فتح العزيز بشرح الوجيز = الشرح الكبير

 (كتاب الغصب)
وفيه بابان
(الباب الاول في الضمان) (وفيه ثلاثة أركان (الاول الموجب) وهو ثلاثة.
التفويت بالمباشرة أو التسبب أو إثبات
اليد العادية.
وحد المباشرة إيجاد علة التلف كالقتل والاكل والاحراق.
وحد السبب إيجاد ما يحصل الهلاك عنده لكن بعلة أخرى إذا كان السبب مما يقصد لتوقع تلك العلة قيجب الضمان على المكره على إتلاف المال.
وعلى حفر بئرا في محل عدوان فتردت فيه بهيمة إنسان.
فان رداه غيره فعلى المردى تقديما للمباشرة على السبب) .
للاصحاب طرق في التعبير عن معنى الغصب (إحداها) أنه أخذ مال الغير على جهة التعدي وربما يقال الاستيلاء على مال الغير (والثانية) وهى أعم من الاولى أنه الاستيلاء على مال الغير بغير حق واختار الامام هده العبارة وقال لا حاجة إلى التقييد بالعدوان بل يثبت الغصب وحكمه من غير عدوان كما إذا أودع ثوبا عند انسان ثم جاء وأخذ ثوبا للمودع على ظن أنه ثوبه أو لبسه المودع وهو يظن أنه ثوبه (والثالثة) وهى أعم من الاولين حكى أبو العباس الرويانى عن بعض الاصحاب اطلاق القول بأن كل مضمون على ممسكه فعو مغصوب حتى المقبوض بالشراء الفاسد والوديعة إذا تعدى فيها المودع والرهن إذا تعدى فيه المرتهن وأشبه العبارات وأشهرها الاولى وفى الصورة المذكورة الثابت حكم الغصب لاحقيقته وفى الكتاب والسنة ما يدل على تحريم الغصب ويشير إلى جمل من أحكامه قال الله تعالى (ولا تأكلو أموالكم بينكم بالباطل) وعن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم النحر (ان دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا) وعن سمرة.

(11/239)


أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (على اليد ما أخذت حتى تؤديه) وعن أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((من غصب شبرا من أرض طوقه الله تعالى من سبع أرضين يوم القيامة) والاجماع منعقد على تحريم الغصب وتعلق الضمان به ثم المغصوب إما أن يتلف قبل العود إلى يد المالك أولا يتلف وحينئذ فاما أن يعود إلى المالك من غير تغيير فيه واما ان يتغير بطارئ فخص المصنف كلام الكتاب في بابين (أحدهما) في الضمان عند التلف (والثانى) في الطوارئ وأحكمهما (أما الأول) فالحاجة فيه إلى معرفة ما يوجب الضمان وما يجب ضمانة وما يوجب ضمانا فهذه ثلاثة أركان (الاول) الموجب والغصب وان كان موجبا

(11/240)


للضمان فالموجب غير منحصر فيه بل الاتلاف أيضا موجب بل هو أقوى فانه بمجرده يوجب اشغال الذمة بالضمان والغصب بمجرده لا يوجبه وانما يوجب دخول المغصوب في ضمانه حتى أذا تلف اشتغلت الذمة بالضمان والاتلاف قد يكون بالمباشرة وقد يكون بالسبب فصارت الاسباب ثلاثة التفويت بالمباشرة والتفويت بالتسبب واثبات اليد العادية وهو الغصب (أما التفويت) بالمباشرة والتسبب فاول مبدئه بيانهما والفرق بينهما واعلم أن ماله مدخل في هلاك الشئ اما أن يكون بحيث يضاف إليه الهلاك في العادة إضافة حقيقة أولا يكون كذلك وما لا يكون كذلك فاما أن يكون بحيث يقصد بتحصيله حصول ما يضاف إليه الهلاك أولا يكون كذلك فالذي يضاف إليه الهلاك يسمى علة والاتيان مباشرة وما لا يضاف إليه الهلاك ويقصد بتحصيله ما يضاف إليه يسمى سببا والاتيان به تسببا وهو القصد والتوقع قد يكون لتأثير بمجرده فيه وهو علة العلة وقد يكون بانضمام أمور إليه هي غير بعيدة الحصول وقد يخص أسم السبب بالنوع الاول وعلى ذلك جرى صاحب الكتاب في أول كتاب الجراح وأما ههنا فانه فسر السبب بمطلق ما يقصد به حصول العلة وفسره في الديات بما هو أعم من ذلك فقال السبب ما يحصل الهلاك عنده بعلة سواه ولكن لولاه لما أثرت العلة فلم يعتبر الا أنه لابد منه وعلى هذا التفسير فكل شرط سبب

(11/241)


ولما فسر في الابواب بتفاسير اختلف اعتبار الحفر مع التردي فسمى الحفر ههنا وفى الديات سببا وامتنع منه في أول الجراح واقتصر على تسميته شرطا وفى الجملة فيكفى للتأثير في الاموال مالا يكتفى به للتأثير في القصاص والحكم المقصود لا يختلف باختلاف التعبيرات والاصطلاحات ولكن كان الاحسن الاستمرار على تفسير واحد وتعليق الاحكام عليه ثم انه اندفع في بيان صور من مسمى المباشرة والتسبب والمباشرة لقتل والاكل والاحراق ومن التسبب الاكراه على اتلاف مال الغير فان الاكراه مما يقصد لتحصيل الاتلاف ومنه ما إذا حفر بئرا في محل عدوانا فتردت فيها بهيمة أو عبد أو حر فان رداه غيره لضمان على المردى لان المباشرة تتقدم على السبب والكلام فيه وفى موضع عد ان الحفر يستقصى في الجنايات ان شاء الله تعالى (وقوله) في الكتاب والموجب وهو ثلاثة ظاهره يقتضى حصر أسباب الضمان في الثلاثة وقد يقال كيف حصرها في الثلاثة وله أسباب أخر الاستيام والاستعارة وغيرها (والجواب) انه
يجوز أن يريد الاسباب الذى ضمنها قدما الاصحاب هذا الباب فاما ما عداها فلها مواضع مفردة (وقوله) التفويت المباشرة أو السبب أو إثبات اليد العادية إدخال أو في السبب حسن لانه طريق للتفويت كما أن المباشرة طريق لكن ادخالها في اثبات اليد العادية لا يحسن لانه سبب للضمان برأسه لا لانه طريق للتفويت (وقوله) وحد المباشرة إيجاد علة التلف أي مباشرة التفويت ولفظ الايجاد لا يستحبه المتكلم الا أن المعنى فيه مفهوم وأراد بعلة التلف ما ذكرنا من أنه يضاف إليه التلف في العرف وانما قلنا انه اضافة حقيقية لان الهلاك قد يضاف إلى السبب فيقال هلك مال فلان بسعاية فلان لكنه مجاز بدليل

(11/242)


صحة النفى عنه (وقوله) إيجاد ما يحصل الهلاك عنده لفظة عنده ههنا ليست للحصر والمقارنة وانما المراد عقيبه أو ما أشبه ذلك (وقوله) إذا كان السبب اعادة لفظ السبب في حد السبب وتفسيره مما لا يستحسن ولو طرحه لا نتظم الكلام.
قال (ولو فتح رأس زق فهبت ريح وسقط وضاع فلا ضمان.
لان الضياع بالريح ولا يقصد بفتح الزق تحصيل الهبوب فهو كما لو فتح الحرز فسرق غيره.
أو دل سارقا فسرق.
أو بنى دارا فألقى فيه الريح ثوبا وضاع أو حبس المالك عن الماشية حتى هلكت فلا ضمان في شئ من ذلك وكذا إذا نقل صبيا حرا إلى مضيعة فافترسه سبع.
ولو نقله إلى مسبعة أو فتح الزق حتى أشرقت الشمس وأذابت ما فيه ففى الضمان خلاف لان ذلك يتوقع فيقصد.
وكذلك نقول إذا غصب الامهات وحدثت الزوائد والاولاد في يده مضمونة وكان ذلك تسببا إلى اثبات اليد.
ولو فتح قفص طائر فوقف ثم طار لم يضمن لانه مختار.
وان طار في الحال ضمن لان الفتح في حقه تنفير.
وكذا البهيمة والعبد المجنون المقيد بمنزلة البهيمة.
وان كان العبد عاقلا فلا يضمن من فتح باب السجن وان كان آبقا.
ولو فتح رأس الزق فتقاطرت قطرات وابتل أسفله وسقط ضمن لان التقاطر حصل بفعله.
ولو فتح الزق عن جامد فقرب غيره النار منه حتى ذاب وضاع فالثاني بالضمان أولى.
وقيل لا ضمان عليهما) .

(11/243)


في الفصل مسألتان (إحداهما) لو فتح رأس زق فضاع ما فيه نظر ان كان مطروحا على الارض فاندفق ما فيه بالفتح ضمن وان كان منتصبا لا يضيع ما فيه بالفتح لو بقى كذلك لكنه سقط نظر إن سقط بفعله كما لو فتح رأسه فأخذ ما فيه في التقاطر شيئا فشيئا حتى أميل أسفله وسقط ضمن لان السقوط بالميلان الناشئ من الابتلال الناشئ من التقاطر الناشئ من الفتح وهو مما يقصد تحصيله بالفتح وان سقط بامر عارض من زلزلة أو هبوب ريح أو وقوع طائر فلا ضمان لان الهلاك لم يحصل بفعله ولا فعله مما يقصد به تحصيل ذلك العارض وعن مالك فيما ذكره المسعودي انه يجب الضمان لانه لولا الفتح لما ضاع ما فيه بالسقوط ولو جاء انسان وأسقط فالضمان عليه لا على الفاتح ولو أنه لما فتح رأسه أخذ ما فيه في الخروج ثم جاء آخر ونكسه مستعجلا فضمان الخارج بعد التنكيس عليهما كالخارجين أو على الثاني وحده كالخارج مع الخارج فيه وجهان (أصحهما) الثاني هذا إذا كان ما في الزق مائعا أما إذا كان جامدا فشرقت الشمس فاذابته فضاع أو ذاب بمرور الزمان وتأثير حرارة الهواء فيه وجهان (أحدهما) أن الضياع انما حصل بعارض الشروق فاشبه هبوب الريح (وأصحهما) الوجوب لان الشمس تذيب ولا تخرج فيكون الخروج بفعله وكأن الشمس كما يعلم شروقها فيكون الفاتح معرضا لما فيه للشمس وذلك تضييع بخلاف هبوب الريح فانه ليس مما ينتظر وعن القاضى الحسين اجراء الوجهين فيما إذا ازال أوراق الكروم وجرد عنا قيدها للشمس حتى أفسدتها وطرد أيضا فيما إذا ذبح شاة انسان فهلكت سخلتها أو حمامته فهلك فرخها لفقدان ما يصلح لهما ولو جاء آخر وقرب نارا من

(11/244)


الجامد حتى ذاب وضاع فوجهان (أحدهما) أنه لا ضمان على واحد منهما (أما الاول) فلان مجرد الفتح لا يقتضى الضمان (وأما الثاني) فلانه لم يتصرف في الظرف ولا في المظروف (وأظهرهما) وهو اختيار صاحب المهذب وجوب الضمان على الثاني لان تقرب النار منه تصرف بالتضييع والاتلاف والوجهان جاريان في تقريب الفاتح النار منه وفيما إذا كان رأس الزق مفتوحا فجاء انسان وقرب منه النار ولو حل رباط سفينة فغرقت بالحل ضمن ولو غرقت بسبب حادث من هبوب الريح أو غيره لم يضمن وان لم يظهر سبب حادث فوجهان مذكوران في المهذب والتهذيب وليكن الامر كذلك
في مسألة الزق إذا لم يظهر حادث لسقوطه (الثانية) لو فتح قفصا عن طائر وهيجه حتى طار ضمنه لانه أتلفه على مالكه وان لم يزد على فتح القفص فطار الطائر فاما أن يطير في الحال أو يقف ثم يطير فاما في الحالة الاولى فطريقان (أظهرهما) أن في وجوب الضمان قولين (أحدهما) أنه لا يلزمه الضمان لان للحيوان قصدا واخيتارا ألا ترى أنه يقصد ما ينفعه ويتوقى المهالك وغاية الموجود من الفاتح التسبب إلى تضييعه فتقدم على مباشرة الطائر واختياره (وأظهرهما) اللزوم لان الطائر ينفر ممن يقرب منه فإذا طار عقيب الفتح اشعر ذلك بانه نفره (والثانى) القطع بالقول الثاني ومنهم من فرق بين أن يخرج الطائر من غير اضطراب وبين أن يضطرب ثم يخرج فيدل ذلك على فزعه وتنفره (وأما) في الحالة الثانية فطريقان أيضا (أحدهما) أنه على قولين (وأظهرهما) القطع بنفي الضمان لان الطيران بعد الوقوف امارة ظاهرة على أنه طار باختياره وإذا اختصرت قلت في المسألة ثلاثة أقوال (أحدها)

(11/245)


أن يضمن مطلقا وبه قال مالك وأحمد واختاره أبو خلف السلمى والقاضى الرويانى وغيره من الاصحاب (وثانيها) لا يضمن مطلقا (وأظهرها) أنه يضمن ان طار في الحال ولا يضمن ان وقف ثم طار وروى عن أبى حنيفة مثله وأيضا مثل القول الثاني وهو اشهر وذكر العراقيون أن الثاني هو قوله في القديم وفى التهذيب عن طريق القولين في الحالة الثانية أن القديم لا يضمن وفيما جمع من فتاوى القفال وغيره تفريعا على وجوب الضمان إذا طار في الحال أنه لو وثبت هرة كما لو فتح القفص ودخلت وقتلت الطائر لزمه الضمان كأنهم جعلوا الفتح اغراء للهرة كما أنه تنفير للطائر وانه لو كان القفص مغلقا فاضطرب بخروج الطائر وسقط وانكسر وجب ضمانه على الفاتح وأنه لو كسر الطائر في خروجه قارورة انسان لزمه ضمانه لان فعل الطائر منسوب إليه وانه لو كان شعير في جراب مسدود الرأس وبجنبه حمار ففتح فاتح رأسه فأكله الحمار في الحال لزمه الضمان وإذا حل رباط بهيمة أو فتح الاصطبل فخرجت فضاعت فالحكم على ما ذكرنا في فتح القفص وحكى الامام أن شيخه أبا محمد كان يثبت الفرق بين الحيوان النافر بطبعه والانسى ويجعل خروج الانسى على الاتصال كخروج النافر على الانفصال قال وهذا منقاس ولكني لم أره الاله وإذا خرجت البهيمة في الحال وأتلفت زرع انسان
فعن القفال انه ان كان نهارا لم يضمن وان كان ليلا ضمن كما في دابة نفسه وقال العراقيون لا يضمن إذ ليس له حفظ بهيمة الغير من الزرع ولو حل قيد العبد المجنون أو فتح باب السجن فذهب فهو كما لو حل رباط البهيمة وان كان عاقلا نظر ان لم يكن آبقا فلا ضمان لان له اختيارا صحيحا وذهابه

(11/246)


محال عليه وان كان آبقا ففيه خلاف للاصحاب منهم من جعل حل قيده كحل رباط البهيمة لانه أطلقه وقد اعتمد المالك ضبطه فأتلفه عليه فعلى هذا يجئ فيه التفصيل السابق وهذا ما اورده في التهذيب (والاظهر) أنه لا ضمان بحال كما في غير الآبق وهو المذكور في الكتاب ولو وقع طائر على جداره فنفره لم يضمن لانه كان ممتنعا من قبل ولو رماه في الهواء فقتله ضمن سواء كان في هواء داره أو في غيره إذ ليس له منع الطائر من هواء ملكه هذا شرح المسألتين وكانت صورة المسألة الاولى مبددة في الكتاب فنظمناها وقد أدرج في خلالها صورا للاستشهاد لانهملها وان كانت تأتى في الشرح في مواضعها (منها) لو فتح باب الحرز فسرق غيره أو دل سارقا فسرق أو أمر غاصبا حتى غصب أو بنى دارا فألقت الريح فيها ثوبا فضاع لا ضمان عليه لانه لم يوجد منه اثبات يد على المال ولا مباشرة اتلاف ولا سبب يمكن تعليق الضمان به اما في الصورة الاخيرة فلا تسبب أصلا لانه لا يقصد ببناء الدار ذلك وأما فيما سواها فلانه طرأ عليه مباشرة المحتاز فانقطعت الاضافة إلى السبب (ومنها) لو حبس المالك عن ماشيته حتى تلفت لا ضمان عليه لانه لم يتصرف في المال وانما تصرف في المالك وكان هذا التصوير فيما إذا لم يقصد منعه عن الماشية وانما قصد حبسه فافضى الامر إلى هلاكها لان أبا سعيد المتولي أجرى الوجهين المذكورين فيما إذا فتح الزق عن جامد فذاب ما فيه بشروق الشمس وضاع وفيما إذا كان زرع ونخيل وأراد سوق الماء اليهما فمنعه ظالم من السقى حتى فسدت هل يلزمه الضمان (ومنها) لو نقل صبيا حرا إلى مضيعة فاتفق سبع فافترسه لا ضمان عليه احالة للهلاك على

(11/247)


اختيار الحيوان ومباشرته وأنه لا يقصد بالنقل ذلك أما إذا كان نقله إلى مسبعة فافترسه سبع فقد حكى صاحب الكتاب وجهين الحاقا بالوجهين في مسألة شروق الشمس (والمشهور) من مذهبنا أنه لا ضمان
وانما يوجبه أبو حنيفة (وأما) قوله وكذلك نقول إذا غصب الامهات وحدثت الزوائد بالاولاد في يده مضمونة فهذا وان كان مذكورا على سبيل الاستشهاد لكنه يشتمل على مسألة مقصودة في الباب وهى أن زوائد المغصوب منفصلة كانت كالولد والثمرة والبيض أو متصلة كالسمن وتعلم الصنعة مضمونة على الغاصب كالاصل سواء طالبه المالك بالردة أو لم يطالبه وبه قال أحمد وقال أبو حنيفة هي أمانة لا يضمنها إلا بما يضمن سائر الامانات ويروى مثله عن مالك.
لنا ان غصب الام يتضمن منع حصول الولد من يد المالك فليكن كازالة يده عنه كما أن من غر بحرية أمة فأحبلها كان الولد حرا وضمن من قيمته باعتقاد حرية الام يقع دحول الولد في ملكه فجعل كاتلاف ملكه وأيضا فان اليد العاديه مضمونة كالاتلاف ثم الاتلاف قد يكون على سبيل المباشرة وقد يكون على سبيل التسبب وكذلك اليد واثبات اليد على الاصول تسبب إلى إثبات اليد على الاولاد فيتعلق به الضمان وهذا معنى قوله في الكتاب وكان ذلك تسبباإلى اثبات اليد واستشهد بالمسألة بقوله ان ذلك يتوقع فيقصد ولتطرد هذه القاعدة ذهب بعضهم إلى أنه إذا غصب هادى القطيع فتبعه القطيع أو بقرة فتبعها العجل يضمن القطيع والعجل.

(11/248)


قال (أما اثبات اليد فهو مضمن.
وإذا كان عدوانا فهو غصب.
والمودع إذا جحد فهو من وقت الجحود غاصب.
واثبات اليد في المنقول بالنقل الا في الدابة فيكفى فيها الركوب (و) .
وفى الفراش الجلوس عليه فهو غاية الاستيلاء.
وفى العقار (ح) يثبت الغصب بالدخول وازعاج المالك.
وان أزعج ولم يدخل لم يضمن.
وان ادخل ولم يزعج ولم يقصد الاستيلاء لم يضمن.
وان قصد صار غاصبا للنصف والنصف في يد المالك.
والضعيف إذا دخل دار القوى وهو فيها وقصد الاستيلاء لم يضمن.
لان المقصود غير ممكن.
وان لم يكن القوى فيها ضمن لانه في الحال مستول وأثر القوة في القدرة على الانتزاع.
فهو كما لو غصب قلنسوة ملك ضمن في الحال) .
السبب الثالث اثبات اليد العادية وينقسم إلى المباشرة بان يغصب الشئ ويأخذه من مالكه والى التسبب وهو في الاولاد ويتأيد بالزائد كما مر أن اثبات اليد على الاصول ينسب إلى اتباعها على الفروع
(وقوله) في الكتاب اثبات اليد فهو مضمن يعنى اثبات اليد العادية كما ذكر في أول الركن لا مطلق اثبات اليد (وقوله) فإذا كان عدوانا فهو غصب يعنى إذ كان عدوانا بمباشرته ويمكن أن يحمل قوله ان اثبات اليد مضون على أنه جهة للضامن في الجملة فإذا انضمت إليه العدوانية فهو غصب اما المباشرة أو التسبب وهذا أحسن واللفظ إليه أقرب لكنه صرح بالاول في الوسيط والظاهر أنه أراد ههنا ما صرح به هناك (وقوله) وإذا جحد فهو من وقت الجحود غاصب هذه الصورة وحكمها مذكورة في الوديعة والداعي إلى ذكرها في هذا الموضع أن أبا حنيفة يقول غاصب الاصل وان أثبت اليد على الولد لكنه لم تزل يد المالك فيه والغصب عبارة عن ازالة يد المالك فمنع الاصحاب اعتبار قيد الازالة

(11/249)


في الغصب واحتجوا عليه أن المودع من وقت الجحود غاصب وبأنه لو طولب بولد المغصوب فامتنع كان غاصبا وان لم تزل يد المالك ولمن ينازع أن يقول لاغصب في الصورتين لكنه يضمن ضمان النغصوب لتقصيره في الامانة في الجحود والامتناع ثم تكلم فيما تثبت به اليد العادية في العقار والمنقول (أما المنقول) فالاصل فيه النقل لكن لو ركب دابة الغير أو جلس على فراشه ولم ينقله فقد حكي الامام فيه وجهين (أحدهما) أنه لابد من النقل كما أنه لابد منه في قبض المبيع وسائر العقود (واصحهما) وهو المذكور في الكتاب أنه يكون غاصبا لحصول غاية الاستيلاء بصفة الاعتداء ولمن نصره أن يجيب عن أحتجاج الاول بأن القبض في البيع له حكمان دخوله في ضمانه وذلك حاصل بالركوب والجلوس من غير نقل (والثانى) تمكنه من التصرف فالركوب إما أن يكون باذن البائع أو دون إذنه فان إذن البائع فالتمكن حاصل وان لم يأذن فلا يتمكن لكن الحكم في النقل بغير اذنه مثله فإذا لافرق ويشبه أن تكون المسألة مصورة فيما إذا قصد الراكب أو الجالس الاستيلاء أما إذا لم يقصده ففى التتمة في كونه غاصبا وجهين قال وهذا إذا كان المالك غائبا أما إذا كان حاضرا فان زححه وجلس على الفراش ضمن وكذا أن لم يزححه وكان بحيث يمنعه من دفعه والتصرف فيه وقياس ما سيأتي في نظيره في العقار أن لا يكون غاصبا الا لنصفه وأما العقار فاما أن يكون مالكه فيه أولايكون ان كان فيه فأزعجه ظالم ودهل الدار باهله على هيئة من يقصد السكنى فهو غاصب سواء
قصد الاستيلاء أم لم يقصد فان وجود نفس الاستيلاء يغنى عن قصده ولو سكن بيتا من الدار ومنع المالك عنه دون باقى الدار فهو غاصب لذلك البيت دون باقى الدار فان أزعج المالك لكنه لم يدخل الدار فقد أطلق ههنا وفى الوسيط أنه لا يضمن واعتبر دخول الدار في غصبها لكن قدم في البيع انه لا يعتبر في قبض العقار دخوله والتصرف فيه وانما المعتبر التمكن من التصرف بالتحلية وتسليم المفتاح

(11/250)


إليه وإذا كان حصول التمكين بتمكين البائع قبضا وجب ان يكون حصوله بالتسليط في أخذ المفتاح بالقهر غصبا وان لم يوجد الدخول وهذا ما يدل عليه كلام عامة الاصحاب فانهم لم يعتبروا الا الاستيلاء ومنع المالك عنه ولم يذكر الامام المسأله كما ذكرها صاحب الكتاب ولكن قال لا يحصل الغصب لنفس الازعاج فانه بمثابة منع المالك عن ماشيته وحمل هذا على ما ذكره الاكثرون هين ولو لم يزعج المالك ولكنه دخل واستولى مع المالك كان غاصبا لنصف الدار لاجتماع يدهما واستلائهما عليه نعم لو كان الداخل ضعيفا والمالك قوى لابعد مثله مستوليا لم يكن غاصبا لشئ من الدار ولا عبرة بقصد مالا يتمكن من تحقيقه أما إذ لم يكن مالك العقار فيه ودخل على قصد الاستيلاء فهذا غاصب وان كان الداخل ضغيفا وصاحب الدار قويا لان الاستيلاء حاصل في الحال وأثر قوة المالك سهولة إزالته والانتزاع من يده فكان كما لو سلب قلنسوة ملك يكون غاصبا وان سهل على المالك انتزاعها وتأديبه وفيه وجه أنه لا يكون غاصبا لان مثله في العرف يعد هزأ لاستيلاء وان دخله لاعلى قصد الاستيلاء لينظر هل يصلح له أو ليتخذ مثله لم يكن غاصبا قال في التتمة لكن لو انهدمت في تلك الحالة هل يضمنها فيه وجهان (وأصحهما) لا بخلاف المنقول وفرق بينهما بأثر اليد على المنقول حقيقة فلا يحتاج في إثبات حكمها إلى قرينة وعلى العقار حكمية فلا بد من تحقيقها من قرينة قصد الاستيلاء وهذا الفرق كأنه راجع إلى الاصح والا فوجهان جاريان في المنقول على ما سبق (وقوله) في الكتاب إلا في الدابة وفى الفراش ليس القصد من الاستيلاء الدابة والفراش ولا شئ في المنقولات فيكفى على وجه (وقوله) وفى العقار يثبت الغصب معلم - بالحاء - لان عند أبى حنيفة لا يثبت فيه الغصب لنا ان العقار تثبت عليه اليد فيدخله الغصب كالمنقول (وقوله) بالدخول) وأزعاج المالك اعتبار الدخول والازعاج جميعا وفى اعتبار الدخول ما ذكرنا فيجوز أن يعلم (قوله) بالدخول والواو وكذا (قوله)

(11/251)


لم يضمن (وأما) الازعاج فهو غير معتبر في غصب العقار أيضا ألا ترى أنه لو كان المالك غائبا يوجد الغصب ولا إزعاج ولو استولى مع المالك صار غاصبا للنصف ولا إزعاج بل الاعتبار باليد والاستيلاء حتى لو اقتطع قطعة من أرض ملاصقة لارضه وبني عليها حائطا وأضافها إلى ملكه يضمنها الا أن الاستيلاء في الغالب يحصل بالدخول والازعاج فلذلك ذكرهما.
قال (وكل يد تبتنى على يد الغاصب فهى يد ضمان ان كان مع العلم.
وان كان مع الجهل بالغصب فهو أيضا يد ضمان.
ولكن في اقرار الضمان تفصيل.
وكل يد لو ابتني على يد المالك اقتضى أصل الضمان كيد العارية والسوم والشراء.
فان ابتني على يد الغصب مع الجهل اقتضى قرار الضمان عند التلف.
ومالا كيد الوديعة والاجارة والرهن والوكالة لا تقتضي قرار الضمان) .
قد مر أكثر صور الفصل في باب الرهن من الكتاب مع الخلاف واقتصر ههنا على ذكر ظاهر المذهب وهو أن كل يد ترتبت على يد الغاصب فهى يد ضامن حتى يتخير المالك بين أن يطالب الغاصب عند التلف وبين أن يطالب من ترتبت يده على يده سواء علم الغصب أو لم يعلم لانه أثبت يده على مال الغير بغير اذنه والجهل غير مسقط للضمان ثم الثاني ان علم بالغصب فهو كالغاصب من الغاصب يطالب بكل ما يطالب به الغاصب وان تلف المغصوب في يده فاستقرار ضمانه حتى لو غرم لم يرجع على الاول ولو غرم الاول رجع إليه إذا لم تختلف قيمته في أيديهما أو كانت في يد الثاني أكثر أما إذا كانت في يد الاول أكثر فلا يطالب بالزيادة الا الاول ويستقر عليه وان جهل الثاني الغصب فان كان اليد في وضعها يد ضمان كالعارية فيستقر الضمان على الثاني وان كانت يد أمانة كالوديعة فيستقر على الغاصب وإذا تأملت الشرح هناك أعلمت قوله وان كان مع الجهل بالغصب فهو أيضا يد ضمان بالواو للوجه الذاهب إلى أن أيدى الامانات لا تقتضي الضمان عند الجهل وكذا (قوله)

(11/252)


لا يقتضى قرار الضمان للوجه الذاهب فيها إلى القرار واعلم أن الطريق المنسوب إلى العراقيين لم يورده الامام ههنا كما سبق في الرهن ولكن نقل عنهم فرقا بين أيدى الامانات على نحو ما تقدم
عنهم من التصديق عند دعوى الرد والاعتماد على ما سبق هناك (وأما) ما يتعلق باللفظ فقوله وكل يد أثبتت على هكذا يوجد في الاكثر ويقرأ لكن الابتناء متعد كالبناء فالوجه أن يقال ابتنت وقد تستعمل اللازمة الابتناء فيمكن أن تراعى الصورة ويقرأ ابتنت وقوله تقرير ضمان يعني بصفة الاستقرار (وأما) عند الجهل فهو يد ضمان وفى صفة الاستقرار التفصيل (وقوله) اقتضت أصل الضمان ينبغى أن يكون الضمان ههنا مفسرا باستقرار اليد عليه إذا حصل التلف في يده ثم البدل القيمة تارة والثمن أخرى وهذا لان الشراء معدود من أيدي الضمان فليكن التفسير ما يشمل الشراء والكلام في تفصيل ما يضمن المشتري من الغاصب وسائر ما يناسبه يأتي في الفصل الثالث من الباب الثاني ان شاء الله تعالى والقرض معدود من أيدي الضمان ولو وهب المغصوب من انسان فتلف في يده فالقرار على على الغاصب في أحد القولين لان يد الاتهاب ليست يد ضمان وعلى المتهب في أصحهما لانه أخذه للتمليك ولو زوج الجارية المغصوبة فتلفت عند الزوج ففى مطالبة الزوج بالقيمة طريقان قيل هو كالمودع ومنهم من قطع بأنه لا يطالب لان كون الزوجة في حبالة الزوج ليس ككون المال في يد صاحب اليد قال في التهذيب وهو المذهب.
قال (ومهما أتلف الآخذ من الغاصب فالقرار عليه أبدا.
الا إذا كان مغرورا.
كما لو قدم إليه ضيافة ففيه قولان لمعارضة الغرور والمباشرة.
وكذا الخلاف فيما لو غر الغاصب المالك وقدمه إليه فاكله المالك.
وههنا أولى بان يبرأ الغاصب.
وكذلك يطرد الخلاف في الايداع والرهن والاجارة من المالك إذا تلف بيده.
ولو زوج الجارية من المالك فاستولدها مع الجهل نفذ الاستيلاد وبرئ
__________
بياض بالاصل فحرر

(11/253)


الغاصب.
وكذا لو وهبه منه فان التسليط تام.
ولو قال هو عبدي فاعتقه فقد قيل لا ينفذ عتقه لانه مغرور.
وقيل ينفذ ويرجع بالغرم.
وقيل لا يرجع بالغرم) .
عرفت حكم قرار الضمان عند تلف المغصوب في يد من ترتبت يده على يد الغاصب أما إذا أتلفه فينظر ان استقل به فقرار الضمان عليه لان الاتلاف أقوى من اثبات اليد العادية فان حمله
الغاصب عليه كما إذا غصب طعاما فقدمه إلى انسان ضيافة حتى أكله فالقرار عليه أيضا ان كان عالما وان كان جاهلا فقولان (أحدهما) أن القرار على الغاصب لانه غره حيث قدم الطعام إليه وأوهم أنه لاتبعة فيه ويروى هذا عن القديم وبعض كتب الجديد (واصحهما) وهو المشهور من الجديد وبه قال أبو حنيفة والمزنى ان القرار على الآكل لانه المتلف واليه عادت منفعته فعلى هذا إذا غرم لم يرجع على الغاصب والغاصب إذا غرم يرجع على الآكل وعلى الاول الحكم بالعكس وهذا إذا قدم الطعام ولم يذكر شيئا أما إذا قدمه وقال هو ملكى ففى رجوع الآكل على الغاصب القولان ولو غرم الغاصب قال المزني يرجع على الآكل وغلطه الاصحاب لان في ضمن قوله انه ملكى اعتراف بانه مظلوم بما غرم والمظلوم لا يرجع على غير الظالم ولو وهب المغصوب من غيره وأتلفه ففيه القولان وأولى بأن يستقر الضمان على المتهب لحصول الملك له ولو قدم الطعام المغصوب إلى عبد انسان فاكله فان جعلنا القرار على الحر إذا قدمه إليه فاكله فهذه جناية من العبد يباع فيها والا فلا يباع وانما يطالبه الغاصب كما لو قدم شعيرا معصوبا إلى بهيمة غيره من غير اذن مالكها ولو غصب شاة وأمر قصابا فذبحها جاهلا بالحال فقرار ضمان النقصان على الغاصب ولا يخرج على الخلاف في أكل الطعام لانه ذبح للغاصب وهناك انتفع به لنفسه ولو أمر الغاصب انسانا فأتلف المغصوب بالقتل والاحراق ونحوها ففعله جاهلا بالغصب فمنهم من جعله على القولين في أكل الطعام والاصح القطع بأن القرار

(11/254)


على المتلف لانه محظور بخلاف الاكل ولا وقع للتغرير مع الحظر ثم في الفصل صور (أحدها) لو قدم الطعام المغصوب إلى مالكه فأكله جاهلا بالحال فان قلنا في التقديم إلى الأجنبي ان القرار على الغاصب لم يبرأ الغاصب ههنا وان جعلنا القرار على الآكل برئ الغاصب ههنا وبه قال أبو حنيفة وربما نصر العراقيون الاول لكن قد سبق في المسألة المبنى عليها أن الاصح ثبوت الاستقرار على الآكل وحكى الامام عن الاصحاب انهم رأوا البراءة ههنا اولى من الاستقرار وههنا تصرف المالك في ضمن اتلافه يتضمن قطع علقة الضمان عن الغاصب وتابعه صاحب الكتاب على ذلك وبنيا على هذه الاولوية تردد الشيخ أبى محمد فيما إذا أودع أو رهن أو أجر المالك وهو جاهل بالحال فتلف
المغصوب عنده لان يد المالك إذا ثبتت قطعت أثر الضمان وظاهر المذهب أن الغاصب لا يبرؤ في هذه الصور كما أن الضمان لا يتقرر على الأجنبي وعلى عكسه لو باع أو أقرض أو أعار من المالك فتلف عنده يبرأ الغاصب ولو دخل المالك دار الغاصب فأكل طعاما على اعتقاد أنه طعام الغاصب فكان طعامه المغصوب يبرأ الغاصب لانه أتلف مال نفسه في جهة منفعته من غير تغرير من الغاصب ولو صال العبد المغصوب على مالكه فقتله المالك لم يبرأ الغاصب من الضمان سواء علم أنه عبده أو لم يعلم لان الاتلاف بهذه الجهة كاتلاف العبد نفسه ولهذا لو كان العبد لغيره لا يضمنه وفيه وجه أنه يبرأ عند العلم لاتلافه مال نفسه في مصلحته (الثانية) لو زوج الجارية المغصوبة من مالكها وهو جاهل فتلفت عنده فهو كما لو أودع المغصوب عنده فتلف ثم لو استولدها نفذ الاستيلاد وبرئ الغاصب ومنهم من أثبت فيه خلافا وهو قريب من الخلاف الذى نذكره في إعتاقه (الثالثة) لو قال الغاصب لمالك العبد المغصوب أعتقه فاعتقه جاهلا بالحال ففى نفوذ العتق وجهان (أحدهما) أنه لا ينفذ لانه لم يرض باعتاق عبده (وأصحهما) النفوذ لاضافة العتقد إلى رقيقه والعتق لا يدفع بالجهل وعلى هذا فوجهان

(11/255)


(أحدهما) أنه لا يبرأ الغاصب عن الضمان بل يرجع المالك عليه بالغرم لانه لم يرض بزوال ملكه (وأصحهما) البراءة لا نصرافه إلى جهة صرفه إليها بنفسه وعادت مصلحتها إليه ولو قال أعتقه عنى وفعل جاهلا ففى نفوذ العتق الوجهان ان نفذ ففى وقوعه عن الغاصب وجهان قال في التتمة الصحيح المنع ولو قال المالك للغاصب أعتقه عني أو مطلقا فاعتق وبرئ الغاصب.
قال (الركن الثاني في الموجب فيه.
وهو كل مال مغصوب.
وينقسم إلى الحيوان وغيره.
فالحيوان يضمن بقيمته حتى العبد يضمن عند التلف والاتلاف بأقصى قيمته ولو قطع الغاصب احدى يدى العبد التزم اكثر الامرين من نصف قيمته أو أرش النقصان لانه تلف تحت يده إذا قلنا جراح العبد مقدر.
ولو سقطت يده بآفة سماوية لا يضمن إلا أرش النقصان.
ولا يجب في عين البقرة والفرس إلا أرش النقص.
ولا يضمن الخمر لذمي ولا مسلم.
ولكن يجب ردها إن كانت محترمة.
ولا يراق على أهل الذمة الا إذا أظهروها.
فان أريق فلا ضمان.
وكذلك
الملاهي إذا كسرت.
فان أحرقت وجب قيمة الرضاض لانه غير جائز.
وكذا في الصليب والصنم والمستولدة والمدبر.
والمكاتب ملحق في الضمان بالعبد القن) .
في الموجب فيه قال حملة المذهب المضمونات قسمان (أحدهما) ما ليس بمال وهو الاحرار فيضمنون بالجناية على النفس والطرف بالمباشرة تارة وبالسبب أخرى والقول في هذا القسم يبسط في الجنايات (والثانى) ما هو مال وينقسم إلى الاعيان والمنافع والاعيان قسمان الحيوان وغيره والحيوان قسمان الآدمى وغيره أما الآدمى فتضمن النفس والطرف في الرقيق بالجناية كما يضمن الحر ويضمن أيضا باليد العادية وبدل نفسه قيمته بالغة ما بلغت سواء قتل أو تلف تحت اليد العادية وأما الاطراف والجراحات فتنقسم إلى ما يتقدم واجبه من الحر والواجب فيه من الرقيق ما ينقص قيمته سواء حصل بالجناية أو تحت اليد العادية والى ما ينقدر من الحر مما يحصل منها بجناية فيه قولان (أصحهما) وهو الجديد أنه

(11/256)


يتقدر من الرقيق أيضا والقيمة في حقه كالدية في الحر فيجب في يد العبد نصف قيمته كما يجب في الحر نصف ديته وعلى هذا القياس (والثانى) وينسب إلى اختيار ابن سريج أن الواجب ما ينقص من القيمة كما في سائر الاموال وما يحصل تحت مجرد اليد العادية كما إذا غصب عبدا فسقطت يده بآفة سماوية فالواجب فيه قدر النقصان وفيه وجه أنه إذا كان النقصان أقل من المقدر وجب ما يجب على الجاني والمذهب الاول لان ضمان اليد سبيله سبيل ضمان الاموال الا ترى أنه لا يتعلق به القصاص ولا الكفارة ولا يضرب على العاقلة بحال ولهذا لو كان قدر النقصان أكثر من المقدر كان هو الواجب بالاتفاق (فان قلنا) بالجديد فلو قطع الغاصب يد العبد المغصوب لزمه أكثر الامرين من نصف القيمة أو أرش النقصان لا جتماع السببين حتى لو كانت قيمته ألفا ونقص أربعمائة وجب خمسمائة ولو نقص ستمائة وجب ستمائة ولو قطع يديه فعليه كل قيمته وكذا لو قطع أنثييه فزادت قيمته ولو كان الناقص بقطع الغاصب ثلثى قيمته فالواجب ثلثا القيمة على القولين (أما) على القديم فلانه قدر النقصان (وأما) على الجديد فالنصف واجب بالجناية والسدس باليد العادية ولو كان الناقص بسقوط اليد ثلث قيمته فهو الواجب على القديم وكذا على الجديد جوابا على أصح الوجهين وعلى الثاني الواجب نصف القيمة
والمستولدة والمكاتب والمدبر يلتحقون في الضمان بالعبد القن وقال أبو حنيفة المستولدة لا تضمن بالغصب

(11/257)


لنا القياس على المدبر بجامع بقاء الرق فيهما ألا ترى أنه يملك تزوجها واجارتها ويأخذ قيمتها لو قتلت (وأما) غير الآدمى من الحيوانات فالواجب فيها باليد والجناية القيمة وفيما يتلف من أجزائها ما ينقص من القيمة ولا فرق في ذلك بين نوع ونوع وعن أبى حنيفة أن الابل والبقر والخيل وماله اللحم والظهر مما يجب في احدى عينيه ربع القيمة استحسانا وبه قال أحمد في الخيل خاصة (أما) القياس على أطرافها وعلى ماله اللحم وحده كالغنم أو الظهر وحده كالبغال والحمير ولا فرق أيضا بين مالك ومالك وعن مالك أن في قطع ذنب حمار القاضى تمام القيمة لانه لا يصلح له بعد ذلك وعن أحمد رواية مثله لنا أن النظر في الضمان إلى نفس المفوت لاإلى أغراض الملاك ألا ترى أنه في وطئ جارية الاب بالشبهة مهر المثل كما في وطئ جارية الأجنبي بالشبهة وأن تضمن وطئ جارية الاب تحريمها عليه (وأما) غير الحيوان فينقسم المثلى والمتقوم وسيأتى ما يضبطهما في الركن الثالث بقى من فقه الفصل مسألة وهى ان الخمر والخنزير لا يضمنان للمسلم ولا للذمي خلافا لابي حنيفة حيث قال يجب الضمان في أراقة خمر الذمي ان أراقها مسلم ضمنها بالقيمة وان أراقها ذمي ضمنها بالمثل.
لنا أن مالا يضمن للمسلم لا يضمن للذمي كالميتة والدم وأيضا فان الخمر ليست بمال ولا فرق فيما ذكرناه بين أن يريق حيث تجوز الاراقة وحيث لا تجوز ولا تراق خمر أهل الذمة الا إذا تظاهر وأبشر بها أو بيعها ولو غصبت منهم

(11/258)


والعين باقيه وجب دخول ردها وان غصبت من مسلم وجب ردها إن كانت محترمة والا لم يجز بل أريقت لحديث أبى طلحة في خمور الايتام وألآت الملاهي كالبربط والطنبور وغيرهما وكذلك الصليب والصنم لا يجب في أبطالها شئ أصلا لانها محرمة الاستعمال ولا حرمة لتلك الصنعة والهيئة وأختلفوا في الحد المشروع لابطالها على وجهين (أحدهما) أنها تكسر وترضض حتى تنتهى إلى حد لا يمكن إيجاد ألة محرمة منها لا الاولى ولاغيرها (وأظهرهما) أنها لا تكسر الكسر الفاحش ولكنها تفصل وفى حد التفصيل وجهان (احدهما) أنها تفصل قدر مالا تصلح للاستعمال الحرام حتى إذ رفع وجه البربط وترك على شكل قصعة كفى
(والثانى) أنها تفصل إلى حد لو فرض إيجاد آلة محرمة من مفصلها لنال الصانع التعب الذى يناله في ابتداء الايجاد وهذا بان يبطل تأليف الاجزاء كلها حتى تعود كما كانت قبل التأليف ويشبه أن يكون هذا أقرب إلى كلام الشافعي رضى الله عنه وعامة الاصحاب وما ذكرنا من الاقتصار على تفصيل الاجزاء فيما إذا تمكن المحتسب منه أما إذا منعه من في يده وكان يدفع عن المنكر فله ابطاله بالكسر وحكى الامام وفاق الاصحاب على أن قطع الاوتار لا يكفي لانها مجاورة لها منفصلة وتوقف في شيئين تفريعا على وجه المبالغة في الكسر (احدهما) في الصفائح التى لا توجد في يد من تصنع تلك الآلات لان من البالغ في الكسر عند حصول الهيئة المحظورة قد لا يرى تلك المبالغة في الابتداء (والثانى)

(11/259)


في الصليب لانها خشبة معروضة على خشبه فإذا رفعت احداهما عن الاخرى فلا معنى للزيادة عليه إذا عرفت ذلك فمن اقتصر في بطالها على الحد المشروع فلا شئ عليه ومن جاوزهما فعليه التفاوت بين قيمتها مكسورة إلى الحد المشروع وبين قيمتها منتهية إلى الحد الذى اتى به وان أحرقها فعليه قيمتها مكسورة إلى الحد المشروع ولنعد إلى ما يتعلق بلفظ الكتاب (قوله) وهو كل مال معصوم ظاهره يقتضى حصر ما يجب ضمانه في الاموال وقد عرفت من التقسيم السابق أن الاحرار مضمونون ايضا وكأنه اراد ما يجب ضمانه بالاسباب المذكورة في أول الباب وحينئذ يخرج الاحرار لانهم لا يضمنون باليد العادية وان كانوا مضمونين وأشار بالمعصوم إلى أن عصمة المال شرط في وجوب الضمان فلا يضمن مال الحربى وقوله وحتى العبد يضمن عند التلف والاتلاف أقصى قيمته معلم بالحاء لان أبا حنلفة لا يوجب أقصى قيمه المماليك على ما بينته في موضعه (وقوله) إذا قلنا جرح العبد مقدر اشاره إلى قوله الجديد (وقوله) لا يضمن الا أرش النقصان معلم بالواو (وقوله) ولا يجب في عين البقرة والفرس بالحاء والالف لما ذكرنا التعرض لمذهبهما وانما ذهبا إليه لاثر فيه عن الصحابة وتأويله عندنا أن الارش في الواقعة كان قدر الربع (وقوله) لذمى معام بالحاء (وقوله) ولكن يجب ردها

(11/260)


بجوز اعلامه بالواو كما تقدم في فصل التحليل في كتاب الرهن وقوله وان اريقت فلا ضمان ضرب
تأكيد وبينه على أن لا يضمن الخمر مع المنع من اراقتها والا فقوله لا يضمن الخمر لذمى يفيد النفى الكلي وإذا ذكره فلا بأس باعادة اعلامه بالحاء (وقوله) وكذا الملاهي إذا كسرت يعني الكسر المشروع ولفظ المستولدة معلم بالحاء واتلاف الخمر وابطال منفعة الملاهي يخرج عما يضمن بقوله في أول الركن وهو كل مال معصوم.
قال (ومنفعة الاعيان تضمن بالفوات تحت اليد والتفويت.
ومنفعة البضع لا تضمن إلا بالتفويت.
ومنفعة بدن الحر تضمن بالتفويت وهل يضمن بفواتها عند الحر وجهان وهو تردد في ثبوت يد غيره عليه حتى ينبني عليه جواز اجارة الحر عند استئجاره إن قلنا تثبت اليد وانه بتسليم نفسه هل يتقرر أجرته.
وفى ضمان منفعة الكلب المغصوب وجهان.
وما اصطاده بالكلب المغصوب فهو للغاصب على أحد الوجهين.
فان اصطاد العبد فهل يدخل أجرته تحته لان الصيد للمالك فيه وجهان.
ولو لبس ثوبا ونقص قيمته فهل تندرج الاجرة تحت النقص فيه وجهان ولو ضمن العبد المغصوب بعد إباقه فهل تسقط عنه أجرتة بعد الضمان فيه وجهان) .

(11/261)


تم الكلام في قسم الاعيان من المضمونات (أما) المنافع فهى أنواع (منها) منافع الاموال من العبيد والثياب وغيرها وهى مضمونة بالتفويت والفوات تحت اليد العادية خلافا لابي حنيفة حيث قال لا تضمن بالتفويت ولا بالفوات وانما تضمن بعقد أو شبهة عقد ولمالك حيث قال لا تضمن بالفوات تحت اليد وانما تضمن بالتفويت والاستعمال لنا أن المنافع مضمونة بالعقد الفاسد وتضمن بالغصب كالاعيان وأيضا فانها متقومة ألا ترى أنه يبذل المال لتحصيلها ولو استأجر عينا لمنفعة واستعملها في غيرها ضمنها فاشتبهت الاعيان إذا تقرر ذلك فكل عين لها منفعة تستأجر من أجلها يضمن منفعتها إذا بقيت في يده مدة لمثلها أجرة حتى لو غصب كتابا وأمسكه مدة طالعه أو لم يطالعه أو مسكا شمه أو لم يشم لزمه الاجرة ولو كان العبد المغصوب يحسن صناعات لزمه أجرة أعلاها ولا يجب أجرة الكل (ومنها) منفعة البضع وهى لا تضمن بالفوات تحت اليد والفرق بينها وبين سائر المنافع أن اليد لا تثبت على منفعة البضع الا ترى أن السيد يزوج الامة المغصوبة ولا يؤجرها كما لا يبيعها لان يد الغاصب حائلة ولو تداعى اثنان نكاح
امرأة يدعيان عليها ولا يدعى أحدهما على الآخر وان كانت عنده وإذا أقرت لاحداهما حكم بأنها منكوحته وذلك يدل على أن اليد لها وأيضا فان منفعة البضع تستحق استحقاق ارتفاق للحاجة وسائر المنافع تستحق استحقاق ملك تام الا ترى أن من ملك منفعة بالاستئجار نقلها إلى غيره بالعوض بأن يؤجر وبغير العوض بأن يعير والزوج المستحق لمنفعة البضع لا يملك نقلها لا بعوض ولا بغير عوض (واما) إذا فوت منفعة البضع بالوطئ ضمن مهر المثل وأخرنا بسط الكلام فيه إلى الفصل الثالث من الباب

(11/262)


الثاني لان حكم وطئ المشترى من الغاصب مذكور هناك وذكر حكم وطئ الغاصب معه أحسن في النظم (ومنها) منفعة بدن الحر وهى مضمونة بالتفويت وإذا قهر حرا واستخدمه في عمل ضمن أجرته وان حبسه وعطل منافعه فوجهان (أحدهما) أنه يضمنها أيضا لان منافعه متقومة بالعقد الفاسد فاشبهت منتفع الاموال وحكى هذا عن ابن أبى هريرة (وأصحهما) المنع لان الحر لايدخل تحت اليد بخلاف الاموال ويقرب من هذين الوجهين الخلاف في صورتين (إحداهما) لو أستأجر حرا وأراد أن يؤجره هل له ذلك (والثانية) إذا أسلم المستأجر نفسه ولم يستعمله المستأجر إلى انقضاء المدة التى أستأجره فيها هل تتقرر أجرته قال الاكثرون له أن يؤجره وتتقرر أجرته وقال القفال لا يؤجره ولا تتقرر أجرته لان الحر لايدخل تحت اليد ولا تحصل منافعه في يد المستأجر وضمانه إلا عند وجودها هكذا أورد النقلة توجيه الخلاف في المسائل الثلاثة ولم يجعلو دخول الحر تحت اليد مختلفا فيه ولكن القائلين بجواز إجارة المستأجر وتغريم الاجرة كأنهم بنو الامر على الحاجة والمصلحة وصاحب الكتاب جعله مختلفا فيه وبني الخلاف في المسائل على التردد في دخوله تحت اليد ولم اعثر على ذلك لغيره وبتقدير ثبوته يجوز أن يعلم (قوله) والحر لايدخل تحت اليد وفى الرهن في الباب الثالث في مسألة موت الحرة المزني بها في الطلق من حمل الزنا بالواو وفى دخول ثياب الحر في ضمان من استولى عليه تفصيل مذكور في الكتاب في السرقة.

(11/263)


(فرع) قال في التتمة نقل حرا صغيرا أو كبيرا من موضع إلى موضع آخر فان لم يكن
له غرض في الرجوع إلى الموضع الاول فلا شئ وان كان واحتاج إلى مؤنة فهو على الناقل لتعديه (ومنها) منفعة الكلب فمن غصب كلب الصيد أو الحراسة لزمه رده مع مؤنة الرد إن كان له مؤنة وهل يضمن منفعته بالاجرة فيه وجهان مرتبان على الوجهين في جواز استئجاره وسيأتى ذكرهما وما اصطاده الغاصب بالكلب المغصوب للمالك على أحد الوجهين كصيد العبد واكسابه وللغاصب على أظهرهما لان الجارحة آلة كما غصب شبكة أو قوسا واصطاد بهما ويجرى الوجهان فيما لو أصطاد بالبازى والفهد المغصوبين وحيث كان الصيد للغاصب لزمه أجرة المثل للمغصوب منه وحيث كان للمالك كصيد العبد ففى وجوب الاجرة لزمن الاصطياد وجهان (أحدهما) لا تجب لانه إذا كان الحاصل له كانت المنافع منصرفة إليه (وأشبههما) الوجوب لانه ربما كان يستعمله في غير ما استعمل به ولا تدخل الاجره فيما اكتسبه ثم الفصل مختوم بقاعدتين (احداهما) ان كان النقص بسبب غير الاستعمال كما لو غصب ثوبا أو عبدا فانتقصت قيمته بآفة سماوية كما لو سقط العبد بمرض وجب الارش مع الاجرة والاجرة الواجبة لما قبل حدوث النقصان أجرة مثله سليما ولما بعده أجرة مثله معيبا فان كان النقص بسبب الاستعمال كما إذا لبس الثوب فابلاه فوجهان (أصحهما) أنهما يجبان أيضا كما لو حصل النقصان بسبب آخر (والثانى) أنه لا يجب ألا أكثر الامرين من أجرة المثل وأرش النقصان

(11/264)


لان النقصان نشأ من الاستعمال وقد قوبل الاستعمال بالاجرة فلا يجب له ضمان أجر والقائل الاول يقول الاجرة لا تجب للاستعمال وانما تجب لفوات المنفعة على المالك ألا ترى أنها تجب وان لم يشتمل فإذا لا يلزم وجوب ضمانين بشئ واحد (الثانية) سنذكر أن العبد المغصوب إذا تعذر رده بآفة غرم الغاصب قيمته للحيلولة ويلزمه مع ذلك أجرة المثل للمدة التى تمضى قبل بذل القيمة ولما بعده وجهان (أحدهما) أنها لا تجب لان القيمة المأخوذة نازلة منزلة المغصوب فكأن المغصوب عاد إليه (وأصحهما) الوجوب لان حكم الغصب باق وانما وجبت القيمة للحيلولة فيضمن الاجرة لفوات المنفعة والوجهان جاريان في أن الزوائد الحاصلة بعد دفع القيمة هل تكون مضمونة على الغاصب وفى أنه هل يلزمه مؤنة ردها وفى أن جناية الآبق في إباقه هل يتعلق ضمانها بالغاصب ولو غيب لغاص ب العبد المغصوب
إلى مكان بعيد وعسر رده وغرم القيمة قال الامام وسيجئ في هذه الصورة الخلاف في الاحكام المذكورة أيضا (ومنهم) من قطع وجوب الاجرة وثبوت سائر الاحكام والفرق أن من غيبه باختياره فهو باق في يده وتصرفه فلا تنقطع علائق الضمان عنه بخلاف الآبق

(11/265)


قال (الركن الثالث في الواجب.
وهو ينقسم إلى المثل والقيمة.
وحد المثلى ما تتماثل أجزاؤه في المنفعة والقيمة من حيث الذات لا من حيث المنفعة.
والاظهر أن الرطب والعنب والدقيق مثلى.
وكذا الخبز فان اخلاطه غير مقصودة بخلاف سائر المخلوطات) .
ما يجب بضمانا ينقسم باعتبار المضمون إلى المثل والقيمة فيضمن المثلى بالمثل لانه أقرب إلى التالف والمتقوم بالقيمة وللاصحاب في ضبط المثلى عبارات (احدها) أن كل مقدور بكيل أو وزن فهو مثلى وتروى هذه العبارة عن أبى حنيفة واحمد وتنسب إلى نص الشافعي رضى الله عنه لقوله في المختصر وماله كيل أو وزن فعليه مثل كيله أو وزنه (والثانية) زاد بعضهم اشتراط جواز السلم فيه لان المسلم فيه يثبت بالوصف في الذمة والضمان وما يشبهه لا يثبت في الذمة (والثالثة) زاد القفال وآخرون اشتراط جواز بيع بعضه ببعض لتشابه الاصلين في قضية التقابل واعترض على العبارات

(11/266)


الثلاث بأن القماقم والملاعق والمغارف من الصفر والنحاس موزونة ويجوز السلم فيها وبيع بعضها ببعض وليست مثلية هكذا حكى الامام الاعتراض عن القاضى لكن قدم في باب السلم أن القماقم ونحوها لا يجوز السلم فيها لاختلافها وأنما الجواز في الاسطال المربعة والظروف المضربة من القوالب فان كان الالتزام بمثلها فلا يبعد ممن صار إلى العبارات الثلاثة طردها فيها والحكم بأنها مثلية (والرابعة) نقل بعض شارحي المفتاح أن المثاليات هي التى تنقسم بين الشريكين من غير حاجة إلى تقويم ولك أن تقول هذا مشكل بالارض المتساوية الاجزاء فانها تنقسم من غير تقويم وليست هي بمثلية (الخامسة) قال العراقيون المثلى مالا تختلف اجزاء النوع الواحد منه في القيمة وربما يقال في الجرم والقيمة ويقرب منه قول قال المثليات هي التى تتشاكل في الخلقة ومعظم المنافع
وما اختاره الامام هو تساوى الاجزاء في المنفعة والقيمة فزاد النظر إلى المنفعة وعلى ذلك جرى صاحب الكتاب وزاد قوله من حيث الذات لامن حيث الصنعة وقصد به الاحتراز من الملاعق والمغارف

(11/267)


وصنجات الميزان المتساوية فان تساويهما جاء من حفظ التشابه في الصنعة والا المصنوعات مختلفة في الغالب ولك أن تقول الملعقة ونحوها لو وردت على الضابط المذكور اما ان ترد لتماثل أجزائها وهى ملعقة أو لتماثل جوهرها فقط (والاول) باطل لان أجزاء الملعقة غير متماثلة في الصنعة وأما (الثاني) فالصفر الذى هو جوهر الملعقة إذا كان مثليا كان تماثل أجزائة من حيث الذات لا من حيث الصنعة وإذا لم تؤثر الصنعة في تماثل الاجزاء فكيف يقال ما تماثل أجزاؤه من حيث الذات لا من حيث الصنعة والحق أن أثر الصنعة في تماثل الاعداد وأوضاع أجزائها لاغير وإذا وقفت على هذه العبارات وبحثت عن الاظهر منها فأعلم أن الاولى منقوضة بالمعجونات (والثالثة) المعتبرة بجواز بيع البعض بالبعض بعيدة عن أعتبار أكثر الاصحاب فانهم أعرضوا عن هذا الشرط وقالوا امتناع بيع البعض بالبعض من الربويات لرعاية التماثل في حال الكمال بمعزل عما نحن فيه (والرابعة) لادخل لها وأما الخامسة

(11/268)


فأن أريد بالاجزاء فيها كل ما يتركب منه الشئ فيلزم أن لا تكون الحبوب مثلية لانها تتركب من القشور والالباب والقشر مع اللباب مثليان في القيمة والمنفعة وكذا التمر والزبيب لما فيهما من النوى والعجم وان أريد الاجزاء التى يقع عليها اسم الجملة فيلزم أن لا تكون الدراهم والدنانير مثلية لما يقع في الصحاح من اختلاف في الوزن وفى الاستدارة والاعوجاج وفى وضوح السكة وخفائها وذلك ما يؤثر في المنفعة والقيمة والنظر إلى الجرم بعيد لان الحبوب والتمور متماثلة ومعلوم أن نوعا منها لا يخلو عن اختلاف الحبات في الصغر والكبر فإذا أظهر العبارات الثانية لكن الاحسن أن يقال المثلى كل ما يحصره الكيل أو الوزن ويجوز السلم فيه ولايقال كل مكيل أو موزون لان المفهوم منهما ما يعتاد كيله ووزنه فيخرج منه الماء وهو مثلى على الاصح هذا ما يتعلق بالضبط وينشأ من اختلاف العبارات الخلاف في الصفر والنحاس والحديد والآنك لان أجزائها مختلفة الجواهر ولان زبرها متقاربة الاجرام وفى
التبر والسبيكة والعنبر والمسك والكافور والثلج والجمد والقطن بمثل ذلك وفى العنب والرطب

(11/269)


وسائر الفواكه الرطبة لامتناع بيع بعضها ببعض وكذا في الدقيق والاظهر أنها جميعا مثلية وفى السكر والفانيد والعسل المصفى بالنار واللحم المشوي الخلاف في جواز بيع كل منهما بجنسه وفي الخبر لامتناع بيع بعضه ببعض وأيضا للخلاف في جواز السلم فيه وجعل صاحب الكتاب الاظهر كونه مثليا بناء على قطع النظر عن امتناع بيع بعضه ببعض ويجوز السلم فيه لكنا أثبتنا الخلاف في السلم وبيان ذلك الخلاف (وقوله) فان اخلاطه غير مقصودة بخلاف سائر المخلوطات يعني المعجونات والغوالي ونحوها والفرق بين ما يقصد اخلاطه وبين ما لا يقصد منه الا الواحد مقرر في السلم أما الحبوب والادهان والالبان والسمن والمخيض والخل لم يستعن في إيجاده بالماء والزبيب والتمر ونحوهما فهي مثلية بالاتفاق وكذا الدراهم والدنانير لكن قضية العبارة الثانية اثبات الخلاف فيها لان في السلم فيها اختلافا قد تقدم وأيضا فانهم جعلوا المكسرة على الخلاف في التدبير والسبيكة لتفاوت القراضات في الجرم ومثل ذلك يفرض في الصحاح فيلزم مجئ الخلاف فيها وهذا في الدراهم والدنانير الخالصة أما

(11/270)


المغشوشة ففى التتمة أن أمرها يبنى على جواز التعامل بها ان جوزناها فهى مثلية والا متقومة لان مالا يملك بالعقد لا يملك بالقبض عوضا عن التلف.
قال (ثم لم يسلم المثل بعد أن تلف المغصوب حتى فقد المثل.
فقيل الواجب أقصى قيمة المغصوب من وقت الغصب إلى التلف.
وقيل أقصى قيمة المثل من وقت وجوبه إلى الاعواز.
وقيل من وقت الغصب إلى الاعواز.
وقيل إلى وقت طلب الضمان ولو غرم القيمة ثم قدر على المثل فلا يرد على الاظهر لتمام الحكم بالبدل الحقيقي) .
إذا غصب مثليا وتلف في يده والمثل موجود فلم يسلمه حتى فقد أخذت منه القيمة والمراد من الفقدان أن لا يوجد في ذلك البلد وما حواليه على ما تبين في انقطاع المسلم فيه وفى القيمة المعتبرة عشرة أوجه (أحدها) أنها أقصى قيمة من يوم الغصب إلى التلف ولا اعتبار بزيادة قيمة أمثاله بعد
تلفه كما في المتقومات (وثانيها) أنها أقصى قيمة من وقت تلف المغصوب إلى الاعواز لان المثل هو

(11/271)


الواجب الا انه لما فقد تعذر الوصول إليه فينظر إلى قيمته من وقت وجوبه إلى التعذر ويطلق هذان الوجهان على أن الواجب عند اعواز المثل قيمة المغصوب لانه الذى تلف على المالك أو قيمة المثل لانه الواجب عند التلف وانما رجعنا إلى القيمة لتعذره وفيه وجهان لابي الطيب بن سلمة (ان قلنا) بالاول اعتبرنا الاقصى من وقت الغصب إلى وقت تلف المغصوب (وان قلنا) بالثاني اعتبرنا من وقت تلف المغصوب لان المثل حينئذ يجب إلى وقت الانقطاع والاعواز ولفظ الكتاب في حكاية الوجه الاول أقصى قيمة المغصوب وفى حكاية الوجه الثاني أقصى قيمة المثل اشارة إلى هذا (وثالثها) وهو الاصح أن القيمة المعتبرة أقصى القيم من يوم الغصب إلى الاعواز لان وجود المثل كبقاء عين المغصوب من حيث انه كان مأمورا بتسليم المثل كما كان مأمورا برد العين فإذا لم يفعل غرم أقصى

(11/272)


قيمة من المدتين كما أن المتقومات تضمن باقصى قيمتها لهذا المعنى ولا نظر إلى ما بعد انقطاع المثل كما لانظر إلى ما بعد تلف المغصوب المتقوم (ورابعها) أقصى القيم من الغصب إلى وقت تغريم القيمة والمطالبة بها لان المثل لا يسقط بالاعواز الا ترى أن المغصوب منه لو صبر إلى وجد ان المثل ملك المطالبة به وانما المصير الى القيمة عند تغريمها وهذه الاوجه الاربعة هي المذكورة في الكتاب (وخامسها) عن رواية الشيخ أبى محمد أنها أقصى القيم من وقت انقطاع المثل واعوازه إلى وقت المطالبة بالقيمة لان الاعواز وقت الحاجة إلى العدول إلى القيمة فيعتبر الاقصى من يومئذ (وسادسها) أنها أقصى القيم من وقت تلف المغصوب إلى وقت المطالبة لان الضمان يومئذ يجب (وسابعها) أن الاعتبار بقيمة اليوم الذى تلف فيه المغصوب (وثامنها) أن الاعتبار بقيمة يوم الاعواز لانه وقت العدول إلى القيمة ويحكى هذا عن اختبار أبى على الزجاجي والحناطي والماوردي وأبى خلف السلمى (وتاسعها) أن الاعتبار بقية يوم المطالبة لان الاعواز حينئذ يظهر ويتحقق وقد يتبدل لفظ المطالبة والتغريم

(11/273)


بالحكم والقيمة والمرجع بها إلى شئ واحد (وعاشرها) أنه أن كان منقطعا في جميع البلاد فالاعتبار بقيمة يوم الاعواز وان فقد في تلك البقعة فالاعتبار بقيمة يوم الحكم بالقيمة نقله صاحب المهذب وفيما علق عن الشيخ أبى حامد أن المعتبر فيه يوم أخذ القيمة لايوم المطالبة ولا يوم التلف فهذا وجه آخر ان كان ثابتا ويجوز اعلام جميع الوجوه المذكورة في الكتاب - بالحاء - لان البندنيجى حكى عن أبى حنيفة الاعتبار بقيمة يوم المطالبة والقبض هذا لفظه - وبالالف - لان مذهب احمد كالوجه الثامن ولو غصب مثليا فتلف والمثل مفقود فالقياس أن يجب على الوجه الاول والثالث أقصى القيم من يوم الغصب إلى التلف وعلى الثاني والسابع والثامن قيمة يوم التلف وان يعود الرابع والسادس والتاسع بحالها وعلى الخامس أقصى القيم من يوم التلف إلى يوم التغريم وعلى العاشر ان كان مفقودا في جميع البلاد وجب قيمة التلف والا قيمة يوم التغريم ولو تلف مثليا على انسان من غير غصب واثبات يد عليه وكان المثل موجودا فلم يسلم حتى فقد فعلى الوجه الاول تجب قيمة يوم الاتلاف وعلى الثاني

(11/274)


وعلى الثالث أقص القيم من يوم الاتلاف إلى الاعواز وعلى الرابع من يوم الاتلاف إلى التغريم والقياس عود الوجوه الباقية ولو أتلفة والمثل مفقود فالقياس أن يقال على الوجه الاول والثانى والثالث والسابع والثامن تجب قيمة يوم الاتلاف وعلى الرابع والخامس والسادس أقصى القيم من يوم الاتلاف إلى التغريم وعلى السابع قيمه يوم التغريم وعلى العاشر ان كان منقطعا في جميع البلاد وجبت قيمة يوم الاتلاف والا فقيمة يوم التغريم والله أعلم.
(ومنها) غرم الغاصب أو المتلف القيمة لاعواز المثل ثم وجد المثل هل للمالك رد القيمة وطلب المثل وجهان (أحدهما) نعم لان حقه المثل وانما أخذت القيمة للعجز عنه وإذا حصلت القدرة عدل إليه كما إذا غرم قيمة العبد الآبق ثم عاد (وأظهرهما) على ما ذكر صاحب الكتاب والقاضى الرويانى المنع لان الامر قد انفصل ببذل المثل وإذا تم الحكم بالبدل فلا عود إلى المبدل كما لو صام المعسر في الكفارة المرتبة ثم أيسر وهذا معنى قوله لتمام الحكم بالبدل الحقيقي وأراد بتسميته حقيقا أن القيمة بدل حقيقة عند اعواز المثل لا لالتحاق المثل حينئذ بالمتقوم وفى غرامة العبد الآبق ليست القيمة بدلا حقيقة وانما هي مأخوذة لحصول الحيلولة بينه

(11/275)


وبين حقه وهو المثل فالاجود من الفرق أن يقال العين عين حقه المغصوب والمثل بدل حقه فلا يلزم من تمكينه من الرجوع إلى عين حقه تمكينه من الرجوع إلى بدل حقه.
قال (ولو أتلف مثليا فظفر به في غير ذلك المكان لم يلزمه الا القيمة.
فإذا عاد إلى ذلك المكان لزمه المثل وأخذ القيمة.
ولو ظفر به في غير ذلك الزمان جاز طلب المثل لان رد الزمان غير ممكن فتعذر المثل الحقيقي.
والمسلم إليه إذا انتقل لم يطالب.
وفى مطالبته بالقيمة تردد من حيث انه اعتياض.
فان منع فله الفسخ.
وطلب رأس المال) مقصود الفصل أن المثل هل يؤخذ مثله مع اختلاف المكان والزمان أما المكان فاعلم أولا أنه لو غصب مثليا ونقله إلى بلد آخر كان للمالك أن يكلفه رده وله أن يطالب بالقيمة في الحال للحيلولة ثم إذا رده الغاصب رد القيمة واسترده ولو تلف في البلد المنقول إليه طالبه بمثله حيث ظفر به من البلدين لتوجه الطلب عليه برد العين في الموضعين فان فقد المثل غرمه قيمة أكثر البلدين قيمة ولو أتلف مثليا أو غصبة وتلف عنده في بلد ثم ظفر المالك به في بلد آخر هل له بمطالبته بالمثل الذى ذكره

(11/276)


الاكثرون أنه إن كان مما لامؤنة لنقله كالدراهم والدنانير فله المطالبة بالمثل وان كان لنقله مؤنه لم يكن له طلب المثل ولا للغارم تكليفه قبول المثل لما يلزم فيه من المؤنة والضرر وللمالك أن يغرمه قيمة بلد التلف فان تراضيا على المثل لم يكن له تكليفه مؤنة النقل وعلى هذا تنزيل جوابه في الكتاب وان أطلقه إطلاقا وحكى الامام وراءه وجهين (أحدهما) عن شيخه أبى محمد أنه يطالبه بالمثل وان لزمت المؤنة وزادت القيمة كما لو أتلف مثليا في وقت الرخص له طلب المثل في وقت الغلاء (والثاني) عن رواية الشيخ أبى علي أنه إن كانت قيمة ذلك البلد مثل قيمة المتلف أو أقل طالبه بالمثل والا فلا وذكر أبو عاصم العبادي مثل هذا وإذا حكمنا بالمنع وأخذ القيمة ثم اجتمعا في بلد التلف هل للمالك رد القيمة وطلب المثل وهل لصاحبه استرداد القيمة وبذل المثل فيه الوجهان فيما إذا غرم القيمة لاعواز المثل والذي أورده صاحب الكتاب منهما أن عليه المثل وأخذ القيمة مع أنه جعل الاظهر في مسألة الاعواز
المنع وهذا لاوجه له بل الخلاف في المسألتين واحد باتفاق الناقلين فاما أن يختار فيهما النفي أو الاثبات ولو نقل المغصوب المثلى إلى بلد آخر فتلف هناك أو أتلف ثم ظفر به المالك في بلد ثالثة وقلنا انه لا يطالب

(11/277)


بالمثل في غير موضع التلف فله أخذ قيمة أكثر البلدين قيمة (وأما) إذا اختلف الزمان فله المطالبة بالمثل وان زادت القيمة وليس له إلا ذلك وان نقصت القيمة والفرق بينه وبين المكان (إذا قلنا) لا يطالب بالمثل في غير ذلك المكان أن العود إلى المكان الاول يمكن فجاز انتظاره ورد الزمان الاول غير ممكن فقنعنا بصورة المثل وان لم يكن ذلك مثلا حقيقة لان التساوى في القيمة معتبر في المثلين وللزمان أثر ظاهر في تفاوتهما لكن يتوجه على هذا أن يقال نعم رد الزمان الاول غير ممكن لكن انتظار الزمن الذي تكون القيمة فيه كالقيمة وقت الاتلاف ممكن فهلا قنع بقيمة يوم الاتلاف وانتظر المثل إليه وهذا كله فيما إذا لم يخرج المثل باختلاف المكان والزمان عن أن يكون له قيمة ومالية (أما) إذا خرج كما إذا أتلف عليه الماء في مفازة ثم اجتمعا على شط نهر أو بلد أو أتلف عليه الجمد في الصيف واجتمعا في الشتاء فليس للمتلف بذل المثل بل عليه قيمة المثل في تلك المفازة وفى الصيف وإذا غرم القيمة ثم اجتمعا في مثل تلك المفازة وفى الصيف هل يثبت التراد فيه الوجهان السابقان (وأما) قوله في الكتاب والمسلم إليه إلى آخره فقد ذكرنا المسألة بما فيها في السلم.

(11/278)


قال (ولو أتلف آنية من نقرة يلزمه المثل.
وما زاد بالصنعة يقوم بغير جنس الاصل حذرا من الربا.
وقيل لا يبالي به فانه ليس ببيع) .
الذهب والفضة إما أن يكونا مضروبين فقد ذكرنا أنهما مثليان أو لا يكونا مضروبين وكل واحد منهما إما أن تكون فيه صنعة كالحلي أولا تكون كالتبر (أما الاول) فإذا أتلف حليا وزنه عشرة وقيمته عشرون فقد نقل أصحابنا العراقيون وجهين فيما يلزمه (أحدهما) أنه يضمن العين بوزنها من جنسها والصنعة من بقيمتها من غير جنسها سواء كان ذلك نقل البلد أو لم يكن لانا لو ضمنا الكل بالجنس لقابلنا عشرة بعشرين وذلك ربا (وأصحهما) عندهم أنه يضمن الجميع بنقد البلد وان كان من
جنسه ولا يلزم الربا فانه إنما جرى في العقود لا في الغرامات وان كان هذا ربا لكان الوجه الاول أيضا ربا فانه كما لا يقابل دينار بدينارين لا يقابل دينار بدينار ودرهم وفيه وجهان آخران (أحدهما) أن العين تضمن بوزنها من جنسها والصنعة بنقد البلد كما لو أتلف الصنعة وحدها بكسر الحلى يضمن بنقد البلد سواء كان من جنس الحلي أو غير جنسه وهذا محكى في النهاية مع الاولين (والثانى) أنه يضمن الكل بغير

(11/279)


جنسه تحرزا من التفاضل ومن اختلاف الجنس في أحد الطرفين ويروى هذا عن أبى حنيفة وأحسن ترتيب في المسألة ما ذكره في التهذيب وهو أن صنعة الحلى متقومة وفى وزنه الاختلاف الذى سبق في التبر والسبيكة (إن قلنا) انه مثلى فوجهان (أحدهما) أنه يضمن الكل بغير جنسه كيلا يلزم الربا (وأصحهما) أنه يضمن الوزن بالمثل والصنعة بنقد البلد سواء كان من جنسه أو من غير جنسه (وان قلنا) انه متقوم فيعتبر الكل بنقد البلد كيف كان وينبغى أن يجئ على هذا وجه التضمين بغير الجنس إذا كان نقد البلد من الجنس لان معنى الربا لا يختلف ولو أتلف آنية من ذهب أو فضة فتبنى على أن اتخاذها هل هو جائز (ان قلنا) نعم فهو كما أتلف حليا (وان قلنا) لا فهو كاتلاف مالا صنعة فيه كالتبر والسبيكة فينبني على الخلاف في أنه مثلى أو متقوم (ان قلنا) بالاول ضمن مثله (وان قلنا) بالثاني فوجهان (أحدهما) أنه يضمن قيمته بنقد البلد سواء كان من جنسه أو من غير جنسه كسائر المتقومات (والثانى) أن الجواب كذلك إلا إذا كان نقد البلد من جنسه وكانت القيمة تزيد على الوزن فحينئذ يقوم بغير الجنس ويضمن به وهذا ما اختاره العراقيون ههنا فارقين بين ما فيه صنعة وبينه بأن الزيادة ثم تقع في مقابلة الصنعة فلا تؤدي إلى الربا وههنا لا قيمة للصنعة

(11/280)


فيلزمه الربا لكن لصاحب الوجه الاول أن يقول لو كان الربا من الغرامات لاستوى المصنوع وغيره كما لو قابل حليا بتبر لا يجوز للفضل (وقوله) في الكتاب ولو أتلف آنية التصوير في الآنية مفرع على جواز اتخاذها كما بيناه (وقوله) ويلزمه المثل مثل وزن الآنية والحلى التبر لا الدراهم والدنانير المضروبة (قوله) لا نبالي به أي أنه بتقويم الصنعة بجنس الاصل وتغريمها رد وذلك مما يترك فيه وجه تقويم
الكل بنقد البلد إذا كان نقد البلد من جنسه ووجه تقويم الاصل بالمثل والصنعة بنقد البلد إذا كان من جنسه ويجوز اعلامه - بالحاء - وكذا اعلام قوله يلزمه المثل لما مر من الرواية عند قوله فانه ليس ببيع يعنى أنه غرامة متلف ومحل الربا انما هو البيوع والمعاقدات.
قال (ولو اتخذ من الرطب تمرا وقلنا لامثل للرطب وللتمر مثل.
أو من الحنطة دقيقا فالاولى أن يتخير المالك بين المطالبة بقيمة الرطب والدقيق أو مثل التمر والحنطة.
كما لو اتخذ من السمسم الشيرج فيطالب ان شاء بالسمسم أو بالشيرج.
ولو عدم المثل الا بالاكثر من ثمن المثل لم يلزمه الشراء على الاظهر) .
في الفصل مسألتان (الاولى) إذا تغير المغصوب في يد الغاصب من حال إلى حال ثم تلف عنده فاما أن يكون متقوما في الحالة الاولى مثليا في الثانية أو بالعكس أو مثليا فيهما أو متقوما فيهما (أما) القسم الاول فكما إذا غصب رطبا وقلنا انه متقوم فصار تمرا ثم تلف عنده ففيه وجهان (أحدهما) وبه أجاب العراقيون أنه يضمن مثل التمر لانه لا يمكن الجمع بين المثل والقيمة ولابد من ايجاب أحدهما والمثل أقرب إلى التالف فيكون ايجابه أولى (وأشبههما) وهو المذكور في التهذيب أنه ان كان الرطب أكثر قيمة فعليه قيمته كيلا تضيع الزيادة عليه وان كان التمر أكثر قيمة أو استويا فعليه المثل واختيار

(11/281)


صاحب الكتاب أنه يتخير بين أن يأخذ مثل التمر أو قيمة الرطب لانه أتلف عليه ماله وهو مثلى ورد ماله وهو متقوم فيطالب بموجب ما شاء من الحالين (وأما) القسم الثاني فهو كما لو غصب حنطة وطحنها وتلف الدقيق عنده أو جعله خبزا أو أكله وقلنا لامثل للدقيق والخبز أو غصب تمرا واتخذ منه الخل بالماء فعلى جواب العراقيين يضمن المثل وهو الحنطة والتمر وعلى ما أورده في التهذيب ان كان المتقوم أكثر قيمة غرمها والا غرم المثل وعن القاضى الحسين أنه يغرم أقصى القيم وليس للمالك مطالبته بالمثل لان التلف حصل وهو متقوم وعلى هذا فإذا قيل من غصب حنطة في الغلاء وبقيت عنده إلى التلف وغرمه المالك في وقت الرخص يغرم المثل أو القيمة لم يصح اطلاق الجواب بالمثل ولا القيمة بل الصواب أن يفصل فيقال ان تلفت وهى حنطة غرمه المثل وان صارت إلى حالة التقويم ثم تلفت
فالقيمة ويقال كأن القاضى قد لقن المسألة الرئيس أبا على المنيعى ليغلط بها فقهاء مرو فغلط من أطلق الجواب منهم (وأما) الثالث فكما لو غصب سمسما واتخذ منه شيرجا ثم تلف عنده ونقل العراقيون وصاحب الكتاب أن المالك بالخيار فيغرمه ما شاء منهما وفى التهذيب أنه إن كان أحدهما أكثر قيمة غرم مثله والا تخير المالك وأخذ ما شاء منهما وظاهره يقتضى إثبات خلاف في التخيير إذا كان أحدهما أكثر قيمة (وأما) الرابع فحكمه بين وهو وجوب أقصى القيم في الحالتين (المسألة الثانية) إذا لزمه المثل فعليه تحصيله ان وجده بثمن المثل وإذا لم يجده إلا بما فوقه فوجهان (أحدهما) أنه لا يلزمه تحصيله لان الموجود بأكثر من ثمن المثل كالمعدوم بدليل الماء في الطهارة والرقبة في الكفارة (والثانى) يلزمه لان المثل كالعين ورد العين واجب وان لزم في مؤنته اضعاف قيمته وهذا أظهر الوجهين عند صاحب

(11/282)


التهذيب والقاضى الرويانى والاول أظهر عند آخرين ومنهم صاحب الكتاب وفرقوا بين المثل والعين بأنه تعدى في العين دون المثل فلا يأخذ المثل حكم العين هذ اما يتعلق بقسم المثلى.
قال (أما المتقومات إذا تلفت تضمن بأقصى قيمتها من وقت الغصب إلى التلف.
فان أبق العبد ضمن (ح) في الحال للحيلولة.
فإذا عاد ردت القيمة (ح) وسلم العبد.
وللغاصب حبس العبد إلى أن ترد القيمة عليه) .
القسم الثاني من الاموال المتقوم فإذا غصبه وتلف عنده لزمه أقصى قيمته من يوم الغصب إلى يوم التلف لانه في حال زيادة القيمة غاصب مطالب بالرد فإذا لم يرد ضمن بدله وانما تجب القيمة من نقد البلد الذى حصل فيه التلف وتفاوت القيمة قد يكون لزيادة ونقصان في المغصوب كما إذا كان العبد كاتبا فنسى الكتابة وقد يكون لمحض ارتفاع الاسواق وانخفاضها فلو كانت قيمته مائة فبلغت مائتين ثم عادت بتراجع الاسواق إلى مائة وخمسين ثم هلك لزمه مائتان ولا عبرة باتفاق السوق بعد التلف ولو تكرر ارتفاع السوق وانخفاضها لم يضمن كل زيادة وانما يضمن الاكثر ولو أتلف متقوما من غير غصب لزمه قيمته يوم الاتلاف فان حصل التلف بتدريج وسراية واختلف القيمة في تلك المدة كما إذا جنى على بهيمة قيمة مثلها يومئذ مائة ثم هلكت وقيمة المثل خمسون قال

(11/283)


القفال يلزمه مائة لانا إذا اعتبرنا الاقصى في اليد العادية فلان نعتبرها في نفس الاتلاف كان أولى وليعلم قوله في الكتاب فاقصى قيمتها - بالحاء والالف - أما الحاء فلان أبا حنيفة يعتبر قيمة يوم الغصب بناء على أن الزوائد غير مضمونة (وأما) الالف فلان أحمد يعتبر قيمة يوم التلف إذا كان التفاوت لاضطراب الاسواق ولو لم يهلك العبد المغصوب لكنه أبق أو عيبه الغاصب أو ضلت الدابة أو ضاع الثوب فللمالك أن يضمنه القيمة في الحال لحصول الحيلولة ولزوم الضرر والاعتبار بأقصى القيم من يوم الغصب إلى يوم المطالبة وليس للغاصب أن يلزمه قبول القيمة لان قيمة الحيلولة ليست حقا ثابتا في الذمة حتى يجبر على قبوله والابراء عنه بل لو أبرأه المالك منها لم ينفذ وعن بعض الاصحاب تنزيلها منزلة الحقوق المستقرة ثم القيمة المأخوذة يملكها المالك كما يملك عند التلف وينفذ تصرفه فيها ولا يملك الغاصب المغصوب كما لا يملك نصف العبد إذا قطع إحدى يديه وغرم فإذا ظفر بالمغصوب فللمالك استرداده ورد القيمة وللغاصب رده واسترداد القيمة وهل له حبس المغصوب إلى أن يسترد القيمة ذكر في الكتاب أن له ذلك وهذا حكاه القاضى حسين عن نص الشافعي رضى الله عنه كما حكى ثبوت الحبس للمشتري في الشراء الفاسد لاسترداد الثمن لكن تقدم في البيع ذكر الخلاف في ثبوت الحبس للمشتري وبينا أن الظاهر المنع ويشبه أن يكون حبس الغاصب في معناه والمنع هو اختيار الامام في الصورتين وإذا

(11/284)


كانت الدراهم المبذولة باقية بعينها في يد المالك فللشيخ أبى محمد تردد في أنه هل يجوز للمالك إمساكها وغرامة مثلها أم لا وإذا اتفقا على ترك التراد فلا بد من بيع ليصير المغصوب للغاصب (وقوله) في الكتاب ورد القيمة معلم - بالحاء - لان عنده تملك العبد بالضمان فلا رد ولا استرداد وساعدنا في المدبر وفيما إذا اختلفا في القيمة وغرمناه ما اعترف به ثم عند الظفر بالمغصوب أنها كانت أكثر واعلم أن التضمين في صورة الاتفاق وغيرها لا يختص بالمتقومات وان أورده في هذا القسم بل ضمان الخيار ثابت في كل مغصوب خرج من يد المالك وتعذر رده.
(فرع) قد مر أن منافع المغصوب مضمونة فبم كانت الاجرة في مدة الغصب متفاوتة يضمن
فيه ثلاثة أوجه حكاها القاضى أبو سعد بن يوسف (أضعفها) إنها بالاكثر في جميع المدة (وأظهرها) أنها تضمن في كل بعض من أبعاض المدة بأجرة مثلها (والثالث) أن الامر كذلك ان كانت الاجرة في أول المدة أقل وان كانت أكثر ضمنها بالاكثر في جميع المدة لانه لو كان المال في يده فربما يلزمه بها جميع المدة.
قال (وان تنازعا في تلف المغصوب فالقول قول الغاصب (و) لانه ربما يعجز عن البينة وهو صادق.
فان حلف جاز طلب القيمة وان كان العين باقية بزعم الطالب للعجز بالحلف.
وكذلك

(11/285)


إذا تنازعا في القيمة أو في صفقة العبد (و) أو في عيب (ز) يؤثر في القيمة فالقول قول الغاصب لان الاصل براءة الذمة.
وكذلك إذا تنازعا في الثوب الذى على العبد لان العبد وثوبه في يد الغاصب) .
المقصود من بقية الباب الكلام في تنازع المالك والغاصب وذلك يقع على أنحاء (منها) إذا ادعى الغاصب تلف المغصوب وأنكر المالك فالصيحيح وهو المذكور في الكتاب أن القول قول الغاصب مع يمينه لانه قد يعجز عن البينة وهو صادق فلو لم نصدقه لتخلد الحبس عليه ولما وجد عنه مخرجا وفيه وجه أن القول قول المالك مع اليمين لان الاصل بقاؤه (وإذا قلنا) بالاول فلو حلف الغاصب هل للمالك تغريمه القيمة أو المثل فيه وجهان (أحدهما) لا لبقاء العين في زعمه (وأصحهما) نعم وهو المذكور في الكتاب لانه عجز عن الوصول إليها بيمين الغاصب وان كانت باقية (ومنها) إذا اتفقا على الهلاك واختلفا في قيمته فالقول قول الغاصب لان الاصل براءة ذمته عن الزيادة وعلى المالك البينة وينبغى أن يشهد الشهود بان قيمته كذا أما إذا أراد اقامة البينة على صفات العبد ليقومه المقومون بتلك الصفات فعن صاحب التقريب حكاية قول أنها تقبل ويقوم وينزل على أقل الدرجات (والمذهب) المنع لان الموصوفين بالصفات الواحدة يتفاوتون في القيمة لتفاوتهم في الملاحة وما لايدخل تحت الوصف قال الامام لكن المالك يستفيد باقامة البينة على الاوصاف ابطال دعوى الغاصب

(11/286)


مقدارا حقيرا لا يليق بتلك الصفات كما لو أقر الغاصب بصفات في العبد تقتضي النفاسة ثم قومه بشئ
حقير لا يليق بها لا يلتفت إليه بل يؤمر بالزيادة إلى أن يبلغ حدا يجوز أن تكون قيمة لمثل ذلك الموصوف ولو قال المالك قيمته ألف وقال الغاصب خمسمائة وجاء المالك ببينة على أنها أكثر من خمسمائة من غير تقدير (منهم) من قال لا تسمع البينة هكذا (والاكثرون) سمعوها وقالوا فائدة السماع ان يكلف الغاصب الزيادة على الخمسمائة إلى حد لا تقطع البينة بالزيادة عليه ولو قال المالك لاأدري كم قيمته لم تسمع دعواه لقوله حتى يبين وكذا لو قال الغاصب أعلم أعلم أنه دون ما ذكره ولا أعرف قدره لم تسمع حتى يبين فإذا حلف عليه (ومنها) لو قال المالك كان العبد كاتبا أو محترفا وأنكر الغاصب فالقول قول الغاصب لان الاصل عدمه براءة ذمته وحكى العراقيون من أصحابنا وجها أن القول قول المالك لانه أعرف بحال مملوكه ولو ادعي الغاصب به عيبا وأنكر المالك نظر ان ادعى عيبا حادثا بان قال كان أقطع أو سارقا ففى المصدق منهما قولان (أحدهما) الغاصب لان الاصل براءة ذمته (وأصحهما) المالك لان الاصل والغالب دوام السلامة ولو ادعى عيبا في أصل الخلقة بان قال كان أكمه أو ولد أعرج أو عديم اليد فالمصدق الغاصب لان الاصل العدم والمالك متمكن من اثباته بالبينة وفيه وجهان آخران (أحدهما) تصديق المالك نظرا إلى غلبة السلامة (والثاني) الفرق بين

(11/287)


ما يندر من العيوب ومالا يتدر ولفظ الكتاب في الغصب وان كان مطلقا لكن في الوسيط ما يبين أنه أراد به العيب الخلقى ولو رد المغصوب وبه عيب وقال غصبته هكذا وقال المالك بل حدث العيب عندك قال في التتمة المصدق الغاصب لان الاصل براءة ذمته وعدم يده على تلك الصفة (ومنها) لو تنازعا في الثياب التى على العبد فالمصدق الغاصب لان العبد وما عليه في يد الغاصب هذه صورة الكتاب في الاختلاف (ومنها) لو قال غصبت مني دارا بالكوفة فقال بل غصبت منى دار بالكوفة فقال غصبت دارك بالمدينة فالقول قول المدعى عليه في أنه لم يغصب دار الكوفة وأما غصب دار المدينة فان وافقه فان وافقه المدعى عليه ثبت والا ارتد اقراره بتكذيبه (ومنها) غصب خمرا محترمة وهلكت عنده ثم قال المغصوب منه هلك بعد التخليل وقال الغاصب بل قبلها فلا ضمان على المصدق لان الاصل بقاء الخمرية وبراءة ذمته (ومنها) قال طعامي الذى غصبته حديثا وقال الغاصب بل عتيقا فهذا كالخلاف في كون

(11/288)


العبد كاتبا والمصدق الغاصب فان نكل عن اليمين حلف المالك ثم له ان يأخذ العتيق فانه دون حقه (ومنها) باع عبدا من انسان فجاء آخر يدعي أنه ملكه وأن البائع كان غصبه منه فلا شك أن له دعوى عين العبد على المشترى وفى دعواه القيمة على البائع ما ذكرناه في الاقرار فان ادعى العين على المشترى فصدقه أخذ العبد منه ولا رجوع له بالثمن على البائع المكذب فان كذبه فاقام المدعي عليه بينة اخذه ورجع المشترى بالثمن على البائع فان لم يقم البينة ونكل المشترى حلف المدعى وأخذه ولا رجوع للمشترى بالثمن لتقصيره بالنكول وان صدقه البائع دون المشترى لم يقبل اقرار البائع على المشترى وبقى البيع بحاله الا أن يكون اقراره بالغصب في زمن الخيار فيجعل ذلك فسخا للبيع ثم لو عاد العبد إلى البائع بارث أو رد بعيب لزمه تسليمه إلى المدعى وان صدقه البائع والمشترى جميعا سلم العبد إلى المدعى وعلى البائع رد الثمن المقبوض على المشترى ان بقى بحاله وضمانه ان تلف ولو جاء المدعى بعد ما أعتق المشترى العبد وصدقه البائع والمشترى لم يبطل العتق سواء

(11/289)


وافقهما العبد أو خالفهما لما في العتق من حق الله تعالى ولهذا سمعت شهادة الحسبة عليه بخلاف مالو كاتبه المشترى ثم توافقوا على تصديق المدعى لان الكتابة قابلة للفسخ وللمدعى في مسألة الاعتاق قيمة العبد على البائع ان اختص بتصديقه إذا أوجبنا الغرم للحيلولة وعلى المشترى ان اختص بتصديقه وعلى من شاء منهما ان صدقاه وقرار الضمان على المشتري إلا أن تكون القيمة في يد البائع أكثر فلا يطالب المشترى بالزيادة ولو مات المعتق وقد اكتسب أموالا كانت للمدعى لان المال خالص حق الآدمى وقد اتفقوا على أنه هو المستحق بخلاف العتق فان تصادقهم فيه إنما لم يؤثر لما فيه من حق الله تعالى هكذا أطلقوه قال الامام وهو منزل على الاكساب التى يستقل العبد بها فاما الاكساب التى يحتاج فيها إلى إذن السيد فان المدعى لا يستحقها إذا اعترف بخلوها عن الاذن.
(الباب الثاني في الطوارئ وفيه ثلاثة فصول) قال (الاول في النقصان فإذا غصب ما قيمته عشرة فعاد إلى درهم ورده بعينه فلا شئ عليه
لان الفائت رغبات الناس لا شئ من المغصوب.
وان تلف فالواجب عشرة وهو أقصى القيمة.
وان

(11/290)


تلف بعضه كالثوب إذا أبلاه حتى عاد إلى نصف درهم بعد رجوع الاصل إلى درهم ضمن القدر الفائت وهو نصف الثوب بنصف أقصى القيم وهو خمسة.
وردها مع الثوب البالي) الطوارئ على المغصوب (اما) أن تعود إلى ذاته أو لا تعود إليها فالاول اما أن تكون بزيادة أو نقصان واما أن لاتعود إلى ذاته فأهم ما نتكلم فيه من هذا النوع تصرفات الغاصب فلذلك اشتمل الباب على ثلاثة فصول (أولها) في النقصان والناقص من المغصوب اما قيمته أو شئ من أجزائه وصفاته أو كلاهما (القسم الاول) أن يكون النقصان في القيمة وحدها كما لو غصب ما قيمته عشرة فرده بحاله وقد عادت قيمته إلى درهم فلا شئ عليه وقال أبو ثور عليه نقصان القيمة كما لو تلف المغصوب والصورة هذه تلزمه أقصى قيمته عشرة.
لنا أن الفائت رغبات الناس لا شئ من المغصوب بخلاف ما إذا أتلف فان الواجب هناك البدل فوجب الاكثر لكونه مأمورا بالرد في تلك الحالة وإذا كانت العين باقية فالواجب ردها وقد أتى به وليعلم (قوله) في الكتاب فلا شئ عليه - بالواو - لمذهب أبى ثور فانه وإن كان داخلا في طبقه أصحاب الشافعي رضى الله عنه فله مذهب برأسه ولا يعد تفرده وجها لكن حكي الموفق بن طاهر أن من الاصحاب من يوافقه وأيضا فان الامام بعد توجيه مذهبه بأنه

(11/291)


تنسب إلى تفويت تلك الزيادة بادامة اليد العادية قال وهذا يجده القياس منقاسا (الثاني) أن يكون النقصان في كليهما فالجزء التالف مضمون بقسط من أقصى القيم من يوم الغصب إلى التلف والنقصان الحاصل بتفاوت السوق في الباقي المردود غير مضمون مثاله غصب ثوبا قيمته عشرة وانخفض السوق فعادت قيمته إلى درهم ثم لبسه فابلاه حتى عادت إلى نصف درهم يرده مع خمسة دراهم لان الاستعمال والابلاء تنسحق أجزاء من الثوب وتلك الاجزاء والصورة هذه نصف الثوب لانتهاء قيمته إلى نصف درهم بعد ما كانت قبل الاستعمال درهما فيغرم النصف بمثل نسبته من أقصى القيم كما يغرم الكل عند تلفه بالاقصى ولو كانت القيمة عشرين وعادت بانخفاض السوق إلى عشرة ثم لبسه وأبلاه حتى عادت
إلى خمسة لزمه مع رده عشرة ولو كانت عشرة وعادت بانخفاض السوق إلى خمسة ثم لبسه وأبلاه حتى عادت إلى درهمين لزمه مع ستة لانه تلف بالابلاء ثلاثة أخماس الثوب فيغرمها بثلاثة أخماس أقصى القيم وذكر الشيخ أبو على أن بعض من شرح المولدات أخطأ في هذه الصورة فقال يلزمه ثلاثة لانها الناقصة بالابلاء ولا عبرة بالخمسة التى هي نقصان السوق وقياس قول هذا القائل أن يلزمه في الصورة الاولى وهى المذكورة في الكتاب نصف درهم وفى الثانية خمسة دراهم ولو غصبه وقيمته

(11/292)


عشرة فاستعمله أولا حتى عادت بالابلاء إلى خمسة ثم انخفض السوق فعادت قيمته إلى درهمين فرده يلزمه مع الرد الخمسة الناقصة بالابلاء ولا يغرم النقصان الحاصل في السوق في البالى الباقي ولو غصب ثوبا قيمته عشرة ولبسه وأبلاه حتى عادت القيمة إلى خمسة ثم ارتفع السوق فبلغت قيمته وهو بال عشرة فظاهر كلام ابن الحداد أنه يغرم مع رد الثوب لان الباقي من الثوب نصفه وهو يساوى عشرة فلو بقي كله لكان يساوى عشرين فيغرم عشرة للتالف واختلف الائمة فيه فساعده بعضهم وخالفه الجمهور على انقسامهم إلى مغلط ومؤول وقالوا لا يغرم مع رده الا الخمسة الناقصة بالاستعمال ولا عبرة بالزيادة الحاصلة بعد التلف ألا ترى أنه لو تلف الثوب كله ثم زادت القيمة لم يغرم تلك الزيادة قال الامام والصفات كالاجزاء في ذلك كله حتى لو غصب عبدا صانعا قيمة مائة فنسى الصنعة وعادت قيمته إلى الخمسين ثم أرتفع السوق فبلغت قيمته ناسيا مائة وقيمة مثله إذا أحسن تلك الصنعة مائتين لا يغرم مع رده الا خمسين واعلن أن الجواب في صور ابلاء كلها مبنى على أن أجرة مثل المغصوب لازمه مع أرش النقصان الحاصل بالاستعمال وهو الاصح وقد مر وجه آخر أنه لا يجمع بينهما فعلى ذلك الوجه الجواب لزوم أكثر الامرين من المقادير المذكورة أو أجرة المثل

(11/293)


ولو أختلف المالك والغاصب في قيمة الثوب الذى أبلاه أنها متى زادت فقال المالك زادت قبل الابلاء فاغرم التالف بقسطه منها وقال الغاصب بل زادت بعده قال ابن سريج المصدق الغاصب لانه غارم كما لو تلف كله واختلفا في أن القيمة قبل التلف أو لعده (وأما) القسم الثالث وهو ان يكون النقصان
في شئ من الاجزاء والصفات بعدها فيوضحه المسائل الآتية على الاثر.
قال (ولو مزق الثوب خرقا لم يملكه (ح) بل يرد الخرق وأرش النقص.
وأن كانت الجناية لا تقف سرايتها إلى الهلاك كما لو بل الحنطة حتى تعفنت.
أو اتخذ منها هريسة.
أو من التمر والسمن حلواء فنص الشافعي رحمة الله عليه أن المالك بالخيار بين أن يأخذ المعيب وأرش النقص) .
أو يطالب بمثل أصل المال فان مصيره إلى الهلاك في حق من لا يرده فكأنه هالك.
وفيه قول مخرج وهو القياس أنه ليس له ألا ما بقى من ملكه وأرش النقص) .
النقصان الحاصل في المغصوب نوعان (أحدهما) مالا سراية له فعلى الغاصب ارشه ورد الباقي لافرق في ذلك بين أن يكون الارش قدر القيمة كما في قطع يدى العبد أو دونها ولا بين أن يفوت معظم منافعه أولا يفوت ولابين أن يبطل بالجناية عليه الاسم الاول وأن يبطل قال أبو حنيفة

(11/294)


إذا كان الواجب قدر القيمة أو فوت الغاصب معظم منافعه بجنايته كما لو مزق الثوب المغصوب خرقا أو شقه طولا أو كسر قوائم الدابة أو بعضها لم يكن للمالك أن يغرمه شيئا الا أن يترك المغصوب إليه وكذا لو ذبح الشاة أو صبغ الثوب بما لا يقبل بعده لونا آخر وهو السواد قال فإذا تصرف فيه بما أبطل الاسم الاول ملك وغرم قيمته ولا سبيل للمالك إلى أخذه منه وهذا كما إذا أخذه غصب حنطة فطحنها أو دقيقا فخبزة أو شاة فذبحها وشواها أو صفرا واتخذه آنية أو ثوبا فخاط منه قميصا وساعدنا في قطع أذن الدابة واحدى يدى العبد وما أشبهها أنه يأخذ الباقي ويغرمه الارش واحتج الشافعي رضى الله عنه فقال جناية قطع اليدين فوق جناية جناية قطع احداهما فإذا لم يستفد بالغرامة في أدنى الجنايتين ملكا وجب أن لا يستفيد في أعلا الجناتين بطريق اولى وعبارة الاصحاب أنه جنى على ملك الغير فلا يتوقف تغريمه على تمليكه كما لو قطع احدى اليدين ولو أراد المالك ترك الناقص عند الغاصب وتغريمه بدله لم يكن له ذلك فانه عين ملكه ونقل صاحب المهذب وغيره وجها أنه إذا طحن الطعام المغصوب للمالك ترك الدقيق ومطالبته بالمثل لانه أقرب إلى حقه من الدقيق (والنوع الثاني) ماله سراية لا تزال تزداد إلى الهلاك الكلى كما لو بل الحنطة وتمكن منها العفن السارى أو اتخذ من الحنطة

(11/295)


المغصوبة هريسة أو غصب سمنا وتمرا ودقيقا واتخذ منها عصيرة نقل العراقيون عن نصه في الام انه يجعل كالهلاك ويغرم بدل كل مغصوب من مثل أو دقيمة وقولا آخر عن رواية الربيع أنه يرده مع ارش النقصان ثم قالوا فيه طريقان للاصحاب (أحدهما) اثبات القولين وجه الثاني القياس على النوع الاول من النقصان ووجه الاول أنه مشرف على التلف والهلاك ولو ترك بحاله لفسد فكأنه هالك (والطريق الثاني) القطع بالقول الاول وجعله كالهالك أظهر عندهم سواء أثبت القولين أم لا وأما الامام وصاحب التهذيب فانهما رويا في المسألة قولين (أرجحهما) أنه يرده مع ارش النقصان وليس للمالك الا ذلك (والثانى) انه يتخير المالك بينه وبين أن يغرمه بدل ماله من مثل أو قيمة ويجعل كالهالك لان ارش النقص السارى لا يكاد ينضبط فله أن يكفى نفسه مؤنه الاطلاع عليه وايضا فانه إذا لم يرده وتركه بحاله أيهلك بخلاف ما إذا طحن الحنطة فانه يرد الدقيق فلو ترك بحاله لا يهلك ونسب الامام التخير هكذا إلى نص الشافعي رضى الله عنه وبه أجاب طائفة منهم الشيخ أبو محمد والمسعودي هو كالمتوسط بين ما اختاره العراقيون وبين ما اختاره الامام وصاحب التهذيب وذكر البندنيجى قولا آخر عن رواية أبي اسحق في الشرح أنه يتخير الغاصب بين أن يسكنه ويغرمه وبين أن يرده مع ارش النقصان

(11/296)


ويخرج المختصر من هذه الروايات أربعة أقوال (تغريمه) كما هلك (رده) وارش النقصان (تخيير) الغاصب وإذا قلنا بالاول فقد أورد أبو سعيد المتولي وجهين في أن الحنطة المبلولة لمن تكون (أحدهما) تبقى للمالك كيلا يكون العدوان قاطعا حقه كما لو نجس زيته وقلنا انه لا يطهر بالغسل فان كونه للمالك أولى به (والثانى) ان يكون للغاصب لانا ألحقناه بالهلاك في حق المالك ولو هلك لم يكن للمالك غير ما أخذه ضمانا وكذلك ههنا وإذا حكمنا بتغريمه الارش مع الرد فانه يغرم ارش عيب سار وهو أكثر من ارش الفائت ثم قال الشيخ المتولي ان رأى الحاكم أن يسلم الجميع إليه فعل وان رأى سلم ارش النقص المتحقق في الحال إليه ووقف الزيادة إلى أن تتقين نهايته وفى هذا توقف لان المعقول من ارش العيب السارى ارش العيب الذى شأنه السراية وانه حاصل في الحال أما المتولد منه فيجب قطع النظر عنه
إذ الكلام في النقصان الذى لا تقف سرايته إلى الهلاك فلو نظرنا إلى المتولد معه لانجز ذلك إلى ان يكون ارش العيب السارى تمام قيمته وهو عود إلى القول الاول وقد بين في شرح المفتاح الشيخ أبو حامد السلمى ذلك فانه قال في التعبير عن قول التخيير ان شاء المالك ضمنه ما نقص إلى الآن ثم لا شئ له من زيادة فساد تحصل من بعد وان شاء تركه إليه وطالبه بجميع البدل.
ومن صور النوع الثاني ما إذا صب الماء في الزيت وتعذر تخليصه منه فاشرف على الفساد وعن الشيخ أبى محمد تردد في مرض العبد المغصوب إذا كان ساريا عسر العلاج كالسل والاستسقاء ولم يرتضه الامام لان المرض المئيوس منه قد يبرأ والعفن المفروض في الحنطة يفضى إلى الفساد لا محالة (وقوله) في الكتاب وفيه قول مخرج لم أجد غيره يصغه بكونه مخرجا وقد ذركنا انهم نقلوه عن رواية الربيع ولا حاجة مع النقل إلى التخريج نعم ربما لا يبلغ النقل المخرج فيقع الحافر على الحافر.
قال (ولو جني العبد المغصوب جناية قتل بها قصاصا ضمن الغاصب للمالك أقصى قيمته إذ حصل الفوات تحت يده.
وان تعلق الارش برقبته ضمن الغاصب للمجني عليه كما يضمن المالك إذا منع البيع وكأن الغاصب مانع.
فان تلف العبد في يده ضمن للمجني عليه الارش وللمالك القيمة.
وان سلم القيمة إلى المالك فللمجني عليه التعلق به لانه بدل عبد تعلق به ارشه.
فإذا أخذه المجني عليه رجع المالك على الغاصب بما اخذه لانه لم يسلم له) .

(11/297)


مقصود الفصل الكلام في جناية العبد المغصوب وسبب ذكره في هذا الموضع ان الجناية احد انواع النقصان ونحن نذكره ونضم إليه حكم الجناية عليه اما جنايته فينظر ان جنى بما يوجب القصاص واقتص منه في يد الغاصب أقصى قيمه من يوم الغصب إلى الاقتصاص وان جني بما يوجب القصاص في الطرف واقتص منه في يده غرم بدله كما لو سقط بآفه ولو اقتص منه بعد الرد إلى السيد غرم الغاصب أيضا لان سبب الفوات حصل في يده وكذا الحكم لو ارتد أو سرق في يد الغاصب ثم قتل أو قطع بعد الرد إلى المالك ولو غصب مرتدا أو سارقا فقتل أو قطع في يد الغاصب هل يضمنه الغاصب في النهاية أنه على الوجهين في أنه إذا اشترى مرتدا أو سارقا فقتل أو قطع في يد المشترى
فمن ضمان من يكون القطع والقتل ولو جني المغصوب على نفس أو مال جناية توجب المال متعلقا برقبته فعلى الغاصب تخليصه بالفداء قال الامام وبم يفديه بارش الجناية بالغا ما بلغ أم بأقل الامرين من الارش ومن قيمة العبد فيه قولان كما إذا أراد المالك تخليص العبد الجاني وفداه قال وهذا لان وجوب بذل الارش بتمامه في حق المالك ووجهه أنه امتنع من البيع ولو رغب فيه ربما وقع الظفر بمن يشتريه بمقدار الارش ومثل هذا موجود في حق الغاصب لانه بالغصب مانع ملكه من بيعه وينزل ذلك منزلة المالك المانع ويترتب عليه تضمينه المجني عليه وهذا ما أشار إليه صاحب الكتاب بقوله كما يضمن المالك إذا منع البيع وكان الغاصب مانعا ولك أن تقول لو كان يضمنه للمنع من البيع لسقط الضمان إذا رده إلى المالك لارتفاع الحيلولة ولا يسقط بل لو بيع في الجناية بعد الرد إلى المالك غرمه الغاصب أيضا كما سيأتي ولم يوجه العراقيون تضمينه بذلك وانما وجهوه بان جناية العبد لنقص دخله فكان كسائر وجوه النقصان وسواء جرى الوجهان كما ذكره الامام أولا فالظاهر انه لا يجب على الغاصب تحصليه إلا باقل الامرين وهو المذكور في التتمة فإذا ثبت أن الجاني والجناية مضمونان على الغاصب فلا يخلوا إما ان يتلف العبد في يد الغاصب أو يرده ان تلف في يده فللمالك تغريمه أقصى القيم فإذا أخذها فللمجني عليه إن لم يغرم الغاصب له بعد أن يغرم الغاصب وله أن يتعلق بالقيمة التى أخذها المالك لان حقه كان متعلقا بالرقبة فيتعلق ببدلها كما أن العين المرهونة إذا أتلفها متلف يتوثق المرتهن ببدلها وحكى الشيخ أبو على وجها أن القيمة المأخوذة تسلم للمالك ولا يطالبه المجني

(11/298)


عليه بها وانما يطالب الغاصب كما أن المجني عليه لو أخذ الارش لم يكن للمالك التعلق به فهما كرجلين لكل واحد منهما دين على ثالث والصحيح الاول وإذا أخذ المجني عليه حقه من تلك القيمة يرجع المالك بما أخذه على الغاصب لانه لم يسلم له بل أخذ منه بجناية مضمونة على الغاصب ثم الذى ياخذه المجني عليه قد يكون كل القيمة بان كان الارش مثل القيمة وقد يكون بعضها بان كانت القيمة الفا والارش خمسمائة فلا ياخذ الا خمسمائة ولا يرجع المالك الا بخمسمائة لان الباقي قد سلم له وكذا لو كان العبد يساوى الفا فرجع بانخفاض السوق إلى خمسمائة ثم جنى ومات عند الغاصب فغرمه الملك الالف لم يكن للمجني عليه الا خمسمائة وان كان ارش الجناية الفا
لانه ليس له عليه الا قدر قيمة الجناية وان رد العبد إلى المالك نظر ان رده بعد ما غرم المجني عليه فذلك وان رد قبله فبيع في الجناية رجع المالك على الغاصب بما أخذه منه لان الجناية حصلت حين كان العبد مضمونا عليه ويخالف ما إذا جنى في يد المالك ثم غصبه فرده ثم بيع في تلك الجناية حيث لا يرجع المالك بشئ لان الجناية حصلت وهو غير مضمون عليه وفرع ابن الحداد على ذلك فقال إذا جني في يد المالك جناية تستغرق قيمته ثم غصب وجني في يد الغاصب جناية أخرى مستغرقة ثم رده إلى المالك ثم بيع في الجنايتين وقسم الثمن بينهما نصفين يرجع الملك على الغاصب بنصف قيمة العبد لان احدى الجنايتين وجدت والعبد في ضمانه فإذا أخذه كان للمجني عليه الاول التعلق به ولا حق للمجني عليه الثاني ووجه الشيخان أبو على وأبو محمد بان سبب وجوب هذا النصف انما هو الغصب فانه بالغصب ضمن ما يجنى المغصوب والغصب مقدم على الجناية الثانية فلا يأخذ المجني عليه الثاني بما يوجب به شيئا كما لو جنى عبده على رجل ثم قطعت يده ثم جنى على آخر ثم قتل أو مات من سراية القطع فان ارش اليد لا يأخذ منه المجني عليه الثاني شيئا لوجوبه بالقطع المتقدم على الجناية عليه ثم إذا أخذ المجني عليه الاول لم يرجع المالك على الغاصب لانه أخذه بسبب جناية غير مضمونة على الغاصب ولو كان الفرع بحاله وتلف العبد بعد الجنايتين في يد الغاصب فله طلب القيمة من الغاصب وللمجنى عليه أخذها فإذا أخذها فللمالك الرجوع بنصفها على الغاصب لانه أخذ منه النصف بجناية مضمونة على الغاصب فإذا رجع فللمجنى عليه الاول أخذه لانه بدل ما تعلق به حقه قبل الجناية الثانية وإذا أخذه لم يكن له الرجوع على الغاصب مرة أخرى لانه مأخوذ بجناية غير

(11/299)


مضمونة على الغاصب هذا الظاهر المذهب في الحالتين وقيل إذا رد العبد وبيع في الحالتين فالنصف الاول يرجع به المالك سلم له ولا يؤخذ منه وانما يطالب المجني عليه الاول الغاصب بنصف القيمة وإذا ثبت في يد الغاصب بعد الجنايتين لا يأخذ المالك شيئا والمجني على الاول يطالب بتمام القيمة والمجني عليه الثاني يطالبه بنصف القيمة ولو جنى العبد المغصوب في يد الغاصب أولا ثم رده إلى المالك فجنى في يده جناية أخرى وكل واحد منهما مستغرق القيمة فبيع فيهما وقسم الثمن بينهما فللمالك الرجوع
على الغاصب بنصف القيمة للجناية التى هي مضمونة عليه فإذا أخذه قال الشيخ أبو على سمعت الشيخ القفال مرة يقول ليس لواحد من المجني عليهما أخذه (أما) الثاني فلان الجناية عليه مسبوقة بجناية مستغرقة وحق الثاني لم يثبت إلا في نصف القيمة وقد أخذ (وأما) الاول فلان حق السيد في القيمة ثبت بنفس الغصب وهو مقدم على حق المجني عليه فما لم يصل حقه إليه لا يدفع إلى غيره شيئا وقال وليس هذا بشئ بل للمجني عليه الاول أخذه كما في المسألة السابقة ولاعبرة بثبوت حق السيد في القيمة فان حق السيد وان كان متقدما فيتقدم عليه حق المجني عليه كما في نفس الرقبة قال وقد ناظرت القفال فرجع إلى قوله وعلى هذا فإذا أخذه المجني عليه الاول رجع به المالك على الغاصب مرة أخرى ويسلم له المأخوذ ثانيا لان الاول قد أخذ تمام القيمة والثانى لم يتعلق حقه الا بالنصف وقد أخذه ولو جني في يد الغاصب ثم في يد المالك كما صورنا ثم قتله الغاصب أو غصبه ثانيا فمات عنده أخذت القيمة منه بين المجني عليهما ثم للمالك أن يأخذ منه نصف القيمة لانه أخذ منه بسبب جناية مضمونة عليه فإذا أخذه كان للمجني عليه الاول أن يأخذه منه ثم له أن يرجع على الغاصب مرة أخرى ويسلم له المأخوذ في هذه المرة وقد غرم الغاصب والصورة هذه القيمة مرتين مرة بجناية العبد في يده ومرة بالقتل وعلى قياس الوجه الذى سبق يأخذ المجني عليه الاول تمام القيمة من الغاصب والثانى نصف القيمة وللمالك نصف القيمة ولا تراجع.
هذا هو القول في جناية العبد المغصوب (وأما) الجناية عليه فان قتل نظر ان وجب القصاص بأن كان القاتل عبدا والقتل عمدا فللمالك القصاص فإذا اقتص برئ الغاصب لانه أخذ بدل عبده ولا نظر مع القصاص إلى تفاوت القيمة كما لانظر في الاحرار إلى تفاوت الدية فان لم يجب القصاص بأن كان الجاني حرا فعليه بالجناية قيمة يوم القتل سواء قتله

(11/300)


الغاصب أو أجنبي والمالك بالخيار بين أن يطالب به الغاصب أو الجاني لكن القرار على الجاني ثم ان كانت قيمته قبل يوم القتل أكثر ونقصت في يد الغاصب فعليه ما نقص بحكم اليد وان كان الجاني عبدا فان سلمه سيده وبيع في الجنايه نظران كان الثمن مثل قيمة المغصوب أخذه ولا شئ له على الغاصب إلا إذا كانت القيمة قد نقصت عنه قبل القتل وان كان الثمن أقل أخذ الباقي من الغاصب فان اختاره سيده فداه (ان قلنا)
يفديه بالارش أخذه ولا شئ له على الغاصب الاعلى التقدير المذكور (وان قلنا) يفدي بالاقل من أرش الجناية وقيمة الجاني فان كانت قيمة المغصوب أكثر من قيمة الجاني فالباقي على الغاصب إن كانت اقل أو مثلها أخذها المالك ولا شئ له على الغاصب إلا على التقدير المذكور ولو اختار المالك تغريم الغاصب الفداء فله ذلك وياخذ منه جميع قيمة المغصوب ثم يرجع الغاصب على سيد العبد الجاني بما غرم الا مالا يطالب به الا الغاصب هذا أذا كانت الجناية قتلا (أما) الجراحات فاما أن يكون لها أرش مقدر في حق الحر أولا يكون لها أرش مقدر فالواجب في القسمين ما بينا من قبل فإذا كان الواجب ما نقص من قيمته بالجناية كان المرعى حالة الاندمان فان لم يكن حينئذ نقصان لم يطالب بشئ وإذا كان الواجب مقدرا من القيمة كالمقدر من الدية فيؤخذ في الحال أم يؤخر إلى الاندمال فيه قولان كما لو كانت الجناية على الحر وسأتي ذلك في موضعه وإذا كان الجاني غير الغاصب وغرمناه القدر من القيمة وكان النقص أقصر من ذلك المقدر فعلى الغاصب ما زاد على المقدر فان كان المقدر أكثر مما نقص من القيمة فهل يطالب الغاصب بالزيادة على ما نقص من القيمة ذكرنا فيما إذا سقطت يده بآفة أن الاصح أنه لا يطالب وههنا الظاهر أنه يطالب والقرار على الجاني وترددوا فيما إذا قطعت يده قصاصا أوحدا لانه يشبه السقوط بآفة من حيث انه تلف بلا بدل ويشبه الجناية من حيث حصوله بالاختيار فان اجتمعت جناية المغصوب والجناية عليه كما إذا قتل العبد المغصوب إنسانا ثم قتله في يد الغاصب إنسان فللمغصوب منه أن يقتص ويسقط به الضمان عن الغاصب ويبطل حق ورثة من قتله المغصوب لان العبد الجاني إذا هلك ولم يحصل له عوض يضيع حق المجني عليه نعم لو كان المغصوب قد نقص عند الغاصب بعروض عيب بعد ما جني فلا يبرأ الغاصب من أرش ذلك النقصان ولولى من قتله التمسك به وان عرض عيب قبل جنايته فاز المغصوب منه بالارش لان الجزء *

(11/301)


المقابل للارش كان مقصودا عند الجناية ولو لم يقتص المغصوب منه بل عفي على المال أو كانت الجناية موجبة للمال فحكم تغريمه وأخذه المال على ما مر في الجناية عليه من غير جناية منه ثم إذا أخذ المال كان لورثة من جني عليه عبده التعلق به لانه بدل الجاني على مورثهم فإذا أخذوه رجع المغصوب منه على
الغاصب مرة أخرى لانه أخذ منه بسبب جناية مضمونة عليه ويسلم له المأخوذ ثانيا على ما مر نظيره.
قال (وإذا نقل الغاصب التراب من أرض المالك فعليه رد التراب بعينه أو رد مثله أو الارش لتسوية الحفر والبائع إذا قلع أحجاره يكفيه تسوية الحفر ولا يلزمه الارش.
وقيل في المسألتين قولان بالنقل والتخريج.
والاكتفاء بالتسوية في الموضعين أولى فانه لا يتفاوت بخلاف بناء الجدار بعد هدمه وليس للغاصب أن ينقل التراب إلى ملكه الا باذنه.
فان منعه لم يكن له ذلك الا إذا تضرر الغاصب به لتضييقه ملكه أو لوقوعه في شارع يحذر من التعثر به ضمانا.
ولو حفر بئرا في داره فله طمها وان أباه المالك ليخرج عن عهدة ضمان التردي فان أبرأه المالك فالاظهر أن رضاه الطارئ كالرضا المقرون بالحفر حتى يسقط الضمان به فلا يجوز له الطم بعد رضاه) .
نقل التراب من الارض المغصوبة تارة يكون من غير احداث حفرة فيها كما إذا كشط عن وجهها وتارة يكون باحداث حفرة فيها كما إذا حفر بئرا أو شق نهرا (الحالة الاولى) إذا كشط وجه الارض ونقل التراب فللمالك اجباره على رده ان كان باقيا وان تلف وانمحق بهبوب الرياح والسيول الجارية رد مثله إليه وعليه اعادة وضعه وهيئته كما كانت من انبساط أو ارتفاع وان لم يطالبه المالك بالرد نظر ان كان له فيه غرض بأن دخل الارض نقص وكان ذلك النقص يرتفع بالرد ويتوقع منه الارش أو كان نقل التراب إلى ملكه وأراد تفريغه أو إلى ملك غيره أو شارع يحدث من التعثر به الضمان فله الاستقلال بالرد وان لم يكن شئ من ذلك بل نقله إلى موات أو من أحد طرفي الارض المغصوبة إلى الآخر فان منعه المالك من الرد لم يرده وان لم يمنعه فهل يفتقر الرد إلى اذن المالك حكي في التتمة فيه وجهين بناء على الوجهين في أنه إذا منعه فخالف فرد فهل يفتقر الرد للمالك مطالبته بالنقل ثانيا إلى الارض (إن قلنا) لارد من غير اذن المالك (وان قلنا) نعم افتقر إلى اذنه وهو المذكور في الكتاب وهو الاظهر وإذا كان له غرض في الرد فرده إلى الارض فمنعه المالك من بسطه لم يبسط وان كان في

(11/302)


الاصل مبسوطا (الحالة الثانية) إذا حفر في الارض المغصوبة بئرا فأمره المالك بطمها لزمه الطم وان لم يأمره المالك كان له أن يستقل بالطم ليدفع عن نفسه خطر الضمان لو تردى فيها مترد وأيضا فقد يكون
في الطم بعض الاغراض المذكورة في الحالة الاولى وقال المزني لايطم الا باذن المالك فان منعه المالك وقال رضيت باستدامة البئر فان كان للغاصب غرض في الطم سوى دفع ضمان التردي فله الطم وان لم يكن له غرض سواه فوجهان (أحدهما) له الطم أيضا لان الاذن الطارئ لا يرفع حكم الحفر المتقدم (وأظهرهما) ويحكي عن أبي حنيفة المنع ويندفع عنه الضمان لخروجه عن أن يكون جناية وتعديا ولو لم يقل رضيت باستدامتها واقتصر على المنع من الطم ففي التتمة أنه كما لو صرح بالرضي لتضمنه إياه وقال الامام لا يتضمنه ولو كان الغاصب قد طم البئر بآلة نفسه فله نقلها وللمالك اجباره عليه فان تركها ووهبها منه لم يلزمه القبول على أظهر الوجهين وحيث قلنا في الحالتين أنه يرد التراب إلى الارض المغصوبة لوقوعه في ملكه أو في شارع فذاك إذا لم يتيسر نقله إلى موات ونحوه في طريق الرد فان تيسر لم يرده الا بالاذن قاله في النهاية وذكر أنه يستقل بطم البئر إذا بقى التراب الاول بعينه (أما) إذا تلف ففى الطم بتراب آخر دون أذن المالك وجهان وينبغي أن يجري هذا الخلاف في الحالة الاولى وفيما إذا طلب المالك الرد والطم عند تلف ذلك التراب والظاهر فيها جميعا أنه لافرق بين ذلك التراب وغيره أما إذا أعاد هيئة الارض في الحالتين إلى ما كانت عليه اما بطلب المالك أو دونه نظر ان لم يتفق في الارض نقص فلا ارش عليه ولكن عليه أجرة المثل لمدة الحفر والرد وان بقى فيها نقص وجب عليه الارش مع الاجرة هذا ما به الفتوى في مسألة الفصل من اولها إلى هذا الموضع ووراءه تصرف الاصحاب قالوا النص فيما نحن فيه ان يجب ارش النقص الحاصل بالحفر ولم يوجب التسوية لانه نص على ذلك فيما إذا غرس الارض المغصوبة ثم قلع بطلب المالك وإذا باع أرضا فيها أحجار مدفونة فقلعها ونقلها نص أنه يلزمه تسوية الارض واختلفوا فيها على طريقين (أحدهما) أن في الصورتين قولين بالنقل والتخريج (أحدهما) أن الواجب في الموضعين ارش

(11/303)


النقصان لان الزام التسوية تقابل فعل بمثله فصار كما إذا هدم جدار الغير لا يكلف باعادة (والثاني) أن الواجب التسوية لتعود الارض إلى ما كانت ومهما أمكن التضمين بالمثل لا يصار إلى التضمين بالقيمة ويفارق هدم الجدار كما تقدم في البيع (والطريق الثاني) تقرير النصين وفرقوا بان الغاصب
متعد فغلظ عليه الامر بايجاب الارش لكن لامتانة لهذا الفرق لان مؤنة التسوية قد تزيد على أرش النقصان الحاصل بالحفر فلا يظهر زيادة تغليظ بايجاب الارش وأيضا فانا إذا أوجبنا التسوية وبقى بعد التسوية نقصان من الارش يجب ارشه نص عليه الائمة ولا يدمنه والا كان الضمان دون الفائت وإذا أوجبنا ارش النقصان الباقي بعد التسوية مع التسوية لم يكن فيه تخفيف والله أعلم.
وإذا نظرت في لفظ الكتاب أفهمك ظاهره انصراف الطريقين إلى شئ آخر وهو أن الواجب مجرد التسوية أم يجب مع التسوية ارش النقص الباقي لانه قال فعليه رد التراب والارش وأيضا قال يكفيه تسوية الحفر ولا يلزمه الارش وايضا قال والاكتفاء بالتسوية في الموضعين اولى لكن الاعتماد على ما نقلناه وان كان المراد ما اشعر به ظاهره كما انتظم الوجه بقوله فانه لا يتفاوت بخلاف بناء الجدار بعد هدمه لان هذا المعنى لا يقتضى القناعة بالتسوية والاضراب عن ارش النقصان الباقي بعدها وانما هو توجيه القول الصائر إلى وجوب التسوية والفرق بين اعادة الجدار بعد هدمه وبين التسوية إلى المغصوب منه لا الى الارش ويكون معنى قوله والارش لتسوية الحفر وقوله يكفيه تسوية الحفر ولا يلزمه الارش يؤمر بالتسوية ولا يكلف الارش أو ما أشبه ذلك ويجوز أن يعلم بالواو وقوله في الكتاب وتسوية الحفر في مسألة بيع الارض التي فيها حجارة مدفونة من كتاب البيع كما عرفته ههنا وكنا قد أحلنا شيئا من الكلام فيه إلى هذا الموضع واعلم أن توجيه هذا الخلاف الذي شرحناه يقتضى طرده في طم البئر لكنهم سكتوا عنه وقوله وليس له أن ينقل التراب إلى ملكه يجوز اعلامه بالواو ولما سبق وقوله وله طمه وان أباه

(11/304)


المالك أي لم يرده ولم يأذن فيه أما إذا صرح بالمنع مع الرضى باستدامة البئر فهو على الوجهين اللذين ذكرهما عقبه وليعلم قوله وان أباه بالزاى وقوله فان أبرأه المالك أي عن ضمان التردي وهذا اللفظ قد استعمله كثير من الاصحاب قال الامام وليس المراد منه حقيقة الابراء فان الضمان حق عساه يثبت للمتردي فكيف يبرئ عن حق الغير قبل ثبوته وانما المراد الرضا بابقاء البئر كما قد مناه.
قال (وإذا خصى العبد فعليه كما قيمته.
قان سقط ذلك العضو بآفة سماوية فلا شئ (و) عليه لانه به تزيد قيمته.
وكذلك إذا نقص السمن المفرط ولم ينقص من القيمة)
إذا خصى العبد المغصوب فهو على القولين السابقين في أن جراح العبد هل تتقدر (ان قلنا) بالجديد وهو أنه تتقدر لزمه كمال القيمة (وان قلنا) لاتتقدر فالواجب ما نقص من القيمة فان لم ينقص شئ فلا شئ عليه ولو سقط ذلك العضو بآفة سماوية وزادت قيمته ورده فلا شئ عليه على القولين نعم قياس الوجه الذي قدمناه في أنه يضمن بالتلف تحت اليد العادية كما يضمن بالجناية أن يجب كمال القيمة فلو كان بالجارية سمن مفرط فزال ورجع إلى حد الاعتدال ولم تنقص قيمتها لم يلزمه شئ لان السمن ليس له بدل مقد بخلاف الانثيين ويجوز أن يعلم لما ذكرناه قوله فعليه كمال قيمته بالواو وكذا قوله فلا شئ عليه.

(11/305)


قال (ولو عاد الزيت بالاغلاء إلى نصفه ضمن مثل نصفه وان لم تنقص القيمة لان له مثلا.
وكذا في اغلاء العصير.
وقال ابن سريج لا يضمن في العصير لان الذاهب مائية غير متمولة بخلاف الزيت) .
إذا غصب زيتا أو دهنا فاغلاه فاما أن تنقص عينه أو قيمته أو كليهما أولا ينقص واحد منهما فان نقصت عينه دون قيمته كما إذا غصب صاعين قيمتهما درهمين فعادا بالاغلاء إلى صاع قيمته درهمان ففيه وجهان (أحدهما) ويروى عن صاحب التلخيص أنه يرده ولا غرم عليه لان ما فيه من الزيادة والنقصان استند إلى سبب واحد فيجبر النقصان بالزيادة (وأصحهما) وهو المذكور في الكتاب أنه يرده ويغرم مثل الصاع الذاهب لان للزيت بدلا مقدرا وهو المثل فصار كما لو جني وخصى العبد والزيادة الحاصلة أثر محض لاينجبر به النقصان كما لا يستحق به الغاصب شيئا إذا لم يكن نقصان.
وان نقصت قيمته دون عينه رده مع ارش النقصان.
وان انتقصا جميعا فالواجب عليه مع رد الباقي مثل ما ذهب بالاغلاء إلا إذا كان ما نقص من القيمة أكثر مما نقص من العين فيلزمه مع مثل الذاهب أرش نقصان الباقي وان لم ينقص واحد منهما رده ولا شئ عليه * ولو غصب عصيرا وأغلاه فهل هو كالزيت حتى يضمن مثل الذاهب إذا لم تنقص القيمة فيه وجهان (أحدهما) نعم وبه قال أبو على الطبري لانه مضمون بالغلى كالزيت (والثاني) لا وبه قال ابن سريج والفرق أن حلاوة العصير باقية والذاهب

(11/306)


مائية ورطوبة لاقيمة لها والذاهب من الزيت زيت متقوم وهذا أصح مما ذكره الشيخ أبو حامد والقاضى الروياني ومن قال به قطع بانه لا يضمن مثل العصير الذاهب وايراد صاحب الكتاب يقتضي ترجيح الوجه الاول وربما يقول من رجحه الذاهب من الزيت المائية أيضا الا أن مائيته أقل وعلى هذا أن يعود الوجهان المذكوران في أنه هل يضمن مثل الزيت الذاهب إذا لم تنتقص القيمة والخلاف المذكور فيما إذا أغلى العصير يجرى فيما إذا صار خلا وانتقص عينه دون قيمته وكذا وإذا صار الرطب تمرا.
قال (ولو هزلت الجارية ثم سمنت.
أو نسي الصنعة ثم تذكر.
أو أبطل صنعة الاناء ثم أعاد مثله ففي حصول الجبر وجهان.
ولو أعاد صنعة أخرى فلا ينجبر أصلا) .
نقصان المغصوب هل ينجبر بالكمال بعده ينظر ان كان الكمال من الوجه الذي حصل فيه النقصان كما لو هزلت الجارية ثم سمنت وعادت كما كانت ففيه وجهان (أحدهما) ينجبر ويسقط الغرم كما لو أبق العبد فعاد وكما لو جني على عين فابيضت ثم زال البياض (واظهرهما) المنع لان السمن الثاني غير الاول ويروى هذا عن الاصطخري والاول عن ابن أبي هريرة والوجهان عند القاضي أبي الطيب مبنيان على الخلاف فيما إذا قلع سن كبير وعاد وضعفه صاحب التتمة لان عود سن الكبير نادر وعود السمن ليس بنادر فهو بعود سن الصغير أشبه وأجري الوجهان فيما إذا كان العبد المغصوب

(11/307)


صانعا فنسى الصنعة ثم تذكرها أو تعلمها ومنهم من قطع ههنا بالانجبار لان السمن الثاني زيادة في الجسم محسوسة مغايرة لما كان وتذكر الصنعة لا يعد في العرف شيئا متجددا والظاهر ههنا الانجبار سواء ثبت الخلاف أم لا ومنهم من قطع في السمن بعدم الانجبار وخص الخلاف بالصورة الثانية وحكاه في التهذيب عن صاحب التلخيص وإذا قلنا بالانجبار فلو لم تبلق القيمة بالعائد إلى القيمة الاولى ضمن ما بقى من النقصان وانجبر ما وراءه بما عاد ويجرى الخلاف فيما إذا كسر الحلى والاناء المغصوبين ثم أعاد تلك الصنعة ويجوز أن يعلم قوله في الكتاب وجهان بالواو للطريقة القاطعة بعدم
الانجبار بعود السمن وبالانجبار في تذكر الصنعة وان كان الكمال من وجه آخر بان نسى صنعة وتعلم أخرى أو أبطل صنعة الاناء وأحدث صنعة أخرى فلا انجبار بحال وعلى هذا لو تكرر النقصان وكان الناقص كل مرة مغاير للنوع الناقص في المرة الاخرى ضمن الكل حتى لو غصب جارية قيمتها مائة فسمنت وبلغت القيمة الفا وتعلمت صنعة فلبغت القيمة الفين ثم هزلت ونسيت الصنعة فعادت قيمتها إلى مائة يردها ويغرم الفا وتسعمائة ولو علم العبد المغصوب سورة من القرآن أو حرفة فنسيها ثم علمه حرفة أو سورة أخرى فنسيها أيضا ضمنها وان لم تكن مغايرة كما إذا علمه سورة واحدة أو حرفة واحدة مرارا وهو ينساها في كل مرة (فان قلنا) لا يحصل الانجبار بالعائد ضمن النقصان كل مرة (وان قلنا) يحصل ضمن أكثر المرات نقصانا.

(11/308)


(فرع) لو زادت قيمة الجارية بتعلم الغناء ثم نسيته نقل القاضي الروياني عن النص انه لا يضمن النقصان لانه غير محترم والمضمون الزيادة المحترمة وعن بعض الاصحاب أنه يغرمه ولهذا لو قتل عبدا مغنيا يغرم قيمته قال وهو الاختيار.
(فرع) مرض العبد المغصوب ثم برئ وزال أثر المرض لا شئ عليه مع رده وفيه وجه بعيد أنه يضمن النقص الحاصل بالمرض ولا يسقط عنه بالبرء وكذا الحكم فيما لو رده مريضا ثم برئ وزال الاثر.
(فرع) غصب شجرة فتحاث ورقها ثم أو رقت أو شاة فجز صوفها ثم نبت غرم الاول ولا ينجبر بالثاني بخلاف مالو سقط من الجارية المغصوبة ثم نبت أو انمعط شعرها ثم نبت يحصل الانجبار قاله في التهذيب لان الورق والصوف متقومان فيغرمهما وسن الجارية وشعرها غير متقومين وانما يغرم أرش النقص الحاصل بفقدانها وقد زال.
قال (ولو غصب عصيرا فصار خمرا ضمن مثل العصير لفوات المالية.
ولو صار خلافا لاصح أنه يرد مع أرش النقصان إن كان الحل أنقص قيمة.
وقيل يغرم مثل العصير ويرد الخل وهو رزق جديد كالسمن العائد.
وكذا الخلاف في البيض إذا تفرخ.
والبذر إذا زرع.
والاصح الاكتفاء
به فانه استحالة إلى زيادة.
ولو غصب خمرا فتخلل في يده.
أو جلد ميتة فدبغه فالاصح أن الخل (ح) والجلد للمغصوب منه.
وقيل بل للغاصب فانه حصل بفعله مما لامالية للمالك فيه) .

(11/309)


في باقي الفصل مسألتان (احداهما) إذا غصب عصيرا فتخمر عنده كان للمغصوب منه تضمينه مثل ما لعصير لفوات المالية وذكروا أن على الغاصب اراقة الخمر فلو جعلت محترمة كما لو تخمرت في يد المالك من غير قصد التخميرية لكان جائزا ولو تخللت في يد الغاصب فوجهان (أصحهما) أن الخل للمالك وعلى الغاصب أرش النقصان ان كانت قيمة الخل أنقص (والثاني) أنه يغرم مثل العصير لانه بالتخمير كالتالف وعلى هذا ففي الخل وجهان (أحدهما) أنه للغاصب كما لو غصب الخمر فتخللت يكون الخل للغاصب على وجه (وأظهرهما) أنه للمالك لانه فرع ملكه ويجوز أن يكون الخل له ولا يسقط الضمان اللازم قبل التخلل كما في السمن العائد على أحد الوجهين ويجرى هذا الخلاف فيما إذا غصب بيضة فتفرخت عنده أو بذرا فزرعه فنبت أو بزرقز فصار قزا فعلى الاصح الحاصل للمالك ولا يغرم الغاصب شيئا إلا أن يكون الحاصل أنقص قيمة مما عصبه لان المغصوب قد عاد إليه زائدا وعلى الثاني يغرم المغصوب لهلاكه والحاصل للمالك في أظهر الوجهين وللغاصب في الآخر وبه قال أبو حنيفة والمزني ويجوز أن يعلم لما ذكرنا قوله ويرد الخل بالواو (وقوله) والاصح الاكتفاء به بالحاء والزاي لان اكاتفاء المالك مفرع على أنه له وهما لا يجعلان الحاصل له ثم الاكتفاء فيما إذا لم يكن الحاصل نقص وهو الغالب (الثانية) إذا غصب خمرا فتخللت في يده أو جلد ميتة فدبغه فوجهان (أصحهما) أن الخل والجلد للمغصوب منه لانه فرع ملكه فعلى هذا إذا تلف في يده غرمه (والثاني) أنهما للغاصب لحصولهما عنده بما ليس بمال وفي المسألة طريقان آخران (أحدهما) القطع بان الخل للمالك وتخصيص الوجهين بالجلد بأن الجلد صار مالا بفعله والخمر تخللت بنفسها (والثاني) القطع بأن الجلد للمالك وتخصيص الوجهين بالخل لان جلد الميتة يقتنى والخمر التي غصبها لا يجوز اقتناؤها فان كانت الخمر محترمة كانت كجلد الميتة وإذا جمعت الطرق واختصرت قلت هما للمالك أو للغاصب أو الخل للمالك والجلد للغاصب أو بالعكس فيه أربعة أوجه وإذا حكمنا بأنها للمالك وذلك فيما إذا لم يكن المالك معرضا

(11/310)


عن الخمر والجلد (وأما) إذا كان قد أرق الخمر أو القى جلد الشاة الميتة فأخذهما أحد هل للمعرض استرداد الحاصل فيه وجهان لانه أبطل اختصاصه بالابقاء (وقوله) في الكتاب فانه حصل بفعله فيما لامالية للمالك فيه هذا في الجلد ظاهر وفي الخمر كأنه يعني به الحفظ والامساك إلى أن تتخلل.
قال (الثاني في الزيادة فإذا غصب حنطة فطحنها.
أو ثوبا فقصره.
أو خاطه.
أو طينا فضر به لبنا.
أو شاة فذبحها وشواها لم يملك (ح) شيئا من ذلك.
بل يرده على حاله وأرش النقص ان نقص.
وان غصب نقرة فصاغها حليا ردها كذلك.
ولو كسره ضمن الصنعة وان كانت من جهته لانها صارت تابعة للنقرة.
فان أجبره المالك على رده إلى البقرة فله ذلك ولا يضمن أرش الصنعة.
ويضمن ما نقص من قيمة أصل النقرة بالكسر) .
الزيادة في المغصوب تنقسم إلى آثار محضة والى أعيان (أما القسم الاول) فالقول الجملى فيه أن الغاصب لا يستحق بتلك الزيادة شيئا لتعديه ثم ينظران لم يمكن رده إلى الحالة الاولى رده بحاله وأرش النقص وان نقصت قيمته وان أمكن رده إلى الحالة الاولى فان رضى به المالك لم يكن للغاصب رده إلى ما كان وعليه أرش النقص ان كان فيه نقص الا أن يكون له غرض في الرد إلى الحالة الاولى فله الرد وان ألزمه الرد إلى الحالة الاولى لزمه ذلك وأرش النقص ان نقص عما كان قبل تلك الزيادة.
إذا تقرر ذلك فمن صور هذا القسم طحن الحنطة وقصارة الثوب وخياطته وضرب الطين لبنا وذبح الشاة وشيها ولا يملك الغاصب المغصوب بشئ من هذه التصرفات بل يردها مع أرش النقص ان نقصت القيمة وقد ذكرنا خلاف أبي حنيفة وانما تكون الخياطة من هذا القسم إذا خاط بخيط المالك (أما) إذا كان الخيط للغاصب فستأتي نظائره في الطحن والقصارة والذبح والشيئ لا يمكن الرد إلى ما كان وكذا في شق الثوب وكسر الاناء ولا يجبر على رفو الثوب واصلاح الاناء لانه لا يعود إلى ما كان بالرفاء والاصلاح وعن مالك أنه يجبر عليها كما في تسوية الحفر ولو غزل القطن المغصوب رد الغزل وأرش النقص إن نقص

(11/311)


ولو نسج الغزل المغصوب فالكرباس للمالك مع أرش النقص ان قرض نقص وليس للمالك اجباره على
نقضه ان كان لا يمكن رده إلى الحالة الاولى ونسجه ثانيا وان أمكن كالخز فله اجباره عليه فان نقضه ونقصت قيمته عن قيمة الغزل في الاصل غرمه ولا يغرم ما كان قد زاد بالنسج وفات بالنقض لان المالك أمره بذلك فان نقض من غير اذن المالك ضمنه أيضا ولو غصب نقرة وضربها دراهم أو صاغ منها حليا أو غصب نحاسا أو زجاجا واتخذ منه اناء فان رضى المالك به رده كذلك وان لم يكن له رده إلى الحالة الاولى الا أن يكون ضرب الدراهم بغير اذن السلطان أو على غير عياره لانه حينئذ يخاف التغرير.
قال (ولو غصب ثوبا قيمته عشرة وصبغه بصبغ قيمته عشرة فصارت قيمة الثوب عشرين فهما شريكان.
فيباع ويقسم الثمن بينهما.
فان وجد زبون يشترى بثلاثين صرف إلى كل واحد خسمة عشر.
وان عاد الثوب إلى خمسة عشر بالصبغ حسب النقصان على الصبغ.
وان عاد إلى ثمانية ضاع الصبغ وغرم الغاصب درهمين.
وكذا القول في ثبوت الشركة إذا طير الريح الثوب إلى اجانة صباغ.
أو صبغ الثوب المغصوب بصبغ مغصوب من غيره.
فان قبل الصبغ الفصل أجبر الغاصب على فصله كما يجبر على قلع الزرع والغراس والبناء وان نقص زرعه به.
وقال ابن سريج لا يجبر على فصل الصبغ ان كان يضيع بالفصل أولا تفى قيمته بما يحدث في الثوب من نقصان بسبب الفصل.
ومهما طولب بالفصل وكان يستضر به فلو تركه على المالك أجبر على قبوله في وجه كالنعل في الدابة المردودة بالعيب.
وان لم يكن عليه ضرر لم يكن له الاجبار على القبول.
ولو بذل المالك قيمة الصبغ لم يكن له أن يتملك عليه فان بيع الثوب للخلاص من الشركة سهل.
بخلاف المعير يتملك بناء المستعير ببدل لان بيع العقار عسير.
ومهما رغب المالك في بيع الثوب أجبر الغاصب على بيع الصبغ ليصل كل واحد إلى الثمن.
فان رغب الغاصب ففي اجبار المالك وجهان) .

(11/312)


القسم الثاني الاعيان فمن صوره صبغ الثوب المغصوب ونقدم عليه وصورتين مقصودتين في نفسهما ويحتاج اليهما في مسألة الصبغ (احداهما) إذا غصب أرضا وبني فيها أو غرس أو زرع كان لصاحب الارض أن يكلفه القلع قال صلى الله عليه وسلم (ليس لعرق ظالم حق) وعن أحمد أنه
لا يكلف قلع الزرع مجانا لان له غاية تنتظر ولكن يخير صاحب الارض بين أن يبقيه بأجرة وبين أن يتملكه ويغرم مثل البذر وأجرة عمله والو أراد الغاصب القلع لم يكن للمالك منعه فانه عين ماله وإذا قلع فعليه الاجرة وفي وجوب التسوية أو الارش ما قدمناه في نقل التراب وان نقصت الارض لطول مدة الغراس فيجمع بين أجرة المثل وأرش النقص أولا يجب الا أكثرهما فيه الخلاف المذكور فيما إذا ابلى الثوب بالاستعمال ولو أراد صاحب الارض أن يتملك البناء أو الغراس بالقيمة أو تبقيتهما أو الزرع بالاجرة هل على الغاصب اجابته قال في التتمة فيه وجهان (أحدهما) نعم

(11/313)


كالمستعير وبل أولى فان الغاصب متعد (وأظهرهما) المنع لتمكنه من القلع بلا غرامة بخلاف المعير وهذا ما ذكره الامام حكاية عن القاضى الحسين * ولو غصب من رجل أرضا وبذرا وزرعها به فللمالك أن يكلفه اخراج البذر من الارض ويغرمه أرش النقصان وليس للغاصب اخراجه إذا رضي المالك (الثانية) إذا زوق الدار المغصوبة نظران كان بحيث لو نزع حصل منه شئ فللمالك اجباره على النزع وان تركه الغاصب ليدفع عنه كلفة النزع هل يجبر المالك على قبوله فيه وجهان نشرحهما في مسألة الصبغ ولو أراد الغاصب نزعه فله ذلك لانه عين ماله ولا فرق بين أن يكون للمنزوع قيمة أولا يكون فإذا نزع فنقصت الدار عما كانت قبل التزويق لزمه الارش وان كان التزويق محض تمويه لا يحصل منه عين لو نزع فليس للغاصب النزع ان رضى المالك وهل له اجباره عليه فيه وجهان (أحدهما) نعم لانه قد يريد تغريمه أرش النقص الحاصل بازالته (والثاني) لا كما في الثوب إذا قصر وقال في التهذيب وهو الاصح.
إذا عرفت ذلك عدنا إلى الصبغ وقلنا للصبغ الذي يصبغ به الثوب أحوال (أن يكون) للغاصب فينظر ان كان الحاصل تمويها محضا فالحكم على ما ذكرنا في التزويق وان حصل بالانصباغ عين مال فيه فاما أن لا يمكن فصله عنه أو يمكن (القسم الاول) إذا لم يمكن فصله عنه فعن صاحب التقريب حكاية قول عن القديم أنه يفوز به صاحب الثوب تشبيها له بالسمن (والمذهب) المشهور أنه ليس له ذلك لكن قضية الشركة بين المالك والغاصب لانه عين مال له انضم إلى ملك المغصوب منه بخلاف السمن وبخلاف القصارة والطحن ونحو هما فانهما آثار محضه وحينئذ ينظر ان كانت قيمة الثوب
مصبوغا مثل قيمته وقيمة الصبغ قبل الصبغ كما إذا كانت قيمة الثوب عشرة وقيمة الصبغ عشرة وهو

(11/314)


يساوى بعد الصبغ عشرين فهو بينهما بالسوية حتى لو وجدا راغبا باعاه منه بثلاثين فهى بينهما وان نقصت قيمته مصبوغا عن قيمتها بأن عاد الثوب مصبوغا والتصوير كما سبق إلى خمسة عشر اطلق الاكثرون بأن النقصان محسوب من الصبغ لان الاصل هو الثوب والصبغ وان كان علينا كالصفة التابعة للثوب فيكون الثوب المصبوغ بينهما اثلاثا الثلثان للمغصوب منه والثلث للغاصب وفي الشامل والتتمة انه ان كان النقصان لانخفاض سوق الثياب فالنقصان محسوب من الثوب وان كان لانحفاض سوق الاصباع فمن الصبغ وكذا لو كان النقصان بسبب العمل لان صاحب الصبغ هو الذي عمل ويمكن ان يكون اطلاق من اطلق منزلا على هذا التقصيل وان كانت قيمته بعد الصبغ عشرة انمحق الصبغ ولا حق فيه للغاصب وان تراجعت القيمة وكان الثوب مصبوغا يساوى ثمانية فقد ضاع الصبغ ونقص من الثوب درهمان فيرده مع درهمين وان زادت قيمة الثوب مصبوغا عن قيمتها قبل الصبغ بان بلغت ثلاثين في الصورة المذكورة فمن أطلق الجواب في طرف النقصان أطلق القول ههنا بأن الزيادة بينهما على نسبة ماليهما ومن فصل قال ان كان ذلك لارتفاع سوق الثياب فالزيادة لصاحب الثوب وان كان لارتفاع سوق الاصباغ فهى للغاصب وان كان للعمل والصنعة فهى بينهما لان كل واحد منهما قد زاد بالصنعة والزيادة الحاصلة بفعل الغاصب إذا استندت إلى الاثر المحض تسلم للمغصوب منه (القسم الثاني) إذا أمكن فصله من الثوب (فعن) صاحب التقريب نقلا عن القديم انه ان كان المفصول لاقيمة له فهو كالسمن (والمذهب) انه ليس كالسمن وان لا يفوز به المغضوب منه

(11/315)


هل يملك اجبار الغاصب على فصله فيه وجهان (احدهما) نعم كما يملك اجباره على اخراج الغراس ويحكي هذا عن ابن خيران وابي اسحق في الزيادات على الشرح (والثاني) لاوبه قال ابن سريج لما فيه من الضرر بخلاف الغراس فانه لا يضيع بالاخراج ولان الارض بالقلع تعود إلى ما كانت والثوب لا يعود ولان الاشجار تنتشر عروقها واغصانها فيخاف ضررها في المستقبل وهذا اظهر عند اصحابنا
العراقيين وقال صاحب التهذيب في طائفة الاول اصح وكذا ذكره الامام وحكى قطع المراوزة به وان موضع الوجهين ما إذا كان الغاصب يخسر بالفصل خسرانا بينا وذلك قد يكون لضياع المنفصل بالكلية وقد يكون لحقارته بالاضافة إلى قيمة الصبغ ومن جملة الضياع ان يحصل في الثوب نقصان بسبب الفصل لا يفي بارشه قيمة المفصول ولو رضى المغصوب منه بابقاء الصبغ واراد الغاصب فصله فله ذلك ان لم ينتقص الثوب وان انتقص قال الامام يبنى على الخلاف في ان المغصوب منه هل يجبره على الفصل (ان قلنا) لا لم يفصله (وان قلنا) نعم فله ذلك وهو الاظهر ويحكى الاول عن ابى الطيب بن سلمة وان تراضيا على ترك الصبغ بحاله فهما شريكان وكيفية الشركة كما بينا في القسم الاول ثم الكلام في فروع (احدها) لو ترك الغاصب الصبغ على المالك ففى اجباره على القبول وجهان ووجه الاجبار صيرورته كالصفة التابعة للثوب وايضا فان المشترى إذا انعل الدابة ثم اطلع على عيبها فردها مع النعل لكان يعيبها لو نزع النعل يجبر البائع على القبول ووجه المنع القياس الظاهر ويدل عليه أنه لاجبر على قبول البناء والغراس إذا تركه الغاصب وذكر القاضي الروياني ان الاول ظاهر المذهب لكن الثاني اقيس واشبه ويخالف مسألة النعل لان الغاصب متعد والمشترى غير متعدي على انه لو الحق بما إذا صبغ المشتري الثوب بما زاد في قيمته ثم اطلع على عيبه فرده مسامحا بالصبغ لكان اقرب

(11/316)


لما مر من أن الصبغ يصير ملكا للبائع (فأما) في مسألة النعل فانه يجبر على قبول النعل وفي دخول النعل في ملكه اختلاف مذكور في موضعه وذكر الامام في الفرع شيئين (أحدهما) ان في موضع الوجهين طريقين (أحدهما) أنهما مطردان فيما إذا أمكن فصل الصبغ وفيما إذا لم يمكن (وأظهرهما) التخصيص بما إذا أمكن وقلنا ان الغاصب يجبر على الفصل والا فهما شريكان لا يجبر واحد منهما على قبول الهبة من الآخر وعلى هذا فطريقان (أحدهما) ان الوجهين فيما إذا كان يتضرر بالفصل إما لما يناله من التعب أو لان المفصول يضيع كله أو معظمه فان لم يكن كذلك لم يلزمه القبول بحال (والثاني) ان الوجهين فيما إذا كان الثوب ينقص بالفصل نقاصانا لا يفى بارش قيمته الصبغ المفصول فان وفى لم يلزمه القبول وان تعيب أوضاع معظم المفصول (والثاني) إذا قلنا بلزوم القبول على المغصوب منه فلا حاجة إلى تلفظه
بالقبول و (أما) من جهة الغاصب فلا بد من لفظ يشعر بقطع الحق كقوله أعرضت عنه أو تركته إليه أو أبرأته عن حقي أو أسقطته قال ويجوز أن يعتبر اللفظ المشعر بالتمليك (الثاني) لو بذل المغصوب منه قيمة الصبغ وأراد أن يتملكه على الغاصب هل يجاب إليه فيه وجهان سواء كان الصبغ مما يمكن فصله أو مما لا يمكن (أحدهما) نعم ويجبر الغاصب على قبوله لينفصل الامر بينهما وقد شبه ذلك بما إذا رجع المعير وقد بني المستعير أو غرس فان له أن يتملكه عليه بالقيمة وبهذا قال أبو حنيفة (وأظهرهما)

(11/317)


وهو المذكور في الكتاب المنع ويفارق مسألة العارية لان المعير لا يتمكن من القلع مجانا فكان محتاجا إلى التمليك بالقيمة وههنا بخلافه وأيضا فان بيع العقار عسير وبيع الثوب سهل وبه يحصل الخلاص من الشركة وفي التتمة أنه ان كان الصبغ بحيث لو فصل حصل منه شئ ينتفع به ففي تملك المغصوب منه الوجهان المذكور ان في الغراس والبناء وان كان لا يحصل منه شئ فله تملكه لا محالة فيتولد من هذا وجه ثالث فارق (الثالث) متى اشتركا في الثوب المصبوغ فهل لاحدهما الانفراد ببيع ما يملكه منه جعله الامام على الوجهين في بيع دار لا ممر لها لانه لا يتأتى الانتفاع باحدهما دون الآخر (والاظهر) المنع فلو رغب مالك الثوب في البيع ففى المهذب والتهذيب أنه يباع ويجبر الغاصب على موافقته ووجهه أن المالك ان لم يتمكن من بيع الثوب وحده فامتناع الغاصب منع له من بيع ماله وان تمكن فلا شك في عسر البيع عليه لقلة الراغبين فيه والغاصب متعد فليس له الاضرار بالمالك بالمنع من البيع وتعسيره وان رغب الغاصب في البيع ففي اجبار المالك على مواففته وجهان (أحدهما) يجبر تسوية بين الشريكين ليصل كل واحد منهما إلى عين ملكه (وأظهرهما) المنع كيلا يستحق المتعدى بتعديه ازالة ملك غير المتعدى وفي النهاية أن واحدا منهما لا يجبر على موافقة الآخر على قياس الشركة في الاموال (الحالة الثانية) أن يكون الصبغ مغصوبا من غير مالك الثوب ايضا فان لم يحدث بفعله نقصان

(11/318)


وبلا غرم على للغاصب وهما شريكان في الثوب المصبوغ كما سبق في الغاصب والمالك وان حدث نظر ان كانت قيمته مصبوغا عشرة والتصوير كما تقدم فهو لصاحب الثوب ويغرم الغاصب الصبغ للآخر
وان كانت قيمته خمسة عشر روى صاحب التهذيب ان الثوب بينهما بالسوية ويرجعان على الغاصب بخمسة قال والقياس أن يكون بينهما أثلاثا كما مر في الحالة الاولى وهذا ما نقله غيره وهو الحق فان كان مما يمكن فصله فلهما تكليف الغاصب الفصل فان حصل بالفصل نقص فيهما أو في أحدهما كان قبل الصبغ غرمه الغاصب ولصاحب الثوب وحده طلب الفصل أيضا إذا قلنا ان الملك يجبر الغاصب على الفصل في الحالة الاولى وهذا إذا حصل بالانصباغ عين مال في الثوب فان لم يحصل الا بمؤنة فالحكم ما بينا في التزويق ويقاس بما ذكرنا في الحالتين ثبوت الشركة فيما إذا طير الريح ثوب انسان في اجانة صباغ ونصبغ لكن ليس لاحدهما أن يكلف الآخر الفصل ولا التغريم ان حصل نقص في أحدهما إذ لاتعدى ولو أراد صاحب الثوب تملك الصبغ بالقيمة فعلى ما تقدم (الحالة الثالثة) أن يكون الصبغ مغصوبا من مالك الثوب أيضا فان لم يحدث بفعله نقصان فهو للمالك ولا غرم على الغاصب ولا شئ له ان زادت القيمة لان الموجود منه أثر محض وان حدث بفعله نقصان غرم الارش وإذا أمكن الفصل فللمالك اجباره عليه وليس للغاصب الفصل إذا رضى المالك (واعلم) أن المذكور في

(11/319)


الكتاب هو الحالة الاولى وفي أثنائها تعرض للثانية (وقوله) في أول الفصل فلهما شريكان يجوز اعلامه بالواو لما حكي عن القديم من تنزيله منزلة السمن (وقوله) فيباع ليس المراد منه البيع القهري وانما الغرض ههنا أنه إذا بيع كان الثمن بينهما كما كان الثوب مشتركا بينهما ثم ان رضيا بالبيع فذاك والا فهل يجبر أحدهما الآخر فيه ما قد عرفته (وقوله) وان عاد الثوب إلى خمسة عشر بالصبغ يمكن أن يفهم من قوله بالصبغ الاحتراز عما إذا كان النقصان بسبب تراجع الاسواق فان النقصان حينئذ لا يحسب من الصبغ إذا كان التراجع في الثياب على ما حكيناه عن الشامل والتتمة (وقوله) وكذا القول في ثبوت الشركة إذا طيرت الريح الثوب انما قال في ثبوت الشركة ولم يقل وكذا القول فيما إذا طيرت الريح الثوب لان الصورتين اللتين ذكرهما ليستا كما إذا صبغ الثوب المصبوغ بصبغ نفسه في جميع الاحكام المذكورة اذلو رجع الثوب مصبوغا إلى ثمانية لا يغرم صاحب الاجانة شيئا وانما الصورتان كتلك الصورة في ثبوت الشركة فيهما حيث ثبتت الشركة فيهما ويجوز أن يعلم بالواو لان قياس القول
القديم أن يفوز صاحب الثوب بالصبغ في الصورتين ولا تثبت الشركة (وقوله) كما يجبر على قلع الزرع والغراس والبناء وان نقص زرعه به أشار بقوله وان نقص زرعه به إلى أنه لا عبرة بما يعرض في الصبغ من ضرر بسبب انتشاره وتمدده كمالا عبرة بنقصان الزرع (وقوله) ومهما طولب بالفصل وكان يستضر به (وقوله) بعد ذلك وان

(11/320)


لم يكن عليه ضرر لم يكن له الاجبار على القبول جواب على طريقة تخصيص الوجهين بما إذا تضرر بالفصل وقد بينا ما فيه من الاختلاف فيجوز اعلام قوله لم يكن له الاجبار بالواو (وقوله) لم يكن له أن يتملك معلم بالحاء والواو (وقوله) لتضمن الغاصب على بيع الصبغ بالواو لما حكينا عن النهاية (فرع) إذا كان الصبغ للغاصب وقيمته عشرة وقيمة الثوب عشرة وبلغت قيمته مصبوغا ثلاثين ففصل الغاصب الصبغ ونقصت قيمة الثوب عن عشرة لزمه ما نقص عن عشرة وكذا ما نقص عن خمسة عشران فصل بغير ان المالك وطلبه وان فصل باذنه لم يلزمه إلا نقصان العشرة وان عادت قيمته مصبوغا إلى عشرة لتراجع الاسواق وكان التراجع في الثياب والاصباغ على وتيرة واحدة فالثوب بالسوية بينهما كما كان والنقصان داخل عليهما جميعا وليس على الغاصب غرامة ما نقص مع رد العين نعم لو فصل الصبغ بعد تراجع القيمة إلى عشرة فصار الثوب يسوى أربعة دارهم غرم ما نقص وهو خمس الثوب بأقصى القيم والمعتبر في الاقصى خمسة عشران فصل بنفسه وعشرة ان فصل بطلب المالك له.
قال (وإذا غصب زيتا وخلطه بزيته فالنص أنه كالاهلاك فيضمن المثل من أين شاء.
وتخريج الاصحاب أن لا ضمان لانه لو خلطه بمثله فهو مشترك.
وان خلطه بالاجود أو بالاردإ فقولان.
(ان

(11/321)


قلنا) انه هالك غرم مثله من أين شاء.
(وأن قلنا) انه مشترك فيباع الكل ويوزع على نسبة القيمة ولا يقسم الزيت (و) بعينه على تفاوت فيؤدى إلى الربا.
وخلط الدقيق كخلط الزيت بالزيت.
وخلط الزيت بالشيرج أولى بجعله اهلاكا.
وخلط الحنطة بالشعير ليس باهلاك بل يلزمه الفصل بالالتقاط)
إذا خلط الزيت المغصوب بغيره لم يخل اما أن يتعذر التمييز بينهما أو لا يتعذر.
ان تعذر فاما أن يكون ذلك الغير من جنسه أولا يكون.
ان كان من جنسه كالزيت والزيت والحنطة والحنطة نظر ان خلطه بأجود من المغصوب فالنص أنه كما لو هلك حتى يتمكن الغاصب من أن يعطيه قدر حقه من غير المخلوط ونص في التفليس فيما إذا خلطه بالاجود ثم فلس على قولين (أحدهما) هذا حتى لا يكون للبائع الا المضاربة بالثمن (والثاني) أنهما شريكان في المخلوط ويرجع البائع إلى حقه منه واختلف الاصحاب على طريقين (أظهرهما) اثبات القولين في الغصب أيضا وجه جعله هالكا تعذر رده والوصول إليه وأيضا فان قلنا بالشركة لاحتجنا إلى البيع وقسمة الثمن بينهما كما سيأتي ولا يصل المالك إلى عين حقه ولا إلى مثله مع وجود العين والمثل أقرب إلى حقه من الثمن ووجه الشركة القياس على مسألة الصبغ وعلى ما إذا اختلط الزيتان بنفسهما أو برضى المالكين وأيضا فلو غصب صاعا من هذا وصاعا

(11/322)


من هذا وخلطهما وجعلناهما هالكين ينتقل الملك فيهما إلى الغاصب وذلك بمحض التعدي وأظهر القولين عند الاكثرين الاول المنصوص وعند الامام والمتولي الثاني (والطريق الثاني) القطع بالقول الاول والفرق أنا إذا لم نثبت الشركة هناك لا يحصل للبائع تمام حقه بل يحتاج إلى المضاربة وههنا يحصل للمالك تمام البدل وان خلطه بمثله ففيه الطريقان وطريق ثالث وهو القطع بالشركة لان في اثبات الشركة اتصال المالك إلى بعض حقه بعينه والى بدل بعض من غير زيادة نقوم على الغاصب فكان أولى من اتصاله إلى بدل الكل وحكى ذلك عن ابن سريج وأبى اسحق وان خلطه بأردأ منه فالنص أنه كالهالك أيضا ويحبئ فيه الطريقان المذكوران في الاجود ولكن المنصوص في التفليس والحالة هذه ليس إلا قول الشركة وذكرنا أن بعضهم خرج فيه قولا آخر يمكن أن يكون مخرجا من نصه ههنا ويكون في الصورتين قولا بالنقل والتخريج من الطرفين ويمكن أن يكون قول الهلاك في الاردإ مخرجا من توجيه في الاردإ فان الشافعي رضى الله عنه قال الذائب إذا اختلط انقلب حتى لا يوجد عين ماله على ما مر وإذا اختصرت قلت في الخلط المطلق ثلاثة أوجه (ثالثها) الفرق بين خلط بغير المثل فيكون المغصوب هالكا وبالمثل فيشتركان.
(التفريع) إن جعلنا الاختلاط كالهلاك فللغاصب أن يعطيه المثل من غير المخلوط وله أن يعطيه منه إذا كان الخلط بالمثل وكذا لو خلطه بالاجود لان المخلوط خير من المغصوب وليس له ان يعطيه قدر حقه من المخلوط إذا خلط بالاردا إلا إذا رضى المالك وإذا رضى فلا أرش له كما إذا أخذ الردئ من موضع آخر وان حكمنا بالشركة فان خلط بالمثل فقدر زنته من المخلوط وان خلط بالاجود

(11/323)


كما إذا خلط صاعا قيمته درهم بصاع قيمته درهمان نظر ان أعطاه صاعا من المخلوط أجبر المالك على قبوله لان بعضه من حقه وبعضه خير منه والافيباع المخلوط ويقسم الثمن بينهما أثلاثا فان أرادا قسمة عين الزيت على نسبة القيمة فالظاهر أنه لا يجوز لانه يكون أخذ ثلثي صاع لجودته في مقابلة صاع وهو ربا وعن رواية البويطى أنه يجوز وبني ذلك على أن القسمة افراز حق لابيع وفي المسألة وجه أنه يكلف الغاصب تسليم صاع من المخلوط لان اكتساب المخلوط صفة الجودة بالخلط كزيادة متصلة تحصل في يد الغاصب وان خلط بالاردا كما إذا خلط صاعا قيمته در همان بصاع قيمته درهم أخذ المالك من المخلوط صاعا مع أرش النقصان لان الغاصب متعد بخلاف ما إذا خلط المشترى بالاردأ وافلس فان البائع اما أن يقنع بصاع من الخلوط أو يضارب مع الغرماء فان اتفقا على بيع المخلوط وقسمة الثمن أثلاثا جاز وان أرادا قسمة عين الزيت على نسبة الثمنين فمنهم من جعله على الخلاف المذكور في طرق الاجود ومنهم من قطع بالمنع لانه أمكن الرجوع إلى صاع منه مع الارش ولا حاجة إلى احتمال القسمة المشتملة عيل التفاضل وخلطه الخل بالخل واللبن باللبن كخلط الزيت بالزيت وإذا خلط الدقيق بالدقيق (فان قلنا) انه مثلى وبه قال ابن سريج فهو كخلط الزيت بالزيت أيضا (وان قلنا) انه متقوم (فان قلنا) ان المختلط هالك فالواجب على الغاصب القيمة (وان قلنا) بالشركة فيباع ويقسم الثمن بينهما على قدر القيمتين فان أرادا قسمة عين الدقيق على نسبة القيمتين والخلط بالاجود أو الاردأ فهو على ما ذكرنا في قسمة الزيت المخلوط وان كان الخلط بالمثل فالقسمة جائزة ان جعلناها افرازا وان جعلناها بيعا لم تجز لان بيع الدقيق بالدقيق لا يجوز هذا إذا كان الخلط بالجنس (أما) إذا خلط

(11/324)


المغصوب بغير جنسه كما لو خلط زيتا بشيرج أو دهن بان أو دهن جوز أو خلط دقيق حنطة بدقيق شعير فالمغصوب هالك لبطلان فائدته وخاصيته باختلاط غير الجنس به بخلاف الجيد مع الردئ ومنهم من جعله على الخلاف السابق ووجه ثبوت الشركة مالو خلطا بالرضى هذا ما اختاره صاحب التتمة ههنا ايضا وقال ان تراضيا على بيع المخلوط وقسمة الثمن جاز وان اراد قسمته جازو كأن المغصوب منه باع ما يضمن في يد الغاصب من الزيت بما يصير في يده من الشيرج قال الامام وألحق الاصحاب بخلط الزيت بالشيرج لت السويق بالزيت وهو بعيد وانما هو كصبغ الثوب وهذا في الخلط الذي يتعذر معه التمييز والفصل بالالتقاط وان شق سواء خلط بالجنس كالحنطة البيضاء والحمراء أو بغير الجنس كالحنطة والشعير والمواضع الذي ينبغي أن يعلم عليها من الفصل غير خافية.
(فرع) لو خلط الزيت بالماء وأمكن التمييز لزم التمييز وأرش النقص ان كان فيه نقص وان لم يمكن التمييز فهو كخلطه بالبان الا أن لا يبقى له قيمة فيكون هالكا لا محالة فان حصل فيه مميز أو غير مميز نقص سيار فقد سبق حكمه.
قال (ولو غصب ساجة وأدرجها في بنائه لم يملك بل يرد (ح) على مالكه وان أدى إلى هدم بنائه.
وان أدرج في سفينة لم ينزع ان كان في النزع اهلاك الغاصب.
أو اهلاك حيوان محترم.
أو اهلاك مال لغيره ولكن يغرم القيمة في الحال للحيلولة إلى أن يتيسر الفصل.
وان لم يكن فيه الامال الغاصب ففى جواز النزع وجهان) .

(11/325)


إذا غصب ساجة وأدرجها في بنائه أو بني عليها أو على آجر مغصوب لم يملك المغصوب وعليه اخراجه من البناء ورده إلى المالك وبه قال مالك وأحمد وعند أبى حنيفة يملك ويغرم قيمته لنا أنه بنى على ملك الغير عدوانا فلا يزول به ملك المالك قياسا على مالو غصب أرضا وبني عليها وأيضا فان القدرة على المثل تمنع من العدول إلى القيمة لان المثل اقرب إلى المغصوب فأولى ان تمنع القدرة على العين العدول إلى القيمة وهذا ما لم تعفن الساجة فان عفنت بحيث لو أخرجت لم يكن لها قيمة فهي مستهلكة فان أخرجها وردها لزمه أرش النقص ان دخلها نقص وفي
الاجرة ما ذكرنا في ابلاء الثوب بالاستعمال ولو أدرج لوحا مغصوبا في سفينة نظر ان لم يخف من النزع هلاك نفس ولامال بأن كانت على وجه الارض أو مرساة على الشط أو أدرج في أعلاها ولم يخش من نزعه الغرق أو لم يكن فيها نفس ولامال ولاخيف هلاك السفينة نفسها نزع ورد وخلاف أبي حنيفة عائد فيه وان كان في لجة البحر وخيف من النزع هلاك حيوان محترم سواء كان آدميا اما الغاصب أو غيره أو غير آدمي لم تنزع حتى تصل إلى الشيط وان خيف من النزع هلاك مال اما نفس السفينة أو غيرها فهو اما للغاصب أو لمن وضع فيها وهو يعلم أن فيها لوحا مغصوبا أو لغيرهما ان كان لغيرهما لم ينزع أيضا وان كان لهما فوجهان (أصحهما) عند الامام النزع كما يهدم البناء لرد الساجة ولا يبالى بما يضيع عليه (والثاني) وهو الاصح عند ابن الصباغ وغيره أنه لا ينزع لان السفينة لا تدوم في البحر فيسهل الصبر إلى انتهائها إلى الشط بخلاف الساجة المدرجة في البناء فان البناء للتأبيد وحيث لا تنزع إلى الوصول إلى الشط توجد القيمة للحيلولة إلى ان يتيسر الفصل فحينئذ يرد اللوح مع أرش النقص ان نقص ويسترد القيمة ان قلنا لا يبالي في النزع بهلاك مال الغاصب فلو اختلطت التي أدرج منها اللوح بسفن الغاصب ولا توقف على النزع الا بفصل الكل حكى في المهذب فيه وجهين.

(11/326)


قال (وكذا لو غصب خيطا وخاط به جرح آدمي أو حيوان محترم غير مأكول وكان في نزعه خوف هلاك لم ينزع إذ يجوز الغصب بمثل هذا القدر ابتداء بل يغرم قيمته.
فان مات المجروح أو ارتد ففي النزع لان فيه مثلة.
وفي الحيوان المأكول خلاف لانه ذبح بغير مأكلة.
وينزع عن الخنزير والكلب العقور إذ لاحرمة لهما) .
الخيط المغصوب إن خيط به ثوب ونحوه فالحكم كما في البناء على الساجة وان خيط به جرح حيوان فهو إما محترم أو غيره (القسم الاول) المحترم وهو الآدمي وغيره (أما) الادمي فان خيف من نزعه هلاكه لم ينزع وعلى الغاصب قيمته ثم إن خاط جرح نفسه فالضمان مستقر عليه وان خاط جرح غيره باذنه وهو عالم بالغصب فقرار الضمان عليه وان كان جاهلا فعلى الخلاف فيما إذا أطعم المغصوب غيره وفي معنى خوف الهلاك خوف كل محذور يجوز العدول إلى التيمم من الوضوء وفاقا
وخلافا قال الامام ولو رتب انقدح وجهان (أحدهما) أن ترك الخيط أولى لقيام القيمة مقامه (والثاني) أن نزعه أولى لتعلقه بحق الآدمي المبني على الضيق (وأما) غير الآدمي فهو على ضربين (أحدهما) غير المأكول فالحكم فيه كما في الآدمي إلا أنه لااعتبار ببقاء الشين فيه (والثاني) المأكول فان كان لغير الغاصب لم ينزع وان كان للغاصب ففيه قولان وقيل وجهان (أحدهما) وهو رواية الربيع أنه يذبح ويرد الخيط لانه جائز الذبح وبذبحه يصل الحق إلى المستحق (وأظهرهما) المنع كما في غير المأكول لان الحيوان حرمته في نفسه ألا ترى أنه يؤمر بالانفاق عليه ويمنع من إتلافه وإذا لم يقصد بالذبح

(11/327)


الاكل منع مه وقد روى أنه صلى الله عليه وسلم (نهى عن ذبح الحيوان إلا لمأكلة) وإذا مات الحيوان الذي خيط به جرحه فان كان غير الآدمي نزع منه الخيط وفي الآدمي وجهان (أصحهما) على ما ذكره في النهاية أنه ينزع وان لم ينزع في الحياة لحرمة الروح (والثاني) المنع لان الآدمي محترم بعد الموت ولذلك قال صلى الله عليه وسلم (كسر عظم الميت ككسر عظم الحى) (القسم الثاني) غير المحترم فلا يبالى بهلاكه ونزعه منه الخيط ومن هذا القسم الخنزير والكلب العقور (أما) كلب الصيد والماشية فلا يجوز النزع منه قاله الامام والحق الكلب الذي لا منفعة فيه بالمؤذيات وذكر ترددا فيما إذا خاط به جرح مرتد وحكم بأن الاوجه المنع لان المثلة بالمرتد محرمة وليست كالمثلة بالميت لانا نتوقع بالمرتد عودا إلى الاسلام هذا لفظه ويوافق ذلك قوله في الكتاب أو ارتد ففى النزع خلاف غير أن الامام صوره فيما إذا خيط به جرح المرتد ولفظ الكتاب فيما إذا طرأت الردة على الخياطة والذي أجاب به الاكثرون أن المرتد غير محترم فينزع الخيط منه وكذا الحربى وخرج صاحب التتمة فيما إذا خاط به جرح الزاني المحصن أو المحارب على الخلاف فيما إذا خاط به جرح معصوم فمات لان تفويت روحه مستحقة فالحق

(11/328)


بالميت ويبني على التفصيل المذكور في جواز غصب الخيط ابتداء ليخاط به الجرح إذا لم يوجد خيط حلال فيحث حكمنا بالنزع لا يجوز الغصب وحيث قلنا لا ينزع يجوز والى هذا أشار بقوله إذ يجوز الغصب بمثل هذا القدر ابتداء.
قال (ولو أدخل فصيلا في بيته أو دينارا في محبرته وعسر اخراجه كسر عليه تخليصا للمال.
وان لم يكن بفعله فالا ظهر أن المخلص ماله يغرم أرش النقص.
وان غصب فرد خف قيمة الكل عشرة وقيمة الفرد ثلاثة ضمن سبعة لان الباقي ثلاثة.
وقيل ثلاثة لانه المغصوب.
وقيل خمسة كما لو أتلف غيره الفرد الآخر تسوية بينهما) .
فيه فرعان (أحدهما) فصيل رجل حصل في بيت آخر ولم يمكن اخراجه الا بنقض البناء فينظر إن كان بتفريط من صاحب البيت بأن غصبه وأدخله فيه نقض ولم يغرم صاحب الفصيل شيئا وان كان بتفريط من صاحب الفصيل فإذا نقص البناء غرم أرش النقص وان دخل الفصيل بنفسه نقض أيضا وهل على صاحب الفصيل أرش النقص قال العراقيون نعم وهو ظاهر المذهب لا نه انما نقض لتخليص ملكه وذكر الامام وصاحب الكتاب فيه خلافا ووجه المنع أنه لا تفريط من أحد والاخراج لابد منه لحرمة الروح وانما ينتظم هذا إذا كان الفرض فيما إذا خيف هلاكه لو لم يخرج ولو وقع دينار في محبرة ولم يخرج الا بكسرها ان وقعها فيها بفعل صاحب المحبرة عمدا أو سهوا كسرت ولا غرم على صاحب الدينار وان وقع بفعل صاحب الدينار فعليه الارش وان وقع من غير تفريط من أحد كسرت وعلى صاحب الدينار الارش وأجرى صاحب الكتاب في وجوب الارش الخلاف المذكور في الصورة الاولى لكن التوجيه الذي مر لا يجئ ههنا وقال ابن الصباغ إذا لم يفرط واحد مهنما وضمن صاحب المحبرة الدينار

(11/329)


ينبغي أن يقال لا تكسر المحبرة لزوال الضرر بذلك وهذا الاحتمال عائد في صورة البيت والفصيل ولو أدخلت بهيمة رأسها في قدر ولم تخرج الا بكسرها فان كان معها صاحبها فهو مفرط بترك الحفظ فان كانت غير مأكولة تخلص بكسر القدر وعليه أرش النقصان وان كات مأكولة ففى ذبحها وجهان كما في مسألة الخيط وإذا لم يكن معها أحد فان فرط صاحب القدر مثل ان وضع القدر في موضع لاحق له فيه كسرت ولاغرم له وان لم يفرط كسرت وغرم صاحب البهيمة الارش ولم يذكر التفصيل المذكور في صورة القدر والفرق بين المأكول وغير المأكول في الفصيل والبيت والوجه التسوية (الثاني) غصب زوجي خف قيمتهما عشرة ثم رد إحداهما وقيمتة ثلاثة وتلف الآخر
يلزمه سبعة لان بعض المغصوب قد تلف والباقي ينقص ولو أتلف أحدهما أو غصبه وحده وتلف وعادت قيمة الباقي إلى ثلاثة ففيه أوجه (أحدها) أنه يضمن سبعة لانه أتلف أحدهما وأدخل النقصان على الباقي بتعديه فاشبه مالو حل أجزاء الباب والسرير فنقصت قيمته (والثاني) يضمن ثلاثة لان قيمة الفرد الذي أتلفه ثلاثة (والثالث) خمسة كما لو أتلف رجل أحدهما وآخر الآخر فانه يسوى بينهما ويضمن كل واحد منهما خمسة ونظم الكتاب يقتضي ترجيح الاول وبه قال الشيخ أبو حامد ومن تابعه وقال الامام وصاحب التهذيب الاظهر الثالث ولو أخذ أحدهما على صورة السرقة وقيمته مع نقصان الثاني نصاب لا يقطع بلا خلاف.
(فرع) سيأتي القول في أن ما تتلفه البهيمة متى يضمنه مالكها فإذا ابتلعت البهيمة شيئا واقتضى الحال لزوم الضمان نظر ان كان مما يفسد بالابتلاع ضمنه وان كان مما لا يفسد كاللآلئ فان لم تكن مأكولة لم تذبح ويغرم قيمة ما ابتلعته للحيلولة وان كانت مأكولة فعلي الوجهين السابقين

(11/330)


ولو باع بهيمة بثمن معين فابتلعته نظر ان لم يكن الثمن مقبوضا انفسخ البيع وهذه بهيمة للبائع ابتلعت ما لا للمشترى الا أن يقتضي الحال وجوب الضمان على صاحب البهيمة فيستقر العقد ويكون ما جرى قبضا للثمن بناء على أن اتلاف المشترى قبض منه وان كان الثمن مقبوضا لم ينفسخ البيع وهذه بهيمة للمشترى ابتلعت مالا للبائع.
(الفصل الثالث.
في تصرفات الغاصب) قال (فإذا باع الجارية المغصوبة ووطئها المشترى وهو عالم لزمه الحد والمهر (ح) ان كانت مستكرهة.
وان كانت راضية فوجهان لقوله عليه الصلاة والسلام (لامهر لبغي) ولكن المهر للسيد فيشبه أن لا يؤثر رضاها.
وفي مطالبة الغاصب بهذا المهر تردد لان منافع البضع لا تدخل تحت الغصب.
وان كان جاهلا لزمه المهر ولا يجب إلا مهر واحد بوطآت إذا تحدث الشبهة وفي تعدد الوطئ بالاستكراه تردد في تعدد المهر) .
هذا الفصل الثالث وان كان مترجما بتصرفات الغاصب مطلقا لكن القصد منه شيئآن
(أحدهما) الكلام في وطئ المشترى من الغاصب (والثاني) فيما يرجع به إذا غرم على الغاصب واعلم قبل الشروع فيهما أنه إذا اتجر الغاصب في المال المغصوب ففيه قولان (الجديد) أنه ان باعه أو اشترى بعينه فالتصرف باطل وان باع سلما أو اشترى في الذمة وسلم المغصوب فالعقد صحيح والتسليم فاسد ولا تبرأ ذمته عما التزم ويملك ما يأخذ وارباحه له (والقديم) أنه يتبعه والشراء بعينه منعقد موقوفا على اجازة المالك فان أجازة فالربح له وكذا إذا التزم في الذمة وسلم المغصوب وتكون الارباح للمالك وهذه المسألة قد مر ذكرها في أول البيع ويتم شرطها في القراض والغرض الآن التذكير

(11/331)


ببيان أن مسائل الفصل متفرعة على المذهب الجديد.
إذا عرفت ذلك فالمقصد الاول هو القول في وطئ المشترى من الغاصب ولا يخلو اما أن يكون محبلا أولا (الضرب الاول) الوطئ الحالى عن الاحبال ونذكر أولا حكمه إذا وجد من الغاصب بعضه فنقول انه مع الجارية المغصوبة اما أن يكونا جاهلين بتحريم الوطئ أو عالمين أو أحدهما عالم والآخر جاهل ان كانا جاهلين فلا حد عليهما وعليه المهر للسيد وكذلك أرش الافتضاض ان كانت بكرا ثم ذكروا وجهين في أنا نفرد أرش الافتضاض من المهر فنقول عليه مهر مثلها ثيبا وأرش الافتضاض أولا نفرد ونقول عليه مهر مثلها بكرا ورجحوا الاول لوجوبهما بسببين مختلفين وانفكاك كل واحد مهما عن الآخر (فان قلت) هل يختلف المقدار بالاعتبارين أم لا أن اختلف وجب أن يقطع بوجوب الزائد لان بناء أمر الغاصب على التغليظ وان لم تختلف فلا فائدة للوجهين (فالجواب) ان يقال ان اختلف المقدار فالوجه ما ذكرته وقد اشار إليه الامام وان لم تختلف فللوجهين فوائد تظهر من بعد.
وان كانا عالمين بالتحريم فينظر ان كانت الجارية مكرهة فعلى الغاصب الحد والمهر خلافا لابي حنيفة في المهر ويجب عليه أرش الافتضاض ان كانت بكرا وان كانت طائعة فعليهما الحد وفي المهر وجهان ويقال قولان (أحدهما) يجب لان المهر حق السيد فلا يؤثر فيه رضاها كما لو أذنت في قطع يدها (وأظهرهما) وهو المنصوص أنه لا يجب لانها زانيه ساقطة الحرمة فاشبهت الحرة إذا زنت طائعة وقد روى أنه صلى الله عليه وسلم (نهى عن مهر البغي) ويجوز

(11/332)


أن يكون مهرها للسيد ويتأثر بضعها كما لو ارتدت قبل الدخول أو أرضعت ارضاعا مفسدا للنكاح ويجب أرش الافتضاض ان كانت بكرا إذا قلنا إنه يفرد عن المهر وان قلنا لا يفرد ففى وجوب الزيادة على مهر مثلها وهي ثيب وجهان (في وجه) لا تجب كما لو زنت الحرة طائعة وهى بكر (وفي وجه) تجب كما لو أذنت في قطع طرف منها.
وان كان أحدهما عالما دون الآخر فان كان الغاصب عالما فعليه الحد وأرش البكارة ان كانت بكرا والمهر وان كانت الجارية عالمة فعليها الحد دونه ويجب المهران كانت مكرهة وان كانت مطاوعة فعلى الخلاف.
واعلم أن الجهل بتحريم وطئ المغصوبة قد يكون للجهل بتحريم الزنا مطلقا وقد يكون لتوهم حلها خاصة لدخولها بالغصب في ضمانه ولاتقبل دعواهما الا من قريب العهد بالاسلا م أو ممن نشأ في موضع بعيد من المسلمين وقد يكون لاشتباهها عليه وظنه أنها جاريته ولا يشترط لقبول الدعوى ما ذكرناه.
هذا في وطئ الغاصب وأما المشترى من الغاصب فالقول في وطئه في حالتي العلم والجهل كما ذكرنا في الغاصب الا أن الجهل في حق المشتري قد ينشأ من الجهل بكونها مغصوبة أيضا فلا يشترط في دعواه الشرط السابق كما لا يشترط في الاشتباه وإذا غرم المشترى المهر فيسأتي الخلاف في رجوعه على الغاصب وهل للمالك مطالبة الغاصب به ابتداء فيه وجهان عن صاحب التقريب (وجه المنع) أن المهر بدل منفعة البضع وهى غير داخلة تحت اليد ولا مضمونة بالغصب (ووجه الثاني) وهو قضية كلام

(11/333)


المعظم أن الامر إذا أفضى إلى الغرم بعد فرضه غير متعلق بالغاصب وأشار الامام إلى جريان الوجهين سواء قلنا برجوع المشترى على الغاصب بالمهر أو بعدم الرجوع وقال (إذا قلنا) بعدم الرجوع فظاهر القياس أن لا يطالب وغيره محتمل (وإذا قلنا) بالرجوع فالظاهر المطالبة لاستقرار الضمان عليه ويجوز أن يقال الرجوع بسبب الغرر فيختص به المغرور وطرد الخلاف في مطالبة الغاصب بالمهر إذا وطئت بالشبهة وإذا تكرر الوطئ إما من الغاصب أو من المشترى من الغاصب فان كان في حالة الجهل لم يجب الامهر واحد لان الجهل شبهة واحدة مطردة فأشبه ما إذا وطئ في النكاح الفاسد مرارا وان كان عالما وجب المهر ككونها مستكرهة وعلى قولنا بالوجوب مع طواعيتها فوجهان (أحدهما)
الاكتفاء بمهر واحد كما في حالة الجهل (وأصحها) وبه أجاب صاحب الكتاب في الصداق حيث أعاد هذه الصورة في أخوات لها أنه يجب لكل مرة مهر لان الواجب ههنا لاتلاف منفعة البضع فيتعدد بتعدد الاتلاف لكن قضية هذا الوجه الحكم بالتعدد في صورة الجهل لان الاتلاف الذي هو سبب الوجوب حاصل فلا معني للاحالة على الشبهة وانما يحصل اعتماد الشبهة حيث لا يجب المهر لولا الشبهة وذكر هذا المستدرك امام الحرمين وقال هذه لطيفة يقتضى منها العجب وان وطئها مرة جاهلا ومرة عالما وجب مهران (قوله) في الكتاب لزمه الحد والمهر لفظ المهر معلم بالحاء لان عند أبى حنيفة لا يجامع المهر الحد والمشهور من لفظ الخبر أنه نهى عن مهر البغي كما تقدم لا ما أورده في الكتاب.

(11/334)


قال (أما الولد فهو رقيق لانسب له ان كان عالما وان كان جاهلا انعقد على الحرية وضمن المشترى قيمته ورجع به على الغاصب إذ الشراء لا يوجب ضمان الوالد.
وان انفصل الولد ميتا فلا ضمان لان الحياة لم تتيقن وان سقط ميتا بجناية جان يجب الضمان لانه انفصل مضمونا وقد قدر الشارع حياته وضمانه عشر قيمة الام.
وقيل في هذه الصورة يجب أقل الامرين من عشر قيمه الام أو الغرة إذا وجب الضمان بسببها فلا يزيد عليها) .
الضرب الثاني الوطئ المحبل سواء وجد من الغاصب أو من المشتري منه فينظر إن كان عالما بالتحريم فالولد رقيق للمالك غير نسيب لكونه زانيا وان انفصل حيا فهو مضمون على الغاصب وان انفصل ميتا بجناية جان فبدله لسيده وان انفصل ميتا من غير جناية ففي وجوب الضمان على الغاصب وجهان (أحدهما) وهو ظاهر النص الوجوب لثبوت اليد عليه تبعا لثبوت اليد على الام ويحكي هذه عن الانماطي وأبي الطيب بن سلمة واختاره القفال (والثاني) المنع وبه قال أبو إسحق واختاره الشيخ أبو محمد والامام وصاحب التهذيب لان جنايته غير منتفية وسبب الضمان هلاك رقيق تحت يده ويجرى الوجهان في حمل البهيمة المغصوبة إذا انفصل ميتا وان أو جبنا الضمان فنوجب قيمته يوم الانفصال لو كان حيا في ولد الجارية والبهيمة سواء وخرج الامام وجها آخر في ولد الجارية أنه يضمن

(11/335)


بعشر قيمة الام تنزيلا للغاصب منزلة الجاني الذي يترتب على جنايته الاجهاض وان كان الواطئ جاهلا بالتحريم به فالولد نسيب حر للشبهة وعليه قيمته لمالك الجارية يو الانفصال ان انفصل حيا لان التقويم قبله غير ممكن وان انفصل ميتا فاما أن ينفصل بنفسه أو بجناية (أما) على التقدير الاول فالمشهور أنه لا يلزمه قيمته لانا لا نتيقن جناية وأن الغاصب أتلفه ويخالف ما لو انفصل رقيقا ميتا حالة العلم حيث ذكرنا في وجوب الضمان وجهين لان الرقيق يدخل تحت اليد والغصب فجعل تبعا للام فيه وفي التتمة حكاية وجه ههنا أيضا أنه تلزمه القيمة لان الظاهر الحياة (وأما) على التقدير الثاني فعلى الجاني ضمانه لان الانفصال عقيب الضرب يغلب على الظن أنه كان حيا فمات بفعله وللمالك الضمان على الغاصب بخلاف ما إذا انفصل ميتا من غير جناية لانه لابدل له هناك وههنا يقوم له فيقوم عليه وكان حق المالك يتعلق ببدله كما لو قتل العبد الجاني يتعلق العبد المجني عليه ببدله ولو مات فات حقه ثم الذي يجب على الجاني الغرة والذي يجب للمالك عشر قيمة الام لان الجنين الرقيق به يضمن فان كانت قيمة الغرة وعشر قيمة الام سواء ضمن الغاصب للمالك عشر قيمة الام وان كانت قيمة الام أكثر فكذلك والزيادة تستقر له بحق الارث وان نقصت الغرة عن العشر فو جهان (أظهرهما) أنه يضمن للمالك تمام العشر لانه لما انفصل متقوما كان بمثابة ما لو انفصل حيا ولان بدله انما يقصر عن العشر بسبب الحرية الحاصلة بظنه (والثاني) لا يجوز الا قدر

(11/336)


الغرة ويعبر عنه بأن الواجب أقل الامرين من العشر والغرة ووجهه أن مثبت وجوب الضمان يقدمه عليه فلا يضمن فوق ما يحصل له وان انفصل ميتا بجناية الغاصب نفسه لزمه الضمان لان ما وجد منه بسبب الضمان الا أنه لا يستحق على نفسه شيئا ولو أحبل الغاصب الجارية مات وخلف أباه ثم انفصل الجنين ميتا بجناية جان فالغرة تكون لجد الجنين وعن القاضي أنه يضمن للمالك ما كان يضمنه الغاصب لو كان حيا وعنه أنه لو كان مع الغاصب أم أم الجنين فورثت سدس الغرة يقطع النظر عنه وينظر إلى عشر قيمة الام وخمسة أسداس الغرة وكأنها كل الغرة والجوابان يختلفان فرأى الامام اثبات
احتمالين في الصورتين فصار في أحدهما إلى أن من يملك الغرة ينبغي أن يضمن للمالك ويستبعد في

(11/337)


الثاني تضمين من لم يغصب ولا تفرعت يده على يد الغاصب وذكر في التتمة أن الغرة تجب مؤجلة فانما يغرم الغاصب عشر قيمة الام إذا أخذ الغرة وللامام توقف فيه هذا ظاهر المذهب في الولد المحكوم بحريته وفيه طريقة أخرى أنه لا ينظر إلى عشر قيمة الام ولكن تعتبر قيمته لو انفصل حيا وينظر إليه والى الغرة على التفصيل الذي بيناه وأشار في الوسيط إلى استمداد هذه الطريقة من القول القديم في أن جراح العبد لاتتقدر لان عشر قيمة الام نوع مقدر لكنه ليس بواضح فان الخلاف في أن البدل يتقدر أولا يتقدر في أطراف العبد والفائت ههنا جملته وليس لهذا البناء ذكر في كتاب الامام لكنه قال الطريقة ملتفتة إلى الخلاف في أن ما يتلف في يد الغاصب من أعضاء العبد المغصوب

(11/338)


بآفة سماوية أو بجناية غير الغاصب يعتبر في حقه بدله المقدر في حق الجاني أم ينظر إلى قدر النقصان بايجاب العشر في قيمة الام ايجاب المقدر الواجب على الجناية وعن بعض الاصحاب أن الغاصب يغرم للمالك أكثر الامرين من قيمة الولد والغرة وضعفه من نقله لان الغرة أن كانت أكثر فثبوت الزيادة بسبب الحرية فكيف يستحقها المالك ومن العجب أن صاحب التهذيب أجاب بهذا الوجه في المشترى من الغاصب وجوابه في الغاصب ما تقدم ودعوى الجهل في هذا الضرب كدعواه في الضرب الاول وروى المسعودي خلافا في قبولها لحرية الولد وان قبلت لدفع الحد كما رواه في استيلاد المرتهن ويجب في حالتي العلم والجهل أرش نقصان الجارية وان نقصت بالولادة فان

(11/339)


تلفت عنده وجب أقصى القيم ودخل فيه نقصان الولادة وأرش البكارة ولو ردها وهى حبلى فماتت في يد المالك من الولادة ذكر أبو عبد الله القطان في المطارحات أنه لا شئ عليه في صورة العلم لان الولد ليس منه حتى يقال ماتت من ولادة ولده وان في صورة الجهل قولين (واعلم) أن لوجوب الضمان في هذه الصورة مأخذين (أحدهما) أنه أحبل جارية الغير اما بالشبهة أو بالزنا وفي كونه سببا
للضمان ما قدمناه في المرتهن (والثاني) أنه يحصل نقصان الحمل تحت اليد وذلك سبب الضمان وان وجد أثره بعد الرد إلى المالك كما لو جنى المغصوب عند الغاصب فرده ثم بيع في يد المالك وأطلق صاحب التتمة القول بوجوب الضمان للمأخذ الثاني (وقوله) في الكتاب ويضمن المشترى قيمته

(11/340)


ويرجع بها على الغاصب إذ الشراء لا يوجب ضمان الولد والكلام في الرجوع أخرناه إلى الفصل التالى لهذا الفصل وقد كرره هناك وفي ذكره هناك غنية عن الذكر ههنا (وقوله) فلا ضمنا لان الجناية لاتتيقن معلم بالواو ويجوز أعلام قوله وضمان عشر قيمة الام بالحاء لما سيأتي في موضعه.
(فرع) في ذخيرة البند نيجى لو وطئ الغاصب باذن المالك فحيث لا يجب المهر لو لم يأذن فههنا أولى وحيث نوجبه فقولان محافظة على حرمة البضع وفي قيمة الولد طريقان (أحدهما) أنه على الخلاف في المهر (والثاني) القطع بالوجوب لانه لم يصرح بالاذن في الاحبال.
قال (ويضمن المشترى (ح) أجرة المنفعة التي فانت تحت يده ومهر المثل عند الوطئ وقيمة انعقاده حرا ويرجع بكل ذلك على الغاصب مهما كان جاهلا ويغرم قيمة العين إذا تلفت ولا يرجع.
وكذا المتزوج من الغاصب لا يرجع بالمهر وهل يرجع المشترى بقيمة منفعة استوفاها فيه قولا

(11/341)


الغرور ولو بنى فقلع بناءه فالاولى أن يرجع بأرش النقص ولو تعيب في يده نص الشافعي أنه يرجع (ز) لان العقد لا يوجب ضمان الاجزاء بخلاف الجملة وكذا إذا تعيب قبل القبض لم يكن للمشترى الارش ولو اشترى عبدا لجارية ورد الجارية بعيب وبالعبد عيب حادث لزمه قبول العبد أو طلب قيمته وليس له طلب الارش مع العبد ولذلك فرق بين الجزء والجملة) .
الفصل الثاني الكلام فيما يرجع به المشترى على الغاصب إذا غرم ومالا يرجع وسنبين في خلاله ما يغرمه ومالا يغرمه وفي سائر الايدى المترتبة على يد الغاصب مسائل نشرح ما في الكتاب منها غير مبالين بما يحتاج إليه من تغيير نظمه ونصيف إليها ما يتفق (الاولى) إذا تلفت العين المغصوبة عند
المشترى ضمن قيمتها أكثر ما كانت من يوم القبض إلى يوم التلف ولا يضمن الزيادة التي كانت في يد الغاصب إن كانت في يده أكثر قيمة ولا يرجع بما يضمنه عالما كان أو جاهلا لان الشراء عقد ضمان وقد شرع فيه على أن تكون العين من ضمانه وان كان الشراء صحيحا ولك أن تقول إن كان المراد من كونه عقد ضمان أنه إذا تلف المبيع عنده تلف من ماله واستقر عليه الثمن فهذا مسلم لكن لم يكن شارعا فيه على أن يضمن القيمة ومعلوم أنه لو لم يكن المبيع مغصوبا لم يلزمه شئ بالتلف فكان الغاصب مغررا موقعا إياه في خطر الضمان فليرجع عليه وان كان المراد غيره فلم قلتم أن الشراء عقد ضمان على تفسير آخر وربما انساق هذا الاشكال إلى ما حكى عن صاحب التقريب أنه يرجع من المغروم بما

(11/342)


زاد على قدر الثمن سواء اشتراه رخيصا في الابتداء أو زادت القيمة بعد الشراء وأنه إذا رجع بما زاد على الثمن لم يلحقه ضرر (الثانية) تعيب المغصوب عند المشترى بعمى أو شلل أو نحوهما ينظر ان كان بفعل المشترى فيستقر ضمانه عليه وكذا لو أتلف الكل وان كان بآفة سماوية فقولان (أحدهما) عن تخريج المزني وغيره أنه لا يرجع على الغاصب بضمانه كما لا يرجع بالقيمة عند هلاك الكل تسوية بين الجملة والاجزاء وبهذا أجاب العراقيون بل أكثر الاصحاب (والثاني) وينسب إلى نص الشافعي رضى الله عنه أنه يرجع وقرره ابن سريج بأن العقد يوجب ضمان الجملة ولا يوجب ضمان الاجزاء على الانفراد واحتج عليه بصورتين (إحداهما) أنه لو تعيب المبيع قبل القبض لم يكن للمشترى أن يجيز العقد ويطالبه بجزء من الثمن بل اما أن يفسخ أو يجيز بكل الثمن ولو تلف يستقر كل الثمن (والثانية) لو اشتري عبدا بجارية وتقابضا ثم وجد بائع العبد بالجارية عيبا قديما فردها وقد تلف العبد فانه يأخذ قيمته ولو لم يتلف وتعيب بعيب حادث لم يكن له طلب الارش مع العبد بل يقنع به أو يأخذ القيمة.
واعلم أن في الصورة الثانية وجهين ذكرناهما في فصل الرد بالعيب فلنا صر القول الاول أن يمنع ويقول له استرداد العبد وطلب أرش النقصان واليه ميل الامام (وأما) الصورة الاولى فان المبيع في يد البائع غير مضمون بالقيمة بل بالثمن فإذا تلف سقط الثمن وإذا تعيب أمكن رده واسترداد جملة الثمن فلا يمكن من طلب الارش الذي هو تغيير العقد وحط من الثمن وانما يصار إليه عند الضرورة

(11/343)


فلهذا المعنى لم يثبت الارش (الثالثة) منافع المغصوب يضمنها المشترى للمالك باجرة مثلها وهل يرجع على الغاصب (أما) ما استوفاه بالسكون والركوب واللبس ففيه قولان وكذا في الرجوع بالمهر إذا غرمه بالوطئ (أحدهما) يرجع لان الغاصب قد غره ولم يشرع على أن يضمن المهر والاجرة (وأصحهما) وهو قوله الجديد وبه قال أبو حنيفة أنه لا يرجع لان نفعه عاد إليه ولانه أتلف المنفعة وحوالة الضمان على مباشر الاتلاف أولى وأجرى الخلاف في أرش الافتضاض ان كانت بكرا وعدم الرجوع به أظهر لانه بدل جزء منها أتلفه فاشبه ما لو قطع عضوا من أعضائها وفي التهذيب أن الخلاف فيه مبني على أنه يفرد عن المهر أم لا ان أفرده لم يرجع به والا رجع (وأما) المنافع التي فاتت تحت يده ولم تستوفها (فان قلنا) يرجع بضمان ما استوفاه فضمانها أولى (وان قلنا) لا يرجع هناك فوجهان (أصحهما) الرجوع أيضا لانه لم يتلف ولاشرع في العقد على أن يضمنها (والثاني) لا يرجع تنزيلا للتلف تحت يده منزلة الاتلاف (الرابعة) إذا غرم قيمة الولد عند انعقاده حرا رجع به على الغاصب لانه شرع في العقد على أن يسلم الولد حرا من غير غرامة ولم يصدر منه تفويت وعن الاستاذ أبى اسحق الاسفراييني طريقة أخرى في شرح الفروع أن الرجوع بها كالرجوع بالمهر لان نفع حرية الولد تعويد إليه (والمشهور) الاول وأرش نقصان الولادة قطع العراقيون بأنه يرجع به وعن غيرهم خلاف قال الامام وسبيله سبيل النقصان الحاصل بسائر الآفات السماوية فيجئ فيه ما ذكرناه من الخلاف السابق ولو وهب الجارية المغصوبة فاستولدها المتهب جاهلا بالحال وغرمه قيمة الولد ففى الرجوع بها وجهان (وجه) الفرق أن الواهب

(11/344)


متبرع والبائع ضامن سلامة الولد له بلا غرامة (الخامسة) إذا بني المشترى أو غرس في الارض المغصوبة فجاء المالك ونقض بناءه وغرسه هل يرجع بأرش النقصان على الغاصب فيه وجهان (أحدهما)

(11/345)


لا كما لا يرجع بما انفق على العمارة وكأنه بالبناء متلف ماله (وأظهرهما) نعم لشروعه في العقد على ظن السلامة وانما جاءه هذا الضرر من تغرير الغاصب وهذا ما ذكره العراقيون وقد ذكرنا طرفا من المسألة

(11/346)


في الضمان وذكر في التهذيب أن القياس أن لا يرجع على الغاصب بما أنفق على العمارة وما أدى من خراج الارض لانه شرع في الشراء على ان يضمنها (السادسة) لو زوج الغاصب الجارية المغصوبة

(11/347)


فوطئها الزوج جاهلا غرم مهر المثل للمالك ولا يرجع به على الغاصب لانه شرع فيه على أن يضمن

(11/348)


المهر ويخالف ما إذا غر بحرية أمة وغرم المهر حيث يرجع على الغار على أحد القولين لان النكاح ثم صحيح والبضع مملوك له فإذا فسخ اقتضى الفسخ استرداد ما بذل له وههنا النكاح باطل وانما غرم لاتلافه

(11/349)


منفعة البضع حتى لو كان المغرور ممن لا يحل له نكاح الامة لم يثبت له الرجوع بالمهر لبطلان النكاح ولو استخدامها الزوج وغرم الاجرة يرجع على الغاصب لانه لم يسلطه على الاستخدام بخلاف الوطئ ويرجع بغرم المنافع التالفة تحت يده لانه ما استوفاها ولاشرع على أنه يضمنها والقول في قيمتها لو تلفت

(11/350)


في يده قد تقدم فان غرمها رجع بها قال الائمة والضابط في هذه المسائل أن ينظر فيما غرمه من ترتيب يده على يد الغاصب عن جهل ان شرع فيه على أن يضمنه لم يرجع به وان شرع على أنه لا يضمنه فان لم يستوف ما يقابله رجع به وان استوفاه ففيه قولان وعلى هذا فلو كان المغصوب شاة فنتجت في يد المشترى أو شجرة فاثمرت فأكل فائدتها وغرمها للمالك ففي الرجوع بما غرم الغاصب قولان

(11/351)


كالمهر وان هلكت تحت يده فالحكم كما في المنافع التي لم يستوفها ذكره في التتمة وكذا القول في الاكساب وان انفصل الولد ميتا فالظاهر أنه لا ضمان وكذا إذا انفصل ميتا في يد الغاصب ولو استرضع المشترى الجارية في ولده أو ولد غيره غرم أجرة مثلها وفي الرجوع قولان كالمهر ويغرم المشترى اللبن وان انصرف إلى سخلتها وعاد نفعه إلى المالك كما لو غصب علفا وأعلف به بهيمة مالكه لكن قال
صاحب التهذيب وجب أن يرجع به على الغاصب لانه لم يشرع فيه على أنه يضمنه ولاعاد نفعه إليه ولو أجر العين المغصوبة غرم المستأجر أجرة المثل للمالك ولم يرجع بها على الغاصب لان شرع فيه على

(11/352)


أن يضمنها ويسترد الاجرة المسماة ولو أعارها رجع المستعير بما غرم للمنافع التي فاتت تحت يده وفي الرجوع بما غرم للمنافع التي استوفاها القولان وكذا غرم الاجزاء التالية بالاستعمال.
واعلم أن كل ما لو غرمه المشترى يرجع به على الغاصب فلو طولب به الغاصب وغرمه لم يرجع به على المشترى وكل مالو غرمه المشترى ولم يرجع به على الغاصب لم يرجع به على المشترى وكذا الحكم فيمن غير المشترى ممن ترتبت يده على يد الغاصب (وقوله) في الكتاب ويرجع بكل ذلك على الغاصب جواب في المهر

(11/353)


المغروم عند الوطئ بقول الرجوع وقد مر أن أصح القولين ومذهب أبي حنيفة منع الرجوع فيجوز أن يعلم ما ذكره بالحاء والواو لذلك وأيضا فللطريقة المروية في قيمة الولد (وقوله) فيرجع المشترى بقيمة منفعة استوفاها يدخل فيه منفعة البضع المستوفاة بالوطئ كما يدخل سائر المنافع وإجراؤه على اطلاقه ممكن ففي جميع ذلك قولان كما سبق لكن الاشبه أنه أراد ما سوى منفعة البضع وأما إذا وطئ وغرم المهر وقد ذكره مرة وحكم فيه بالرجوع على الغاصب (وقوله) فيه قولا الغرور أي ومباشرة الاتلافات على ما مر في تقديم الطعام المغصوب فحذف أحد الطرفين.
واعلم قوله في نقل

(11/354)


النص في التعيب أنه يرجع بالزاى اشارة إلى تخريج المزني (وقوله) فليس له طلب الارش يجوز اعلامه بالواو (وقوله) فذلك فرق بين الجملة والجزء هكذا هو في بعض النسخ وفي بعضها وكذلك فرق أي الشافعي رضى الله عنه وهما صحيحان.
قال (ونقصان الولادة لا يجبر (ح) بالولد فان الولد زيادة جديدة) .
إذا انتقصت الجارية بالولادة وكان الولد رقيقا تفي قيمته ببعض نقصانها أو بكله لم يتجبر به النقصان بل الولد له ويأخذ الارش خلافا لابي حنيفة.
لنا أن الولد زيادة تحدث على ملكه ألا ترى أنه يسلم

(11/355)


له وان لم يكن في الام نقصان وملكه لا يجبر نقصان ملكه لا يجبر نقصان ملكه ولو ماتت الام من الولادة والولد واف بقيمتها فلهم فيه اختلاف وقد فرغنا من شرح كتاب الغصب ونختمه بمسائل منثورة (منها) أسند خشبة تعب بحملها إلى جدار يستريح ان كان الجدار لغيره ولم يأذن في اسناده إليه فهو متعد يضمن الجدار ان وقع باسناده إليه ويضمن ما تلف بوقوعه عليه وان وقعت الخشبة وأتلفت شيئا ضمن ان وقعت في الحال وان وقعت بعد ساعة لم يضمن وان كان الجدار له أو لغيره وقد أذن في اسناده إليه فكذلك يفرق بين أن تقع الخشبة في الحال أو بعد ساعة تشبيها بفتح رأس الزق (ومنها) غصب دارا

(11/356)


ونقضها وأتلف النقض ضمن النقض وما نقص من قيمة العرصة وحكى الشيخ أبو حامد وجهين في أنه يضمن أجرة مثلها دلا إلى وقت الرد أو الى وقت النقض (ومنها) غصب شاة وأنزى عليها فحلا فالولد للغاصب ولا شئ عليه للانزاء لنهيه عليه السلام عن عسيب الفحل فان انتقص غرم الارش ولك أن تقول المغصوب منه ولو غصب فحلا وأنزاه على شاته فالولد مغصوب منه وجب أن يخرج وجوب شئ للانزاء على الخلاف في جواز الاستئجار (ومنها) غصب جارية ناهدا فتدلى نهداها أو عبدا شابا فشاخ أو أمردا فالتحى غرم النقصان وعن أبى حنيفة أنه لا يضمن في الامرد ولو غصب خشبة واتخذمنها أبوابا وسمرها بمسامير من عنده نزع المسامير وان انتقصت الابواب بذلك ضمن

(11/357)


الارش ولو بذلها ففى اجبار الغصوب منه على قبولها وجهان ذكرناهما في نظائرها (ومنها) غصب ثوبا ونجسه أو نجس عنده لم يكن له تطهيره ولا للمالك أن يكلفه التطهير ولو غسله وانتقصت قيمته ضمن النقصان ولورده نجسا فمؤبر التطهير على الغاصب وكذا أرش النقصان اللازم منه وتنجيس المائع الذي لا يمكن تطهيره اهلاك وتنجيس الدهن ينبني على امكان غسله ان جوزناه فهو كالثوب (ومنها) قال في التتمة لو غصب من الغاصب فابرأ المالك الاول عن ضمان الغصب صح الابراء لانه مطالب بقيمته فهو كدين عليه وان ملكه المغصوب برئ وانقلب الضمان على الثاني حقا له وان باعه من غاصب

(11/358)


الغاصب أو وهبه منه وأذن له في القبض برئ الاول وان أودعه من الثاني وقلنا انه يصير أمانة في يده برئ الاول أيضا فان رهنه من الثاني لم يبرأ واحد منهما عن الضمان (ومنها) لورد المغصوب إلى المالك أو الى وكيله أو وليه برئ من الضمان ولورد الدابة إلى اصطبله قال في التتمة يبرأ أيضا إذا علم المالك به أو أخبره من يعتمد خبره وقيل ان لم يعلم ويخبر لا يبرأ فان امتنع المالك من الاسترداد رفع الامر إلى

(11/359)


الحاكم (ومنها) عن القفال وغيره ان المالك لو أبرأ غاصب الغاصب عن الضمان برئ الاول لان القرار على الثاني والاول كالضامن وهذا ان فرض بعد تلف الملل فهو بين واما قبله فليخرج على صحة ابراء الغاصب مع بقاء المال في يده وفيه خلاف مذكور في كتاب الرهن.

(11/360)