْبِطِّيخ وَبيع القرع الْيَابِس بالرطب واليابس يجوز لِأَن الْيَابِس لَيْسَ بمطعوم فَلَو بَاعَ الْيَابِس مِنْهُ باليابس قبل أَن يخرج مِنْهُ الب قَالَ وَجب أَن لَا يجوز لِأَن الْحبّ مطعوم
634 - مَسْأَلَة مَا بدا فِيهِ الصّلاح من الثِّمَار فِيهِ الرِّبَا وَمَا لم يبد فِيهِ

(2/573)


@ الصّلاح إِن كَانَ لَا يُمكن أكله كالجوز قبل أَن يظْهر فِيهِ اللب وَالرُّمَّان قبل ظُهُور الْحبّ فِيهِ وَإِن كَانَ يُؤْكَل فِي تِلْكَ الْحَالة لِأَن الْمَأْكُول مِنْهُ اللب ويؤكل قشره فِي أول إِدْرَاكه نَادرا كأوائل قضبان الْكَرم أما المشمش فَفِيهِ رَبًّا وَإِن كَانَ مَأْكُولا لِأَن الْمَأْكُول خَارجه
635 - مَسْأَلَة بَاعَ كرما وَقد انْعَقَد بعض ثمره وَبَعض نوار قَالَ إِن بَاعَ أصل الْكَرم لَا يدْخل المنعقد فِي البيع وَيدخل النوار وَإِن بَاعَ الثَّمَرَة يَصح فِي المنعقد دون النوار
636 - مَسْأَلَة لَو كَانَ لَهُ داران مستقبلتان فسد بَاب إِحْدَاهمَا وَفتح بَينهمَا خوخة ليستطرق من إِحْدَاهمَا إِلَى الْأُخْرَى ثمَّ إِنَّه بَاعَ الدَّار الَّتِي سد بَابه قَالَ لَيْسَ للْمُشْتَرِي حق الاستطراق إِلَّا ممر الْبَاب الْقَدِيم وَلَيْسَ لَهُ حق الْمَمَر من الخوخة
637 - مَسْأَلَة إِذا اشْترى شَيْئا من مُوَرِثه ثمَّ مَاتَ الْمُورث قبل الْقَبْض وَلم يكن لَهُ وَارِث آخر وَلَكِن على الْمَيِّت دُيُون وَأوصى بوصايا فلوارثه بَيْعه قبل الْقَبْض أَن يقبض لِأَن حق الدّين وَالْوَصِيَّة فِي الثّمن وَلَو اشْترى شَيْئا من مُوَرِثه بِشَرْط الْخِيَار فَمَاتَ الْمُورث فِي زمَان الْخِيَار أَو اشْترى لَا بِشَرْط الْخِيَار وَمَات الْمُورث وَوجد الْوَارِث عَيْبا لَا رد لَهُ لِأَن التَّرِكَة صَارَت لَهُ فَإِن كَانَ ثمَّة وَارِث آخر لم يجز لَهُ رد بعضه لِأَن تبعيض الصَّفْقَة فِي الشَّيْء الْوَاحِد لَا يجوز وَله رده كُله وَيسْتَرد الثّمن من التَّرِكَة وَكَذَلِكَ لَو كَانَ عَلَيْهِ دين أَو أوصى بوصايا وَلَا وَارِث لَهُ سواهُ قَالَ يجوز لَهُ رده لَهُ غَرضا وَهُوَ أَن يسْتَردّ الثّمن وَيجْعَل مَا اشْترى فِي الدّين والوصايا
638 - مَسْأَلَة إِذا اشْترى جَارِيَة وَقُلْنَا يجوز بيع الْغَائِب لَا بُد أَن يرى مِنْهَا مَا لَيْسَ بِعَوْرَة وَلَو كَانَ المُشْتَرِي زَوجهَا قَالَ لَا يشْتَرط أَن يرى مِنْهَا مَا

(2/574)


@ عورتها وَإِن كَانَ يجوز لَهُ النّظر إِلَى عورتها لِأَن مَا هُوَ عَورَة مِنْهَا لما سقط اعْتِبَار رؤيتها سقط فِي حق الكافة كباطن الصُّبْرَة واللب فِي الْجَوْز
639 - مَسْأَلَة قَالَ وَلَو اشْترى كوزا لَا يشْتَرط رُؤْيَة بَاطِنهَا لِأَنَّهُ يسْتَدلّ بِرُؤْيَة الظَّاهِر على صِحَة الْبَاطِن وَلَو شرطنا لما جَازَ بيع قَارُورَة لَا يُمكن رُؤْيَة بَاطِنهَا
640 - مَسْأَلَة ذكر الشَّيْخ أَبُو عَليّ فِي شرح التَّلْخِيص أَنه لَو اشْترى ثوبا مطويا بِيعَتْ بالسر كالشاهجاي يَكْفِي رُؤْيَة ظَاهرهَا
641 - مَسْأَلَة إِذا جمع بَين البيع وَالنِّكَاح فِي عقد وَاحِد فَقيل فِي النِّكَاح فَحسب إِن قُلْنَا لَو قبلهمَا لَا يَصح البيع وَيصِح النِّكَاح فالقبول صَحِيح لِأَنَّهُ قَضِيَّة العقد وَإِن قُلْنَا لَو قبلهمَا يصحان فَهُوَ كَمَا لَو جمع بَين البيع وَالْإِجَارَة وَقبل أَحدهمَا بِحِصَّتِهِ هَل يَصح يحْتَمل أَن يُقَال لَا يَصح كَمَا لَو بَاعَ عَبْدَيْنِ صَفْقَة وَاحِدَة فَقبل المُشْتَرِي أَحدهمَا بِمَا يَخُصُّهُ لَا يَصح وَيحْتَمل أَن يُقَال يَصح هَاهُنَا لِأَنَّهُمَا عقدان مُخْتَلِفَانِ فَلَا يشْتَرط فِي صِحَة كل وَاحِد الْقبُول للْآخر وَقد رَأَيْت لشَيْخِنَا لَو أوجب النِّكَاح فِي امْرَأتَيْنِ لرجل بِعقد وَاحِد فَقبل نِكَاح أَحدهمَا جَازَ فَفِيهِ دَلِيل على جَوَاز يقبل النِّكَاح دون البيع قَالَ وَفِي النِّكَاح هَذَا أصح لِأَن جَهَالَة الْعِوَض فِيهِ لَا يمْنَع العقد بِخِلَاف البيع وَالْإِجَارَة
642 - مَسْأَلَة إِذا سلم الْمَبِيع فِي زمَان الْخِيَار لَا يجب على المُشْتَرِي تَسْلِيم الثّمن وَهل لَهُ أَن يسْتَردّ الْمَبِيع وَجْهَان فَلَو أَن المُشْتَرِي أودعهُ من البَائِع فَتلف عِنْده قَالَ يحْتَمل أَن يُقَال إِن قُلْنَا لَهُ الِاسْتِرْدَاد فَهُوَ كَمَا لَو تلف قبل التَّسْلِيم وَإِن قُلْنَا لَا اسْتِرْدَاد لَهُ فَهُوَ كَمَا لَو تلف بعد التَّسْلِيم فِي زمَان الْخِيَار وَلَو تلف فِي يَد المُشْتَرِي فَهُوَ كَمَا لَو تلف بعد التَّسْلِيم وَيحْتَمل أَن يُقَال بعد الْإِيدَاع هَكَذَا اذا لم يُوجد صَرِيح الِاسْتِرْدَاد
643 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ عبدا قد وَجب عَلَيْهِ الْقصاص
قيل فِيهِ قَولَانِ كَالْعَبْدِ الَّذِي فِي عينه جِنَايَة خطأ وَقيل يَصح

(2/575)


@ كالمرتد قَالَ على هَذَا إِذا قتل فمعلوم وَلَو عفى الْمَجْنِي عَلَيْهِ على مَال قَالَ يَنْبَغِي أَن يُقَال لَا يصير السَّيِّد مُخْتَارًا للْفِدَاء لِأَنَّهُ حِين بَاعه لم يكن المَال مُتَعَيّنا بل يفْسخ البيع وَيُبَاع فِي الْجِنَايَة وَلَو كَانَ المُشْتَرِي عَالما بِهِ حَالَة الشِّرَاء يحْتَمل أَن يُقَال يسْقط حَقه من الْفَسْخ مَا لَو كَانَ عَالما فَقيل يرجع بِالثّمن أَو الْأَرْش لِأَن رِضَاهُ بِالْقَتْلِ لَا يكون رضَا بِالْبيعِ فِي الْجِنَايَة فَإِن رَضِي بِهِ فَبيع على ملك المُشْتَرِي لَا شَيْء لَهُ على البَائِع كَمَا لَو رَضِي بِهِ فَقتل وَكَذَلِكَ لَو رهن عبدا عَلَيْهِ قصاص وجوزنا وَهُوَ الْأَصَح فعفى على مَال يُبَاع فِي الْجِنَايَة وللمرتهن فِي فسخ البيع الْمَشْرُوط فِيهِ وَلَا يكون السَّيِّد مُخْتَارًا للْفِدَاء وَالْخيَار وثابت للْمُرْتَهن وَإِن كَانَ عَالما لِأَن رِضَاهُ بِالْقَتْلِ لَا يكون رضَا بِالْبيعِ عَلَيْهِ
644 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ دَارا فِيهَا تُرَاب هَل يدْخل فِي البيع
قَالَ إِن كَانَ مفروشا يدْخل لِأَنَّهُ كَأَجر الأَرْض وَإِن كَانَ مجموعا نظر إِن جعل دكانا للتأييد دخل وَإِن جمعه لنقل أَو اسْتِعْمَال عِنْد حَاجَة فَلَا
645 - مَسْأَلَة إِذا اخْتلف الْمُتَبَايعَانِ فِي شَيْء وَثَبت التخالف أَو فِي شَرط وَجَعَلنَا القَوْل قَول النَّافِي
فَقبل أَن يحلف أَو قبل أَن يتحالفا تصرف المُشْتَرِي فِيهِ وَجب أَن ينفذ وَلَو أعتق ينفذ لِأَنَّهُ ملك بالِاتِّفَاقِ ثمَّ إِن كَانَ تصرف تَصرفا بِزَوَال فَهُوَ كَمَا لَو تصرف قبل الِاخْتِلَاف وَاخْتلفَا وتحالفا
646 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ نصف الزَّرْع البقل مشَاعا دون الأَرْض لَا يجوز لِأَن الْقطع شَرط وَلَا يُمكن قطع بعضه إِلَّا بِقطع كُله وَلَو كَانَ زرع مُشْتَرك بَين رجلَيْنِ بَاعَ كل وَاحِد نصِيبه بِنَصِيب صَاحبه لَا يجوز لِأَن كل وَاحِد لَا يُمكنهُ قطع مَا اشْترى إِلَّا بإفساد مَا بَاعَ بِخِلَاف مَا لَو بَاعَ الزَّرْع البقل من رجلَيْنِ بِشَرْط الْقطع يجوز لِأَنَّهُمَا فِي جِهَة وَاحِدَة وصفقة وَاحِدَة وَكَذَلِكَ لَو كَانَ لِرجلَيْنِ لكل وَاحِد زرع بقل مُنْفَرد عَن الآخر غير مُشْتَرك بَاعَ أَحدهمَا زرعه بزرع

(2/576)


@ صَاحبه بِشَرْط الْقطع يجوز لِأَن قطعه لما اشْترى لم يُوجب إِفْسَاد مَا بَاعَ
647 - مَسْأَلَة العَبْد الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة إِذا اشْترى شِرَاء فَاسِدا فَهَلَك فِي يَد هَل يتَعَلَّق الضَّمَان بِكَسْبِهِ
قَالَ يبْنى على أَن السَّيِّد إِذا أذن لعَبْدِهِ فنكح نِكَاحا فَاسِدا ووطىء هَل يتَعَلَّق الضَّمَان بِكَسْبِهِ قَولَانِ أَحدهمَا إِذْنه يتَنَاوَل الصَّحِيح وَالْفَاسِد فَيتَعَلَّق بِكَسْبِهِ كَذَا هَا هُنَا وَإِن قُلْنَا لَا يتَنَاوَل إِلَّا الصَّحِيح فَيكون لمن نكح بِغَيْر إِذن الْمولى فَيتَعَلَّق بِذِمَّتِهِ كديون مُعَاملَة العَبْد الْمَحْجُور
648 - مَسْأَلَة إِذا أذن لعَبْدِهِ فِي التِّجَارَة فِي قَرْيَة بِعَينهَا وأتى الْقرْيَة غير الْقرْيَة ضمن الْوَالِي العَبْد دون مَا فِي يَده لِأَن المَال مُحرز بِالْعَبدِ وَالْعَبْد مَضْمُون عَلَيْهِ
649 - مَسْأَلَة وَلَو أَن عبدا مَأْذُونا اسْتقْرض شَيْئا أَو اشْترى شَيْئا فأتلفه فَإِن الثّمن يتَعَلَّق بِمَا فِي يَده كَمَا لَو تلف فِي يَده لِأَن يَده يَد الْمولى فَإِن حجر عَلَيْهِ الْمولى وَلَا مَال فِي يَده يكون فِي ذمَّته حَتَّى يعْتق
650 - مَسْأَلَة وَلَو أعَار رجل من عبد مَأْذُون أَو غير مَأْذُون شَيْئا فَهَلَك فِي يَده يتَعَلَّق بِذِمَّة العَبْد قَالَ وَلَو أهلكه كَذَلِك بِخِلَاف مَا لَو أودع من عبد شَيْئا فَأَهْلَكَهُ فِيهِ قَولَانِ فِي قَول يتَعَلَّق بِذِمَّتِهِ لِأَن الْمَالِك سلط عَلَيْهِ كَدين الْمُعَامَلَة وَالثَّانِي بِرَقَبَتِهِ لِأَنَّهُ لم يُسَلِّطهُ على سَبَب مُوجب للضَّمَان بِخِلَاف الْعَارِية قَالَ وَلَو أعَار من صبي شَيْئا فَهَلَك فِي يَده لَا ضَمَان عَلَيْهِ كَمَا لَو بَاعَ مِنْهُ شَيْئا
651 - مَسْأَلَة وَلَو أَن عبدا مَأْذُونا من جِهَة السَّيِّد فِي حفظ الدَّوَابّ دفع إِلَيْهِ إِنْسَان دَابَّة ليحفظ فَهَلَك عِنْده لَا ضَمَان فَلَو ركبهَا العَبْد صَار ضَامِنا فَإِن هلك بعده يصير كَأَن العَبْد أهلكه لتعديه بالركوب كَالْحرِّ يصير بالركوب ضَامِنا حَتَّى لَو هلك يكون مهْلكا يتَعَلَّق الضَّمَان بِرَقَبَتِهِ فَإِن أودعهُ أَو دفع إِلَيْهِ دَابَّة

(2/577)


@ وَالْعَبْد غير مَأْذُون من جِهَة السَّيِّد فَهُوَ كَمَا لَو أودعهُ بِغَيْر إِذن الْمولى فعلى هَذَا يتَعَلَّق الضَّمَان بِرَقَبَتِهِ أم بِذِمَّتِهِ فكالوديعة تهلكه العَبْد فِي قَول يتَعَلَّق بِرَقَبَتِهِ وَفِي قَول يتَعَلَّق بِذِمَّتِهِ لِأَن الْمُودع أهلك مَاله حَيْثُ أودعهُ وَهُوَ غير مَأْذُون
652 - مَسْأَلَة إِذا جنى على عبد اشْتَرَاهُ الْمَأْذُون فأرش الْجِنَايَة فِي مَال التِّجَارَة يُؤدى من دُيُون التِّجَارَة وَلَو اشْترى الْمَأْذُون عبدا فَقتل العَبْد فَقيمته كَذَلِك وَلَو وطِئت الْجَارِيَة الَّتِي اشْتَرَاهَا الْمَأْذُون فالمهر كالاحتطاب وَإِن كَانَت بكرا فافتضت فأرش الافتضاض فِي مَال التِّجَارَة
653 - مَسْأَلَة لَو أَن رجلا دفع بقرة إِلَى رَاع ليحفظها ولرجل آخر فِي هَذَا المسرح بقور فجَاء غُلَام الرجل وَأخرج بقور سَيّده من المسرح وَحمل بقرة ذَلِك الرجل مَعَ بقور سَيّده إِلَى بَيته فَضَاعَت الْبَقَرَة
قَالَ الضَّمَان يتَعَلَّق بِرَقَبَة العَبْد إِلَّا أَن يفْدِيه السَّيِّد
654 - مَسْأَلَة فرع على قَوْلنَا إِن الْمُعَامَلَة بِالدَّرَاهِمِ المغشوشة تصح إِذا بَاعَ دَرَاهِم مغشوشة بِمِثْلِهَا لَا تصح وَإِن كَانَ الْغِشّ لَو تميز مِنْهَا لَا قيمَة لَهُ لِأَنَّهُ بيع فضَّة بِفِضَّة مَجْهُولَة وَذَلِكَ الْقدر يُؤثر فِي الْوَزْن كَمَا لَو بَاعَ حِنْطَة بِصَاع حِنْطَة وَفِيهِمَا قَلِيل مصل أَو وزن يظْهر فِي الْكَيْل وَلَو بَاعَ دَرَاهِم مغشوشة بِدَنَانِير مغشوشة نظر إِن كَانَ غش الذَّهَب بِفِضَّة لَا يجوز قَالَ هَذَا عِنْدِي أَن لَو كَانَ غش الذَّهَب بِحَيْثُ لَو ميز النَّار يحصل مِنْهُ شَيْئا من الْفضة فَإِن لم يحصل يجوز لِأَنَّهُ مستهلك كَمَا لَو بَاعَ دَنَانِير مطليا بنقرة بِدَرَاهِم أَو دَرَاهِم مطليا بِذَهَب بِدَنَانِير يجوز إِذا كَانَ التمويه لَا يحصل مِنْهُ شَيْء فَإِن كَانَ غش الذَّهَب نُحَاسا فعلى قولي الْجمع بَين مختلفي الحكم قَالَ هَذَا إِذا كثر بِحَيْثُ يكون الْغِشّ بعد التَّمْيِيز قيمَة فَإِن قل الدَّنَانِير بِحَيْثُ لَو ميز الْغِشّ عَنهُ لَا يكون لَهُ قيمَة وَجب أَن يجوز لِأَنَّهُ إِذا لم يكن للغش قيمَة لَا يَقع بمقابلته شَيْء من الْعِوَض

(2/578)


@ بِحَيْثُ يجب وَلَا يُقَال إِذا كَانَ كَذَلِك وَجب أَن لَا يَصح العقد لِأَن الذَّهَب الْخَالِص فِيهِ مَجْهُول لِأَن عَليّ هَذَا الْوَجْه الَّذِي يجوز التَّصَرُّف فِي الْمَغْشُوش لَا ينظر الى جَهَالَة مَا فِيهِ وَإِنَّمَا ينظر إِلَى الرواج وَهِي رائجة
655 - مَسْأَلَة وَلَو اشْترى عبدا بِشَرْط أَن يعتقهُ عِنْد الْحَصاد لَا يجوز للْجَهَالَة فَإِن قَالَ بِشَرْط أَن تعتقه بعد شهر أَو مُدَّة وَأعلم الْمدَّة يَصح وَلَو اشْترى عبدا بِشَرْط أَن يعلق عُنُقه بِصفة بمجيء الشَّهْر أَو دُخُول الدَّار فَيكون كَمَا لَو اشْترى عبدا بِشَرْط أَن يكاتبه أَو بِشَرْط أَن يدبره فِيهِ طَرِيقَانِ أَحدهمَا يَصح كَمَا لَو اشْترى بِشَرْط الْإِعْتَاق وَالثَّانِي هُوَ الْأَصَح لَا يَصح
656 - مَسْأَلَة إِذا جعل أحد الْمُتَبَايعين خِيَاره إِلَى أَجْنَبِي فِي زمَان الْخِيَار
قَالَ يجوز بتراضيهما كَمَا فِي ابْتِدَاء العقد لَو شرطا الْخِيَار الثَّالِث أما بِغَيْر رضَا الآخر لَا يجوز كَمَا فِي الِابْتِدَاء لَا يجوز أَن يشرط الْخِيَار لثالث إِلَّا بتراضيهما وَلَا شَرط الْخِيَار لأَجْنَبِيّ ثمَّ قَالَ الْعَاقِد ألزمت العقد قَالَ لَا يلْزم وَلَا يسْقط خِيَار الْأَجْنَبِيّ سَوَاء قُلْنَا يثبت لَهُ الْخِيَار أم لَا كَمَا إِذا اشْترى على أَنِّي أؤامر فلَانا فَلَا يستبد الْعَامِد بِفَسْخ وَلَا إجَازَة وكالوكيل إِذا بَاعَ بِشَرْط الْخِيَار بِأَمْر الْمُوكل فألزم الْمُوكل العقد لَا يلْزم لِأَن الْخِيَار للْوَكِيل فَلَو قَالَ الْأَجْنَبِيّ عزلت نَفسِي قَالَ لَا يَنْعَزِل إِلَّا أَن يَقُول ألزمت العقد فَيلْزم كَمَا لَو علق الطَّلَاق بِمَشِيئَة فلَان فَقَالَ فلَان عزلت نَفسِي عَن أَن يكون الطَّلَاق بمشيئتي لَا يَصح بل مَتى شَاءَ وَقع
657 - إِذا اشْترى جَارِيَة فَوَجَدَهَا قرنا أَو رتقا لَهُ الرَّد بِخِلَاف مَا لَو كَانَت بكرا لِأَن الرتق والقرن عيب بِدَلِيل أَنه يرد بِهِ النِّكَاح
658 - مَسْأَلَة إِذا اشْترى جَارِيَة قَالَ المُشْتَرِي شرطنا الْبكارَة وَقَالَ البَائِع لم نشرط فِيهِ وَجْهَان أَحدهمَا يَتَحَالَفَانِ وَالثَّانِي القَوْل قَول البَائِع مَعَ يَمِينه فَأَما إِذا اتفقَا على شَرط الْبكارَة فَقَالَ البَائِع سلمتها إِلَيْك بكرا فَزَالَتْ

(2/579)


@ الْبكارَة فِي يدك وَقَالَ المُشْتَرِي بل سلمت إِلَيّ ثَيِّبًا فَالْقَوْل قَول البَائِع كَمَا لَو اخْتلفَا فِي الْعَيْب
659 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ الْأَب من مَال الصَّبِي شَيْئا ثمَّ قَامَت الْبَيِّنَة على فسق الْأَب قَالَ إِن كَانَ القَاضِي حكم بِصِحَّة بيع الْأَب لَا يرد وَإِن لم يحكم فَيرد وَلَو أرسل رجل طفْلا إِلَى آخر ليستعير لَهُ شَيْئا فَدفع الْمَالِك إِلَيْهِ فَهَلَك أَو أهلكه لَا ضَمَان على أحد
660 - مَسْأَلَة عبد لصبي آبق فَأَخذه قَاضِي بلد آخر وَلم يكن حفظه فَبَاعَهُ على الصَّبِي هَل يَصح
قَالَ إِن كَانَ بلد الصَّبِي فِي ولَايَته يَصح وَإِلَّا فَلَا بِخِلَاف مَا لَو ادّعى على غَائِب شَيْئا وَأقَام بَيِّنَة بَاعَ القَاضِي مَاله وَإِن لم يكن الْمَبِيع عَلَيْهِ فِي ولَايَته لِأَنَّهُ الْمَحْكُوم لَهُ فِي ولَايَته أَو وَكيله كَمَا يجب عَلَيْهِ أَن يحكم بَين الْمُسلم الْحَرْبِيّ فِي ولَايَته لِأَن الْمُسلم من أهل ولَايَته وَإِن لم يكن الْحَرْبِيّ من أهل ولَايَته وَهَاهُنَا يَبِيع الطِّفْل وَهُوَ لَيْسَ تَحت ولَايَته كَمَا لَو كَانَ للصَّبِيّ فِي ولَايَته أَب لَا يجوز للْقَاضِي بيع مَاله لِأَن ولَايَته إِلَى أَبِيه وَكَذَلِكَ يقسم المُشْتَرِي بَين الْحَاضِر وَالْغَائِب بِطَلَب الْحَاضِر نَظِير مَا نَحن فِيهِ أَن الْقَضَاء للْغَائِب لَا يجوز وَهَذَا بِخِلَاف مَا لَو بَاعَ مَال غَائِب وَلَا يعرف مَوْضِعه أَو يعرف وَرَأى الْمصلحَة فِيهِ لتصرفه وَإِن لم يكن فِي ولَايَته لِأَن بَيْعه لَيْسَ للولاية على الْمَالِك بل للثيابة كَمَا يُزَوّج وليته فِي غيبته لِأَن الْمَالِك لَيْسَ مِمَّن يُولى عَلَيْهِ
661 - مَسْأَلَة وكتبت إِلَيْهِ فِي رجل بَاعَ عبدا بألفي دِرْهَم ثمَّ قيل أَيْن بيع توبهزار وبانصد دِرْهَم باربذ برفتي كوبد بذير فتم هَل يرْتَد البيع وَهل تصح الْإِقَالَة قَالَ لَا تصح الْإِقَالَة لِأَن الْإِقَالَة لَا تجوز إِلَّا على الثّمن الَّذِي ورد العقد عَلَيْهِ وَهَذَا غَيره
662 - مَسْأَلَة سُئِلَ عَمَّا إِذا بَاعَ أوراق الفرصاد مَعَ الأغصان قَالَ لَا يشْتَرط فِيهِ الْقطع لِأَن الأغصان أَصْلهَا كَمَا لَو بَاعَ الثَّمَرَة مَعَ الشَّجَرَة لَا يشْتَرط

(2/580)


@ الْقطع فَإِن بَاعَ دون الأغصان قبل أَن يتناهى قَالَ يشْتَرط الْقطع لِأَنَّهُ بَاعه دون الأَصْل كَمَا لَو بَاعَ الثَّمَرَة دون الشَّجَرَة وَسُئِلَ عَمَّا إِذا بَاعَ أَغْصَان الفرصاد قبل خُرُوج الأوراق قَالَ يَصح البيع مُطلقًا والأوراق تخرج على ملك المُشْتَرِي وَسُئِلَ عَمَّا إِذا بَاعَ أصل المبطخة بعد خُرُوج الْبِطِّيخ وإدراكه واجتنائه قَالَ لَا بُد من شَرط الْقطع وَإِن بَاعه من غير شَرط الْقطع لَا يَصح لِأَنَّهَا تثمر مرّة بعد أُخْرَى فَلَا يتناهى وَقَالَ مرّة إِذا كَانَ بعد بَدو الصّلاح فِي الْبِطِّيخ جَازَ مَعَ أَصله مُطلقًا

(2/581)


@
بَاب السّلم

وَلَو أسلم إِلَى إِنْسَان فَدفع جزَافا إِلَى الْمُسلم فِي وعَاء من قَارُورَة أَو غَيرهَا فَهَلَكت القارورة وَالَّذِي فِيهَا فِي يَده قَالَ يضمن مَا فِيهِ لِأَنَّهُ مَقْبُوض عَن ضَمَان وَلَا يضمن القارورة لِأَنَّهُ دَفعه لَا لينْتَفع بِهِ بل ليفرغ عَنهُ كالظرف فِي الْهَدِيَّة
663 - مَسْأَلَة كتب إِلَيْهِ من خمس قرى فِي رجل كَانَ يَأْخُذ الْخبز من الخباز وَاللَّحم والتوابل من القصاب والبقال من غير عقد ثمَّ بعد مُدَّة يُحَاسب مَا أَخذ مِنْهُم وَيدْفَع قيمتهَا إِلَيْهِم وَكَانَ بعض الْمَأْخُوذ من التوابل من ذَوَات الْأَمْثَال وَبَعضهَا من ذَوَات الْقيم هَل تَبرأ ذمَّته عَنْهَا بِدفع الْقيمَة عَن الْمِثْلِيَّات والمتقومات
قَالَ أما مَا كَونه من غير عقد لَا يكون حَلَالا
وَكتب إِلَيْهِ لَو كَانَ نقد الْبَلَد مغشوشا هَل يبرأ بِدفع الْقيمَة من نقد الْبَلَد أم يجب دفع الْقيمَة من الذَّهَب الْخَالِص
قَالَ تجب الْقيمَة من نقد الْبَلَد وَيبرأ بدفعها وَإِن كَانَت مغشوشة
وَكتب إِلَيْهِ هَل تجوز الْمُعَامَلَة بِالنَّقْدِ الْمَغْشُوش قَالَ يجوز لِأَن الْمَقْصُود هُوَ الرواج سَوَاء اشْترى بِعَينهَا أم فِي الذِّمَّة
وَكتب إِلَيْهِ وَلَو قَالَ بِعْتُك بِكَذَا مِثْقَال من النقرة أَو الذَّهَب وَلم يبين أَنه

(2/582)


@ مَضْرُوب أَو سبيكة
قَالَ لَا يَصح البيع
وَكتب إِلَيْهِ لَو قَالَ بِعْتُك بِالذَّهَب المغربي وَلَا يُوجد ذَلِك النَّقْد فِي الْبَلَد قَالَ لَا يَصح العقد لوُقُوع النزاع كَمَا إِذا بَاعَ مَا لَا يقدر على تَسْلِيمه وَإِن كَانَ يعز وجوده هَذَا بيني على قولي الِاسْتِبْدَال إِن جَوَّزنَا الِاسْتِبْدَال يَصح العقد وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ فسخ وَإِن شَاءَ استبدل وَإِن قُلْنَا لَا يجوز الِاسْتِبْدَال لَا يَصح العقد وَالْأَظْهَر من الْقَوْلَيْنِ جَوَاز الِاسْتِبْدَال قَالَ وَالأَصَح عِنْدِي أَنه لَا يجوز بيع مَالا يقدر على تَسْلِيمه ويضطر إِلَى بدل عوضه
وَكتب إِلَيْهِ لَو أَخذ المَال من الْبَقَّال أَو اللَّحْم من القصاب واستباح المَال فأباح الْمَالِك ذَلِك قَالَ يحل لَهُ أكله وَإِن كَانَ قطنا جَازَ لَهُ أَن يَضَعهُ على الْجُبَّة لَكِن لَا يجوز بَيْعه قَالَ وللمالك أَن يرجع عَن الْإِبَاحَة قبل أَن يَأْكُلهُ الْمُبَاح لَهُ بالْقَوْل وَالْفِعْل
وَكتب إِلَيْهِ لَو قَالَ رجل أبحت جَمِيع مَا فِي دَاري لفُلَان أكلا واستعمالا وَلم يعرف الْمَالِك مَا فِي دَاره حَالَة مَا يَقُول هَذِه الْكَلِمَة هَل يُبَاح لذَلِك الرجل الْأكل والاستعمال كتب لَا
وَكتب لَو قَالَ جَمِيع مَا فِي دَاري وَمَا يدْخل فِيهَا بعد هَذَا وَمَا يدْخل فِي ملكي أبحت لفُلَان كتب لَا تحصل الْإِبَاحَة بِهَذَا
وَكتب إِلَيْهِ لَو أَبَاحَ لإِنْسَان أَن يتَّخذ بستانه ممرا فَأَرَادَ الرُّجُوع قَالَ لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ عَارِية
644 - مَسْأَلَة حَائِط لرجل لَهُ بَاب فَبَاعَ بعضه معينا من رجل وَلم يبين الْمَمَر هَل يسْتَحق الْمَمَر من الْبَاب
قَالَ إِن بَاعَ الْقطعَة الَّتِي فِيهَا الْبَاب ذَلِك ملكه يسْتَحق الْمَمَر لِأَنَّهَا ملكه وَإِن عين قِطْعَة من الأَرْض لَا يَلِي جَانبهَا الشَّارِع لَا يَصح البيع حَتَّى يبين الْمَمَر وَكَانَ يخْتَار أَن يَبِيع بَيْتا فِي الدَّار من غير أَن يبين ممر فِي الْمَبِيع أَو بيع فِي الأَرْض من غير بَيَان الْمَمَر لَا يجوز

(2/583)


- مَسْأَلَة عَرصَة مُشْتَركَة بَين رجلَيْنِ أنصافا لأَحَدهمَا نصفهَا وَللْآخر نصفهَا فعين أحد الشَّرِيكَيْنِ قِطْعَة مِنْهَا ودورها دائر بِغَيْر إِذن الشَّرِيك وَقَالَ بِعْتُك هَذِه الدائرة بِكَذَا دون إِذن الشَّرِيك كتب إِلَيْهِ هَذِه الْمَسْأَلَة أَن البيع فِي كم يَصح
كتب فِي الْجَواب لَا يَصح البيع فِي شَيْء من المدورة
مسَائِل بَاب الرَّهْن

666 - مَسْأَلَة حُكيَ عَن القَاضِي رَحمَه الله أَنه قَالَ لَو ألْقى ثوبا فِي خمر وَترك حَتَّى صَار الْخمر خلا لَا يطهر لِأَن مَا يشربه الثَّوْب لَا يطهر إِذْ لَا ضَرُورَة إِلَيْهِ بِخِلَاف أَجزَاء الدن قَالَ الإِمَام لَو صب فِي الْخمر مَاء فَكَذَلِك وَكَذَلِكَ الْمدر الَّذِي يتشرب الْخمر فَأَما إِذا ألْقى فِيهَا حجر صلب لَا يتشربها أَو حَدِيدَة يَنْبَغِي أَن يطهر وَلَو صب فِي الْعصير قَطْرَة خمر ينجس قَالَ الإِمَام فأذا صَار الْعصير خمرًا لَا يطهر لِأَن نَجَاسَته حصلت قبل اشتداده فَلَا يطهر بالانقلاب كَمَا وَقعت فِيهِ شَعْرَة وَكَذَلِكَ إِذا أخرج الْخمر من الدن ثمَّ صب فِيهِ عصير فتخمر ثمَّ تخَلّل لَا يطهر وَلَا يُقَال يطهر أَجزَاء الدن تبعا وَلَو نقل الْخمر من مَحل إِلَى مَحل آخر أَو فتح رَأسه اسْتِعْمَالا للخل لَا ينجس وَكَذَلِكَ لَو صبه من دن إِلَى دن آخر فتخلل قَالَ يطهر
ثمَّ كتب وَلَو صب ذَلِك الْخمر من ذَلِك الدن فِي دن آخر وتخلل قَالَ يطهر وَقَالَ لِأَن مَا ارْتَفع من الْخمر إِلَى رَأس الدن لم يُوجد فِيهِ الانقلاب وجف مَكَانَهُ فَبَقيَ غشاء كَمَا كَانَ فنجس الْخلّ بملاقاته بِخِلَاف مَا لَو غلب الْخمر وَارْتَفَعت بالغليان إِلَى رَأس الدن ثمَّ عَادَتْ إِلَى موضعهَا الَّذِي كَانَت وتخللت حكم بِطَهَارَتِهِ وَإِن كَانَت مُتَّصِلَة بِمَا فَوْقهَا وَلم يُوجد الانقلاب فِيمَا فَوْقهَا لجفافها لِأَن هُنَاكَ وَإِن لم يحكم بِطَهَارَة مَا فَوْقهَا لعدم الانقلاب فِيهَا لأَنا لَا نحكم بِنَجَاسَة الْخلّ لأجل الضَّرُورَة فَإنَّا لَو قُلْنَا ينجس الْخلّ لم يُوجد خل طَاهِر فِي الدُّنْيَا فلأجل الضَّرُورَة لم نحكم بِنَجَاسَة الْخلّ وَإِن كَانَت مُتَّصِلَة بِالنَّجَاسَةِ لَا أَن مَا فَوْقهَا طَاهِر بل نجس وَلَكِن بعض كدود الْخلّ يَمُوت فَلَا يُنجسهُ وَإِن

(2/584)


@ كَانَ يَمُوت بالدود والدود الْمَيِّت فِي نَفسه نجس لعُمُوم الْبلوى كَذَلِك هَذَا مَا فِي مَسْأَلَتنَا لَا ضَرُورَة إِلَى نقل الْخمر بِإِنَاء مُرْتَفع الْخمر من مَكَانهَا إِلَى أَعلَى الدن بإدخاله فِيهِ فَلَا ضَرُورَة فينجس كَمَا لَو أخرجه دود الْخلّ من الْخلّ ثمَّ طرح فِيهِ فَمَاتَ ينجس فِي قَول حَتَّى قَالَ الإِمَام لَو رفع بعض الْخمر من الدن وَارْتَفَعت الْخمر إِلَى أعلا الدن بِإِدْخَال الْإِنَاء فِيهِ ثمَّ مَلأ هَذَا الدن من الْخمر إِلَى مَوضِع الإرتفاع فَمَا فَوْقه قبل أَن يجِف الْخمر الْمُرْتَفع إِلَى أَجزَاء الدن قَالَ إِذا تخَلّل يطهر لِأَن الانقلاب وجد فِي الْكل فَإِن أَجزَاء الدن الملاقية للخل لَا خلاف فِي طَهَارَته تبعا للخل قَالَ وَمَا علا من أَجزَاء الدن بالغليان قَالَ بعض أَصْحَابنَا هُوَ طَاهِر بعد مَا تخَلّل الْخمر فِيهَا وَعِنْدِي أَنه مَعْفُو عَنهُ وَلَيْسَ بطاهر وَإِلَيْهِ ذهب بَعضهم وَإِنَّمَا لَا ينجس الْخلّ بملاقاته لأجل الضَّرُورَة
667 - مَسْأَلَة صب الْعصير فِي الدن فتخمر وَأخذ شَيْئا مِنْهُ وَنَقله إِلَى إِنَاء آخر وانتقص مَا فِي الدن فتخلل بعده مَا فِي الدن وَمَا فِي الْإِنَاء
قَالَ مَا فِي الدن لَا يكون طَاهِرا لِأَن الْموضع الَّذِي انْتقصَ مِنْهُ نجس وَهُوَ مُتَّصِل بالخل وَكَذَلِكَ لَو أَدخل فِيهِ إِنَاء حَتَّى ارْتَفع ثمَّ أخرج الْإِنَاء فَعَاد إِلَى مَكَانَهُ فتخلل فَهَكَذَا بِخِلَاف مَا لَو غلب الْخمر ثمَّ انْتقصَ فتخلل بِنَفسِهِ يكون طَاهِرا لأجل الضَّرُورَة لِأَنَّهُ لَا يكون إِلَّا كَذَلِك وَلَو قُلْنَا لَا يكون طَاهِرا لم يُوجد خل طَاهِر قَالَ وَمَا غلت الْخمر من الدن نجس لِأَنَّهُ قد جف فَلَا يطهر بعده غير أَنه لَا ينجس الْخلّ كدود الْخلّ نجس بعد مَوته وَلَا ينجس الَّذِي يَمُوت فِيهِ لأجل الضَّرُورَة أما إِذا ارْتَفع بِفِعْلِهِ فَلَا ضَرُورَة إِلَيْهِ أما الْإِنَاء الَّذِي نقل إِلَيْهِ الْخمر يحكم بغلية مَا يشرب الْإِنَاء قَالَ وَكَذَلِكَ هَذَا الدن الَّذِي أَخذ مِنْهُ الْخمر بعض لَو صب فِيهِ فِي الْحَال خمر آخر حَتَّى ارْتَفع إِلَى الْموضع الْمَأْخُوذ مِنْهُ ثمَّ تَركه حَتَّى تخَلّل بِكَوْنِهِ طَاهِرا وَالله أعلم
668 - مَسْأَلَة قَالَ الْمُرْتَهن إِذا بَاعَ الرَّهْن دون إِذن الرَّاهِن مَعَ إِمْكَان الرُّجُوع إِلَيْهِ لم يَصح وللراهن أَن يَدعِي إِن شَاءَ على الْمُرْتَهن بِقِيمَة الْعين وَإِن شَاءَ على المُشْتَرِي بِعَيْنِه فَلَو أقرّ الْمُرْتَهن بِأَنِّي بِعته دون إذنك عَلَيْهِ الْقيمَة ثمَّ

(2/585)


@ الْمَالِك يَدعِي على المُشْتَرِي فَإِذا أقرّ بِهِ رد الْعين وَهُوَ يرد الْقيمَة إِلَى الْمُرْتَهن وَإِن أنكر أَن يكون ملكا لَهُ فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه فَلَو عَاد الْعين يَوْمًا إِلَى ملك الْمُرْتَهن عَلَيْهِ على الرَّاهِن واسترداد مِنْهُ كَالْغَاصِبِ بيع الْمَغْصُوب
669 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ المراهن للرَّاهِن بِعني الرَّهْن فَلم يبع قَالَ لَا يصير مَضْمُونا عَلَيْهِ وَلَا يَجْعَل كَمَا أَخذ سوما لِأَن الاستيام بِإِذن الْمَالِك وَلم يُوجد
670 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ الرَّاهِن الرَّهْن من الْمُرْتَهن ثمَّ تفاسخا البيع قَالَ لَا يعود الرَّهْن لِأَن الْملك بِالْبيعِ قد زَالَ فَزَالَ الرَّهْن فَلَا يعود الا بِعقد جَدِيد بِخِلَاف مَا لَو رهن عصيرا فتخمر ثمَّ تخَلّل عَاد الرَّهْن لِأَن ثمَّة لم يرض الْمُرْتَهن بِزَوَال حَقه وَحكم ملك عَنهُ لم يزل بِدَلِيل أَنه يكون أولى بِتِلْكَ الْخمر إِلَى أَن يَتَخَلَّل فَكَذَلِك لَا يَزُول حكم الرَّهْن وَهَا هُنَا رَضِي الْمُرْتَهن بِزَوَال الْملك وَالرَّهْن وَقد تحقق الزَّوَال كَمَا لَو أذن لَهُ فِي بيعَة من غَيره فَبَاعَهُ زَالَ حَقه من الرَّهْن فَإِذا فسخ لَا يعود وَإِن بَاعه مِنْهُ أَو من أَجْنَبِي بِشَرْط الْخِيَار ثمَّ فسخ بِحكم الْخِيَار هَل يعود الرَّهْن إِن قُلْنَا ملك البَائِع يَزُول فِي زمَان الْخِيَار لَا يعود الرَّهْن وَإِن قُلْنَا لَا يَزُول أَو مَوْقُوف فالرهن بِحَالهِ
671 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ الرَّاهِن الرَّهْن بِغَيْر إِذن الْمُرْتَهن لَا يَصح فَلَو وَصفه على البيع فَوكل الْمُرْتَهن برجلا بِشِرَائِهِ من المراهن فَبَاعَهُ مِنْهُ هَل يَصح قَالَ يَصح البيع وَيُمكن بِنَاؤُه على مَا لَو بَاعَ مَال أَبِيه على ظن أَنه حَيّ فَبَان مَيتا هَل يَصح قَولَانِ
672 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ بِعْتُك دَاري بِأَلف وارتهنت دَارك فَقَالَ المُشْتَرِي اشْتريت وَلم يقل رهنت أَولا أرهن
قَالَ يَصح البيع لِأَن الرَّهْن عقد آخر إِن لم يتم لم يمْنَع صِحَة البيع وَالْخيَار ثَابت فِي الْمجْلس وَلَو قَالَ على أَن ترهن دَارك فَقَالَ اشْتريت وَلَا أرهن لم يَصح البيع لِأَنَّهُ شَرط وَلم يَفِ بِهِ

(2/586)


- مَسْأَلَة إِذا مَاتَ الرَّاهِن فَلَا يَبِيع الْمُرْتَهن الرَّهْن بِغَيْر إِذن الْوَرَثَة فَلَو أثبت عِنْد القَاضِي وَالْوَارِث غَائِب إِلَى مَسَافَة الْقصر يَبِيعهُ القَاضِي وَإِن كَانَ الْوَارِث دون مَسَافَة فِي ولَايَة القَاضِي لَا يَبِيعهُ فَلَو بَاعه بعد مَا تفحص عَنْهُم وَلم يقف عَلَيْهِم يجوز بَيْعه فَلَو حضر الْوَارِث فَقَالَ لم يتفحص عَنَّا وَقَالَ الْحَاكِم تفحصت فَالْقَوْل قَول الْحَاكِم وَلَو ادّعى الْمُرْتَهن أَنَّك لم تتفحص لَا يسمع لِأَن التفحص يكون على القَاضِي لَا على الْمُرْتَهن
674 - مَسْأَلَة إِذا دفع عينا إِلَى إِنْسَان ليرهنه يستقترض لَهُ شَيْئا فرهن وَأنكر الْمُرْتَهن هَل يضمن قَالَ إِن أشهد لم يضمن وَإِن لم يشْهد ضمن قَالَ وَهَذَا إِنَّمَا يخرج على أَن الْمُرْتَهن إِذا ادّعى رد الرَّهْن قَوْله لَا يقبل فِي الرَّد فَأَما إِذا قُلْنَا قَول الْمُرْتَهن فِي الرَّد مَقْبُول فَيكون كَمَا دفع إِلَيْهِ عينا وَأمره أَن يودعه عِنْد إِنْسَان فَهَل يجب الْإِشْهَاد وَهل يصير معتديا بِتَرْكِهِ
فِيهِ وَجْهَان لِأَصْحَابِنَا وَيحْتَمل أَن يكون على وَجْهَيْن سَوَاء قُلْنَا يقبل قَول الْمُرْتَهن فِي الرَّد أَو لَا يقبل كَمَا لَو أمره بالإيداع فَلم يشْهد لِأَن الْمُرْتَهن لَو ادّعى التّلف يقبل قَوْله بِلَا خلاف كَالْمُودعِ سَوَاء وَهَذَا أصح الِاحْتِمَالَيْنِ
675 - مَسْأَلَة رهن شَيْئا من إِنْسَان فَأَخذه عبد الْمُرْتَهن من غير إِذْنه وَدفعه إِلَى عبد رجل آخر فَهَلَكت فِي يَده يتَعَلَّق الضَّمَان بِرَقَبَة كل وَاحِد من الْعَبْدَيْنِ وَإِن أَخذ من قيمَة عبد الْمُرْتَهن رَجَعَ سَيّده فِي قيمَة العَبْد الَّذِي هلك عِنْده أَو فدَاه سَيّده فَلَا سي على الْمُرْتَهن وَإِن كَانَ الْمُرْتَهن ائْتمن عَبده على حفظ الرَّهْن بعد علمه بِأَنَّهُ غير أَمِين فَيتَعَلَّق الضَّمَان بِجَمِيعِ أَمْوَاله ثمَّ هُوَ بعد مَا غرم يرجع فِي قيمَة من هلك عِنْده
676 - مَسْأَلَة رجل رهن من إِنْسَان مَالا لدين فالمرتهن دفع الرَّهْن إِلَى أَمِين ليسلم إِلَى الرَّاهِن وَيقبض الدّين فَتلف الرَّهْن فِي الطَّرِيق وَالضَّمان على من يكون
قَالَ نظر إِن دفع الْمُرْتَهن الرَّهْن بِإِذن الرَّاهِن لَا ضَمَان على الْمُرْتَهن وَلَا

(2/587)


@ على الْأمين وَإِن دفع دون إِذْنه يجب الضَّمَان على الْمُرْتَهن لِأَنَّهُ صَار ضَامِنا بِتَسْلِيم المَال إِلَى غَيره من غير إِذن الْمَالِك أما الْأمين هَل يضمن فَإِن كَانَ عَالما بِأَن هَذَا رهن وَالْمُرْتَهن دَفعه إِلَيْهِ من غير إِذن الْمَالِك يضمن وَإِن كَانَ جَاهِلا يضمن لِأَنَّهُ أَمِين الرَّاهِن وَلَو أَن الرَّاهِن كَانَ مَعَ الْأمين فِي الطَّرِيق فَهَذَا الْأمين دفع الرَّهْن إِلَى الرَّاهِن ليضع على حِمَاره فَتلف على الْحمار قَالَ إِن أَخذ الرَّاهِن وَوَضعه من غير إِذن الْأمين يبرأ الْأمين لِأَنَّهُ أَخذ مَاله سَوَاء كَانَ عَالما بِأَنَّهُ مَتَاعه أَو جَاهِلا وَإِن وَضعه بِإِذن الْأمين إِن كَانَ عَالما بِأَنَّهُ مَتَاعه يبرأ وَإِن كَانَ جَاهِلا حكمه حكم مَا لَو غصب طَعَاما وَأطْعم الْمَالِك وَالْمَالِك جَاهِل يبرأ عَن الضَّمَان فِيهِ قَولَانِ وَلَو اخْتلفَا فَقَالَ الرَّاهِن للأمين أَنْت وضعت الرَّهْن على حماري بِغَيْر إذني وَقَالَ لَا بل أَنْت وضعت فَالْقَوْل قَول الْأمين لِأَن الْمَالِك يَدعِي عَلَيْهِ التَّعَدِّي
776 - مَسْأَلَة رجل ورث من مُوَرِثه عينا ثمَّ بَاعهَا من إِنْسَان فجَاء إِنْسَان وَادّعى على المُشْتَرِي إِنِّي كنت ارتهنت هَذِه الْعين من مورث البَائِع وَالْبيع لم يكن صَحِيحا وَالْعين فِي رهني هَل يسمع هَذَا الدَّعْوَى قَالَ الْأَصْحَاب بِأَنَّهُ لَا يسمع لِأَنَّهُ يَدعِي ملكا
وَقد قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله والخصم فِيمَا جنى على الرَّهْن هُوَ الْمَالِك
وَقَالَ الشَّيْخ الْقفال إِنَّه يسمع هَذِه الدَّعْوَى لِأَن الرَّهْن حق مَقْصُود يضاهي حَقِيقَة الْملك فَيسمع الدَّعْوَى لَهُ قِيَاسا على دَعْوَى الْملك أَلَيْسَ أَنه لَو ادّعى على إِنْسَان أَن الْعين الَّتِي هِيَ ملكه هِيَ لي يسمع هَذَا الدَّعْوَى وَقد قَالَ أَصْحَابنَا عين فِي يَد إِنْسَان يَقُول ملك فلَان الْغَائِب فَادّعى عَلَيْهِ ذَلِك الْعين وانتزع من يَده فَصَاحب الْيَد إِذا أَرَادَ إِقَامَة البنية لَا يسمع وَلَو ادّعى أَنَّهَا رهن عِنْدِي أَو إِجَارَة أَو عَارِية يسمع لِأَنَّهُ يثبت لنَفسِهِ حَقًا دلّ أَن الدَّعْوَى على الْحق كالدعوى على الْعين وَقَوْلهمْ بِهَذَا الدَّعْوَى يثبت لغيره ملكا قُلْنَا غَرَضه من هَذَا إِثْبَات الْحق لنَفسِهِ وَملك الْغَيْر يثبت ضَرُورَة وَيجوز مثل هَذَا كَمَا فِي الْمَسْأَلَة الَّتِي استشهدنا بهَا

(2/588)


@
بَاب التَّفْلِيس

678 - مَسْأَلَة لَو كَانَ مَاله يَفِي بديونه وَيزِيد لَا يحْجر عَلَيْهِ فَلَو كَانَ مَاله دينا على آخر هَل يحْجر عَلَيْهِ
قَالَ ينطر إِن كَانَ الدّين حَالا وَهُوَ على مَلِيء مقرّ لَا يحْجر عَلَيْهِ وَإِن كَانَ على جَاحد فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ يحْجر عَلَيْهِ وَكَذَا إِن كَانَ مُؤَجّلا لِأَن حُقُوق الْغُرَمَاء حَالَة فالدين الموجل لَا يفيدهم فَائِدَة
679 - مَسْأَلَة إِذا كَانَ للْمُفلس عبد أَو حمَار زمن ينْفق عَلَيْهِ من مَاله مَا لم يفرغ من بيع مَاله وَإِذا بيع مَاله يتْرك لَهُ نَفَقَة يَوْم لَيْلَة وَكَذَا لعَبْدِهِ وَحِمَاره
680 - مَسْأَلَة الْمُفلس إِذا ادّعى هَلَاك مَاله وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة فَأَرَادَ الْغُرَمَاء تَحْلِيفه لَيْسَ لَهُم ذَلِك لِأَن فِيهِ تَكْذِيب الْبَيِّنَة وَإِن كَانَت الْبَيِّنَة شهِدت أَنه لَا مَال لَهُ حلف لِأَن فِيهِ تَكْذِيب للشُّهُود لِأَنَّهُ قد يكون لَهُ مَال بَاطِن لَا يعلمُونَ كَمَا لَو شهدُوا على رجل أَنه أقرّ أَنه بَاعَ مَاله زيد فَقَالَ أَقرَرت وَلَكِنِّي مَا بِعْت فيحلفوه على ذَلِك فَإِنَّهُ يحلف وَإِذا رَأَوْا فِي يَد الْمُفلس مَالا بعد مَا ثَبت إِعْسَاره عَن القَاضِي فَقَالَ هَذَا لفُلَان وَهِي فِي يَدي مُضَارَبَة أَو وَدِيعَة فَإِن ادَّعَاهُ فلَان لنَفسِهِ سلم إِلَيْهِ وَإِن لم يَدعه لم يقبل إِقْرَار الْمُفلس وَيُبَاع فِي دُيُونه وَإِن صدقه ذَلِك الرجل وادعاه لنَفسِهِ فَسلم إِلَيْهِ أَو كَانَ غَائِبا فحضره فَادَّعَاهُ لنَفسِهِ فَيسلم إِلَيْهِ فَلَو قَالَ الْغُرَمَاء يحلف الْمُفلس أَنه صَادِق فِي إِقْرَاره فَهَل يحلف الْمَذْهَب أَنه لَا يحلف لِأَنَّهُ لَا فَائِدَة فِي تَحْلِيفه لِأَنَّهُ لَو رَجَعَ لم يقبل رُجُوعه وَمِنْهُم من قَالَ يحلف لِأَنَّهُ لَو رَجَعَ قبل رُجُوعه وَلَيْسَ بِشَيْء الْمُفلس إِذا كَانَ محترفا يُبَاع عَلَيْهِ آلَة حرفته فِي الدّين
681 - مَسْأَلَة سُئِلَ عَمَّن دفع ثوبا إِلَى حائك ليحيكه فحاكه هَل لَهُ حَبسه لِاسْتِيفَاء الْأُجْرَة وَلَو حَبسه فَتلف فِي يَده هَل عَلَيْهِ الضَّمَان
قَالَ هَذَا يبْنى على أَن عمله أثر أم عين قَولَانِ وَأجَاب على القَوْل

(2/589)


@ الَّذِي يَقُول أَنه عين قَالَ لَهُ حَبسه وَلَو تلف فِي يَده لَا ضَمَان عَلَيْهِ وَلَا أُجْرَة لَهُ
بَاب الْحجر

682 - مَسْأَلَة إِذا تصرف الْأَب فِي مَال السَّفِيه هَل يجوز أَن يَبِيع من نَفسه قَالَ إِن قُلْنَا إِذا أذن لَهُ فِي التَّصَرُّف نفذ بِإِذْنِهِ لَا يجوز وَإِلَّا وَجب أَن يجوز إِذا بلغ سَفِيها وَإِن بلغ رشيدا فَلَا يجوز لِأَن حجره إِلَى الْحَاكِم فَيصير كالقيم
بَاب الصُّلْح

683 - مسزلة إِذا بَاعَ دَارا وَقد جعل مسيل مَائِهَا فِي دَار لَهُ أُخْرَى أَو فِي خربة لَهُ يدْخل المسيل فِي البيع لِأَنَّهُ من حُقُوقه كَمَا يكون للْمُشْتَرِي حق الْمَمَر إِلَى الدَّار الْمُشْتَرَاة يكون لَهُ حق إسالة المَاء إِلَى حَيْثُ كَانَ وَإِن أمكن صرفه إِلَى مَكَان آخر وَلَو بَاعَ الخربة قَالَ يبْقى للْبَائِع حق إسالة المَاء كَمَا لَو بَاعَ دَارا وَاسْتثنى لنَفسِهِ بَيْتا فِيهَا يبْقى لَهُ حق الْمَمَر إِلَى ذَلِك الْبَيْت أَو بَاعَ دَارا أَو ممر دَار أُخْرَى للْبَائِع على هَذِه الدَّار يبْقى لَهُ حق الْمَمَر إِلَّا أَن يكون قد حول مسيل مَائِهَا عَن مَوْضِعه إِلَى الخربة أَيَّامًا مَعْدُودَة لعمارة الدَّار على عزم أَن يردهُ إِلَى مَكَانَهُ فَإِذا فرغ عَن الْعِمَارَة فَلَا يدْخل فِي بيع الدَّار وَإِذا بَاعَ الخربة لَا يبْقى للْبَائِع حق إسالة المَاء فِي الخربة
684 - مَسْأَلَة رجل ادّعى عينا على إِنْسَان فَقَالَ رَددته فَصَالحه قَالَ إِن كَانَ الْعين فِي يَده أَمَانَة لَا يَصح الصُّلْح لِأَن القَوْل قَوْله فَيكون صلحا على الْإِنْكَار وَإِن كَانَ مَضْمُونا فَقَوله فِي الرَّد غير مَقْبُول وَقد أقرّ بِالضَّمَانِ فَيصح الصُّلْح وَيحْتَمل أَن لَا يَصح لِأَنَّهُ لم يقر لَهُ عَلَيْهِ شَيْئا
685 - مَسْأَلَة رجل حول ميزابه إِلَى سكَّة غير نَافِذَة لم يكن لَهُ إِلَّا

(2/590)


@ بِإِذن أهل السِّكَّة فَلَو أَرَادَ أَن يحْفر حفيرة تَحت الْمِيزَاب ليسيل المَاء فِيهَا
قَالَ إِن كَانَ شَيْء من الحفرة فِي هَذِه السِّكَّة لَهُم مَنعه وَإِن كَانَ الْكل تَحت جِدَاره لَا منع لَهُم
686 - مَسْأَلَة قَالَ جِدَار إِلَى الطَّرِيق هَل لِلْمَارِّينَ هَدمه من غير رِضَاهُ قَالَ يأمرونه بهدمه فَإِن لم يفعل لَهُم ذَلِك كَمَا لَو خرجت أَغْصَان شَجَرَة إِلَى هَوَاء الْجَار لَهُ قطعه
687 - مَسْأَلَة إِذا خربَتْ بَلْدَة واشتبهت الْأَمْلَاك لكل وَاحِد أَخذ ملكه بِالتَّحَرِّي كَمَا لَو اخْتلطت حمامة بحمام الْغَيْر
688 - مَسْأَلَة طَرِيق وَاسع لَيْسَ لأحد أَن يدْخل فِي ملكه وَإِن كَانَ لَا يضر بالمارة وَلَو كَانَ يجوز لَهُ أَن يَبْنِي فِيهِ دكة أَو يقْعد فِيهِ لبيع ارتفاقا لِأَنَّهُ أُبِيح لَهُ الارتفاق لَا التَّمَلُّك
689 - مَسْأَلَة قَرْيَة لَهَا مراتع من مرافقها حواليها لَا يمْنَع الْمَارَّة من أَن يدعوا فِيهَا دوابهم لِأَن مرافق الْقرْيَة لأَهْلهَا وللمارة
690 - مَسْأَلَة رجل يجْرِي مَاء فِي ملك الْغَيْر إِلَى ملك نَفسه فَقَالَ صَاحب الْملك لَا حق لَك فِيهِ إِنَّمَا هُوَ عَارِية وادعاه من كَانَ يجْرِي المَاء فَالْقَوْل قَول صَاحب الْملك مَعَ يَمِينه قَالَ فَإِن طَالَتْ مُدَّة إِجْرَاء المَاء رسم الْملاك وَلم يكن ينازعه صَاحب الْملك وَلَا غَيره فِيهِ جَازَ لَهُ أَن يشْهد بِالِاسْتِحْقَاقِ
691 - مَسْأَلَة رجل لَهُ أَرض وساقية على طول هَذِه الأَرْض يسْقِي أرضه من أَي مَوضِع شَاءَ من هَذِه الساقية فَبَاعَ هَذِه الأَرْض من ثَلَاثَة وَبنى كل وَاحِد فِي ملكه فَلَيْسَ لصَاحب الْأَسْفَل أَن يَقُول أَنا أَحول شرب أرضي من أَعلَى الأَرْض على الْملك الْمُشْتَرى بَين الآخرين وَيَقُول كَانَ البَائِع يسْقِي من أَي مَوضِع شَاءَ بل يسْقِي أرضه من أَسْفَل الساقية الَّذِي يَلِي أرضه
692 - مَسْأَلَة رجل قَالَ لآخر احْفِرْ لنَفسك بِئْرا فِي هَذِه الأَرْض

(2/591)


@ فحفر لَا يصير الأَرْض والموضع ملكا للحافر وَهل يسْتَحق الْحَافِر الأَرْض قَالَ لَا يسْتَحق لِأَنَّهُ عمل لنَفسِهِ وَفِيه اخْتِلَاف كَمَا لَو قَالَ أعمل فِي هَذَا الْمَعْدن فَمَا استخرجته فَهُوَ لَك فَمَا استخرجه يكون للْمَالِك وَفِي اسْتِحْقَاقه الْأجر وَجْهَان وَأَصله أَن الْأَجِير إِذا صرف الأجرام إِلَى نَفسه لَا ينْصَرف إِلَيْهِ وَهل يسْتَحق الْأُجْرَة فِيهِ قَولَانِ وَلَو قَالَ ابْن بَيْتا أَو أَرضًا فِي هَذِه الأَرْض حَتَّى أُعْطِيك شَيْئا فَفعل يسْتَحق أُجْرَة الْمثل فَلَو مَاتَ الْآمِر وَاخْتلف الْبَانِي مَعَ وَارثه فَقَالَ الْوَارِث عملت مجَّانا وَقَالَ بل بِالْأُجْرَةِ فَالْقَوْل قَول الْوَارِث مَعَ يَمِينه كمن دفع ثوبا إِلَى غسال ثمَّ اخْتلفَا فَقَالَ الغسال غسلته بِالْأُجْرَةِ وَقَالَ رب الثَّوْب بل مجَّانا فَالْقَوْل قَول رب الثَّوْب مَعَ يَمِينه لِأَن الغسال أتلف مَنْفَعَة نَفسه بِنَفسِهِ ثمَّ يُرِيد الرُّجُوع إِلَى الْغَيْر بِهِ فَلم يكن لَهُ ذَلِك بِخِلَاف مَا لَو ركب دَابَّة الْغَيْر فَقَالَ الْمَالِك كَانَ ملكا فَقَالَ بل عَارِية كَانَ القَوْل قَول الْمَالِك مَعَ يَمِينه على الْأَصَح لِأَن الرَّاكِب أتلف مَنْفَعَة دَابَّة الْغَيْر ثمَّ يَدعِي التَّمَلُّك فأوجبنا عَلَيْهِ الضَّمَان
793 - مَسْأَلَة أَرض مُشْتَركَة بَين رجلَيْنِ فِيهَا أَشجَار فاقتسموها فَوَقَعت شَجَرَة فِي نصيب أحد الشَّرِيكَيْنِ وَأَغْصَانهَا خَارِجَة إِلَى هَوَاء طَرِيق الشَّارِع لَا بَأْس إِذا كَانَ لَا يضر الْمَارَّة فَأَما إِذا كَانَت أَغْصَانهَا خَارِجَة إِلَى هَوَاء نصيب الآخر لَهُ تكليفها نقل الأغصان فَإِن لم يفعل قطعهَا كَمَا لَو انتشرت أَغْصَان الشَّجَرَة الْقَدِيمَة إِلَى هَوَاء الْجَار
694 - مَسْأَلَة مَوضِع جِدَار مُشْتَرك بَين رجلَيْنِ بنياه جدارا ثمَّ ثَبت أَنه كَانَ ملكا لأَحَدهمَا فَهَل لمن ثَبت لَهُ الْملك تخريبه لما فِيهِ من تُرَاب صَاحبه قَالَ لَهُ ذَلِك بِخِلَاف مَا لَو بنى فِي ملك الْغَيْر بِإِذْنِهِ لَيْسَ لَهُ تخريبه مجَّانا إِمَّا أَن يتَمَلَّك بِالْقيمَةِ وَإِمَّا أَن يقر بِالْأُجْرَةِ وَإِمَّا أَن يهدم وَيغرم النُّقْصَان لِأَن فِي تخريبه إِضْرَارًا بالباني وأضاع مَالِيَّته بعد مَا فعل بِإِذْنِهِ وَهَا هُنَا الْبناء لم يكن بِإِذن الْمَالِك على أَنه ملكه وَلَا حق لَهُ إِلَّا فِي التُّرَاب وترابه لَا يضيع فَهُوَ كمن اشْترى أَرضًا فَبنى فِيهَا ثمَّ طهرتا مُسْتَحقَّة للْمُسْتَحقّ هَدمه مجَّانا

(2/592)


- مَسْأَلَة إِذا بنى فِي الشَّارِع بِنَاء لَا يضير بالمارة لَا يمْنَع وَلَيْسَ للحااكم أَن يَبِيعهُ وَلَا أَن يقاطع ذَلِك الْموضع إِلَّا أَن يؤاجره
696 - مَسْأَلَة لَهُ شَجَرَة فِي شَارِع فمالت وضيقت الطَّرِيق على النَّاس يُؤمر بقلعها فَإِن قلعهَا غَيره لَا شَيْء عَلَيْهِ وَلَو سقط قبل أَن يقل فأتلف شَيْئا فَهُوَ كالجدار يمِيل وَفِيه وَجْهَان
697 - مَسْأَلَة رجل لَهُ دَار بَابهَا فِي سكَّة غير نَافِذَة فَمَاتَ عَن ابْنَيْنِ أَو بَاعهَا من رجلَيْنِ فاقتسماها وَجعلا لَهَا بَابَيْنِ لأهل السِّكَّة الْمَنْع أما إِذا اقْتَسمَا داخلها ومخرجها إِلَى السِّكَّة وَاحِد جَازَ
698 - مَسْأَلَة إِذا وصل رجل غصنا من شجرته شَجَرَة غَيره فوصلته فثمرة تِلْكَ الغصنة لمن يكون
قَالَ لَا يجوز للْغَيْر أَن يَفْعَله فَإِن فعله دون إِذن مَالك الشَّجَرَة ليقلعه مجَازًا فَإِن لم يقْلع حَتَّى أثمرت فثمرة تِلْكَ الغصنة لمَالِك الغصنة لَا لمَالِك الشَّجَرَة كمن غرس فِي أَرض الْغَيْر فثمرة الشَّجَرَة لمَالِك الشَّجَرَة لَا لمَالِك الأَرْض وَإِن وصل بِإِذن الْمَالِك ثمَّ بدا لمَالِك قطع الغصنة لَيْسَ لَهُ ذَلِك مجَّانا بل يَنْبَغِي أَن تخير بَين أحد الشَّيْئَيْنِ إِمَّا أَن يقر بالإجرة أَو يقلعه بِأَرْش النُّقْصَان أما التَّمَلُّك بِالْقيمَةِ فَلَا كَمَا لَو أعَار رَأس جِدَاره من رجل فَبنى عَلَيْهِ يتَخَيَّر بَين أَن يقلعه بِأَرْش النُّقْصَان أَو يقره لاأجرة وَلَيْسَ لَهُ أَن يتَمَلَّك بِالْقيمَةِ بِخِلَاف مَا لَو غرس فِي أرضه بِإِذْنِهِ لِأَن الْغِرَاس يكون تَابعا للْأَرْض وَالْبناء لَا يكون تَابعا للْبِنَاء والغصن للشجرة
699 - مَسْأَلَة سكَّة غير نَافِذَة لرجل فِيهَا دَار فَبَاعَ نصفهَا لرجل وَأَرَادَ المُشْتَرِي أَن يفتح بَابا آخر فِي نصِيبه فِيهَا قَالَ لَا يجوز إِلَّا بِإِذن أهل السِّكَّة وَكَذَلِكَ لَو كَانَت الدَّار مُشْتَركَة واقتسما وَأَرَادَ أَن يجعلا بَابا وَاحِدًا بَابَيْنِ سَوَاء فتحا أَعلَى مِنْهَا أَو أَسْفَل إِلَّا أَن يكون الْمدْخل فِي السِّكَّة وَاحِدًا وَالشَّرِيك فتح لَهُ بَابا فِي دهليزه فَلَا يمْنَع وَقد رَأَيْت فِي مَجْمُوع الْمحَامِلِي أَنه إِذا أَرَادَ أَن يَجْعَل دَاره

(2/593)


@ حجرتين وَيفتح فِيهَا بَابَيْنِ إِن أَرَادَ أَن يفتح الْبَابَيْنِ إِلَى أول الدَّرْب جَازَ وَإِن أَرَادَ أَن يَفْتَحهُ فِي آخِره فِيهِ وَجْهَان كَمَا لَو أَرَادَ نقل بَابه التَّقْدِيم إِلَى أول الدَّرْب يجوز وَإِلَى آخر الدَّرْب فِيهِ وَجْهَان وَالصَّحِيح لَا وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح عِنْدِي وَعند أبي حنيفَة لَيْسَ لَهُ أَن يَجْعَل حجرتين وَيفتح بَابَيْنِ
700 - مَسْأَلَة إِذا أَرَادَ وَاحِد مِنْهُم أَن يَبْنِي فِيهَا ساباطا هَل يشْتَرط إِذن من فِيهَا بِالْإِجَارَة قَالَ إِن كَانَ يضر بمنفعته يشْتَرط وَإِلَّا فَلَا وَإِن كَانَ فِيهَا دَار مَوْقُوفَة أَو فِيهَا لطفل دَار هَل يتَصَوَّر هَذَا الْبناء قَالَ حق الطِّفْل لَا حَتَّى يبلغ فَيَأْذَن وَفِي الْوَقْت لَا يجوز أصلا وَلَو كَانَ لرجل فِيهَا قِطْعَة أَرض أَرَادَ أَن يتخذها خَانا أَو أَرَادَ أَن يتَّخذ دَاره خَانا أَو أجر دَاره من جمَاعَة قَالَ يجوز دون إِذن النَّاس وَلَو بنى فِي تِلْكَ الْقطعَة دورا لكل وَاحِدَة بَاب يجوز لِأَنَّهُ لم يفتح بَابا حَيْثُ لم يكن
بَاب الْحِوَالَة

رجل ادّعى على رجل عشرَة وَأقَام بَيِّنَة أَو أقرّ الْمُدعى عَلَيْهِ أَنِّي أدّيت إِلَيْك الْعشْرَة فَقَالَ الْمُدَّعِي تِلْكَ الْعشْرَة لم تكن من هَذِه الْجِهَة كَانَ لي عَلَيْك عشرَة أُخْرَى فَالْقَوْل قَول الدَّافِع مَعَ يَمِينه أما إِذا قَالَ الْمُدعى عَلَيْهِ إِنَّك قد أحلّت عَليّ فلَانا بِالْعشرَةِ فَقَالَ الْمُدَّعِي إِنَّمَا أحلّت بِعشْرَة من جِهَة أُخْرَى قَالَ القَوْل قَول الْمُدَّعِي مَعَ يَمِينه لِأَن الْحِوَالَة اسْتِيفَاء وَهُوَ أَن يكون قد اسْتَوْفَاهُ وينكر أَن يكون قد أحَال بِمَا يَدعِي بِخِلَاف الْمَسْأَلَة الأولى فَإِن ثمَّ أَخذ من الْمُدعى عَلَيْهِ المَال وَالْقَوْل قَول الْمُدَّعِي فِي جِهَة الآداء يدل على الْفرق بَينهمَا أَنه لَو كَانَ لزيد على عَمْرو أَلفَانِ ألف بهَا رهن وَألف لَا رهن بهَا فَإِذا الَّذِي عَلَيْهِ الْأَلفَيْنِ قَالَ أدّيت عَن الَّذِي بِهِ الرَّهْن فَإِن القَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه وَإِن كَانَ الَّذِي لَهُ الْحق أحَال غريما لَهُ بِأَلف على الَّذِي عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ أحلّت بِالدّينِ الَّذِي لأرهن بِهِ وَقَالَ الْمحَال عَلَيْهِ أحلّت بِالَّذِي بِهِ الرَّهْن وَقد أفيك فَالْقَوْل قَول الْمُحِيل الَّذِي لَهُ الدّين مَعَ يَمِينه

(2/594)


@
بَاب الضَّمَان

701 - مَسْأَلَة إِذا أدّى الضَّامِن حق الْمَضْمُون لَهُ فَأَرَادَ الرُّجُوع على الْمَضْمُون عَنهُ
فَقَالَ الْمَضْمُون عَنهُ إِن رب الدّين كَانَ أَبْرَأ ذِمَّتِي حلف الضَّامِن أَنه لم يعلم إبراؤه
702 - مَسْأَلَة إِذا ضمن عَن الضَّامِن ضَامِن فغرم الثَّانِي رَجَعَ على الأول أَن ضمن بِإِذْنِهِ ثمَّ الأول يرجع على الْأَصِيل إِن ضمن بِإِذْنِهِ فَلَو أَن الضَّامِن الثَّانِي ضمن بِإِذن الْأَصِيل قَالَ إِن ضمن على الْأَصِيل يرجع عَلَيْهِ وَلَا يرجع على الضَّامِن سَوَاء كَانَ بِإِذْنِهِ أَو دون إِذْنه وَإِن ضمن عَن الضَّامِن إِن كَانَ بِإِذْنِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ وَهل يرجع على الْأَصِيل فِيهِ وَجْهَان وَإِن ضمن عَن الضَّامِن الأول بِغَيْر إِذْنه وَلَكِن بِإِذْنِهِ الْأَصِيل بِأَن قَالَ لَهُ الْأَصِيل اضمن عَن ضامني فَإِذا ضمن قَالَ يَنْبَغِي أَن لَا يرجع على أحد أما الْأَصِيل فَلِأَنَّهُ لم يضمن عَنهُ وَأما الضَّامِن الأول فَلِأَنَّهُ لم يضمن مَا فِيهِ وَإِن ضمن عَن الْأَصِيل أَو عَن الضَّامِن جَمِيعًا فَعَن أَيهمَا أدّى رَجَعَ عَلَيْهِ إِن كَانَ بِإِذْنِهِ وَإِن أدّى عَنْهُمَا رَجَعَ عَلَيْهِمَا
703 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لرجل اقْضِ ديني فَقضى يرجع عَلَيْهِ على الْأَصَح وَلَو قَالَ اقْضِ دين فلَان وَلم يقل على أَن ترجع عَليّ فَإِذا قضى لَا يرجع عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُتَبَرّع وَإِن قَالَ على أَن ترجع عَليّ هَل يرجع عَلَيْهِ قَالَ وَجب أَن لَا يرجع لِأَنَّهُ لَا يجب عَلَيْهِ ذَلِك إِلَّا أَن يكون هَذَا الْقَائِل ضَامِنا عَن فلَان فَحِينَئِذٍ كَمَا لَو قَالَ اقْضِ ديني فَإِذا قضى هَل يرجع وَجْهَان الْأَصَح أَنه يرجع
704 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ شَيْئا وَشرط فِيهِ رهنا فَاسِدا هَل يفْسد البيع
قَولَانِ وَكَذَلِكَ الْكَفِيل الْمَجْهُول وَلَو قَالَ بِعْتُك بِشَرْط أَن تُعْطِينِي فلَانا كَفِيلا بِهَدِّهِ الثّمن يدْخل الْغِرَاس الَّتِي أغرسها لَو قلعت بَطل البيع وَلم

(2/595)


@ يذكرُوا قَوْلَيْنِ وَلَعَلَّ الْفرق بَينهمَا أَن الْفساد لَيْسَ فِي الْكَفِيل حَقِيقَة لِأَن الْكَفِيل مَعْلُوم وَهُوَ من أهل أَن يتكفل وَإِنَّمَا الْقَوْلَانِ فِيمَا إِذا كَانَ الْفساد فِي الْكَفِيل إِنَّمَا الْفساد فِي الْمَكْفُول والمكفول بِهِ أَمر يعود إِلَى البيع فيفسده قَالَ على هَذَا يَنْبَغِي أَن يُقَال إِذا قَالَ بِعْتُك بِشَرْط أَن ترهن مني عَبدك بِبَعْض الثّمن وَلم يبين قدره أَن يفْسد البيع
705 - مَسْأَلَة إِذا ضمن فِي الدَّرك فِي الثّمن إِذا تلف الْمَبِيع قبل الْقَبْض أَو ظهر الِانْفِسَاخ بِشَرْط هَل يَصح أم لَا قَالَ إِن قُلْنَا إِذا ضمن الدَّرك يُطَالب بِالثّمن عِنْد الِانْفِسَاخ بِالشّرطِ والتلف صَحَّ لِأَنَّهُ صرح بِمَا هُوَ قضينه وَإِن قُلْنَا لَا يُطَالب قَالَ فَلَا يَصح قَالَ وَهَذَا أصح حَتَّى وَلَو ضمن الثّمن إِذا رد الْمَعِيب بِعَيْب لَا يَصح لِأَن فِي ضَمَان الدَّرك لَا يُطَالب بِهِ لِأَن البَائِع يملك الثّمن وَوُجُوب الرَّد عَلَيْهِ يكون بعد الْفَسْخ بِالْعَيْبِ فَيكون هَذَا ضمانا قبل الْوُجُوب
706 - مَسْأَلَة رجل أثبت دينا لَهُ على غَائِب بَين يَدي القَاضِي وللغائب دَار أَمر القَاضِي بِبيع تِلْكَ الدَّار من الْمُدَّعِي بِالدّينِ فَبَاعَ وَضمن البَائِع أَو غَيره للْمُدَّعِي الدّين أَن لَو خرجت الدَّار مُسْتَحقَّة لَا يَصح الضَّمَان لإنه ضَمَان دين بِشَرْط وَهُوَ خُرُوجه مُسْتَحقّا وَلَا يكون هَذَا ضَمَان الدَّرك لِأَنَّهُ ضَمَان الثّمن الَّذِي قد أَدَّاهُ المُشْتَرِي إِلَى البَائِع فَدخل فِي ضَمَانه وَلم يوجدها هُنَا تَسْلِيم ثمن من جِهَة المُشْتَرِي إِلَيّ البَائِع حَتَّى يَصح ضَمَانه
707 - مَسْأَلَة إِذا تكفل ببدن إِنْسَان يجب إِحْضَاره إِذا طُولِبَ فَإِذا كَانَ غَائِبا يُطَالب بإحضاره قَالَ إِن كَانَ إِلَى مَسَافَة الْقصر لَا يُكَلف إِحْضَاره كَمَا لَا يُكَلف حمل الْمُسلم فِيهِ من مَسَافَة الْقصر
708 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ مَالك الدَّار لآخر اعمر دَاري ليَكُون لي ذَلِك فعمر فَمَا أَدخل العامر فِيهِ من مَوضِع آخر فَهُوَ لَهُ وَله إِخْرَاجه ورن عمره بِتُرَاب تِلْكَ الدَّار فللعامر أجر مثل عمله لِأَنَّهُ لم يعْمل فِيهِ مجَّانا

(2/596)


@
بَاب الشّركَة

عقد عقد الشّركَة على أَن ينيب أحد الشَّرِيكَيْنِ نَائِبا فِي التَّصَرُّف فَاسد
709 - مَسْأَلَة بيع بزر دود القز لَا يجوز فَلَو أَن رجلَيْنِ اشْتَركَا فِي دود القز وَمن أَحدهمَا الْعَمَل وَمن الآخر الْوَرق فالفيلج بَينهمَا وعَلى صَاحب الْوَرق نصف أجر مثل عمل الآخر وعَلى الآخر نصف قيمَة ورق صَاحب الْوَرق فَلَو كَانَ البزر من وَاحِد فأباح للْآخر نصفه بِالْإِبَاحَةِ لَا يضير الفيلج للْآخر لِأَن الْإِبَاحَة لَا يُوجب الْملك فالفيلج كُله لصَاحب البزر وَعَلِيهِ لصَاحب الْوَرق قيمَة الْوَرق فَلَو كَانَ صَاحب الْوَرق يقطع الأوراق ويحملها إِلَى دَار صَاحب البزر فَلَا يسْتَحق أُجْرَة الْقطع لِأَن صَاحب البزر إِنَّمَا يصير ضَامِنا للورق إِذا قبض فَقطع صَاحب الْوَرق وَالْحمل يصرف فِي ملك نَفسه لَا يسْتَحق بِهِ شَيْئا على الْغَيْر
710 - مَسْأَلَة إِذا أذن أحد الشَّرِيكَيْنِ للْآخر فِي التَّصَرُّف فِي جَمِيع المَال وَهُوَ لَا يتَصَرَّف إِلَّا فِي نصِيبه فَهَل لمن يتَصَرَّف فِي الْكل أَن يرجع بِأُجْرَة بعض عمله قَالَ لَا لِأَن تفَاوت الشَّرِيكَيْنِ فِي الْعَمَل فِي الشّركَة الصَّحِيحَة لَا يُوجب الرُّجُوع بِالْأُجْرَةِ
711 - مَسْأَلَة إِذا دفع شَاة إِلَى إِنْسَان فَقَالَ اذبحه وَسلم إِلَيّ شحما وَاللَّحم مَبِيع مِنْك كل من بِكَذَا فَأخذ فَهَلَكت الشَّاة فِي يَده قَالَ لَا ضَمَان عَلَيْهِ لِأَنَّهُ دفع الشَّاة إِلَيْهِ للذبح وَلم يبع مِنْهُ وَإِنَّمَا شَرط لَهُ اللَّحْم منا بعد الذّبْح وَقد هَلَكت قبله كَمَا لَو دفع شَيْئا إِلَى إِنْسَان أَمَانَة وَقَالَ إِذا مضى شهر فَهُوَ مَبِيع مِنْك فَقبل مُضِيّ الشَّهْر تكون أَمَانَة فِي يَده إِذا هلك لَا يلْزمه الضَّمَان
بَاب الْوكَالَة

إِذا وكل عبد رجلا ليَشْتَرِي نَفسه من سَيّده فَفعل عتق العَبْد وَالثمن على العَبْد فَلَو خَالف العَبْد أَو اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ قَالَ يَقع العقد للْوَكِيل وَعَلِيهِ الثّمن

(2/597)


- مَسْأَلَة دفع ثوبا إِلَى دلال لبيعه فَضَاعَ من يَده وَلَا يدْرِي الدَّلال أَنه سرق أَو نسي فِي مَوضِع أَو سقط مِنْهُ أَو دفع إِلَى مُشْتَر فنسي قَالَ يجب عَلَيْهِ الضَّمَان لِأَن الْغَفْلَة عَن حفظ الْأَمَانَة حَتَّى يضيع مضمنه وَكَذَلِكَ لَو وَضعه فِي مَوضِع فنسي إِنَّمَا لَا يجب عَلَيْهِ الضَّمَان إِذا خَفِي جِهَة الْهَلَاك من غير تَفْرِيط من جِهَته
713 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ الْمُوكل بَاعَ وَكيلِي بِالْغبنِ وَقَالَ المُشْتَرِي بل بِثمن الْمثل فَالْقَوْل قَول الْمُوكل مَعَ يَمِينه لِأَنَّهُ يَدعِي فَسَاد العقد وَالْأَصْل بَقَاء ملكه فَلَو أَقَامَ كل وَاحِد بَيِّنَة فبنية المُشْتَرِي أولى لِأَن عِنْده زِيَادَة علم وَهُوَ انْتِقَال الْملك إِلَيْهِ من البَائِع وَكَذَلِكَ كل شَيْئَيْنِ يتعارضان فَإِن مَا اتَّصل بِهِ حكم الْحَاكِم يقدم وَالله أعلم
714 - مَسْأَلَة إِذا وكل بِبيع شَيْء هَل يملك تَسْلِيم الْمَبِيع وَقبض الثّمن لِأَصْحَابِنَا وَجْهَان قَالَ شَيْخي رَضِي الله عَنهُ إِذا وَكله بِبيع صرف أَو عقد سلم يملك تَسْلِيم رَأس المَال إِلَيْهِ عِنْدِي وَجها وَاحِدًا لِأَن العقد لَا يتم بِدُونِهِ وَهُوَ يخْتَص بِزَمَان الْخِيَار وَخيَار الْمجْلس ثَابت للْوَكِيل وَإِن كَانَ فِي غير هذَيْن لَا يجوز لَهُ التَّسْلِيم فِي وَجه لِأَن العقد يتم بِدُونِهِ أَلا ترى أَنه لَو وكل بِثمن حَال يملك قبض الثّمن فِي وَجه وَلَو وكل بِثمن مُؤَجل لَا يملك قَبضه عِنْد حُلُول الْأَجَل وَجها وَاحِدًا لِأَن قَضِيَّة العقد فِي الْحَال تَعْجِيل التَّسْلِيم وَفِي الْمُؤَجل بِخِلَافِهِ وكما لَو وكل بِبيع شَيْء وَقُلْنَا لَا يملك الْوَكِيل التَّسْلِيم إِلَّا بِالْإِذْنِ قَالَ رَأَيْت أَن بَيْعه لَا يَصح لِأَنَّهُ لَا يقدر على التَّسْلِيم قَالَ وَالَّذِي عِنْدِي أَنه يَصح العقد وَإِن كَانَ التَّسْلِيم يتَوَقَّف على إِذن الْمُوكل لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ حَائِل مَانع يتَوَقَّف على إِحْضَار الْمَبِيع إِذا كَانَ غَائِبا عَن ذَلِك الْمَكَان وَلَا يمْتَنع تغييبه صِحَة البيع
715 - مَسْأَلَة وكل عبدا لشراء شَيْء دون إِذن سَيّده لَا يَصح وَلَو وَكله ليَشْتَرِي عبد فلَان فَلَمَّا جَاءَ الْوَكِيل كَانَ فلَان قد بَاعه من أجر فللوكيل أَن

(2/598)


@ يَشْتَرِي من الثَّانِي وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَلَو وَكله لبيع عَبده من فلَان فَبَاعَ من غَيره لم يَصح وَلَو وَكله بتطليق زَوجته ثمَّ الْمُوكل طَلقهَا ثمَّ طَلقهَا الْوَكِيل قي عدَّة الرّجْعَة تقع الطلقتان
716 - مَسْأَلَة إِذا وكل وَكيلا يَشْتَرِي شَيْئا وكَالَة فَاسِدَة فَاشْترى قَالَ إِن قَالَ اشْتَرِ لي عبدا وَلم يبين النَّوْع وَالْوَصْف فَاشْترى عبدا يَصح العقد للعاقد إِن اشْترى فِي الذِّمَّة
717 - مَسْأَلَة إِذا وكل وَكيلا بشرَاء شَيْء فَقَالَ البَائِع بِعته من فلَان وَقَالَ الْوَكِيل اشْتَرَيْته لفُلَان مُوكله الَّذِي سَمَّاهُ قَالَ لَا يَصح العقد لِأَن أَحْكَام العقد تتَعَلَّق بالعاقد وَهُوَ لم يُخَاطب الْعَاقِد مَسْأَلَة رجل وكل وَكيلا اشْترى لَهُ فرسا فَأخذ الْوَكِيل فرسا من إِنْسَان وَبَعثه إِلَى الْمُوكل فَتلف فِي الطَّرِيق هَل يجب عَلَيْهِ ضَمَانه قَالَ فِيهِ تَفْصِيل إِن أَخذ الْوَكِيل من البَائِع على طَرِيق السّوم قَالَ يَنْبَغِي أَن يضمنهُ الْوَكِيل إِذا تلف فِي يَده لَا الْمُوكل لِأَن الْمُوكل أمره بالشراءلا بالاستيام وَلَو أمره بالاستيام فعلى الْمُوكل وَلَو بَعثه إِلَى الْمُوكل نظر إِن كَانَ الْمُوكل أمره بإن يَبْعَثهُ إِلَيْهِ ضمن الْمُوكل فَإِن تعدى الرَّسُول فِي الطَّرِيق بِأَن رَكبه فمقدار الضَّمَان على الرَّسُول وَإِن لم يَأْمُرهُ الْمُوكل بِأَن يبْعَث إِلَيْهِ نظر إِن قَالَ البَائِع ابعثه إِلَى الْمُوكل فَبعث فَتلف فِي الطَّرِيق من غير تعد لَا ضَمَان على أحد وَإِن تعدى فِيهِ الرَّسُول ضمنه الرَّسُول وَلَو رَكبه الرَّسُول فِي الطَّرِيق فَقَالَ البَائِع لم آذن فِي الرّكُوب فَالْقَوْل قَول البَائِع مَعَ يَمِينه وَإِن لم يَأْمُرهُ البَائِع أَيْضا بِأَن يَبْعَثهُ إِلَى الْمُوكل فَبَعثه الْوَكِيل ضمن الْوَكِيل وَأما الرَّسُول نظر إِن كَانَ عَالما بِأَن الْوَكِيل لَا يجوز لَهُ أَن يفعل ذَلِك فقرار الضَّمَان عَلَيْهِ وَالْوَكِيل طَرِيق وَإِن كَانَ جَاهِلا فَلَا شَيْء على الرَّسُول إِلَّا أَن يتَعَدَّى فَحِينَئِذٍ يكون قَرَار الضَّمَان عَلَيْهِ وَالْوَكِيل طَرِيق
718 - مَسْأَلَة إِذا وكل وَكيلا بِبيع شَيْء فتعدى فِيهِ ثمَّ بَاعه صَحَّ فَلَو تلف الثّمن قبل الْقَبْض حَتَّى انْفَسَخ أَو رد عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ يكون مَضْمُونا

(2/599)


@ عَلَيْهِ لِأَن الْعين صَارَت مَضْمُونَة عَلَيْهِ بِالتَّعَدِّي بِخِلَاف الثّمن إِذا أَخذه لَا يكون مَضْمُونا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لم يَتَعَدَّ فِيهِ قَالَ يحْتَمل أَن يُقَال فِيهِ وَجْهَان بِنَاء على أَنه خرج الْمَبِيع عَن ملكه ثمَّ عَاد إِلَيْهِ هَل لَهُ الرَّد بِالْعَيْبِ وَجْهَان وَيحْتَمل أَن بيني على أَن العقد يرْتَفع من حِينه أم على أَصله
719 - مَسْأَلَة إِذا دفع شَيْئا إِلَى إِنْسَان لحمله إِلَى بلد كَذَا فيبيعه فَحَمله وَلم يبع فَرده ثمَّ حمله ثَانِيًا بعد الْمَالِك فَبَاعَهُ قَالَ يَصح البيع إِن لم يكن رد إِلَى الْمَالِك لِأَن الْإِذْن بِالْبيعِ بَاقٍ وَلَو تلف فِي الْحمل الثَّانِي قَالَ يضمن لِأَن الشَّيْء صَار مَضْمُونا عَلَيْهِ بِالرَّدِّ الأول إِلَى هَذَا الْبَلَد ولزيادة السّفر
720 - مَسْأَلَة إِذا بعث رَسُولا إِلَى بزاز ليَأْخُذ ثوبا فَفعل ثمَّ أنكر الْمُرْسل هَل يجب الضَّمَان على الرَّسُول قَالَ إِن أخبر الزاز بِأَنِّي رَسُول فلَان فَصدقهُ فَدفع إِلَيْهِ لَا ضَمَان على الرَّسُول
721 - مَسْأَلَة رجل دفع مَتَاعه إِلَى البَائِع ليَبِيعهُ فَبَاعَ البَائِع وَنصب من يقبض ثمنه فَغَاب الَّذِي نَصبه لقبض الثّمن بعد قبض الْبَعْض قَالَ الْبَاقِي من الثّمن يجب على على البَائِع أَن يدْفع إِلَى الْمَالِك ثمَّ يرجع البَائِع على المُشْتَرِي
722 - مَسْأَلَة لَو وكل وَكيلا ليطلق إِحْدَى نِسَائِهِ قَالَ نظر إِن قَالَ طلق وَاحِدَة مُعينَة فَطلق الْوَكِيل وَاحِدَة وَعين بِقَلْبِه جَازَ فَإِن مَاتَ قبل أَن يخبر الْمُوكل لمن عينهَا يمْنَع الْمُوكل عَنْهُن حَتَّى يعين وَإِن لم يطلع كَمَا لَو طَار طَائِر فَقَالَ إِن كَانَ غرابا فأمرأتي طَالِق وَإِن لم يكن فَعَبْدي حر يُؤمر بِالتَّعْيِينِ وَإِن وكل فَقَالَ طلق وَاحِدَة بِلَا تعْيين إِن قُلْنَا هُوَ فِي الزَّوْج طَلَاق موقع يَصح ثمَّ على الزَّوْج التَّعْيِين وَإِن قُلْنَا الْتِزَام طَلَاق فِي الذِّمَّة لَا يَصح التَّوْكِيل
723 - مَسْأَلَة وَلَو أسلم كَافِر على عشرَة نسْوَة فَوكل وَكيلا بِاخْتِيَار أَربع لَا يجوز وَلَو وكل ليطلق أَرْبعا مِنْهُنَّ قَالَ يجوز وَإِن كَانَ التَّطْلِيق اخْتِيَارا كَمَا لَو علق طَلَاق وَاحِدَة بإسلامها فَأسْلمت طلقت وَكَانَ اخْتِيَارا لَهَا وَلَو علق الِاخْتِيَار لَا يجوز

(2/600)


- مَسْأَلَة وَلَو اشْترى شَيْئا غَائِبا فَوكل وَكيلا ليرى عَنهُ ويختار لَا يجوز فَلَو رَآهُ المُشْتَرِي ثمَّ وكل وَكيلا بِالْفَسْخِ يجوز وَلَو وكل بِالْإِجَازَةِ قَالَ يحْتَمل أَن يُقَال لَا يجوز وَهل يكون التَّوْكِيل من المُشْتَرِي إجَازَة وَجْهَان كَمَا لَو وكل وَكيلا بِالْإِقْرَارِ عَنهُ لَا يَصح وَهل يكون التَّوْكِيل إِقْرَارا من الْمُوكل فِيهِ وَجْهَان
725 - مَسْأَلَة رجل لَهُ ثَلَاث نسْوَة فَوكل رجلا ليقبل لَهُ نِكَاح امْرَأَة ثمَّ تزوج هُوَ برابعة ال يَنْعَزِل الْوَكِيل لِأَنَّهُ انسد بَاب النِّكَاح على الرجل وَإِن لم يكن لَهُ زوجه أَو كَانَت عِنْده وَاحِدَة أَو اثْنَتَانِ فَوكل رجلا ليقبل لَهُ نِكَاح امْرَأَة ثمَّ تزوج هُوَ إمرأة لَا يَنْعَزِل الْوَكِيل لِأَنَّهُ لم ينسد عَلَيْهِ بَاب النِّكَاح وَكَذَلِكَ لَو بَقِي وَله على زَوجته طَلْقَة فَوكل وَكيلا ليُطَلِّقهَا ثمَّ أوقع الزَّوْج ذَلِك الطَّلَاق يَنْعَزِل الْوَكِيل حَتَّى لَو نَكَحَهَا بعد زوج لَا يملك الْوَكِيل تطليقها فَإِن لم يكن قد طلق أَو طلق وَاحِدَة فَوكل وَكيلا ليطلق ثمَّ أوقع الزَّوْج طَلْقَة يَقع وَلَا يَنْعَزِل الْوَكِيل حَتَّى لَو طلق يَقع
726 - مَسْأَلَة لَو وكل ليَشْتَرِي لَهُ جمدا فِي الصَّيف ثمَّ جَاءَ الشتَاء وَخرج الجمد عَن أَن يكون لَهُ قيمَة ثمَّ جَاءَ الصَّيف الآخر لَا يجوز لَهُ الشِّرَاء لِأَن الْعَادة أَنه أَرَادَ بِهِ الْعَام الأول وَلَو وكل بِأَن يَشْتَرِي لَهُ جمدا فَاشْترى الْمُوكل الجمد ثمَّ الْوَكِيل اشْترى أَيْضا فِي ذَلِك الْيَوْم أَو فِي الْيَوْم الثَّانِي يجوز
727 - مَسْأَلَة الْمَأْذُون لَهُ بِالتِّجَارَة إِذا بَاعه الْمولى جَازَ وَصَارَ مَحْجُورا عَلَيْهِ وَلَو أجره الْمولى صَحَّ وَلَا يصير مَحْجُورا عَلَيْهِ كَمَا لَو اسْتَعْملهُ فِي عمل من أَعماله أَو بَعثه لشغل فالإذن بِحَالهِ وَصحت الْإِجَارَة
728 - مَسْأَلَة الْمَأْذُون إِذا ركبته الدُّيُون لَا يقْضِي من جِنَايَة جنيت عَلَيْهِ فَلَو جنى على عبد من عبيده يُؤْخَذ الْأَرْش وَيَقْضِي مِنْهُ دُيُونه كَمَا يُبَاع رَقَبَة عَبده فِي دينه وَلَو كَانَ للمأذون جَارِيَة اشْتَرَاهَا فوطئت بِالشُّبْهَةِ هَل يقْضِي من الْمهْر دُيُونه فكالاحتطاب وَإِن اقتضاها يقْضِي من أرش الاقتضاض

(2/601)


@
بَاب الْإِقْرَار

إِذا قَالَ الدَّار الَّتِي ورثتها من أبي لفُلَان قَالَ لَا يكون إِقْرَارا إِلَّا أَن يُريدهُ كَمَا لَو قَالَ لفُلَان فِي ميراثي من أبي كَذَا لِأَنَّهُ أَضَافَهُ إِلَى نَفسه إِضَافَة ملك وَقَوله لفُلَان مُتَرَدّد وَيحْتَمل وعد هبة وَيحْتَمل الْإِقْرَار فَلَا يَزُول الْيَقِين بِالشَّكِّ وَلَو قَالَ الدَّار الَّتِي اشْتَرَيْتهَا لفُلَان كَانَ إِقْرَارا لِأَنَّهُ قد يَشْتَرِي للْغَيْر فَلَا يكون إِضَافَته إِلَى نَفسه إِضَافَة ملك نَظِيره لَو قَالَ الدَّار الَّتِي اشْتَرَيْتهَا لنَفْسي لفُلَان لَا يكون إِقْرَارا إِلَّا أَن يُريدهُ قَالَ وَلَو قَالَ دَاري لفُلَان وَقَالَ أردْت الْإِقْرَار يقبل لِأَنَّهُ يُرِيد باضافة الدَّار إِضَافَة سُكْنى
729 - مَسْأَلَة رجل فِي يَده دَار فَقَالَ رجل آخر نصف هَذِه الدَّار الَّتِي فِي يدك ملك لزيد فَأنْكر صَاحب الْيَد ثمَّ قَالَ صَاحب الْيَد لرجل يَظُنّهُ وَكيلا من جِهَة زيد بِعني نصيب زيد فَهَذَا إِقْرَار لزيد بِنصْف الدَّار كَمَا لَو قَالَ لزيد وَكَذَا لَو قَالَ الْفُضُولِيّ يعرف أَنه لَيْسَ بوكيل بِعني نصيب زيد فَهُوَ إِقْرَار أَيْضا وَإِن قَالَ لزيد بِعني هَذَا أَو بِعني نصِيبه كَانَ إِقْرَارا لَهُ بِنصفِهِ
730 - مَسْأَلَة لَو أَن رجلا أقرّ بدين مَعْلُوم لإِنْسَان وَالْمقر لَهُ أقرّ بذلك المَال لإِنْسَان آخر ثمَّ الْمقر لَهُ الثَّانِي أَرَادَ أَن يَدعِي على الْمقر الأول قَالَ يسمع الدَّعْوَى ويساغ للشُّهُود أَن يشْهدُوا حزما أَنه يلْزمه تَسْلِيم هَذَا المَال إِلَيْهِ من غير أَن يذكرُوا الْجِهَة وَالسَّبَب وَلَيْسَ للْقَاضِي أَن يكْشف عَن ذَلِك ويستخبرهم عَنهُ وَلَو أَن الْمقر الأول ادّعى أَن الْمقر لَهُ أَولا أَبرَأَهُ عَن ذَلِك المَال قَالَ لَا يسمع دَعْوَاهُ وَلَا يتلفت إِلَيْهِ لِأَنَّهُ بَعْدَمَا أقرّ بِالْمَالِ للْغَيْر لَا يَصح إبراؤه عَن مَال الْغَيْر فَلَا يسمع دَعْوَى الْإِبْرَاء
731 - مَسْأَلَة إِذا أقرّ العَبْد لمَوْلَاهُ بِمَال ثمَّ بَان أَنه كَانَ حرا قَالَ يَصح الْإِقْرَار
732 - مَسْأَلَة امْرَأَة مَرِيضَة زمنة الْفراش بقيت كَذَلِك سنتَيْن

(2/602)


@ وَكَانَت تجْلِس وتأكل وتتكلم كالأصحاء فأقرت لزَوجهَا قَالَ إِن لم يحدث مرض آخر حَتَّى مَاتَت فَهُوَ كإقرار الْمَرِيض فِي مرض الْمَوْت لوَارِثه
733 - مَسْأَلَة وَلَو أقرّ الْمَرِيض أَن الدّين الَّذِي على وارثي لفُلَان نصفه عَليّ قَالَ يَصح إِقْرَاره لِأَنَّهُ إِقْرَار لغير الْوَارِث
734 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ الْمَوَاضِع الَّذِي أثبت أساميها وحدودها فِي هَذَا الْكتاب ملك لفُلَان هَل يَصح إِقْرَاره بهَا وَإِن كَانَ السَّامع لَا يعرفهَا هَل يجوز أَن يشْهدُوا على إِقْرَاره بهَا وَهل يسمع شَهَادَته أجَاب يَصح إِقْرَاره وَلَا يجوز للسامع أَن يشْهد عَلَيْهَا
735 - مَسْأَلَة إِذا ادّعى على رجل شَيْئا فَقَالَ الْيَوْم لَا يلْزَمنِي دفع شَيْء إِلَيْك لَا يكون إِقْرَارا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب الْعَارِية

اسْتعَار حليا فَوَضعه فِي تنور نَفسه فجَاء آخر فَأوقد فِيهِ نَارا فَتلف إِن كَانَ الموقد عَالما بِكَوْنِهِ فِيهِ ضمن وَالْمُسْتَعِير طَرِيق فِي وجوب الضَّمَان عَلَيْهِ سَوَاء فعله بِإِذن الْمُسْتَعِير أَو دون إِذْنه وَإِن كَانَ الموقد جَاهِلا نظر إِن أوقد النَّار فِيهِ دون إِذن الْمُسْتَعِير ضمن كَذَلِك وَإِن أوقد بِإِذْنِهِ إِن كَانَ الْمُسْتَعِير عَالما ضمن وَلَا شَيْء على الموقد وَإِن كَانَ جَاهِلا ضمن الموقد وهمله كالطعام الْمَغْصُوب وَلَو وَضعه فِي تنور غَيره بِغَيْر إِذْنه ضمن الْمُسْتَعِير وَلَا شَيْء على الموقد إِلَّا أَن يكون عَالما فقرار الضَّمَان عَلَيْهِ وَإِن وَضعه فِي تنور الْغَيْر بِإِذْنِهِ فَهُوَ كَمَا وَضعه فِي تنور نَفسه
736 - مَسْأَلَة إِذا اسْتعَار شَيْئا من إِنْسَان ثمَّ دفع الْمُعير دَابَّة إِلَى الْمُسْتَعِير الْعَارِية قَالَ تكون الدَّابَّة فِي عمل نَفسه فَإِن كَانَت الْعَارِية فِي يَد غير الْمُسْتَعِير فَأخذ فِي يَده دَابَّة الْمُعير ليرد الْعَارِية فَالضَّمَان على من فِي يَده الدَّابَّة إِن فعل بِغَيْر إِذن الْمُسْتَعِير وَإِن أَخذ بِإِذْنِهِ فَهُوَ وَكيله وَالضَّمان على الْمُسْتَعِير

(2/603)


- مَسْأَلَة إِذا دفع دَابَّة إِلَى إِنْسَان لينْتَفع بهَا ليدفع إِلَيْهِ دَابَّة نَفسه بعد هَذَا كَمَا يَفْعَله الْعَوام يسمونه أوام جه يدْفَعُونَ البقور لحراثة الأَرْض ليدفع إِلَى هَذَا بقرة عِنْد حَاجته قَالَ لَا يكون هَذَا الْبَقر مَضْمُونا على الْآخِذ كَالْعَيْنِ فِي الْإِجَازَة الْفَاسِدَة وَإِنَّمَا كَانَ الْقَرْض مَضْمُونا لِأَنَّهُ لَا يقْرض الْعين إِنَّمَا يقْرض الْمَنْفَعَة فَيكون بِمَنْزِلَة الْإِجَازَة الْفَاسِدَة يضمن فِيهِ الْمَنْفَعَة دون الْعين
738 - مَسْأَلَة اسْتعَار دَابَّة من إِنْسَان ليحمل عَلَيْهَا مَتَاعه إِلَى مَوضِع فَقَالَ الْمُعير لغلامه احْمِلْ هَذَا الْمَتَاع على الدَّابَّة واذهب بِهِ فَحمل الْغُلَام فَهَلَكت الدَّابَّة فِي الطَّرِيق قَالَ يضمن الْمُسْتَعِير إِذا حمل الْمُعير الْمَتَاع على الدَّابَّة بِإِذْنِهِ
739 - مَسْأَلَة لَو أرسل طفْلا إِلَى آخر ليستعير لَهُ شَيْئا فَدفع الْمَالِك إِلَيْهِ فَهَلَك أَو أهلكه لَا ضَمَان على أحد
740 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لرجل إحمل متاعي هَذَا على دابتك فَحمل مَالك الدَّابَّة مَتَاعه على دَابَّته فَتلفت الدَّابَّة فقد ذكر الْأَصْحَاب وعلقته من شَيْخي وَأَنه يجب على صَاحب الْمَتَاع ضَمَان الدَّابَّة وَكَانَ شَيْخي يَقُول وَالَّذِي عِنْدِي أَن لَا يجب عَلَيْهِ ضَمَان الدَّابَّة لِأَن الضَّمَان إِمَّا أَن يجب بِاسْتِعْمَال مَال الْغَيْر أَو بِالْيَدِ لَا جَائِز أَن يُقَال يجب بِالِاسْتِعْمَالِ لِأَن الِاسْتِعْمَال مَأْذُون فِيهِ بِالْيَدِ لَا يُمكن إِيجَاب الضَّمَان لِأَن الدَّابَّة فِي يَد مَالِكه فَمَا هَذَا إِلَّا أَنه اسْتَعَانَ بِهِ فِي نقل أمتعته إِلَى الْبَلَد وَلِهَذَا لَا يجب ضَمَان دَابَّته فَإِن الرجل إِذا قَالَ لإِنْسَان خُذْهُ هَذِه الْوَدِيعَة واحفظه فِي هَذَا الصندوق مَا قَالَ أحد أَن يكون الصندوق مَضْمُونا على الْمُودع لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي يَده إِلَّا أَنه اسْتَعَانَ بصندوقه فِي حفظ مَاله وَفِي فَتَاوَى القَاضِي أَنه إِذا

(2/604)


@ اسْتَعَانَ رجل بِعَبْدِهِ وَحِمَاره فِي نقل أمتعته لَا يجب ضَمَان العَبْد وَالْحمار لِأَنَّهُ فِي يَد الْمَالِك
741 - مَسْأَلَة اسْتعَار حمارا مَعَ الجحش فَهَلَك الجحش قَالَ لَا يضمن لِأَنَّهُ لم يَأْخُذ الجحش للِانْتِفَاع إِنَّمَا أَخذ لتعذر حفظه دون الْأُم وَإِن لم يكن الِانْتِفَاع بِالْأُمِّ إِذا لم يكن الْوَلَد مَعَه ضمن 741 مَسْأَلَة إِذا اسْتَأْجر شَيْئا إِجَارَة فَاسِدَة فأعار من غَيره فَتلف قَالَ لَا يجب الضَّمَان على الْمُسْتَأْجر لِأَنَّهُ فعل مَا لم يكن لَهُ ذَلِك والقرار على الْمُسْتَعِير
743 - مَسْأَلَة عبد اسْتعَار شَيْئا فَهَلَك فِي يَده يتَعَلَّق الضَّمَان بِذِمَّتِهِ كَمَا لَو اشْترى شَيْئا
744 - مَسْأَلَة إِذا اسْتعَار ثوبا من إِنْسَان فَدفع الْمُعير مَعَه حليا فَقَالَ الْمُسْتَعِير لَا أُرِيد الْحلِيّ فَدفع الْمُعير إِلَيْهِ الْحلِيّ فَضَاعَ من يَده قَالَ إِن أَخذه للإستعمال ضمن وَإِلَّا فَلَا
745 - مَسْأَلَة إِذا دفع ألفا إِلَى إِنْسَان ثمَّ قَالَ الْمَدْفُوع إِلَيْهِ كَانَت وَدِيعَة فَهَلَكت وَقَالَ الدَّافِع بل أَخَذته قرضا فَالْقَوْل قَول الْمَدْفُوع إِلَيْهِ وَهُوَ الْقَائِل وَرَفعه مَعَ يَمِينه لِأَن الأَصْل بَرَاءَة ذمَّته بِخِلَاف مَا لَو قَالَ غصبتني فَقَالَ لَا بل أكريتني فَالْقَوْل قَول الْمَالِك لِأَنَّهُ أتلف مَنْفَعَة مَاله ثمَّ يدعى سُقُوط الضَّمَان بعد الْإِنْفَاق على أَنه أَخذ لحق نَفسه
746 - مَسْأَلَة اسْتعَار أَرضًا للزِّرَاعَة فكرى بهَا ثمَّ جَاءَ مَالك الأَرْض فزرعها من غير إِذن الْمُسْتَعِير هَل يجب عَلَيْهِ أُجْرَة مثل الأَرْض قَالَ لَا يجب كَمَا لَو رَجَعَ بعد مَا كرب لَهُ ذَلِك قَالَ وَيحْتَمل أَن يُوجب عَلَيْهِ أُجْرَة الْمثل لِأَنَّهُ لَو كَانَ غرس بِإِذن الْغَيْر لم يكن للْمُعِير قلع غراسه مجَّانا
747 - مَسْأَلَة وَلَو نقل رجل زبلا من مَكَان بعيد إِلَى طرف أرضه

(2/605)


@ فجَاء رجل وألقاه فِي أَرض نَفسه هَل يجب عَلَيْهِ أُجْرَة مثل النَّقْل للناقل قَالَ لَا يجب
748 - مَسْأَلَة إِذا أَخذ أَرضًا سوما فغرس فِيهَا يقْلع مجَّانا وَلَو قَالَ لَهُ الْمَالِك اغرس فغرس لَا يقْلع مجَّانا بل يتَخَيَّر الْمَالِك بَين أحد الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة كالعارية وَلَو أَخذ على سَبِيل البيع الْفَاسِد إِن كَانَ عَالما بفساده فغرس قلع وَإِن كَانَ جَاهِلا لَا يقْلع مجَّانا بل يتَخَيَّر الْمَالِك بَين أحد الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة كالعارية فَإِن كَانَ عَالما بفساده فَقَالَ لَهُ الْمَالِك اغرس فكالعارية يتَخَيَّر وَقد أطلق القَوْل فِي البيع الْفَاسِد فِي مَوضِع آخر أَنه يقْلع مجَّانا علم أَو جهل وَهَذَا أمثل
749 - مَسْأَلَة رجل حفر بِئْرا فِي أَرض السُّلْطَان فتردى فِيهَا فرس فَمَاتَ هَل يضمن قَالَ إِن حفر بِإِذن السُّلْطَان لَا يضمن وَإِن حفر دون إِذْنه ضمن كمن حفر فِي ملك الْغَيْر يضمن
750 - مَسْأَلَة قَالَ رجل يُقيم الْمَسْجِد اضْرِب فِي ملكي اللَّبن لِلْمَسْجِدِ فَضرب وَبنى الْمَسْجِد قَالَ يصير فِي حكم الْمَسْجِد لَيْسَ للآذن نقضه كَمَا لَو دفع دَرَاهِم إِلَى إِنْسَان ليدفع إِلَى فَقير فَدفع يصير الْفَقِير لَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَاده وبالصرف إِلَيْهِ يصير ملكا لَهُ فَكَذَلِك بإدخاله فِي الْبناء يصير ملكا لَهُ وَلَو كَانَ قبل إِدْخَاله فِي الْبناء لَهُ أَن يسْتَردّ كَذَلِك قبل أَن يضْرب اللَّبن فزوال ملكه لَا يتَوَقَّف عَن وجود اللَّفْظ كَمَا فِي الْهَدِيَّة إِذا أهْدى إِلَى إِنْسَان فَقبض يصير ملكا بِالْإِرْسَال وَالْأَخْذ بِخِلَاف التعاطي لَا يَجْعَل بيعا لِأَن البيع عقد والعقود لَا يكون إِلَّا بِاللَّفْظِ
751 - مَسْأَلَة رجل أعَار الطوب والخشب ليقيم الْمَسْجِد ليبنى الْمَسْجِد قَالَ لَا يجوز لِأَن الْإِعَارَة أَن يدْفع شَيْئا إِلَى إِنْسَان لينْتَفع بِهِ ثمَّ مَتى شَاءَ يسْتَردّ مِنْهُ وَالشَّيْء إِذا صَار مَسْجِدا لَا يجوز الاستردادا بِخِلَاف مَا لَو دفع أَرضًا إِلَى إِنْسَان ليدفن فِيهِ مَيتا يجوز لِأَن لَهُ نِهَايَة وَهُوَ أَن يصير الْمَيِّت تُرَابا فَيرجع بعده وَهَاهُنَا لَا نِهَايَة لَهُ أما لَو دفع شَيْئا لَا يكون من ضَرُورَة الْمَسْجِد مثل أَن يدْفع

(2/606)


@ حشيشا ليتَّخذ مظلة لِلْمَسْجِدِ لينْتَفع بِهِ النَّاس أَو الطوب والخشب ليبني جدارا حَتَّى لَا يتْلف أَرض الْمَسْجِد يجوز وَيكون عَارِية وَله أَن يرجع مَتى شَاءَ وَإِذا تلف ضَمَانه على الْمُتَوَلِي لِأَنَّهُ الْمُسَبّب وَإِن كَانَ مَنْفَعَة المظلة يعود إِلَى النَّاس كمن أَخذ مروحة عَارِية ليروح بهَا النَّاس فَتلف يكون الضَّمَان على الْآخِذ
752 - مَسْأَلَة رجل أعَار من إِنْسَان التُّرَاب والآجر وَاللَّبن ليبني بِنَاء قَالَ أما إِعَارَة التُّرَاب للْبِنَاء لَا يَصح لِأَنَّهُ لَا يُمكن الْبناء إِلَّا بالطين ويتغير بِهِ عَن هيأته وحد الْعَارِية أَن يدْفع شَيْئا إِلَى غَيره لينْتَفع بِهِ على هَيئته من غير أَن يُغَيِّرهُ أما مَا ينتقص بِالِاسْتِعْمَالِ ويغير بِهِ فَلَا بَأْس أما الْمُتَغَيّر فَلَا يجوز لَهُ أَن يُغَيِّرهُ بصنعته عَن هَيئته وإعارة الدَّرَاهِم لَا يجوز على الْأَصَح لِأَن الِانْتِفَاع بِهِ على هَيئته لَا يُمكن وعَلى الْوَجْه الآخر يجوز لِأَنَّهُ يتَصَوَّر الِانْتِفَاع بِهِ على هَيئته بِأَن يزين بِهِ ذكائه أَو يضْرب على طبعه أما الْآجر وَاللَّبن نظر أَعَارَهُ ليبني بِنَاء لَا يُمكنهُ النزع من الْبناء سليما كَمَا لَو دفع لَا يجوز لِأَن حد الْعَارِية أَن يدْفع شَيْئا يُمكنهُ أَن ينْتَفع بِهِ وَيَردهُ كَمَا أَخذ وَإِن دفع ليبني جدارا وَأخذ الْأُجْرَة وَلَا يغرم أرش النُّقْصَان لِأَنَّهُ أَخذ ملك نَفسه
753 - مَسْأَلَة إِذا اسْتعَار آجرا ولوحا ليبني فَيضمن الْمُعير أرش النُّقْصَان وَلَو اسْتعَار لَبَنًا أَو آجرا أَو خشبا ليبني بِنَفسِهِ فِي أرضه بَيْتا أَو جدارا فَفعل ثمَّ رَجَعَ الْمُعير لَهُ أَن يسْتَردّ إِلَيْهِ وَينْقص بِنَاؤُه وَلَا شَيْء عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَخذ عين مَاله من غير أَن أَدخل نُقْصَانا على الْمُسْتَعِير فِي مَاله ومؤونة عمله لَا يعْتَبر لِأَنَّهُ كَانَ يعْمل لنَفسِهِ إِلَّا أَن يكون الْمُعير قد أَدخل فِيهِ شَيْئا من آلَة نَفسه فَانْتقضَ تِلْكَ الْآلَة بِنَقص الْمُعير ذَلِك النُّقْصَان وَلَو انْتقصَ من آلَات الْمُعير شَيْء بالإدخال فِي الْبناء لَا يضمن الْمُسْتَعِير لِأَن الْعَارِية إِذا انْتقض بِالِاسْتِعْمَالِ فِيمَا أذن فِيهِ لَا تكون مَضْمُونَة على الْمُسْتَعِير
754 - مَسْأَلَة رجل لَهُ فِي ذمَّة آخر دين فَمَاتَ الَّذِي لَهُ وَخلف وَارِثا وَلم يرد الدّين إِلَى وَارِث الْمَيِّت حَتَّى مَاتَ الْوَارِث وَلم يخلف الْوَارِث أَو لم

(2/607)


@ يردهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْحق إِلَى وَارِث الْوَارِث إِن خلف فَهَذَا الَّذِي عَلَيْهِ الدّين يلقى ابْنه بِحَق الْمَوْرُوث أم بِحَق جَمِيع الْوَرَثَة
قَالَ لكل وَاحِد بِقدر اسْتِحْقَاقه
بَاب الْغَصْب

755 - مَسْأَلَة ضرب لَبَنًا من طين مَغْصُوب ثمَّ نقضه يجب عَلَيْهِ أَلا يغرم قِيمَته مَضْرُوبا
756 - مَسْأَلَة رجل غصب شَيْئا ثمَّ إِن الْمَالِك لقِيه فِي مفازة وَالْمَغْصُوب مَعَه فَإِن استرده لم يُكَلف أُجْرَة النَّقْل وَإِن امْتنع عَن الْقبُول فَوَضعه الْغَاصِب بَين يَدَيْهِ هَل تَبرأ نظر إِن لم يكن لنقله مؤونة يبرأ وَإِلَّا فَلَا وللمالك أَن يُكَلف رده إِلَى مَوضِع الْغَصْب وَلَو أَخذه الْمَالِك وَشرط على الْغَاصِب مؤونة النَّقْل قَالَ لَا يجوز لِأَنَّهُ ينْقل ملك نَفسه
757 - مَسْأَلَة رجل أجر دَارا من إِنْسَان إِلَّا بَيْتا أمْسكهُ لنَفسِهِ يدْخل فِيهَا دوابه فَأدْخل دَابَّة فِي ذَلِك الْبَيْت وَترك بَابا الْبَيْت مَفْتُوحًا فَخرجت الدَّابَّة واتلفت مَالا لمستأجر الدَّار لَا ضَمَان لِأَن الْمُسْتَأْجر الدَّار كَانَ حَاضرا عَلَيْهِ حفظ مَاله وَإِن خرج وَترك الْمَتَاع مَعَ علمه بِأَن الْبَاب مَفْتُوحًا فَهُوَ مضيع لمَاله فَإِن لم يعلم ضمن مَالك الدَّار
758 - مَسْأَلَة دَابَّة إِنْسَان سَقَطت فِي كوَّة فِي دَار إِنْسَان وأتلفت شَيْئا قَالَ إِن كَانَ بِاللَّيْلِ يجب الضَّمَان على مَالك الدَّابَّة وَإِن هَلَكت الدَّابَّة فَلَا ضَمَان وَإِن كَانَ بِالنَّهَارِ فَلَا ضَمَان على مَالك الدَّابَّة وَالله تَعَالَى أعلم
759 - مَسْأَلَة لَو غصب شَجَرَة أَو حطبا فحرقه حَتَّى صَار رَمَادا لَا

(2/608)


@ قيمَة لَهُ غرم قيمَة الشَّجَرَة وَالْمَالِك أولى بِالِانْتِفَاعِ بالرماد وَإِن جعله فحما وَله قيمَة فالفحم للْمَالِك وَغرم الْغَاصِب النُّقْصَان وَذَلِكَ إِذا كَانَت قيمَة الفحم أقل من قيمَة الشَّجَرَة
760 - مَسْأَلَة غصب مكَاتب عَلَيْهِ أُجْرَة مثله للْمكَاتب فَإِن مَاتَ فِي يَده فَالْقيمَة للسَّيِّد
761 - مَسْأَلَة غصب جَارِيَة فَوَطِئَهَا رجل فِي يَد الْغَاصِب فَمَاتَتْ فِي الطلق قَالَ إِن زنا فَالْقيمَة على الْغَاصِب وَإِن كَانَ بِالشُّبْهَةِ فعلى الواطىء كَمَا لَو وطىء فِي يَد الْمَالِك وَالْغَاصِب طَرِيق وَإِن نَكَحَهَا نِكَاحا فَوَطِئَهَا قَالَ نظر إِن كَانَ الْفساد من حَيْثُ أَن الْغَاصِب زَوجهَا وَلم يعرف الزَّوْج فَالضَّمَان على الْغَاصِب لِأَن الزَّوْج لم يشرع فِيهِ على أَن يضمن بالطلق وَإِن كَانَ الْفساد شُبْهَة أُخْرَى فو كَوَطْء الشُّبْهَة قَالَ وَلَو زَوجهَا الْمَالِك فِي يَد الْغَاصِب صَحَّ التَّزْوِيج فَإِذا مَاتَت فِي يَد الْغَاصِب أَو عِنْد الزَّوْج فِي الطلق أَو غَيره فَالْقيمَة على الْغَاصِب لِأَنَّهَا مَضْمُونَة عَلَيْهِ كمن غصب جَارِيَة مُزَوّجَة فَمَاتَتْ عِنْده
762 - مَسْأَلَة لَو غصب شَيْئا فَبَاعَهُ من آخر فَتلف فِي يَد المُشْتَرِي فقرار الضَّمَان عَلَيْهِ وَلَو أعَار الْغَاصِب من إِنْسَان فَتلف فِي يَد الْمُسْتَعِير فَكَذَلِك أما مَنْفَعَة الْعين يكون قَرَار ضَمَانهَا على الْمُسْتَعِير أم على الْغَاصِب هَذَا يبْنى على أَن الْمُسْتَعِير هَل يعير أم لَا فِيهِ وَجْهَان إِن قُلْنَا يعير جعلنَا الْمَنْفَعَة ملكا لَهُ فَهَل يسْتَقرّ ضَمَان الْعين على المنهب فِيهِ خلاف بَين أَصْحَابنَا وَإِن قُلْنَا الْمُسْتَعِير لَا يعير فَهُوَ كَمَا لَو أطْعم الْمَغْصُوب إنْسَانا فَأَكله وَفِيه قَولَانِ وَالصَّحِيح من هَذَا كُله أَنه كالطعام
763 - مَسْأَلَة قَالَ مُجَرّد مَال الْغَيْر سَبَب مُوجب للضَّمَان حَتَّى لَو حمل

(2/609)


@ مَتَاع إِنْسَان ثمَّ وَضعه فِي مَكَانَهُ فِي الْحَال فَتلفت يضمن إِلَّا إِذا وضع بَين يَدي الْمَالِك فَهِيَ كالتخلية يبرأ وَإِن لم يضع بَين يَدي الْمَالِك لَا يبرأ عَن ضَمَانه حَتَّى يرد إِلَى الْمَالِك أَو وَكيله
764 - مَسْأَلَة دَار بَين حَاضر وغائب فَوكل رجلا حَتَّى اسْتَأْجر جَمِيعهَا من الْحَاضِر بِغَيْر إِذن الْغَائِب فَفعل ثمَّ رَجَعَ على الْغَائِب قَالَ يرجع بِأَجْر مثل نصِيبه إِن شَاءَ على شَرِيكه وَإِن شَاءَ على الْوَكِيل إِن كَانَ عَالما وَإِن شَاءَ على الْمُسْتَأْجر الَّذِي انْتفع بِهِ والقرار على الْمُسْتَأْجر قَالَ وَإِنَّمَا يرجع على الْوَكِيل إِذا اسْتَأْجر وَقبض وَحصل فِي يَده فَأَما بِمُجَرَّد العقد لَا يجب عَلَيْهِ شَيْء
765 - مَسْأَلَة الثَّلج والجمد من ذَوَات الْأَمْثَال وَيجوز بيع الثَّلج بالثلج مَوْزُونا وَكَذَا الجمد وَالتُّرَاب من ذَوَات الْأَمْثَال قَالَ وَالْأَجْر كَذَلِك عِنْدِي
766 - مَسْأَلَة رجل اشْترى من فقاعي عددا من الفقاع فَجعل يَبِيع وَيُؤَدِّي إِلَيْهِ الثّمن فَبَان أَن المُشْتَرِي كَانَ عبدا وأبق قَالَ لَا شَيْء على الفقاعي لِأَن العَبْد كَانَ يعْمل لنَفسِهِ وَلم يكن للْبَائِع بِخِلَاف مَا لَو اسْتعْمل عبد الْغَيْر بِغَيْر أَمر الْمولى أَو بأَمْره فَإِن أمره يحمل مَتَاعه إِلَى بَيته فأبق ضمن وَحَكَاهُ عَن القَاضِي قَالَ وَهَذَا عِنْدِي فِيمَا إِذا قهره من اسْتَعْملهُ على الْعَمَل وَكَانَ العَبْد عجميا يرى الْعَمَل لكل من يَأْمُرهُ إِذا قَالَ لعبد الْغَيْر أعمل كَذَا من غير أَن قهره وَهُوَ عَاقل مُمَيّز يَنْبَغِي أَن لَا يضمن
767 - مَسْأَلَة غصب دَارا فانهدمت أَو هدمها الْغَاصِب فَصَارَت أَرضًا عَلَيْهِ أُجْرَة مثل الدَّار لِأَنَّهَا صَارَت أَرضًا فِي ضَمَانه كَمَا لَو غصب عبدا فشلت يَده فِي يَد الْغَاصِب أَو قطع يَده يجب عَلَيْهِ أُجْرَة مثله صَحِيح الْيَد وَعَلِيهِ ضَمَان الْيَد فَكَذَلِك فِي الدَّار عَلَيْهِ ضَمَان الْهدم وَأُجْرَة مثل مَا دَامَت فِي يَده وَإِن كَانَت مهدومة وَقد رَأَيْت فِي الْمَجْمُوع بِخِلَافِهِ
768 - هبت الرّيح بِثَوْب فَأَلْقَاهُ فِي صبغ رجل فالصبغ وَالثَّوْب يُبَاع فَيُؤَدِّي إِلَى كل وَاحِد ثمن مَاله

(2/610)


- مَسْأَلَة اسْتَأْجر رجلا لحفظ دَابَّته فَردهَا الْآجر إِلَى بَيت الْمُسْتَأْجر غَائِب فَأَخذهَا عبد الْمُسْتَأْجر وأتلفها قَالَ للْمُسْتَأْجر أَن يرجع بِالضَّمَانِ على الْأَجِير ثمَّ الْأَجِير يتَعَلَّق بِرَقَبَة العَبْد
770 - مَسْأَلَة رجل أجر دَارا من إِنْسَان ليسكن فِيهَا وَقَالَ الْآجر للْمُسْتَأْجر لي فِي هَذِه الدَّار مَتَاع فاحفظها فجَاء غَاصِب وَأخرج الْمُسْتَأْجر من الدَّار وَجلسَ هُوَ فِيهِ فَضَاعَ مَتَاع الْآجر فِي الدَّار الضَّمَان على من قَالَ لَا ضَمَان على أحد إِذا لم يتَعَرَّض للمتاع وَإِنَّمَا الضَّمَان على السَّارِق هَذَا إِذا لم يقبل الْمُسْتَأْجر الْحِفْظ أَو قبل غير أَنه لم يسكن بعد فِي الدَّار لِأَن هَذَا استيداع من غير قبض وَلَو قبل وَسكن الدَّار يصير مودعا يجب عَلَيْهِ الْحِفْظ فَلَو قصر ضمن
771 - مَسْأَلَة رجل بَاعَ أَرضًا فعمرها المُشْتَرِي وَأدّى الْخراج أَو عبدا فاتفق المُشْتَرِي عَلَيْهِ ثمَّ خرج مُسْتَحقّا فالمستحق يَأْخُذ الأَرْض ويغرمه أجر مثل الْمدَّة الَّتِي كَانَت فِي يَده إِذا بَين تَارِيخ ملكه ثمَّ المُشْتَرِي يرجع على البَائِع بِالثّمن الَّذِي أدّى قَالَ وَلَا يرجع بِمَا عمر وَبِمَا أنْفق على العَبْد بالخراج لِأَنَّهُ شرع فِيهِ على أَن يضمن النَّفَقَة وَالْخَرَاج كَمَا لَو هَلَكت الْعين فِي يَده فضمن الْقيمَة لَا يرجع بِقِيمَة الْعين وَإِذا غرم أُجْرَة الْمثل وَلم يكن قد انْتفع بِالْأَرْضِ يرجع على البَائِع وَإِن كَانَ قد انْتفع فَقَوْلَانِ وَقد جعلُوا فِي الرُّجُوع بِمَا أنْفق وَجْهَان وَرَأَيْت للشَّيْخ الْقفال أَنه لَا يرجع بِمَا أنْفق وَجها وَاحِدًا
772 - مَسْأَلَة رجل اعْتَادَ النُّزُول على إِنْسَان فَنزل عَلَيْهِ مرّة مَعَه حِمَاره ربطه فِي اصطبله وَقد حمل شَيْئا من الْحَشِيش مَعَ نَفسه فَأَلْقَاهُ بَين يَده والحشيش مُضر ثمَّ ذهب وَترك شَيْئا من ذَلِك فَدخلت بقرة لصَاحب الدَّار وأكلت من ذَلِك الْحَشِيش هَل يجب الضَّمَان على من حمل الْحَشِيش قَالَ لَا يجب لِأَن الْبَقَرَة تناولته بخياره وَلها اخْتِيَار وَهَذَا بِنَاء على أصل وَهُوَ أَن من جعل السم فِي

(2/611)


@ طَعَام فتناوله صَاحب الطَّعَام وَفِيه اخْتِلَاف أما إِذا ألْقى الْحَشِيش المهلك بَين يَديهَا فَأكلت أَو وضع سما بَين يَدي صبي فتناوله فَهَلَك ضمن وَلَو احتش لحماره فَألْقى بَين يَده فِي شَارِع وَذَلِكَ الْحَشِيش يضر الْبَقَرَة وَلَا يضر الْحمار فتناولته بقرة إِنْسَان فَهَلَكت فَهُوَ كمن جعل السم فِي دن الطَّرِيق وألقاه فِي ملك الْغَيْر فأكلته دَابَّة صَاحب الْملك فَهَلَكت ضمن إِذا ادى بِغَيْر إِذْنه وَلَو أحرق الزدير فِي هريم الْغَيْر دون إِذْنه وَيُقَال رماده مُضر للدواب فأكلته دَابَّة إِنْسَان مِمَّا أحرقت مِنْهُ قَالَ إِن هَذَا قريب من الأول وَقد اقتيت بِهِ موجوب الضَّمَان وَلَو أخرج صبي صَغِير شَيْئا من الزدير فطرحه على ثِيَاب الدَّار فَأَتَت دَابَّة فَأكلت قَالَ إِن كَانَ فِي سكَّة نَافِذَة ضمن الصَّبِي على هَذَا الْفَتْوَى وَإِن كَانَت السِّكَّة غير نَافِذَة إِن كَانَت الدَّابَّة لأهل السِّكَّة ضمن وَإِن دخلت من خَارج السِّكَّة لَا يضمن كَمَا لَو دخلت دَار إِنْسَان فتناولت
773 - مَسْأَلَة إِذا كَانَت بَين حَائِط رجل وكرم الآخر جِدَار مُشْتَرك بَينهمَا فَفتح صَاحب الْكَرم بَابا على جِدَار بِغَيْر إِذن صَاحب الْحَائِط فَأدْخل صَاحب الْحَائِط جَاهِلا بِفَتْح الْبَاب لَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن كَانَ عَالما ضمن وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ الْجِدَار لصَاحب الْكَرم خَالِصا وَإِن كَانَ بَين الْحَائِط وَالْكَرم طَرِيق أَو لَا جِدَار بَينهمَا فَدخلت الدَّابَّة وَإِن كَانَ الْمَالِك حَاضرا ضمن وَإِن كَانَ غَائِبا لم يضمن بِالنَّهَارِ وَيضمن بِاللَّيْلِ وَإِن كَانَ مَكَان الْحَائِط أَرضًا لَا حَائِط لَهَا يجنب جِدَار كرم إِنْسَان وَقد أرسل صَاحب الأَرْض دَابَّته فَدخلت كرم الآخر فَإِن كَانَ مَالك الدَّابَّة حَاضرا فَكَمَا ذكرنَا وَإِن كَانَ غَائِبا وَأرْسل الدَّابَّة فَإِن كَانَ بِالنَّهَارِ وَإِن كَانَ بِاللَّيْلِ ضمن
774 - مَسْأَلَة رجل نزل خَانا فَأرْسل حِمَاره فِي بستانه وَالْحمار يُؤْذِي بعض الدَّوَابّ فَأدْخل آخر فِي الْبُسْتَان أغنامه فعض الْحمار بَعْضهَا قَالَ يضمن صَاحب الْحمار لِأَن الخان مَحل نزُول النَّاس فعلى صَاحب الدَّابَّة المؤذية إمْسَاك دَابَّته كَمَا لَو أرسلها فِي الطَّرِيق وَهِي مؤذية فأتلفت شَيْئا ضمن وَلَو لم تكن

(2/612)


@ مؤذية فاتفق لم يضمن كَمَا لَو أرسلها فِي الطَّرِيق فَأهْلك وَكَذَلِكَ لَو أَدخل الدَّابَّة حَائِطا مُشْتَركا بَينه وَبَين غَيره فَغَضب دَابَّة الشَّرِيك وَهِي غير مَعْرُوفَة بالعض فَإِن أَدخل دون إِذن الشَّرِيك ضمن وَإِلَّا فَلَا وَلَو ألْقى أحد الشَّرِيكَيْنِ فِيهِ حشيشا مضرا فأ كلت دَابَّة الآخر فَهَلَكت ضمن وَإِن لم يكن الحائطان مشاعان لَكِن لَا جِدَار بَينهمَا فَدخلت دَابَّة أَحدهمَا ملك الآخر وأكلت الْحَشِيش المضر لم يضمن
775 - مَسْأَلَة رجل اخْتَلَّ جِدَاره فَصَعدَ السَّطْح يدقه للإصلاح فَسقط على إِنْسَان قَالَ إِن سقط وَقت الدق فعلى عَاقِلَته الدِّيَة
776 - مَسْأَلَة لَو وَقع عبد فِي بِئْر فجَاء آخر فَأرْسل حبلا فشده العَبْد فِي وَسطه وجره الرجل فَسقط العَبْد فَهَلَك قَالَ يضمن
777 - مَسْأَلَة إِذا حفر حوالي كدسة لمنع الدَّوَابّ فَسقط فِيهِ دَابَّة إِنْسَان فَهَلَكت لم يضمن وَكَذَلِكَ لَو حفر فِي مَرَّات فَإِن حفر فِي أَرض الْغَيْر بِغَيْر إِذْنه فَسقط فِيهَا دَابَّة مَالك الأَرْض يضمن الحاقه وَإِن سقط فِيهَا دَابَّة غَيره وَدخل بِغَيْر إِذن مَالك الأَرْض وَجْهَان
778 - مَسْأَلَة وَلَو غصب شَيْئا من إِنْسَان ثمَّ دَفعه إِلَى عبد الْغَيْر ليرد إِلَى الْمَالِك فَهَلَك عِنْده قَالَ إِن كَانَ العَبْد جَاهِلا بِالْحَال فَالضَّمَان على الْغَاصِب وَإِن كَانَ عَالما إِن قُلْنَا يدمن أَخذ من الْغَاصِب للرَّدّ أَمَانَة فَكَذَلِك لَا شَيْء على العَبْد وَإِن قُلْنَا يَده يَد ضَمَان يتَعَلَّق بِرَقَبَتِهِ وَالْمَالِك إِن شَاءَ غرم الْغَاصِب وَإِن شَاءَ غرم العَبْد يَأْخُذ من رقبته
779 - مَسْأَلَة صبي أكفأ طاس إِنْسَان فِي المَاء فَقَالَ لَهُ مَالك الطاس أخرجه فَأخْرجهُ فَمد الْمَالِك يَده ليأخذه مِنْهُ فَسقط من يَد الصَّبِي وانكسر يجب الضَّمَان على الصَّبِي

(2/613)


- مَسْأَلَة رجل أَخذ عبد إِنْسَان وَهُوَ يَظُنّهُ عبدا فَقَالَ العَبْد أَنا حر فَتَركه فأبق يجب الضَّمَان على الْآخِذ لِأَن ضَمَان الْمَالِك بِالْجَهْلِ لَا يسْقط
781 - مَسْأَلَة إِذا دفع غُلَامه إِلَى إِنْسَان ليعلمه الحرفة فالغلام أَمَانَة فِي يَده فَلَو اسْتَعْملهُ فِي عمل من مصَالح الحرفة لَا يضمن وَإِن اسْتَعْملهُ فِي غَيره ضمن كالدابة يَدْفَعهَا إِلَيْهِ ليروضها فركبها فِي الرياضة لم يضمن وَإِن ركب فِي غَيرهَا ضمن
782 - مَسْأَلَة إِذا أَخذ شَيْئا من عبد إِنْسَان ثمَّ رد إِلَى العَبْد نظر إِن كَانَ ذَلِك الْمَتَاع دَفعه الْمولى إِلَى العَبْد مثل منديل كَانَ على رَأسه أَو ثوب فِي بدلة أَو دفع إِلَيْهِ مسحاة أَو فاس ليعْمَل فَرد الْأَخْذ إِلَى العَبْد يبرأ وَكَذَلِكَ لَو أَخذ الْآلَة من الْأَجِير فَرد إِلَيْهِ يبرأ لِأَن الْمَالِك رَضِي بِهِ بِيَدِهِ كَمَا لَو غصب الْوَدِيعَة من الْمُودع ثمَّ رد إِلَيْهِ يبرأ أَو المَال من يَد الْوَكِيل فَرد إِلَيْهِ وَإِن كَانَ العَبْد أَخذ دون الْمَالِك فالأخذ مِنْهُ لَا يبرأ بِالرَّدِّ إِلَيْهِ حَتَّى يصل إِلَى سَيّده كَمَا لَو أَخذ يَد الْغَاصِب ثمَّ رد إِلَيْهِ لَا يبرأ وَلَو كَانَ المودوع تعدى فِي الْوَدِيعَة حَتَّى صَار مَضْمُونا عَلَيْهِ ثمَّ غصب من يَده غَاصِب ثمَّ رد إِلَيْهِ هَل تَبرأ يحْتَمل أَن لَا تَبرأ كَمَا لَو أَخذ من الْغَاصِب وَالْوَكِيل بِالْبيعِ إِذا تعدى فَصَارَ مَضْمُونا عَلَيْهِ وَالْمُرْتَهن إِذا تعدى فغصب مِنْهُ الْغَاصِب ثمَّ رد إِلَيْهِ يحْتَمل أَن يكون كَمَا أَخذ من يَد الْمُسْتَعِير ثمَّ رد إِلَيْهِ هَل يبرأ على وَجْهَيْن لِأَنَّهُ مَعَ كَونه ضَامِنا مَأْذُون من جِهَة الْمَالِك فِي حفظه وَإِن تعدى بِدَلِيل أَن الْوَكِيل بِالْبيعِ لَو بَاعه بعد التَّعَدِّي يجوز وللمهرتهن حَبسه بعد التَّعَدِّي وَالضَّمان وَإِذا أَخذه من يَد الْمُودع بعد التَّعَدِّي ثمَّ رد إِلَيْهِ يحْتَمل هَذَا وَيحْتَمل أَن يبرأ لِأَن الْوَدِيعَة مَا هُوَ إِلَّا الْإِمْسَاك للْمَالِك أَمَانَة فَإِذا تعدى زَالَ ذَلِك فَصَارَ كالمغصوب حَتَّى أَقُول لَا يجوز لَهُ بعد التَّعَدِّي حفظه بل عَلَيْهِ رده بِخِلَاف الرَّهْن وَالْمَال فِي يدالوكيل لِأَنَّهُمَا بدل حق وَلَيْسَ أَمَانَة أَو وَدِيعَة

(2/614)


- مَسْأَلَة إِذا غصب جَارِيَة فَزَوجهَا من إِنْسَان وَالزَّوْج جَاهِل فَوَطِئَهَا لَيْسَ عَلَيْهِ الْحَد لَكِن عَلَيْهِ الْمهْر وَلَا يرجع على الْغَاصِب لِأَنَّهُ شرع فِي العقد على أَن يضمن الْمهْر قَالَ وَالْغَاصِب يكون طَرِيقا فِيهِ فَيجوز للْمَالِك أَن يَأْخُذ الْمهْر من الْغَاصِب كالمنافع الَّتِي هَلَكت فِي يَد المُشْتَرِي من الْغَاصِب
784 - مَسْأَلَة إِذا اسْتعَار عبدا فثياب بدنه لَا يكون مَضْمُونا عَلَيْهِ على الصَّحِيح من الْمَذْهَب لِأَنَّهُ لم يَأْخُذهُ مُسْتَعْملا وَإِذا اسْتعَار دَابَّة مَعَ أكاف فالأكاف مَضْمُونَة عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَخذه مُسْتَعْملا وَيحْتَمل أَن يُقَال الثِّيَاب يكون مَضْمُونا عَلَيْهِ لِأَنَّهَا حصلت فِي يَده بِسَبَب مَضْمُون وَلَو أَخذ عبدا على جِهَة السّوم قَالَ إِن قُلْنَا إِذا بَاعَ العَبْد يدْخل فِيهِ ثِيَاب بدنه فثيابه مَضْمُونَة عَلَيْهِ وَإِن قُلْنَا لَا يدْخل فَهُوَ كَثوب العَبْد الْمُسْتَعَار
785 - مَسْأَلَة رجل أَخذه الصرع فسدد على مَال إِنْسَان فأتلفه أَو على دراابزين الْمَسْجِد فَكَسرهُ قَالَ يجب الضَّمَان كَالصَّبِيِّ يسْقط عَن المهد وَالله أعلم
786 - مُسلم رجل أجر دَاره وَللْآخر فِيهَا أقمشة على أَن يحفظ الْمُسْتَأْجر أقمشته فجَاء ظَالِم وَمنع الْمُسْتَأْجر من الدَّار وأسكنها غَيره فَسرق الْمَتَاع قَالَ لَا ضَمَان على أحد أَي سَوَاء السَّارِق لِأَن الْمُسْتَأْجر لم يدْخل الْمَتَاع فِي يَده وَلم يَتَعَدَّ فِيهِ وغاصب الدَّار لم يُوجد مِنْهُ إِلَّا منع الْمُسْتَأْجر عَن الدَّار لَا عَن المَال والساكن لم يعده يَده إِلَى المَال
787 - مَسْأَلَة رجل غصب عبدا من إِنْسَان ثمَّ إِن العَبْد قتل الْغَاصِب وَأقر بقتْله أَو قَامَت عَلَيْهِ ثَبت الْقصاص لوَارث الْغَاصِب فَإِن قتل قصاصا فِي يَد الْمَالِك بَعْدَمَا استرجعه لَهُ أَن يرجع بِقِيمَتِه فِي تَرِكَة الْغَاصِب لِأَن سَبَب

(2/615)


@ وجوب الْقصاص كَانَ فِي يَده
788 - مَسْأَلَة الْمَالِك إِذا أَخذ الْقيمَة من الْغَاصِب لأجل الْحَيْلُولَة هَل يملكهَا أم لَا فَإِن قيل لَا يملكهَا كَيفَ يجوز أَن يتَصَرَّف فِيهَا أجَاب يملكهَا وَإِن لم يملك الْغَاصِب مَا يوازه وَهُوَ الْمَغْصُوب وَمَا للْحَيْلُولَة وَلم يملك بمقابلته شَيْئا غير إِن إِحْدَى الحيلولتين وَهِي حيلولة الْيَد فِي الْغَصْب أقوى من الْأُخْرَى أَي حيلولة أَخذ الْقيمَة
789 - مَسْأَلَة رجل تعدى على بِسَاط إِنْسَان دون إِذْنه قَالَ لَا يضمن الْبسَاط كَمَا لَو د خل أَرضًا لإِنْسَان لَا على قصد الْغَصْب والاستيلاء لَا يضمن الأَرْض فَإِن دخله نقص بقعوده عَلَيْهِ ضمن كَمَا لَو صعد شَجَرَة لإِنْسَان لَا يضمنهَا فَإِن انْكَسَرت غصنه مِنْهَا لثقله ضمنهَا وَكَذَلِكَ لَو رأى لقطَة فِي الطَّرِيق فَوضع عَلَيْهَا رجله لم يضمن فَإِن تحامل عَلَيْهَا ضمن
790 - مَسْأَلَة بقرة وَقعت فِي الوحل فجَاء محتسب فأخرجها فَمَاتَتْ من جَرّه قَالَ يضمن لِأَنَّهُ أُبِيح لَهُ بِشَرْط السَّلامَة فَإِن أخرج فَلم يدر أَنَّهَا مَاتَت من جَرّه وإخراجه أَو من الوحل فَلَا ضَمَان بِالشَّكِّ وَإِن أخرجهَا سليمَة لَا يجوز لَهُ تضييعها وَكَذَلِكَ شَاة استنفذها من ذِئْب لَا يجوز تضييعها ثمَّ ينظر إِن كَانَ يعرف مَالِكهَا عَلَيْهِ ردهَا فَإِن هَلَكت فِي يَده قبل التَّمَكُّن لم يضمن وَإِلَّا ضمن بِخِلَاف مَا لَو أَخذ الْمَغْصُوب من الْغَاصِب فَهَلَكت فِي يَده قبل أَن يتَمَكَّن من الرَّد ضمن فِي قَول لِأَنَّهُ أَخذهَا من يَد عَادِية وَإِن لم يعرف مَالِكهَا قَالَ هُوَ كاللقطة يلتقطها
791 - مَسْأَلَة وَلَو أَن رجلا بعث عبد الْغَيْر فِي شفل بِغَيْر إِذن سَيّده فأبق هَل يجب الضَّمَان قَالَ إِن العَبْد أعجميا يرى طَاعَة غير سَيّده وَاجِبا فِيمَا

(2/616)


@ يَأْمُرهُ أَو صَغِيرا ضمن قَالَا فَلَا يضمن إِلَّا إِذا قهره ضمن بِكُل حَال وَإِن كَانَ العَبْد مخبرا وَلَكِن قَالَ لَهُ هَذَا الَّذِي اسْتَعْملهُ اني من سيدك فَاسْتَعْملهُ ضمن قَالَ وَلَو أَن الزَّوْج بعث عبد زَوجته فِي شغل دون إِذْنهَا فأبق ضمن بِكُل حَال لِأَن عبد الْمَرْأَة قد يرى طَاعَة زوج سيدتها وَاجِبَة فَهُوَ كالأعجمي فِي حق الْأَجْنَبِيّ وَلَو بعث السَّيِّد عَبده فِي شغل فَاسْتَقْبلهُ ظَالِم فَضرب العَبْد فأبق هَل يجب على الضَّارِب ضَمَان قَالَ إِن هرب من الضَّارِب فضل وَلم يهتد إِلَى بَيت سَيّده يجب الضَّمَان وَإِلَّا فَلَا ضَمَان
792 - مَسْأَلَة رجل دخل الْحمام فزلقت رجله فَسقط على طاس لغيره فَكَسرهُ يضمن وَلَو جرح الطاس بدن الرجل لم يضمن صَاحب الطاس ضمنه الدَّاخِل هَذَا إِذا لم يضع الطاس على ممر الدَّاخِل فَإِن وضع على مَمَره وَكَانَ الدَّاخِل أعمى أَو كَانَ لَيْلًا ضمن الْوَاضِع مَا تلف من بدن الرجل وَلم يضمن الدَّاخِل الطاس إِلَّا أَن يكون الْبَيْت ضيقا لم يكن للطاس مَوضِع إِلَّا الْمَمَر ضمن الدَّاخِل الطاس وَكَذَلِكَ لَو أذن لإِنْسَان فِي دُخُول دَاره فَسقط على شَيْء من مَاله فَأَهْلَكَهُ ضمن الدَّاخِل إِلَّا أَن يكون على مَمَره وَهُوَ أعمى وَلَو دخل بِغَيْر إِذن صَاحب الدَّار ضمن بِكُل حَال
793 - مَسْأَلَة لَو دَعَا عبدا لتنقية سطحه وَالْعَبْد مَأْذُون من جِهَة سَيّده فِيهِ فَسقط العَبْد من السّلم فَهَلَك ضمن إِلَّا أَن يكون بِأُجْرَة فَإِن سقط على مَتَاع لصَاحب الدَّار فَهَلَك الْمَتَاع تعلق الضَّمَان بِرَقَبَتِهِ فَإِن كَانَ بالسلم خلل بِحَيْثُ لَا يُطيق حمل العَبْد سَوَاء كَانَ صَاحب الدَّار عَالما بِحَال السّلم أَو جَاهِلا وَالْعَبْد جَاهِل لَا يجب ضَمَان الْمَتَاع وَإِن هلك العَبْد يجب ضَمَانه على صَاحب الدَّار

(2/617)


- مَسْأَلَة بعيران يتراجلان فَأصَاب رجل أَحدهمَا دَابَّة إِنْسَان فأهلكها قَالَ إِن لم يكن الْمَالِك مَعهَا لَا يضمن لَيْلًا كَانَ أَو نَهَارا مَا بِالنَّهَارِ لَا ضَمَان لِأَنَّهُ لم يحرزها على الطَّرِيق وبالليل صَاحب الدَّابَّة مُتَعَدٍّ بإرسالها
795 - مَسْأَلَة أتلف جلدا غير مدبوغ قَالَ الْمَالِك كَانَ جلدي مذكى وَقَالَ الْمُتْلف بل جلد ميتَة فَالْقَوْل قَول الْمُتْلف مَعَ يَمِينه لِأَن الأَصْل بَرَاءَة ذمَّته بِخِلَاف مَا لَو قتل فَقَالَ الْمولى كَانَ حَيا فِيهِ قَولَانِ لِأَن ثمَّة لم يتَّفقَا على مُفَارقَة الرّوح وَهَاهُنَا اتفقَا وَلَو أراق خمرًا فاختلفا فَقَالَ الْمَالِك عصيرا وَقَالَ الْمُتْلف بل كَانَ خمرًا فَالْقَوْل قَول الْمَالِك مَعَ يَمِينه لِأَن الأَصْل بَقَاء مَالِيَّته بِخِلَاف الْجلد لِأَنَّهُ بعد مُفَارقَة الرّوح لم يكن لَهُ أصل فِي بَقَاء الْمَالِيَّة وَلَو اتفقَا على أَنه قد يخمر وَقَالَ الْمَالِك صَار خلا وَقَالَ الْمُتْلف بل كَانَ خمرًا فَالْقَوْل قَول الْمُتْلف مَعَ يَمِينه
796 - مَسْأَلَة إِذا ضرب على يَد فأشلها يجب قيمتهَا فَإِذا أَخذ الْقيمَة ثمَّ صحت يَد العَبْد قَالَ عَلَيْهِ رد الْقيمَة كَمَا لَو ذهب بَصَره فَعَاد فَلَو لم يَأْخُذ الْقيمَة حَتَّى برأَ قَالَ لَا يجب عَلَيْهِ أجر مثل هَذَا الشلل وبمثله لَو غصب عبدا فشلت يَده فِي يَده أَو ضرب يَده فأشلها ثمَّ رده عَلَيْهِ ضمن يَده فَإِن صحت يَده يجب أجر مثل عمله حَالَة الْغَصْب وَبعد الرَّد إِلَى أَن صحت يَده لِأَنَّهُ استولى عَلَيْهِ وَدخل جَمِيع ضَمَانه فَمَا لم يعد إِلَى الْحَالة الأولى عَلَيْهِ ضَمَان وَفِي الْجِنَايَة لم يستول عَلَيْهِ إِنَّمَا عَلَيْهِ ضَمَان جِنَايَته وَقد زَالَت الْجِنَايَة
797 - مَسْأَلَة إِذا اشْترى أَرضًا فغرس فِيهَا المُشْتَرِي أَو زرع ثمَّ اسْتحق قلع الْمُسْتَحق الزَّرْع وَالْغَرْس وَرجع المُشْتَرِي بِالنُّقْصَانِ على البَائِع

(2/618)


@ وَإِن كَانَ عبدا أنْفق عَلَيْهِ هَل يرجع بِمَا أنْفق وَجْهَان الْأَصَح أَنه لَا يرجع لِأَنَّهُ شرع فِيهِ على أَن يضمنهُ كَذَلِك مَا ادى من خراج الأَرْض وَإِن كَانَ أَرضًا بنى فِيهَا بِآلَة أَدخل عَلَيْهِ من بَاب وجذع وَلبن فَلِلْمُشْتَرِي إِخْرَاجه وللمستحق قلعه وَإِن دخله نقص بِالْقَلْعِ وَجب أَن يرجع على البَائِع كنقص الْغَرْس وَإِن كَانَ قد بنى بتربتها وَضرب اللَّبن من تربَتهَا وزوقه وزين بِمَا لَا يكون فِيهِ عين مَال فللمستحق أَخذه كَذَلِك وَلَا يرجع على البَائِع قَالَ وَيحْتَمل أَن يكون كَالنَّفَقَةِ وَيحْتَمل أَن يفصل لِأَنَّهُ مجبور على الْإِنْفَاق وَأَدَاء الْخراج وَغير مجبور على الْبناء والتزويق
798 - مَسْأَلَة لَو اشْترى أَرضًا شِرَاء فَاسِدا فغرس فِيهَا يقْلع مجَّانا وَلَو اقتسم رجلَانِ أَيْضا قسْمَة فَاسِدَة فغرس أَحدهمَا فِيهِ جَاهِلا بفساده وَجب أَن يقْلع وَفِي هَذَا إِشْكَال وَقد ذكر الْأَصْحَاب أَن الْمُشْتَرى شِرَاء فَاسِدا إِذا كَانَ جَاهِلا بِفساد الشِّرَاء وغرس وَبنى وغرس لَا يقْلع مجَّانا بِخِلَاف الْغَصْب لِأَنَّهُ متعدي قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ لعرق ظَالِم حق بِخِلَاف المُشْتَرِي فَإِنَّهُ غير متعدي فَوَجَبَ أَن يكون لعرقه حق
799 - مَسْأَلَة أَرض مُشْتَركَة بَين رجلَيْنِ بنى فِيهَا أَحدهمَا بِغَيْر إِذن شَرِيكه للشَّرِيك نقض بنائِهِ مجَّانا فَلَو رَضِي بِهِ الشَّرِيك الآخر هَل للباني نقضه قَالَ يجوز لِأَن بناءه الأول وَقع منقوضا وَكَانَ لَهُ فِي ملك نَفسه نقضه فرضاء الآخر لَا يُؤثر فِي مَنعه من نقض بنائِهِ وَلَيْسَ للشَّرِيك أَن يَقُول إِنَّك رضيت فِي الِابْتِدَاء لِأَنَّهُ وَإِن رَضِي لم يكن رِضَاهُ مُعْتَبرا لعدم إِذن شَرِيكه وللباني أَيْضا نقضه وَكَذَلِكَ لَو ضرب لبِنَاء من طين مُشْتَرك دون إِذن شَرِيكه فلصاحبه إِجْبَاره على نقضه فَلَو رَضِي بِهِ صَاحبه للضارب نقضه بِخِلَاف مَا لَو ضرب اللَّبن من تُرَاب مَغْصُوب وَرَضي بِهِ الْمَالِك لم يكن للْغَاصِب نقضه لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ملك حَتَّى يملك نقضه بِغَيْر رِضَاء الْمَالِك
800 - مَسْأَلَة إِذا غصب أَرضًا من إِنْسَان أَو اسْتَأْجر إِجَارَة فَاسِدَة

(2/619)


@ فَأمْسك مُدَّة سبع سِنِين عَلَيْهِ أُجْرَة مثل هَذِه الْمدَّة وَلَو كَانَ فِي كل سنة نقد آخر من الدَّرَاهِم يضمن أجر كل سنة من نقد تِلْكَ السّنة فَلَو انْقَطع بعض النُّقُود فَلم يُوجد يجب قيمَة ذَلِك النَّقْد بِاعْتِبَار ذَلِك الْعَام الَّذِي أتلف فِيهِ الْمَنْفَعَة وَيقوم ذَلِك النَّقْد بِالدَّنَانِيرِ وَلَا يقوم بِالنَّقْدِ الَّذِي حدث بعده من الدَّرَاهِم لِأَن تَقْوِيم الدَّرَاهِم على التَّفَاوُت لَا يجوز
801 - مَسْأَلَة رجل غصب أَرضًا وغرس فِيهَا ثمَّ اشْترى الأَرْض من مَالِكهَا لَيْسَ للْمَالِك بعده قلع الْأَشْجَار فَلَو تَقَايلا البيع أورد إِلَيْهِ بِعَيْب البَائِع تَكْلِيف الْغَاصِب قلع الْأَشْجَار كَمَا قبل البيع وَلَو حفر فِي أَرض الْغَيْر بِغَيْر الْأذن يضمن مَا سقط فِيهَا وَهلك فَلَو أَبرَأَهُ هَل يبرأ وَجْهَان وَلَو اشْتَرَاهَا الْغَاصِب قبل الْإِبْرَاء ثمَّ سقط فِيهَا شَيْء هَل يضمن قَالَ يحْتَمل هذَيْن الْوَجْهَيْنِ وَلَو ردهَا بعد الشِّرَاء بِعَيْب أَو تَقَايلا فَسقط فِيهِ شَيْء يضمن وَيعود أصل الْعدوان
802 - مَسْأَلَة رجلَانِ غصبا دَابَّة فَهَلَكت فِي أَيْدِيهِمَا على كل وَاحِد نصف قيمتهَا فَلَو أَن الْمَالِك يظفر بِأَحَدِهِمَا لَا يَأْخُذ مِنْهُ إِلَّا نصف الْقيمَة لِأَن يَده لم تثبت إِلَّا على نصفهَا فَلَو أَخذ الْكل مِنْهُ لَا رُجُوع لَهُ إِلَّا أَن يظفر بِمَالك الدَّابَّة على شَرِيكه الْغَاصِب فَيرجع على غَرِيم غَرِيمه كَمَا لَو ظفر بِغَيْر جنس حَقه من مَال الْمَدْيُون فَأَخذه أما إِذا كَانَت الدَّابَّة قد هَلَكت فِي يَد كل وَاحِد مِنْهُمَا فَكل وَاحِد ضَامِن لجميعها فَإِذا أَخذ الْمَالِك جَمِيع الْقيمَة من أَحدهَا رَجَعَ الْغَارِم على شَرِيكه بِالنِّصْفِ وَإِن كَانَ الْهَلَاك فِي يَد أَحدهمَا رَجَعَ الْغَارِم بِجَمِيعِ الْقيمَة على من كَانَ الْهَلَاك فِي يَده
803 - مَسْأَلَة إِذا غصب شَيْئا وَبَاعه كَانَ للْمَالِك أَن يَدعِي الْعين على المُشْتَرِي وَالْقيمَة على البَائِع فَإِن أقرّ بِالْعينِ لَا يقبل إِقْرَاره على

(2/620)


@ المُشْتَرِي فَلَو ادّعى الْعين بعد إِقْرَاره على المُشْتَرِي فَأقر أَخذ الْعين ورد الْقيمَة وَالْمُشْتَرِي يرجع بِالثّمن على البَائِع فَأَما إِذا أنكر وَنكل عَن الْيَمين وَحلف الْمُدَّعِي أَخذ الْقيمَة ثمَّ ادّعى على المُشْتَرِي فَأقر أَخذ الْعين ورد الْقيمَة إِلَى البَائِع وَهل يرجع المُشْتَرِي على البَائِع بِالثّمن قَالَ يُمكن بِنَاؤُه على أَن يكون النّكُول ورد الْيَمين كالبينة أما كَالْإِقْرَارِ إِن قُلْنَا كَالْإِقْرَارِ يرجع لِأَنَّهُمَا أقرا عَلَيْهِ وَإِن قُلْنَا كالبينة لَا يرجع لِأَن النّكُول ورد الْيَمين كالبينة فِي حق المتداعيين لَا فِي حق الثَّالِث وَللْمُشْتَرِي أَن يَدعِي على البَائِع وتحليفه ونكوله فِي حق الْمُدَّعِي لَا يكون نكولا فِي حق المُشْتَرِي وَلَو أَن الْمُدَّعِي ادّعى أَولا على البَائِع وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة وَأخذ الْقيمَة فَإِذا جَاءَ وَادّعى المُشْتَرِي يحْتَاج إِلَى اعادة الْبَيِّنَة عَلَيْهِ لِأَن بَينته على البَائِع كَانَ لإِثْبَات الْقيمَة فَيحْتَاج إِلَى إِعَادَة الْبَيِّنَة
804 - مَسْأَلَة رجل زرع أَرض إِنْسَان بِإِذْنِهِ كَانَت دَوَاب مَالك الأَرْض تدْخلهَا وتفسد الزَّرْع فحفر حوالي الأَرْض خَنْدَقًا بِإِذن وَكيل الْمَالِك عِنْد غيبته فتردى فِيهَا دَابَّة من دَوَاب مَالك الأَرْض فَهَلَكت قَالَ لَا ضَمَان على الْحَافِر وَمَا حفر دون إِذْنه ضمن
805 - مَسْأَلَة رجل فتح رَأس دن لآخر بِإِذْنِهِ فِي بَيت فَوضع شَيْئا من الْحِنْطَة ثمَّ ترك رَأسه مَفْتُوحًا فَدخل حمَار صَاحب الْبَيْت فَأكل الْحِنْطَة فَهَلَك مِنْهُ لَا يجب ضَمَان الدَّابَّة على من ترك رَأس الدن مَفْتُوحًا وَلَا ضَمَان الْحِنْطَة فَإِن أَخذ الْحِنْطَة وَترك رَأسه مَفْتُوحًا وَأدْخل حمَار صَاحب الْبَيْت فَأكل الْحِنْطَة فَمَاتَ يجب ضَمَانهَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُعْتَد بِإِدْخَال الْحمار فِيهِ كَمَا لَو ألْقى بَين يَدَيْهِ حشيشا مضرا فَأكل وَمَات مِنْهُ ضمن
الشُّفْعَة إِذا كَانَ الشَّفِيع غَائِبا فَبَلغهُ الْخَبَر فَحَضَرَ قَاضِي بلد الْغَيْبَة فأثبته

(2/621)


@ وَحكم لَهُ القَاضِي بِالشُّفْعَة ثمَّ لم يسر إِلَى بلد البيع قَالَ لَا تبطل شفعته لِأَنَّهُ تقرر بِالْقضَاءِ فَإِن لم يحضر القَاضِي بِأَن قَالَ أخذت وتوانى فِي دفع الثّمن الثّمن يبطل
الْقَرَاض إِذا قَالَ رب المَال لِلْعَامِلِ فِي الْقَرَاض إِذا اشْتريت عبدا فطوقه حَتَّى لَا يأبق فَلم يطوق ضمن
806 - مَسْأَلَة إِذا أبق عبد الْقَرَاض فنفقة الرَّد على رب المَال إِن لم يكن فِيهِ ربح وَقُلْنَا لَا يملك الْعَامِل إِلَّا بعد المفاضلة وَإِن قُلْنَا ملك بالظهور فعليهاه
بَاب الْمُسَاقَاة
إِذا ساقى كرم إِنْسَان ثمَّ بَاعه الْمَالِك قَالَ ينظر إِن كَانَ بعد خُرُوج الثَّمَرَة يَصح فِي نصيب رب المَال فِي الثِّمَار دون الْعَامِل وَلَا يشْتَرط الْقطع لِأَنَّهُ بَاعه مَعَ الأَصْل ثمَّ الْعَامِل مَعَ المُشْتَرِي كَمَا هُوَ مَعَ البَائِع وَإِن بَاعَ الثَّمَرَة لم يَصح لِأَن قطع نصفه لَا يُمكن وَإِن بَاعَ قبل خُرُوج الثَّمَرَة لَا يَصح لِأَن لِلْعَامِلِ فِي الثَّمَرَة حَقًا كَأَنَّهُ يَسْتَثْنِي بعض مَا يخرج من ثَمَرَة كَمَا لَو بَاعَ شَجَرَة على أَن يخرج من ثَمَرَته يكون للْبَائِع أَو لَا يكون للْمُشْتَرِي لَا يَصح
807 - مَسْأَلَة أَخذ أَرضًا للزِّرَاعَة وَالْبذْر مِنْهُمَا على أَن الرّبع يكون بَينهمَا فَبعد مَا زرع جَاءَ ظَالِم وأتلف الزَّرْع قَالَ إِن لم يضيعه الْعَامِل فَلَا ضَمَان على الظَّالِم وَإِن ضيعه أَخذ الْمَالِك بِحِصَّتِهِ أَيهمَا شَاءَ والقرار على الظَّالِم قَالَ وعَلى الزَّارِع الْعَامِل وَفِي الْمُسَاقَاة الْفَاسِدَة على الْعَامِل حفظ المَال وَالثَّمَرَة لِأَنَّهُ أَمَانَة فِي يَده وَإِن كَانَ العقد فَاسِدا فَلَا يجوز تضييعه
808 - مَسْأَلَة إِذا أَخذ أَرضًا ليزرع ببذر نَفسه على أَن لمَالِك الأَرْض نصفهَا فَهَذِهِ محاسرة والريع للزارع وعَلى الزَّارِع كِرَاء الأَرْض للْمَالِك وَإِذا كرت الأَرْض فَلم يزرع فَعَلَيهِ كِرَاء ذَلِك تِلْكَ الْمدَّة وَإِن أَخذ ليزرع ببذر من مَالك الأَرْض

(2/622)


@ على المناصفة فالربع للْمَالِك وَعَلِيهِ أجر مثل الْعَمَل للزارع وَإِن كَانَ الْبذر بَينهَا وعَلى مَالك الأَرْض نصف أجر عمل الزَّارِع وعَلى الزَّارِع نصف كِرَاء الأَرْض للْمَالِك وَلَو أَخذ ليَكُون الْبذر بَينهمَا فَكرت الأَرْض بآلته وثوره فَلم يدْفع مَالك الأَرْض وَالْبذْر رَجَعَ الْعَامِل بِنصْف أجر عمله
809 - مَسْأَلَة إِذا كَانَ الْبذر من وَاحِد وَالْأَرْض وَلَو نبت فِي الْعَام الْقَابِل يكون لمَالِك البذور وَلَيْسَ لمَالِك الأَرْض من الآخر فالريع لمَالِك الْبذر وَلِصَاحِب الأَرْض مثل الأَرْض قلعه مجَّانا بل يقره بِالْأَجْرِ بِخِلَاف مَا لَو حمل السَّيْل نويات إِلَى أَرض فنبت لمَالِك الأَرْض قلعه مجَّانا على أحد الْوَجْهَيْنِ لِأَن هَاهُنَا وجد الْأذن من مَالك الأَرْض فِي الْعَام الْمَاضِي وَهُنَاكَ لم يُوجد
810 - مَسْأَلَة عقد الْمُزَارعَة الْفَاسِدَة وَالْبذْر بَينهمَا الأَرْض لوَاحِد فالريع يكون بَينهمَا وَصَاحب الأَرْض يسْتَحق نصف أجر الْمثل على شَرِيكه فَلَو حصل الزَّرْع فنبت مِمَّا تناثر فِي الْعَام الْقَابِل قَالَ هُوَ كالعام الْمَاضِي يكون مَا نبت بَينهمَا ولمالك الأَرْض نصف أجر الْمثل لِأَنَّهَا أرضه مَشْغُولَة بزرع الْغَيْر بِحكم إِجَارَة فَاسِدَة
811 - مَسْأَلَة إِذا تزارعا أَو دفع أَرضًا إِلَى رجل ليزرع وَالْبذْر من الْمَالِك أَو مِنْهُمَا على المناصفة فزرع الْعَامِل وَبنت فَتَركه الْعَامِل حَتَّى فَسدتْ وأكلته الدَّوَابّ قَالَ لَا ضَمَان عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عقد فَاسد وَمَال الْغَيْر إِذا حصل فِي يَده يجب حفظه لَكِن بَعْدَمَا زرع خرج عَن عهدته وَبَعْدَمَا نبت هُوَ مَالك جَدِيد واستحفاظه كَانَ من قبل وَفِي الْمُسَاقَاة حفظ الثِّمَار عَن الدَّوَابّ لَا يجب على الْعَامِل فِي وَجه هـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب الْإِجَارَات

اسْتَأْجر رجلا ليضْرب لَهُ لَبَنًا فِي ملك الْمُسْتَأْجر فَضرب فأفسده المَاء

(2/623)


@ يسْتَحق الْأُجْرَة وَإِن كَانَ شَرط عَلَيْهِ الْجمع فَقبل أَن يجِف أفْسدهُ يسْتَحق بِقدر مَا عمل
812 - مَسْأَلَة ألزم ذمَّة إِنْسَان بِنَاء جِدَاره فِي مَكَان فاستأجر الْأَجِير رجلا ليبينة فِي مَكَان آخر فَفعل لَا يسْتَحق الأول شَيْئا وَالثَّانِي إِن كَانَ عَالما فَكَذَلِك وَإِن كَانَ جَاهِلا يسْتَحق أجر الْمثل على الْبَانِي
813 - مَسْأَلَة اسْتَأْجر حانوتا ثمَّ بنى الآخر على علوه حانوتا آخر فَإِن انْتقصَ انْتِفَاع الْمُسْتَأْجر لَهُ مَنعه وَلَو أجر مِنْهُ السّفل دون الْعُلُوّ لامتنع لَهُ وَإِن انْتفع بالسطح الْجَدِيد أَو بالجدار عَلَيْهِ الْأُجْرَة
814 - مَسْأَلَة عبد أبق من سَيّده فَعمل لغيره بِأُجْرَة يثبت للسَّيِّد أجر الْمثل على الْمُسْتَأْجر سَوَاء كَانَ الْمُسْتَأْجر عَالما بِأَنَّهُ أبق أَو كَانَ جَاهِلا وَمَا أنْفق على العَبْد أَو صرف إِلَيْهِ من الْأجر لَهُ فِي ذمَّة العَبْد حَتَّى يعْتق وَلَا يحط قدر النَّفَقَة بِمثلِهِ وَلَو لم يأبق العَبْد وَالسَّيِّد لم ينْفق عَلَيْهِ لَهُ أَن يعْمل بِأُجْرَة لغيره وَينْفق على نَفسه وَلَا شَيْء للْمولى ولاتبعه على العَبْد فِي حِصَّته
815 - مَسْأَلَة اسْتَأْجر عبدا ليعْمَل لَهُ شهرا فَعمل بعضه ثمَّ لم يُمكنهُ الْعَمَل لشدَّة برد أَو مطر حَتَّى مضى الشَّهْر قَالَ يجب عَلَيْهِ جَمِيع الْأُجْرَة
816 - مَسْأَلَة إِذا بعث حِمَاره على يَد صبي إِلَى رَاع يسترعيه فجَاء بِهِ الصَّبِي فَقَالَ الرَّاعِي دَعه يرتع مَعَ الدَّوَابّ ثمَّ إِن الرَّاعِي سَاق الدَّوَابّ فَسَار الْحمار مَعهَا فَهَلَكت لَا ضَمَان لِأَنَّهُ أَمِين وَبِقَوْلِهِ دَعه صَار مستودعا كَمَا لَو جَاءَ بوديعة ليودعه فَقَالَ ضَعْهُ صَار مستودعا وَأَخذه من يَد الصَّبِي لَا يصير بِهِ ضَامِنا كَمَا لَو بعث إِلَيْهِ كتابا فاستودعه شَيْئا

(2/624)


- مَسْأَلَة إِذا سلم وَلَده إِلَى معلم ليعلم الْقُرْآن على أَن يرضيه فَعلم يجب أجر الْمثل وَلَو مَاتَ الْأَب قبل أَن يتم التَّعْلِيم ثمَّ أتمه قَالَ يجب اجْرِ مثل مَا علم فِي حَيَاة الْأَب فِي تَرِكَة الْأَب فَأَما مَا علم بعد مَوته فَلَا يجب
818 - مَسْأَلَة اسْتَأْجر اجيرا لحفر بِئْر عشرَة فِي عشرَة حفر خَمْسَة فِي خَمْسَة يسْتَحق بذلك الْقدر من الْأُجْرَة
819 - مَسْأَلَة اسْتَأْجر أَجِيرا ليرعى دوابه فِي مراتع غير مَمْلُوكَة مُدَّة مَعْلُومَة هَل لَهُ أَن يرْعَى دَوَاب النَّاس مَعَ دَوَاب الْمُسْتَأْجر قَالَ لَهُ ذَلِك إِن لم يقْلع خلل فِي دَوَاب الْمُسْتَأْجر وَيسْتَحق الْمُسَمّى بِكَمَالِهِ كَمَا فِي المفاضلة إِذا جَاءَ رجل وَقَالَ لأحد الراميين إِن أصبت هَذِه الرَّمية وَلَك عَليّ كَذَا فَأصَاب اسْتحق مَا سمى لَهُ ويحتسب لَهُ بِتِلْكَ الرَّمية فِي عقدَة المناضلة
820 - مَسْأَلَة اسْتَأْجر أَجِيرا ليعْمَل عملا من خياطَة وَغَيرهَا ثمَّ الْأَجِير اسْتَأْجر الْمُسْتَأْجر لذَلِك الْعَمَل هَل يجوز قَالَ يحْتَمل وَجْهَيْن بِنَاء على مَا لَو أجر الدَّار الْمُسْتَأْجرَة من أجرهَا
821 - مَسْأَلَة اسْتَأْجر رجلا ليبيع لَهُ ثوبا معينا جَازَ ثمَّ أَرَادَ الْمُسْتَأْجر بيع ذَلِك الثَّوْب قَالَ لَا يجوز لِأَن الْأَجِير اسْتحق إِيقَاع الْعَمَل فِيهِ كَمَا لَو اسْتَأْجر أَجِيرا ليضع لَهُ ثوبا لَا يجوز للْمُسْتَأْجر بيع ذَلِك الثَّوْب
822 - مَسْأَلَة أَخذ كوزا من سقا مجَّانا ليشْرب قَالَ الْكوز عَارِية وَالْمَاء حكمه حكم الْمَقْبُوض بِالْهبةِ الْفَاسِدَة قَالَ الإِمَام مَا شرب من المَاء لَا يضمن وَإِذا تلف الْبَقِيَّة فِي يَده أَو قبل أَن يشرب تلف فِي يَده ضمن الْكوز وَهل يضمن المَاء فكالموهوب فَاسِدا والكوز إِنَّمَا ضمنه لِأَنَّهُ اسْتَعْملهُ قَالَ وَهَكَذَا إِذا بعث هَدِيَّة إِلَى إِنْسَان فِي ظرف فَاسْتَعْملهُ فِي الظّرْف ضمن الظّرْف وَإِن لم يَسْتَعْمِلهُ فِي الظّرْف فالظرف يكون أَمَانَة فِي يَده لِأَن الْعَادة جَارِيَة بتفريغ الظّرْف والكوز وَهَاهُنَا مَا جرت الْعَادَات بتفريغه بل يشرب مِنْهُ وَالشرب وَإِن كَانَ تفريغا لكنه اسْتِعْمَال حَتَّى لَو أَرَادَ أَن يصب فِي كوز آخر فَلَا يضمن الْكوز

(2/625)


@ قَالَ وَلَو بَاعَ من إِنْسَان حِنْطَة ثمَّ سلمهَا إِلَيْهِ فِي وعَاء لَهُ فرغه لَا يضمن أما إِذا اسْتعَار المُشْتَرِي مِنْهُ وعَاء لينقله فِيهِ فَهُوَ ضَامِن للوعاء وَكَذَلِكَ كل إِنَاء حصل فِي يَده لتفريغه لَا يضمن وَإِن حصل الِاسْتِعْمَال ضمن وَمن أُبِيح لَهُ طَعَام فَأَخذه ليَأْكُل فَسقط من يَده واختلسته هرة هَل يضمن يَنْبَغِي أَن يكون كالمقبوض بِحكم الْهِبَة الْفَاسِدَة وَجه الشّبَه أَن هُنَاكَ دَفعه إِلَيْهِ ليملكه وَلَا يرجع كَمَا أَن هَاهُنَا دفع إِلَيْهِ لكَي لَا يرجع
823 - مَسْأَلَة ستر الْكَعْبَة إِذا كَانَ من ديباج وَكَذَلِكَ مَا اتخذ فِيهِ من ميزاب الذَّهَب وَالْفِضَّة وَالْحَلقَة مِنْهُمَا لَا يعْتَرض عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمر مجمع عَلَيْهِ لم يعْتَرض على مثله أحد من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ فِي الْكَعْبَة لقد هَمَمْت أَن لَا أدع فِيهَا صفراء وَلَا بَيْضَاء إِلَّا أنفقهُ فِي سَبِيل الْخَيْر فَقيل إِن صاحبيك لم يفعلا فَقَالَ هما الْمَرْء إِذا اقْتدى بهما أما سَائِر الْمَسَاجِد لَا يجوز تَعْلِيق ستر الديباج عَلَيْهِ وَلَا تذهيبها والكعبة مَخْصُوص بِهِ لتعظيم امْرَهْ كَمَا اخْتصَّ بأَشْيَاء من سَائِر الْبِلَاد وتنقيش الْمَسْجِد إِن لم يكن فِيهِ أَحْكَام لَا يجوز قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ إياك أَن تحمر وَتَصْفَر فتفتن النَّاس وَإِن كَانَ فِيهِ احكام فَلَا بَأْس فَإِن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ بَين الْمَسْجِد بِالْفِضَّةِ وَالْحِجَارَة المنقوشة وتحلية الْمُصحف بِالذَّهَب لَا يجوز وَمن فعل شَيْئا من ذَلِك بِأَن علق ستر ديباح أَو اتخذ شَيْئا من ذهب أَو ورق فِي الْمَسْجِد أَو حلى مُصحفا فِي الْمَسْجِد فَلَا يعد من الْمَنَاكِير الَّتِي يُبَالغ فِي الْإِنْكَار عَلَيْهِ كَسَائِر الْمُنْكَرَات لِأَنَّهُ يَفْعَله تَعْظِيمًا لشعائر الْإِسْلَام وَقد سامح فِي مثله الْعلمَاء وَأهل الدّين وأباحه بَعضهم
824 - مَسْأَلَة إِذا أَمر رجلا ليَأْخُذ فرسا بحبله فَرمى بالحبل فَتعلق بِهِ فرس آخر وَمَات قَالَ يضمن الثَّانِي بالحبل كمن نصب شبكة فَتعلق بِهِ قَالَ آخر وَإِن كَانَ الْفرس الآخر لِلْأَمْرِ لم يضمن
825 - مَسْأَلَة اسْتَأْجر رجلا لحفظ دَابَّته فَردهَا الْأَجِير إِلَى بَيت الْمُسْتَأْجر فَأَخذهَا عبد الْمُسْتَأْجر وأتلفها قَالَ للْمُسْتَأْجر أَن يرجع على الْأَجِير بِالضَّمَانِ

(2/626)


@ ثمَّ يتَعَلَّق حَقه بِرَقَبَة العَبْد
826 - مَسْأَلَة لَو أَن رجلا قَالَ لرجل استأجرتك بِمِائَة دِرْهَم استأجرني من فلَان هَل يسْتَحق الْأُجْرَة قَالَ إِن احْتَاجَ فِي استئجاره من فلَان إِلَى تردد وتقلب يَقع فِي مُقَابلَته أُجْرَة يسْتَحق الْمُسَمّى والا فَلَا
827 - مَسْأَلَة دفع الْحِنْطَة إِلَى رجل ليطحن فَفعل لَيْسَ لَهُ حَبسه لِاسْتِيفَاء الْأُجْرَة إِذا فعله أثر وَإِن فعل ضمن فَإِن كَانَ صَاحب الطاحونة اعْتمد على رجل فِي حفظ مَا فِي الطاحونة فَلم يحفظ على الْعَادة حَتَّى سرق هَذَا الطحين رَجَعَ صَاحب الْحِنْطَة على صَاحب الطاحونة وَهُوَ على الْأَجِير
828 - مَسْأَلَة دفع الْحِنْطَة إِلَى طحان وَغَابَ الطَّحَّان وَذهب إِلَى بَيته وَترك أجيره فِي الطاحونة فَسرق الْحِنْطَة من الطاحونة تِلْكَ اللَّيْلَة هَل يجب الضَّمَان قَالَ إِن كَانَ الْأَجِير أَمينا لَا ضَمَان على الطَّحَّان
829 - مَسْأَلَة لَو دفع رجل عينا إِلَى فَتى يصلحه فَوَضعه فِي دكانه فَسرق من دكانه وَكَانَ دكانه مُتَّصِلا بخان لَا يسكنهُ أحد هَل يضمن قَالَ إِن كَانَ بَاب الخان مغلقا ووراء الخان دور مَا هُوَ لَا يكون حرْزا وَيضمن بِوَضْعِهِ فِيهِ
830 - مَسْأَلَة دفع دَابَّة إِلَى رجل ليحفظها مَعَ سَائِر الدَّوَابّ وَله شريك مَعَه لحفظ الدَّوَابّ فعضب الدَّابَّة من شَرِيكه أَو أغير عَلَيْهَا قَالَ لَا يضمن إِن كَانَ الشَّرِيك أَمينا لم يضع لِأَن الْعَادة جَارِيَة هَكَذَا أَن يلازمها وَاحِد إِنَّمَا يحفظها عددا إِذا غَابَ وَاحِد أناب عَنهُ الآخر
831 - مَسْأَلَة لَو سكن مُدَّة دَار إِنْسَان بِإِذن الْمَالِك وَلم يشْتَرط الْمَالِك أُجْرَة وَلَا ذكرهَا ثمَّ أَرَادَ الْمَالِك أَن يُطَالِبهُ بِأَجْر مثل الدَّار تِلْكَ الْمدَّة قَالَ لَيْسَ لَهُ ذَلِك

(2/627)


- مَسْأَلَة إِذا قطع شَجرا مائلا إِلَى الطَّرِيق فَسقط على حمَار إنساني قَالَ إِن لم يكن مَالك الْحمار مَعَه أَو لم يكن لَهُ علم بِأَمْر الشَّجَرَة يضمن الْقَاطِع حِمَاره فَإِن كَانَ مَعَه وَهُوَ عَالم بِأَمْر الشَّجَرَة أَو أعلمهُ صَاحب الشَّجَرَة لم يضمن
833 - مَسْأَلَة إِذا اسْتَأْجر امْرَأَة لتعليم الْقُرْآن أَو لتعمر الْمَسْجِد فَحَاضَت إِن ألزم ذمَّتهَا بِأَجْر مَا مر بغَيْرهَا وَإِن اسْتَأْجرهَا عينهَا قَالَ فَهُوَ كَمَا لَو غصب الْمُسْتَأْجر فللمستأجر الْفَسْخ فَإِن أجَاز لَا يجب عَلَيْهِ أُجْرَة مُدَّة الْحيض كَمَا لَو هربت الدَّابَّة وَلَا يُقَال يَقع زمَان الْحيض مُسْتَثْنى كزمان اللَّيْل أَوْقَات الصَّلَاة لِأَنَّهَا يَوْم نقل وتكرر وَلَيْسَ كَمَا لَو حَاضَت فِي صَوْم الشَّهْرَيْنِ لَا يَنْقَطِع التَّتَابُع لِأَنَّهُ حق الله تَعَالَى وَهَذَا حق العَبْد فَكَذَلِك لم نقل عَلَيْهِ أُجْرَة ذَلِك الزَّمَان على أَنا إِذا أسرنا فِي الْحَقِيقَة فَإِن هَا هُنَا لَا يجب عَن مُدَّة الْإِجَازَة كَمَا أَن ثمَّة لَا تكون صَائِمَة
834 - مَسْأَلَة دفع غزلا إِلَى نساج لينسجه وَشرط أَن لَا يعْمل لغيره مَا لم يفرغ من نسجه فَعمل فِي خلاله لغيره فامتد الزَّمَان وسرق الكرباس فِي خلال النّسخ قَالَ لَا يضمن لِأَن هَذَا الشَّرْط فَاسد فَيصير المَال فِي يَده بِحكم الْإِجَارَة الْفَاسِدَة والأجير المتشرك إِذا أخر الْعَمَل لَا يصير المَال مَضْمُونا عَلَيْهِ
835 - مَسْأَلَة رجل دفع حِمَاره إِلَى رجل ليحمل الْحَشِيش نصفه لصَاحب الْحمار وَنصفه للحامل فَأخذ الْحمار غَاصِب فَلم يذهب فِي طلبه هَل يضمن قَالَ لَا يضمن لِأَنَّهُ اسْتعْمل نصف الْحمار فِي عمل مَالِكه وَالنّصف لنَفسِهِ بِالْأُجْرَةِ وَهُوَ نصف الْحَشِيش والذهاب فِي الطّلب لَيْسَ بِشَرْط إِن أمكنه دفع الْغَاصِب حَال مَا غصب فتوانى ضمن
836 - مَسْأَلَة شَاة سَقَطت فَلم يذبحها رَاع حَتَّى مَاتَت لَا ضَمَان عَلَيْهِ لِأَن الْمَالِك لم يَأْذَن فِي ذَبحهَا 837 مَسْأَلَة اسْتَأْجر دَابَّة إِلَى بلد ذَهَابًا ورجوعا وأطلقت الدَّابَّة بِالْبَلَدِ الَّذِي ذهب إِلَيْهِ وَلم اي يُمكنهُ ردهَا فَتَركهَا عِنْد الْحَاكِم أَو عِنْد أَمِين فمضت الْمدَّة لَا

(2/628)


@ يجب عَلَيْهِ إِلَّا نصف الْأُجْرَة وَالرَّدّ إِلَى الْمَالِك لَا على الْمُسْتَأْجر
838 - مَسْأَلَة جمَاعَة عقدوا الشّركَة على دود القز وَالْبذْر من وَاحِد فَلم يَصح فَدفع وَاحِد دَابَّته لنقل الْوَرق فَتلفت فِي يَد النَّاقِل لَا ضَمَان عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي يَده بِحكم الْإِجَارَة الْفَاسِدَة لِأَنَّهُ دفع ليَأْخُذ شَيْء من الفيلج
839 - مَسْأَلَة اسْتَأْجر رجلا ليحمل أغناما إِلَى بلد كَذَا وليبيعه وَقَالَ إِن قل الْعلف فِي الطَّرِيق فبعه بِالْإِبِلِ فَقل الْعلف فَوجدَ من يَشْتَرِيهِ فَلم يَبِعْهُ وَمضى على وَجهه إِلَى ذَلِك الْبَلَد فَهَلَكت بعض الأغنام وانتقص قيمَة الْبَعْض قَالَ يضمن الْهَالِك وَالنُّقْصَان وَيسْتَحق من الْأُجْرَة بِقدر مَا مضى على حكم أمره وَلَا يسْتَحق لما مضى بعد قلَّة الْعلف وَوُجُود من يَشْتَرِيهَا بِالْإِبِلِ
840 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر رجلا مُدَّة مَفْتُوحَة على الْأَجِير حق الله تَعَالَى من حد أَو حق الْعباد من قتل أَو حبس لدعوى مَال أَو عُقُوبَة بخرج فيستوفى الْحق وَيحبس وَإِن تعطل حق الْمُسْتَأْجر كَمَا يجب على الْأَجِير ترك الْعَمَل لصَلَاة الْجُمُعَة وَلَا يُطلق الْمَحْبُوس بِالْحَقِّ لصَلَاة الْجُمُعَة
841 - مَسْأَلَة اسْتَأْجر رجلا ليَشْتَرِي لَهُ عشرَة أَذْرع من الكرباس فَاشْترى تِسْعَة أَذْرع أَو أحد عشر ذِرَاعا فنسج زَائِدا عَلَيْهِ أَو نَاقِصا عَنهُ فَالْحكم كَمَا ذكرنَا
842 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر رجَالًا إجَازَة فَاسِدَة لحفظ مَاله فضيع الْأَجِير المَال الْمُسْتَأْجر لحفظه قَالَ يضمن الثَّمَرَة أَو الزَّرْع حَتَّى تلفت يضمنَانِ لِأَنَّهُمَا التزما الْحِفْظ فأشبها كَالْمُودعِ وَالْمُودع إِذا ضيع مَا الْتزم حفظه يضمن

(2/629)


- مَسْأَلَة اسْتَأْجر حانوتا شهرا فأغلق بَابه وَغَابَ شَهْرَيْن قَالَ يضمن الْمُسَمّى لشهر وَاحِد وَأجر الْمثل للشهر الثَّانِي وَقد رَأَيْت للشَّيْخ الْقفال لَو اسْتَأْجر حمارا يَوْمًا فَبعد مُضِيّ الْيَوْم إِذا بَقِي الْحمار عِنْد الْمُسْتَأْجر وَلم ينْتَفع بِهِ وَلَا حَبسه عَن مَالِكه لَا يجب الْأُجْرَة لليوم الثَّانِي لِأَن الرَّد لَيْسَ بِوَاجِب عَلَيْهِ إِنَّمَا عَلَيْهِ التَّخْلِيَة إِذا طلب مَالِكه قَالَ بِخِلَاف الْحَانُوت لِأَنَّهُ حَبسه وعلقه
844 - مَسْأَلَة رجل دفع دَابَّة إِلَى إِنْسَان ليحتطب نصفه لمَالِكهَا وَنصفه لنَفسِهِ فَفعل فَهَلَكت الدَّابَّة عِنْده قَالَ لَا ضَمَان لِأَن نصفه اسْتَعْملهُ للْمَالِك وَالنّصف الآخر اسْتَأْجرهُ للاحتطاب للْمَالِك
845 - مَسْأَلَة اسْتَأْجر دَابَّة ليخرج إِلَى قَرْيَة فَخرج إِلَى قَرْيَة من جَانب آخر قَالَ بِالْخرُوجِ لَا يضمن مَا لم يُجَاوز مَسَافَة الْقرْيَة الْمعينَة إِلَّا أَن يكون الطَّرِيق الَّذِي خرج إِلَيْهِ أخشن وأخوف حينئد يضمن فَإِن لم يكن كَذَلِك فَلَا ضَمَان
846 - مَسْأَلَة الْعَمَل الْيَسِير إِذا كَانَ فِيهِ نوع حذاقة هَل يجوز أَن يُقَابل بعوض مثل إِن كَانَ لرجل طاحونة فطحن كل يَوْم عشرَة أوقار جَاءَ رجل قَالَ استأجرني بِدِينَار لأعمل فِيهِ عملا يطحن كل يَوْم عشْرين وقرا فاستأجره فَضرب على الْيَقِين ضَرْبَة وَاحِدَة فَصَارَت تطحن فِي كل يَوْم عشْرين وقرا قَالَ لَا تصح هَذِه إِلَّا الْإِجَارَة
847 - مَسْأَلَة إِذا اسْتَأْجر عبدا عشرَة أَيَّام يَسْتَعْمِلهُ كَمَا يسْتَعْمل الْمَالِك ويتركه بِاللَّيْلِ فِي أَوْقَات الرَّاحَة فَلَو اسْتَعْملهُ فِي أَوْقَات الرَّاحَة قَالَ لَا يجب عَلَيْهِ أُجْرَة زَائِدَة لِأَن جملَة الزَّمَان مُسْتَحقَّة لَهُ وَتَركه للراحة ليتوفر عَلَيْهِ عمله فَإِن اسْتَعْملهُ لَيْلًا ترك الرَّاحَة نَهَارا فَإِن لم يفعل فدخله نقص لتواتر الْعَمَل يجب عَلَيْهِ أرش النُّقْصَان هَذَا كَمَا أَن زمَان الصَّلَوَات عَلَيْهِ تَركه ليُصَلِّي فَإِن اسْتَعْملهُ فِيهَا لَا يجب عَلَيْهِ زِيَادَة أجر وَعَلِيهِ تَركه لقَضَاء الصَّلَوَات
848 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر بَيْتا مُدَّة وَسلم الْمَالِك إِلَيْهِ فَبعد انْقِضَاء الْمدَّة

(2/630)


@ الْمُسْتَأْجرَة أغلق الْبَاب فَلم يسلم الْمِفْتَاح إِلَيْهِ هَل تلْزمهُ الْأُجْرَة قَالَ يلْزمه لِأَنَّهُ لم يسلم إِلَيْهِ الْمِفْتَاح لِأَن تَسْلِيم الدَّار إِنَّمَا يكون بِتَسْلِيم الْمِفْتَاح فِي الْعرف وَالْعَادَة فَإِذا لم يحل بَينه وَبَين الْمَالِك فَلم يُوجد التَّخْلِيَة فَيكون فِي ضَمَانه فَتجب عَلَيْهِ الْأُجْرَة
849 - مَسْأَلَة دفع دَابَّة إِلَى إِنْسَان ليروضها وَلَا يرتاض إِلَّا بِالضَّرْبِ أَو التحميل عَلَيْهَا فحملها على عَادَة ضرب الرواض أَو حمل عَلَيْهَا أَو أركبها مَعَ نَفسه غَيره ليرتاض فَهَلَكت لَا ضَمَان على الرائض وَلَا على من أركبه كَمَا لَو ضربهَا فَوق ضرب الرَّاكِب
850 - مَسْأَلَة إِذا صبغ ثوبا بصبغ نجس فَمَا دَامَ عين الصَّبْغ عَلَيْهِ فَهُوَ نجس فَإِن زَالَت الْعين وَبَقِي اللَّوْن فَهُوَ طَاهِر كلون الْحِنَّاء وَلَو اسْتَأْجر أَجِيرا ليصبغ ثَوْبه فصبغه بضع نجس قَالَ إِن كَانَ لَا يُمكن إِزَالَة عينه مِنْهُ لَا يسْتَحق شَيْئا وَعَلِيهِ أَن يغرم الثَّوْب وَإِن أمكنه إِزَالَة عينه دون لَونه يسْتَحق الْأُجْرَة دون مَقْصُود الْمُسْتَأْجر حَاصِل بِكَوْن الصَّبْغ وَيكون ذَلِك بِمَنْزِلَة القذارة وَهل لَهُ حبس الثَّوْب لِاسْتِيفَاء الْأُجْرَة إِن جعلنَا عمله أثرا فَلَا وَإِلَّا فبلى وَأما الصَّبْغ الَّذِي هُوَ عين فنجس لَا يسْتَحق عَلَيْهِ شَيْئا
851 - مَسْأَلَة دفع بقرًا إِلَى إِنْسَان فَقَالَ ارعه وَمَا يحصل من النِّتَاج فَهُوَ لَك فَكَانَ يرعاه فنتجت ولدا فجَاء سَارِق وسرق الْأُم مَعَ الْوَلَد قَالَ يجب ضَمَان الْوَلَد دون الْأُم لِأَن الْأُم فِي يَده كَانَ بِحكم الْإِجَارَة الْفَاسِدَة فَلَا يكون مَضْمُونا عَلَيْهِ وَالْولد فِي يَده بِحكم البيع الْفَاسِد يكون مَضْمُونا
852 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر رجلا وَقَالَ استأجرتك لتقلع هَذِه الْأَشْجَار من هَذِه الأَرْض على أَن لَك نصفهَا لَا يجوز لِأَنَّهُ أجِير على شَيْء هُوَ شريك فِيهِ فَإِن أقرّ بِنصْف الْأَشْجَار وَقَالَ استأجرتك على أَن تقلع هَذَا النّصْف بِهَذَا النّصْف بِشَرْط أَن تقلع هَذَا النّصْف جَازَ لِأَنَّهُ إِذا بَاعَ الشَّجَرَة بِشَرْط أَن يقلعها المُشْتَرِي صَحَّ

(2/631)


@
بَاب إحْيَاء الْموَات

إِن كَانَ لرجل على نهر الْعَام فَمر مَاء قد انسد حافتاه فحوله إِلَى مَوضِع آخر جَازَ فَلَو لم تحكم الحافة أَحْكَام الأول فخربه المَاء وَدخل أَرض الْغَيْر فأفسده مَاؤُهُ يغرم لِأَن الأرتفاق مُبَاح بالشارع على شَرط السلامية كَمَا حفر بِئْر عدوان فتردى فِيهَا إِنْسَان ضمن وَلَيْسَ كمن حفر بِئْر عدوان فَألْقى السَّيْل فِيهَا إنْسَانا لم يضمن لِأَن الْمُتْلف هُوَ السَّيْل وَلَا صنع لأحد فِي إِجْرَاء السَّيْل وَهَاهُنَا لَو صنع فِي إِجْرَاء السَّيْل إِلَيْهِ بترك إحكام حافة النَّهر فَصَارَت كَمَا لَو فتح طَرِيق السَّيْل على إِنْسَان حَتَّى أهلكه ضمن
853 - مَسْأَلَة قَالَ التُّرَاب الَّذِي يحملهُ السَّيْل من الْموَات فيجتمع فِي نهر الْعَام مُبَاح لكل من أَخذ فَلَو جَازَ إِنْسَان وحفر النَّهر وَأخرج التُّرَاب إِن أخرج التُّرَاب ليحمله فيبني بِهِ ويستعمله ملكه فَلَيْسَ لغيره أَخذه وَإِن كَانَ بعد فِي الشَّارِع وَإِن أخرجه لتنقية النَّهر وَلم يكن قَصده تملك التُّرَاب فَيُبَاح لكل من أَخذ من الشَّارِع وَإِن اجْتمع فِي نهر مُشْتَرك بَين جمَاعَة كَانَ ذَلِك التُّرَاب لَهُم كغرق يحملهُ من موَات فنبت فِي ملكه وَإِن حمله من أَرض الْغَيْر فالتراب لمَالِكه على مَا كَانَ لَا يملكهُ مَالك النَّهر وَلَا من يَأْخُذهُ
854 - مَسْأَلَة رجل أَخذ الجمد من ملك الْغَيْر هَل لمَالِك الجمد أَن يسْتَردّ قَالَ إِن كَانَ الْمَالِك سَاق المَاء إِلَى أرضه قصدا فالجمد يكون ملكا لَهُ وَله أَن يسْتَردّ وَإِن انساق إِلَى ملكه بِنَفسِهِ فِي الساقية أَو سَاق غَيره المَاء إِلَى ملكه وَجمع فِيهِ حَتَّى انجمد فالجمد يكون ملكا للجامع غير أَنه يَعْصِي ولمالك الأَرْض أَن يرجع عَلَيْهِ بِأَجْر مثل الأَرْض لتِلْك الْمدَّة
855 - مَسْأَلَة الذِّمِّيّ هَل يغْرس على شَارِع الْمُسلمين بِحَيْثُ لَا يضر بالمارة قَالَ يجب أَن لَا يجوز لَهُ أَن يغْرس وَلَا يُمكن كَمَا لَا يملك موَات دَار الْإِسْلَام

(2/632)


@
بَاب الْوَقْف

إِذا وقف شَيْئا على الْفُقَرَاء فافتقر الْوَاقِف لَا يصرف إِلَيْهِ وَكَذَلِكَ كل وقف يمتلك مِنْهُ الْمَوْقُوف عَلَيْهِ شَيْئا من غلَّة أَو ثَمَرَة فَلَا ينْصَرف إِلَى الْوَاقِف وَإِن كَانَ بِتِلْكَ الصّفة بِخِلَاف مَا لَو وقف رِبَاطًا على الْمَارَّة والمسافرين قَالَ يجوز للْوَاقِف نُزُوله إِذا كَانَ مُسَافِرًا لِأَن ذَلِك الِاسْتِحْقَاق لَيْسَ اسْتِحْقَاق تملك كَمَا لَو وقف مَسْجِدا لَهُ أَن يُصَلِّي فِيهِ أَو مَقْبرَة جَازَ أَن يدْفن فِيهِ الْوَاقِف
856 - مَسْأَلَة ذمِّي اتخذ مَسْجِدا جَازَ وَإِن لم يكن قربه فِي اعْتِقَاده كَمَا لَو بنى رِبَاطًا للْمُسلمين اعْتِبَارا باعتقاد الْإِسْلَام كَمَا بيع الشَّحْم يجوز وَإِن كَانَ لَا يعْتَقد جَوَازه اعْتِبَارا باعتقاد الْإِسْلَام وَيحْتَمل أَن لَا تصح وَصِيَّة الذِّمِّيّ بِبِنَاء الْمَسْجِد وَلَا يَصح وَقفه الْمَسْجِد لِأَن الْوَصِيَّة وَالْوَقْف إِنَّمَا يجوز فِيمَا يكون عِنْد الْمُوصي قربَة أَو عِنْد الْوَاقِف وَهُوَ لَا يَعْتَقِدهُ قربَة وَلَا هُوَ قربَة عِنْد الله لِأَن الله تَعَالَى لَا يقبل مِنْهُ ذَلِك قَالَ الله تَعَالَى {مَا كَانَ للْمُشْرِكين أَن يعمروا مَسَاجِد الله} فَكيف يجوز أَن يعمر ويتخذ ملكه مَسْجِدا وَهَذَا بِخِلَاف الْعتْق وَالتَّدْبِير يَصح مِنْهُ ذَلِك لِأَنَّهُ يَعْتَقِدهُ قربَة وَهُوَ عندنَا قربَة جَازَ وَلَو قَالَ وقفت هَذَا على أَن يطعم الْمَسَاكِين على رَأس قبر أبي وَأَبوهُ ميت صَحَّ
857 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ وقفت هَذَا على فُقَرَاء أَوْلَادِي وَلَا فَقير فِي وَلَده وَجب أَن لَا يَصح كَمَا لَو قَالَ على مَسْجِد بَيْتِي فَإِن كَانَ فيهم فُقَرَاء وأغنياء صَحَّ وَمن افْتقر نفذ وَصرف إِلَيْهِ
858 - مَسْأَلَة إِذا وقف مدرسة على أَصْحَاب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ شَرط أَن يكون فلَان مدرسها أَو قَالَ حَالَة الْوَقْف فوضت التدريس إِلَى فلَان فَهُوَ لَازم وَلَا يبْذل الْمدرس كَمَا لَو قَالَ وقفت هَذَا على أَوْلَادِي الْفُقَرَاء لَا يُبدل إِلَى الْأَغْنِيَاء أما إِذا تمّ الْوُقُوف ثمَّ قَالَ لوَاحِد من الْعلمَاء اذْهَبْ فدرس أَو

(2/633)


@ أَن تدريسه مفوض إِلَيْهِ لَهُ تبديله وتغييره كَمَا لَو نصب بعدالوقف خَادِمًا لعمل الْمدرسَة لَهُ تبديله وَلَو نصب قيمًا لَهُ تبديله وَبعد موت الْوَاقِف إِذا كَانَ قد نصب قيمًا لَا يُبدل
859 - مَسْأَلَة إِذا وقف مرجلا يسْتَعْمل فِيمَا جرت الْعَادة بِاسْتِعْمَال فِيهِ مثل غسل الثِّيَاب فَلَا يسْتَعْمل فِي الطَّبْخ والطبخير يسْتَعْمل فِي الطَّبْخ دون الغسيل وَلَو تكسر وَأَرَادَ أَن يتَبَرَّع مُتَبَرّع بإصلاحه وابتياع جُزْء مِنْهُ لينفق عَلَيْهِ ويتخذ اصغر مِنْهُ يجوز أَن يتَّخذ شَيْء آخر من مغرفة وَنَحْوهَا فَإِن كَانَ مرجلان موقوفان على محلّة فكسرا وَصَارَ كل وَاحِد مِنْهُمَا بِحَيْثُ لَا يُمكن أَن يتَّخذ مِنْهُ مرجل صَغِير يجوز أَن تجمع بَينهمَا فيتخذ مِنْهُمَا جَمِيعًا مرجل وَاحِد بِحَيْثُ لَا يَجِيء مِنْهُ مرجل وَلَا مغرفة وَلَو جمع بَينهمَا يحصل مِنْهُ مغرفة جَازَ أَن يَجْعَل مغرفة بالتجميع وَإِن كَانَ مرجل مَوْقُوف على محلّة أُخْرَى لَا يجوز الْجمع بل كل وَاحِد يتَّخذ مغرفة لمحلته فَإِن لم يتأت من كل وَاحِد شَيْء أصلا قَالَ حِينَئِذٍ لَا بَأْس أَن تجمع بَينهمَا فيتخذ مِنْهُ مغرفة ثمَّ أهل كل محلّة يستعملونه على التَّسَاوِي وَمَا دَامَت الْمحلة أَهله لَا يجوز النَّقْل إِلَى الْأُخْرَى كأجزاء الْمَسْجِد لَا ينْقل إِلَى مَسْجِد آخر مَا دَامَ الْمَسْجِد مَا هُوَ لَهُ
860 - مَسْأَلَة سُئِلَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ عَن نقش الْمَسْجِد وجداره من غلَّة وقف الْمَسْجِد هَل يجوز للقيم قَالَ لَا أَدْرِي قَالَ الإِمَام لَا يجوز وَيغرم إِن فعل وَإِن فعله رجل بِمَال نَفسه يكره لِأَن فِيهِ شغل قلب الْمُصَلِّي قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام فِي خميصة معلمة شغلني أَعْلَام هَذِه
861 - مَسْأَلَة وَكَانَ هُوَ ملك الْمَسْجِد هَل يجوز أم يَجْعَل مَسْجِدا قَالَ لَا

(2/634)


@ يجوز كَمَا لَا يجوز إِعْتَاق عبد الْمَسْجِد والحشيش إِذا نبت فِي الْمَسْجِد هَل يجوز أَن يُؤْخَذ ويعلف الدَّوَابّ قَالَ إِن كَانَ لَهُ قيمَة لَا يجوز إِلَّا بِعرْض يُعْطي عَلَيْهِ وَإِن لم تكن لَهُ قيمَة يجوز وَإِذا غرس فِي الْمَسْجِد شَجَرَة قَالَ لَا يجوز الْغَرْس فِي الْمَسْجِد وتقلع وَتَكون لمن غرسها فَإِن ملكهَا الْمَسْجِد وَقبل الْقيم يصير ملكا لِلْمَسْجِدِ
862 - مَسْأَلَة رجل وقف شَيْئا على عَائِشَة وَفَاطِمَة ابْنَتي عَليّ بن مُحَمَّد ابْن مُوسَى مَا عاشا ثمَّ على أولادهما وَأَوْلَاد أولادهما مَا تَنَاسَلُوا أَو تَوَالَدُوا بَطنا بعد بطن وقرنا بعد قرن وكل من مَاتَ مِنْهُم وأعقب صرفت حِصَّته من ذَلِك إِلَى عقبَة وَمن لم يعقب صرفت حِصَّته إِلَى من فِي دَرَجَته أَو أقرب فَإِن لم يبْق أحد مِنْهُمَا وَلَا فِي عقبيهما رَجَعَ الْوَقْف إِلَى فُقَرَاء قَرَابَات الْوَاقِف من قبل أَبِيه وَأمه فَإِن انقرضوا وَلم يبْق مِنْهُم أحد فعلى فُقَرَاء الْمُسلمين فَمَاتَتْ فَاطِمَة وَلَا نسل لَهَا وَلَا عقب فَمَاتَ عائشتة وخلفت ابْنا يُقَال لَهُ مُحَمَّد بن أَحْمد بن مَحْمُود فَمَاتَ مُحَمَّد وَخلف ابْنا يُقَال لَهُ أَبُو الْفضل وبنتا يُقَال لَهَا غَالِيَة فَمَاتَ أَبُو الْفضل وَلَا نسل لَهُ وَمَاتَتْ غَالِيَة وخلفت ابْنا يُقَال لَهُ أَبُو عَمْرو بن أبي مَنْصُور فَرجع الْوَقْف كُله إِلَيْهِ وَولد لَهُ أَوْلَاد مُحَمَّد وَعلي وغالية وَعَائِشَة فَمَاتَتْ عَائِشَة وأبوها حَيّ ثمَّ مَاتَ أَبُو عَمْرو عَن ثَلَاثَة أَوْلَاد مُحَمَّد وَعلي وغالية وولدين من ابْنَته عَائِشَة الَّتِي مَاتَت قبل أَبِيهَا ثمَّ مَاتَ أَوْلَاده الْبَاقُونَ وَخلف كل وَاحِد مِنْهُم أَوْلَادًا هَل يستبد بريع هَذَا الْوَقْف أَوْلَاد هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة الَّذين مَوْتهمْ بعد موت أَبِيهِم أم يشاركهم أَوْلَاد عَائِشَة الَّتِي مَاتَت قبل أَبِيهَا لِأَن الْكل الْيَوْم فِي دَرَجَة وَاحِدَة قَالَ لَا يشاركهم أَوْلَاد عَائِشَة
863 - مَسْأَلَة رجل وقف خَانا على قوم فانهدم وَلم يبْق من الخان شَيْء فأجر الْمُتَوَلِي عرصته من إِنْسَان أَرْبَعِينَ سنة ليبني فِيهَا فَبنى ثمَّ الْبَانِي وقف عِمَارَته على جمَاعَة أُخْرَى من غير الْأَوَّلين قَالَ لَا يَصح الْوَقْف بل بعد مُضِيّ الْمدَّة الْمُسْتَأْجرَة يَأْخُذهَا مُتَوَلِّي الْوَقْف الأول وَيرد أجرتهَا إِلَى الْمُسْتَأْجر فَتكون الْعِمَارَة فِي حكم الْوَقْف الأول فَلَو كَانَ الْمُسْتَأْجر أَدخل فِيهَا شَيْئا من آلاته

(2/635)


@ فَأَرَادَ أَن يرفعها وَيضمن أرش النُّقْصَان الَّذِي دخل الأَرْض لَهُ ذَلِك وَلَيْسَ للمتولي أَن يقْلع وَيغرم أرش النُّقْصَان وَهَذَا بِخِلَاف مَا لَو أعَار أَو أجر سطحه من إِنْسَان أَو أرضه ليبني فِيهَا فَبنى فَبعد مُضِيّ الْمدَّة لَهُ قلعهَا وَيضمن أرش النُّقْصَان لِأَنَّهُ ملكه وَله تفريغها وَهَا هُنَا الْقلع لَيْسَ من مصلحَة الْوَقْف فَإِنَّهُ مَأْمُور بِأَن يَبْنِي فِيهَا من أُجْرَة الْمَوْقُوف
أُحِيل للموقف الأول وَهَذَا لِأَن من وقف دَارا صَار هَواهَا فِي حكم الْوَقْف إِلَى السَّمَاء وَلذَلِك لَا يجوز للْغَيْر الْبناء على سطرح الدَّار الْمَوْقُوفَة قَالَ وَكَذَلِكَ لَو أجر أرضه للغرس فغرس لَيْسَ للْمُسْتَأْجر وقف الْغِرَاس لِأَن مَالك الأَرْض بعد مُضِيّ مُدَّة الْإِجَارَة حق التَّمَلُّك ثمَّ لَو رَضِي مَالك الأَرْض جَازَ وَقفه وَهَا هُنَا لَا يجوز لِأَنَّهُ ملك فَهُوَ كالمشتري إِذا وقف الأَرْض الَّتِي تبنى فِيهَا الشُّفْعَة فَإِن أَرغب الشَّفِيع فِي أَخذهَا أَخذهَا ورد الْوَقْف وَإِن ترك الشُّفْعَة كَانَ وَقفا
بَاب اللّقطَة والتقاط المنبوذ

إِذا أسلم أحد ابوي الطِّفْل يحكم بِإِسْلَام الْوَلَد وَلَو أسلم الْجد بعد موت الْأَب أَو الْجدّة بعد موت الْأُم يحكم بِإِسْلَام النَّافِلَة وَلَو أسلم الْجد مَعَ وجود الْأَب أَو الْجدّة مَعَ وجود الْأُم هَل نحكم بِإِسْلَام النَّافِلَة وَجْهَان فَلَو كَانَ للطفل أَب وَأم وَأم وَأم أَب فَأسْلمت أم الْأَب أَو أم الْأُم مَعَ وجود الْأُم لَا نحكم بِإِسْلَامِهِ على أحد الْوَجْهَيْنِ لِأَن الطِّفْل بعض لكل وَاحِد من أَبَوَيْهِ فَيصير مُسلما تبعا لكل وَاحِد مِنْهُمَا وَالْأَب يحجب كل من كَانَ بَعْضًا مِنْهُ وَالأُم هَكَذَا وكل وَاحِد لَا يحجب بعضه الآخر وَلَا من يُدْلِي بِهِ حَتَّى لَو كَانَ للصَّبِيّ أم وَأب وَأب فَأسلم أَب أَب نحكم بِإِسْلَام الطِّفْل هَذَا وَاضح وَإِن كَانَ يحْتَمل أَن نجْعَل كإسلام الْجد مَعَ وجود الْأَب قَالَ وَرَأَيْت الشَّيْخ الْقفال قَالَ لَو أسلم الْجد مَعَ وجود الْأَب لَا نحكم بِإِسْلَام النَّافِلَة وَلَو مَاتَ الْأَب كَافِرًا ثمَّ أسلم الْجد لَا نحكم بِإِسْلَام الْوَلَد إِذا كَانَ خَارِجا يَوْم موت الْأَب كَمَا لَو سبى مُسلم صَغِيرا مَعَ أحد

(2/636)


@ أَبَوَيْهِ الْكَافرين ثمَّ مَاتَ الأبوان لَا نحكم بِإِسْلَامِهِ تبعا للسابي وَلَو مَاتَ الْأَب كَافِرًا ثمَّ أسلم الْجد ثمَّ ولد الْوَلَد قَالَ نحكم بِإِسْلَامِهِ تبعا للْجدّ قَالَ الإِمَام إِذا كَانَ لَا نحكم بِإِسْلَامِهِ تبعا للْجدّ بعد موت الْأَب يَنْبَغِي أَن يفضل بَين أَن يكون الْوَلَد خَارِجا بعد موت الْأَب نحكم بِإِسْلَامِهِ سَوَاء كَانَ خَارِجا يَوْم إِسْلَام الْجد أَو فِي الْبَطن أَو علق من بعد وَهَذَا هُوَ نَظِير السابي
وَلَو أَن حَرْبِيّا سبى طفْلا كَافِرًا أَو ذمِّي سباه أَو اشْترى عبدا صَغِيرا كَافِرًا ثمَّ أسلم السَّيِّد هَل نحكم بِإِسْلَام العَبْد الطِّفْل قَالَ يحْتَمل وَجْهَيْن بِنَاء على مَا لَو سبى ذمِّي صَبيا فَحَمله إِلَى دَار الْإِسْلَام هَل نحكم بِإِسْلَامِهِ تبعا للدَّار فِيهِ وَجْهَان وَيحْتَمل أَن يَتَرَتَّب على تِلْكَ الْمَسْأَلَة إِن قُلْنَا نحكم بِإِسْلَامِهِ هَا هُنَا أَو لَا وَإِلَّا فَوَجْهَانِ وَالْفرق أَن هُنَاكَ هُوَ تبع للذِّمِّيّ فَلَا تقطع تبعيته بِسَبَب الدَّار كَمَا لَا يَجْعَل مُسلما تبعا للسابي إِذا كَانَ مَعَه أَبوهُ لِأَنَّهُ تبع للْأَب فَلَا تقطع تبعيته بِسَبَب الدَّار وَإِذا أسلم السابي لَا يقطع تبعيته بل يُحَقّق التّبعِيَّة بِإِسْلَامِهِ كَمَا لَو أسلم الْأَب نحكم بِإِسْلَامِهِ
فِي العطايا والهبات

رجل مَاتَ عَن ابْن وَبنت وَترك خَمْسَة عشر رَأْسا من الْغنم فَقَالَت الْبِنْت للإبن خَمْسَة فِيهَا نَصِيبي وهبتها مِنْك فقبلها الْأَخ قَالَ لَا يَصح لِأَن لَهَا من جُمْلَتهَا الثُّلُث لَيْسَ لَهَا خَمْسَة مَعْلُومَة بِخِلَاف مَا لَو بَاعَ خَمْسَة أَذْرع من أَرض وجملتها خَمْسَة عشر ذِرَاعا وَهِي مَعْلُومَة الذرعان عِنْدهمَا جَازَ وَجعل كَأَنَّهُ بَاعَ الثُّلُث لِأَن الذرعان لَا تَتَفَاوَت وَقِيمَة الأغنام تَتَفَاوَت فَهُوَ كَمَا لَو كَانَ بَينهمَا خَمْسَة عشر مشاعة فَبَاعَ خَمْسَة لَا يَصح
864 - مَسْأَلَة هَل يشْتَرط فِي الْهَدِيَّة أَخذ المهدى إِلَيْهِ بالتراحم أم يحصل الْملك بِوَضْع الْمهْدي بَين يَدَيْهِ أَو أَخذه الصَّبِي هَل يملك قَالَ لَا
865 - مَسْأَلَة المَال الضائع الَّذِي يصرف إِلَى الْمصَالح إِذا وَقع فِي يَد

(2/637)


@ إِنْسَان وَهُوَ لَا يظفر بِإِمَام يَدْفَعهُ إِلَيْهِ فَصَرفهُ الَّذِي وَقع فِي يَده إِلَى نوع من الْمصَالح غير أَنه ترك الأهم مثل إِن كَانَ فِي الْبَلَد من يحْتَاج إِلَى كسْوَة ولباس وَهُوَ صرفه إِلَى عمَارَة مَسْجِد وَنَحْوه هَل يُجزئهُ ذَلِك أجَاب يجوز وَلَا يَأْثَم كَالزَّكَاةِ إِذا صرفهَا إِلَى مُسْتَحقّ وثمة من هُوَ أَشد استحقاقا جَازَ وَأَن ترك فَهُوَ أولى
بَاب الْمَوَارِيث

866 - مَسْأَلَة مَاتَ رجل وَخلف بنت عَم وَابْن عمَّة الْعم والعمة لأَب وَأم أَو لأَب قَالَ الْمِيرَاث لبِنْت الْعم لِأَنَّهَا أقرب إِلَى الْوَارِث لِأَن الْعم يَرث والعمة غير وارثة وَالْأَقْرَب إِلَى الْوَارِث أولى على أَي صفة كَانَ إِذا كَانَا مستويين فِي الْقرب إِلَيّ الْمَيِّت
مسَائِل الْوَصَايَا

867 - مَسْأَلَة رجل لَهُ بنت وَزَوْجَة وَأم وَأوصى لإِنْسَان بِمثل النَّصِيبَيْنِ وَلآخر بِربع مَا تبقى من المَال بعد النَّصِيبَيْنِ الطَّرِيق أَن تجْعَل المَال اثْنَي عشر ونصيبين مجهولين النصيبان المجهولان للْمُوصى لَهما بالنصيب ثمَّ للْمُوصى لَهُ بَقِي اثْنَا عشر ثلثه للْمُوصى لَهُ بِالربعِ وَأَرْبَعَة للْمُوصى لَهُ بِالثُّلثِ بَقِي خَمْسَة لَا تستقيم على سِهَام الْوَرَثَة وفريضتهم من أَرْبَعَة وَعشْرين فِي اثْنَي عشر فَتَصِير مِائَتَيْنِ وَثَمَانِينَ ونصيبان مَجْهُولَانِ فالنصيبان للْمُوصى لَهما بالنصيب ثمَّ للْمُوصى لَهُ بِالربعِ بِثَلَاثَة مَضْرُوبَة فِي أَرْبَعَة وَعشْرين فَتكون اثْنَيْنِ وَسبعين وللموصى لَهُ بِالثُّلثِ سِتَّة وَتسْعُونَ وللزوجة خَمْسَة وَعشر بَقِي خَمْسَة وَعِشْرُونَ وَمَال أحد النَّصِيبَيْنِ عشرُون وَالْآخر سِتُّونَ وَجُمْلَة المَال ثلثمِائة وَسِتُّونَ فعشرون للْمُوصى لَهُ بِمثل نصيب الْأُم وَسِتُّونَ للْمُوصى لَهُ بِمثل نصيب الْبِنْت وَسِتَّة وَتسْعُونَ سَهْما للْمُوصى لَهُ بِثلث مَا يبْقى وإثنان وَسَبْعُونَ سَهْما للْمُوصى لَهُ بِربع مَا يبْقى ثمَّ للْبِنْت سِتُّونَ سَهْما وَللْأُمّ عشرُون سَهْما وللزوجة خَمْسَة عشر بَقِي خَمْسَة وَعِشْرُونَ لبيت المَال أَو ترد إِلَى الْأُم وللبنت أَربَاعًا

(2/638)


- مَسْأَلَة أوصى لإِنْسَان بِربع مَاله إِلَّا نصيب أحد أَوْلَاده وَله أَربع بَنِينَ وَأوصى لإِنْسَان آخر بِثلث مَا يبْقى يَجْعَل المَال عشْرين سَهْما سَهْمَان للْمُوصى لَهُ بِالربعِ وَسِتَّة أسْهم للْمُوصى لَهُ بِثلث مَا يبْقى وَلكُل ابْن ثَلَاثَة أسْهم فَيكون ربع المَال خَمْسَة للْمُوصى لَهُ بِالربعِ يرد مِنْهُ نصيب أحد الِابْنَيْنِ وَهُوَ ثَلَاثَة ثمَّ للْمُوصى لَهُ الآخر ثلث مَا يبْقى بعد السهمين وَهُوَ سِتَّة قَالَ وَطَرِيقه أَن يعْطى الرّبع إِلَى الْمُوصى لَهُ بِالربعِ وَيجْعَل الْبَنِينَ خَمْسَة فَيقسم الْبَاقِي عَلَيْهِم فَيكون لكل وَاحِد ثَلَاثَة فيبين أَن النَّصِيب الَّذِي يسْتَردّ من الْمُوصى لَهُ بِالربعِ ثَلَاثَة فيضم نصيب الابْن الْخَامِس إِلَى المسترد فَيضْرب فَيَجْعَلهُ للْمُوصى لَهُ بِثلث مَا تبقى
869 - مَسْأَلَة وَلَو أوصى لإِنْسَان بِخمْس مَاله إِلَّا نصيب أحد أَوْلَاده وَله أَربع بَنِينَ وَلآخر بِثلث مَا يبْقى فَتكون من خَمْسَة وَعشْرين للْمُوصى لَهُ بالخمس خَمْسَة وَيزِيد عَنْهَا فَيقسم عشرُون عَلَيْهِم لكل وَاحِد أَرْبَعَة فَبَان أَن النَّصِيب الْمَجْهُول الَّذِي يسْتَردّ من الْمُوصى لَهُ بالخمس أَرْبَعَة يستردها مِنْهُ فَيبقى لَهُ سهم وللموصى لَهُ بِالثُّلثِ ثَمَانِيَة بَقِي سِتَّة عشر لكل ابْن أَرْبَعَة
870 - مَسْأَلَة إِذا كَانَ لكل وَاحِد من الزَّوْجَيْنِ مِائَتَا دِينَار فَفِي مرض مَوتهَا وهب كل وَاحِد مَاله من الآخر ثمَّ مَاتَت الْمَرْأَة عَن أَخ وَهَذَا الزَّوْج ثمَّ مَاتَ الزَّوْج عَن عَم قَالَ هبة الْمَرْأَة مَرْدُودَة إِن لم يجز ورثتها لِأَنَّهُ وَصِيَّة للْوَارِث وَهبة الزَّوْجَة لَا ترد لِأَن الِاعْتِبَار فِي كَونه وَارِثا بِحَالَة الْمَوْت لَا بِحَالَة الْوَصِيَّة وَحَالَة موت الزَّوْج لم تكن هِيَ وارثة فَصحت هِبته مِنْهَا فَيَعُود نصف تركتهَا إِلَى الزَّوْج بِحكم الْإِرْث وَمَا وهب الزَّوْج مِنْهَا فَمن الثُّلُث لِأَنَّهُ فِي مرض مَوته فَيَعُود من ذَلِك الثُّلُث نصفه إِلَى الزَّوْج لِأَنَّهُ من تركتهَا
871 - مَسْأَلَة رجل أعتق عبدا فِي مرض مَوته وَلَا يخرج من الثُّلُث فَبعد الْمَوْت أقرّ الْوَارِث أَن للْمَيت عِنْد فلَان مَالا وَفُلَان مُنكر لَا نحكم بِعِتْق العَبْد كُله بقول الْوَارِث أَن لَهُ مَالا لِأَنَّهُ لَا تنفذ الْوَصِيَّة فِي الثُّلُث مَا لم يصل إِلَى الْوَارِث مثلا

(2/639)


- مَسْأَلَة إِذا كَانَ المَال مُشْتَركا بَين الصَّبِي وَالْوَصِيّ لَا ينْفَرد بِالْقيمَةِ خُصُوصا على قَوْلنَا أَنه بيع كَمَا لَا يَبِيع مَاله من نَفسه إِلَّا أَن يكون أَبَا أَو جدا فنفعل بل القَاضِي ينصب فِيمَا عَن الصَّبِي حَتَّى يقاسمه
873 - مَسْأَلَة الْوَصِيّ إِذا اسْتَأْجر رجلا لأمر من أُمُور الصَّبِي إِجَارَة فَاسِدَة فأجر الْمثل على من يجب قَالَ يجب على الْوَصِيّ فِي مَال نَفسه لِأَن العقد لم ينْعَقد فِي حق الصَّبِي قَالَ وَيحْتَمل أَن يُقَال إِن كَانَ قد حصل للصَّبِيّ بِهِ نفع بِأَن كَانَ قد اسْتَأْجرهُ ليبني دَاره وَقد فعل أَو ليَأْخُذ دينا لَهُ على إِنْسَان وَقد حصل أَن يكون أجر الْمثل فِي مَال الصَّبِي وَأَصله أَن السَّيِّد إِذا أذن لعَبْدِهِ فِي النِّكَاح فنكح نِكَاحا فَاسِدا يتَعَلَّق الْمهْر بِكَسْبِهِ كَمَا فِي الصَّحِيح لوُجُوده أم يَجْعَل كَأَنَّهُ عري عَن الْإِذْن فَقَوْلَانِ
874 - مَسْأَلَة وَلَو أَمر الصَّبِي عِنْده ليعْمَل لأطفال لَيْسَ لَهُ أَن يَأْخُذ نَفَقَة العَبْد وَكسوته من مَال الطِّفْل إِلَّا أَن يؤاجره من الصَّبِي وَيقبل الْحَاكِم من جِهَة الصَّبِي وَلَا يُمكنهُ أَن يقبل بِنَفسِهِ لِأَنَّهُ لَا يتَوَلَّى طرفِي العقد فَإِن كَانَ أَبَا أَو جدا وَلَو لم يُؤَاجر وَلَكِن كَانَ فِي عزمه أَن ينْفق مِنْهُ فَهَل لَهُ أجر الْمثل فِي الْمَسْأَلَة الأولى الْأَصَح لَا
875 - مَسْأَلَة الْأَب إِذا وكل وَكيلا لبيع مَاله من وَلَده الطِّفْل أَعنِي ولد الْمُوكل لَا يجوز لِأَن عبارَة الْوَكِيل لَا تصح لطرفي العقد قُلْنَا إِذا وَكله بِأحد الطَّرفَيْنِ وَتَوَلَّى الْأَب الطّرف الآخر يجوز وَيجْعَل كَأَن الْأَب يَجعله بِنَفسِهِ ولسان الْوَكِيل لِسَان الْمُوكل
876 - مَسْأَلَة إِذا دفع شَيْئا إِلَى إِنْسَان ليدفع إِلَى غَرِيمه فَدخل مَسْجِدا فَنَامَ فَسرق مِنْهُ قَالَ إِن لم يتَمَكَّن من الدّفع إِلَى الْغَرِيم وَلم يتْرك الِاحْتِيَاط فِي الشد وَالْأَحْكَام لَا يضمن
877 - مَسْأَلَة أودع عبدا من إِنْسَان فأبق من يَده وَلم يخبر الْمَالِك الْمُودع حَتَّى مُضِيّ أَيَّام وَلَو أخبرهُ رُبمَا أدْركهُ فَهَل يصير بترك الْإِخْبَار ضَامِنا قَالَ لَا

(2/640)


@ يصير ضَامِنا لِأَنَّهُ إِنَّمَا استودعه على حفظه لَا على الْإِخْبَار بِمَا يصنع العَبْد كَمَا لَو مرض العَبْد فَلم يُخبرهُ حَتَّى مَاتَ
878 - مَسْأَلَة إِذا أودع من إِنْسَان شَيْئا فَذَهَبت آثاره هَل للْمُودع حفر دَار الْمُودع قَالَ لَيْسَ لَهُ ذَلِك إِلَّا أَن يكون الْمُودع مُتَعَدِّيا فِي وَضعه كالدينار يَقع فِي المحبرة
879 - مَسْأَلَة رجل أبضع بضَاعَة إِلَى إِنْسَان فَقَالَ نمت فَضَاعَ قَالَ إِن نَام بَعيدا عَن رَحْله وَقد تَفَرَّقت أهل الرّفْعَة ضمن وَإِن لم يكن بِهَذِهِ الصّفة لم يضمن
880 - مَسْأَلَة وَلَو أودع من إِنْسَان خَاتمًا فَجعله فِي خِنْصره فتورم أُصْبُعه وَلم يكن نَزعه إِلَّا بِكَسْر الْخَاتم فَكسر أَو قطع فَمن الضَّامِن من يكون قَالَ من ضَمَان الْمُودع لِأَنَّهُ إِن قصد بِهِ الِاسْتِعْمَال يضمن لَا إِشْكَال وَإِن لم يقْصد الِاسْتِعْمَال وَلم يكن مُتَعَدِّيا فِيهِ أَيْضا من ضَمَانه لِأَن الْكسر كَانَ لتخليص مسلكه كَمَا لَو أَدخل بقرة إِنْسَان رَأسهَا فِي قدر باقلاني وَلم يُوجد من أَحدهمَا تعدِي يجب الضَّمَان على صَاحب الدَّابَّة لِأَن الْكسر لتخليص ملكه
881 - مَسْأَلَة عبد أودع من إِنْسَان شَيْئا لَيْسَ للْمُودع أَن يرد على العَبْد فَلَو فعل ضمن ولسيده أَن يرْعَى عَلَيْهِ فَإِن انْكَسَرَ الْمَدْفُوع إِلَيْهِ وَحلف نظر إِن حلف أَن لَيْسَ فِي يَده شَيْء لَا يكون كَاذِبًا وَإِن حلف على أَن لَا يلْزمه شَيْء كَانَ كَاذِبًا وَإِن غرم للْمولى فَلَا رُجُوع لَهُ على العَبْد بِحَال لِأَن ضَمَانه لتعديه فِي مَال الْمولى ولإيقاع الْحَيْلُولَة إِلَّا أَنه نبت لَهُ على العَبْد فَإِذا عَاد مَال الْوَلِيّ إِلَيْهِ عَلَيْهِ رد الْقيمَة إِلَى الْمُودع وَإِن هلك فِي يَد العَبْد فَمَال الْمولى إِذا هلك فِي يَد العَبْد لَا يكون عَلَيْهِ ضَمَان
882 - مَسْأَلَة وَلَو غصب شَيْئا فجَاء عبد الْمَالِك وأتلف الْمَغْصُوب فِي يَد الْغَاصِب يجب على الْغَاصِب الْقيمَة للْمَالِك وَلَا رُجُوع على العَبْد كَمَا

(2/641)


@ لَو تلف بِآفَة سَمَاوِيَّة عِنْد الْغَاصِب وكما لَو اتلفه حَرْبِيّ فِي يَد الْغَاصِب ضمن الْغَاصِب وَلَا رُجُوع لَهُ على أحد
883 - مَسْأَلَة دائن لَهُ على مَدين حق يماطل فَظهر بِغَيْر جنس حَقه فَأَخذه وَوَضعه عِنْد مؤتمن ليستوفي مِنْهُ حَقه فَرده الْمَوْضُوع عِنْده إِلَى يَد مَالِكه قَالَ لَا ضَمَان عَلَيْهِ لصَاحب الْحق لِأَنَّهُ رده إِلَى مَالِكه وَلم يتَعَلَّق بِهِ حق من أَخذه فَإِن كَانَ من جنس حَقه أَخذه عَن طَرِيق التَّمَلُّك فَوَضعه عِنْد إِنْسَان فَرد ضمن الدَّار لصَاحب الْحق
884 - مَسْأَلَة رجل أودع من رجل شَاة فجز صوفها ضمن الصُّوف وَالشَّاة لِأَنَّهُ تعد فِي الشَّاة وَكَذَلِكَ لَو وشمها أَو قطع أذنها وَإِن حلب لَبنهَا قَالَ وَجب أَن يضمن اللَّبن دون الشَّاة كَمَا لَو أودع مِنْهُ دَرَاهِم فَرفع مِنْهَا درهما للإنفاق ضمن الدِّرْهَم دون الْبَاقِي وكما لَو أَخذ من ظهر دَابَّة إِنْسَان حملا ضمن الْحمل دون الدَّابَّة
885 - مَسْأَلَة البقار الَّذِي يحمل الدَّوَابّ إِلَى المشرح إِذا دَعَاهَا فِي مهلكة ضمن وَلَو ترك وَاحِدَة فِي الطَّرِيق وَشرح الْبَاقِي ضمن سَوَاء كَانَ قصدا أَو نِسْيَانا لِأَن النسْيَان لَا يسْقط الضَّمَان وَلَو وَقعت وَاحِدَة فِي الْحِفْظ فَسرق لم يضمن كَمَا لَو أودع من إِنْسَان شَيْئا أَو دفع ثوبا إِلَى خياط ليخيطه فَسرق من بَيته قَالَ إِن كَانَ فِي بَيته مُنْفَردا فَتَركه لَيْلًا بِلَا حارس ضمن وَإِن تَركه نَهَارا فأغلق الْبَاب وَهُوَ فِيمَا بَين الْبيُوت لم يضمن
886 - مَسْأَلَة رجل أودع كيسا فِيهِ دَرَاهِم والكيس مختوم فَمضى عَلَيْهِ عشر سِنِين ثمَّ جَاءَ فطالبه فَرد فَادّعى الْمُودع فض الْخَتْم والخيانة فانكر الْمُودع قَالَ لَهُ الْحَاكِم كم أودع مِنْك هَذَا قَالَ مُنْذُ عشر سِنِين فَفتح فَإِذا فِيهِ دِرْهَم بِضَرْب خمس سِنِين قَالَ القَوْل قَول الْمُودع بِيَمِينِهِ لِأَن الأَصْل بَقَاء أَمَانَته وَلَا ضَمَان لِأَنَّهُ يحْتَمل أَنه ضرب بِهَذَا الضَّرْب قبل عشر سِنِين وَيحْتَمل أَن غير الْمُودع فعله

(2/642)


- مَسْأَلَة عبد أودع شَيْئا من إِنْسَان وَلم يعلم الْمُودع أَنه عبد كَانَ الْمُودع ضَامِنا إِذا هلك عَبده وَيحْتَمل أَن يكون كَالْغَاصِبِ يودع فَتلف عِنْد الْمُودع لَا يَتَقَرَّر الضَّمَان على الْمُودع هَل يكون طَرِيقا فِي وجوب الضَّمَان وَجْهَان
888 - مَسْأَلَة رجل دفع دَابَّة إِلَى رجل فِي ظلمَة اللَّيْل ليسقيها مَعَ دوابه فَضَاعَت فِي الظلمَة لم يضمن لِأَنَّهُ لم يفارقها فَإِن فَارقهَا ضمن
889 - مَسْأَلَة إِذا أودع من إِنْسَان شَيْئا وَغَابَ وَقَالَ لَهُ إِذا قدم عَلَيْك أَمِين فَابْعَثْ الْوَدِيعَة على توه إِلَيّ فَبعث ثمَّ حضر الْمُودع وَقَالَ لم يصل إِلَيّ وَأَرَادَ تغريم الْمُودع قَالَ إِن صدقه بِأَنَّهُ دفع إِلَى الْأمين وَكَانَ الْمُودع قد أشهد حِين دفع إِلَيْهِ لم يكن ل تغريمه وَإِن لم يكن أشهد غرمه على الْأَصَح إِلَّا أَن يُقيم الدَّافِع بَينه فَلَو أَنَّهُمَا اخْتلفَا فِي الشَّهَادَة فَقَالَ الدَّافِع أشهدت فَمَاتَ الشُّهُود أَو غَابُوا فَالْقَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه
890 - مَسْأَلَة لَا يجوز للْمُودع أَن يودع فَلَو اسْتَعَانَ من أَجْنَبِي فِي حفظ الْوَدِيعَة مثل أَن يَقُول أسق هَذِه الدَّابَّة أَو قَالَ ضع هَذِه فِي صندوقي لَا ضَمَان عَلَيْهِ لِأَن لم يسلم إِلَيْهِ إِنَّمَا اسْتَعَانَ بِهِ وَلَو اسْتَعَانَ من زَوجته لَا ضَمَان ضَمَان عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الرَّهْن إِذا كَانَ مَوْضُوعا على يَد عزل لَا يجوز أَن يدْفع الرَّهْن لَا إِلَى الرَّاهِن وَلَا إِلَى الْمُرْتَهن وَلَا إِلَى الْأَجْنَبِيّ فَلَو أَنه اسْتَعَانَ من أَجْنَبِي فِي الرَّهْن لَا ضَمَان عَلَيْهِ لِأَنَّهُ اسْتَعَانَ بِهِ وَلم يسلم إِلَيْهِ
891 - مَسْأَلَة رجل دخل الْحمام فَوضع الثَّوْب بَين يَدي الحمامي فَقَامَ الحمامي وَتَركه فَضَاعَ لم يضمن وَلَو قَالَ لَهُ حِين دخل احفظ الثَّوْب فَإِن لم يجبهُ الحمامي بِشَيْء فضيعه لم يضمن وَإِن قَالَ بلَى أَو ضع فضيع ضمن لِأَن بلَى تفِيد تعهده بِالْحِفْظِ

(2/643)


- مَسْأَلَة لَو أودع كتابا من إِنْسَان فَقَرَأَ فِيهِ ضمن فَإِن غصب مِنْهُ بعده فَعَلَيهِ الضَّمَان لِأَن الْقِرَاءَة من الْكتاب انْتِفَاع بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب قسم الصَّدقَات

إِنَّمَا يجوز صرف الصَّدَقَة إِلَى الْفَقِير والمسكين إِذا لم يكن لَهُ كسب يُعينهُ فَإِن كَانَ لَهُ كسب يُعينهُ فَلَا يجوز قَالَ أما الْغَارِم يجوز الصّرْف إِلَيْهِ وَإِن كَانَ لَهُ كسب يُؤَدِّي دينه لِأَن الْغَارِم لَا يُؤمر بالكتساب لقَضَاء الدّين وَكَذَلِكَ الْمكَاتب يجوز الصّرْف إِلَيْهِ مَعَ كَونه كسوبا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تعلق بِهِ الدّين وَالسَّيِّد لَا يصير إِلَى أَن يحصل الْغَرِيم وَالْمكَاتب المَال بِكَسْبِهِ حُرِّيَّته قَالَ وَكَذَلِكَ ابْن السَّبِيل لِأَن اشْتِغَاله بِالْكَسْبِ إِلَى أَن يحصل زَاد لمَنعه من السّفر وَكَذَلِكَ الْغَازِي يسْتَحقّهُ مَعَ كَونه كسوبا لهَذَا الْمَعْنى فَهُوَ كالعامل يسْتَحقّهُ مَعَ كَونه كسوبا لِأَنَّهُ إِذا اشْتغل بِالْكَسْبِ لَا يُمكنهُ عمل الصَّدَقَة
893 - مَسْأَلَة رجل دفع سهم الغارمين إِلَى من عَلَيْهِ دين ثمَّ لم يتَبَيَّن للدافع أَنه صرف ذَلِك إِلَى دينه أَو إِلَى نَفَقَته فَإِن الزَّكَاة بِالدفع إِلَيْهِ سَقَطت عَنهُ ذمَّته مَا لم يتَبَيَّن أَنه دفع ألى الْغَرِيم
894 - مَسْأَلَة وَسُئِلَ هَل للْفَقِير أَن يَأْخُذ من سهم الْفُقَرَاء وَيصرف ذَلِك إِلَى صدَاق زَوجته قَالَ يجوز لِأَنَّهُ دين كَسَائِر الدُّيُون ثمَّ إِن كَانَ من جنس الصَدَاق يدْفع إِلَيْهَا وَإِن كَانَ من غير جنس الصَدَاق بَاعَ مِنْهَا بِجِنْس الصَدَاق
895 - مَسْأَلَة وَلَو ضمن فَقير عَن فَقير دينا ثمَّ طَالب الْمَضْمُون لَهُ الضَّامِن فَأخذ الضَّامِن سهم لغارمين وَدفع إِلَيْهِ هَل يحل لصَاحب الدّين وَهل يحْسب مَا أَخذه الضَّامِن من الزَّكَاة قَالَ يحل ويحسب ذَلِك عَن الزَّكَاة

(2/644)


@ وَكتب إِلَيْهِ لَو أَن الْمَضْمُون عَنهُ كَانَ قد صرف ذَلِك الْغَرَض إِلَى مَعْصِيّة وَلم يعرف الضَّامِن ذَلِك قَالَ لَا يحل ذَلِك لرب المَال وَلَا تسْقط الزَّكَاة عَن ذمَّة الدَّافِع وَكتب من غرم فِي مَعْصِيّة ثمَّ تَابَ هَل يجوز صرف سهم الغارمين إِلَيْهِ فِيهِ وَجْهَان واختباره أَنه لَا يجوز صرف الزَّكَاة إِلَيْهِ
896 - مَسْأَلَة قَالَ لَا يجوز صرف الْكَفَّارَة إِلَى بني هَاشم وَبني الْمطلب كَالزَّكَاةِ لِأَنَّهَا غسالة الدّين
897 - مَسْأَلَة وَلَو نذر التَّصَدُّق بِدِينَار مُطلقًا أَو نذر أَن يتَصَدَّق بِدِينَار على الْفُقَرَاء هَل يجوز صرفه إِلَى العلوية إِن قُلْنَا يحمل على أقل إِيجَاب الله تَعَالَى لَا يجوز كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَة وَإِن قُلْنَا على أقل مَا يتَقرَّب بِهِ إِلَى الله تَعَالَى يجوز
897 - مَسْأَلَة إِذا ملك رجل مالاو عَلَيْهِ دين هَل يجوز صرف الغارمين إِلَيْهِ قَالَ نظر إِن كَانَ مَاله لَا يزِيد على قوته وعَلى قوت عِيَاله ليومه وَلَيْلَته يجوز أَن يدْفع إِلَيْهِ سهم الغارمين أَو سهم الْفُقَرَاء وَإِن كَانَ مَاله يزِيد على قوت يَوْمه وَلَيْلَته نظر إِن كَانَ قدرا يَفِي بِنَفَقَتِهِ مِنْهُ وَلَو صرف إِلَى الدّين قَضَاءَهُ لَا يجوز وَاحِد مِنْهُمَا وَإِن صرفه إِلَى دينه حِينَئِذٍ أَخذ سهم الْفُقَرَاء وَإِن كَانَ يَفِي بِدِينِهِ وَلَا يبلغ نَفَقَة سنة يجوز سهم الغارمين قدر مَا يبْقى لدينِهِ وَلَا يجوز سهم الْفُقَرَاء
899 - مَسْأَلَة وَيجوز صرف سهم الغارمين إِلَيْهِم وَإِن كَانَ دينهم من غير جنس ذَلِك كَمَا يجوز صرف عشر الْحِنْطَة إِلَى من عَلَيْهِ الدَّرَاهِم وَيجوز صرف الدَّرَاهِم إِلَى من دينه حِنْطَة ثمَّ يَبِيع ذَلِك بِدِينِهِ قَالَ يجوز سَوَاء بَاعَ من غَرِيمه أَو من غير غَرِيمه ثمَّ أَخذ الثّمن وَدفع إِلَى غَرِيمه
900 - مَسْأَلَة من كَانَ مَاله غَائِبا جَازَ صرف الزَّكَاة إِلَيْهِ من سهم الْفُقَرَاء إِذا كَانَ مَاله على مَسَافَة الْقصر وَإِذا كَانَ مَاله غَائِبا جَازَ لزوجته فسخ النِّكَاح بِسَبَب الْإِعْسَار قَالَ وَهَذَا بِخِلَاف مَا لَو كَانَ الزَّوْج غَائِبا وَله

(2/645)


@ مَال مَعَه لَا يجوز لامْرَأَته فسخ النِّكَاح على الْأَصَح لِأَن المَال إِذا كَانَ مَعَه فَهُوَ غير مغر وَإِذا كَانَ المَال غَائِبا فَهُوَ فِي حكم الْإِعْسَار
901 - مَسْأَلَة فَقير كسوب لَا يجد من يَأْمُرهُ بِالْكَسْبِ أَو وجد وَلَكِن مَاله حرَام قَالَ يَأْخُذ من الزَّكَاة إِلَى أَن يتَبَيَّن لَهُ كسب حَلَال وَمن كَانَ فِي يَده مَال حرَام يتَصَرَّف فِيهِ وَهُوَ فِي سَعَة مِنْهُ هَل يجوز لَهُ أَخذ الصَّدَقَة قَالَ يجوز إِذا تعذر عَلَيْهِ وَجه إجالاله وَتَابَ من ذَلِك
902 - مَسْأَلَة الْمكَاتب الَّذِي يقدر على الْكسْب والمديون الَّذِي يقدر على الْكسْب هَل يجوز لَهُ أَخذ الزَّكَاة لأَدَاء النُّجُوم ولأداء الدّين قَالَ يجوز وَلَا يُؤمر الْمَدْيُون بِالْكَسْبِ لقَضَاء الدّين بِخِلَاف سهم الْفُقَرَاء لَا يصرف إِلَيْهِم وَالْمكَاتب جعل الشَّرْع لَهُ سَهْما من الصَّدَقَة مَعَ الْقُدْرَة على الْكسْب لِأَن الله تَعَالَى قَالَ {إِن علمْتُم فيهم خيرا} وفسروا الْخَيْر بِالْقُدْرَةِ على الْكسْب مَعَ الْأَمَانَة فَأقر الْكِتَابَة عِنْد وجود هذَيْن الْمَعْنيين ثمَّ جعل لَهُ سَهْما من الزَّكَاة
903 - مَسْأَلَة صرف سهم ابْن السَّبِيل إِلَيْهِ يكون حَالَة مَا يُرِيد الْخُرُوج فَإِن دفع قبله وَقَالَ مَتى خرجت فأنفق لَا يجوز لِأَنَّهُ صرف إِلَيْهِ قبل الِاسْتِحْقَاق كَمَا لَو صرف دين عين فَقَالَ إِذا افْتَقَرت فَهَذِهِ زكاتك أما إِذا كَانَ مشتغلا بِأَسْبَاب الْخُرُوج يجوز
904 - مَسْأَلَة من نصفه حر وَنصفه رَقِيق لَا تجب عَلَيْهِ الزَّكَاة فِي مَاله لِأَن نصفه رَقِيق وَالزَّكَاة لجَمِيع بدنه فَإِذا كَانَ بعض بدنه مِمَّن لَا يُخَاطب بِالزَّكَاةِ لم تجب الزَّكَاة وَإِن كَانَ تصدقه ناقدا فِيمَا يمكل بِنصفِهِ الْحر كَالْمكَاتبِ يتَصَرَّف فِي مَاله وَلَا زَكَاة عَلَيْهِ فِي مَاله لِأَنَّهُ لم يتم زَوَال الرّقّ عَنهُ وَلَيْسَ

(2/646)


@ ككفارة الْيَمين حَيْثُ تجب على بعضه حر أَن يكفر بِالْمَالِ لِأَن الرّقّ لَا يمْنَع وجوب كَفَّارَة الْيَمين فَإِن العَبْد إِذا حنت عَلَيْهِ كَفَّارَة الْيَمين غير أَنه يكفر بِالصَّوْمِ فَلَمَّا كَانَ الرَّقِيق كَالْحرِّ فِي توجه خطاب كَفَّارَة الْيَمين وَجوز الْمصير إِلَى الصَّوْم عِنْد عدم المَال فَمن نصفه حر وَاحِد لِلْمَالِ فيكفر بِالْمَالِ وَالْعَبْد الْقِنّ لَا يجد فَلَا يكفر بِالْمَالِ أما الزَّكَاة فَلَا يُخَاطب بهَا العَبْد أصلا فَإِذا كَانَ بعضه رَقِيقا لَا يُخَاطب بِهِ كَالْعِتْقِ فِي الْكَفَّارَة لَا يَصح من العَبْد وَلَا من بعضه حرا وَبَعضه رَقِيقا وَهُوَ مُعسر لَا يصرف إِلَيْهِ سهم الْفُقَرَاء من الزَّكَاة لِأَنَّهُ لَو صرف إِلَيْهِ كَانَ نصفه لسَيِّده وَالسَّيِّد لَيْسَ لمكاتب وَلَا فَقير قَالَ فَإِن كَانَ بَينه وَبَين السَّيِّد مهاباة فصرف إِلَيْهِ فِي الْيَوْم الَّذِي يعْمل لنَفسِهِ سهم المكاتبين يحْتَمل أَن يجوز وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ نصفه حرا وَنصفه رَقِيقا فَفِي الْيَوْم الَّذِي يعْمل لنَفسِهِ سهم الْفُقَرَاء لِأَن كَسبه فِي ذَلِك يسلم للكتابة فِي الْمكَاتب ولنفسه فِي الْحر قَالَ وَقد جوز الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ لمن نصفه حر أَن يُكفن بِالْمَالِ فِي كَفَّارَة الْيَمين قَالَ وَإِن كَانَ لَهُ بِنصفِهِ الْحر مَال لَا زَكَاة عَلَيْهِ لِأَن الزَّكَاة فِي المَال وَبَعض بدنه رَقِيق لَا يتم بِهِ الْملك وَالْكَفَّارَة حق الْبدن كصدقة الْفطر فَيجب مَعَ الرّقّ فَإِن صَدَقَة فطر الرَّقِيق يجب على الْمولى وَكَفَّارَة الْيَمين فِي الْجُمْلَة يُخَاطب بِهِ العَبْد بِالصَّوْمِ فَمَا لم يمْنَع الرّقّ وُجُوبه فَإِذا كَانَ لَهُ بِنصفِهِ مَال وَجب فِيهِ
905 - مَسْأَلَة من صرف إِلَيْهِ سهم الغارمين يجب عَلَيْهِ أَن يصرف ذَلِك إِلَى رب الدّين فَلَو لم يكن ذَلِك من جنس دينه فَبَاعَهُ من رب الدّين بِدِينِهِ أَو بَاعه من غَيره بِجِنْس دينه ثمَّ صرف ذَلِك الَّذِي أَخذ فِي عوضه إِلَى رب الدّين وَكَذَلِكَ الْمكَاتب يَبِيع مَال جده بِجِنْس النُّجُوم وَيصرف إِلَى السَّيِّد يجوز لِأَنَّهُ لم يصرفهُ إِلَى غير الدّين وكالمقارض لَا يجوز لَهُ الصّرْف بعد فسخ الْقَرَاض فَلَو كَانَ فِي يَده عرُوض جَازَ لَهُ بيعهَا ليحصل جنس رَأس المَال
906 - مَسْأَلَة فَقير يقدر على الْكسْب لكنه مشتغل بتَعَلُّم الْقُرْآن ويتعلم الْعلم الَّذِي هُوَ فرض الْكِفَايَة واشتغاله بِهِ يمنعهُ من الْكسْب قَالَ

(2/647)


@ يجوز لَهُ أَخذ الزَّكَاة أما إِذا كَانَ مشتغلا بتطوع الصَّوْم وَالصَّلَاة فَلَا يجوز بل يجب أَن يشْتَغل بعد أَدَاء الْفَرْض وَالسّنَن بِطَلَب الْمَعيشَة ثمَّ يشْتَغل فضل أوقاته بِالصَّلَاةِ
907 - مَسْأَلَة إِذا ضمن فَقير عَن غَنِي دِينَارا دون إِذْنه جَازَ للضامن من أَخذ سهم الغارمين فيؤديه إِلَى الْمَضْمُون لَهُ وَإِن لم يكن الْمَأْخُوذ من جنس الدّين وتبرأ ذمَّة الْمَدْيُون فَإِن كَانَ الدّين الَّذِي لزم الْمَدْيُون من غير وَجه مُبَاح لَا يجوز دفع الزَّكَاة إِلَى الضَّامِن كَمَا لَا يجوز دَفعه إِلَى الْمَدْيُون الَّذِي دينه من فَسَاد
908 - مَسْأَلَة فَقير سَأَلَ أَمينا لظَالِم شَيْئا وَكتب لَهُ خطابا إِلَى من يَأْخُذ المَال مِنْهُ ظلما فَقَالَ لَهُ الْفَقِير ادْفَعْ إِلَى هَذَا عَن الزَّكَاة فَدفع حل للْفُقَرَاء الْأَخْذ وَوَجَب الدّفع عَن الزَّكَاة كمن أكرهه السُّلْطَان على أَدَاء الزَّكَاة
909 - مَسْأَلَة إِذا اسْتقْرض الْمكَاتب مَالا وَأدّى فِي النُّجُوم عتق ثمَّ لَا يجوز بعده صرف سهم المكاتبين إِلَيْهِ لحُصُول الْعتْق بِغَيْرِهِ وَلَكِن يصرف إِلَيْهِ سهم الغارمين كَمَا لَو قَالَ لعَبْدِهِ أَنْت حر على ألف فَقبل عتق وَالْألف عَلَيْهِ وَيسْتَحق سهم الغارمين
910 - مَسْأَلَة لَا يحل للغني أَخذ الزَّكَاة فَإِن كَانَ لَهُ وَلكنه دين آخر على آخر مُؤَجل وَلَيْسَ فِي يَده شَيْء هَل لَهُ أَخذ الزَّكَاة إِلَى أَن يصل إِلَى مَاله

(2/648)


- مَسْأَلَة لَو نذر كسْوَة يَتِيم قَالَ لَا يجب إِلَّا ثوب وَاحِد قَمِيص وَإِزَار ومقنعة كَمَا فِي كسْوَة الْكَفَّارَة وَهل يجوز صرفه إِلَى نافلته الْيَتِيم قَالَ إِن قُلْنَا يحمل على الْأَقَل مَا يتَقرَّب وَإِن قُلْنَا على أقل إِيجَاب الله تَعَالَى لَا يجوز وَإِن قُلْنَا يجوز قَالَ إِنَّمَا يجوز إِذا لم يكن النَّافِلَة مِمَّن يجب عَلَيْهِ نَفَقَته وَإِن كَانَ مِمَّن يجب نَفَقَته وَكسوته فَلَا يجوز قولا وَاحِدًا كَمَا لَا يجوز صرف سهم الْغُرَمَاء

(2/649)


@ = كتاب النِّكَاح
912 - مَسْأَلَة لَا يجوز النّظر إِلَى شعر الْأَجْنَبِيَّة بعد مَا انْفَصل مِنْهَا وَهل يجوز النّظر إِلَى قلامة أظفرها قَالَ أَصْحَابنَا إِن كَانَ قلامة يَدهَا يجوز وَإِن كَانَت قلامة رجلهَا لَا يجوز لِأَن رجلهَا عَورَة دون يَدهَا قَالَ الإِمَام فَلَو أبين شعر أمة أَو قلامة رجلهَا فِي حَال رقها ثمَّ عتقت يَنْبَغِي أَن يجوز النّظر إِلَى الْمُنْفَصِل مِنْهَا فِي حَال الرّقّ لِأَن الِانْفِصَال وجدت فِي حَالَة لم يكن ذَلِك مِنْهَا عَورَة وَالْعِتْق لَا يتَعَدَّى إِلَى الْمُنْفَصِل بِدَلِيل أَنه لَو فصل شعرهَا ثمَّ أضَاف الْعتْق إِلَى الشّعْر الْمُنْفَصِل أَو الطَّلَاق لَا تعْتق وَلَا تطلق
913 - مَسْأَلَة إِذا أذن لعَبْدِهِ فِي النِّكَاح فَقَالَ انكح بِأَلف فنكح بِأَلفَيْنِ قَالَ يحْتَمل أَن لَا يَصح كَمَا لوكيل بِخِلَاف الْمُوكل وَيحْتَمل أَن يَصح وَيتَعَلَّق الْفضل بِذِمَّتِهِ كَمَا لَو قَالَ انكح مُطلقًا فنكح بكرا من مهر الْمثل يتَعَلَّق الْفضل بِذِمَّتِهِ وكما لَو قَالَ لأمته اختلعي نَفسك عَن الزَّوْج بِأَلف فَاخْتلعت بِأَلفَيْنِ يتَعَلَّق إِحْدَى الْأَلفَيْنِ بذمتها وَمن قَالَ بِالْأولِ أجَاب بِأَن اختلاع الْأمة دون إِذن الْمولى يَصح وَلَا يَصح نِكَاح العَبْد دون إِذن الْوَلِيّ فَإِذا خَالفه لم يَصح

(2/650)


- مَسْأَلَة الْوَلِيّ الْأَبْعَد لَا يُزَوّج مَعَ وجود الْأَقْرَب فَلَو كَانَ الْأَقْرَب خُنْثَى مُشكل قَالَ يُزَوّج الْأَبْعَد وَحكم الْخُنْثَى كالمفقود
915 - مَسْأَلَة رجل أَرَادَ أَن يتَزَوَّج ابْنة عَمه وَهُوَ وَليهَا وغائب عَنْهَا فَالْقَاضِي يُزَوّجهَا مِنْهُ ويزوجها قَاضِي الْبَلَد الَّذِي بِهِ الْمَرْأَة لَا قَاضِي بلد الرجل ويزوج القَاضِي مِنْهُ بِالْولَايَةِ الْعَامَّة لَا بالنيابة لِأَن فعل النَّائِب فعل المنوب عَنهُ وَهُوَ لَا يُزَوّج من نَفسه
916 - مَسْأَلَة قَالَ أَصْحَابنَا يجوز للْوَلِيّ الَّذِي لَا يجْبر أَن يُوكل بِالتَّزْوِيجِ من غير إِذن الْمَرْأَة فِي التَّوْكِيل على أصح الْوَجْهَيْنِ وَهل يَصح تَوْكِيله قبل الاسْتِئْذَان فِي التَّزْوِيج وَجْهَان الْأَصَح لَا يجوز وَلَو وكل رجلا وَقَالَ زوج ابْنَتي إِذا طَلقهَا زَوجهَا وَانْقَضَت عدتهَا صَحَّ ثمَّ يُزَوّج بعد الطَّلَاق وانقضاء الْعدة قَالَ أول صورته أَن تكون الْمَرْأَة بكرا لم يَطَأهَا الزَّوْج أَو كَانَت فِي عدَّة وَفَاته وَلم يُوجد الدُّخُول حَتَّى يجوز تَزْوِيجهَا بِلَا إِذن أما إِذا كَانَت ثَيِّبًا وَقُلْنَا لَا يجوز التَّوَكُّل إِلَّا بعد الاسْتِئْذَان مِنْهَا فهاهنا لَا يَصح التَّوْكِيل وَلَو أَنَّهَا أَذِنت لوَلِيّهَا قبل انْقِضَاء عدتهَا وَقبل أَن يفارقها الزَّوْج وَقَالَ أَذِنت لَك فِي تزويجي إِذا طَلقنِي زَوجي أَو انْقَضتْ عدتي وَجب أَن يَصح الْأذن كَمَا صَحَّ التَّوْكِيل ثمَّ تَوْكِيل الْوَلِيّ مُرَتبا على إِذْنهَا فَيصح
917 - مَسْأَلَة لَا يجوز للْحرّ الْمُسلم نِكَاح الْأمة الْمسلمَة إِلَّا بِشَرْطَيْنِ فَإِن كَانَت رتقاء أَو كَانَ قَادِرًا على نِكَاحهَا هَل لَهُ نِكَاح الْأمة كَمَا لَو كَانَت تَحْتَهُ حرَّة غَائِبَة لَا يجوز لَهُ نِكَاح الْأمة وَإِن كَانَ قَادِرًا على يسير المَال يجد بِهِ امْرَأَة حرَّة فِي بلد أخر لعادتهن فِي ترخيص المهور وَلَا يجد هَاهُنَا يجوز لَهُ نِكَاح الْأمة هَاهُنَا كذي هَاهُنَا

(2/651)


- مَسْأَلَة من بعضه رَقِيق إِذا ملك جَارِيَة بِنصفِهِ الْحر لَا يجوز لَهُ تَزْوِيجهَا لِأَنَّهُ لَا ولَايَة لَهُ لِأَنَّهُ لم تكمل فِيهِ الْحُرِّيَّة قَالَ وَلَا يجوز تَزْوِيجهَا أصلا لِأَن تَزْوِيجهَا بِغَيْر إِذن الْمَالِك غير جَائِز وَبَاب التَّزْوِيج منسد على السَّيِّد لرقه فَلَا معنى لإذنه وَلَو جَازَ تَزْوِيجهَا بِإِذْنِهِ لكَونه مَالِكًا لبعضه لجَاز لَهُ تَزْوِيجهَا
919 - مَسْأَلَة إِذا أَذِنت الْمَرْأَة بتزويجها من رجل ثمَّ بَان أَن الزَّوْج لَيْسَ بكفؤ وَهِي لم تعلم قَالَ صَحَّ النِّكَاح لأذنها وَلَكِن لَهَا حق الْفَسْخ لجهلها بِحَالهِ كَمَا لَو أَذِنت فِي رجل ثمَّ وجدت بِهِ عَيْبا لَهَا حق الْفَسْخ
920 - مَسْأَلَة إِذا استؤذنت الْمَرْأَة فِي النِّكَاح فأقرت إِنِّي بَالِغَة فزوجت ثمَّ ادَّعَت إِنِّي لم أكن بَالِغَة يَوْم أَقرَرت بِالْبُلُوغِ قَالَ يقبل قَوْلهَا مَعَ يَمِينهَا وَإِن قَالَت كنت مَجْنُونَة إِن عرف بهَا جُنُون سَابق يقبل قَوْلهَا والا فَلَا
921 - مَسْأَلَة إِذا قيل للْمَرْأَة المبكر رضيت بِمَا تَفْعَلهُ أمك وَهِي تعرف أَنهم يعنون النِّكَاح قَالَت رضيت لَا يكون هَذَا إِذْنا لِأَنَّهُ يبْنى على العقد وَالأُم لَا تعقد فَإِن قيل لَهَا رضيت بِالتَّزْوِيجِ فَهُوَ إِذن على الْأَصَح يُزَوّجهَا وَليهَا فَلَو قَالَت رضيت إِن رضيت أُمِّي لم يجز لِأَنَّهَا لم تجزم الْإِذْن بل علقت وَلَا يَجْعَل ذَلِك سكُوتًا لِأَن السُّكُوت إِذن جزم وَهَذَا تَعْلِيق وَلَو قَالَت رضيت إِن رَضِي الْوَلِيّ قَالَ إِن أَرَادَت بهَا تَعْلِيق رِضَاهَا برضاء الْوَلِيّ لم يكن إِذْنا وَإِن لم ترد التَّعْلِيق بل أَرَادَت أَنِّي راضية بِمَا يَفْعَله الْوَلِيّ كَانَ إِذْنا بِخِلَاف الْأُم لِأَنَّهَا لَا تعقد وَلَو قَالَت رضيت بِالتَّزْوِيجِ مِمَّن تختاره أُمِّي جَازَ
922 - مَسْأَلَة ثيب زوجت من رجل وَدخلت عَلَيْهِ وأقامت مَعَه سِنِين ثمَّ أدعت أَنِّي زوجت مِنْهُ بِغَيْر رضائي قَالَ لَا يقبل قَوْلهَا بعد مَا دخلت

(2/652)


@ عَلَيْهِ وأقامت مَعَه
923 - مَسْأَلَة إِذا وكل الْوَلِيّ بتزويج وليته وأحضر الْوَلِيّ شَاهدا لَا يَصح لِأَن الْوَكِيل نَائِبه فِي التَّزْوِيج فَكَأَنَّهُ أحضر شَاهدا وعاقدا وَلَو كَانَ لامْرَأَة إخْوَة فَزَوجهَا وَاحِد مِنْهُم بِرِضَاهَا بمشهد من الآخرين وأحضر الآخرين شُهُودًا قَالَ لَا يَصح عِنْدِي لأَنهم جَمِيعًا أَوْلِيَاء وَإِن صَحَّ العقد من وَاحِد مِنْهُم لِأَن الشَّرْع يَجْعَل هَذَا الْوَاحِد الَّذِي هُوَ مبَاشر نَائِبا عَن البَاقِينَ فِي أَدَاء حق توجه عَلَيْهِم بِدَلِيل أَنهم لَا يملكُونَ التَّزْوِيج من غير كفىء دون البَاقِينَ وَإِذا كَانُوا أَوْلِيَاء والمباشر كالنائب عَنْهُم لم تصح شَهَادَتهم قَالَ وَيحْتَمل غَيره وَمنع الْجَوَاز فِيمَا لَو زَوجهَا وَاحِد مِنْهُم بِرِضَاهَا من غير كفىء برضاء البَاقِينَ وَحضر الْبَاقُونَ شُهُودًا أظهر
924 - مَسْأَلَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَت امْرَأَة تَحت زوج جَاءَ رجل وَادّعى نِكَاحهَا أَنَّهَا امْرَأَتي فَقَالَت كنت زَوْجَة لَك وطلقتني فَهُوَ إِقْرَار بِالنِّكَاحِ فَتكون زَوْجَة للْمُدَّعِي قَالَ الإِمَام وَهَذَا لم يسمع فِيهَا إِقْرَار للزَّوْج الَّذِي هِيَ تَحْتَهُ فَأَما إِذا كَانَت أقرَّت لَهُ أَولا لَا تكون زَوْجَة للْأولِ بل تكون للثَّانِي وَكَذَلِكَ لَو زوجت من الثَّانِي بِرِضَاهَا لَا يقبل إِقْرَارهَا للْأولِ فِي إبِْطَال حق الثَّانِي كَمَا إِذا زوجت من رجل ثمَّ ادَّعَت رضَاعًا بَينهَا وَبَين زَوجهَا لَا يقبل إِن زوجت مِنْهُ بِإِذْنِهَا وَإِن زوجت دون إِذْنهَا يقبل وكما لَو بَاعَ رجل شَيْئا ثمَّ قَالَ كَانَ ملكا لفُلَان لَا يقبل إِقْرَاره لفُلَان
925 - مَسْأَلَة رجل زوج ابْنَته من رجل ثمَّ اخْتلفَا فَقَالَ الزَّوْج زوجتها مني بِغَيْر محْضر شَاهِدين قَالَ الْأَب زوجتها بِمحضر عَدْلَيْنِ قَالَ القَوْل قَول الزَّوْج مَعَ يَمِينه لِأَنَّهُ يَدعِي فَسَاد العقد وَالْقَوْل قَول من يَدعِي الْفساد وَهَذَا بِخِلَاف مَا قَالَ أَصْحَابنَا لَو قَالَ الزَّوْج كَانَ الشُّهُود فسقة يرْتَفع النِّكَاح بَينهمَا وَلَا يقبل قَوْله فِي حَقّهَا حَتَّى يجب لَهَا نصف الْمُسَمّى إِن كَانَ قبل

(2/653)


@ الدُّخُول وَكله إِن كَانَ بعده لِأَن صُورَة تِلْكَ الْمَسْأَلَة أَن يكون ثمَّة شَاهِدَانِ عَدْلَانِ يَشْهَدَانِ على النِّكَاح وَالزَّوْج يُنكر عدالتها فَإِن لم يكن بل الزَّوْج يَقُول عَقدنَا بمشهد الفسقة وَهِي تَقول بمشهد الْعُدُول فَالْقَوْل قَول الزَّوْج مَعَ يَمِينه على الْإِطْلَاق نَظِيره إِذا قَالَ البَائِع بِعْت بيعا صَحِيحا وَقَالَ المُشْتَرِي بل فَاسِدا فَالْقَوْل قَول من يَدعِي بِالْفَسَادِ فَإِن كَانَ ثمَّة شَاهِدَانِ يَشْهَدَانِ على صِحَة البيع وَالْبَائِع يُنكر لَا يقبل إِنْكَاره على المُشْتَرِي وَعَلِيهِ الْيَمين وَلَكِن فِي ملك الْعين يكون كمن فِي يَده مَال فَقَالَ لَيْسَ هَذَا لي هَل يتْرك فِي يَده أم ينتزع من يَده وَجْهَان فَلَو مَاتَ الزَّوْج قبل الدُّخُول بِهَذِهِ الْمَرْأَة يَدعِي مَا يَدعِي الْأَب فَلَا يجوز لَهَا أَن تنكحه وَإِن أنْكرت قَول الْأَب يجوز فإقرار الْأَب على الْبكر مسموع بِالنِّكَاحِ وَإِن أنْكرت هِيَ أما فِي تَحْرِيمهَا على أبي الزَّوْج لَا يسمع غير أَنه لَا يجوز لأَبِيهَا أَن يعْقد العقد مَعَ أبي الزَّوْج الأول لِأَن بِزَعْمِهِ أَن نِكَاح الابْن صَحِيحا وَهِي مُحرمَة على الْأَب قَالَ ويزوجها السُّلْطَان من أبي الزَّوْج وَتجْعَل هَذِه الْحَالة من أَبِيهَا كالقسم وَكَذَلِكَ لَو خطب الْمَرْأَة كفؤ فَقَالَ أَبُو الْمَرْأَة الْخَاطِب أَخُوهَا من الرَّضَاع وَالْمَرْأَة تنكر الرَّضَاع وتطلب التَّزْوِيج لَا يقبل قَول وَليهَا فِي حَقّهَا ويزوجها القَاضِي مِنْهُ
926 - مَسْأَلَة إِذا جَاءَ رجل إِلَى القَاضِي وَقَالَ إِن فُلَانَة أَذِنت لَك فِي تَزْوِيجهَا مني فاعتمد القَاضِي جَازَ تَزْوِيجهَا مِنْهُ فَإِن اتهمته لم يكتف بالتحليف وَلم يُزَوّج إِلَّا بِبَيِّنَة تقوم على الْإِذْن وَلَو قَالَ وَكلتك فَلَا يَصح مِنْهَا التَّوْكِيل
927 - مَسْأَلَة إِذا قَالَت الْمَرْأَة انْقَضتْ عدتي من خمسين يَوْمًا ثمَّ لما استفصلت لم يكن فِي تفصيلها انْقِضَاء لَا يقبل تفصيلها بعد النِّكَاح فَإِن كَانَ هَذَا التَّفْصِيل بعد موت الزَّوْج الثَّانِي يقبل قَوْلهَا فِي حرمَان الْمِيرَاث من الثَّانِي وَالله أعلم
928 - مَسْأَلَة إِذا زوج الْأَخ أُخْته ثمَّ ادَّعَت الْمَرْأَة بِأَنِّي لم آذن لَهُ يقبل قَوْله إِذا كَانَت قبل التَّمْكِين وَلَو استؤذنت فزوجت ثمَّ ادَّعَت أَنِّي كنت يَوْم

(2/654)


@ الْإِذْن صَغِيرَة يقبل قَوْلهَا وَلَو زَوجهَا الْوَلِيّ بِخمْس مائَة فادعت بعده بِأَنِّي كنت أَذِنت فِي تزويجي بِأَلف يقبل قَوْلهَا وَيحْتَاج الزَّوْج إِلَى إِثْبَات إِذْنهَا بِخمْس مائَة بِالْبَيِّنَةِ
929 - مَسْأَلَة إِذا وكل بِالتَّزْوِيجِ بِمِائَة دِينَار تَنْصَرِف إِلَى أَعم نقود الْبَلَد فَإِن كَانَ فِي الْبَلَد نقود مستوية فَلَا بُد من أَن يعين نَقْدا حَتَّى يَصح التَّوْكِيل وَالتَّزْوِيج وَلَا بُد من علم الشُّهُود بِأَن الْعَاقِد وَكيل حَتَّى لَو قَالَت زوجت ابْنة فلَان وَلم يعلم الشُّهُود أَنه وَكيله لَا يَصح مَا لم يقل إِنِّي وَكيل فلَان بِالتَّزْوِيجِ
930 - مَسْأَلَة إِذا عقد النِّكَاح سرا بِأَلف ثمَّ عقدوا عَلَانيَة بِأَلفَيْنِ فَقَالَ الْخَاطِب حَالَة العقد هَذَا عقد تكْرَار وَقد عَقدنَا مرّة لَيْسَ لمن شهد العقد الثَّانِي أَن يشْهدُوا على مهر العقد الثَّانِي
931 - مَسْأَلَة إِذا غَابَ الزَّوْج العَبْد عَن زَوجته الْأمة وَانْقطع خَبره فعتقت لَهَا أَن تفسخ النِّكَاح بِخِيَار الْعتْق
932 - مَسْأَلَة إِذا أَرَادَت الْمَرْأَة تَزْوِيج أمتها من عَبدهَا فولي التَّزْوِيج وَليهَا فَإِن كَانَ وَليهَا غَائِبا قَالَ يُزَوّجهَا القَاضِي بِإِذن السيدة كَمَا يُزَوّج بِإِذْنِهَا غيبَة وَليهَا
933 - مَسْأَلَة إِذا وكل الْوَلِيّ رجلا بتزويج ابْنَته ثمَّ أحضر شَاهدا لَا يجوز وَلَو أذن لعَبْدِهِ فِي النِّكَاح أَو الْوَلِيّ أذن للمحجور عَلَيْهِ بالسفه فِي النِّكَاح ثمَّ احضر السَّيِّد أَو الْوَلِيّ شَاهدا قَالَ لَا يجوز لِأَن السَّيِّد وَولي الْمَحْجُور عَلَيْهِ لَيْسَ بعاقد وَلَا نَائِب عَن الْعَاقِد بِخِلَاف الْوَكِيل الْوَلِيّ
934 - مَسْأَلَة وكل وَكيلا لتزويج بمسمى فَزَوجهَا الْوَلِيّ وَلم تسم الْمهْر لَا يَصح النِّكَاح وَإِن قَالَت الْمَرْأَة تزَوجنِي على ذَلِك الْمُسَمّى فَالنِّكَاح صَحِيح وَقَالَ الزَّوْج بل بِلَا مُسَمّى فَلَا نِكَاح بَينهمَا بقول الزَّوْج وَلَو أَقَامَ كل وَاحِد بَينه بِنَحْوِ مَا يَدعِيهِ فَالنِّكَاح صَحِيح بقول الزَّوْج وَلها الْمُسَمّى لِأَن عِنْد بينتها زِيَادَة علم

(2/655)


@ وَإِن لم تكن بَيِّنَة وَأنكر الزَّوْج صِحَة العقد وَأقر بِصُورَة العقد فَالْقَوْل قَول الزَّوْج فِي نفي الْمهْر كَمَا أَن القَوْل قَوْله فِي نفي العقد كَمَا فِي البيع لَو ادّعى أَحدهمَا فَسَاد العقد كَانَ القَوْل قَوْله فِي نفي العقد وَالثمن جَمِيعًا
935 - مَسْأَلَة قَالَ إِذا أذن لعَبْدِهِ فِي النِّكَاح فَذهب وَجعل رقبته صَدَاقا يحْتَمل أَن يُقَال لَا يَصح النِّكَاح لِأَن العَبْد مَعَ كَونه من أهل النِّكَاح لَا يَصح نِكَاحه لِأَن مُؤَن النِّكَاح تتَعَلَّق بمالية الْمولى وَهُوَ لم يرض وَهَاهُنَا أضَاف إِلَى مَالِيَّة لم يرض بِهِ الْمولى وَكَذَلِكَ لَو قبل عينا من أَعْيَان مَال الْمولى بِخِلَاف مَا لَو قبل على خمر أَو خِنْزِير صَحَّ وَيتَعَلَّق مهر الْمثل بِكَسْبِهِ لِأَن السَّيِّد قد رضى يتَعَلَّق مهر الْمثل بِكَسْبِهِ وَيحْتَمل أَن يُقَال هَاهُنَا أَيْضا صَحَّ وَيتَعَلَّق الْمهْر بِكَسْبِهِ قَالَ وَلَا فرق بَين أَن يتَزَوَّج حرَّة أَو أمة بِخِلَاف مَا لَو أذن لَهُ فِي أَن ينْكح حرَّة وَيجْعَل رقبته صَدَاقا فَفعل لم يَصح النِّكَاح لِأَن الِانْفِسَاخ يَقع مَعَ الِانْعِقَاد وَهُوَ ملك رَقَبَة الزَّوْج وَهَاهُنَا تَسْمِيَة الرَّقَبَة تلغو فَيجب مهر الْمثل وثمة لَا يُمكن أَن يلغى إِذن الْوَلِيّ فَلَا وَجه إِلَّا بطلَان النِّكَاح
936 - مَسْأَلَة إِذا أقرّ الْأَب أَن بَين ابْنَته وخاطبها أخوة من الرَّضَاع ثمَّ رَجَعَ قَالَ وَجب أَن يجوز لَهُ تَزْوِيجهَا مِنْهُ بل يجْبر لِأَن أخوة الرَّضَاع بِمُجَرَّد قَوْله لم يثبت وَالتَّزْوِيج من الكفؤ أَمر وَجب عَلَيْهِ لابنته وبدعواه الرَّضَاع فَهُوَ بِمَنْزِلَة امْتِنَاعه من حق يَدعِي عَلَيْهِ بالإنكار فاذا أقرّ بعد الْإِنْكَار يقبل وَيلْزم قَالَ وَلَو لم يرجع عَن إِقْرَاره بل هُوَ مصر على دَعْوَى الرَّضَاع وَجب أَن يُجِيز لِأَن تُوجد الْحق لَهَا عَلَيْهِ بِالتَّزْوِيجِ ثَابت وبدعواه لم يثبت الرَّضَاع فَإِن امْتنع فَهُوَ عاضل يُزَوّجهَا القَاضِي
937 - مَسْأَلَة الْوَلِيّ الَّذِي يحْتَاج إِلَى إِذن الْمَرْأَة فِي النِّكَاح لَو وكل قبل أَن يسْتَأْذن من الْمَرْأَة فِي التَّزْوِيج لَا يجوز وَلَو أَذِنت لَهُ الْمَرْأَة فِي التَّزْوِيج مُطلقًا ثمَّ أَرَادَ الْوَلِيّ أَن يُوكل بِالتَّوْكِيلِ وَجْهَان وَالأَصَح جَوَازه وَلما لم يكن للْمَرْأَة وَكيل سوى الْحَاكِم فالحاكم أَمر بتزويجها رجلا قبل الاسْتِئْذَان مِنْهَا ثمَّ ذَلِك الرجل

(2/656)


@ اسْتَأْذن مِنْهَا وَزوجهَا هَل يَصح قَالَ هَذَا بينى على أَن القَاضِي إِذا أناب رجلا فِي أَمر خَاص من إِيجَاب أَو سَماع شَهَادَة مَا حكمه قَالَ الْقفال يجوز وَقَالَ أَصْحَابنَا هَذَا يبْنى على جَوَاز الِاسْتِخْلَاف فِي الْأَمر الْعَام وَفِيه كَلَام فَإِن قُلْنَا هُوَ كالاستخلاف يجوز هَاهُنَا وَيكون توليه من القَاضِي كَمَا أذن لَهُ مُطلقًا فِي التَّزْوِيج القَاضِي وَإِن لم نجعله كالاستخلاف فَيكون كالتوكيل من الْوَلِيّ لَا يجوز إِلَّا بعد أَن تَأذن الْمَرْأَة للْقَاضِي
938 - مَسْأَلَة إِذا كَانَ الْوَلِيّ غَائِبا إِلَى مَسَافَة الْقصر جَازَ للْقَاضِي تَزْوِيج الْمَرْأَة بِإِذْنِهَا فَلَو زَوجهَا القَاضِي ثمَّ حضر الْوَلِيّ عَن قريب بِحَيْثُ يعرف أَنه كَانَ قد قرب من الْبَلَد وَقت العقد قَالَ النِّكَاح غير مُنْعَقد حَتَّى يعْقد الْوَلِيّ
939 - مَسْأَلَة رجل ادّعى نِكَاح امْرَأَة فأقرت لَهُ أَنَّهَا زَوجته مُنْذُ سنة وَجَاء آخر وَأقَام بَيِّنَة أَنَّهَا زَوجته نَكَحَهَا مُنْذُ شهر قَالَ يحكم للْمقر لَهُ لما ثَبت بإقرارها النِّكَاح لفُلَان فَمَا لم يثبت طَلَاقا لفُلَان وَهُوَ الأول لَا حكم للنِّكَاح الثَّانِي
940 - مَسْأَلَة إِذا تحاكم رجل وَامْرَأَة إِلَى إِنْسَان ليزوجها مِنْهُ قُلْنَا يجوز التَّحْكِيم وَكَانَت الْمَرْأَة بكرا فَقَالَ لَهَا الْمُحكم حكمتني لأزوجك مِنْهُ فَسَكَتَتْ كَانَ سكُوتهَا إِذْنا كالمولى يستأذنها فِي النِّكَاح يَكْتَفِي بسكوتها
941 - مَسْأَلَة رجل وَامْرَأَة حضرا القَاضِي فاستدعت الْمَرْأَة أَن يُزَوّجهَا مِنْهُ وَقَالَت كنت زَوْجَة لفُلَان الْغَائِب فطلقني وَانْقَضَت عدتي أَو مَاتَ قَالَ القَاضِي لَا يُزَوّجهَا حَتَّى تقيم حجَّة على الطَّلَاق أَو الْمَوْت لِأَنَّهَا أقرب بِالنِّكَاحِ لفُلَان فَإِن شهد شَاهِدَانِ بالإستفاضة على الطَّلَاق لَا يجوز وعَلى الْمَوْت يجوز فَلَو لم يقم بَيِّنَة وَلَكِن القَاضِي يعلم موت الزَّوْج أَو طَلَاقه فَهَل يُزَوّج فَهُوَ كالقضاء بِعلم
942 - مَسْأَلَة إِذا أَذِنت بِالتَّزْوِيجِ بِأَلف فَزَوجهَا بِخَمْسِمِائَة لَا يَصح

(2/657)


@ فَلَو مَضَت مُدَّة وَادعت الْمَرْأَة الْألف فَقَالَ الزَّوْج أَنِّي نكحت على خَمْسمِائَة وَأَنت أَذِنت بِخَمْسِمِائَة فَقَالَت لم آذن إلابالألف فَالْقَوْل قَوْلهَا مَعَ يَمِينهَا كَمَا لَو اخْتلفَا فِي أصل الْإِذْن بِخِلَاف مَا لَو اخْتلفَا فَقَالَ الزَّوْج نكحتك على خَمْسمِائَة وَقَالَت على ألف يَتَحَالَفَانِ لِأَن ثمَّة اتِّفَاقًا على صِحَة العقد وكل وَاحِد يَدعِي صِحَّته على غير الْوَجْه الَّذِي يَدعِيهِ الآخر وَهَاهُنَا لَا يتَّفقَا على الصِّحَّة وَالْمَرْأَة تَدعِي عدم الْإِذْن وَفَسَاد العقد
943 - مَسْأَلَة وَلَو أَذِنت بِأَلف ثمَّ عِنْد العقد قيل لَهَا بِخَمْسِمِائَة فَسَكَتَتْ وَهِي بكر فَهُوَ إِذن وَإِن قيل لأمها لعقد بِخَمْسِمِائَة فَقَالَت اعقدوا وَالثَّيِّب حَاضِرَة سَاكِنة فعقد بِخَمْسِمِائَة لَا يَصح لِأَن سكُوتهَا إِنَّمَا يكون إِذْنا إِذا كَانَ الْخطاب مَعهَا
944 - مَسْأَلَة إِذا أقرَّت الْمَرْأَة بِالنِّكَاحِ لغير كفؤ فَلَا اعْتِرَاض للْوَلِيّ لِأَنَّهُ لَا حق للْوَلِيّ فِي دوَام العقد فَإِن قَالَ أَنا مَا رضيت بِالْعقدِ لَا يقبل كَمَا لَو أمرت بِالنِّكَاحِ وَأنكر الْوَلِيّ لَا يقبل إِنْكَاره
945 - مَسْأَلَة وَلَو وكل بتزويجها بِشَرْط أَن يحلف الزَّوْج بِطَلَاقِهَا بعد النِّكَاح أَن لَا يشرب الْخمر قَالَ يَصح النِّكَاح لِأَن الشَّرْط بعد النِّكَاح وَإِن قَالَ لَا يُزَوّجهَا إِذا لم يحلف وَجب أَن لَا يَصح بِشَرْط الْكفَالَة وَإِن قَالَ فِي الْكفَالَة وَكلتك بِشَرْط أَن يتكفل فلَان الصَدَاق بعد العقد وَجب أَن يَصح التَّزْوِيج
946 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ الْوَلِيّ للخاطب دخترمرا بنكاحكي بجند بني فَقَالَ الْخَاطِب نِكَاح كردم انْعَقَد النِّكَاح وَإِن لم يقبل الْوَلِيّ بتودادم كَمَا لَو قَالَ تزوج ابْنَتي فَقَالَ تزوجت انْعَقَد

(2/658)


- مَسْأَلَة إِذا وكل رجلا فَقَالَ وَكلتك فزوج ابْنَتي إِذا طَلقهَا زَوجهَا قَالُوا صَحَّ وَلَو قَالَ وَكلتك باعتاق عبد إِن اشْتَرَيْته وَجب أَن لَا يَصح لِأَن الْمُتَصَرف فِيهِ غير مُتَعَيّن بِخِلَاف الأوليبن وَلَو قَالَ وَكلتك بتزويج الْحمل الَّذِي فِي بطن زَوْجَتي وَجب أَن لَا يَصح لِأَنَّهُ غير مَعْلُوم
948 - مَسْأَلَة إِذا زوجت امْرَأَة بِالْوكَالَةِ ثمَّ أنكر الْوَلِيّ التَّوْكِيل وَالْمَرْأَة لَا تَقول شَيْئا فَالْقَوْل قَول الْوَلِيّ لِأَنَّهُ لم يُوكل وَإِن أقرَّت الْمَرْأَة بِالنِّكَاحِ قبل قَوْلهَا
949 - مَسْأَلَة إِذا وكل وَكيلا بِبيع جَارِيَته ووكل آخر بتزويجها فوقعا مَعًا قَالَ يَصح التَّزْوِيج وَلَا يَصح البيع لِأَن التَّزْوِيج لَو طَرَأَ بعد البيع فِي زمَان الْخِيَار صَحَّ وَوَقع البيع حَتَّى لَو وَقع تَزْوِيج الْوَكِيل فِي زمَان الْخِيَار يَصح وَيبْطل البيع وَذَلِكَ أَن يكون التَّوْكِيل بعد البيع فَإِن وكل بِالتَّزْوِيجِ ثمَّ بَاعهَا فيعزل الْوَكِيل وَإِن كَانَ الْخِيَار بَاقِيا فَلَا يَصح تَزْوِيجه لغيره ثمَّ قَالَ قلت إِذا وكل وَكيلا للْبيع جَارِيَة وَآخر بتزويجها ثمَّ بَاعهَا الْوَكِيل فَلَا يَجْعَل كالتزويج فِي زمَان الْخِيَار لِأَن فِي التَّوْكِيل الْخِيَار يثبت للْوَكِيل لَا للْمُوكل لِأَن تَزْوِيج الْمَالِك فِي زمَان الْخِيَار إِنَّمَا يكون فسخا لطريقه على البيع مِمَّن لَهُ الْخِيَار أما إِذا وَقعا لَا يَجْعَل كَمَا لَو طَرَأَ على زمَان الْخِيَار كَمَا لَو وكل وكيلين بِالْبيعِ فباعا من رجلَيْنِ مَعًا لَا يَصح وَلَو بَاعَ الْمَالِك ثمَّ بَاعه فِي زمن الْخِيَار من آخر رفع الأول وَصَحَّ الثَّانِي
950 - مَسْأَلَة إِذا وكل الْمُسلم ذِمِّيا ليقبل لَهُ نِكَاح مسلة لَا يجوز وَلَو وَكله ليقبل لَهُ نِكَاح نَصْرَانِيَّة يجوز لِأَن الذِّمِّيّ يقبل لنَفسِهِ نِكَاح النَّصْرَانِيَّة قَالَ وَكَذَلِكَ لَو وكل نَصْرَانِيّ مُسلما ليقبل لَهُ نِكَاح نَصْرَانِيَّة يجوز وَلَو وكل مُسلما ليقبل لَهُ نِكَاح مَجُوسِيَّة لَا يجوز لِأَن نِكَاح الْمَجُوسِيَّة فِي الْإِسْلَام لَا يجوز وَهَذَا بِخِلَاف مَا لَو وكل رجلا مُوسِرًا لَهُ زَوْجَة ليقبل لَهُ نِكَاح أمة يجوز وَإِن كَانَ لَا يجوز للموسر نِكَاح الْأمة بِنَفسِهِ لِأَنَّهُ من أهل النِّكَاح وَالْأمة فِي الْجُمْلَة وَإِن لم يُمكنهُ فِي الْحَال الْمَعْنى فِيهِ فَهُوَ كَرجل لَهُ أَربع نسْوَة وَكله رجل ليقبل نِكَاح أُخْته

(2/659)


@ وَالْكَافِر لَيْسَ بِأَهْل لنكاح الْمسلمَة بِحَال فَهُوَ كَالْعَبْدِ لما لم يكن أَهلا للتزويج لم يجزىء أَن يكون وَكيلا فِي التَّزْوِيج
951 - مَسْأَلَة إِذا كَانَ لرجل ابنتان فَخَطب رجل الْكُبْرَى مِنْهُمَا ثمَّ عِنْد العقد زوج الصُّغْرَى قَالَ صَحَّ العقد لوُجُود الْإِشَارَة وَالتَّسْمِيَة وَالْخطْبَة الأولى كَأَن لم تكن كَمَا لَو قَالَ زَوجنِي ابْنَتك الْكُبْرَى بِأَلف فَقَالَ زَوجتك ابْنَتي الصُّغْرَى بِأَلف فَقَالَ قبلت صَحَّ فِي الصُّغْرَى هَذَا إِذا كَانَ الزَّوْج عَالما بِأَن الَّتِي يقبل نِكَاحهَا هِيَ الصُّغْرَى فَإِن كَانَ يظنّ الَّتِي يقبل نِكَاحهَا هِيَ الْكُبْرَى يَصح فِي الظَّاهِر أما فِي الْبَاطِن فِيهِ نظر قَالَ وَقد رَأَيْت هَكَذَا فِي التَّجْرِيد
952 - مَسْأَلَة إِذا تزوج امْرَأَة على أَنَّهَا بكر فَلم يكن فَفِي صِحَة النِّكَاح قَولَانِ أصَحهمَا أَنه يَصح وَللزَّوْج الْخِيَار فَلَو اخْتلفَا فَقَالَت الْمَرْأَة كنت بكرا فَزَالَتْ الْبكارَة عنْدك وَقَالَ بل كنت ثَيِّبًا فَالْقَوْل قَوْلهَا مَعَ يَمِينهَا فِي سد بَاب الْفَسْخ مَعَ يَمِينهَا وَالْقَوْل قَول الزَّوْج فِي نفي الْإِصَابَة لَا يجب وَلَو قَالَت كنت بكرا فافتضيستني وَقَالَ الزَّوْج كنت ثَيِّبًا فَالْقَوْل قَوْلهَا فِي سد بَاب الْفَسْخ مَعَ يمنها كَمَال الْمهْر فالزوج اسْتَفَادَ ليمينه سُقُوط نصف الْمهْر وَالْمَرْأَة استفادت سد بَاب الْفَسْخ
953 - مَسْأَلَة قَالَ ابْن الْبَزَّاز والمحترف لَا يكون كفئا لِابْنِهِ الْعَالم فَإِن كَانَ ابْن الْبَزَّاز عفيفا وَابْنَة الْعَالم غير عفيفة لَا تكون أَيْضا كفئا لشرف نَسَبهَا وَكَذَلِكَ ابْن الْعَالم إِذا كَانَ فَاسِقًا لَا يكون كفئا لبِنْت الْبَزَّار لعفتها فَإِن الْفسق والعفاف يُرَاعى فِي الزَّوْجَيْنِ وَفِي الْآبَاء والحرفة تراعى فِي الْآبَاء وَفِي الزَّوْج أَيْضا حَتَّى أَن ابْن الإسكاف لَا يكون كفئا لبِنْت التَّاجِر وَلَو كَانَ الابْن إسكافيا وَأَبوهُ تَاجِرًا لَا يكون كفئا لبِنْت التَّاجِر وَلَو كَانَ الزَّوْجَانِ عفيفين وَأَبُو الزَّوْج فَاسِقًا وَأَبُو الْمَرْأَة عدلا وَجب أَن لَا يكون كفئا لِأَن يفسق الْأَب أشفع من حرفته الدِّينِيَّة
954 - مَسْأَلَة إِذا زوج أمته من إِنْسَان ثمَّ وكل الزَّوْج بِإِعْتَاق الْأمة فَقَالَ

(2/660)


@ الزَّوْج لَهَا طَلقتك وَنوى الْعتْق يَقع الْعتْق وَلَا يَقع الطَّلَاق لِأَن اللَّفْظ صَار كِنَايَة عَن الْعتْق فَلَا يعْمل فِي الطَّلَاق قَالَ هَذَا إِذا علمنَا بِأَنَّهُ نوى الْعتْق بِأَن قَالَ وكلني بإعتاقها فَأَنا أعْتقهَا بِلَفْظ الطَّلَاق وَقَالَ طَلقهَا وَنوى الْعتْق فَإِن لم يعلم بِحكم فِي الظَّاهِر بِالطَّلَاق وَفِي الْبَاطِن بِالْعِتْقِ
955 - مَسْأَلَة لَا يجوز للْحرّ نِكَاح الْأمة إِلَّا بِشَرْطَيْنِ عدم طول الْحرَّة وَخَوف الْعَنَت فَلَو كَانَت تَحْتَهُ حرَّة قرناء أَو صَغِيرَة مَجْنُونَة أَو برصاء لَا يجوز لَهُ نِكَاح الْأمة قَالَ أما إِذا كَانَ قَادِرًا على رتقاء أَو قرناء أَو مجذومة أَو برصاء يجوز لَهُ نِكَاح الْأمة قَالَ وَالشّرط أَن يكون وَاحِد لطول حرَّة وَسقط حَتَّى لَو كَانَ يجد طول حرَّة عجوزة قبيحة يَنْبَغِي أَن تجْعَل كَالْعدمِ فِي جَوَاز النِّكَاح الْحرَّة كَمَا أَن الابْن يجب عَلَيْهِ إعفاف الْأَب بِامْرَأَة وسط
956 - مَسْأَلَة إِذا نكح العَبْد بِإِذن الْمولى فالمهر وَالنَّفقَة يتَعَلَّق بِكَسْبِهِ وَلَا يجب عَلَيْهِ الْكسْب لأجل الْمهْر كَالْحرِّ الْمُعسر إِذا كَانَ عَلَيْهِ دين لَا يجْبر على الْكسْب وَلها فسخ النِّكَاح بِسَبَب الْإِعْسَار وَللسَّيِّد إِجْبَاره على الْكسْب بِحَق الْملك ثمَّ مَا يحصل من كَسبه يصرف إِلَى الْمهْر وَالنَّفقَة فَلَو كَانَ كل يَوْم يكْسب خَمْسَة دَرَاهِم فتصرف إِلَى نَفَقَته وَنَفَقَة عِيَاله ثَلَاثَة دَرَاهِم وَيَأْخُذ الْمولى الْبَاقِي فَإِذا مَاتَ قبل أَدَاء الْمهْر فَهُوَ فِي ذمَّته يلقى الله بِهِ قَالَ وَيجوز لَهَا أَن تَأْخُذ من الْمولى مَا كَانَ تَأْخُذ من كسب العَبْد بعد النِّكَاح بِحَق الْمهْر وَكَذَلِكَ لَو كَانَ لم ينْفق عَلَيْهَا فلحق النَّفَقَة لِأَن ذَلِك كَانَ مقدما على حق الْمولى
957 - مَسْأَلَة وَلَو نكح العَبْد بِإِذن الْمولى فَأعْتقهُ الْمولى قبل أَدَاء الْمهْر فالمهر يكون فِي كَسبه فَلَو كَانَ اكْتسب فِي حَال رقّه شَيْء لَهُ صرفه إِلَى الْمهْر بعد الْعتْق وَإِن كَانَ السَّيِّد أَخذه فلهَا الرُّجُوع عَلَيْهِ بِقدر مَا أَخذ حَتَّى يتم مهرهَا
958 - مَسْأَلَة مَأْذُون من جِهَة القَاضِي فِي النِّكَاح أَتَاهُ رجلَانِ وَقَالا إِن فُلَانُهُ بنت فلَان أَذِنت لَك فِي تَزْوِيجهَا من فلَان بن فلَان بِكَذَا والمأذون لَا

(2/661)


@ يعرف تِلْكَ الْمَرْأَة ويعرفها الْخَاطِب وَالشُّهُود فزوج قَالَ يَصح بعد ذكر نَسَبهَا وَكَذَلِكَ القَاضِي بِنَفسِهِ وَلَو جَاءَ فَقِيه إِلَى القَاضِي وَقَالَ ائْذَنْ لي فِي تَزْوِيج امْرَأَة فِي محلتي وَالْقَاضِي لَا يعرف تِلْكَ الْمَرْأَة قَالَ إِن ذكر الْفَقِيه اسْمهَا ونسبها فَأذن القَاضِي جَازَ التَّزْوِيج وَإِن لم يذكر فَلَا
959 - مَسْأَلَة عبد ادّعى نِكَاح حرَّة فأقرت وَأنكر سيد العَبْد أَن يكون أذن لَهُ فَالْقَوْل قَوْله وَلَا يقبل إِقْرَار الزَّوْجَيْنِ بِخِلَاف الْمَرْأَة الْبكر إِذا أقرَّت بِالنِّكَاحِ لرجل وَلَا يتَصَوَّر وَأنكر الْوَلِيّ ثَبت النِّكَاح لِأَن تَزْوِيج الْمَرْأَة يتَصَوَّر من غير الْوَلِيّ بحيفه أَو عضله أَو نَحْوهمَا وَلَا يتَصَوَّر نِكَاح العَبْد دون إِذن مَوْلَاهُ
960 - مَسْأَلَة إِذا زوج الْأَب ابْنَته الْبكر بِغَيْر إِذْنهَا وَجعل صَدَاقهَا عرضا هَل يجوز قَالَ ينظر إِن كَانَت الْمَرْأَة صَغِيرَة يجوز لِأَن لَهُ أَن يتبع مَالهَا لغَرَض عِنْد النّظر وَإِن كَانَت الْمَرْأَة صَغِيرَة يجوز لِأَن لَهُ أَن يَبِيع مَالهَا لغَرَض عِنْد النّظر وَإِن كَانَت بَالِغَة فَلَا يجوز على أصح الْقَوْلَيْنِ الَّذِي لَا يجوز الْإِبْرَاء عَن صَدَاقهَا فَإِن قُلْنَا بقوله الفدا بِهِ يجوز لِأَنَّهُ إِنَّمَا رأى النّظر لَهَا فِيهِ ترغيبا للخطاب فبالعرض أَيْضا يجوز لِأَنَّهُ رُبمَا رأى النّظر لَهَا فِيهِ
961 - مَسْأَلَة امْرَأَة زوجت وَكَانَت مَعَ الزَّوْج مُدَّة ثمَّ ادَّعَت أَن بَيْننَا أخوة الرَّضَاع لَا يقبل قَوْلهَا
962 - مَسْأَلَة اشْترى جاريتين فادعتا أَن بَيْننَا إخْوَة الرَّضَاع للسَّيِّد يعتمدهما وَالِاخْتِيَار أَن لَا يجمع بَينهمَا
963 - مَسْأَلَة إِذا قَالَت للْوَكِيل زَوجنِي مِمَّن تختاره أُمِّي فَاخْتَارَتْ الْأُم زوجا وَالزَّوْج لم ينْكح لَا يجوز أَن يُزَوّجهَا مِمَّن تختاره الْأُم ثَانِيًا لِأَنَّهَا قَالَت مِمَّن

(2/662)


@ تخْتَار أُمِّي وَقد اخْتَارَتْ كَمَا لَو وَكله بِالْبيعِ فَبَاعَ ثمَّ رد عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ لَيْسَ لَهُ بَيْعه ثَانِيَة
964 - مَسْأَلَة قَالَ أَصْحَابنَا لوأن امْرَأتَيْنِ قدرت إِحْدَاهمَا ذكرا وَالْأُخْرَى أُنْثَى حرمت الْأُنْثَى على الذّكر لَا يجوز الْجمع بَينهمَا فِي النِّكَاح وَيجوز أَن يجمع بَين الْمَرْأَة وَزَوْجَة ابْنهَا بالِاتِّفَاقِ نَص الشَّافِعِي عَلَيْهِ رَضِي الله عَنهُ فَأَما الْجمع بَين زَوْجَة الْمَرْأَة وَزَوْجَة ابْنهَا قَالَ الشَّيْخ أَبُو عَليّ البوشنجي من عِنْده يجوز وَإِن كُنَّا لَو قَدرنَا أَحدهمَا ذكرا وَالْآخر أُنْثَى حرمت عَلَيْهِ الْأُنْثَى كَمَا تجوز الْمُصَاهَرَة وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح أَنه يجوز الْجمع قَالَ الإِمَام يُمكن أَن يُقَال لَا يجوز بَين الْمَرْأَة وَزَوْجَة ابْنهَا بِخِلَاف زَوْجَة ابْنهَا وحد الْأَصْحَاب مطرد فِي الْقَرَابَة والمصاهرة جَمِيعًا لِأَن المُرَاد مِنْهُ أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا لَو قدرناها ذكرا حرمت الْأُخْرَى عَلَيْهِ على الْإِطْلَاق فِي الْجَانِبَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا مَوْجُود فِي الْمَرْأَة وَزَوْجَة ابْنهَا لأَنا لَو قَدرنَا زَوْجَة الابْن ذكرا فَتكون بِمَنْزِلَة زَوْجَة الْبِنْت وَأم الْمَرْأَة حرَام على زوج الْبِنْت على الْإِطْلَاق وَإِن قَدرنَا الْأُخْرَى ذكرا فزوجة الابْن حرَام على الْإِطْلَاق وَإِن قَدرنَا الْأُخْرَى ذكرا فزوجة الابْن حرَام على الاب على الْإِطْلَاق وَهَذَا فِي الْمَرْأَة وَزَوْجَة ابْنهَا لَا يُوجد فِي الْجَانِبَيْنِ لأَنا لَو قَدرنَا زَوْجَة الْأَب ذكرا فَتكون بِمَنْزِلَة زوج الْأُم لَا تحرم عَلَيْهِ ابْنة امْرَأَته على الْإِطْلَاق فِيمَا لَا يُوجد الدُّخُول فَإِذا وجد الدُّخُول حرمت على التَّأْبِيد وَكنت أتصفح الْكتب هَل أجد فِيهِ قَول أحد فَعَثَرَتْ عَلَيْهِ فِي تَعْلِيق الشَّيْخ الإِمَام أبي مُحَمَّد الكويني فَكَانَ قد أَشَارَ إِلَى هَذَا الْمَعْنى فِي الْمَرْأَة وَزَوْجَة ابْنهَا وَلم يكن ذكر حكم الْمَرْأَة وَزَوْجَة ابْنهَا فَهَذَا الْمَعْنى يبين أَن الْجمع بَين الْمَرْأَة وَزَوْجَة ابْنَتهَا
965 - مَسْأَلَة رجل أعتق جَارِيَة ثمَّ الْمُعْتق أعتق جَارِيَة وللمعتقة ابْن صَغِير قَالَ ولَايَة تَزْوِيج الْمُعتقَة الْأَخير إِلَى مُعتق الْمُعتقَة لِأَنَّهُ ولي الْمُعتقَة فِي التَّزْوِيج
966 - مَسْأَلَة لَو وكل وَكيلا ليزوج ابْنَته بِأَلف فزوج بِأَقَلّ لم يَصح النِّكَاح وَلَو قَالَ زَوجهَا بِأَلف دِرْهَم وَجَارِيَة لم يصفها فَزَوجهَا بِأَلف وَلم يذكر

(2/663)


@ الْجَارِيَة لم يَصح وَلَو قَالَ زَوجهَا بِخَمْر أَو خِنْزِير وسمى مَجْهُولا فَزَوجهَا بِأَلف دِرْهَم من نقد الْبَلَد إِن كَانَ الْمُسَمّى قدر مهر مثلهَا صَحَّ النِّكَاح والمسمى وَإِلَّا فَلَا وَإِذا وكل وَكيلا فَقَالَ خَالع امْرَأَتي فخالع الْوَكِيل على غير نقد الْبَلَد لَا يَصح لِأَن مُطلق التَّوْكِيل يَقْتَضِي المخالعة بِنَقْد الْبَلَد
967 - مَسْأَلَة إِذا وكل بتزويج ابْنَته فَقَالَ لَا تزوج إِلَّا بِشَرْط أَن يتكفل فلَان صَدَاقهَا أَو قَالَ إِلَّا بِشَرْط أَن يرْهن عَبده الْفُلَانِيّ أَو قَالَ زَوجهَا بِشَرْط أَن تَأْخُذ كَفِيلا يَصح وعَلى الْوَكِيل أَن يشْتَرط فِي العقد الْكَفِيل وَالرَّهْن فَإِن لم يشْتَرط لَا ينْعَقد النِّكَاح وَكَذَلِكَ فِي البيع ثمَّ إِن شَرط الْوَكِيل فِي العقد فَلم يتكفل فلَان وَلَا رهن لَا خِيَار فِي النِّكَاح وَيثبت فِي البيع وَلَو قَالَ زَوجهَا بِأَلف وَخذ كَفِيلا أَو بِعْ بِأَلف وَخذ كَفِيلا فَالْبيع وَالنِّكَاح جَائِز بِلَا شَرط ثمَّ أَخذ الْكفَالَة أَمر فِي النِّكَاح لِأَنَّهُ شَرط عَلَيْهِ أَن يشرط فِي العقد بل أقرّ بأمرين وَلم يتَمَثَّل هُوَ أَحدهمَا وَلَو قَالَ لأتزوجها إِذا لم يتكفل فلَان وَجب أَن لَا يَصح التَّوْكِيل لِأَنَّهُ لَا صِحَة للوكالة وَالْكَفَالَة إِلَّا بعد العقد وَقد منع العقد إِلَّا بِالْكَفَالَةِ
968 - مَسْأَلَة إِذا استئذنت الْبكر فِي التَّزْوِيج من رجل معِين فَسَكَتَتْ أَو أَذِنت صَرِيحًا وَلم تعرف أَن الزَّوْج لَيْسَ بكفؤ بِأَن كَانَ فَاسِقًا أَو ابْن مولى صَحَّ النِّكَاح وَيثبت لَهَا حق الْفَسْخ
969 - مَسْأَلَة امْرَأَة تضرب صَبيا قَالَ لَهَا زَوجهَا لست بِمسلمَة فَقَالَت لَا لَا يكون هَذَا ردة لِأَن المُرَاد مِنْهُ لَيْسَ هُوَ الْكفْر لَكِن شَفَقَة الْإِسْلَام
970 - مَسْأَلَة لَو تزوج أم ولد فولده مِنْهَا فِي حكم أم الْوَلَد رَقِيق للسَّيِّد فَإِن كَانَ الزَّوْج حرا مِمَّن لَا يجوز لَهُ نِكَاح الْأمة فَالنِّكَاح فَاسد وَالْولد أَيْضا رَقِيق لِأَنَّهُ جهل بالحكم كَمَا لَو ظن الْحر أَنه إِذا نكح أمة يكون وَلَده مِنْهَا

(2/664)


@ حرا بحريَّته لَا يعْتَبر هَذَا الظَّن فَيكون الْوَلَد رَقِيقا أما إِذا كَانَ لَا يعرف أَنَّهَا أم ولد بل ظَنّهَا حرَّة فَهُوَ مغرور وَالْولد حر وَعَلِيهِ قِيمَته لمَالِكهَا
971 - مَسْأَلَة تَحْتَهُ مسلمة وذمية وَلم يدْخل بهما فَقَالَ للمسلمة ارتددت فَقَالَت مَا ارتددت وَقَالَ للذمية أسلمت فَقَالَت مَا أسلمت يرْتَفع نِكَاحهمَا أما الْمسلمَة فَلِأَنَّهَا ارْتَدَّت بزعم الزَّوْج وَأما الذِّمِّيَّة فَلِأَنَّهَا مسلمة بزعم الزَّوْج فقولها مَا أسلمت يكون ردة فيرتفع النكاحان بارتدادهما بزعم الزَّوْج
972 - مَسْأَلَة أمة نكحت فِي الشّرك عبدا فعتقت فِي الشّرك وَلم تفسخ العقد حَتَّى أسلمت لَهَا الْفَسْخ قَالَ يثبت لِأَنَّهَا تجْهَل بِحكم الْإِسْلَام وَلَو اعتقت بعد إسْلَامهَا فَقَالَت لم أعلم حكم الْإِسْلَام فِي ثُبُوت الْفَسْخ يقبل قَوْلهَا وَلها الْفَسْخ وَلَو علمت بِثُبُوت الْفَسْخ قبل الْإِسْلَام فأخرت وَجب أَن يبطل حَقّهَا فِي الْفَسْخ
973 - مَسْأَلَة إِذا تزوجت امْرَأَة على أَن يعلمهَا آيَة مَعْلُومَة جَازَ وَإِن تزَوجهَا على أَن يعلمهَا نصف آيَة تنصف بالحروف فَإِن كَانَ عِنْد التنصيف تتمّ الْكَلِمَة يَصح وَإِن كَانَ يتم التنصيف فِي أثْنَاء الْكَلِمَة أَو على تَمام الْكَلِمَة وَلَكِن لَا يجوز الْوَقْت عَلَيْهَا لَا يَصح وَيجب مهر الْمثل
بَاب الصَدَاق

الْمَرْأَة إِذا بعثت إِلَى الزَّوْج أَن يسلم الصَدَاق حَتَّى أسلم نَفسِي وَهِي مُحْتَملَة للجماع يجب للْمَرْأَة النَّفَقَة من الْآن فَإِن كَانَ الزَّوْج غَائِبا قَالَ يَنْبَغِي أَن يُقَال إِذا أخْبرت القَاضِي لَهُ حَتَّى أوجب لَهَا نَفَقَة يجب

(2/665)


- مَسْأَلَة رجل يُرِيد أَن يُزَوّج ابْنه امْرَأَة فَخَطَبَهَا لِابْنِهِ وتوافقا على العقد فَقبل أَن يعْقد العقد أهْدى إِلَيْهَا أَبُو الزَّوْج شَيْئا ثمَّ مَاتَ أَبُو الزَّوْج قبل العقد ثمَّ نَكَحَهَا ابْنه ثمَّ طَلقهَا قبل الزفاف واسترجع الْهَدَايَا فَتلك الْهَدَايَا هَل تكون مُشْتَركَة بَين الْوَرَثَة وَهل تكون مِيرَاثا من الْأَب لَهُم أجَاب تكون مِيرَاثا بَين الْكل لِأَن الْأَب أهْدى لأجل العقد وَلم يعْقد فِي حَيَاته فَيكون مِيرَاثا لوَرَثَة الْأَب
975 - مَسْأَلَة رجل أَخذ مَالا من يَد من لَا يعرف مِنْهُ إِلَّا الصّلاح وَأكله وَذَلِكَ المَال فِي الأَصْل كَانَ مَغْصُوبًا من آخر والآكل غيرعالم بِهِ فَهَل يُؤَاخذ وَكتب فَإِن أَخذ من يَد من تلطخ ظَاهره بالحرام وَهَذَا تنَاوله مِنْهُ أخذا بِالظَّاهِرِ وَالْمَال فِي الْبَاطِن لغيره هَل يُعَاقب بِهِ الْجَاهِل الْأَخْذ فِي الْآخِرَة وَهُوَ جَاهِل بِكَوْنِهِ للْغَيْر كتب نَخَاف أَن يُؤَاخذ
976 - مَسْأَلَة الضَّيْف مَتى يملك الطَّعَام فِيهِ أَرْبَعَة أوجه للعراقيين قَالَ وَلَعَلَّ فَائِدَته أَنه إِذا أَخذ اللُّقْمَة ليَأْكُل فَدفع إِلَى غَيره وَقُلْنَا يملك بِالْأَخْذِ وَجب أَن يجوز إِنَّمَا لَا تجوز إلقام الْغَيْر إِذا أَخذ ليلقم وَكَذَلِكَ لَو أتْلفه بعده وَيحْتَمل أَن يُقَال لَا يجوز أَن يلقم وَيضمن بِالْإِتْلَافِ وَإِنَّمَا نحكم لَهُ بِالْملكِ إِذا أكل فَتبين أَنه ملك فِي ذَلِك الْحَالة وَهُوَ حَالَة الْأَخْذ يكون اللاقم مَالِكًا
977 - مَسْأَلَة وَلَو دخل إِنْسَان دَار آخر فَقدم إِلَيْهِ طَعَاما هَل لَهُ أَن يَأْكُل من غير أَن يُصَرح بِالْأَكْلِ قَالَ الْأَصَح أَنه يجوز كَمَا لَو سبقت الدعْوَة والإمارة كالأذن وَقيل غَيره بِخِلَاف مَا لَو سبقتا الدعْوَة لِأَن الدعْوَة السَّابِقَة إِذن وَلم يُوجد هَاهُنَا
978 - مَسْأَلَة رجل قبل لِابْنِهِ الصَّغِير نِكَاح كَبِيرَة من بلد آخر وَمضى سنُون ثمَّ جَاءَت الْكَبِيرَة وَادعت على زَوجهَا الصَّغِير نَفَقَة مَا مضى من الزَّمَان قَالَ الصَّغِير إِذا تزوج بكبيرة هَل لَهَا نَفَقَة فِيهِ خلاف وَالْمذهب أَن لَهَا النَّفَقَة لِأَن الْمَنْع من قبله لَا من قبلهَا وَلَكِن هَاهُنَا لَا نفقه لَهَا لِأَن التَّمْكِين

(2/666)


@ لم يُوجد من جِهَتهَا وَالنَّفقَة تجب بالتمكين والتمكين أَن يبْعَث رَسُولا إِلَى ولي الصَّغِير أَن عَليّ التَّمْكِين وَلَا منع من قبلي فأد صَدَاقي وزن لي فَإِذا أرْسلت وأخبرته بذلك تسْتَحقّ النَّفَقَة فِي وَقت الْإِرْسَال وعَلى هَذَا لَو أَن كَبِيرا تزوج بكبيرة ثمَّ غَابَ زَوجهَا قبل الزفاف مُدَّة قبل أَن تعرض الْمَرْأَة نَفسهَا عَلَيْهِ لَا تسْتَحقّ النَّفَقَة إِلَّا إِذا أرْسلت رَسُولا إِلَى الزَّوْج أَن عَليّ التَّمْكِين فأد صَدَاقي وزق بِي حِينَئِذٍ تسْتَحقّ النَّفَقَة من ذَلِك الْوَقْت لِأَن التَّمْكِين لم يُوجد وَرَأَيْت فِي مَجْمُوع المجاملي أَن الْمَرْأَة إِذا لم تسلم نَفسهَا وَلَا الزَّوْج طَالب بهَا حَتَّى مَضَت مُدَّة لَا نَفَقَة لَهَا لِأَن التَّمْكِين لم يُوجد كَمَا لَو بَاعَ سلْعَة فَلم يسلم إِلَى المُشْتَرِي وَلَا طَالب بِهِ مُدَّة لَا يسْتَحق تَسْلِيم الثّمن إِلَيْهِ وَإِن كَانَت على صفة لَو طالبت بِالتَّسْلِيمِ سلمت كَالْبيع سَوَاء
979 - مَسْأَلَة إِذا قَالَت الْمَرْأَة للزَّوْج أَنا مَوْطُوءَة أَبِيك لَا يقبل قَوْلهَا إِذا كَانَ ذَلِك بعد التَّمْكِين أَو كَانَ التَّزْوِيج مِنْهُ بِإِذْنِهَا لَو خلعها الزَّوْج ثمَّ أَرَادَ أَن ينْكِحهَا لَا يجوز لِأَن نِكَاحهَا يكون بِإِذْنِهَا وَلَا يجوز لَهَا أَن تَأذن بعد الْإِقْرَار بِأَنَّهَا مَوْطُوءَة الْأَب
980 - مَسْأَلَة ضرب الدُّف فِي النِّكَاح جَائِز وَقت العقد أَو الزفاف قَرِيبا مِنْهُ من قبل وَمن بعد
فِي الْقسم إِذا خرج بِوَاحِدَة بِالْقُرْعَةِ ثمَّ نوى الْمقَام فِي بلد قَالَ نظر إِن نوى فَقَوْلَانِ وَإِن فَارقهَا خلال أَيَّام الزفاف ثمَّ نَكَحَهَا قَالَ إِن قُلْنَا لَا يَتَجَدَّد لَهَا حق الزفاف فِي مقْصده يقْضِي مَا بعده وَفِي الرُّجُوع وَجْهَان وَإِن نوى قبل مقصدة يقْضِي مُدَّة مقَامه فِي ذَلِك الْبَلَد ثمَّ إِذا خرج إِلَى مقْصده هَل يقْضِي مُدَّة ذَهَابه إِلَى مقْصده يحْتَمل أَن يكون على وَجْهَيْن كالرجوع وَيحْتَمل أَن يقْضِي
981 - مَسْأَلَة إِذا نكح جَدِيدَة وَتَحْته أُخْرَى يخص الجديدة بِسبع إِن كَانَت بكرا وبثلاث إِن كَانَت ثَيِّبًا فَإِذا فَارق الجديدة بعد مَا أوفى لَهَا السَّبع أَو

(2/667)


@ الطَّلَاق حق الزفاف ثمَّ نَكَحَهَا هَل يَتَجَدَّد لَهَا حق الزفاف ليكمل لَهَا بَقِيَّة الْأَيَّام مثل إِن فَارق الْبكر بعد مُضِيّ ثَلَاثَة أَيَّام يَخُصهَا بأَرْبعَة أَيَّام فِي النِّكَاح الثَّانِي وَإِن قُلْنَا يَتَجَدَّد لَهَا حق الزفاف فيبت عِنْدهَا سبعا إِن كَانَت بكرا وَثَلَاثًا إِن كَانَت ثَيِّبًا وَمَا بَقِي من الْأَيَّام فِي العقد الاول لَا يقْضِي فِي الثَّانِي لِأَنَّهُ إِذا فَارقهَا قبل مُضِيّ حق الزفاف لم يبْق لَهَا حق وَلَو نَكَحَهَا أول مرّة وَهِي بكر فافتضها وفارقها بعد ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ نَكَحَهَا ثَانِيًا إِن قُلْنَا لَا يَتَجَدَّد لَهَا حق الزفاف يبيت عِنْدهَا أَرْبعا وَإِن قُلْنَا يَتَجَدَّد يبيت عِنْدهَا ثَلَاثًا قَالَ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِك لأَنا إِن قُلْنَا لَا يَتَجَدَّد لَهَا حق الزفاف بنينَا حق العقد الثَّانِي على الأول وَقد بَقِي لَهَا فِي العقد الأول أَربع فيتمها وَإِن قُلْنَا يَتَجَدَّد قَطعنَا الثَّانِي عَن الأول وَفِي العقد الثَّانِي هَل يبيت وَلَا حق لَهَا إِلَّا فِي الثَّلَاث أما إِذا نكح جَدِيدَة فَلم يَخُصهَا بالسبع وَالثَّلَاث عَلَيْهِ أَن يَقْضِيهَا لَهَا وَإِن طَالَتْ الْمدَّة فَإِن فَارقهَا بعد مَا صَار ذَلِك قَضَاء عَلَيْهِ ثمَّ نَكَحَهَا إِن قُلْنَا لَا يَتَجَدَّد لَهَا حق الزفاف فِي النِّكَاح الثَّانِي يجب أَن يقْضِي لَهَا حق الزفاف الَّذِي يحسبها فِي العقد الأول سَوَاء كَانَت الْقَدِيمَة فِي نِكَاحه أَو أُخْرَى جَدِيدَة بِخِلَاف حق الْقسم إِذا ظلم وَاحِدَة ثمَّ فَارق المظلومة ثمَّ نَكَحَهَا والقديمة الَّتِي ظلمها بِسَبَبِهَا لم تكن فِي نِكَاحه لَا يقْضِي للمظلومة وَالْفرق أَن حق الزفاف ثَابت للجديدة من غير أَن يكون مضرا بهَا بِإِزَاءِ وَذَلِكَ حق بِدَلِيل أَنه إِذا نكح جَدِيدَة على قديمَة وَلم يوفها حق الزفاف حَتَّى نكح ثَالِثَة فيوفي للجديدة الأولى حق الزفاف بعد نِكَاح الثَّالِثَة وَإِن كَانَ يجوز الْقَضَاء لَهَا إِذا لم تكن الظالمة فِي نكاحيه لِأَن فِيهِ إِلْحَاق الضَّرَر بِغَيْر الظالمة إِلَّا أَن فِي قَضَاء حق الزفاف فِي النِّكَاح الثَّانِي إِذا كَانَت الْقَدِيمَة فِي نِكَاحه وَكَانَ فِي أَيَّام زفاف الجديدة فِي العقد الأول بَات عِنْد الْقَدِيمَة يجب عَلَيْهِ بعد قَضَاء حق الزفاف للجديدة أَن يقْضِي لَهَا من أَيَّام الظالمة مثل مَا بَات عِنْدهَا قَضَاء حق الزفاف بِحَق يبيت لَهَا على الْخُصُوص وَقَضَاء أَيَّام الظُّلم لتخصيص الْقَدِيمَة بالقسم وَإِن قُلْنَا يَتَجَدَّد

(2/668)


@ لَهَا حق الزفاف فَإِن كَانَت الْقَدِيمَة فِي نِكَاحه عَلَيْهِ أَن يخص الجديدة بِحَق الزفاف مرَّتَيْنِ إِن كَانَت بكرا فِي النكاحين فبأربعة عشر يَوْمًا وَإِن كَانَت ثَيِّبًا فبستة أَيَّام وَإِن كَانَت فِي أحد النكاحين بكرا فبعشرة أَيَّام وَإِن لم تكن الْقَدِيمَة فِي نِكَاحه بل كَانَت عِنْده أُخْرَى فيخص الجديدة بِحَق الزفاف للْعقد الثَّانِي وَهل يقْضِي لَهَا حق الزفاف للْعقد الأول قَالَ يحْتَمل أَن يقْضِي وَهُوَ الْأَصَح كَمَا قلت على الْوَجْه الأول لِأَن حق الزفاف لَا يَتَجَدَّد وَلِأَن حق الزفاف ثَابت لَهَا من غير أَن يكون يضر بهَا بإزاءه شَيْء فَلَا يكون ظلما وَيحْتَمل أَن يُقَال لَا يقْضِي لِأَن كل امْرَأَة قديمَة نكحت عَلَيْهَا جَدِيدَة لَا يثبت لَهَا فِي عقد وَاحِد إِلَّا حق زفاف وَاحِد وَقد أوفى لَهَا حق زفاف هَذَا العقد بِخِلَاف مَا لَو كَانَت الْقَدِيمَة تَحْتَهُ يقْضِي لِأَنَّهُ حق زفاف عقدين وَقد يجوز أَن يثبت حق الزفاف مرَّتَيْنِ لامْرَأَة وَاحِدَة فِي عقدين على القَوْل الَّذِي يتحدد حق الزفاف
982 - مَسْأَلَة إِذا نكح جَدِيدَة فِي سفر نَقله فَإِذا عَاد يقْضِي للمتخلفات مُدَّة مقَامه مَعهَا دون حق الزفاف والانصراف قَالَ فَإِن ترك الجديدة فِي بلد وَفَارق هُوَ ذل الْبَلَد لَا يجب قَضَاء تِلْكَ الْأَيَّام للمتخلفات أما إِذا كَانَ مَعهَا فِي الْبَلَد وَلم يكن يبيت فِي بَيتهَا يجب الْقَضَاء كَمَا لَو سَافر بِوَاحِدَة بِلَا قرعَة يجب قَضَاء مُدَّة سفرها وَإِن كَانَ لَا يبيت فِي بَيتهَا مَعهَا فِي الْبَلَد وَيحْتَمل فِي الْمَوْضِعَيْنِ غير أَنه لَا يقْضِي إِلَّا مَا بَات مَعهَا وَيحْتَمل أَن يقْضِي الْكل وَإِن خلفهَا فِي بلد
983 - مَسْأَلَة لَو خرج بِاثْنَتَيْنِ إِحْدَاهمَا بِقرْعَة وَالثَّانيَِة بِلَا قرعَة فَإِذا رَجَعَ يقْضِي للمتخلفات عَن حق من أخرجهَا بِلَا قرعَة وَلَا يُقَال ذَلِك الْحق لمن أخرجهَا بِالْقُرْعَةِ لِأَن مُدَّة السّفر حَقّهَا وَلَا نقُول هَذَا لِأَن السّفر يكون لَهَا إِذا أخرجهَا وَحدهَا فَإِن كَانَ مَعهَا غَيرهَا فَلَهُمَا وَإِن أخرج وَاحِدَة بِلَا قرعَة فَيكون ذَلِك الْقدر حق الْكل وعَلى هَذَا لَو سَافر بِوَاحِدَة بِالْقُرْعَةِ ونكح فِي السّفر جَدِيدَة يوفيها ثمَّ يقسم بَينهمَا فَلَو أَنه رَجَعَ قبل أَن يوفيها حَقّهَا من الزفاف فِي السّفر وظلمها بِأَن بَات مَعَ الْقَدِيمَة الَّتِي مَعهَا سبعا فَإِذا عَاد الْبَلَد قبل أَن

(2/669)


@ يقْضِي للجديدة مُدَّة الظُّلم والزفاف يخص الجديدة بعد الرُّجُوع بِحَق الزفاف ثمَّ يَدُور على المتخلفات والجديدة فَيَقْضِي للجديدة من حق الْقَدِيمَة الَّتِي كَانَت مَعهَا فِي السّفر فيبيت لَيْلَتَيْنِ عِنْدهَا لَيْلَتهَا وَلَيْلَة الظالمة وَعند كل وَاحِدَة من المتخلفات لَيْلَة حَتَّى يتم للجديدة السَّبع الَّتِي ظلمتها فِي السّفر وَكَذَلِكَ لَو كَانَت تَحْتَهُ ثَلَاث ونكح جَدِيدَة وَلم يوفها حَقّهَا فِي الزفاف وَبَات عِنْد وَاحِدَة من القديمات عشرا ظلما فيوفي للجديدة حق الزفاف ثمَّ يَدُور على الجديدة لكل وَاحِدَة عشرا وَإِن كَانَ قد ظلم الجديدة بِأَن لم يوفها حق الزفاف وَبَات عِنْد الأقدميات الثَّلَاث ليَالِي فيوفي حق الزفاف ثمَّ يقْضِي لَهَا مَا بَات عِنْدهن
984 - مَسْأَلَة إِذا نكح جَدِيدَة قَالَ إِنَّمَا يثبت لَهَا حق الزفاف إِذا كَانَ فِي نِكَاحه قديمَة وَهُوَ يبيت عِنْدهَا فَإِن تزوج جَدِيدَة وَلَيْسَت فِي نِكَاحه أُخْرَى لَا يبيت لَهَا حق الزفاف كَمَا لَا يجب أَن يبيت عِنْد امْرَأَة إِذا لم يكن فِي نِكَاحه من يبيت عِنْدهَا فَلَو تزوج جديدتين وَلَيْسَت عِنْده أُخْرَى فَهَل يثبت حق الزفاف فِيهِ وَجْهَان أَحدهمَا يثبت فيوفي للسابقة حَقّهَا ثمَّ لِلْأُخْرَى وَالثَّانِي لَا يثبت كَمَا لَو نكح جَدِيدَة وَلَيْسَت عِنْده أُخْرَى لَا يثبت لَهَا حق الزفاف وَلَكِن إِذا أَرَادَ البيتوتة عِنْدهَا يقسم بَينهمَا لَيْلَة لَيْلَة وَإِن كَانَت إِحْدَاهمَا بكرا يَخُصهَا بِأَرْبَع لَيَال ثمَّ يُسَوِّي بَينهمَا قَالَ وَلَا فرق بَين أَن ينْكح جديدتين مَعًا أَو على التوالي إِذا لم يكن قد بَات عِنْد الأولى حَتَّى لَو نكح وَاحِدَة وَلم يبت عِنْدهَا ثمَّ بعد مُدَّة نكح أُخْرَى فَلَا يجب أَن يبيت عِنْد وَاحِدَة مِنْهُمَا لَا للقسم وَلَا لحق الزفاف فَإِن بَات فَحِينَئِذٍ هَل يبيت حق الزفاف فعلى الْوَجْهَيْنِ فَإِن قُلْنَا لَا يثبت يقسم بَينهمَا لَيْلَة لَيْلَة وَإِن قُلْنَا إِنَّه يبيت يقسم للأولى حق الزفاف ثمَّ للثَّانِيَة وَإِن كَانَ قد بَات عِنْد الأولى لَيْلَة أَو لَيْلَتَيْنِ يتم لَهَا حق الزفاف ثمَّ يقسم للثَّانِيَة حق الزفاف

(2/670)


- مَسْأَلَة إِذا نكح امْرَأَة بِشَرْط أَن لَا يَطَأهَا فقد تكلمُوا فِي فَسَاد ذَلِك النِّكَاح إِذا كَانَت الْمَرْأَة مُحْتَملَة للجماع فَلَا يُؤثر هَذَا الشَّرْط فِي فَسَاد النِّكَاح لِأَنَّهُ فِي قَضِيَّة العقد وَلَو شَرط أَن لَا يَطَأهَا إِلَى مُدَّة كَذَا نظر إِن كَانَت مِمَّن يحْتَمل الْجِمَاع فَهُوَ كَمَا لَو شَرط مُطلقًا فِي فَسَاد النِّكَاح وَإِن كَانَت مِمَّن يحْتَمل فِي الْحَال ومستصير إِلَى الِاحْتِمَال فِي تِلْكَ الْمدَّة قَالَ يَصح النِّكَاح
986 - مَسْأَلَة إِذا كَانَت لَهُ بنتان قد زوج إحديهما وَالْأُخْرَى فِي الْبَيْت فَقَالَ لإِنْسَان زَوجتك ابْنَتي لَا يَصح حَتَّى يُشِير إِلَى الَّتِي فِي الْبَيْت بِإِشَارَة أَو اسْم أَو يَقُول الَّتِي فِي بَيْتِي حِينَئِذٍ يَصح
بَاب الْخلْع

987 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ أَجْنَبِي لامْرَأَة اخْتلعت نَفسك من زَوجك بِكَذَا فَقَالَ اخْتلعت ثمَّ قَالَ ذَلِك الْأَجْنَبِيّ للزَّوْج خالعتها فَقَالَ خالعت وَكَانَ فِي الْمجْلس قَالَ الإِمَام يَقع وَعَلِيهِ يدل النَّص فِي كتاب الْوكَالَة وَكَذَا النِّكَاح وَالْبيع لَو قَالَ النخاسي للْبَائِع بِعْت هَذَا من فلَان بِأَلف فَقَالَ بِعْت ثمَّ قَالَ المُشْتَرِي اشْتَرَيْته فَقَالَ اشْتريت صَحَّ عِنْدِي وَيجْعَل قَول النخاسي كَقَوْل المُشْتَرِي بِعْت مني على طَرِيق الِاسْتِفْهَام فَلَا يتَعَلَّق بِهِ حكم إِلَّا الْمعرفَة بِمِقْدَار الثّمن فَإِذا قَالَ البَائِع بعده بِعْت وَقَالَ المُشْتَرِي صَحَّ وَلزِمَ فَلَو لم تسمع الْمَرْأَة قَول الزَّوْج بل كَانَ السفير يسمع قَول الزَّوْجَيْنِ قَالَ يَقع أَيْضا لِأَن السماع لَيْسَ بِشَرْط بِدَلِيل أَنه إِذا خَاطب أَصمّ فأسمعه رجل فَقيل جَازَ وَلَيْسَ يقبل السفير قَوْله دون الكتبة ورأيته للشَّيْخ الْقفال أَنه يجوز هَذَا البيع
988 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لامْرَأَته إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق على ألف فَدخلت قبل لَا يَقع شَيْء وَقيل يَقع عِنْد الدُّخُول على الف
989 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ الرجل لَا أدعك تخرج هَذَا الْمَتَاع من الدَّار وَإِن فعلت فامرأتي طَالِق فَخرج الْحَالِف ثمَّ ذهب الْمَحْلُوف عَلَيْهِ بالمتاع قَالَ يَنْبَغِي

(2/671)


@ أَن يُقَال إِن حفظه حفظ الْوَدِيعَة فرق الْمَحْلُوف عَلَيْهِ أَو أكرهه حَتَّى أَخذ فعلى قولي الْإِكْرَاه وَإِن لم يحفظ الْوَدِيعَة بِحَيْثُ يصير ضَامِنا فِي الْوَدِيعَة بِهِ حنث فِي الطَّلَاق وَلَو كَانَ الْمَحْلُوف مَعَه سَاكن فِي الدَّار فَإِن حفظ مِنْهُ حفظا يقطع لسرقته كالمكره وَإِلَّا يَحْنَث
990 - مَسْأَلَة وَلَو قَالَت الْمَرْأَة طَلقنِي على ألف فَقَالَ طلقت نصفك هَل يسْتَحق يُمكن بِنَاؤُه عى أَنه عبارَة عَن كل الْبدن أم يَقع على ذَلِك الْقدر ثمَّ يسري إِن قُلْنَا عبارَة عَن كل الْبدن يَقع وَيسْتَحق الْألف كَمَا لَو طَلقهَا بِلَفْظ آخر وَإِن قُلْنَا يَقع عَلَيْهَا ثمَّ يسري وَجب أَن لَا يسْتَحق إِلَّا نصف الْألف كَمَا لَو طَلقهَا ثَلَاثًا بِأَلف فَطلق وَاحِدَة يسْتَحق ثلث الْألف وَلَو قَالَ خلقت يدك لن جَعَلْنَاهُ عبارَة عَن جَمِيع الْبدن يَقع وَيسْتَحق الْألف وَإِن قُلْنَا يَقع عَلَيْهِ ثمَّ يسري فَلَا يُمكن التَّوْزِيع وَجب أَن يجب مهر الْمثل وَفِي الْعتْق كمثله
991 - مَسْأَلَة إِذا قَالَت اخْتلعت نَفسِي مِنْك بِثَلَاث طلقات على مَالِي عَلَيْك من الْحق فَقَالَ الزَّوْج خالعتك بِطَلْقَة وَاحِدَة قَالَ يَقع وَاحِدَة لِأَن فِي جَانبهَا جَهَالَة فَيجب مهر الْمثل وَيحْتَمل وجوب ثلث مهر الْمثل كَمَا لَو قَالَت طَلقنِي ثَلَاثًا بِأَلف فَطلق وَاحِدَة يسْتَحق ثلث الْألف
992 - مَسْأَلَة إِذا قَالَت الْمَرْأَة اخْتلعت نَفسِي مِنْك على مَا بَقِي لي عَلَيْك من الصَدَاق وَلم يبْق لَهَا عَلَيْهِ شَيْء فَقَالَ الزَّوْج خالعتك قَالَ تقع الْبَيْنُونَة وَعَلَيْهَا مهر الْمثل كَمَا لَو اخْتلعت فخالعها وَلم يسم مَالا وَفِيه وَجه آخر
993 - مَسْأَلَة إِذا قَالَت خالعني بِطَلْقَة فَقَالَ خالعتك بِثَلَاث يَقع الثَّلَاث وَهل يجب مهر الْمثل وَجْهَان كَمَا لَو خَالعهَا وَلم يذكر مَالا

(2/672)


- مَسْأَلَة إِذا قَالَ لأمرأته أَنْت طَالِق إِن ضمنت لي ألفا فضمنت أَلفَيْنِ طلقت ولزمها الْألف وَضَمان الزِّيَادَة لَغْو وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق على ألف إِن شِئْت فَقَالَت شِئْت أَلفَيْنِ لَا يَقع لِأَنَّهُ بمشيئتها لَا بِالْمَالِ وَإِن قَالَت شِئْت الطَّلَاق بِأَلفَيْنِ يَقع وَيجب مهر الْمثل عَلَيْهَا
995 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ الزَّوْج خالعتك على ألف فأنكرت فَالْقَوْل قَوْلهَا مَعَ يَمِينهَا والفرقة وَاقعَة بِدَعْوَى الزَّوْج فَلَو شهد شَاهد أَن على إِقْرَارهَا بالاختلاع من غير بَيَان المَال قَالَ يحكم بالحكم وتكلف الْمَرْأَة بِبَيَان المَال فَإِن أثبت قدرا دون مَا يَدعِيهِ الزَّوْج تحَالفا وَعَلَيْهَا مهر الْمثل وَإِن لم تبين وأصرت على إنكارها تفرض الْيَمين عَلَيْهَا وَإِن لم تحلف وأصرت على الْإِنْكَار حلف الزَّوْج على مَا يَدعِيهِ وَأخذ وإذااختلفا هَكَذَا حَلَفت على أَنَّهَا لم تختلع فَوَطِئَهَا الزَّوْج عَلَيْهِ الْحَد فِي الظَّاهِر وَلَا يجب عَلَيْهَا لِأَن بزعمها أَنه زَوجهَا وَفِي الْبَاطِن إِن كَانَ صَادِقا عَلَيْهَا الْحَد وَإِن كَانَ كَاذِبًا فَلَا حد على وَاحِد مِنْهُمَا وَقد قيل فِي مثل هَذَا أَن دَعْوَى الزَّوْج طَلَاق ظَاهرا وَبَاطنا فعلَيْهَا الْحَد أما إِذا ادّعى الطَّلَاق وَأنْكرت فَهُوَ طَلَاق فِي الظَّاهِر وَفِي الْبَاطِن هَل يكون وَجْهَان فعل قياسي قَول الْأَصْحَاب لَو أعدت أَنه نَكَحَهَا فَأنْكر فَلَا نِكَاح بَينهمَا فِي الظَّاهِر وَهل يكون طَلَاقا فِي الْبَاطِن وَجْهَان
996 - مَسْأَلَة إِذا قَالَت الْمَرْأَة لزَوجهَا طَلقنِي على ألف فَقَالَ طَلقتك بِخَمْسِمِائَة وَجْهَان أصَحهمَا فِي الطَّرِيقَيْنِ أَعنِي القَاضِي وَالشَّيْخ أبي عَليّ البوشنجي أَنه يَقع بخمسمائه وَقيل لَا يَقع كَمَا لَو قَالَ طَلقتك على أَلفَيْنِ وَالْأول الْمَذْهَب لِأَن لَهُ أَن يُطلق بِغَيْر شَيْء فبعض مَا سَأَلت أولى قَالَ الإِمَام

(2/673)


@ فَإِن كَانَ هَذَا بِلَفْظ الْخلْع بِأَن قَالَت الْمَرْأَة خلعني على ألف فَقَالَ الزَّوْج خالعتك على خَمْسمِائَة وَقُلْنَا إِن الْخلْع طَلَاق قَالَ فعندي يحْتَمل أَن لَا يَقع الطَّلَاق والبينونة ويراعى فِيهِ معنى الْمُعَارضَة تَغْلِيبًا للفظ وَإِن كَانَ الْمَعْنى معنى الطَّلَاق كَمَا لَو قَالَ من رد ابقى فَلهُ عشرَة جَازَ وَلَو عقد عقد الْإِجَارَة لَا يجوز كَمَا لَو قَالَ لمكاتبه إِن دخلت الدَّار فَأَنت حر فَإِن دخل الدَّار عتق وبرىء من النُّجُوم وَلَو قَالَ إِذا دخلت الدَّار فَأَنت بَرِيء من النُّجُوم لم تقع الْبَرَاءَة وَإِن كَانَ عتقه فِي معنى الْإِبْرَاء عَن النُّجُوم تَغْلِيبًا للفظ وَهُوَ أَن تَعْلِيق الْإِبْرَاء لَا يجوز
997 - مَسْأَلَة إِذا وكلت قبل الدُّخُول رجلا وَقَالَت اختلعني من زَوجي بِحَيْثُ لَا يلْزَمنِي رد شَيْء إِلَى الزَّوْج وَلَا يلْزمه شَيْء فاختلعها بِجَمِيعِ الصَدَاق قَالَ تقع الْبَيْنُونَة وَيسْقط صدَاق النِّكَاح وَلَا شَيْء عَلَيْهَا وَلَا على الرجل وَيجب على الْوَكِيل نصف صدَاق العقد وَلَو اخْتلفَا فَقَالَ الزَّوْج كَذَا أقرَّت وَأنْكرت فَالْقَوْل قَوْلهَا وَإِن كَانَ الْخلْع مَعَ الْوَكِيل فَالْقَوْل قَوْلهَا أَيْضا وَلَو صدقهَا الْوَكِيل فَالْمَال لَازم للْوَكِيل وَهُوَ نصف الصَدَاق
998 - مَسْأَلَة إِذا قَالَت الْمَرْأَة اخْتلعت نَفسِي مِنْك على الصَدَاق الَّذِي فِي ذِمَّتك فخالعتني وَأنكر الزَّوْج وَحلف عَلَيْهِ قَالَ لَا رُجُوع لَهَا عَلَيْهِ بِالصَّدَاقِ قَالَ وبمثله لَو كَانَ لَهُ على رجل ألف فَقَالَ اشْتريت مِنْك دَارك بِتِلْكَ الْألف وقبضته وَأنكر من عَلَيْهِ وَحلف يجوز لَهُ مُطَالبَته بِالْألف الَّتِي كَانَ لَهُ عَلَيْهِ وَالْفرق أَن فِي الْخلْع مَا تدعيه الْمَرْأَة من الْفرْقَة لَا يرْتَفع لِأَن بزعمها أَن الْبَعْض تلف عِنْدهَا فَإِن حلف الزَّوْج لَا يرْتَفع من جِهَة الْمَرْأَة فِي الشِّرَاء لَو وَافق الْمُدَّعِي البَائِع على أَنه لم يبع يرْتَفع وَهَا هُنَا لَو صدقته الْمَرْأَة بعد هَذَا على أَنَّك لم تخالعني لم يكن لَهَا مُطَالبَته بِالْمهْرِ يدل على الْفرق أَن الْمُتَبَايعين إِذا تحَالفا يترادان والزوجان إِذا اخْتلفَا تخالعا وَكَذَلِكَ لَو أقرّ بحريّة عبد الْغَيْر ثمَّ اشْتَرَاهُ جَازَ وَعتق وَلَو أقرّ بِأَن فُلَانَة مطلقتي ثَلَاثًا وَأنْكرت ثمَّ أَرَادَ أَن ينْكِحهَا لَا يجوز وَكَانَ يَتَّضِح لي هَذَا الْفرق فراجعت شَيخنَا الإِمَام فِيهِ

(2/674)


@ فَقَالَ الْفرق بَينهمَا أَن الْمَرْأَة بقولِهَا خالعتني على صدَاق أخْبرت بإياسها عَن الْوُصُول إِلَى ذَلِك المَاء لِأَن الصَدَاق إِذا سقط عَن ذمَّة الزَّوْج بِالْخلْعِ لَا يتَصَوَّر عوده فِي ذمَّته بِحَال فَأَما فِي مَسْأَلَة الدَّار من لَهُ الدّين لم يخبر بِوُقُوع الْيَأْس لَهُ عَن الْوُصُول إِلَى ذَلِك لِأَن من عَلَيْهِ الدّين وَإِن أقرّ بِالْبيعِ لَكِن لَا لَو وجد من مَاله الدّين بِالدَّار عَيْبا ورد أَو خرج للدَّار مُسْتَحقّا أَو تلف قبل الْقَبْض فَفِي جَمِيع هَذِه الْمَوَاضِع يرْتَفع العقد وَيرجع هُوَ إِلَى أصل حَقه فَكَذَلِك هَا هُنَا فَأنكرهُ بِغَيْرِهِ على من لَهُ الدّين الْوُصُول إِلَى حَقه فَجعل ذَلِك سَببا لعوده إِلَى حَقه فَسَأَلت وَقلت فِي تِلْكَ الْمسَائِل إِمَّا أَن يفْسخ العقد أَو يَنْفَسِخ أَو يجب عَلَيْهِ الْفَسْخ قَالَ إِنَّمَا نحكم بِالظَّاهِرِ قد أنكر البيع وَفِي الْبَاطِن لَا فرق بَين المسئلتين فَإِن الْمَوْضِعَيْنِ سَوَاء كَانَ بَينهمَا خلع أَو بيع لَا يجوز للزَّوْج وَطئهَا وَلَا لصَاحب الدَّار الِانْتِفَاع بِالدَّار وَلَو لم يكن بَينهمَا عقد فِي الْخلْع وَفِي البيع يجوز لكل وَاحِد مِنْهُمَا الرُّجُوع إِلَى أصل مَاله للْمَرْأَة بِالْمهْرِ وَلمن لَهُ الدّين بِالدّينِ وَالْفرق بَينهمَا فِي الْفَتْوَى
999 - مَسْأَلَة إِذا قَالَت الْمَرْأَة للزَّوْج بحقي لَهُ دركردن نودارم باندارم خويشتن بازخربدم مردكوبذبار فر وَختم قَالَ يَقع بالبينونة وَعَلَيْهَا مهر الْمثل
1000 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ خالعتك على ثوب هروي فَقبلت فَدفعت ثوبا هرويا هَل للزَّوْج أَن يرضى بِهِ فتمسك قَالَ فَإِن لم يكن وصف الثَّوْب لَا يجوز لِأَنَّهُ يسْتَحق عَلَيْهَا مهر الْمثل وَإِن كَانَ قد وصف بِصِفَات السّلم فَإِن أَعْطَتْ ثوبا هرويا تملك وَإِن كَانَ مرويا فَلهُ أَن يرد ويطالبها بالهروي فَلَو أَرَادَ أَن يرضى بِهِ ويمسكه هَل لَهُ ذَلِك هَذَا يبْنى على أَنه لَو أسلم فِي عِنَب أَبيض فَأتى بأسود هَل يجوز قَولَانِ إِن قُلْنَا يجوز فَلَا يَجْعَل استبدالا فها هُنَا يجوز وَيكون قبضا للعقود

(2/675)


@ عَلَيْهِ مَعَ المساحة وَإِن قُلْنَا ثمَّة لَا يجوز فَيجْعَل استبدالا فها هُنَا من غير معاقدة لَا يجوز وَإِن تعاقدا فَقَالَت أَبْرَأتك عَمَّا عَليّ وَقبل الزَّوْج هَذَا على أَن الصَدَاق فِي يَد الزَّوْج مَضْمُون ضَمَان العقد أم ضَمَان الْيَد إِن قُلْنَا ضَمَان الْيَد يجوز وَإِن قُلْنَا ضَمَان العقد فعلى قولي الإستبدال عَن الثّمن فِي الذِّمَّة الْأَصَح لَا يجوز
1001 - مَسْأَلَة إِذا قَالَت الْمَرْأَة للزَّوْج خالعني على الصَدَاق فَأنْكر الزَّوْج القَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه ثمَّ يجوز للْمَرْأَة مُطَالبَته بِالصَّدَاقِ وَإِن أقرَّت بالاختلاع على الصَدَاق لِأَنَّهُ إِذا لم يسلم لَهَا مَا ادَّعَت لَا يلْزمه الْعرض كَمَا لَو ادّعى على رجل أَنِّي اشْتريت دَارك بِأَلف فَأنْكر البَائِع لَا يسْتَحق الْألف على الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ وَإِن أقرّ لَهُ بِالْألف إِنَّمَا أقرّ لَهُ بِمُقَابلَة الدَّار وَلم تسلم لَهُ الدَّار وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ لَهُ على آخر الف فَقَالَ اشْتريت دَارك بذلك الْألف فَأنْكر وَحلف لَا تلْزمهُ الْألف
1002 - مَسْأَلَة إِذا اختلع أَجْنَبِي امْرَأَة من زَوجهَا على صَدَاقهَا وأضاف إِلَيْهَا دون إِذْنهَا وَقع رَجْعِيًا وَإِن قبل الدُّخُول يَقع الطَّلَاق بَائِنا بِعَدَمِ الدُّخُول وعَلى الزَّوْج نصف صَدَاقهَا وَلَا شَيْء على الْأَجْنَبِيّ لَو قَالَ الاجنبي يَا زفرو حَتَّى زن رايجيدني اركاوين أَو فَقَالَ الزَّوْج يَا زفر وَختم الْأَجْنَبِيّ يَا زخريذم وَقع رَجْعِيًا وَإِن لم يقل الْأَجْنَبِيّ يَا زخر يذم لم يَقع شَيْء فَإِن قَالَ يازفروش فَقَالَ يازمروختم وَقع رَجْعِيًا وَإِنَّمَا اشترطنا الْقبُول فِي الْأَجْنَبِيّ وَإِن كَانَ الطَّلَاق يَقع بِلَا مَال كَمَا لَو خَالع زَوجته الْمَحْجُور عَلَيْهَا لَا بُد من قبُولهَا وَإِذا قبلت وَقع رَجْعِيًا وَلَا فرق بَين أَن يَقُول زن رابازفروش بايمن بازفروشي يانوي يازفروش وَبَين أَن تكون الْمَرْأَة صَغِيرَة أَو كَبِيرَة فِي أَنه يَقع رَجْعِيًا
1003 - مَسْأَلَة إِذا خَالع على كَفَالَة الْوَلَد إِنَّمَا يجوز إِذا كَانَ الْوَلَد خَارِجا أما قبل الْخُرُوج لَا يجوز

(2/676)


- مَسْأَلَة لَو قَالَت الْمَرْأَة لزَوجهَا خالعتني بِطَلْقَة فَقَالَ خالعتك بِثَلَاث وَقع الثَّلَاث وَهل يجب صدَاق الْمثل كَمَا لَو خَالعهَا وَلم يذكر مَالا لِأَن قَوْله خالعني كَقَوْلِه طَلقنِي غير أَن الْخلْع يَقْتَضِي بَدَلا وَلَا يحْتَاج إِلَى قبُول بعد قَوْله خالعتك لِأَنَّهَا سَأَلت الْخلْع جزما
1005 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ الزَّوْج لامْرَأَته باز فزوجتي بذان حق لَهُ ترابر منشت زن كفت فزوجنم قَالَ إِن نوى الزَّوْج بِهِ تطليقها على الْحق وَقعت الْبَيْنُونَة وَسقط الْحق عَنهُ إِن كَانَ مَعْلُوما وَمعنى قوره مراباز فروحتي يَعْنِي خويشتن واباز حريذي معبر عَن شراءها نَفسهَا يَبِيعهُ كَمَا يَقُول أَنا مِنْك طَالِق وَنوى تطليقها يَقع وَإِن لم يَنْوِي تطليقها لم يَقع شَيْء وَلَو قَالَ الزَّوْج للْمَرْأَة ثرابها طَلَاق بارفروختم لَا يكون هَذَا خلعا بل يكون ابْتِدَاء وَمعنى قَوْله فروختم اي دادم كَمَا يَقُول الرجل مرابازفروش يُرِيد بِهِ دست اذ من بازدار
1006 - مَسْأَلَة وَلَو قَالَ الرجل لأمرأته توخويشئن ازمن بذان حَقي لَهُ دركردن من ذَا شَيْء بازخر بِذِي زن كفت خريذم لَا يَقع الطَّلَاق حَتَّى يَقُول الرجل عقيب كِلَاهُمَا بازنروختم فَأَما إِذا قَالَ خوبستن ازمن يازخرزن كويذ خريذم يَقع وَإِن لم يقل الرجل باز فروختم كَمَا فِي البيع إِذا قَالَ ابْن كالا زمن بضدررم بحز كوبذ حزيذم لَا يشْتَرط أَن يَقُول فروختم وَلَو ازمى بخر بِذِي كوبذ خريذم لَا بُد أَن يَقُول فروختم
1007 - مَسْأَلَة امْرَأَة قَالَت لزَوجهَا بهر حَقي كه دركردن تودارم خويشئن ازتوباخزبذة فَقَالَ الرجل من ترابيك طَلَاق بِأَيّ كشاذة كردم قَالَ إِن كَانَ قَول الرجل عقيب قَوْلهَا بِحَيْثُ يكون جَوَابا لكلامها وَالصَّدَاق مَعْلُوما عِنْدهمَا يَصح الْخلْع وَيسْقط الصَدَاق

(2/677)


- مَسْأَلَة إِذا قَالَ لامْرَأَته أَن خرجت بِغَيْر إذني فَأَنت طَالِق فَأذن لَهَا فِي الْخُرُوج فَهَل يشْتَرط أَن يتَلَفَّظ بِهِ حَتَّى يكون إِذْنا أم إِذا رَضِي بِقَلْبِه أَن تخرج يَكْفِي أجَاب رَحمَه الله تَعَالَى يشْتَرط التَّلَفُّظ
1009 - مَسْأَلَة رجل قَالَ إِن فعلت كَذَا فامرأتي طَالِق ثَلَاثًا فَفعل ذَلِك الْفِعْل بمشهدهم ثمَّ قَالَ إِنِّي كنت خالعتها قبل هَذَا القَوْل قَالَ على الشُّهُود أَن يشْهدُوا حسبَة على الطَّلَاق ثمَّ هُوَ يحْتَاج إِلَى إِثْبَات خلع سَابق بالبينونة وَإِن صدقته الْمَرْأَة فَأَما إِذا قَالَ أَولا إِنِّي خالعت زَوْجَتي ثمَّ رَآهُ الشُّهُود فعل ذَلِك لَا يشْهدُونَ بِالطَّلَاق وَقَوله السَّابِق مَقْبُول لِأَنَّهُ غير مُتَّهم فِيهِ
1010 - مَسْأَلَة لَو كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ فَقَالَ لَهما طلقت إحديكما على ألف وَلم يعين فَقَالَتَا قبلنَا قَالَ وَجب أَن لَا يَقع لِأَن الْخلْع فِي جَانِبه مُعَاوضَة كَمَا لَو قَالَ لعت من إحديكما هَذَا العَبْد بِأَلف وَلم يعين فَقَالَا قبلنَا وَكَذَلِكَ فِي الْعتْق لَو قَالَ لعبديه أعتقت أحديكما على ألف فَقَالَا قبلنَا وَرَأَيْت فِي الْعتْق أَنه يعْتق أخدهما لَا بِعَيْنِه وَلَعَلَّ هَذَا الْقَائِل يَقُول فِي الطَّلَاق كَذَلِك لَا بِقِيَاس مَا قلت قَالَ وَلَو قَالَ لامرأتيه طلقت إحديكما إِن شئتما فشاءتا طلقت إِحْدَاهمَا لَا بِعَينهَا وَكَذَلِكَ فِي الْعتْق لِأَنَّهُ تَعْلِيق لَيْسَ بمفاوضة فَإِن قَالَ طلقت إحديكما على ألف إِن شئتما فَفِي معنى الْمُفَاوضَة وَالتَّعْلِيق فَإِذا شاءتا تطلق إِحْدَاهمَا لَا بِعَينهَا وَكَذَلِكَ فِي الْعتْق
1011 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ الرجل لامرأتين طلقتكما على ألف فقبلتا فَكل وَاحِدَة مختلعة نَفسهَا على الِانْفِرَاد أم كل وَاحِدَة مَعَ صاحبتها مختلعة نَفسهَا وَمَا ذكره أَصْحَابنَا يدل على أَن كل وَاحِدَة مختلعة نَفسهَا فَحسب فَهَلا جعلُوا كل وَاحِدَة مَعَ صاحبتها مختلعة نَفسهَا كَمَا فِي البيع إِذا قَالَ الرجلَيْن بعتكما هذَيْن الْعَبْدَيْنِ كَانَ كل وَاحِد مُشْتَريا نصف الْعَبْدَيْنِ جَمِيعًا وكما لَو خَالع كل وَاحِدَة مَعَ أَجْنَبِي كَانَ مُسَمّى كل وَاحِدَة عَلَيْهَا الْأَجْنَبِيّ بِخِلَاف قَوْله بِعْتُك يَا زيد هَذَا العَبْد وَيَا عمر وبعتك هَذَا الثَّوْب بِأَلف

(2/678)


@ لِأَن هُنَاكَ صرح بِأَن يَبِيع من كل وَاحِد شَيْئا لَا يَبِيعهُ من الآخر وَيُمكن أَن يعرف بَين مَسْأَلَتنَا وَبَين أَن ينْكح امْرَأتَيْنِ عقدا وَاحِدًا لِأَن ثمَّة مَا يستفيده الرجل فِي ملك مالكين غير شَرِيكَيْنِ وَهَا هُنَا مَا تستفيده الْمَرْأَتَانِ فِي ملك مَالك وَاحِد وَلَا يَسْتَحِيل أَن يُقَال إِحْدَاهمَا مختلعة نَفسهَا مَعَ صاحبتها وَالْأُخْرَى كَذَلِك وَإِن كَانَ لَا يتَصَوَّر أَن يعود مَنْفَعَة بضع إحديهما إِلَى الْأُخْرَى فَإِن الْخلْع مَعَ الْأَجْنَبِيّ جَائِز وَإِذا جعلناهما مختلعين لأحديهما إِلَى الْأُخْرَى فَإِن الْخلْع مَعَ الْأَجْنَبِيّ جَائِز وَإِذا جعلناهما مختلعين لأحديهما ثمَّ الْأُخْرَى وَكَذَلِكَ لَو أعتق أحد الشَّرِيكَيْنِ العَبْد الْمُشْتَرك عتق الْكل عَلَيْهِ إِذا كَانَ مُوسِرًا وَإِن عتقاه مَعًا وهما موسران كَانَ تصرف كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي خَالص ملكه وَلم يُوجب لَك وَاحِدَة من المشتريين كَمَا أحد الْعَبْدَيْنِ جَمِيعًا فنفذ تصرفه كَمَا أوجبه وَيخرج على هَذَا الأَصْل مَا أوردهُ فِي الصُّورَة
1012 - مَسْأَلَة لَو كَانَت امْرَأَته واقفة مَعَ أَجْنَبِيَّة فَقَالَ إِحْدَاكُمَا طَالِق ثمَّ قَالَ مَا عنيت وَاحِدَة بقلبي قَالَ يحكم بِوُقُوع الطَّلَاق على زَوجته وَلَو كَانَت إمرأته واقفة مَعَ أَجْنَبِيَّة فَقَالَ إِحْدَاكُمَا طَالِق ثمَّ قَالَ عنيت الْأَجْنَبِيَّة يقبل قَوْله
1013 - مَسْأَلَة لَو بَاعَ عبدا بِجَارِيَة ثمَّ أعتق أحد الْمُتَبَايعين عتق أَحدهمَا لَا بِعَيْنِه فِي زمَان الْخِيَار وَقُلْنَا بِالصَّحِيحِ أَن الْكل مَوْقُوف ينفذ عتقه فِيمَا بَاعَ وَهل يستفسر أم لَا وَلَو عين أَحدهمَا فِي الْإِعْتَاق هَل يقبل قَالَ لَا يستفسر فِي وَاحِد مِنْهُمَا هَا هُنَا وَيحكم بِوُقُوع الْعتْق وثمة بنفوذ الْعتْق فِيمَا بَاعَ فَإِن ادّعى أَنِّي عنيت بخلافة يقبل
1014 - مَسْأَلَة إِذا طلق زَوجته طَلَاقا رَجْعِيًا ثمَّ قَالَ لَهَا الزَّوْج فِي الْعدة طَلقتك ثَلَاثًا على ألف فَقبلت قَالَ إِن قُلْنَا خلع الرَّجْعِيَّة يَصح فَالْحكم فِي جَانِبه فِي حكم الْمُعَارضَة يحْتَمل أَن يُقَال حكمه حكم مَا لَو بَاعَ عَبده وَعبد غَيره وَفِي عَبده قَولَانِ فها هُنَا لَا يَصح تَسْمِيَة الطَّلَاق الثَّالِثَة وَهل يَصح

(2/679)


@ تَسْمِيَة الطلقتين قَولَانِ إِن قُلْنَا يَصح بلزمه من الْعِوَض إِن قُلْنَا فِي البيع يجب كل الثّمن هَا هُنَا يجب كل الْمُسَمّى وَإِلَّا ثُلُثَاهُ وَإِن قُلْنَا خلع الرَّجْعِيَّة لَا يجوز بيع الثُّلُث مجَّانا وَقد رَأَيْت للشَّيْخ الْقفال رَحمَه الله تَعَالَى بقوله إِنَّه إِذا طلق امْرَأَته طَلَاقا رَجْعِيًا ثمَّ تخالعا بِثَلَاث طلقات أَنه يَقع الثَّلَاث مجَّانا وَلَا يجب شَيْء
1015 - مَسْأَلَة رجل وكل وَكيلا ليطلق امْرَأَته على ألف ووكل آخر ليُطَلِّقهَا على أَلفَيْنِ فأبها سبق صَحَّ طَلاقهَا بِمَا سمى وَلَا يَقع الآخر سَوَاء سبق وَكيل الْألف أَو وَكيل الْأَلفَيْنِ وَلَو وَقعا مَعًا بِأَن قَالَ هَذَا طَلقتك بِأَلف وَقَالَ الآخر كَذَلِك فَقَالَ قبلت مِنْكُمَا أَو كَانَت وصلت وكيلين فَطلق كل وَاحِد من وَكيلِي الزَّوْج مَعَ وَاحِد من وَكيلِي الْمَرْأَة فَقَالَ لَا يَقع شَيْء لِأَن الْخلْع من جَانب الرجل مُعَارضَة فَهُوَ كَمَا لَو وكل وَكيلا بيع عبد بِأَلف ووكل آخر بِبيعِهِ بِأَلفَيْنِ فَمن سبق بَيْعه كَانَ أولى وَإِن وَقعا مَعًا لم يَصح البيع أَلا ترى أَنه إِذا قَالَ لامرأتيه طلقتكما على ألف فَقَالَت إِحْدَاهمَا قبلت دون الْأُخْرَى لَا يَقع شَيْء كَمَا لَو قَالَ بعتكما عَبدِي بِأَلف فَقَالَت إِحْدَاهمَا قبلت لَا يَصح
1016 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لامْرَأَته إِن أتيت الطَّلَاق فَأَنت طَالِق فَأَتَت فِي الْمجْلس طلقت وَإِن سكتت وَلم تقل شَيْئا حَتَّى ذهب الْمجْلس لَا يَقع وَلَو قَالَ إِن لم تشائين الطَّلَاق فَسَكَتَتْ عَن مَشِيئَة الطَّلَاق طلقت قَالَ وَيَنْبَغِي أَن تكون الْمَشِيئَة فِي الْمجْلس كَمَا لَو قَالَ إِن شِئْت فَأَنت طَالِق اشْترط الْمَشِيئَة فِي الْمجْلس وَإِن كَانَ الْخطاب لَو كَانَ مَعَ غَيرهَا أَلا يكون على الْفَوْر لِأَنَّهُ تمْلِيك يتَضَمَّن من تمْلِيك الْبَعْض قَالَ وَفِيه أشكال
1017 - مَسْأَلَة إِذا وكلت الْمَرْأَة رجلا فَقَالَت اختلعني من زَوجي على ألف بِثَلَاث طلقات فاختلعها على ألف نظر إِن أضَاف إِلَيْهَا لَا يَقع وَإِن لم يضف يَقع والمسمى على الْوَكِيل كَمَا لَو خَالعهَا مَعَه من غير وكالتها وَلَو قَالَ الرجل خَالع امْرَأَتي ثَلَاثًا على ألف مخالع وَاحِدَة على ألف قَالَ يَقع لِأَنَّهُ زَاده خيرا وَلَو قَالَت اختلعني من زَوجي وَاحِدَة على ألف فخالع وَاحِدَة على

(2/680)


@ ألف قَالَ يَقع لِأَنَّهُ زَاده خيرا وَلَو قَالَت اختلعني من زَوجي وَاحِدَة على ألف فخالع وَاحِدَة عَليّ ألف تقع الْبَيْنُونَة ثمَّ إِن أضَاف إِلَيْهَا لَا يَقع إِلَّا وَاحِدَة وَإِن لم يضف تقع الثَّلَاث وعَلى الْوَكِيل تعْيين الْألف وَلَا يجب على الْمَرْأَة إِلَّا ثلث الْألف لِأَنَّهُ لم يحصل مسألتها إِلَّا بِثلث الْألف كَمَا لَو قَالَت اختلعني وَاحِدَة بِأَلف فاختلع بِثلث الْألف
1018 - مَسْأَلَة إِذا قَالَت الْمَرْأَة لوكيلها اختلعني بِمَا استصوبت فَإِذا اختلعها على مَال فِي ذمَّتهَا أَو على صدَاق يكون لَهَا فِي الذِّمَّة للزَّوْج جَازَ وَلَو اختلعها على عين من أَعْيَان مَالهَا فَلَا يجوز لِأَن مَا يفْرض إِلَى الرَّأْي ينْصَرف إِلَى الذِّمَّة فِي الْعَادة لَا إِلَى الْأَعْيَان كَمَا لَو قَالَ اشْتَرِ لي عبدا بِمَا شِئْت ينْصَرف ذَلِك إِلَى ثمن فِي الذِّمَّة لَا إِلَى الْعين فَإِنَّهَا لَا ترْضى بِهَذَا الْإِذْن إِن يختلعها على ثِيَاب بدنهَا وعَلى جَارِيَة تخدمها وَنَحْو ذَلِك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب الطَّلَاق

1019 - مَسْأَلَة رجل طلق امْرَأَته ثَلَاثًا ثمَّ ادّعى بِأَنِّي كنت حرمتهَا على نَفسِي قبل هَذَا فَلم يَقع الثَّلَاث لم يقبل قَوْله
1020 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ حَلَال الله عَليّ حرَام طلقت امْرَأَته فَلَو كَانَت لَهُ أَربع نسوه قَالَ يطلقن كُلهنَّ اذا طلق إِلَّا أَن يُرِيد فِي الطَّلَاق بَعضهنَّ فَيقبل
1021 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ الرجل إِن فعلت كَذَا فحلال الله عَليّ حرَام وَله امْرَأَتَانِ فَفعل ذَلِك قَالَ تطلق وَاحِدَة مِنْهُمَا وَالتَّعْيِين إِلَيْهِ لِأَن التَّعْيِين يحْتَمل غَيره
1022 - مَسْأَلَة وَلَو قَالَ توزن من ينسني يايؤمرا هيج حِين ينستى أَو قَالَ لست زَوْجَة لي قَالَ يكون كِتَابَة هَذَا هُوَ الظَّاهِر وَقيل كذب مَحْض

(2/681)


- مَسْأَلَة إِذا قَالَ لامْرَأَته إِن لم تصدقي فِي أَنَّك فعلت كَذَا أَو لم تفعل فَأَنت طَالِق فَقَالَت فعلت مَا فعلت قَالَ يَقع لِأَنَّهَا صدقت فِي إِحْدَى المقالتين فَأَما إِذا قَالَت إِن تعلميني بِالصّدقِ فَبِهَذَا لَا يخرج عَن الْيَمين
1024 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ إِن ابتلعت شَيْئا فَأَنت طَالِق فابتلعت رِيقهَا حنث فَلَو قَالَ عنيت غير الرِّيق قبل قَوْله فِي الحكم قَالَ فَأَما إِذا قَالَ لَهَا إِن ابتلعت الرِّيق فَأَنت طَالِق فابتلعت ريق نَفسهَا أَو ريق غَيرهَا بحنث فَلَو قَالَ الزَّوْج عنيت ريقك دون ريق غَيْرك يقبل فِي الحكم لِأَنَّهُ الظَّاهِر وَإِن قَالَ عنيت ريق غَيْرك لَا يقبل فِي الحكم وَيقبل فِي الْبَاطِن لَو قَالَ عنيت ريقي دون غَيْرِي يقبل فِي الحكم وَلَو قَالَ عنيت ريق غير لَا يقبل فِي الحكم
1025 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ الرجل لامْرَأَته إِن خرجت بِغَيْر إذنك فَأَنت طَالِق فَخرج ثمَّ ادّعى أَنَّهَا كَانَت أَذِنت وَأنْكرت الْإِذْن قَالَ يحْتَمل وَجْهَيْن أَحدهمَا إِن القَوْل قَول الزَّوْج لِأَن الأَصْل بَقَاء النِّكَاح وَالثَّانِي ان القَوْل قَوْلهَا لِأَن الأَصْل عدم الْإِذْن وَكَذَلِكَ لَو قَالَ لَهَا إِن خرجت بِغَيْر إذني فَخرجت فَادّعى الزَّوْج أَنِّي كنت أَذِنت وَأنْكرت قَالَ وَذكر القَاضِي فِي كره هَذِه الْمَسْأَلَة الْأَخِيرَة أَن القَوْل قَوْلهَا وَسُئِلَ عَمَّا إِذا قَالَ لزوجته إِن لم أسلم إِلَيْك مَا فرض لَك القَاضِي الْيَوْم فَأَنت طَالِق فَقَالَ سلمت وَأنْكرت فَالْقَوْل قَوْلهَا فِي المَال وَقَوله فِي الطَّلَاق قَالَ الإِمَام وَهَذَا دَلِيل الْوَجْه الأول أَن القَوْل قَول الزَّوْج لِأَن الأَصْل بَقَاء النِّكَاح
1026 - مَسْأَلَة لَو قَالَ لامْرَأَته أردْت أَن أطلقك يكون هَذَا إِقْرَارا بِالطَّلَاق فَيحكم بالوقوع
1027 - مَسْأَلَة إِذا كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ فَقَالَ إِحْدَاكُمَا طَالِق وَنوى وُقُوع الطَّلَاق عَلَيْهِمَا قَالَ لَا تطلق إِلَّا وَاحِدَة مِنْهُمَا لِأَن الَّذِي وجد فِي حق الْأُخْرَى نِيَّة لَا لفظ لَهَا

(2/682)


- مَسْأَلَة إِذا قَالَ لزوجته أَنْت طَالِق إِن دخلت الدَّار اثْنَتَانِ فَهَذَا تَعْلِيق للطَّلَاق فَلَا يَقع شَيْء مَا لم تدخل فَإِذا دخلت تقع طَلْقَتَانِ وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق وَاحِدَة وَإِن دخلت الدَّار اثْنَتَانِ يَقع فِي الْحَال وَاحِدَة وَإِن دخلت الدَّار تقع أُخْرَى فَيكون مَعَ الأول طَلْقَتَانِ وَيحْتَمل أَن يكمل بِالدُّخُولِ ثَلَاث نَظِيره لَو قَالَ أَنْت طَالِق وَاحِدَة وثنتين فَقَالَ بعض أَصْحَابنَا يَقع الثَّلَاث وَقَالَ بَعضهم لَا يَقع الاثنتان
1029 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لامْرَأَته اكر بنظاره شوى بطلاقي فَأتى بقرد بطاق بِهِ فَصَعدت السَّطْح للنظارة لَا تطلق لِأَن الْغَالِب أَنه يُرَاد بِهِ الْخُرُوج عَن الدَّار للفرش وَالْجمال والمجامع دون هَذَا
1030 - مَسْأَلَة امْرَأَة تعرف بِامْرَأَة مُحَمَّد السَّرخسِيّ زوج كَانَ لَهَا من قبل طَلقهَا فنكحت زوجا آخر وَذَلِكَ الِاسْم لم يزل عَنْهَا قَالَ الزَّوْج الثَّانِي طلقت امْرَأَة مُحَمَّد السَّرخسِيّ ثمَّ انكر قَالَ إِن انكر أصل اللَّفْظ فَشهد الشُّهُود على لَفظه يَقع الطَّلَاق وَإِن أقرّ بِاللَّفْظِ لَكِن قَالَ أردْت غير زَوْجَتي يقبل قَوْله مَعَ يَمِينه وَكَذَلِكَ لَو قَالَ هَذَا اللَّفْظ فِي حَال إِقَامَته يحكم بِوُقُوع الطَّلَاق فَإِن قَالَ عنيت بِهِ غَيرهَا يقبل
1031 - مَسْأَلَة رجل قَالَ لامْرَأَته توبسة طَلَاق زن بهشتم أجَاب رَحمَه الله هُوَ صَرِيح نقع بِهِ الثَّلَاث وَرَأَيْت للشَّيْخ الْقفال إِذا قَالَ بِهِ طَلَاق زن سوكند حورده أم كدحنين كأرني نكتم لَا يكون هَذَا يَمِينا بِالطَّلَاق إنْشَاء بل يكون إِقْرَارا إِن لم يكن حلف بِهِ شَيْئا إِذا فعل

(2/683)


- مَسْأَلَة إِذا قَالَ لامْرَأَته إِن ضربتك فَأَنت طَالِق فقصد ضرب أُخْرَى أَو ضرب نَفسه فأصابتها قَالَ هُوَ ضَارب بِدَلِيل أَنه يكون قَائِلا فِي مكثه لتجب لَدَيْهِ وَهل يَحْنَث قَالَ فعلى قولي حنث الْمُكْره فَإِن قُلْنَا لَا حنث على الْمُكْره ثمَّ ادّعى أَنِّي كنت أقصد ضرب غَيرهَا أَو ضرب نَفسِي فأصابها لَا يقبل لِأَن الضَّرْب يَقِين وَيحْتَمل أَن يقبل لِأَن الأَصْل بَقَاء النِّكَاح
1033 - مَسْأَلَة لَو أَن رجلا حلف بِالطَّلَاق بِأَن فلَانا خَان فلَانا فِي كرمه بِكَذَا وَلم يبين قَالَ إِن كَانَ غَالب ظن للْحَالِف أَنه قد خانه بذلك الْقدر لَا يَقع
1034 - مَسْأَلَة رجل نَادَى أمه فأجابت فَلم يسمع فَقَالَ إِن لم تجبني أُمِّي فَأَنت طَالِق قَالَ إِن رفعت الْأُم صَوتهَا فِي الْجَواب بِحَيْثُ يسمع فِي تِلْكَ الْمسَافَة لم يَحْنَث وَإِلَّا حنث
1035 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ إِن دخلت على فلَان دَاره فامرأتي طَالِق فجَاء فلَان وَأخذ بِيَدِهِ فَأدْخلهُ قَالَ إِن دخلا مَعًا لم يَحْنَث لِأَنَّهُ لم يدْخل عَلَيْهِ وَإِن دخل فلَان أَولا ثمَّ دخل الْحَالِف حنث لِأَن الأول لَيْسَ بِدُخُول عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ دُخُول مَعَه
1036 - مَسْأَلَة رجل لَهُ زَوْجَة مَمْلُوكَة لإِنْسَان فوكله الْمولى بإعتاقها فَقَالَ لَهَا أَعتَقتك وَنوى الطَّلَاق قَالَ يَقع الطَّلَاق دون الْعتْق لِأَن اللَّفْظ إِذا جعله بنيته كنابة عَمَّا يقبل الكنابة جعل المكنى عَنهُ كالمصرح بِهِ وَلَو وكل الزَّوْج مَوْلَاهَا بتطليقها فَقَالَ الْمولى طلقت وَنوى الْعتْق تعْتق وَلَا تطلق وَلَو قَالَ الْمولى أَعتَقتك وَنوى التَّطْلِيق تطلق بِحكم الْوكَالَة وَلَا تعْتق فِي الْبَاطِن أما فِي الظَّاهِر يحْتَمل أَن تعْتق وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ السَّيِّد للزَّوْج أعْتقهَا فَقَالَ طلقت وَنوى بِهِ الْعتْق قَالَ تعْتق فِي الْبَاطِن وَتطلق فِي الظَّاهِر وَلَا يَقع الْعتْق وَالطَّلَاق مَعًا لِأَن اللَّفْظ الْوَاحِد لَا يَنُوب عَن حكمين كَمَا لَو قَالَ لامْرَأَته أَنْت حرَام وَأَرَادَ بِهِ الظِّهَار وَالطَّلَاق تقع وَاحِدَة مِنْهُمَا

(2/684)


- مَسْأَلَة إِذا قَالَ إِن لم يكن فلَان سرق مَالِي فامرأتي طَالِق وَهُوَ لَا يعرف سَرقته لَا تطلق
1038 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لامْرَأَته كلما خرجت بِغَيْر إذني فَأَنت طَالِق فَأذن مرّة فَخرجت ثمَّ خرجت بِلَا إِذن طلقت لِأَن كلما للتكرار وَلَو قَالَ الزَّوْج لَهَا كلما خرجت فقد أَذِنت لَك وَكلما أردْت الْخُرُوج فقد أَذِنت لَك أَو أَنْت مأذونة وَجب ان يُقَال إِذا خرجت مرَارًا لَا يَقع لِأَن كلما فِي الْإِذْن للتكرار كَمَا فِي التَّعْلِيق
1039 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لامْرَأَته الْمَدْخُول بهَا أَنْت طَالِق وَطَالِق وَطَالِق تقع طَلْقَتَانِ باللفظين وَلَو أَرَادَ بِالْبَاقِي التّكْرَار لَا يقبل للمغايرة بَين اللَّفْظَيْنِ وَإِن أَرَادَ بالثالث تكْرَار الثَّانِي يقبل قَوْله وَلَو قَالَ لامْرَأَته أَنْت طَالِق خلية بَريَّة وَنوى الطَّلَاق بالخلية والبرية وَيُرِيد تكْرَار الأول وَجب أَن يقبل كَقَوْلِه أَنْت طَالِق طَالِق بِلَا وَاو وَإِن غاير يبين الْأَلْفَاظ لِأَنَّهُ لم يعْطف كَمَا لَو قَالَ سدس طَلْقَة ثمَّ طَلْقَة وَأَرَادَ التّكْرَار يقبل وَلَو قَالَ سدس طَلْقَة وَثلث طَلْقَة وَثمن طَلْقَة لَا يقبل
1040 - مَسْأَلَة لَو قَالَ لامْرَأَته إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق قَالَه ثَلَاثًا فَدخل مرّة تنْحَل الْأَيْمَان كلهَا وَلم يَقع شَيْء من الطَّلَاق وَإِن كَانَ قَصده التّكْرَار فَوَاحِدَة وَإِن كَانَ للاستئناف فَثَلَاث وَإِن أطلق فَقَوْلَانِ قَالَ هَذَا فِي الْمَدْخُول بهَا فَإِن كَانَت غير مَدْخُول بهَا فَحَيْثُ قُلْنَا يَقع فِي الْمَدْخُول ثَلَاث طلقات فَفِي غير الْمَدْخُول يَنْبَغِي أَن يكون على وَجْهَيْن كَمَا لَو قَالَ إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق وَطَالِق إِلَّا جنح قَالَ عِنْدِي لَا يَقع إِلَّا وَاحِدَة بِخِلَاف مَا لَو قدم الْجَزَاء على الشَّرْط يَقع طَلْقَتَانِ فَلَو قَالَ الزَّوْج أردْت بِكُل لَفْظَة دُخُول آخر قَالَ وَجب أَن يقبل ظَاهرا وَبَاطنا يَقع بِالْأولِ طلقه وَبِالثَّانِي طَلْقَة كَمَا لَو قَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاثًا بَعضهم للسّنة وبعضهن للبدعة ثمَّ أردْت فِي الْحَالة طَلْقَة وَاحِدَة وطلقتين فِي الْحَالة الثَّانِيَة يقبل على ظَاهر الْمَذْهَب

(2/685)


@ لِأَن ظَاهر اللَّفْظ مُحْتَمل كَذَلِك هَا هُنَا ظَاهر لَفظه يحمل بِعَدَد الدُّخُول بِخِلَاف مَا لَو قَالَ أَنْت طَالِق ثمَّ قَالَ عنيت عِنْد الدُّخُول لَا يقبل فِي الظَّاهِر لِأَن التَّعْلِيق غير ظَاهر فِي لَفظه
1041 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لزوجته أَنْت طَالِق للسّنة أَو للبدعة قَالَ لَا يَقع حَتَّى يدْخل عَلَيْهَا الْحَالة الثَّانِيَة فَإِن كَانَت فِي حَالَة سنة فحتى يصير إِلَى حَال الْبِدْعَة وَإِن كَانَت فِي حَال بِدعَة فحتى تصير إِلَى حَال سنة لِأَن حَالَة الأولى الَّتِي هِيَ فِيهِ شكّ وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ أَنْت طَالِق الْيَوْم أَو غَدا لَا تطلق إِلَّا بعد مَجِيء الْغَد لِأَن الشَّك يَزُول بمجيء الْغَد كَمَا لَو قَالَ أَنْت طَالِق أَو لَا لم تطلق
1042 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لامْرَأَته أَنْت طَالِق إِن لم أعطك مَا تسأليني غَدا فَسَأَلته الطَّلَاق فَلم تطلق قَالَ لَا يَحْنَث إِذا قَالَ الزَّوْج لم أرد الطَّلَاق إِنَّمَا أردْت المَال
1043 - مَسْأَلَة إِذا وهب زَوجته من إسنان لَا تطلق إِلَّا أَن يَنْوِي
1044 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لامْرَأَته طَلِّقِي نَفسك ثَلَاثًا فَطلقت وَاحِدَة يَقع فَلَو رَاجعهَا الزَّوْج فِي الْحَال ثمَّ طلقت نَفسهَا ثَانِيًا وثالثا وَقَالَ لَا يَقع لِأَنَّهُ لَا فرق بَين تطليق نَفسهَا ثَلَاثًا دفْعَة وَاحِدَة أَو قَالَت طلقت نَفسِي وَاحِدَة وَوَاحِدَة وَوَاحِدَة أَو قَالَت وَاحِدَة واثنين فِي أَن الثَّلَاث تقع فتحلل الرّجْعَة من الزَّوْج فنكحها الزَّوْج ثمَّ طلقت الثَّانِيَة قَالَ يُمكن بِنَاؤُه على عود للْيَمِين
1045 - مَسْأَلَة رجل علق طَلَاق امْرَأَته بزنا فلَان وَهُوَ حسن الظَّن بفلان لَا يظنّ أَنه يَزْنِي وَكَانَ فلَانا زنا هَل يلْزمه أَن يُخبرهُ الْحَالِف ام يحفظ السّتْر على نَفسه قَالَ يجب أَن يُخبرهُ سرا
1046 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ خرجت بِغَيْر إذني أَو حَتَّى آذن لَك فَأَنت طَالِق فَأذن لَهَا ثمَّ رَجَعَ ثمَّ خرجت قَالُوا لَا تطلق قَالَ هَذَا صَحِيح فِي قَوْله حَتَّى آذن لَك لِأَنَّهُ للغاية لَهَا وَإِذا قَالَ بِغَيْر إذني فَإِذا رَجَعَ عَن الْإِذْن ثمَّ

(2/686)


@ خرجت فَهُوَ خُرُوج بِغَيْر إِذن وَجب أَن يَقع
1047 - مَسْأَلَة الرّجْعَة رجل قَالَ لامْرَأَته إِن جامعتك فَأَنت طَالِق فغيب الْحَشَفَة ثمَّ رَاجعهَا ثمَّ أتم الْفِعْل قَالَ لِأَن الِابْتِدَاء غير مَمْنُوع عَنهُ فَإِذا غيب الْحَشَفَة وَقع الطَّلَاق فَإِذا رَاجعهَا حل الْوَطْء فإكمال الْفَصْل حَلَال
1048 - مَسْأَلَة إِذا حلف لَا يخرج من الْبَلدة حَتَّى يقْضِي دين فلَان بِالْعَمَلِ فَعمل لَهُ بِبَعْض دينه وَقضى الْبَاقِي فِي مَوضِع آخر ثمَّ خرج قَالَ يَحْنَث وَيَقَع الطَّلَاق إِن كَانَ قد حلف بِالطَّلَاق وَإِن قَالَ عنيت بِهِ أَنِّي لَا أخرج من دينه وأقضيه يقبل قَوْله فِي الْبَاطِن دون الظَّاهِر
1049 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لأمته إِذا زَوجتك فَأَنت حرَّة فَإِذا زَوجهَا يَصح التَّزْوِيج وتعتق عَقِيبه وَإِن كَانَ التَّزْوِيج من عبد يثبت لَهَا الْخِيَار بِسَبَب الْعتْق وَلَو قَالَ لَهَا فَإِذا زَوجتك فَأَنت حرَّة قبله فَزَوجهَا لَا يَصح التَّزْوِيج وَلَا تعْتق لأَنا لَو صححنا التَّزْوِيج يحْتَاج أَن يعتقها من قبل وَإِذا أعْتقهَا من قبل لَا يَصح تَزْوِيجه إِيَّاهَا وَإِذا قَالَ إِذا زَوجتك فَأَنت حرَّة مَعَ تزويجي إياك قَالَ ذكر أَصْحَابنَا فِي الطَّلَاق إِذا قَالَ بِغَيْر الدُّخُول بهَا أَنْت طَالِق مَعَ طَلْقَة كم يَقع وَجْهَان جعل بَعضهم على التعقيب فعلى هَذَا هَا هُنَا يَصح النِّكَاح وَالصَّحِيح أَنه لَيْسَ على التعقيب بل وقوعهما مَعًا فعلى هَذَا لَا يَصح النِّكَاح وَلَو قَالَ إِذا زَوجتك فَأَنت حرَّة قبله ثمَّ أَذِنت الْأمة فِي تزوويحها ثمَّ زَوجهَا السَّيِّد وَلَا ولي لَهَا بعد الْعتْق بتقواه فَهَل يَصح النِّكَاح يحْتَمل وَجْهَيْن لأَنا إِنَّمَا لم نحكم بِصِحَّة النِّكَاح لِأَنَّهُ لَو صححنا احتجنا أَن نعتقها من قبل وَلَو اعتقناها كَانَ تَزْوِيجهَا بِغَيْر إِذْنهَا من وَليهَا إِذا وجد الْإِذْن بَان انه كَانَ تزويجا بِإِذْنِهَا من وَليهَا

(2/687)


@ لكنه لم يكن بيعا فَهُوَ كَمَا لَو بَاعَ مَال أَبِيه على ظن أَنه حَيّ فَبَان مَيتا فِي صِحَة البيع قَولَانِ
1050 - مَسْأَلَة الْإِيلَاء إِذا قَالَ وَالله لَا أجامعك إِلَّا فِي حَال حيضك أَو حَال موتك أَو إحرامك أَو إِلَّا فِي الْمَسْجِد أَو نفي نَهَار رَمَضَان فَهُوَ مولي لِأَن الْوَطْء محرم فِي هَذِه الْأَحْوَال أَو عَلَيْهَا الِامْتِنَاع وَيضْرب الْمدَّة وَبعد مُضِيّ الْمدَّة يضيق الْأَمر عَلَيْهِ فَإِن فَاء فِي حَالَة الْحيض أَو فِي شَيْء من هَذِه الْأَحْوَال لَا يرْتَفع الْيَمين وَلَكِن يرْتَفع التفسيق لارْتِفَاع المضارة ثمَّ يضْرب الْمدَّة ثَانِيًا لبَقَاء الْيَمين كَمَا لَو ضيقنا الْأَمر على الْمولي فَطلق سقط عَنْهَا التفسيق فَإِن رَاجع لَا يضيق الْأَمر عَلَيْهِ فِي الْحَال بل تضرب الْمدَّة لبَقَاء الْيَمين ثمَّ بعد يَمِينهَا يضيق الْأَمر عَلَيْهِ ثَانِيًا
1051 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ إِن قربتك فَللَّه عَليّ صَوْم هَذَا الشَّهْر أَو إِن كلمت فلَانا فَللَّه عَليّ صَوْم هَذَا الشَّهْر وَقد بَقِي من الشَّهْر نصف يَوْم فَهُوَ لَغْو كَمَا لَو نذر صَوْم نصف يَوْم لَا ينْعَقد نَذره فَإِن قبل إِذا قُلْتُمْ لي فِي بلد اللحاح كَفَّارَة الْيَمين وَجب أَن يُؤَدِّي يَوْمًا هَا هُنَا قُلْنَا إِنَّمَا يجب فِي بلد اللحاح كَفَّارَة الْيَمين إِذا الْتزم قربَة وَصَوْم نصف الْيَوْم لَيْسَ بقربة فَهُوَ كَمَا لَو قَالَ إِن كلمت فلَانا فَللَّه عَليّ أَن أنظر أَو أبني لَا يكون شَيْئا فَإِنَّهُ قيل وَجب أَن يَبْنِي على مَا نذر صَوْم الْيَوْم الَّذِي يقدم فِيهِ فلَان قُلْنَا ثمَّة إِذا قدم نَهَارا هَل يلْزمه قَولَانِ احدهما لَا يلْزم وَإِن قُلْنَا يلْزمه يصير كَأَنَّهُ قَالَ عَليّ صَوْم الْيَوْم الَّذِي يتَصَوَّر فِيهِ قدوم فلَان فَيكون مُلْتَزما صَوْمه من أَوله وَهَا هُنَا لَو نذر نصف الْيَوْم لَا يَصح أَن يَجْعَل كَذَلِك
1052 - مَسْأَلَة إِذا آلى عَن زَوجته وَمَضَت مُدَّة الْإِيلَاء وَأمره القَاضِي بالفيء أَو التَّطْلِيق فَامْتنعَ عَنْهَا وَأَرَادَ القَاضِي أَن يُطلق الْمَرْأَة هَل يشْتَرط حُضُور الْمولي قَالَ لَا يشْتَرط حُضُور الْمولي كَأَنَّهُ امْتنع عَنْهُمَا ثمَّ عَن الْمجْلس وَطلبت الْمَرْأَة التَّطْلِيق طَلقهَا القَاضِي وَلَو شهد شَاهِدَانِ على أَن فلَانا آلى عَن امْرَأَته وَمَضَت أَرْبَعَة أشهر وَهُوَ مُمْتَنع عَن الْفَيْء والتطليق هَل للْقَاضِي أَن يطلقهَا

(2/688)


@ بِهَذِهِ الْبَيِّنَة أم لَا بُد من امْتِنَاعه بَين يَدَيْهِ وَفِي الْمَسْأَلَة الأولى قد امْتنع بَين يَدَيْهِ ثمَّ غَابَ وَلَو عضل الْوَلِيّ عَن التَّزْوِيج هَل يشْتَرط الحضارة مجْلِس الحكم حَتَّى يفصل بَين يَدي القَاضِي ثمَّ يُزَوّج القَاضِي أم يَكْتَفِي شَاهِدَانِ على أَنه عاضل قَالَ لَا يَكْتَفِي أَن يشْهد أَن شَاهِدَانِ على عضله حَتَّى يمْتَنع بَين يَدَيْهِ فَإِن تعذر إِحْضَاره بتمرد أَو توارى أَو غَابَ حِينَئِذٍ يحكم عَلَيْهِ بالعضل بِشَهَادَة الشُّهُود كَمَا لَو أدعى مَالا وَادّعى أَنه مُمْتَنع عَن إوائه لَا يَأْخُذ من مَاله حَتَّى يحضر فَيمْتَنع أَو عسر إِحْضَاره حِينَئِذٍ يَأْخُذ وَيحْتَمل أَن يُقَال يحكم بِالْفَصْلِ بِشَهَادَة الشُّهُود مَعَ إِمْكَان الْإِحْضَار بِخِلَاف امْتنَاع الْمولي عَن الْفَيْء وَالْفرق أَن الْوَاجِب على الْمولي الْفَيْء وَهُوَ أَمر لَا يجْرِي فِيهِ الْإِنَابَة وَقد يكون لَهُ عذر فِي الِامْتِنَاع عَن الْفَيْء فَمَا لم ينتف قصد المضارة بالامتناع بَين يَدَيْهِ لَا تطلق عَلَيْهِ فَإِذا وجد طلق دفعا للمضارة بِدَلِيل أَنه إِذا غَابَ عَنْهَا مُدَّة مديدة لكنه لم يحلف على الِامْتِنَاع عَن الْوَطْء لم يكن للْقَاضِي تطليقها عَلَيْهِ وَفِي الْفَصْل الْوَاجِب على الْوَلِيّ تَزْوِيجهَا بِدَلِيل أَنه إِذا غَابَ غير مُمْتَنع القَاضِي تزوج لِأَنَّهُ أَمر توجه عَلَيْهِ لَهَا على الْوَلِيّ وَقد تعذر وصولها إِلَيْهِ فَالْقَاضِي يَنُوب منابة فِي إِيفَاء حَقّهَا مِنْهُ وَالْأول أصح وَأولى
1053 - الظِّهَار من مَسْأَلَة إِذا قَالَ أعتق عَبدك مني على ألف فَقَالَ أعْتقهُ عَنْك مجَّانا قَالَ حكمه حكم من قَالُوا تبدأ هَا هُنَا الْكَلِمَة من قبل نَفسه يعْتق عَن الْمُعْتق لَا عَن السَّائِل
الْعدة إِذا طلق امْرَأَته طَلَاقا رَجْعِيًا وَكَانَ يخالطها ويعاشرها لَا يحكم يانقضاء عدتهَا إِلَّا أَن تكون عدتهَا بِوَضْع الْحمل فالوضع ينْقض أما البائنة لَا يمْتَنع انْقِضَاء عدتهَا بالمخالطة لَا بِالْوَطْءِ لِأَنَّهُ زنا قَالَ شَيخنَا رَضِي الله عَنهُ وَلَعَلَّ امْتنَاع انْقِضَاء الْعدة فِي حق الرَّجْعِيَّة من حَيْثُ أَن الزَّوْج يستفرشها كَمَا لَو نكحت الْمُعْتَدَّة زوجا آخر فِي عدتهَا فزمان اشتغالها بِالزَّوْجِ الثَّانِي واشتغاله بهَا واستفراشه لَا يحْسب عدَّة الأول إِلَّا أَن تكون عدتهَا بِوَضْع الْحمل فتنقض بِالْوَضْعِ قَالَ على هَذَا لَو طَلقهَا ثَانِيًا فنكحها الْمُطلق على تَقْدِير أَن الْعدة قد

(2/689)


@ انْقَضتْ ونكحت هِيَ زوجا آخر وَإِذن عدتهَا مِنْهُ غير منقضية وَلَا هِيَ نكحت زوجا غَيره يَنْبَغِي أَن يُقَال زمَان استفراشه لَا يحْسب عَن عدته كزمان استفراش الرَّجْعِيَّة وكزمان استفراش الْغَيْر إِذا كَانَ يُبَاشر الرَّجْعِيَّة معاشرة الْأزْوَاج قَالَ أَصْحَابنَا لَا يحكم بِانْقِضَاء الْعدة وَإِن مَضَت بهَا أَقراء وَله الرّجْعَة قَالَ وَالَّذِي عِنْدِي أَنه لَا يحكم بِانْقِضَاء الْعدة وَلَكِن بعد مُضِيّ الإقراء لَا رَجْعَة بِالِاحْتِيَاطِ فِي الْجَانِبَيْنِ كَمَا لَو وطىء الرَّجْعِيَّة بعد قرء وَعَلَيْهَا من وَقت الْوَطْء عَلَيْهِ أَن تَعْتَد بِثَلَاثَة اقراء فِي الْقُرْء الثَّالِث لَا يجوز لَهُ مراجعتها وكما أَن عِنْد أبي حنيفَة الْخلْوَة توجب الْعدة وَلَا تثبت الرّجْعَة وَهَذَا الْآن تَحْرِيم النِّكَاح وابقاء حكم الْعدة من حَيْثُ أَنه يبعد أَن يكون امْرَأَة على حكم فرَاش حَبل يعاشرها معاشرة الْأزْوَاج ثمَّ تخرج وتتزوج فِي الْحَال وَتَحْرِيم الرَّجْعِيَّة لحقيقة انْقِضَاء الْعدة
1054 - مَسْأَلَة رجل طلق امْرَأَته فِي حَال السكر يَقع فَلَو لم يعلم بِالطَّلَاق فَغَاب فَتزوّجت الْمَرْأَة فِي غيبته بعد انْقِضَاء عدتهَا ورحل بهَا الزَّوْج الثَّانِي وَطَلقهَا ثمَّ عَاد الأول بَعْدَمَا مضى بهَا قراءن من عدَّة الثَّانِي فوطئ الزَّوْجَة وَعِنْده أَنَّهَا زَوجته قَالَ لَا يَنْقَطِع بِهَذَا الْوَطْء عدَّة الزَّوْج الثَّانِي إِلَّا أَن تحبل فَتقدم عدَّة الْحمل وَإِن لم تحمل تكمل عدَّة الزَّوْج الثَّانِي ثمَّ تَعْتَد عَن الأول بِسَبَب الْوَطْء وَإِذا غَابَ الزَّوْج الأول بعد هَذَا مُدَّة انْقَضتْ عدتهَا عَن الزَّوْجِيَّة بِحَسب وَإِن كَانَ عِنْد الزَّوْج الأول أَنَّهَا فِي نِكَاحه وَلَيْسَ كَالْمَرْأَةِ تنْكح فِي الْعدة عَن الْغَيْر فَدخل بهَا زمَان انشغالها بِالزَّوْجِ الثَّانِي لَا تحسب عَن مُدَّة الأول عِنْدهَا إِنَّمَا فِي نِكَاح الثَّانِي فَهِيَ معرضة عَن عدَّة الزَّوْج وَهَا هُنَا الْمَرْأَة غير عَالِمَة أَنَّهَا غير حَلَال للزَّوْج الأول
1055 - مسزلة إِذا اشْترى زَوجته الْأمة وارتفع النِّكَاح فَأَتَت بِولد إِلَى أَربع سِنِين يلْحقهُ بِحكم النِّكَاح وَلَو وَطئهَا بعد ملكهَا فَأَتَت بِولد لأكْثر من سنة لشهر من وَقت الْوَطْء يلْحقهُ لملك الْيَمين فَلَو وَطئهَا بِملك الْيَمين واستبرأها ثمَّ أَتَت بِولد لأكْثر من سِتَّة أشهر من وَقت الِاسْتِبْرَاء لَا يلْحقهُ بِملك الْيَمين فَإِن

(2/690)


@ وَجب أَن لَا يلْحقهُ أَيْضا بِملك النِّكَاح وَإِن كَانَ لمدون أَربع سِنِين لِأَن فرَاش ملك الْيَمين قطع حكم فرَاش النِّكَاح فَلَا يُمكنهُ نفي الْوَلَد إِلَّا بِمَا يبقي ملك الْيَمين وَهُوَ الِاسْتِبْرَاء كَمَا لَو نكحت زوجا آخر بعد الْعدة فَأَتَت بِولد نَفَاهُ الثَّانِي بِاللّعانِ لِأَنَّهُ من الأول
1056 - مَسْأَلَة الصَّغِيرَة إِذا أَتَت بِولد ونفست وَلم تحضر قطّ فعدتها بِالْأَشْهرِ وَلَا يَجْعَل النّفاس كالحيض فِي أَن يَجْعَلهَا من ذَوَات الْأَقْرَاء
1057 - مَسْأَلَة إِذا وطِئت امرأه بِالشُّبْهَةِ وَهِي فِي نِكَاح الْغَيْر وكامل من الزَّوْج الأول قَالَ لَا تجب مُدَّة الْحمل من عدَّة الْوَطْء وَإِن لم يكن هِيَ فِي هَذِه الْحَالة فِي عدَّة لِأَن رَحمهَا مَشْغُول جَاءَ مُحْتَرم فَلَا يكون زَمَانه محسوبا عَن عدَّة الْغَيْر
1058 - مَسْأَلَة إِذا وطِئت امْرَأَة بِالشُّبْهَةِ وَهِي فِي نِكَاح الْغَيْر يجب عَلَيْهَا الْعدة وَلَا يجوز للزَّوْج وَطئهَا فِي عدَّة الْوَطْء وَهل يجوز سَائِر أَنْوَاع الِاسْتِمْتَاع من الْقبْلَة واللمس بالشهوة قَالَ يحْتَمل وَجْهَيْن بِنَاء على أَن المسبية هَل يجوز لليد فِي زمَان الِاسْتِبْرَاء هَذِه الاستمتاعة لِأَن ثمَّة كَونهَا حاملة عَن الْأُخْرَى لَا تمنع الْملك المشتراه كَذَلِك هَا هُنَا وَطْء الشُّبْهَة لَا يعْدم ملك الزَّوْج وَسُئِلَ مرّة عَن هَذِه الْمسَائِل فَقَالَ لَا يجوز هَذِه الاستمتاعة بالمعتدة وَجها وَاحِدًا بِخِلَاف المسبية لِأَن ثمَّة لَا حُرْمَة لَهَا كالكافرة أصلا وَهَا هُنَا مَا هَذَا الْوَطْء مُحْتَرم نَظِير المسبية من مَسْأَلَتنَا الْمَنْكُوحَة إِذا زنت فحبلت لَا يجوز للزَّوْج وَطئهَا وَهل تجوز سَائِر الاستمتاعات وَجْهَان وَسُئِلَ هَل يجب على الزَّوْج نَفَقَة الْمَنْكُوحَة فِي زمَان عدَّة الشُّبْهَة قَالَ لَا يجب لِأَنَّهَا مَشْغُولَة بِحَق الْغَيْر باختيارها
1059 - مَسْأَلَة أم الْوَلَد إِذا مَاتَ سَيِّدهَا أَو أعْتقهَا وَهِي فِي نِكَاح زوج أَو عدته لَا اسْتِبْرَاء عَلَيْهَا عَن السَّيِّد فَإِن كَانَت فِي عدَّة وطىء الشُّبْهَة يكون هَكَذَا الِاسْتِبْرَاء عَلَيْهَا

(2/691)


- مَسْأَلَة اشْترى جَارِيَة فَوَطِئَهَا قبل الِاسْتِبْرَاء وأجلها يجوز لَهُ أَن يعود إِلَى وَطئهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا ثمَّ إِن كَانَت لَا ترى الدَّم على الْحَبل حَتَّى يضع الْحمل ويمضي مُدَّة الِاسْتِبْرَاء قَالَ لحيضة بِمَعْنى بهَا وَإِن كَانَت ترى الدَّم على الْحَبل إِن لم يَجعله حيضا هَكَذَا وَإِن جَعَلْنَاهُ حيضا قَالَ أمضت بهَا حَيْضَة على الْحَبل جَازَ لَهُ وَطئهَا بعد وَلَا يَجْعَل كالعدتين بَين شَخْصَيْنِ لَا يتداخلان لِأَن الْوَطْء هَا هُنَا لَا يُوجب الْعدة لَا عفاء فِي الْملك إِنَّمَا عَلَيْهِ اسْتِبْرَاء وَقد حصل بِمَعْنى حَيْضَة
الرَّضَاع إِذا ادَّعَت الْأمة أَن بَينهَا بَين سَيِّدهَا نسب لَا يقبل فِي حكم مَا وَالْفرق أَن النّسَب أصل يبْنى عَلَيْهِ أَحْكَام كَثِيرَة من الوصايات كلهَا أهم وَأعظم من أَمر التَّحْرِيم فَلَمَّا ثَبت بقول الْمَمْلُوك
الْحَضَانَة
1061 - مَسْأَلَة يُخَيّر الْمَوْلُود بَين أَبَوَيْهِ بعد سبع سِنِين وَكَذَلِكَ يُخَيّر بَين الْأُم وَالْعم فَإِن قيل يُخَيّر بَين نسَاء الْأَقَارِب إِذا اجْتمعت أَو يكون أقربهن أولَاهُنَّ كَمَا فِي حَال الطفولية قَالَ لَا يُخَيّر بَين النِّسَاء قربهن أولَاهُنَّ لِأَنَّهُ لَا حق لَهُنَّ فِي النقلَة
1062 - مَسْأَلَة إِذا جعلنَا الْأُم أولى بحضانة الْوَلَد فِي السّفر وَله أَخَوان فَأَرَادَ الِانْتِقَال إِلَى مَسَافَة الْقصر فلهَا حمل الْوَلَد مَعَ نَفسهَا لحفظ نَسَبهَا فَلَو أَرَادَ أحد الْأَخَوَيْنِ الِانْتِقَال إِلَى جِهَة وَالْأُخْرَى إِلَى أُخْرَى وكل مَسَافَة الْقصر يفرغ بَينهمَا وَإِن كَانَ أحد المسافتين أقرب وَإِن كَانَ لَهُ أَخَوان أَحدهمَا يُرِيد الِانْتِقَال وَالْآخر يُقيم وَأَحَدهمَا يُرِيد الِانْتِقَال إِلَى مَسَافَة الْقصر وَالْآخر إِلَى أقل فَلَا ينتزع الْوَلَد من الْأُم لِأَنَّهُ مَحْفُوظ بالأخ الْحَاضِر
1063 - مَسْأَلَة إِذا طالع على كَفَالَة الْوَلَد إِنَّمَا يجوز إِذا كَانَ الْوَلَد خَارِجا أما قبل الْخُرُوج فَلَا يجوز

(2/692)


@
بَاب النَّفَقَات

إِذا كَانَت الْأُم معسرة وَلها ولد طِفْل وَله مَال هَل لَهَا أَخذ نَفَقَتهَا من مَال وَلَدهَا الطِّفْل أجَاب لَا يجوز إِلَّا بِإِذن القَاضِي وَإِن كَانَت الْأُم قيمَة أَيْضا لَا يجوز إِلَّا بِإِذن القَاضِي
1064 - مسإلة وَسُئِلَ عَن طِفْل لَهُ مسكن وَلَا مَال لَهُ سواهُ وَأَبوهُ مُوسر هَل يُبَاع مَسْكَنه أَو يُؤْخَذ الْأَب بِنَفَقَتِهِ قَالَ يُبَاع مَسْكَنه وَلَا تجب نَفَقَته على الْأَب مَا دَامَ لَهُ مسكن فَإِذا بيع الْمسكن وَاتفقَ عَلَيْهِ وَلم يبْق مَال حِينَئِذٍ على الْأَب نَفَقَته
1065 - مَسْأَلَة الْمَوْلُود لَا يُخَيّر بَين نسَاء الْقَرَابَة وَقَالَ التَّخْيِير بَين الْأُم وَسَائِر العصابات أما بَين النِّسَاء فَلَا يُخَيّر
1066 - أم كسوبة لَا مَال لَهَا وَلها ولد مُعسر هَل تجب نَفَقَة الْوَلَد فِي كسبها قَالَ يجب إِذا غَابَ الْأَب وجد الطِّفْل حَاضر مُوسر قَالَ النَّفَقَة على الْأَب تستدان عَلَيْهِ الْمُعْتَدَّة الْحَامِل تسْتَحقّ من النَّفَقَة والإدام وَالْكِسْوَة مَا يَسْتَحِقهَا الْمُلُوك وَكَذَلِكَ نَفَقَة الْخَادِم وَإِذا خرج الرجل إِلَى سفر طَوِيل قَالَ لامْرَأَته أَن تطالبه نَفَقَتهَا لمُدَّة ذَهَابه ورجوعه لَا يخرج إِلَى الْحَج حَتَّى يتْرك لَهَا هَذَا الْقدر
1067 - مَسْأَلَة صبية بلغت ثَمَان سِنِين وَهِي تعقل عقل مثلهَا وافترق أَبوهَا وزوجت الْأُم زوجا وَهِي تخْتَار الْأَب وَلَا تُرِيدُ الْأُم قَالَ الْأَب أولى لِأَنَّهُ لَا حق للْأُم فِي الْحَضَانَة إِذا نكحت وَإِن اختارتها الْبِنْت لَا عِبْرَة باختيارها
1068 - مَسْأَلَة إِذا عسر الزَّوْج بِالنَّفَقَةِ فرضيت فلهَا الْفَسْخ بعدة وَلَكِن فِي ذَلِك الْيَوْم لَا تفسخ وَفِي الْيَوْم الثَّانِي تكن على أَنه هَل يُمْهل الْمُعسر وَفِيه اخْتِلَاف

(2/693)


- مَسْأَلَة إِذا امْتنع الزَّوْج عَن أَدَاء النَّفَقَة هَل لَهَا الْفَسْخ فِيهِ قَولَانِ وَالْأَظْهَر لَيْسَ لَهَا ذَلِك وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ الزَّوْج غَائِبا هَل لَهَا الْفَسْخ بِسَبَب الْإِعْسَار قَالَ لَو كَانَ لأَقل من مَسَافَة الْقصر لَيْسَ لَهَا الْفَسْخ وَإِذا كَانَ فِي مَسَافَة الْقصر لَهَا الْفَسْخ قَالَ الإِمَام وَالْفرق بَين مَا إِذا كَانَ الزَّوْج غَائِبا فَلَا فسخ وَإِذا كَانَ مَاله غَائِبا ثَبت الْفَسْخ هُوَ أَنه إِذا كَانَ الزَّوْج غَائِبا فالعجز وجد فِي الْمَرْأَة عَن أَخذ النَّفَقَة لَا فِي الزَّوْج لِأَنَّهُ قَادر على إبقائها وَإِذا كَانَ المَال غَائِبا فالعجز فِي الزَّوْج لَا فِي الْمَرْأَة كالمعسر وَكَذَلِكَ فِي الممتع الْعَجز فِي الْمَرْأَة لَا فِيهَا فَصَارَ هَذَا كَمَا إِذا كَانَت الْمَرْأَة صَغِيرَة لَا نَفَقَة لَهَا لِأَن الْعذر من قبلهَا وَإِن كَانَ الزَّوْج صَغِيرا لَهَا النَّفَقَة لِأَن الْعذر من جِهَته
كتاب الْجراح
1070 - مَسْأَلَة رجل لَهُ عَبْدَانِ قتل أَحدهمَا صَاحبه للْمولى أَن يقْتَصّ فَإِن عَفا لَا يثبت المَال فَإِذا أعْتقهُ لَا يسْقط الْقصاص فَلَو عَفا بعده مُطلقًا لَا تثبت الدِّيَة لِأَن الْقَتْل لم يُثبتهُ وَلَا شَيْء على أَن مُطلق الْعَفو هَل يُوجب المَال وَلَو عَفا بعد أَن أعْتقهُ عَن الْقصاص على مَال آخر وعَلى عبد مَوْصُوف فَقيل بنت
1071 - مَسْأَلَة رجل قطع يَدي رجل إِحْدَاهمَا عمد وَالْأُخْرَى خطأ فَمَاتَ مِنْهُمَا لَا يجب الْقصاص فِي النَّفس بل يجب نصف الدِّيَة مخفضة على قَاتله وَنِصْفهَا مُغَلّظَة فِي مَاله وَهُوَ أَن الْوَلِيّ استوفى الْقصاص من الطّرف الَّذِي قطعه عمدا فسرى إِلَى النَّفس قَالَ صَار مُسْتَوْفيا لجَمِيع حَقه وَلَا شَيْء على الْعَاقِلَة وَجعل كَأَن الْوَلِيّ استوفى الْحق الَّذِي كَانَ لَهُ على الْعَاقِلَة من غَيره كَمَا يثبت لَهُ الْقصاص على رجل قتل من عَلَيْهِ الْقصاص خطأ كَانَ مُسْتَوْفيا حَده لَو كَانَ قتل الْخَطَأ يُوجب الدِّيَة على الْعَاقِلَة
1072 - مَسْأَلَة رجل قطع إِحْدَى يَدي عبد فَعتق ثمَّ مَاتَ بِالسّرَايَةِ

(2/694)


@ فَيجب على الْجَانِي دِيَة كَامِلَة للسَّيِّد مِنْهُمَا فِي أصح الْقَوْلَيْنِ الأولى من نصف قِيمَته أَو كَمَال دينه وَلَو قطع إِحْدَى يَدي عبد ثمَّ عتق ثمَّ جَاءَ قبل الِانْدِمَال وجز رقبته قَالَ هَذَا بينى على من قطع يَد رجل ثمَّ قبل الِانْدِمَال جز رقبته هَل يدْخل بدل الطّرف فِي بدل النَّفس يرتب على مَا كَانَ عمدين أَو خطأين هَذَا قَول الْأَصْحَاب جِئْنَا إِلَى مَسْأَلَة العَبْد يعْتق فَإِن قُلْنَا بدل الطّرف لَا يدْخل فِي بدل النَّفس عِنْد الِاخْتِلَاف فها هُنَا على الْجَانِي دِيَة كَامِلَة للْوَرَثَة وَنصف قيمَة العَبْد للسَّيِّد وَإِن قُلْنَا يدْخل يجب عَلَيْهِ دِيَة وَاحِدَة وَللسَّيِّد مِنْهَا الْأَقَل من نصف قيمَة العَبْد أَو نصف دِيَته كَمَا لَو قطع يَده عبد فَعتق ثمَّ قطع يَده الْأُخْرَى وَمَات مِنْهُمَا فَعَلَيهِ الدِّيَة وَللسَّيِّد الْأَقَل من نصف قِيمَته أَو نصف دِيَته لِأَن جُزْء الرَّقَبَة بعد الْحُرِّيَّة لَا تجْعَل أقل من قطع الْيَد بعد الْحُرِّيَّة
1073 - مَسْأَلَة لَو قطع رجل يَد إِنْسَان وجز رجل آخر رقبته وَوَقعت حَيا بَينهمَا مَعًا قَالَ على جَازَ الرَّقَبَة دِيَة كَامِلَة وعَلى قَاطع الْيَد نصف الدِّيَة كَمَا لَو تفَرقا وَهُوَ أَن يقطع يَد إِنْسَان ثمَّ قبل الِانْدِمَال جَاءَ آخر وجز رقبته يجب على قَاطع الْيَد نصف الدِّيَة وعَلى جَازَ الرَّقَبَة دِيَة كَامِلَة وَلَو رمى مَجُوسِيّ وَمُسلم سَهْمَيْنِ إِلَى صيد فَأصَاب سهم الْمُسلم المذبح وَسَهْم الْمَجُوسِيّ يَمِين المذبح فالصيد حَلَال وَإِن أصَاب فالصيد لمن يكون قَالَ إِن لم تكن إِصَابَة الْمَجُوسِيّ مزمنة فالصيد للْمُسلمِ وَإِن كَانَ مزمنا فالصيد بَينهمَا لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا وجد سَهْما يُوجب الْملك فاستويا فِيهِ وَالصَّيْد حَلَال لِأَن الْمَجُوسِيّ لم يُشَارِكهُ فِي الذّبْح إِنَّمَا يُشَارِكهُ فِي الإزمان
1074 - مَسْأَلَة إِذا أكره العَبْد على إِتْلَاف مَال إِنْسَان فَفعل إِن قُلْنَا الكره لَا يكون طَرِيقا فَيتَعَلَّق الضَّمَان بِجَمِيعِ مَال السَّيِّد وَلَا يتَعَلَّق بِرَقَبَة العَبْد

(2/695)


@ وَإِن قُلْنَا الْمُكْره يكون طَرِيقا فَيتَعَلَّق بِرَقَبَة العَبْد وبجميع مَال السَّيِّد
1075 - مَسْأَلَة رجل حفر بِئْر عدوان ثمَّ سد رَأسه ثمَّ جَاءَ آخر وَفتح فَوَقع فِيهَا شَيْء فَتلف قَالَ الضَّمَان يجب على من فتح رَأسه وَلَو جَاءَ محتسب فسد رَأسهَا ثمَّ جَاءَ آخر وَفتح فعلى الثَّالِث كَمَا لَو طمه فجَاء آخر وَأخرج التُّرَاب مِنْهُ
1076 - مَسْأَلَة رجل طرح إنْسَانا فَأذْهب مُبَاشَرَته بِأَن جعله عنينا فَعَلَيهِ الْحُكُومَة وَإِن صَار ذكره لَا يَتَحَرَّك فديَة وَإِن أذهب مَاء فَذَلِك وَإِن كَانَ يتقابلان فِي مَاء أَحدهمَا صَاحبه فَكَذَلِك وَإِن سقط بصولته لَا يجب شأ وَإِن سقط بصولته وضربه فَنصف الضَّمَان
1077 - مَسْأَلَة من روى خَبرا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقتل القَاضِي بِهِ رجلا ثمَّ رَجَعَ قَالَ يَنْبَغِي أَن يجْبر القَوْل إِذا قَالَ تعمت كالشاهد إِذا رَجَعَ وَلَو شهدُوا على الزِّنَا فرجم سم رجعُوا قَالَ يَسْتَوْفِي الْقصاص من الشَّاهِد بطرِيق الْجلد
1078 - مَسْأَلَة إِذا صَاح بِدَابَّة إِنْسَان أَو هيجها بِثَوْبِهِ فَسَقَطت فِي مَاء أَو وَحل فَهَلَكت يجب الضَّمَان كَمَا لَو صَاح بصبي فَمَاتَ وَإِن كَانَ على ظهرهَا إِنْسَان فَسقط من فَوْقهَا فَالدِّيَة على عَاقِلَته لِأَنَّهُ مسبب وَلَو خرج من وَرَائه ليقرب مِنْهُ لم يضمن لِأَنَّهُ يتَصَرَّف فِي ملكه
1079 - مَسْأَلَة رجل شدّ عَبْدَيْنِ لَهُ حبلي بَعِيرَيْنِ أَحدهمَا بالأخر ليركبهما فِي المسرح وَفِي المسرح بعير فَدخل بَينهمَا فَهَلَك أحد الْعَبْدَيْنِ من شدَّة الْحَبل قَالَ لَا ضَمَان على صَاحب الْبَعِير إِذا لم يكن مَعَه إِلَّا أَن يكون مَعْرُوفا فِي القص والقص فَيضمن إِذا هلك بَعْضهَا
1080 - مَسْأَلَة الْوَكِيل فِي اسْتِيفَاء الْقصاص إِذا قَالَ قتلته عَن جِهَة نَفسِي لَا عَن جِهَة موكلي قَالَ عَلَيْهِ الْقصاص وَحقّ الْوَلِيّ فِي تَركه الْمَقْتُول

(2/696)


- مَسْأَلَة إِذا أقرّ وَقَالَ إِنِّي قتلت أحد هذَيْن الرجلَيْن فَادّعى عَلَيْهِ ولي أَحدهمَا فَأنْكر وَحلف بتعين إِقْرَاره فِي حق الْوَلِيّ
1082 - مَسْأَلَة إِذا أقرّ بقتل خطأ وكذبته الْعَاقِلَة فَالدِّيَة فِي مَاله فَإِن لم يكن لَهُ عَاقِلَة قَالَ إِن صدقه السُّلْطَان فَالدِّيَة فِي بَيت المَال وَإِن كذبه فَفِي مَاله قَالَ وَإِن كَذبته الْعَاقِلَة وَهُوَ مُوسر لَا يجب فِي بَين المَال وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مُعسرا لِأَن مَا يجب الِاعْتِرَاف لَا يجْرِي فِيهِ التحميل إِلَّا بالتضيق مِمَّن عَلَيْهِ وَالَّذِي عَلَيْهِ الْعَاقِلَة وهم لم يصدقوه وَإِن انقرضت الْعَاقِلَة ثمَّ صدقه السُّلْطَان هَل يجوز أَن يُوجد من بَيت المَال وَلَو كَانَت عَاقِلَة أقَارِب وأباعد وَفِي الْأَقَارِب وَفَاء فكذبته الْأَقَارِب وصدقته الأباعد فَإِن مَاتَ الْأَقَارِب فَهَل يُؤْخَذ من الأباعد فِيهِ أَقْوَال
1083 - مَسْأَلَة اسْتَأْجر رجلا للزَّرْع فَسرق الْأَجِير شَيْئا من الْحِنْطَة وخبأها تَحت التِّبْن فمالك الأَرْض أرسل دَابَّته فِي التِّبْن ليَأْكُل فَأكلت الْحِنْطَة فَهَلَكت قَالَ الا يضمن الْأَجِير كمن دخل دَار إِنْسَان فَجعل السم فِي طَعَام صَاحب الدَّار فَأَكله صَاحب الدَّار فَهَلَك فضمان النَّفس لَا يجب على من جعل السم فِيهِ
1084 - مَسْأَلَة من نصفه حر وَنصفه رَقِيق إِذا قتل إنْسَانا خطأ يجب نصف الدِّيَة على عَاقِلَته وَله عَاقِلَة يتحملون نصف عقله نسبيا كَانَ أَو معتقا
1085 - مَسْأَلَة إِذا وَجب الْقصاص على مُرْتَد فَقتله من لَهُ الْقصاص فقد استوفى حَقه وَإِن قَتله من لَهُ الْقصاص عَن الرِّدَّة فقد سقط حق من لَهُ الْقصاص
1086 - مَسْأَلَة عبد أتلف مَال إِنْسَان ثمَّ أعْتقهُ مَوْلَاهُ فَسَوَاء علم بإعتاقه أَو لم يعلم يجب الضَّمَان على الْمولى لِأَنَّهُ كَانَ مُتَعَلقا بِرَقَبَتِهِ وَقد أتلف السَّيِّد بِالْإِعْتَاقِ رقبته فَيجب الضَّمَان عَلَيْهِ
1087 - مَسْأَلَة رجل حفر بِئْر عدوان فتردت فِيهَا بَهِيمَة فَلم يصبهَا أَذَى

(2/697)


@ لَكِنَّهَا بقيت فِيهَا أَيَّامًا فَهَلَكت جوعا وعطشا قَالَ لَا ضَمَان على الْحَافِر بحدوث سَبَب آخر سوى التردي فِي الْبِئْر وَكَذَلِكَ لَو جَاءَ سبع فَأَكله فِي الْبِئْر لَا ضَمَان على الْحَافِر
1088 - مَسْأَلَة إِذا كَانَ جَالِسا فِي مَسْجِد فَدخل فصدمته قَالَ لَا يضمن الصادم دِيَة الْجَالِس وَكَذَلِكَ إِذا جلس للصَّلَاة أَو معتكفا أَو لطاعة فَأَما إِذا جلس فِي فرَاغ عِنْد الْمَسْجِد من كَلَام أَو جِنَايَة فَهُوَ الْجَانِي لَا يضمن الصادم دِيَته وَإِن مَاتَ الصادم يضمن هُوَ دِيَته على عَاقِلَته
1089 - مَسْأَلَة إِذا قطع الطَّرِيق على وَاحِد فَهُوَ كَمَا لَو قطع الطَّرِيق على جمَاعَة
1090 - مَسْأَلَة رجل ضرب يَد عبد وجرحه ثمَّ داواه جَزَاء وَلم يبْق أثر فَهَل يجب أجر مثل الْمدَّة الَّتِي كَانَ عَاجِزا عَن الْكسْب قَالَ وَجب أَن يجب بِخِلَاف مَا لَو جرح حرا فيفي عَن الْكسْب لِأَن الْحر لَا يضمن بِالْيَدِ وَخلاف مَا لَو قطع يَد عبد وَضمن الْيَد لَا يجب أجر الْمَنْفَعَة لِأَن الْيَد مَضْمُونَة دخلت فِيهِ مَنْفَعَتهَا كالنفس إِذْ قيل يجب ضَمَان النَّفس
1091 - مَسْأَلَة ألْقى نخامته فِي الْحمام فزلق بهَا رجل إِنْسَان أَو عبد فَانْكَسَرت قَالَ يضمن إِن كَانَ أَلْقَاهُ على الْمَمَر وَفِي العَبْد يجب أَن يضمن النُّقْصَان
1092 - مَسْأَلَة رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن القزع فَهَل بعض الرجل بِفِعْلِهِ قَالَ هُوَ نهي أدب لَا بعض بِهِ كَمَا نهى عَن الِاسْتِنْجَاء بِالْيَمِينِ وَالْمَشْي فِي النَّعْل الْوَاحِدَة والاضطجاع وَنَحْوهَا إِلَّا أَن يسمع الحَدِيث فيقصد مُخَالفَته
1093 - مَسْأَلَة إِذا زنا رجل بِجَارِيَة ثمَّ اشْتَرَاهَا جَازَ لَهُ إِقَامَة حد الزِّنَا عَلَيْهَا

(2/698)


- مَسْأَلَة إِذا ضرب على سنّ إِنْسَان فزلزله ثمَّ بعد ذَلِك قلعه قَالَ عَلَيْهِ الْقصاص وَلَو كسر بعض سنه فَلَا قصاص عَلَيْهِ فَلَو قلعه بعد ذَلِك قبل الِانْدِمَال عَلَيْهِ الْقصاص وَإِن قلع بعد الِانْدِمَال فَكَذَلِك وَكَذَلِكَ لَو قطع يَده من نصف الساعد لَا قصاص عَلَيْهِ من ذَلِك الْموضع فَلَو جَاءَ بعده وقطعه من الْمرْفق تقطع يَد الْقَاطِع من الْمرْفق كَمَا لَو قطع أَصَابِعه ثمَّ قطع كَفه أَو قطع إصبعا من أَصَابِعه ثمَّ قطع بَاقِي الْيَد من الْكُوع يجب عَلَيْهِ الْقصاص وَيقطع يَده من الْكُوع قَالَ سَوَاء كَانَ انْقَطع الثَّانِي بعد اندمال الأول أَو قبله وَلَو ضرب على سنه فزلزلها ثمَّ سقط بعده قَالَ يجب الْقصاص وَكَذَلِكَ لَو ضرب على يَده فتورم أَو خرصه ثمَّ سقط من ضربه بعد أَيَّام عَلَيْهِ الْقصاص بِخِلَاف مَا لَو قطع إصبعه فيسري إِلَى الْكَفّ لَا قصاص لِأَن ثمَّ جِنَايَته على جَمِيع الْيَد وَجَمِيع السن فَتَأَخر سُقُوطه لَا يمْنَع الْقود
1095 - مَسْأَلَة دِيَة الْخَطَأ تجب على عَاقِلَة الْجَانِي فَإِن لم يكن لَهُ عَاقِلَة أَو كَانُوا معسرين فَفِي بَيت المَال فَإِن لم يكن فِي بَيت المَال فَإِن قُلْنَا الْوُجُوب على الْجَانِي فَيكون عَليّ الْجَانِي فِي مَاله وَإِذا أَوجَبْنَا فِي مَال يكون مُؤَجّلا وَكَذَلِكَ لَو أقرّ بجنابة خطأ وكذبته الْعَاقِلَة فَيكون فِي مَاله مُؤَجّلا وَكَذَلِكَ النعي إِذا جنى وعاقلته أهل حَرْب فَالدِّيَة فِي مَاله مُؤَجّلا وَلَا تجب على أَبِيه وَلَا ابْنه لِأَنَّهُ لَا يلاقيه الْوُجُوب وَلَا ينْتَقل إِلَيْهِ إِذا مَاتَ وَاحِد من الْعَاقِلَة فِي خلال الْحول أما إِذا مَاتَ بعد مَا حل الْأَجَل يُؤْخَذ من تركته
1096 - مَسْأَلَة سَمِعت أَن الْخُنْثَى الْمُشكل لَا يختن لِأَن الْخِتَان جرح وَإِذا لم يمتضي بثوبة فِي مَحل بِعَيْنِه بخياطا لداره قَالَ وَلَا يُقَال يختن فِي الفرجين جَمِيعًا إِلَّا بِالْقصاصِ بِوَجْه الْخطاب عَلَيْهِ بالختان رجلا أَو امْرَأَة وَلَا يسْقط الْفَرْض إِلَّا بِالْيَقِينِ بِخِلَاف مَا لَو خلق لرجل وَجْهَان يجب عَلَيْهِ فيهمَا الْوضُوء وَالْفرق أَن هَذَا إيلام وجرح لَا يجوز جرح عُضْو لَا يتَيَقَّن وجوب حرصه بِخِلَاف غسل الْوَجْه فَإِنَّهُ عبَادَة يحْتَاط فِيهَا فَإِن قيل أَلَيْسَ لوصلي صلى مَكْشُوف الرَّأْس يجوز وَلَا يُقَال

(2/699)


@ تَيَقنا وجوب الصَّلَاة عَلَيْهِ وَشَكتْ فِي سُقُوطهَا عَنهُ فَيَأْخُذ بِالْيَقِينِ وَيُوجب الْإِعَادَة قَالَ لِأَن ثمَّ أصل آخر مقدم على الصَّلَاة يجب مراعاته وَهُوَ أَن يستر رَأسه هَل يجب عَلَيْهِ أم لَا الأَصْل أَنه لم يجب فَصحت صلَاته وَهَا هُنَا غسل الْوَجْه وَاجِب يَقِينا
1097 - مَسْأَلَة الصَّبِي إِذا ختنه أَجْنَبِي دون أَمر فِي سنّ يحْتَمل أَو ختن أَجْنَبِي بِرِضَاهُ دون أمره فَمَاتَ لم يضمن قَالَ يحْتَمل وَجْهَيْن بِنَاء عَليّ أَن الإِمَام لَو ختنه فِي شدَّة حر أَو برد هَل يضمن قَولَانِ إِن قُلْنَا ثمَّة يضمن التَّعَدِّي هَا هُنَا يضمن وَإِن قُلْنَا ثمَّة لَا يضمن لِأَن الْجلْدَة مُسْتَحقَّة للإزالة فها هُنَا لَا يضمن
1098 - مَسْأَلَة صبية مكنت من بَالغ حَتَّى وَطئهَا زنا قَالَ يجب لَهَا الْمهْر لِأَنَّهُ حكم لوطئها كَمَا لَو دفع للصَّبِيّ مَاله إِلَى إِنْسَان ليملكه وَإِن ملكت من الصَّبِي مراهق فافترعها يجب الْمهْر على الصَّبِي كَمَا لَو مكنه من قطع يَدهَا
السّرقَة لَا يجب الْقطع على من سرق من بَيت المَال لِأَن لَهُ فِيهِ حَقًا فَكَذَلِك إِذا سرق مِمَّا لَهُ فِيهِ شُبْهَة من خمس الْغَنِيمَة أَو نزله أَو وَارِث لَهُ فَإِن لم يكن لَهُ فِيهِ شُبْهَة بِأَن سرق حَتَّى نصيب الْفُقَرَاء من الصَّدَقَة وَهُوَ غَنِي أَو من نصيب الْيَتَامَى من خمس الْخمس معزوز أقطع وَلَو سرق الذِّمِّيّ من بَيت المَال شَيْئا قَالَ الشَّيْخ أَبُو عَليّ يَنْبَغِي أَن نقطع إِذا سرق من مَال الصَّدَقَة أَو من خمس الْمصَالح لِأَن لَهَا شُبْهَة لَهُ فِيهِ قَالَ عِنْدِي إِذا سرق من خمس الْمصَالح أَو صاب لَا يقطع لِأَن للذِّمِّيّ حَقًا فِيهِ بِدَلِيل أَنه يطعم الذِّمِّيّ مِنْهُ إِذا احْتَاجَ إِلَى النَّفَقَة ويكفن مِنْهُ إِذا مَاتَ وأوصينا تكفينه وَلنَا فِيهِ وَجْهَان لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُعْطي مَه أهل الذِّمَّة وَالْأسَارَى وَيجوز لنا صرفه إِلَى من كَانَ يصرفهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى يفْدي الْأُسَارَى ويصرفه إِلَى سد الْحُصُون وَإِصْلَاح الثغور وَنَحْوهَا كَمَا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَأَيْت لبَعض أَصْحَابنَا قَالُوا إِنَّمَا نطعم الذِّمِّيّ من بَيت المَال للضَّرُورَة بِشَرْط الضَّمَان كَمَا يجب عَليّ الرجل طَعَام الْجَار بِشَرْط الضَّمَان

(2/700)


@ قلت عِنْدِي لَا يجب الضَّمَان إِذا أنْفق مِنْهُ على ذمِّي كَمَا يُكفن مِنْهُ الذِّمِّيّ بِلَا ضَمَان أما من سهم الصَّدقَات إِذا سرق يجب الْقطع وَكَذَلِكَ الْمُسلم الْغَنِيّ إِذا سَرقه يجب الْقطع وَلَو سَرقه فَقير لم يقطع قَالَ وَكَذَلِكَ مَا صرف إِلَى بَيت المَال من مَال مُسلم مَاتَ لَا وَارِث لَهُ فَسرق ذمِّي يقطع قَالَ وَهَذَا عِنْدِي يُمكن بِنَاؤُه على أَنه مَوْضُوع فِي بَيت المَال على طَرِيق الْإِرْث للْمُسلمين بإخوة الْإِسْلَام على طَرِيق أَنه مَال ضائع وَجْهَان فَإِن قُلْنَا أَنه يصرف إِلَيْهِ بطرِيق الْإِرْث للْمُسلمين يقطع لزن الذِّمِّيّ لإن يَرث الْمُسلم وَإِن قُلْنَا أَنه يصرف إِلَيْهِ على أَنه مَال ضائع فَلَا يقطع وَالْمَال الْمَوْقُوف إِذا سرق عِنْدِي لَا يقطع لِأَنَّهُ لَيْسَ مَمْلُوك حَقِيقَة فَإِن الْوَقْف ينْقل إِمَّا إِلَى الله كَالْعِتْقِ فَإِن قُلْنَا للْمَوْقُوف عَلَيْهِ لجَاز أَن يقطع وَأما عِلّة الْوَقْف إِذا سرق فَإِن كَانَ على جمَاعَة متعينين فسرقه يقطع وَإِن سرق وَاحِد مِنْهُم لَا يقطع وَإِن كَانَ على فُقَرَاء متعينين فَإِن سَرقه فَقير لم يقطع وَإِن سَرقه غَنِي قطع وَكَذَلِكَ إِن سرق من خمس الْغَنِيمَة وَمن نصيب الْيَتَامَى وَهُوَ غَنِي قطع قَالَ وَلَو سرق مُسْتَحقّ الزَّكَاة من مَال من عَلَيْهِ الزَّكَاة إِن سرق من غير جنسه قطع وَإِن سرق من جنسه إِن قُلْنَا تتَعَلَّق الزَّكَاة بِالذِّمةِ فَهُوَ كَمَا لَو سرق رب الدّين من مَال الْمَدْيُون وَإِن قُلْنَا بِالْعينِ فَلَا يقطع كَالْمَالِ الْمُشْتَرى يحْتَمل أَن يكون لِأَن حَقه غير مُتَعَيّن فِي ذَلِك حَقِيقَة بِدَلِيل أَن للْمَالِك أَدَاؤُهُ من مَوضِع آخر بِخِلَاف المُشْتَرِي
1099 - مَسْأَلَة رجل هتك حرْزا لَا مَال فِيهِ فجَاء الْمَالِك وَوضع فِيهِ مَال فَسرق قَالَ لَا يقطع لِأَن الْمَالِك وضع المَال فِي غير حرز وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْجِدَار قد انْهَدم من الْحِرْز وَلم يعرف الْمَالِك فَوضع مَالا فَسرق لَا قطع قَالَ وَلَو هتك الْحِرْز وَفِيه مَال فَدخل الْمَالِك بِحَال لم يكن فِيهِ حَالَة النقب فَوضع فِيهِ فَأخذ السَّارِق ذَلِك المَال دون مَا كَانَ فِيهِ وَقت النقب لَا قطع لِأَن هَذَا المَال وَضعه الْمَالِك فِي جُزْء مَمْلُوك
1100 - مَسْأَلَة إِذا سرق نِصَابا من بيُوت مُخْتَلفَة وَكَانَ ذَلِك الْبَيْت

(2/701)


@ حرز المَال مِنْهُ لَا قطع وَلَا يضم الْبَعْض إِلَى الْبَعْض مثل إِن دخل دَارا فَأخْرج من الخرافة شَيْئا من الْفضة وَمن الاصطبل دَابَّة وَمن التبين منا وكل وَاحِد لَا يبلغ نِصَابا وَالْكل يبلغهُ لَا قطع قَالَ هَذَا إِذا كَانَ بَاب الدَّار مَفْتُوحًا فَلَا قطع وَإِن لم يبلغ وَاحِد نِصَابا وَإِن كَانَ بَاب الدَّار مغلقا فيكُن بِنَاؤُه على إِن من أخرج نِصَابا من بَيت دَاره وَبَاب الْبَيْت وَالدَّار مغلقان وَلم يخرج من الدَّار هَل يقطع وَجْهَان إِن قُلْنَا لم يقطع إِلَّا بِإِخْرَاجِهِ عَن الْحِرْز هَا هُنَا لَا قطع لِأَنَّهُ أخرج من كل حرز أقل من نِصَاب وَكَذَلِكَ لَو أخرج من الدَّار وَإِن قُلْنَا لَا يقطع لِأَنَّهُ لم يخرج عَن كَمَال الْحِرْز فها هُنَا لَا يقطع وَفِي الْحَال وَإِذا أخرجهَا من الدَّار حِينَئِذٍ يقطع
1101 - مَسْأَلَة إِذا افترس السَّبع الْمَيِّت وَبَقِي الْكَفَن فسرقه سَارِق قَالَ لَا يقطع لِأَنَّهُ مُحرز بِالْمَيتِ وَقد ذهب فَإِن بلي الْمَيِّت وَبَقِي الْكَفَن وسرق وَجب أَن يقطع لِأَن حرمته بَاقِيَة حَتَّى لَا يجوز أَن ينبش الْقَبْر فَينْظر هَل بَقِي حَتَّى يسترجع الْكَفَن وَلَو وضع الْمَيِّت على وَجه الأَرْض فَجمعت الْحِجَارَة حولهَا بِمَا يَكْفِي الدّفن خُصُوصا حَيْثُ لَا يُمكن وَلَو كَانَ فِي الْبَحْر فَطرح فِي مَاء وَأخذ رجل كَفنه قَالَ لَا يقطع لِأَنَّهُ ظَاهر كَمَا لَو وضع على شقين الْقَبْر فَإِن عينه المَاء فغاص رجل فَأَخذه قَالَ لَا يجب الْقطع أَيْضا لِأَن إلقاءه فِي المَاء لَا يعد إحرازا كَمَا لَو تَركه على وَجه الأَرْض وفتته الرّيح بِالتُّرَابِ
1102 - مَسْأَلَة إِذا وَجب قطع السّرقَة وقصاص يقدم الْقصاص فَإِن عُفيَ عَن الْقصاص تقطع يَده بِسَرِقَة وَلَو قَالَ جَاءَ أَجْنَبِي فَقطع يَده لاقود عَلَيْهِ لَا دِيَة وَحقّ من الْقصاص بِقطع يَده فِي حَال الْجَانِي السَّارِق لِأَن يَده بِحكم السّرقَة هدر فِي حق الكافة مِمَّا لَو لم يكن عَلَيْهِ إِلَّا الْقصاص فَقطع يَده أَجْنَبِي يجب عَلَيْهِ الْقصاص لِأَن يَد الْمَقْطُوع يَد هدر فِي حق الكافة إِنَّمَا يثبت لرب

(2/702)


@ الْقصاص فِي حق يَده كَمَا لَو قتل الْقَاتِل الْأَجْنَبِيّ
1103 - مَسْأَلَة إِذا وَجب الْقصاص على مُرْتَد فَقتل من لَهُ الْقصاص فقد استوفى حَقه وَإِن قَتله من لَهُ الْقصاص عَن الرِّدَّة هَل يسْقط حَقه عَن بدل الْقَتْل قَالَ ينظر إِن كَانَ هَذَا الَّذِي لَهُ الْقصاص إِمَامًا قَتله عَن الرِّدَّة فديَة الْقَتِيل لَهُ ثَابت فِي تَركه الْمُرْتَد لِأَن الإِمَام يملك الْقَتْل عَن كل وَاحِد من الْجِهَتَيْنِ وَإِن لم يكن إِمَامًا وَقع قَتله عَن الْقصاص ولَايَة لِأَن غير الامام لَا يملك إِلَّا عَن جِهَة الْقصاص فَوَقع عَنهُ كَمَا لَو رمى سَهْما إِلَى صيد فَأصَاب قَاتل ابْنه الَّذِي قَتله وَقع عَن الْقصاص وَكَذَلِكَ لَو اشْترى عبدا مُرْتَدا ثمَّ قَتله المُشْتَرِي قبل الْقَبْض عَن الرِّدَّة فَإِن كَانَ إِمَامًا انْفَسَخ البيع وَإِن لم يكن إِمَامًا صَار بِهَذَا الْقَتْل قَابِضا كَمَا لَو قَتله ظلما وَعَلِيهِ الثّمن
1104 - مَسْأَلَة من نصفه حر وَنصفه رَقِيق إِذا قتل إنْسَانا خطأ يجب نصف الدِّيَة على عَاقِلَته إِن كَانَ لَهُ عَاقِلَة يحملون عَنهُ نسبيا كَانَ أَو معتقا
صول الْفَحْل

إِذا بلغت الدَّابَّة شَيْئا بِالنَّهَارِ لم يضمن الْمَالِك وبالليل يضمن قَالَ وَلَو أودع رجل دَابَّة من إِنْسَان فأرسلها فأتلف شَيْئا ضمن الْمُودع لَيْلًا كَانَ أَو نَهَارا لِأَن عَلَيْهِ حفظهَا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وَمَا أتلفت الدَّابَّة فِي يَد الرَّاعِي فالراعي كالمالك يضمنهُ
1105 - مَسْأَلَة لَو دخلت دَابَّة إِنْسَان ملك آخر وَهِي الِاتِّصَال فأخرجها ضمن كَمَا لَو هربت الرّيح بِثَوْب فِي حجرَة فَأَلْقَاهُ ضمن بل عَلَيْهِ ردهَا إِلَى الْمَالِك فرن لم يجد دَفعهَا إِلَى الْحَاكِم إِلَّا أَن تكون الدَّابَّة ميتَة من جِهَة الْمَالِك كَالْإِبِلِ وَالْبَقر
1106 - مَسْأَلَة إِن دخلت الدَّابَّة أرضه تتْلف زرعه دَفعهَا بِمثل مَا يدْفع

(2/703)


@ وَلَو صالت عَلَيْهِ فِي غير ملكه فَإِن نفرها عَن الزَّرْع وَلم يُخرجهَا عَن الْملك فَانْدفع ضررها وَإِن عودهَا لم يكن لَهُ بعده إخْرَاجهَا عَن الْملك فَإِن قبل شغل الْمَكَان ضَرَر على مَالك الأَرْض وَجب لَهُ أَن يجوز لَهُ دَفعه قُلْنَا شغل الْمَكَان إِذا كَانَ لَا يتَوَلَّد مِنْهُ تلف لَا يَجْعَل ضَرَرا يُبِيح لَهُ إضاعته مَال الْغَيْر كَمَا لَا يجوز لَهُ إِتْلَافه بِخِلَاف مَا لَو قصد إِتْلَاف شَيْء من مَاله دفْعَة وَإِن ضَاعَت كَمَا لإتلافه نَظِيره لَو انحطت صَخْرَة عَن جبل فَدخلت ملكه لم يكن لَهُ تضييعها إِذا كَانَت مَمْلُوكَة للْغَيْر وَإِن شغل شَيْئا من بَيته بل يرد إِلَى الْمَالِك وَكَذَلِكَ لَو شغل أَغْصَان شَجَرَة الْجَار هَوَاء دَاره لَهُ قِطْعَة انْدفع الضَّرَر وَلَا يمْتَنع مَا انقطعه وَلَو جَاءَ مَالك الدَّابَّة فَأدْخلهَا فِي ملك غَيره بِغَيْر إِذْنه فأخرجها مَالك الأَرْض بَعْدَمَا غَابَ مَالك الدَّابَّة وَغَابَ موضعهَا مَالك الدَّابَّة هَل يضمن قَالَ يحْتَمل وَجْهَيْن أَحدهمَا لَا للتعدي من المَال وَالثَّانِي بلَى لِأَنَّهُ متعدي بالتضييع وَهُوَ يقرب كَمَا لَو حفر بِئْرا فِي ملك غَيره بِغَيْر إِذْنه فَدخل دَاخل دَاره بِغَيْر إِذْنه هَل يضمن الْحَافِر وَجْهَان
1107 - مَسْأَلَة لَو سقط شَيْء من سطح إِنْسَان يُرِيد أَن يَقع فِي ملك غَيره فَدفعهُ فِي الْهَوَاء حَتَّى وَقع خَارج ملكه لم يضمن وَإِن اسْتَقَرَّتْ فِي ملكه فكالريح تهب بِالثَّوْبِ
1108 - مَسْأَلَة وَلَو قطع شَجَرَة فِي ملكه فَسقط على رجل وَاحِد من النظارة فتكسرت رجله هَل يضمن قَالَ ينظر إِن كَانَ الْوَاقِف للنظارة يعرف أَنه إِذا سقط نصِيبه لَا يضمن الْقَاطِع وَإِن كَانَ لَا يعرف والقاطع أَنه إِذا سقط نصِيبه فَلم يُخبرهُ ضمن لَا فرق فِيهِ بَين أَن يكون النظارة دخل ملكه بِإِذْنِهِ أَو بِغَيْر إِذْنه كَمَا لَو دخل إِنْسَان ملك إِنْسَان بِغَيْر إِذْنه فصب على رَأسه شَيْئا فَأَهْلَكَهُ ضمن وَإِن كَانَا عَالمين فَإِنَّهُ يُصِيب الْوَاقِف وَإِن كَانَا جاهلين فَكَذَلِك لِأَنَّهُ يتَصَرَّف فِي ملك نَفسه
1109 - مَسْأَلَة بقرة دخلت ملك رجل فأخرجها من ثلمه فَهَلَكت إِن لم تكن تِلْكَ الثلمة بِحَيْثُ يخرج الْبَقَرَة مِنْهَا بسهولة يجب الضَّمَان

(2/704)


- مَسْأَلَة لَو أَن دَابَّة لإِنْسَان دخلت ملك الْغَيْر من تَحت صَاحب الْملك فَمَاتَ مِنْهُ قَالَ هُوَ كَمَا لَو أتلف زرعه إِن كَانَ هَذَا بِاللَّيْلِ يجب الضَّمَان على ملك الدَّابَّة وَإِن كَانَ بِالنَّهَارِ لَا ضَمَان وكل مَوضِع أَوجَبْنَا الضَّمَان يجب الدِّيَة وَإِلَّا يجب فِي مَاله وَلَكِن يجب على عَاقِلَته بِحَفر الْبِئْر وبصب الْحجر
1111 - مَسْأَلَة إِن اسْتَأْجر رجلا لحفظ دوابه فضيعها فأتلفت زرعا يجب الضَّمَان على الْأَجِير لَيْلًا كَانَ أَو نَهَارا لِأَنَّهُ مَأْمُور بحفظها فِي اللَّيْل وَالنَّهَار جَمِيعًا ويأتيه فِي الطَّرِيقَة الْعرَاق
1112 - مَسْأَلَة صبي ركب دَابَّة إِنْسَان دون إِذن الْمَالِك فَلم يُمكنهُ إِِمْسَاكهَا فأتلفت شَيْئا ضمنه الصَّبِي وَكَذَلِكَ بَالغ ركب دون إِذن الْمَالِك فغلبته فأتلفت شَيْئا ضمن بِخِلَاف الْمَالِك ركب فغلب لم يضمن فِي قَول لِأَنَّهُ غير متعدي بالركوب
1113 - مَسْأَلَة إِذا أظلم النَّهَار وَصَاحب الرِّيَاح فتفرقت غنم الرَّاعِي فَوَقع الأغنام فِي زرع فأفسدت هَل يجب الضَّمَان على الرَّاعِي قَالَ حكمه حكم المغلوب فِيهِ قَولَانِ فَأجَاب على قَوْلنَا أَنه لَا ضَمَان وَلَو ند بعير من صَاحب فأتلفت شَيْئا فَكَذَلِك وَلَو نَام الرَّاعِي فنفرت أغنامه فأتلفت شَيْئا قَالَ يضمن لِأَنَّهُ تسبب من جِهَته وَهُوَ النّوم لِأَن يفرقها على وَجهه مبدئيا لم يُمكنهُ ضَبطهَا فَيكون على قَوْلَيْنِ
1114 - مَسْأَلَة رجل على دَابَّة فَسَقَطت الدَّابَّة ميتَة على مَال إِنْسَان فَأَهْلَكَهُ أَو الْمَالِك مَاتَ على دَابَّة فَسقط على شَيْء لم يضمن وَكَذَلِكَ مِنْهُ ينفع فتكسرت قَارُورَة من نفخته لم يضمن بِخِلَاف الصَّبِي الطِّفْل سقط على قَارُورَة ضمن لِأَنَّهُ لَهُ فعلا
1115 - مَسْأَلَة رجل على دَابَّة فنخسها إِنْسَان فأسقط الرَّاكِب فَهَلَك أَو رمح إنْسَانا من نخسته فأهلكته فعلى عَاقِلَة الدَّابَّة وَلَو نخس بِأَمْر صَاحب الدَّابَّة وَكَذَا قَالَ أَبُو حنيفَة أما إِذا دخل فَبَدَأَ عَن دَابَّة فَخرجت فأهلكت شَيْئا

(2/705)


@ لَا يضمن من حل الدَّابَّة كَمَا لَو هدم جِدَار إِنْسَان وَظهر حرزه فَأخذ مِنْهُ مَالا لَهُ لَا يضمن المَال وَلَو غلبته دَابَّة فأتلفت شَيْئا قَولَانِ وَلَو أسقطها رجل فَردهَا فَانْصَرَفت فأتلفت فِي الِانْصِرَاف شَيْئا ضمن الرَّد
1116 - مَسْأَلَة دَابَّة إِنْسَان سَقَطت فِي وهده فنفزت من دَفعته بِغَيْر أجر فَسقط فِيهَا فَهَلَك يجب ضَمَان الْبعد على صَاحب الدَّابَّة
1117 - مَسْأَلَة ابْتَاعَ شَاة بِثمن فِي الذِّمَّة ثمَّ عزل شَيْئا من مَاله ليصرفه فِي الثّمن فأهلكته فَهَذِهِ لم تَأْكُل ثمنا وَإِنَّمَا أكلت مَالا للْمُشْتَرِي لِأَن ذَلِك إِنَّمَا يصير ثمنا بِالْقَبْضِ فَإِن كَانَ المُشْتَرِي قبض الشَّاة فَلَا ضَمَان لِأَنَّهَا ملكه فِي يَده وَإِن كَانَت بعد فِي يَد البَائِع فعلى البَائِع ضَمَان الثّمن لِأَن يَده عَلَيْهِ وَمن كَانَت يَده على بَهِيمَة ضمن مَا يتلفه وَإِن كَانَ ملكا لغيره كَرجل اسْتعَار من رجل شَاة فأتلفت شَيْئا فَإِن ضَمَان ذَلِك على الْمُسْتَعِير لِأَن يَده عَلَيْهِ وَإِن كَانَت ملكا للْمُعِير كَذَلِك هَا هُنَا
الْجِزْيَة

1118 - مَسْأَلَة كَافِر دخل الْإِسْلَام مختفيا فَلم يطلع عَلَيْهِ إِلَّا بعد سنة قَالَ يُؤْخَذ مِنْهُ الْجِزْيَة كمن سكن دَار إِنْسَان غصبا وَعَلِيهِ الْأُجْرَة
1119 - مَسْأَلَة إِذا كَانَ عقد الذِّمَّة على أقل من دِينَار أَو ضرب الْجِزْيَة على زُرُوعهمْ لَا تصح وَالْقَوْم فِي أَمَان إِلَى أَن يرجِعوا إِلَى مأمنهم
1120 - مَسْأَلَة لَا تجوز المهادنة فِي وَقت الْإِسْلَام سنة وَتجوز أَرْبَعَة أشهر وَفِيمَا بَينهمَا قَولَانِ فَإِن هِلَال سنة أَو أَكثر من أَرْبَعَة أشهر قُلْنَا لَا يجوز وَجب أَن يجوز فِي أَرْبَعَة أشهر كَمَا فِي وَقت ضعف الْإِسْلَام إِذا هادن أَكثر من عشر سِنِين يجوز فِي الْعشْر وَيبْطل فِي الزِّيَادَة
1121 - مَسْأَلَة إِذا رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُنْكرا عَلَيْهِ تَغْيِيره فَإِذا لم يُغير دلّ على

(2/706)


@ الْإِبَاحَة قَالَ وَإِذا أَرَادَ شَيْئا هَل عَلَيْهِ تَغْيِيره قَالَ يجب تَغْيِيره لحقه لَا لحق الْعَامَّة حَتَّى لَو أطلع على مُسلم فِي بَيت فَعمل مَا لَا يجوز حَالا يُغَيِّرهُ وَفِي حق الذِّمِّيّ لَهُ أَن يعرض عَنهُ كَمَا يعرض عَنهُ فِي الشّرك وَشرب الْخمر لِأَن ضَرَره لَا يعود إِلَى الْعَامَّة وسكوته عَنهُ فِي الْمَلأ يدل على الْإِبَاحَة فِي حق الْمُسلمين وَفِي السِّرّ لَا يدل وَكَذَلِكَ يمنعهُ عَن إِظْهَار عقيدتهم فِي ضرب الناقوس وَشرب الْخمر وَلَا يعرض لما يعْملُونَ عَنهُ فِي الْبيُوت
الصَّيْد

1122 - مَسْأَلَة نصب شبكة فِيهَا منجل أَو محدد فَتعلق بهَا صيد وَرَأس الْحَبل بِيَدِهِ فجزه وجرح الصَّيْد بِهِ فَمَاتَ لَا يحل لِأَنَّهُ لما تعلق بالشبكة صَار مَقْدُورًا على ذبحه إِلَّا أَن يُصِيب المحدد حلقه حَالَة الذّبْح فَقَطعه حل وَلَو لم يجر الْحَبل فَأصَاب المنجل حلقه وَمَات لم يحل لِأَنَّهُ لَا ضيع من جِهَته فِي الذّبْح وَلَو لم يتَعَلَّق بِهِ الصَّيْد بل كَانَ فِي الغدو فجر الْحَبل أصَاب المنجل الْمُتَعَلّق بالشبكة لم يحل
1123 - مَسْأَلَة لَو وَقع بعيران فِي بِئْر أَحدهمَا فَوق الآخر فطعن الأول وَبعد إِلَى الثَّانِي حل لكل فَإِن أَصَابَت الطعنة الْبَعِير السّفل وَعلم أَن الطعنة أصابتها قبل مُفَارقَة الرّوح قيل بعد أَنه مَاتَت بثقل الأول أَو بالطعن قَالَ يحل كالصيد يَقع فِي الْهَوَاء على الأَرْض وَإِن شكّ أَن الطعنة أَصَابَته بعد مُفَارقَة الرّوح أَو قبله هَل يحل قَالَ يحْتَمل وَجْهَيْن بِنَاء على مَا لَو غَابَ عَبده فَلم يدر جِنَايَة هَل يجوز إِعْتَاقه عَن كَفَّارَته وَهل تجب فطرته قَولَانِ أَحدهمَا يحل لِأَن الأَصْل حَيَاته الثَّانِي لَا لِأَن الْمُغَلب فِيهِ التَّحْرِيم وَقد شكّ فِي وجوب سَبَب التَّحْلِيل
1124 - مَسْأَلَة إِذا رمى إِلَى حَيَوَان مَقْدُور عَلَيْهِ فَامْتنعَ وَصَارَ غير مَقْدُور عَلَيْهِ فَأصَاب غير مذبحَة قَالَ يحل لِأَن الرَّمْي إِلَى الْمَقْدُور عَلَيْهِ جَائِز

(2/707)


@ لنصب مذبحَة والإصابة صَوَابا لكَونه مُمْتَنعا حَالَة الْإِصَابَة وعَلى عَكسه لَو رمى إِلَى غير الْمَقْدُور عَلَيْهِ فَصَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ ثمَّ أصَاب غير مذبحَة لَا يحل لِأَن الْإِصَابَة لم تقع صَوَابا
1125 - مَسْأَلَة نصب شبكة وَتعلق بهَا صيد فَقلع الصَّيْد والشبكة وَذهب بهَا وَاحِدَة للْإنْسَان هَل يملك قَالَا إِن كَانَ يذهب بالشبكة أَو كَانَ يعدوا بهَا مَعهَا مُمْتَنعا فَكل من أَخذه ملكه أما إِذا كَانَ يجر الشبكة غير مُمْتَنع لثقل الشبكة بِحَيْثُ يُمكنهُ أَخذه لمن شَاءَ فَهُوَ لصَاحب التَّرِكَة أَو الشبكة لَا يملك غَيره
1126 - مَسْأَلَة إِذا أَخذ الْكَلْب الْمعلم صيدا بِغَيْر إرْسَال صَاحبه ثمَّ أَخذه غير من لَهُ يملك الاخر على الصَّحِيح من الْمَذْهَب كالطائر يفرخ على شَجَرَة أما الْكَلْب غير الْمعلم إِذا أرْسلهُ صَاحبه فَأخذ صيدا وَقَتله لَا يحل وَلَو أَخذه غير من فَمه قبل قَتله وحر أَن لَا يملك قولا وَاحِدًا وَيكون الأول وَيجْعَل إرْسَاله كنصيب الشبكة لَو تعلق بهَا صيد وَمَات لَا يحل وَقيل رن يَمُوت فَهُوَ ملك لصَاحب الشبكة لَو أَخذه غَيره عَلَيْهِ رده وَيحْتَمل زن لَا يملك لِأَن للكب اخْتِيَارا كالمعلم إِذا أَخذه بِغَيْر إرْسَال صَاحبه
1127 - مَسْأَلَة إِذا أَخذ صيدا ملكه وَإِذا أرْسلهُ لَا يَزُول ملكه فَإِذا قَالَ أبحت لكل من أَخذه أكله قَالَ وَجب أَن لَا يجوز للآخذ بَيْعه إِنَّمَا يحل لَهُ أكله لِأَن ملك الْمَالِك لم يزل بِالْإِبَاحَةِ كالضيف يَأْكُل الطَّعَام وَلَا يَبِيعهُ
1128 - مَسْأَلَة إِذا رمى سَهْما إِلَى الصَّيْد فِي الْهوى فَأَصَابَهُ وأزال امْتِنَاعه فَفِي مَا بَين الْهَوَاء إِلَى الأَرْض رمى إِلَيْهِ بِسَهْم آخر فَمَاتَ مِنْهُمَا لَا يحل لِأَنَّهُ فِي الْهَوَاء وَإِن كَانَ لَا يصل إِلَيْهِ فَهُوَ فِي طَرِيقه كَمَا لَو رمى سَهْما إِلَى صيد فأزال امْتِنَاعه ثمَّ رمى إِلَيْهِ آخر وَإِن كَانَت يَده لَا تصل إِلَيْهِ مَا لم يمش إِلَيْهِ فَأَما إِذا أَزَال امْتِنَاعه وَلَكِن وَقع على قمة جبل لَا يصل الْمَالِك إِلَيْهِ ليقطع مذبحه فَرمى إِلَيْهِ قَالَ وَجب أَن تحل كَمَا لَو سقط بعير فِي بِئْر فطعن فِيهِ

(2/708)


- مَسْأَلَة إِذا أرسل سَهْما إِلَى مَقْدُور فَأصَاب مذبحه حل وَلَو أرسل كَلْبا إِلَى مَقْدُور فَقطع مذبحه لم يحل لِأَن فعل السهْم أَشد اختصاصا من فعل الْكَلْب وَلِأَنَّهُ لَو أَتَاهُ بِنَفسِهِ وذبحه بِسَهْم حل وَلَو ذبحه بسن كَلْبه لَا يحل فَخرج الْكَلْب لَا يُبِيح إِلَّا فِي غير الْمَقْدُور وَجب أَن يكون كل الْبدن مذبح وَكَذَلِكَ لَو وَقع بعير فِي بِئْر منكوسا فطعنه بِرُمْح حل وَلَو أرسل عَلَيْهِ كَلْبه فجرحه لم يحل وَلَو أرسل سَهْمَيْنِ مَعًا فأصابا مَعًا حل وَلَو أَصَابَهُ أَحدهمَا ثمَّ الثَّانِي نظر إِن أزمنه الأول وَلم يُصِيب الثَّانِي مذبحه لم يحل وَإِن أصَاب مذبحه حل وَإِن لم يزمنه الأول فَقتله الثَّانِي حل أما إِذا أرسل كلبين فأزمنه الأول وَقطع الثَّانِي مذبحه لم يحل وَكَذَلِكَ لَو أرسل كَلْبا وَسَهْما فأزمنه الْكَلْب ثمَّ أصَاب السهْم مذبحه حل وَلَو أَمنه السهْم ثمَّ أصَاب الْكَلْب مذبحه لم يحل
1130 - مَسْأَلَة صيد دخل دَار إِنْسَان فَرد صَاحب الدَّار الْبَاب بنية أَخذ الصَّيْد ملك الصَّيْد فَلَو جَاءَ أَجْنَبِي ورد الْبَاب لَا يملك لَا صَاحب الدَّار وَلَا الْأَجْنَبِيّ لعدم الْفَصْل من الْمَالِك وَالْأَجْنَبِيّ مشتغل لم يَجْعَل الصَّيْد فِي ملكه بِخِلَاف مَا لَو غصب شبكة أَو سَهْما فاصطاد لَهُ مَالك لِأَن فِي رد الْبَاب يتَصَرَّف فِيمَا صَار الْغَيْر أولى بِهِ مِنْهُ نظر للشبكة لَو غصب أَرضًا فحفر فِيهَا بِئْرا وَبنى فِيهَا دَارا فدخله صيد فَرد الْغَاصِب الْبَاب ملكه فِي الْكل نظر
1131 - مَسْأَلَة سُئِلَ عَن الشَّاة إِذا ذبحت قَالَ نتبين هَل يحل وَكَذَلِكَ الْعرق الَّذِي فِي ظهرهَا هَل يحل الله قَالَ الْكل حَلَال إِلَّا أَنه يكره أكل أنثيها وَكَذَلِكَ أكل الْعرق
1132 - مَسْأَلَة إِذا أخرج الْجَنِين رَأسه من بطن الْأُم حَيا قَالَ القَاضِي سرع ذبحه حَتَّى يحل لَو ذبح الْأُم وَمَات الْجَنِين قبل أَن يذبح الْجَنِين يكون حَرَامًا قَالَ الإِمَام لَو أخرج رجله على قِيَاس قَول القَاضِي يَنْبَغِي أَن يخرج كَمَا لَو وَقع بعير فِي بِئْر منكوسا فَلم يطعن حَتَّى مَاتَ يكون حَرَامًا
1133 - مَسْأَلَة الْجَلالَة إِن تغير لَحمهَا يَأْكُل أكل قَالَ يكره أكل

(2/709)


@ لَحمهَا وَلَا تحرم هَذِه طَريقَة الْعرَاق واختياره وَطَرِيقَة القَاضِي أَنه يحرم أكله إِذا كَانَ متغيرا فَلَو عولج لَحمهَا حَتَّى زَالَ التَّغَيُّر قَالَ القَاضِي لي يطهر كَمَا لَو خلل الْخمر بالعلاج وَإِن زَالَ التَّغَيُّر بِنَفسِهِ طهر كَمَا لَو تخَلّل الْخمر بِنَفسِهِ قَالَ الإِمَام وَهَذَا عِنْدِي بشكل أَنه إِذا زَالَ التَّغَيُّر لم يطهر سَوَاء زَالَ بِنَفسِهِ أَو بالعلاج إِنَّمَا يطهر إِذا زَالَ التَّغَيُّر فِي حَال الْحَيَاة لَعَلَّهَا
الضَّحَايَا

1134 - مَسْأَلَة إِذا وَجب أضْحِية مُعينَة فذبح يَوْم النَّحْر وَلم يفرق اللَّحْم حَتَّى تغير قَالَ أَصْحَابنَا يتَصَدَّق بِقِيمَتِه وَلَا تجب إِعَادَة الْأُضْحِية لِأَن إِرَاقَة الدَّم قد حصلت بَقِي نفع الْمَسَاكِين قَالَ وَإِذا بَاعهَا ثمَّ ذبح المُشْتَرِي أَو أَجْنَبِي يَوْم النَّحْر تقع الْأُضْحِية موقعها فَيَأْخُذ اللَّحْم وَيتَصَدَّق فَإِن كَانَ اللَّحْم مَيتا قَالَ يَأْخُذ الْقيمَة وَيَشْتَرِي بهَا أضْحِية أُخْرَى قَالَ على قِيَاس مَا سبق وَجب أَن يتَصَدَّق بِالْقيمَةِ لِأَن الإراقة وَقعت عَنهُ وَلَكِن انغرق وَهُوَ رمسه فَإِن الذّبْح والتغريق جَمِيعًا وَفِي خير اللَّحْم نعت الذّبْح لِأَنَّهُ ذبحه بِنَفسِهِ وَالْمَقْصُود من التَّفْرِيق نفع الْمَسَاكِين وَيحصل بِالْقيمَةِ وَلَو كَانَت الْأُضْحِية فِي الذِّمَّة فعين فِي شَاة فضلت قَالَ أَصْحَابنَا عَلَيْهِ الْبَدَل قَالَ يحْتَمل أَن يُقَال إِذا ضلت بعد دُخُول يَوْم النَّحْر قبل التَّمْكِين من الذّبْح لن يكون الأَصْل فِي ذمَّته قَالَ وَلَو نذر أضْحِية فِي ذمَّته ثمَّ عين شَاة فَولدت عَلَيْهِ ذبح الْوَلَد مَعهَا قلو تعينتا المعيبة قبل دُخُول يَوْم النَّحْر لَهُ يملكهَا على الْأَصَح قَالَ وَجب أَيْضا أَن يكون يملك وَلَدهَا قَالَ وَلَو تلفت قبل النَّحْر لِأَن الأَصْل فِي ذمَّته فَأَنَّهُ لم يَقع هَذَا عَن الْأُضْحِية وَالَّذِي لم يُضحي لَهُ لم يلد مَالا يَعْنِي لذبح الْوَلَد
1135 - مَسْأَلَة رجل لَهُ دَرَاهِم نذر أَن يَشْتَرِي بهَا أضْحِية يُضحي بهَا فَعَلَيهِ أَن يَشْتَرِي قَالَ مضى الْوَقْت وَلم يشتر أخر إِلَى الْعَام الْقَابِل كَمَا لَو نذر أضْحِية فِي ذمَّته وَلم يَصح الْعَام الأول عَلَيْهِ أَن يُضحي فِي عَام قَابل

(2/710)


@ بِخِلَاف مَا لَو نذر أَن يُضحي شَاة مُعينَة فناب الْوَقْت ذَبحهَا بعده لِأَنَّهُ يشق عَلَيْهِ حفظهَا فَإِن كَانَت الدَّرَاهِم قدرا لَا يحل بهَا أضْحِية فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَله تَملكهَا كَمَا لَو وصّى وَقَالَ اشْتَروا بِثُلثي رَقَبَة وأعتقوه فَلم يُوجد ثلث رَقَبَة بَطل وَالثلث للْوَارِث وكما لَو أوصى بِأَن يحجّ عَنهُ ثَلَاثَة حج المتطوع فَلم يَفِ يبطل وَيحْتَمل أَن يُقَال يتَصَدَّق لَهُ كَمَا لَو نذر أضْحِية مُعينَة وأتلفها عَلَيْهِ أَن يَشْتَرِي بِقِيمَتِهَا أضْحِية أُخْرَى فَاشْترى أُخْرَى وَفضل فضل لَا يجد بِهِ أضْحِية أُخْرَى فَإِنَّهُ يتَصَدَّق بِهِ كَذَلِك وَقيل يَشْتَرِي بِهِ بعض أضْحِية
1136 - مَسْأَلَة فِي الحَدِيث إِذا دخل الْعشْر وَأَرَادَ أحدكُم أَن يُضحي فَلَا يمس من شعره وبشرته شَيْئا فَالسنة لمن أَرَادَ الْأُضْحِية بعد دُخُول الْعشْر أَن لَا يحلق شعره وَلَا يقلم ظفره قَالَ أما الْمُبَاشرَة فَلَا يمْنَع مِنْهَا لِأَنَّهَا من بَاب الاستمتاعات كَمَا لَا يمْنَع من الطّيب واللمس
1137 - مَسْأَلَة قَالَ أَصْحَابنَا لَو ربيت سخلة بِلَبن الْكَلْب أَو الْجَلالَة الحليل السرقين إِن ظهر فِي طعمه تغير لم يحل أكله وَألا فَلَا فَأَما إِذا ربيت شَاة بعلف مَغْصُوب هَل يحل أكله قَالَ إِن كَانَت قدرا لَو كَانَت شَيْئا نجسا يظْهر تغيره فِي حرم أكله وَإِلَّا فَلَا يحرم أَن يَخْلُو عَن الشُّبْهَة وَيحْتَمل أَن يُقَال يحل أكله بِكُل حَال لِأَن أصل مَال الْغَيْر حَلَال إِنَّمَا حرم لكَونه حق الْغَيْر وَلَو اشْتَرَاهُ وَملكه حل وَصَارَ تَالِفا بِأَكْل الشَّاة وَاسْتقر فِي ذمَّته للْغَيْر الْقيمَة وَلَا يحرم أصل هَذِه الشَّاة بِخِلَاف لبن الْكَلْب فَإِن أَصله حرَام وَهَذَا شبه
1138 - مَسْأَلَة لَو نزا حمَار على فرس فَأَتَت بغلة يحل لبن الْفرس لِأَنَّهُ يُولد من الْفرس الَّذِي يحل أكله فَلَا ينظر إِلَى تَحْرِيم الْوَلَد
الايمان

1139 - مَسْأَلَة إِذا مَاتَ وَعَلِيهِ كَفَّارَة يَمِين فأوصى بِالْإِعْتَاقِ وَقِيمَة

(2/711)


@ الاعتاق أَكثر من الطَّعَام يعْتَبر من الثُّلُث وَكَيف يعْتَبر قَولَانِ فَإِن لم يخرج من الثُّلُث يطعم عَنهُ وَلَو أوصى بِأَن يطعم عَنهُ إِلَّا أَن يتَبَرَّع الْوَارِث بِالْإِعْتَاقِ فَجَائِز أم إِذا أوصى بِالْعِتْقِ وَقِيمَته مثل الطَّعَام فَأَرَادَ الْوَارِث أَن لَا يعْتق وَيطْعم قَالَ جَازَ وَتسقط الْكَفَّارَة عَن الْمَيِّت وَإِن كَانَ الأولى أَن يعْتق كَمَا لَو كَانَ على الْمَيِّت دين وَقَالَ اقضوا ديني من ثمن هَذِه الدَّار فَقضى الْوَارِث دينه من مَوضِع آخر يجوز وَتبقى لَهُ الدَّار بِخِلَاف مَا لَو أوصى بِإِعْتَاق عبد مُتَبَرعا وَخرج من الثُّلُث يجب الْإِعْتَاق لِأَن إِنْفَاذ وَصيته وَاجِب وَهَا هُنَا الْمَقْصُود قَضَاء دينه وَهُوَ وَاجِب عَلَيْهِ وَإِن لم يرض فَلَا يتعير حكم بِوَصِيَّة قَالَ أَصْحَابنَا لَو حلف أَن لَا يَأْكُل الرطب فَأكل عصيرة من الرطب لَا يَحْنَث وَلَو حلف أَن لَا يَأْكُل السّمن فَجعلت فِي عصيدة فيأكل إِن كَانَ مُسْتَهْلكا لم يَحْنَث وَإِلَّا يَحْنَث وَقَالَ أَصْحَابنَا أَرَادَ بِهِ إِذا كَانَ مُسْتَهْلكا فَإِن لم يكن فَحنث قَالَ إِذا حلف أَن لَا يَأْكُل الدبس فَجعله فِي عصيدة فَأَكله فَوَجَبَ أَن يَحْنَث كالخل غير الْمُسْتَهْلك بِخِلَاف الرطب فَإِنَّهُ لَا يتَّخذ مِنْهُ عصيدة إِلَّا بعد تَغْيِير هَيئته والدبس بهيئته يتَّخذ فِي العصيدة والمرقة كالخل نَظِيره لَو اتخذ من الدبس قبيطا قَالَ لَا يَحْنَث وَإِن حلف لَا يَأْكُل الْبِطِّيخ فَأكل الشمومة حنث وَلَو حلف لَا يَأْكُل البطيخة لم يَحْنَث وَإِن حلف وَقَالَ أزر شته نودر فيوشم فَلبس ثوبا خيط بغزله لَا يَحْنَث وَلَو رقع ثوبا فرقعها من غزلها قَالَ يَحْنَث ثمَّ رَأينَا للشَّيْخ الْقفال مثل ذَلِك وَقَالَ كَمَا لَو خلط ثوبا باريسم جَازَ لبسه وَلَو رقعته برقعه من ديباج لم يجز وَلَو لبس ثوبا نسج من غزلها وغزل غَيرهَا وَجب أَن يَحْنَث وَإِن قَالَ لَا ألبس ثوبا غزلتيه لم يَحْنَث بالمشترك
1140 - مَسْأَلَة وَإِن قَالَ لَا أخرج حَتَّى اسْتَأْذن مِنْك فَإِذا أَرَادَ أَن يخرج فَاسْتَأْذن فَلم يَأْذَن فَخرج حنث لِأَنَّهُ لم يعلق بالإعلام وَإِنَّمَا علق بالاستئذان والاستئذان أَن لَا يَعْنِي بِعَيْنِه وَإِنَّمَا يَعْنِي الْأذن فَهُوَ كَمَا لَو قَالَ لَا

(2/712)


@ أخرج إِلَّا بإذنك وَإِن كَانَ قَصده بِهِ الْإِعْلَام لم يَحْنَث
1141 - مَسْأَلَة إِذا كَانَ واجدا للرقبة لَا يجوز لَهُ أَن ينْتَقل إِلَى الصَّوْم قَالَ يَنْبَغِي أَن يكون ثمن الرَّقَبَة فَاضلا عَن نَفَقَته وَنَفَقَة عِيَاله ومؤناته لسنة فَإِن لم يكن لَهُ إِلَّا نَفَقَة سنة فَينْتَقل إِلَى الصَّوْم أَلا ترى أَنه يجوز لَهُ أَخذ الزَّكَاة إِذا لم يكن لَهُ نَفَقَة مِنْهُ
1142 - مَسْأَلَة ذَكَاة الْجَنِين ذَكَاة أمه فَلَو حلف أَن لَا يذبح الْجَنِين فذبح شَاة فِي بَطنهَا جَنِين يَحْنَث لِأَنَّهُ ذَكَاة الْجَنِين إِمَّا إِذا حلف أَن لَا يذبح شَاتين فذبح شَاة فِي بَطنهَا جَنِين لَا يَحْنَث لِأَن الْأَيْمَان يُرَاعى فِيهَا الْعَادة وَلَا يكون ذَلِك فِي الْعَادة ذبح شَاتين قَالَ وَيحْتَمل أَيْضا فِي الصُّورَة الأولى أَن لَا يَحْنَث
1143 - مَسْأَلَة لَو أعتق رَقَبَة عَن الْكَفَّارَة قبل الْحِنْث فَمَاتَ العَبْد وَحنث تحسب عَن الْكَفَّارَة إِذا حنث بعده كَمَا لَو عجل الزَّكَاة وَهلك المَال الْمُعَجل فِي يَد الْمِسْكِين أَو أكله فَإِذا تمّ الْحول كَانَ محسوبا فِي الزَّكَاة وَلَو مَاتَ الْحَالِف قبل أَن يَحْنَث كَانَ عتقه تَطَوّعا
النذور

1144 - مَسْأَلَة نذر أَن يُصَلِّي فِي أَرض مَغْصُوبَة هَل ينْعَقد نَذره يحْتَمل وَجْهَيْن أظهرهمَا لَا ينْعَقد وَهُوَ بِنَاء على أَنه لَو نذر أَن يعْتَكف صَائِما هَل يجوز الْإِفْرَاد وَجْهَان والأصخ أَنه لَا يجوز لِأَنَّهُ جمع فعلى هَذَا لَا ينْعَقد نَذره وَهَذَا بِخِلَاف مَا لَو نذر أَن يُصَلِّي فِي مَسْجِد بِعَيْنِه لَا يتَعَيَّن الْمَسْجِد وَينْعَقد نَذره بِالصَّلَاةِ فَيصَلي إِن شَاءَ لِأَن تعْيين الْمَسْجِد لَيْسَ بِمَعْصِيَة بِدَلِيل أَنه يجوز لَهُ أَن

(2/713)


@ يَأْتِي بالمنذور على مَا سمي وَهَا هُنَا مَعْصِيّة نَظِيره لَو نذر أَن يُصَلِّي فِي أَرض كَذَا وَلم يعلم أَنَّهَا مَغْصُوبَة قَالَ يَنْبَغِي أَن ينْعَقد نَذره بِالصَّلَاةِ وَلَا تتَعَيَّن تِلْكَ الأَرْض
1145 - مَسْأَلَة لَو نذر أَن يقْرَأ الْقُرْآن فِي صَلَاة فَيقْرَأ فِي مَحل التَّشَهُّد قَالَ لَا يَحْنَث لِأَن التَّشَهُّد قِرَاءَة وَلَو صلى الْفَرْض خمْسا نَاسِيا فَمَا قَرَأَ فِي الرَّكْعَة الْخَامِسَة لَا يحْسب عِنْدِي لِأَنَّهَا لَيست من الصَّلَاة
1146 - مَسْأَلَة إِذا نذر صَوْم شهر بِعَيْنِه رَأَيْت للْقَاضِي أَن لَهُ أَن يفْطر بِعُذْر السّفر كَصَوْم رَمَضَان لِأَن الْمَنْذُور معدل بالمشروع قَالَ وَعِنْدِي أَنه لَا يجوز لَهُ أَن يفْطر بِخِلَاف الْمَشْرُوع لِأَن الشَّارِع ثمَّة جوز الْفطر بعد السّفر نَظِيره لَو قيد النَّاذِر فَقَالَ نذرت صَوْم شهر كَذَا إِلَّا أَن أكون مُسَافِرًا فَأفْطر فَلهُ أَن يفْطر
1147 - مَسْأَلَة لَو نذر وَقَالَ إِن شفى الله مريضي فَللَّه عَليّ أَن لَا أبيع هَذِه الْعين بعد موتِي فشفى الله الْمَرِيض لزم فَلَا يجوز بيع ذَلِك الشَّيْء وَلَو قَالَ لله عَليّ أَن أعتق هَذَا العَبْد بعد موتِي لزم وَلَو قَالَ لله عَليّ أَن أدبره فدبره أما إِذا نذر شهرا مُطلقًا لَهُ أَن يفْطر قَالَ وَفِي فتاوي القَاضِي لَو نذر صَوْم شهر مُتَتَابِعًا لَهُ أَن يفْطر بِعُذْر السّفر قَالَ وعَلى قِيَاس قَوْله إِذا أفطر هَل يَنْقَطِع التَّتَابُع فَقَوْلَانِ كَصَوْم شَهْرَيْن مُتَتَابعين الْأَصَح يَنْقَطِع وَلَو نذر صَوْم سنة متتابعة فَأفْطر بِعُذْر الْمَرَض هَل يسْتَأْنف فَقَوْلَانِ كَالصَّوْمِ الشَّرْعِيّ قَالَ وَكَذَلِكَ لَو قَالَ أَصوم سنة أشرع فِيهَا غَدا قَالَ عِنْدِي فِي هَذِه الصُّورَة الثَّانِيَة إِذا أفطر لَا يجب الِاسْتِئْنَاف لِأَنَّهُ لم يلْزم التَّتَابُع صَحِيحا إِنَّمَا لزمَه التَّتَابُع لتعيين الْوَقْت كَصَوْم رَمَضَان يلْزمه مُتَتَابِعًا فَإِذا أفطر يَوْمًا لَا يلْزمه اسْتِئْنَاف الْجَمِيع لِأَن التَّتَابُع فِيهِ لتعيين الْوَقْت وَرَأَيْت فِي شرح التخليص إِن نذر صوما إِن قيد بالتتابع لزمَه التَّتَابُع وَإِن قيد بالتفرق لزمَه كَذَلِك لِأَن لكل وَاحِد من هَذِه الْأَنْوَاع أصل فِي الشَّرْع فَيلْزمهُ بِالنذرِ فَإِن صَامَ عشرَة مُتَتَابِعًا حسب لَهُ صَوْم خَمْسَة أَيَّام يبطل لَهُ

(2/714)


@ من كل يَوْمَيْنِ يَوْم وَاحِد حَتَّى يحصل التَّفْرِيق وَعَلِيهِ خَمْسَة أُخْرَى مُتَفَرقًا وأصل التَّفْرِيق أَن يفرق بِيَوْم بَين كل يَوْمَيْنِ وَإِن كَانَ نذر مُطلقًا فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَين أَن يَصُوم مُتَتَابِعًا أَو مُتَفَرقًا
1148 - مَسْأَلَة إِذا نذر أَن يُصَلِّي يَوْم كَذَا فصلى قبله وَجب أَن لَا يجوز بِخِلَاف مَا لَو نذر أَن يتَصَدَّق فِي يَوْم كَذَا فَتصدق قبله جَازَ لِأَنَّهُ مَال وَقَالَ القَاضِي لَو نذر أَن يَصُوم يَوْم كَذَا فصَام قبله لَا يجوز لِأَنَّهُ يُدْلِي كَذَلِك الصَّلَاة هَذَا كَمَا أَن تَعْجِيل الصَّلَاة وَالصَّوْم قبل الْوَقْت لَا يجوز وَيجوز تَعْجِيل الزَّكَاة
1149 - مَسْأَلَة لَو نذر أَن يتَصَدَّق بِأحد هذَيْن الشَّيْئَيْنِ فَتلف أَحدهمَا قَالَ يجب عَلَيْهِ أَن يتَصَدَّق بِالْآخرِ وَكَذَلِكَ لَو قَالَ لله عَليّ أعتق أحد هذَيْن الْعَبْدَيْنِ فَمَاتَ أَحدهمَا عَلَيْهِ أَن يعْتق الآخر وَلم يكن لَهُ أَن يَعْنِي فِيمَن مَاتَ بِخِلَاف مَا لَو اعْتِقْ أَحدهمَا لَا يُعينهُ فَمَاتَ أَحدهمَا لَهُ أَن يعين فِي الْمَيِّت لِأَن ثمَّة أوقع الْعتْق فقد نفذنا بإيقاعه فِيمَن مَاتَ لأَنا نحكم أَنه مَا تحرا وَهَا هُنَا الْتزم الْإِعْتَاق فِي الذِّمَّة وَلم يخرج عَمَّا الْتَزمهُ لِأَنَّهُ إِذا عين نَذره فِيمَن مَاتَ لَا يحصل لَهُ مَا الْتَزمهُ من الْإِعْتَاق وَالتَّصَدُّق فَعَلَيهِ أَن يحصل فِيمَا بَقِي مَا الْتزم وَلَو قَالَ أحد هذَيْن للْفُقَرَاء فَهُوَ نذر إِن أَرَادَ وَأطلق كَمَا لَو قَالَ مَالِي فِي سَبِيل الله فَإِذا مَاتَ أَحدهمَا عَلَيْهِ أَن يُعْطي الآخر وَإِن أَرَادَ الْإِقْرَار على مُضِيّ إِن غَيْرِي جعل أَحدهمَا للْفُقَرَاء وَالْآخر ملكي فَإِذا تلف أَحدهمَا وعني بالتالف للْفُقَرَاء يقبل قَوْله
1150 - مَسْأَلَة لَو نذر شَيْئا إِن رده الله سالما شكّ أَنه نذر صَدَقَة أَو عتقا أَو صَلَاة أَو صوما يحْتَمل أَن يُقَال عَلَيْهِ الْإِتْيَان بجميعها كَمَا لَو نسي صَلَاة من الصَّلَوَات عَلَيْهِ إِعَادَة الْكل وَيحْتَمل أَن يُقَال يجْتَهد بِخِلَاف الصَّلَاة لأَنا تَيَقنا ثمَّة وجوب الْكل عَلَيْهِ فَلَا يسْقط إِلَّا بِالْيَقِينِ وَهَا هُنَا تَيَقّن أَن الْكل مَا يجب إِنَّمَا وَجب وَاحِدَة واشتبه فيجتهد كالقبلة والأواني
1151 - مَسْأَلَة رجل نذر أَن يَصُوم عشرذي الْحجَّة فَقَالَ مُطلقَة

(2/715)


@ يحْتَمل على التِّسْعَة أَيَّام من أَولهَا إِلَيّ آخرهَا يَوْم عَرَفَة كمن نذر اعْتِكَاف الْعشْر الْأَوَاخِر من شهر رَمَضَان مُطلقَة يحْتَمل على التِّسْعَة الْأَيَّام الْأَوَاخِر ابْتِدَاء لَيْلَة الْحَادِي وَالْعِشْرين فَإِن خرج الشَّهْر نَاقِصا لَا يلْزمه كَمَال الْعشْر
1152 - مَسْأَلَة إِذا نذر قروي على وَجه الْقرْيَة فَقَالَ إِن دخلت الْبَلَد فَلَا أَعُود حَتَّى احج قَالَ هَذَا نذر حج فَعَلَيهِ أَن لَا يعود بَعْدَمَا دخل الْبَلَد حَتَّى يحجّ فَإِن عَاد عَلَيْهِ كَفَّارَة الْيَمين وَالْحج عَلَيْهِ فَهُوَ ناذر فِيهِ الْحَج سَوَاء أمنع نَفسه من الْعود حَتَّى يحجّ بطرِيق اللجاج وَالْكَفَّارَة كَذَلِك إِن لم يكن قَوْله لَا أَعُود على طَرِيق اللجاج بل على طَرِيق تَعْجِيل النّذر فَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ فِي الْعود وَالْحج عَلَيْهِ وَإِن كَانَ أصل قَوْله إِن دخلت فَلَا أَعُود حَتَّى أحج لجاجا وصنعا نَفسه عَن الْعود فَهُوَ نذر اللجاج وَالْغَضَب فَعَلَيهِ إِذا عَاد قبل الْحَج كَفَّارَة الْيَمين لَا غير على أصح الْأَقْوَال
1153 - مَسْأَلَة لَو نذر وَقَالَ إِن سلمت إِلَى الدَّار الْفُلَانِيَّة فَالله عَليّ أَن أصرفها إِلَى من يحجّ عني فَسلمت لَهُ قَالَ يجب أَن يصرفهَا إِلَى الْحَج فَإِن مَاتَ عَن أَطْفَال يصرفهَا وليه إِلَى الْحَج كَمَا لَو نذر وَقَالَ إِن ملكت عبد فلَان فَللَّه عَليّ أَن أعْتقهُ فَملك لزم إِعْتَاقه
1154 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ إِن شفى الله مريضي فَعَبْدي هَذَا حر ثمَّ قَالَ إِن رد الله غائبي مُفِيد هَذَا حر أَيْضا كَذَلِك العَبْد فَأَيّهمَا حصل أَولا عتق العَبْد وَإِن وَقعا مَعًا عتق وَلَو قَالَ إِن شفي الله مريضي أَولا فَعَبْدي حر وَإِن عَاد غائبي أَولا فَعَبْدي حر فَأَيّهمَا كَانَ أَولا عتق وَإِن كَانَا مَعًا فَلَا يعْتق وَلَو قَالَ إِن شفا الله مريضي فَللَّه عَليّ أَن أعتق هَذَا العَبْد ثمَّ إِن رد غائبي فَللَّه عَليّ أَن أعتق هَذَا قَالَ انْعِقَاد النّذر الثَّانِي مَوْقُوف فَإِن شفي الْمَرِيض وَقع الْعتْق عَنهُ وَلَا يَقع عَن قدوم الْغَائِب سَوَاء تقدم الشِّفَاء أَو تَأَخّر عَن قدوم الْغَائِب لِأَنَّهُ بَان لَان أَنه يسْتَحق الْعتاق عَن الشِّفَاء فَلَا يجوز صرفه فِي جِهَة أُخْرَى وَإِن مَاتَ الْمَرِيض بِأَن أعْتقهُ لم يكن مُسْتَحقّا عَن تِلْكَ الْجِهَة وَهُوَ عَن قدوم الْغَائِب وَإِن قدم

(2/716)


@ الْغَائِب وَجب إِعْتَاقه عَنهُ وَإِلَّا فَلَا وَلَو حصلا مَعًا فَيجب إِعْتَاقه عَن الشِّفَاء كَمَا لَو أخرج خَمْسَة دَرَاهِم وَقَالَ هَذَا عَن مَال الْغَائِب إِن كَانَ قَائِما وَإِلَّا فَفِي الْحَاضِر وَلَا من مَوْقُوف فِي حق الْحَاضِر أَو قَالَ أعتقت هَذَا عَن كَفَّارَة قبل إِن كَانَ عَليّ وَلَا فعين الْيمن فَأمره فِي كَفَّارَة الْيَمين مَوْقُوف وَلَو قَالَ دفْعَة وَاحِدَة أَن شفى الله مريضي فَللَّه عَليّ عتق هَذَا العَبْد وَإِن عَاد غائبي فَكَذَلِك فَأَيّهمَا كَانَ أَولا وَجب الْإِعْتَاق عَنهُ
1155 - مَسْأَلَة إِذا نذر أَن يتَصَدَّق كل يَوْم بدرهم فَمضى عَلَيْهِ أَيَّام وَلم يجد فِيهَا هَل يصير ذَلِك دينا فِي ذمَّته حَتَّى يُؤَدِّي إِذا وجد قَالَ يصير دينا فِي ذمَّته
1156 - مَسْأَلَة رجل نذر وَقَالَ برسر يخسم بربوست برة حنتى يَحْنَث واكر يلهو بربالشي نهد سربر ديوا وَلَا يَحْنَث هر جند بالشي نوم باشد واكثر كويدبر جَامِعَة يخسم يَحْنَث جون بالشَّيْء نرم بِاللَّه
1157 - مَسْأَلَة رجل لَهُ ولد غَائِب نذر صَوْم الِاثْنَيْنِ مَا لم يرجع ابْني فَمَاتَ الابْن قبل أَن يرجع قَالَ هَذَا نذر اللجاج وَالْغَضَب يلْزمه كَفَّارَة الْيَمين على الْأَصَح أَن أفطر يَوْم الِاثْنَيْنِ لِأَنَّهُ قَالَ وَالله لَا أفطر مَا لم يرجع وَلَدي وَكَذَلِكَ نذر أَن لَا يكلم زَوجته مَا لم يرجع وَلَده فَهُوَ كَمَا قَالَ وَالله لَا أكلم زَوْجَتي مَا لم يرجع فَإِذا كلمها قبل رُجُوع وَلَده يلْزمه كَفَّارَة الْيَمين
الشَّهَادَات

1158 - مَسْأَلَة شهد شَاهِدَانِ بِأَن فلَانا أقرّ لفُلَان بِكَذَا وَأقر لفُلَان بدار وَكَانَت ملكا لَهُ يَوْم الْإِقْرَار لَا تقبل لِأَن الْإِقْرَار لَا يُوجب الْملك إِنَّمَا هُوَ إِخْبَار عَن سَبَب سَابق ثَبت لَهُ الْملك فَإِذا كَانَ يَوْم الاقرار ملكا للْمقر لَا تصير بِالْإِقْرَارِ ملكا للْمقر لَهُ كَمَا لَو قَالَ دَاري هَذَا لفُلَان لَا تكون إِقْرَار لِأَن بإضافته إِلَى نَفسه منع ملك الْغَيْر بِخِلَاف مَا لَو شهد أَن فلَان بَاعَ دَاره هَذِه من فلَان

(2/717)


@ وَكَانَت يَوْم البيع ملكا لَهُ لِأَن البيع سَبَب نقل الْملك قَالَ وَكَذَلِكَ لَو شهد أَنه أقرّ لَهُ بِهِ وَكَانَ ملكا الى أَن أقرّ بِهِ أَو قَالُوا كَانَ لَهُ ملكا قبل الْإِقْرَار لَا يقبل
1159 - مَسْأَلَة وَلَو رَجَعَ الشُّهُود على المَال عَن الشَّهَادَة قبل الْقَضَاء لَيْسَ للْقَاضِي أَن يقْضِي فَلَو لم يعلم القَاضِي برجوعهم حَتَّى قضى ثمَّ أقرّ بِرُجُوعِهِ حَتَّى شهد الشُّهُود قَالَ لَا ينْقض الْقَضَاء بِخِلَاف الْمَسْأَلَة الأولى لِأَن هَهُنَا لَيْسَ أحد قَوْله أولى من الآخر وَقد اتَّصل بِالْأولِ قَضَاء القَاضِي الدَّلِيل على الْفرق أَن الشَّاهِد لورجع بعد الْقَضَاء لَا ينقص وثمة لَو أقرّ بعد البقضاء بِأَنِّي كنت قد أخذت المَال عَلَيْهِ الرَّد وينفصل الْقَضَاء
1160 - مَسْأَلَة عبد أقرّ أَنِّي رَقِيق لفُلَان وَفُلَان سَاكِت وَشهد شَاهِدَانِ أَنه حر هَل يحكم بِالْحُرِّيَّةِ أم لَا قَالَ يحكم بِالرّقِّ وَلَو كَانَ الْمقر لَهُ بِالرّقِّ غَائِبا فِي هَذِه الصُّورَة فَشهد شَاهِدَانِ على حريَّة العَبْد هَل يحكم بِالْحُرِّيَّةِ قَالَ لَا
1161 - مَسْأَلَة إِذا شهد عِنْد القَاضِي جمَاعَة وأشكل على القَاضِي عدالتهم فَأخْبر نَائِب للْقَاضِي بِأَن اثْنَيْنِ مِنْهُم عدل وَلم يبين لَا يحكم بِهِ فَإِن عين عَدْلَيْنِ هَل يحكم بتزكيته قَالَ إِن كَانَ النَّائِب قد رَجَعَ إِلَى المزكين وَأخْبرهُ اثْنَان بِعَدَد التهم فَالْقَاضِي يعْتَمد قَوْله وَيحكم بِهِ وَإِن كَانَ يشْهد على عَدَالَته من عِنْد نَفسه فَلَا بُد من مزكي آخر مَعَه حَتَّى يحكم
1162 - مَسْأَلَة وَلَو أَن قَاضِيا سمع شَهَادَة على غَائِب فِي مَال وَكتب إِلَى قَاضِي بلد الْخصم وَلم يسم الشُّهُود بل شهد وَكتب شهد عِنْدِي عَدْلَانِ على فلَان بِكَذَا وَكَذَا قَالَ يجوز وَلَا يشْتَرط تَسْمِيَة الشُّهُود فَلَو قَالَ الْمَشْهُود عَلَيْهِ يَنْبَغِي أَن يكون من شهد عَليّ مَعْلُوما لي لَيْسَ لَهُ ذَلِك

(2/718)


@ لِأَن القَاضِي لَو حكم عَلَيْهِ بِشَهَادَة شَاهِدين فِي غيبته وَأدّى المَال من مَال لَهُ عِنْده جَازَ
1163 - مَسْأَلَة شهد شَاهِدَانِ أَن فلَانا الْمُتَوفَّى أقرّ فِي مرض مَوته لزوجته بِكَذَا وَقُلْنَا الْإِقْرَار للْوَارِث لَا يقبل أَقَامَ الْمقر لَهُ الْبَيِّنَة أَنه أقرها فِي حَال الصِّحَّة وَلم يؤرخا وَلم يبينا قَالَ يحكم بِالْمَالِ وَيحمل على أَنه أقرّ مرَّتَيْنِ مرّة فِي الصِّحَّة وَمرَّة فِي مرض الْمَوْت
1164 - مَسْأَلَة شهد شَاهِدَانِ أَنه أقرّ فِي يَوْم كَذَا من شهر كَذَا لزوجته وَهُوَ مَرِيض وَمَات من ذَلِك الْمَرَض وَشهد شَاهِدَانِ أَنه أقرّ فِي ذَلِك الْوَقْت بِعَيْنِه وَهُوَ صَحِيح قَالَ بَيِّنَة الصِّحَّة تلغى وتحكم بَيِّنَة الْمَرَض لِأَن الْمَرَض ناقله إِلَى الأَصْل فمعهما زِيَادَة علم
1165 - مَسْأَلَة دَار فِي يَد إِنْسَان جَاءَ رجل وَادّعى أَنَّهَا ملكي اشْتَرَيْته من فلَان وَكَانَ ملكا لَهُ وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة وَأقَام ذُو الْيَد بَيِّنَة أَنه اشْتَرَاهُ من فلَان آخر وَكَانَ ملكا لَهُ يقْضِي لذِي الْيَد لَو لم يقل الشُّهُود فِي شَهَادَتهم أَنه كَانَ ملكا لفُلَان بل شهدُوا أَنه ملك لهَذَا الْمُدَّعِي اشْتَرَاهُ من فلَان ظَاهر النَّص أَنه لَا يسمع مَا لم يَقُولُوا اشْتَرَاهُ من فلَان وَكَانَ ملكا لَهُ قَالَ عِنْدِي يحْتَمل أَن لَا يشْتَرط هَذِه اللَّفْظَة لِأَنَّهُ قد يَشْتَرِيهِ من فلَان شِرَاء صَحِيحا وَلَا يكون البَائِع مَالِكًا بل يكون وَكيلا بِالْبيعِ وَلِأَنَّهُم لما قَالُوا اشْتَرَاهُ من فلَان فمطلق الشِّرَاء يحمل على الشِّرَاء الصَّحِيح الْمُوجب للْملك خَاصَّة إِذا شهدُوا لهَذَا الْمُدَّعِي بِالْملكِ فِي الْحَال يدل على أَن مُطلق الشِّرَاء يحمل على الصَّحِيح الْمُوجب للْملك أَنه لَو حلف لَا يَشْتَرِي فَاشْترى شِرَاء فَاسِدا أَن لَا يَبِيع فَبَاعَ بيعا فَاسِدا لَا يَحْنَث
1166 - مَسْأَلَة رجل فِي يَده عبد يَدعِي رقته فَادّعى العَبْد الْحُرِّيَّة وَأقَام صَاحب الْيَد بَيِّنَة على رقّه وَأقَام الْبعد بَيِّنَة على أَنِّي كنت ملك فلَان فاعتقني يحكم لصَاحب الْيَد لفضل يَده كَمَا تقدم بَيِّنَة ذِي الْيَد على بَيِّنَة

(2/719)


@ الْخَارِجِي فِي دَعْوَى الْملك فَأَما إِذا لم يكن العَبْد فِي يَده وَلَكِن ادّعى على شخص مَجْهُول النّسَب أَنه عَبدِي وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة وَأقَام ذَلِك الْمَجْهُول بَيِّنَة أَنه كَانَ مَمْلُوكا فِي يَد فلَان وَفُلَان أعْتقهُ فَإِنَّهُ تقبل بَينه العَبْد وترجح وَيعتق بِخِلَاف الأول لِأَن ثمَّة الْمُدَّعِي للْملك صَاحب يَد فرجحنا بَيِّنَة بِالْيَدِ وَهَا هُنَا لَا بُد لمُدعِي الْملك على العَبْد فَهُوَ وَالْعَبْد سَوَاء إِلَّا أَن العَبْد أثبت ملكا ثمَّ تَصرفا فانتقل ذَلِك الْملك وَيَدعِي الْملك أثبت ملكا فَحسب فرجحنا بَيِّنَة العَبْد وحكمنا بِالْعِتْقِ وَذكره الْقفال فِي فَتَاوِيهِ كَذَلِك أَيْضا
1167 - مَسْأَلَة لَو مَاتَ رجل عَن ابْنَيْنِ وَخلف دَارا فَبَاعَ أحد الِابْنَيْنِ نصِيبه ثمَّ مَاتَ وَادّعى أَخُوهُ مِيرَاث الدَّار من أَبِيه وأخيه وَأقَام المُشْتَرِي بَيِّنَة على أَنه اشْترى نصيب الْأَخ مِنْهُ فَادّعى الْأَخ الآخر أَن أخي كَانَ يَوْم البيع صَغِيرا وَقَالَ المُشْتَرِي كَانَ بَالغا فَالْقَوْل قَول من يَدعِي الصَّغِير مَعَ يَمِينه
1168 - مَسْأَلَة عبد أقرّ بِالرّقِّ لإِنْسَان وَشهد شَاهِدَانِ على حُرِّيَّته قَالَ يحكم برقة لِأَن الشُّهُود يشْهدُونَ على حُرِّيَّته من حَيْثُ الظَّاهِر وَهُوَ أعلم بِحَالهِ كَمَا لَو شهد شَاهِدَانِ على رقّه وآخران على حُرِّيَّته كَانَ رَقِيقا أما إِذا شهد شَاهِدَانِ على أَنه أعْتقهُ وَالْعَبْد يقر بِالرّقِّ فالعتق أولى كَمَا أَن شَهَادَة الْعتْق أولى من شَهَادَة الرّقّ وَإِن كَانَ الْمقر لَهُ غَائِبا لَا يحكم برقه حَتَّى يحضر الْمقر لَهُ فَيسْأَل وَإِن كَانَ الْمقر لَهُ سَاكِنا يسْأَل
1169 - مَسْأَلَة رجل ادّعى دَارا فِي إِنْسَان أَنَّهَا وقف وَقفهَا جدي عَليّ وعَلى الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة وَأقَام ذُو الْيَد بَيِّنَة أَنَّهَا ملكه اشْتَرَاهَا من أم الْمُدَّعِي أَو من غَيرهَا بتاريخ كَذَا يحكم لصَاحب الْيَد فَلَو أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَة أَن الْأُم البائعة كَانَت قد أقرَّت قبل تَارِيخ البيع بِأَنَّهَا وقف قَالَ يحكم بِالْوَقْفِ وَيرجع صَاحب الْيَد بِالثّمن على الْأُم فَلَو رَجَعَ إِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ بعد الحكم بِالْوَقْفِ نظر إِن رَجَعَ شُهُود أصل الْوَقْف لَا يرد الْوَقْف وَلَا غرم على الشُّهُود الَّذين رجعُوا لِأَن الْبَيِّنَة قد قَامَت على إِقْرَار البائعة الَّتِي كَانَت

(2/720)


@ الْيَد لَهَا بِالْوَقْفِ وَكَذَلِكَ لَو رَجَعَ أحد شَاهِدي الأَصْل لَا غرم عَلَيْهِ فَهُوَ كَمَا لَو قَامَت بَيِّنَة على أَن مَوضِع كَذَا الَّذِي فِي يَد فلَان وَقفه قضى بِهِ القَاضِي ثمَّ رَجَعَ الشُّهُود يجب عَلَيْهِم الْغرم وَلَو رَجَعَ أحد الشَّاهِدين عَلَيْهِ نصف الْغرم وَلَا يرد الْوَقْف فَلَو أقرّ الَّذِي فِي يَده بالوقفية لَا غرم على الشُّهُود كَذَلِك هَا هُنَا فَأَما إِذا رَجَعَ أحد شَاهِدي الْإِقْرَار قبل الحكم بِالْوَقْفِ عَلَيْهِ نصف الْغرم للبائعة وَإِن رجعا فَجَمِيع الْغرم لِأَن الحكم وَقع بهما وَالْمُشْتَرِي قد اسْتردَّ مِنْهُمَا الثّمن قَالَ وَيجوز أَن يُقَال بغرم الشَّاهِد لصَاحب السَّيِّد وَهُوَ يرد الثّمن إِلَى البائعة
1170 - مَسْأَلَة إِذا شهد الشُّهُود على رجل بالسفة يقبل حَبسه وَيجوز للْقَاضِي أَن يحْجر عَلَيْهِ فِي غيبته لِأَنَّهُ يتَعَلَّق بِهِ حُقُوق الله تَعَالَى
1711 - مَسْأَلَة إِذا كَانَ شَاهد الأَصْل فِي الْبَلَد لكنه متواري لَا يُمكنهُ الْخُرُوج تقبل شَهَادَة شهور الْفَرْع كَمَا لَو كَانَ مَرِيضا
1172 - مَسْأَلَة لَو شهد شَاهِدَانِ على إِقْرَار زيد لعَمْرو بِمَال فِي مَكَان كَذَا فِي يَوْم كَذَا وَهُوَ صَحِيح الْعقل وآخران شَهدا أَن زيدا كَانَ مَجْنُونا فِي ذَلِك الْيَوْم وَإِقْرَاره كَانَ فِي جُنُونه قَالَ لم يعرف بِهِ جُنُون سَابق فَبَيِّنَة الْجُنُون أولى لِأَنِّي مَعَهُمَا زِيَادَة علم وَإِن كَانَ يجن أَحْيَانًا ويفيق أَحْيَانًا وَعرف ذَلِك مِنْهُ فالبينتان متعارضتان
1173 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ الدَّوَابّ الَّذِي فِي يَدي ملك لفُلَان فَسَمعهُ إِنْسَان وَلَا يعرف السَّامع عَددهَا وَلَا وصفهَا ثمَّ الْمقر ادّعى بَين يَدي القَاضِي دوابا مُعينَة وَأقَام الْبَيِّنَة على أَنَّهَا كَانَت فِي يَد الْمقر يَوْم الْإِقْرَار وَشَاهدا الْإِقْرَار شَهدا كَمَا سمعا قَالَا لَا يسمع هَذِه الشَّهَادَة إِلَّا إِن شَهدا قبل أَن يغيب عَن بصرهما
1174 - مَسْأَلَة دَار فِي يَد إِنْسَان ادّعى ابْنه عَلَيْهِ أَنه وقف هَذِه الدَّار علينا وعَلى أَوْلَادنَا وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة وَحكم القَاضِي بوقفه ثمَّ جَاءَ أَجْنَبِي فَادّعى

(2/721)


@ أَنه ملكي قَالَ إِذا قَامَ الْأَجْنَبِيّ الْبَيِّنَة على الْملك يقم بعده الْمَوْقُوف عَلَيْهِ الْبَيِّنَة على الْوَقْف وترجح بَينته بِحكم الْيَد
1175 - مَسْأَلَة الْوَكِيل فِي إِثْبَات الْحق إِذا خَاصم عِنْد الْحَاكِم ثمَّ عزل قبل الْإِثْبَات فَشهد بذلك المَال لمُوكلِه لَا تقبل شَهَادَته
1176 - مَسْأَلَة رجل ادّعى عينا فِي يَد إِنْسَان وَله بذلك عدل وَاحِد وَالْقَاضِي وَلَيْسَ لَهُ شَاهد آخر قَالَ يدعى بَين يَدي القَاضِي وَيشْهد القَاضِي بَين يَدي نَائِبه
1177 - مَسْأَلَة أَرض مُشْتَركَة بَين رجلَيْنِ فِيهَا أَشجَار فاقتسموها فَوَقَعت شَجَرَة فِي نصيب أحد الشركين وَأَغْصَانهَا خَارِجَة إِلَى هَوَاء نصيب الْأُخَر فَلهُ تكلفة نقل الأغصان فَإِن لم تنقل قطعهَا كَمَا لَو انتشرت أَغْصَان شَجَرَة قديمَة إِلَى هَوَاء الْجَار
الدَّعَاوَى

1178 - مَسْأَلَة رجل اشْترى عبدا فَادّعى العَبْد أَنِّي حر الأَصْل فَالْقَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه فَإِن أَقَامَ العَبْد بَينه لَا تسمع لِأَن حجَّته الْيَمين فَلَو بَينه على نسبه من أَبَوَيْهِ يثبت حُرِّيَّته وَالْمُشْتَرِي رَجَعَ على البَائِع بِالثّمن وَالْبَائِع يرجع على بَائِعه بِالثّمن أَيْضا وَلَو أَرَادَ البَائِع أَن يرجع على بَائِعه أَن يرجع على بَائِعه بِالثّمن أَيْضا وَلَو أَرَادَ البَائِع أَن يرجع على بَائِعه قبل أَن يغرم للْمُشْتَرِي مَا أَخذ مِنْهُ يجوز لِأَنَّهُ ثَبت بِالْبَيِّنَةِ وَكَون البيع حر أَن مَا أَخذه مُسْتَحقّ الرَّد حَتَّى لَو ترك المُشْتَرِي حَقه وَلم يسترجع الثّمن من بَائِعه فَللْبَائِع إِن رَجَعَ إِلَى بَائِعه بِثمنِهِ وَلَو قَالَ البَائِع ردوا الى هَذَا العَبْد الْمَحْكُوم بحريَّته حَتَّى أرد الثّمن لَيْسَ لَهُ ذَلِك وَلَو ادّعى للْبَائِع بعد مَا حكم بحريّة العَبْد أَن العَبْد كَانَ قد أقرّ على نَفسه بِالرّقِّ فَلم يَصح الحكم بحريَّته لم يسمع هَذَا الدَّعْوَى مِنْهُ لِأَن مَعْرُوف النّسَب إِذا أقرّ على نَفسه بِالرّقِّ لَا يقبل وَقد قَامَت الْبَيِّنَة على نسبه وحرية أَصله وَلَا يسمع بَينته على إِقْرَاره بِالرّقِّ لِأَنَّهُ إِن يحلف المُشْتَرِي على ذَلِك وَالْبَائِع بعد مَا ادّعى أَن

(2/722)


@ العَبْد كَانَ قد أقرّ بِالرّقِّ لَا يبطل حَقه عَن الرُّجُوع بِالثّمن على بَائِعه كَرجل اشْترى شَيْئا وَخرج مُسْتَحقّا لَهُ الرُّجُوع على بَائِعه بِالثّمن وَإِن كَانَ يُنكر ملك الْمُسْتَحق ويغرما بِملك البَائِع لِأَن إِنْكَاره رد عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ وَلَو ادّعى البَائِع على المُشْتَرِي بأنك كنت قَادِرًا على أَن تقيم الْبَيِّنَة على دفع بَيِّنَة الْمُدَّعِي فَلم يفعل فَلَا رُجُوع لَك على وَارِد يَمِينه لَا يسمع هَذَا الدَّعْوَى وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفه لِأَنَّهُ لَا يلْزمه إِقَامَة الْبَيِّنَة على دَفعه وَلَو أَن المُشْتَرِي أَرَادَ الرُّجُوع على البَائِع فَأنْكر البَائِع البيع وَقبض الثّمن فَأَقَامَ المُشْتَرِي بَيِّنَة على البيع وَلم يشْهدُوا على قبض الثّمن وشهدوا أَنه بَاعَ وَقبض الثّمن وَلم يثبتوا قدر الثّمن لَا يقبل وَلَو تبينوا قدر الثّمن وَقَالُوا كَانَ من بعد السّنة الْفُلَانِيَّة لسنة مَاضِيَة وَلم يعرف نقد تِلْكَ السّنة فَهَلَك يسمع ثمَّ يرجع إِلَى أهل الْمعرفَة بتاريخ ذَلِك النَّقْد فَلَا يسمع للْجَهَالَة وَلَو أَن المُشْتَرِي الآخر يتَبَرَّع العَبْد من يَده يَمِينه قَامَت على حُرِّيَّته وَذكرنَا أَن لَهُ الرُّجُوع على بَائِعه ولبائعه على بَائِع بَائِعه فَلَو أَن بَائِعه أقرّ بحريّة العَبْد لَا يسْقط رُجُوعه بِهَذَا الْإِقْرَار لِأَنَّهُ قَامَت الْبَيِّنَة على الْحُرِّيَّة فَلَا يَنْقَطِع بِإِقْرَار رُجُوعه وَلَا حكم لإِقْرَاره فِي إِسْقَاط من رُجُوع
1179 - مَسْأَلَة رجل ادّعى على إِنْسَان أَنه بَاعَ مِنْهُ عبدا بِأَلف وَسلمهُ إِلَيْهِ وَأقَام بَيِّنَة على إِقْرَار الْمُدَّعِي عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ لم يصل إِلَيْهِ سَببه بِمَعْنى لم يسلم العَبْد وَإِنَّمَا أقرّ بِاللِّسَانِ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَة أَنا رَأينَا ذَلِك العَبْد فِي يَده وَقَالَ هَذَا العَبْد الَّذِي اشْتَرَيْته من فلَان بِأَلف فَقَالَ الْمُدَّعِي أَقرَرت وَلَكِن لم يكن وصل إِلَى قَالَ لَهُ تَحْلِيف الْمُدَّعِي عَلَيْهِ أَنه قد سلم لِأَنَّهُ قد يكون فِي يَده بِسَبَب لَا بِتَسْلِيم من جِهَة البَائِع
1180 - مَسْأَلَة رجلَانِ رميا سَهْمَيْنِ فَأصَاب أحد السهمين شخصا وَمَات وَاخْتلفَا قَالَ كل وَاحِد مِنْهُمَا أَصَابَهُ سهمك أَولا فَمَاتَ من سهمك رَجَعَ إِلَى الْوَارِث وَالْوَارِث إِذا ادّعى على أَحدهمَا أَن سهمك أصَاب أَولا فَالْقَوْل قَول الْوَارِث أَو الْمُدَّعِي عَلَيْهِ قَولَانِ كَمَا لَو قدر رجلا ملفوقا بنصفين قَالَ الْقَاذِف قَذَفته

(2/723)


@ وَهُوَ ميت وَقَالَ الْوَارِث بل كَانَ حَيا فَالْقَوْل قَول من قَوْلَيْنِ معروفين
1181 - مَسْأَلَة ادّعى على إِنْسَان مَالا فَأنْكر وَأقَام الْمُدَّعِي الْبَيِّنَة وَقضى لَهُ القَاضِي بِالْمَالِ ثمَّ الْمُدعى عَلَيْهِ أَقَامَ الْبَيِّنَة بعد قَضَاء القَاضِي أَن الْمُدَّعِي قد أقرّ بوصول هَذَا إِلَيْهِ قَالَ نسْمع الْبَيِّنَة وعَلى القَاضِي أَن يحكم بِبَرَاءَة ذمَّته لِأَن بَيِّنَة الْمُدَّعِي على الْبَرَاءَة لما كَانَت مُقَدّمَة على بَيِّنَة الْمُدَّعِي قبل الْقَضَاء وَالْقَضَاء لَا يمْنَع إِقَامَة الْحجَّة عَلَيْهِ كالمدعى عَلَيْهِ إِذا حلف على الْإِنْكَار وَقضى القَاضِي ببراءته ثمَّ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَة على الْوُجُوب سَمِعت بَينته أما إِذا أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَة ثمَّ قَالَ الْمُدعى عَلَيْهِ وَهُوَ ايراني أَو أدّيت أَو كَانَ عينا فتعد إِقَامَة الْمُدَّعِي الْبَيِّنَة قَالَ الْمُدعى عَلَيْهِ إِنَّه قد بَاعَنِي أَو وهب لي وَأَرَادَ تَحْلِيف الْمُدَّعِي هَل يحلف فقد ذكر الْأَصْحَاب وعلقته عَن القَاضِي إِن كَانَ قبل قَضَاء القَاضِي بَيِّنَة الْمُدَّعِي يحلف الْمُدَّعِي وَإِن كَانَ بعد قَضَاء القَاضِي فَوَجْهَانِ الْأَصَح لَا يسمع وَذكر فِي دَعْوَى الْقُرْآن الْأَصَح أَن يسمع قَالَ فَرَأَيْت فِي مُحَرر الشَّيْخ أبي عَليّ يحلف من غير فصلين بعد قَضَاء القَاضِي أَو قبله قَالَ الإِمَام الْأَصَح أَن لَا يحلف بعد قَضَاء القَاضِي وَيحلف قبله فِي الْمَوَاضِع كلهَا
1182 - مَسْأَلَة وَلَو شهد الشُّهُود أَنه أقرّ لفُلَان بِكَذَا أَو أقرّ بَين يَدي القَاضِي ثمَّ قَالَ لم يصل إِلَى سَببه لَهُ تَحْلِيف الْمُدَّعِي لِأَن الْعَادة جرت أَن النَّاس يقرونَ للإشهاد قبل أَخذ المَال قَالَ الإِمَام وَلَو قضى القَاضِي بِبَيِّنَة الْمُدَّعِي على الْمُدعى عَلَيْهِ بعد مَا ادّعى الْمُدعى عَلَيْهِ هَذِه الدَّعْوَى وَلم يحلف الْمُدَّعِي وَجب أَن ينفذ قَضَاؤُهُ لأجل الْبَيِّنَة قَالَ أما إِذا أقرّ بِالْمَالِ ويوصل السَّبَب إِلَيْهِ أَو شهد الشُّهُود أَنه أقرّ بِالْمَالِ وَوصل السَّبَب ثمَّ أَرَادَ تَحْلِيف الْمُدَّعِي على أَنه لم يُوصل إِلَى السَّبَب لَيْسَ لَهُ ذَلِك عِنْدِي
1183 - مَسْأَلَة رجل ادّعى نِكَاح امْرَأَة فأنكرت وَحلفت ثمَّ أقرَّت وَالزَّمَان لَا يحْتَمل نِكَاحا جَدِيدا بعد انكاحها إِلَى وَقت أقرّ وَلَدهَا هَل يجوز فِي الحكم لَهُ وَطْؤُهَا قَالَ يجوز كمن انكر حَقًا ثمَّ أقرّ

(2/724)


- مَسْأَلَة إِذا بَاعَ الْقيم دون إِذن الصَّبِي عقار بعد مُدَّة ادّعى يَوْمئِذٍ أَنِّي كنت بَالغا وَأنكر الْقيم بُلُوغه يَوْمئِذٍ قَالَ لَا يقبل قَول الصَّبِي لِأَن الصَّبِي فِي الأَصْل صغره فَإِن أَقَامَ بَيِّنَة على بُلُوغه يَوْم البيع تسمع بَينته وَيبْطل البيع
1185 - مَسْأَلَة إِذا ادّعى على رجل بِأَن بَاعَ مني هَذِه الدَّار فَأنْكر فَأَرَادَ الْمُدَّعِي إثْبَاته بِشَاهِد وَامْرَأَتَيْنِ ذكر عَن القَاضِي أَنه يثبت بل القَوْل قَول الْمُدعى عَلَيْهِ مَعَ يَمِينه قَالَ وَفِي تَفْصِيل إِن أنكر الْمُدعى عَلَيْهِ وكَالَة الْوَكِيل لَا تجوز إِثْبَاتهَا بِشَاهِد وَيَمِين وَإِن لم يُنكر الْوكَالَة لَكِن أنكر البيع يثبت لِأَنَّهُ إِثْبَات مَال
1186 - مَسْأَلَة رجل ادّعى دَارا فِي يَد إِنْسَان أَنَّهَا كَانَت ملكا لجدي فانتقل مِنْهُ إِرْثا إِلَى أبي وَمِنْه إِلَيّ وَالْيَوْم ملكي فَأَقَامَ ذُو الْيَد بَيِّنَة أَنَّهَا كَانَت ملكا لِأَبِيهِ وَالْيَوْم ملكي لَا يكون دفعا حَتَّى يبين وَجه انْتِقَال الْملك من أَبِيه إِلَيْهِ فَلَو أَقَامَ بَيِّنَة على أَنَّهَا ملكه مُطلقًا ثمَّ الْمُدَّعِي أَقَامَ بَيِّنَة أَنه كَانَ قد أقرّ أَنه ملكا لأبي يسمع وَيحكم للْمُدَّعِي حَتَّى يُقيم ذُو الْيَد بَيِّنَة وَيبين وَجه الإنقال إِلَيْهِ وَلَو قَالَ ذُو الْيَد كَانَ هَذَا فِي يَد أَبِيه قبل هَذَا بسنين لكنه كَانَ قد غصب مني فاسترجعت بطلت يَده لإِقْرَاره بِالْيَدِ لأَب الْمُدَّعِي
1187 - مَسْأَلَة أَقَامَ الْخَارِجِي بَيِّنَة أَن هَذِه الدَّار وَقفهَا جدي على أَوْلَاده وَأَوْلَاد أَوْلَاده مُنْذُ عشْرين وَأقَام ذُو الْيَد بَيِّنَة مُطلقًا أَنَّهَا ملكي بَيِّنَة ذِي الْيَد أولى وَإِن أَقَامَ ذُو الْيَد بَيِّنَة أَنه اشْتَرَاهُ من أَبِيه فَهُوَ ملكي كَانَت بَينته أولى وَقد بَين سَبَب ملكه فَإِن قَالَ اشْتَرَيْته من جدك فَبَيِّنَة الْمُدَّعِي أولى للتاريخ
1188 - مَسْأَلَة لَا يجب على الإِمَام إِخْرَاج المحبوسين بِالْحَقِّ لصَلَاة الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة وَكَذَلِكَ لَا يجب لَهُ إِنْزَال المصلوب بل يُصَلِّي كَمَا أمكنه كَمَا يُقَام

(2/725)


@ الْحَد عَلَيْهِ بِالْجلدِ وَإِن كَانَ يصبر عَاجِزا عَن الْقيام فِي الصَّلَاة فَلَو أرسل الْمَحْبُوس ليُصَلِّي بكفيل فَلَا بَأْس
1189 - مَسْأَلَة رجل وَامْرَأَة يسكنان دَارا ادّعى الرجل أَن الْمَرْأَة زَوجته وَالدَّار دَاره وَادعت الْمَرْأَة أَن الْمَرْء عَبدهَا وَالدَّار دارها قَالَ يحلف الرجل على نفي الرّقّ وَالْمَرْأَة على نفي الزَّوْجِيَّة ويحلفان على الدَّار وَهِي بَينهمَا وَإِذا قَامَ أَحدهمَا بَيِّنَة قضي لَهُ فَإِن أَقَامَا بينتين قَالَ بَيِّنَة الْمَرْأَة أَن الرجل عَبدهَا أولى لِأَن من ادّعى حريَّة الأَصْل فَأَقَامَ رجل على رقة بَيِّنَة كَانَ رَقِيقا فها هُنَا بَيِّنَة الْمَرْأَة أولى لَا ذَلِك الْيَمين إِذا طَرَأَ على النِّكَاح يرفعهُ وَالرجل يَدعِي النِّكَاح وَملك النِّكَاح إِذا طَرَأَ لَا يرْتَفع ملك الْيَمين بل ينْدَفع ملك النِّكَاح بِملك الْيَمين واذا حكمنَا لَهَا بملكية الرجل كَانَت الدَّار بهَا
1190 - مَسْأَلَة امْرَأَة لَهَا ولد أَقَامَ فِي بلد مُدَّة على حكم الْأَحْرَار وكل وَاحِد يقر بِالنّسَبِ تَقول الْأُم هَذَا وَلَدي وَيَقُول الْوَلَد هَذِه أُمِّي جَاءَ مدعي وَادّعى برقهما فأقرت الْأُم إِنِّي كنت مَمْلُوكَة لَهُ فأعتقني وَأنكر الْوَلَد وَقَالَ أَنا حر الأَصْل وَلست بِابْن لَهَا قَالَ يحكم برق الْأُم دون الْوَلَد
1191 - مَسْأَلَة لَو اشْترى رجل جَارِيَة وَولدا فَبلغ الْوَلَد فَادّعى حريَّة الأَصْل يقبل قَوْله
1192 - مَسْأَلَة رجل فِي يَده دَار وَقفهَا على الْأَوْلَاد ثمَّ أنكر الوقفية فَأَقَامَ الْأَوْلَاد بَيِّنَة على الوقفية وَحكم الْحَاكِم ثمَّ جَاءَ مدعي وَأقَام بَيِّنَة أَنَّهَا ملكي لَا حكم لَهُ لِأَن الْوَاقِف صَاحب والخارجي أَقَامَ الْبَيِّنَة فَكَانَ الحكم لَهُ فَإِن أَقَامَ الْمَوْقُوف عَلَيْهِ الْبَيِّنَة على ملكية الْأَب ووقفيته حكم بِهِ لِأَن بيتة ذِي الْيَد مُقَدّمَة
1193 - مَسْأَلَة إِذا أقرّ جد الْوَرَثَة بوقفية شَيْء من التَّرِكَة وَأنكر الْبَاقُونَ يقبل قَوْله نصِيبه بوقفه إِن الْآن قد وَقفهَا وَأنكر الْبَاقُونَ فَهُوَ وقف بِزَعْمِهِ وَلَا رُجُوع على الآخرين وَلَو أَقَامَ بَيِّنَة على وقفية رَجَعَ وَكَذَلِكَ لَو وَقع عبد

(2/726)


@ فِي نصِيبه فَأقر أَن الْأَب كَانَ قد أعْتقهُ وَأنكر الْبَاقُونَ لَا رُجُوع لَهُ عَلَيْهِم بِشَيْء فَإِن أَقَامَ بَيِّنَة قبل وَرجع فِي التَّرِكَة فيقيم ثَانِيًا وَلَو أقرّ الَّذِي فِي يَده بِأَن هَذِه الْعين لفُلَان تسلم إِلَى فلَان وَلَا رُجُوع لَهُ على الآخرين وَإِن أَقَامَ الْبَيِّنَة قَالَ يحْتَمل أَن لَا يقبل لِأَنَّهُ لَا يُمكنهُ ابناء الْملك للْغَيْر بَيِّنَة قَالَ وَقد رَأَيْت أَنه لَو اشْترى عبدا ثمَّ قَالَ المُشْتَرِي هَذَا الَّذِي يَعْنِي حرا ووقف أَو ملك لفُلَان فَالْقَوْل قَول البَائِع وَيحكم على المُشْتَرِي بِعِتْق أَو وقفية أَو يجب تَسْلِيمه إِلَى فلَان وَلَا رُجُوع لَهُ على البَائِع بِالثّمن فَلَو أَقَامَ الْبَيِّنَة عَلَيْهِ قَالَ يسمع لِأَن لَهُ غَرضا وَهُوَ استرجاع الثّمن وَإِن كَانَ إِقَامَة الْبَيِّنَة فِي ملك الْغَيْر وَلَو لم يكن بَيِّنَة فَأَرَادَ تَحْلِيف البَائِع يجوز فَإِن نكل حلف واسترد الثّمن وَقَالُوا لَو ادّعى دَارا على رجل فَقَالَ لَيْسَ وَلَكِن لفُلَان الْغَائِب لَا يصدق وَإِن أَقَامَ الْبَيِّنَة على أَنَّهَا لفُلَان الْغَائِب يسمع وَهُوَ بَيِّنَة على إِثْبَات الْملك للْغَيْر وَلَكِن قَصده رفع الْخُصُومَة فَيقبل
1194 - مَسْأَلَة ادّعى على رجل بِأَن الدّرّ الَّتِي فِي يدك ملكي اشْتَرَيْتهَا من فلَان فَقَالَ صَاحب الْيَد كَانَت هَذِه الدَّار مَرْهُونَة مني يَوْم اشْتَرَيْتهَا فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَة أَنِّي اشْتَرَيْتهَا بِأَمْرك فَأَقَامَ ذُو الْيَد بَيِّنَة أَنَّهَا ملكي وَكَانَ ملكي ملكا لمن اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ هَل يكون دفعا قَالَ لَا يكون دفعا لِأَنَّهُ أقرّ بسبق الشِّرَاء للْمُدَّعِي غير أَنه ادّعى لنَفسِهِ الرَّهْن وَقد أبطل بَيِّنَة الْمُدَّعِي رَهنه بِالْإِذْنِ فَثَبت سبق شِرَائِهِ فَلَا تقبل بَينته على نفي الْملك من الْمُدَّعِي
1195 - مَسْأَلَة رجل ادّعى دَارا فِي يَد رجل أَنَّهَا كَانَت ملكا لفُلَان الْغَائِب أَو الْمَيِّت رَهنهَا مني وَسلم وَهُوَ رهن مني وَأقَام ذُو الْيَد الْبَيِّنَة على أَنَّهَا ملكي اشْتَرَيْته أخر بتاريخ مُتَأَخّر قَالَ لَا حكم لبينة الْمُدَّعِي الرَّهْن لِأَن الرَّهْن فِي الْخصم هُوَ ملك الْمَالِك قَالَ هَذَا على قَول بعض الْأَصْحَاب وَعند بَعضهم وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ دَعْوَى الْمُرْتَهن مسموع فعلى هَذَا هُوَ كالمسألة الثَّانِيَة يسمع وَيرجع جَانب ذِي الْيَد وَهَذَا قَول وَقَالَ وَلَو أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَة أَن قَاضِيا قضى لَهُ بِالدّينِ وَالرَّهْن قَالَ بَيِّنَة ذِي الْيَد مَعَ هَذَا أولى قَالَ الإِمَام

(2/727)


@ عبد الرَّحْمَن وَفِي فَتَاوَى الشَّيْخ الْقفال أَنه سمع دَعْوَى الْمُرْتَهن وَيكون خصما
1196 - مَسْأَلَة رجل اشْترى شَيْئا فجَاء رجل فَادّعى أَنه ملكي وانتزعه من يَده غصبا بِلَا حجَّة فَلَمَّا طعن الْمَغْصُوب مِنْهُ المُشْتَرِي بِالْقَاضِي ادّعى على الْغَاصِب فَأنْكر الْغَاصِب وَحلف فَهَل للْمُشْتَرِي أَن يرجع بِالثّمن على البَائِع قَالَ لَا يرجع لِأَنَّهُ لَا ينتزع من يَده بِحجَّة وَالْغَصْب ظلم حدث فِي يَده فَلَا يرجع على غير من ظلمه
1197 - مَسْأَلَة دَار وكرم فِي يَد إِنْسَان جَاءَ رجل وَادّعى أَن هَذِه الدَّار وَقفهَا أَبونَا علينا وعَلى أَوْلَادنَا بتاريخ كَذَا وَشهد الشُّهُود حَسبه أَن هَذَا وقف على مَسْجِد أَو رِبَاط وَأقَام ذُو الْيَد بَيِّنَة أَنَّهَا ملكي ترجح بَيِّنَة ذُو الْيَد وَلَو أَقَامَ ذُو الْيَد بَيِّنَة أَنه اشْتَرَاهَا من فلَان وَذكر تَارِيخا بعد تَارِيخ الْوَقْف قَالَ نظر إِن كَانَ قد اشْتَرَاهَا من يَدعِي الْمُدَّعِي أَنه وَقفه فَبَيِّنَة الْوَقْف أولى لسبق التَّارِيخ وَلَو قَالَ اشْتَرَيْته من فلَان آخر فَبَيِّنَة ذِي الْيَد أولى وَكَذَا فِي حكم عبد يَدعِي أَنه أعْتقهُ فلَان وَهُوَ فِي يَد رجل يَدعِي ملكه
1198 - مَسْأَلَة رجل ادّعى دَارا فِي يَد إِنْسَان أَن أَبَاهُ أصدقهَا أمه مُنْذُ عشْرين سنة وَمَاتَتْ وَصَارَت مِيرَاثا لي وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة وَقَالَ صَاحب الْيَد اشْتَرَيْتهَا من أَبِيك مُنْذُ خمس سِنِين وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة فَبَيِّنَة الْخَارِج أولى لسبق التَّارِيخ واتفاقهما فِي إِثْبَات الْملك للْأَب فَلَو أَقَامَ ذُو الْيَد الْبَيِّنَة على أَن الْأُم اخْتلعت نَفسهَا على تِلْكَ الدَّار فَعَادَت الدَّار الى الْأَب ثمَّ بَاعهَا مِنْهُ فبينته من حجَّة لَو أَرَادَ الْخَارِجِي إِقَامَة الْبَيِّنَة على أَن الْأَب كَانَ قد أقرّ بهَا كَانَت ملكا للْأُم حِين مَاتَت هَل يكون دفعا لبينة ذِي الْيَد قَالَ لَا يكون دفعا لِأَنَّهُ لما ثَبت دَفعه للبينة فَيكون إِقْرَاره بَاطِلا فِي ملك الْغَيْر وَلَو أَقَامَ الْبَيِّنَة على أَنه قد أقرّ قبل أَن بَاعَ من صَاحب الْيَد بِأَنَّهَا كَانَت ملكا للزَّوْجَة يَوْم مَاتَت وَصَارَت ملكا للْوَرَثَة يسمع وَيكون دفع لَو أَن الْبَيِّنَة الأولى الَّتِي شهِدت على الإصداق وَالْملك إِلَى الْمَوْت أعَاد شَهَادَته على إِقْرَار البَائِع قبل البيع للْأُم بِالْملكِ لَا يسمع بِخِلَاف مَا لَو

(2/728)


@ شهد غَيرهمَا لأَب وَيحمل قَول غير أُولَئِكَ على ملك جَدِيد حصل للْأُم بعد الْخلْع فَيجْعَل تِلْكَ الْبَيِّنَة نَاقِلا للْملك من الْأَب بعد الْخلْع وَلَا يُمكن هَذَا التَّقْدِير فِي حق الْبَيِّنَة الأولى لأَنهم شهدُوا فِي الِابْتِدَاء على الإصداق وَالْملك إِلَى الْمَوْت فشهادتهم على الْإِقْرَار تَقْدِير تِلْكَ الشَّهَادَة وَلَا يُمكن تَقْدِير ملك جَدِيد لِأَنَّهُ يكون مضارا للشَّهَادَة الأولى فَلَو أَقَامَ الْخَارِجِي شَاهِدين آخَرين على أَن الْأَب كَانَ قد أقرّ قبل البيع بِالْملكِ لزوجته أَو للِابْن فَقبلنَا ورجحنا وَأقَام ذُو الْيَد بَيِّنَة على أَن الابْن قد أقرّ يَوْم البيع أَنه ملك للْأَب وَأَنه لَا حق فِيهِ وَلَا دَعْوَى يكون دفعا وَلَو ادّعى بَيِّنَة الْخلْع بِشَهَادَتِهِمَا وشهدا على هَذَا الْإِقْرَار يقبل بِخِلَاف بَيِّنَة النِّكَاح إِذا جَازَ أَو شهدُوا على إِقْرَار الْأَب لَا يقبل لأَنهم يطْلبُونَ رد الْخلْع بِشَهَادَتِهِم إِذْ لَا يُمكن حمل شَهَادَتهم على سَبَب جَدِيد لِأَنَّهُ يكون مضادا وَالْخلْع لَا يرْتَد بقَوْلهمْ لِأَن الْأَب لَو كَانَ حَيا لَكَانَ يرْتَد الْخلْع بقوله وَهَا هُنَا بَيِّنَة الْخلْع إِذا عَادَتْ الشَّهَادَة على إِقْرَار الْمُدَّعِي يسمع لِأَنَّهُ يشْهد على رد الابْن إِقْرَار الْأَب وَيَردهُ يرْتَد إِقْرَار الْأَب
رجل بَاعَ دَارا من رجل فغصبها غَاصِب من المُشْتَرِي فادعاها المُشْتَرِي على الْغَاصِب هَل يجوز للْبَائِع أَن يشْهد على المُشْتَرِي بِالْملكِ قَالَ إِن شهد مُطلقًا أَنَّهَا ملك هَذَا المُشْتَرِي يقبل وَإِن علم القَاضِي أَنه بَائِعهَا لَا ترد شَهَادَته كمن رأى شَيْئا فِي يَد إِنْسَان مُدَّة يتَصَرَّف تصرف الْملاك لَهُ أَن يشْهد لَهُ بِالْملكِ مُطلقًا وَلَو علم القَاضِي أَنه شهد لَهُ بِظَاهِر الْيَد لَا ترد شَهَادَته وَإِن كَانَ لَو صرح بِهِ لَا يقبل
1199 - مَسْأَلَة إِذا ادّعى ألفا فَقَالَ الْمُدعى عَلَيْهِ إِنَّك قد بعتها على خمس مائَة ووهبت مني خَمْسمِائَة ولي بَيِّنَة فعجز عَن اقامة الْبَيِّنَة فَهَل تكون هَذِه اللَّفْظَة لَهُ إِقْرَار أم لَا قَالَ لَا لِأَنَّهُ لم يقر ثمَّ إِنَّه يلْزمه وَقد يُصَالح على الْإِنْكَار وَكَذَلِكَ لَو أَقَامَ الْبَيِّنَة على صِحَة قَوْله لَا يحكم بِالْبَاقِي
1200 - مَسْأَلَة رجل ادّعى على إِنْسَان دَارا فِي يَده فَأنْكر فَأَقَامَ الْمُدَّعِي

(2/729)


@ بَيِّنَة على وَجهه وعد الشُّهُود فَأقر الْمُدعى عَلَيْهِ بِالدَّار لآخر قبل حكم القَاضِي للْمُدَّعِي بَيِّنَة هَل يحكم بِتِلْكَ الْبَيِّنَة وَلَا تجوز الْإِعَادَة وَإِن لم يعلم يُعِيد الْمُدَّعِي الْبَيِّنَة على وَجه الْمقر لَهُ
1201 - مَسْأَلَة رجل اشْترى عبدا وَحمله إِلَى بلد آخر فَبَاعَهُ وَخرج الْغُلَام حرا وَحكم بحريَّته ثمَّ خرج المُشْتَرِي إِلَى بلد للْبَائِع وَادّعى أَن لي عَلَيْك مائَة دِينَار من عَن آدَمِيّ بِعته مني خرج حرا وَلم يصف وَلم يعد هَل يسمع الدَّعْوَى قَالَ يسمع
1202 - مَسْأَلَة رجل خَالع زَوجته ثمَّ قَالَ هِيَ كَانَت مُحرمَة عَليّ قبل الْخلْع يجب عَلَيْهِ رد بدل الْخلْع أَو قَالَ الفارسية اني زن نر من حرَام يبين إِن خلع يجب رد المَال وَلَو قَالَ ده سَالَ بوذتا ايْنَ زن برمن حرَام بوذيا ازده سَالَ باذير من حرَام بوذ مكذلك يجب رد المَال وَلَو قَالَ بَين ادين بده سَالَ برمن حرَام بوذ فَكَذَلِك وَلَو قَالَ أردْت بِهِ إِن لم اكن نكحته قبل هَذَا بِعشر سِنِين إِنَّمَا نكحته مُنْذُ خمس سِنِين يقبل قَوْله فِي اللَّفْظَة الْأَخِيرَة دون الْأَلْفَاظ السَّابِقَة فَلَو أدعى الزَّوْج مَال الْخلْع وَادعت الْمَرْأَة أَنه قد ذكر شَيْئا من هَذِه الْأَلْفَاظ وَأقَام الْبَيِّنَة وأوحينا عَلَيْهِ رد بدل الْخلْع وَأقَام الزَّوْج بَيِّنَة أَنِّي أردْت بِهِ أَنِّي لم أكن نكحته قبله بِعشر سِنِين إِنَّمَا نكحت مُنْذُ خمس سِنِين يكون دفعا لبينتها فِي اللَّفْظَة الْأُخْرَى دون الْأَلْفَاظ السالفة
1203 - مَسْأَلَة امْرَأَة زوجت من اثْنَيْنِ شُهُود عدُول ثمَّ جَاءَ رجل وَادّعى أَنَّهَا كَانَت قد أقرَّت لَهُ بِالنِّكَاحِ من قبل وَأقَام عَلَيْهِ شَاهِدين قَالَ يقْضِي للْمقر لَهُ من قبل
1204 - مَسْأَلَة امْرَأَة فِي يَدهَا عبد أقرَّت بِهِ لإِنْسَان ثمَّ جَاءَ جمَاعَة من أَوْلَادهَا وأدعوا أَن هَذَا العَبْد كَانَ لأبيهم فَمَاتَ عَنَّا وَعَن هَذِه الزَّوْجَة فَصَارَ

(2/730)


@ مِيرَاثا لنا وَلم يكن للْمَرْأَة إِلَّا ثمنه وَأقَام من فِي يَده الْبَيِّنَة إِن العَبْد كَانَ فِي يَد الْمَرْأَة قد أقرّ بِهِ للَّذي هُوَ الْآن فِي يَده وَأقَام الْأَوْلَاد بَينه على وفْق مَا ادعوا قَالَ ادعوا قَالَ بَيِّنَة الْأَوْلَاد أولى لِأَن شُهُود الْمَرْأَة لَا يثبتون لَهَا إِلَّا يدا وَخَرجُوا بِبُطْلَان ملكهَا يحكم الْيَد حِين قَالُوا أقرَّت لفُلَان فإقرارها للْغَيْر يدل على أَن يَدهَا لَيست يَد ملك وَلَو أثبتوا لَهَا ملكا لم يَصح إِقْرَارهَا بعد ثُبُوت ملكهَا لغيره فَإِنَّهُم لَو شهدُوا أَنَّهَا أقرَّت لفُلَان كَانَ يَوْم الْإِقْرَار ملكهَا لم يَصح فالشهود متقفون من الْجَانِبَيْنِ على أَن يَدهَا لَيست يَد ملك حَتَّى ترجح بَينهمَا
1205 - مَسْأَلَة إِذا مَاتَ عَن ابْنَيْنِ أقرّ أَحدهمَا بِابْن للْمَيت لَا يثبت النّسَب وَلَا الْمِيرَاث وَلَا يجوز للْمقر أَن ينْكِحهَا لِأَنَّهُ يقر بِأَنَّهَا أُخْته فَلَو رَجَعَ عَن إِقْرَاره قَالَ لَا يقبل وَلَا يحِيل النِّكَاح قَالَ فَإِن أَقَامَت بَيِّنَة على أَنَّهَا ابْنة رجل آخر يَدعهَا الْحُرِّيَّة وَحل لهَذَا الْمقر إِذا رَجَعَ عَن إِقْرَاره أَن ينْكِحهَا كمن ادّعى نسب مَوْلُود ثمَّ قَتله لَا قصاص عَلَيْهِ فَإِن جَاءَ آخر وَأقَام بَيِّنَة على أَن الْمَقْتُول أَبوهُ وَجب القَوْل على الْقَاتِل رَجَعَ عَن إِقْرَاره أَو لم يرجع أما إِذا ادّعى بنوة مَعْرُوف النّسَب أَو إخواته قَالَ لَا يحرم النِّكَاح
1206 - مَسْأَلَة إِذا دفع مَالا إِلَى إِنْسَان وَقَالَ بِعْ هَذَا أَو أنْفق على نَفسك فَفعل هَل لَهُ الرُّجُوع عَلَيْهِ قَالَ يحْتَمل وَجْهَيْن كَمَا لَو قَالَ اكريتك فَقَالَ بل أعرتني فَالْقَوْل قَول من فِيهِ قَولَانِ الْأَصَح أَن القَوْل قَول الْمَالِك مَعَ يَمِينه كَذَا هَا هُنَا القَوْل الدَّافِع خرج مِنْهُ أَنه فِي قَول لَا رُجُوع عَلَيْهِ بِخِلَاف مَا لَو كَانَ عَلَيْهِ حق فَدفع إِلَيْهِ مَالا وَقَالَ الدَّافِع عَن الدّين وَقَالَ القَاضِي بل هَدِيَّة فَالْقَوْل قَول الدَّافِع إِنَّه عَن الْوَاجِب لِأَن الْغَالِب أَنه إِذا كَانَ عَلَيْهِ حق يَقع للْأَدَاء عَن الْوَاجِب دون غَيرهَا
1207 - مَسْأَلَة رجل ادّعى دَارا عَن انسان وَأقَام بَيِّنَة أَنِّي اشْتَرَيْتهَا من زيد مُنْذُ عشْرين سنة وَأقَام ذُو الْيَد بَيِّنَة أَنه اشْتَرَاهَا من عَمْرو من خمس سِنِين فَبَيِّنَة ذِي الْيَد أولى فَلَو أَقَامَ الْخَارِج بَيِّنَة أَن عمرا أقرّ بعد البيع أَنِّي اشْتَرَيْته من زيد لَا

(2/731)


@ يقبل لِأَنَّهُ بعد مَا بَاعَ مَا لَا يقبل إِقْرَاره فِي ملك الْغَيْر
1208 - مَسْأَلَة صِيغَة فِي يَد إِنْسَان خارجي وَادّعى أَن هَذِه الصِّيغَة ملكي اشْتَرَيْتهَا من فلَان فِي سنة ثَلَاث وَخمْس مائَة وَهُوَ يملكهُ فَأَقَامَ صَاحب الْيَد بَيِّنَة أَن فلَانا الَّذِي أضَاف الْخَارِجِي الْملك إِلَيْهِ فِي سنة إِحْدَى وَخمْس مائَة أَن الصِّيغَة ملك لَهُ يَعْنِي صَاحب الْيَد قَالَ بَيِّنَة صَاحب الْيَد مُقَدّمَة لانه أجتمع فِي حَقه ثَلَاث معَان الْيَد والسبق والتاريخ وَكَذَلِكَ لَو أَقَامَ صَاحب الْيَد الْبَيِّنَة أَن فلَانا الَّذِي يدعى عَن الْخَارِج نقل الْملك مِنْهُ إِلَى نَفسه أَو أَنِّي بِعْت هَذَا مِنْهُ فِي سنة إِحْدَى وَخمْس مائَة قَالَ يتَرَجَّح بَيِّنَة صَاحب الْيَد
1209 - مَسْأَلَة رجل ادّعى مَعَ أَخ وَأُخْت لَهُ ورثوا دَارا من أَبِيهِم فَبَاعَ أخي ثَلَاثَة أسْهم من أَرْبَعَة أسْهم وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة فَقبل قَضَاء القَاضِي تكلم جمَاعَة من المتوسطين صَالح على أَن يكون لَهُ ثَلَاثَة أسْهم من أَرْبَعَة أسْهم وَالْبَاقِي للْمُشْتَرِي فرضى بِهِ على جهل مِنْهُ فَهَل يَصح هَذَا الصُّلْح قَالَ يَصح لِأَنَّهُ صلح على الْإِنْكَار
1210 - مَسْأَلَة رجل ادّعى لَو أَن رجلا ادّعى دَارا على رجل أَنه بَاعَنِي هَذِه الدَّار وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة وَحكم لَهُ الْحَاكِم ثمَّ جَاءَ آخر وَادّعى أَنه رهن بَين هَذِه الدَّار وَسلم بتاريخ أسبق من البيع وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة قَالَ يحكم بِالرَّهْنِ وَبطلَان البيع
1211 - مَسْأَلَة إِذا ادّعى على رجل أَن الدَّار الَّتِي فِي يَده ملكي وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة وَحكم لَهُ ثمَّ جَاءَ آخر وَادّعى على الْمُدَّعِي عَلَيْهِ أَنه كَانَ مني قد رهن هَذِه الدَّار وَأقَام بَيِّنَة قَالَ لَا تسمع لِأَنَّهُ ثبتَتْ بَيِّنَة الْمُدَّعِي الأول بِبُطْلَان كَلَامه ملكه وَيَده وَلَا يَصح رهن غير الْمَالِك بِخِلَاف الْمَسْأَلَة الأولى وَلَو ادّعى الأول أَنه أقرّ لي بِهَذِهِ الدَّار وَحكم لَهُ الْحَاكِم بِالْبَيِّنَةِ ثمَّ جَاءَ آخر وَادّعى أَنه كَانَ قد رهن مني وَهِي تَارِيخ سَابق على الْإِقْرَار وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة قَالَ يقْضِي لَهُ ثمَّ لَو بيع فِي الدّين وَأمْسك رَجَعَ إِلَى الْمقر لَهُ بِحكم إِقْرَاره إِن كَانَ إِقْرَاره

(2/732)


@ مُطلقًا وَإِن كَانَ إِقْرَاره بِبيع سَابق على الرَّهْن فَلَو كَانَ إِقْرَاره بِبيع يفْسد الرَّهْن فالإقرار بَاطِل
1212 - مَسْأَلَة رجل حبس فِي دين وَله وَدِيعَة فِي يَد إِنْسَان يُنكره الْمَحْبُوس هَل لصَاحب الدّين تَحْلِيف الْمُودع قَالَ لَهُ ذَلِك وَكَذَلِكَ كل من يتهمه بِمَالِه فَإِن قَالَ الْمَحْبُوس ملك ملك بِمن فِي يَده وَصدقه من فِي يَده لَا يحلف
1213 - مَسْأَلَة رجلَانِ تداعيا نِكَاح امْرَأَة ونفت ليقيم أَحدهمَا الْبَيِّنَة فالنفقة فِي زمَان الْوَقْف على من قَالَ عَلَيْهَا نَفَقَة نَفسهَا لِأَنَّهُ لم يثبت نِكَاحهَا بعد لأَحَدهمَا بعد قَالَ ثَبت لأَحَدهمَا بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهَا زَوجته فعلية نَفَقَتهَا بعد ذَلِك
1214 - مَسْأَلَة إِذا تداعيا عينا فِي زمَان الْوَقْف نَفَقَته على من قَالَ على الَّذِي هُوَ فِي يَده لِأَن الْملك لَهُ مَا لم يقم الآخر الْبَيِّنَة
1215 - مَسْأَلَة رجل ادّعى مَالا على امْرَأَة أَنِّي دفعت إِلَيْك فأنكرت وَقَالَت دفعت إِلَيّ وَالِدي فَمَاتَ الْوَلَد وَصَارَت التَّرِكَة للْأُم هَل للْأَب أَن يَأْخُذ مِنْهَا بِلَا بَيِّنَة قَالَ لَيْسَ لَهُ ذَلِك إِن كَانَ مصرا على قَوْلهَا الأول لِأَنَّهُ لَيْسَ يَدعِي على التَّرِكَة إِنَّمَا يَدعِي عَلَيْهَا
1216 - مَسْأَلَة مَاتَ رجل وَعَلِيهِ دين جَاءَ رب الدّين وَأخذ الدّين من بعض أَقَاربه ظلما قَالَ يجوز للمأخوذ مِنْهُ أَن يرجع فِي تَركه الْمَيِّت من حَيْثُ أَن لَهُ مَالا على الظَّالِم وللظالم دين فِي تَرِكَة الْمَيِّت فَيَأْخذهُ بِمَالِه على الظَّالِم كَمَا لَو ظفر بِغَيْر جنس حَقه فِي مَال الْمَدْيُون أَخذه
1217 - مَسْأَلَة رجل ادّعى على آخر أَرضًا وَأقَام شاهين فَقبل أَن يقْضِي القَاضِي لَهُ بَاعه الْمُدَّعِي عَلَيْهِ قَالَ إِن كَانَ حجر عَلَيْهِ القَاضِي لَا يَصح بَيْعه وَإِن لم يحْجر فَوَجْهَانِ وَلَو أَن المُشْتَرِي زرع فِيهَا ثمَّ حكم

(2/733)


@ للْمُدَّعِي هَل يقْلع الزَّرْع قَالَ إِن كَانَ المُشْتَرِي عَالما بِالْحَال يقْلع وَلَا يرجع على البَائِع بِشَيْء وَإِن كَانَ جَاهِلا لَا يَقع وَيجب أخر الْمثل على الزَّارِع وَهل يرجع على البَائِع فِيهِ وَجْهَان كمن اشْترى مَغْصُوبًا لم يُعلمهُ فَانْتَفع بِهِ وَغرم أجر الْمثل هَل يرجع على البَائِع قَولَانِ وَلَو أَن الْمُدعى عَلَيْهِ زرعه فِي حَال الْوَقْت ثمَّ ثَبت الْملك بِالْحجَّةِ يقْلع زرعه إِن كَانَ الْمُدعى عَلَيْهِ الْغَصْب
1218 - مَسْأَلَة رجل أدعى مائَة دِرْهَم على آخر أَنه أقرّ لَهُ بهَا فَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَة وَعدلت فجَاء الْمُدعى عَلَيْهِ بِبَيِّنَة لَهُ على الْمُدَّعِي أَن الْمُدَّعِي كَانَ قد أقرّ أَنه لم يُوصل إِلَيْهِ من الْمِائَة ة الا ثَمَانِينَ قَالَ لَا يكون دفعا لِأَنَّهُ يحْتَمل أَنه أوصل إِلَيْهِ بعد ذَلِك العشرية لِأَن الْبَيِّنَة شهِدت لَهُ
1219 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ الْخصم إِن لم أرفعك إِلَى القَاضِي وأحلفك فَعَبْدي حر فَحَمله إِلَى القَاضِي وَعرض عَلَيْهِ الْيَمين ورده الى الْمُدعى قَالَ لَا يَحْنَث حَتَّى يَمُوت أَحدهمَا فَيحكم بِالْعِتْقِ عَلَيْهِ قبل الْمَوْت إِذا كَانَ العَبْد فِي ملكه إِلَّا أَن يكون بَيِّنَة فِي مُدَّة الْخُصُومَة لِأَن المرافعة إِلَى القَاضِي لَيست أمرا هُوَ على العون فِي الْعَادة
1220 - مَسْأَلَة قيم صبي ادّعى على إِنْسَان مَالا وَأقَام شَاهِدين على إِقْرَاره للطفل بِمَال فَقَالَ الْمُدعى عَلَيْهِ أَقرَرت إِلَّا أَنه لم يكن أوصل إِلَى سَببه هَل يُوقف الحكم إِلَى أَن يبلغ الطِّفْل وَيحلف قَالَ لَا بل القَاضِي يحكم عَلَيْهِ بِالْمَالِ وَيلْزمهُ المَال وَكَذَلِكَ لَو ادّعى وَكيل غَائِب وَمَجْنُون
1221 - مَسْأَلَة رجل وقف دَاره على أَوْلَاده ثمَّ على الْفُقَرَاء فاستولى عَلَيْهِ ورثته وتملكوها وَشهد شَاهِدَانِ حَسبه قبل انْقِرَاض أَوْلَاده على وَقفه تقبل شَهَادَة الْحِسْبَة لِأَن اجره على الْفُقَرَاء
1222 - مَسْأَلَة شخص بَالغ فِي يَد إِنْسَان يستخدمه مُدَّة بِحكم الرّقّ ويتصرف فِيهِ تصرف الْملاك قَالَ الْقفال إِذا ادّعى أَنه حر لأصل يقبل قَوْله

(2/734)


@ وَلَو ادَّعَاهُ إِنْسَان آخر فَلَيْسَ لم رَآهُ فِي يَده أَن يشْهد لصَاحب الْيَد بِالْملكِ بِخِلَاف الْعقل لِأَن الأَصْل فِي الْعقار الْملك وَالْأَصْل فِي الأدمِيّ الْحُرِّيَّة قَالَ الإِمَام هُوَ كالعقار لَا يقبل قَول العَبْد إِذا كَانَ مُدَّة تصرفه فِيهِ تصرف الْمَالِك كالصيغة وَالْعَقار بل هَذَا أولى لِأَن الصَّغِيرَة لَا قَول لَهُ وحكمنا لَهُ بِالْملكِ لطول مُدَّة تصرفه مَعَ أَن الأَصْل فِي النَّاس الْحُرِّيَّة فالبائع الَّذِي لَهُ قَول إِذا استسحز حَتَّى يصرف فِيهِ تصرف الْملاك وَلم يدع الْحُرِّيَّة أَولا أَن لَا يقبل قَوْله يدل عَلَيْهِ أَن الصَّغِير إِذا كَانَ لقيطه فَادّعى الْمُلْتَقط رقّه لَا يقبل قَوْله لِأَن الأَصْل على الْحُرِّيَّة ورأينا حُدُوث يَده عَلَيْهِ بِغَيْر سَبَب الْملك وَلَو رَأينَا الشَّخْص فِي يَده يستعبده مُدَّة غير مديدة فَادّعى العَبْد حريَّة الأَصْل فَالْقَوْل قَول العَبْد مَعَ يَمِينه وَلَو لم يدع العَبْد الْحُرِّيَّة وادعاه إِنْسَان آخر أَنه عَبده فَالْقَوْل قَول من فِي يَده كالعقار وَلَو قَالَ العَبْد أَنا لفُلَان لَا يقبل لِأَنَّهُ أقرّ بِالْملكِ والرف فَيكون لمن فِي يَده
1223 - مَسْأَلَة خارجي أَقَامَ الْبَيِّنَة على دَار فَقضى لَهُ القَاضِي ثمَّ أَقَامَ ذُو الْيَد الْبَيِّنَة هَل يقْضِي لَهُ وَجْهَان الْأَصَح يقْضِي وَلَو جَاءَ أَجْنَبِي وَادّعى بعد قَضَاء القَاضِي للخارجي الأول وَادّعى وَأقَام الْبَيِّنَة أَنَّهَا ملكي والخارجي الأول أَقَامَ الْبَيِّنَة أَن القَاضِي قد قضى لَهُ قَالَ يقدم من قضى لَهُ وَكَذَلِكَ خارجيان تنازعان فِي دَار أَقَامَ أَحدهمَا بَينته أَنَّهَا ملكي وَأقَام الآخر بَيِّنَة أَن القَاضِي قضى يحكم لمن قضى لَهُ إِذا كَانَ القَاضِي قضى لَهُ الْبَيِّنَة لِأَن جَانِبه يرجح باقفضاء كَمَا يرجح بِالْيَدِ قَالَ وَكَذَلِكَ كل بينتين يتعارضان فَإِذا كَانَ أَحدهمَا اتَّصل بِهِ قَضَاء القَاضِي يرجح كَمَا أَن الْبَيِّنَتَيْنِ عِنْد عدم التَّعَارُض يتعارضان وَإِذا كَانَ الْيَد لأَحَدهمَا يرجح وَلَو جَاءَ خارجي وَأقَام الْبَيِّنَة أَن هَذِه الدَّار الَّتِي فِي يَد زيد وَقفهَا أبي عَليّ وَكَانَت ملكا لَهُ يَوْم الْوَقْف وَأقَام ذُو الْيَد الْبَيِّنَة أَنَّهَا ملكه يقْضِي لذِي الْيَد وَكَذَلِكَ إِن أَقَامَ الْبَيِّنَة أَنه اشْتَرَاهَا من عَمْرو وَإِن سبق تَارِيخ الْوَقْف فَإِن أَقَامَ دون الْيَد الْبَيِّنَة أَنِّي اشْتَرَيْته من زيد بتاريخ كَذَا مِمَّن سبق تَارِيخه كَانَ أولى وَهَذَا الْخلاف مَا لَو ادّعى خارجي على صَاحب يَد عينا وَأقَام بَيِّنَة أَنَّهَا ملكي مُنْذُ سنة اشْتَرَيْتهَا من زيد وَهُوَ ملكه مُنْذُ سنتَيْن وَأقَام

(2/735)


@ صَاحب الْيَد الْبَيِّنَة أَنِّي اشْتَرَيْتهَا مُنْذُ سنة الْأَصَح أَنه يرجح بِالْيَدِ وَلَا ينظر إِلَى سبق التَّارِيخ على أصح الْقَوْلَيْنِ فها هُنَا إِذا أَقَامَ الْخَارِجِي مدعي الْوَقْف بتاريخ سَابق رجحنا بَينته وحكمنا لَهُ لِأَن فِي مبْنى الْأَمْلَاك على التنقل فَلم ينظر إِلَى التَّارِيخ بل نظر إِلَى الْيَد وَهَا هُنَا لما ثَبت الوقفية بتاريخ سَابق لَا حكم لبينة يشْهد بعده لِأَن الْوَقْف لَا يُمكن تغيره وتبديله وَنَقله فَافْتَرقَا وَإِن لم يكن لأَحَدهمَا تَارِيخ فذو الْيَد أولى فَلَو أَن مدعي الْوَقْف أَقَامَ الْبَيِّنَة بعد إِقَامَة ذِي الْيَد أَنه كَانَ قد أقرّ بوقفه هَذِه الدَّار وبائعه قبل أَن بَاعه قد أقرّ بوقفه وَلَو أَقَامَ مدعي الْوَقْف الْبَيِّنَة وَقضى لَهُ القَاضِي ثمَّ أَقَامَ ذُو الْيَد أَو وَلَده الْبَيِّنَة أَنه كَانَ قد أقرّ لوَلَده قبل دَعْوَى مدعي الْوَقْف لَا يسمع لِأَن الحكم بالوقفية نَافِذ على الْأَب وَالْولد جَمِيعًا وَكَذَلِكَ بَعْدَمَا قضى بِالْوَقْفِ جَاءَ أَجْنَبِي وَادّعى أَنَّهَا ملكي فَأَقَامَ الْبَيِّنَة فَحكم القَاضِي بِالْوَقْفِ مقدم
1224 - مَسْأَلَة رجل أَقَامَ بَيِّنَة أَن فلَانا وقف عَليّ هَذِه الدَّار مُنْذُ سنة وَقضى لَهُ القَاضِي ثمَّ جَاءَ آخر وَأقَام بَيِّنَة أَنه وَقفهَا عَليّ مُنْذُ سِنِين حكم للسابق وَلَو أَقَامَ الثَّانِي الْبَيِّنَة بِالْوَقْفِ مُطلقًا لَا ينفض حكم القَاضِي هَذِه السّنة وَلَو شهِدت الْبَيِّنَة الثَّانِيَة بعد قَضَاء القَاضِي بالوقفية على عَمْرو أَن فلَانا كَانَ وَقفهَا على زيد قبل أَن وقف على عَمْرو فَيحكم لزيد
1225 - مَسْأَلَة شهد الشُّهُود أَن فلَانا بَاعَ من كَذَا وَلم يبينوا بكم بَاعه قَالَ وَجب الحكم إِذا قَالُوا هَذَا الشَّيْء ملكه وَكَذَا لَو شهدُوا أَنَّهَا صدقهَا هَذَا
1226 - مَسْأَلَة لَو مَاتَ رجل وَبَاعَ وراثه تركته ثمَّ ظهر عَلَيْهِ دين قَالَ البيع لَا يَصح
1227 - مَسْأَلَة إِذا ادّعى على إِنْسَان حَقًا بَين يَدي القَاضِي فَهَل للْقَاضِي أَن يسمع دَعْوَاهُ من غير أَن يثبت وكَالَته قَالَ تسمع إِن كَانَ الْخصم لَا يُنكر وكَالَته

(2/736)


- مَسْأَلَة شهد شَاهِدَانِ على الْخلْع شهد أَحدهمَا أَنه طلق مرأته على ألف طَلْقَة وَشهد الآخر أَنه طَلقهَا طَلْقَتَيْنِ على ألف قَالَ لَا يثبت شَيْء لِأَنَّهُمَا شَهدا على عقد الْخلاف وَلَو شهد أَحدهمَا أَنه طَلقهَا طَلْقَة وَشهد الآخر أَنه طَلقهَا طَلْقَتَيْنِ تثبت طَلْقَة كَمَا لَو شهد أَحدهمَا بِأَلف وَالْآخر بِأَلفَيْنِ تثبت الْألف وَنظر الأول لَو شهد أَحدهمَا أَنه بَاعه بِأَلف وَالْآخر أَنه بَاعه بِأَلفَيْنِ لم يثبت وَكَذَلِكَ لَو شهد أَحدهمَا أَنه طَلقهَا طَلْقَة بِأَلف وَشهد الآخر أَنه طَلقهَا طَلْقَتَيْنِ بِأَلف لَا يثبت
1229 - مَسْأَلَة رجل ادّعى دَارا أَو عينا على إِنْسَان فَأنْكر الْمُدعى عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُدَّعِي إِنِّي تبرأت عَن هَذَا للْغَيْر فَلَا دَعْوَى لي فِيهَا ثمَّ بدا لَهُ أَن يَدعِي قَالَ يسمع لِأَن الْبَرَاءَة عَن الْعين لَا تصح وَقَوله لَا دَعْوَى لي فِيهَا مَبْنِيّ على الْبَرَاءَة
1230 - مَسْأَلَة دَار فِي يَد رجل جَاءَ خارجيان وادعيا أَقَامَ أَحدهمَا الْبَيِّنَة أَنه اشْتَرَاهَا من زيد مُنْذُ سِنِين وَأقَام الآخر الْبَيِّنَة أَنه اشْتَرَاهَا ايضا من زيد مُنْذُ سنة يقْضِي لمن سبق تَارِيخه وَلَو أَقَامَ أَحدهمَا بَيِّنَة أَنه اشْتَرَاهَا من زيد مُنْذُ سِنِين وَالْآخر أَقَامَ بَيِّنَة أَنه اشْتَرَاهَا من عَمْرو مُنْذُ سنة فيبنى على قولي التَّارِيخ وَالأَصَح لَا يرجع وَلَو ادّعى على رجل دَارا فِي يَده وَأقَام الْبَيِّنَة وانتزعها من يَده ثمَّ جَاءَ رجل وَادّعى على ذَلِك الْخَارِجِي الَّذِي فِي يَده الدَّار إِنَّهَا ملكي اشْتَرَيْتهَا من الَّذِي انتزعها هُوَ من يَده وَهُوَ كَانَ يملكهُ يقْضِي لَهُ لِأَن بَينته بَيِّنَة الْيَد وَالْملك الأول وَصَارَ كَمَا لَو أَقَامَ الأول بَيِّنَة فِي مُقَابلَة بَيِّنَة الْخَارِجِي لِأَن صَاحب الْيَد أولى وَرَأَيْت الْمسَائِل للقفال رجل ادّعى دَارا فِي يَد إِنْسَان فَأنْكر صَاحب الْيَد وَقَالَ الدَّار ملكي وَقَامَ الْمُدَّعِي بَينته أَن الْمُدعى عَلَيْهِ قد اسْتَأْجر من وَصِيّ هَذِه الدَّار فَهُوَ إِقْرَار بِالْملكِ فَشهد أحد الشَّاهِدين على هَذَا فَقيل إِن شهد الآخر قَالَ الْمُدعى عَلَيْهِ هَذِه الدَّار لَيست لي بل هِيَ لزوجتي أَو فِي يَد زَوْجَتي قَالَ هَذَا لَا يبطل دَعْوَى الْمُدَّعِي وعَلى الْحَاكِم أَن يسمع شَهَادَة الثَّانِي وَيحكم للْمُدَّعِي بِالدَّار ثمَّ الزَّوْجَة لَهَا أَن تَدعِي على الْمَحْكُوم لَهُ كَمَا لَو أقرّ بداره

(2/737)


@ فِي يَده لزيد ثمَّ قَالَ بعده بل هِيَ لعَمْرو تسلم إِلَى زيد ثمَّ عَمْرو خصم يَدعِي على زيد
1231 - مَسْأَلَة إِذا شهد رجل لِأَخِيهِ بِمَال على إِنْسَان ثمَّ مَاتَ الْمَشْهُود لَهُ قبل أَخذ المَال وَالْأَخ وَارثه قَالَ يَأْخُذ المَال إِرْثا إِن كَانَ بعد حكم الْحَاكِم وَإِن مَاتَ قبل حكم الْحَاكِم فَلَا كَمَا لَو شهد أَن فلَانا قتل أَخَاهُ وَهُوَ غير وَارِث بِأَن كَانَ للمقتول ابْن يقبل شَهَادَته فَلَو صَار وَارِثا بعده بِأَن مَاتَ الابْن فَإِن صَار الْوَارِث بعد حكم لَا يَنْقَضِي الحكم وَإِن مَاتَ قبله
1232 - مَسْأَلَة قسمت تَرِكَة بَين جمَاعَة ثمَّ أقرّ كل وَاحِد مِنْهُم فِي ذَلِك الْمجْلس أَن مَا خصّه من هَذِه التَّرِكَة ملك لفُلَان لَا يقبل هَذَا الْإِقْرَار فلوأن ابْن هَذَا الْمقر حمل مَا أَصَابَهُ من التَّرِكَة وَذهب بِهِ ثمَّ بعد ذَلِك الْمجْلس أقرّ ذَلِك الْوَاحِد أَن تِلْكَ الْأَمْتِعَة ملك لفُلَان يقبل لِأَنَّهُ يحْتَمل أَنه صَار ملكا لَهُ بِسَبَب من الْأَسْبَاب فَلَو قَالَ هَذَا الْمقر بعد مَا طُولِبَ بِتَسْلِيم الْأَمْتِعَة إِلَى الْمقر لَهُ أَن تِلْكَ الْأَمْتِعَة لَيست فِي يَدي وَلَكِن فِي يَد الَّذِي حمله فَهَذِهِ الْمرة الدَّعْوَى على الابْن وتحليفه وَلَو شهد الشُّهُود الَّذين حَضَرُوا مجْلِس قسْمَة التَّرِكَة وَرَأَوا أَن الابْن حملهَا شهدُوا على الابْن أَن الْأَمْتِعَة فِي يَده يلْزمه تَسْلِيمهَا إِلَى الْمقر لَهُ قَالَ لَا تسمع هَذِه الشَّهَادَة لِأَنَّهُ حِين حملهَا كَانَ ملكا للْمقر مَا كَانَ ملكا للْمقر لَهُ إِنَّمَا صَار ملكا لَهُ من بعد وهم وهم لم يرَوا حُصُول ملكه فِي يَده فَلَا تقبل شَهَادَتهم عَلَيْهِ بِخِلَاف مَا لَو أقرّ بِغَيْر مَال الانسان فَحَمله آخر بعد إِقْرَاره وللشهود أَن يشْهدُوا عَلَيْهِ
1223 - مَسْأَلَة إِذا مَاتَ إِنْسَان وَخلف زَوْجَة واولادا فادعت الْمَرْأَة الصَدَاق فِي التَّرِكَة على أَوْلَادهَا فَأنْكر الْأَوْلَاد وَنظر إِن أَنْكَرُوا أصل النِّكَاح فَالْقَوْل قَوْلهم مَعَ يمينهم فَأَما إِذا أقرُّوا بِكَوْنِهَا مَنْكُوحَة أَبِيهِم غير أَنهم أَنْكَرُوا الْمهْر قَالَ لَا يقبل هَذَا القَوْل مِنْهُم ثمَّ نظر إِن كَانَت الْمَرْأَة لَا تذكر قدر الْمهْر لَا يسمع الدَّعْوَى فيهمَا مَا لم تبين قدر الْمهْر فَلَو انها ادَّعَت مهْرا وَبَين الْقدر فالورثة إِن

(2/738)


@ قَالُوا لَا نَدْرِي أَولا نَدْرِي قدره يكون إنكارا يعرض عَلَيْهِم الْيَمين فَإِذا امْتَنعُوا عَن الْيَمين يكون نكولا برد الْيَمين إِلَى الْمَرْأَة تحلف وتستحق الْمهْر قَالُوا لَهَا مهر وَلَكِن تنازعوا فِي الْقدر بِأَن قَالُوا مهرهَا أقل وَذكروا قدرا يتحالف الْمَرْأَة وَأَوْلَادهَا فَإِذا حلفوا ونكلوا يُوجب لَهَا مهر الْمثل وَلَو حَلَفت الْمَرْأَة دونهم أَو حلف الْأَوْلَاد دون الْمَرْأَة يقْضِي للْحَالِف على الناكل
1234 - مَسْأَلَة امْرَأَة تَدعِي على زَوجهَا الصَدَاق فَقَالَ الزَّوْج لَا يلْزَمنِي تَسْلِيم شَيْء إِلَيْهَا هَل يسمع مِنْهُ قَالَ سَأَلَهُ القَاضِي هَل هِيَ منكوحتة إِن أنكر كَونهَا منكوحته القَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه وَإِن أقرّ أَنَّهَا منكوحته لَا يسمع هَذَا القَوْل مِنْهُ لِأَنَّهُ إِن كَانَ بعد الدُّخُول عَلَيْهِ الْمهْر وَإِن كَانَ قبل الدُّخُول عَلَيْهِ الْمُسَمّى إِن ذكر فِي العقد وَإِن كَانَ نِكَاح تَفْوِيض لَهَا مُطَالبَته بالغرض وَهَذَا بِخِلَاف مَا لَو ادّعى مَالا على إِنْسَان فَقَالَ لَا يلْزَمنِي تَسْلِيم شَيْء إِلَيْهِ يسمع لِأَن ثمَّة سَبَب وجوب الضَّمَان غير قَائِم وَهَا هُنَا النِّكَاح الَّذِي هُوَ سَبَب الْمهْر قَائِم نظر النِّكَاح من البيع إِذا قَالَ اشْتريت هَذَا بِأَلفَيْنِ مِنْهُ وَلَا يلْزَمنِي تَسْلِيم شَيْء إِلَيْهِ لَا يسمع مِنْهُ هَذَا القَوْل وَنَظِير ملك الْيَمين من النِّكَاح أَن لَو أنكر نِكَاحهَا وَلَو ادّعى يَمِينا على غَيره أَنَّهَا ملكي فَقَالَ الْمُدعى عَلَيْهِ هَذَا ملكي فَالْقَاضِي لَا يسْأَله عَن نسبه لِأَن أَسبَاب الْملك كَثِيرَة يجوز أَن تملكه من الْمُدَّعِي من غير أَن يلْزمه شَيْء بِهِبَة أَو هَدِيَّة وَنَحْوه فِي النِّكَاح يسْأَله هَل هِيَ مَنْكُوحَة لِأَنَّهُ لَا يتَصَوَّر أَن تكون الْحرَّة ملكا لَهُ إِلَّا بِالنِّكَاحِ وَإِذا ثَبت النِّكَاح ثَبت الْمهْر
1235 - مَسْأَلَة لَو كَانَت دَار فِي يَد رجل مُنْذُ سِنِين كَثِيرَة فَمَاتَ عَن ابْن فادعت أُخْت الْمَيِّت أَن هَذِه الدَّار كَانَت لأبينا صَار مِيرَاثا لي ولأخي وَأقَام الابْن بَيِّنَة أَنَّهَا كَانَت لأبي ورثتها مِنْهُ ثمَّ أَقَامَت الْمَرْأَة بَيِّنَة على إِقْرَار الْمَيِّت أَنه كَانَ قد أقرّ أَن هَذِه الدَّار ورثتها من الْأَب فَيثبت بِهِ الْحق للْأُخْت وَكَذَلِكَ لَو أَقَامَ أَجْنَبِي بَيِّنَة أَنه اشْتَرَاهَا من الْمَيِّت فأقامت الْأُخْت بَيِّنَة على إِقْرَار الْمَيِّت بِالْإِرْثِ من أَبِيه حكم بِالدَّار للْأُخْت بِمَا تَدعِي

(2/739)


- مَسْأَلَة إِذا حكم حَاكم حَنَفِيّ بِصِحَّة النِّكَاح بِلَا ولي أَو بِشُهُود فسقة لَيْسَ لَهُ وَلَا لقَاضِي آخر أَن ينْقضه وَلَو رفع اليه عقد نِكَاح بِلَا ولي فَحكم بِصِحَّتِهِ ثمَّ ظهر أَنه كَانَ أَيْضا بِشُهُود فسقة قَالَ لَيْسَ يجوز للْقَاضِي الشَّافِعِي أَن ينْقضه لفسق الشُّهُود لِأَن اجْتِهَاد القَاضِي الْحَنَفِيّ لم يُمكن فِي فسق الشُّهُود وَكَذَلِكَ لَو حكم بِلَا ولي وشهود فسقة ثمَّ بِأَن ارْتَفع ذَلِك لمخالف العقيدة فِي حكم آخر بِأَن كَانَت الْمَنْكُوحَة امْرَأَة ولي بهَا الناكح يجوز لهَذَا القَاضِي نقضه فَلَمَّا جَازَ لَهُ نقض حكمه لاخْتِلَاف مَحل الِاجْتِهَاد جَازَ لقَاضِي آخر نقضه بِسَبَب آخر غير مَا اجْتهد فِيهِ الأول
1237 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ القَاضِي إِنِّي حكمت بِشَهَادَة فلَان وَفُلَان وَلفُلَان على فلَان بِكَذَا والشاهدان ميتان هَل يكون هَذَا بِمَنْزِلَة قَضَاء القَاضِي بِعلم نَفسه قَالَ لَا يكون كالقضاء بِعلم نَفسه وَقَوله مَقْبُول لِأَن إِقْرَار القَاضِي بالحكم فِي أَيَّام قَضَائِهِ كَالْحكمِ وَهُوَ يَقُول حكمت بِشَهَادَة الشُّهُود فَيكون مَقْبُولًا
1238 - مَسْأَلَة رجل ادّعى دَارا فِي يَد إِنْسَان وَأقَام بَيِّنَة وَأقَام ذُو الْيَد بَيِّنَة أَنَّهَا ملكه اشْتَرَاهَا من فلَان فَكَانَ ملكا لَهُ يَوْم بَاعه لذِي الْيَد فَلَو أعَاد الْمُدَّعِي بَيِّنَة أَنَّهَا كَانَت مَغْصُوبَة فِي يَد من اشْتَرَيْته مِنْهُ لَا يسمع وَلَو أَرَادَ إِقَامَة تِلْكَ الْبَيِّنَة أَو بِبَيِّنَة أُخْرَى على من اشْتَرَاهُ ذُو الْيَد مِنْهُ بِأَنَّهُ غصب مني وَبَاعه فَعَلَيهِ لي قيمتهَا بِسَبَب إِتْلَافه على البيع قَالَ لَا تسمع بَيِّنَة ذِي الْيَد أثبت للْملك لذِي الْيَد والبائعة بعد إِقَامَة الْمُدَّعِي الْبَيِّنَتَيْنِ فَكَانَ أولى
1239 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ القَاضِي خربة لَا مَالك لَهَا وَصرف ثمنهَا فِي الْمصَالح ثمَّ ظهر مَالِكهَا وَأقَام على ملكيته بَيِّنَة فَإِن لم يجوز بيع القَاضِي رد إِلَيْهِ ملكه وَأعْطى من بَيت المَال حق المُشْتَرِي وَمَا أنْفق فِي عِمَارَته دفع اليه قِيمَته من بَيت المَال
1240 - مَسْأَلَة ادعِي رجل دَارا عَليّ رجل أَنَّهَا وقف عَليّ وَأنكر

(2/740)


@ صَاحب الْيَد فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَة وَقضى القَاضِي بالوقفية وَسلمهَا إِلَى الْمُدَّعِي ثمَّ جَاءَ رجل وَادّعى على الْمَحْكُوم لَهُ بالوقفية أَن هَذِه الدَّار ملكي بعتها مني بِكَذَا قبل الدَّعْوَى الوقفية وسلمته إِلَيّ وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة قَالَ لَا يبطل الْوَقْف وعَلى الْمُدَّعِي الْوَقْف أَن يرد الثّمن الَّذِي أَخذه مِمَّن يَدعِي الشِّرَاء مِنْهُ لِأَن الْحق فِي الْوَقْف لَيْسَ على الْخُصُوص بل هُوَ ملك زَالَ إِلَى الله تَعَالَى كَالْعِتْقِ وَالْحق فِيهِ لَا قوام غير مُتَعَيّن وَبعد مَا قضى القَاضِي بالوقفية وَزَالَ الْملك إِلَى الله تَعَالَى لَا حكم لبيع الْمَوْقُوف عَلَيْهِ
1241 - مَسْأَلَة إِذا ادّعى الْوَكِيل على إِنْسَان حَقًا بَين يَدي القَاضِي فَهَل للْقَاضِي أَن يسمع دَعْوَاهُ من غير أَن تثبت وكَالَته قَالَ تسمع إِن كَانَ الْخصم لَا يُنكر وكَالَته
فِي النَّفَقَات وَالتَّدْبِير

1242 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ العَبْد بِعْ نَفسك مِنْك فَقَالَ بِعْت قَالَ هُوَ كَمَا لَو قَالَ لامْرَأَته أَمرك بِيَدِك فَإِن نوى الْمولى تَفْوِيض الْعتْق إِلَيْهِ وَنوى العَبْد عتق كَمَا فِي الطَّلَاق يجب أَن يَنْوِي الزَّوْج بقوله أَمرك بِيَدِك تَفْوِيض الطَّلَاق وَطلقت نَفسهَا يَقع وَلَو قَالَ أَنْت نَفسِي وَقَول طلقت
1243 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لعَبْدِهِ بِعْتُك نَفسك بِعَين مَال عَنْهَا فَقبل قَالَ إِن جَوَّزنَا بيع العَبْد من نَفسه وأثبتنا الْوَلَاء عتق وَعَلِيهِ قيمَة رقبته وَكَذَلِكَ لَو أعْتقهُ على خمر أَو خِنْزِير كَمَا لَو أعْتقهُ على عين أَو على خمر أَو خِنْزِير وَإِن قُلْنَا لَا وَلَاء عَلَيْهِ غلب فِيهِ جِهَة البيع فَلَا يَصح إِنَّمَا يَصح إِذا بَاعه على شَيْء فِي ذمَّته وَإِذا بَاعَ أحد الشَّرِيكَيْنِ نصِيبه فِي العَبْد من نَفسه هَل يَشْتَرِي قَالَ أثبتنا الْوَلَاء بِبيعِهِ من نَفسه فِيهَا كَمَا لَو أعْتقهُ وَإِن قُلْنَا لَا يثبت لَا يسري كَمَا لَو بَاعه من غير
1244 - مَسْأَلَة ذكر القَاضِي أَنه إِذا أَرَادَ الرجل أَن يعْتق عَبده بعد مَوته

(2/741)


@ بِحَيْثُ لَا يكون عَلَيْهِ يَد يَقُول أَنْت حر قبل مرض موتِي بِيَوْم وَإِن مت فَجْأَة أَو ترديت من شَاهِق فَأَنت حر قبله بِيَوْم قَالَ الإِمَام إِذا كَانَ فِي الْمَوْت فَجْأَة يعْتق فَلَا معنى لهَذَا التَّطْوِيل
1245 - مَسْأَلَة من أعتق ثَبت لَهُ الْوَلَاء على أَوْلَاد أَوْلَاده وَإِن سفلوا إِلَّا أَن يكون للْوَلَد مُعتق الْغَيْر فولاء ذَلِك الْوَلَد لمعتقه وَلَا وَلَاء عَلَيْهِ لمولى أَبِيه أَو جده ثمَّ بعد مُعْتقه لعصبات مُعْتقه أَو لمعتق مُعْتقه ثمَّ لعصبات مُعتق مُعْتقه وَلَا يثبت لمعتقه عَلَيْهِ فَإِن قيل الْبَين قد أثبتم لمعتق فَهَذَا أعتقتم لمعتق أَبِيه أَو جده وَالْأَب وَالْجد أقرب إِلَيْهِ من الْمُعْتق قَالَ لِأَن مُعتق الْعتْق ثَبت لَهُ الْمِيرَاث بِإِعْتَاق مُعْتقه فَفِيهِ تَقْرِير وَلَاء الْمُبَاشرَة لإبطاله ومعتق الْأَب لَو ورث لورث بولاء آخر فَفِيهِ إبِْطَال وَلَاء الْمُبَاشرَة قَالَ وَلَاء الْمُعْتق عصبات الْمُعْتق بِحَال إِلَّا لمعتق أَبِيه أَو جده وَكَذَلِكَ لَا وَلَاء لمعتق عصبَة الْمَيِّت الا لمعتق أَبِيه أَو جده بِشَرْط أَن يكون الشَّخْص مُعتق الْغَيْر فَحِينَئِذٍ يكون وَلَاؤُه لمعتقه دون مُعتق أَبِيه
1246 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لعَبْدِهِ أَنْت حر قبل مرض موتِي بِثَلَاثَة أَيَّام فَمَاتَ بعد هَذِه حتف أَنفه فجأه قَالَ يحكم بحريَّته قبله بِثَلَاثَة أَيَّام وَإِن لم يكن لَهُ مرض ظَاهر لِأَن مرض الْمَوْت عبارَة عَن حَالَة يعْتَبر فِيهَا بنزعه عَن الثُّلُث وقصده بِهَذَا اللَّفْظ الفوار من أَن عتقه من الثُّلُث فَنَزَعَهُ كَمَرَض مَوته وَلَو قيل عتق قبله بِثَلَاثَة أَيَّام لِأَن كل قتل موت بِدَلِيل أَنه لَو قَالَ لعَبْدِهِ إِن مت فَأَنت حر فَقبل عتق وَقد ذكر القَاضِي أَنه إِذا قَالَ قبل مرض موتِي بِيَوْم فَمَاتَ فجأءة بعد يَوْم أَنه يعْتق
1247 - مَسْأَلَة رجل لَهُ عبد قِيمَته مائَة أعْتقهُ فِي مرض مَوته وَلَا مَال لَهُ سواهُ فزادت قيمَة العَبْد حَتَّى بلغت مائَة وَخمسين كم يعْتق من العَبْد قَالَ يعْتق مِنْهُ ثلثة ابتاعه سبع مِنْهَا غير مَحْسُوب من الثُّلُث يبْقى للْوَارِث أَرْبَعَة

(2/742)


@ ابتاعه وَلَو أعتق عبدا قِيمَته ثَلَاثمِائَة فاكتسب العَبْد مِائَتي وَمَات الْمُعْتق عَن مِائَتَيْنِ سواهَا كم يعْتق من العَبْد قَالَ يعْتق مِنْهُ ثَلَاثَة أسْهم من جملَة أحد عشر سَهْما من سبع مائَة دِينَار يَجْعَل قيمَة العَبْد وَالْكَسْب والتركة أحد عشر سَهْما ثمَّ ينفذ الْعتْق فِي ثَلَاثَة أسْهم من قيمَة العَبْد ويتبعه سَهْمَان من الْكسْب غير مَحْسُوب من الثُّلُث فَيبقى للْوَارِث أسْهم بعض العَبْد وَبَعض كَسبه والمائتان فقد عتق من العَبْد أحد وَعشْرين سَهْما من جملَة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ سَهْما وَيبقى من الْكسْب أَرْبَعَة عشر سَهْما من جملَة اثْنَيْنِ وَعشْرين سَهْما سَهْما فَإِذا ذهب من الْعتْق ثَلَاثَة أسْهم من جملَة أحد عشر سَهْما من هَذِه الْجُمْلَة وَمن الْكسْب غير مسحوب فِي الثَّلَاث سَهْمَان بَقِي للْوَارِث سِتَّة أسْهم من أحد عشر سَهْما يَجْعَل مَاله أحد عشر سَهْما فَيكون جملَته سَبْعَة وَسبعين وَلِلْعَبْدِ مِنْهَا ثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ وَالْكَسْب اثْنَي عشر 3
1248 - مَسْأَلَة أَقَامَ العَبْد شَاهِدَانِ أَن سَيِّدي أعتقني فِي الصِّحَّة وَأقَام الْوَارِث بَيِّنَة أَنه كَانَ يَوْمئِذٍ مَرِيضا مَاتَ مِنْهُ تَعَارضا وَيحكم بِعِتْق ثلثه وَيحلف الْوَارِث فِي الثُّلثَيْنِ فَإِن نكل حلف العَبْد وَكَانَ كُله حرا
1249 - مَسْأَلَة لَو أعتق عبدا فِي مَوته وَلَا مَال لَهُ سواهُ قِيمَته مائَة فانتقصت قِيمَته عَادَتْ إِلَى خَمْسَة وَسبعين كم يعْتق من العَبْد قَالَ يعْتق مِنْهُ ثَلَاثَة أسْهم من جملَة أحد عشر سَهْما وَيبقى للْوَارِث ثَمَانِيَة أسْهم وَذَلِكَ إِنَّا نقُول عتق مِنْهُ شَيْء وتراجع ذَلِك النُّقْصَان إِلَى ثَلَاثَة أَرْبَاعه بَقِي مَعنا للوارثة خَمْسَة وَسبعين نَاقِصَة بِثَلَاثَة أَربَاع شَيْء تعدل مثل مَا أعتقنا وَالَّذِي أعتقناه شَيْء فمثلا شَيْء وشيئان فِي مُقَابلَة خَمْسَة وَسبعين نَاقِصَة بِثَلَاثَة أَربَاع شَيْء وَيزِيد على الشَّيْئَيْنِ بِثَلَاثَة أَربَاع شَيْء فَتكون شَيْئَانِ وَثَلَاثَة أَربَاع شَيْء فِي مُقَابل

(2/743)


@ خَمْسَة وَسبعين وَالشَّيْء مِنْهَا يكون أَرْبَعَة أسْهم من جملَة أحد عشر سَهْما فَبَان أَنه عتق أَرْبَعَة أسْهم من أحد عشر سَهْما من خَمْسَة وَسبعين فيراجع ذَلِك بِالنُّقْصَانِ إِلَى ثَلَاثَة أَرْبَاعه للْوَارِث ثَمَانِيَة أسْهم وَهُوَ مثلا مَا أعتق يَوْم الْإِعْتَاق فَإِنَّهُ أعتق يَوْم الْإِعْتَاق أَرْبَعَة أسْهم
1250 - مسالة قَالَ رجل لعَبْدِهِ إِن مت وَدخلت الدَّار بعد موتِي بِخمْس سِنِين فَأَنت حر فَمَاتَ وَخرج من ثلثه هَل لوَارِثه إِعْتَاقه قبل مُضِيّ الْمدَّة وَقبل دُخُول الدَّار قَالَ لَا ينفذ عتقه لَو أعْتقهُ كَمَا لَو بَاعه لَا يَصح بَيْعه بعد مَوته قَالَ وَيُمكن أَن يُقَال يعْتق عَن الْمَوْرُوث وَيُمكن بِنَاء الْوَجْهَيْنِ على إِن أجَازه الْوَارِث بتقيد أم تمْلِيك قَولَانِ إِن قُلْنَا بتقيد وَجب أَن يعْتق كالمورث أعْتقهُ قبل وجود للصفة وَيكون عتقه من الْمَيِّت وَإِن قُلْنَا ابْتِدَاء تمْلِيك فَلَا ينْفد كَمَا لَا يَبِيعهُ وعَلى هَذَا الواصي وَقَالَ إِن خدم وَلَدي بعد موتِي بِسِتَّة فهر حر فَلَا يَجْعَل هَذَا وَصِيَّة للْوَلَد بخدمته لِأَن الْوَصِيَّة للْوَارِث لَا تصح وَلَكنَّا نجعله تَعْلِيقا لِلْعِتْقِ بِالْخدمَةِ بعد الْمَوْت فَلَا يجوز للْوَارِث بَيْعه بعد الْمَوْت إِعْتَاقه مَا ذَكرْنَاهُ من الِاحْتِمَال
1251 - مَسْأَلَة لَو قَالَ لعَبْدِهِ أَنْت حر قبل مرض موتِي بِثَلَاثَة أَيَّام وَكَانَ مَرِيضا فِي تِلْكَ الْحَالة ثمَّ قَالَ بعده بأسبوع بيعوا ذَلِك العَبْد وتصرفوا ثمنه فِي كَذَا ثمَّ مَاتَ من ذَلِك الْمَرَض قَالَ لَا يعْتق وَإِن برأَ من ذَلِك الْمَرَض وَكَانَ صَحِيحا ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ مرض فَمَاتَ عتق مثل هَذَا قيل لرجل زَوجتك فِي هَذِه أَي الدَّار فَقَالَ إِن كَانَت زَوْجَتي فِي هَذِه الدَّار فَعَبْدي حر فَقيل لَهُ إِن عَبدك أَيْضا فِي هَذِه الدَّار فَقَالَ إِن كَانَ عَبدِي فِي هَذِه الدَّار فامرأتي طَالِق فَإِن كَانَ كِلَاهُمَا فِي الدَّار يعْتق العَبْد وَلَا تطلق الزَّوْجَة لِأَنَّهُ حِين علق طَلَاق الزَّوْجَة لم يكن هَذَا الشَّخْص عبدا لَهُ إِلَّا إِذا أَرَادَ بِهِ غير العَبْد حِينَئِذٍ تطلق الزَّوْجَة وَلَو كَانَ على عكس هَذَا بِأَن قيل لَهُ أَوْلَاد عَبدك فِي هَذِه الدَّار فَقَالَ إِن كَانَ عَبدِي فِي هَذِه الدَّار فزوجتي طَالِق فَقيل إِن زَوجتك فِي هَذِه الدَّار فَقَالَ إِن كَانَت

(2/744)


@ زَوْجَتي فِي هَذِه الدَّار فَعَبْدي حر تطلق الزَّوْجَة وَهل يعْتق العَبْد نظر إِن كَانَت الْمَرْأَة رَجْعِيَّة يعْتق لِأَن الرَّجْعِيَّة فِي حكم الزَّوْجَات وَإِن كَانَت بَائِنَة لَا يعْتق بِأَن كَانَ طلق ثَلَاثًا أَو كَانَت مُطلقَة ثَلَاثًا
1252 - مَسْأَلَة رجل أعتق أحد عبيده لَا بِعَيْنِه ثمَّ مَاتَ فأقرع الْوَرَثَة بَينهم بِأَنْفسِهِم وَخرجت الْقرعَة لأَحَدهم هَل يحكم بِخُرُوج الْقرعَة نَفسه أم يَسْتَدْعِي شَيْئا آخر قَالَ يحكم بِعِتْقِهِ وَلَو دفع إِلَى الْحَاكِم بَعْدَمَا أقرعوا وَخرجت الْقرعَة لأَحَدهم فأقرع الْحَاكِم ثَانِيًا وَخرجت الْقرعَة لغير الَّذِي خرجت لَهُ فِي الكرة الأولى حكم بِعِتْق هَذَا قَالَ يحكم بِصِحَّة مَا فعلوا دون هَذَا وَلَو أَقرع بعض الْوَرَثَة دون إِذن البَاقِينَ لَا حكم لَهُ وَإِذا امْتنع بعض الْوَرَثَة أَو كلهم القَاضِي أَن يقرع وَلَا يحْتَاج فِيهَا إِلَى رضى العَبْد
1253 - مَسْأَلَة إِذا أَقرع بَين العبيد فَخرجت الْقرعَة لوَاحِد وحكمنا بحريَّته ثمَّ اشْتبهَ قَالَ يقرع ثَانِيًا بِخِلَاف مَا لَو شهد اثْنَان على إِنْسَان أَنه أعتق عَبده سالما فِي مرض مَوته وَهُوَ ثلث مَاله وَشهد آخرَانِ أَنه أعتق عَبده غانما وَهُوَ ثلث مَاله وَعرف سبق عتق أَحدهمَا فَإِن شَهَادَة أحدهم أسبق تَارِيخا وَعرف عتق السَّابِق ثمَّ اشْتبهَ لَا يقرع بَينهم لَكِن يعْتق من كل وَاحِد ثلثه قَالَ الْفرق بَينهمَا وَهُوَ أَن ثمَّة الْحُرِّيَّة تثبت للسابق قطعا فَلَو أقرعنا بَينهم رُبمَا تخرج قرعَة الْحُرِّيَّة لغيره فَيكون فِيهِ أرقاق حرَام هَا هُنَا الْقرعَة ظن لَا توجب الْحُرِّيَّة قطعا وَيحْتَمل أَن يُقَال حكم هَذِه الْمَسْأَلَة حكم تِلْكَ الْمقر الْمَسْأَلَة إِن خرجت قرعَة الْحُرِّيَّة وَعرف عين السَّابِق ثمَّ اشْتبهَ يحكم بِعِتْق ثلث كل وَاحِد مِنْهُم كَمَا فِي مَسْأَلَة الشَّهَادَة إِذا عرف سبق عتق أَحدهمَا وَعرف عين عاتق ثمَّ اشْتبهَ وَلَو خرجت قرعَة الْحُرِّيَّة لوَاحِد وَلَكِن لم يعرف من وَخرجت قرعته بِأَن كتب أسامي العبيد فِي رقاع وَكَانَت الرّقاع فِي بَنَادِق فَقيل أخرج بندقة باسم الْحُرِّيَّة فَأخْرج فَتلفت قبل أَن يعرف من هُوَ حكمه حكم الشَّهَادَة لَو عرف سبّ أَحدهمَا وَلم يعرف عين السَّابِق فَاشْتَبَهَ وَفِيه قَولَانِ أَحدهمَا يعْتق من كل وَاحِد مِنْهُم ثلثه وَالثَّانِي يقرع بَينهم فَكَذَا هَا هُنَا إِن قُلْنَا ثمَّ يعْتق من كل وَاحِد

(2/745)


@ ثلثه فَكَذَلِك هَا هُنَا وَإِن قُلْنَا يقرع فها هُنَا يقرع بَينهم ثَانِيًا وَهَذَا أصح عِنْدِي لِأَن الْقرعَة فِي مثل هَذِه الْمَوَاضِع بِأَن أعتق عبدا من الثُّلُث وَلم يعين بِقَلْبِه تقيد الْحُرِّيَّة قطعا بِدَلِيل أَنه يرتبا الْقصاص وَجَمِيع أَحْكَام للحرية
1254 - مَسْأَلَة عَبْدَيْنِ شَرِيكَيْنِ مُوسر ومعسر فَوكل رجلا بإعتاقه الْوَكِيل ثمَّ قَالَ أَنا أعْتقهُ من جِهَة الْمُوسر دون الْمُعسر فكذبه الْمُوسر فَصدقهُ الْمُعسر قَالَ لَا يقبل قَول الْوَكِيل وللمعسر تَحْلِيف الْمُوكل
1255 - مَسْأَلَة إِذا كَانَ لرجل ثَلَاثَة عبيد فَقَالَ أحد عَبِيدِي حر ثمَّ قَالَ أحد عَبِيدِي حر ثمَّ قَالَ أحد عَبِيدِي حر قَالَ يعْتق الْكل وَلَو قَالَ أحد هَؤُلَاءِ حر ثمَّ أحد هُوَ الآخر ثمَّ قَالَ أحد هَؤُلَاءِ حر قَالَ لَا يعْتق إِلَّا وَاحِدًا إِلَّا أَن يُرِيد بِكُل وَاحِد عتقا جَدِيدا
1256 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ مرا غلامي اسنا ينسى بنده ينمى اذاذ قَالَ يحكم بِعِتْقِهِ وَلَو قَالَ مرا غلامي استانه ذنه نبذه لَا يحكم بِعِتْقِهِ لِأَن فِي الصُّورَة الأولى أثبت الْحُرِّيَّة لِلنِّصْفِ قطعا فَيعتق ذَلِك النّصْف ويسري وَفِي الثَّانِيَة لم تثبت الْحُرِّيَّة لشَيْء مِنْهُ قطعا بل ثَبت فِيهِ صفه الرّقّ ثمَّ وَصفه أَنه لَيْسَ بِعَبْد فَإِنَّهُ لَا يسير بسيره للْعَبد
1257 - مَسْأَلَة رجل عرف لَهُ غلْمَان فَقَالَ عَبِيدِي أَحْرَار فَلَمَّا أَخذ بقوله أَنِّي كنت وهبتهم من ابْني وسلمتهم إِلَيْهِ أَو وهبتهم من ابْني لَا يقبل قَوْله وَيعتق إِلَّا أَن يُقيم الابْن الْبَيِّنَة أَنهم ملكه
1258 - مَسْأَلَة رجل قَالَ لعَبْدِهِ إِن مت فَأَنت حر بعد موتِي بِعشر سِنِين فَمَاتَ لَا يعْتق إِلَّا بعد عشر سِنِين وَلَا يجوز للْوَرَثَة بَيْعه قبل عشر سِنِين لِأَنَّهُ تعلق بِهِ حق الْمولى وَكَذَلِكَ لَو قَالَ لَهُ إِذا مت وَدخلت الدَّار فَأَنت حر فَلَا يجوز للْوَارِث بَيْعه بعد الْمَوْت قبل دُخُول الدَّار
1259 - مَسْأَلَة إِذا مَاتَ رجل وَله عبد وَدَار فَقيل للْوَلَد إِن أَبَاك قد

(2/746)


@ أعتق هَذَا العَبْد فَقَالَ إِن كَانَ قد أعْتقهُ فقد أَعتَقته فَبَان أَن الْأَب لم يكن أعْتقهُ قَالَ يعْتق العَبْد لِأَن قَوْله إِن كَانَ الاب قد أعْتقهُ لَيْسَ بتعليق لِأَن الْأَب إِن كَانَ قد أعْتقهُ فَلَا معنى لعتقه وَلَكِن مَقْصُوده بِهَذَا القَوْل أَنكُمْ إِذا اتفقتم على عتقه من أبي لَا أرد قَوْلكُم فقد أعْتقهُ وَإِن كنت مُذَكّر لعتق الْأَب كَمَا يُقَال للرجل إِن امْرَأَتك قد فجرت فَقَالَ إِن كَانَت امْرَأَتي قد فجرت فَهِيَ طَالِق وَلم يكن قد فجرت فَحكم بِوُقُوع الطَّلَاق لِأَن قَوْله إِن كَانَت فجرت لَيْسَ بتعليق بل مَعْنَاهُ أَنكُمْ إِذا اتفقتم على هَذَا القَوْل فَهِيَ لَا تصلح لي قد طَلقتهَا وَإِن لم تفجر
1260 - مَسْأَلَة رجل قَالَ لآخر إِن أَعْطَيْتنِي عشر دَنَانِير فَهَذَا العَبْد حر فَأعْطَاهُ الْعشْر يعْتق العَبْد هَل يملك الْمُعْتق الْعشْرَة قَالَ يبْنى على أَنه لَو قَالَ لآخر عَبدك عنْدك وَلَك عَليّ عشرَة فَأعتق وَعتق هَل يسْتَحق الْعشْرَة فِيهِ وَجْهَان أصَحهمَا يسْتَحق كَمَا لَو فدى أَسِيرًا قَالَ أعتق أم ولدك وَلَك عَليّ عشرَة فَأعتق يسْتَحق وَالثَّانِي لَا لِأَن لَهُ طَرِيقا سواهُ إِلَى إِعْتَاقه وَهُوَ أَن يَشْتَرِي بِخِلَاف أم الْوَلَد والأسير فَإِن قُلْنَا هُنَاكَ يسْتَحق هَا هُنَا يملك الْعشْرَة وَإِن قُلْنَا لَا يسْتَحق لِأَنَّهُ أعتق عَن نَفسه فها هُنَا يعْتق العَبْد بِوُجُود الصّفة وَلَا يملك الْعشْرَة فَلَو لم يكن لهَذَا الْقَائِل من هَذَا العَبْد إِلَّا ربعه قَالَ عتق العَبْد عَلَيْهِ إِذا أعْطى الآخر الْعشْرَة وَقَومه على الْقَائِل بَاقِي العَبْد إِن كَانَ مُوسِرًا أَو عَلَيْهِ قيمَة نصيب الشَّرِيك الَّذِي لَهُ ثَلَاثَة أَربَاع وَوَلَاء كُله للقائل وَكم يملك للقائل من هَذِه الْعشْرَة قَالَ إِن قُلْنَا هُوَ مخص صفة فَلَا يملك شَيْئا عَلَيْهِ رده وَإِن قُلْنَا يملك فَيهْلك هَا هُنَا ربع الْعشْر أَو كلهَا يحْتَمل وَجْهَيْن بِنَاء على مَا لَو بَاعَ عبدا فَخرج نصِيبه مُسْتَحقّا وَأَجَازَ المُشْتَرِي العقد فِي الْبَاقِي
1261 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ إِن أَعْطَيْتنِي عشرَة فَعَبْدي حر فَأعْطى فَيخْتَص بِالْمَجْلِسِ كَمَا لَو قَالَ لامْرَأَته إِن أَعْطَيْتنِي ألفا فَأَنت طَالِق يشْتَرط الْإِعْطَاء فِي الْمجْلس

(2/747)


- مَسْأَلَة رجل بَاعَ فِي مرض مَوته نصف عَبده من ولد ثمَّ أعتق النّصْف الآخر وَقِيمَة العَبْد أَرْبَعُونَ وَجُمْلَة تركته خَمْسُونَ كم يعْتق من العَبْد قَالَ يعْتق ربعه وسدسه جملَة خَمْسَة أسْهم من اثْنَي عشر سَهْما من العَبْد قِيمَته اثْنَي عشر دِينَارا أَو ثلثان وَهُوَ ثلث الْخمسين
فِي الْوَلَاء

ذكر القَاضِي فِي كره أَن الْأَقْرَب فِي الْوَلَاء مِمَّن لَا يرى الْأَبْعَد مثل أَن الْعَتِيق مُسلم وَالْمُعتق كَافِر وَله ابْن مُسلم فَمَاتَ الْمُعْتق وَهُوَ الْكَافِر لَا يَرِثهُ ابْنه الْمُسلم بِخِلَاف النّسَب من لَا يَرث لَا يحجب غَيره لِأَن الْوَلَاء قطّ لَا يثبت إِلَّا أَن يثبت الْأَبْعَد مَعَ وجود الْأَقْرَب وَفِي النّسَب الْأُخوة مَعَ الْأَخ مَوْجُود مَعَ وجود الابْن وَكَذَلِكَ لَو قيل الْمُعْتق بِعِتْقِهِ وَله ابْن لَا يَرِثهُ ابْنه وَكَذَلِكَ لَو كَانَ كَافِرًا أعتق عبدا ثمَّ اشْترى الْكَافِر الْمُعْتق وَله ابْن حر فَمَاتَ الْمُعْتق لَا يَرِثهُ ابْن الْمُعْتق وَكَذَلِكَ لَو اعْتِقْ كَافِرًا مسلمة وَله ابْن مُسلم لَا يَلِي للِابْن تَزْوِيجهَا لِأَن الْوَلَاء لمن ينْتَقل إِلَيْهِ بل زَوجهَا السُّلْطَان وَهَذَا بِخِلَاف الْمَرْأَة أعتقت أمة فولاؤها لَهَا ثمَّ أَبوهَا ووليها وَزوجهَا وَإِن كَانَت الأبوية تمنح الْوَلَاء لِأَن الْيَأْس وَقع من ثُبُوت الْولَايَة لَهَا بِسَبَب الْأُنُوثَة فَثَبت لوَلِيّهَا بِخِلَاف الصَّغِير قَالَ الإِمَام وَهنا مُشكل يَنْبَغِي أَن لَا يحجب كالنسب
1263 - مَسْأَلَة وَلَو تزوج عبد مُعتقة فَأَتَت بنتين فَالْولَاء عَلَيْهَا لموَالِي الْأُم فَإِذا بلغت الابنتان واشتريا أباهما عتق عَلَيْهِمَا ثمَّ مَاتَ الْأَب وَمَاتَتْ إِحْدَى البنتين فللبنت الْأُخْرَى مِنْهَا ثَلَاث أَربَاع المَال وَالرّبع يبْقى لموَالِي الْأُم وَلَو مَاتَت إِحْدَاهمَا أَولا وورثتها الْأُم ثمَّ مَاتَت الْأُم فللأخرى من الْأَب سَبْعَة أَثمَان الْمِيرَاث وَالثمن يبْقى لموَالِي الْأُم على التَّقْرِير الَّذِي ذكرنَا فِيمَا إِذا كَانَت الْأُم حرَّة أَصْلِيَّة فَمَا جعلنَا ثمَّ لبيت المَال فها هُنَا يبْقى لموَالِي الْأُم لِأَن النّصْف بالبنوة وَالنّصف لمواليها على الْأَب لِأَن الْأَب حر لولاء من موَالِي

(2/748)


@ الْأُم إِلَى موَالِيه وَهِي مَوْلَاهُ نصف الْأَب وَنصف الرِّبْح يجر الْأَب وَلَاء الْأُخْت الأولى الْعِصَابَة وَهَذِه عصبَة نصفه لِأَنَّهَا مُعتقة نصفه فَكَانَ سَبْعَة أَثمَان المَال لَهَا وَالثمن يبْقى لموَالِي الْأُم
الْكِتَابَة
إِذا كَانَت أم وَلَده تجوز وَلَو قَالَ لأم وَلَده أَعتَقتك على ألف فَقبلت عتقت وَعَلَيْهَا الْألف وَلَو قَالَ بِعْت نَفسك فَقبلت وجوزنا بيع العَبْد الْقِنّ من نَفسه وَهُوَ الْأَصَح بَقِي أم الْوَلَد هَل يَصح قَالَ يُمكن بِنَاؤُه على أَنه إِذا بَاعَ عَبده مِنْهُ هَل ثَبت لَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاء وَفِيه وَجْهَان أصَحهمَا يثبت فعلى هَذَا يعْتق أم الْوَلَد وَعَلَيْهَا الْألف كَمَا لَو أعْتقهَا على ألف وَإِن قُلْنَا لَا يثبت الْوَلَاء فَهُوَ كَمَا لَو بَاعه من أَجْنَبِي لَا يكون لَهُ عَلَيْهَا وَلَاء فها هُنَا لَا يَصح بيعهَا من أَجْنَبِي وعَلى هَذَا أعتق عبدا على خمر أَو خِنْزِير أَو شَيْء لَا يملك فَقيل عتق وَعَلِيهِ قِيمَته وَلَو قَالَ بِعْتُك نَفسك بِهَذَا الْغَيْر أَو الْخمر أَو الْخِنْزِير فَإِن قُلْنَا يثبت الْوَلَاء يَصح وَيعتق وَعَلِيهِ قِيمَته كَمَا لَو قَالَ بِلَفْظ الْعتْق وَإِلَّا فَلَا يَصح وَلَا يعْتق لِأَن البيع بِالْخمرِ وَبِمَا لَا يملك لَا يُوجب نقل الْملك كَمَا لَو بَاعَ من أَجْنَبِي بِخَمْر أَو خِنْزِير وَبِمَا لَا يملك فِي عتق أُمَّهَات الْأَوْلَاد أمه استدخلت ذكر حر نَائِم فعلقت فَإِن الْوَلَد حر لِأَنَّهُ لَيْسَ بزنا من جِهَته قَالَ وَتجب قيمَة الْوَلَد على الرجل وَيحْتَمل أَن يرجع عَلَيْهَا بعد الْعتْق كَمَا فِي الْغرُور وَالِاسْتِيلَاد إِذا وطىء جَارِيَة أَبِيه أَو أمه يشبه وَأَتَتْ بولده ثمَّ مَاتَ الْأَب وَالأُم عَن ابْنَيْنِ فنصيب الواطىء تصير أم ولد لَهُ على القَوْل الَّذِي يَقُول من وطأ جَارِيَة الغيرثم تَملكهَا تصير أم ولد لَهُ وَلَا تسري أمومة الْوَلَد إِلَى الْبَاقِي لِأَنَّهُ لم يخْتَر ملكهَا
1263 - مَسْأَلَة إِذا وطأ جَارِيَة ابْنه عَلَيْهِ الْمهْر طَائِعَة كَانَت أَو مُكْرَهَة بِخِلَاف مَا لَو وطأ جَارِيَة الْغَيْر وَهِي طَائِعَة لَا مهر على الْأَصَح لِأَن

(2/749)


@ ذَلِك الْفِعْل زنا وَالْمَرْأَة فِيهِ طَائِعَة فَلَا يجب الْمهْر كَالْحرَّةِ زنا وَفعل الْأَب لَيْسَ زنا كَوَطْء السَّيِّد يُوجب الْمهْر بِكُل حَال وَلَو استولد جَارِيَة ابْنه ملكهَا فَلَو قَالَ بعد لَا يحل لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا كمن ملك جَارِيَة بطرِيق آخر لَا يحل لَهُ وَطْؤُهَا إِلَّا بعد الِاسْتِبْرَاء

(2/750)