فتح العزيز بشرح الوجيز = الشرح الكبير

فتح العزيز - عبد الكريم الرافعي ج 12
فتح العزيز عبد الكريم الرافعي ج 12

(12/)


فتح العزيز شرح الوجيز وهو الشرح الكبير للامام ابي القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعي المتوفى سنة 623 هـ..الجزء الثاني عشر دار الفكر بسم الله الرحمن الرحيم

(12/1)


قال (كتاب القراض * وفيه ثلاثة أبواب الباب الاول في أركان صحته) (وهى ستة (الاول رأس المال) وشرائطه أربعة وهى أن يكون نقدا معينا معلوما مسلما * احترزنا بالنقد عن العروض والنقرة التى ليست مضروبة فان ما يختلف قيمته إذا جعل رأس المال فإذا رد بالاجرة إليه ليتميز الربح فربما ارتفع قيمته فيستغرق رأس المال جميع الربح * أو نقص فيصير بعض رأس المال ربحا * ولايجوز (و) على الفلوس ولا على الدراهم (ح و) المغشوشة) * العقد المعقود له الباب هو أن يدفع مالا إلى غيره ليتجر فيه على أن يكون الربح بينهما ويسمى ذلك قراضا ومقارضة وقد يسمى مضاربة وأشهر اللفظين القراض عند الحجازيين والمضاربة عند العراقيين واشتقاق القراض من قولهم قرض الفأر الثوب أي قطعه ومنه المقراض لانه يقطع به وسمى قراضا اما لان المالك اقتطع قطعة من ماله فدفعها إلى العامل أو لانه اقتطع له قطعة من الربح وقيل اشتقاقه من المقارضة وهى المساواة والموازنة سمى به لتساويهما في قوام العقد بهما فمن هذا المال ومن هذا العمل لتساويهما في استحقاق الربح (وأما) المضاربة فانه تقع على هذا العقد لان كل واحد منهما يضرب في الربح بسهم أو لما فيه من الضرب بالمال والتقليب * ويقال للمالك من اللفظة الاولى مقارض والعامل مقارض ومن اللفظة الثانية للعامل مضارب لانه الذي يضرب بالمال ولم يشتقوا للمالك منها اسما * واحتج الاصحاب للقراض باجماع الصحابة ذكر الشافعي رضى الله عنه في اختلاف العراقيين أن أبا حنيفة روى عن حميد بن عبد الله بن عبيد الانصاري عن أبيه عن جده " أن عمر بن الخطاب
رضى الله عنه أعطى مال يتيم مضاربة فكان يعمل به في العراق " وروى " أن عبد الله وعبيد الله

(12/2)


ابني عمر بن الخطاب لقيا أبا موسى مصرفهما من غزوة نهاوند فتسلفا منه مالا وابتاعا به متاعا وقدما المدينة فباعا وربحا فيه فأراد عمر رضى الله عنه أخذ رأس المال والربح كله فقالا لو تلف كان ضمانه علينا فكيف لا يكون ربحه لنا فقال رجل لامير المؤمنين لو جعلته قراضا فقال قد جعلته وأخذ منهما نصف الربح " يقال ان ذلك الرجل هو عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه وأظهر ما ذكره الاصحاب في محل القضية وبه قال ابن سريج ان ما جرى كان قرضا صحيحا وكان الربح ورأس المال لهما لكن عمر رضى الله عنه استنزلهما عن بعض الربح خيفة أن يكون قصد أبو موسى ارفاقهما لارعاية مصلحة

(12/3)


بيت المال * ولذلك قال في بعض الروايات أو أسلف كل الجيش كما اسلفكما * وعن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه " أن عثمان رضى الله عنه أعطاه مالا مقارضة " وأيضا " عن على وابن مسعود وجابر وحكيم بن حزام رضى الله عنهم تجويز المضاربة " وأيضا فان " السنة الظاهرة وردت في المساقاة " وإنما جوزت المساقاة للحاجة من حيث إن مالك النخيل قد لا يحسن

(12/4)


تعهدها ولا يتفرغ له ومن يحسن العمل قد لا يهلك ما يعمل فيه وهذا المعنى موجود في القرائض * ثم كلام الكتاب مندرج في ثلاثة أبواب (أحدهما) فيما يعتبر لصحة هذا العقد وما يعتبر تارة يعتبر في رأس المال وتارة في العمل وأخرى في صفة العقد وأخرى في العاقدين فسمى هذه الامور أركانا وبين ما يشترط في كل واحد منهما (والثانى) في أحكامه إذا صح (والثالث) فيما إذا انفسخ العقد بفسخ وغيره ما حكمه وفيما إذا اختلفا في كيفية جريان العقد بينهما كيف يفصل الامر (أما الباب الاول) فالركن الاول منه رأس المال وله شروط (أحدها) أن يكون نقدا وهو الدراهم والدنانير المضروبة وفيه معنيان (أحدهما) أن القراض معاملة تشتمل على اغرار إذ العمل غير مضبوط والربح غير موثوق به وإنما جوزت للحاجة فتختص بما تسهل التجارة عليه وتروج بكل حال (وأشهرهما)
وهو المذكور في الكتاب أن النقدين ثمنا لا يختلفان بالازمنة والامنكة إلا قليلا ولا يقومان بغيرهما والعروض تختلف قيمتها فلو جعل شى منها رأس المال لزم أحد الامرين أما أخذ المالك جميع الربح أو أخذ العامل بعض رأس المال ووضع القراض على أن يشتركا في الربح وينفرد المالك برأس المال * ووجه لزوم أحد الامرين أنهما إذا جعلا رأس المال ثوبا (فاما) أن يشترطا رد ثوب بتلك الصفات أو رد قيمته * إن شرطا الاول فربما كان قيمة الثوب في الحال درهما ويبيعه ويتصرف فيه حتى

(12/5)


يبلغ المال عشرة ثم ترفع قيمة الثياب فلا يوجد مثل ذلك الثوب الا بعشرة فيحتاج العامل إلى صرف جميع ما معه إلى تحصيل رأس المال فيذهب الربح في رأس المال وربما كانت قيمته عشرة فباعه ولم يربح شيئا ثم صار يؤخذ مثله بشئ يسير فيشتريه ويطلب قسيمة الباقي فحينئذ يفوز العامل ببعض رأس المال * وان شرطا رد القيمة فاما أن يشترطا قيمة حال المفاصلة أو قيمة حال الدفع (والاول) غير جائز لانها مجهولة ولانه قد تكون قيمته في الحال درهما وعند المفاصلة عشرة فيلزم المحذور الاول (والثانى) غير جائز لانه قد تكون قيمته في الحال عشرة وتعود عند المفاصلة إلى درهم فيلزم المحذور الثاني وفي النفس حسيكة من هذا الكلام لان لزوم أحد الامرين مبنى على أن رأس المال قيمة يوم العقد أو يوم المفاصلة وبتقدير جواز القراض على العرض يجوز أن يكون رأس المال ذلك العرض بصفاته من غير نظر إلى القيمة كما أنه المستحق في السلم وحينئذ إن ارتفعت القيمة فهو كخسران حصل في أموال القراض وإن انخفضت فهو كزيادة قيمة بها * وعن الشيخ أبى محمد أنه كان يعول في اختصاص القراض بالنقدين على الاجماع ولا يبعد أن يكون العدول إليه لهذا الاشكال ويترتب على اعتبار النقدين امتناع القراض على الحلى والتبر وكل ما ليس بمضروب لانها مختلفة القيمة كالعروض وكذلك لا يجوز القراض على الفلوس ولا على الدراهم والدنانير المغشوشة لانها نقد وعرض وحكى الامام وجها أنه يجوز القراض على المغشوش اعتبارا برواجه وادعاء الوفاق على امتناع القراض في الفلوس لكن صاحب التتمة ذكر فيها أيضا الخلاف وعن أبى حنيفة يجوز القراض في المغشوش إذا لم يكن الغش أكثر *

(12/6)


قال (واحترزنا بالمعلوم عن القراض على صرة دراهم * فان جهل رأس المال يؤدى إلى جهل الربح * واحترزنا بالمعين عن القراض على دين في الذمة * ولو عين وأيهم فقال قارضتك على أحد هذين الالفين والاخر عندك وديعة وهما في كيسين متميزين ففيه وجهان * ولو كان النقد وديعة أو رهنا في يده أو غصبا وقارضه عليه صح * وفي انقطاع ضمان الغصب خلاف) * (الشرط الثاني) أن يكون معلوما فلو قارض على كفين من الدراهم أو صرة مجهولة القدر لم يجز لانه إذا كان رأس المال مجهولا * كان الربح مجهولا ويخالف رأس مال المسلم حيث يجوز أن يكون مجهول القدر على أحد القولين لان السلم لا يعقد ليفسخ والقراض يعقد ليفسخ ويميز بين رأس المال والربح * وفي الشامل وغيره ان عند أبى حنيفة يجوز أن يكون رأس المال مجهولا القدر * وإذا تنازعا فيه عند المفاصلة فالمصدق العامل وعلى هذا فليكن قوله معلوما في الفصل السابق معلما بالحاء ولو دفع إليه ثوبا وقال بعد وإذا قبضت ثمنه فقد قارضتك عليه لم يجز لانه مجهول ولما فيه من تعليق القرض وقال أبو حنيفة يصح (الشرط الثالث) أن يكون معينا فلو قارض على دراهم غير معينة ثم أحضرها في المجلس وعينها حكم الامام عن القاضى وقطع به أنه يجوز كما في الصرف ورأس مال السلم * والذي أورده صاحب التهذيب المنع * ولو كان له دين في ذمة إنسان فقال لغيره قارضتك على دينى على فلان فاقبضه واتجر فيه لم يجز لانا لم نجوز القراض على العرض لعسر التجارة والتصرف فيها ومعلوم أن التصرف في الدين أكثر عسرا فكان بالمنع أولى * ووجهه الامام بأن مافى الذمة لابد من تحصيله أولا وسنذكر أنه لا يجوز في القراض ضم عمل إلى التجارة ولكن مثل هذا العمل

(12/7)


يجوز أن يعد من توابع التجارة فلا يمتنع ضمه إلى عمل القراض يؤيده قولهم انه لو كان له عند زيد دراهم وديعة فقال لعمرو قارضتك عليها فخذها وتصرف فيها يجوز ولو أن صاحب الدين قال قارضتك عليه لتقبض وتتصرف أو اقبضه * وقبضنيه فقد قارضتك عليه لم يصح أيضا وإذا قبض العامل وتصرف فيه لم يستحق الربح المشروط بل الجميع للمالك وللعامل أجرة مثل التصرف إن كان قد قال إذا
قبضت فقد قارضتك وان قال قارضتك عليه لتقبض وتتصرف استحق مثل أجرة التقارض والقبض أيضا * ولو قال للمديون قارضتك على الدين الذي عليك لم يصح القراض أيضا لانه إذا لم يصح والدين على الغير فلان لا يصح والدين عليه كان أولى لان المأمور لو استوفى ما على غيره ملكه وصح القبض وما على المأمور لا يصير للمالك بعزله من ماله وقبضه للامر بل لو قال اعزل قدر حقي من مالك فعزله ثم قال قارضتك لم يصح لانه لم يملكه * وإذا تصرف المأمور فيما عزله نظر ان اشترى بعينه للقراض فهو كالفضولي يشترى لغيره بعين ماله وان اشترى في الذمة ونقد ما عزله ففيه وجهان (أحدهما) أنه للمالك لانه اشترى له باذنه (والثانى) أنه للعامل لانه انما أذن في الشراء بمال القراض إما بعينه أو في الذمة لينقده فيه وإذا لم يملكه فلا قراض وهذا أظهر عند الشيخ أبى حامد وفي التهذيب أن الاصح الاول بحيث كان المال المعزول للمالك فالربح ورأس المال له لفساد القراض وعليه الاجرة للعامل * ولو دفع إليه كيسين كل واحد منها ألف وقال قارضتك على أحدهما فوجهان (أحدهما) الصحة لتساويهما (وأصحهما) المنع لعدم التعيين كما لو قال قارضتك على هذه الدراهم أو على هذه الدنانير وكما لو قال بعتك

(12/8)


أحد هذين العبدين ولو كانت دراهمه في يده غيره وديعة فقارضه عليها صح ولو كانت غصبا لم يصح في وجه لانه مضمون والقرض عقد أمانة (والاصح) الصحة كما إذا رهن من الغاصب وعلى هذا لا يبرأ من ضمان الغصب كما في الرهن وعند أبى حنيفة ومالك أنه يبرأ * قال (وأردنا بالمسلم أن يكون في يد العامل * فلو شرط المالك أن يكون في يده أو أن يكون له يد أو يراجع في التصرف أو يراجع مشرفه فسد القراض لانه تضييق للتجارة * ولو شرط أن يعمل معه غلام المالك جاز على النص) * (الشرط الرابع) أن يكون رأس المال مسلما إلى المعامل ويستقل باليد عليه والتصرف فيه ولو شرط المالك أن يكون الكيس في يده ليوفى الثمن منه إذا اشترى العامل شيئا أو شرط أن يراجعه العامل في التصرفات أو يراجع مشرفا نصبه فسد القراض لانه قد لا يجده عند الحاجة أو لا يساعده على رأيه فيفوت عليه التصرف الرابح فالقراض موضوع توسعا لطريق التجارة ولهذا الغرض احتمل
فيه ضرب من الجهالة فيصان عمل يخل به * ولو شرط أن يعمل معه المالك بنفسه فسد أيضا لان انقسام التصرف يفضى إلى انقسام اليد ويبطل الاستقلال وفي الرقم لابي الحسين العبادي أن أبا يحيى البليجى جوز ذلك على طريق المعاونة والتبعية والمذهب الاول * ولو شرط أن يعمل معه غلام المالك فوجهان

(12/9)


ويقال قولان (أحدهما) أنه لا يصح أيضا كما لو شرط أن يعمل بنفسه لان يد عبده يده (والثانى) وبه قال ابن سريج وأبو إسحق والاكثرون أنه يجوز لان العبد مال يدخل تحت اليد ولمالكه اعارته واجارته فإذا دفعه إلى العامل فقد جعله معينا وخادما للعامل فوقع تصرفه للعامل تبعا لتصرفه بخلاف ما إذا شرط المالك أن يعمل بنفسه فانه لاوجه لجعله تابعا * وموضع الخلاف مااذا لم يصرح بحجر العامل فاما إذا قال علي أن يعمل معه غلامي ولا يتصرف دونه أو يكون بعض المال في يده فسد لا محالة ولو شرط في المضاربة أن يعطيه بهيمة يحمل عليها ففى التتمة أنه على الخلاف في مسألة الغلام ومنهم من قال قضية كلامه القطع بالجواز ولو لم يشترط الغلام معه ولكن شرط أن يكون ثلث الربح له والثلث لغلامه والثلث للعامل جاز وحاصله اشتراط ثلثى الربح لنفسه نص عليه في المختصر حيث قال فان قارضه وجعل معه رب المال غلامه وشرط أن الربح بينه وبين العامل والغلام أثلاثا فهو جائز وكان لرب المال الثلثان * (وأعلم) أن من لم يجوز شرط عمل الغلام قال المراد من هذا النص أن يجعل مع العامل في قسمة الربح لا في العمل ومن جوزه عمل باطلاقه وقال لافرق بين شرط عمله وبين تركه وهذا ما ينزل عليه قوله في الكتاب جاز على النص ولو شرط ثلث الربح لحر فسيتأتى في الركن الثالث *

(12/10)


(فرع) قال في التتمة ولو كان بينه وبين غيره دراهم مشتركة فقال لشريكه قارضتك على نصيبي منها صح إذ ليس فيه الا الاشاعة فانها لا تمنع صحة التصرفات قال وعلى هذا لو خلط الفين بألف لغيره ثم قال صاحب الالفين للاخر قارضتك على أحدهما وشاركتك في الاخر فقبل جاز وانفرد العامل بالتصرف في الف القراض ويشتركان في التصرف في باقي المال ولا يخرج على الخلاف
في الصفقة الواحدة تجمع عقدين مختلفين لانهما جميعا يرجعان إلى التوكيل بالتصرف ولايجوز أن يجعل رأس مال القراض سكنى دار فان العروض إذا لم تجعل رأس مال فالمناع أولى وهذا يمكن فهمه من الضبط المذكور في الكتاب * قال (الركن الثاني العمل * وهو عوض الربح * وشروطه ثلاثة وهى أن يكون تجارة غير مضيقة بالتعيين والتأقيت) احترزنا بالتجارة عن الطبخ والخبز والحرفة * فان عقد القراض على الحنطة ليربح بذلك فاسد * أما النقل والكيل والوزن ولواحق التجارة تبع للتجارة * والتجارة هي الاسترباح بالبيع والشراء لا بالحرفة والصنعة) * لما تكلم في رأس المال وشرائطه أخذ يتكلم فيما يقابله من طرف العامل وهو العمل ويشترط فيه أمور (أحدهما) كونه تجارة ويتعلق بهذا القيد صور (منها) لو قارضه على أن يشترى الحنطة

(12/11)


فيطحنها ويخبزها والطعام ليطبخه ويبيع والربح بينهما فهو فاسد وتوجيه الملتئم من كلام الاصحاب أن الطبخ والخبز ونحوهما أعمال مضبوطة يمكن الاستئجار عليها وما يمكن الاستئجار عليه فيستغني عن الفراض إنما القراض لما لا يجوز الاستئجار عليه وهو التجارة التى لا ينضبط قدرها وتمس الحاجة إلى العقد عليها فيحتمل فيه للضرورة جهالة العوضين وعلى هذا القياس ما إذا اشترط عليه أن يشترى الغزل فينسجه أو الثوب فيقصره أو يصبغه ولو اشترى العامل الحنطة وطحنها من غير شرط فعن القاضى الحسين في آخرين أنه يخرج الدقيق من كونه مال قراض ولو لم يكن في يده غيره ينفسخ القراض لان الربح حينئذ لا يحال على البيع والشراء فقط بل على التعبير الحاصل في مال القراض بفعله وغير التجارة لا يقابل بالربح المجهول وعلى هذا فلو أمر المالك العامل أن يطحن حنطة مال القراض كان فاسخا للعقد والاظهر واليه ميل الامام وهو المذكور في التهذيب أن القراض بحاله ويلتحق ذلك بما إذا زاد عبد القراض بكبر أو سمن أو بتعلم صنعة فانه لا يخرج عن كونه مال القراض ولكن العامل إذا استقل بالطحن صار ضامنا وعليه الغرم إن فرض نقص في الدقيق فان باعه لم يكن الثمن مضمونا عليه فانه لم ينعقد فيه ولا يستحق العامل بهذه الصناعات أجرة على المالك ولو استأجر عليه أجيرا
فأجرته عليه والربح بينه وبين المالك كما شرط (ومنها) لو قارضه على دراهم على أن يشترى نخيلا

(12/12)


أو دواب أو مستغلات ويمسك زمامها لثمارها أو نتاجها أو غلاتها وتكون الفوائد بينهما فهو فاسد لانه ليس استرباحا بطريق التجارة والتجارة التصرف بالبيع والشراء وهذه الفوائد تحصل من غير مال لامن تصرفه (ومنها) لو شرط عليه أن يتشرى شبكة ويصطاد بها ليكون الصيد بينهما فهو فاسد ويكون للصائد وعليه أجرة الشبكة (وقوله) في الكتاب العمل وهو عوص الربح كان المراد فيه أن قضية ملك المالك رأس المال ملكه الربح فالقدر المشروط للعامل إنما ملكه عوضا عن عمله للمالك وربما يقال رأس المال والعمل عوضان منقابلان ونعنى به أن رأس المال من المالك والعمل من العامل ينقابلان والربح يحصل من معاونتهما (وقوله) فان عقد القراض على الحنطة ليربح بذلك فهو فاسد أي الطحن والخبز وفي الصورة التى صورها للفساد سبب آخر وهو كون رأس المال عوضا وإنما الصورة التى تختص بما نحن فيه أن يقارضه على دراهم على أن يشترى بها الحنطة ويطحن ويخبز على ما سبق (وقوله) أما النقل والوزن ولواحق التجارة تبع للتجارة معناه أن هذه الاعمال وإن كان العامل يأتي بها على ما سنبين في الباب الثاني ما على العامل فليس ذلك كالطحن والخبز فانها من توابع التجارة ولواحقها التى انبني العقد لها * قال (ثم لو عين الخز الادكن أو الخيل الابلق للتجارة عليه * أو عين شخصا للمعاملة معه فهو فاسد (ح و) لانه تضييق * ولو عين جنس الخز أو البز جاز لانه معتاد) *

(12/13)


(الامر الثاني) أن لا يكون مضيقا عليه بالتعيين فلو عين نوعا للاتجار فيه نظر إن كان مما يندر وجوده كالياقوت الاحمر والخز والادكن والخيل البلق والصيد حيث يوجد نادرا فسد القراض فان هذا تضييق يخل بمقصوده وإن لم يكن نادر الوجود نظر إن كان يدوم شتاء وصيفا كالحبوب والحيوان والخز والبز صح القراض وإن لم يدم كالثمار الرطبة فوجهان (أحدهما) أنه لا يجوز كما إذا قارضه مدة ومنعه من التصرف بعدها نعم لو قال تصرف فيه فإذا انقطع فتصرف في كذا جاز
(وأصحهما) وبه قال أبو إسحق أنه يجوز لانه يمنع التجارة في تلك المدة ويخالف ما إذا قارضه مدة لانها قد تنقضي قبل أن يبيع ما عنده من العروض وهذا النوع سهل التصرف فيه مادام موجودا وإذا انقطع لم يبق عنده شئ ولو قال لا تشتري إلا هذه السلعة أو إلا هذا العبد فسد القراض بخلاف مااذا قال لا تشتري هذه السلعة وهذا العبد لان فيما سواهما مجالا واسعا وكذا لو شرط أن لا يبيع الا من فلان ولا يشترى الا منه لم يجز ولو قال لاتبع من فلان أو لا تشتري منه جاز وفي بعض شروح المفتاح أنه لا يجوز كما لو قال لاتبع الا منه والمذهب الاول وبقولنا قال مالك وقال أبو حنيفة وأحمد يجوز أن يعين سلعة للشراء وشخصا للمعاملة معه كما في الوكالة وعن القاضى أبى الطيب أن الماسرخسى قال إذا كان الشخص المعين بياعا لا ينقطع عنده المتاع الذي يتجر عليه نوعه غالبا جاز تعيينه *

(12/14)


(فرع) في اشتراط تعيين نوع يتصرف فيه مثل الخلاف المذكور في الوكالة والظاهر وهو الذي أورده في النهاية أنه لا يشترط لان الوكالة نيابة محضة والحاجة تمس إليها في الاشغال الخاصة والقراض معاملة يتعلق بها غرض كل واحد من المتعاقدين فمهما كان العامل أبسط يدا كان أفضى إلى مقصوده * (فرع) إذا جرى تعيين صحيح لم يكن للعامل مجاوزته كما في سائر التصرفات المستفادة من الاذن فالاذن في البز يتناول ما يلبس من المنسوج من الابريسم والقطن والكتان والصوف دون الفرش والبسط وفي الاكسية وجهان لانها ملبوسة لكن بائعها لا يمسى بزازا * قال (ولو ضيق بالتأقيت إلى سنة مثلا ومنع من البيع بعدها فهو فاسد فانه قد لا يجد زبونا قبلها * وان قيد الشراء وقال لاتشتر بعد السنة ولك البيع فوجهان * إذ المنع عن الشراء مقدور له في كل وقت فأمكن شرطه * فان قال قارضتك سنة مطلقا فعلى أي القسمين ينزل فيه وجهان) * (الامر الثالث) أن لا يضيق بالتأقيت (واعلم) أولا أن القراض لا يعتبر فيه بيان المدة بخلاف المساقاة لان المقصود من المساقة ينضبط بالمدة فان للثمر وقتا معلوما والمقصود من القراض ليس له مدة مضبوطة فلم يشترط فيه التأقيت ولو أقت وقال قارضتك سنة فينظر إن منعه من

(12/15)


التصرف بعدها مطلقا أو من البيع فهو فاسد لانه يخل بمقصود العقد ويخالف مقتضاه (أما الاول) فلانه قد لا يجد راغبا في المدة فلا تحصل التجارة والربح (وأما الثاني) فلانه قد يكون عنده عروض عند انقضاء السنة وقضية القراض أن ينض العامل مافى يده لاخر الامر ليتميز رأس المال من الربح وان قال على أن لا أشترى بعد السنة ولك البيع فوجهان (أحدهما) المنع لان ما وضعه على الاطلاق من العقود لا يجوز فيه التأقيت وهذا الوجه ذكر الامام أن العراقيين نسبوه إلى أبى الطيب بن سلمة ولا يكاد يوجد ذلك في كتبهم نعم يقولون أن أبا الطيب النساوى حكاه عن أبى اسحق فيما علقه من الزيادات على الشرح فكأنه اشتبه عليه أبو الطيب بابى الطيب (وأصحهما) الجواز لان المالك يتمكن من منعه من الشراء مهما شاء فجاز أن يتعرض له في العقد بخلاف المنع من البيع ولو اقتصر على قوله قارضتك سنة فوجهان (أصحهما) المنع لان قضية انتهاء القراض امتناع التصرف بالكلية ولان ما يجوز فيه الاطلاق من العقود لا يجوز فيه التأقيت كالبيع والنكاح (والثاني) يجوز ويحمل على المنع من الشراء باستدامة العقد ولو قال قارضتك سنة على أن لا أملك الفسخ قبل انقضائها فهو فاسد ولايجوز أن يعلق القراض فيقول إذا جاء رأس الشهر فقد قارضتك كما لا يجوز تعليق البيع ونحوه ولو قال قارضتك الان ولكن لا تتصرف حتى يجى رأس الشهر ففى وجه يجوز كالوكالة والاصح يمنع كما لو قال بعتك بشرط أن لا تملك الا بعد شهر *

(12/16)


قال (الثالث الربح * وشراطئه أربع وهى أن يكون مخصوصا بالعاقدين مشتركا معلوما بالجزئية لا بالتقدير * وعنينا بالخصوص أنه لو أضيف جزء من الربح إلى ثالث لم يجز * وبالاشتراك أنه لو شرط الكل للعامل أو للمالك فهو فاسد (م) * وبكونه معلوما احترزنا عما إذا قال لك من الربح ما شرطه فلان لفلان فانه مجهول * ولو قال على أن الربح بيننا ولم يقل نصفين فالاظهر (و) التنزيل على التنصيف ليصح * واحترزنا بالجزئية عما إذا قال لك من الربح مائة أو درهم أولى درهم والباقي بيننا فكل ذلك فاسد إذ ربما لا يكون الربح إلا ذلك المقدار) *
في الربح شروط (أحدهما) أن يكون مخصوصا بالمتعاقدين فلو شرط بعضه لثالث فقال على أن

(12/17)


يكون ثلثه لك وثلثه لزوجتي أو لامي أو لاختي لم يصح القراض لانه ليس بعامل ولا مالك للمال إلا أن يشترط عليه العمل معه فيكون قراضا مع رجلين ولو كان المشروط له عبد المالك أو العامل كان ذلك مضمونا للمالك أو العامل على ما تقدم (ولو) قال نصف الربح لك ونصفه لى ومن نصيبي نصفه لزوجتي صح القراض وهذا وعد منه لزوجته (ولو) قال للعامل لك كذا على أن تعطى ابنك أو امرأتك نصفه فعن القاضى أبى حامد أن ذكره شرطا فسد القراض وإلا لم يفسد (الثاني) أن يكون مشتركا بينهما فلو قال قارضتك على أن يكون جميع الربح لك ففى حكمه وجهان (أصحهما) أنه قراض فاسد رعاية للفظ (والثاني) أنه قراض صحيح رعاية للمعنى ويروى هذا عن أبى حنيفة ولا

(12/18)


يجئ الوجه الثاني في مثله من المساقاة لتعذر القراض (ولو) قال قارضتك على أن الربح كله لى فهو قراض فاسد أو ابضاع فيه وجهان وعن مالك أنه يصح القراض في الصورتين ويجعل كائن الاخر وهب نصيبه من المشروط له (ولو) قال أبضعتك على أن نصف الربح لك فهو إبضاع أو قراض فيه الوجهان (ولو) قال خذ هذه الدراهم فتصرف فيها والربح كله لك فهو قرض صحيح عند ابن سريج والاكثرين بخلاف مالو قال قارضتك على أن الربح كله لك لان اللفظ يصرح بعقد آخر (قال) الشيخ أبو محمد لافرق بين الصورتين (وعن) القاضى الحسين أن الربح والخسران للمالك وللعامل أجرة المثل ولايكون قرضا لانه لا يملكه ولو قال تصرف فيها والربح كله لى فهو إبضاع (الثالث) أن يكون

(12/19)


معلوما فلو قال قارضتك على أن لك في الربح شركة أو شركا أو نصيبا فسد (ولو) قال لك مثل ما شرطه فلان لفلان فان كانا عالمين بالمشروط لفلان صح وإن جهلاه أو أحدهما فسد (ولو) قال على أن الربح بيننا ولم يقل نصفين فوجهان (أحدهما) الفساد لانه لم يبين مالكل واحد منهما فأشبه مالو اشترط أن يكون الربح بينهما أثلاثا ولم يبين من له الثلثان ومن له الثلث (وأظهرهما) على ما ذكره في
الكتاب وبه اجاب الشيخ أبو حامد وحكاه عن ابن سريج أنه يصح وينزل على النصف كما لو قال هذه الدراهم بيني وبين فلان يكون اقرارا بالنصف (ولو) قال على أن ثلث الربح لك وما بقى فثلثه لى وثلثاه لك صح وحاصله اشتراط سبعة أتساع الربح للعامل والحساب من عدد لثلثه ثلث وأقله تسعة

(12/20)


وهذا إذا علما عند العقد أن المشروط للعامل بهذه اللفظة كم هو فان جهلاه أو أحدهما فوجهان (أحدهما) عن صاحب التقريب الذي أورده صاحب الشامل منهما الصحة لسهولة معرفة ما تضمنه اللفظ ويجرى الخلاف فيما إذا قال على أن لك من الربح سدس ربع العشر وهما لا يعرفان قدره عند العقد أو أحدهما (والرابع) أن يكون العلم به من حيث الجزئية لامن حيث القدر فلو قال لك من الربح أولى من درهم أو مائة والباقى بيننا بالسوية فسد القراض لانه ربما لا يربح إلا ذلك القدر فيلزم اختصاص أحدهما بكل الربح وكذا لو قال لك نصف الربح سوى درهم وكذا لو شرط أن يوليه سلعة كذا إذا اشتراها برأس المال لانه ربما لا يربح إلا عليها وكذا لو شرط أنه يلبس الثوب الذي

(12/21)


يشتريه ويركب الدابة الذي يشتريها لان القراض جوز على العمل المجهول بالعوض المجهول للحاجة ولا حاجة إلى ضمن ما ليس من الربح إليه ولانه ربما ينقص بالاستعمال ويتعذر عليه التصرف فيه ولو شرطا اختصاص أحدهما بربح صنف من المال فسد أيضا لانه ربما لا يحصل الربح إلا فيه وكذا لو شرط ربح أحد الالفين لهذا وربح الالف الثاني لهذا وشرط أن يكون الالفان متميزين ولو دفعهما إليه ولا تمييز وقال ربح أحد الالفين لى وربح الاخر لك فعن بعض الاصحاب أنه يصح ولافرق بينه وبين أن يقول نصف ربح الالفين لك (والاظهر) ويحكي عن ابن سريج أنه فاسد لانه خصه بربح بعض المال فأشبه ما إذا كان الالفان متميزين وما إذا وقع إليه الفا على أن يكون له ربحها ليتصرف له في الف آخر *

(12/22)


قال (الرابع الصيغة * وهى أن يقول قارضتك أو ضاربتك أو عاملتك على أن الربح بيننا
نصفين فيقول قبلت * ولو قال على أن النصف لى وسكت عن العامل فسد (و) * ولو قال على أن النصف لك وسكت عن جانب نفسه جاز) * القراض والمضاربة والمعاملة مستعملة في هذا العقد وإذا قال قارضتك أو ضاربتك أو عاملتك على أن الربح بيننا كذا كان إيجابا صحيحا ويشترط فيه القبول على التواصل المعتبر في سائر العقود (ولو) قال خذ هذه الدراهم واتجر عليها على أن الربح بيننا كذا ففى التهذيب أنه يكون قراضا ولا يفتقر إلى القبول وهذا حكاه الامام عن القاضى الحسين ثم قال وقطع شيخي والطبقة العظمى من نقلة

(12/23)


المذهب أنه لابد من القبول بخلاف الجعالة والوكالة فان القراض عقد معاوضة يختص بمعين فلا يشبه الوكالة التى هي إذن مجرد والجعالة التى يتهم فيها العامل فان قال قارضتك على أن نصف الربح لى وسكت عن جانب العامل فوجهان (أحدهما) أنه يصح ويكون النصف الاخر للعامل لانه الذى يسبق إلى الفهم منه ولهذا قال ابن سريج (وأصحهما) وهو المذكور في الكتاب وبه قال المزني لا يصح لان الربح فائدة رأس المال فيكون للمالك إلا إذا نسب منه شئ إلى العامل ولم ينسب إليه شئ (ولو) قال على أن نصف الربح لك وسكت عن جانب نفسه فالصحيح الجواز وما لا ينسب إلى العامل يكون للمالك بحكم الاصل بخلاف الصورة السابقة (وفي) النهاية ذكر وجه ضعيف أنه لا يصح حتى تجرى الاضافة في الجزأين إلى الجانبين (وإذا قلنا) بالصحيح فلو قال على أن لك

(12/24)


النصف ولى السدس وسكت عن الباقي صح وكان الربح بينهما نصفين كما لو سكت عن ذكر جميع النصف * قال (الخامس والسادس العاقدان * ولا يشترط فيهما إلا ما يشترط في الوكيل والموكل * نعم لو قارض العامل غيره بمقدار ما شرط به باذن المالك ففيه وجهان لان وضع القراض أن يدور بين عامل ومالك) * صاحب الكتاب رحمه الله قد يعد العاقدين ركنين كما فعل ههنا وفي الوكالة وقد يعد العاقد
مطلقا ركنا واحدا كما فعل في البيع والرهن والفرض الاصلى لا يختلف لكنه لو استمر على طريقة واحدة كان أحسن * وفقه الفصل أن القراض توكيل وتوكل في شئ خاص وهو التجارة فيعتبر في العامل والمالك ما يعتبر في الوكيل والموكل فكما يجوز لولى الطفل التوكيل في أجور الطفل كذلك

(12/25)


يجوز لولى الطفل والمجنون أن يقارض على مالهما يستوى فيه الاب والجد ووصيهما والحاكم وأمينه وهل يجوز لعامل القراض أن يقارض غيره (اما) باذن المالك فقد ذكره ههنا وأعاده مرة أخرى في الباب الثاني مع القسم الاخر وهو أن يقارض بغير إذن المالك ونحن نشرح المسألة بقسميها هناك إن شاء الله تعالى * قال (ولو كان المالك مريضا وشرط ما يزيد على أجرة المثل للعامل لم يحسب من الثلث لان التفويت هو المقيد بالثلث والربح غير حاصل * وفي نظيره من المساقاة خلاف (و) لان النخيل قد تثمر بنفسها فهو كالحاصل * ولو تعدد العامل واتحد المالك أو بالعكس فلا حرج) * فيه مسألتان (احدهما) لو قارض في مرض موته صح وإذا ربح العامل سلم له الجزء المشروط وان زاد على أجرة مثل عمله ولا يحسب من الثلث لان المحسوب من الثلث ما يفوته من ماله والربح

(12/26)


ليس بحاصل حتى يفوته وانما هو شئ يتوقع حصوله فإذا حصل حصل بتصرفات العامل وكسبه ولو ساقى في مرض الموت وزاد الحاصل على أجرة المثل فوجهان (أحدهما) أنه لا يحتسب من الثلث أيضا لانه لم يكن حينئذ ثمرة وحصولهما منسوب إلى عمل العامل وتعهده (وأشبههما) احتساب الزياة من الثلث لان للثمار وقتا معلوما ينتظر وهى قد تحصل من عين النخيل من غير عمل فكانت كالشئ الحاصل بخلاف الارباح الثانية يجوز أن يقارض الواحد اثنين وبالعكس ثم إذا قارض الواحد اثنين وشرط لهما نصف الربح بالسوية جاز ولو شرط لاحدهما نصف الربح وللاخر ربعه فان أبهم لم يجز وان عين الثلث لهذا والربع لهذا جاز لان عقد الواحد مع اثنين كعقدين (وقال) مالك لا يجوز لاشتراكهما في العمل (وقال) الامام وانما يجوز أن يقارض اثنين إذا ثبت لكل واحد منهما الاستقلال
فان شرط على كل واحد منهما مراجعة الاخر لم يجز وما أرى أن الاصحاب يساعدونه عليه وإذا

(12/27)


قارض اثنان واحدا فليبينا نصيب العامل من الربح ويكون الباقي بينهما على قدر ماليهما ولو قالا لك من نصيب أحدنا من الربح الثلث ومن نصيب الاخر الربع فان أيهما لم يجز وإن عينا وهو عالم بقدر كل واحد منهما جاز إلا أن يشترطا كون الباقي بين المالكين على غير ما تقتضيه نسبة المالين كافية من شرط الربح لمن ليس بمالك ولا عامل وعن أبى حنيفة تجويز هذا الشرط * قال (ومهما فسد القراض بفوات شرط نفذ التصرفات وسلم كل الربح للمالك * وللعامل أجرة مثله إلا إذا فسد بأن شرط كل الربح للمالك ففي استحقاقه الاجرة وجهان لانه لم يطمع في شئ أصلا) * لما قضى حق القول في الامور المعتبرة في القراض بين حكمه إذا فسد بتخلف بعض الشروط وله ثلاثة أحكام (أحدهما) نفوذ تصرفاته لو كان القراض صحيحا لانه يتصرف بالاذن والاذن

(12/28)


موجود وهذا كما أن تصرف الوكيل نافذ مع فساد الوكالة وليس كما إذا فسد البيع لا ينفذ تصرف المشترى لان المشترى إنما يتصرف بالملك ولاملك في البيع الفاسد (والثانى) سلامة الربح كله للمالك بتمامه لانه فائدة ماله وإنما يستحق العامل بعضه بالشرط بالعقد الصحيح (والثالث) استحقاق العامل أجرة مثل عمله سواء كان في المال ربح أو لم يكن لانه عمل طبعا في المسمى فإذا لم يسلم إليه وجب أن يرد عمله عليه وانه متعذر فتجب قيمته كما إذا اشترى شيئا شراء فاسدا وقبضه فتلف تلزمه قيمته (وعن) مالك أنه إن لم يحصل منه ربح فلا شئ له وإن حصل له فله ما يقارض به مثله في ذلك المال وهذه الاحكام مطردة في صورة الفساد نعم لو قال قارضتك على أن جميع الربح لى وفرعنا على أنه قراض فاسد لاإبضاع ففي استحقاق العامل أجرة المثل وجهان (أحدهما) يستحق كما في سائر أسباب الفساد (وأصحهما) قال المزني المنع لانه عمل مجانا غير طامع في شئ *

(12/29)


(فرع) قال المزني في المختصر لو دفع إليه الف درهم وقال اشتريها هرويا أو مرويا بالنصف فهو فاسد واختلفوا في تعليله (فالاصح) وهو سياق الكلام ما يقتضيه أن الفساد باعتبار أنه تعرض للشراء دون البيع وهذا جواب على أصح الوجهين أن التعرض للشراء لا يغنى عن التعرض للبيع بل لابد من لفظ المضاربة ونحوها ليتناول البيع والشراء أو من التصريح بالشراء والبيع جميعا وإذا اقتصر على الشراء فللمدفوع إليه الاقتصار على الشراء دون البيع والربح كله للمالك والخسران عليه (وفيه) وجه أن التعرض للشراء كاف وهو ينبه على البيع بعده وفيما إذا اتى بلفظ المضاربة والقراض أيضا حكاية وجه ضعيف في النهاية أنه كما لو قال اشتر ولم يتعرض للبيع (وقيل) سبب الفساد في تصوير المزني أنه قال بالنصف ولم يبين لمن هو فيحتمل أنه أراد شرطه لنفسه وحينئذ يكون نصيب العامل مسكوتا عنه فيفسد العقد (واعترض) ابن سريج على هذا بان الشرط ينصرف إلى العامل لان المالك

(12/30)


يستحق بالمال لا بالشرط (وعن) ابن أبى هريرة أن سبب الفساد أنه تردد بين النوعين ولم يعين واحدا ولا أطلق التصرف في أجناس الامتعة (واعترض) القاضى الحسين عليه أنه لو عين أحدهما لحكمنا بالصحة فإذا ذكرهما على الترديد فقد زاد العامل بسطة وتخيرا فينبغي أن يصح بطريق الاولى (وقيل) سببه أن القراض إنما يصح إذا أطلق له التصرف في الامتعة أو عين جنسا يعم وجوده والهروى والمروى ليسا كذلك وهذا القائل كان يفرض في بلد لا يعمان به (وقال) الامام يجوز أن يكون سبب الفساد أنه ارسل ذكر النصف ولم يقل بالنصف من الربح * (الباب الثاني في حكم القراض الصحيح) قال (وله خمسة أحكام (الحكم الاول) أن العامل كالوكيل في تقييد تصرفه بالغبطة * فلا

(12/31)


يتصرف بالغبن ولا بالنسيئة بيعا ولاشراء إلا بالاذن * ويبيع بالعرض فانه عين التجارة * ولكل واحد منهما الرد بالعيب * فان تنازعا فقال العامل يرد وامتنع رب المال أو بالعكس فيقدم جانب الغبطة ولا يعامل العامل المالك * ولا يشترى بمال القراض أكثر من رأس المال * وإن اشترى
لم يقع للقراض * وانصرف إليه إن أمكن) * من أحكام القراض تقييد تصرف العامل بالغبطة كتصرف الوكيل ثم الغبطة والمصلحة قد تقتضي التسوية بينهما وقد تقتضي الفرق وبيع العامل وشراؤه الغبن كبيع الوكيل بلا فرق ولا يبيع نسيئة بدون الاذن ولا يشترى أيضا لانه ربما يهلك رأس المال فتبقى العهدة متعلقة به فان أذن في البيع نسيئة ففعل وجب عليه الاشهاد ويضمن لو تركه ولا حاجة إليه في البيع حالا لانه يحبس المبيع إلى استيفاء الثمن ولو سلمه قبل استيفاء الثمن وضمن كالوكيل فان كان مأذونا في التسليم

(12/32)


قبل قبض الثمن سلمه ولم يلزمه الاشهاد لان اعادة ما جرت بالاشهاد في البيع الحال ويجوز للعامل أن يبيع بالعرض بخلاف الوكيل فان اشتراه بقدر قيمته قال في التتمة فيه وجهان لان الرغبات في المعيب ما تقل وإن اشترى شيئا على ظن السلامة فبان معيبا فله أن ينفرد برده وإن كانت الغبطة فيه ولا يمنعه منه رضى المالك بخلاف الوكيل لان العامل صاحب حق في المال وإن كانت الغبطة في إمساكه ففى النهاية وجهان في تمكنه من الرد (وأظهرهما) المنع لاخلا له بمقصود العقد وحيث ثبت الرد للعامل ثبت للمالك بطريق الاولى ثم الذي حكاه الامام أن العامل يرد على البائع وينقض البيع (وأما) المالك فينظر إن كان الشراء بعين مال القراض فكمثل وإن اشترى العامل في الذمة فيصرفه المالك عن مال القراض وفي انصرافه إلى العامل ما سبق في انصرافه العقد إلى الوكيل إذا لم يقع للموكل ولو تنازع المالك والعامل في الرد وتركه فعل ما فيه الحظ ولايجوز للمالك معاملة العامل بأن يشترى من مال القراض شيئا لانه ملكه كما أن السيد لا يعامل المأذون ولايجوز أن يشترى بمال القراض أكثر من رأس المال لان المالك لم يرض بان يشغل ذمته فلو فعل لم يقع

(12/33)


ما زاد عن جهة القراض حتى لو دفع مائة قراضا فاشترى عبدا بمائة ثم أجر للقراض أيضا لم يقع الثاني للقراض ولكن ينظر إن اشتراه بعين المائة فالشراء باطل سواء اشترى الاول بعين المائة أوفي الذمة (أما) إذا اشترى بعين المائة فلصيرورتها ملكا للبائع الاول (وأما) إذا اشترى في الذمة
فلصيرورتها مستحقة الصرف إلى العقد الاول وان اشترى العبد الثاني في الذمة لم يبطل ولكن ينصرف إلى العامل حيث ينصرف شراء الوكيل المخالف إليه وإذا انصرف العبد الثاني إلى العامل فان صرف مائة القراض إلى ثمنه فقد تعدى ودخلت المائة في ضمانه لكن العبد يبقى أمانة في يده لانه لم يتعد فيه فإذا تلفت المائة نظر إن كان الشراء الاول بعينها انفسخ وإن كان في الذمة لم ينفسخ ويثبت للمالك على العامل مائة والعبد الاول للمالك وعليه لبائعه مائة فان أداها العامل باذن المالك وشرط له الرجوع ثبتت له مائة على المالك ووقع الكلام في التقاص وإن أدى من غير إذنه برئ المالك عن حق بائع العبد ويبقى حقه على العامل ويجوز أن يعلم قوله من لفظ الكتاب فلا يتصرف بالغبن ولا بالنسيئة بالحاء لان أبا حنيفة يخالف فيه كما ذكرنا في الوكالة *

(12/34)


قال (ولو اشترى من يعتق على المالك لم يقع عن المالك فانه نقيض التجارة * ولو اشترى زوجة المالك فوجهان * والوكيل بشراء عبد مطلق ان اشترى من يعتق على الموكل فيه وجهان * والعبد المأذون ان قيل له اشترى عبدا فهو كالوكيل * وان قيل له اتجر فهو كالعامل * وان اشتري العامل قريب نفسه ولا ربح في المال صح * وان ارتفعت الاسواق وظهر ربح وقلنا يملك بالظهور عتق صحته (و) ولم يسر إذ لا اختيار في ارتفاع السوق * وان كان في المال ربح وقلنا لا يملك بالظهور صح ولم يعتق * وان قلنا يملك ففى الصحة وجهان لانه مخالف للتجارة * فان صح عتق (و) حصته وسرى إلى نصيب المالك لان المشترى مختار وغرم له حصته) * مضمون الفصل مسألتان (احداهما) إذا اشترى العامل من يعتق على المالك فاما أن يشتريه باذن المالك أو بغير اذنه (أما) الحالة الاولى فيصح الشراء ثم ان لم يكن في المال ربح عتق عن المالك وارتفع القراض ان اشتراه بجميع مال القراض وخيار رأس المال الباقي ان اشتراه ببعضه وان كان في المال ربح ينبنى على أن العامل متى يملك نصيبه من الربح (ان قلنا) يملك بالقسمة عتق

(12/35)


أيضا وغرم المالك نصيبه من الربح وكأنه استرد طائفة من المال بعد ظهور الربح وأتلفه (وان قلنا)
انه يملك بالظهور عتق منه حصة رأس المال ونصيب المالك من الربح ويسرى إلى الباقي ان كان موسرا أو يغرمه وان كان معسرا بقى رقيقا وفيه وجه انه إذا كان في المال ربح وقد اشتراه ببعض مال القراض نظران اشتراه بقدر رأس المال عتق وكأن المالك استرد رأس المال والباقي ربح يتقاسمانه على قضية الشرط وان اشتراه بأقل من رأس المال فهو محسوب من رأس المال وان اشتراه بأكثر حسب قدر رأس المال من رأس المال والزيادة من حصة المالك ما أمكن والظاهر الاول وهو وقوعه سائغا على ما سنذكره في استرداد طائفة من المال بعد الربح والحكم فيما إذا أعتق المالك عبدا من مال القراض كالحكم في شراء العامل من يعتق عليه باذنه (الحالة الثانية) أن يشتريه بغير اذن المالك وهى التى قصدها صاحب الكتاب فلا يقع الشراء عن المالك بحال لان مقصود العقد تحصيل الربح وفي شراء من يعتق عليه تفويت رأس المال أيضا لكن ينظر ان اشتراه بعين مال القراض بطل من أصله وان اشتراه في الذمة وقع عن العامل ولزمه الثمن من ماله فان أداه

(12/36)


من مال القراض ضمن ولو اشترى العامل زوجة المالك أو زوج المالكة بغير إذنها فوجهان (أحدهما) وبه قال أبو حنيفة أنه يصح لانه اشترى له ما يتوقع فيه الربح ولا يتلف رأس المال (وأظهرهما) ويحكي عن نصه في الاملاء المنع لانه لو ثبت الملك لانفسخ النكاح وتضرر به والظاهر أنه لا يقصده بالاذن وانما يقصد مال فيه حظ فعلى هذا الحكم كما لو اشترى من يعتق على المالك بغير إذنه وإذا وكل وكيلا بشراء عبد فاشترى من يعتق على الموكل ففي وقوعه للموكل وجهان نقلهما الامام (أحدهما) المنع لان الظاهر أنه يطلب عبد تجارة أو عبد قنية وبشراء من يعتق عليه لا يحصل واحدا من الوصفين (وأظهرهما) وهو الذي أورده الجمهور الوقوع لان اللفظ يتناوله وان بقى له انتفع به وان عتق عليه ناله ثوابه وانما أخرجناه عن التناول بالقراض لقرينة غرض التجارة (فان قلنا) بالاول بطل الشراء ان اشتراه بعينه والا وقع عن الوكيل والبعد المأذون له في التجارة إن اشترى من يعتق على سيده باذن السيد صح وعتق عليه إن لم يركبه دين وان ركبه الدين ففى العتق قولان لان ما في يده كالمرهون بالديون (وأن) اشترى بغير إذنه فقولان منصوصان (أحدهما) انه يصح ويعتق عليه لان

(12/37)


العبد لا يمكنه الشراء لنفسه وانما يشترى لسيده فإذا اطلق الاذن انصرف ما يشتريه إليه مقيدا كان أو غير مقيد والعامل يمكنه الشراء لنفسه كما يمكنه الشراء للمالك فما لا يقع مقصودا بالاذن ظاهرا ينصرف إلى العامل (وأصحهما) وهو اختيار المزني أنه لا يصح كما في حق العامل لان السيد انما أذن في التجارة وهذا ليس من التجارة في شئ ورأى الامام القطع بهذا القول فيما إذا كان الاذن في التجارة ورد الخلاف إلى مااذا قال تصرف في هذا المال أو اشترى عبدا وعلى هذا جرى صاحب الكتاب حيث قال ان قيل له اشتر عبدا فهو كالوكيل (وان قيل) اتجر فهو كالعامل أي هو كالوكيل في أن الخلاف يجد مجالا ومضطربا ولا يمكن حمله على أن الخلاف كالخلاف فان الخلاف في المأذون قولان مشهوران وفي الوكيل إن ثبت وجهان وقوله فهو كالعامل يجوز إعلامه بالواو لان الاكثرين أثبتوا القولين مع تصويرهم في الاذن في التجارة وكذلك حكاه المزني عن نصه في المختصر ويجوز إعلامه بالحاء أيضا لان المحكى عن أبى حنيفة أنه إن لم يدفع السيد إليه وانما أذن له في التجارة صح الشراء وعتق على السيد وان دفع إليه مالا فهو كالعامل ثم

(12/38)


هذا الخلاف فيما إذا لم يركبه دين فان ركبه وقد اشتراه بغير إذن السيد ترتب الخلاف على الخلاف فيما إذا لم يركبه وعدم الصحة ههنا أولى وان صح ففي نفوذ العتق الخلاف السابق (المسألة الثانية) إذا اشترى العامل من يعتق عليه نظر إن لم يكن في المال ربح صح الشراء ولم يعتق عليه كالوكيل يشترى قريب نفسه لموكله ثم إن ارتفعت الاسواق وظهر ربح بني على القولين في أن العامل متي يملك الربح (إن قلنا) يملكه بالقسمة لم يعتق بشئ منه (وان قلنا) بالظهور فاظهر الوجهين وهو المذكور في الكتاب أنه يعتق عليه قدر حصته من الربح لانه ملك بعض أبيه (والثانى) لا يعتق لان الملك فيه غير تام من حيث أنه وقاية لرأس المال معدا لهذا الغرض إلى انفصال الامر بينهما بالمقاسمة (فان قلنا) بالاول ففى الشراء به إن كان موسرا وتقديم الباقي عليه وجهان (أحدهما) وبه أجاب الاكثرون أنها تثبت كما لو اشتراه وفيه ربح وقلنا إنه يملك بالظهور (والثانى) المنع وهو
الذي أورده في الكتاب لان العتق والحالة هذه يحصل في الدوام بسبب هو فيه غير مختار ومثل ذلك لا يتعلق به الشراء ألا ترى أنه لو ورث بعض قريبه عتق عليه ولم يشتر ومن قال بالاول أجاب

(12/39)


بأنه لاختيار في الارث أصلا وههنا الشراء اولا والامساك ثانيا إلى ارتفاع الاسواق اختياران وان كان في المالك ربح سواء كان حاصلا في الشراء أو حصل بنفس الشراء مثل ان كان رأس المال مائة فاشترى بها أباه وهو يساوى مائتين (فان قلنا) إنه يملك الربح بالقسمة دون الظهور صح الشراء ولم يعتق (وان قلنا) يملك بالظهور ففى صحة الشراء في قدر حصته من الربح وجهان (أظهرهما) الصحة لانه مطلق التصرف في ملكه (والثانى) المنع لانه لو صح فاما أن يحكم بعتقه وهو يخالف غرض الاسترباح الذي هو مقصود التجارة أولا يحكم فيختلف العتق عن ملك القريب (فان قلنا) بالمنع ففى الصحة في نصيب المالك الوجهان السابقان (إن قلنا) يعتق فان كان موسرا سرى العتق إلى الباقي ولزمه الغرم لانه مختار في الشراء والابقى الباقي رقيقا هذا كله فيما إذا اشترى العامل قريب نفسه بعين مال القراض (أما) إذا اشتراه في الذمة للقراض فحيث صححنا الشراء بعين مال القراض أوقعناه ههنا عن القراض وحيث لم نصحح ههنا عن العامل وعتق عليه وعن صاحب التقريب قوله أنه لو أطلق الشراء ولم يصرفه إلى القراض لفظا ثم قال كنت نويته (وقلنا) أنه إذا وقع عن القراض لم يعتق منه شئ لا يقبل قوله لان الذي جرى عقد عتاقة فلا يمكن من رفعها *

(12/40)


(فرع) ليس لعامل القراض أن يكاتب عبد القراض بغير اذن المالك فان كاتباه معا جاز وعتق بالاداء ثم إن لم يكن في المال ربح فولاؤه للمالك ولا ينفسخ القراض بما جرى من الكتابة في أظهر الوجهين بل ينسحب على النجوم وإن كان فيه ربح فالولاء بينهما على حسب الشرط وما يزيد على الثمن من القيمة ربح * قال (الحكم الثاني * ليس لعامل القراض أن يقارض عاملا آخر بغير إذن المالك * وفي صحته بالاذن خلاف (و) * فان فعل بغير الاذن وكثرت التصرفات والربح فعلى الجديد الربح
كله للعامل الاول ولا شئ للمالك * وللعامل الثاني أجر مثله على العامل الاول إذ الربح على الجديد للغاصب * والعامل الاول هو الغاصب الذي عقد العقد له * وقيل كله للعامل الثاني فانه الغاصب * وعلى القديم يتبع موجب الشرط للمصلحة وعسر ابطال التصرفات وللمالك نصف (و) الربح والنصف الاخر بين العاملين نصفين (و) كما شرطا * وهل يرجع العامل الثاني بنصف أجرة مثله لانه كان طمع في كل النصف من الربح ولم يسلم له فيها وجهان)

(12/41)


إذا قارض العامل غيره لم يخل أما أن يقارضه باذن المالك أو بغير اذنه (أما الحالة الاولى) فتتصور على وجهين (أحدهما) أن ينسلخ العامل من البين وينتهض وكيلا في القراض مع الثاني كأن المالك سلم إليه المال وأذن له في أن يقارض غيره ان بدى له فهذا صحيح كما لو قارضه المالك بنفسه ولايجوز أن يشترط الاول لنفسه شيئا من الربح ولو فعل فسد القراض وللثاني أجرة المثل على المالك لما مر أن شرط الربح لغير المالك والعامل ممتنع (والثانى) أن يأذن له في أن يعامل غيره ليكون ذلك الغير شريكا له في العمل والربح المشروط له على ما يراه حكى الامام وصاحب الكتاب فيه وجهين (أحدهما) الجواز كما لو قارضه المالك شخصين في الابتداء (وأشبههما) المنع لانا لو جوزنا ذلك لكان الثاني فرعا للاولى منصوبا من جهته والقراض معاملة تضيق محال القياس فيها فلا يعدل بها عن موضوعها وهو أن يكون أحد المتعاقدين مالكا لاعمل له والثانى عاملا لاملك له وهذا ما أشار إليه صاحب الكتاب يقوله في الباب الاول حين ذكره هذه المسألة " لان وضع القراض أن يدور بين مالك وعامل " وليكن لفظ الكتاب هناك معلما بالواو نعم لو قارض العامل غيره بمقدار

(12/42)


مما شرط له أما إذا قارض بمقدار ما شرط له كان ذلك غير التصوير الاول وهو جائز بلا خلاف (الحالة الثانية) أن يقارض العامل بغير اذن المالك فهو فاسد لان المالك لم يأذن فيه ولا ائتمن على المال ويجئ فيه القول المذكور في أن تصرفات الفضولي تنعقد موقوفة على الاجازة (وإذا قلنا) بالمذهب فلو أن الثاني تصرف في المال وربح فهذا ينبني على أن الغاصب إذا اتجر في المال المغصوب ماحكم تصرفه ولم الربح الحاصل؟ (أما)
إذ تصرف في عين المغصوب فهو تصرف الفضولي (فاما) إذا باع سلما أو اشترى في الذمة وسلم المغصوب فيما التزمه وربح (فعلى) الجديد الربح الغاصب لان التصرف صحيح والتسليم فاسد فيضمن المال الذي سلمه ويسلم له الربح وهذا قياس ظاهر وعلى القديم هو للمالك توجيها بحديث عروة البارقى فان النبي صلى الله عليه وسلم أخذ رأس المال والربح وبأنا لو جعلنا للغاصب لاتخذه الناس ذريعة إلى الغصب والخيانة في الودائع والبضاعات وبان تصرفات الغاب صقد تكثر فيتعسر بيع الامتعة التى تداولتها الايدى المختلفة أو يتعذر وفي هذا القول مباحثات (أحدهما) الجزم على هذا القول بأن الربح للمالك أو نوقفه على اجازته واختياره قيل بالوقف على الاجازة وبنى هذا القول على قول الوقف في بيع الفضولي

(12/43)


وانما لم يتعرض الشافعي رضى الله عنه للفسخ والاجازة لان الغالب أنه يجيز إذا رأى الربح فعلى هذا إذا رده يرتد سواء اشترى في الذمة أو بعين المغصوب (وقال) الاكثرون انه مجزوم به ومبنى على المصلحة وكيف يستقيم توقيف شراء الغاصب لنفسه على اجازة غيره وانما يجرى قول الوقف إذا تصرف في عين مال الغير أو له (الثانية) إذا كان في المال ربح وكثرت التصرفات وعسر تتبعها فهو موضع القول القديم أما إذا قلت وسهل التتبع ولاربح فلا مجال له قال الامام وحكى وجهين فيما إذا سهل التتبع وهناك ربح أو عسر ولا ربح (الثالثة) لو اشترى في ذمته ولم يخطر له أن يؤدى الثمن من الدراهم المغصوبة ثم سنخ له ذلك (قال) الامام ينبغى أن لا يجئ فيه القول القديم ان صدقه صاحب الدراهم (واعلم) أن المسألة قد تلف بمسألة البضاعة وقد ذكرناها والاختلاف فيها على

(12/44)


الاختصار مرة في البيع وأخرى في الغصب إذا تقرر ذلك (فعلى) الجديد ينظر ان اشترى بعين مال القراض فهو باطل وان اشترى في الذمة (فأحد) الوجهين ان كل الربح للعامل الثاني لانه المتصرف كالغاصب في صورة الغصب (وأصحهما) وبه أجاب المزني أن كله للاول لان الثاني تصرف للاول باذنه فكان كالوكيل من جهته وعليه للثاني أجرة عمله ويحكم هذا عن أبى حنيفة (وان قلنا) بالقديم ففيما يستحقه المالك من الربح وجهان (أحدهما) ولم أره الا في كتاب أبى الفرج السرخسى
أن كله للمالك كما في الغصب طردا لقياس هذا القول وعلى هذا فللعامل الثاني أجرة مثله وعلى من تجب؟ فيه وجهان (أحدهما) أنها على العامل الاول لانه استعمله وغيره (والثانى) على المالك لان

(12/45)


نفع عمله عاد إليه (وأصحهما) وبه أجاب المزني أن له نصف الربح لانه رضى به بخلاف صورة الغصب فانه لم يوجد منه رضى به فصرفنا الكل إليه قطعا لطمع الغصاب والخائنين وعلى هذا ففى النصف الثاني وجوه (أحدها) وهو اختيار ابن الصباغ ان كله للعامل الاول لان المالك انما شرط له وعقده مع الثاني فاسد فلا يتبع شرطه وعلى هذا فللثانى أجرة مثل عمله على الاول لانه غره (والثانى) أن كله للثاني لانه العامل أما الاول فليس له عمل ولا ملك فلا يصرف إليه شئ من الربح (وأصحهما) وهو المذكور في الكتاب أنه يكون بين العاملين بالسوية وبه أجاب المزني ووجهه أن تتبع التصرفات غير والمصلحة اتباع الشرط إلا أنه تعذر الوفاء به في النصف الذي أخذه المالك فكأنه تلف وانحصر الربح في الباقي وعلى هذا فهل يرجع العامل الثاني بنصف أجرة المثل فيه وجهان

(12/46)


(أحدهما) نعم لانه كان قد طمع في نصف الربح بتمامه ولم يسلم له إلا نصف النصف (وأشبههما) وبه قال المزني وأبو إسحق لا لان الشرط محمول على ما يحصل لهما من الربح والذي حصل هو الربح والوجهان فيما إذا كان العامل الاول قد قال على أن ربح هذا المال بيننا أو على أن لك نصه (أما) إذا كانت الصيغة على أن ما يرزقنا الله تعالى من الربح فبيننا (قطع) الاكثرون بأنه لا يرجع لان النصف هو الذي رزقاه (وعن) الشيخ أبى محمد اجراء الوجهين لان المفهوم تشرط جميع الربح ولا يخفى أن جميع ما ذكرناه إذا جرى القراضان على المناصفة فان كانا أو أحدهما على نسبة أخرى فعلى ما تشارطا وهذا كله فيما إذا تصرف الثاني وربح (أما) إذا هلك المال في يده فان كان عالما بالحال فهو

(12/47)


غاصب أيضا وإن كان يظن العامل مالكا فترتب يده على يد الاول كترتب يد المودع على يد الغاصب لانه يد أمانة (وفي) طريق هو كالمتهب من الغاصب لعود النفع إليه وقد بينا الحكم فيهما
ضمانا وقرارا من قبل (وقوله) في الكتاب وكثرت التصرفات والربح يشعر باعتبار الامرين لمجئ الخلاف وفيه من التردد ما ذكرناه ثم ليس المراد وكثر الربح بل المعنى وحصل الربح وما أشبهه لان الكثرة في الربح غير معتبرة بالاتفاق (قوله) والعامل الاول هو الغاصب أي هو الحائز الذي يقع التصرف في المال له كما يقع في الغصب للغاصب (وقوله) وقيل كله للعامل الثاني فانه الغاصب ليس محمولا على ما ذكرناه في حق الاول لكن المعنى أنه الشبيه بالغاصب من حيث أنه المتصرف

(12/48)


في المال بيعا وشراء وأخذا واعطاء (وقوله) وللمالك نصف الربح (وقوله) بين العاملين معلم بالواو لما عرفته * قال (الحكم الثالث * ليس للعامل أن يسافر (ح م و) بمال القراض إلا بالاذن فانه خطر فان فعل نفذت تصرفاته واستحق الربح ولكنه ضامن بعدوانه * وإذا سافر بالاذن فأجرة النقل على مال القراض كما أن نفقة الوزن والكيل والحمل الثقيل في الحضر أيضا على مال القراض * وليس على العامل إلا التجارة والنشر والطي ونقل الشئ الخفيف * فان تعاطى شيئا مما ليس عليه فلا أجرة له * وإن استأجر عليه ما عليه فعليه الاجرة * ونفقته على نفسه (م) في الحضر * ونص في السفر

(12/49)


أن له نفقته بالمعروف * فمنهم من نزله على نفقة النقل * ومنهم من قال فيه قولان * ووجه الفرق بين الحضر والسفر أنه متجرد في السفر للشغل * فعلى هذا لو استصحب مع ذلك مال نفسه وزع النفقة عليهما * ثم قد قيل القولان في القدر الذي يزيد في النفقة بسبب السفر * وقيل انه في الاصل) * كلام الفصل على التفات بعضه بالبعض يشتمل على ثلاث مقاصد (أحدها) أنه ليس للعامل أن يسافر بمال القراض بغير إذن المالك وعن أبى حنيفة ومالك أن له ذلك عند أمن الطريق وفي تعليق الشيخ أبى حامد نقل قول مثله عن البويطى (لنا) أن فيه خطرا وتعريضا للهلاك فلا ينبغى

(12/50)


أن يستقل به فلو خالف ضمن المال ثم ينظر إن كان المتاع بالبلد التي سافر إليها أكثر قيمة أو تساوت القيمتان صح البيع واستحق الربح لمكان الاذن وإن كان أقل قيمة لم يصح البيع بتلك القيمة إلا أن يكون النقصان بقدر ما يتغابن به وإذا صححنا البيع فالثمن الذي يأخذه يكون مضمونا عليه أيضا بخلاف ما إذا تعدى الوكيل بالبيع في المال ثم باعه وقبض الثمن لا يكون مضمونا عليه لان العدوان لم يوجد في الثمن وههنا سبب العدوان السفر ومزايلة مكان المال وأنه شامل ولا تعود الامانة بالعود من السفر وإذا سافر بالاذن فلا عدوان ولا ضمان (قال) في التتمة وبيع المال في البلد المنقول إليه بمثل ماكان يبيعه في المنقول عنه وبأكثر منه وأما بما دونه فان ظهر فيه غرض بان

(12/51)


كانت مؤنة الرد أكثر من قدر النقصان أو أمكن صرف الثمن إلى متاع يتوقع فيه الربح فله البيع أيضا وإلا لم يجز لانه محض تخسير (الثاني) على العامل أن يتولى ما جرت العادة به من نشر الثياب وطيها وذرعها وادراجها في السفط وإخراجها ووزن ما يخف كالذهب والمسك والعود وقبض الثمن وحمله وحفظ المتاع على باب الحانوت وفي السفر بالنوم عليه ونحوه وليس عليه وزن المتعة الثقيلة وحملها ونقل المتاع من الخان إلى الحانوت والنداء عليه وما يجب عليه أن يتولاه لو استأجر عليه لزمه الاجرة في ماله وما لا يجب عليه أن يتولاه له أن يستأجر عليه من مال القراض لانه من تتمة التجارة ومصالحها فان تولاه بنفسه لم يكن له أخذ الاجرة بل هو متبرع ومريد كسبا بالاسترباح (الثالث)

(12/52)


القول في المؤنات ولايجوز للعامل أن ينفق في الحضر من مال القراض على نفسه أو يواسى منه بشئ وعن مالك رضى الله عنه أن له أن ينفق منه على العادة كالغذاء ودفع الكسرة إلى السقاة وأجرة الكيال والوزان والحمال في مال القراض وكذا أجرة النقل إذا سافر بالاذن وأجرة الحارس والرصدى ونص في المختصر أن له النفقة بالمعروف وقال في البويطى لانفقة له وللاصحاب طريقان (أصحهما) أنهما قولان (أظهرهما) أنه لانفقة كما في الحضر وهذا لانه ربما لا يحصل إلا بذلك القدر فيختل مقصود العقد (والثانى) تجب وبه قال مالك بخلاف ما إذا كان في الحضر لانه في السفر سلم نفسه
وجردها لهذا الشغل فأشبه الزوجة تستحق النفقة إذا سلمت نفسها ولا تستحق إذا لم تسلم (والثانى) القطع بالمنع وحمل ما نقله المزني على أجرة النقل ومنهم من قطع بالوجوب وحمل ما في البويطى على المؤن النادرة كأجرة الحجام والطبيب وإذ أثبتنا القولين فهما في كل ما يحتاج إليه من الطعام والكسوة والادام تشبيها بما إذا سلمت الزوجة نفسها أو فيما يزيد بسبب السفر كالخف والاداوة وما

(12/53)


أشبههما لانه لو كان في الحضر لم يستحق شيئا فيه وجهان (أصحهما) الثاني وبه قال مالك فيما رواه ابن الصباغ وأبو سعيد المتولي ثم تفرع على هذا القول بالوجوب فروع (منهما) لو استصحب مال نفسه مع مال القراض وزعت النفقة على قدر المالين (قال) الامام ويجوز أن ينظر إلى مقدار العمل على المالين ويوزع على أجرة مثلهما (وفي) أمال أبى الفرج السرخسى أنها إنما توزع إذا كان ماله قدرا يقصد السفر له وإن كان لا يقصد فهو كما لو لم يكن معه غير مال القراض (ومنها) لو رجع العامل وبقى منه فضل زاد أو آلات اعدها للسفر كالمطهرة ونحوها هل عليه ردها إلى مال القراض فيه وجهان عن الشيخ أبى محمد (وأظهرهما) نعم (ومنها) لو استرد المالك المال منه من الطريق أو في البلد التى سافر إليها لم يستحق نفقة الرجوع على أظهر الوجهين كما لو خالع زوجته في السفر (ومنها) يشترط عليه أن لا يسرف بل يأخذ بالمعروف وما يأخذ يحسب من الربح فان لم يكن ربح فهو خسران لحق المال (ومنها) أقام في طريقه فوق مدة المسافرين في بلد لم يأخذ لتلك المدة (ومنها) لو شرط نفقة السفر في ابتداء

(12/54)


القراض فهو زيادة تأكيد إذا قلنا بالوجوب (أما) إذا لم نقل به فأظهر الوجهين أنه يفسد العقد كما لو شرط نفقة الحضر (والثانى) لا يفسد لانه من مصالح العقد من حيث أنه يدعوه إلى السفر وهو مظنة الربح غالبا وعلى هذا فهل يشترط تقديره فيه وجهان (وعن) رواية المزني في الجامع الكبير أنه لابد من شرط النفقة للعقد مقدرة لكن الاصحاب لم يثبتوها (وقوله) في الكتاب ونفقته على نفسه ونص في السفر أن له نفقته بالمعروف إلى آخره يقتضى ظاهره أخذ المنع في أحد القولين من أنه لانفقة في الحضر لا على سبيل التخريج لانه لم يخل عن النص سواء الوجوب وليس كذلك بل
القولان عند من اثبتهما منصوصان هذا في رواية المزني وهذا رواية البويطى * قال (الحكم الرابع * أختلف القول في أنه هل يملك الربح بمجرد (م ز) الظهور أم يقف على المقاسمة * فان قلنا يملك بمجرد الظهور فهو ملك غير مستقر بل هو وقاية لرأس المال عن الخسران * وإن وقع خسران انحصر في الربح * ولا يستقر إلا بالقسمة * وهل يستقر بالتنضيض والفسخ قبل القسمة فيه وجهان * وان قلنا لا يملك (ح) فله حق مؤكد حتى لو مات يورث عنه *

(12/55)


ولو أتلف المالك المال غرم حصته * وكذا الأجنبي فان الاتلاف كالقسمة * ولو كان في المال جارية لم يجز للمالك وطؤها لحقه) * متى يملك العامل من الربح الحصة المشروطة له (أحد) قولى الشافعي أنه يملكها بالظهور كما يملك عامل المساقاة نصيبه من الثمار بالظهور ولان سبب الاستحقاق الشرط الصحيح فإذا حصل الربح فليثبت موجب الشرط ولانه سبيل من مطالبة المالك بأن يقتسما الربح ولولا أنه مالك لما كان كذلك (والثانى) لا يملك الا بالقسمة لانه لو ملك بالظهور لكان شريكا في المال ولو كان شريكا لكان النقصان الحديث بعد ذلك شائعا في المال فلما انحصر في الربح دل على عدم الملك (وايضا) فان الفراض معاملة جائزة والعمل فيها غير مضبوط فوجب أن لا يستحق العوض فيها الا بتمام العمل كما في الجعالة وأصح القولين (الاول) عند الشيخ أبى حامد وطائفة (والثانى) عند الاكثرين منهم المسعودي والقاضى الرويانى وصاحب التهذيب وقد ذكرنا ذلك في الزكاة وبينا أن أبا حنيفة قال بالاول والمزنى قال الثاني وهو مذهب مالك *

(12/56)


(التفريع) إن قلنا انه يملك بالظهور فليس ذلك ملكا مستقرا بل لا يتسلط العامل عليه ولا يملك التصرف فيه لان الربح وقاية لرأس المال عن الخسران مادامت المعاملة باقية حتى لو اتفق خسران كان محسوبا من الربح دون رأس المال ما أمكن وكذلك نقول إذا طلب أحد المتعاقدين قسمة الربح قبل فسخ القراض لا يجبر الاخر عليه أما إذا طلب المالك فلان العامل يقول لا آمن
الخسران فنحتاج إلى رد ما اقتسمنا (واما) إذا طلب العامل فلان المالك يقول الربح وقاية مالى فلا أدفع اليك شيئا حتى تسلم لى رأس المال فإذا ارتفع القراض والمال ناض واقتسما حصل الاستقرار وهو نهاية الامر وكذلك لو كان قدر رأس المال ناضا وأخذه المالك واقتسما الباقي وهل يحصل الاستقرار بارتفاع العقد ونضوض المال من غير قسمة فيه وجهان (أحدهما) لا لان القسمة الباقية من

(12/57)


تتمة عمل العامل (وأصحهما) الاستقرار لارتفاع العقد والوثوق بحصول رأس المال وان كان المال عروضا فينبني على خلاف سيأتي في أن العامل هل يجبر على البيع والتنضيض (إن قلنا) نعم فظاهر المذهب أنه لااستقرار لان العمل لم يتم (وإن قلنا لا) فوجهان كما لو كان المال ناضا ولو اقتسما الربح بالتراضى قبل فسخ العقد لم يحصل الاستقرار بل لو حصل خسران بعده كان على العامل جبره بما أخذ وبهذا يتبين أن قوله في الكتاب ولا يستقر إلا بالقسمة غير معمول بظاهره فيما يرجع إلى الاكتفاء بالقسمة (وإن قلنا) انه لا يملك إلا بالقسمة فله فيه حق مؤكد حتى يورث عنه إذا مات لانه وإن لم يثبت الملك له فقد ثبت له حق التملك ويقدم على الغرماء لتعلق حقه بالعين وله أن يمتنع عن العمل بعد ظهور الربح ويسعى في التنضيض ليأخذ منه حقه ولو أتلف المالك المال غرم حصة

(12/58)


العامل وان كان الاتلاف بمثابة الاسترداد ولو استرد الكل غرم للعامل فكذلك إذا أتلف (وأما) قوله وكذا الأجنبي فان الاتلاف كالقسمة (واعلم) أن الأجنبي إذا أتلف مال القراض ضمن بدله وبقى القراض في بدله كما كان هذا ما ذكره الاصحاب في حكم المسألة وفي نظم الكتاب كلامين (أحدهما) أن الغرض في هذا المقام التفريع على أن العامل انما يملك حصته بالقسمة وعلى هذا القول يكون كل الربح قبل القسمة للمالك وحينئذ يستحسن الكلام في أنه لو أتلف المالك غرم حصة العامل لتعرف تأكيد حقه وان لم يكن مالكا لا يستحسن ذكر اتلاف الأجنبي لانه لا يمكن أن يقال يغرم حصة العامل إذ لا امتياز لها لبقاء القراض ولا اختصاص الغرم بها بل يغرم كل المال وأصل الغرم لا دلالة له على حق العامل (والثانى) ان قوله فان الاتلاف كالقسمة لا ينصرف إلى

(12/59)


مسألة الأجنبي لان القراض إذا بقى في البدل لم يكن الاتلاف مفيدا للقسمة بل هو مصروف إلى ما قبلها وهو إتلاف المالك وإنما كان كالقسمة لانه أتلف ملكه وملك غيره أو حق غيره ولا يمكن تغريمه ملك نفسه ولا تعطيل حق الغير فيغرم حق الغير وذلك يتضمن مقصود القسمة وهو التمييز ولو كان في المال جارية لم يجز للمالك وطؤها إن كان في المال ربح لملك العامل أو حقه وإن لم يكن ربح فكذلك الجواب ووجهوه بأن انتفاء الربح في المتقومات غير معلوم وإنما يستقر الحال بالتنضيض واستبعد الامام التحريم إذا تيقين عدم الربح (قال) ويمكن تخريجه على أن العامل لو طلب بيعها وأباه المالك هل له ذلك فيه خلاف سيأتي فان اسغناه فقد أثبتنا له علقة فيها فيحرم الوطئ بها (وإذا قلنا) بالتحريم ووطئ فللشيخ أبى محمد تردد في أنه هل يكون ذلك فسخا للقراض والاظهر المنع

(12/60)


ولا يلزم الحد وحكم المهر سنذكره ولو وطئها العامل فعليه الحد إن لم يكن ربح إن كان عالما وإلا فلا حد ويؤخذ منه جميع المهر ويجعل في مال القراض لانه ربما يقع خسران يحتاج إلى الجبر ولو استولدها لم تصر أم ولد (إن قلنا) انه لا يملك بالظهور (وإن قلنا) يملك ثبت الاستيلاد في نصيبه ويقوم عليه الباقي إن كان موسرا ولايجوز للمالك تزويج جارية القراض لان القراض لا يرتفع بالتزويج وانه ينقص قيمتها فتيضرر العامل به * قال (الحكم الخامس * الزيادة العينية كالثمرة والنتاج محسوب من الربح وهو مال القراض * وكذا بدل منافع الدواب ومهر وطئ الجوارى حتى لو وطئ السيد كان مستردا بمقدار العقر * وأما النقصان فما يحصل بانخفاض السوق أو طريان عيب ومرض فهو خسران يجب جبره بالربح *

(12/61)


وما يقع باحتراق وسرقة وفوات عين فوجهان أصحهما أنه من الخسران كما أن زيادة العين من الربح * ولو سلم إليه ألفين فتلف أحدهما قبل أن يشترى به شيئا أو بعد أن يشترى كما لو اشار إلى عبدين مثلا ولكن قبل البيع فرأس المال ألف أو ألفان فيه وجهان وهو تردد في أنه هل يجعل ذلك من الخسران
وهو واقع قبل الخوض في التصرفات) * مقصود الفصل الكلام فيما يقع من مال القراض زيادة أو نقصان أما الزيادة فثمرة الشجرة المشتراة للتراض ونتاج البهيمة وكسب الرقيق وولد الجارية ومهرها إذا وطئت بالشبهة أطلق صاحب الكتاب والامام القول بأنها من مال القراض لانها من فوائده وكذا بدل منافع الدواب والاراضي وذلك قد يجب بتعدى المتعدى باستعماله وقد يجب باجارة تصدر من العامل فان له الاجارة إذا رأى

(12/62)


فيها المصلحة وفصل في التتمة فقال إن كان في المال ربح وملكنا العامل حصته بالظهور فالجواب كذلك وإن لم يكن ربح أو لم نملكه فمن الاصحاب من عدها من مال القراض كالزيادات المتصلة وقال عامتهم يفوز بها المالك لانها ليست من فوائد التجارة ويشبه أن يكون هذا أولى فان جعلناها مال القراض قال ههنا وفي الوسيط يجبر من الربح وهو قضية ما في التهذيب وأورد بعض أصحاب الامام أنها لاتعد من الربح خاصة ولا من رأس المال بل هي شائعة (وقوله) في الكتاب وهو مال القراض بعد قوله محسوبة من الربح يستغني عنه (نعم) لو قدم وآخر فقال انها مال القراض وهى محسوبة من الربح كان حسنا وكذلك لفظ الوسيط وان وطئها المالك قال المصنف وغيره انه يكون مستردا مقدار العقر حتى يستقر نصيب العامل منه وفي التهذيب انه إن كان في المال ربح وملكناه بالظهور

(12/63)


وجب نصيب العامل من الربح وإلا لم يجب شئ فليعلم كذلك (قوله) في الكتاب كان مستردا مقدار العقر بالواو واستيلاد المالك جارية القراض كاعتناقهما وإذا أوجبنا المهر بالوطئ الخالى عن الاحبال فالظاهر الجمع بينه وبين القيمة (وأما) النقصان فما يحصل بانخفاض السوق فهو خسران مجبور بالربح وكذا النقصان بالتعييب والمرض الحادث والنقصان العيني وهو تلف البعض ينظر إن حصل بعد التصرف في المال بيعا وشراء فالاكثرون ذكروا أن الاحتراق وغيره من الافات السماوية خسران مجبور بالربح أيضا وفي التلف بالسرقة والغصب وجهان والفرق أن في الضمان الواجب ما يجبره فلا حاجة إلى جبره بمال القراض وسوى المصنف وطائفة بين الهلاك بالافة السماوية وغيرها وحكوا الوجهين في
النوعين ووجه المنع أنه نقصان لاتعلق له بتصرف العامل وتجارته بخلاف النقصان الحاصل بانخفاض

(12/64)


السوق وليس هو بناء شئ من نفس المال الذي اشتراه العامل بخلاف المرض والعيب فلا يجب على العامل جبره وكيفهما كان فالاصح أنه مجبور بالربح وإن حصل النقصان قبل التصرف فيه بيعا وشراء كما إذا دفع إليه الفى درهم قراضا فتلف الف قبل أن يتصرف فيه وجهان (أحدهما) أنه خسران أيضا مجبور بالربح الحاصل بعده لانه بقبض العامل صار مال القراض وعلى هذا فرأس المال الفان كما كان ويقال هذا هو منقول المزني عن الجامع الكبير (وأظهرهما) أنه يتلف من رأس المال ويكون رأس المال الالف الباقي لان العقد لم يتأكد بالعمل ولو اشترى بالفين عبدين أو ثوبين فتلف أحدهما (فان قلنا) لو تلف أحد الالفين قبل التصرف جبرناه بالربح فههنا أولى (وإن قلنا) يتلف

(12/65)


من رأس المال فوجهان (أحدهما) أن الجواب كذلك لان العبدين بدل الالفين ولاعبرة بمجرد الشراء فانه تهيئة محل التصرف والركن الاعظم في التجارة إذ به يظهر الربح (وأظهرهما) أنه يتلف من الربح ويجب جبره لانه تصرف في رأس المال ولا يأخذ شيئا بالربح حتى يرد ما تصرف فيه إلى المالك هذا إذا تلف بعض المال (أما) إذا تلف كله بآفة سماوية قبل التصرف أو بعده ارتفع القراض وكذا لو أتلفه المالك كما تقدم ولو أتلفه أجنبي أخذ بدله وبقى القراض فيه على ما مر وكذا لو أتلف بعضه وأخذ بدله استمر القراض وما ذكرنا من الخلاف في أنه يجبر بالربح مفروض فيما إذا تعذر أخذ البدل من المتلف ولو أتلف العامل المال قال الامام يرتفع القراض لانه وإن وجب بدله

(12/66)


عليه فانه لا يدخل في ملك المالك إلا بقبض منه وحينئذ يحتاج إلى استئناف القراض ولك أن تقول ذكروا وجهين في أن مال القراض إذا غصب أو تلف من الخصم فيه وجهان (أظهرهما) أن الخصم المالك إن لم يكن في المالك ربح وهما جميعا إن كان فيه ربح (والثانى) أن للعامل المخاصمة بكل حال حفظا للمال ويشبه أن يكون الجواب المذكور في اتلاف الأجنبي تفريعا على أن العامل خصم
وبتقدير أن يقال انه وإن لم يكن خصما لكن إذا خاصم المالك وأخذ عاد العامل إلى التصرف فيه بحكم القراض لزمه مثله إذا كان العامل هو المتلف وإن قتل عبد القراض قاتل وفى المال ربح لم ينفرد أحدهما بالقصاص بل الحق لهما وان تراضيا على العفو على مال أو على الاستيفاء جاز وان عفى

(12/67)


أحدهما سقط القصاص ووجبت القيمة هكذا ذكروه وهو ظاهر على قولنا انه يملك الربح بالظهور وغير ظاهر على القول الاخر وان لم يكن فيه ربح فللمالك القصاص والعفو على غير مال وكذا لو كانت الجناية موجبة للمال فله العفو عنه ويرتفع القراض وان أخذ المال أو صالح عن القصاص على مال بقى القراض فيه (وقوله) في الكتاب كما أن زيادة العين من الربح ينبنى على ما ذكره في الزيادات أنها محسوبة من الربح وفيه من الخلاف ما مر (وقوله) وهو تردد في انه هل يجعل ذلك من الخسران إلى آخره هذا اللفظ يتناول الصورة الاولى وهى تلف أحد الالفين قبل أن يتشرى بهما شيئا (فأما)

(12/68)


الصورة الثانية فالتوجيه فيها ما قدمناه أن الاعتبار بالبيع دون الشراء إذ ظهور الربح وصيرورة العرض نقدا يتعلق بالبيع * (فرع) مال القراض الف درهم واشترى بعينه ثوبا أو عبدا فتلف قبل التسليم بطل الشراء وارتفع القراض وان اشترى في الذمة قال في البويطى يرتفع القراض ويكون الشراء للعامل فمن الاصحاب من قال هذا إذا كان التلف قبل الشراء فان القراض والحالة هذه غير باق عند المشتري فينصرف الشراء إلى العامل (أما) إذا تلف بعد الشراء فالشراء للمالك فإذا تلف الالف المعد للثمن أبدله بألف آخر (وقال) ابن سريج يقع الشراء عن العامل سواء تلف الالف قبل الشراء أو بعده

(12/69)


وعليه الثمن ويرتفع القراض لان اذنه ينصرف إلى التصرف في ذلك الالف تعلق التصرف بعينه أم لا (فان قلنا) بالاول فرأس المال الف أو الفان فيه وجهان يحكى الثاني منهما عن أبى حنيفة (فان قلنا) بالاول فهو الالف الاول أو الثاني فيه وجهان تظهر فائدتهما عند اختلاف الالفين في صفة الصحة
وغيرها (وعن) مالك أن المالك بالخيار بين أن يدفع الفا آخر ويكون هو رأس المال دون الاول وبين أن لا يدفع فيكون الشراء للعامل ويمكن أن يجعل هذا وجها للاصحاب تخريجا من وجه ذكرناه في باب مداينة العبيد مما إذا سلم إلى عبده الفا ليتجر فيها فاشترى في الذمة ليصرفه إلى الثمن فتلف

(12/70)


أنه يتخير السيد بين أن يدفع إليه الفا آخر فيمضى العقد أولا يدفع فيفسخ البائع العقد إلا أن ههنا يمكن صرف العقد إلى المباشر إذا لم يخرج المعقود له ألفا آخر وهناك لا يمكن فيصار إلى الفسخ وهذا الفرع قد ذكرنا طرفا منه هناك للحاجة والله أعلم * (الباب الثالث في التفاسخ والتنازع) قال (والقراض جائز ينفسخ بفسخ أحدهما * وبالموت وبالجنون كالوكالة فان انفسخ والمال

(12/71)


ناض لم يخف أمره * وان كان عروضا فعلى العامل بيعه ان كان فيه ربح ليظهر نصيبه * وان لم يكن ربح فهو جهان * مأخذ الوجوب أنه في عهدته أن يرد كما أخذ * فان لم يكن ربح ورضى المالك به وقال العامل أبيعه لم يكن له ذلك الا إذا وجد زبونا يستفيد به الربح * ومهما باع العامل قدر رأس المال وجعله نقدا فالباقي مشترك بينهما وليس عليه بيعه * وان رد إلى نقد ليس من جنس رأس المال لزمه الرد إلى جنسه)

(12/72)


الباب يتضمن فصلين (أحدهما) في فسخ القراض وفروعه والقراض جائز كالوكالة والشركة بل هو عينهما فانه وكالة في الابتداء وقد تصير شركة في الانتهاء فلكل واحد من المتعاقدين فسخه والخروج منه متى شاء ولايحتاج فيه إلى حضور الاخر ورضاه (وعن) أبى حنيفة اعتبار الحضور كما ذكره في خيار الشرط وإذا مات أحدهما أو جن أو أغمى عليه انفسخ العقد ثم إذا فسخا أو أحدهما لم يكن للعامل أن يشترى بعده ثم ينظر إن كان المال دينا فعلى العامل التقاضى والاستيفاء خلافا لابي حنيفة حيث فرق بين أن يكون في المال ربح فيلزمه الاستيفاء أولا يكون فلا يلزمه (واحتج) الاصحاب
بان الدين ملك ناقص وقد أخذ منه ملكا كاملا فليرد كما أخذ وإن لم يكن دينا نظر ان كان نقدا

(12/73)


من جنس رأس المالك ولا ربح أخذه المالك وان كان فيه ربح اقتسماه بحسب الشرط فان كان الحاصل في يده مكسرة ورأ س المالك صحاح نظر ان وجد من يبدلها بالصحاح وزنا بوزن أبدلها وإلا باعها بغير جنسها من النقد واشترى بها الصحاح ويجوز أن يبيعها بعرض ويشترى به الصحاح في أصح الوجهين (والثاني) لا يجوز لانه قد يتعوق عليه بيع العرض فان كان المال نقدا من غير جنس رأس الملك أو عرضا فله حالتان (إحداهما) أن يكون فيه ربح فعلى العامل بيعه إن طلبه المالك وله بيعه وإن أباه المالك وليس للعامل تأخير البيع إلى توسم رواج المتاع لان حق المالك يعجل خلافا لمالك ولو قال للمالك تركت حقى لك ولا تكلفني البيع هل عليه فيه الاجابة فيه وجهان

(12/74)


(أقربهما) المنع ليرد المال كما أخذ فان في التنضيض مشقة ومؤنة * ثم اختلفوا في مأخذ الوجهين وكيفية خروجهما (فمن) بان لهما على الخلاف في أنه متى يملك الربح (إن قلنا) بالظهور لم يلزم المالك قبول ملكه ولم يسقط به طلب البيع (وإن قلنا) بالقسمة فيجاب لانه لم يبق له توقع فائدة فلا معنى لتكليفه تحمل مشقة (ومن) مفرع لهما أولا على أن حق العامل هل يسقط بالترك والاسقاط وهو مبنى على أن الربح متى يملك (إن قلنا) بالظهور لم يسقط كسائر المملوكات (وإن قلنا) بالقسمة سقط على أصح الوجهين فانه ملك أن تملك فكان له العفو والاسقاط كالشفعة (فان قلنا) لا يسقط حقه بالترك

(12/75)


لم يسقط بتركه المطالبة بالبيع (وان قلنا) يسقط ففيه خلاف سنذكره في أنه هل يكلف البيع إذا لم يكن في المال ربح ولو قال المالك لاتبع ونقتسم العروض بتقويم عدلين أو قال أعطيك نصيبك من الربح ناضا ففى تمكن العامل من البيع وجهان بناهما قوم من الاصحاب على أن الربح متى يملك (إن قلنا) بالظهور فله البيع لانه قد يجد زبونا يشتريه بأكثر من قيمته (إن قلنا) بالقسمة فلا لوصوله إلى حقه بما يقوله المالك وقطع الشيخ أبو حامد وغيره بالوجه الثاني وقالوا إذا عرس المستعير
في أرض العارية كان للمعير ان يتملكه عليه بالقيمة لان الضرر يندفع عنه بأخذ القيمة فههنا أولى وحيث لزمه البيع قال الامام الذي قطع به المحققون إن ما يلزمه بيعه وتنضيضه قدر رأس المال (أما)

(12/76)


الزائد عليه فحكمه حكم عرض آخر يشترك فيه اثنان لا يكلف واحد منهما بيعه ثم ما يبيعه بطلب المالك أو باذنه يبيعه بنقد البلد إن كان من جنس رأس المال وإن كان من غير جنسه باعه بما يرى المصلحة فيه من نقد البلد ورأس المال فان باعه بنقد البلد حصل به رأس المال (الثانية) إذا لم يكن في المال ربح هل للمالك تكليفه البيع فيه وجهان (أحدهما) لا لان غرض البيع أن يظهر الربح ليصل العامل إلى حقه منه فان لم يكن ربح وارتفع العقد لم يحسن تكليفه بيعا بلا فائدة (وأظهرهما) نعم وبه قال الشيخان أبى محمد وأبو علي والقاضى حسين لانه في عهده أن يرد المال كما أخذ وإلا لزم

(12/77)


المالك في رده إلى ماكان كلفة ومؤنة وهل للعامل بيعها إذا رضى المالك با مساكها حكى الامام فيه وجهين (وجه) المنع انه كفاه شغلا بلا فائدة (ووجه) الاخر أنه قد يجد زبونا يشتريه بزيادة وهذا ما ذكره عامة الاصحاب وقالوا له أن يبيع إذا توقع ربحا بأن ظفر بسوق أو راغب (ورأى) الامام تفصيلا فيه وهو أنه ليس له البيع بما يساويه بعد الفسخ جزما وبيعه بأكثر مما يساويه عند الظفر بزبون محتمل لانه ليس ربحا في التحقيق وإنما هو رزق مساق إلى مالك العروض (وإذا قلنا) ليس للعامل البيع إذا أراد المالك امساك العروض واتفقا على أخذ المالك العروض ثم ظهر ربح بارتفاع السوق فهل للعامل نصيب فيه لحصوله بكسبه أم لا لظهوره بعد الفسخ فيه وجهان (أظهرهما) الثاني (وقوله) في

(12/78)


الكتاب وإن رد إلى نقد لا من جنس رأس المالك لزمه الرد إلى جنسه غير خاف مما أدرجناه في أثناء الكلام ثم انه يشمل ما إذا كان عند الفسخ نقدا من غير جنس رأس المال وكان الرد إليه بعد الفسخ * (فرع) كما يرتفع القراض بقول المالك فسخته يرتفع بقوله للعامل لا تتصرف بعد هذا
وباسترجاع المال منه ولو باع المالك ما اشتراه العامل بالقراض فينعزل العامل كما لو باع الموكل ما وكل ببيعه ينعزل الوكيل أولا ينعزل ويكون ذلك اعانة له فيه وجهان (أشبههما) الثاني ولو حبس العامل ومنعه من التصرف أو قال لاقراض بيننا ففى انعزاله وجهان (أشهرهما) أنه لا ينعزل أيضا ذكرهما أبو العباس الرويانى في الجرجانيات *

(12/79)


قال (ولو مات المالك فلوارثه مطالبة العامل بالتنضيض * وله أن يجدد العقد معه ان كان المال نقدا * وان كان في المال ربح أخذ بقدر حصته من ربحه عند القسمة * والباقى يتبع فيه موجب الشرط * وإن كان عرضا ففى جواز التقرير عليه وجهان * ووجه الجواز أنه قد ظهر رأس المال وجنسه من قبل فلم يوجد علة اشتراط النقدية ههنا * وان مات العامل لم يجز تقرير وارثه على العرض فانه ما اشتراه بنفسه فيكون كلا عليه * نعم ان كان نقدا فهل ينعقد القراض معه بلفظ التقرير فيه وجهان) *

(12/80)


ذكرنا أن القراض ينفسخ بالموت وإذا مات المالك والمال ناض لاربح فيه أخذه الوارث وان كان فيه ربح اقتسماه وان كان عرضا فالمطالبة بالبيع والتنضيض كما في حالة حصول الفسخ في حياتهما وللعامل البيع ههنا حيث كان له البيع هناك ولا يحتاج إلى اذن الوارث اكتفاء باذن من تلقي الوارث الملك عنه بخلاف ما إذا مات العامل حيث لا يتمكن وارثه من البيع دون إذن المالك فانه لم يرض بتصرفه وفي التتمة وجه أن العامل أيضا لا يبيع إلا باذن وارث المالك والمشهور الاول ويجرى الخلاف في استيفائه الديون بغير إذن الوارث ولو أراد الاستمرار على العقد فان كان المال ناضا فلهما

(12/81)


ذلك بأن يستأنفا عقدا بشرطه ولا بأس بوقوعه قبل القسمة لجواز القراض على المشاع وكذلك يجوز القراض مع الشريك بشرط أن لا يشاركه في اليد ويكون للعامل ربح نصيبه ويتضار بان في ربح نصيب الاخر وهل ينعقد بلفظ الترك والتقرير بأن يقول الوارث أو القائم بأمره تركتك أو أقررتك
على ماكنت عليه فيه وجهان (أحدهما) وبه قال الشيخ أبو محمد لا لان العقد السابق قد ارتفع وهذا ابتداء عقد فلابد من إذن صالح للابتداء والتقرير يشعر بالاستدامة (وأظهرهما) عند الامام نعم لفهم المعني وقد يستعمل التقرير لانشاء عقد على موجب العقد السابق وليكن الوجهان مفرعان على أن

(12/82)


هذه العقود لا تنعقد بالكنايات فينبغي أن يجزم بالوجه الثاني وإن كان المال عروضا ففى جواز تقريره على القراض وجهان (عن) أبى اسحق انه جائز لانه استصحاب قراض فيظهر في جنس رأس المال (والاظهر) المنع لان القراض الاول قد ارتفع فلو وجد قراض آخر لكان قراضا مستأنفا وحينئذ يمتنع إيراده على العروض والاول ظاهر لفظه في المختصر لكن القائلين بالثاني حملوه على ما إذا كان المال ناضا أو استأنفا عقدا (والاشبه) أن يختص الوجهان بلفظ الترك والتقرير ولا يتسامح باستعمال الالفاظ

(12/83)


التى تستعمل في الابتداء ثم حكي الامام فيما إذا فسخ القراض في الحياة طريقة طاردة للوجهين وأخرى قاطعة بالمنع وهو الاشهر وعليها يضعف وجه جواز التقرير بعد الموت وهذا إذا مات المالك وإن مات العامل واحتيج إلى البيع والتنضيض فان إذن المالك لوارث العامل فيه فذاك وإلا تولاه منصوب من جهة الحاكم ولايجوز تقرير وارثه على القراض إن كان عرضا ولا يخرج على الوجين المذكورين في موت المالك وفرقوا بينهما بوجهين (أحدهما) أن ركن القراض من جانب العامل عمله وقد فات بفواته ومن جانب المالك المال وهو باق بعينه انتقل إلى الوارث (والثانى) وهو

(12/84)


المذكور في الكتاب أن العامل هو الذي اشترى العروض والظاهر أنه لا يشترى إلا ما يسهل عليه بيعه وترويجه وهذا المعنى لا يؤثر فيه موت المالك وإذا مات العامل فربما كانت العروض كلا على وارثه لانه لم يشترها ولم يخترها وإن كان المال ناضا فلهما الاستمرار بعقد منشأ وفي لفظ التقرير الوجهان السابقان وهما كالوجهين في أن الوصية بالزائد على الثلث إذا جعلناها ابتداء عطية هل تنقض بلفظ الاجازة ويجريان أيضا فيما إذا انفسخ البيع الجارى بينهما ثم أرادا إعادته فقال البائع قررتك على
موجب العقد الاول وقبل صاحبه وفي مثله من النكاح لا يعتبر ذلك وللامام احتمال فيه لجريان لفظ

(12/85)


النكاح مع التفرير (وقوله) في الكتاب فان كان في المال ربح أخذ بقدر حصته من ربحه عند القسمة والباقى يتبع فيه موجب الشرط (مثاله) إذا كان رأس المال الموروث مائة وربح عليه مائتين وجدد الوارث العقد على النصف كما كان من غير أن يقتسما فرأس المال للوارث مائتان من الثلاثمائة والمائة الباقية للعامل فعند القسمة يأخذها بقسطها من الربح ويأخذ الوارث رأس المال مائتين ويقتسمان ما بقى (وقوله) ولم يوجد عليه اشتراط النقدية ههنا أي لا يعتبر في التقرير كونه نقدا بخلاف مافى الابتداء لما مر (وقوله) وهل ينعقد القراض معه بلفظ التقرير فيه وجهان أشار به إلى ان تجديد العقد

(12/86)


جائز لا محالة كما إذا مات المالك والمال نقدا وإنما الخلاف في الصورتين في الانعقاد بلفظ التقرير (فأما) إذا كان المال عرضا في صورة موت المالك فالخلاف هناك في أصل التقرير فلذلك قال في جواز التقرير عليه وجهان * قال (ومهما كان استرد المالك طائفة من المال وكان إذ ذاك في المال ربح فهو شائع ويستقر ملك العامل على ما يخصه من ذلك القدر فلا يسقط بالنقصان * وإن كان فيه خسران لم يجب على العامل جبر ما يخص المسترد من الخسران) *

(12/87)


استرداد المالك طائفة من المال ان كان قبل ظهور الربح وخسران رجع رأس المال إلى القدر الباقي وإن كان بعد ظهور الربح في المال فالمسترد شائع ربحا وخسرانا على النسبة الحاصلة بين جملتي الربح وبين رأس المال ويستقر ملك العامل على ما يخصه بحس الشرط مما هو ربح فيه فلا يسقط بالنقصان الحادث وإن كان الاسترداد بعد ظهور الخسران ان كان الخسران موزعا على المسترد والباقى فلا يلزم جبر حصة المسترد من الخسران كما أنه لو رد الكل بعد الخسران لم يلزمه شئ ويصير رأس المال الباقي بعد المسترد وحصته من الخسران (مثال) الاسترداد بعد الربح رأس المال مائة ربح عليها عشرين
ثم استرد المالك عشرين والربح سدس المال يكون المأخوذ سدسه ربحا وهو ثلاثة دراهم وثلث

(12/88)


ويستقر ملك العامل على نصفه ان كان الشرط المناصفة وهو درهم وثلثا درهم حتى لو انخفضت السوق وعاد مافى يده إلى ثمانين لم يكن للمالك أن يأخذ الكل ويقول كان رأس المال مائة وقد أخذت عشرين أضمن إليها ثمانين لتتم لى المائة بل يأخذ العامل من الثمانين درهما وثلثي درهم ويرد الباقي وهو ثمانية وسبعون درهما وثلث درهم (ومثال) الاسترداد بعد الخسران رأس المال مائة وخسر عشرين ثم استرد العشرين فالخسران يوزع على المسترد والباقى يكون حصة المسترد خمسة لا يلزمه جبرها حتى لو ربح بعد ذلك فبلغ المال ثمانين لم يكن للمالك أخذ الكل بل يكون رأس المال خمسة وسبعين والخمسة الزائدة تقسم بينهما نصفين فيجعل للمالك من الثمانين سبعة وسبعين ونصف درهم *

(12/89)


قال (وان قال العامل تلف المال أو رددت (و) أو ما ربحت أو خسرت بعد الربح أو هذا العبد اشتريته للقراض أو لنفسي أو ما نهيتني عن شرائه وخالفه المالك فالقول قول العامل * وان اختلفا في قدر ما شرط له من الربح فيتحالفان ويرجع إلى أجر المثل * وان اختلفا في قدر رأس المال فالقول قول العامل إذ الاصل عدم القبض) * الفصل الثاني من الباب في التنازع وفيه وجوه (منها) أن يدعى العامل تلف المال في يده فهو مصدق بيمينه كالمودع نعم إذا ذكر سبب التلف ففيه تفصيل نؤخره إلى كتاب الوديعة إن شاء الله تعالى لان صاحب الكتاب أورد طرفا منه هناك (ومنها) إذا اختلف في رد المال ففيه وجهان ذكرناهما في باب الرهن (وأظهرهما) ما أجاب به في الكتاب وهو تصديق العامل واعلم قوله

(12/90)


أو رددت بالواو إشارة إلى ذلك الخلاف (ومنها) إذا قال العامل ما ربحت أو قال لم أربح إلا الفا وقال المالك بل الفين صدق العامل بيمينه ولو قال ربحت كذا ثم غلطت في الحساب إنما الربح كذا أو تبينت أن لا ربح أو قال كذبت فيما قلت خوفا من انتزاع المال من يدى لم يقبل رجوعه
لانه أقر بحق لغيره فاشبه سائر الاقارير (وعن) مالك إن كان بين يديه موسم يتوقع فيه ربح يقبل قوله كذبت ليترك المال في يدى لاربح في الموسم ولو قال خسرت بعد الربح الذي أخبرت عنه قبل قال في التتمة وذلك عند الاحتمال بأن عرض للاسواق كساد فان لم يحتمل لم يقبل ولو ادعى الخسارة عند الاحتمال أو التلف بعد قوله كنت كاذبا فيما قلت ورددنا قوله قبل أيضا ولانبطل أمانته بذلك

(12/91)


القول السابق هكذا قال الاصحاب ونسبه القاضى الرويانى في التجربة إلى نصفه (ومنها) قال العامل اشتريت هذا العبد للقراض وقال المالك بل لنفسك وانما يقع هذا الاختلاف عند ظهور خسران فيه غالبا أو قال العامل اشتريته لنفسي وقال المالك بل للقراض فالقول قول العامل لانه أعرف بقصده ونيته ولانه في يده وإذا ادعي أنه ملكه صدق وعن ابن سريج أن في الصورة الاولى قولا آخر أن القول قول المالك لان الاصل عدم وقوعه للقراض كمأخذ القولين فيما إذا قال الوكيل بعت ما أمرتني ببيعه أو اشتريت ما أمرتني بشرائه فقال الموكل لم تفعل والظاهر الاول قال في المهذب فلو أقام المالك بينة أنه اشتراه بمال القراض يعنى في الصورة الثانية ففى الحكم بها وجهان (وجه) المنع أنه يشترى لنفسه بمال القراض متعديا فيبطل البيع ولايكون للقراض (ومنها) قال المالك كنت نهيتك عن شراء

(12/92)


هذا العبد فقال العامل لم تنهنى فالقول قول العامل لان الاصل عدم النهى لانه لو كان كما يزعمه المالك لكان خائنا والاصل عدم الخيانة (ومنها) قال العامل شرطت لى نصف الربح وقال المالك بل ثلثه فيتحالفان لانهما اختلفا في عوض النقد فأشبه اختلاف المتبايعين وإذا تحالفا فسخ العقد واختص الربح والخسران بالمالك وللعامل أجرة مثل عمله وفيه وجه أنها إن كانت أكثر من نصف الربح فليس له إلا قدر النصف لانه لا يدعي أكثر منه (ومنها) لو اختلفا في قدر رأس المال فقال المالك دفعت اليك الفين وقال العامل بل الفان فالقول قول العامل إن لم يكن في المال ربح لان الاصل عدم دفع

(12/93)


الزيادة وإن كان في المال ربح فكذلك على الاصح وفيه وجه أنهما يتحالفان لان قدر الربح يتفاوت
به فأشبه الاختلاف في القدر المشروط من الربح ومن قال بالاولى قال الاختلاف في القدر المشروط من الربح اختلاف في كيفية العقد والاختلاف ههنا اختلاف في القبض فيصدق فيه الثاني كما لو اختلف المتبايعان في قبض الثمن فان المصدق البائع ولو قارض رجلين على مال بشرط أن يكون نصف الربح له والباقى بينهما بالسوية فربحا ثم قال المالك دفعت اليكما الفين وصدقه أحدهما وقال الاخر بل الفا لزم المقر ما أقر به وحلف المنكر وقضى له بموجب قوله فلو كان الاصل الفين أخذ المنكر ربع الالف الزائد على ما أقر به والباقى يأخذه المالك ولو كان الحاصل ثلاثة آلاف فزعم المنكر أن الربح منها الفان وأنه يستحق منهما خمسمائة فلتسلم إليه ويأخذ المالك من الباقي الفين من رأس المال لاتفاق المالك والمقر عليه يبقي خمسمائة يتقاسمانهما اثلاثا لاتفاقهم على ما يأخذه المالك مثلا ما يأخذه كل واحد من العاملين وما أخذه المنكر كالتالف منهما ولو قال المالك كان رأس المال دنانير وقال العامل

(12/94)


بل دراهم فالمصدق العامل أيضا ولو اختلفا في أصل القراض فقال المالك دفعت المال اليك لتشترى لى وكالة وقال من في يده بل قارضتى فالمصدق المالك فإذا حلف أخذ المال وربحه ولا شئ عليه للاخر وهذه فروع مبددة نختم بها الباب ليس للعامل التصرف في الخمر شراء وبيعا خلافا لابي حنيفة فيما إذا كان العامل ذميا فلو خالف واشترى خمرا أو خنزيرا أو أم ولد ودفع المال في ثمنه عن علم فهو ضامن وإن كان جاهلا فكذلك على الاشهر لان حكم الضمان لا يختلف بالعلم والجهل وقال القفال يضمن في الخمر دون أم الولد وليس لها أمارة تعرف به وفي التهذيب وجه غريب أنه لا يضمن فيها وأبعد منه وجه نقله في الشامل أنه لا يضمن في حالة العلم أيضا لانه قصد الفضل بحسب رأيه ولو قارضه على أن ينقل المل إلى موضع ويشترى من أمتعته ثم يبيعها هناك أو يردها إلى موضع القراض

(12/95)


قال الامام ذهب الاكثرون إلى فساد القراض لان نقل المال من قطر إلى قطر عمل زائد على التجارة فأشبه شرط الصحن والخبز ويخالف ما إذا أذن له في السفر فان الغرض منه رفع الحرج وعن الاستاذ أبى اسحق وطائفة من المحققين ان شرط المسافرة لا يضر فانها الركن الاعظم في الاموال والبضائع
الخطيرة ولو قال خذ هذه الدراهم قراض وصارف بها مع الصيارفة ففي صحة مصارفته مع غيرهم وجهان (وجه) الصحة أن المقصود من مثله أن يكون تصرفه صرفا لا مع قوم بأعيانهم ولو خلط العامل مال القراض بماله صار ضامنا وكذا لو قارضه رجلان هذا على مال وهذا على مال فخلط أحدهما بالاخر وكذا لو قارضه واحد على مالين بعقدين فخلط خلافا لابي حنيفة في الصورة الاخيرة ولو جرى ذلك باذن

(12/96)


المالك بأن دفع إليه ألفا قراضا ثم دفع إليه الفا آخر وقال ضمنه إلى الاول فان لم يتصرف بعد في الاول جاز وكأنه دفعهما إليه دفعة واحدة وان تصرف في الاول لم يجز القراض في الثاني ولا الخلط لان حكم الاول قد استقر بالتصرف ربحا وخسرانا وربح كل مال وخسرانه انه يختص به ولو دفع إليه ألفا قراض وقال ضمن إليها ألفا من عندك على أن يكون ثلث ربحها لك وثلثاه لى أو بالعكس كان قراضا فاسدا لما فيه من شرط التفاوت في الربح مع التشريك في المال ولا نظر إلى العمل بعد حصول الشركة في المال ولو دفع إليه زيد ألفا قراضا وعمرو كذلك فاشترى لكل واحد منهما بألف عبدا ثم اشتبها عليه ففيه قولان عن رواية حرملة (أحدهما) أن شراء العبدين ينقلب إليه ويغرم لهما لتفريطه حيث لم يفردهما حتى

(12/97)


تولد الاشتباه ثم المغروم عند الاكثرين الالفان وقال بعضهم يغرم قيمة العبدين وقد يزيد على الالفين (والقول الثاني) أنه يباع العبدان ويقسم الثمن بينهما وان حصل ربح فهو بينهم على حسب الشرط فان اتفق خسران قالوا يلزمه الضمان لتقصيره فاستدرك المتأخرون فقالوا إن كان الخسران لانخفاض السوق لا يضمن لان غايته أن يجعل كالغاصب والغاصب لا يضمن نقصان السوق قال إمام الحرمين والقياس مذهب ثالث وراء القولين وهو أن يبقى العبدان لهما على الاشكال إلى أن يصطلحا *

(12/98)