فتح المعين بشرح قرة العين بمهمات الدين

باب الصلاة
مدخل
...
باب الصلاة
إنما تجب المكتوبة على مسلم مكلف طاهر ويقتل إن أخرجها عن وقت جمع إن لم يتب,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
باب الصلاة
هي شرعا: أقوال وأفعال مخصوصة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم وسميت بذلك لاشتمالها على الصلاة لغة وهي الدعاء.
والمفروضات العينية خمس في كل يوم وليلة معلومة من الدين بالضرورة فيكفر جاحدها ولم تجتمع هذه الخمس لغير نبينا محمد ص وفرضت ليلة الإسراء بعد النبوة بعشر سنين وثلاثة أشهر ليلة سبع وعشرين من رجب ولم تجب صبح يوم تلك الليلة لعدم العلم بكيفيتها.
إنما تجب المكتوبة أي الصلوات الخمس على كل مسلم مكلف أي بالغ عاقل ذكر أو غيره طاهر فلا تجب على كافر أصلي وصبي ومجنون ومغمى عليه وسكران بلا تعد لعدم تكليفهم ولا على حائض ونفساء لعدم صحتها منهما ولا قضاء عليهما بل تجب على مرتد ومتعد بسكر.
ويقتل أي المسلم المكلف الطاهر حدا بضرب عنقه إن أخرجها أي المكتوبة عامدا عن وقت جمع لها إن كان كسلا مع اعتقاد وجوبها إن لم يتب بعد الاستتابة وعلى ندب الاستتابة

(1/36)


ويبادر بفائت ويسن ترتيبه وتقديمه على حاضره,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لا يضمن من قتله قبل التوبة لكنه يأثم ويقتل كفرا إن تركها جاحدا وجوبها فلا يغسل ولا يصلى عليه.
ويبادر من مر بفائت1 وجوبا إن فات بلا عذر فيلزمه القضاء فورا. قال شيخنا أحمد بن حجر رحمه الله تعالى: والذي يظهر أنه يلزمه صرف جميع زمنه للقضاء ما عدا ما يحتاج لصرفه فيما لا بد منه وأنه يحرم عليه التطوع. انتهى.
ويبادر به ندبا إن فات بعذر كنوم لم يتعد به ونسيان كذلك.
ويسن ترتيبه أي الفائت فيقضي الصبح قبل الظهر وهكذا.
وتقديمه على حاضرة لا يخاف فوتها إن فات بعذر وإن خشي فوت جماعتها على المعتمد.
وإذا فات بلا عذر فيجب تقديمه عليها أما إذا خاف فوت الحاضرة بأن يقع بعضها وإن قل خارج الوقت فيلزمه البدء بها ويجب تقديم ما فات بغير عذر على ما فات بعذر وإن فقد الترتيب لأنه سنة والبدار واجب.
ويندب تأخير الرواتب عن الفوائت بعذر ويجب تأخيرها عن الفوائت بغير عذر.
تنبيه من مات وعليه صلاة فرض لم تقض ولم تفد عنه وفي
__________
1 في نسخ: لفائت.

(1/37)


ويؤمر مميز بها لسبع ويضرب عليها لعشر كصوم أطاقه,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قول أنها تفعل عنه أوصى بها أم لا ما حكاه العبادي عن الشافعي لخبر فيه [راجع البخاري رقم: 1952, مسلم رقم: 1147, أبو داود رقم: 2400, 3311, مسند أحمد رقم: 23880,] وفعل به السبكي عن بعض أقاربه [راجع الفائدة في باب الصوم صفحة 272, وراجع صفحة: 433] .
ويؤمر ذو صبا ذكر أو أنثى مميز بأن صار يأكل ويشرب ويستنجي وحده أي يجب على كل من أبويه وإن علا ثم الوصي. وعلى مالك الرقيق أن يأمر بها أي الصلاة ولو قضاء وبجميع شروطها لسبع أي بعد سبع من السنين أي عند تمامها وإن ميز قبلها. وينبغي مع صيغة الأمر التهديد ويضرب ضربا غير مبرح وجوبا ممن ذكر عليها أي على تركها ولو قضاء أو ترك شرط من شروطها لعشر أي بعد استكمالها للحديث الصحيح: مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها [رواه الترمذي رقم: 407, وأبو داود رقم: 494, والدارمي رقم: 1431, والحاكم في المستدرك رقم: 948, 1/389] , كصوم أطاقه فإنه يؤمر به لسبع ويضرب عليه لعشر كالصلاة.
وحكمة ذلك التمرين على العبادة ليتعودها فلا يتركها.
وبحث الأذرعي في قن صغير كافر نطق بالشهادتين أنه يؤمر ندبا بالصلاة والصوم يحث عليهما من غير ضرب ليألف الخير بعد بلوغه

(1/38)


وأول واجب على الآباء تعليمه أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم بعث بمكة ودفن بالمدينة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وإن أبى القياس ذلك. انتهى.
ويجب أيضا على من مر نهيه عن المحرمات وتعليمه الواجبات ونحوها من سائر الشرائع الظاهرة ولو سنة كسواك وأمره بذلك ولا ينتهي وجوب ما مر على من مر إلا ببلوغه رشيدا وأجرة تعليمه ذلك كالقرآن والآداب في ماله ثم على أبيه ثم على أمه.
تنبيه ذكر السمعاني في زوجة صغيرة ذات أبوين أن وجوب ما مر عليهما فالزوج وقضيته وجوب ضربها.
وبه ولو في الكبيرة صرح جمال الإسلام ابن البزري1 قال شيخنا: وهو ظاهر إن لم يخش نشوزا وأطلق الزركشي الندب.
وأول واجب حتى على الأمر بالصلاة كما قالوا على الآباء ثم على مر من تعليمه أي المميز أن نبينا محمدا ص بعث بمكة وولد بها ودفن بالمدينة ومات بها.
__________
1 كذا ضبطه الشيخ السيد البكري رحمه الله وضبطه ابن الصلاح رحمه الله بفتح الباء.

(1/39)


فصل في شروط الصلاة.
شروط الصلاة خمسة:
أحدها: طهارة عن حدث وجنابة.
فالأولى: الوضوء.
وشروطه كشروط الغسل 1- ماء مطلق
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في شروط الصلاة.
الشرط ما يتوقف عليه صحة الصلاة وليس منها وقدمت الشروط على الأركان لأنها أولى بالتقديم إذ الشرط ما يجب تقديمه على الصلاة واستمراره فيها.
شروط الصلاة خمسة:
أحدها: طهارة عن حدث وجنابة الطهارة: لغة النظافة والخلوص من الدنس وشرعا: رفع المنع المترتب على الحدث أو النجس.
فالأولى: أي الطهارة عن الحدث: الوضوء هو بضم الواو استعمال الماء في أعضاء مخصوصة مفتتحا بنية.
وبفتحها: ما يتوضأ به وكان ابتداء وجوبه مع ابتداء وجو ب المكتوبة ليلة الإسراء.
وشروطه أي الوضوء كشروط الغسل خمسة:
1- أحدها: ماء مطلق فلا يرفع الحدث ولا يزيل النجس ولا يحصل

(1/40)


غير مستعمل في رفع حدث ونجس قليلا,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
سائر الطهارة ولو مسنونة إلا الماء المطلق وهو ما يقع عليه اسم الماء بلا قيد.
وإن رشح من بخار الماء الطهور المغلي أو استهلك فيه الخليط أو قيد بموافقة الواقع كماء البحر.
بخلاف ما لا يذكر إلا مقيدا كماء الورد.
غير مستعمل في فرض طهارة من رفع حدث أصغر أو أكبر ولو من طهر حنفي لم ينو أو صبي لم يميز لطواف وإزالة نجس ولو معفوا عنه.
قليلا أي حال كون المستعمل قليلا أي دون القلتين فإن جمع المستعمل فبلغ قلتين فمطهر كما لو جمع المتنجس فبلغ قلتين ولم يتغير وإن قل بعد بتفريقه.
فعلم أن الاستعمال لا يثبت إلا مع قلة الماء أي وبعد فصله عن المحل المستعمل ولو حكما كأن جاوز منكب المتوضئ أو ركبته وإن عاد لمحله أو انتقل من يد لأخرى.
نعم لا يضر في المحدث انفصال الماء من الكف إلى الساعد ولا في الجنب انفصاله من الرأس إلى نحو الصدر مما يغلب فيه التقاذف.
* * *

(1/41)


ومتغير كثيرا بخليط طاهر غني عنه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فرع لو أدخل المتوضئ يده1 بقصد الغسل عن الحدث أولا بقصد بعد نية الجنب أو تثليث وجه المحدث أو بعد الغسلة الأولى إن قصد الاقتصار عليها بلا نية اغتراف ولا قصد أخذ الماء لغرض آخر صار مستعملا بالنسبة لغير يده فله أن يغسل بما فيها باقي ساعدها.
وغير متغير تغيرا كثيرا بحيث يمنع إطلاق اسم الماء عليه بأن تغير أحد صفاته من طعم أو لون أو ريح ولو تقديريا أو كان التغير بما على عضو المتطهر في الأصح وإنما يؤثر التغير إن كان بخليط أي مخالطا
للماء وهو ما لا يتميز في رأي العين طاهر وقد غني الماء عنه كزعفران وثمر شجر نبت قرب الماء وورق طرح ثم تفتت لا تراب وملح ماء وإن طرحا فيه.
ولا يضر تغير لا يمنع الاسم لقلته ولو احتمالا بأن شك أهو كثير أو قليل.
وخرج بقولي بخليط المجاور وهو ما يتميز للناظر كعود ودهن ولو مطيبين ومنه البخور وإن كثر وظهر نحو ريحه
__________
1 قال الشيخ علوي السقاف رحمه الله: قوله: لو أدخل يده أي: المتطهر المفهوم من المقام. وفي بعض النسخ: لو أدخل المتوضئ يده وهي لا تلاقي قوله: بعد نية الجنب.

(1/42)


خلافا لجمع ومنه أيضا ماء أغلي فيه نحو بر وتمر حيث لم يعلم أو بنجس ولو كان كثيرا,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
انفصال عين فيه مخالطة بأن لم يصل إلى حد بحيث له اسم آخر كالمرقة ولو شك في شيء أمخالط هو أم مجاور له حكم المجاور.
وبقولي غني عنه ما لا يستغنى عنه كما في مقرة وممره من نحو طين وطحلب متفتت وكبريت وكالتغير بطول المكث أو بأوراق متناثرة بنفسها وإن تفتتت وبعدت الشجرة عن الماء.
أو بنجس وأن قل التغير ولو كان الماء كثيرا أي قلتين أو أكثر في صورتي التغيير بالطاهر والنجس.
والقلتان بالوزن: خمسمائة رطل بغدادي تقريبا وبالمساحة في المربع: ذراع وربع طولا وعرضا وعمقا بذراع اليد المعتدلة وفي المدور: ذراع من سائر الجوانب بذراع الآدمي وذراعان عمقا بذراع النجار وهو ذراع وربع1.
ولا تنجس قلتا ماء ولو احتمالا كأن شك في ماء أبلغهما أم لا وإن تيقنت قلته قبل بملاقاة نجس ما لم يتغير به وإن استهلكت النجاسة فيه ولا يجب التباعد من نجس في ماء كثير ولو بال في البحر مثلا فارتفعت منه رغوة فهي نجسة إن تحقق أنها من عين النجاسة أو من المتغير أحد أوصافه بها وإلا فلا ولو طرحت فيه بعرة فوقعت من أجل الطرح قطرة على شيء لم تنجسه.
__________
1 تقدر القلتان بحجم مكعب طول ضلعه 60 سم ويعادل ذلك 216 لترا تقريبا.

(1/43)


2- وجري ماء على عضو 3- وأن لا يكون عليه مغير للماء تغيرا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وينجس قليل الماء وهو ما دون القلتين حيث لم يكن واردا بوصول نجس إليه يرى بالبصر المعتدل غير معفو عنه في الماء ولو معفوا عنه في الصلاة كغيره من رطب ومائع وإن كثر لا بوصول ميتة لا دم لجنسها سائل عند شق عضو منها كعقرب ووزع إلا إن تغير ما أصابته ولو يسيرا فحينئذ ينجس لا سرطان وضفدع فينجس بهما خلافا لجمع ولا بميتة كان نشؤها من الماء كالعلق ولو طرح فيه ميتة من ذلك نجس وإن كان الطارح غير مكلف ولا أثر لطرح الحي مطلقا.
واختار كثيرون من أئمتنا مذهب مالك: أن الماء لا ينجس مطلقا إلا بالتغير والجاري كراكد.
وفي القديم: لا ينجس قليله بلا تغير وهو مذهب مالك.
قال في المجموع: سواء كانت النجاسة مائعة أو جامدة.
والماء القليل إذا تنجس يطهر ببلوغه قلتين ولو بماء متنجس حيث لا تغير به والكثير يطهر بزوال تغيره بنفسه أو بماء زيد عليه أو نقص عنه وكان الباقي كثيرا.
2- وثانيها: جري ماء على عضو مغسول فلا يكفي أن يمسه الماء بلا جريان لأنه لا يسمى غسلا.
3- وثالثها: أن لا يكون عليه أي على العضو مغير للماء تغيرا

(1/44)


ضارا 4- وحائل كنورة 5- ودخول وقت لدائم حدث.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ضارا كزعفران وصندل خلافا لجمع.
4- ورابعها: أن لا يكون على العضو حائل بين الماء والمغسول كنورة وشمع ودهن جامد وعين حبر وحناء بخلاف دهن جار أي مائع وإن لم يثبت الماء عليه وأثر حبر وحناء.
وكذا يشترط على ما جزم به كثيرون أن لا يكون وسخ تحت ظفر يمنع وصول الماء لما تحته خلافا لجمع منهم الغزالي والزركشي وغيرهما وأطالوا في ترجيحه وصرحوا بالمسامحة عما تحتها من الوسخ دون نحو العجين وأشار الأذرعي وغيره إلى ضعف مقالتهم وقد صرح في التتمة وغيرها بما في الروضة وغيرها من عدم
المسامحة بشيء مما تحتها حيث منع وصول الماء بمحله وأفتى البغوي في وسخ حصل من غبار بأنه يمنع صحة الوضوء بخلاف ما نشأ من بدنه وهو العرق المتجمد وجزم به في الأنوار.
5- وخامسها: دخول وقت لدائم حدث كسلس ومستحاضة.
ويشترط له أيضا ظن دخوله فلا يتوضأ كالمتيمم لفرض أو نفل مؤقت قبل وقت فعله ولصلاة جنازة قبل الغسل وتحية قبل دخول المسجد وللرواتب المتأخرة قبل فعل الفرض ولزم وضوءان أو تيممان1 على خطيب دائم الحدث أحدهما: للخطبتين والآخر بعدهما
__________
1 قال الشيخ علوي السقاف رحمه الله: في بعض النسخ بعده: أو يتممان ويتعين سقوطه لأمرين: الأول: إن التيممين يلزمان دائم الحدث والسليم والثاني: أنها لا تلاقي بعد ويكفي واحد لهما لغيره انتهى.

(1/45)


وفروضه: 1- نية فرض وضوء عند غسل وجه,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لصلاة جمعة ويكفي واحد لهما لغيره ويجب عليه الوضوء لكل فرض كالتيمم وكذا غسل الفرج وإبدال القطنة التي بفمه والعصابة وإن لم تزل عن موضعها.
وعلى نحو سلس مبادرة بالصلاة فلو أخر لمصلحتها كانتظار جماعة أو جمعة وإن أخرت عن أول الوقت وكذهاب إلى مسجد لم يضره.
وفروضه ستة:
1- أحدها: نية وضوء أو أداء فرض وضوء أو رفع حدث لغير دائم حدث حتى في الوضوء المجدد أو الطهارة عنه أو الطهارة لنحو الصلاة مما لا يباح إلا بالوضوء أو استباحة مفتقر إلى وضوء كالصلاة ومس المصحف ولا تكفي نية استباحة ما يندب له الوضوء كقراءة القرآن أو الحديث وكدخول مسجد وزيارة قبر.
والأصل في وجوب النية خبر: "إنما الأعمال بالنيات" [البخاري رقم: 1, مسلم رقم: 1907] أي إنما صحتها لإكمالها.
ويجب قرنها عند أول غسل جزء من وجه فلو قرنها بأثنائه كفى ووجب إعادة غسل ما سبقها.
ولا يكفي قرنها بما قبله حيث لم يستصحبها إلى غسل شيء منه وما قارنها هو أوله فتفوت سنة المضمضة إن انغسل معها شيء من الوجه كحمرة الشفة بعد النية.

(1/46)


2- وغسل وجهه وهو ما بين منابت رأسه ومنتهى لحييه وما بين أذنيه,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فالأولى أن يفرق النية بأن ينوي عند كل من غسل الكفين والمضمضة والاستنشاق سنة الوضوء ثم فرض الوضوء عند غسل الوجه حتى لا تفوت فضيلة استصحاب النية من أوله وفضيلة المضمضة والاستنشاق مع انغسال حمرة الشفة.
2- وثانيها: غسل ظاهر وجهه لآية: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [5 سورة المائدة: 6] وهو طولا ما بين منابت شعر رأسه غالبا وتحت منتهى لحييه بفتح اللام فهو من الوجه دون ما تحته والشعر النابت على ما تحته وعرضا ما بين أذنيه.
ويجب غسل شعر الوجه من هدب وحاجب وشارب وعنفقة ولحية وهي ما نبت على الذقن وهو مجتمع اللحيين وعذار هو ما نبت على العظم المحاذي للأذن وعارض وهو ما انحط عنه إلى اللحية.
ومن الوجه حمرة الشفتين وموضع الغمم وهو ما نبت عليه الشعر من الجبهة دون محل التحذيف على الأصح وهو ما نبت عليه الشعر الخفيف بين ابتداء العذار والنزعة ودون وتد الأذن والنزعتين وهما بياضان يكتنفان الناصية وموضع الصلع وهو ما بينهما إذا انحسر عنه الشعر.

(1/47)


3- وغسل يديه بكل مرفق 4- ومسح بعض رأسه,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويسن غسل كل ما قيل إنه ليس من الوجه1.
ويجب غسل ظاهر وباطن كل من الشعور السابقة وإن كثف لندرة الكثافة فيها لا باطن كثيف لحية وعارض.
والكثيف ما لم تر البشرة من خلاله في مجلس التخاطب عرفا ويجب غسل ما لا يتحقق غسل جميعه إلا بغسله لان ما لا يتم الواجب إلا به واجب.
3- وثالثها: غسل يديه من كفيه وذراعيه بكل مرفق للآية [5 سورة المائدة: الآية 6] ويجب غسل جميع ما في محل الفرض من شعر وظفر وإن طال.
فرع لو نسي لمعة فانغسلت في تثليث أو إعادة وضوء لنسيان له لا تجديد واحتياط أجزأه.
4- ورابعها: مسح بعض رأسه كالنزعة والبياض الذي وراء الأذن بشر أو شعر في حده ولو بعض شعرة واحدة للآية [5 سورة المائدة: الآية: 6] .
__________
1 قال الشيخ علوي السقاف رحمه الله: كذا فيما رأيناه من نسخ الخط والطبع وصوابه إسقاط ليس كما في التحفة وغيرها وعبارتها: ويسن غسل كل ما قيل أنه من الوجه كالصلع والنزعتين والتحذيف زاد في المغني والنهاية والصدغين انتهى.

(1/48)


5- وغسل رجليه بكل كعب,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال البغوي: ينبغي أن لا يجزئ أقل من قدر الناصية وهي ما بين النزعتين لأنه ص لم يمسح أقل منها وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى والمشهور عنه وجوب مسح الربع.
5- وخامسها: غسل رجليه بكل كعب من كل رجل للآية [5 سورة المائدة: الآية: 6]
أو مسح خفيهما بشروطه ويجب غسل باطن ثقب وشق.
فرع لو دخلت شوكة في رجله وظهر بعضها وجب قلعها وغسل محلها لأنه صار في حكم الطاهر فإن استترت كلها صارت في حكم الباطن فيصح وضوؤه ولو تنفط في رجل أو غيره لم يجب غسل باطنه ما لم يتشقق فإن تشقق وجب غسل باطنه ما لم يرتتق.
تنبيه: ذكروا في الغسل أنه يعفى عن باطن عقد الشعر أي إذا انعقد بنفسه وألحق بها من ابتلي بنحو طبوع1 لصق بأصول شعره حتى منع وصول الماء إليها ولم يمكن إزالته. وقد صرح شيخ شيوخنا زكريا الأنصاري
بأنه لا يلحق بها بل عليه التيمم لكن قال تلميذه شيخنا: والذي يتجه العفو للضرورة.
__________
1 طبوع كتنور: دويبة ذات سم أو من جنس القردان لعضته ألم شديد انتهى القاموس المحيط.

(1/49)


وترتيب.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
6- وسادسها: ترتيب كما ذكر من تقديم غسل الوجه فاليدين فالرأس فالرجلين للاتباع ولو انغمس محدث ولو في ماء قليل بنية معتبرة مما مر أجزأه عن الوضوء ولو لم يمكث في الانغماس زمنا يمكن فيه الترتيب نعم لو اغتسل بنيته فيشترط فيه الترتيب حقيقة ولا يضر نسيان لمعة أو لمع في غير أعضاء الوضوء بل لو كان على ما عدا أعضائه مانع كشمع لم يضر كما استظهره شيخنا ولو أحدث وأجنب أجزأه الغسل عنهما بنيته ولا يجب تيقن عموم الماء جميع العضو بل يكفي غلبة الظن به.
فرع لو شك المتوضئ أو المغتسل في تطهير عضو قبل الفراغ من وضوئه أو غسله طهره وكذا ما بعده في الوضوء أو بعد الفراغ من طهره لم يؤثر ولو كان الشك في النية لم يؤثر أيضا على الأوجه كما في شرح
المنهاج لشيخنا وقال: فيه قياس ما يأتي في الشك بعد الفاتحة وقبل الركوع: أنه لو شك بعد عضو في أصل غسله لزمه إعادته أو بعضه لم تلزمه فليحمل كلامهم الأول على الشك في أصل العضو لا بعضه1.
__________
1 المعتمد أن الشك في نية الطهارة بعد السلام لا يؤثر في صحة الصلاة وإن اثر الشك في نية الطهارة بعدها بالنسبة لها بل ليس له افتتاح صلاة بنية طهارة مشكوك فيها راجع إعانة الطالبين.

(1/50)


وسن تسمية أوله فغسل الكفين فسواك
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وسن للمتوضئ ولو بماء مغصوب على الأوجه تسمية أوله أي أول الوضوء للاتباع وأقلها باسم الله وأكملها بسم الله الرحمن الرحيم [الأذكار للنووي الأرقام: 153- 156] وتجب عند أحمد ويسن قبلها التعوذ وبعدها الشهادتان [الأذكار للنووي الأرقام: 157- 164] والحمد لله الذي جعل الماء طهورا.
[الأذكار للنووي رقم: 167] ويسن لمن تركها أوله أن يأتي بها أثناءه قائلا: باسم الله أوله وآخره لا بعد فراغه وكذا في نحو الأكل والشرب والتأليف والاكتحال مما يسن له التسمية والمنقول عن الشافعي وكثير من الأصحاب أن أول السنن التسمية وبه جزم النووي في المجموع وغيره فينوي معها عند غسل اليدين وقال جمع متقدمون: إن أولها السواك ثم بعده التسمية.
فرع: تسن التسمية لتلاوة القرآن ولو من أثناء سورة في صلاة أو خارجها ولغسل وتيمم وذبح.
فغسل الكفين معا إلى الكوعين مع التسمية المقترنة بالنية وإن توضأ من نحو إبريق أو علم طهرهما للإتباع. فسواك عرضا في الأسنان ظاهرا وباطنا وطولا في اللسان للخبر الصحيح: [رواه البخاري تعليقا في 30- كتاب الصوم باب السواك الرطب واليابس

(1/51)


بكل خشن لكل صلاة,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
للصائم] : لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء. أي أمر إيجاب.
ويحصل بكل خشن ولو بنحو خرقة أو أشنان والعود أفضل من غيره وأولاه ذو الريح الطيب وأفضله الأراك
لا بأصبعه ولو خشنة خلافا لما اختاره النووي.
وإنما يتأكد السواك ولو لمن لا أسنان له لكل وضوء ولكل صلاة فرضها ونفلها وإن سلم من كل ركعتين أو استاك لوضوئها وإن لم يفصل بينهما فاصل حيث لم يخش تنجس فمه وذلك لخبر الحميدي بإسناد جيد: ركعتان بسواك أفضل من سبعين ركعة بلا سواك. [أخرجه البزار والبيهقي راجع كنز العمال رقم: 26180] .
ولو تركه أولها تداركه أثناءها بفعل قليل كالتعمم.
ويتأكد أيضا لتلاوة قرآن أو حديث أو علم شرعي أو تغير فم ريحا أو لونا بنحو نوم أو أكل كريه أو سن بنحو صفرة أو استيقاظ من نوم وإرادته ودخول مسجد ومنزل وفي السحر وعند الاحتضار كما دل عليه خبر الصحيحين. [راجع الباب رقم: 215من رياض الصالحين] ويقال: إنه يسهل خروج الروح وأخذ بعضهم من ذلك تأكده للمريض.
وينبغي أن ينوي بالسواك السنة ليثاب عليه ويبلع ريقه أول استياكه وأن لا يمصه ويندب التخليل قبل السواك أو بعده من أثر

(1/52)


فمضمضة فاستنشاق وجمعهما بثلاث غرف ومسح كل رأس والأذنين,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الطعام والسواك أفضل منه خلافا لمن عكس.
ولا يكره بسواك غيره1 أذن أو علم رضاه وإلا حرم كأخذه من ملك الغير ما لم تجر عادة بالإعراض عنه.
ويكره للصائم بعد الزوال إن لم يتغير فمه بنحو نوم.
فمضمضة فاستنشاق للاتباع وأقلهما إيصال الماء إلى الفم والأنف ولا يشترط في حصول أصل السنة إدارته في الفم ومجه منه ونثره من الأنف بل تسن كالمبالغة فيهما لمفطر للأمر بها.
ويسن جمعهما بثلاث غرف يتمضمض ثم يستنشق من كل منها.
ومسح كل رأس للاتباع وخروجا من خلاف مالك وأحمد فإن اقتصر على البعض فالأولى أن يكون هو الناصية والأولى في كيفيته أن يضع يديه على مقدم رأسه ملصقا مسبحته بالأخرى وإبهاميه على صدغيه ثم يذهب بهما مع بقية أصابعه غير الإبهامين لقفاه ثم يردهما إلى المبدأ إن كان له شعر ينقلب وإلا فليقتصر على الذهاب وإن كان على رأسه عمامة أو قلنسوة تمم عليها بعد مسح الناصية للاتباع.
ومسح كل الأذنين ظاهرا وباطنا وصماخيه للاتباع.
__________
1 بني هذا الحكم ولم تكن الجراثيم مكتشفة بعد ولو كان المؤلف بعصرنا لقال بحرمة استعمال سواك الغير لما يترتب على ذلك من الأمراض.

(1/53)


ودلك أعضاء وتخليل لحية كثة وأصابع وإطالة الغرة وتحجيل,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولا يسن مسح الرقبة إذ لم يثبت فيه شيء قال النووي: بل هو بدعة وحديثه موضوع1.
ودلك أعضاء وهو إمرار اليد عليها عقب ملاقاتها للماء خروجا من خلاف من أوجبه.
وتخليل لحية كثة والأفضل كونه بأصابع يمناه ومن أسفل مع تفريقها وبغرفة مستقلة للاتباع ويكره تركه.
وتخليل أصابع اليدين بالتشبيك والرجلين بأي كيفية كانت والأفضل أن يخللها من أسفل بخنصر يده اليسرى مبتدئا بخنصر الرجل اليمنى ومختتما بخنصر اليسرى. [أي يكون بخنصر يسرى يديه ومن أسفل مبتدئا بخنصر يمنى رجليه مختتما بخنصر يسراهما] 2.
وإطالة الغرة بأن يغسل مع الوجه مقدم رأسه وأذنيه وصفحتي عنقه.
__________
1 قال محمد بن سليمان الكردي في حاشيته على بأفضل: والحاصل أن المتأخرين من أئمتنا قد قلدوا الإمام النووي في كون الحديث لا أصل له ولكن كلام المحدثين يشير إلى أن الحديث له طرق وشواهد يرتقي بها إلى درجة الحسن فالذي يظهر للفقير أنه لا بأس بمسحه. انتهى.
2 ما بين [] من فتح المعين المطبوع مع ترشيح المستفيدين وكذلك في الطبعات التي استقلت بطبع فتح المعين.

(1/54)


وإطالة تحجيل بأن يغسل مع اليدين بعض العضدين ومع وتثليث كل,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الرجلين بعض الساقين وغايته استيعاب العضد والساق وذلك لخبر الشيخين [البخاري رقم: 136, ومسلم رقم 246] : "إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل زاد مسلم: وتحجيله: أي يدعون بيض الوجوه والأيدي والأرجل ويحصل أقل الإطالة بغسل أدنى زيادة على الواجب وكمالها باستيعاب ما مر.
وتثليث كل من مغسول وممسوح ودلك وتخليل وسواك وبسملة وذكر عقبه للاتباع في أكثر ذلك.
ويحصل التثليث بغمس اليد مثلا ولو في ماء قليل إذا حركها مرتين ولو ردد ماء الغسلة الثانية حصل له أصل سنة التثليث كما استظهره شيخنا.
ولا يجزئ تثليث عضو قبل إتمام واجب غسله ولا بعد تمام الوضوء ويكره النقص عن الثلاث كالزيادة عليها أي بنية الوضوء كما بحثه جمع وتحرم من ماء موقوف على التطهر.
فرع يأخذ الشاك أثناء الوضوء في استيعاب أو عدد باليقين وجوبا في الواجب وندبا في المندوب ولو في الماء الموقوف أما الشك بعد الفراغ فلا يؤثر.

(1/55)


وتيامن وولاء وتعهد موق,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وتيامن أي تقديم يمين على يسار في اليدين والرجلين ولنحو أقطع في جميع أعضاء وضوئه وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم كان يحب التيمن في تطهره وشأنه كله أي مما هو من باب التكريم كاكتحال ولبس نحو قميص ونعل وتقليم ظفر وحلق نحو رأس وأخذ وعطاء وسواك وتخليل ويكره تركه.
ويسن التياسر في ضده وهو ما كان من باب الإهانة والأذى كاستنجاء وامتخاط وخلع لباس ونعل.
ويسن البداءة بغسل أعلى وجهه وأطراف يديه ورجليه وإن صب عليه غيره وأخذ الماء إلى الوجه بكفيه معا ووضع ما يغترف منه عن يمينه وما يصب منه عن يساره.
وولاء بين أفعال وضوء السليم بأن يشرع في تطهير كل عضو قبل جفاف ما قبله وذلك للاتباع وخروجا من خلاف من أوجبه ويجب لسلس.
وتعهد عقب وموق وهو طرف العين الذي يلي الأنف ولحاظ وهو الطرف الآخر بسبابتي شقيهما1.
ومحل ندب تعهدهما إذا لم يكن فيهما رمص يمنع وصول الماء إلى محله وإلا فتعهدهما واجب كما في
المجموع.
__________
1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله وجدت في بعض نسخ الخط بسبابتيه شقيهما.

(1/56)


واستقبال وترك تكلم وتنشيف والشهادتان عقبه,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولا يسن غسل باطن العين بل قال بعضهم: يكره للضرر وإنما يغسل إذا تنجس لغلظ أمر النجاسة.
واستقبال القبلة في كل وضوئه.
وترك تكلم في أثناء وضوئه بلا حاجة بغير ذكر ولا يكره سلام عليه ولا منه ولا رده.
وترك تنشيف بلا عذر للاتباع.
والشهادتان عقبه أي الوضوء بحيث لا يطول فاصل عنه عرفا فيقول مستقبلا للقبلة رافعا يديه وبصره إلى السماء ولو أعمى: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
لما روى مسلم [رقم: 234] عن رسول الله ص: من توضأ فقال أشهد أن لا إله إلا الله الخ فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء زاد الترمذي [رقم: 55] : اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين وروى الحاكم [1/564] وصححه: من توضأ ثم قال: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك كتب في رق ثم طبع بطابع فلم يكسر إلى يوم القيامة أي لم يتطرق إليه إبطال كما صح حتى يرى ثوابه العظيم.
ثم يصلي ويسلم على سيدنا محمد وآل سيدنا محمد ويقرأ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} [97 سورة القدر] ثلاثا كذلك بلا رفع يد.
وأما دعاء الأعضاء المشهور فلا أصل له يعتد به فلذلك حذفته تبعا

(1/57)


وشربه من فضل وضوئه,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لشيخ المذهب النووي رضي الله عنه.
وقيل: يستحب أن يقول عند كل عضو: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله لخبر رواه المستغفري [الأذكار للنووي رقم: 157 وكذلك ما قاله ابن حجر العسقلاني تعليقا عليه] وقال: حسن غريب.
وشربه من فضل وضوئه لخبر: إن فيه شفاء من كل داء [راجع الترمذي رقم: 48 النسائي رقم: 95, 96 مسند أحمد رقم: 946, 1049, 1177, 1347, 1383, وهي في الشرب من فضل الوضوء] .
ويسن رش إزاره به أي إن توهم حصول مقذر له كما استظهره شيخنا وعليه يحمل رشه ص لإزاره به.
وركعتان بعد الوضوء أي بحيث تنسبان إليه عرفا فتفوتان بطول الفصل عرفا على الأوجه وعند بعضهم بالإعراض وبعضهم بجفاف الأعضاء وقيل: بالحدث.
ويقرأ ندبا في أولى ركعتيه بعد الفاتحة: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً} [4 سورة النساء الآية: 64] وفي الثانية: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً} [4 سورة النساء الآية: 110] .

(1/58)


وليقتصر حتما على واجب لضيق وقت أو قلة ماء وندبا لإدراك جماعة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فائدة يحرم التطهر بالمسبل للشرب وكذا بماء جهل حاله على الأوجه وكذا حمل شيء من المسبل إلى غير محله.
وليقتصر أي المتوضئ حتما أي وجوبا على غسل أو مسح واجب أي فلا يجوز تثليث ولا إتيان سائر السنن لضيق وقت عن إدراك الصلاة كلها فيه كما صرح به البغوي وغيره وتبعه المتأخرون لكن أفتى في فوات الصلاة لو أكمل سننها بأن يأتيها ولو لم يدرك ركعة وقد يفرق بأنه ثم اشتغل بالمقصود فكان كما لو مد في القراءة.
أو قلة ماء بحيث لا يكفي إلا الفرض فلو كان معه ماء لا يكفيه لتتمة طهره إن ثلث أو أتى السنن أو احتاج إلى الفاضل لعطش محترم حرم استعماله في شيء من السنن وكذا يقال في الغسل.
وندبا على الواجب بترك السنن لإدراك جماعة لم يرج غيرها.
نعم ما قيل بوجوبه كالدلك ينبغي تقديمه عليها نظير ما مر من ندب تقديم الفائت بعذر على الحاضرة وإن فاتت الجماعة.
تتمة [في بيان أسباب التيمم وكيفيته] يتيمم عن الحدثين لفقد ماء أو خوف محذور من استعماله بتراب طهور له غبار.

(1/59)


ونواقضه: 1- خروج شيء من أحد سبيلي الحي ولو باسورا, 2- وزوال عقل,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأركانه: نية استباحة الصلاة المفروضة مقرونة بنقل التراب ومسح وجهه ثم يديه.
ولو تيقن ماء آخر الوقت فانتظاره أفضل وإلا فتعجيل تيمم.
وإذا امتنع استعماله في عضو وجب تيمم وغسل صحيح ومسح كل الساتر الضار نزعه بماء.
ولا ترتيب بينهما لجنب أو عضوين فتيممان ولا يصلي به إلا فرضا واحدا ولو نذرا. وصح جنائز مع فرض.
ونواقضه أي أسباب نواقض الوضوء أربعة:
1- أحدها: تيقن خروج شيء غير منيه عينا كان أو ريحا رطبا أو جافا معتادا كبول أو نادرا كدم باسور أو غيره انفصل أو لا كدودة أخرجت رأسها ثم رجعت من أحد سبيلي المتوضئ الحي دبرا كان أو قبلا.
ولو كان الخارج باسورا نابتا داخل الدبر فخرج أو زاد خروجه. لكن أفتى العلامة الكمال الرداد بعدم النقض بخروج الباسور نفسه بل بالخارج منه كالدم. وعن مالك: لا ينتقض الوضوء بالنادر.
2- وثانيها: زوال عقل أي تمييز بسكر أو جنون أو إغماء أو

(1/60)


لا بنوم ممكن مقعده 3- ومس فرج آدمي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
نوم للخبر الصحيح: "فمن نام فليتوضأ" [أبو داود رقم: 203, ابن ماجه رقم 477, مسند أحمد رقم 889] .
وخرج بزوال العقل النعاس وأوائل نشوة السكر فلا نقض بهما كما إذا شك هل نام أو نعس؟
ومن علامة النعاس سماع كلام الحاضرين وإن لم يفهمه.
لا زواله بنوم قاعد ممكن مقعده أي ألييه من مقره وإن استند لما لو زال سقط أو احتبى وليس بين مقعده ومقره تجاف.
وينتقض وضوء ممكن انتبه بعد زوال أليته عن مقره لا وضوء شاك هل كان ممكنا أو لا؟ أو هل زالت إليته قبل اليقظة أو بعدها؟..وتيقن الرؤيا مع عدم تذكر نوم لا أثر له بخلافه مع الشك فيه لأنها مرجحة لأحد طرفيه.
3- وثالثها: مس فرج آدمي أو محل قطعه ولو لميت أو صغير قبلا كان الفرج أو دبر امتصلا أو مقطوعا إلا ما قطع في الختان.
والناقض من الدبر ملتقى المنفذ ومن قبل المرأة ملتقى شفريها على المنفذ لا ما وراءهما كمحل ختانها.
نعم يندب الوضوء من مس نحو العانة وباطن الإلية والأنثيين وشعر نبت فوق ذكر وأصل فخذ
ولمس صغيرة وأمرد وأبرص ويهودي ومن نحو فصد ونظر بشهوة ولو إلى محرم وتلفظ بمعصية وغضب
وحمل ميت ومسه وقص ظفر وشارب وحلق رأسه.

(1/61)


ببطن كف 4- وتلاقي بشرتي ذكر وأنثى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وخرج بآدمي فرج البهيمة إذ لا يشتهى ومن ثم جاز النظر إليه.
ببطن كف لقوله صلى الله عليه وسلم: من مس فرجه وفي رواية: "من مس ذكرا فليتوضأ" [الترمذي رقم: 82 النسائي رقم 444 أبو داود رقم: 181 ابن ماجة رقم: 479 مسند أحمد رقم 26749 موطأ مالك رقم: 91 الدارمي رقم: 724] .
وبطن الكف هو بطن الراحتين وبطن الأصابع والمنحرف إليهما عند انطباقهما مع يسير تحامل دون رؤوس الأصابع وما بينها وحرف الكف.
4- ورابعها: تلاقي بشرتي ذكر وأنثى ولو بلا شهوة وإن كان أحدهما مكرها أو ميتا لكن لا ينقض وضوء الميت.
والمراد بالبشرة هنا غير الشعر والسن والظفر قاله شيخنا وغير باطن العين.
وذلك لقوله تعالى: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [4 سورة النساء الآية: 43] أي لمستم.
ولو شك هل ما لمسه شعر أو بشرة لم ينتقض كما لو وقعت يده على بشرة لا يعلم أهي بشرة رجل أو امرأة أو شك: هل لمس محرما أو أجنبية؟
وقال شيخنا في شرح العباب: ولو أخبره عدل بلمسها له أو

(1/62)


بكبر لا مع محرمية ولا يرتفع يقين وضوء أو حدث بظن ضده.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بنحو خروج ريح منه في حال نومه ممكنا وجب عليه الأخذ بقوله.
بكبر فيهما فلا نقض بتلاقيهما مع صغر فيهما أو في أحدهما لانتفاء مظنة الشهوة.
والمراد بذي الصغر: من لا يشتهى عرفا غالبا.
لا تلاقي بشرتيهما مع محرمية بينهما بنسب أو رضاع أو مصاهرة لانتفاء مظنة الشهوة.
ولو اشتبهت محرمه بأجنبيات محصورات فلمس واحدة منهن لم ينتقض وكذا بغير محصورات على
الأوجه.
ولا يرتفع يقين وضوء أو حدث بظن ضده ولا بالشك فيه المفهوم بالأولى فيأخذ باليقين استصحابا له.
خاتمة [في بيان ما يحرم بالحدث الأصغر والأكبر] يحرم بالحدث: صلاة وطواف وسجود وحمل مصحف وما كتب لدرس قرآن ولو بعض آية كلوح والعبرة في قصد الدراسة والتبرك بحالة الكتابة دون ما بعدها وبالكاتب لنفسه أو لغيره تبرعا وإلا فأمره لا حمله مع متاع والمصحف غير مقصود بالحمل ومس ورقه ولو لبياض أو نحو ظرف أعد له وهو فيه لا قلب ورقه بعود إذا لم ينفصل عليه ولا مع تفسير زاد ولو احتمالا.
ولا يمنع صبي مميز محدث ولو جنبا حمل ومس نحو

(1/63)


والثانية الغسل.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مصحف لحاجة تعلمه ودرسه ووسيلتهما كحمله للمكتب والإتيان به للمعلم ليعلمه منه.
ويحرم تمكين غير المميز من نحو مصحف ولو بعض آية وكتابته بالعجمية ووضع نحو درهم في مكتوبة
وعلم شرعي وكذا جعله بين أوراقه خلافا لشيخنا وتمزيقه عبثا وبلع ما كتب عليه لا شرب محوه ومد الرجل للمصحف ما لم يكن على مرتفع.
ويسن القيام له كالعالم بل أولى.
ويكره حرق ما كتب عليه إلا لغرض نحو صيانة فغسله أولى منه.
ويحرم بالجنابة المكث في المسجد وقراءة قرآن بقصده ولو بعض آية بحيث يسمع نفسه ولو صبيا خلافا لما أفتى به النووي وبنحو حيض لا بخروج طلق صلاة وقراءة وصوم ويجب قضاؤه لا الصلاة بل يحرم قضاؤها على الأوجه.
2- والطهارة الثانية: الغسل هو لغة: سيلان الماء على الشيء وشرعا: سيلانه على جميع البدن بالنية.
ولا يجب فورا وإن عصى بسببه بخلاف نجس عصى بسببه.
والأشهر في كلام الفقهاء ضم غينه لكن الفتح أفصح وبضمها مشترك بين الفعل وماء الغسل.

(1/64)


موجبه: 1- خروج منيه 2- ودخول حشفة فرجا 3- وحيض وأقل سنه تسع سنين قمرية,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
موجبه أربعة:
1- أحدها: خروج منيه أولا ويعرف بأحد خواصه الثلاث: من تلذذ بخروجه أو تدفق أو ريح عجين رطبا وبياض بيض جافا فإن فقدت هذه الخواص فلا غسل.
نعم لو شك في شيء أمني هو أو مذي؟ تخير ولو بالتشهي فإن شاء جعله منيا واغتسل أو مذيا وغسله وتوضأ ولو رأى منيا مجففا في نحو ثوبه لزمه الغسل وإعادة كل صلاة تيقنها بعده ما لم يحتمل عادة كونه من غيره.
2- وثانيها: دخول حشفة أو قدرها من فاقدها ولو كانت من ذكر مقطوع أو من بهيمة أو ميت.
فرجا قبلا أو دبرا ولو لبهيمة كسمكة أو ميت ولا يعاد غسله لانقطاع تكليفه.
3- وثالثها: حيض أي انقطاعه وهو دم يخرج من أقصى رحم المرأة في أوقات مخصوصة.
وأقل سنة تسع سنين قمرية أي استكمالها نعم إن رأته قبل تمامها بدون ستة عشر يوما فهو حيض وأقله يوم وليلة وأكثره خمسة عشر يوما كأقل طهر بين الحيضتين.
ويحرم به ما يحرم بالجنابة ومباشرة ما بين سرتها وركبتها.

(1/65)


4- ونفاس.
وفرضه: 1- نية رفع الجنابة أو أداء فرض الغسل مقرونة بأوله,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقيل: لا يحرم غير الوطء واختاره النووي في التحقيق لخبر مسلم [رقم: 302] : اصنعوا كل شيء إلا النكاح.
وإذا انقطع دمها حل لها قبل الغسل صوم لا وطئ خلافا لما بحثه العلامة الجلال السيوطي رحمه الله.
4- ورابعها: نفاس أي انقطاعه وهو دم حيض مجتمع يخرج بعد فراغ جميع الرحم.
وأقله لحظة وغالبه أربعون يوما وأكثره ستون يوما.
ويحرم به ما يحرم بالحيض.
ويجب الغسل أيضا بولادة ولو بلا بلل وإلقاء علقة ومضغة وبموت مسلم غير شهيد.
وفرضه أي الغسل شيئان:
1- أحدهما: نية رفع الجنابة للجنب أو الحيض للحائض أي رفع حكمه.
أو نية أداء فرض الغسل أو رفع حدث أو الطهارة عنه أو أداء الغسل وكذا الغسل للصلاة لا
الغسل فقط.
ويجب أن تكون النية مقرونة بأوله أي الغسل يعني بأول مغسول

(1/66)


2- وتعميم بدن حتى الشعر وباطن جدري وما تحت قلفة بماء طهور ويكفي ظن عمومه.
وسن:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من البدن ولو من أسفله فلو نوى بعد غسل جزء وجب إعادة غسله ولو نوى رفع الجنابة وغسل بعض البدن ثم نام فاستيقظ وأراد غسل الباقي لم يحتج إلى إعادة النية.
2- وثانيهما: تعميم ظاهر بدن حتى الأظفار وما تحتها والشعر ظاهرا وباطنا وإن كثف وما ظهر من نحو منبت شعرة زالت قبل غسلها وصماخ وفرج امرأة عند جلوسها على قدميها وشقوق وباطن جدري انفتح رأسه لا باطن قرحة برئت وارتفع قشرها ولم يظهر شيء مما تحته.
ويحرم فتق الملتحم وما تحت قلفة من الأقلف فيجب غسل باطنها لأنها مستحقة الإزالة لا باطن شعر انعقد بنفسه وإن كثر.
ولا يجب مضمضة واستنشاق بل يكره تركهما.
بماء طهور ومر أنه يضر تغير الماء تغيرا ضارا ولو بما على العضو خلافا لجمع.
ويكفي ظن عمومه أي الماء على البشرة والشعر وإن لم يتيقنه فلا يجب تيقن عمومه بل يكفي غلبة الظن به فيه كالوضوء وسن للغسل الواجب والمندوب:

(1/67)


تسمية وإزالة قذر فمضمضة واستنشاق ثم وضوء فتعهد معاطف ودلك,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تسمية أوله وإزالة قذر طاهر كمني ومخاط ونجس كمذي وإن كفى لهما غسلة واحدة وأن يبول من أنزل قبل أن يغتسل ليخرج ما بقي بمجراه ف بعد إزالة القذر مضمضة واستنشاق ثم وضوء كاملا للاتباع رواه الشيخان. [البخاري رقم: 249, ومسلم رقم: 317] ويسن له استصحابه إلى الفراغ حتى لو أحدث سن له إعادته وزعم المحاملي اختصاصه بالغسل الواجب ضعيف والأفضل عدم تأخير غسل قدميه عن الغسل كما صرح به في الروضة وإن ثبت تأخيرهما في البخاري ولو توضأ أثناء الغسل أو بعده حصل له أصل السنة لكن الأفضل تقديمه ويكره تركه وينوي به سنة الغسل إن تجردت جنابته عن الأصغر وإلا نوى به رفع الحدث الأصغر أو نحوه خروجا من خلاف موجبه القائل بعدم الاندراج.
ولو أحدث بعد ارتفاع جنابة أعضاء الوضوء لزمه الوضوء مرتبا بالنية.
فتعهد معاطف كالأذن والإبط والسرة والموق ومحل شق وتعهد أصول شعر ثم غسل رأس بالإفاضة بعد تخليله إن كان عليه شعر ولا تيامن فيه لغير أقطع ثم غسل شق أيمن ثم أيسر.
ودلك لما تصله يده من بدنه خروجا من خلاف من أوجبه.

(1/68)


وتثليث واستقبال ولو أحدث ثم أجنب كفى غسل واحد.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وتثليث لغسل جميع البدن والدلك والتسمية والذكر عقبه ويحصل في راكد بتحرك جميع البدن ثلاثا وإن لم ينقل قدميه إلى موضع آخر على الأوجه.
واستقبال للقبلة وموالاة وترك تكلم بلا حاجة وتنشيف بلا عذر.
وتسن الشهادتان المتقدمتان في الوضوء مع ما معهما عقب الغسل وأن لا يغتسل لجنابة أو غيرها كالوضوء في ماء راكد لم يستبحر كنابع من عين غير جار.
فرع لو اغتسل لجنابة ونحو جمعة بنيتهما حصلا وإن كان الأفضل إفراد كل بغسل أو لأحدهما حصل فقط.
ولو أحدث ثم أجنب كفى غسل واحد وإن لم ينو معه الوضوء ولا رتب أعضاءه.
فرع يسن لجنب وحائض ونفساء بعد انقطاع دمهما غسل فرج ووضوء لنوم وأكل وشرب ويكره فعل شيء من ذلك بلا وضوء1 وينبغي أن لا يزيلوا قبل الغسل شعرا أو ظفرا وكذا دما
__________
1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله ظاهره يكره ذلك ولو مع غسل فرج وليس كذلك

(1/69)


وجاز تكشف له في خلوة.
وثانيها: طهارة بدن وملبوس ومكان عن نجس,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لأن ذلك يرد في الآخرة جنبا.
وجاز تكشف له أي للغسل في خلوة أو بحضرة من يجوز نظره إلى عورته كزوجة وأمة والستر
أفضل وحرم إن كان ثم من يحرم نظره إليها كما حرم في الخلوة بلا حاجة وحل فيها لأدنى غرض كما يأتي.
2- وثانيها أي ثاني شروط الصلاة طهارة بدن ومنه داخل الفم والأنف والعين.
وملبوس وغيره من كل محمول له وإن لم يتحرك بحركته.
ومكان يصلى فيه.
عن نجس غير معفو عنه.
فلا تصح الصلاة معه ولو ناسيا أو جاهلا بوجوده أو بكونه مبطلا لقوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [74 سورة المدثر الآية: 4] ولخبر الشيخين. [البخاري رقم: 306 مسلم رقم: 333] .
ولا يضر محاذاة نجس لبدنه لكن تكره مع محاذاته كاستقبال نجس أو متنجس.
__________
بل يكفي غسل الفرج في حصول أصل السنة كما في التحفة 1/284.

(1/70)


ولا يجب اجتناب النجس كروث وبول ولو من مأكول ومذي,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والسقف كذلك إن قرب منه بحيث يعد محاذيا له عرفا.
ولا يجب اجتناب النجس في غير الصلاة ومحله في غير التضمخ به في بدن أو ثوب فهو حرام بلا حاجة وهو شرعا مستقذر يمنع صحة الصلاة حيث لا مرخص فهو كروث وبول ولو كانا من طائر وسمك وجراد وما لا نفس له سائلة.
أو من مأكول لحمه على الأصح.
قال الأصطخري والروياني من أئمتنا كمالك وأحمد: إنهما طاهران من المأكول. ولو راثت أو قاءت بهيمة حيا فإن كان صلبا بحيث لو زرع نبت فمتنجس يغسل ويؤكل وإلا فنجس. ولم يبينوا حكم غير الحب.
قال شيخنا: والذي يظهر أنه إن تغير عن حاله قبل البلع ولو يسيرا فنجس وإلا فمتنجس.
وفي المجموع عن شيخ نصر: العفو عن بول بقر الدياسة على الحب. وعن الجويني: تشديد النكير على البحث عنه وتطهيره. وبحث الفزاري العفو عن بعر الفأرة إذا وقع في مائع وعمت البلوى به.
وأما ما يوجد على ورق بعض الشجر كالرغوة فنجس لأنه يخرج من باطن بعض الديدان كما شوهد ذلك وليس العنبر روثا خلافا لمن زعمه بل هو نبات في البحر.
ومذي بمعجمة للأمر بغسل الذكر منه وهو ماء أبيض أو

(1/71)


وودي ودم وقيح وقيء معدة,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أصفر رقيق يخرج غالبا عند ثوران الشهوة بغير شهوة قوية.
وودي بمهملة وهو ماء أبيض كدر ثخين يخرج غالبا عقب البول أو عند حمل شيء ثقيل.
ودم حتى ما بقي على نحو عظم لكنه معفو عنه.
واستثنوا منه الكبد والطحال والمسك أي ولو من ميت إن انعقد والعلقة والمضغة ولبنا خرج بلون دم ودم بيضة لم تفسد.
وقيح لأنه دم مستحيل وصديد: وهو ماء رقيق يخالطه دم.
وكذا ماء جرح وجدري ونفط إن تغير وإلا فماؤها طاهر.
وقئ معدة وإن لم يتغير وهو الراجع بعد الوصول للمعدة ولو ماء.
أما الراجع قبل الوصول إليها يقينا أو احتمالا فلا يكون نجسا ولا متنجسا خلافا للقفال.
وأفتى شيخنا أن الصبي إذا ابتلي بتتابع القيء عفي عن ثدي أمه الداخل في فيه لا عن مقبله أو مماسه.
وكمرة ولبن غير مأكول إلا الآدمي وجرة نحو بعير.
أما المني فطاهر خلافا لمالك وكذا بلغم غير معدة من رأس أو صدر وماء سائل من فم نائم ولو نتنا أو أصفر ما لم يتحقق أنه من معدة إلا ممن ابتلي به فيعفى عنه وإن كثر. ورطوبة فرج أي:

(1/72)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قبل على الأصح وهي ماء أبيض متردد بين المذي والعرق يخرج من باطن الفرج الذي لا يجب غسله بخلاف ما يخرج مما يجب غسله فإنه طاهر قطعا وما يخرج من وراء باطن الفرج فإنه نجس قطعا ككل خارج من الباطن وكالماء الخارج مع الولد أو قبله ولا فرق بين انفصالها وعدمه على المعتمد.
قال بعضهم: الفرق بين الرطوبة الطاهرة والنجسة الاتصال والانفصال فلو انفصلت ففي الكفاية عن الإمام أنها نجسة.
ولا يجب غسل ذكر المجامع والبيض والولد.
وأفتى شيخنا بالعفو عن رطوبة الباسور لمبتلى بها.
وكذا بيض غير مأكول ويحل أكله على الأصح.
وشعر مأكول وريشه إذا أبين في حياته.
ولو شك في شعر أو نحوه أهو من مأكول أو غيره؟ أو هل انفصل من حي أو ميت؟ فهو طاهر وقياسه أن العظم كذلك وبه صرح في الجواهر.
وبيض الميتة إن تصلب طاهر وإلا فنجس.
وسؤر كل حيوان طاهر فلو تنجس فمه ثم ولغ في ماء قليل أو مائع فإن كان بعد غيبة يمكن فيها طهارته بولوغه في ماء كثير أو جار لم ينجسه ولو هرا وإلا نجسته.

(1/73)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال شيخنا كالسيوطي تبعا لبعض المتأخرين إنه يعفى عن يسير عرفا من شعر نجس من غير مغلظ.
ومن دخان نجاسة وما على رجل ذباب وإن رؤي وما على منفذ غير آدمي مما خرج منه وذرق طير وما على فمه وروث ما نشؤه من الماء أو بين أوراق شجر النارجيل التي تستر بها البيوت عن المفطر حيث يعسر صون الماء عنه.
قال جمع: وكذا ما تلقيه الفئران من الروث في حياض إلا خلية إذا عم الابتلاء به ويؤيده بحث الفزاري وشرط ذلك كله إذا كان في الماء أن لا يغير. انتهى.
والزباد طاهر.
ويعفى عن قليل شعره كالثلاث كذا أطلقوه ولم يبينوا أن المراد القليل في المأخوذ للاستعمال أو في الإناء المأخوذ منه.
قال شيخنا: والذي يتجه الأول إن كان جامدا لان العبرة فيه بمحل النجاسة فقط فإن كثرت في محل واحد لم يعف عنه وإلا عفي بخلاف المائع فإن جميعه كالشيء الواحد.
فإن قل الشعر فيه عفي عنه وإلا فلا ولا نظر للمأخوذ حينئذ.
ونقل المحب الطبري عن ابن الصباغ واعتمده أنه يعفى عن جرة البعير ونحوه فلا ينجس ما شرب منه.

(1/74)


وكميتة غير بشر وسمك وجراد,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وألحق به فم ما يجتر من ولد البقرة والضأن إذا التقم أخلاف أمه.
وقال ابن الصلاح: يعفى عما اتصل به شيء من أفواه الصبيان مع تحقق نجاستها.
وألحق غيره بهم أفواه المجانين وجزم به الزركشي.
وكميتة ولو نحو ذباب مما لا نفس له سائلة خلافا للقفال ومن تبعه في قوله بطهارته لعدم الدم المتعفن كمالك وأبي حنيفة فالميتة نجسة وإن لم يسل دمها وكذا شعرها وعظمها وقرنها خلافا لأبي حنيفة إذا لم يكن عليها دسم.
وأفتى الحافظ ابن حجر العسقلاني بصحة الصلاة إذا حمل المصلي ميتة ذباب إن كان في محل يشق الاحتراز عنه.
غير بشر وسمك وجراد لحل تناول الأخيرين وأما الآدمي فلقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [17 سورة الإسراء: الآية: 70] وقضية التكريم أن لا يحكم بنجاستهم بالموت.
وغير صيد لم تدرك ذكاته
وجنين مذكاة مات بذكاتها.
ويحل أكل دود مأكول معه
ولا يجب غسل نحو الفم منه.
ونقل في الجواهر عن الأصحاب: لا يجوز أكل سمك ملح ولم

(1/75)


وكمسكر مائع,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ينزع ما في جوفه أي من المستقذرات.
وظاهره: لا فرق بين كبيره وصغيره لكن ذكر الشيخان جواز أكل الصغير مع ما في جوفه لعسر تنقية ما فيه.
وكمسكر أي صالح للإسكار فدخلت القطرة من المسكر.
مائع كخمر وهي المتخذة من العنب ونبيذ وهو المتخذ من غيره.
وخرج بالمائع نحو البنج والحشيش.
وتطهر خمر تخللت بنفسها من غير مصاحبة عين أجنبية لها وإن لم تؤثر في التخليل كحصاة ويتبعها في الطهارة الدن وإن تشرب منها أو غلت فيه وارتفعت بسبب الغليان ثم نزلت أما إذا ارتفعت بلا غليان بل بفعل فاعل فلا تطهر وإن غمر المرتفع قبل جفافه أو بعده بخمر أخرى على الأوجه كما جزم به شيخنا.
والذي اعتمده شيخنا المحقق عبد الرحمن بن زياد أنها تطهر إن غمر المرتفع قبل الجفاف لا بعده.
ثم قال: لو صب خمر في إناء ثم أخرجت منه وصب فيه خمر أخرى بعد جفاف الإناء وقبل غسله لم
تطهر وإن تخللت بعد نقلها منه في إناء آخر. انتهى.
والدليل على كون الخمر خلا الحموضة في طعمها وإن لم توجد

(1/76)


وككلب وخنزير,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
نهاية الحموضة وإن قذفت بالزبد.
ويطهر جلد نجس بالموت باندباغ نقاه بحيث لا يعود إليه نتن ولا فساد لو نقع في الماء.
وككلب وخنزير وفرع كل منهما مع الآخر أو مع غيره ودود ميتتهما طاهر وكذا نسج عنكبوت على المشهور كما قاله السبكي والأذرعي وجزم صاحب العدة والحاوي بنجاسته.
وما يخرج من جلد نحو حية في حياتها كالعرق على ما أفتى به بعضهم لكن قال شيخنا: فيه نظر بل الأقرب أنه نجس لأنه جزء متجسد منفصل من حي فهو كميتته.
وقال أيضا: لو نزا كلب أو خنزير على آدمية فولدت آدميا كان الولد نجسا1 ومع ذلك هو مكلف بالصلاة وغيرها.
وظاهر أنه يعفى عما يضطر إلى ملامسته.
وأنه تجوز إمامته إذ لا إعادة عليه ودخوله المسجد حيث لا رطوبة للجماعة ونحوها.
ويطهر متنجس بعينية بغسل مزيل لصفاتها من طعم ولون وريح ولا يضر بقاء لون أو ريح عسر زواله
ولو من مغلظ فإن بقيا معا لم يطهر.
__________
1 قال البجيرمي 1/98 والمعتمد عند الرملي [الوالد والابن] أنه طاهر فيدخل المسجد ويمس الناس ولو رطبا إعانة الطالبين.

(1/77)


0000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ومتنجس بحكمية كبول جف لم يدرك له صفة بجري الماء عليه مرة وإن كان حبا أو لحما طبخ بنجس أو ثوبا صبغ بنجس فيطهر باطنها بصب الماء على ظاهرها كسيف سقي وهو محمى بنجس.
ويشترط في طهر المحل ورود الماء القليل على المحل المتنجس فإن ورد متنجس على ماء قليل لا كثير تنجس وإن لم يتغير فلا يطهر غيره. وفارق الوارد غيره بقوته لكونه عاملا فلو تنجس فمه كفى أخذ الماء بيده إليه وإن لم يعلها عليه كما قال شيخنا ويجب غسل كل ما في حد الظاهر منه ولو بالإدارة كصب ماء في إناء متنجس وإدارته بجوانبه.
ولا يجوز له ابتلاع شيء قبل تطهير فمه حتى بالغرغرة.
فرع لو أصاب الأرض نحو بول وجف فصب على موضعه ماء فغمره طهر ولو لم ينضب أي يغور سواء كانت الأرض صلبة أم رخوة وإذا كانت الأرض لم تتشرب ما تنجست به فلا بد من إزالة العين قبل صب الماء القليل عليها كما لو كانت في إناء ولو كانت النجاسة جامدة فتفتتت واختلطت بالتراب لم يطهر
كالمختلط بنحو صديد بإفاضة الماء عليه بل لا بد من إزالة جميع التراب المختلط بها.
وأفتى بعضهم في مصحف تنجس بغير معفو عنه بوجوب غسله,

(1/78)


0000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وإن أدى إلى تلفه وإن كان ليتيم.
قال شيخنا: ويتعين فرضه فيما إذا مست النجاسة شيئا من القرآن بخلاف ما إذا كانت في نحو الجلد أو الحواشي.
فرع غسالة المتنجس ولو معفوا عنه كدم قليل إن انفصلت وقد زالت العين وصفاتها ولم تتغير ولم يزد وزنها بعد اعتبار ما يأخذه الثوب من الماء والماء من الوسخ وقد طهر المحل: طاهرة قال شيخنا: ويظهر الاكتفاء فيهما بالظن.
فرع إذا وقع في طعام جامد كسمن فأرة مثلا فماتت ألقيت وما حولها مما ماسها فقط والباقي طاهر.
والجامد هو الذي إذا غرف منه لا يتراد على قرب.
فرع [في بيان كيفية غسل النجاسة المتوسطة والمغلظة] إذا تنجس ماء البئر القليل بملاقاة نجس لم يطهر بالنزح بل ينبغي أن لا ينزح ليكثر الماء بنبع أو صب ماء فيه أو الكثير بتغير به لم يطهر إلا بزواله فإن بقيت فيه نجاسة كشعر فأرة ولم يتغير فطهور تعذر استعماله1 إذ
__________
1 بالاغتراف منه من دلو أو نحوها وهو لا ينافي أنه يجوز استعماله بغير الاغتراف كالغطس عصام.

(1/79)


ويعفى عن دم نحو برغوث
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لا يخلو منه دلو فلينزح كله فإن اغترف قبل النزح ولم يتيقن فيما اغترفه شعرا لم يضر وإن ظنه عملا بتقديم الأصل على الظاهر.
ولا يطهر متنجس بنحو كلب إلا بسبع غسلات بعد زوال العين ولو بمرات فمزيلها مرة واحدة إحداهن بتراب تيمم ممزوج بالماء بأن يكدر الماء حتى يظهر أثره فيه ويصل بواسطته إلى جميع أجزاء المحل المتنجس.
ويكفي في الراكد تحريكه سبعا.
قال شيخنا: يظهر أن الذهاب مرة والعود أخرى وفي الجاري مرور سبع جريات ولا تتريب في أرض ترابية.
فرع لو مس كلبا داخل ماء كثير لم تنجس يده1 ولو رفع كلب رأسه من ماء وفمه مترطب ولم يعلم مماسته له لم ينجس.
قال مالك وداود: الكلب طاهر ولا ينجس الماء القليل بولوغه وإنما يجب غسل الإناء بولوغه تعبدا.
ويعفى عن دم نحو برغوث مما لا نفس له سائلة كبعوض وقمل
__________
1 قال البجيرمي: وينبغي تقييده بما إذا عد الماء حائلا بخلاف ما لو قبض بيده على نحو رجل الكلب داخل الماء قبضا شديدا بحيث لا يبقى بينه وبينه ماء فلا يتجه إلا التنجس انتهى إعانة الطالبين.

(1/80)


ودمل وإن كثر بغير فعله وقليل غيره وحيض ورعاف,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لا عن جلده.
ودم نحو دمل كبثرة وجرح وعن قيحه وصديده وإن كثر الدم فيهما وانتشر بعرق أو فحش الأول بحيث طبق الثوب على النقول المعتمدة.
بغير فعله فإن كثر بفعله قصدا كأن قتل نحو برغوث في ثوبه أو عصر نحو دمل أو حمل ثوبا فيه دم براغيث مثلا وصلى فيه أو فرشه وصلى عليه أو زاد على ملبوسه لا لغرض كتجمل فلا يعفى إلا عن القليل على الأصح كما في التحقيق والمجموع.
وإن اقتضى كلام الروضة العفو عن كثير دم نحو الدمل وإن عصر واعتمده ابن النقيب والأذرعي.
ومحل العفو هنا وفيما يأتي بالنسبة للصلاة لا لنحو ماء قليل فينجس به وإن قل ولا أثر لملاقاة البدن له رطبا.
ولا يكلف تنشيف البدن لعسره.
وعن قليل نحو دم غيره أي أجنبي غير مغلظ بخلاف كثيرة.
ومنه كما قال الأذرعي: دم انفصل من بدنه ثم أصابه.
وعن قليل نحو دم حيض ورعاف كما في المجموع.
ويقاس بهما دم سائر المنافذ إلا الخارج من معدن النجاسة كمحل الغائط.
والمرجع في القلة والكثرة العرف وما شك في كثرته له حكم القليل.

(1/81)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولو تفرق النجس في محال ولو جمع كثر كان له حكم القليل عند الإمام والكثير عند المتولي والغزالي وغيرهما ورجحه بعضهم ويعفى عن دم نحو فصد وحجم بمحلهما وإن كثر.
وتصح صلاة من أدمى لثته قبل غسل الفم إذا لم يبتلع ريقه فيها لان دم اللثة معفو عنه بالنسبة إلى الريق.
ولو رعف قبل الصلاة ودام فإن رجا انقطاعه والوقت متسع انتظره وإلا تحفظ كالسلس خلافا لمن زعم انتظاره وإن خرج الوقت كما تؤخر لغسل ثوبه المتنجس وإن خرج ويفرق بقدرة هذا على إزالة النجس من أصله فلزمته بخلافه في مسألتنا.
وعن قليل طين محل مرور متيقن نجاسته ولو بمغلظ للمشقة ما لم تبق عينها متميزة.
ويختلف ذلك بالوقت ومحله من الثوب والبدن.
وإذا تعين عين النجاسة في الطريق ولو مواطئ كلب فلا يعفى عنها.
وإن عمت الطريق على الأوجه.
وأفتى شيخنا في طريق لا طين بها بل فيها قذر الآدمي وروث الكلاب والبهائم وقد أصابها المطر بالعفو عند مشقة الاحتراز.

(1/82)


ومحل استجماره وونيم ذباب وروث خفاش,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قاعدة مهمة: وهي أن ما أصله الطهارة وغلب على الظن تنجسه لغلبة النجاسة في مثله فيه قولان معروفان بقولي الأصل والظاهر أو الغالب أرجحهما أنه طاهر عملا بالأصل المتيقن لأنه أضبط من الغالب المختلف بالأحوال والأزمان وذلك كثياب خمار وحائض وصبيان وأواني متدينين بالنجاسة وورق يغلب نثره على نجس ولعاب صبي وجوخ اشتهر عمله بشحم الخنزير وجبن شامي اشتهر عمله بإنفحة الخنزير وقد جاءه صلى الله عليه وسلم جبنة من عندهم فأكل منها ولم يسأل عن ذلك ذكره شيخنا في شرح المنهاج.
ويعفى عن محل استجماره وعن ونيم ذباب وبول وروث خفاش في المكان وكذا الثوب والبدن وإن كثرت لعسر الاحتراز عنها ويعفى عما جف من ذرق سائر الطيور في المكان إذا عمت البلوى به.
وقضية كلام المجموع العفو عنه في الثوب والبدن أيضا1.
ولا يعفى عن بعر الفأر ولو يابسا على الأوجه لكن أفتى شيخنا ابن زياد كبعض المتأخرين بالعفو عنه إذا عمت البلوى به كعمومها في ذرق الطيور2.
__________
1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله تعالى عن هذا الحكم ضعيف.
2 وهذا الحكم أيضا ضعيف.

(1/83)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولا تصح صلاة من حمل مستجمرا أو حيوانا بمنفذه نجس أو مذكى غسل مذبحه دون جوفه أو ميتا طاهرا كآدمي وسمك يغسل باطنه أو بيضة مذرة في باطنها دم ولا صلاة قابض طرف متصل بنجس وإن لم يتحرك بحركته.
فرع: لو رأى من يريد صلاة وبثوبه نجس غير معفو عنه لزمه إعلامه وكذا يلزم تعليم من رآه يخل بواجب عبادة في رأي مقلده.
تتمة: [في بيان أحكام الاستنجاء وآداب دخول الخلاء] : يجب الاستنجاء من كل خارج ملوث بماء.
ويكفي فيه غلبة ظن زوال النجاسة ولا يسن حينئذ شم يده وينبغي الاسترخاء لئلا يبقى أثرها في تضاعيف شرج المقعدة أو بثلاث مسحات تعم المحل في كل مرة مع تنقية بجامد قالع.
ويندب لداخل الخلاء أن يقدم يساره ويمينه لانصرافه بعكس المسجد وينحي ما عليه معظم من قرآن واسم نبي أو ملك ولو مشتركا كعزيز وأحمد إن قصد به معظم ويسكت حال خروج خارج ولو عن غير ذكر وفي غير حال الخروج عن ذكر ويبعد ويستتر.
وأن لا يقضي حاجته في ماء مباح راكد ما لم يستبحر ومتحدث غير مملوك لأحد وطريق وقيل: يحرم التغوط فيها وتحت مثمر بملكه أو مملوك علم رضا مالكه وإلا حرم ولا يستقبل عين

(1/84)


وثالثها: ستر رجل وأمة ما بين سرة وركبة,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
القبلة ولا يستدبرها ويحرمان في غير المعد وحيث لا ساتر فلو استقبلها بصدره وحول فرجه عنها ثم بال لم يضر بخلاف عكسه.
ولا يستاك ولا يبزق في بوله.
وأن يقول عند دخوله: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث. [البخاري رقم: 142 ومسلم رقم: 375]
والخروج: غفرانك الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني وبعد الاستنجاء: اللهم طهر قلبي من النفاق وحصن فرجي من الفواحش. [قال الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء هكذا وقع في نسخ الإحياء عن أبي سعيد وإنما هو عن أم معبد وكذا رواه الخطيب في التاريخ دون قوله: وفرجي من الزنا وزاد: وعملي من الرياء وعيني من الخيانة وإسناده ضعيف. انتهى] .
قال البغوي: لو شك بعد الاستنجاء هل غسل ذكره لم تلزمه إعادته.
ثالثها: أي شروط الصلاة ستر رجل ولو صبيا وأمة ولو مكاتبة وأم ولد ما بين سرة وركبة لهما ولو خاليا في ظلمة للخبر الصحيح: لا يقبل الله صلاة حائض أي بالغ إلا بخمار. [الترمذي رقم: 277, أبو داود رقم: 641, ابن ماجه رقم: 655, مسند أحمد رقم: 24641, 25305, 25694] .
ويجب ستر جزء منهما ليتحقق به ستر العورة.

(1/85)


وحرة غير وجه وكفين بما لا يصف لونا إن قدر عليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وستر حرة ولو صغيرة غير وجه وكفين ظهرهما وبطنهما إلى الكوعين.
بما لا يصف لونا أي لون البشرة في مجلس التخاطب كذا ضبطه بذلك أحمد بن موسى بن عجيل.
ويكفي ما يحكي لحجم الأعضاء لكنه خلاف الأولى.
ويجب الستر من الأعلى والجوانب لا من الأسفل إن قدر أي كل من الرجل والحرة والأمة. عليه أي الستر.
أما العاجز عما يستر العورة فيصلي وجوبا عاريا بلا إعادة ولو مع وجود ساتر متنجس تعذر غسله لا من أمكنه تطهيره وإن خرج الوقت ولو قدر على ساتر بعض العورة لزمه الستر بما وجد وقدم السوأتين فالقبل فالدبر ولا يصلي عاريا مع وجود حرير بل لابسا له لأنه يباح للحاجة ويلزم التطيين لو عدم الثوب أو نحوه.
ويجوز لمكتس اقتداء بعار وليس للعاري غصب الثوب.
ويسن للمصلي أن يلبس أحسن ثيابه ويرتدي ويتعمم ويتقمص ويتطيلس ولو كان عنده ثوبان فقط لبس أحدهما وارتدى بالآخر إن كان ثم سترة وإلا جعله مصلى كما أفتى به شيخنا.
فرع يجب هذا الستر خارج الصلاة أيضا ولو بثوب نجس أو

(1/86)


ورابعها: معرفة دخول الوقت فوقت ظهر من زوال إلى مصير ظل شيء مثله غير ظل استواء فعصر إلى غروب فمغرب إلى مغيب الشفق الأحمر فعشاء إلى فجر صادق فصبح
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حرير لم يجد غيره حتى في الخلوة لكن الواجب فيها ستر سوأتي الرجل وما بين سرة وركبة غيره.
ويجوز كشفها في الخلوة ولو من المسجد لأدنى غرض كتبريد وصيانة ثوب من الدنس والغبار عند كنس البيت وكغسل.
ورابعها: معرفة دخول وقت يقينا أو ظنا. فمن صلى بدونها لم تصح صلاته وإن وقعت في الوقت لان الاعتبار في العبادات بما في ظن المكلف وبما في نفس الأمر وفي العقود بما في نفس الأمر فقط.
فوقت ظهر من زوال الشمس إلى مصير ظل كل شيء مثله غير ظل استواء أي الظل الموجود عنده إن
وجد. وسميت بذلك لأنها أول صلاة ظهرت.
ف وقت عصر من آخر وقت الظهر إلى غروب جميع قرص شمس ف وقت مغرب من الغروب إلى مغيب الشفق الأحمر ف وقت عشاء من مغيب الشفق.
قال شيخنا: وينبغي ندب تأخيرها لزوال الأصفر والأبيض خروجا من خلاف من أوجب ذلك.
ويمتد إلى طلوع فجر صادق ف وقت صبح من طلوع الفجر الصادق

(1/87)


إلى طلوع الشمس.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لا الكاذب إلى طلوع بعض
الشمس والعصر هي الصلاة الوسطى لصحة الحديث به. فهي أفضل الصلوات ويليها الصبح ثم العشاء ثم الظهر ثم المغرب كما استظهره شيخنا من الأدلة.
وإنما فضلوا جماعة الصبح والعشاء لأنها فيهما أشق.
قال الرافعي: كانت الصبح صلاة آدم والظهر صلاة داود والعصر صلاة سليمان والمغرب صلاة يعقوب والعشاء صلاة يونس عليهم الصلاة والسلام. انتهى.
واعلم أن الصلاة تجب بأول الوقت وجوبا موسعا فله التأخير عن أوله إلى وقت يسعها بشرط أن يعزم
على فعلها فيه ولو أدرك في الوقت ركعة لا دونها فالكل أداء وإلا فقضاء.
ويأثم بإخراج بعضها عن الوقت وإن أدرك ركعة. نعم لو شرع في غير الجمعة وقد بقي ما يسعها جاز له بلا كراهة أن يطولها بالقراءة أو الذكر حتى يخرج الوقت وإن لم يوقع منها ركعة فيه على المعتمد فإن لم يبق من الوقت ما يسعها أو كانت جمعة لم يجز المد.
ولا يسن الاقتصار على أركان الصلاة لإدراك كلها في الوقت.
فرع يندب تعجيل صلاة ولو عشاء لأول وقتها لخبر: أفضل الأعمال الصلاة لأول وقتها. [البخاري رقم: 537, مسلم رقم: 85] .

(1/88)


0000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وتأخيرها عن أوله لتيقن جماعة أثناءه وإن فحش التأخير مالم يضق الوقت ولظنها إذا لم يفحش عرفا لا لشك فيها مطلقا.
والجماعة القليلة أول الوقت أفضل من الكثيرة آخره. ويؤخر المحرم صلاة العشاء وجوبا لأجل خوف فوات حج بفوت الوقوف بعرفة لو صلاها متمكنا لان قضاءه صعب. والصلاة تؤخر لأنها أسهل من مشقته ولا يصليها صلاة شدة الخوف. ويؤخر أيضا وجوبا من رأى نحو غريق أو أسير لو أنقذه خرج الوقت.
فرع يكره النوم بعد دخول وقت الصلاة وقبل فعلها حيث ظن الاستيقاظ قبل ضيقه لعادة أو لإيقاظ غيره له وإلا حرم النوم الذي لم يغلب في الوقت.
فرع يكره تحريما صلاة لا سبب لها كالنفل المطلق ومنه صلاة التسابيح أو لها سبب متأخر كركعتي
استخارة وإحرام بعد أداء صبح حتى ترتفع الشمس كرمح وعصر حتى تغرب وعند استواء غير يوم الجمعة.
لا ما له سبب متقدم كركعتي وضوء وطواف وتحية وكسوف وصلاة جنازة ولو على غائب وإعادة مع
جماعة ولو إماما وكفائتة فرض أو نفل لم يقصد تأخيرها للوقت المكروه ليقضيها فيه أو يداوم عليه.
فلو تحرى إيقاع صلاة غير صاحبة الوقت في الوقت

(1/89)


وخامسها: استقبال القبلة إلا في شدة خوف ونفل سفر مباح.
وعلى ماش إتمام ركوع وسجود واستقبال فيهما وفي تحرم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المكروه من حيث كونه مكروها فتحرم مطلقا ولا تنعقد ولو فائتة يجب قضاؤها فورا لأنه معاند للشرع.
وخامسها: استقبال عين القبلة أي الكعبة بالصدر. فلا يكفي استقبال جهتها خلافا لأبي حنيفة رحمه الله تعالى إلا في حق العاجز عنه وفي صلاة شدة خوف ولو فرضا فيصلي كيف أمكنه ماشيا وراكبا
مستقبلا أو مستدبرا كهارب من حريق وسيل وسبع وحية ومن دائن عند إعسار وخوف حبس.
ولا في نفل سفر مباح لقاصد محل معين فيجوز النفل راكبا وماشيا فيه ولو قصيرا.
نعم يشترط أن يكون مقصده على مسافة لا يسمع النداء من بلده بشروطه المقررة في الجمعة.
وخرج بالمباح سفر المعصية فلا يجوز ترك القبلة في النفل لآبق ومسافر عليه دين حال قادر عليه من غير إذن دائنه.
ويجب على ماش إتمام ركوع وسجود لسهولة ذلك عليه.
وعلى راكب إيماء بهما. واستقبال فيهما وفي تحرم وجلوس بين السجدتين فلا يمشي إلا في القيام والاعتدال والتشهد والسلام.
ويحرم انحرافه عن استقبال صوب مقصده عامدا عالما مختارا إلا

(1/90)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إلى القبلة. ويشترط ترك فعل كثير كعدو وتحريك رجل بلا حاجة وترك تعمد وطئ نجس ولو يابسا وإن عم الطريق ولا يضر وطئ يابس خطأ ولا يكلف ماش التحفظ عنه.
ويجب الاستقبال في النفل لراكب سفينة غير ملاح.
واعلم أيضا أنه يشترط أيضا1 في صحة الصلاة العلم بفرضية الصلاة. فلو جهل فرضية أصل الصلاة أو صلاته
التي شرع فيها لم تصح كما في المجموع والروضة. وتمييز فروضها من سننها. نعم إن اعتقد العامي أو العالم على الأوجه الكل فرضا صحت أو سنة فلا. والعلم بكيفيتها الآتي بيانها قريبا إن شاء الله تعالى.
__________
1 في نسخة: واعلم أيضا أنه يشترط بدلا من واعلم أنه يشترط أيضا.

(1/91)


فصل في صفة الصلاة
أركان الصلاة: 1- نية,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل: في صفة الصلاة.
أركان الصلاة أي فروضها: أربعة عشر بجعل الطمأنينة في محالها ركنا واحدا.
__________
1- أحدها: نية وهي القصد بالقلب لخبر: "إنما الأعمال بالنيات". [البخاري رقم: 1 مسلم رقم: 1907]

(1/91)


فيجب فيها قصد فعلها وتعيينها ولو نفلا ونية فرض فيه كأصلي فرض الظهر,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فيجب فيها أي النية.
قصد فعلها أي الصلاة لتتميز عن بقية الأفعال وتعيينها من ظهر أو غيرها لتتميز عن غيرها فلا يكفي نية فرض الوقت.
ولو كانت الصلاة المفعولة نفلا غير مطلق كالرواتب والسنن المؤقتة أو ذات السبب فيجب فيها التعيين
بالإضافة إلى ما يعينها كسنة الظهر القبلية أو البعدية وإن لم يؤخر القبلية. ومثلها كل صلاة لها سنة قبلها وسنة بعدها وكعيد الأضحى أو الأكبر أو الفطر أو الأصغر فلا يكفي صلاة العيد والوتر سواء الواحدة والزائدة عليها ويكفي نية الوتر من غير عدد. ويحمل على ما يريده على الأوجه ولا يكفي فيه نية سنة العشاء أو راتبتها والتراويح والضحى وكاستسقاء وكسوف شمس أو قمر.
أما النفل المطلق فلا يجب فيه تعيين بل يكفي فيه نية فعل الصلاة كما في ركعتي التحية والوضوء والاستخارة وكذا صلاة الأوابين على ما قاله شيخنا ابن زياد والعلامة السيوطي رحمهما الله تعالى.
والذي جزم به شيخنا في فتاويه أنه لا بد فيها من التعين كالضحى.
وتجب نية فرض فيه أي في الفرض ولو كفاية أو نذرا وإن كان الناوي صبيا ليتميز عن النفل.
كأصلي فرض الظهر مثلا أو فرض

(1/92)


وسن إضافة إلى الله وتعرض لأداء أو قضاء ولاستقبال وعدد ركعات ونطق بمنوي.
وتكبير تحرم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الجمعة وإن أدرك الإمام في تشهدها.
وسن في النية إضافة إلى الله تعالى خروجا من خلاف من أوجبها وليتحقق معنى الإخلاص.
وتعرض لأداء أو قضاء ولا يجب وإن كان عليه فائتة مماثلة للمؤداة خلافا لما اعتمده الأذرعي.
والأصح صحة الأداء بنية القضاء وعكسه إن عذر بنحو غيم وإلا بطلت قطعا لتلاعبه.
وتعرض لاستقبال وعدد ركعات للخروج من خلاف من أوجب التعرض لهما.
وسن نطق بمنوي قبل التكبير ليساعد اللسان القلب وخروجا من خلاف من أوجبه.
ولو شك: هل أتى بكمال النية أو لا؟ أو هل نوى ظهرا أو عصرا؟ فإن ذكر بعد طول زمان أو بعد إتيانه بركن ولو قوليا كالقراءة بطلت صلاته أو قبلهما فلا.
وثانيها: تكبير تحرم للخبر المتفق عليه: "إذا قمت إلى الصلاة فكبر" [البخاري رقم: 757, مسلم رقم: 397] , سمي بذلك لان المصلي يحرم عليه به ما كان حلالا له قبله من مفسدات الصلاة.

(1/93)


مقرونا به النية ويتعين: الله أكبر,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وجعل فاتحة الصلاة ليستحضر المصلي معناه الدال على عظمة من تهيأ لخدمته حتى تتم له الهيبة والخشوع ومن ثم زيد في تكراره ليدوم استصحاب ذينك في جميع صلاته.
مقرونا به أي بالتكبير النية لان التكبير أول أركان الصلاة فتجب مقارنتها به بل لا بد أن يستحضر كل معتبر فيها مما مر وغيره كالقصر للقاصر وكونه إماما أو مأموما في الجمعة والقدوة لمأموم في غيرها مع ابتدائه. ثم يستمر مستصحبا لذلك كله إلى الراء.
وفي قول صححه الرافعي يكفي قرنها بأوله. وفي المجموع والتنقيح المختار ما اختاره الإمام والغزالي: أنه يكفي فيها المقارنة العرفية عند العوام بحيث يعد مستحضرا للصلاة. وقال ابن الرفعة: إنه الحق الذي لا يجوز سواه. وصوبه السبكي وقال: من لم يقل به وقع في الوسواس المذموم.
وعند الأئمة الثلاثة: يجوز تقديم النية على التكبير بالزمن اليسير.
ويتعين فيه على القادر لفظ: الله أكبر للاتباع أو الله الأكبر ولا يكفي أكبر الله ولا الله كبير أو أعظم ولا الرحمن أكبر.
ويضر إخلال بحرف من الله أكبر وزيادة حرف يغير المعنى كمد همزة الله وكألف بعد الباء وزيادة واو قبل الجلالة وتخلل واو ساكنة ومتحركة بين الكلمتين وكذا زيادة مد الألف التي بين اللام والهاء إلى حد لا يراه أحد من القراء ولا يضر وقفة يسيرة بين كلمتيه

(1/94)


ويجب إسماعه نفسه كسائر ركن قولي وسن جزم رائه ورفع كفيه بكشف حذو منكبيه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وهي سكتة التنفس ولا ضم الراء.
فرع لو كبر مرات ناويا الافتتاح بكل: دخل فيها بالوتر وخرج منها بالشفع لأنه لما دخل بالأولى خرج بالثانية لان نية الافتتاح بها متضمنة لقطع الأولى وهكذا فإن لم ينو ذلك ولا تخلل مبطل كإعادة لفظ النية فما بعد الأولى ذكر لا يؤثر.
ويجب إسماعه أي التكبير نفسه إن كان صحيح السمع ولا عارض من نحو لغط.
كسائر ركن قولي من الفاتحة والتشهد والسلام ويعتبر إسماع المندوب القولي لحصول السنة.
وسن جزم رائه أي التكبير خروجا من خلاف من أوجبه.
وجهر به لإمام كسائر تكبيرات الانتقالات.
ورفع كفيه أو إحداهما إن تعسر رفع الأخرى.
بكشف أي مع كشفهما ويكره خلافه ومع تفريق أصابعهما تفريقا وسطا.
حذو أي مقابل منكبيه بحيث يحاذي أطراف أصابعه أعلى

(1/95)


مع تحرم وركوع ورفع منه ومن تشهد أول ووضعهما تحت صدره آخذا بيمينه يساره.
3- وقيام قادر في فرض.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أذنيه وإبهاماه شحمتي أذنيه وراحتاه منكبيه للاتباع وهذه الكيفية تسن مع جميع تكبير تحرم بأن يقرنه به ابتداء وينهيهما معا ومع ركوع للاتباع الوارد من طرق كثيرة ورفع منه أي من الركوع ورفع من تشهد أول للاتباع فيهما.
ووضعهما تحت صدره وفوق سرته للاتباع آخذا بيمينه كوع يساره وردهما من الرفع إلى تحت الصدر أولى من إرسالهما بالكلية ثم استئناف رفعهما إلى تحت الصدر.
قال المتولي واعتمده غيره: ينبغي أن ينظر قبل الرفع والتكبير إلى موضع سجوده ويطرق رأسه قليلا ثم يرفع.
3- وثالثها: قيام قادر عليه بنفسه أو بغيره في فرض ولو منذورا أو معادا.
ويحصل القيام بنصب فقار ظهره أي عظامه التي هي مفاصله ولو باستناد إلى شيء بحيث لو زال لسقط.
ويكره الاستناد لا بانحناء إن كان أقرب إلى أقل الركوع إن لم يعجز عن تمام الانتصاب.

(1/96)


ولعاجز شق عليه قيام صلاة قاعدا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولعاجز شق عليه قيام بأن لحقه به مشقة شديدة بحيث لا تحتمل عادة.
وضبطها الإمام بأن تكون بحيث يذهب معها خشوعه.
صلاة قاعدا كراكب سفينة خاف نحو دوران رأس إن قام وسلس لا يستمسك حدثه إلا بالقعود.
وينحني القاعد للركوع بحيث تحاذي جبهته ما قدام ركبتيه.
فرع قال شيخنا: يجوز لمريض أمكنه القيام بلا مشقة لو انفرد لا إن صلى في جماعة إلا مع جلوس في بعضها الصلاة معهم مع الجلوس في بعضها وإن كان الأفضل الانفراد وكذا إذا قرأ الفاتحة فقط لم يقعد أو والسورة قعد فيها جاز له قراءتها مع القعود وإن كان الأفضل تركها. انتهى.
والأفضل للقاعد الافتراش ثم التربع ثم التورك فإن عجز عن الصلاة قاعدا صلى مضطجعا على جنبه مستقبلا للقبلة بوجهه ومقدم بدنه.
ويكره على الجنب الأيسر بلا عذر. فمستلقيا على ظهره وأخمصاه إلى القبلة ويجب أن يضع تحت رأسه نحو مخدة ليستقبل بوجهه القبلة وأن يومئ إلى صوب القبلة راكعا وساجدا وبالسجود أخفض

(1/97)


كمتنفل.
4- وقراءة فاتحة كل ركعة إلا ركعة مسبوق
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من الإيماء إلى الركوع إن عجز عنهما فإن عجز عن الإيماء برأسه أومأ بأجفانه فإن عجز أجرى أفعال الصلاة على قلبه فلا تسقط عنه الصلاة ما دام عقله ثابتا.
وإنما أخروا القيام عن سابقيه مع تقدمه عليهما لأنهما ركنان حتى في النفل وهو ركن في الفريضة فقط.
كمتنفل فيجوز له أن يصلي النفل قاعدا ومضطجعا مع القدرة على القيام أو القعود. ويلزم المضطجع القعود للركوع والسجود أما مستلقيا فلا يصح مع إمكان الاضطجاع.
وفي المجموع: إطالة القيام أفضل من تكثير الركعات.
وفي الروضة: تطويل السجود أفضل من تطويل الركوع.
ورابعها: قراءة فاتحة كل ركعة في قيامها لخبر الشيخين:
"لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب". [البخاري رقم: 756, مسلم رقم: 394] أي: في كل ركعة.
إلا ركعة مسبوق فلا تجب عليه فيها حيث لم يدرك زمنا يسع الفاتحة من قيام الإمام ولو في كل الركعات لسبقه في الأولى وتخلف المأموم عنه بزحمة أو نسيان أو بطء حركة فلم يقم من السجود في كل

(1/98)


مع بسملة وتشديدات ورعاية حروف ومخارجها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مما بعدها إلا والإمام راكع فيتحمل الإمام المتطهر في غير الركعة الزائدة الفاتحة أو بقيتها عنه.
ولو تأخر مسبوق لم يشتغل بسنة لإتمام الفاتحة فلم يدرك الإمام إلا وهو معتدل لغت ركعته.
مع بسملة أي مع قراءة البسملة فإنها آية منها لأنه ص قرأها ثم الفاتحة وعدها آية منها وكذا من كل سورة غير براءة ومع تشديدات فيها وهي أربع عشرة لان الحرف المشدد بحرفين فإذا خفف بطل منها حرف.
ومع رعاية حروف فيها وهي على قراءة ملك بلا ألف مائة وواحد وأربعون حرفا وهي مع تشديداتها مائة وخمسة وخمسون حرفا.
ومخارجها أي: الحروف كمخرج ضاد وغيرها فلو أبدل قادر أو من أمكنه التعلم حرفا بآخر ولو ضادا بظاء أو لحن لحنا يغير المعنى ككسر تاء {أَنْعَمْتَ} أو ضمها وكسر كاف {إِيَّاكَ} لا ضمها فإن تعمد ذلك وعلم تحريمه بطلت صلاته وإلا فقراءته نعم إن أعاده الصواب قبل طول الفصل كمل عليها.
أما عاجز لم يمكنه التعلم فلا تبطل قراءته مطلقا وكذا لاحن لحنا لا يغير المعنى كفتح دال {نَعْبُدُ} لكنه إن تعمد حرم وإلا كره.
ووقع خلاف بين المتقدمين والمتأخرين في الهمد لله بالهاء,

(1/99)


وموالاة فيعيد بتخلل ذكر أجنبي لا بتأمين وسجود ودعاء لقراءة إمامه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وفي النطق بالقاف المترددة بينها وبين الكاف وجزم شيخنا في شرح المنهاج بالبطلان فيهما إلا إن تعذر عليه التعلم قبل خروج الوقت لكن جزم بالصحة في الثانية شيخه زكريا وفي الأولى القاضي وابن الرفعة.
ولو خفف قادر أو عاجز مقصر مشددا كأن قرأ {أل رحمن} بفك الإدغام بطلت صلاته إن تعمد وعلم وإلا فقراءته لتلك الكلمة ولو خفف {إِيَّاكَ} عامدا عالما معناه كفر لأنه ضوء الشمس وإلا سجد للسهو.
ولو شدد مخففا صح ويحرم تعمده كوقفة لطيفة بين السين والتاء من {نَسْتَعِينُ} .
ومع رعاية موالاة فيها بأن يأتي بكلماتها على الولاء بأن لا يفصل بين شيء منها وما بعده بأكثر من سكتة التنفس أو العي.
فيعيد قراءة الفاتحة بتخلل ذكر أجنبي لا يتعلق بالصلاة فيها وإن قل كبعض آية من غيرها وكحمد عاطس وإن سن فيها كخارجها لإشعاره بالإعراض.
ولا يعيد الفاتحة ب تخلل ما له تعلق بالصلاة ك تأمين وسجود لتلاوة إمامه معه ودعاء من سؤال رحمة واستعاذة من عذاب وقول: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين.
لقراءة إمامه الفاتحة أو آية السجدة أو الآية التي يسن فيها ما ذكر لكل

(1/100)


وبفتح عليه وسكوت طال بلا عذر ولا أثر لشك في ترك حرف بعد تمامها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من القارئ والسامع مأموما أو غيره في صلاة وخارجها.
فلو قرأ المصلي آية أو سمع آية فيها اسم محمد ص لم تندب الصلاة عليه كما أفتى به النووي.
ولا بفتح عليه أي الإمام إذا توقف فيها بقصد القراءة ولو مع الفتح ومحله كما قال شيخنا إن سكت وإلا قطع الموالاة.
وتقديم نحو سبحان الله قبل الفتح يقطعها على الأوجه لأنه حينئذ بمعنى تنبه.
ويعيد الفاتحة بتخلل سكوت طال فيها بحيث زاد على سكتة الاستراحة بلا عذر فيهما من جهل وسهو.
فلو كان تخلل الذكر الأجنبي أو السكوت الطويل سهوا أو جهلا أو كان السكوت لتذكر آية لم يضر كما لو كرر آية منها في محلها ولو لغير عذر أو عاد إلى ما قرأه قبل واستمر على الأوجه.
فرع لو شك في أثناء الفاتحة هل بسمل فأتمها ثم ذكر أنه بسمل أعاد كلها على الأوجه.
ولا أثر لشك في ترك حرف فأكثر من الفاتحة أو آية فأكثر منها بعد تمامها أي الفاتحة لان الظاهر حينئذ مضيها تامة.

(1/101)


واستأنف قبله وسن بعد تحرم افتتاح ما لم يشرع
ـــــــــــــــــــــــــــــ
واستأنف وجوبا إن شك فيه قبله أي التمام كما لو شك هل قرأها أو لا؟ لان الأصل عدم قراءتها.
وكالفاتحة في ذلك سائر الأركان فلو شك في أصل السجود مثلا أتى به أو بعده في نحو وضع اليد لم يلزمه شيء ولو قرأها غافلا ففطن عند {صِرَاطَ الَّذِينَ} ولم يتيقن قراءتها لزمه استئنافها.
ويجب الترتيب في الفاتحة بأن يأتي بها على نظمها المعروف لا في التشهد ما لم يخل بالمعنى.
لكن يشترط فيه رعاية تشديدات وموالاة كالفاتحة.
ومن جهل جميع الفاتحة ولم يمكنه تعلمها قبل ضيق الوقت ولا قراءتها في نحو مصحف لزمه قراءة سبع آيات ولو متفرقة لا ينقض حروفها عن حروف الفاتحة وهي بالبسملة بالتشديدات مائة وستة وخمسون حرفا بإثبات ألف {مَالِكِ} ولو قدر على بعض الفاتحة كرره ليبلغ قدرها وإن لم يقدر على بدل فسبعة أنواع من ذكر كذلك فوقوف بقدرها.
وسن وقيل: يجب بعد تحرم بفرض أو نفل ما عدا صلاة جنازة.
افتتاح أي دعاؤه سرا إن أمن فوت الوقت وغلب على ظن المأموم إدراك ركوع الإمام.
ما لم يشرع في تعوذ أو قراءة ولو سهوا.

(1/102)


أو يجلس مأموم وإن خاف فوت سورة فتعوذ كل ركعة,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أو يجلس مأموم مع إمامه وإن أمن مع تأمينه.
وإن خاف أي المأموم.
فوت سورة حيث تسن له كما ذكر شيخنا في شرح العباب وقال: لان إدراك الافتتاح محقق وفوات السورة موهوم وقد لا يقع.
وورد فيه أدعية كثيرة وأفضلها ما رواه مسلم وهي: وجهت وجهي أي ذاتي للذي فطر السموات والأرض حنيفا أي مائلا عن الأديان إلى الدين الحق مسلما وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين.
ويسن لمأموم يسمع قراءة إمامه الإسراع به ويزيد ندبا المنفرد وإمام محصورين غير أرقاء ولا نساء متزوجات رضوا بالتطويل لفظا ولم يطرأ غيرهم وإن قل حضوره ولم يكن المسجد مطروقا ما ورد في دعاء الافتتاح ومنه ما رواه الشيخان: [البخاري رقم: 744, ومسلم رقم: 598] : "اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسلني من خطاياي كما يغسل الثوب بالماء والثلج والبرد".
ف بعد افتتاح وتكبير صلاة عيد إن أتى بهما يسن تعوذ ولو في صلاة الجنازة سرا ولو في الجهرية.
وإن جلس مع إمامه كل ركعة ما لم

(1/103)


ووقف على رأس كل آية منها وتأمين عقبها ومع إمامه إن سمع,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يشرع في قراءة ولو سهوا وهو في الأولى آكد ويكره تركه.
ويسن وقف على رأس كل آية حتى على آخر البسملة خلافا لجمع منها أي من الفاتحة وإن تعلقت بما بعدها للاتباع والأولى أن لا يقف على {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} لأنه ليس بوقف ولا منتهى آية عندنا فإن وقف على هذا لم تسن الإعادة من أول الآية.
ويسن تأمين أي قوله: آمين بالتخفيف والمد وحسن زيادة: {رَبِّ الْعَالَمِينَ} عقبها أي الفاتحة ولو خارج الصلاة بعد سكتة لطيفة ما لم يتلفظ بشيء سوى رب اغفر لي.
ويسن الجهر به في الجهرية حتى للمأموم لقراءة إمام تبعا له.
وسن لمأموم في الجهرية تأمين مع تأمين إمامه إن سمع قراءته لخبر الشيخين [البخاري رقم: 780 ومسلم رقم: 410] : "إذا أمن الإمام" أي أراد التأمين فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه.
وليس لنا ما يسن فيه تحري مقارنة الإمام إلا هذا وإذا لم يتفق له موافقته أمن عقب تأمينه وإن أخر إمامه عن الزمن المسنون فيه التأمين أمن المأموم جهرا.
وآمين اسم فعل بمعنى استجب مبني على الفتح ويسكن عند الوقف.

(1/104)


وسن آية بعدها,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فرع يسن للإمام أن يسكت في الجهرية بقدر قراءة المأموم الفاتحة إن علم أنه يقرؤها في سكتة كما
هو ظاهر وأن يشتغل في هذه السكتة بدعاء أو قراءة وهي أولى قال شيخنا: وحينئذ فيظهر أنه يراعي الترتيب والموالاة بينها وبين ما يقرؤه وبعدها.
فائدة: يسن سكتة لطيفة بقدر سبحان الله بين آمين والسورة وبين آخرها وتكبيرة الركوع وبين التحرم ودعاء الافتتاح وبينه وبين التعوذ وبينه وبين البسملة.
وسن آية فأكثر والأولى ثلاث بعدها أي بعد الفاتحة ويسن لمن قرأها من أثناء سورة البسملة.
نص عليه الشافعي.
ويحصل أصل السنة بتكرير سورة واحدة في الركعتين وبإعادة الفاتحة إن لم يحفظ غيرها وبقراءة البسملة لا بقصد أنها التي هي أول الفاتحة وسورة كاملة حيث لم يرد البعض كما في التراويح أفضل من
بعض طويلة وإن طال ويكره تركها رعاية لمن أوجبها.
وخرج ببعدها ما لو قدمها عليها فلا تحسب بل يكره ذلك.
وينبغي أن لا يقرأ غير الفاتحة من يلحن فيه لحنا يغير المعنى وإن عجز عن التعلم لأنه يتكلم بما ليس بقرآن بلا ضرورة.

(1/105)


وفي الأوليين لغير مأموم سمع,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وترك السورة جائز ومقتضى كلام الإمام الحرمة1.
وتسن في الركعتين الأوليين من رباعية أو ثلاثية ولا تسن في الأخيرتين إلا لمسبوق بأن لم يدرك الأوليين مع إمامه فيقرؤها في باقي صلاته إذا تداركه ولم يكن قرأها فيما أدركه ما لم تسقط عنه لكونه مسبوقا
فيما أدركه لأن الإمام إذا تحمل عنه الفاتحة فالسورة أولى.
ويسن أن يطول قراءة الأولى على الثانية ما لم يرد نص بتطويل الثانية وأن يقرأ على ترتيب المصحف وعلى التوالي ما لم تكن التي تليها أطول ولو تعارض الترتيب وتطويل الأولى كأن قرأ الإخلاص فهل يقرأ الفلق نظرا للترتيب؟ أو الكوثر نظرا لتطويل الأولى؟ كل محتمل والأقرب الأول.
قاله شيخنا في شرح المنهاج وإنما تسن قراءة الآية لإمام ومنفرد.
ولغير مأموم سمع قراءة إمامه في الجهرية فتكره له وقيل: تحرم أما مأموم لم يسمعها أو سمع صوتا لا يميز حروفه فيقرأ سرا لكن يسن له كما في أوليي السرية تأخير فاتحته عن فاتحة إمامه إن ظن إدراكها قبل ركوعه وحينئذ يشتغل بالدعاء لا القراءة.
وقال المتولي وأقره ابن الرفعة: يكره الشروع فيها قبله ولو في السرقة للخلاف في الاعتداد بها حينئذ ولجريان قول بالبطلان إن فرغ
__________
1 أي: حرمة قراءة غير الفاتحة على من يلحن لحنا يغير المعنى.

(1/106)


وفي جمعة وعشائها الجمعة والمنافقون أو {سَبِّحِ} 87 سورة الأعلى {هَلْ أَتَاكَ} [88 سورة: الغاشية] وصبحها: {الم تَنْزِيلُ} [32 سورة السجدة] و {هَلْ أَتَى} [76 سورة الإنسان] ومغربها: الكافرون والإخلاص.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
منها قبله.
فرع يسن لمأموم فرغ من الفاتحة في الثالثة أو الرابعة أو من التشهد الأول قبل الإمام أن يشتغل بدعاء فيهما أو قراءة في الأولى وهي أولى.
ويسن للحاضر في صلاته جمعة وعشائها سورة الجمعة والمنافقون أو {سَبِّحِ} [87 سورة الأعلى] {وَهَلْ أَتَاكَ} [88 سورة الغاشية] وفي صبحها أي الجمعة إذا اتسع الوقت {الم تَنْزِيلُ} [32 سورة السجدة] السجدة و {هَلْ أَتَى} [76 سورة الإنسان] وفي مغربها الكافرون والإخلاص.
ويسن قراءتهما في صبح الجمعة وغيرها للمسافر وفي ركعتي الفجر والمغرب والطواف والتحية والاستخارة والإحرام للاتباع في الكل.

(1/107)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فرع لو ترك إحدى المعينتين في الأولى أتى بهما في الثانية أو قرأ في الأولى ما في الثانية قرأ فيها ما في الأولى.
ولو شرع في غير السورة المعينة ولو سهوا قطعها وقرأ المعينة ندبا وعند ضيق وقت: سورتان قصيرتان أفضل من بعض الطويلتين المعينتين خلافا للفارقي ولو لم يحفظ إلا إحدى المعينتين قرأها ويبدل الأخرى بسورة حفظها وإن فاته الولاء. ولو اقتدى في ثانية صبح الجمعة مثلا وسمع قراءة الإمام {هَلْ أَتَى} [76 سورة الإنسان] فيقرأ في ثانيته إذا قام بعد سلام الإمام الم تنزيل. [32 سورة السجدة] كما أفتى به الكمال الرداد وتبعه شيخنا في فتاويه لكن قضية كلامه في شرح المنهاج أنه يقرأ في ثانيته إذا قام {هَلْ أَتَى} [76 سورة الإنسان] وإذا قرأ الإمام غيرها قرأهما المأموم في ثانيته وإن أدرك الإمام في ركوع الثانية فكما لو لم يقرأ شيئا فيقرأ السجدة و {هَلْ أَتَى} [76 سورة الإنسان] في ثانيته كما أفتى به شيخنا.
تنبيه يسن الجهر بالقراءة لغير مأموم في صبح وأوليي العشاءين وجمعة وفيما يقضي بين غروب
الشمس وطلوعها وفي العيدين قال شيخنا: ولو قضاء والتراويح ووتر رمضان وخسوف القمر.
ويكره للمأموم الجهر للنهي عنه ولا يجهر مصل وغيره إن شوش على نحو نائم أو مصل فيكره.
كما في المجموع وبحث بعضهم المنع من الجهر بقرآن أو غيره بحضرة المصلي مطلقا لان المسجد

(1/108)


وتكبير في كل خفض ورفع لا من ركوع ومده وجهر به لإمام وكره لغيره.
5- وركوع بانحناء بحيث تنال راحتاه ركبتيه,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقف على المصلين أي أصالة دون الوعاظ والقراء ويتوسط بين الجهر والإسرار في النوافل المطلقة ليلا.
وسن لمنفرد وإمام ومأموم تكبير في كل خفض ورفع للاتباع لا في رفع من ركوع بل يرفع منه قائلا:
سمع الله لمن حمده وسن مده أي التكبير إلى أن يصل إلى المنتقل إليه وإن فصل بجلسة الاستراحة.
وسن جهر به أي بالتكبير للانتقال كالتحرم لإمام وكذا مبلغ احتيج إليه لكن إن نوى الذكر أو والأسماع وإلا بطلت صلاته. كما قال شيخنا في شرح المنهاج.
قال بعضهم: إن التبليغ بدعة منكرة باتفاق الأئمة الأربعة حيث بلغ المأمومين صوت الإمام.
وكره أي الجهر به. لغيره من منفرد ومأموم.
5- وخامسها: ركوع بانحناء بحيث تنال راحتاه وهما ما عدا الأصابع من الكفين فلا يكفي وصول
الأصابع ركبتيه لو أراد وضعهما عليهما عند اعتدال الخلقة. هذا أقل الركوع.

(1/109)


وسن تسوية ظهر وعنق وأخذ ركبتيه بكفيه وقول سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وسن في الركوع تسوية ظهر وعنق بأن يمدهما حتى يصيرا كالصفيحة الواحدة للاتباع.
وأخذ ركبتيه مع نصبهما وتفريقهما بكفيه مع كشفهما وتفرقة أصابعهما تفريقا وسطا.
وقول سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثا للاتباع وأقل التسبيح فيه وفي السجود مرة ولو بنحو سبحان الله وأكثره إحدى عشرة. ويزيد من مر ندبا: اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي وشعري وبشري وما استقلت به قدمي أي جميع جسدي لله رب العالمين.
[مسلم رقم: 771, أبو داود رقم: 760 الترمذي رقم: 3421 النسائي رقم: 150] .
ويسن فيه وفي السجود: سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي. [البخاري رقم: 794 ومسلم رقم: 484] .
ولو اقتصر على التسبيح أو الذكر فالتسبيح أفضل وثلاث تسبيحات مع اللهم لك ركعت إلى آخره أفضل من زيادة التسبيح إلى إحدى عشرة.
ويكره الاقتصار على أقل الركوع والمبالغة في خفض الرأس عن الظهر فيه.

(1/110)


6- واعتدال بعود لبدء ويسن أن يقول في رفعه: سمع الله لمن حمده وبعد انتصاب ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويسن لذكر أن يج افي مرفقيه عن جنبيه وبطنه عن فخذيه في الركوع والسجود ولغيره أن يضم فيهما بعضه لبعض.
تنبيه: يجب أن لا يقصد بالهوي للركوع غيره فلو هوي لسجود تلاوة فلما بلغ حد الركوع جعله ركوعا لم يكف بل يلزمه أن ينتصب ثم يركع كنظيره من الاعتدال والسجود والجلوس بين السجدتين.
ولو شك غير مأموم وهو ساجد هل ركع؟ لزمه الانتصاب فورا ثم الركوع ولا يجوز له القيام راكعا.
6- وسادسها اعتدال ولو في نفل على المعتمد ويتحقق بعود بعد الركوع لبدء بأن يعود لما كان عليه قبل ركوعه قائما كان أو قاعدا ولو شك في إتمامه عاد إليه غير المأموم فورا وجوبا وإلا بطلت صلاته.
والمأموم يأتي بركعة بعد سلام إمامه.
ويسن أن يقول في رفعه من الركوع سمع الله لمن حمده أي تقبل منه حمده والجهر به لإمام ومبلغ لأنه ذكر انتقال.
وأن يقول بعد انتصاب للاعتدال: ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد, [مسلم رقم: 476] أي:

(1/111)


وقنوت بصبح ووتر نصف أخير من رمضان وبسائر مكتوبة لنازلة رافعا يديه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بعدهما كالكرسي والعرش وملء بالرفع صفة وبالنصب حال أي مالئا بتقدير كونه جسما وأن يزيد من مر: أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد [مسلم رقم: 477] .
وسن قنوت بصبح أي في اعتدال ركعته الثانية بعد الذكر الراتب على الأوجه وهو إلى من شيء بعد.
واعتدال آخره وتر نصف أخير من رمضان للاتباع ويكره في النصف الأول كبقية السنة.
وبسائر مكتوبة من الخمس في اعتدال الركعة الأخيرة ولو مسبوقا قنت مع إمامه لنازلة نزلت بالمسلمين.
ولو واحدا تعدى نفعه كأسر العالم أو الشجاع وذلك للاتباع وسواء فيها الخوف ولو من عدو مسلم والقحط والوباء.
وخرج بالمكتوبة النفل ولو عيدا والمنذورة فلا يسن فيهما.
رافعا يديه حذو منكبيه ولو حال الثناء كسائر الأدعية للاتباع وحيث دعا لتحصيل شيء كدفع بلاء عنه في بقية عمره جعل بطن كفيه إلى السماء أو لرفع بلاء وقع به جعل ظهرهما إليها.
ويكره الرفع لخطيب حالة الدعاء.

(1/112)


بنحو: اللهم اهدني فيمن هديت إلى آخره,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بنحو: اللهم اهدني فيمن هديت إلى آخره أي وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت أي معهم لا ندرج في سلكهم وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت فلك الحمد على ما قضيت أستغفرك وأتوب إليك. [أبو داود رقم: 425, 1426, الترمذي رقم: 464, النسائي, رقم: 1745, ابن ماجه رقم: 1178, البيهقي 2/209] .
وتسن آخره الصلاة والسلام على النبي ص وعلى آله ولا تسن أوله.
ويزيد فيه من مر قنوت عمر الذي كان يقنت به في الصبح وهو: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونستهديك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونثني عليك الخير كله نشكرك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك.
اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد أي نسرع نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك الجد بالكفار ملحق. [الأذكار رقم: 355] .
ولما كان قنوت الصبح المذكور أولا ثابتا عن النبي ص قدم على هذا فمن ثم لو أراد أحدهما فقط اقتصر على الأول.
ولا يتعين كلمات القنوت فيجزئ عنها آية تضمنت دعاء إن قصده كآخر البقرة وكذا دعاء محض ولو غير مأثور.

(1/113)


وجهر به إمام وأمن مأموم سمع وكره لإمام تخصيص نفسه بدعاء.
7- وسجود مرتين على غير محمول وإن تحرك بحركته
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال شيخنا: والذي يتجه أن القانت لنازلة يأتي بقنوت الصبح ثم يختم بسؤال رفع تلك النازلة.
وجهر به أي القنوت ندبا إمام ولو في السرية لا مأموم لم يسمعه ومنفرد فيسران به مطلقا.
وأمن جهرا مأموم سمع قنوت إمامه للدعاء منه ومن الدعاء: الصلاة على النبي ص فيؤمن لها على الأوجه.
أما الثناء وهو: فإنك تقضي إلى آخره فيقوله سرا أما مأموم لم يسمعه أو سمع صوتا لا يفهمه فيقنت سرا.
وكره لإمام تخصيص نفسه بدعاء أي بدعاء القنوت للنهي عن تخصيص نفسه بالدعاء فيقول الإمام: اهدنا وما عطف عليه بلفظ الجمع وقضيته أن سائر الأدعية كذلك ويتعين حمله على ما لم يرد عنه ص وهو إمام بلفظ الأفراد وهو كثير.
قال بعض الحفاظ: إن أدعيته كلها بلفظ الإفراد ومن ثم جرى بعضهم على اختصاص الجمع بالقنوت.
7- وسابعها: سجود مرتين كل ركعة على غير محمول له وإن تحرك بحركته ولو نحو سرير يتحرك بحركته لانه ليس بمحمول له فلا يضر السجود عليه كما إذا سجد على محمول لم يتحرك بحركته

(1/114)


مع تنكيس بوضع بعض جبهته بكشف وتحامل وركبتيه وبطن كفيه وأصابع قدميه,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كطرف من ردائه الطويل.
وخرج بقولي: على غير محمول له ما لو سجد على محمول يتحرك بحركته كطرف من عمامته فلا يصح فإن سجد عليه بطلت الصلاة إن تعمد وعلم تحريمه وإلا أعاد السجود.
ويصح على يد غيره وعلى نحو منديل بيده لأنه في حكم المنفصل ولو سجد على شيء فالتصق بجبهته صح ووجب إزالته للسجود الثاني.
مع تنكيس بأن ترتفع عجيزته وما حولها على رأسه ومنكبيه للاتباع فلو انعكس أو تساويا لم يجزئه.
نعم إن كان به علة لا يمكنه معها السجود إلا كذلك أجزأه.
بوضع بعض جبهته بكشف أي مع كشف فإن كان عليها حائل كعصابة لم يصح إلا أن يكون لجراحة وشق عليه إزالته مشقة شديدة فيصح.
ومع تحامل بجبهته فقط على مصلاه بأن ينال ثقل رأسه خلافا للإمام.
ووضع بعض ركبتيه وبعض بطن كفيه من الراحة وبطون الأصابع وبعض بطن أصابع قدميه دون ما عدا ذلك كالحرف وأطراف الأصابع وظهرهما ولو قطعت أصابع قدميه وقدر على وضع شيء من بطنهما لم

(1/115)


وسن وضع أنف وقول سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاثا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يجب كما اقتضاه كلام الشيخين.
ولا يجب التحامل عليها بل يسن ككشف غير الركبتين.
وسن في السجود وضع أنف بل يتأكد لخبر صحيح [رواه أبو داود رقم: 730] ومن ثم اختير وجوبه.
ويسن وضع الركبتين أولا متفرقتين قدر شبر ثم كفيه حذو منكبيه رافعا ذراعيه عن الأرض وناشرا أصابعه مضمومة للقبلة ثم جبهته وأنفه معا وتفريق قدميه قدر شبر ونصبهما موجها أصابعهما للقبلة وإبرازهما من ذيله.
ويسن فتح عينيه حالة السجود كما قاله ابن عبد السلام وأقره الزركشي.
ويكره مخالفة الترتيب المذكور وعدم وضع الأنف.
وقول: سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاثا في السجود للاتباع ويزيد من مر ندبا: اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته تبارك الله أحسن الخالقين. [الأذكار رقم: 341] .
ويسن إكثار الدعاء فيه ومما ورد فيه: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك.
وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك [مسلم رقم: 327] .

(1/116)


8- وجلوس بينهما ولا يطوله ولا اعتدالا وسن فيه وتشهد أول افتراش واضعا كفيه قريبا من ركبتيه قائلا: رب اغفر لي إلى آخره,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره وعلانيته وسره [مسلم رقم: 483] .
قال في الروضة: تطويل السجود أفضل من تطويل الركوع.
8- وثامنها: جلوس بينهما أي السجدتين ولو في نفل على المعتمد.
ويجب أن لا يقصد برفعه غيره فلو رفع فزعا من نحو لسع عقرب أعاد السجود ولا يضر إدامة وضع يديه على الأرض إلى السجدة الثانية اتفاقا خلافا لمن وهم فيه.
ولا يطوله ولا اعتدالا لأنهما غير مقصودين لذاتهما بل شرعا للفصل فكانا قصيرين.
فإن طول أحدهما فوق ذكره المشروع فيه قدر الفاتحة في الاعتدال أقل التشهد في الجلوس عامدا عالما بطلت صلاته.
وسن فيه الجلوس بين السجدتين وفي تشهد أول وجلسة استراحة وكذا في تشهد أخير إن تعقبه سجود سهو افتراش بأن يجلس على كعب يسراه بحيث يلي ظهرها الأرض واضعا كفيه على فخذيه قريبا من ركبتيه بحيث تسامتهما رؤوس الأصابع ناشرا أصابعه قائلا: رب اغفر لي إلى آخره تتمته: وارحمني

(1/117)


وجلسة استراحة لقيام.
9- وطمأنينة في كل.
10- وتشهد أخير وأقله التحيات لله000 إلى آخره.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
واجبرني وارفعني وارزقني واهدني وعافني [الأذكار رقم: 435] للاتباع.
ويكره: اغفر لي ثلاثا.
وسن جلسة استراحة بقدر الجلوس بين السجدتين للاتباع ولو في نفل وإن تركها الإمام خلافا لشيخنا لقيام أي لأجله عن سجود لغير تلاوة.
ويسن اعتماد على بطن كفيه في قيام من سجود وقعود.
9- وتاسعها: طمأنينة في كل من الركوع والسجودين والجلوس بينهما والاعتدال ولو كانا في نفل خلافا للأنوار وضابطها أن تستقر أعضاؤه بحيث ينفصل ما انتقل إليه عما انتقل عنه.
10- وعاشرها: تشهد أخير وأقله ما رواه الشافعي والترمذي [الأذكار الأرقام: 368- 391] : التيحات لله إلى آخره تتمته: سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
ويسن لكل زيادة: المباركات الصلوات الطيبات وأشهد الثاني وتعريف السلام في الموضعين لا البسملة قبله.

(1/118)


11- وصلاة على النبي بعده وأقلها: اللهم صل على محمد وسن في أخير صلاة على آله,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولا يجوز إبدال لفظ من هذا الأقل ولو بمرادفه كالنبي بالرسول وعكسه ومحمد بأحمد وغيره.
ويكفي: وأن محمدا عبده ورسوله لا وأن محمدا رسوله.
ويجب أن يراعي هنا التشديدات وعدم إبدال حرف بآخر والموالاة لا الترتيب إن لم يخل بالمعنى.
فلو أظهر النون المدغمة في اللام في أن لا إله إلا الله أبطل لتركه شدة منه كما لو ترك إدغام [تنوين] 1 دال محمد في راء رسول الله.
ويجوز في النبي الهمزة والتشديد.
11- وحادي عشرها: صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعده أي بعد تشهد أخير فلا تجزئ قبله.
وأقلها: اللهم صل أي ارحمه رحمة مقرونة بالتعظيم.
أو: صلى الله على محمد أو على رسوله أو على النبي دون أحمد.
وسن في تشهد أخير وقيل: يجب صلاة على آله فيحصل أقل الصلاة على الآل بزيادة وآله مع أقل الصلاة لا في الأول على
__________
1 هذه الإضافة من فوائد الشيخ محمود حبال رحمه الله أثبتها عن الأستاذ عصام العمري حفظه الله.

(1/119)


ويسن أكملها في تشهد ودعاء
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأصح لبنائه على التخفيف ولان فيها نقل ركن قولي على قول وهو مبطل على قول واختير مقابله لصحة أحاديث فيه.
ويسن أكملها في تشهد أخير وهو: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. [البخاري رقم: 6357, ومسلم رقم: 406] .
والسلام تقدم في التشهد فليس هنا إفراد الصلاة عنه ولا بأس بزيادة سيدنا قبل محمد.
وسن في تشهد أخير دعاء بعد ما ذكر كله.
وأما التشهد الأول فيكره فيه الدعاء لبنائه على التخفيف إلا إن فرغ قبل إمامه فيدعو حينئذ.
ومأثوره أفضل وآكده ما أوجبه بعض العلماء وهو: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ومن عذاب النار ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال [البخاري رقم: 1377, ومسلم رقم: 588] .
ويكره تركه.
ومنه: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني.
أنعت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت رواهما مسلم [رقم: 588, 771] .
ومنه أيضا: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كبيرا كثيرا ولا يغفر

(1/120)


12- وقعود لهما وسن تورك فيه ووضع يديه في تشهديه على طرف ركبتيه ناشرا أصابع يسراه وقابضا يمناه إلا المسبحة ورفعها عند: إلا الله وإدامته,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك إنك أنت الغفور الرحيم رواه البخاري [رقم: 834, ومسلم رقم: 2705] .
ويسن أن ينقص دعاء الإمام عن قدر أقل التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
قال شيخنا: تكره الصلاة على النبي ص بعد أدعية التشهد.
12- وثاني عشرها: قعود لهما أي للتشهد والصلاة وكذا للسلام.
وسن تورك فيه أي في قعود التشهد الأخير وهو ما يعقبه سلام فلا يتورك مسبوق في تشهد إمامه الأخير ولا من يسجد لسهو وهو كالافتراش لكن يخرج يسراه من جهة يمناه ويلصق وركه بالأرض.
ووضع يديه في قعود تشهديه على طرف ركبتيه بحيث تسامته رؤوس الأصابع.
ناشرا أصابع يسراه مع ضم لها وقابضا أصابع يمناه إلا المسبحة بكسر الباء وهي التي تلي الإبهام فيرسلها.
وسن رفعها أي المسبحة مع إمالتها قليلا عند همزة إلا الله للاتباع.
وإدامته أي الرفع فلا يضعها بل تبقى مرفوعة إلى القيام أو

(1/121)


ونظر إليها.
13- وتسليمة أولى وأقلها: السلام عليكم وسن ثانية بـ: رحمه الله والتفات فيهما.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
السلام والأفضل قبض الإبهام بجنبها بأن يضع رأس الإبهام عند أسفلها على حرف الراحة كعاقد ثلاثة وخمسين.
ولو وضع اليمنى على غير الركبة يشير بسبابتها حينئذ.
ولا يسن رفعها خارج الصلاة عند إلا الله.
وسن نظر إليها أي قصر النظر إلى المسبحة حال رفعها ولو مستورة بنحو كم كما قال شيخنا.
13- وثالث عشرها: تسليمة أولى وأقلها: السلام عليكم للاتباع ويكره عليكم السلام ولا يجزئ
سلام عليكم بالتنكير ولا سلام الله أو سلامي عليكم بل تبطل الصلاة إن تعمد وعلم كما في شرح الإرشاد لشيخنا.
وسن تسليمة ثانية وإن تركها إمامه وتحرم إن عرض بعد الأولى مناف كحدث وخروج وقت جمعة ووجود عار سترة.
ويسن أن يقرن كلا من التسليمتين برحمة الله أي معها دون: وبركاته على المنقول في غير الجنازة لكن اختير ندبها لثبوتها من عدة طرق.
ومع التفات فيهما حتى يرى خده الأيمن في الأولى والأيسر في الثانية.

(1/122)


14- وترتيب بين أركانها,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه يسن لكل من الإمام والمأموم والمنفرد أن ينوي السلام على من التفت هو إليه ممن عن يمينه بالتسليمة الأولى وعن يساره بالتسليمة الثانية من ملائكة ومؤمني إنس وجن وبأيتهما شاء على من خلفه وأمامه وبالأولى أفضل.
وللمأموم أن ينوي الرد على الإمام بأي سلاميه شاء إن كان خلفه وبالثانية إن كان عن يمينه وبالأولى إن كان عن يساره.
ويسن أن ينوي بعض المأمومين الرد على بعض فينويه من على يمين المسلم بالتسليمة الثانية ومن على يساره بالأولى ومن خلفه وأمامه بأيتهما شاء وبالأولى أولى.
فروع يسن نية الخروج من الصلاة بالتسليمة الأولى خروجا من الخلاف في وجوبها وأن يدرج السلام وأن يبتدئه مستقبلا بوجهه القبلة وأن ينهيه مع تمام الالتفات وأن يسلم المأموم بعد تسليمتي الإمام.
14- ورابع عشرها: ترتيب بين أركانها المتقدمة كما ذكر فإن تعمد الإخلال بالترتيب بتقديم ركن فعلي كأن سجد قبل الركوع بطلت صلاته.
أما تقديم الركن القولي فلا يضر إلا السلام والترتيب بين

(1/123)


ولو سها غير مأموم بترك ركن أو شك أتى به إن كان قبل فعل مثله وإلا أجزأه وتدارك.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
السنن كالسورة بعد الفاتحة والدعاء بعد التشهد والصلاة شرط للاعتداد بسنيتها.
ولو سها غير مأموم في الترتيب بترك ركن كأن سجد قبل الركوع أو ركع قبل الفاتحة لغا ما فعله حتى يأتي بالمتروك فإن تذكر قبل بلوغ مثله أتى به وإلا فسيأتي بيانه.
أو شك هو أي غير المأموم في ركن هل فعل أم لا كأن شك راكعا هل قرأ الفاتحة أو ساجدا هل ركع أو اعتدل أتى به فورا وجوبا إن كان الشك قبل فعله مثله أي مثل المشكوك فيه من ركعة أخرى وإلا أي وإن لم يتذكر حتى فعل مثله في ركعة أخرى أجزأه عن متروكة ولغا ما بينهما.
هذا كله إن علم عين المتروك ومحله فإن جهل عينه وجوز أنه النية أو تكبيرة الإحرام بطلت صلاته.
ولم يشترط هنا طول فصل ولا مضي ركن.
أو أنه السلام يسلم وإن طال الفصل على الأوجه.
أو أنه غيرهما أخذ بالأسوأ وبنى على ما فعله وتدارك الباقي من صلاته.
نعم إن لم يكن المثل من الصلاة كسجود تلاوة لم يجزئه.

(1/124)


فرع:
سن دخول صلاة بنشاط وفراغ قلب وفيها خشوع بقلبه وبجوارحه,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أما مأموم علم أو شك قبل ركوعه وبعد ركوع إمامه أنه ترك الفاتحة فيقرؤها ويسعى خلفه وبعد ركوعهما لم يعد إلى القيام لقراءته الفاتحة بل يتبع إمامه ويصلي ركعة بعد سلام الإمام.
فرع سن دخول صلاة بنشاط لأنه تعالى ذم تاركيه بقوله: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى} [4- سورة النساء /الآية: 142] والكسل: الفتور والتواني.
وفراغ قلب من الشواغل لأنه أقرب إلى الخشوع.
وسن فيها أي في صلاته كلها خشوع بقلبه بأن لا يحضر فيه غير ما هو فيه وإن تعلق بالآخرة.
وبجوارحه بأن لا يعبث بأحدها وذلك لثناء الله تعالى في كتابه العزيز على فاعليه بقوله: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [23 سورة المؤمنون/ الآيتان 1, 2] ولانتفاء ثواب الصلاة بانتفائه كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة ولان لنا وجها اختاره جمع أنه شرط للصحة.
ومما يحصل الخشوع استحضاره أنه بين يدي ملك الملوك الذي

(1/125)


وتدبر قراءة وذكر وإدامة نظر محل سجوده,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يعلم السر وأخفى يناجيه وأنك ربما تجلى عليه بالقهر لعدم القيام بحق ربوبيته فرد عليه صلاته.
وقال سيدي القطب العارف بالله محمد البكري رضي الله عنه: إن مما يورث الخشوع إطالة الركوع والسجود.
وتدبر قراءة أي تأمل معانيها قال تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} [47 سورة محمد الآية: 24] ولان به يكمل مقصود الخشوع.
وتدبر ذكر قياسا على القراءة.
وسن إدامة نظر محل سجوده لان ذلك أقرب إلى الخشوع ولو أعمى وإن كان عند الكعبة أو في الظلمة أو في صلاة الجنازة نعم السنة أن يقصر نظره على مسبحته عند رفعها في التشهد لخبر صحيح فيه.
ولا يكره تغميض عينيه إن لم يخف ضررا.
فائدة: يكره للمصلي الذكر وغيره ترك شيء من سنن الصلاة.
قال شيخنا: وفي عمومه نظر والذي يتجه تخصيصه بما ورد فيه نهي أو خلاف في الوجوب.

(1/126)


وذكر ودعاء سرا عقبها,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وسن ذكر ودعاء سرا عقبها أي الصلاة أي يسن الإسرار بهما لمنفرد ومأموم وإمام لم يرد تعليم
الحاضرين ولا تأمينهم لدعائه بسماعه وورد فيهما أحاديث كثيرة ذكرت جملة منها في كتابي إرشاد العباد1 فاطلبه فإنه مهم.
وروى الترمذي [رقم: 3499] عن أبي أمامة قال: قيل لرسول الله ص: أي الدعاء أسمع؟ أي أقرب إلى الإجابة؟ قال: جوف الليل ودبر الصلوات المكتوبات.
وروى الشيخان [البخاري رقم: 2992, ومسلم رقم: 2704] عن أبي موسى قال: كنا مع النبي ص فكنا إذا أشرفنا على واد هللنا وكبرنا وارتفعت أصواتنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يأيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنه معكم2 إنه سميع قريب" احتج به البيهقي وغيره للإسرار بالذكر والدعاء وقال الشافعي في الأم: أختار للإمام والمأموم أن يذكرا الله تعالى بعد السلام من الصلاة ويخفيا الذكر إلا أن يكون إماما يريد أن يتعلم منه فيجهر حتى يرى أنه قد تعلم منه ثم يسر فإن الله تعالى يقول: {وَلا
__________
1 وقد قمت بالاعتناء به وطبعته الجفان والجابي للطباعة والنشر ليماسول قبرص.
2 في الأصول: إنه حكيم سميع قريب وقال الشيخ علوي السقاف رحمه الله: في أكثر النسخ: إنه حكم وفي المتن المطبوع مع إعانة الطالبين إنه حكيم سميع قريب والمثبت من البخاري ومسلم.

(1/127)


0000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا} [17 سورة الإسراء الآية: 110] يعني والله أعلم: الدعاء ولا تجهر حتى تسمع غيرك ولا تخافت حتى لا تسمع نفسك انتهى.
فائدة: قال شيخنا: أما المبالغة في الجهر بهما في المسجد بحيث يحصل تشويش على مصل فينبغي حرمتها.
فروع يسن افتتاح الدعاء بالحمد لله والصلاة على النبي ص والختم بهما وبآمين وتأمين مأموم سمع دعاء الإمام وإن حفظ ذلك ورفع يديه الطاهرتين حذو منكبيه ومسح الوجه بهما بعده واستقبال القبلة حالة
الذكر أو الدعاء إن كان منفردا أو مأموما أما الإمام إذا ترك القيام من مصلاه الذي هو أفضل له فالأفضل جعل يمينه إلى المأمومين ويساره إلى القبلة.
قال شيخنا1: ولو في الدعاء وانصرافه لا ينافي ندب الذكر له عقبها لأنه يأتي به في محله الذي ينصرف إليه ولا يفوت بفعل الراتبة وإنما الفائت به كماله لا غيره وقضية كلامهم حصول ثواب الذكر وإن جهل معناه ونظر فيه الأسنوي ولا يأتي هذا في القرآن
__________
1 قال الشيخ علوي السقاف رحمه الله: أي: في التحفة وفيه تقديم وتأخير لم ينتبه إليه المحشي أي الشيخ السيد البكري رحمه الله.

(1/128)


وندب توجه لنحو جدار فعصا مغروزة فبسط مصلى,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
للتعبد بلفظه فأثيب قارئه وإن لم يعرف معناه بخلاف الذكر لا بد أن يعرفه ولو بوجه انتهى.
ويندب أن ينتقل لفرض أو نفل من موضع صلاته ليشهد له الموضع حيث لم تعارضه فضيلة نحو صف أول فإن لم ينتقل فصل بكلام إنسان.
والنفل لغير المعتكف في بيته أفضل إن أمن فوته أو تهاونا به إلا في نافلة المبكر للجمعة أو ما سن فيه الجماعة أو ورد في المسجد كالضحى وأن يكون انتقال المأموم بعد انتقال إمامه.
وندب لمصل توجه لنحو جدار أو عمود من كل شاخص طول ارتفاعه ثلثا ذراع فأكثر وما بينه وبين عقب المصلي ثلاثة أذرع فأقل.
ثم إن عجز عنه ف لنحو عصا مغروزة كمتاع ف إن لم يجده ندب بسط مصلى كسجادة.
ثم إن عجز عنه خط أمامه خطا في ثلاثة أذرع عرضا أو طولا وهو أولى لخبر أبي داود [رقم: 689] : إذا صلى أحدكم فليجعل أمام وجهه شيئا فإن لم يجد فلينصب عصا فإن لم يكن معه عصا فليخط خطا ثم لا يضره ما مر أمامه.
وقيس بالخط المصلى وقدم على الخط لأنه أظهر في المراد.
والترتيب المذكور هو المعتمد خلافا لما يوهمه كلام ابن المقري.

(1/129)


وكره فيها التفات
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فمتى عدل عن رتبة إلى ما دونها مع القدرة عليها كانت كالعدم.
ويسن أن لا يجعل السترة تلقاء وجهه بل عن يمينه أو يساره.
وكل صف سترة لمن خلفه إن قرب منه.
قال البغوي: سترة الإمام سترة من خلفه انتهى.
ولو تعارضت السترة والقرب من الإمام أو الصف الأول فما الذي يقدم؟
قال شيخنا: كل محتمل وظاهر قولهم يقدم الصف الأول في مسجده صلى الله عليه وسلم وإن كان خارج مسجده المختص بالمضاعفة تقديم نحو الصف الأول انتهى.
وإذا صلى إلى شيء منها فيسن له ولغيره دفع مار بينه وبين السترة المستوفية للشروط وقد تعدى بمروره لكونه مكلفا.
ويحرم المرور بينه وبين السترة حين يسن له الدفع وإن لم يجد المار سبيلا ما لم يقصر بوقوف في طريق أو في صف مع فرجة في صف آخر بين يديه فلداخل خرق الصفوف وإن كثرت حتى يسدها.
وكره فيها أي الصلاة التفات بوجه بلا حاجة وقيل: يحرم.
واختير للخبر الصحيح [أبو داود رقم: 909, النسائي رقم: 1195, مسند أحمد رقم: 20997, الدارمي رقم: 1423] : لا يزال الله مقبلا على العبد في مصلاه أي برحمته ورضاه ما لم يلتفت فإذا التفت أعرض عنه.

(1/130)


ونظر نحو سماء وبصق أماما ويمينا,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فلا يكره لحاجة كما لا يكره مجرد لمح العين.
ونظر نحو سماء مما يلهي كثوب له أعلام لخبر البخاري [رقم: 750] : "ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم فاشتد قوله في ذلك حتى قال: لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم" ومن ثم كرهت أيضا في مخطط أو إليه أو عليه لأنه يخل بالخشوع.
وبصق في صلاته وكذا خارجها.
أماما أي قبل وجهه وإن لم يكن من هو خارجها مستقبلا كما أطلقه النووي.
ويمينا لا يسارا لخبر الشيخين [البخاري رقم 405, ومسلم رقم: 493] : إذا كان أحدكم في الصلاة فإنه يناجي ربه عز وجل فلا يبزقن بين يديه ولا عن يمينه بل عن يساره أو تحت قدمه اليسرى أو في ثوب من جهة يساره وهو أولى.
قال شيخنا: ولا بعد في مراعاة ملك اليمين دون ملك اليسار إظهارا لشرف الأول ولو كان على يساره فقط إنسان بصق عن يمينه إذا لم يمكنه أن يطأطئ رأسه ويبصق لا إلى اليمين ولا إلى اليسار وإنما يحرم البصاق في المسجد إن بقي جرمه لا إن استهلك في نحو ماء مضمضة وأصاب جزءا من أجزائه دون هوائه.
وزعم حرمته في هوائه وإن لم يصب شيئا من أجزائه بعيد غير معول عليه ودون تراب لم يدخل في وقفه.
قيل: ودون حصره لكن يحرم عليها من جهة تقذيرها كما

(1/131)


وكشف رأس ومنكب وصلاة بمدافعة حدث
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هو ظاهر انتهى.
ويجب إخراج نجس منه فورا عينيا على من علم به وإن أرصد لإزالته من يقوم بها بمعلوم كما اقتضاه إطلاقهم.
ويحرم بول فيه ولو في نحو طشت وإدخال نعل متنجسة لم يأمن التلويث ورمي نحو قملة فيه ميتة وقتلها في أرضه وإن قل دمها وأما إلقاؤها أو دفنها فيه حية فظاهر فتاوى النووي حله وظاهر كلام الجواهر تحريمه وبه صرح ابن يونس.
ويكره فصد وحجامة فيه بإناء ورفع صوت ونحو بيع وعمل صناعة فيه.
وكشف رأس ومنكب واضطباع ولو من فوق القميص قال الغزالي في الإحياء: لا يرد رداءه إذا سقط أي إلا لعذر ومثله العمامة ونحوها.
وكره صلاة بمدافعة حدث كبول وغائط وريح للخبر الآتي ولأنها تخل بالخشوع بل قال جمع: إن ذهب بها بطلت.
ويسن له تفريغ نفسه قبل الصلاة وإن فاتت الجماعة وليس له الخروج من الفرض إذا طرأت له فيه ولا تأخيره إذا ضاق وقته والعبرة في كراهة ذلك بوجودها عند التحرم.
وينبغي أن يلحق به ما لو عرضت له قبل التحرم فزالت وعلم من عادته أنها تعود إليه في الصلاة.

(1/132)


وبمقبرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وتكره بحضرة طعام أو شراب يشتاق إليه لخبر مسلم [رقم: 560] : "لا صلاة" أي كاملة بحضرة طعام ولا صلاة وهو يدافعه الأخبثان أي البول والغائط.
وكره صلاة في طريق بنيان لا برية وموضع مكس.
وبمقبرة إن لم يتحقق نبشها سواء صلى إلى القبر أم عليه أم بجانبه كما نص عليه في الأم.
وتحرم الصلاة لقبر نبي أو نحو ولي تبركا أو إعظاما.
وبحث الزين العراقي عدم كراهة الصلاة في مسجد طرأ دفن الناس حوله وفي أرض مغصوبة.
وتصح بلا ثوب كما في ثوب مغصوب وكذا إن شك في رضا مالكه لا إن ظنه بقرينة.
وفي الجيلي: لو ضاق الوقت وهو بأرض مغصوبة أحرم ماشيا ورجحه الغزي.
قال شيخنا: والذي يتجه أنه لا يجوز له صلاة شدة الخوف وأنه يلزمه الترك حتى يخرج منها كما له تركها لتخليص ماله لو أخذ منه بل أولى.

(1/133)


فصل في أبعاد الصلاة ومقتضى سجود السهو
...
فصل [في أبعاض الصلاة ومقتضي سجود السهو]
تسن سجدتان قبيل سلام لترك بعض وهو: تشهد أول وقعوده وقنوت راتب,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في أبعاض الصلاة ومقتضي سجود السهو.
تسن سجدتان قبيل سلام وإن كثر السهو وهما والجلوس بينهما كسجود الصلاة والجلوس بين سجدتيها في واجباتها الثلاثة ومندوباتها السابقة كالذكر فيها وقيل: يقول فيهما: سبحان من لا ينام ولا يسهو.
وهو لائق بالحال.
وتجب نية سجود السهو بأن يقصده عن السهو عند شروعه فيه.
لترك بعض واحد من أبعاض ولو عمدا فإن سجد لترك غير بعض عالما عامدا بطلت صلاته.
وهو تشهد أول أي الواجب منه في التشهد الأخير أو بعضه ولو كلمة.
وقعوده وصورة تركه وحده كقيام القنوت أن لا يحسنهما إذ يسن أن يجلس ويقف بقدرهما.
فإذا ترك أحدهما سجد.
وقنوت راتب أو بعضه وهو قنوت الصبح ووتر نصف رمضان دون قنوت النازلة.

(1/134)


وقيامه وصلاة على النبي بعدهما وصلاة على آل بعد أخير وقنوت ولشك فيه ولو نسي بعضا وتلبس بفرض فإن عاد له بطلت لا جاهلا لكن يسجد ولا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقيامه ويسجد تارك القنوت تبعا لإمامه الحنفي أو لاقتدائه في صبح بمصلي سنتها على الأوجه فيهما.
وصلاة على النبي ص بعدهما أي بعد التشهد الأول والقنوت وصلاة على آل بعد تشهد أخير وقنوت.
وصورة السجود لترك الصلاة على الآل في التشهد الأخير أن يتيقن ترك إمامه لها بعد أن سلم إمامه وقبل أن يسلم هو أو بعد أن سلم وقرب الفصل.
وسميت هذه السنن أبعاضا لقربها بالجبر بالسجود من الأركان.
ولشك فيه أي في ترك بعض مما مر معين كالقنوت هل فعله؟ لان الأصل عدم فعله.
ولو نسي منفرد أو إمام بعضا كتشهد أول أو قنوت.
وتلبس بفرض من قيام أو سجود لم يجز له العود إليه فإن عاد له بعد انتصاب أو وضع جبهته عامدا عالما بتحريمه بطلت صلاته لقطعه فرضا لنفل لا إن عاد له جاهلا بتحريمه وإن كان مخالطا لنا لان هذا مما يخفى على العوام وكذا ناسيا أنه فيها فلا تبطل لعذره ويلزمه العود عند تعلمه أو تذكره.
لكن يسجد للسهو لزيادة قعود أو اعتدال في غير محله ولا إن عاد

(1/135)


مأموما سهوا بل عليه عود,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مأموما فلا تبطل صلاته إذا انتصب أو سجد وحده سهوا بل عليه أو على المأموم الناسي عود لوجوب متابعة الإمام فإن لم يعد بطلت صلاته إن لم ينو مفارقته أما إذا تعمد ذلك فلا يلزمه العود بل يسن له.
كما إذا ركع مثلا قبل إمامه ولو لم يعلم الساهي حتى قام إمامه لم يعد.
قال البغوي: ولم يحسب ما قرأه قبل قيامه وتبعه الشيخ زكريا.
قال شيخنا في شرح المنهاج: وبذلك يعلم أن من سجد سهوا أو جهلا وإمامه في القنوت لا يعتد له بما فعله فيلزمه العود للاعتدال.
وإن فارق الإمام أخذا من قولهم: لو ظن سلام الإمام فقام ثم علم في قيامه أنه لم يسلم لزمه القعود ليقوم منه ولا يسقط عنه بنية المفارقة وإن جازت لان قيامه وقع لغوا ومن ثم لو أتم جاهلا لغا ما أتى به فيعيده ويسجد للسهو وفيما إذا لم يفارقه إن تذكر أو علم وإمامه في القنوت فواضح أنه يعود إليه أو وهو في
السجدة الأولى عاد للاعتدال وسجد مع الإمام أو فيما بعدها فالذي يظهر أنه يتابعه ويأتي بركعة بعد سلام الإمام انتهى.
قال القاضي: ومما لا خلاف فيه قولهم: لو رفع رأسه من السجدة الأولى قبل إمامه ظانا أنه رفع وأتى بالثانية ظانا أن الإمام فيها ثم بان أنه في الأولى لم يحسب له جلوسه ولا سجدته الثانية ويتابع الإمام أي فإن لم يعلم بذلك إلا والإمام قائم أو جالس أتى بركعة بعد سلام الإمام.

(1/136)


ولنقل قول غير مبطل ولسهو ما يبطل عمده لا هو,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وخرج بقولي وتلبس بفرض ما إذا لم يتلبس به غير مأموم فيعود الناسي ندبا قبل الانتصاب أو وضع الجبهة ويسجد للسهو إن قارب القيام في صورة ترك التشهد أو بلغ حد الركوع في صورة ترك القنوت.
ولو تعمد غير مأموم تركه فعاد عالما عامدا بطلت صلاته إن قارب أو بلغ ما مر بخلاف المأموم.
ولنقل مطلوب قولي غير مبطل نقله إلى غير محله ولو سهوا ركنا كان كفاتحة وتشهد أو بعض أحدهما أو غير ركن كسورة إلى غير القيام وقنوت إلى ما قبل الركوع أو بعده في الوتر في غير نصف رمضان الثاني فيسجد له.
أما نقل الفعلي فيبطل تعمده.
وخرج بقولي غير مبطل ما يبطل كالسلام وتكبير التحرم بأن كبر بقصده.
ولسهو ما يبطل عمده لا هو أي السهو كتطويل ركن قصير وقليل كلام وأكل وزيادة ركن فعلي لأنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمسا وسجد للسهو وقيس به غيره.
وخرج بما يبطل عمده ما يبطل سهوه أيضا ككلام كثير وما لا يبطل سهوه ولا عمده كالفعل القليل والالتفات فلا يسجد لسهوه ولا لعمده.

(1/137)


ولشك فيما صلاة واحتمل زيادة ولسهو إمام وإن فارقه أو ترك لا لسهوه حال القدوة خلف إمام.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولشك فيما صلاه واحتمل زيادة لأنه إن كان زائدا فالسجود للزيادة وإلا فلتردد الموجب لضعف النية.
فلو شك أصلى ثلاثا أم أربعا مثلا أتى بركعة لان الأصل عدم فعلها ويسجد للسهو وإن زال شكه قبل سلامه بأن تذكر قبله أنها رابعة للتردد في زيادتها ولا يرجع في فعلها إلى ظنه ولا إلى قول غيره أو فعله وإن كانوا جمعا كثيرا ما لم يبلغوا عدد التواتر.
وأما لا يحتمل زيادة كأن شك في ركعة من رباعية أهي ثالثة أم رابعة؟ فتذكر قبل القيام للرابعة أنها ثالثة فلا يسجد لان ما فعله منها مع التردد لا بد منه بكل تقدير فإن تذكر بعد القيام لها سجد لتردده حال القيام إليها في زيادتها.
وسن للمأموم سجدتان لسهو إمام متطهر وإمامه ولو كان سهوه قبل قدوته وإن فارقه أو بطلت صلاة الإمام بعد وقوع السهو منه أو ترك الإمام السجود جبرا للخلل الحاصل في صلاته فيسجد بعد سلام الإمام وعند سجوده يلزم المسبوق والموافق متابعته وإن لم يعرف أنه سها وإلا بطلت صلاته إن علم وتعمد ويعيده المسبوق ندبا آخر صلاة نفسه.
لا لسهوه أي سهو المأموم حال القدوة خلف إمام فيتحمله عند الإمام المتطهر لا المحدث ولا ذو خبث خفي بخلاف سهوه بعد

(1/138)


ولو شك بعد سلام في فرض غير نية وتحرم لم يؤثر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
سلام الإمام فلا يتحمله لانقضاء القدوة.
ولو ظن المأموم سلام الإمام فسلم فبان خلاف ظنه سلم معه ولا سجود لأنه سهو في حال القدوة.
فرع لو تذكر المأموم في تشهده ترك ركن غير نية وتكبيرة أو شك فيه أتى بعد سلام إمامه بركعة ولا يسجد في التذكر لوقوع سهوه حال القدوة.
بخلا ف الشك لفعله بعدها زائدا بتقدير ومن ثم لو شك في إدراك ركوع الإمام أو في أنه أدرك الصلاة معه كاملة أو ناقصة ركعة أتى بركعة وسجد فيها لوجود شكه المقتضي للسجود بعد القدوة أيضا ويفوت سجود السهو إن سلم عمدا وإن قرب الفصل أو سهوا وطال عرفا وإذا سجد صار عائدا إلى الصلاة فيجب أن يعيد السلام وإذا عاد الإمام لزم المأموم الساهي العود وإلا بطلت صلاته إن تعمد وعلم ولو قام المسبوق ليتم فيلزمه العود لمتابعة إمامه إذا عاد.
تنبيه: لو سجد الإمام بعد فراغ المأموم الموافق من أقل التشهد وافقه وجوبا في السجود أو قبل أقله تابعه وجوبا ثم يتم تشهده.
ولو شك بعد سلام في إخلال شرط أو ترك فرض غير نية وتكبير تحرم لم يؤثر وإلا لعسر وشق
ولأن الظاهر مضيها على الصحة.

(1/139)


0000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أما الشك في النية وتكبيرة الإحرام فيؤثر على المعتمد خلافا لمن أطال في عدم الفرق.
وخرج بالشك ما لو تيقن ترك فرض بعد سلام فيجب البناء ما لم يطل الفصل أو يطأ نجسا وإن استدبر القبلة أو تكلم أو مشى قليلا.
قال الشيخ زكريا في شرح الروض: وإن خرج من والمسجد والمرجع في طول الفصل وقصره إلى العرف.
وقيل: يعتبر القصر بالقدر الذي نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم في خبر ذي اليدين [البخاري رقم: 1227, مسلم رقم: 573] , والطول بما زاد عليه والمنقول في الخبر أنه قام ومضى إلى ناحية المسجد وراجع ذا اليدين وسأل الصحابة انتهى.
وحكى الرافعي عن البويطي أن الفصل الطويل ما يزيد على قدر ركعة وبه قال أبو إسحاق وعن أبي هريرة1 أن الطويل قدر الصلاة التي كان فيها.
__________
1 قوله: وعن أبي هريرة لعله: ابن أبي هريرة. اهـ. من الأصل في حاشية الشيخ السقاف رحمه الله.
وقال الشيخ السيد البكري رحمه الله في إعانة الطالبين لعله غير الصحابي المشهور فانظره انتهى.
وهو ابن أبي هريرة هو: أبو علي الحسن بن الحسين ابن أبي هريرة البغدادي القاضي 000- 345هـ= 000- 956م انتهت إليه رئاسة الشافعية في العراق.

(1/140)


0000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قاعدة: وهي أن ما شك في تغيره عن أصله يرجع به إلى الأصل وجودا كان أو عدما ويطرح الشك فلذا قالوا: كمعدوم مشكوك فيه.
تتمة [في بيان سجود التلاوة] : تسن سجدة التلاوة لقارئ وسامع جميع آية سجدة ويسجد مصل لقراءته إلا مأموما فيسجد هو لسجدة إمامه فإن سجد إمامه وتخلف هو عنه أو سجد هو دونه بطلت صلاته ولو لم يعلم المأموم سجوده بعد رفع رأسه من السجود لم تبطل صلاته ولا يسجد بل ينتظر قائما أو قبله هوى فإذا رفع قبل سجوده رفع معه ولا يسجد.
ويسن للإمام في السرية تأخير السجود إلى فراغه بل بحث ندب تأخيره في الجهرية أيضا في الجوامع العظام لأنه يخلط على المأمومين ولو قرأ آيتها فركع بأن بلغ أقل الركوع ثم بدا له السجود لم يجز لفوات محله.
ولو هوي للسجود فلما بلغ حد الركوع صرفه له لم يكفه عنه.
وفروضها لغير مصل: نية سجود التلاوة وتكبير تحرم وسجود كسجود الصلاة وسلام.
ويقول فيها ندبا: سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته فتبارك الله أحسن الخالقين [أبو داود رقم:

(1/141)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1414, الترمذي رقم: 580, النسائي رقم: 1129, مستدرك الحاكم 1/220] .
فائدة: تحرم القراءة بقصد السجود فقط في صلاة أو وقت مكروه وتبطل الصلاة به بخلافها بقصد السجود وغيره مما يتعلق بالقراءة فلا كراهة مطلقا.
ولا يحل التقرب إلى الله تعالى بسجدة بلا سبب ولو بعد الصلاة وسجود الجهلة بين يدي مشايخهم حرام اتفاقا.

(1/142)


فصل [في مبطلات الصلاة]
تبطل الصلاة بنية قطعها وتردد فيه وبفعل كثير
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في مبطلات الصلاة
تبطل الصلاة فرضها ونفلها لا صوم واعتكاف بنية قطعها وتعليقه بحصول شيء ولو محالا عاديا.
وتردد فيه أي القطع ولا مؤاخذة بوسواس قهري في الصلاة كالإيمان وغيره.
وبفعل كثير يقينا من غير جنس أفعالها إن صدر ممن علم تحريمه أو جهله ولم يعذر

(1/142)


ولاء ولو سهوا كثلاث خطوات توالت لا بحركات خفيفة كتحريك أصابع أو جفن,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حال كونه ولاء عرفا في غير شدة الخوف ونفل السفر بخلاف القليل كخطوتين وإن اتسعتا حيث لا وثبة والضربتين نعم لو قصد ثلاثا متوالية ثم فعل واحدة أو شرع فيها بطلت صلاته والكثير المتفرق بحيث يعد كل منقطعا عما قبله.
وحد البغوي بأن يكون بينهما قدر ركعة ضعيف كما في المجموع ولو كان الفعل الكثير سهوا والكثير كثلاث مضغات.
وخطوات توالت وإن كانت بقدر خطوة مغتفرة وكتحريك رأسه ويديه ولو معا والخطوة بفتح الخاء المرة وهي هنا نقل رجل الإمام أو غيره فإن نقل معها الأخرى ولو بلا تعاقب فخطوتان كما اعتمده شيخنا في شرح المنهاج لكن الذي جزم به في شرح الإرشاد وغيره أن نقل رجل مع نقل الأخرى إلى محاذاتها ولاء خطوة فقط فإن نقل كلا على التعاقب فخطوتان بلا نزاع.
ولو شك في فعل أقليل أو كثير فلا بطلان.
وتبطل بالوثبة وإن لم تتعدد.
لا تبطل بحركات خفيفة وإن كثرت وتوالت بل تكره كتحريك أصبع أو أصابع في حك أو سبحة مع قرار كفه أو جفن أو شفة أو ذكر أو

(1/143)


وبنطق بحرفين ولو في تنحنح لغير تعذر قراءة واجبة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لسان لأنها تابعة لمحالها المستقرة كالأصابع ولذلك بحث أن حركة اللسان إن كانت مع تحويله عن محله أبطل ثلاث منها.
قال شيخنا: وهو محتمل.
وخرج بالأصابع الكف فتحريكها ثلاثا ولاء مبطل إلا أن يكون به جرب لا يصبر معه عادة على عدم الحك فلا تبطل للضرورة.
قال شيخنا: ويؤخذ منه أن من ابتلي بحركة اضطرارية ينشأ عنها عمل كثير سومح فيه.
وإمرار اليد وردها على التوالي بالحك مرة واحدة وكذا رفعها عن صدره ووضعها على موضع الحك مرة واحدة أي إن اتصل أحدهما بالآخر وإلا فكل مرة على ما استظهره شيخنا.
وبنطق عمدا ولو بإكراه بحرفين إن تواليا كما استظهره شيخنا من غير قرآن وذكر أو دعاء لم يقصد بها مجرد التفهيم كقوله لمن استأذنوه في الدخول: {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} [15 سورة الحجر الآية: 46] فإن قصد القراءة أو الذكر وحده أو مع التنبيه لم تبطل وكذا إن أطلق على ما قاله جمع متقدمون.
لكن الذي في التحقيق والدقائق البطلان وهو المعتمد.
وتأتي هذه الصور الأربعة في الفتح على الإمام بالقرآن أو الذكر وفي الجهر بتكبير الانتقال من الإمام والمبلغ.
وتبطل بحرفين ولو ظهرا في تنحنح لغير تعذر قراءة واجبة كفاتحة

(1/144)


أو نحوه أو بحرف مفهم,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ومثلها كل واجب قولي كتشهد أخير وصلاة فيه فلا تبطل بظهور حرفين في تنحنح لتعذر ركن قولي أو ظهرا في نحوه كسعال وبكاء وعطاس وضحك.
وخرج بقولي لغير تعذر قراءة واجبة ما إذا ظهر حرفان في تنحنح لتعذر قراءة مسنونة كالسورة أو القنوت أو الجهر بالفاتحة فتبطل.
وبحث الزركشي جواز التنحنح للصائم لإخراج نخامة تبطل صومه.
قال شيخنا: ويتجه جوازه للمفطر أيضا لإخراج نخامة تبطل صومه.
قال شيخنا: ويتجه جوازه للمفطر أيضا لإخراج نخامة تبطل صلاته بأن نزلت لحد الظاهر ولم يمكنه إخراجها إلا به.
ولو تنحنح إمامه فبان منه حرفان لم يجب مفارقته لان الظاهر تحرزه عن المبطل نعم إن دلت قرينة حاله على عدم عذره وجبت مفارقته كما بحثه السبكي.
ولو ابتلي شخص بنحو سعال دائم بحيث لم يخل زمن من الوقت يسع الصلاة بلا سعال مبطل.
قال شيخنا: الذي يظهر العفو عنه ولا قضاء عليه لو شفي.
أو بنطق بحرف مفهم ك: ف وع وف أو بحرف ممدود لان الممدود في الحقيقة حرفان.
ولا تبطل الصلاة بتلفظه بالعربية بقربة توقفت على اللفظ كنذر وعتق كأن قال: نذرت لزيد بألف أو أعتقت فلانا وليس مثله

(1/145)


لا بيسير نحو تنحنح لغلبة وكلام بسهو,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
التلفظ بنية صوم أو اعتكاف لأنها لا تتوقف على اللفظ فلم تحتج إليه ولا بدعاء جائز ولو لغيره بلا تعليق ولا خطاب لمخلوق فيهما فتبطل بهما عند التعليق كإن شفى الله مريضي فعلي عتق رقبة أو اللهم اغفر لي إن شئت وكذا عند خطاب مخلوق غير النبي صلى الله عليه وسلم.
ولو عند سماعه لذكره على الأوجه نحو نذرت لك بكذا أو رحمك الله ولو لميت.
ويسن لمصل سلم عليه الرد بالإشارة باليد أو الرأس ولو ناطقا ثم بعد الفراغ منها باللفظ.
ويجوز الرد بقوله: عليه السلام كالتشميت برحمة الله.
ولغير مصل رد سلام تحلل مصل.
ولمن عطس فيها أن يحمد ويسمع نفسه.
لا تبطل بيسير نحو تنحنح عرفا لغلبة عليه.
ولا بيسير كلام عرفا كالكلمتين والثلاث.
قال شيخنا: ويظهر ضبط الكلمة هنا بالعرف.
بسهو أي: مع سهوه عن كونه في الصلاة بأن نسي أنه فيها لأنه صلى الله عليه وسلم لما سلم من ركعتين تكلم بقليل معتقدا الفراغ وأجابوه به مجوزين النسخ ثم بنى هو وهم عليها ولو ظن بطلانه بكلامه القليل سهوا فتكلم كثيرا لم يعذر.

(1/146)


أو سبق لسان أو جهل تحريمه لقرب إسلام أو بعد عن العلماء وبمفطر,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وخرج بيسير تنحنح لغلبة وكلام بسهو كثيرهما فتبطل بكثرتهما ولو مع غلبة وسهو وغيره.
أو مع سبق لسان إليه أو مع جهل تحريمه أي الكلام فيها.
لقرب إسلام وإن كان بين المسلمين.
أو بعد عن العلماء أي عمن يعرف ذلك.
ولو سلم ناسيا ثم تكلم عامدا أي يسيرا أو جهل تحريم ما أتى به مع علمه بتحريم جنس الكلام أو كون التنحنح مبطلا مع علمه بتحريم الكلام لم تبطل لخفاء ذلك على العوام.
وتبطل بمفطر وصل لجوفه وإن قل وأكل كثير سهوا وإن لم يبطل به الصوم فلو ابتلع نخامة نزلت من رأسه لحد الظاهر من فمه أو ريقا متنجسا بنحو دم لثته وإن ابيض أو متغيرا بحمرة نحو تنبل1 بطلت.
أما الأكل القليل عرفا ولا يتقيد بنحو سمسمة من ناس أو جاهل معذور ومن مغلوب كأن نزلت نخامته لحد الظاهر وعجز عن مجها وجرى ريقه بطعام بين أسنانه وقد عجز عن تمييزه ومجه فلا يضر للعذر.
__________
1 التنبل أو التانبول: ورق نبات يقطيني ينبسط على الأرض هندي المنشأ والاسم قال عنه داود الأنطاكي: يقوم مقام الخمر في كل مالها من الأفعال النفسية والبدنية يخزنه متعاطيه في فمه فيحمر الفم والشفة واللسان وكذلك الريق.

(1/147)


وبزيادة ركن فعلي عمدا وباعتقاد فرض نفلا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وتبطل بزيادة ركن فعلي عمدا لغير متابعة كزيادة ركوع أو سجود وإن لم يطمئن فيه.
ومنه كما قال شيخنا: أن ينحني الجالس إلى أن تحاذي جبهته ما أمام ركبتيه ولو لتحصيل توركه أو افتراشه المندوب لان المبطل لا يغتفر للمندوب.
ويغتفر القعود اليسير بقدر جلسة الاستراحة قبل السجود وبعد سجد التلاوة وبعد سلام إمام مسبوق في غير محل تشهده.
أما وقوع الزيادة سهوا أو جهلا عذر به فلا يضر كزيادة سنة نحو رفع اليدين في غير محله أو ركن قولي كالفاتحة أو فعلي للمتابعة كأن ركع أو سجد قبل إمامه ثم عاد إليه.
وتبطل باعتقاد أو ظن فرض معين من فروضها نفلا لتلاعبه لا إن اعتقد العامي نفلا من أفعالها فرضا أو علم أن فيها فرضا ونفلا ولم يميز بينهما ولا قصد بفرض معين النفلية ولا إن اعتقد أن الكل فروض.
تنبيه: ومن المبطل أيضا حدث ولو بلا قصد واتصال نجس لا يعفى عنه إلا إن دفعه حالا وانكشاف عورة إلا إن كشفها ريح فستر حالا وترك ركن عمدا وشك في نية التحرم أو شرط لها مع مضي ركن قولي أو فعلي أو طول زمن وبعض القولي ككله مع طول زمن شك أو مع قصره ولم يعد ما قرأه فيه.

(1/148)


وندب لمنفرد رأى جماعة أن يقلب فرضه نفلا ويسلم من ركعتين.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فرع لو أخبره عدل رواية بنحو نجس أو كشف عورة مبطل لزمه قبوله أو بنحو كلام مبطل فلا.
وندب لمنفرد رأى جماعة مشروعة أن يقلب فرضه الحاضر لا الفائت نفلا مطلقا ويسلم من ركعتين إذا لم يقم لثالثة ثم يدخل في الجماعة.
نعم إن خشي فوت الجماعة إن تمم ركعتين استحب له قطع الصلاة واستئنافها جماعة ذكره في المجموع.
وبحث البلقيني أنه يسلم ولو من ركعة أما إذا قام لثالثة أتمها ندبا إن لم يخش فوت الجماعة ثم يدخل في الجماعة.

(1/149)


فصل [في الأذان والإقامة]
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في الأذان والإقامة
هما لغة: الإعلام وشرعا: ما عرف من الألفاظ المشهورة فيهما.
والأصل فيهما الإجماع المسبوق برؤية عبد الله بن زيد المشهورة ليلة

(1/149)


يسن أذان وإقامة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تشاوروا فيما يجمع الناس وهي كما في سنن أبي داود [رقم: 499, والترمذي رقم: 189, ابن ماجه رقم: 706, مسند أحمد رقم: 16041, 16043, الدرامي رقم: 1187] , عن عبد الله أنه قال: لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالناقوس يعمل ليضرب به للناس لجمع الصلاة طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده فقلت: يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ فقال: وما تصنع به؟ فقلت: ندعو به إلى الصلاة قال: أو لا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ فقلت له: بلى. فقال: تقول: الله أكبر الله أكبر إلا آخر الأذان. ثم استأخر عني غير بعيد ثم قال: وتقول إذا قمت إلى الصلاة: الله أكبر الله أكبر إلى آخر الإقامة فلما أصبحت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت فقال: إنها لرؤيا حق إن شاء الله. قم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى صوتا منك.
فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه فيؤذن به فسمع ذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته فخرج يجر رداءه ويقول: والذي بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل ما رأى. فقال صلى الله عليه وسلم: فلله الحمد قيل: رآها بضعة عشر صحابيا.
وقد يسن الأذان لغير الصلاة كما في أذن المهموم والمصروع والغضبان ومن ساء خلقه من إنسان أو بهيمة وعند الحريق وعند تغول الغيلان أي تمرد الجن وهو والإقامة في أذني المولود وخلف المسافر.
يسن على الكفاية ويحصل بفعل البعض أذان وإقامة لخبر الصحيحين [البخاري رقم: 628, مسلم رقم: 674] : "إذا حضرت الصلاة فليؤذن

(1/150)


لذكر ولو منفردا وإن سمع أذانا لمكتوبة وأن يؤذن للأولى من صلوات توالت ويقيم لكل وإقامة لأنثى,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لكم أحدكم".
لذكر ولو صبيا ومنفردا وإن سمع أذانا من غيره على المعتمد خلافا لما في شرح مسلم نعم إن سمع أذان الجماعة وأراد الصلاة معهم لم يسن له على الأوجه.
لمكتوبة ولو فائتة دون غيرها كالسنن وصلاة الجنازة والمنذورة.
ولو اقتصر على أحدهما لنحو ضيق وقت فالأذان أولى به.
ويسن أذانان لصبح واحد قبل الفجر وآخر بعده فإن اقتصر فالأولى بعده.
وأذانان للجمعة أحدهما بعد صعود الخطيب المنبر والآخر الذي قبله إنما أحدثه عثمان رضي الله عنه لما كثر الناس فاستحبابه عند الحاجة كأن توقف حضورهم عليه وإلا لكان الاقتصار على الأتباع أفضل.
وسن أن يؤذن للأولى فقط من صلوات توالت كفوائت وصلاتي جمع وفائتة وحاضرة دخل وقتها قبل شروعه في الأذان.
ويقيم لكل منها للاتباع.
وسن إقامة لأنثى سرا وخنثى فإن أذنت للنساء سرا لم يكره أو جهرا حرم.

(1/151)


وينادى لجماعة في نفل الصلاة جامعة وشرط فيهما ترتيب وولاء,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وينادي لجماعة مشروعة في نفل كعيد وتراويح ووتر أفرد عنها برمضان وكسوف.
الصلاة بنصبه إغراء ورفعه مبتدأ جامعة بنصبه حالا ورفعه خبرا للمذكور.
ويجزئ: الصلاة الصلاة وهلموا إلى الصلاة.
ويكره: حي على الصلاة.
وينبغي ندبه عند دخول الوقت وعند الصلاة ليكون نائبا عن الأذان والإقامة.
وخرج بقولي لجماعة ما لا يسن فيه الجماعة وما فعل فرادى وبنفل منذورة وصلاة جنازة.
وشرط فيهما أي في الأذان والإقامة.
ترتيب أي الترتيب المعروف فيهما للاتباع. فإن عكس ولو ناسيا لم يصح وله البناء على المنتظم منهما ولو ترك بعضهما أتى به مع إعادة ما بعده.
وولاء بين كلماتهما نعم لا يضر يسير كلام وسكوت ولو عمدا.
ويسن أن يحمد سرا إذا عطس وأن يؤخر رد السلام وتشميت

(1/152)


وجهر لجماعة ووقت لغير أذان صبح وسن تثويب صبح وترجيع وجعل مسبحتيه بصماخيه وفيهما قيام واستقبال,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
العاطس إلى الفراغ.
وجهر إن أذن أو أقام لجماعة فينبغي إسماع واحد جميع كلماته.
أما المؤذن أو المقيم لنفسه فيكفيه إسماع نفسه فقط.
ووقت أي دخوله لغير أذان صبح لان ذلك للإعلام فلا يجوز ولا يصح قبله أما أذان الصبح فيصح من نصف الليل.
وسن تثويب لأذاني صبح وهو أن يقول بعد الحيعلتين: الصلاة خير من النوم مرتين ويثوب لأذان فائتة صبح وكره لغير صبح.
وترجيع بأن يأتي بكلمتي الشهادتين مرتين سرا أي بحيث يسمع من قرب منه عرفا قبل الجهر بهما للاتباع ويصح بدونه.
وجعل مسبحتيه بصماخيه في الأذان دون الإقامة لأنه أجمع للصوت.
قال شيخنا: إن أراد رفع الصوت به وإن تعذرت يد جعل الأخرى أو سبابة سن جعل غيرها من بقية الأصابع.
وسن فيهما أي في الأذان والإقامة قيام وأن يؤذن على موضع عال ولو لم يكن للمسجد منارة سن بسطحه ثم ببابه.
واستقبال للقبلة وكره تركه.

(1/153)


وتحويل وجهه فيهما يمينا في حي على الصلاة وشمالا في حي على الفلاح
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وتحويل وجهه لا الصدر فيهما يمينا مرة في حي على الصلاة في المرتين ثم يرد وجهه للقبلة.
وشمالا مرة في حي على الفلاح في المرتين ثم يرد وجهه للقبلة.
ولو لأذان الخطبة أو لمن يؤذن لنفسه.
ولا يلتفت في التثويب على نزاع فيه.
تنبيه يسن رفع الصوت بالأذان لمنفرد فوق ما يسمع نفسه ولمن يؤذن لجماعة فوق ما يسمع واحدا منهم وأن يبالغ كل في جهر به للأمر به وخفضه به في مصلى أقيمت فيه جماعة وانصرفوا وترتيله وإدراج
الإقامة وتسكين راء التكبير الأولى فإن لم يفعل فالأفصح الضم وإدغام دال محمد في راء رسول الله لان تركه من اللحن الخفي وينبغي النطق بهاء الصلاة.
ويكرهان من محدث وصبي وفاسق ولا يصح نصبه1.
وهما أفضل من الإمامة لقوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا
__________
1 قال الشيخ علوي السقاف رحمه الله: لعل الصواب: نصبهما أي: الصبي والفاسق. انتهى.

(1/154)


ولسامعهما أن يقول ولو غير متوضئ مثل قولهما إن لم يلحنا لحنا يغير المعنى إلا في حيعلات فيحوقل,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إِلَى اللَّهِ} [41 سورة فصلت الآية: 33] قالت عائشة رضي الله عنها: هم المؤذنون.
وقيل: هي أفضل منهما وفضلت من أحدهما بلا نزاع.
وسن لسامعهما سماعا يميز الحروف وإلا لم يعتد بسماعه كما قال شيخنا آخرا.
أن يقول ولو غير متوضئ أو جنبا أو حائضا خلافا للسبكي فيهما أو مستنجيا فيما يظهر.
مثل قولهما إن لم يلحنا لحنا يغير المعنى فيأتي بكل كلمة عقب فراغه منها حتى في الترجيع وإن لم يسمعه.
ولو سمع بعض الأذان أجاب فيه وفيما لم يسمعه ولو ترتب المؤذنون أجاب الكل ولو بعد صلاته.
ويكره ترك إجابة الأول.
ويقطع للإجابة القراءة والذكر والدعاء وتكره لمجامع وقاضي حاجة بل يجيبان بعد الفراغ كمصل إن قرب الفصل لا لمن بحمام ومن بدنه ما عدا فمه نجس وإن وجد ما يتطهر به.
إلا في حيعلات فيحوقل المجيب أي يقول فيها: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم أي لا تحول عن معصية الله إلا به ولا قوة على طاعته إلا بمعونته.

(1/155)


ويصدق إن ثوب ولكل أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد فراغهما ثم: اللهم رب هذه الدعوة إلى آخره.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويصدق أي يقول: صدقت وبررت مرتين أي صرت ذا بر أي خير كثير.
إن ثوب أي أتى بالتثويب في الصبح.
ويقول في كلمتي الإقامة: أقامها الله وأدامها وجعلني من صالحي أهلها.
وسن لكل من مؤذن ومقيم وسامعهما.
أن يصلي ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم بعد فراغهما أي بعد فراغ كل منهما إن طال فصل بينهما وإلا فيكفي لهما دعاء واحد.
ثم يقول كل منهم رافعا يديه: اللهم رب هذه الدعوة أي الأذان والإقامة إلى آخره تتمته: التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته. [البخاري رقم: 614] .
والوسيلة هي أعلى درجة في الجنة والمقام المحمود مقام الشفاعة في فصل القضاء يوم القيامة.
ويسن أن يقول بعد أذان المغرب: اللهم هذا إقبال ليلك وإدبار نهارك وأصوات دعاتك فاغفر لي.
[أبو داود رقم: 530, الترمذي رقم: 3589] .

(1/156)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وتسن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الإقامة على ما قاله النووي في شرح الوسيط واعتمده شيخنا ابن زياد وقال: أما قبل الأذان فلم أر في ذلك شيئا.
وقال الشيخ الكبير البكري أنها تسن قبلهما ولا يسن محمد رسول الله بعدهما.
قال الروياني في البحر: يستحب أن يقرأ بين الأذان والإقامة آية الكرسي لخبر: إن من قرأ ذلك بين الأذان والإقامة لم يكتب عليه ما بين الصلاتين.
فرع أفتى البلقيني فيمن وافق فراغه من الوضوء فراغ المؤذن بأنه يأتي بذكر الوضوء لأنه للعبادة التي فرغ منها ثم بذكر الأذان قال: وحسن أن يأتي بشهادتي الوضوء ثم بدعاء الأذان لتعلقه بالنبي صلى الله عليه وسلم ثم بالدعاء لنفسه.

(1/157)


فصل في صلاة النفل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في صلاة النفل
وهو لغة: الزيادة.
وشرعا: ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه.

(1/157)


يسن أربع ركعات قبل عصر وظهر وبعده وركعتان بعد مغرب وعشاء وقبلهما
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويعبر عنه بالتطوع والسنة والمستحب والمندوب.
وثواب الفرض يفضله بسبعين درجة كما في حديث صححه ابن خزيمة.
وشرع ليكمل نقص الفرائض بل وليقوم في الآخرة لا في الدنيا مقام ما ترك منها لعذر كنسيان كما نص عليه.
والصلاة أفضل عبادات البدن بعد الشهادتين ففرضها أفضل الفروض ونفلها أفضل النوافل. ويليها الصوم فالحج فالزكاة على ما جزم به بعضهم وقيل: أفضلها الزكاة وقيل: الصوم وقيل: الحج وقيل غير ذلك.
والخلاف في الإكثار من واحد أي عرفا مع الاقتصار على الآكد من الآخر وإلا فصوم يوم أفضل من ركعتين.
وصلاة النفل قسمان: قسم لا تسن له جماعة كالرواتب التابعة للفرائض وهي ما تأتي آنفا.
يسن للأخبار الصحيحة الثابتة في السنن أربع ركعات قبل عصر وأربع قبل ظهر وأربع بعده وركعتان بعد
مغرب وندب وصلهما بالفرض ولا يفوت فضيلة الوصل بإتيانه قبلهما الذكر المأثور بعد المكتوبة وبعد عشاء ركعتان خفيفتان وقبلهما إن لم يشتغل بهما عن إجابة المؤذن فإن كان بين الأذان والإقامة ما يسعهما فعلهما وإلا

(1/158)


وصبح
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أخرهما وركعتان قبل صبح ويسن تخفيفهما وقراءة الكافرون والإخلاص فيهما لخبر مسلم [رقم: 726, 727] وغيره وورد أيضا فيهما {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ} و {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ} وأن من داوم على قراءتهما فيهما زالت عنه علة البواسير.
فيسن الجمع فيهما بينهن لتتحقق الإتيان بالوارد أخذا مما قاله النووي في: إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا كبيرا [راجع كتاب الأذكار رقم: 388] ولم يكن بذلك مطولا لهما تطويلا يخرج عن حد السنة والإتباع كما قاله شيخنا ابن حجر وزياد.
ويندب الاضطجاع بينهما وبين الفرض إن لم يؤخرهما عنه ولو غير متهجد والأولى كونه على الشق الأيمن فإن لم يرد ذلك فصل بنحو كلام أو تحول.
تنبيه يجوز تأخير الرواتب القبلية عن الفرض وتكون أداء وقد يسن كأن حضر والصلاة تقام أو قربت إقامتها بحيث لو اشتغل بها يفوته تحرم الإمام فيكره الشروع فيها لا تقديم البعدية عليه لعدم دخول وقتها وكذا بعد خروج الوقت على الأوجه.
والمؤكد من الرواتب عشر وهو ركعتان قبل صبح وظهر وبعده وبعد مغرب وعشاء.

(1/159)


ووتر وأقله ركعة وأكثره إحدى عشرة ,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويسن وتر أي صلاته بعد العشاء لخبر: "الوتر حق على كل مسلم" [أبو داود رقم: 1422, النسائي رقم: 1710- 1712, مسند أحمد رقم: 33, 23, الدارمي رقم: 1582] وهو أفضل من جميع الرواتب للخلاف في وجوبه.
وأقله ركعة وإن لم يتقدمها نفل من سنة العشاء أو غيرها.
قال في المجموع: وأدنى الكمال ثلاث وأكمل منه خمس فسبع فتسع وأكثره إحدى عشرة ركعة.
فلا يجوز الزيادة عليها بنية الوتر وإنما يفعل الوتر أوتارا ولو أحرم بالوتر ولم ينو عددا صح واقتصر على ما شاء منه على الأوجه.
قال شيخنا: وكأن بحث بعضهم إلحاقه بالنفل المطلق من أن له إذا نوى عددا أن يزيد وينقص توهمه من ذلك وهو غلط صريح وقوله: إن في كلام الغزالي عن الفوراني ما يؤخذ منه ذلك وهم أيضا كما يعلم من البسيط ويجري ذلك فيمن أحرم بسنة الظهر الأربع بنية الوصل فلا يجوز له الفصل بأن يسلم من ركعتين وإن نواه قبل النقص خلافا لمن وهم فيه أيضا انتهى.
ويجوز لمن زاد على ركعة الفصل بين كل ركعتين بالسلام وهو أفضل من الوصل بتشهد أو تشهدين في الركعتين الأخيرتين.
ولا يجوز الوصل بأكثر من تشهدين.
والوصل خلاف الأولى فيما عدا الثلاث وفيها مكروه للنهي عنه في

(1/160)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
خبر: ولا تشبهوا الوتر بصلاة المغرب [كنز العمال رقم: 19572, مستدرك الحاكم 1/304, قيام الليل لمحمد بن نصر صفحة: 125, والبيهقي 3/31, فتح الباري 14- كتاب الوتر 1- باب ما جاء في الوتر] .
ويسن لمن أوتر بثلاث أن يقرأ في الأولى {سَبِّحِ} وفي الثانية {الْكَافِرُون} وفي الثالثة الإخلاص والمعوذتين للاتباع فلو أوتر بأكثر من ثلاث فيسن له ذلك في الثلاثة الأخيرة إن فصل عما قبلها وإلا فلا.
كما أفتى به البلقيني.
ولمن أوتر بأكثر من ثلاث قراءة الإخلاص في أولييه فصل أو وصل وأن يقول بعد الوتر ثلاثا سبحان الملك
القدوس [أبو داود رقم: 1423] ويرفع صوته بالثالثة ثم يقول: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك [أبو داود رقم: 1427, الترمذي رقم: 3566, النسائي رقم: 1747] .
ووقت الوتر كالتراويح بين صلاة العشاء ولو بعد المغرب في جمع التقديم وطلوع الفجر.
ولو خرج الوقت لم يجز قضاؤها قبل العشاء كالرواتب البعدية خلافا لما رجحه بعضهم ولو بان بطلان عشائه بعد فعل الوتر أو التراويح وقع نفلا مطلقا.

(1/161)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فرع يسن لمن وثق بيقظته قبل الفجر بنفسه أو غيره أن يؤخر الوتر كله لا التراويح عن أول الليل وإن
فاتت الجماعة فيه بالتأخير في رمضان لخبر الشيخين [البخاري رقم: 998, مسلم رقم: 751] "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا".
وتأخيره عن صلاة الليل الواقعة فيه.
ولمن لم يثق بها أن يعجله قبل النوم ولا يندب إعادته.
ثم إن فعل الوتر بعد النوم حصل له به سنة التهجد أيضا وإلا كان وترا لا تهجدا.
وقيل: الأولى أن يوتر قبل أن ينام مطلقا ثم يقوم ويتهجد لقول أبي هريرة رضي الله عنه: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أوتر قبل أن أنام رواه الشيخان [البخاري رقم: 1981, مسلم رقم: 712] .
وقد كان أبو بكر رضي عنه يوتر قبل أن ينام ثم يقوم ويتهجد وعمر رضي الله عنه ينام قبل أن يوتر ويقوم ويتهجد ويوتر.
فترافعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هذا أخذ بالحزم يعني أبا بكر وهذا أخذ بالقوة يعني عمر [أبو داود رقم: 1434] .
وقد روي عن عثمان مثل فعل أبي بكر وعن علي مثل فعل عمر رضي الله عنهم.
قال في الوسيط: واختار الشافعي فعل أبي بكر رضي الله عنه.
وأما الركعتان اللتان يصليهما الناس جلوسا بعد الوتر فليستا من

(1/162)


والضحى وأقلها ركعتان وأكثرها ثمان,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
السنة كما صرح به الجو جري والشيخ زكريا.
قال في المجموع: ولا تغتر بمن يعتقد سنية ذلك ويدعو إليه لجهالته.
ويسن الضحى لقوله تعالى: {يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ والإشراق} [38 سورة ص الآية: 18] .
قال ابن عباس: صلاة الإشراق صلاة الضحى.
روى الشيخان [البخاري رقم: 1981, مسلم رقم: 721] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث صيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أنام.
وروى أبو داود [رقم: 1290] أنه صلى الله عليه وسلم صلى سبحة الضحى أي: صلاتها ثماني ركعات وسلم من كل ركعتين.
وأقلها ركعتان وأكثرها ثمان كما في التحقيق والمجموع وعليه الأكثرون فتحرم الزيادة عليها بنية الضحى وهي أفضلها على ما في الروضة وأصلها: فيجوز الزيادة عليها بنيتها إلى ثنتي عشرة ويندب أن يسلم من كل ركعتين.
ووقتها من ارتفاع الشمس قدر رمح إلى الزوال والاختيار فعلها عند مضي ربع النهار لحديث صحيح فيه [مسلم رقم: 748] , فإن ترادفت

(1/163)


وركعتا تحية
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة التأخير إلى ربع النهار وفضيلة أدائها في المسجد إن لم يؤخرها فالأولى تأخيرها إلى ربع النهار وإن فات به فعلها في المسجد لان الفضيلة المتعلقة بالوقت أولى بالمراعاة من المتعلقة بالمكان.
ويسن أن يقرأ سورتي {وَالشَّمْسِ} {وَالضُّحَى} وورد أيضا قراءة الكافرون والإخلاص.
والأوجه أن ركعتي الإشراق من الضحى خلافا للغزالي ومن تبعه.
ويسن ركعتا تحية لداخل مسجد وإن تكرر دخوله أو لم يرد الجلوس خلافا للشيخ نصر وتبعه الشيخ زكريا في شرحي المنهج والتحرير بقوله: إن أراد الجلوس لخبر الشيخين [البخاري رقم: 444, مسلم رقم: 714] "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين".
وتفوت التحية بالجلوس الطويل وكذا القصير إن لم يسه أو يجهل.
ويلحق بهما على الأوجه ما لو احتاج للشرب فيقعد له قليلا ثم يأتي بها لا بطول قيام أو إعراض عنها.
ولمن أحرم بها قائما القعود لا تمامها.
وكره تركها من غير عذر نعم إن قرب قيام مكتوبة جمعة أو غيرها وخشي لو اشتغل بالتحية فوات فضيلة التحرم انتظره قائما.

(1/164)


واستخارة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويسن لمن لم يتمكن منها ولو بحدث أن يقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم أربعا.
وتكره لخطيب دخل وقت الخطبة ولمريد طواف دخل المسجد لا لمدرس خلافا لبعضهم.
وركعتا استخارة وإحرام وطواف ووضوء وتتأدى ركعتا التحية وما بعدها بركعتين فأكثر من فرض أو نفل آخر وإن لم ينوها معه أي يسقط طلبها بذلك أما حصول ثوابها فالوجه توقفه على النية لخبر: "إنما الأعمال بالنيات" [البخاري رقم: 1, مسلم رقم: 1907] . كما قاله جمع متأخرون واعتمده شيخنا.
لكن ظاهر كلام الأصحاب حصول ثوابها وإن لم ينوها معه وهو مقتضى كلام المجموع.
ويقرأ ندبا في أولى ركعتي الوضوء بعد الفاتحة: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً} [4 سورة النساء الآية: 64] والثانية: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً} [4 سورة النساء الآية: 110] .
ومنه صلاة الأوابين وهي عشرون ركعة بين المغرب والعشاء ورويت ستا وأربعا وركعتين وهما الأقل.

(1/165)


وصلاة العيدين
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وتتأدى بفوائت وغيرها خلافا لشيخنا والأولى فعلها بعد الفراغ من أذكار المغرب.
وصلاة التسبيح وهي أربع ركعات بتسليمة أو تسليمتين وحديثها حسن لكثرة طرقه وفيها ثواب
لا يتناهى ومن ثم قال بعض المحققين: لا يسمع بعظيم فضلها ويتركها إلا متهاون بالدين. [راجع الأذكار الأرقام: 965- 969] .
ويقول في كل ركعة منها خمسة وسبعين سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمسة عشر بعد القراءة وعشرا في كل من الركوع والاعتدال والسجودين والجلوس بينهما بعد الذكر الوارد فيها وجلسة الاستراحة ويكبر عند ابتدائها دون القيام منها ويأتي بها في محل التشهد قبله ويجوز جعل الخمسة عشر قبل القراءة وحينئذ يكون عشر الاستراحة بعد القراءة ولو تذكر في الاعتدال ترك تسبيحات الركوع لم يجز العود إليه ولا فعلها في بالاعتدال لأنه ركن قصير بل يأتي بها في السجود.
ويسن أن لا يخلي الأسبوع منها أو الشهر.
والقسم الثاني ما تسن فيه الجماعة وهو:
صلاة العيدين أالعيد الأكبر والأصغر بين طلوع شمس وزوالها وهي ركعتان ويكبر ندبا في أولى ركعتي العيدين ولو مقضية على الأوجه بعد افتتاح سبعا وفي الثانية خمسا قبل تعوذ

(1/166)


والكسوفين بخطبتين بعدهما واستسقاء
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فيهما رافعا يديه مع كل تكبيرة ما لم يشرع في قراءة ولا يتدارك في الثانية إن تركه في الأولى.
وفي ليلتهما من غروب الشمس إلى أن يحرم الإمام مع رفع صوت وعقب كل صلاة ولو جنازة من صبح عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق وفي عشر ذي الحجة حين يرى شيئا من بهيمة الأنعام أو يسمع صوتها.
وصلاة الكسوفين أي كسوف الشمس والقمر.
وأقلها ركعتان كسنة الظهر وأدنى كمالها زيادة قيام وقراءة وركوع في كل ركعة والأكمل أن يقرأ بعد الفاتحة في القيام الأول البقرة أو قدرها وفي الثاني كمائتي آية منها والثالث كمائة وخمسين والرابع كمائة.
وأن يسبح في أول ركوع وسجود كمائة من البقرة وفي الثاني من كل منهما كثمانين والثالث منهما كسبعين والرابع كخمسين.
بخطبتين أي معهما بعدهما أي يسن خطبتان بعد فعل صلاة العيدين ولو في غد فيما يظهر والكسوفين ويفتتح أولى خطبتي العيدين لا الكسوف بتسع تكبيرات والثانية بسبع ولاء وينبغي أن يفصل بين الخطبتين بالتكبير ويكثر منه في فصول الخطبة قاله السبكي ولا تسن هذه التكبيرات للحاضرين.
وصلاة استسقاء عند الحاجة للماء لفقده أو ملوحته أو قلته بحيث لا يكفي وهي كصلاة العيد لكن يستغفر الخطيب بدل التكبير

(1/167)


والتراويح.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
في الخطبة ويستقبل القبلة حالة الدعاء بعد صدر الخطبة الثانية أي نحو ثلثها.
وصلاة التراويح وهي عشرون ركعة بعشر تسليمات في كل ليلة من رمضان لخبر: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه". [البخاري رقم: 2008, مسلم رقم: 759] .
ويجب التسليم من كل ركعتين.
فلو صلى أربعا منها بتسليمة لم تصح بخلاف سنة الظهر والعصر والضحى والوتر وينوي بها التراويح أو قيام رمضان وفعلها أول الوقت أفضل من فعلها أثناءه بعد النوم خلافا لما وهمه الحليمي.
وسميت تراويح لأنهم كانوا يستريحون لطول قيامهم بعد كل تسليمتين.
وسر العشرين أن الرواتب المؤكدة في غير رمضان عشر فضوعفت فيه لأنه وقت جد وتشمير.
وتكرير {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ثلاثا ثلاثا في الركعات الأخيرة من ركعاتها بدعة غير حسنة لان فيه إخلالا بالسنة كما أفتى به شيخنا.
ويسن التهجد إجماعا وهو التنفل ليلا بعد النوم قال الله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [17 سورة الإسراء الآية: 79] وورد في فضله أحاديث كثيرة وكره لمعتاده تركه بلا ضرورة ويتأكد أن لا يخل بصلاة في الليل بعد النوم ولو ركعتين لعظم فضل ذلك.
ولا حد لعدد ركعاته وقيل: حدها ثنتا عشرة.

(1/168)


0000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأن يكثر فيه من الدعاء والاستغفار.
ونصفه الأخير آكد وأفضله عند السحر لقوله تعالى: {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [51 سورة الذاريات الآية: 18] وأن يوقظ من يطمع في تهجده.
ويندب قضاء نفل مؤقت إذا فات كالعيد والرواتب والضحى لا ذي سبب ككسوف وتحية وسنة
وضوء.
ومن فاته ورده أي من النفل المطلق ندب له قضاؤه وكذا غير الصلاة.
ولا حصر للنفل المطلق وله أن يقتصر على ركعة بتشهد مع سلام بلا كراهة فإن نوى فوق ركعة فله التشهد في كل ركعتين وفي ثلاث وأربع فأكثر أو نوى قدرا فله زيادة ونقص إن نويا قبلهما وإلا بطلت صلاته فلو نوى ركعتين فقام إلى ثالثة سهوا ثم تذكر فيقعد وجوبا ثم يقوم للزيادة إن شاء ثم يسجد للسهو آخر صلاته وإن لم يشأ قعد وتشهد وسجد للسهو وسلم.
ويسن للمتنفل ليلا أو نهارا أن يسلم من كل ركعتين للخبر المتفق عليه [البخاري رقم: 990, مسلم رقم: 749] "صلاة الليل مثنى مثنى".
وفي رواية صحيحة [الترمذي رقم: 597, ابن ماجه رقم: 1322] : والنهار.
قال في المجموع: إطالة القيام أفضل من تكثير الركعات.
وقال فيه أيضا: أفضل النفل عيد أكبر فأصغر فكسوف.

(1/169)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فخسوف فاستسقاء فوتر فركعتا فجر فبقية الرواتب فجميعها في مرتبة واحدة فالتراويح فالضحى فركعتا الطواف والتحية والإحرام فالوضوء.
فائدة: أما الصلاة المعروفة ليلة الرغائب ونصف شعبان ويوم عاشوراء فبدعة قبيحة وأحاديثها موضوعة.
قال شيخنا: كابن شبهة وغيره وأقبح منها ما اعتيد في بعض البلاد من صلاة الخمس في الجمعة الأخيرة من رمضان عقب صلاتها زاعمين أنها تكفر صلوات العام أو العمر المتروكة وذلك حرام.

(1/170)


فصل [في صلاة الجماعة]
صلاة الجماعة في أداء مكتوبة سنة مؤكدة,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في صلاة الجماعة
وشرعت بالمدينة وأقلها إمام ومأموم.
وهي في الجمعة ثم في صبحها ثم الصبح ثم العشاء ثم العصر ثم الظهر ثم المغرب أفضل.
صلاة الجماعة في أداء مكتوبة لا جمعة سنة مؤكدة للخبر المتفق

(1/170)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عليه [البخاري رقم: 645, مسلم رقم: 650] : صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة.
والأفضلية تقتضي الندبية فقط.
وحكمة السبع والعشرين: أن فيها فوائد تزيد على صلاة الفذ بنحو ذلك.
وخرج بالأداء القضاء نعم إن اتفقت مقضية الإمام والمأموم سنت الجماعة وإلا فخلاف الأولى كأداء خلف قضاء وعكسه وفرض خلف نفل وعكسه وتراويح خلف وتر وعكسه وبالمكتوبة: المنذورة والنافلة فلا تسن فيهما الجماعة ولا تكره.
قال النووي: والأصح أنها فرض كفاية للرجال البالغين الأحرار المقيمين في المؤاداة فقط بحيث يظهر شعارها
بمحل إقامتها.
وقيل: إنها فرض عين وهو مذهب أحمد.
وقيل: شرط لصحة الصلاة.
ولا يتأكد الندب للنساء تأكده للرجال فلذلك يكره تركها لهم لا لهن.
والجماعة في مكتوبة لذكر بمسجد أفضل نعم إن وجدت في بيته فقط فهو أفضل وكذا لو كانت فيه أكثر منها في المسجد على ما اعتمده الأذرعي وغيره.
قال شيخنا: والأوجه خلافه ولو تعارضت فضيلة الصلاة في المسجد والحضور خارجه: قدم فيما يظهر لان الفضيلة المتعلقة بذات

(1/171)


وهي بجمع كثير أفضل إلا لنحو بدعة إمامه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
العبادة أولى من الفضيلة المتعلقة بمكانها أو زمانها والمتعلقة بزمانها أولى من المتعلقة بمكانها.
وتسن إعادة المكتوبة بشرط أن تكون في الوقت وأن لا تزاد في إعادتها على مرة خلافا لشيخ شيوخنا أبي
الحسن البكري رحمه الله تعالى.
ولو صليت الأولى جماعة مع آخر ولو واحدا إماما كان أو مأموما في الأولى أو الثانية بنية فرض.
وإن وقعت نفلا فينوي إعادة الصلاة المفروضة.
واختار الإمام أن ينوي الظهر أو العصر مثلا ولا يتعرض للفرض ورجحه في الروضة لكن الأول مرجح الأكثرين والفرض الأولى ولو بان فساد الأولى لم تجزئه الثانية على ما اعتمده النووي وشيخنا خلافا لما قاله شيخه زكريا تبعا للغزالي وابن العماد أي إذا نوى بالثانية الفرض.
وهي بجمع كثير أفضل منها في جمع قليل للخبر الصحيح [أبو داود رقم: 554, النسائي رقم: 843] : وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى.
إلا لنحو بدعة إمامه أي: الكثير كرافضي وفاسق ولو بمجرد التهمة فالأقل جماعة بل الانفراد أفضل كذا قاله شيخنا تبعا لشيخه زكريا رحمهما الله تعالى.

(1/172)


أو تعطل مسجد منها,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وكذا لو كان لا يعتقد وجوب بعض الأركان أو الشروط وإن أتى بها لأنه يقصد بها النفلية وهو مبطل عندنا.
أو كون القليل بمسجد متيقن حل أرضه أو مال بانيه.
أو تعطل مسجد قريب أو بعيد منها أي الجماعة بغيبته عنه لكونه إمامه أو يحضر الناس بحضوره فقليل الجمع في ذلك أفضل من كثبره في غيره بل بحث بعضهم أن الانفراد بالمتعطل عن الصلاة فيه بغيبته أفضل والأوجه خلافه.
ولو كان إمام القليل أولى بالإمامة لنحو علم كان الحضور عنده أولى.
ولو تعارض الخشوع والجماعة فهي أولى كما أطبقوا عليه حيث قالوا: إن فرض الكفاية أفضل من السنة.
وأفتى الغزالي وتبعه أبو الحسن البكري في شرحه الكبير على المنهاج بأولوية الانفراد لمن لا يخشع مع الجماعة في أكثر صلاته.
قال شيخنا: وهو كذلك إن فات في جميعها وإفتاء ابن عبد السلام بأن الخشوع أولى مطلقا إنما يأتي على قول أن الجماعة سنة.
ولو تعارض فضيلة سماع القرآن من الإمام مع قلة الجماعة وعدم سماعه مع كثرتها كان الأول أفضل.
ويجوز لمنفرد أن ينوي اقتداء بإمام أثناء صلاته وإن اختلفت ركعتهما لكن يكره ذلك له دون مأموم خرج من الجماعة لنحو حدث

(1/173)


وتدرك جماعة ما لم يسلم إمام,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إمامه فلا يكره له الدخول في جماعة أخرى.
فإذا اقتدى في الأثناء لزمه موافقة الإمام ثم إن فرغ أولا كمسبوق وإلا فانتظاره أفضل.
وتجوز المفارقة بلا عذر مع الكراهة فتفوت فضيلة الجماعة.
والمفارقة بعذر: كمرخص ترك جماعة وتركه سنة مقصودة كتشهد أول وقنوت وسورة وتطويله وبالمأموم ضعف أو شغل لا تفوت فضيلتها.
وقد تجب المفارقة كأن عرض مبطل لصلاة إمامه وقد علمه فيلزمه نيتها فورا وإلا بطلت وإن لم يتابعه اتفاقا كما في المجموع وتدرك جماعة في غير جمعة أي فضيلتها للمصلي.
ما لم يسلم إمام أي لم ينطق بميم عليكم في التسليمة الأولى وإن لم يقعد معه بأن سلم عقب تحرمه لإدراكه ركنا معه فيحصل له جميع ثوابها وفضلها لكنه دون فضل من أدركها كلها.
ومن أدرك جزءا من أولها ثم فارق بعذر أو خرج الإمام بنحو حدث حصل له فضل الجماعة.
أما الجمعة فلا تدرك إلا بركعة كما يأتي.
ويسن لجمع حضروا والإمام قد فرغ من الركوع الأخير أن يصبروا إلى أن يسلم ثم يحرموا مالم يضق الوقت وكذا لمن سبق ببعض الصلاة ورجا جماعة يدرك معهم الكل لكن قال شيخنا إن محله ما لم يفت

(1/174)


وتحرم بحضوره واشتغال به عقب تحرم إمامه,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بانتظارهم فضيلة أول الوقت أو وقت الاختيار سواء في ذلك الرجاء واليقين.
وأفتى بعضهم بأنه لو قصدها فلم يدركها كتب له أجرها لحديث فيه. [أبو داود رقم: 564, النسائي رقم: 855, مسند أحمد رقم: 8724] .
وتدرك فضيلة تحرم مع إمام بحضوره أي المأموم التحرم.
واشتغال به عقب تحرم إمامه من غير تراخ فإن لم يحضره أو تراخى فاتته فضيلته نعم يغتفر له وسوسة خفيفة.
وإدراك تحرم الإمام فضيلة مستقلة مأمور بها لكونه صفوة الصلاة ولان ملازمه أربعين يوما يكتب له براءة من النار وبراءة من النفاق كما في الحديث [الترمذي رقم: 241] وقيل: يحصل فضيلة التحرم بإدراك بعض القيام.
ويندب ترك الإسراع وإن خاف فوت التحرم وكذا الجماعة على الأصح إلا في الجمعة فيجب طاقته إن رجا إدراك التحرم قبل سلام الإمام.
ويسن لإمام ومنفرد انتظار داخل محل الصلاة مريدا الاقتداء به في الركوع والتشهد الأخير لله تعالى بلا تطويل وتمييز بين الداخلين ولو لنحو علم.
وكذا في السجدة الثانية ليلحق موافق تخلف لإتمام فاتحة لا خارج عن محلها وأن صغر المسجد ولا داخل يعتاد البطء وتأخير

(1/175)


وركعة بتكبيرة لإحرام
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الإحرام إلى الركوع بل يسن عدمه زجرا له.
قال الفوراني: يحرم الانتظار للتودد.
ويسن للإمام تخفيف الصلاة مع أبعاض وهيئات بحيث لا يقتصر على الأقل ولا يستوفي الأكمل إلا أن رضي بتطويله محصورون.
وكره له تطويل وإن قصد لحوق آخرين.
ولو رأى مصل نحو حريق خفف وهل يلزم أم لا؟ وجهان والذي يتجه أنه يلزمه لإنقاذ حيوان محترم ويجوز له لإنقاذ نحو مال كذلك.
ومن رأى حيوانا محترما يقصده ظالم أو يغرق لزمه تخليصه وتأخير صلاة أو إبطالها إن كان فيها أو مالا جاز له ذلك وكره له تركه.
وكره ابتداء نفل بعد شروع المقيم في الإقامة ولو بغير إذن الإمام فإن كان فيه أتمه إن لم يخش بإتمامه فوت جماعة وإلا قطعه ندبا ودخل فيها ما لم يرج جماعة أخرى.
وتدرك ركعة لمسبوق أدرك الإمام راكعا بأمرين: بتكبيرة الإحرام ثم أخرى لهوي فإن اقتصر على تكبيرة اشترط أن يأتي بها لإحرام فقط وأن يتمها قبل أن يصير إلى أقل الركوع وإلا لم تنعقد إلا لجاهل فتنعقد له نفلا بخلاف ما لو نوى الركوع وحده لخلوها عن التحرم.
أو مع التحرم للتشريك.
أو أطلق لتعارض قرينتي الافتتاح والهوي فوجبت نية التحرم لتمتاز عما عارضها من تكبيرة الهوي.

(1/176)


وركوع محسوب تام يقينا ويكبر مسبوق انتقل معه وبعد سلاميه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وبإدراك ركوع محسوب للإمام وإن قصر المأموم فلم يحرم إلا وهو راكع.
وخرج بالركوع غيره كالاعتدال وبالمحسوب غيره كركوع محدث ومن في ركعة زائدة.
ووقع للزركشي في قواعده ونقله العلامة أبو المسعود وابن ظهيرة في حاشية المنهاج: أنه يشترط أيضا أن يكون الإمام أهلا للتحمل فلو كان الإمام صبيا لم يكن مدركا للركعة لأنه ليس أهلا للتحمل.
تام بأن يطمئن قبل ارتفاع الإمام عن أقل الركوع وهو بلوغ راحتيه ركبتيه يقينا فلو لم يطمئن فيه قبل
ارتفاع الإمام منه أو شك في حصول الطمأنينة فلا يدرك الركعة.
ويسجد الشاك للسهو كما في المجموع لأنه شاك بعد سلام الإمام في عدد ركعاته فلا يتحمل عنه.
وبحث الأسنوي وجوب ركوع أدرك به ركعة في الوقت.
ويكبر ندبا مسبوق انتقل معه لانتقاله فلو أدركه معتدلا كبر للهوي وما بعده أو ساجدا مثلا غير سجدة تلاوة لم يكبر للهوي إليه ويوافقه ندبا في ذكر ما أدركه فيه من تحميد وتسبيح وتشهد ودعاء وكذا صلاة على الآل ولو في تشهد المأموم الأول قاله شيخنا.
ويكبر مسبوق للقيام بعد سلاميه إن كان المحل الذي جلس معه فيه

(1/177)


إن كان موضع جلوسه وشرط لقدوة نية اقتداء أو جماعة مع تحرم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
موضع جلوسه لو انفرد كأن أدركه في ثالثة رباعية أو ثانية مغرب وإلا لم يكبر للقيام ويرفع يديه تبعا لإمامه القائم من تشهده الأول وإن لم يكن محل تشهده ولا يتورك في غير تشهده الأخير.
ويسن له أن لا يقوم إلا بعد تسليمتي الإمام.
وحرم مكث بعد تسليمتيه إن لم يكن محل جلوسه فتبطل صلاته به إن تعمد وعلم تحريمه.
ولا يقوم قبل سلام الإمام فإن تعمده بلا نية مفارقة بطلت.
والمراد مفارقة حد القعود فإن سها أو جهل لم يعتد بجميع ما أتى به حتى يجلس ثم يقوم بعد سلام الإمام.
ومتى علم ولم يجلس بطلت صلاته وبه فارق من قام عن إمامه في التشهد الأول عامدا فإنه يعتد بقراءته قبل قيام الإمام لأنه لا يلزمه العود إليه.
وشرط لقدوة شروط منها:
نية اقتداء أو جماعة أو ائتمام بالإمام الحاضر أو الصلاة معه أو كونه مأموما.
مع تحرم أي يجب أن تكون هذه النية مقترنة مع التحرم وإذا لم تقترن نية نحو الاقتداء بالتحرم لم تنعقد الجمعة لاشتراط الجماعة فيها وتنعقد غيرها فرادى.
فلو ترك هذه النية أو شك فيها وتابع مصليا في فعل كأن هوى

(1/178)


ونية إمامة سنة لإمام في غير جمعة وعدم تقدم على إمام بعقب وندب وقوف ذكر عن يمين الإمام متأخرا قليلا فإن جاء آخر أحرم عن يساره ثم تأخرا ورجلين أو رجال خلفه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
للركوع متابعا له أو في سلام بأن قصد ذلك من غير اقتداء به وطال عرفا انتظاره له بطلت صلاته.
ونية إمامة أو جماعة سنة لإمام في غير جمعة لينال فضل الجماعة وللخروج من خلاف من أوجبها.
وتصح نيتها مع تحرمه وإن لم يكن خلفه أحد إن وثق بالجماعة على الأوجه لأنه سيصير إماما فإن لم ينو ولو لعدم علمه بالمقتدين حصل لهم الفضل دونه وإن نواه في الأثناء حصل له الفضل من حينئذ.
أما في الجمعة فتلزمه مع التحرم.
ومنها: عدم تقدم في المكان يقينا على إمام بعقب وإن تقدمت أصابعه أما الشك في التقدم فلا يؤثر ولا يضر مساواته لكنها مكروهة وندب وقوف ذكر ولو صبيا لم يحضر غيره عن يمين الإمام وإلا سن له تحويله للاتباع متأخر عنه قليلا بأن تتأخر أصابعه عن عقب إمامه وخرج بالذكر الأنثى فتقف خلفه مع مزيد تأخر.
فإن جاء ذكر آخر أحرم عن يساره ويتأخر قليلا ثم بعد إحرامه تأخرا عنه ندبا في قيام أو ركوع حتى يصيرا صفا وراءه.
ووقوف رجلين جاءا معا أو رجال قصدوا الاقتداء بمصل خلفه صفا.

(1/179)


وفي صف أول ثم ما يليه وكره انفراد وشروع في صف قبل إتمام ما قبله وعلم بانتقال إمام
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وندب وقوف في صف أول وهو ما يلي الإمام وإن تخلله منبر أو عمود ثم ما يليه وهكذا.
وأفضل كل صف يمينه ولو ترادف يمين الإمام والصف الأول قدم فيما يظهر.
ويمينه أولى من القرب إليه في يساره.
وإدراك الصف الأول أولى من إدراك ركوع غير الركعة الأخيرة.
أما هي: فإن فوتها قصد الصف الأول فإدراكها أولى من الصف الأول.
وكره لمأموم انفراد عن الصف الذي من جنسه إن وجد فيه سعة بل يدخله.
وشروع في صف قبل إتمام ما قبله من الصف ووقوف الذكر الفرد عن يساره ووراءه ومحاذيا له ومتأخرا كثيرا وكل هذه تفوت فضيلة الجماعة كما صرحوا به.
ويسن أن لا يزيد ما بين كل صفين والأول والإمام على ثلاثة أذرع ويقف خلف الإمام الرجال ثم الصبيان ثم النساء.
ولا يؤخر الصبيان للبالغين لاتحاد جنسهم.
ومنها: علم بانتقال إمام برؤية له أو لبعض صف أو سماع

(1/180)


واجتماعهما بمكان فإن كانا بمسجد صح الاقتداء ولو كان أحدهما فيه والآخر خارجه شرط عدم حائل أو وقوف واحد حذاء منفذ,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لصوته أو صوت مبلغ ثقة.
ومنها اجتماعهما أي الإمام والمأموم بمكان كما عهد عليه الجماعات في العصر الخالية.
فإن كانا بمسجد ومنه جداره ورحبته وهي ما خرج عنه لكن حجر لأجله سواء أعلم وقفيتها مسجد أو جهل أمرها عملا بالظاهر وهو التحويط لكن ما لم يتيقن حدوثها بعده وأنها غير مسجد لا حريمه وهو موضع اتصل به وهيئ لمصلحته كانصباب ماء ووضع نعال.
صح الاقتداء وإن زادت المسافة بينهما على ثلاثمائة ذراع أو اختلفت الأبنية بخلاف من ببناء فيه لا ينفذ بابه إليه: سمر أو كان سطحا لا مرقى له منه فلا تصح القدوة إذ لا اجتماع حينئذ كما لو وقف من وراء شباك بجدار المسجد ولا يصل إليه إلا بازورار أو انعطاف بأن ينحرف عن جهة القبلة لو أراد الدخول إلى الإمام.
ولو كان أحدهما فيه أي المسجد.
والآخر خارجه شرط مع قرب المسافة بأن لا يزيد ما بينهما على ثلاثمائة ذراع تقريبا.
عدم حائل بينهما يمنع مرورا أو رؤية.
أو وقوف واحد من المأمومين حذاء منفذ في الحائل إن كان كما إذا

(1/181)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كانا ببناءين كصحن وصفة من دار أو كان أحدهما ببناء والآخر بفضاء فيشترط أيضا هنا ما مر.
فإن حال ما يمنع مرورا كشباك أو رؤية كباب مردود وإن لم تغلق ضبته لمنعه المشاهدة وإن لم يمنع الاستطراق ومثله الستر المرخى أو لم يقف أحد حذاء منفذ لم يصح الاقتداء فيهما.
وإذا وقف واحد من المأمومين حذاء المنفذ حتى يرى الإمام أو بعض من معه في بنائه فحينئذ تصح صلاة من بالمكان الآخر تبعا لهذا المشاهد فهو في حقهم كالإمام حتى لا يجوز عليه في الموقف والإحرام ولا بأس بالتقدم عليه في الأفعال ولا يضرهم بطلان صلاته بعد إحرامهم على الأوجه كرد الريح الباب أثناءها لأنه يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء.
فرع لو وقف أحدهما في علو والآخر في سفل اشترط عدم الحيلولة لا محاذاة قدم الأعلى رأس الأسفل وإن كانا في غير مسجد على ما دل عليه كلام الروضة وأصلها والمجموع خلافا لجمع متأخرين.
ويكره ارتفاع أحدهما على الآخر بلا حاجة ولو في المسجد.

(1/182)


وموافقة في سنن تفحش مخالفة فيها وعدم تخلف عن إمام بركنين فعليين بلا عذر مع تعمد وعلم,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ومنها موافقة في سنن تفحش مخالفة فيها فعلا أو تركا.
فتبطل صلاة من وقعت بينه وبين الإمام مخالفة في سنة كسجدة تلاوة فعلها الإمام وتركها المأموم عامدا عالما بالتحريم.
وتشهد أول فعله الإمام وتركه المأموم أو تركه الإمام وفعله المأموم عامدا عالما وإن لحقه على القرب حيث لم يجلس الإمام للاستراحة لعدوله عن فرض المتابعة إلى سنة.
أما إذا لم تفحش المخالفة فيها فلا يضر الإتيان بالسنة كقنوت أدرك مع الإتيان به الإمام في سجدته الأولى وفارق التشهد الأول بأنه فيه أحدث قعودا لم يفعله الإمام وهذا إنما طول ما كان فيه الإمام فلا فحش.
وكذا لا يضر الإتيان بالتشهد الأول إن جلس إمامه للاستراحة لان الضار إنما هو إحداث جلوس لم يفعله الإمام وإلا لم يجز وأبطل صلاة العالم العامد ما لم ينو مفارقته وهو فراق بعذر فيكون أولى.
وإذا لم يفرغ المأموم منه مع فراغ الإمام جاز له التخلف لإتمامه بل ندب إن علم أنه يدرك الفاتحة بكمالها قبل ركوع الإمام لا التخلف لإتمام سورة بل يكره إذا لم يلحق الإمام في الركوع.
ومنها عدم تخلف عن إمام بركنين فعليين متواليين تامين بلا عذر مع تعمد وعلم بالتحريم وإن لم يكونا طويلين.

(1/183)


وبأكثر من ثلاثة أركان طويلة بعذر أوجبه كإسراع إمام قراءة وانتظار مأموم سكتته فليوافق في الرابع
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فإن تخلف بهما بطلت صلاته لفحش المخالفة كأن ركع الإمام واعتدل وهوي للسجود أي زال من حد القيام والمأموم قائم.
وخرج بالفعليين القوليان والقولي والفعلي.
وعدم تخلف عنه معهما بأكثر من ثلاثة أركان طويلة فلا يحسب منها الاعتدال والجلوس بين السجدتين. بعذر أوجبه أي اقتضى وجوب ذلك التخلف.
كإسراع إمام قراءة والمأموم بطئ القراءة لعجز خلقي لا لوسوسة أو الحركات.
وانتظار مأموم سكتته أي سكتة الإمام ليقرأ فيها الفاتحة فركع عقبها وسهوه عنها حتى ركع الإمام.
وشكه فيها قبل ركوعه.
أما التخلف لوسوسة بأن كان يردد الكلمات من غير موجب فليس بعذر.
قال شيخنا: ينبغي في ذي وسوسة صارت كالخلقية بحيث يقطع كل من رآه أنه لا يمكنه تركها أن يأتي فيه ما في بطئ الحركة فيلزم المأموم في الصور المذكورة إتمام الفاتحة ما لم يتخلف بأكثر من ثلاثة أركان طويلة وإن تخلف مع عذر بأكثر من الثلاثة بأن لا يفرغ من الفاتحة إلا والإمام قائم عن السجود أو جالس للتشهد فليوافق إمامه وجوبا في الركن الرابع وهو القيام أو الجلوس للتشهد ويترك ترتيب نفسه.

(1/184)


ثم يتدارك ولو اشتغل مسبوق بسنة قرأ قدرها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ثم يتدارك بعد سلام الإمام ما بقي عليه فإن لم يوافقه في الرابع مع علمه بوجوب المتابعة ولم ينو المفارقة بطلت صلاته إن علم وتعمد.
وإن ركع المأموم مع الإمام فشك هل قرأ الفاتحة أو تذكر أنه لم يقرأها؟ لم يجز له العود إلى القيام وتدارك بعد سلام الإمام ركعة.
فإن عاد عالما عامدا بطلت صلاته وإلا فلا.
فلو تيقن القراءة وشك في إكمالها فإنه لا يؤثر.
ولو اشتغل مسبوق وهو من لم يدرك من قيام الإمام قدرا يسع الفاتحة بالنسبة إلى القراءة المعتدلة وهو ضد الموافق.
ولو شك هل أدرك زمنا يسعها؟ تخلف لا تمامها ولا يدرك الركعة ما لم يدركه في الركوع بسنة كتعوذ وافتتاح أولم يشتغل بشيء بأن سكت زمنا بعد تحرمه وقبل قراءته وهو عالم بأن واجبه الفاتحة أو
استمع قراءة الإمام.
قرأ وجوبا من الفاتحة بعد ركوع الإمام سواء أعلم أنه يدرك الإمام قبل رفعه من1 سجوده أم لا على الأوجه قدرها حروفا في ظنه أو قدر زمن من سكوته لتقصيره بعدوله عن فرض إلى غيره.
__________
1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله الذي في التحفة قبل سجوده وهو المتعين كما يستفاد من مقابل الأوجه الآتي القريب ولعل لفظ: رفعه من زيد من النساخ. انتهى.

(1/185)


وعذر,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وعذر من تخلف لسنة كبطء القراءة على ما قاله الشيخان كالبغوي لوجوب التخلف فيتخلف ويدرك الركعة ما لم يسبق بأكثر من ثلاثة أركان خلافا لما اعتمده جمع محققون من كونه غير معذور لتقصيره
بالعدول المذكور وجزم به شيخنا في شرح المنهاج وفتاويه ثم قال: من عبر بعذره فعبارته مؤولة.
وعليه: إن لم يدرك الإمام في الركوع فاتته الركعة ولا يركع لأنه لا يحسب له بل يتابعه في هوية للسجود إلا بطلت صلاته إن علم وتعمد.
ثم قال: والذي يتجه أنه يتخلف لقراءة ما لزمه حتى يريد الإمام ألهوي للسجود فإن كمل وافقه فيه ولا يركع وإلا بطلت صلاته إن علم وتعمد وإلا فارقه بالنية.
قال شيخنا في شرح الإرشاد: والأقرب للمنقول الأول وعليه أكثر المتأخرين أما إذا ركع بدون قراءة قدرها فتبطل صلاته.
وفي شرح المنهاج له عن معظم الأصحاب: أنه يركع ويسقط عنه بقية الفاتحة واختير بل رجحه جمع متأخرون وأطالوا في الاستدلال له وأن كلام الشيخين يقتضيه.
أما إذا جهل أن واجبه ذلك فهو تخلفه لما لزمه متخلف بعذر قاله القاضي.
وخرج بالمسبوق الموافق فإنه إذا لم يتم الفاتحة لاشتغاله بسنة كدعاء افتتاح وإن لم يظن إدراك الفاتحة معه يكون كبطيء

(1/186)


وسبقه على إمام بركنين فعليين مبطل وبركن فعلي حرام ومقارنته في أفعال مكروهة كتخلف عنه إلى فراغ ركن.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
القراءة فيما مر بلا نزاع.
وسبقه أي المأموم على إمام عامدا عالما ب تمام ركنين فعليين وإن لم يكونا طويلين مبطل للصلاة لفحش المخالفة وصورة التقدم بهما: أن يركع ويعتدل ثم يهوي للسجود مثلا والإمام قائم أو كأن يركع قبل الإمام فلما أراد الإمام أن يركع رفع فلما أراد الإمام أن يركع سجد فلم يجتمع معه في الركوع ولا في الاعتدال.
ولو سبق بهما سهوا أو جهلا لم يضر لكن لا يعتد له بهما فإذا لم يعد للإتيان بهما مع الإمام سهوا أو جهلا أتى بعد سلام إمامه بركعة وإلا أعاد الصلاة.
وسبقه عليه عامدا عالما ب تمام ركن فعلي كأن ركع ورفع والإمام قائم حرام.
بخلاف التخلف به فإنه مكروه كما يأتي.
ومن تقدم بركن سن له العود ليوافقه إن تعمد وإلا تخير بين العود والدوام.
ومقارنته أي مقارنة المأموم الإمام في أفعال وكذا أقوال غير تحرم مكروهة: كتخلف عنه أي الإمام إلى فراغ ركن وتقدم عليه بابتدائه وعند تعمد أحد هذه الثلاثة تفوته فضيلة الجماعة فهي جماعة صحيحة لكن لا ثواب عليها فيسقط إثم تركها أو كراهته.
فقول جمع انتفاء الفضيلة يلزمه الخروج عن المتابعة حتى يصير

(1/187)


ولا يصح قدوة بمن اعتقد بطلان صلاته,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كالمنفرد ولا تصح له الجمعة وهم كما بينه الزركشي وغيره.
ويجري ذلك في كل مكروه من حيث الجماعة بأن لم يتصور وجوده في غيرها فالسنة للمأموم أن يتأخر ابتداء فعله عن ابتداء فعل الإمام ويتقدم على فراغه منه.
والأكمل من هذا أن يتأخر ابتداء فعل المأموم عن جميع حركة الإمام ولا يشرع حتى يصل الإمام لحقيقة المنتقل إليه فلا يهوي للركوع والسجود حتى يستوي الإمام راكعا أو تصل جبهته إلى المسجد.
ولو قارنه بالتحرم أو تبين تأخر تحرم الإمام لم تنعقد صلاته ولا بأس بإعادته التكبير سرا بنية ثانية إن لم يشعروا ولا بالمقارنة في السلام.
وإن سبقه بالفاتحة أو التشهد بأن فرغ من أحدهما قبل شروع الإمام فيه لم يضر.
وقيل: تجب الإعادة مع فعل الإمام أو بعده وهو أولى فعليه إن لم يعده بطلت.
ويسن مراعاة هذا الخلاف كما يسن تأخير جميع فاتحته عن فاتحة الإمام ولو في أوليي السرية إن ظن أنه يقرأ السورة.
ولو علم أن إمامه يقتصر على الفاتحة لزمه أن يقرأها مع قراءة الإمام.
ولا يصح قدوة بمن اعتقد بطلان صلاته بأن ارتكب مبطلا في اعتقاد

(1/188)


ولا بمقتد ولا قارئ بأمي,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المأموم كشافعي اقتدى بحنفي مس فرجه دون ما إذا افتصد نظرا لاعتقاد المقتدي لان الإمام محدث
عنده بالمس دون الفصد فيتعذر ربط صلاته بصلاة الإمام لأنه عنده ليس في صلاة.
ولو شك شافعي في إتيان المخالف بالواجبات عند المأموم لم يؤثر في صحة الاقتداء به تحسينا للظن به في توقي الخلاف فلا يضر عدم اعتقاده الوجوب.
فرع لو قام إمامه لزيادة كخامسة ولو سهوا لم يجز له متابعته ولو مسبوقا أو شاكا في ركعة بل يفارقه ويسلم أو ينتظره على المعتمد.
ولا قدوة بمقتد ولو احتمالا وإن بان إماما.
وخرج بمقتد من انقطعت قدوته كأن سلم الإمام فقام مسبوق فاقتدى به آخر صحت أو قام مسبوقون فاقتدى بعضهم ببعض صحت أيضا على المعتمد لكن مع الكراهة.
ولا قدوة قارئ بأمي وهو من يخل بالفاتحة أو بعضها ولو بحرف منها بأن يعجز عنه بالكلية أو عن إخراجه عن مخرجه أو عن أصل تشديدة وإن لم يمكنه التعلم ولا علم بحاله لأنه لا يصلح لتحمل القراءة عنه لو أدركه راكعا.

(1/189)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويصح الاقتداء بمن يجوز كونه أميا إلا إذا لم يجهر في جهرية فيلزمه مفارقته فإن استمر جاهلا حتى سلم لزمته الإعادة ما لم يتبين أنه قارئ.
ومحل عدم صحة الاقتداء بالأمي: إن لم يستو الإمام والمأموم في الحرف المعجوز عنه بأن أحسنه المأموم فقط أو أحسن كل منهما غير ما أحسنه الآخر.
ومنه أرت يدغم في غير محله بإبدال وألثغ يبدل حرفا بآخر.
فإن أمكنه التعلم ولم يتعلم لم تصح صلاته وإلا صحت كاقتدائه بمثله.
وكره اقتداء بنحو تأتاء وفأفاء ولاحن بما لا يغير معنى كضم هاء لله وفتح دال نعبد فإن لحن لحنا يغير المعنى في الفاتحة ك أنعمت بكسر أو ضم أبطل صلاة من أمكنه التعلم ولم يتعلم لأنه ليس بقرآن.
نعم إن ضاق الوقت صلى لحرمته وأعاد لتقصيره.
قال شيخنا: ويظهر أنه لا يأتي بتلك الكلمة لأنه غير قرآن قطعا فلم تتوقف صحة الصلاة حينئذ عليها بل تعمدها ولو من مثل هذا مبطل. انتهى.
أو في غيرها: صحت صلاته والقدوة به إلا إذا قدر وعلم وتعمد لأنه حينئذ كلام أجنبي.

(1/190)


ولو اقتدى بمن ظنه أهلا فبان خلافه أعاد لا ذا حدث أو خبث وصح اقتداء سليم بسلس,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وحيث بطلت صلاته هنا يبطل الاقتداء به لكن للعالم بحاله كما قاله الماوردي.
واختار السبكي ما اقتضاه قول الإمام ليس لهذا قراءة غير الفاتحة لأنه يتكلم بما ليس بقرآن بلا ضرورة من البطلان مطلقا.
ولو اقتدى بمن ظنه أهلا للإمامة فبان خلافه كأن ظنه قارئا أو غير مأموم أو رجلا أو عاقلا فبان أميا أو مأموما أو امرأة أو مجنونا أعاد الصلاة وجوبا لتقصيره بترك البحث في ذلك لا إن اقتدى بمن ظنه متطهرا فبان ذا حدث ولو حدثا أكبر أو ذا خبث خفي ولو في جمعة إن زاد على الأربعين: فلا تجب الإعادة وإن كان الإمام عالما لانتفاء تقصير المأموم إذ لا أمارة عليهما ومن ثم حصل له فضل الجماعة.
أما إذا بان ذا خبث ظاهر فيلزمه الإعادة على غير الأعمى لتقصيره وهو ما بظاهر الثوب وإن حال بين الإمام والمأموم حائل.
والأوجه في ضبطه أن يكون بحيث لو تأمله المأموم رآه والخفي بخلافه.
وصحح النووي في التحقيق عدم وجوب الإعادة مطلقا.
وصح اقتداء سليم بسلس للبول أو المذي أو الضراط وقائم بقاعد ومتوضئ بمتيمم لا تلزمه
إعادة.

(1/191)


وكره بفاسق ومبتدع.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وكره اقتداء بفاسق ومبتدع كرافضي وإن لم يوجد أحد سواهما ما لم يخش فتنة.
وقيل: لا يصح الاقتداء بهما.
وكره أيضا اقتداء بموسوس وأقلف لا بولد الزنا لكنه خلاف الأولى.
واختار السبكي ومن تبعه انتقاء الكراهة إذا تعذرت الجماعة إلا خلف من تكره خلفه بل هي أفضل من الانفراد.
وجزم شيخنا بأنها لا تزول حينئذ بل الانفراد أفضل منها.
وقال بعض أصحابنا: والأوجه عندي ما قاله السبكي رحمه الله تعالى.
تتمة [في بيان الأعذار المرخصة لترك الجماعة] وعذر الجماعة كالجمعة مطر يبل ثوبه للخبر الصحيح [النسائي رقم: 854, أبو داود رقم: 1057, ابن ماجه رقم: 936, مسند أحمد رقم: 19769, 20188] أنه صلى الله عليه وسلم أمر بالصلاة في الرحال يوم مطر يبل أسفل النعال بخلاف ما لا يبله نعم قطر الماء من سقوف الطريق عذر وإن لم يبله لغلبة نجاسته أو استقذاره ووحل لم يأمن معه التلوث بالمشي فيه أو الزلق وحر شديد وإن وجد ظلا يمشي فيه وبرد شديد وظلمة شديدة بالليل ومشقة مرض وإن لم تبح الجلوس في الفرض لا صداع

(1/192)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يسير ومدافعة حدث من بول أو غائط أو ريح فتكره الصلاة معها وإن خاف فوت الجماعة لو فرغ نفسه كما صرح به جمع وحدوثها في الفرض لا يجوز قطعه ومحل ما ذكر في هذه: إن اتسع الوقت بحيث لو فرغ نفسه أدرك الصلاة كاملة وإلا حرم التأخير لذلك وفقد لباس لائق به وإن وجد ساتر العورة وسير رفقة لمريد سفر مباح وإن أمن لمشقة استيحاشه وخوف ظالم على معصوم من عرض أو نفس أو مال وخوف من حبس غريم معسر وحضور مريض وإن لم يكن نحو قريب بلا متعهد له أو كان نحو قريب محتضرا أو لم يكن محتضرا لكن يأنس به وغلبة نعاس عند انتظاره للجماعة وشدة جوع وعطش وعمى حيث لم يجد قائدا بأجرة المثل وإن أحسن المشي بالعصا.
تنبيه [في بيان حكم هذه الأعذار] إن هذه الأعذار تمنع كراهة تركها حيث سنت وإثمه حيث وجبت ولا تحصل فضيلة الجماعة كما قال النووي في المجموع واختار غيره ما عليه جمع متقدمون من حصولها إن قصدها لولا العذر.
قال في المجموع: يستحب لمن ترك الجمعة بلا عذر أن يتصدق بدينار أو نصفه لخبر أبي داود [رقم: 1053] وغيره. [النسائي رقم: 1372, ابن ماجه رقم: 1128, مسند أحمد رقم: 19583, 19646] .

(1/193)


فصل في صلاة الجمعة
تجب جمعة على مكلف ذكر حر متوطن غير معذور وعلى مقيم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في صلاة الجمعة
هي فرض عين عند اجتماع شرائطها وفرضت بمكة ولم تقم بها لفقد العدد أو لان شعارها الإظهار وكان صلى الله عليه وسلم مستخفيا فيها.
وأول من أقامها بالمدينة قبل الهجرة أسعد بن زرارة بقرية على ميل من المدينة.
وصلاتها أفضل الصلوات.
وسميت بذلك: لاجتماع الناس لها أو لان آدم اجتمع فيها مع حواء من مزدلفة فلذلك سميت جمعا.
تجب جمعة على كل مكلف أي بالغ عاقل ذكر حر فلا تلزم على أنثى وخنثى ومن به رق إن كوتب لنقصه متوطن بمحل الجمعة لا يسافر من محل إقامتها صيفا ولا شتاء إلا لحاجة كتجارة وزيارة غير معذور بنحو مرض من الأعذار التي مرت في الجماعة فلا تلزم على مريض إن لم يحضر بعد الزوال محل إقامتها وتنعقد بمعذور.
وتجب على مقيم بمحل إقامتها غير متوطن كمن أقام بمحل جمعة أربعة أيام فأكثر وهو على عزم العود إلى وطنه ولو بعد مدة طويلة.

(1/194)


ولا تنعقد به ولا بمن به رق وصبا وشرط 1- وقوعها جماعة في الركعة الأولى,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وعلى مقيم متوطن بمحل يسمع منه النداء ولا يبلغ أهله أربعين فتلزمهما الجمعة.
ولكن لا تنعقد الجمعة به أي بمقيم غير متوطن ولا بمتوطن خارج بلد إقامتها وإن وجبت عليه بسماعه النداء منها.
ولا بمن به رق وصبا بل تصح منهم لكن ينبغي تأخر إحرامهم عن إحرام أربعين ممن تنعقد به الجمعة على ما اشترطه جمع محققون وإن خالف فيه كثيرون.
وشرط لصحة الجمعة مع شروط غيرها ستة:
1- أحدها: وقوعها جماعة بنية إمامة واقتداء مقترنة بتحرم في الركعة الأولى فلا تصح الجمعة بالعدد فرادى. ولا تشترط الجماعة في الركعة الثانية فلو صلى الإمام بالأربعين ركعة ثم أحدث فأتم كل منهم ركعة واحدة أو لم يحدث بل فارقوه في الثانية وأتموا منفردين أجزأتهم الجمعة نعم يشترط بقاء العدد إلى سلام الجميع حتى لو أحدث واحد من الأربعين قبل سلامه ولو بعد سلام من عداه منهم بطلت جمعة الكل ولو أدرك المسبوق ركوع الثانية واستمر معه إلى أن سلم أتى بركعة بعد سلامه جهرا وتمت جمعته إن صحت جمعة الإمام وكذا من اقتدى به وأدرك ركعة معه كما قاله شيخنا.

(1/195)


وبأربعين,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وتجب على من جاء بعد ركوع الثانية: نية الجمعة على الأصح وإن كانت الظهر هي اللازمة له.
وقيل: تجوز نية الظهر وأفتى به البلقيني وأطال الكلام فيه.
2- وثانيها: وقوعها بأربعين ممن تنعقد بهم الجمعة ولو مرضى ومنهم الإمام.
ولو كانوا أربعين فقط وفيهم أمي واحد أو أكثر قصر في التعلم لم تصح جمعتهم لبطلان صلاته فينقصون.
أما إذا لم يقصر الأمي في التعلم فتصح الجمعة به كما جزم به شيخنا في شرحي العباب والإرشاد تبعا لما جزم به شيخه في شرح الروض ثم قال في شرح المنهاج: لا فرق هنا بين أن يقصر الأمي في التعلم وأن لا يقصر والفرق بينهما غير قوي انتهى.
ولو نقصوا فيها بطلت أو في خطبة لم يحسب ركن فعل حال نقصهم لعدم سماعهم له فإن عادوا قريبا عرفا جاز البناء على ما مضى وإلا وجب الاستئناف كنقصهم بين الخطبة والصلاة لانتفاء الموالاة فيهما.
فرع: من له مسكنان ببلدين فالعبر بما كثرت فيه إقامته فيما فيه أهله وماله وإن كان بواحد أهل وبآخر مال فبما فيه أهله فإن استويا في الكل فبالمحل الذي هو فيه حالة إقامة الجمعة.

(1/196)


وبمحل معدود من البلد,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولا تنعقد الجمعة بأقل من أربعين خلافا لأبي حنيفة رحمه الله تعالى فتنعقد عنده بأربعة ولو عبيدا أو مسافرين.
ولا يشترط عندنا إذن السلطان لإقامتها ولا كون محلها مصرا خلافا له فيهما وسئل البلقيني عن أهل قرية لا يبلغ عددهم أربعين هل يصلون الجمعة أو الظهر؟ فأجاب رحمه الله: يصلون الظهر على مذهب الشافعي.
وقد أجاز جمع من العلماء أن يصلوا الجمعة وهو قوي فإذا قلدوا أي جميعهم من قال هذه المقالة فإنهم يصلون الجمعة وإن احتاطوا فصلوا الجمعة ثم الظهر كان حسنا.
3- وثالثها: وقوعها بمحل معدود من البلد ولو بفضاء الظهر كان حسنا معدود منها بأن كان في محل لا تقصر فيه الصلاة وإن لم يتصل بالأبنية بخلاف محل غير معدود منها وهو ما يجوز السفر1 القصر منه.
فرع لو كان في قرية أربعون كاملون لزمتهم الجمعة بل يحرم عليهم على المعتمد تعطيل محلهم من إقامتها والذهاب إليها في بلد أخرى وإن سمعوا النداء.
قال ابن الرفعة وغيره: إنهم إذا سمعوا النداء من مصر فهم مخيرون
__________
1 وفي نسخة: وهو ما يجوز في السفر القصر منه.

(1/197)


4- وفي وقت ظهر,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بين أن يحضروا البلد للجمعة وبين أن يقيموها في قريتهم وإذا حضروا البلد لا يكمل بهم العدد لأنهم في حكم المسافرين وإذا لم يكن في القرية جمع تنعقد بهم الجمعة ولو بامتناع بعضهم منها يلزمهم السعي إلى بلد يسمعون من جانبه النداء.
قال ابن عجيل: ولو تعددت مواضع متقاربة وتميز كل باسم فلكل حكمه.
قال شيخنا: إنما يتجه ذلك إن عد كل مع ذلك قرية مستقلة عرفا.
فرع لو أكره السلطان أهل قرية إن ينتقلوا منها ويبنوا في موضع آخر فسكنوا فيه وقصدهم العود إلى البلد الأول إذا فرج الله عنهم لا تلزمهم الجمعة بل لا تصح منهم لعدم الاستيطان.
4- ورابعها: وقوعها في وقت ظهر فلو ضاق الوقت عنها وعن خطبتيها أو شك في ذلك صلوا ظهرا ولو خرج الوقت يقينا أو ظنا وهم فيها ولو قبيل السلام وإن كان ذلك بإخبار عدل على الأوجه وجب الظهر بناء على ما مضى وفاتت الجمعة بخلاف ما لو شك في خروجه لأن الأصل بقاؤء.
ومن شروطهما أن لا يسبقها بتحرم ولا يقارنها فيه جمعة بمحلها إلا أن كثر أهله وعسر اجتماعهم بمكان واحد منه ولو غير مسجد من غير

(1/198)


5- ووقوعها بعد خطبتين بأركانهما وهي: 1- حمد الله تعالى 2- وصلاة على النبي بلفظهما,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لحوق مؤذ فيه كحر وبرد شديدين فيجوز حينئذ تعددها للحاجة بحسبها.
فرع لا يصح ظهر من لا عذر له قبل سلام الإمام فإن صلاها جاهلا انعقدت نفلا ولو تركها أهل بلد فصلوا الظهر لم يصح ما لم يضق الوقت عن أقل واجب الخطبتين والصلاة وإن علم من عادتهم أنهم لا يقيمون الجمعة.
5- وخامسها:وقوعها أي الجمعة بعد خطبتين بعد زوال لما في الصحيحين [البخاري رقم: 928, مسلم رقم: 861] أنه صلى الله عليه وسلم لم يصل الجمعة إلا بخطبتين.
بأركانهما أي يشترط وقوع صلاة الجمعة بعد خطبتين مع إتيان أركانهما الآتية.
وهي خمسة:
1- أحدها: حمد الله تعالى.
2- وثانيها: صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بلفظهما: أي حمد الله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كالحمد لله أو أحمد الله فلا يكفي: الشكر لله أو الثناء لله ولا

(1/199)


3- ووصية بتقوى الله فيهما 4- وقراءة آية في إحداهما,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد للرحمن أو للرحيم.
وكاللهم صل أو صلى الله أو أصلي على محمد أو أحمد أو الرسول أو النبي أو الحاشر أو نحوه فلا يكفي: اللهم سلم على محمد وارحم محمدا ولا صلى الله عليه بالضمير وإن تقدم له ذكر يرجع إليه الضمير كما صرح به جمع محققون.
وقال الكمال الدميري: وكثيرا ما يسهو الخطباء في ذلك انتهى.
فلا تغتر بما تجده مسطورا في بعض الخطب النباتية على خلاف ما عليه محققو المتأخرين.
3- وثالثها: وصية بتقوى الله ولا يتعين لفظها ولا تطويلها بل يكفي نحو أطيعوا الله مما فيه حث على
طاعة الله أو زجر عن معصية لأنها المقصود من الخطبة فلا يكفي مجرد التحذير من غرور الدنيا وذكر الموت وما فيه من الفظاعة والألم.
قال ابن الرفعة: يكفي فيها ما اشتملت على الأمر بالاستعداد للموت.
ويشترط أن يأتي بكل من الأركان الثلاثة فيهما أي في كل واحدة من الخطبتين.
ويندب أن يرتب الخطيب الأركان الثلاثة وما بعدها بأن يأتي أولا بالحمد فالصلاة فالوصية فبالقراءة فبالدعاء.
4- ورابعها: قراءة آية مفهمة في إحداهما وفي الأولى أولى.

(1/200)


5- ودعاء ولو: رحمكم الله في ثانية وشرط فيهما إسماع أربعين الأركان
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وتسن بعد فراغها قراءة {ق} أو بعضها في كل جمعة للاتباع.
وخامسها: دعاء أخروي للمؤمنين إن لم يتعرض للمؤمنات خلافا للاذرعي.
ولو بقوله: رحمكم الله وكذا بنحو: اللهم أجرنا من النار إن قصد تخصيص الحاضرين.
في خطبة ثانية لإتباع السلف والخلف.
والدعاء للسلطان بخصوصه لا يسن اتفاقا إلا مع خشية فتنة فيجب ومع عدمها لا بأس به حيث لا مجازفة في وصفه ولا يجوز وصفه بصفة كاذبة إلا لضرورة.
ويسن الدعاء لولاة الصحابة قطعا وكذا لولاة المسلمين وجيوشهم بالصلاح والنصر والقيام بالعدل.
وذكر المناقب لا يقطع الولاة ما لم يعد به معرضا عن الخطبة وفي التوسط يشترط أن لا يطيله إطالة تقطع الموالاة كما يفعله كثير من الخطباء الجهال.
قال شيخنا: ولو شك في ترك فرض من الخطبة بعد فراغها لم يؤثر كما لا يؤثر الشك في ترك فرض
بعد الصلاة أو الوضوء.
وشرط فيهما الخطبتين إسماع أربعين أي تسعة وثلاثين سواه ممن تنعقد بهم الجمعة.
الأركان لا جميع الخطبة.

(1/201)


وعربية وقيام قادر عليه وطهر وستر وجلوس بينهما
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال شيخنا: لا تجب الجمعة على أربعين بعضهم أصم ولا تصح مع وجود لغط يمنع سماع ركن الخطبة على المعتمد فيهما وإن خالف فيه جمع كثيرون فلم يشترطوا إلا الحضور فقط.
وعليه يدل كلام الشيخين في بعض المواضع.
ولا يشترط كونهم بمحل الصلاة ولا فهمهم لما يسمعونه.
وشرط فيهما عربية لاتباع السلف والخلف.
وفائدتها بالعربية مع عدم معرفتهم لها العلم بالوعظ في الجملة قاله القاضي.
وإن لم يمكن تعلمها بالعربية قبل ضيق الوقت خطب منهم واحد بلسانهم وإن أمكن تعلمها وجب كل على الكفاية.
وقيام قادر عليه.
وطهر من حدث أكبر وأصغر وعن نجس غير معفو عنه في ثوبه وبدنه ومكانه.
وستر للعورة.
وشرط جلوس بينهما بطمأنينة فيه.
وسن أن يكون بقدر سورة الإخلاص وأن يقرأها فيه ومن خطب قاعدا لعذر فصل بينهما بسكتة وجوبا.
وفي الجواهر: لو لم يجلس حسبتا واحدة فيجلس ويأتي بثالثة.

(1/202)


وولاء بينهما وسن لمريدها غسل بعد فجر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وولاء بينهما وبين أركانهما وبينهما وبين الصلاة بأن لا يفصل طويلا عرفا.
وسيأتي أن اختلال الموالاة بين المجموعتين بفعل ركعتين بل بأقل مجزئ فلا يبعد الضبط بهذا هنا ويكون بيانا للعرف.
وسن لمريدها أي الجمعة وإن لم تلزمه.
غسل بتعميم البدن والرأس بالماء فإن عجز سن تيمم بنية الغسل.
بعد طلوع فجر وينبغي لصائم خشي منه مفطرا تركه وكذا سائر الاغتسال المسنونة.
وقربه من ذهابه إليها أفضل.
ولو تعارض الغسل والتبكير فمراعاة الغسل أولى للخلاف في وجوبه ومن ثم كره تركه.
ومن الأغسال المسنونة: غسل العيدين والكسوفين والاستسقاء وأغسال الحج وغسل غاسل الميت والغسل للاعتكاف ولكل ليلة من رمضان ولحجامة ولتغير الجسد وغسل الكافر إذا أسلم للأمر به ولم يجب لان كثيرين أسلموا ولم يؤمروا به وهذا إذا لم يعرض له في الكفر ما يوجب الغسل من جنابة أو نحوها وإلا وجب الغسل وإن اغتسل في الكفر لبطلان نيته وآكدها غسل الجمعة ثم من غسل الميت.

(1/203)


وبكور وتزين بأحسن ثيابه,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه قال شيخنا: يسن قضاء غسل الجمعة كسائر الأغسال المسنونة وإنما طلب قضاؤه لأنه إذا علم
أنه يقضى داوم على أدائه واجتنب تفويته.
وبكور لغير خطيب إلى المصلى من طلوع الفجر لما في الخبر الصحيح [البخاري رقم: 881, مسلم رقم: 850] أن للجائي بعد اغتساله غسل الجنابة أي كغسلها وقيل حقيقة بأن يكون جامع لأنه يسن ليلة الجمعة أو يومها في الساعة الأولى بدنة وفي الثانية: بقرة وفي الثالثة: كبشا أقرن والرابعة: دجاجة والخامسة: عصفورا والسادسة: بيضة.
والمراد أن ما بين الفجر وخروج الخطيب ينقسم ستة أجزاء متساوية سواء أطال اليوم أم قصر.
أما الإمام فيسن له التأخير إلى وقت الخطبة للاتباع.
ويسن الذهاب إلى المصلى في طريق طويل ماشيا بسكينة والرجوع في طريق آخر قصير وكذا في كل عبادة.
ويكره عدو إليها كسائر العبادات إلا لضيق وقت فيجب إذا لم يدركها إلا به.
وتزين بأحسن ثيابه وأفضلها الأبيض ويلي الأبيض ما صبغ قبل نسجه.

(1/204)


0000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال شيخنا: ويكره ما صبغ بعده ولو بغير الحمرة انتهى.
ويحرم التزين بالحرير ولو قزا وهو نوع منه كمد اللون وما أكثره وزنا من الحرير لا ما أقله منه ولا ما استوى فيه الأمران ولو شك في الأكثر فالأصل الحل على الأوجه.
فرع [في بيان صور مستثناة من حرمة استعمال الحرير] يحل الحرير لقتال إن لم يجد غيره أو لم يقم مقامه في دفع السلاح.
وصحح في الكفاية قول جمع: يجوز القباء وغيره مما يصلح للقتال وإن وجد غيره إرهابا للكفار كتحلية السيف بفضة ولحاجة كجرب إن آذاه غيره أو كان فيه نفع لا يوجد في غيره وقمل لم يندفع بغيره ولامرأة ولو بافتراش لا له بلا حائل ويحل منه حتى للرجل خيط السبحة وزر الجيب وكيس المصحف والدراهم وغطاء العمامة وعلم الرمح لا الشرابة التي برأس السبحة ويجب لرجل لبسه حيث لم يجد ساتر العورة غيره حتى في الخلوة.
ويجوز لبس الثوب المصبوغ بأي لون كان إلا المزعفر ولبس الثوب المتنجس في غير نحو الصلاة حيث لا رطوبة لا جلد ميتة بلا ضرورة كافتراش جلد سبع كأسد.
وله إطعام ميتة لنحو طير لا كافر ومتنجس لدابة.

(1/205)


وتعمم,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويحل مع الكراهة استعمال العاج في الرأس واللحية حيث لا رطوبة وإسراج بمتنجس بغير مغلظ إلا في مسجد وإن قل دخانه خلافا لجمع وتسميد أرض بنجس لا اقتناء كلب إلا لصيد أو حفظ
مال ويكره ولو لامرأة تزيين غير الكعبة كمشهد صالح بغير حرير ويحرم به.
وتعمم لخبر: "إن الله وملائكته يصلون على أصحاب العمائم يوم الجمعة" [وجمع الزوائد رقم: 3075] ويسن لسائر الصلوات وورد في حديث ضعيف ما يدل على أفضلية كبرها وينبغي ضبط طولها وعرضها بما يليق بلابسها عادة في زمانه فإن زاد فيها على ذلك كره وتنخرم مروءة فقيه بلبس عمامة سوقي لا تليق به وعكسه.
قال الحفاظ1: لم يتحرر شيء في طول عمامته صلى الله عليه وسلم وعرضها.
قال الشيخان: من تعمم فله فعل العذبة وتركها ولا كراهة في واحد منهما.
زاد النووي: لأنه لم يصح في النهي عن ترك العذبة شيء انتهى.
لكن قد ورد في العذبة أحاديث صحيحة وحسنة وقد صرحوا بأن أصلها سنة.
__________
1 في نسخة: الحفاظ ولعل الصواب: قال بعض الحفاظ كما هو في بعض كتب الفقه والحديث.

(1/206)


وتطيب,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال شيخنا: وإرسالها بين الكتفين أفضل منه على الأيمن.
ولا أصل في اختيار إرسالها على الأيسر.
وأقل ما ورد في طولها أربعة أصابع وأكثره ذراع.
قال ابن الحاج المالكي: عليك أن تتعمم قائما وتتسرول قاعدا.
قال في المجموع: ويكره أن يمشي في نعل واحدة ولبسها قائما وتعليق جرس فيها ولمن قعد في مكان أن يفارقه قبل أن يذكر الله تعالى فيه.
وتطيب لغير صائم على الأوجه لما في الخبر الصحيح [مسند أحمد رقم: 21222] : أن الجمع بين الغسل ولبس الأحسن والتطيب والإنصات وترك التخطي يكفر ما بين الجمعتين.
والتطيب بالمسك أفضل ولا تسن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند شمه بل حسن الاستغفار عنده كما قال شيخنا. وندب تزين بإزالة ظفر من يديه ورجليه لا إحداهما فيكره وشعر نحو إبطه وعانته لغير مريد التضحية في عشر ذي الحجة وذلك للاتباع وبقص شاربه حتى تبدو حمرة الشفة وإزالة ريح كريه ووسخ.
والمعتمد في كيفية تقليم اليدين: أن يبتدئ بمسبحة يمينه إلى خنصرها ثم إبهامها ثم خنصر يسارها إلى إبهامها على التوالي والرجلين: أن يبتدئ بخنصر اليمنى إلى خنصر اليسرى على التوالي.

(1/207)


وإنصات لخطبة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وينبغي البدار بغسل محل القلم.
ويسن فعل ذلك يوم الخميس أو بكرة الجمعة.
وكره المحب الطبري نتف شعر الأنف قال: بل يقصه لحديث فيه.
قال الشافعي رضي الله عنه: من نظف ثوبه قل همه ومن طاب ريحه زاد عقله.
وسن إنصات أي سكوت مع إصغاء لخطبة ويسن ذلك وإن لم يسمع الخطبة نعم الأولى لغير السامع أن يشتغل بالتلاوة والذكر سرا.
ويكره الكلام ولا يحرم خلافا للائمة الثلاثة: حالة الخطبة لا قبلها ولو بعد الجلوس على المنبر ولا بعدها ولا بين الخطبتين ولا حال الدعاء للمملوك ولا لداخل مسجد إلا إن اتخذ له مكانا واستقر فيه ويكره للداخل السلام وإن لم يأخذ لنفسه مكانا لاشتغال المسلم عليهم فإن سلم لزمهم الرد.
ويسن تشميت العاطس والرد عليه ورفع الصوت من غير مبالغة بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم عند ذكر الخطيب اسمه أو وصفه صلى الله عليه وسلم.
قال شيخنا: ولا يبعد ندب الترضي عن الصحابة بلا رفع صوت وكذا التأمين لدعاء الخطيب انتهى.
وتكره تحريما ولو لمن لم تلزمه الجمعة بعد جلوس الخطيب على

(1/208)


وقراءة كهف وإكثار صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يومها وليلتها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المنبر: وإن لم يسمع الخطبة صلاة فرض ولو فائتة تذكرها الآن وإن لزمته فورا أو نفل ولو في حال الدعاء للسلطان والأوجه أنها لا تنعقد كالصلاة بالوقت المكروه بل أولى.
ويجب على من بصلاة تخفيفها بأن يقتصر على أقل مجزئ عند جلوسه على المنبر.
وكره لداخل تحية فوتت تكبيرة الإحرام إن صلاها إلا فلا تكره بل تسن لكن يلزمه تخفيفها بأن يقتصر على الواجبات كما قاله شيخنا وكره احتباء حالة الخطبة للنهي عنه وكتب أوراق حالتها في آخر جمعة من رمضان بل وإن كتب فيها نحو أسماء سريانية يجهل معناها حرم.
وسن قراءة سورة كهف يوم الجمعة وليلتها لأحاديث فيها وقراءتها نهارا آكد وأولاها1 بعد الصبح مسارعة للخير وأن يكثر منها ومن سائر القرآن فيهما ويكره الجهر بقراءة الكهف وغيره إن حصل به تأذ لمصل أو نائم كما صرح به النووي في كتبه.
وقال شيخنا في شرح العباب: ينبغي حرمة الجهر بالقراءة في المسجد وحمل كلام النووي بالكراهة: على ما إذا خف التأذي وعلى كون القراءة في غير المسجد.
وإكثار صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يومها وليلتها للأخبار الصحيحة الآمرة
__________
1 في نسخة أولاه.

(1/209)


ودعاء.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بذلك فالإكثار منها أفضل من إكثار ذكر لم يرد بخصوصه قاله شيخنا.
ودعاء في يومها رجاء أن يصادف ساعة الإجابة وأرجاها من جلوس الخطيب إلى آخر الصلاة وهي لحظة لطيفة وصح أنها آخر ساعة بعد العصر وفي ليلتها لما جاء عن الشافعي رضي الله عنه أنه بلغه أن الدعاء يستجاب فيها وأنه استحبه فيها.
وسن إكثار فعل الخير فيهما كالصدقة وغيرها وأن يشتغل في طريقه وحضوره محل الصلاة بقراءة أو ذكر أفضله الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الخطبة وكذا حالة الخطبة إن لم يسمعها كما مر للأخبار المرغبة في ذلك.
وأن يقرأ عقب سلامه من الجمعة قبل أن يثني رجليه وفي رواية: قبل أن يتكلم الفاتحة والإخلاص والمعوذتين سبعا سبعا لما ورد أن من قرأها غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأعطي من الأجر بعدد من آمن بالله ورسوله [راجع الأذكار رقم: 894] .
مهمة يسن أن يقرأها وآية الكرسي [2 سورة البقرة الآية: 255] و {شَهِدَ اللَّهُ} [3 سورة آل عمران ألآية: 18] بعد كل مكتوبة وحين يأوي إلى فراشه مع أواخر البقرة والكافرون ويقرأ خواتيم الحشر وأول غافر إلى {إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [40 سورة غافر الآية: 3] و {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً} [23 سورة المؤمنون الآية: 115] إلى آخرها صباحا ومساء مع أذكارهما وأن يواظب كل يوم على قراءة {آلم} السجدة و {يس}

(1/210)


وحرم تخط لا لمن وجد فرجة قدامه ونحو مبايعة بعد أذان خطبة,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والدخان والواقعة وتبارك والزلزلة والتكاثر وعلى الإخلاص مائتي مرة والفجر في عشر ذي الحجة ويس والرعد عند المحتضر ووردت في كلها أحاديث غير موضوعة.
وحرم تخط رقاب الناس للأحاديث الصحيحة فيه والجزم بالحرمة ما نقله الشيخ أبو حامد عن نص الشافعي واختارها في الروضة وعليها كثيرون لكن قضية كلام الشيخين: الكراهة وصرح بها في المجموع.
لا لمن وجد فرجة قدامه فله بلا كراهة تخطي صف واحد أو اثنين ولا لإمام لم يجد طريقا إلى المحراب إلا بتخطي ولا لغيره إذا أذنوا له فيه لا حياء على الأوجه ولا لمعظم ألف موضعا.
ويكره تخطي المجتمعين لغير الصلاة ويحرم أن يقيم أحدا بغير رضاه ليجلس مكانه ويكره إيثار غيره بمحله
إلا إن انتقل لمثله أو أقرب منه إلى الإمام وكذا الإيثار بسائر القرب وله تنحية سجادة غيره بنحو رجله والصلاة في محلها ولا يرفعها ولو بغير يده لدخولها في ضمانه.
وحرم على من تلزمه الجمعة نحو مبايعة كاشتغال بصنعة بعد شروع في أذان خطبة فإن عقد صح العقد ويكره قبل الأذان بعد الزوال.

(1/211)


وسفر بعد فجرها.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وحرم على من تلزمه الجمعة وإن لم تنعقد به سفر تفوت به الجمعة كأن ظن أنه لا يدركها في طريقه أو مقصده ولو كان السفر طاعة مندوبا أو واجبا.
بعد فجرها أي فجر يوم الجمعة إلا خشي من عدم سفره ضررا كانقطاعه عن الرفقة فلا يحرم إن كان غير سفر معصية ولو بعد الزوال.
ويكره السفر ليلة الجمعة لما روي بسند ضعيف: من سافر ليلتها دعا عليه ملكاه. [قال العراقي رحمه الله في تخريج أحاديث الأحياء أخرجه الدارقطني في الأفراد والخطيب في الرواة عن مالك] أما المسافر لمعصية فلا تسقط عنه الجمعة مطلقا.
قال شيخنا: وحيث حرم عليه السفر هنا لم يترخص ما لم تفت الجمعة فيحسب ابتداء سفره من وقت فوتها.
تتمة [في بيان كيفية صلاة المسافر] يجوز لمسافر سفرا طويلا1 قصر رباعية مؤداة وفائتة سفر قصر فيه وجمع
العصرين والمغربين تقديما وتأخيرا بفراق سور خاص ببلد سفر وإن احتوى على خراب ومزارع.
ولو جمع قريتين فلا يشترط مجاوزته بل لكل حكمه فبنيان وإن تخلله خراب أو نهر أو ميدان.
ولا يشترط مجاوزة بساتين وإن
__________
1 السفر الطويل هو سفر يتجاوز بعده 82,5 كم.

(1/212)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حوطت واتصلت بالبلد والقريتان إن اتصلتا عرفا كقرية وإن اختلفتا اسما فلو انفصلتا ولو يسيرا كفى مجاوزة قرية المسافر لا لمسافر لم يبلغ سفره مسيرة يوم وليلة بسير الأثقال مع النزول المعتاد لنحو استراحة وأكل وصلاة ولا لآبق ومسافر عليه دين حال قادر عليه من غير إذن دائنة ولا لمن سافر لمجرد رؤية البلاد على الأصح.
وينتهي السفر بعوده إلى وطنه.
وإن كان مارا به أو إلى موضع آخر ونوى إقامته به مطلقا أو أربعة أيام صحاح أو علم أن إربه لا ينقضي فيها ثم إن كان يرجو حصوله كل وقت: قصر ثمانية عشر يوما.
وشرط لقصر نية قصر في تحرم وعدم اقتداء ولو لحظة بمتم ولو مسافرا وتحرز عن منافيها دواما ودوام سفره في جميع صلاته ولجمع تقديم نية جمع في الأولى ولو مع التحلل منها وترتيب وولاء عرفا فلا يضر فصل يسير بأن كان دون قدر ركعتين ولتأخير نية جمع في وقت الأولى ما بقي قدر ركعة وبقاء سفر إلى آخر الثانية.
فرع [في جواز الجمع بالمرض] يجوز الجمع بالمرض تقديما وتأخيرا على المختار ويراعي الأرفق فإن كان يزداد مرضه كأن كان يحم مثلا وقت الثانية قدمها بشروط جمع التقديم أو وقت الأولى أخرها بنية الجمع في وقت الأولى وضبط جمع متأخرون المرض هنا بأنه ما يشق معه فعل كل فرض في وقته كمشقة المشي في المطر,

(1/213)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بحيث تبتل ثيابه وقال آخرون: لا بد من مشقة ظاهرة زيادة على ذلك بحيث تبيح الجلوس في الفرض.
وهو الأوجه.
خاتمة قال شيخنا في شرح المنهاج: من أدى عبادة مختلفا في صحتها من غير تقليد للقائل بها لزمه إعادتها لان إقدامه على فعلها عبث.

(1/214)


فصل في الصلاة على الميت
صلاة الميت فرض كفاية كغسله ولو غريقا بتعميم بدنه بالماء مرة,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في الصلاة على الميت.
وشرعت بالمدينة وقيل هي من خصائص هذه الأمة.
صلاة الميت أي الميت المسلم غير الشهيد.
فرض كفاية للإجماع والأخبار.
كغسله ولو غريقا لانا مأمورون بغسله فلا يسقط الفرض عنا إلا بفعلنا وإن شاهدنا الملائكة تغسله
ويكفي غسل كافر.
ويحصل أقله بتعميم بدنه بالماء مرة حتى ما تحت قلفة الأقلف على الأصح صبيا كان الأقلف أو بالغا.
قال العبادي وبعض الحنفية: لا يجب غسل ما تحتها فعلى

(1/214)


وتكفينه بساتر عورة,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المرجح لو تعذر غسل ما تحت القلفة بأنها لا تتقلص إلا بجرح يمم عما تحتها كما قاله شيخنا وأقره غيره.
وأكمله: تثليثه وأن يكون في خلوة وقميص وعلى مرتفع بماء بارد إلا لحاجة كوسخ وبرد فالمسخن حينئذ أولى والمالح أولى من العذب ويبادر بغسله إذا تيقن موته ومتى شك في موته وجب تأخيره إلى اليقين بتغير ريح ونحوه فذكرهم العلامات الكثيرة له إنما تفيد حيث لم يكن هناك شك ولو خرج منه بعد الغسل نجس لم ينقض الطهر بل تجب إزالته فقط إن خرج قبل التكفين لا بعده ومن تعذر غسله لفقد ماء أو لغيره: كاحتراق ولو غسل تهرى يمم وجوبا.
فرع [في بيان من يغسل الميت] الرجل أولى بغسل الرجل والمرأة أولى بغسل المرأة وله غسل حليلة ولزوجة لا أمة غسل زوجها ولو نكحت غيره بلا مس بل بلف خرقة على يد فإن خالف صح الغسل فإن لم يحضر إلا أجنبي في المرأة أو أجنبية في الرجل يمم الميت.
نعم لهما غسل من لا يشتهى من صبي أو صبية لحل نظر كل ومسه وأولى الرجال به أولاهم بالصلاة كما يأتي.
وتكفينه بساتر عورة مختلفة بالذكورة والأنوثة دون الرق

(1/215)


0000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والحرية فيجب في المرأة ولو أمة ما يستر غير الوجه والكفين وفي الرجل ما يستر ما بين السرة والركبة.
والاكتفاء بساتر العورة هو ما صححه النووي في أكثر كتبه ونقله عن الأكثرين لأنه حق لله تعالى.
وقال آخرون: يجب ستر جميع البدن ولو رجلا وللغريم منع الزائد على ساتر كل البدن لا الزائد على ساتر العورة لتأكد أمره وكونه حقا للميت بالنسبة للغرماء.
وأكمله للذكر ثلاثة يعم كل منها البدن وجاز أن يزاد تحتها قميص وعمامة وللأنثى إزار فقميص فخمار فلفافتان.
ويكفن الميت بما له لبسه حيا فيجوز حرير ومزعفر للمرأة والصبي مع الكراهة.
ومحل تجهيزه: التركة إلا زوجة وخادمها: فعلى زوج غني عليه نفقتهما فإن لم يكن له تركة فعلى من عليه نفقته من قريب وسيد فعلى بيت المال فعلى مياسير المسلمين.
ويحرم التكفين في جلد إن وجد غيره وكذا الطين والحشيش فإن لم يوجد ثوب وجب جلد ثم حشيش ثم طين فيما استظهره شيخنا.
ويحرم كتابة شيء من القرآن وأسماء الله تعالى على الكفن ولا بأس بكتابته بالريق لأنه لا يثبت.

(1/216)


ودفنه في حفرة تمنع رائحة وسبعا,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأفتى ابن الصلاح بحرمة ستر الجنازة بحرير ولو امرأة كما يحرم تزيين بيتها بحرير.
وخالفه الجلال البلقيني فجوز الحرير فيها وفي الطفل واعتمده جمع مع أن القياس الأول.
ودفنه في حفرة تمنع بعد طمها رائحة أي ظهورها.
وسبعا أي نبشه لها فيأكل الميت.
وخرج بحفرة: وضعه بوجه الأرض ويبنى عليه ما يمنع ذينك حيث لم يتعذر الحفر نعم من مات بسفينة وتعذر البر جاز1 إلقاؤه في البحر وتثقيله ليرسب وإلا فلا.
وبتمنع ذينك ما يمنع أحدهما كأن اعتادت سباع ذلك المحل الحفر عن موتاه فيجب بناء القبر بحيث يمنع وصولها إليه.
وأكمله قبر واسع عمق أربعة أذرع ونصف بذراع اليد.
ويجب اضطجاعه للقبلة.
ويندب الإفضاء بخده الأيمن بعد تنحية الكفن عنه إلى نحو تراب مبالغة في الاستكانة والذل.
ورفع رأسه بنحو لبنة.
وكره صندوق إلا لنحو نداوة فيجب.
__________
1 بل يجب.

(1/217)


0000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويحرم دفنه بلا شيء يمنع وقوع التراب عليه.
ويحرم دفن اثنين من جنسين بقبر إن لم يكن بينهما محرمية أو زوجية ومع أحدهما كره كجمع متحدي جنس فيه بلا حاجة ويحرم أيضا: إدخال ميت على آخر وإن اتحدا جنسا قبل بلاء جميعه ويرجع فيه لأهل الخبرة بالأرض.
ولو وجد بعض عظمه قبل تمام الحفر وجب رد ترابه أو بعده فلا.
ويجوز الدفن معه ولا يكره الدفن ليلا خلافا للحسن البصري والنهار أفضل للدفن منه.
ويرفع القبر قدر شبر ندبا وتسطيحه أولى من تسنيمه.
ويندب لمن على شفير القبر أن يحثي ثلاث حثيات بيديه قائلا مع الأولى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} [20 سورة طه الآية: 55] ومع الثانية: {وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} [20 سورة طه الآية: 55] ومع الثالثة: {وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [20 سورة طه الآية: 55] .
مهمة يسن وضع جريدة خضراء على القبر للاتباع ولأنه يخفف عنه ببركة تسبيحها وقيس بها ما اعتيد من طرح نحو الريحان الرطب ويحرم أخذ شيء منهما ما لم ييبسا لما في أخذ الأولى من تفويت حظ الميت المأثور عنه صلى الله عليه وسلم [البخاري رقم: 216, مسلم رقم: 292] , وفي الثانية من تفويت حق الميت بارتياح الملائكة النازلين لذلك قاله

(1/218)


وكره بناء له أو عليه ووطء عليه إلا لضرورة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
شيخانا ابن حجر وزياد.
وكره بناء له أي للقبر أو عليه لصحة النهي عنه بلا حاجة كخوف نبش أو حفر سبع أو هدم سيل.
ومحل كراهة البناء إذا كان بملكه فإن كان بناء نفس القبر بغير حاجة مما مر أو نحو قبة عليه بمسبلة وهي ما اعتاد أهل البلد الدفن فيها عرف أصلها ومسبلها أم لا أو موقوفة حرم وهدم وجوبا لأنه يتأبد بعد انمحاق الميت ففيه تضييق على المسلمين بما لا غرض فيه.
تنبيه: وإذا هدم ترد الحجارة المخرجة إلى أهلها إن عرفوا أو يخلى بينهما وإلا فمال ضائع وحكمه معروف كما قاله بعض أصحابنا.
وقال شيخنا الزمزمي: إذا بلي الميت وأعرض ورثته عن الحجارة جاز الدفن مع بقائها إذا جرت العادة بالإعراض عنها كما في السنابل.
وكره وطئ عليه أي على قبر مسلم ولو مهدرا قبل بلاء.
إلا لضرورة كأن لم يصل لقبر ميته بدونه وكذا ما يريد زيارته ولو غير قريب وجزم شرح مسلم [الحديث رقم: 971] كآخرين بحرمة القعود عليه والوطء لخبر فيه يرده أن المراد بالجلوس عليه جلوسه

(1/219)


ونبش لغسل ولا تدفن امرأة في بطنها جنين حتى يتحقق موته وووري سقط فإن اختلج صلي عليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لقضاء الحاجة كما بينته رواية أخرى.
ونبش وجوبا قبر من دفن بلا طهارة لغسل أو تيمم نعم إن تغير ولو بنتن حرم ولأجل مال غير كأن دفن في ثوب مغصوب أو أرض مغصوبة إن طلب المالك ووجد ما يكفن أو يدفن فيه وإلا لم يجز النبش أو سقط فيه متمول وإن لم يطلبه مالكه.
لا للتكفين إن دفن بلا كفن ولا للصلاة بعد إهالة التراب عليه.
ولا تدفن امرأة ماتت في بطنها جنين حتى يتحقق موته أي الجنين ويجب شق جوفها والنبش له إن رجي حياته بقول القوابل لبلوغه ستة أشهر فأكثر فإن لم يرج حياته حرم الشق لكن يؤخر الدفن حتى يموت كما ذكر.
وما قيل إنه يوضع على بطنها شيء ليموت غلط فاحش.
ووري أي ستر بخرقة سقط ودفن وجوبا كطفل كافر نطق بالشهادتين.
ولا يجب غسلهما بل يجوز.
وخرج بالسقط العلقة والمضغة فيدفنان ندبا من غير ستر ولو انفصل بعد أربعة أشهر غسل وكفن ودفن وجوبا.
فإن اختلج أو استهل بعد انفصاله صلي عليه وجوبا.

(1/220)


وأركانها: 1- نية 2- وقيام 3- وأربع تكبيرات 4- وفاتحة,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأركانها أي الصلاة على الميت سبعة:
1- أحدهما: نية كغيرها ومن ثم وجب فيها ما يجب في نية سائر الفروض من نحو اقترانها بالتحرم والتعرض للفرضية وإن لم يقل فرض كفاية.
ولا يجب تعيين الميت ولا معرفته بل الواجب أدنى مميز فيكفي أصلي الفرض على هذا الميت.
قال جمع: يجب تعيين الميت الغائب بنحو اسمه.
2- وثانيها: قيام لقادر عليه فالعاجز يقعد ثم يضطجع.
3- وثالثها: أربع تكبيرات مع تكبيرة التحرم للاتباع فإن خمس لم تبطل صلاته.
ويسن رفع يديه في التكبيرات حذو منكبيه ووضعهما تحت صدره بين كل تكبيرتين.
4- ورابعها: فاتحة فبدلها فوقوف بقدرها والمعتمد أنها تجزئ بعد غير الأولى خلافا للحاوي كالمحرر وإن لزم عليه جمع ركنين في تكبيرة وخلو الأولى عن ذكر.
ويسن إسرار بغير التكبيرات والسلام وتعوذ وترك افتتاح وسورة إلا على غائب أو قبر.

(1/221)


5- وصلاة على النبي بعد ثانية, 6- ودعاء لميت بعد ثالثة,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5- وخامسها: صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد تكبيرة ثانية أي عقبها فلا تجزئ في غيرها.
ويندب ضم السلام للصلاة والدعاء للمؤمنين والمؤمنات عقبها والحمد قبلها.
6- وسادسها: دعاء لميت بخصوصه ولو طفلا بنحو: اللهم اغفر له وارحمه بعد ثالثة فلا يجزئ بعد غيرها قطعا.
ويسن أن يكثر من الدعاء له ومأثورة أفضل وأولاه ما رواه مسلم [رقم: 963] عنه صلى الله عليه وسلم وهو: اللهم اغفر له وارحمه واعف عنه وعافه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر وفتنته ومن عذاب النار.
ويزيد عليه ندبا: اللهم اغفر لحينا وميتنا إلى آخره.
ويقول في الطفل مع هذا: اللهم اجعله فرطا لأبويه وسلفا وذخرا وعظة واعتبارا وشفيعا وثقل به موازينهما وأفرغ الصبر على قلوبهما ولا تفتنهما بعده ولا تحرمهما أجره.
قال شيخنا: وليس قوله: اللهم اجعله فرطا إلى آخره مغنيا عن الدعاء له لأنه دعاء باللازم وهو لا يكفي لأنه إذا لم يكف الدعاء له بالعموم الشامل كل فرد فأولى هذا.

(1/222)


7- وسلام بعد رابعة.
وشرط لها: تقدم طهره,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويؤنث الضمائر في الأنثى ويجوز تذكيرها بإرادة الميت أو الشخص ويقول في ولد الزنا: اللهم اجعله فرطا لامه.
والمراد بالإبدال في الأهل والزوجة إبدال الأوصاف لا الذوات لقوله تعالى: {ألحقنا بهم ذريتهم} [52 سورة الطور الآية: 21] ولخبر الطبراني [مجمع الزوائد رقم: 18755] وغيره: إن نساء الجنة من نساء الدنيا أفضل من الحور العين انتهى.
7- وسابعها: سلام كغيرها بعد رابعة ولا يجب في هذه ذكر غير السلام لكن يسن: اللهم لا تحرمنا أجره
أي أجر الصلاة عليه أو أجر المصيبة ولا تفتنا بعده أي بارتكاب المعاصي واغفر لنا وله.
ولو تخلف عن إمامه بلا عذر بتكبيرة حتى شرع إمامه في أخرى بطلت صلاته ولو كبر إمامه تكبيرة أخرى قبل قراءة المسبوق الفاتحة تابعه في تكبيره وسقطت القراءة عنه وإذا سلم الإمام تدارك المسبوق ما بقي عليه مع الأذكار ويقدم في الإمامة في صلاة الميت ولو امرأة: أب أو نائبه فأبوه ثم ابن فابنه ثم أخ لأبوين فلأب ثم ابنهما ثم العم كذلك ثم سائر العصبات ثم معتق ثم ذو رحم ثم زوج.
وشرط لها أي للصلاة على الميت مع شروط سائر الصلوات.
تقدم طهره أي الميت بماء فتراب فإن وقع بحفرة أو بحر

(1/223)


وأن لا يتقدم عليه وتصح على غائب عن بلد
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وتعذر إخراجه وطهره لم يصل عليه على المعتمد.
وأن لا يتقدم المصلى عليه أي الميت إن كان حاضرا ولو في قبر.
أما الميت الغائب فلا يضر فيه كونه وراء المصلي.
ويسن جعل صفوفهم ثلاثة فأكثر للخبر الصحيح [الترمذي رقم: 1028, أبو داود رقم: 3166, ابن ماجه رقم: 1490] : "من صلى عليه ثلاثة صفوف فقد أوجب" أي غفر له.
ولا يندب تأخيرها لزيادة المصلين إلا لولي واختار بعض المحققين أنه إذا لم يخش تغيره ينبغي انتظاره مائة أو أربعين رجي حضورهم قريبا للحديث وفي مسلم [رقم: 947] : "ما من مسلم يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه".
ولو صلي عليه فحضر من لم يصل ندب له الصلاة عليه وتقع فرضا فينويه ويثاب ثوابه والأفضل له فعلها بعد الدفن للاتباع ولا يندب لمن صلاها ولو منفردا إعادتها مع جماعة فإن أعادها وقعت نفلا.
وقال بعضهم: الإعادة خلاف الأولى.
وتصح الصلاة على ميت غائب عن بلد بأن يكون الميت بمحل بعيد عن البلد بحيث لا ينسب إليها عرفا أخذا من قول الزركشي: إن خارج السور القريب منه كداخله.

(1/224)


لا فيها ومدفون غير نبي من أهل فرضها وقت موته وسقط الفرض بذكر وتحرم صلاة على شهيد
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لا على غائب عن مجلسه فيها وإن كبرت نعم لو تعذر الحضور لها بنحو حبس أو مرض: جازت حينئذ على الأوجه.
وتصح على حاضر مدفون ولو بعد بلائه غير نبي فلا تصح على قبر نبي لخبر الشيخين [البخاري رقم: 436, مسلم رقم: 531] .
من أهل فرضها وقت موته فلا تصح من كافر وحائض يومئذ كمن بلغ أو أفاق بعد الموت ولو قبل الغسل كما اقتضاه كلام الشيخين.
وسقط الفرض فيها بذكر ولو صبيا مميزا ولو مع وجود بالغ وإن لم يحفظ الفاتحة ولا غيرها بل وقف بقدرها ولو مع وجود من يحفظها لا بأنثى مع وجوده.
وتجوز على جنائز صلاة واحدة فينوي الصلاة عليهم إجمالا.
وحرم تأخيرها عن الدفن بل يسقط الفرض بالصلاة على القبر.
وتحرم صلاة على كافر لحرمة الدعاء له بالمغفرة.
قال تعالى: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً} [9 سورة التوبة الآية: 84] ومنهم أطفال الكفار سواء أنطقوا بالشهادتين أم لا فتحرم الصلاة عليهم.
وعلى شهيد وهو بوزن فعيل بمعنى مفعول لأنه مشهود له بالجنة أو فاعل لان روحه تشهد الجنة قبل غيره.

(1/225)


كغسله وهو من مات في قتال كفار لا أسير قتل صبرا,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويطلق لفظ الشهيد على من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو شهيد الدنيا والآخرة وعلى من قاتل لنحو حمية فهو شهيد الدنيا وعلى مقتول ظلما وغريق وحريق ومبطون أي من قتله بطنه كاستسقاء أو إسهال.
فهم الشهداء في الآخرة فقط.
كغسله أي الشهيد ولو جنبا لأنه صلى الله عليه وسلم لم يغسل قتلى أحد.
ويحرم إزالة دم شهيد.
وهو من مات في قتال كفار أو كافر واحد قبل انقضائه وإن قتل مدبرا.
بسببه أي القتال كأن أصابه سلاح مسلم آخر خطأ أو قتله مسلم استعانوا به أو تردى ببئر حال قتال1 أو جهل ما مات به وإن لم يكن به أثر دم.
لا أسير قتل صبرا فإنه ليس بشهيد على الأصح لان قتله ليس بمقاتلة ولا من مات بعد انقضائه وقد بقي فيه حياة مستقرة إن قطع بموته بعد من جرح به.
أما من حركته حركة مذبوح عند انقضائه فشهيد جزما والحياة المستقرة ما تجوز أن يبقى يوما أو يومين على ما قاله النووي والعمراني.
__________
1 في نسخة: قتاله.

(1/226)


وكفن شهيد في ثيابه لا حرير ويندب
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولا من وقع بين كفار فهرب منهم فقتلوه لان ذلك ليس بقتال كما أفتى به شيخنا ابن زياد رحمه الله تعالى.
ولا من قتله اغتيالا حربي دخل بيننا نعم إن قتله عن مقاتلة كان شهيدا كما نقله السيد السمهودي عن الخادم.
وكفن ندبا شهيد في ثيابه التي مات فيها والملطخة بالدم أولى للاتباع ولو لم تكفه بأن لم تستر كل بدنه تممت وجوبا.
لا في حرير لبسه لضرورة الحرب فينزع وجوبا.
ويندب أن يلقن محتضر ولو مميزا على الأوجه الشهادة: أي لا إله إلا الله فقط لخبر مسلم [رقم: 916] "لقنوا موتاكم" أي من حضره الموت لا إله إلا الله مع الخبر الصحيح [أبو داود رقم: 3116, مستدرك الحاكم 1/351] : من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة أي مع الفائزين وإلا فكل مسلم ولو فاسقا يدخلها ولو بعد عذاب وإن طال.
وقول جمع: يلقن محمد رسول الله أيضا لان القصد موته على الإسلام ولا يسمى مسلما إلا بهما مردود بأنه مسلم وإنما القصد ختم كلامه بلا إله إلا الله ليحصل له ذلك الثواب وبحث تلقينه الرفيق الأعلى لأنه آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم مردود بأن ذلك لسبب لم يوجد في غيره وهو أن الله خيره فاختاره.
وأما الكافر فيلقنهما قطعا مع لفظ أشهد لوجوبه أيضا على

(1/227)


تلقين بالغ ولو شهيدا بعد دفن وزيارة قبور لرجل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ما سيأتي فيه إذ لا يصير مسلما إلا بهما.
وأن يقف جماعة بعد الدفن عند القبر ساعة يسألون له التثبيت ويستغفرون له.
وتلقين بالغ ولو شهيدا كما اقتضاه إطلاقهم خلافا للزركشي بعد تمام دفن فيقعد رجل قبالة وجهه ويقول: يا عبد الله ابن أمة الله: اذكر العهد الذي خرجت عليه من
الدنيا: شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا رسول الله وأن الجنة حق وأن النار حق وأن البعث حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وأنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا وبالقرآن إماما وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخوانا ربي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.
قال شيخنا: ويسن تكراره ثلاثا والأولى للحاضرين الوقوف وللملقن القعود ونداؤه بالأم فيه أي إن عرفت وإلا فبحواء لا ينافي دعاء الناس يوم القيامة بآبائهم لان كليهما توقيف لا مجال للرأي فيه والظاهر أنه يبدل العبد بالأمة في الأنثى ويؤنث الضمائر انتهى.
ويندب زيارة قبور لرجل لا لأنثى فتكره لها نعم يسن لها زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
قال بعضهم: وكذا سائر الأنبياء والعلماء والأولياء.

(1/228)


وسلام.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويسن كما نص عليه أن يقرأ من القرآن ما تيسر على القبر فيدعو له مستقبلا للقبلة.
وسلام لزائر على أهل المقبرة عموما ثم خصوصا فيقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين عند أول
المقبرة ويقول عند قبر أبيه مثلا: السلام عليك يا والدي فإن أراد الاقتصار على أحدهما أتى بالثانية لأنه أخص بمقصوده وذلك لخبر مسلم [مسلم رقم: 150] أنه صلى الله عليه وسلم قال: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون".
والاستثناء للتبرك أو للدفن بتلك البقعة أو للموت على الإسلام.
فائدة: ورد أن من مات يوم الجمعة أو ليلتها أمن من عذاب القبر وفتنته [راجع الترمذي رقم: 1074, مسند أحمد رقم: 6608, 7010] .
وورد أيضا: من قرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} في مرض موته مائة مرة لم يفتن في قبره وأمن من ضغطة القبر
وجاوز الصراط على أكف الملائكة [مجمع الزوائد رقم: 11538] .
وورد أيضا: "من قال: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين أربعين مرة في مرضه فمات فيه أعطي أجر شهيد وإن برئ برئ مغفورا له" [كنز العمال رقم: 1947] .
غفر الله لنا وأعاذنا من عذاب القبر وفتنته.

(1/229)