فتح المعين بشرح قرة العين بمهمات الدين

باب الزكاة
مدخل
...
باب الزكاة
تجب على مسلم حر في ذهب
ـــــــــــــــــــــــــــــ
باب الزكاة
هي لغة: التطهير والنماء وشرعا: اسم لما يخرج عن مال أو بدن على الوجه الآتي.
وفرضت زكاة المال في السنة الثانية من الهجرة بعد صدقة الفطر.
ووجبت في ثمانية أصناف من المال: النقدين والأنعام والقوت والتمر والعنب لثمانية أصناف من الناس.
ويكفر جاحد وجوبها ويقاتل الممتنع عن أدائها وتؤخذ منه وإن لم يقاتل قهرا.
تجب على كل مسلم ولو غير مكلف فعلى الولي إخراجها من ماله.
وخرج بالمسلم الكافر الأصلي فلا يلزمه إخراجها ولو بعد الإسلام.
حر معين فلا تجب على رقيق لعدم ملكه وكذا المكاتب لضعف ملكه ولا تلزم سيده لأنه غير مالك.
في ذهب ولو غير مضروب خلافا لمن زعم اختصاصها بالمضروب.

(1/230)


بلغ عشرين مثقالا وفضة بلغت مأتي درهم ربع عشر كمال تجارة,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بلغ قدر خالصه عشرين مثقالا1 بوزن مكة تحديدا فلو نقص في ميزان وتم في آخر فلا زكاة للشك.
والمثقال: اثنان2 وسبعون حبة شعير متوسطة.
قال الشيخ زكريا: ووزن نصاب الذهب بالأشرفي: خمسة وعشرون وسبعان وتسع.
وقال تلميذه شيخنا والمراد بالأشرفي: القايتبائي.
وفي فضة بلغت مائتي درهم3 بوزن مكة: وهو خمسون حبة وخمسا حبة فالعشرة دراهم: سبعة مثاقيل ولا وقص فيهما كالمعشرات فيجب في العشرين والمائتين وفيما زاد على ذلك ولو ببعض حبة: ربع عشر للزكاة ولا يكمل أحد النقدين بالآخر ويكمل كل نوع من جنس بآخر منه ويجزئ جيد وصحيح عن رديء ومكسر بل هو أفضل لا عكسهما.
وخرج بالخالص المغشوش فلا زكاة فيه حتى يبلغ خالصة نصابا.
ك ما يجب ربع عشر قيمة العرض في مال تجارة بلغ النصاب في آخر
__________
1 وهي تعادل ثمانين غراما80 غ تقريبا
2 في نسخة اثنتان.
3 وهي تعادل خمسمائة وستين غراما 560 غ تقريبا.

(1/231)


وشرط تمام نصاب كل الحول وينقطع بتخلل زوال ملك وكره لحيلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الحول وإن ملكه بدون نصاب.
ويضم الربح الحاصل في أثناء الحول إلى الأصل في الحول إن لم ينض أما إذا نض بأن صار ذهبا أو فضة وأمسكه إلى آخر الحول فلا يضم إلى الأصل بل يزكي الأصل بحوله ويفرد الربح بحول ويصير عرض التجارة للقنية بنيتها فينقطع الحول بمجرد نية القنية لا عكسه.
ولا يكفر منكر وجوب زكاة التجارة للخلاف فيه.
وشرط لوجوب الزكاة في الذهب والفضة لا التجارة.
تمام نصاب لهما كل الحول بأن لا ينقص المال عنه في جزء من أجزاء الحول.
أما زكاة التجارة فلا يشترط فيها تمامه إلا آخره لأنه حالة الوجوب.
وينقطع الحول بتخلل زوال ملك أثناءه بمعاوضة أو غيرها نعم لو ملك نصابا ثم أقرضه آخر بعد ستة أشهر لم ينقطع الحول فإن كان مليا أو عاد إليه أخرج الزكاة آخر الحول لان الملك لم يزل بالكلية لثبوت بدله في ذمة المقترض.
وكره أن يزيل ملكه ببيع أو مبادلة عما تجب فيه الزكاة لحيلة بأن يقصد به دفع وجوب الزكاة لأنه فرار من القربة.

(1/232)


ولا زكاة في حلي مباح ولو لإجارة إلا بنية كنز.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وفي الوجيز: يحرم.
وزاد في الإحياء: ولا يبرئ الذمة باطنا وأن هذا من الفقه الضار.
وقال ابن الصلاح: يأثم بقصده لا بفعله.
قال شيخنا: أما لو قصده لا لحيلة بل لحاجة أو لها وللفرار فلا كراهة.
تنبيه: لا زكاة على صيرفي بادل ولو للتجارة في أثناء الحول بما في يده من النقد غيره من جنسه أو غيره.
وكذا لا زكاة على وارث مات مورثه عن عروض التجارة حتى يتصرف فيها بنيتها فحينئذ يستأنف حولها.
ولا زكاة في حلي مباح ولو اتخذه الرجل بلا قصد لبس أو غيره أو اتخذه لإجارة أو إعارة لامرأة إلا إذا اتخذه بنية كنز فتجب الزكاة فيه.
فرع يجوز للرجل تختم بخاتم فضة بل يسن في خنصر يمينه أو يساره للاتباع ولبسه في اليمين أفضل.
وصوب الأذرعي ما اقتضاه كلام ابن الرفعة من وجوب نقصه عن

(1/233)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مثقال للنهي عن اتخاذه مثقالا [صحيح ابن حبان رقم: 5488, 12/299, الترمذي رقم: 1785, أبو داود رقم: 4223, النسائي رقم: 5195] وسنده حسن لكن ضعفه النووي فالأوجه أنه لا يضبط بمثقال بل بما لا يعد إسرافا عرفا.
قال شيخنا: وعليه فالعبرة بعرف أمثال اللابس ولا يجوز تعدده خلافا لجمع حيث لم يعد إسرافا.
وتحليته آلة حرب كسيف ورمح وترس ومنطقة وهي ما يشد بها الوسط وسكين الحرب دون
سكين المهنة والمقلمة: بفضة بلا سرف لان ذلك إرهابا للكفار لا بذهب لزيادة الإسراف والخيلاء.
والخبر المبيح له ضعفه ابن القطان وإن حسنه الترمذي [رقم: 1690] .
وتحليته مصحفا قال شيخنا: أي ما فيه قرآن ولو للتبرك كغلافه بفضة وللمرأة تحليته بذهب إكراما
فيهما وكتبه بالذهب حسن ولو من رجل لا تحلية كتاب غيره ولو بفضة والتمويه حرام قطعا مطلقا.
ثم إن حصل منه شيء بالعرض على النار حرمت استدامته وإلا فلا وإن اتصل بالبدن خلافا لجمع.
ويحل الذهب والفضة بلا سرف لامرأة وصبي إجماعا في نحو السوار والخلخال والنعل والطوق.
وعلى الأصح في المنسوج بهما.

(1/234)


وفي قوت كبر وأرز وتمر وعنب بلغ خمسة أو سق منقى عشر إن سقي بل مؤنة وإلا فنصفه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويحل لهن التاج وإن لم يعتدنه وقلادة فيها دنانير معراة قطعا وكذا مثقوبة ولا تجب الزكاة فيها.
أما مع السرف: فلا يحل شيء من ذلك كخلخال وزن مجموع فردتيه مائتا مثقال فتجب الزكاة فيه.
وتجب على من مر في قوت اختياري من حبوب كبر وشعير وأرز وذرة وحمص ودخن وباقلاء ودقسة.
وفي تمر وعنب من ثمار بلغ قدر كل منهما خمسة أو سق وهي بالكيل: ثلاثمائة صاع والصاع1 أربعة أمداد.
والمد: رطل وثلث.
منقى من تبن وقشر لا يؤكل معه غالبا.
واعلم أن الأرز مما يدخر في قشره ولا يؤكل معه.
فتجب فيه إن بلغ عشرة أو سق عشر للزكاة إن سقي بلا مؤنة كمطر وإلا أي وإن سقي بمؤنة كنضح فنصفه أي نصف العشر.
وسبب التفرقة: ثقل المؤنة في هذا وخفتها في الأول سواء أزرع
__________
1 الصاع عند الشافعية: مكعب طول ضلعه 6 ,14 سانتي مترا.

(1/235)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ذلك قصدا أم نبت اتفاقا كما في المجموع حاكيا فيه الاتفاق وبه يعلم ضعف قول الشيخ زكريا في تحريره تبعا لأصله: يشترط لوجوبها أن يزرعه مالكه أو نائبه فلا زكاة فيما انزرع بنفسه أو زرعه غيره بغير أذنه.
ولا يضم جنس إلى آخر لتكميل النصاب بخلاف أنواع الجنس فتضم.
وزرعا العام يضمان إن وقع حصادهما في عام.
فرع لا تجب الزكاة في مال بيت المال ولا في ريع موقوف من نخل أو أرض على جهة عامة كالفقراء والفقهاء والمساجد لعدم تعين المالك وتجب في موقوف على معين واحد أو جماعة معينة كأولاد زيد ذكره في المجموع.
وأفتى بعضهم في موقوف على إمام المسجد أو المدرس بأنه يلزمه زكاته كالمعين قال شيخنا: والأوجه خلافه لان المقصود بذلك: الجهة: دون شخص معين.
تنبيه قال الجلال البلقيني في حاشية الروضة تبعا للمجموع: إن غلة الأرض المملوكة أو الموقوفة على معين إن

(1/236)


وفي كل خمس إبل شاة إلى خمس وعشرين فبنت مخاض وفي ست وثلاثين بنت لبون.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كان البذر من مال مالكها أو الموقوف عليه: فتجب عليه الزكاة فيما أخرجته الأرض فإن كان البذر من مال العامل وجوزنا المخابرة فتجب الزكاة على العامل ولا شيء على صاحب الأرض لان الحاصل له أجرة أرضه وحيث كان البذر من صاحب الأرض وأعطي منه شيء للعامل لا شيء على العامل لأنه أجرة عمله.
انتهى.
وتجب الزكاة لنبات الأرض المستأجرة مع أجرتها على الزارع.
ومؤنة الحصاد والدياس على المالك.
وتجب على من مر للزكاة في كل خمس إبل شاة جذعة ضأن لها سنة أو ثنية معز لها سنتان ويجزئ الذكر وإن كانت إبله إناثا لا المريض1 إن كانت إبله صحاحا.
إلى خمس وعشرين منها ففي عشر شاتان وخمسة عشر ثلاث وعشرين إلى الخمس والعشرين أربع فإذا كملت الخمس والعشرون فبنت مخاض لها سنة هي واجبها إلى ست وثلاثين سميت بذلك لان أمها آن لها أن تصير من المخاض أي الحوامل.
وفي ست وثلاثين إلى ست وأربعين بنت لبون لها سنتان سميت
__________
1 لا يجزئ المريض هنا مطلقا سواء كانت الإبل مريضة أم لا على المعتمد كما صرح به في التحفة.

(1/237)


وست وأربعين حقة وإحدى وستين جذعه وست وسبعين بنتا لبون وإحدى وتسعين حقتان ومائة وإحدى وعشرين ثلاث بنتا لبون ثم في كل أربعين بنت لبون وفي خمسين حقة.
وفي ثلاثين بقرة إلى أربعين تبيع وأربعين مسنة وستين تبيعان ثم في كل ثلاثين تبيع وأربعين مسنة.
وفي أربعين غنما شاة,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بذلك لان لها أمها آن لها أن تضع ثانيا وتصير ذات لبن.
وفي ست وأربعين إلى إحدى وستين: حقة لها ثلاث سنين وسميت بذلك لأنها استحقت أن تركب ويحمل عليها أو أن يطرقها الفحل.
وفي إحدى وستين: جذعه لها أربع سنين سميت بذلك لأنها يجزع مقدم أسنانها أي يسقط.
وفي ست وسبعين: بنتا لبون وفي إحدى وتسعين: حقتان وفي مائة وإحدى وعشرين ثلاث بنات لبون.
ثم الواجب في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة.
ويجب في ثلاثين بقرة إلى أربعين تبيع له سنة سمي بذلك لأنه يتبع أمه.
وفي أربعين إلى ستين: مسنة لها سنتان سميت بذلك لتكامل أسنانها وفي ستين: تبيعان ثم في كل ثلاثين: تبيع وفي كل أربعين: مسنة.
ويجب في أربعين غنما إلى مائة وإحدى وعشرين شاة.

(1/238)


ومائة وإحدى وعشرين شاتان ومائتين وواحدة ثلاث وأربع مائة أربع ثم في كل مائة شاة.
وتجب الفطرة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وفي مائة وإحدى وعشرين إلى مائتين وواحدة شاتان.
وفي مائتين وواحدة إل ثلاثمائة1 ثلاث من الشياه.
وفي أربعمائة: أربع منها.
ثم في كل مائة: شاة جذعه ضأن لها سنة أو ثنية معز لها سنتان.
وما بين النصابين يسمى وقصا.
ولا يؤخذ خيار كحامل ومسمنة للأكل وربى وهي حديثة العهد بالنتاج بأن يمضي لها من ولادتها نصف شهر إلا برضا مالك.
وتجب الفطرة أي زكاة الفطر سميت بذلك لأن وجوبها به وفرضت كرمضان في ثاني سني
الهجرة.
وقول ابن اللبان بعدم وجوبها غلط كما في الروضة.
قال وكيع: زكاة الفطر لشهر رمضان كسجدة السهو للصلاة تجبر نقص الصوم كما يجبر السجود نقص الصلاة.
ويؤيده ما صح أنها طهرة للصائم من اللغو والرفث.
__________
1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله صوابه إلى أربع مائة إذ ما بين المائتين والواحدة والأربع مائة وقص لا يتغير به الواجب تأمل انتهى. والوقص بفتحتين واحد الأوقاص في الصدقة وهو ما بين الفريضتين وكذا الشنق وبعض العلماء يجعل الوقص في البقر خاصة والشنق في الإبل خاصة انتهى مختار الصحاح.

(1/239)


على حر بغروب ليلة فطر عمن تلزمه نفقته ولو رجعية,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
على حر فلا تلزم على رقيق عن نفسه بل تلزم سيده عنه ولا عن زوجته بل إن كانت أمة فعلى سيدها وإلا فعليها1 كما يأتي ولا على مكاتب لضعف ملكه ومن ثم لم تلزمه زكاة ماله ولا نفقة أقاربه ولاستقلاله لم تلزم سيده عنه.
بغروب شمس ليلة فطر من رمضان أي بإدراك آخر جزء منه وأول جزء من شوال فلا تجب بما حدث بعد الغروب من ولد ونكاح وملك قن وغنى وإسلام ولا تسقط بما يحدث بعده من موت وعتق وطلاق ومزيل ملك.
ووقت أدائها من وقت الوجوب إلى غروب شمس يوم الفطر فيلزم الحر المذكور أن يؤديها قبل غروب شمسه.
عمن أي عن كل مسلم تلزمه نفقته بزوجية أو ملك أو قرابة حين الغروب ولو رجعية أو حاملا بائنا ولو أمة فيلزم فطرتهما كنفقتهما.
ولا تجب عن زوجة ناشزة لسقوط نفقتها عنه بل تجب عليها إن كانت غنية ولا عن حرة غنية غير ناشزة تحت معسر فلا تلزم عليه لانتفاء يساره ولا عليها لكمال تسليمها نفسها له ولا عن ولد صغير غني فتجب من ماله فإن أخرج الأب عنه من ماله جاز ورجع إن
__________
1 هذا ضعيف والمعتمد لا تلزمها راجع الحاشية التالية.

(1/240)


إن فضل عن قوت ممون يوم عيد وليلته وعن دين ما يخرجه فيها,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
نوى الرجوع.
وفطرة ولد الزنا على أمه.
ولا عن ولد كبير قادر على كسب.
ولا تجب الفطرة عن قن كافر ولاعن مرتد إلا أن عاد للإسلام.
وتلزم على الزوج فطرة خادمة الزوجة إن كانت أمته أو أمتها وأخدمها إياها لا مؤجرة ومن صحبتها ولو بأذنه على المعتمد.
وعلى السيد فطرة أمته المزوجة لمعسر وعلى الحرة1 الغنية المزوجة لعبد لا عليه ولو غنيا.
قال في البحر: ولو غاب الزوج فللزوجة اقتراض نفقتها للضرورة لا فطرتها لأنه المطالب وكذا بعضه المحتاج.
وتجب الفطرة على من مر عمن ذكر إن فضل عن قوت ممون له تلزمه مؤنته من نفسه وغيره يوم عيد وليلته وعن ملبس ومسكن وخادم يحتاج إليهما هو أو ممونه.
وعن دين على المعتمد خلافا للمجموع ولو مؤجلا وإن رضي صاحبه بالتأخير.
ما يخرجه فيها أي الفطرة.
__________
1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله وما جرى عليه المؤلف من أنها تلزمها ضعيف.
والمعتمد الذي صرح به النووي في منهاجه أنها لا تلزمها. انتهى.

(1/241)


وهي صاع من غالب قوت بلده وحرم تأخيرها عن يومه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وهي أي زكاة الفطر صاع1 وهو أربعة أمداد والمد رطل وثلث وقدره جماعة بحفنة بكفين معتدلين عن كل واحد من غالب قوت بلده أي بلد المؤدى عنه.
فلا تجزئ من غير غالب قوته أو قوت مؤد أو بلده لتشوف النفوس لذلك ومن ثم وجب صرفها لفقراء بلده مؤدى عنه فإن لم يعرف كأبق ففيه آراء: منها: إخراجها حالا ومنها: أنها لا تجب إلا إذا عاد وفي قول: لا شيء.
فرع لا تجزئ قيمة ولا معيب ولا مسوس ومبلول أي إلا إن جف وعاد لصلاحية الادخار والاقتيات ولا اعتبار لاقتياتهم المبلول إلا أن فقدوا غيره فيجوز.
وحرم تأخيرها عن يومه أي العبد بلا عذر كغيبة مال أو مستحق.
ويجب القضاء فورا لعصيانه.
ويجوز تعجيلها من أول رمضان.
ويسن أن لا تؤخر عن صلاة العيد بل يكره ذلك نعم يسن تأخيرها لانتظار نحو قريب أو جار ما لم تغرب الشمس.
__________
1 والصاع عند الشافعية مكعب طول ضلعه 6 ,14 سانتي مترا.

(1/242)


فصل في أداء الزكاة
يجب أداءها فورا بتمكن بحضور مال ومستحقيها وحلول دين مع قدرة,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في أداء الزكاة
يجب أداءها أي الزكاة وإن كان عليه دين مستغرق حال لله أو لآدمي فلا يمنع الدين وجوب الزكاة في الأظهر.
فورا ولو في مال صبي ومجنون حاجة المستحقين إليها.
بتمكن من الأداء فإن أخر أثم وضمن إن تلف بعده نعم إن أخر لانتظار قريب أو جار أو أحوج أو أصلح لم يأثم لكنه يضمنه إن تلف كمن أتلفه أو قصر في دفع متلف عنه كأن وضعه في غير حرزه بعد الحول وقبل التمكن.
ويحصل التمكن بحضور مال غائب سائر أو قار بمحل عسر الوصول إليه فإن لم يحضر لم يلزمه الأداء من محل
آخر وإن جوزنا نقل الزكاة.
وحضور مستحقيها أي الزكاة أو بعضهم فهو متمكن بالنسبة لحصته حتى لو تلفت ضمنها ومع فراغ من مهم ديني أو دنيوي كأكل وحمام.
وحلول دين من نقد أو عرض تجارة مع قدرة على استيفائه بأن كان على ملئ حاضر باذل أو جاحد عليه بينة أو يعلمه القاضي أو قدر

(1/243)


ولو أصدقها نصاب نقد زكته.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هو على خلاصه فيجب إخراج الزكاة في الحال وإن لم يقبضه لأنه قادر على قبضه.
أما إذا تعذر استيفاؤه بإعسار أو مطل أو غيبة أو جحود ولا بينة فكمغصوب فلا يلزمه الإخراج إلا إن قبضه.
وتجب الزكاة في مغصوب وضال لكن لا يجب دفعها إلا بعد تمكن بعوده إليه.
ولو أصدقها نصاب نقد وإن كان في الذمة أو سائمة معينة زكته وجوبا إذا تم حول من الإصداق وإن لم تقبضه ولا وطئها لكن يشترط إن كان النقد في الذمة إمكان قبضه بكونه موسرا حاضرا.
تنبيه: الأظهر أن الزكاة تتعلق بالمال تعلق شركة وفي قول قديم اختاره الريمي: لأنها تتعلق بالذمة لا بالعين.
فعلى الأول أن المستحق للزكاة شريك بقدر الواجب وذلك لأنه لو امتنع من إخراجها أخذها الإمام منه قهرا كما يقسم المال المشترك قهرا إذا امتنع بعض الشركاء من قسمته ولم يفرقوا في الشركة بين العين والدين فلا يجوز لربه أن يدعي ملك جميعه بل إنه يستحق قبضه ولو قال: بعد حول إن أبرأتني من صداقك فأنت طالق فأبرأته منه لم تطلق لأنه لم يبرأ من جميعه بل مما عدا قدر الزكاة فطريقها أن يعطيها ثم تبرئه.
ويبطل البيع والرهن في قدر الزكاة فقط فإن فعل أحدهما بالنصاب أو ببعضه

(1/244)


وشرط له: 1- نية كهذا زكاة أو صدقة مفروضة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بعد الحول صح لا في قدر الزكاة كسائر الأموال المشتركة على الأظهر نعم يصح في قدرها في مال التجارة لا الهبة في قدرها فيه.
فرع: تقدم الزكاة ونحوها من تركة مديون ضاقت عن وفاء ما عليه من حقوقه الآدمي وحقوق الله
كالكفارة والحج والنذر والزكاة كما إذا اجتمعتا على حي لم يحجر عليه ولو اجتمعت فيها حقوق الله
فقط قدمت الزكاة إن تعلقت بالعين بأن بقي النصاب وإلا بأن تلف بعد الوجوب والتمكن استوت مع غيرها فيوزع عليها.
وشرط له أي أداء الزكاة شرطان.
1- أحدهما: نية بقلب لا نطق كهذا زكاة مالي ولو بدون فرض إذ لا تكون إلا فرضا.
أو صدقة مفروضة أو هذا زكاة مالي المفروضة.
ولا يكفي: هذا فرض مالي لصدقه بالكفارة والنذر.
ولا يجب تعيين المال المخرج عنه في النية.
ولو عين لم يقع عن غيره وإن بان المعين تالفا لأنه لم ينو ذلك الغير ومن ثم لو نوى إن كان تالفا فعن غيره فبان تالفا وقع عن غيره بخلاف ما لو قال: هذه زكاة مالي الغائب إن كان باقيا أو صدقة لعدم الجزم بقصد الفرض.

(1/245)


لا مقارنتها للدفع بل تكفي عند عزل أو إعطاء وكيل أو بعد أحدهما وقبل التفرقة,
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وإذا قال فإن كان تالفا فصدقة فبان تالفا وقع صدقة أو باقيا وقع زكاة.
ولو كان عليه زكاة وشك في إخراجها فأخرج شيئا ونوى: إن كان علي شيء من الزكاة فهذا عنه وإلا فتطوع فإن بان عليه زكاة أجزأه عنها وإلا وقع له تطوعا كما أفتى به شيخنا.
ولا يجزئ عن الزكاة قطعا إعطاء المال للمستحقين بلا نية.
لا مقارنتها أي النية للدفع فلا يشترط ذلك بل تكفي النية قبل الأداء إن وجدت عند عزل قدر الزكاة عن المال أو إعطاء وكيل أو إمام والأفضل لهما أن ينويا أيضا عند التفرقة.
أو وجدت بعد أحدهما أي بعد عزل قدر الزكاة أو التوكيل.
وقبل التفرقة لعسر اقترانها بأداء كل مستحق.
ولو قال لغيره: تصدق بهذا ثم نوى الزكاة قبل تصدقه بذلك أجزأه عن الزكاة.
ولو قال لآخر: اقبض ديني من فلان وهو لك زكاة لم يكف حتى ينوي هو بعد قبضه ثم يأذن له في أخذها وأفتى بعضهم أن التوكيل المطلق في إخراجها يستلزم التوكيل في نيتها.
قال شيخنا: وفيه نظر بل المتجه أنه لا بد من نية المالك أو تفويضها للوكيل.

(1/246)


وجاز لكل إخراج زكاة المشترك بغير إذن الآخر وتوكيل كافر وصبي في إعطائها لمعين وتعجيلها قبل حول
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقال المتولي وغيره: يتعين نية الوكيل إذا وقع الفرض بماله بأن قال له موكله أد زكاتي من مالك لينصرف فعله عنه وقوله له ذلك متضمن للإذن له في النية.
وقال القفال: لو قال لغيره أقرضني خمسة أؤدها عن زكاتي ففعل صح.
قال شيخنا: وهو مبني على رأيه بجواز اتحاد القابض والمقبض.
وجاز لكل من الشريكين إخراج زكاة المال المشترك بغير إذن الشريك الآخر كما قاله الجرجاني وأقره غيره لأذن الشرع فيه.
وتكفي نية الدافع منهما عن نية الآخر على الأوجه.
وجاز توكيل كافر وصبي في إعطائها المعين أي إن عين المدفوع إليه لا مطلقا ولا تفويض النية إليهما لعدم الأهلية.
وجاز توكيل غيرهما في الإعطاء والنية معا.
وتجب نية الولي في مال الصبي والمجنون فإن صرف الولي الزكاة بلا نية ضمنها لتقصيره ولو دفعها المزكي للإمام بلا نية ولا إذن منه له فيها لم تجزئه نيته نعم تجزئ نية الإمام عند أخذها قهرا من الممتنع وإن لم ينو صاحب المال.
وجاز للمالك دون الولي تعجيلها أي الزكاة قبل تمام حول

(1/247)


لا تعجيلها لعامين وحرم تأخيرها وضمن إن تلف بعد تمكن.
2- وإعطاؤها لمستحقيها.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لا قبل تمام نصاب في غير التجارة.
ولا تعجيلها لعامين في الأصح.
وله تعجيل الفطرة من أول رمضان.
أما في مال التجارة فيجزئ التعجيل وإن لم يملك نصابا وينوي عند التعجيل كهذه زكاتي المعجلة.
وحرم تأخيرها أي الزكاة بعد تمام الحول والتمكن.
وضمن إن تلف بعد تمكن بحضور المال والمستحق أو أتلفه بعد حول ولو قبل التمكن كما مر بيانه.
2- وثانيهما: إعطاؤها لمستحقيها أي الزكاة يعني من وجد من الأصناف الثمانية المذكورة في آية: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [9 سورة التوبة الآية: 60] والفقير: من ليس له مال ولا كسب لائق يقع موقعا من كفايته وكفاية ممونه ولا يمنع الفقر مسكنه وثيابه ولو للتجمل في بعض أيام السنة وكتب يحتاجها وعبده الذي يحتاج إليه للخدمة وماله الغائب بمرحلتين أو الحاضر وقد حيل بينه وبينه والدين المؤجل والكسب الذي لا يليق به.
وأفتى بعضهم أن حلي المرأة اللائق بها المحتاجة للتزين به عادة

(1/248)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لا يمنع فقرها وصوبه شيخنا.
والمسكين: من قدر على مال أو كسب يقع موقعا من حاجته ولا يكفيه كمن يحتاج لعشرة وعنده ثمانية ولا
يكفيه الكفاية السابقة وإن ملك أكثر من نصاب حتى أن للإمام أن يأخذ زكاته ويدفعها إليه فيعطى كل منهما إن تعود تجارة رأس مال يكفيه ربحه غالبا أو حرفة آلتها ومن لم يحسن حرفة ولا تجارة يعطى كفاية العمر الغالب.
وصدق مدعي فقر ومسكنة وعجز عن كسب ولو قويا جلدا بلا يمين لا مدعي تلف مال عرف بلا بينة.
والعامل كساع: وهو من يبعثه الإمام لأخذ الزكاة وقاسم وحاشر لا قاض.
والمؤلفة: من أسلم ونيته ضعيفة أو له شرف يتوقع بإعطائه إسلام غيره.
والرقاب: المكاتبون كتابة صحيحة فيعطى المكاتب أو سيده بإذنه دينه إن عجز عن الوفاء وإن كان
كسوبا لا من زكاة سيده لبقائه على ملكه.
والغارم: من استدان لنفسه لغير معصية فيعطي له إن عجز عن وفاء الدين وإن كان كسوبا إذ الكسب لا يدفع حاجته لوفائه إن حل الدين ثم إن لم يكن معه شيء أعطي الكل وإلا فإن كان بحيث لو قضى دينه مما معه تمسكن ترك له مما معه ما يكفيه أي العمر

(1/249)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الغالب كما استظهره شيخنا وأعطي ما يقضي به باقي دينه أو لإصلاح ذات البين فيعطى ما استدانه لذلك ولو غنيا أما إذا لم يستدن بل أعطي ذلك من ماله فإنه لا يعظاه.
ويعطى المستدين لمصلحة عامة كقري ضيف وفك أسير وعمارة نحو مسجد وإن غنيا.
أو للضمان فإن كان الضامن والأصيل معسرين أعطي الضامن وفاءه أو الأصيل موسرا دون الضامن أعطي إن ضمن بلا إذن أو عكسه أعطي الأصيل لا الضامن.
وإذا وفى من سهم الغارم لم يرجع على الأصيل وإن ضمن بإذنه.
ولا يصرف من الزكاة شيء لكفن ميت أو بناء مسجد.
ويصدق مدعي كتابة أو غرم بإخبار عدل وتصديق سيد أو رب دين أو اشتهار حال بين الناس.
فرع: من دفع زكاته لمدينه بشرط أن يردها له عن دينه لم يجز ولا يصح قضاء الدين بها.
فإن نويا ذلك بلا شرط جاز وصح وكذا إن وعده المدين بلا شرط فلا يلزمه الوفاء بالوعد.
ولو قال لغريمه: جعلت ما عليك زكاة لم يجزئ على الأوجه إلا إن قبضه ثم رده إليه.
ولو قال: اكتل من طعامي عندك كذا ونوى به الزكاة ففعل

(1/250)


0000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فهل يجزئ؟ وجهان وظاهر كلام شيخنا ترجيح عدم الإجزاء.
وسبيل الله: وهو القائم بالجهاد متطوعا ولو غنيا.
ويعطى المجاهد النفقة والكسوة له ولعياله ذهابا وإيابا وثمن آلة الحرب.
وابن السبيل: وهو مسافر مجتاز ببلد الزكاة أو منشئ سفر مباح منها ولو لنزهة أو كان كسوبا بخلاف المسافر لمعصية إلا إن تاب.
والمسافر لغير مقصد صحيح كالهائم.
ويعطى كفايته وكفاية من معه من ممونه أي جميعها نفقة وكسوة ذهابا وإيابا إن لم يكن له بطريقه أو مقصده مال.
ويصدق في دعوى السفر وكذا في دعوى الغزو بلا يمين ويسترد منه ما أخذه إن لم يخرج.
ولا يعطى أحد بوصفين نعم إن أخذ فقير بالغرم فأعطاه غريمه أعطي بالفقر لأنه الآن محتاج.
تنبيه: [من حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبع ذلك] ولو فرق المالك الزكاة سقط سهم العامل ثم إن انحصر المستحقون ووفى بهم المال لزم تعميمهم وإلا لم يجب ولم يندب لكن يلزمه إعطاء ثلاثة من كل صنف وإن لم يكونوا بالبلد وقت

(1/251)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الوجوب ومن المتوطنين أولى ولو أعطى اثنين من كل صنف والثالث موجود لزمه أقل متمول غرما له من ماله ولو فقد بعض الثلاثة رد حصته على باقي صنفه إن احتاجه وإلا فعلى باقي الأصناف.
ويلزم التسوية بين الأصناف وإن كانت حاجة بعضهم أشد لا التسوية بين آحاد الصنف بل تندب.
واختار جماعة من أئمتنا جواز صرف الفطرة إلى ثلاثة مساكين أو غيرهم من المستحقين ولو كان كل صنف أو بعض الأصناف وقت الوجوب محصورا في ثلاثة فأقل استحقوها في الأولى وما يخص المحصورين في الثانية من وقت الوجوب فلا يضر حدوث غنى أو موت أحدهم بل حقه باق بحاله فيدفع نصيب الميت لوارثه وإن كان هو المزكي ولا يشاركهم قادم عليهم ولا غائب عنهم وقت الوجوب فإن زادوا على ثلاثة لم يملكوا إلا بالقسمة.
ولا يجوز لمالك نقل الزكاة عن بلد المال ولو إلى مسافة قريبة ولا تجزئ ولا دفع القيمة في غير مال التجارة ولا دفع عينه فيه.
ونقل عن عمر وابن عباس وحذيفة رضي الله عنهم جواز صرف الزكاة إلى صنف واحد وبه قال أبو حنيفة ويجوز عنده نقل الزكاة مع الكراهة ودفع قيمتها وعين مال التجارة.

(1/252)


ولو أعطاها لكافر أو من به رق أو هاشمي أو مطلبي أو غني أو مكفي بنفقة قريب لم يجزئ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولو أعطاها أي الزكاة ولو الفطرة لكافر أو من به رق ولو مبعضا غير مكاتب أو هاشمي أو
مطلبي أو مولى لهما لم يقع عن الزكاة لان شرط الآخذ: الإسلام وتمام الحرية وعدم كونه هاشميا ولا مطلبيا وإن انقطع عنهم خمس الخمس لخبر: إن هذه الصدقات أي الزكوات إنما هي أوساخ الناس وإنها لا تحل لمحمد ولا لآله.
قال شيخنا: وكالزكاة: كل واجب كالنذر والكفارة بخلاف التطوع والهدية.
أو غني وهو من له كفاية العمر الغالب على الأصح.
وقيل: من له كفاية سنة أو الكسب الحلال اللائق.
أو مكفي بنفقة قريب من أصل أو فرع أو زوج بخلاف المكفي بنفقة متبرع.
لم يجزئ ذلك عن الزكاة ولا تتأدى بذلك إن كان الدافع المالك وإن ظن استحقاقهم.
ثم إن كان الدافع يظن الاستحقاق الإمام: برئ المالك ولا يضمن الإمام بل يسترد المدفوع وما استرده صرفه للمستحقين.
أما من لم يكتف بالنفقة الواجبة له من زوج أو قريب فيعطيه المنفق

(1/253)


0000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وغيره حتى بالفقر ويجوز للمكفي بها الأخذ بغير المسكنة والفقر إن وجد فيه حتى ممن تلزمه نفقته.
ويندب للزوجة إعطاء زوجها من زكاتها حتى بالفقر والمسكنة وإن أنفقها عليها.
قال شيخنا: والذي يظهر أن قريبه الموسر لو امتنع من الإنفاق عليه وعجز عنه بالحاكم أعطي حينئذ لتحقق فقره أو مسكنته الآن.
فائدة: أفتى النووي في بالغ تاركا للصلاة كسلا أنه لا يقبضها له إلا وليه أي كصبي ومجنون فلا تعطى له وإن غاب وليه خلافا لمن زعمه: بخلاف ما لو طرأ تركه لها أو تبذيره ولم يحجر عليه: فإنه يقبضها.
ويجوز دفعها لفاسق إلا إن علم أنه يستعين بها على معصية فيحرم وإن أجزأ.
تتمة في قسمة الغنيمة ما أخذناه من أهل حرب قهرا: فهو غنيمة وإلا فهو فئ.
ومن الأول: ما أخذناه من دارهم اختلاسا أو سرقة على الأصح خلافا للغزالي وإمامه: حيث قالا إنه مختص بالآخذ بلا تخميس.
وادعى ابن الرفعة الإجماع عليه.
ومن الثاني: جزية وعشر تجارة وتركة مرتد

(1/254)


000000000000000000000000000000000
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويبدأ في الغنيمة بالسلب للقاتل المسلم بلا تخميس وهو ملبوس القتيل وسلاحه ومركوبه وكذا سوار ومنطقة وخاتم وطوق وبالمؤن: كأجرة حمال ثم يخمس باقيها فأربعة أخماسها ولو عقارا لمن حضر الوقعة وإن لم
يقاتل فما أحد أولى به من أحد.
لا لمن لحقهم بعد انقضائها ولو قبل جمع المال.
ولا لمن مات في أثناء القتال قبل الحيازة على المذهب.
وأربعة أخماس الفيء للمرصدين للجهاد.
وخمسهما يخمس: سهم للمصالح: كسد ثغر وعمارة حصن ومسجد وأرزاق القضاة والمشتغلين بعلوم الشرع وآلاتها ولو مبتدئين وحفاظ القرآن والأئمة والمؤذنين ويعطى هؤلاء مع الغنى ما رآه الإمام.
ويجب تقديم الأهم مما ذكر وأهمها: الأول ولو منع هؤلاء حقوقهم من بيت المال وأعطي أحدهم منه شيئا: جاز له الأخذ ما لم يزد على كفايته على المعتمد.
وسهم للهاشمي والمطلبي: للذكر منهما مثل حظ الأنثيين ولو أغنياء وسهم للفقراء اليتامى وسهم للمسكين وسهم لابن السبيل الفقير ويجب تعميم الأصناف الأربعة بالعطاء حاضرهم وغائبهم عن المحل.

(1/255)


ويسن صدقة تطوع
ـــــــــــــــــــــــــــــ
نعم يجوز التفاوت بين آحاد الصنف غير ذوي القربى لا بين الأصناف ولو قل الحاصل بحيث لو عم لم يسد مسدا: خص به الأحوج ولا يعم للضرورة ولو فقد بعضهم: وزع سهمه على الباقين.
ويجوز عند الأئمة الثلاثة صرف جميع خمس الفيء إلى المصالح.
ولا يصح شرط الإمام: من أخذ شيئا فهو له وفي قول: يصح وعليه الأئمة الثلاثة وعند أبي حنيفة ومالك: يجوز للإمام أن يفضل بعضا.
فرع [في بيان حكم الغنيمة قبل القسمة] لو حصل لأحد من الغانمين شيء مما غنموا قبل التخميس والقسمة الشرعية: لا يجوز التصرف فيه لأنه مشترك بينهم وبين أهل الخمس والشريك لا يجوز له التصرف في المشترك بغير إذن شريكه.
ويسن صدقة تطوع لآية: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً} [2 سورة القرة الآية: 245] وللأحاديث الكثيرة الشهيرة وقد تجب: كأن يجد مضطرا ومعه ما يطعمه فاضلا عنه.
ويكره برديء وليس منه: التصدق بالفلوس والثوب الخلق ونحوهما بل ينبغي أن لا يأنف من التصدق بالقليل.

(1/256)


كل يوم بما تيسر سرا وبرمضان ولقريب
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والتصدق بالماء أفضل: حيث كثر الاحتياج إليه وإلا فالطعام.
ولو تعارض الصدقة حالا والوقف فإن كان الوقت وقت حاجة وشدة: فالأول أولى وإلا فالثاني لكثرة جدواه قاله ابن عبد السلام وتبعه الزركشي.
وأطلق ابن الرفعة ترجيح الأول لأنه قطع حظه من المتصدق به حالا.
وينبغي للراغب في الخير أن لا يخلي كل يوم من الأيام من الصدقة بما تيسر وإن قل.
وإعطاؤها سرا أفضل منه جهرا.
أما الزكاة: فإظهارها أفضل إجماعا.
وإعطاؤها برمضان: أي فيه لا سيما في عشره الأواخر أفضل ويتأكد أيضا: في سائر الأزمنة والأمكنة الفاضلة: كعشر ذي الحجة والعيدين والجمعة وكمكة والمدينة.
وإعطاؤها لقريب لا تلزمه نفقته أولى1 الأقرب فالأقرب من المحارم ثم الزوج أو الزوجة ثم غير المحرم والرحم من جهة الأب ومن جهة إلام سواء ثم محرم الرضاع ثم المصاهرة أفضل.
__________
1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله أنه وجد في بعض نسخ الخط الصحيحة تلزمه نفقته أولا ثم أضاف وهو المتعين انتهى.

(1/257)


وجار أفضل لا بما يحتاجه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وصرفها بعد القريب إلى جار أفضل منه لغيره فعلم أن القريب البعيد الدار في البلد: أفضل من الجار الأجنبي.
لا يسن التصدق بما يحتاجه بل يحرم بما يحتاج إليه: لنفقة ومؤنة من تلزمه نفقته يومه وليلته أو لوفاء دينه ولو مؤجلا وإن لم يطلب منه ما لم يغلب على ظنه حصوله من جهة أخرى ظاهرة لان الواجب لا يجوز تركه لسنة وحيث حرمت الصدقة بشيء لم يملكه المتصدق عليه على ما أفتى به شيخنا المحقق ابن زياد رحمه الله تعالى لكن الذي جزم به شيخنا في شرح المنهاج أنه يملكه.
والمن بالصدقة حرام محبط للأجر كالأذى.
فائدة: قال في المجموع: يكره الأخذ ممن بيده حلال وحرام كالسلطان الجائز وتختلف الكراهة بقلة الشبهة وكثرتها ولا يحرم إلا إن تيقن أن هذا من الحرام وقول الغزالي: يحرم الأخذ ممن أكثر ماله حرام وكذا معاملته: شاذ.

(1/258)