فتح العزيز بشرح الوجيز = الشرح الكبير

* (كتاب الاجارة * وفيه ثلاثة أبواب) (الباب الاول في أركان صحتها) قال (وهى بعد العاقدين ولا يخفى أمرهما ثلاثة (الاول) الصيغة وهى أن يقول اكريتك الدار أو أجرتك فيقول قبلت * ويقوم مقامهما (و) لفظ التمليك ولكن يشترط أن يضيف إلى المنفعة فيقول ملكتك منفعة الدار شهرا * والظاهر (و) أن لفظ البيع لا يقوم مقام التمليك لانه موضوع لملك الاعيان) *

(12/175)


نفتتح الباب بمقدمات (احداها) أنه سيعمل في هذا العقد لفظتان (إحدهما) الاجارة وهذه اللفظة وان اشتهرت في العقد فهى في اللغة اسم للاجرة وهى كراء الاجير وذكر الجبان في الشامل أن يقال لها اجارة أيضا بالواو ويقال استأجرت دار فلان وأجر لى داره ومملوكه يؤجرها إيجازا فهو مؤجر وذاك مؤجر ولايقال مؤاجر ولا آجر (أما) المؤاجر فهو من قولك أجر الاجير مؤاجرة كما يقال زارعه وعامله وأجر هذا فاعل وأجر داره أفعل فاعل ولا يجر منه مفاعل (وأما) الاجر فهو فاعل قولك أجره يأجره يأجيره ويأجره أجرا إذا أعطاه أجرا وقولك أجره إذا صار أجيرا له وقوله تعالى (على أن تأجرني ثمانى حجج) فسره بعضهم بالمعني الاول فقال تعطيني من تزويجي إياك رعى الغنم هذه المدة وبعضهم بالثاني فقال تصير أجرى وإذا استأجرت عاملا لعمل فأنت أجر بالمعني الاول لانك تعطى

(12/176)


الاجرة وهو آجر بالمعني الثاني لانه يصير أجيرا لك وأجره إليه لغة في آجره أي اعطاه اجره والاجير فعيل بمعني مفاعل كالجليس والنديم هذا تلخيص ما ذكره أئمة اللغة (والثانية) الاكراء يقول أكريت

(12/177)


الدار فهى مكراة ويقال اكتريت واستكريت وتكاريت بمعنى رجل مكارى والكرى على فعيل المكارى والمكترى أيضا والكراء وان اشتهر اسما للاجرة فهى في الاصل مصدر كاريت

(12/178)


(المقدمة الثانية) أصل هذا العقد من الكتاب قوله تعالى (فان أرضعن لكن فآتوهن أجورهن) وقصة موسى وشعيب عليهما السلام ومن الخبر نحو قوله صلى الله عليه وسلم " اعطوا الاجير أجرته

(12/179)


قبل أن يجف عرقه " ومن الاثر فيما روى أن عليا عليه السلام " أجر نفسه من يهودى يستقى له

(12/180)


كل دلو بتمرة " ثم الحاجة داعية إليه ظاهرة وهو متفق على صحته الا ما يحكى فيه عن عبد الرحمن ابن كيسان الاصم والقاشاني (مقدمة أخرى) اختلف الاصحاب في أن المعقود عليه في الاجارة ماذا فعن أبى اسحق وغيره أن المعقود عليه العين ليستوفى منها المنفعة لان المنافع معدومة ومورد العقد يجب

(12/181)


ان يكون موجودا وأيضا فان اللفظ مضاف إلى العين ألا ترى أنك تقول أجرتك الدار وقال المعظم العين غير معقود عليها لان المعقود عليه ما يستحق بالعقد ويجوز التصرف فيه والعين ليست

(12/182)


كذلك فان المعقود عليه المنفعة وبه قال أبو حنيفة رضى الله عنه ومالك وعليه يستوف قول الجمهور إن الاجارة تمليك المنافع بعوض ثم حققوا ذلك بان عين الثوب مثلا تتعلق به ثلاثة أمور (أحدها)

(12/183)


صلاحتيه لان يلبس (والثانى) الفائدة الحاصلة باللبس كاندفاع الحر والبرد (الثالث) نفس اللبس المتوسط

(12/184)


بينهما واسم المنفعة يقع عليهما جميعا ومورد العقد المستحق إنما هو الثالث ويشبه أن لا يكون ما حكيناه خلافا محققا لان من قال المعقود عليه العين لا يعني به أن العين تملك بالاجارة كما تملك بالبيع ألا ترى أنه قال المعقود عليه العين لاستيفاء المنفعة ومن قال المعقود عليه المنفعة لا يقطع الحق

(12/185)


عن العين بالكلية بل تسلم العين وامساكها مدة العقد لينتفع بها * وإذا عرفت هذه المقدمات فالاجارة تنقسم إلى صحيحة وإلى غيرها وإذا صحت ترتب عليها أحكام ودامت إلى انتهاء مدتها الا أن يفرض ما يقتضى فسخا أو انفساخا فالكلام في ثلاثة مقاصد أدرجها المصنف في ثلاثة أبواب (أحدها)

(12/186)


في أركان صحة الاجارة (والثانى) في أحكامها إذا صحت (والثالث) في العوارض المقتضية للفسخ والانفساخ (أما الباب الاول) فقد نخطر لك أولا مترجمة بأركان الصحة فأضاف الاركان إلى الصحة وكذلك فعل في القراض وأضاف في البيع وأكثر العقود الاركان إلى نفسها فهل لذلك من سبب

(12/187)


والجواب أنه لافرق بين عقد وعقد في الامور المسماة أركانا فإذا أضيفت إلى نفس العقد فعلى المعنى الذي حكيناه عن الوسيط في أول البيع وان أضيفت إلى الصحة فعلي المعنى الذي ذكرناه آخرا هناك وهى أنها أمور معتبرة في الصحة على صفة مخصوصة (وثانيها) أنه عد الاركان دون العاقدين ثلاثة

(12/188)


وفي البيع مع المتعاقدين ثلاثة وسببه أنه في البيع أخذ المعقود عليه بمطلقه ركنا وأنه يشمل العوضين وهاهنا جعل كل واحد منهما ركنا برأسه ولافرق في الحقيقة وقوله في العاقدين ولا يخفي أمرهما أشار به إلى ما يعتبر فيهما من العقل والبلوغ كما تقدم في سائر التصرفات * (الركن الاول الصيغة) وهى

(12/189)


أن تقول أكرتيك هذه الدار أو أجرتكها مدة كذا بكذا فيقول على الاتصال قبلت أو استأجرت أو اكتريت ولو أضافهما إلى المنفعة فقال أكريتك منافع هذه الدار أو أجرتكها فوجهان (أظهرهما) وبه أجاب في الشامل أنه يجوز ويكون ذكرا لمنفعته ضربا من التأكيد كما لو قال بعتك عين هذه الدار ورقبتها يصح البيع (والثانى) المنع وهو الذي أورده في الكتاب لان لفظ الاجارة وضع مضافا إلى العين

(12/190)


وإن كان العقد في الذمة فقال ألزمت ذمتك كذا فقال قبلت جاز وأغني عن الاجارة والاكراء وإن تعاقدا بصيغة التمليك نظر إن أضافها إلى المنفعة فقال ملكتك منفعتها شهرا جاز لان الاجارة تمليك منفعة بعوض ولو قال بعتك منفعة هذه الدار شهرا فأحد الوجهين وبه قال ابن سريج أنه يجوز لان الاجارة صنف من البيع (وأظهرهما) المنع لان البيع موضوع لملك الاعيان فلا يستعمل في المنافع كما لا ينعقد البيع

(12/191)


بلفظ الاجارة هذا هو النقل الظاهر (وقوله) في الكتاب ووراءه شيئان غريبان (أحدهما) طرد صاحب التهذيب الوجهين في قوله بعتك منفعة هذه الدار فيما لو قال ملكتك منفعتها (والثانى) حكي أبو العباس الرويانى طريقة قاطعة بالمنع فيما إذا قال بعتك منفعة هذه الدار ويجوز أن يعلم للاول (قوله في الكتاب

(12/192)


ويقوم مقامها لفظ التمليك ولو قال ملكتك أو بعتك هذه الدار لم تنعقد به الاجارة * قال (الركن الثاني الاجرة) فان كانت في الذمة فهى كالثمن حتى يتعجل (ح م) بمطلق العقد * وان كان معينا فهو كالمبيع فيراعى شرائطه فلو أجر دارا بعمارتهما أو بدراهم معلومة بشرط صرفها إلى العمارة بعمل المستأجر فهو فاسد لان العمل في العمارة مجهول * ولو كانت الاجرة صبرة مجهولة جار كما في البيع * وقيل انه على قولين كما في رأس مال السلم) *

(12/193)


الاجارة تنقسم إلى واردة على العين كما إذا استأجر دابة بعينها ليركبها أو يحمل عليها أو شخصا بعينه لخياطة ثوب والى واردة على الذمة كما إذا استأجر دابة موصوفة المركوب أو للحمل أو
قال ألزمت ذمتك خياطة ثوب أو بناء جدار فقبل وقوله استأجرتك لكذا أو لتفعل كذا وجهان

(12/194)


(أظهرهما) أن الحاصل به إجارة عين للاضافة إلى المخاطب كما لو قال استأجرت هذه الدابة (والثانى) ويحكى عن اختيار القاضى حسين أن الحاصل اجارة في الذمة لان المقصود حصول العمل في جهة المخاطب فكأنه قال استحققت عليك كذا وانما تكون اجارة عين على هذا إذا راد فقال استأجرت

(12/195)


عينك أو نفسك لكذا أو لتعمل بنفسك كذا واجارات العقارات لا تكون إلا من القسم الاول لانها لا تثبت في الذمة ألا ترى أنه لا يجوز السلم في دار ولا أرش وإن وردت الاجارة على العين لم تجب الاجرة في المجلس كما لا يجب تسليم الثمن في البيع ثم إن كانت في الذمة فهى كالثمن في الذمة في جواز

(12/196)


الاستبدال وفى أنه إذا شرط فيها التأجيل أو التنجيم كانت مؤجلة أو منجمة وإن شرط التعجيل كانت معجلة وإن أطلق ذكرها تعجلت أيضا وملكها المكرى بنفس العقد واستحق استيفاءها إذا سلم العين إلى المستأجر وبهذا قال قال أحمد وقال أبو حنيفة ومالك لا تملك الاجرة عند الاطلاق بنفس العقد

(12/197)


كما لا يملك المستأجر المنفعة فانها معدومة ولكن يملكها شيئا فشيئا كذلك الاجرة إلا أن المطالبة كل لحظة مما يعسر فضبط أبو حنيفة باليوم وقال كلما مضى يوم طالبه باجرته وهذا رواية عن مالك رضى الله عنه قال في رواية لا يستحق أخذ الاجرة حتى تنقضي المدة بتمامها * لنا أن الاجرة عوض في معاوضة تتعجل

(12/198)


بشرط التعجيل فتتجعل عند اطلاق كالثمن وكذلك نقول يملك المستأجر المنفعة في الحال وينفذ تصرفه فيها إلا أنها تستوفى على التدريج وقولهم بأنها معدومة يشكل بما إذا شرط التعجيل فان الشرط لا يجعل المعدوم موجودا ثم قال الاصحاب المنافع إما موجودة واما ملحقة بالموجودات ولهذا صح إيراد

(12/199)


العقد عليها وجاز أن تكون الاجرة دينا في الذمة ولولا أنها ملحقة بالموجودات لكان ذلك في معنى بيع الدين بالدين ويجب أن تكون الاجرة معلومة القدر والوصف كالثمن إذا كان في الذمة وقد روى أنه صلى الله عليه وسلم قال " من استأجر أجيرا فليعطه اجره " قال اعمل كذا لارضيك أو اعطيك شيئا وما أشبه فسد العقد وإذا عمل استحق اجرة المثل ولو استأجر أجيرا بنفقته أو كسوته فسد خلافا لمالك وأحمد حيث قالا تجوز ويستحق الوسط ولابي حنيفة في المرضعة خاصة * لنا القياس على عوض البيع والنكاح وان استأجر بقدر معلوم من الحنطة أو الشعير ووصفه كما يجب في السلم جاز أو بارطال من الخبز يبنى على جواز السلم في الخبز ولو أجر الدار بعمارتها أو الدابة بعلفها أو الارض

(12/200)


بخراجها أو مؤنتها لم يجز وكذلك لو أجرها بدراهم معلومة على أن يعمرها ولا يحسب ما أنفق من الدراهم وكذا لو أجرها بدراهم معلومة على أن يصرفها في العمارة لان الاجرة الدراهم والصرف إلى العمارة والعمل في الصرف مجهول وإن كانت الدراهم معلومة ثم إذا صرفها إلى العمارة رجع بها ولو أطلق العقد ثم أذن له في الصرف في العمارة وتبرع به المستأجر جاز فان اختلفا في قدر ما أنفقته فقولان

(12/201)


في أن القول قول من * ولو سلم إليه ثوبا وقال ان خطته اليوم فلك درهم وإن خطته غدا فلك نصف درهم فالعقد فاسد والواجب أجرة مثله في أي يوم خاطه (وقال مالك وأبو حنيفة ان خاطه اليوم استحق درهما وان خاطه غدا استحق أجرة المثل * وان قال ان خطته روميا فلك درهم وان خطته فارسيا فنصف درهم فهو فاسد خلافا لابي حنيفة والخياطة الرومية بغرزتين والفارسية بغرزة وإذا

(12/202)


شرط التأجيل في الاجرة فحل الاجل وقد تغير النقد فالاعتبار بيوم العقد وفي الجعالة الاعتبار بيوم اللفظ أو بيوم تمام العمل حكى الامام فيه وجهين (أصحهما) الاول ووجه الثاني أن الاستحقاق يثبت بتمام العمل * هذا إذا كانت الاجرة في الذمة * فان كانت معينة ملكت في الحال كالمبيع واعتبرت فيه الشرائط المعتبرة في المبيع حتى لو جعل الاجرة جلد شاة مذبوحة قبل السلخ لم يجز لانه لايعرف

(12/203)


حاله في الرقة والثخانة وسائر الصفات قبل السلخ وهل تغني مشاهدتها عن معرفة القدر فيه طريقان (أحدهما) أنه على القولين في رأس مال السلم لان الاجارة تعرض للفسخ والانفساخ لتعذر استيفاء المنافع كالسلم لانقطاع المسلم فيه (والثانى) القطع بالجواز لان المنافع ملحقة بالاعيان الموجودة لتعلقها بالعين الحاضرة وكيف ماكان فالظاهر الجواز * هذا في اجارة العين (النوع الثاني) الاجارة الواردة

(12/204)


على الذمة فلا يجوز فيها تأجيل الاجرة والاستبدال عنها ولا الحوالة بها ولا عليها ولا الابراء بل يجب التسليم في المجلس كرأس المال السلم لانه سلم في المنافع وان كانت الاجرة مشاهدة غير معلومة القدر فهي على القولين في رأس مال السلم ولا يجئ ههنا الطريق الاخر * هذا إذا تعاقدا بلفظ السلم بأن قال سلمت إليك هذا لدينار في دابة تحملني إلى موضع كذا فان تعاقدا بلفظ الاجارة بأن قال

(12/205)


استأجرت منك دابة صفتها كذا لتحملني إلى موضع كذا فوجهان بنوهما على أن الاعبار باللفظ أم بالمعنى (أصحهما) عند العراقيين والشيخ أبى على أن الحكم كما لو تعاقدا بلفظ السلم لانه سلم في المعنى وتابعهم صاحب التهذيب على اختيار هذا الوجه لكنه لا يلائم مصيره فيما إذا أسلم بلفظ

(12/206)


الشراء وكذلك ما نحن فيه * اختار مختارون اعتبار اللفظ وفيما إذا اشترى بلفظ السلم ذكرتم أن أظهر القولين بطلان العقد والائمة كالمتفقين عليه فهل من فارق * والجواب أن المسائل التى بنوها على هذا الاصل كثيرة لكنها متنوعة فمنها أن يستعمل اللفظ فيما لا يوجد فيه تمام معناه وإن كان بينهما

(12/207)


بعض التشابه كالشراء بلفظ السلم فان تمام معنز السلم لا يوجد في البيع لانه أخص منه (ومنها) أن يكون آخر اللفظ رافعا لاوله كقوله بعتك بلا ثمن (ومنها) أن يكون الشئ الاصلى اللفظ مشترك بين خاصين يشتهر اللفظ في أحدهما ثم يستعمل في الثاني كالسلم بلفظ الشراء فان المعنى الاصلي للشراء

(12/208)


موجود بتمامه في السلم إلا أنه اشتهر في شراء الاعيان وكذلك السلم في المنافع بلفظ الاستئجار المشهور في إجارة العين فيشبه أن يقال الصيغة محيلة في النوع الاول والثانى ومنتظمة صحيحة الدلالة على المقصود في النوع الثالث فيعتبر المعني ولا يخفي عليك بعد الشرح أن مسائل الكتاب في الصفة

(12/209)


ولقمة في النوع الاول من الاجارة ويجوز أن تكون الاجرة منفعة عين أخرى اتفق الجنس كما إذا أجر دارا بمنفعة دار أخرى أو اختلفت كما إذا أجرها بمنفعة عبد خلافا لابي حنيفة فيما إذا اتفق الجنس بناء على أن الجنس الواحد يحرم النساء وفي الاجارة نساء وعندنا لا ربا في المنافع أصلا حتى لو أجر دارا بمنعة دارين يجوز وكذلك لو أجر حليا ذهبا بذهب ولا يشترط القبض في المجلس *

(12/210)


قال (ولو استأجر السلاخ بالجلد والطحان بالنخالة أو بصاع من الدقيق فسد لنهيه عليه الصلاة والسلام عن قفيز الطحان ولانه باع ما هو متضل بملكه فهو كبيع نصف من سهم * ولو شرط للمرضعة جزأ من المرتضع لرقيق بعد الفطام * ولقاطف الثمار جزأ من الثمار المقطوفة فهو أيضا

(12/211)


فاسد * وإن شرط جزأ من الرقيق في الحال أو من الثمار في الحال فالقياس صحته (و) * وظاهر كلام الاصحاب دال على فساده حتى منعوا استئجار المرضعة على رضيع لها فيه شرك لان عملها لا يقع على خاص ملك المستأجر) *

(12/212)


لا يجوز أن تجعل الاجرة ما يحصل بعمل الاجير كما إذا استأجر السلاخ لسلخ الشاة بجلدها أو الطحان ليطحن الحنطة بثلث دقيقها أو بصاع منه أو بالنخالة أو المرضعة بجزء من الرقيق الرضيع بعد الفطام أو قاطف الثمار بجزء من الثمار بعد القطاف أو النساج لينسج الثوب بنصفه * والمستحق

(12/213)


للاجير في هذه الصور أجرة مثل عمله وهو موجه أولا بالخبر حديث روى أنه صلى الله عليه وسلم " نهى عن قفيز الطحان " وتفسيره استئجار الطحان ليطحن الحنطة بقفيزمن دقيقها ثم وجه ثانيا بثلاثة

(12/214)


أوجه (أحدها) أن المجعول أجرة متصل بغيره فهو كبيع نصف من سهم أو نصل وهذا قد ذكره في الكتاب وسمى جعله أجرة بيعا حيث قال باع ما هو متصل بملكه لانه في معناه ولك

(12/215)


أن تقول هذا إن اشتهر في الجلد لا يستمر في الجزء المشاع والحكم لا يختلف فان كنا نقنع بما لا يطرد في هذا القبيل ففى المسائل بالفساد مأخذ أظهر من هذا كمسألة السلاخ فان الجلد قبل السلخ مجهول ولايجوز جعله أجرة مطلقا كما سبق وكمسألة النخالة فانهما

(12/216)


مجهولة المقدار وإذا شرط صاعا من الدقيق فان كانت الجملة مجهولة فهو كبيع صاع من صبرة مجهولة الصيعان وقد مر * وفي مسألة الرقيق الرضيع وقطاف الثمار شئ آخر وهو أن الاجرة معينة وقد أجلها بأجل مجهول والاعيان لا تؤجل بالاجال المعرمة فكيف بالمجهولة (والثاني) أن عمله لا يقع للمستأجر في محل ملكه خاصة بل لنفسه وللمستأجر وفي ملكيهما * والشرط في الاجارة وقوع العمل

(12/217)


في خاص ملك المستأجر وهذا قد ذكره صاحب الكتاب أيضا في آخر الفصل وسيأتى الاشكال عليه (والثالث) أن الاجرة غير حاصلة في الحال على الهيئة المشروطة وانما تحصل بعمل الاجير من بعد فهى إذا غير مقدور عليها في الحال ولو استأجر المرضعة بجزء من الرقيق في الحال أو قاطف الثمار بجزء منها على رؤس الاشجار فحكاية الامام وصاحب الكتاب عن الاصحاب المنع أيضا توجيها

(12/218)


بأن عمل الاجير ينبغى أن يقع في خاص ملك المستأجر وأنهم خرجوا على هذا أنه لو كان الرضيع ملكا لرجل وامرأة فاستأجرها الرجل وهى مرضع لترضعه بجزء من الرقيق أو غيره لم يجز لان
عملها لا يقع في خاص ملك المستأجر واعترضا عليه بأن القياس والحالة هذه الجواز ولا يضر وقوع العمل في المحل المشترك ألا ترى أن أحد الشريكين لو ساقى صاحبه وشرط له زيادة من الثمار يجوز وإن كان عمله يقع في المشترك وظاهر المذهب هذا الذي مالا إليه دون ما نقلاه قال في التهذيب

(12/219)


لو استأجر أحد الشريكين في الحنطة صاحبها ليطحنها أو في الدابة ليتعهدها بدرهم جاز ولو قال استأجرتك بربع هذه الحنطة أو بصاع منها لتطحن الباقي (فالجواب) في التهذيب والتتمة الصحة ثم يتقاسمان قبل الطحن فيأخذ الاجرة ويطحن الباقي * قال في التتمة وان شاء طحن الكل والدقيق مشتر ك بينهما ومن صور الوسيط ما إذا استأجر حمال الجيفة بجلدها وتعليل الفساد فيها بأن جلد الجيفة أجرة أوضح لكن الصورة الغريبة منها ما إذا استأجر لحمل شاة مذكاة إلى موضع كذا بجلدها *

(12/220)


قال (الركن الثالث المنفعة * وشروطها خمسة أن تكون متقومة لا بانضمام عين إليها * وأن تكون مقدورا على تسليمها * حاصلة للمستأجر معلومة * أما التقويم عنينا به أن استئجار تفاحة للشم وطعام لتزيين الحانوت لا يصح * وكذا (ح) استئجار الدراهم والدنانير لتزيين الحانوت فانه لاقيمة له على الاصح (و) * وكذا استئجار الاشجار لتجفيف الثياب والوقوف في ظلها * وكذا استئجار البياع على كلمة تروج لها السلعة ولاتعب فيها * وفي استئجار الكلب للحراسة والصيد وجهان)

(12/221)


اعتبر في المنفعة المعقود عليها خمسة شروط (أحدها) أن تكون متقومة ليحسن بذل المال في مقابلتها فان لم يكن كذلك كان بذل المال لها سفها وتبذيرا فمنع منه كما منع من شراء مالا ينتفع به وفيه صور (إحداهما) ذكر أن كراء تفاحة للشم فاسد وكأن المنع ناشئ من أن التفاحة

(12/222)


الواحدة لا تقصد للشم فيكون استئجارها كشراء الحبة الواحدة من الحنطة والشعير * فان كثر فالوجه الصحة ولانهم نصوا على جواز استئجار المسك والرياحين للشم ومن التفاح ما هو أطيب من كثير من

(12/223)


الرياحين (الثانية) في استئجار الدراهم والدنانير وجهان كما في إعارتها (والاصح) المنع والاعارة أولى بالجواز لانها مكرمة لا معاوضة ولذلك جوز بعضهم الاعارة مع منع الاجارة وذكرنا هناك بحثا في أن موضع الخلاف اطلاق إعارة الدراهم أو التعرض لغرض البر بين بناء على الخلاف في أن صحة الاجارة

(12/224)


من غير تعيين لجهة المنفعة وههنا لا تصح الاجارة عند الاطلاق بمال لان تعيين الجهة في الاجارة لابد منه وعن أبى حنيفة أنه إن عين جهة الانتفاع بها من تزيين الحوانيت أو الوزن بها أو الضرب

(12/225)


على طبعها صحت الاجارة وإلا كانت قرضا وأما استئجار الاطعمة لتزيين الحوانيت بها فكلام المصنف ههنا وفي الوسيط يقتضى القطع بمنعه وكذلك ذكره القاضى حسين وعن الامام وغيره أنه على الوجهين

(12/226)


فيجوز اعلام قوله والطعام لتزيين الحوانيت بالواو والوجهان جاريان في استئجار الاشجار لتجفيف الثياب والوقوف في ظلها وربط الدواب بها لان الاستئجار لا يقصد لهذه الاغراض وذهب بعضهم

(12/227)


إلى أن الاصح الصحة ههنا على خلاف الاصح في مسألة الدراهم والدنانير لانها منافع مهمة ومنفعة التزيين ضعيفة وأجرى في التهذيب الوجهين في استئجار الببغاء للاستئناس وبالجواز أجاب أبو سعيد

(12/228)


المتولي وكذلك في كل مستأنس بلونه كالطاوس أو بصوته كالعندليب (الثالثة) استئجار البياع على كلمة البيع أو كملة تروج بها السلعة ولاتعب فيها فاسد لانه لاقيمة لها ولم يجعلوا هذا من صور الوجهين

(12/229)


لكن المحكى عن الامام محمد بن يحيى أن ذلك في المبيع المستقر قيمته في البلد كالخبز واللحم (وأما) الثياب والعبيد وما يختلف قدر الثمن فيه باختلاف المتعاقدين فيختص بيعها من البياع بمزيد منفعة

(12/230)


وفائدة فيجوز الاستئجار وعليه فإذا لم يجز الاستئجار ولم يلحق البياع تعب فلا شئ له وإن تعب يكره التردد وكثرة الكلام في تأليف أصل المعاملة فله أجرة المثل لا ما تواطأ عليه البياعون (الرابعة) في استئجار

(12/231)


الكلب المعلم للحراسة والسيد وجهان (أحدهما) الجواز كاستئجار الفهد والبازى والشبكة للاصطياد والهرة لدفع الفأرة (وأصحهما) المنع لان اقتضاءه ممنوع الا لحاجة وما جوز للحاجة لا يجوز أخذ العوض عليه وأيضا فانه لاقيمة لعينه وكذلك لمنفعته *

(12/232)


قال (أما المتقوم دون العين معناه أن استئجار الكرم والبستان لثمارها والشاة لنتاجها ولبنها وصوفها باطل فانه بيع عين قبل الوجوه * واستئجار الشاة لارضاع السخلة باطل واستئجار المراة للارضاع مع الحضانة جائز * ودون الحضانة فخلاف * والاولى الجواز للحاجة * واستئجار الفحل للضراب ففيه خلاف * والاولى المنع لانه لا يوافق بتسليمه على وجه ينفع * أما القدرة على التسليم نعني

(12/233)


به أن استئجار الاخرس للتعليم والاعمى للحفظ باطل لان المقصود غير ممكن * ولو استأجر قطعة أرش لاماء لها للزارعة فهو باطل * وإن استأجر للسكنى فجائز * فان أطلق وكان في محل يتوقع

(12/234)


الزراعة كان كالتصريح بالزراعة * وإن كان الماء متوقعا ولكن على الندور ففاسد بناء على الحال * وإن كان يعلم وجود الماء فصحيح * وإن كان يغلب وجود الماء بالامصار فالنص أنه فاسد نظر إلى

(12/235)


العجز في الحال * وقيل أنه صحيح إذ انقطاع الشر العد والماء الجارى أيضا ممكن * وإن استأجر
أرضا والماء مستو عليها في الحال ولا يعلم انحساره فهو باطل * وان علم انحساره فهو صحيح (و) ان تقدمت رؤية الارض أو كان الماء صافيا لايمنع رؤية الارض)

(12/236)


ترجمه هل الشرط ههنا وفي الفصل السابق بكون المنفعة متقومة بنفسها لا بعين تضم إليها كانه قدر انقسام المنفعة إلى متقومة بنفسها ومتقومة بعين تنضم إليها ولمانع أن يمنع ذلك ويقول إن العين المنضمة إلى المنفعة هي المتقومة والمنفعة لا تستفيد من العين تقوما وقال في الوسيط معبرا عن هذا الشرط انه لا يتضمن استيفاء عين قصد أو هذا أليق بمسائل الفصل وعلته أن الاجارة عقد ينبغي به المنافع

(12/237)


دون الاعيان هذا هو الاصل إلا أنه قد تستحق بها الاعيان تابعة لضرورة أو حاجة حاقة فتلحق تلك الاعيان حينئذ بالمنافع وفيه مسائل (احداها) استئجار الكروم والبستان لثمارها والشاة لنتاجها أو صوفها أو لبنها باطل لان الاعيان لا تملك بعقد الاجارة وهذا في الحقيقة بيع لاعيان معدومة ومجهولة (الثانية) الاستئجار لارضاع الطفل جائز ويستحق به منفعة وعين فالمنفعة أن تضع الصبى في حجرها

(12/238)


وتلقمه الثدى ويعصره عند الحاجة والعين اللبن الذي يمتصه الصبي وإنما جوزناه وأثبتناه به استحقاق اللبن لانا لو منعناه لاحتاج إلى شراء اللبن كل دقيقة وفيه من المشقة ما يعظم ثم الشراء إنما يمكن بعد الحلب والتربية لا تتم باللبن المحض ثم الاصل الذى يتناوله العقد ماذا فيه وجهان (أحدهما) اللبن وفعلها تابع لان اللبن مقصود لعينه وفعلها مقصود لايصال اللبن المقصود إلى الصبى (وأصحهما) أن

(12/239)


الاصل المتناول بالعقد فعلها وللبن مستحق تبعا لقوله تعالى (فان أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) علل الاجرة بفعل الارضاع لابلبن وأيضا ان الاجارة موضوعة لاستحقاق المنافع فان استحقق فيها عين الضرورة تدعو إليه فهى تابعة كالبئر تستأجر لسقى مائها والدار تستأجر وفيها بئر يجوز لاستيفاء منها أم ان استأجرها لحضانة فوجهان (أحدهما) لا يجوز لانه لا يجوز استئجار الشاة لارضاع السخلة

(12/240)


(وأصحهما) الذي أورده الاكثرون انه يجوز كما يجوز أن تستأجر لمجرد الحضانة قال الامام وهذا الخلاف فيما إذا قصر الاجارة على صرف اللبن وقطع عنه وضعه في الحجر ونحوه فاما الحضانة بالمعنى الذي نذكره من بعد فلا خلاف في جواز قطعه عن الارضاع (الثالثة) استئجار الفحل للضراب حكمه ما ذكرنا في

(12/241)


الباب الثالث من كتاب البيع وقوله انه لا يوافق بتسليمه على وجه ينفع اراد به انه أمر لا يتعلق باختيار الحيوان ثم بتقدير أن ينزو فربما لا ينزل فان انزل فربما لا يحصل منه الولد وهو المقصود لكن المعتبر القدرة على تسليم المنفعة المعقود عليها (فاما) وقوعه نافعا مرو سبيله إلى الغاية المقصودة فغير معتبر بالاتفاق

(12/242)


ومما يناسب مسائل الفصل استئجار القنوات وله ذكر في بعض نسخ الكتاب قبيل المسألة الثالثة بهذه العبارة واستئجار القناة للزارعة بمائها الاصلح يجويزه للحاجة ولا وجه له في القياس إلا على قول من لا يري الماء مملوكا فتكون القناة كالشبكة والماء كالصيد وغالب الظن أولا أن المسألة ليست من

(12/243)


متن الكتاب فليست هي ثابتة في الوسيط ثم حكمها تفريعا على ان الماء ليس بمملوك بين ما ذكره وعلى قولنا انه مملوك فالمنافع آبار الماء وقد جوزنا استئجار بئر الماء للاستقاء والتى بعدها مستأجرة لاجراء الماء فيها وقال القاضى الرويانى في الحلية إذا اكترى قرار القناة ليكون احق بمائها جاز في قول بعض

(12/244)


أصحابنا وهو الاختيار والمشهور منه ولفظه في تصوير المسألة يشبه ان يكون مبنيا على ان الماء لا يملك (الشرط الثالث) للمنفعة أن تكون مقدورا على تسليمها فلا يجوز استئجار الابق والمغصوب كبيعهما ولا استئجار الاخرس للتعليم والاعمى لحفظ المتاع وكذا استئجار من لا يحسن القرآن ليعلمه قال في

(12/245)


الوسيط فان وسع عليه وقتا يقدر على التعلم قبل التعليم ففيه وجهان (الاصح) المنع لان المنفعة مستحقة
في عينه والعين لا تقبل شرط التأجيل والتأخير * وان استأجر ارضا للزارعة وجب ان تكون الزراعة فيها متيسرة والاراضي انواع منها أرض لها ماء دائم من نهر أو عين أو بئر ونحوها ومنها أرض لا ماء لها

(12/246)


ولكن يكفيها المطر المعتاد والنداوة التى تصيبها من الثلوج المعتادة كبعض أراضي الجبال أولا يكفيها ذلك ولكنها تسقى بماء الثلج والمطر في الجبل والغالب فيها الحصول ومنها ارض لاماء لها ولا تكفيها الامطار المعتادة ولا تسقى بماء غالب الحصول من الجبل ولكن ان أصابها مطر عظيم أو سيل نادر

(12/247)


أمكن أن تزع فالنوع الاول يجوز استئجاره والثالث لا يجوز لانها منفعة غير مقدور عليها وامكان الحصول غير كاف كامكان عود الابق مرد المغصوب وفي النوع الثاني وجهان (أحدهما) وبه قال القفال انه لا يجوز استئجاره لان السقى معجوز عنه في الحال والماء المتوقع لايعرف حصوله وبتقدير حصوله

(12/248)


لايعرف انه هل يحصل في الوقت الذي تمكن الزراعة فيه (والثانى) انه يجوز ويحكى عن القاضى الحسين لان الظاهر حصول المقصود والتمكن الظاهر كاف ألا ترى ان انقطاع ماء النهر والعين ممكن أيضا لكن لما كان الظاهر فيه الحصول كفى لصحة العقد وهذا أقوي الوجهين وبه أجاب القاضى ابن كج وصاحب التهذيب وغيرهما وانما اضاف صاحب الكتاب الاول إلى النصف لانه قال في المختصر

(12/249)


وان يكارى الارض التى لا ماء لها وانما تسقى بنطف من السماء أو بسيل ان جاء فلا يصح وظاهره يشمل النوع الثاني والثالث وقد يشعر به قوله أو بسيل ان جاء والنطف القطر يقال نطف ينطف نطفا وكل قاطر ناطف (ومنها) ارض على شط النيل أو الفرات أو غيرهما يعلو الماء عليها ثم ينحسر ويكفي ذلك لزراعتها السنة فإذا استأجرها للزراعة بعد ما علاها الماء وانحسر صح وان كان قبل ان يعلو الماء عليها فان لم يوثق به كالنيل لا ينضبط أجره لا يصح وان كان الغالب حصوله فليكن على الخلاف في استئجار النوع الثاني من الاراضي وان كان موثوقا به كالمد بالبصرة صح كماء النهر وان كان يتردد

(12/250)


في وصول المد إلى تلك الاراضي فهو كارض ليست لها ماء معلوم وان كان قد علاها الماء ولم ينحسر فان كان لا يرجى انحساره لم يجز استئجارها وكذا لو كان يتردد فيه لان العجز يقين وزواله مشكوك فيه وان كان يرجى انحساره وقت الزراعة بالعادة فالنص صحته قال الاصحاب فيه وجهان من الاشكال (احدهما) ان شرط الاجارة التمكن من الانتفاع عقيب العقد والماء مانع منه (والثانى) انه يمنع رؤية

(12/251)


الارض فيكون اجارة الغائب (وأجيب) عن الاول بوجهين (احدهما) ان موضع النص ما إذا كان الاستئجار لزراعة ما تمكن زراعته في الماء كالارز فان كان غير ذلك لم يصح الاستئجار حكاه الشيخ أبو حامد عن بعضهم (واصحهما) أنه لافرق بين مزروع ومزروع لكن الماء فيها من مصالح العمارة والزراعة فكان ابقاؤه فيها ضربا من العمارة وأيضا فان صرف الماء بفتح موضع ينصب إليه أو حفر بئر ممكن

(12/252)


في الحال وحينئذ يكون متمكنا من الاستعمال بالعمارة بهذه الوسائط فاشبه ماذا استأجر دارا مشحونة بامتعة يمكن الاستعمال بنقلها في الحال فانه يجوز إلا أن الشيخ أبا محمد حكى وجها في منع اجارة الدار المشحونة بالامتعة بخلاف بيعها والاظهر الاول (واما) الثاني فمنهم من قال التصوير فيما إذا كان قد رأى الارض قبل حصول الماء فيها أو كان الماء صافيا لايمنع رؤية الارض وان لم يكن كذلك فعلى قولى شراء الغائب ومنهم من قطع بالصحة (أما) عند حصول الرؤية فظاهر (وأما) إذا لم تحصل فلانه من مصلحة المزارعة من حيث انه يقوى الارض ويقطع العروق المنتشرة فيها فاشبه استتار الجوز واللوز بقشره (والظاهر) الصحة سواء أجرينا القولين أم لا وان كانت الارض على شط نهر الظاهر منها انها تفرق وتنهار في الماء لم يجز استئجارها وان احتمل ولم يظهر جاز لان الاصل والغالب دوام السلامة

(12/253)


ويجوز أن تخرج حالة الظهور على مقابل الاصل والظاهر إذا عرف حكم الانواع فكل ارض لها ماء ومعلوم واستأجرها للزراعة مع شربها منه فذاك وان استأجرها للزراعة دون شربها جاز ان تيسر سقيها
من ماء آخر وان اطلق دخل فيه الشرب بخلاف مااذا باعها لايدخل الشرب فيه لان المنفعة ههنا لا تحصل دونه وهذا إذا اطردت العادة للاجارة مع الشرب فان اضطربت فسيأتي الحكم في الباب الثاني فكل ارض منعنا استئجارها للزراعة فان اكثراها لينزل فيها أو يسكنها أو يجمع الحطب فيها أو يربط الدواب جاز وان اكثراها مطلقا نظر إن قال اكتريت هذه الارض البيضاء ولا ماء لها جاز لانه يعرف بنفى الماء ان الاستئجار بغير منفعة الزراعة ثم لو حمل ماء من موضع وزرعها أو زرع على توقع حصول ماء لم يمنع منه وليس له البناء والغراس فيها نص عليه ووجهوه بان تفدير المدة

(12/254)


يقتض ظاهره التفريع عند انقضائها والغراس والبناء للتأييد بخلاف مالو استأجر للبناء والغراس فان التصريح بها صرف اللفظ عن ظاهره وان لم يقل عند الاجارة ولا ماء لها فان كانت الارض بحيث يطمع في سوق الماء إليها لم يصح العقد لان الغالب في مثلها الاستئجار للزراعة فكان ذكرها وان كانت على قلة جبل لا يطمع في سوق الماء إليها (فوجهان) عن رواية أبى اسحاق (أظهرهما) الصحة وتكفى

(12/255)


هذه القرينة صارفة فإذا اعتبرنا نفى الماء ففي قيام علم المتعاقدين مقام التصريح بالنفى وجهان (اشبههما) المنع لان العادة في مثلها الاستئجار للزراعة فلا بد من الصرف باللفظ الا ترى انه لما كانت العادة في الثمار الابقاء واردنا خلافه اعتبرنا التصريح بشرط القطع واعلم ان في المسألة تصريحا بجواز الاستئجار مطلقا من غير بيان جنس المنفعة وسيأتى الكلام فيه واما لفظ الكتاب فقوله وان كان في محل تتوقع الزراعة كان التصريح بالزراعة جواب على احد الوجهين فاما على رأى من لا يفرق ويقول سواء

(12/256)


كانت الزراعة متوقعة أو لم تكن فالاطلاق كالتصريح بالزراعة فيجوز ان يعلم بالواو وقوله وكان في محل تتوقع الزراعة وابعد الماء الدائم الذي لا انقطاع له (وقوله) فان علم انحساره فهو صحيح يمكن اعلامه بالواو للوجه الذي رواه الشيخ أبو حامد في الفرق بين الارز وغيره (وقوله) ان تقدمت رؤية الارض أو كان الماء صافيا لايمنع رؤية الارض والا فهو على الخلاف في شراء الغائب *
قال (وإجارة الدار للسنة القابلة فاسدة (ح) إذ لا تسلط عليه عقيب العقد مع اعتماد العقد العين) * عرفت انقسام الاجارة أي واردة على العين وواردة على الذمة أما إجارة العين فلا يجوز ايرادها على المستقبل كايجار الدار للسنة القابلة والشهر الاتى وكذا إذا قال أجرتك سنة مبتدأة من الغد أو من الشهر الاتى أو أجرتك هذه الدابة للركوب إلى موضع كذا على أن تخرج غدا (وقال) أبو حنيفة

(12/257)


وأحمد يجوز ذلك * لنا القياس على البيع فانه لو باع على أن يسلم بعد شهر فانه باطل ولو قال أجرتك سنة فإذا انقضت السنة فقد أجرتك سنة أخرى فالعقد الثاني باطل على الصحيح كما لو قال إذا جاء رأس الشهر فقد أجرتك مدة كذا فاما الاجارة الواردة على الذمة فيحتمل فيها التأجيل والتأخير كما إذا قال الزمت ذمتك حملي إلى موضع كذا على دابة صفتها كذا غدا أو غرة شهر كذا كما لو أسلم في شئ مؤجلا وإن أطلق كان حالا وإن أجر داره سنة من زيد ثم أجرها من غيره السنة الثانية قبل انقضاء الاولى لم يجز فان أجرها من زيد نفسه (فوجهان) ويقال قولان (أحدهما) المنع لانه إجارة سنة قابلة كما لون أجر من غيره أو منه مدة لا تتصل بآخر المدة الاولى (والثانى) وهو المنسوب إلى نصه إنه يجوز لاتصال المدتين كما لو أجر منه السنتين في عقد واحد وهو أصح عند صاحب التهذيب وغيره ورجح في الوسيط الوجه الاولى محتجا بان العقد الاولى قد ينفسخ فلا يتحقق شرط العقد

(12/258)


الثاني وهو الاتصال بالاول ولمن نص الوجه الثاني أن يقول رعاية الاتصال ظاهرا وذلك لا يقدح فيه الانفساخ العارض ولو أجرها من زيد لسنة وأجرها زيد من عمرو ثم أجرها المالك من عمرو السنة الثانية قبل انقضاء المدة الاولى ففيه الخلاف ولايجوز أن يؤجرها من زيد ولا يؤجرها من عمرو لان زيدا هو الذي عاقده فيضم إلى ما استحق بالعقد الاول السنة الثانية * قال (ولو أجر سنة ثم أجر من نفس المستأجر السنة الثانية فوجهان * ولو قال استأجرت هذه الدابة لاركبها نصف الطريق وأترك النصف اليك * قال المزني هو إجارة للزمان القابل إذ
لا يتعين له النصف الاول * وقال غيره يصح * وإنما التقطع بحكم المهايأة فهو كاستئجار نصف الدابة ونصف الدار وهو صحيح (ح)) * ولو أجر سنة وباعها في المدة وجوزناه لم يكن للمشترى أن يؤجر السنة الثانية من المكترى لانه لم تكن

(12/259)


بينهما معاقدة ويرد نحوه أن الوارث هل يتمكن منه إذا مات المكرى في المدة لان الوارث نائبه ولا يجوز أن يؤجر الدار والحانوت شهرا على أن ينتفع به الايام دون الليالى لان زمان الانتفاع لا يتصل بعضه ببعض فيكون إجارة للزمان المستقبل وفي مثله في العبد والبهيمة يجوز لانهما لا يطيقان العمل الدائم ويرفهان الليل على العادة وإن أطلق لاجارة ولو أجر دابته لموضع ليركبها المكرى زمانا ثم المكترى زمانا لم يجز لتأخر حق المكترى وتعلق الاجارة بالزمان المستقبل وإن أجرها منه ليركب المكترى بعض الطريق وينزل ويمشى في البعض أمر من اثنين ليركب هذا زمانا وهذا مثله ففيه أوجه (أحدها) ان الاجارة فاسدة في الصورة الاولى صحيحة في الثانية لانه إذا اكتري من اثنين اتصل زمان الاجارة بعضه ببعض فإذا اكتري من واحد تفرق فتكون اجارة الزمان المستقبل (وثانيهما) المنع في الصورتين لانه اجارة إلى آجال متفرقة وأزمنة متقطعة (وثالثها) وبه قال المزني

(12/260)


في الجامع الكبير تخريجا ووافقه صاحب التلخيص أنه تجوز الاجارة في الصورتين مضمونة في الذمة ولا تجوز على دابة معينة والفرق أنها إذا كانت في الذمة فان أجر من واحد فقد ملكه نصف المنافع على الاشاعة فيقاسم المالك وان أجرها من اثنين ملكهما الكل نسقا فيتقاسمان (وأما) اجارة العين فانها تتعلق بازمنة متقطعة فتكون اجارة الزمان المستقبل (وأصحهما) وهو نصه في الام جواز الاجارة في الصورتين سواء وردت على العين أو الذمة ويثبت الاستحقاق في الحال ثم بتقسيم المكترى والمكرى أو المكتريان والتأخير الواقع من ضرورة القسمة والتسليم لا يضر وهذه المسألة تشهر بكراء العقب وهو جمع عقبة والعقبة النوبة وهما يتعاقبان على الراحلة إذا ركب هذا تارة وهذا تارة (وإذا قلنا) بالجواز فلو كان بالطريق عادة مضبوطة إما بالزمان بان يركب يوما وينزل يوما أو

(12/261)


بالمسافة بأن يركب فرسخا ويمشي فرسخا حمل العقد عليها وليس لاحدهما أن يطلب الركوب ثلاثا والنزول ثلاثا لما في دوام المشى من التعب وان لم تكن عادة مضبوطة فلابد من البيان في الابتداء وان اختلفا في من يبدأ بالركوب فالحاكم القرعة ولو أكرى الدابة من اثنين ولم يتعرض للتعاقب (قال) في التتمة إن احتملت الدابة ركوب شخصين اجتمعا على الركوب ولا فالركوب يخرج على المهايأة كما سبق ولو قال أجرتك نصف الدابة إلى موضع كذا أو اجرتك الدابة لتركبها نصف الطريق صح ويقتسمان اما بالزمان أو بالمسافة وهذه إجارة المشاع وبه قال مالك (وقال) أبو حنيفة واحمد لا تصح إجارة المشاع الا من الشريك وفي اجارة نصف الدابة وجه أنها غير جائزة للتقطع بخلاف اجارة نصف الطريق وبخلاف ما إذا أجر منهما ليركبان في محمل ونعود إلى ما يتعلق بلفظ

(12/262)


الكتاب خاصة (أما) تضمينه مسائل الفصل شرط القدرة على التسليم فكان سببه أن منافع الزمان المستقبل غير مقدور عليها (أما) إذا نجز كان التسليم في الزمان الحاضر مقدورا عليه فينحسب حكمه على جميع المدة المتواصلة للحاجة (وقوله) فاسد معلم بالحاء والالف وأراد بقوله إذ لا تسلط عليه عقب العقد مع اعتماد العقد العين ان هذه الاجارة متعلقة بالعين غير واردة على الذمة وذلك يقتضى التسليط في الحال وقوله (فوجهان) يجوز اعلامه بالواو ولان أبا الفرخ السرخسى حكى طريقة قاطعة بالمنع كما لو أجر من غير المستأجر ولفظ الكتاب في مسألة كراء العقب لا يتناول الا الاجارة الواردة على العين والا إذا اتحد المكترى لا يجئ حينئذ الا وجهان كما ذكرنا (وقوله) وهو صحيح يجوز أن يعلم بالحاء والالف لمذهبهما في اجارة المشاع * (فرع) لا تجوز اجارة مالا منفعة له في الحال ويصير منتفعا به كالحش لان الاجارة

(12/263)


موضوع على تعجيل المنافع بخلاف المساقاة على مالايثمر في تلك السنة ويثمر بعدها لان تأخر الثمار محتمل في كل مساقاة *
قال (والعجز شرعا كالعجز حسا * فلو استأجر على قلع سن صحيحة وقطع يد صحيحة أو إستأجر حائضا على كنس مسجد فهو فاسد لان تسليمه شرعا متعذر ولو كانت اليد متأكلة أو السن وجعة صحت * فان سكنت قبل القلع انفسخت الاجارة) المعجوز عنه شرعا كالمعجوز عنه حسا كما قدمنا في البيع فلا يحوز الاستئجار لقلع سن صحيحة وقطع يد صحيحة ولا استئجار الحائض لكنس المسجد وخدمته لانها منافع متعذرة التسليم شرعا (وقال) في الوسيط في اجارة الحائض لكنس المسجد احتمال فيجوز أن تصح وان كانت تعصى به كما تصح الصلاة في الارض المغصوبة وان كان يشغل ملك الغير والمنقول الاول وكذا لا يجوز الاستئجار

(12/264)


لتعليم التوارة والانجيل وختان الصغير الذي لا يحتمل ألمه ولتعلم السحر والفحش ولو استأجر لقطع يد متأكلة وقلع سن موجعة فالكلام أولا في جوازهما أما القلع فانه يجوز إذا صعب الالم وقال أهل البصر انه يريح الالم (وأما) القطع فلابد وان يذكر أهل الصنعة أنه نافع ومع ذلك ففى جوازه

(12/265)


خلاف عن حكاية الشيخ أبى محمد المنع أن القطع انما يمنع إذا وضعت الحديدة على محل صحيح وأنه ملك كما أنه الاكلة مهلكة وهذا الخلاف وما في جواز القطع من التفصيل مذكور في الكتاب في باب ضمان الولاة فحيث لا يجوز القطع والقلع فالاستئجار لهما باطل وحيث يجوز ففى صحة الاجارة

(12/266)


وجهان (أحدهما) المنع لان الاجارة إنما تجوز في عمل موثوق به وجواز زوال العلة محتمل ليمتنع الوفاء بقضية الاجارة وسبيل مثل هذا الغرض أن يحصل بالجعالة بان يقول اقلع سنى هذه ولك كذا (وأصحهما) الصحة إذ لا يشترط لصحة الاجارة القطع بسلامتهما عما يقطعها ورأي الامام

(12/267)


تخصيص الوجهين بالقلع لا أن احتمال فتور الوجع في الزمان الذي يفرض فيه القطع غير بعيد وأما الاتكال بارباب القطع فانه غير محتمل واجري الخلاف في الاستئجار للفصد والحجامة ويزع
الدابة لان هذه الايلامات إنما تياج بالحاجة وقد تزول الحاجة وإذا استأجر امرأة لكنس مسجد

(12/268)


فحاضت انفسخ العقد إن وردت الاجارة على عينها وعينت المدة وإن وردت على الذمة لم تنفسخ لامكان أن تفوضه إلى الغير وأن تكنس بعد أن تطهر وإذا جوزنا الاستئجار لقلع السن الوجعة فاستأجر له ثم سكن الوجع انفسخت الاجارة لتعذر القلع وهذا قد ذكره مرة أخرى في الباب

(12/269)


الثالث وسنذكر هناك ما يقتضى أعلام قوله انفسخت الاجارة بالواو وإن لم يبرأ لكن امتنع المستأجر من قلعه قال في الشامل لا يجب عليه الا أنه سلم الاجير نفسه ومضى مدة امكان العمل

(12/270)


وجب على المستأجر الاجرة ثم ذكر القاضي أبو الطيب أنها لاتستقر حتى لو انقلعت تلك السن انفسخت الاجارة ووجب رد الاجرة كما لو مكنت الزوجة في النكاح ولم يطأها الزوج ويفارق ما إذا حبس الدابة مدة امكان السير حيث تستقر عليه الاجرة لتلف المنافع عنده

(12/271)


قال (ولو استأجر منكوحة الغير دون اذن الزوج ففاسد (و) * ولو استأجرها الزوج لنفسه فهو صحيح * وان استأجرها (و) لارضاع ولده منها صح) * استئجار منكوحة الغير اما أن يفرض من غير الزوج أو منه اما غيره فله أن يستأجرها للرضاع وغيره باذن الزوج وبغير اذنه وجهان (أحدهما) يجوز أيضا لان محله غير محل النكاح إذ لاحق له في

(12/272)


لبنها وخدمتها وأصحهما المنع وهو المذكور في الكتاب لان أوقاتها مستغرقة بحق الزوج فلا تقدر على توفية ما التزمته فان لم نصححه فذاك وان صححناه فللزوج فسخه كيلا يحيل حقه ولو أجرت نفسها ولا زوج لها ثم نكحت في المدة فالاجارة بحالها وليس للزوج منعها بما التزمته كما لو

(12/273)


اجرت نفسها باذنه لكن يستمع بها في أوقات فراغها فان كانت الاجارة للرضاع فهل لولى الطفل الذي استأجرها لارضاعه منع الزوج من وطئها فيه وجهان (أحدهما) ويحكي عن أبى حنيفة

(12/274)


ومالك نعم لانه ربما تحمل فينقطع اللبن والافيقل والا فيضر بالطفل (والثانى) وأجاب أصحابنا العراقيون لا لان الحمل متوهم ولا يمتنع به الوطئ المستحق وذكر في التهذيب انه ان كانت الاصابة تضر باللبن منع الزوج من إصابتها وهذا إن أراد به الضرر والناشى من الحبل الناشئ من الاصابة

(12/275)


فهو جواب على الوجه الاول ويجوز أن يحمل على اضرارها باللبن من غير توسط الحمل وإذا منع الزوج فلا نفقة عليه في تلك المدة ولو أجر السيد الامة المزوجة جاز ولم يكن للزوج منعها من المستأجر لان يده يد السيد في الانتفاع وأما الزوج فلا يمنع من استئجارها إلا أنه إذا استأجرها

(12/276)


لارضاع ولده منها ففيه وجهان (أحدهما) وهو الذي ذكره العراقيون المنع ووجهوه بانها أخذت منه عوضا للاستمتاع وعوضا للحبس فلا تستحق شيئا آخر وهذا على ضعفه منقوض باستئجارها لسائر الاعمال (وأصحهما) وهو المذكور في الكتاب الجواز كما لو استأجرها بعد البينونة وكما لو

(12/277)


استأجرها للطبخ والكنس ونحوهما وعن أبى حنيفة أنه لا يجوز استئجارها للطبخ وما أشبه لانه مستحق عليها في العادة وعلى هذا الخلاف استئجار الوالد ولده للخدمة وفي عكسه (وجهان) إذا كانت الاجارة على عينه كالوجهين فيما إذا اجر المسلم نفسه من كافر

(12/278)


قال (أما الحصول للمستأجر نعني به ان استئجاره على الجهاد (و) والعبادات التى لا تجرى النيابة فيها فاسد إذ يقع للاجير * وأما الحج وحمل الجنازة وحفر القبر وغسل الميت فيجرى فيها

(12/279)


النيابة والاجارة * وللامام (و) استئجار أهل الذمة للجهاد إذ لا يقع لهم * والاستئجار على الاذان جائز للامام * وقيل انه ممنوع كالجهاد * وقيل انه يجوز لاحاد الناس ليحصل للمستأجر فائدة معرفة الوقت * ولايجوز الاستئجار على إمامة الصلوات الفرائض * وفي إمامة التراويح خلاف *

(12/280)


والاصح منعه وبالجملة فكل منفعة متقومة معلومة مباحة يلحق العامل فيها كلفة ويتطوع بها الغير عن الغير يصح ايراد العقد عليها) *

(12/281)


(الشرط الرابع) حصول المنفعة للمستأجر والا اجتمع العوضان في ملك واحد فانه إذا قال استأجرت دابتك لتركبها بعشرة كانت المنفعة والعشرة حاصلة له * في كنز العناية في هذا الشرط نذكر حكم العبادات في الاستئجار وضبطها امام الحرمين فقال هي على نوعين (احدهما) الذي يتوقف الاعتداد بها على

(12/282)


النية فما لا تدخله النيابة منها لا يجوز الاستئجار عليه لان الاستئجار نيابة خاصة وما تدخله النيابة منها يجوز الاستئجار عليه كالحج وتفرقة لزكاة وقال الامام ومن هذا القبيل غسل الميت إذا اعتبرنا فيه النية كجريان النيابة فيه والنوع الثاني لا يتوقف الاعتداد بها على النية وهى تنقسم إلى فرض كفاية والى

(12/283)


شعار غير مفروض (القسم الاول) فرض الكفايات وهو على ضربين (احدهما) ما يختص افراضه في الاصل بشخص وموضع معين ثم يؤمر به غيره ان عجز كتجهيز الميت بالتكفين والغسل وحفر القبر وحمل الجنازة والدفن فان هذه المؤنات تختص بتركة الميت فان لم تكن فحينئذ يجب على الناس القيام

(12/284)


بها فمثل هذا يجوز الاستئجار عليه لان الاجير غير مقصود بفعله حتى يقع عند وعد من هذا القبيل تعليم القرآن فان كل واحد يختص بوجوب التعليم وان كان يسير القرآن وانبنا عنه من فروض الكفايات وهذا إذا لم يتعين واحد لمباشرة هذه الاعمال فان تعين واحد لتجهيز الميت ولتعليم الفاتحة فوجهان

(12/285)


(احدهما) المنع كفروض الاعيان ابتداء (وأصحهما) الجواز كما أن المضطر يجب اطعامه ويجوز تغريمه (والضرب الثاني) ما يثبت افتراضه في الاصل شائعا غير مختص بشخص وموضع كالجهاد فلا يجوز استئجار المسلم عليه لانه مكلف بالجهاد والذب عن الملة فيقع عنه ويجوز استئجار الذمي عليه وسيأتى

(12/286)


ذلك في كتاب السير ان شاء الله تعالى (والقسم الثاني) شعائر غير مفروضة كالاذان تفريعا على الاصح وفي جواز الاستئجار عليه ثلاثة اوجه ذكرناها وترتيبها في باب الاذان فان جوزنا فعن الشيخ أبى محمد وغيره ثلاثة اوجه في أن المؤذن على م يأخذ الاجرة (أحدها) انه يأخذ على رعاية المواقيت (والثانى)

(12/287)


على رفع الصوت (والثالث) على الحيعلتين لانهما ليسا من الاركان (والاصح) وجه رابع أنه ياخذه على جميع الاذان بجميع صفاته ولا يبعد استحقاق على ذكر الله تعالى كما لا يبعد استحقاقها على تعليم القرآن وان اشتمل على قراءة القرآن ويتخرج على هذه التقاسيم صور (منها) الاستئجار لامامة

(12/288)


الصلاة المفروضة ممنوع منه والامامة في التراويح وسائر النوافل وجهان (الاصح) المنع لان الامام حصل لنفسه ومهما صلى اقتدى به من يريد وان لم ينو الامامة وان توقف على نيته شئ فهو احراز فضيلة الجماعة وهذه فائدة تحصل له دون المستأجر ومن جوزه ألحقه بالاستئجار للاذان ليتأدى

(12/289)


الشعار (ومنها) الاستئجار للقضاء ممتنع لان المتصدي له قد تعلق بعمله أمر الناس عامة وأيضا فاعمال القاضى غير مضبوطة (ومنها) أطلقوا القول بمنع الاستئجار التدريس وعن الشيخ أبى بكر الطويسى ترديد جواب في الاستئجار لاعادة الدورس (قال) الامام لو عين شخصا أو جماعة ليعلمهم

(12/290)


مسألة أو مسائل مضبوطة فهو جائز ولذي أطلقوه فهو محمول على استئجار من يتصدى للتدريس
من غير تعين من يعلم وما يعلم لانه كالجهاد في أنه اقامة مفروض على الكفاية ثابت على الشيوع وكذلك يمتنع استئجار مقرى يقرى على هذه الصورة (قال) ويحتمل أن يجوز الاستئجار ويشبه

(12/291)


الاذان وللمنع وراء ما ذكره مأخذ آخر وهو أن عمله غير مضبوط كما ذكرنا في القاضى وقوله) في الكتاب وللامام أن يستأجر أهل الذمة للجهاد يجوز أن يعلم بالواو لوجه ذكره في السير

(12/292)


سينتهي إليه الشرح ان وفق الله تعالى (وقوله) ليحصل للمستأجر فائدة معرفة الوقت هذا التوجيه مبنى على جواز الاخذ بقول المؤذن والاعتماد عليه ثم قضية الاكتفاء بحصول فائدة المستأجر دون ان تحصل له كل الفائدة ويلزم منه تجويز الاستئجار للامامة ليحصل للمستأجر فضيلة الجماعة (وقوله)

(12/293)


فيما يحمله فكل منفعة متقومة إلى آخره قريب من قوله في أول الركن متقومة لانضمام عين إليها إلى آخره وهما في ظاهر الامر كضابطين يتأدى بهما معني واحد لكن ينبغى أن يتنبه فيه لشيئين (أحدهما) أن التعرض للمتقوم مغن عن قوله يلحق العامل بها كلفة لان مالا كلفة فيه لا يتقوم

(12/294)


كما سبق (والثانى) انه وان أطلق لفظ المنفعة لكن المراد ههنا الاعمال التى يستأجر لها الاجراء والا لم ينتظم قوله يلحق العامل فيها كلفة أولا مجال لمفهومه في منفعة لبس الثوب وسكون الدار وقد صرح بذلك في الوسيط فقال كل عمل معلوم متاع يلحق العامل فيه كلفة إلى آخره وكذلك

(12/295)


حكاه الامام عن القاضى الحسين ثم هذا الضابط سواء كان ضابطا لمنفعة أو لمنا فع ابدان الاجراء لا اختصا له بهذا الموضع وذكره في غير هذا الموضع أحسن *

(12/296)


قال (وأما قوله معلومة فتفصيله في الادمى والاراضي والدواب * (أما الادمى) إذا استؤجر
لصنعة عرف بالزمان أو بمحل العمل كما لو استأجر الخياط يوما أو الخياطة ثوب معين * ولو قال استأجرتك لتخيط هذا القميص في هذا اليوم فسد (و) لانه ربما يتم العمل قبل اليوم أو بعده * وفي تعليم القرآن يعلم بالسور أو بالزمان * وفي الارضاع يعين الصبى ومحل الارضاع * فان هذا مما يختلف الغرض به) *

(12/297)


(الشرط الخامس) كون المنفعة معلومة وقد اعتبر في البيع العلم بثلاثة أمور من المبيع العين والقدر والصفة أما العين فلما لا يجوز أن يقول بعتك أحد هذين العبدين لا يجوز أن يقول أجرتك احدهما بل اما أن يلتزم في الذمة كما يلتزم بالسلم واما أن يؤجر عينا معينة ثم إن لم تكن

(12/298)


لها إلا منفعة واحدة فالاجارة محمولة عليها وان كانت لها منافع لابد من البيان وأما الصفة فقد ذكرنا إن اجارة العين الغائبة على الخلاف في بيعها وأما القدر فهو المقصود بالذكر (فاعلم) أن قدر المنفعة

(12/299)


يشترط العلم به سواء كانت الاجارة في الذمة أو كانت اجارة عين بخلاف المبيع فان الشئ المعين إذا بيع المشاهدة عن تحقيق القدر والفرق أن المنافع ليس لها حضور محقق وانما هي متعلقة بالاستقبال والمشاهدة لا يطلع فيها على الغرض ثم المنافع تقدر بطريقتين تارة تقدر بالزمان كما إذا

(12/300)


استأجر الدار ليسكنها سنة وتارة بمحل العمل كما إذا استأجر الخياط ليخيط له الثوب المعين أو الدابة ليركبها إلى موضع كذا ثم قد يتعين الطريق الاول كما في استئجار العقارات فان منافعها

(12/301)


لا تنضبط إلا بالمدة وكالارضاع فان تقدير اللبن لا يمكن ولا سبيل فيه إلا الضبط بالزمان وقد يسوغ الطريقان كما إذا استأجر عين شخص أو دابة يمكنه أن يقول ليعمل لى كذا شهرا وأن يقول

(12/302)


ليخيط هذا الثوب وفي الدابة أن يقول لاتردد عليها في حوائجى اليوم أو يقول لاركبها إلى موضع كذا فايهما كان كفى لتعريف المقدار فان جمع بينهما بأن قال استأجرتك لتخيط لى هذا القميص

(12/303)


اليوم ففيه وجهان (أصحهما) وهو المذكور في الكتاب وبه قال أبو حنيفة انه لا يجوز لان في إضافة الزمان إلى العمل غرر لا حاجة إلى احتماله لجواز انتهاء العمل قبل انتهاء اليوم وبالعكس

(12/304)


وهذا كما إذا أسلم في قفيز حنطة بشرط أن يكون وزنه كذا لا يصح لاحتمال ان يزيد أو ينقص فيتعذر التسليم (والثاني) يجوز والمدة مذكورة للتعجيل فلا تؤثر في فساد العقد وعلى هذا فوجهان (أصحهما) أنه يستحق الاجرة باسرعهما اتماما فان تم العمل قبل أتمام اليوم وجبت الاجرة وان

(12/305)


نقض اليوم قبله وجب اتمامه وبالاول أفتى القفال وذكر أنه ان انقض النهار أولا لم يلزمه خياطة الباقي وان تم العمل أولا فللمستأجر ان يأتي بمثل ذلك القميص ليخيط بقية النهار فان قال في الاجارة على أنك ان فرغت قبل تمام اليوم لم تخط غيره بطلت الاجارة لان زمان العمل يصير

(12/306)


مجهولا إذا عرفت ذلك فالمنافع متعلقة بالاعيان وتابعة لها وتحدد آحاد الاعيان التى تستأجر كالمعتذر فعنى الاصحاب بثلاثة أنواع تكثر البلوى باجارتها ليعرف طريق الضبط فيها ثم يقاس بها غيرها (أحدها) لآدمي يستأجر لعمل أو صناعة كالخياطة فان كانت الاجارة في الذمة قال لزمت ذمتك

(12/307)


خياطة هذا الثوب ولو أطلق وقال ألزمت ذمتك عمل الخياطة كذا يوما قال القاضى أبو الطيب لا يصح وبه أجاب صاحب التتمة توجيها بانه لم يعين عاملا يخيط ولا محلا للخياطة فلا ترتفع الجهالة

(12/308)


وان استأجر عينه قال استأجرتك لتخيط لى يوما أو شهرا نقل اكثرهم جوازه ايضا ويجب أن يبين
الثوب وما يريد منه من القميص أو القباء أو السراويل والطول والعرض وأن يبين نوع الخياطة أهى رومية أو فارسية الا أن تطرد العادة بنوع فيحمل المطلق عليه ومن هذا النوع الاستئجار لتعليم القرآن

(12/309)


ذكر الامام وصاحب الكتاب انه يعين السورة والايات التى يعلمها أو يقدر المدة فيقول لتعلمني شهرا وفي ايراد غيرها ما يفهم عدم الاكتفاء بذكر المدة واشتراط تعيين السور والايات لتفاوت التعليم سهولة وصعوبة وفيه وجه انه لا يجب تعيين السور وإذا ذكر عشر آيات كفى وفي المهذب وجه انه لابد من

(12/310)


تعيين السور لكن يكتفى باطلاق العشر منها ولا يعين واحتج له بما روى انه صلى الله عليه وسلم قال في قصة التى عرضت نفسها عليه لعبض القوم " أي أريد أن أزوجك هذه ان رضيت فقال ما رضيت لى يا رسول

(12/311)


الله فقد رضيت فقال للرجل هل عندك شئ قال لا قال ما تحفظ شيئا من القرآن قال سورة البقرة والتى تليها قال قم فعلمها عشر آيات وهى امرأتك " وفي جوب تعيين رواية ابن كثير ونافع وغيرهما

(12/312)


وجهان (أصحهما) المنع لان الامر فيهما قريب ويدل عليه الخبر السابق قال الامام وكنت أود ان لا يصح الاستئجار للتعليم حتى يختبر حفظ المتعلم كما لا تصح اجارة الدابة للركوب حتى يعرف حال الراكب لكن ظاهر كلام الاصحاب أنه لا يشترط والخبر يدل عليه وانما يجوز الاستئجار لتعليم القرآن إذا

(12/313)


كان من يعلمه مسلما أو كافرا يرجى اسلامه فان كان لايرج لا يعلم القرآن كما لا يباع المصحف من الكافر ولايجوز الاستئجار له وان كان المستأجر على تعليمه يعلم الشئ بعد الشئ ثم ينساه فهل على الاجير اعادة التعليم فيه أوجه (أحدهما) أنه ان تعلم آية ثم نسيها لم يجب تعليمها ثانيا وان تعلم دون

(12/314)


آية ونسيى وجب (والثانى) ان الاعتبار بالسورة (والثالث) ان نسى في مجلس التعليم وجب اعادته
وان نسى بعده فلا (والرابع) ان الرجوع فيه إلى العرف الغالب وهو الاصح * (فرع) عن القاضى الحسن في فتاويه ان الاستئجار لقراءة القرآن على رأس القبر مدة جائز

(12/315)


كالاستئجار للاذان وتعليم القرآن * واعلم أن عود المنفعة إلى المستأجر شرط في الاجارة كما سبق فيجب عود المنفعة إلى المستأجر أو ميته لكن المستأجر لا ينتفع بأن يقرأ الغير ومشهور أن الميت لايلحقه ثواب لقراءة المجردة فالوجه تنزيل الاستئجار على صور انتفاع الميت بالقراءة وذكر له طريقتين (أحدهما) أن يعقب القراءة بالدعاء للميت فان الدعاء يلحقه والدعاء بعد القراءة أقرب إلى الاجابة وأكثر بركة (والثانى) ذكر الشيخ عبد الكريم السالوسى أنه ان نوى القارئ بقراءته أن يكون ثوابها للميت لم يلحقه لكن أن قرأ ثم جعل ما حصل من الاجر له فهو دعاء بحصول ذلك

(12/316)


ذلك الاجر للميت فينتفع الميت (ومنه) الاستئجار للرضاع يجب فيه التقدير بالمدة كما سبق ولا سبيل إلى ضبط مرات لارضاع ولا القدر الذي يستوفيه في كل مرة وقد تعرض له الامراض ولاسباب

(12/317)


الملهية ويجب تعيين الصبى لاختلاف الغرض باختلاف حال الرضيع وتعيين الموضع الذي يرضع فيه أهو بيته أم ببيتها فان ارضاعها في بيتها أسهل عليها فلارضاع في بيته اشد وثوقا هذا ما ذكره في

(12/318)


استئجار الادمى وقد يستأجر لامور أخر منها الحج وقد ذكرناه في بابه (ومنها) إذا استأجر لحفر بئر أو نهر أو قناة قدرا ما بالزمان فيقول تحفر لى شهرا أو بالعمل فيقدر الطول والعرض والعمق

(12/319)


ويجب معرفة الارض بالمشاهدة للوقوف على صلابتها ورخاوتها ويجب عليه اخراج التراب المحفور فان انهار شئ من جوانب البئر لم يلزمه اخراج ذلك التراب وإذا انتهى إلى موضع صلب أو حجارة

(12/320)


نظر ان كان يعمل فيه المعول وجب حفره على أظهر الوجهين وبه قال القاضى أبو الطيب (والثانى) لا يجب وبه قال ابن الصباغ لانه خلاف ما اقتضته المشاهدة فعلى هذا له فسخ العقد وان لم يعمل به المعول أو نبع الماء قبل أن ينتهى إلى القدر المشروط وتعذر الحفر انفسخ العقد في الباقي ولا يفسخ

(12/321)


فيما مضى على الاصح فتوزع الاجرة المسماة على ما عمل وعلى ما بقي * وان استأجر لحفر قبر بين الموضع والطول والعرض والعمق ولا يكفى الاطلاق خلافا لابي حنيفة ولا يجب عليه رد التراب بعد وضع الميت خلافا له أيضا (ومنها) إذا استأجر لضرب اللبن قدر بالزمان أو العمل وإذا قدر بالعمل بين

(12/322)


العدد والقالب فان كان القالب معروفا فذاك والا بين طوله وعرضه وسمكه وعن القاضى أبى الطيب الاكتفاء بمشاهدة القالب ويجب بيان الموضع الذي يضرب فيه لانهه يبعد من الماء ويقرب وربما يحتاج إلى نقل التراب أيضا ولا يجب عليه إقامتها حتى تجف خلافا لابي حنيفة * ولو استأجر لطبخ اللبن

(12/323)


فطبخ يجب عليه الاخراج من الاتون خلافا له (ومنها) أذا استأجر لبناء قدر بالزمان أو بالعمل فان قدر بالعمل بين موضعه وطوله وعرضه وسمكه وما ينبنى منه من الطين أو الاجر وان استأجر للتطيين أو التجصيص قدر بالزمان ولا سبيل فيه إلى تقدير العمل فان سمكه لا ينضبط رقة وثخانة (ومنها) إذا

(12/324)


استأجر كحالا ليداوي عينيه قدر بالمدة دون البرء فان برئت عينيه قبل تمامها انفسخ العقد في الباقي ولا يقدر بالعمل لان قدر الدواء لا ينضبط ويختلف بحسب الحاجة (ومنها) إذا استأجر للرعى وجب بيان المدة وجنس الحيوان ثم يجوز العقد على قطيع معين ويجوز في المدة وحينئذ فاظهر الوجهين

(12/325)


عند الشيخ أبى اسحق الشيرازي أنه يجب بيان العدد (والثاني) وبه أجاب ابن الصباغ والقاضى الرويانى انه لا يجب ويحمل على ما جرت العادة أن يرعاه الواحد قال الرويانى وهو مائة رأس من
الغنم على التقريب وان توالدت حكي ابن الصباغ أنه لا يلزمه رعى أولادها إن رد العقد على أعيانها

(12/326)


وان كانت في الذمة لزمه (ومنها) إذا استأجر نساخا ليكتب له بين عدد الاوراق والاسطر في كل صحيفة ولم يتعرضوا للتقدير بالمدة والقياس جوازه وأن يجب عند تقدير العمل بيان قدر الحواشى والقطع الذي يكتب فيه * (فرع) يجوز الاستئجار لاستيفاء الحد والقصاص خلافا لابي حنيفة في قصاص النفس * (فرع) يجوز الاستئجار لنقل المتية عن الدار إلى المزبلة والخمر لترق وبل يجوز نقل الخمر من بيت إلى بيت خلافا لابي حنيفة *

(12/327)


قال ((أما الاراضي) فما يطلب للسكني يرى المستأجر مواضع الغرض فينظر في الحمال إلى البيوت وبئر الماء ومسقط القماش والاتون والوقود ويعرف قدر المنفعة بالمدة * فان أجر سنة فذاك * فان زاد فالاصح (و) أنه جائز ولاضبط فيه وقولان آخران * (أحدهما) أنه لا يزاد على السنة لانه

(12/328)


مقيد بالحاجة * (والثاني) أنه لا يزاد على ثلاثين سنة * ولو آجر سنين ولم يقدر حصة كل سنة من الاجرة فالاصح (و) الجواز كما في الاشهر من سنة واحدة * ولو قال آجرتك شهرا بدرهم وما زاد فبحسابه فهو فاسد إذ لم يقدر جملته * وقيل أنه يصح في الشهر الاول ويفسد في الباقي) *

(12/329)


(النوع الثاني) العقارات وتستأجر لاغراض منها السكني فإذا استأجر دارا وجب أن يعرف موضعها وكيفية ابنيتها لاختلاف الغرض باختلافها وفي الحمام يعرف البيوت والبئر التى يسقى منها ماؤه والقدر التى يسخن فيها والاتون وهو موضع الوقود ومبسط القماش والذي يجمع للاتون من

(12/330)


السرجين ونحوه والموعض الذي يجمع فيه الزبل والوقود ومطرح الرماد والمستنقع الذي يجمع فيه الماء
الخارج من الحمام وعلى هذا قياس سائر المساكن (وقوله) في الكتاب يرى المستأجر مواضع الغرض فينظر في الحمام مبني على أن اجارة الغائب لا تجوز (أما) إذا جوزناها فلا تعتبر الرؤية بل يكفى الذكر (وقوله) ومبسط القماش والاتون والوقود الوجه تقدم لفظ لوقود ليصير المعني ومبسط القماش وموضع الوقود والاتون وهذا لفظه في الوسيط فاما نفس الوقود فلا حاجة إلى رؤيته ولا هو

(12/331)


داخل في بيع الحمام واجارتها كالازر والاسطال والحبل والدلو وذكر في الشامل في رؤية قدر الحمام انه اما أن يشاهد داخلها من الحمام أو ظاهرها من الاتون والقياس على اعتبار الرؤية أن يشاهد الوجهين عند الامكان كما تعتبر مشاهدة وجهي الثوب وفي شرح المفتاح أنه لابد من ذكر عدد السكان من الرجال والنساء والصبيان ثم لا يمتنع دخول زائر وضيف وان بات فيه ليالى في اجارة الدار ولابد من تقدير هذه المنفعة بالمدة * ولما كانت منافع هذه العقارات لا تنعقد إلا بالمدة كما ذكرنا

(12/332)


في الفصل السابق تكلم في مدة الاجارة في هذا الموضع وفيها مسائل (احدها) في إجارة الشئ أكثر من سنة قولان (أحدهما) المنع لان الاجارة عقد على معدوم جوز رخصته للحاجة والحاجة تندفع بالتجويز سنة لانها مدة تنظيم الفصول وتتكرر فيها الزروع والثمار والمنافع بتكرر تكررها

(12/333)


(وأصحهما) الجواز كما يجوز الجمع في البيع بين أعيان كثيرة وهذا ما أجاب * في المختصر فقال وله أن يؤجر داره وعبده ثلاثين سنة وعلى هذا فطريقان (أحدهما) أن المسألة على قولين (أحدهما) أنه لاتجز الزيادة على ثلاثين سنة لانها نصف العمر والغالب ظهور التغيير على الشئ بمضي هذه

(12/334)


المدة فلا حاجة إلى تجويز الزيادة عليها (وأصحهما) انه لا تقدر كما لا تقدر في الاعيان المختلفة في البيع (والطريق الثاني) القطع بالقول الثاني وحمل ما ذكره المزني على التمثيل للكثرة لا للتحديد وعلى هذا فهل من ضابط (قال) معظم الاصحاب يجب أن تكون المدة بحيث يبقى إليها ذلك الشئ

(12/335)


غالبا فلا يؤجر العبد أكثر من ثلاثين سنة والدابة إلى عشر سنين والثوب إلى سنتين أو سنة على ما يليق به والاراضي إلى مائة أو أكثر وفي كتاب القاضى ابن كج أن العبد يؤجر إلى مائة وعشرين سنة من عمره (وقال) بعضهم يصح وان كانت المدة بحيث لا تبقى إليها العين في الغالب اعتمادا على أن الاصل الدوام والاستمرار فان هلك بعارض فهو كانعدام الدار ونحوه في المدة وحاصل هذا الترتيب

(12/336)


أربعة أقوال التقدير لسنة التقدير بثلاثين سنة الضبط بمدة بقاء ذلك الشئ غالبا ومنع الضبط والتقدير من كل وجه (وقوله) فالاصح انه جائز ولاضبط يجوز أن يحمل على ماقاله المعظم ويقال المعنى أنه لاضبط بعد كون المدة بحيث يبقى إليها الشئ ويجوز أن يجرى على ظاهره فيكون اختيارا للقول الرابع اختاره عن أصحاب الامام (وقوله) وفيه قولان آخران يجوز اعلامه بالواو للطريقة القاطعة لقول التقدير بالثلاثين (وقوله) لا يزاد على السنة ولا يزاد على ثلاثين سنة معلما بالحاء والميم والالف

(12/337)


لان عندهم لا تقدير وحكم الوقف في مدة الاجارة حكم الملك قال أبو سعيد المتولي الا ان الحكام اصطلحوا على منع اجارته اكثر من ثلاث سنين في عقد واحد لئلا يندرس الوقف وهذا الاصطلاح غير مطرد وهو قريب مما حكوه عن ابى حنيفة في منع اجارة الوقف اكثر من ثلاث سنين في عقد واحد وفي أمالى أبى الفرج السرخسى ان المذهب منع اجارة الوقف اكثر من سنة إذا لم تمس إليها

(12/338)


الحاجة لعمارة وغيرها وهو قريب (المسألة الثانية) ان جوزنا الاجارة اكثر من سنة فهل يجب تقدير حصة كل سنة قولان (أصحهما) لا كما لو باع اعيانا صفقة واحدة لا يجب تقديم حصة كل عين منها وكما

(12/339)


لو اجر سنة لا يجب تقدير حصة كل شهر (والثانى) ويحكى عن رواية الربيع وحرملة والمزنى في الجامع الكبير نعم لان المنافع تتفاوت قيمتها بالسنين وربما تهلك العين في المدة فيتنازعان في قدر الواجب
من الاجرة ومن قال بالاول يوزع الاجرة المسماة على قيمة منافع السنتين فينقطع النزاع وبني القولين

(12/340)


بعضهم على القولين فيما إذا أسلم في شيئين أو في شئ إلى أجلين ففى قول يجوز أخذا بظاهر المسألة وفي قول لا لما عساه أن يقع من الجهالة بالاجرة ويجوز أن يعلم قوله في الكتاب فالاصح الجواز بالواو لان القاضى أبا القاسم بن كج حكى طريقة أخرى قاطعة بانه لا يجب التقدير واختارها مذهبا

(12/341)


(الثالثة) قول العاقد أجرتك شهرا أو سنة محمول على ما يتصل بالعقد في أظهر الوجهين وبه قال أبو حنيفة لانه المفهوم المتعارف (والثاني) وبه قال احمد لابد وان يقول من الان والا فهو كقوله بعتك عبدا من العبيد * ولو قال أجرتك شهرا من السنة قال لامام يفسد العقد بلا خلاف للابهام واختلاف الاغراض وإذا قال أجرتك هذه الدار كل شهر بدرهم من الان لم تصح الاجارة لانه لم

(12/342)


يبين لها مدة وعن الاملاء أن تصح في الشهر الاول لانه معلوم والزيادة مجهولة وبه قال الاصطخرى ولو قال أجرتك كل شهر من هذه السنة بدرهم لم يصح وعن ابن سريج أنه يصح في شهر واحد دون ما زاد ورجحوا الاول واحتجوا له بأنه لم يضف الاجارة إلى جميع السنة وفى النهاية أن الائمة بمثله

(12/343)


أجابوا فيما إذا قال بعتك كل صاع من هذه الصبرة بدرهم وقالوا انه لم يضف البيع إلى جميع الصبرة بخلاف مااذا قال بعتك هذه الصبرة كل صاع بدرهم وكان ينبغى أن يفرق بين أن يقول بعتك كل صاع بدرهم فيجعل كما لو قال بعتك هذه الصبرة كل صاع بدرهم ويصح العقد في الجميع وبين

(12/344)


أن يقول بعتك من هذه الصبرة كل صاع بدرهم فيحكم بالبطلان ههنا أو يصح في صاع واحد كما حكيناه عن ابن سريج في البيع وكذلك ينبغى أن يقول في الاجارة وقد وفى بالقضية المذكورة الشيخ أبو محمد فسوى بين قوله بعتك كل صاع من هذه الصبرة بدرهم وبين قوله بعتك هذه

(12/345)


الصبرة كل صاع بدراهم وصحح البيع في جميع الصبرة باللفظين * ثم اعلم أن عامة النقلة انما نقلوا التجويز في شهر واحد عن ابن سريج فيما إذا ضبط الاشهر بالسنة أما إذا أطلق وقال كل شهر بدرهم فالخلاف فيها منسوب إلى الاملاء واختيار الاصطخرى كما سبق والفرق بين الصورتين بين *

(12/346)


وحكى الامام والمصنف في الوسيط التجويز في شهر عن ابن سريج مع التصوير فيما إذ أطلق ذكر الشهر ولم يساعدا عليه (وقوله) ههنا لو قال أجرتك شهرا بدرهم وما زاد فبحسابه أراد به الصورة الاولى والثانية حيث حكى الخلاف فيه (وأما) ما يشعر به اللفظ فلا يجرى فيه خلاف لان قوله

(12/347)


أجرتك شهرا بدرهم إما أن يحمل على شهر غير معين أو على الشهر المصتل باللفظ إن كان الاول فلا خلاف في فساد لاجارة وإن كان الثاني فالشهر مفرد بالعقد مقال بالعوض فيصح العقد فيه بلا خلاف وكذلك أورده صاحب المهذب وغيره (واعلم) أن الحكم في مدة الاجارة كالحكم في أجل

(12/348)


السلم في أن مطلق الشهر يحمل على أمرين وكذا السنة في أنه إذا قيد بالعدد أو قال سنة رومية أو فارسية أو شمسية كان الاجل ما ذكره في أن العقد إذا انطبق على أول الشهر اعتبر ذلك الشهر وما بعده بالاهلة وإن لم ينطبق تمم المنكسر بالعدد من الاخر ويحسب الباقي بالاهلة وفي سائر المسائل

(12/349)


المذكورة في السلم وفي التأجيل بالسنة الشمسية وجه أنه لا يجوز وهو قريب من الوجه المذكور هناك في التأقيت بفصح النصارى * ولو قال أجرتك شهرا من هذه السنة فان لم يكن إلى من السنة الاشهر صح وإن بقى أكثر من شهر لم يصح الجهالة هكذا ذكره في التهذيب والتتمة والحكم

(12/350)


بالبطلان فيما إذا كان الباقي أكثر من شهر يجوز أن يكون تفريعا على قولنا إن الشهر المطلق محمول
على المتصل بالعقد ويقال التعقيب بقوله من هذه السنة يمنع من فهم الشهر المتصل بالعقد ويوقع التردد بينه وبين سائر الشهور *

(12/351)


قال (ولو قال اجرتك الارض ولم يعين البناء ولزراعة والغراس لم يجز لانه مجهول ولو قال لتنتفع به ما شئت جاز (و) * ولو قال آجرتك للزراعة ولم يذكر ما يزرع ففيه خلاف لان التفاوت فيه قريب * ولو قال أكريتك إن شئت فازرعها وإن شئت فاغرسها جاز على الاصح

(12/352)


(و) ويتخير كما لو قال انتفع كيف شيئت * ولو قال أكريتك فازرعا واغرسها ولم يذكر القدر فهو فاسد * وقيل إنه ينزل على النصف * ولو اكترى الارض للبناء وجب تعريف عرض البناء وموضعه * وفي تعريف ارتفاعه خلاف (و) *

(12/353)


ومما تستأجر له الارض البناء والزراعة والغراس فلو قال أجرتك هذه الارض ولم يذكر البناء ولاغيره وهى صالحة للكل مما تصح لان منافع هذه الجهات مختلفة وكذا ضررها اللاحق بالارض

(12/354)


فوجب التعيين كما لو اجر بهيمة لا يجوز الاطلاق هذا جواب الاصحاب في هذا الموضع وقد رأوه متفقا عليه حتى احتجوا به لاحد الوجهين فيما لو اعار الارض مطلقا كما سبق في العارية لكنا قد نقلنا في مسألة إجارة الارض التى لاماء لها تصريحهم بجواز الاجارة مطلقا فشبه ان تكون الاجارة مطلقا على وجهين كاعارتها والظاهر المنع فيها وما ذكروه في اجارة الارض التى لاماء لها مفرع على الوجه الاخر

(12/355)


أمؤول ولو اجر دارا أو بيتا لم يحتج إلى ذكر السكني لان الدار لا تستأجر الا للسكنى ووضع المتاع فيها وليس صررها مختلف فيحوز الاطلاق كذا ذكروه ويجوز ان يمنع فيقال كما تستأجر الدار للسكنى كذلك تستأجر لتتخذ مسجدا ولعمل الحدادين والقصارين ولطرح المزابل فيها وهى أكثر ضررا
الا ترى أنه إذا استأجر للسكني لم يكن له شئ من هذه الانتفاعات فإذا ما جعلوه مبطلا في اجارة الارض مطلقا موجود في الدار ولئن قيل الاجارة لا تكون الا لاستيفاء منفعة فإذا أجر الدار واطلق منزل على ادنى الجهان ضررا وهى السكنى ووضع المتاع لزم في اجارة مثله حتى ينزل على ادنى الجهات

(12/356)


ضررا وهى لزراعة ويصح العقد بها وهذا الاشكال ينساق إلى انه لابد في استئجار الدار من بيان انه يستأجر للسكنى أو العمل فيها وقد اجاب به بعض شارحي المفتاح ولو قال اجرتك هذه الارض تنتفع بها ما شئت فمنقول الامام وصاحب الكتاب ان الاجارة صحيحة وله ان يتنتفع ما شاء لرضاه وفي التهذيب وجه اخر أنها لا تصح كما لو قال بعتك من هذه العبيد من شئت ولو قال اجرتكما للزراعة ولم يذكر ما يزرع أو للبناء والغراس واطلق فوجهان كالوجهين المذكورين فيما إذا اعار الارض للزراعة ولم يبين الزرع (أظهرهما) عند الاكثرين الجواز وبالمنع قال أبو حنيفة وابن سريج ونقله القاضى ابن كج عن

(12/357)


نصه في الجامع الكبير وحكى للاول عن تخريج ابن القطان حكاية الشئ الغريب ومن جوز قاله ان يزرع ما شاء لاطلاق اللفظ وكان يجوز أن ينزل على أقل الدرجات ولو قال اجرتكها لتزرع أو تغرس لم يصح ولو قال ان شئت فازرعها وان شئت فاغرسها فاصح الوجهين على ما ذكر في الكتاب صحة الاجارة ويخير المستأجر (والثانى) المنع كما لو قال بعتك بالف مسكرة ان شئت وصحيحة ان شئت واستشهد في الكتاب للوجه الاول بماذا قال لتنتفع كيف شئت لكنا حكينا الخلاف فيه ايضا فلا فرق ولو قال اكريتك فازرعها واغرسها أو لتغرسها وتزرعها ولم يبين القدر فوجهان (أحدهما) وبه قال ابن سلمة يصح وينزل على النصف وعلى هذا فله ان يزرع الكل لجواز العدول من الغراس إلى الزرع ولايجوز

(12/358)


أن يغرس الكل واقربهما وبه قال المزني وابن سريج وابو اسحق انه لا يصح لانه لم يبين كم يزرع وكم يغرس بل لو قال لتزرع النصف وتغرس النصف فعن القفال انه لا يصح لانه لم يبن المغروس والمزروع فصار

(12/359)


كما إذا قال بعتك احد هذين بالف والاخر بخمسمائة ويجب في استئجار الارض للبناء بيان موضعه وطوله وعرضه وفي بيان قدر ارتفاعه وجهان ذكرهما في كتاب الصلح بتوجيههما (والاظهر) ما اجاب به في الكتاب هناك وهو انه لا حاجة إليه بخلاف مااذا استأجر سقفا للبناء *

(12/360)


قال (أما الدوب) فان استؤجر للركوب عرف (م) الاجر الراكب برؤية شخصه أو سماع صفته في الضخامة والنحافة ليعرف وزنه تخمينا * ويعرف المحمل (ح) بالصفة في السعة والضيق وبالوزن فان ذكر الوزن دون الصفة أو بالعكس ففيه خلاف (و) * ويعرف تفاصيل المعاليق * فان شرط المعاليق مطلقا فهو فاسد (ح م) على النص لتفاوت الناس فيه * والمستأجر يعرف الدابة برؤيتها أو بوصفها إن أوردت الاجارة على العين أهى فرس أم بغل أم ناقة أم حمار * وفى ذكر كيفية السير من كونها مهملجا أو بحرا خلاف (و) * ويعرف تفصيل السير والسرى ومقدار المنازل ومحل النزول أهو الفرى أو الصحراء إن لم يكن للعرف فيه ضبط * وان كان فالعرف متبع) * (النوع الثالث * الدواب وتستأجر لاغراض (منها) الركوب وفيه مسائل (احداها)

(12/361)


يجب أن يعرف المؤجر الراكب وفي طريق معرفته وجوده قيل الطريق المشاهدة لان الغرض يتعلق بثقل الراكب وخفته بالضخامة والنحافة وكثرة الحركات والسكنات والوصف لا يفي بذلك ومنهم من قال إن كان غائبا وصفه وذكر وزنه وقال آخر بل يذكر صفته في الضخامة والنحافة ليعرف وزنه تخمينا وهذا ما ذكره الامام وصاحب الكتاب وأكثر الاصحاب على اعتبار المشاهدة لكن الحاق الوصف التام بهذا أشبه في المعنى لانه يفيد التخمين كالمشاهدة ويجوز أن يعلم (قوله) عرف المؤجر الراكب بالميم لان الحكاية عن مالك أنه يجوز فيه الاطلاق لتفاوت أجسام الناس غالبا (الثانية) ان كان الراكب مجردا ليس معه ما يركب عليه فلا حاجة إلى ذكر ما يركب عليه لكن المؤجر يركبه على ما يشاء من سرج أو اكاف زاملة على ما يليق بالعادة وان كان يركب على رحل أو فوق زاملة أو فوق محمل أو عمارية وفي غير الابل أراد الركوب على سرج أو اكاف وجب ذكره

(12/362)


وينبغى أن يعرف المؤجر هذه الالات فان شاهدها كفى والا فان كانت سروجهم وما في معناها على وزن وتقطيع لا يتفاضل فيه التفاوت كفى الاطلاق وحمل على معهودهم وان لم يكن معهود مطرد فلابد من ذكر وزن السرج والا كاف والزاملة هذا هو المشهور وفي النهاية أن أحدا من الاصحاب لم يتعرض لاشتراط الوزن في السرج والاكاف لانه لا يكثر فيهما التفاوت وفي المحل والعمارية ثلاثة أوجه (أحدهما) أنه لا يصح العقد ولابد من مشاهدتهما (وأشبههما) وهو المذكور في الكتاب أنه يكفى فيها الوصف وذكر الوزن لافادتهما التخمين كالمشاهدة ولك أن تحتج بقوله في المختصر فان ذكر محملا أو مركبا أو زاملة بغير رؤية ولاوصف فهو مفسوخ للجهل بذلك فاعتبر الوصف كالرؤية وعلى هذا لو ذكر الوزن أو الصفة دون الوزن فوجهان (أظهرهما) أنه لا يكفي لبقاء الجهل مع سهولة ازالته وذكر في التهذيب أن الزاملة تمتحن باليد ليعرف خفتها وثقلها بخلاف الراكب

(12/363)


لا يمتحن بعد المشاهدة وينبغى أن يكون المحمل والعمارية في ذلك كالزاملة ولابد في المحمل ونحوه من الوطاء وهو الذي يفرش فيه ليجلس عليه فينبغي أن يعرف بالرؤية والوصف والغطاء الذي يستظل به ويتوقي من المطر قد يكون وقد لا يكون فيحتاج إلى شرطه فجواب الشيخ أبى حامد وابن الصباغ انه يكفى فيه الاطلاق لان التفاوت فيه قريب ويغطيه بجلد أو كساء أولبد وفي شرح القاضي ابن كج والتتمة انه يعتبر وصفه أو رؤيته كالوطاء وهو ظاهر النص نعم لو كان فيه عرف مطرد كفى الاطلاق كما سبق في المحمل وغيره وقد يكون للمحمل طرف من لبو أو أدم فهو كالغطاء وليعلم (قوله) في الكتاب ويعرف المحمل بالحاء لان عند أبى حنيفة يجوز فيه الاطلاق ولا حاجة إلى تعريفه (وقوله) بالصفة بالواو للوجه الذاهب إلى المشاهدة (الثالثة) إذا استأجر للركوب وشرط حمل المعاليق وهى السفرة والادارة والقدر والقمقمة ونحوها نظران رآها المؤجر أو وصفها وذكر

(12/364)


وذنها فذاك وان اطلق قال الشافعي رضى الله عنه القياس انه فاسد ومن الناس من يقول له بقدر
ما يراه الناس وسطا وفيه طريقان للاصحاب (أشهرهما) ان في المسألة قولين وما ذكره تمثيل قولين (أحدهما) وبه قال أبو حنيفة ومالك يتم العقد ويحمل الشرط على الوسط المعتاد (وأصحهما) المنع لاختلاف الناس فيها (والثانية) القطع بالقول الثاني وحمل ما ذكره على نقل مذهب الغير وان استأجر للركوب من غير شرط المعاليق لم يستحق حملها لان الناس فيه مختلفون فقد لا يكون للراكب معاليق أصلا وفيه وجه انه كما لو شرط واطلق وما ذكرناه في السفرة والادواة الخاليتين فان كان في هذه طعام وفي تلك ماء فسيأتي في الباب الثاني ان شاء الله تعالى (الرابعة) ان كانت الاجارة على عين الدابة فلابد من تعيينها وفي اشتراط رؤيتها الخلاف في شراء الغائب فان كانت في الذمة فلابد من ذكر جنسها اهى من الابل أو الخيل أو البغال أو الحمير ومن ذكر نوعها اهى عربية أم نجيبة ومن ذكر الانوثة والذكورة

(12/365)


لاختلاف الغرض فان الانثى اسهل يسيرا والذكر اقوى وفي المسامحة به بذكر الانوثة والذكورة وجه وهل يجب ان يقول مهملج أو نحر أو قطوف فيه وجهان (أظهرهما) نعم لان معظم الغرض يتعلق بكيفية السير (الخامسة) إذا استأجر دابة للركوب فليبينا قدر السير كل يوم فإذا بيناه حملا على المشروط فان زادافي يوم أو نقصا فلا جبران بل يسيران بعد على المشروط وإذا اراد أحدهما المجاوزة عن المشروط أو النزول دونه لخوف أو خصب لم يكن له ذلك الا ان يوافقه صاحبه قاله في التهذيب وكان يجوز ان يجعل الخوف عذرا لم يحتاط ويؤمر الاخر بموافقته وان لم يبينا قدر السير واطلقا العقد نظر إن كان في الطريق منازل مضبوطة صح العقد وحمل عليها وان لم يكن فيه منازل أو كانت والعادة مختلفة فيها لم يصح العقد حتى يبينا أو يقدر بالزمان هذا ما اشتملت عليه الطرق ووراءه شيئان (أحدهما) عن ابى اسحق انه قال إذا اكترى إلى مكة في زماننا لم يكن بد من ذكر المنازل لان السير في هذا

(12/366)


الزمان شاق لا تطيقه الحمولة فلا يمكن حمل الاطلاق عليه والثانى ذكر القاضى أبو الطيب انه إذا كان الطريق مخوفا لم يجز تقدير السير فيه لانه لا يتعلق بالاختيار وتابعه على هذا القاضى الرويانى في التجريد وقضيته امتناع التقدير بالزمان ايضا وحينئذ يتعذر الاستئجار في الطريق الذي ليس له منازل مضبوط
إذا كان مخوفا والقول في وقت السير لهو الليل أو النهار وفي موضع النزول في المرحلة أهو نفس القرية أو الصحراء أو في الطريق الذي نسلكه إذا كان للمقصد طريقان على ما ذكرنا في قدر السير في الحمل على المشروط المعهود وقد يختلف المعهود في فصلى الشتاء والصيف وحالتي الامن والخوف فكل عادة تراعي في وقتها (وقوله) في الكتاب ويعرف تفصيل السير والسرى المراد من السير المسير بالنهار ومن السرى المسير بالليل أو المعنى انه يجب ذكر ذلك وبيانه ان لم يكن للعرف ضبطا فيه وان كان فيتبع ان اطلقا العقد ان إذا شرطا خلاف المعهود فهو المنبع لا المعهود *

(12/367)


قال (وان استؤجر للحمل فيعرف قدره بالتخمين إن كان حاضرا * فان كان غائبا فبتحقق الوزن بخلاف الراكب * وان كان في الذمة فلا يشترط معرفة وصف الدابة إلا إذا كان المنقول زجاجا إذ يختلف الغرض بصفات الدابة * وإذا شرط مائة من الحنطة بكون الظرف ورآه فليعرف قدره ووزنه الا إذا تماثلت الغرائر بالعرف * وان قال مائة من فهو مع الظرف على الاصح (و) * من الاغراض التى تستأجر لها الدواب للحمل عليها فينبغي أن يكون المحمول معلوما وان كان حاضرا ورآه المؤجر كفى وان كان في ظرف وجب أن يمتحنه باليد تخمينا لوزنه فان لم يكن حاضرا فلابد من تقديره بالوزن أو الكيل ان كان مكيلا وبالوزن في كل شئ أولى وأخصر فلابد من ذكر جنسه لان تأثير الجيد والقطن في الدابة وان استويا في القدر مختلف فالحديد يهد مؤخرة الدابة والقطن يعمها ويتثاقل إذا دخله الريح نعم لو قال أجرتكها لتحمل عليها مائة مما شئت فأصح

(12/368)


الوجهين أنه يجوز ويكون رضا منه باضر الاشياء فلا حاجة مع ذلك إلى بيان الجنس وفي الرقم أن حذاق المراوزة قالوا إذا استأجر دابة ليحمل مطلقا جاز وجعل راضيا بالاضر وحاصله الاستغناء بالتقدير عن ذكر الجنس هذا في التقدير بالوزن (أما) إذا قدر بالكيل فالمفهوم مما أورده أبو الفرج والسرخسى أنه لا يغنى عن ذكر الجنس وان قال عشرة أقفزة مما ينبت لاختلاف الاجناس في الثقل مع الاستواء في الكيل لكن يجوز أن يجعل ذلك رضا بأثقل الاجناس كما جعل رضا بأضر الاجناس
ولو قال أجرتك لتحمل عليها ما شئت لم يجز بخلاف ما إذا أجر الارض ليزرع ما شاء لان الدابة لا تطيق كل ما يحمل وأما ظروف المتاع وجبا له فان لم تدخل في الوزن فان قال مائة من من الحنطة أو كان التقدير بالكيل فلابد من معرفتها بالرؤية أو الوصف إلا أن تكون هناك غرائر متماثلة اطرد العرف باستعمالها فيحمل مطلق العقد عليها وان دخلت في وزن المتاع بان قال مائة من من الحنطة

(12/369)


بظرفها صح العقد لزوال الغرر بذكر الوزن هكذا ذكر لكنا إذا اعتبرنا ذكر الجنس مع الوزن وجب أن يعرف قدر الحنطة وحدها وقدر الظرف وحده ولو اقتصر على قوله مائة من فأصح الوجهين أن الظرف من المائة (والثانى) أنه وراءها لانه السابق إلى الفهم فعلى هذا يكون الحكم كما لو قال مائة من الحنطة وتصوير المسألة يتفرع على الاكتفاء بالتقدير واهمال ذكر الجنس اما مطلقا أو إذا قال مائة مما شئت هذا حكم المحمل على الدابة أما الدابة الحاملة إن كانت معينة فعلى ما ذكرنا في الركوب فان كانت الاجارة على الذمة فلا يشترط معرفة جنس الدابة وصفتها بخلاف ما في الركوب لان المقصود تحصيل المتاع في الموضع المنقول إليه فلا يختلف الغرض بحال الحامل نعم لو كان المحمول زجاجا أو خزفا وما أشبهها فلابد من معرفة حال الدابة ولم ينظروا في سائر المحمولات إلى تعلق الغرض بكيفية سير الدابة بسرعة أو بطء وقوة أو ضعف أو تخلفها عن القافلة على بعض التقديرات ولو نظروا إليها لم يكن بعيدا والكلام في المعاليق وتقدير السير على ما ذكرنا في الاستئجار للركوب

(12/370)


(فرع) لو استأجره ليحمل هذه الصبرة إلى موضع كذا كل مكيلة بدرهم أو مكيلة منها بدرهم وما زاد فبحسابه صح العقد كما لو باع كذلك بخلاف مالو قال أجرتك كل شهر بدرهم لان جملة الصبرة معلومة محصورة وليست الاشهر كذلك ولو قال لتحمل مكيلة منها بدرهم على أن تحمل كل مكيلة منها بدرهم أو على أن ما زاد فبحسابه ففيه وجهان عن صاحب التقريب (أشبههما) المنع لانه شرط عقد في عقد (والثانى) الجواز والمعنز أن كل قفيز بدرهم ولو قال لتحمل هذه الصبرة وهى عشرة مكاييل كل مكيلة بدرهم فان زادت فبحساب ذلك صح العقد في العشرة المعلومة دون الزيادة المشكوكة وعلى هذا أول مؤلون
قوله في المختصر ولو اكتري حمل مكيلة وما زاد فبحسابه فهو في المكيلة جائز وفي الزيادة فاسد وسهم من حمله على مااذا قال لتحمل هذه المكاييل كل واحدة بدرهم فان قدم إلى طعام فبحساب ذلك وعن أبى اسحق في الزيادات على الشرح حمله على مااذا قال استأجرتك لتحمل هذه الصبرة

(12/371)


مكيلة منها بكذا والباقى بحسابه لكن في هذه الصورة صحة العقد في الجميع لان الصبرة معلومة المشاهدة والاجرة بالتقسيط ولو قال استأجرتك لتحمل من هذه الصبرة كل مكيلة بدرهم لم يصح على المشهور وقد مر في نظيره من البيع أنه يصح في مكيلة واحدة فيعود ههنا * قال (وان استأجر للبيهقي فيعرف قدر الدلاء والعدد وموضع البئر وعمقه * وان كان للحراثة فيعرف بالمدة (و) أو بتعيين الارض فيعرف صلابتها ورخاوتها وعلى الجملة ما يتفاوت بها الغرض ولا يتسامح به في المعاملة يشترط تعريفه) * من الاغراض سقى الارض بادارة الدولا ب أو لاستقاء من البئر بالدلو فان كانت الاجارة على عين الدابة وجب تعيينها كما في الركوب والحمل وان كانت في الذمة لم يجب بيان الدابة ومعرفة

(12/372)


جنسها وعلى التقديرين فينبغي أن يعرف المكرى الدولاب والدلو وموضع البئر وعمقها بالمشاهدة أو الوصف ان كان الوصف يضبطها وتقدر المنفعة إما بالزمان بأن يقول للبيهقي بهذا الدلو من هذه البئر اليوم أو بالعمل بان يقول لنسقى خمسين دلوا من هذه البئر بهذه الدلو ولايجوز التقدير بالارض بان يقول لتسقى هذا البستان أو جزء منه لان ريه مختلف بحرارة الهواء وبرودته وكيفية حال الارض ولا تنضبط ومنها الحراثة فيجب ان يعرف المكترى الارض لاختلاف الاراضي في
__________
بياض بالاصل

(12/373)


الصلابة والرخاوة ومقدار المنفعة إما بالزمان بان يقول لتحرث هذه الارض اليوم مثلا أو بالعمل بان يقول لتحرث هذه القطعة أو إلى موضع كذا منها وفيه وجه آخر أن هذه المنفعة لا يجوز تقديرها بالمدة وبه أجاب الشيخ أبو حامد في التعليق والظاهر الاول واما معرفة الدابة فلابد منها ان كانت الاجارة في عين وان كانت في الذمة فكذلك ان قدر بالمدة وجوزناه لان العمل يختلف باختلاف الدابة وان قدر بالارض المحروثة فلا حاجة إلى معرفتها - ومنها الدياس فيعرف المكرى الجنس الذي يريد دياسته وتقدر المنفعة بالمدة أو بالزرع الذي يدوسه والقول في معرفة الدابة على ما ذكرنا في الحراثة والاستئجار للطحن كالاستئجار للدياس (وقوله) في الكتاب في الاستئجار للحراثة فيعرف بالمدة يجوز اسلامه بالواو ثم في (قوله) فيعرف بالمدة أو بتعين الارض فيعرف صلابتها ورخاوتها مضايقة من جهة

(12/374)


ان ما فيه الخيار هو الضبط بالمدة والضبط بقدر الارض أو بتقدير الارض وتعتبر الارض بالاشارة عند المشاهدة وبالوصف أو في الوصف بالمقصود (وقوله) على الجملة إلى آخره كلام جملي ذكره ليعرف ما يجب تعريفه في الاجارات شامل لما وقع النص عليه ولغيره والله أعلم

(12/375)