فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب ط دار الفكر

كتاب الإجارة
أركانها صيغة وأجرة ومنفعه وعاقد وشرط فيه ما في البيع وفي الصيغة ما فيه غير عدم التأقيت كأجرتك هَذَا أَوْ مَنَافِعَهُ أَوْ مَلَّكْتُكَهَا سَنَةً بِكَذَا لا بعتكها وترد على عين كإجارة معين كاكتريتك لكذا وعلى ذمة كإجارة موصوف وإلزام ذمته عملا وفي الأجرة ما في الثمن فلا تصح بعمارة وعلف ولا لسلخ بجلد وطحن ببعض دقيق وتصح.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كِتَابُ الْإِجَارَةِ.
بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا وفتحها من آجره بالمد يؤجره إيجار أو يقال أَجَرَهُ بِالْقَصْرِ يَأْجُرُهُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا أَجْرًا وهي لغة اسم للأجرة وَشَرْعًا تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ بِعِوَضٍ بِشُرُوطٍ تَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَةُ: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ} 1 وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ الْإِرْضَاعَ بِلَا عَقْدٍ تَبَرُّعٌ لا يوجب أجرة وأنما يوجبها ظاهرا الْعَقْدِ فَتَعَيَّنَ وَخَبَرُ الْبُخَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَأْجَرَا رَجُلًا مِنْ بَنِي الدَّيْلِ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأُرَيْقِطِ وَخَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْمُزَارَعَةِ وَأَمَرَ بِالْمُؤَاجَرَةِ وَالْمَعْنَى فِيهَا أَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا إذْ لَيْسَ لِكُلِّ أَحَدٍ مَرْكُوبٌ وَمَسْكَنٌ وَخَادِمٌ فَجُوِّزَتْ لِذَلِكَ كَمَا جُوِّزَ بَيْعُ الْأَعْيَانِ.
" أَرْكَانُهَا " أَرْبَعَةٌ " صِيغَةٌ وَأُجْرَةُ وَمَنْفَعَةٌ وَعَاقِدٌ " مِنْ مُكْرٍ وَمُكْتِرٍ " وَشُرِطَ فِيهِ " أَيْ فِي الْعَاقِدِ " مَا " مَرَّ فِيهِ " فِي الْبَيْعِ " وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ ثَمَّ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ هُنَا إسْلَامُ الْمُكْتَرِي لِمُسْلِمٍ كَمَا قَدَّمْتُهُ ثُمَّ مَعَ زِيَادَةٍ وَتَصِحُّ إجَارَةُ السَّفِيهِ نَفْسَهُ لِمَا لَا يَقْصِدُ مِنْ عَمَلِهِ كَالْحَجِّ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ بِهِ وَلَا يَصِحُّ اكْتِرَاءُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ وَإِنْ صَحَّ شِرَاؤُهُ نَفْسَهُ مِنْهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ " وَ " شُرِطَ " فِي الصِّيغَةِ مَا " مَرَّ فِيهَا " فِيهِ " أَيْ فِي الْبَيْعِ " غَيْرَ عَدَمِ التَّأْقِيتِ كَأَجَّرْتُكَ " أَوْ أكريتك " هَذَا أَوْ مَنَافِعَهُ أَوْ مَلَّكْتُكَهَا سَنَةً بِكَذَا " فَيَقْبَلُ الْمُكْتَرِي " لَا بِعْتُكَهَا " أَيْ مَنَافِعَهُ سَنَةً بِكَذَا لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ وُضِعَ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَنْفَعَةِ كَمَا لَا يُسْتَعْمَلُ لفظ الإجارة في البيع لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً وَكَلَفْظِ الْبَيْعِ لَفْظُ الشِّرَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَسَنَةً فِيمَا ذَكَرَ لَيْسَ مَفْعُولًا فِيهِ لِأَجَّرَ مَثَلًا لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ وَزَمَنُهُ يَسِيرٌ بَلْ لِمُقَدَّرٍ أَيْ آجَرْتُكَهُ وَانْتَفَعَ بِهِ سَنَةً كَمَا قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ} 2 "أَنَّ التَّقْدِيرَ وَأَلْبَثَهُ مِائَةَ عَامٍ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ " وَتَرِدُ " الْإِجَارَةُ " عَلَى عَيْنٍ كَإِجَارَةِ مُعَيَّنٍ " مِنْ عَقَارٍ وَرَقِيقٍ وَنَحْوِهِمَا " كَاكْتَرَيْتُكَ لِكَذَا " سَنَةً وَإِجَارَةُ الْعَقَارِ لَا تَكُونُ إلَّا عَلَى الْعَيْنِ " وَعَلَى ذِمَّةٍ كَإِجَارَةِ مَوْصُوفٍ " مِنْ دَابَّةٍ وَنَحْوِهَا لِحَمْلٍ مَثَلًا " وَإِلْزَامِ ذِمَّتِهِ عَمَلًا " كخياطة وبناء ومورد الْإِجَارَةِ الْمَنْفَعَةُ لَا الْعَيْنُ عَلَى الْأَصَحِّ سَوَاءٌ أُورِدَتْ عَلَى الْعَيْنِ أَمْ عَلَى الذِّمَّةِ قَالَ الشَّيْخَانِ وَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ وَأَوْرَدَ الْإِسْنَوِيُّ لَهُ فَوَائِدُ.
" وَ " شُرِطَ " فِي الْأُجْرَةِ مَا " مَرَّ " فِي الثَّمَنِ " فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا مَعْلُومَةً جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً إلا أن تكون معينة فَتَكْفِي رُؤْيَتُهَا " فَلَا تَصِحُّ " إجَارَةُ دَارٍ أَوْ دَابَّةٍ " بِعِمَارَةٍ وَعَلَفٍ " بِسُكُونِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا وَهُوَ بِالْفَتْحِ مَا يُعْلَفُ بِهِ لِلْجَهْلِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ ذَكَرَ مَعْلُومًا وَأَذِنَ لَهُ خَارِجَ الْعَقْدِ فِي صَرْفِهِ فِي الْعِمَارَةِ أَوْ الْعَلَفِ صَحَّتْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَمْ يَخْرُجُوهُ عَلَى اتِّحَادِ القابض والمقبض لوقوعه ضمنا " ولا لِسَلْخٍ " لِشَاةٍ " بِجِلْدٍ " لَهَا " وَ " لَا "طَحْنٍ" لِبُرٍّ مَثَلًا " بِبَعْضِ دَقِيقٍ " مِنْهُ كَثُلُثِهِ لِلْجَهْلِ بثخانة الجلد ومقدار الدَّقِيقِ وَلِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأُجْرَةِ حَالًّا وَفِي مَعْنَى الدَّقِيقِ النُّخَالَةُ " وَتَصِحُّ " إجَارَةُ امْرَأَةٍ مَثَلًا " ببعض دقيق حَالًّا لِإِرْضَاعِ بَاقِيهِ " لِلْعِلْمِ بِالْأُجْرَةِ وَالْعَمَلُ الْمُكْتَرَى لَهُ إنَّمَا وَقَعَ فِي مِلْكِ غَيْرِ الْمُكْتَرِي تَبَعًا بِخِلَافِ مَا لَوْ اكْتَرَاهَا بِبَعْضِهِ بَعْدَ الْفِطَامِ لِإِرْضَاعِ بَاقِيهِ لِلْجَهْلِ بِالْأُجْرَةِ إذْ ذَاكَ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ اكْتَرَاهَا لِإِرْضَاعِ كُلِّهِ بِبَعْضِهِ حالا أو بعد.
__________
1 الطلاق: 6.
2 البقرة: 259.

(1/293)


ببعض دقيق حالا لإرضاع باقيه وهي في إجارة ذمة كرأس مال سلم وفي إجارة عين كثمن لكن ملكها مراعي فلا تستقر كلها إلا بمضي المدة ويستقر في فَاسِدَةٍ أُجْرَةُ مِثْلٍ بِمَا يَسْتَقِرُّ بِهِ مُسَمًّى في صحيحة غالبا وفي المنفعة كونها متقومة معلومة مقدورة التسلم وَاقِعَةً لِلْمُكْتَرِي لَا تَتَضَمَّنُ اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ قَصْدًا فَلَا يَصِحُّ اكْتِرَاءُ شَخْصٍ لِمَا لَا يُتْعِبُ ونقد وكلب ومجهول وآبق ومغصوب وأعمى لحفظ وأرض لِزِرَاعَةٍ لَا مَاءَ لَهَا دَائِمٌ وَلَا غَالِبَ يكفيها ولا لقلع سن صحيحة ولا حائض مسلمة لخدمة مسجد وحرة بغير إذن زوجها ولا لعبادة تجب فيها نية ولم تقبل نيابة ولا مسلم لنحو جهاد ولا بستان لثمره وصح تأجيلها في إجارة ذمة لا عين وصح كراؤها لمالك منفعتها مدة تلي.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْفِطَامِ لِوُقُوعِ الْعَمَلِ فِي مِلْكِ غَيْرِ الْمُكْتَرِي قَصْدًا فِيهِمَا وَلِلْجَهْلِ بِالْأُجْرَةِ فِي الثَّانِي هَكَذَا افْهَمْ هَذَا الْمَقَامَ وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَتَعْبِيرِي بِإِرْضَاعِ بَاقِيهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِإِرْضَاعِ رَقِيقِهِ.
" وَهِيَ " أَيْ الْأُجْرَةُ " فِي إجَارَةِ ذِمَّةٍ كَرَأْسِ مَالِ سَلَمٍ " لِأَنَّهَا سَلَمٌ فِي الْمَنَافِعِ فَيَجِبُ قَبْضُهَا فِي الْمَجْلِسِ وَلَا يَبْرَأُ مِنْهَا وَلَا يُسْتَبْدَلُ عَنْهَا وَلَا يُحَالُ بِهَا وَلَا عَلَيْهَا وَلَا تُؤَجَّلُ وَإِنْ عُقِدَتْ بِغَيْرِ لَفْظِ السَّلَمِ فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَيُشْتَرَطُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ تَسْلِيمُ الْأُجْرَةِ فِي الْمَجْلِسِ " وَ " هِيَ " فِي إجَارَةِ عَيْنٍ كَثَمَنٍ " فَلَا يَجِبُ قَبْضُهَا فِي الْمَجْلِسِ مُطْلَقًا وَيَجُوزُ إنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ الْإِبْرَاءُ مِنْهَا وَالِاسْتِبْدَالُ عَنْهَا وَالْحَوَالَةُ بِهَا وَعَلَيْهَا وَتَأْجِيلُهَا وَتُعَجَّلُ إنْ كَانَتْ كَذَلِكَ وَأُطْلِقَتْ وَتُمْلَكُ بِالْعَقْدِ مُطْلَقًا " لَكِنَّ مِلْكَهَا " يَكُونُ مِلْكًا " مُرَاعًى " بِمَعْنَى أَنَّهُ كُلَّمَا مَضَى زَمَنٌ عَلَى السَّلَامَةِ بَانَ أن الْمُؤَجِّرَ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ مِنْ الْأُجْرَةِ عَلَى مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ إنْ قَبَضَ الْمُكْتَرِي الْعَيْنَ أَوْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ فَامْتَنَعَ " فَلَا تَسْتَقِرُّ كُلُّهَا إلَّا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ" سَوَاءٌ انْتَفَعَ الْمُكْتَرِي أَمْ لَا لِتَلَفِ الْمَنْفَعَةِ تَحْتَ يَدِهِ وَقَوْلِي كَثَمَنٍ إلَى آخِرِهِ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ " وَيَسْتَقِرُّ فِي " إجَارَةِ " فَاسِدَةٍ أُجْرَةُ مِثْلٍ بِمَا يَسْتَقِرُّ بِهِ مسمى في صحيحه " سواء أكانت مِثْلَ الْمُسَمَّى أَمْ أَقَلَّ أَمْ أَكْثَرَ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي " غَالِبًا " التَّخْلِيَةُ فِي الْعَقَارِ وَالْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُكْتَرِي وَالْعَرْضُ عَلَيْهِ وَامْتِنَاعُهُ مِنْ الْقَبْضِ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَلَا تَسْتَقِرُّ بِهَا الْأُجْرَةُ فِي الْفَاسِدَةِ وَيَسْتَقِرُّ بِهَا الْمُسَمَّى فِي الصَّحِيحَةِ.
" وَ " شُرِطَ " فِي الْمَنْفَعَةِ كَوْنُهَا مُتَقَوِّمَةً " أَيْ لَهَا قِيمَةٌ " مَعْلُومَةٌ " عَيْنًا وَقَدْرًا وَصِفَةً "مَقْدُورَةَ التسلم" حِسًّا وَشَرْعًا " وَاقِعَةً لِلْمُكْتَرِي لَا تَتَضَمَّنُ اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ قَصْدًا " بِأَنْ لَا يَتَضَمَّنَهُ الْعَقْدُ " فَلَا يَصِحُّ اكْتِرَاءُ شَخْصٍ لِمَا لَا يُتْعِبُ " كَكَلِمَةِ لا تتعب وَإِنْ رَوَّجَتْ السِّلْعَةَ إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ " و " لا اكتراء " نقد " أَيْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَلَوْ لِلتَّزَيُّنِ " وَ " لَا " كَلْبٍ " وَلَوْ لِصَيْدٍ لِأَنَّ مَنَافِعَهُمَا لَا تُقَابَلُ بِمَالٍ وَبَذْلُهُ فِي مُقَابِلَتِهِمَا تَبْذِيرٌ " وَ " لَا " مَجْهُولٍ " كَأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ وَكَثَوْبٍ " وَ " لَا " آبِقٍ وَ " لَا " مَغْصُوبٍ " لِغَيْرِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى نَزْعِهِ عَقِبَ الْعَقْدِ " وَ " لَا " أَعْمَى لِحِفْظٍ " أَيْ حِفْظِ مَا يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَالْإِجَارَةُ عَلَى عَيْنِهِ " وَ " لَا " أَرْضٍ لِزِرَاعَةٍ لَا مَاءَ لَهَا دَائِمٌ وَلَا غَالِبَ يَكْفِيهَا " كَمَطَرٍ مُعْتَادٍ وَمَاءِ ثَلْجٍ مجتمع يغلب حصوله " وَلَا " شَخْصٍ " لِقَلْعِ سِنٍّ صَحِيحَةٍ " لِغَيْرِ قَوَدٍ " ولا حائض " أو نفساء " مسلمة لخدمة مسجدو " لَا " حُرَّةٍ " مَنْكُوحَةٍ " بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا " وَالْإِجَارَةُ عَيْنِيَّةٌ فِيهِمَا وَذَلِكَ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسَلُّمِ المنفعة حسا وشرعا أو أحدهما بِخِلَافِ اكْتِرَاءِ أَعْمَى لِغَيْرِ مَا ذَكَرَ وَاكْتِرَاءِ أرض لَهَا مَاءٌ دَائِمٌ أَوْ غَالِبٌ يَكْفِيهَا وَاكْتِرَاءِ شَخْصٍ لِقَلْعِ سِنٍّ وَجِعَةٍ أَوْ صَحِيحَةٍ لِقَوَدٍ وَاكْتِرَاءِ حَائِضٍ ذِمِّيَّةٍ لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ إنْ أَمِنَتْ التلويث واكتراء أمة ولو منكوحة بغير إذن زوجها أو حرة ولو منكوحة بإذنه لِوُجُودِ الْإِذْنِ فِي هَذِهِ وَلِعَدَمِ اشْتِغَالِ الْأَمَةِ بزوجها جَمِيعِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُسْلِمَةِ وَبِالْحُرَّةِ مِنْ زِيَادَتِي.
" وَلَا " اكْتِرَاءَ " لِعِبَادَةٍ تَجِبُ فِيهَا نِيَّةٌ " لَهَا أَوْ لِمُتَعَلِّقِهَا " وَلَمْ تَقْبَلْ نِيَابَةً " كَالصَّلَوَاتِ وَإِمَامَتِهَا لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَمْ تَقَعْ فِي ذَلِكَ لِلْمُكْتَرِي بَلْ لِلْمُكْرِي " وَلَا " اكْتِرَاءَ " مُسْلِمٍ " وَلَوْ رَقِيقًا " لِنَحْوِ جِهَادٍ " مِمَّا لَا يَنْضَبِطُ كَالْقَضَاءِ وَالتَّدْرِيسِ وَالْإِعَادَةِ إلَّا فِي مَسَائِلَ مُعَيَّنَةٍ لِتَعَذُّرِ ضَبْطِ ذَلِكَ وَلِأَنَّهُ فِي الْجِهَادِ إذَا حَضَرَ الصَّفُّ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ عبادة لا يجب فِيهَا نِيَّةٌ وَلَيْسَتْ نَحْوَ جِهَادٍ كَأَذَانٍ وَتَجْهِيزِ ميت وتعليم قرآن فيصح الاكتراء لها نَعَمْ لَا يَصِحُّ الِاكْتِرَاءُ لِزِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَمِثْلُهُ زِيَارَةُ سَائِرِ مَا تُسَنُّ زِيَارَتُهُ وَبِخِلَافِ عِبَادَةٍ تجب فيها نية وتقبل النيابة كَحَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَزَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ فَيَصِحُّ الِاكْتِرَاءُ لَهَا كَمَا عُلِمَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَقَوْلِي فِيهَا نِيَّةٌ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ لَهَا نِيَّةٌ وَقَوْلِي وَلَمْ تَقْبَلْ نِيَابَةً أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ إلَّا حَجٍّ وَتَفْرِقَةِ زَكَاةٍ وَنَحْوٍ مِنْ زِيَادَتِي " وَلَا " اكْتِرَاءَ " بُسْتَانٍ لِثَمَرَةٍ " لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُمْلَكُ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ قَصْدًا بِخِلَافِهَا تَبَعًا كَمَا فِي الِاكْتِرَاءِ لِلْإِرْضَاعِ وَسَيَأْتِي وَهَذَا خَرَجَ بِقَوْلِي لَا تَتَضَمَّنُ اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ قَصْدًا وَالتَّصْرِيحُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ زيادتي " وصح تأجيلها ".

(1/294)


مدته وكراء العقب بِأَنْ يُؤَجِّرَ دَابَّةً لِرَجُلٍ لِيَرْكَبَهَا بَعْضَ الطَّرِيقِ أو رجلين ليركب كل زمنا ويبين البعضين وتقدر بزمن كسكنى وتعليم سنة وبمحل عمل كركوب إلى مكة وتعليم معين وخياطة ذا الثوب لا بهما كاكتريتك لتخيطه النهار ويبين في بناء محله وقدره وصفته إن قدرت بمحل وفي أرض صالحة لبناء وزراعة وغراس أحدها ولو بدون إفراده ولو قال لتنتفع بها بما شِئْت أَوْ إنْ شِئْت فَازْرَعْ أَوْ اغْرِسْ صح وشرط في إجارة دابة لركوب معرفة الراكب وما يركب عليه ولم يطرد عرف وهوله ومعاليق شرط حملها برؤية أو وصف تام مع وزن الأخيرين فإن لم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَيْ الْمَنْفَعَةِ " فِي إجَارَةِ ذِمَّةٍ " كَأَلْزَمْتُ ذِمَّتَك حَمْلَ كَذَا إلَى مَكَّةَ غُرَّةَ شَهْرِ كَذَا كَالسَّلَمِ الْمُؤَجَّلِ "لَا" فِي إجَارَةِ " عَيْنٍ " فَلَا يَصِحُّ الِاكْتِرَاءُ لِمَنْفَعَةٍ قَابِلَةٍ كَإِجَارَةِ دَارٍ سَنَةً أَوَّلُهَا مِنْ الْغَدِ كَبَيْعِ الْعَيْنِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا غَدًا.
" وَ " لَكِنْ " صَحَّ كِرَاؤُهَا لِمَالِكِ مَنْفَعَتِهَا مُدَّةً تَلِي مُدَّتَهُ " لِاتِّصَالِ الْمُدَّتَيْنِ فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ مَا لَوْ أَجَّرَهَا لِزَيْدٍ مُدَّةً فَأَجَّرَهَا زَيْدٌ لِعَمْرٍو تِلْكَ الْمُدَّةَ فَيَصِحُّ إيجَارُهَا مدة تليها من عمر ولأنه الْمَالِكُ لِمَنْفَعَتِهَا لَا مِنْ زَيْدٍ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يُوَافِقُهُ فَتَعْبِيرِي بِمَالِكِ الْمَنْفَعَةِ أَوْلَى من تعبيره بالمستأجر " وَ " صَحَّ "كِرَاءُ الْعُقَبِ" أَيْ النُّوَبِ " بِأَنْ يُؤَجِّرَ دَابَّةً لِرَجُلٍ لِيَرْكَبَهَا بَعْضَ الطَّرِيقِ " أَيْ وَالْمُؤَجِّرُ يَرْكَبُهَا الْبَعْضَ الْآخَرَ تَنَاوُبًا " أَوْ " يُؤَجِّرَهَا " رَجُلَيْنِ لِيَرْكَبَ كُلٌّ " مِنْهُمَا " زَمَنًا " تَنَاوُبًا " وَيُبَيِّنُ الْبَعْضَيْنِ " فِي الصُّورَتَيْنِ إنْ لَمْ تَكُنْ عَادَةٌ ثُمَّ يَقْتَسِمُ الْمُكْتَرِي وَالْمُكْرِي فِي الْأُولَى أَوْ الْمُكْتَرَيَانِ فِي الثَّانِيَةِ الرُّكُوبَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ أو المعتاد كفرسخ وفرسخ ويوم وَيَوْمٍ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا طَلَبُ الرُّكُوبِ ثَلَاثَةً وَالْمَشْيُ ثَلَاثَةً لِلْمَشَقَّةِ وَصَحَّ ذَلِكَ مَعَ اشْتِمَالِهِ عَلَى إيجَارِ زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ الْوَاقِعَ فِيهِ مِنْ ضَرُورَةِ الْقِسْمَةِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْبَعْضَيْنِ وَلَا عَادَةَ كَأَنْ قَالَ الْمُكْرِي أَرْكَبُهَا زَمَنًا وَيَرْكَبُهَا الْمُكْتَرِي زَمَنًا لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ أَجَّرَهَا لاثنين وسكت عن التعاقب صح إن احتملت ركوبهما جَمِيعًا وَإِلَّا فَيَرْجِعُ لِلْمُهَايَأَةِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي فَإِنْ تَنَازَعَا فِيمَنْ يَرْكَبُ أَوَّلًا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا وَكَذَا يَصِحُّ إيجَارُ الشَّخْصِ نَفْسَهُ لِيَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ إجَارَةَ عَيْنٍ قَبْلَ وَقْتِ الْحَجِّ إنْ لَمْ يَتَأَتَّ الْإِتْيَانُ بِهِ مِنْ بَلَدِ الْعَقْدِ إلَّا بِالسَّيْرِ قَبْلَهُ وَكَانَ بِحَيْثُ يَتَهَيَّأُ لِلْخُرُوجِ عَقِبَهُ وَإِيجَارُ دَارٍ مَشْحُونَةٍ بِأَمْتِعَةٍ يُمْكِنُ نَقْلُهَا فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ.
" وَتُقَدَّرُ " الْمَنْفَعَةُ " بزمن كسكنى " لدار مثلا " وَتَعْلِيمٍ " لِقُرْآنٍ مَثَلًا " سَنَةً وَبِمَحَلِّ عَمَلٍ " وَهُوَ المراد بقوله بعمل " كَرُكُوبٍ " لِدَابَّةٍ " إلَى مَكَّةَ وَتَعْلِيمِ مُعَيَّنٍ " مِنْ قُرْآنٍ أَوْ غَيْرِهِ كَسُورَةِ طَه " وَخِيَاطَةِ ذَا الثَّوْبِ " فَلَوْ قَالَ لِتَخِيطَ لِي ثَوْبًا لَمْ يَصِحَّ بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُبَيِّنَ مَا يُرِيدُ مِنْ الثَّوْبِ مِنْ قَمِيصٍ أَوْ غَيْرِهِ وَأَنْ يبين نوع الخياطة أهي رومية أم فَارِسِيَّةٌ إلَّا أَنْ تَطَّرِدَ عَادَةٌ بِنَوْعٍ فَيُحْمَلَ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ " لَا بِهِمَا " أَيْ بِالزَّمَنِ وَمَحَلِّ الْعَمَلِ " كَاكْتَرَيْتُكَ لِتَخِيطَهُ النَّهَارَ " لِأَنَّ الْعَمَلَ قَدْ يَتَقَدَّمُ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ نَعَمْ إنْ قَصَدَ التَّقْدِيرَ بِالْمَحَلِّ وَذَكَرَ النَّهَارَ لِلتَّعْجِيلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَيَصِحُّ أَيْضًا فِيمَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ صَغِيرًا مِمَّا يَفْرُغُ عَادَةً فِي دُونِ النَّهَارِ كَمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ بَلْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَقَالَ إنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ عَدَمِ ذِكْرِ الزَّمَنِ.
" وَيُبَيِّنُ فِي بِنَاءٍ " أَيْ فِي اكْتِرَاءِ شَخْصٍ لِلْبِنَاءِ عَلَى مَحَلٍّ أَرْضًا كَانَ أَوْ غَيْرَهَا " مَحَلَّهُ وَقَدْرَهُ " طُولًا وَعَرْضًا وَارْتِفَاعًا " وصفته " من كونه منضدا أو مجوفا أو مسما بِحَجَرٍ أَوْ لَبِنٍ أَوْ آجُرٍّ أَوْ غَيْرِهِ " إنْ قُدِّرَ بِمَحَلٍّ " لِلْعَمَلِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ فَإِنْ قُدِّرَ بِزَمَنٍ لَمْ يَحْتَجْ إلَى بَيَانِ غَيْرِ الصِّفَةِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَاحْذَرْهُ وَلَوْ اكْتَرَى مَحَلًّا لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ اُشْتُرِطَ بَيَانُ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ أَيْضًا إنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ أَرْضٍ كَسَقْفٍ وَإِلَّا فَغَيْرُ الِارْتِفَاعِ وَالصِّفَةِ لِأَنَّ الْأَرْضَ تَحْمِلُ كُلَّ شَيْءٍ بِخِلَافِ غَيْرِهَا وَتَعْبِيرِي بِالصِّفَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا يُبْنَى بِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِيمَا يُبْنَى بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا وَإِلَّا فَمُشَاهَدَتُهُ كَافِيَةٌ عَنْ وَصْفِهِ " وَ " يُبَيِّنُ " فِي أَرْضٍ صالحة لبناء وزراعة وغراس أحدها " الْمُكْتَرِي لَهُ مِنْهَا لِأَنَّ ضَرَرَهَا اللَّاحِقَ لِلْأَرْضِ مُخْتَلِفٌ " وَلَوْ بِدُونِ " بَيَانِ " إفْرَادِهِ " كَأَنْ يَقُولَ أَجَّرْتُكَهَا لِلزِّرَاعَةِ فَيَصِحُّ وَيَزْرَعُ مَا شَاءَ لِأَنَّ ضَرَرَ اخْتِلَافِ الزَّرْعِ يَسِيرٌ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذَكَرَ سَالِمٌ مِمَّا أَوْهَمَهُ كَلَامُهُ مِنْ اشْتِرَاطِ بَيَانِ إفْرَادِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ " وَلَوْ قَالَ لِتَنْتَفِعَ بِهَا مَا شِئْت أَوْ إنْ شِئْت فَازْرَعْ أَوْ اغْرِسْ صَحَّ " وَيَصْنَعُ فِي الْأُولَى مَا شَاءَ وَفِي الثَّانِيَةِ مَا شَاءَ مِنْ زَرْعٍ أَوْ غَرْسٍ لِرِضَا الْمُؤَجِّرِ بِهِ.
" وَشُرِطَ فِي إجَارَةِ دَابَّةٍ لِرُكُوبٍ " إجَارَةُ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةٍ " مَعْرِفَةُ الرَّاكِبِ وَمَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ " مِنْ نَحْوِ مَحْمِلٍ وَقَتَبٍ وَسَرْجٍ " وَ " الْحَالَةُ أَنَّهُ " لَمْ يَطَّرِدْ " فِيهِ " عُرْفٌ " وَفَحُشَ تَفَاوُتُهُ " وَهُوَ " أَيْ مَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ " لَهُ " أَيْ لِلرَّاكِبِ " وَ " مَعْرِفَةُ " معاليق " كسفرة.

(1/295)


يشرط لم يستحق وَفِي إجَارَةِ عَيْنٍ رُؤْيَةُ الدَّابَّةِ وَفِي ذِمَّةٍ لركوب ذكر جنس ونوع وذكورة أو أنوثة وصفة سير وفيهما له ذكر قدر سرى أو تأويب حيث لم يطرد عرف ولحمل رؤية محمول أو امتحانه بيد أو تقديره وذكر جنس مكيل وفي ذمة لحمل نحو زجاج ذكر جنس دابة وصفتها وتصح لحضانة ولإرضاع ولا يتبع أحدهما الآخر ولهما فإن انقطع اللبن انفسخ في الإرضاع والحضانة تربية صبي بما يصلحه.
فصل:
عليه تسليم مفتاح دار لمكتر وعمارتها وكنس ثلج سطحها فإن بادر والإ فلمكتر خيار وعليه تنظيف.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَقِدْرٍ وَصَحْنٍ وَإِبْرِيقٍ " شُرِطَ حَمْلُهَا بِرُؤْيَةٍ " لِلثَّلَاثَةِ " أَوْ وَصْفٍ تَامٍّ " لَهَا " مَعَ وَزْنِ الْأَخِيرَيْنِ " فَإِنْ اطَّرَدَ فِيمَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ عُرْفٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِلرَّاكِبِ فَلَا حَاجَةَ إلَى مَعْرِفَتِهِ وَيُحْمَلُ فِي الْأُولَى عَلَى الْعُرْفِ وَيَرْكَبُهُ الْمُؤَجِّرُ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى مَا يَلْزَمُهُ مِمَّا يَأْتِي وَقَوْلِي وَلَمْ يَطَّرِدْ عُرْفٌ مَعَ اعْتِبَارِ الْوَزْنِ فِي الْأَخِيرَيْنِ مِنْ زِيَادَتِي " فَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ " حمل المعاليق " لم يستحق " ببنائه مع شرط لِلْمَفْعُولِ أَيْ حَمْلُهَا لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهِ " وَ " شُرِطَ " فِي إجَارَةِ " دَابَّةٍ إجَارَةَ " عَيْنٍ " لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ مَعَ قُدْرَتِهَا عَلَى ذَلِكَ " رُؤْيَةُ الدَّابَّةِ " كَمَا فِي الْبَيْعِ " وَ " شُرِطَ " فِي " إجَارَتِهَا إجَارَةَ " ذِمَّةٍ لِرُكُوبٍ ذِكْرُ جِنْسٍ " لَهَا كَإِبِلٍ أَوْ خَيْلٍ " وَنَوْعٍ " كَبَخَاتِيٍّ أَوْ عِرَابٍ " وذكروة أَوْ أُنُوثَةٍ وَصِفَةِ سَيْرٍ " لَهَا مِنْ كَوْنِهَا مُهَمْلَجَةً أَوْ بَحْرًا أَوْ قَطُوفًا لِأَنَّ الْأَغْرَاضَ تَخْتَلِفُ بِذَلِكَ وَوَجْهُهُ فِي الثَّالِثَةِ أَنَّ الذَّكَرَ أَقْوَى وَالْأُنْثَى أَسْهَلُ وَالْأَخِيرَةُ مِنْ زِيَادَتِي.
" وَ " شُرِطَ " فِيهِمَا " أَيْ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ " له " أي للركوب " ذكر قدر سرى " وَهُوَ السَّيْرُ لَيْلًا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي " أَوْ " قَدْرِ " تَأْوِيبٍ " وَهُوَ السَّيْرُ نَهَارًا " حَيْثُ لَمْ يَطَّرِدْ عُرْفٌ " فَإِنْ اطَّرَدَ عُرْفٌ حُمِلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَإِنْ شُرِطَ خِلَافُهُ اُتُّبِعَ " وَ " شُرِطَ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ " لِحَمْلٍ رُؤْيَةُ مَحْمُولٍ " إنْ حَضَرَ " أَوْ امْتِحَانُهُ بِيَدٍ " كَذَلِكَ كَأَنْ كَانَ بِظَرْفٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ فِي ظُلْمَةٍ تَخْمِينًا لِوَزْنِهِ " أَوْ تَقْدِيرِهِ " حَضَرَ أَوْ غَابَ بِكَيْلٍ فِي مَكِيلٍ وَوَزْنٍ فِي مَوْزُونٍ أَوْ مَكِيلٍ وَالتَّقْدِيرُ بِالْوَزْنِ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَوْلَى وَأَخْصَرُ " وَذَكَرُ جِنْسِ مَكِيلٍ " لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِهِ فِي الدَّابَّةِ كَمَا فِي الْمِلْحِ وَالذُّرَةِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي مَكِيلُ الْمَوْزُونِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ جِنْسِهِ فَلَوْ قَالَ أَجَّرْتُكَهَا لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا مِائَةَ رِطْلٍ وَلَوْ بِدُونِ مِمَّا شِئْت صَحَّ وَيَكُونُ رِضًا مِنْهُ بأضر الأجناس ولو قال عشرة أقفزة مِمَّا شِئْت فَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ أَبِي الْفَرَجِ السَّرَخْسِيِّ أَنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْجِنْسِ لِاخْتِلَافِ الْأَجْنَاسِ فِي الثِّقَلِ مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْكَيْلِ قَالَ الرَّافِعِيُّ لَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ رِضًا بِأَثْقَلِ الْأَجْنَاسِ كَمَا جُعِلَ فِي الْوَزْنِ رِضًا بِأَضَرِّ الْأَجْنَاسِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ الصواب قول السرخسي والفرق ظاهر بأن اخْتِلَافَ التَّأْثِيرِ بَعْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْوَزْنِ يَسِيرٌ بِخِلَافِ الْكَيْلِ وَأَيْنَ ثِقَلُ الْمِلْحِ مِنْ ثِقَلِ الذُّرَةِ.
" وَ " شُرِطَ " فِي " إجَارَةِ " ذِمَّةٍ لِحَمْلِ نَحْوِ زُجَاجٍ " كَخَزَفٍ " ذِكْرُ جِنْسِ دَابَّةٍ وَصِفَتِهَا " صِيَانَةً لَهُ وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ كَمَا قَالَ الْقَاضِي أَنْ يَكُونَ بِالطَّرِيقِ وَحْلٌ أَوْ طِينٌ أَمَّا لِحَمْلِ غَيْرِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ لِلرُّكُوبِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا تَحْصِيلُ الْمَتَاعِ فِي الْمَوْضِعِ الْمَشْرُوطِ فَلَا يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ بِحَالِ حَامِلِهِ "وَتَصِحُّ" الْإِجَارَةُ " لِحَضَانَةٍ وَلِإِرْضَاعٍ وَلَا يَتْبَعُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ " فِي الْإِجَارَةِ لِإِفْرَادِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْعَقْدِ " وَ " تَصِحُّ " لَهُمَا " مَعًا وَلَا يُقَدَّرُ ذَلِكَ بِالْمَحِلِّ بَلْ بِالزَّمَنِ وَيَجِبُ تَعْيِينُ الرَّضِيعِ بِالرُّؤْيَةِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِ حَالِهِ وَتَعْيِينُ مَحَلِّ الْإِرْضَاعِ مِنْ بَيْتِ الْمُكْتَرِي أَوْ بَيْتِ الْمُرْضِعَةِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ فهو في بيتها أَسْهَلُ عَلَيْهَا وَبِبَيْتِهِ أَشَدُّ وُثُوقًا بِهِ " فَإِنْ انْقَطَعَ اللَّبَنُ " فِي الْإِجَارَةِ لَهُمَا " انْفَسَخَ " الْعَقْدُ " فِي الْإِرْضَاعِ " دُونَ الْحَضَانَةِ عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَقْصُودٌ فَيَسْقُطُ قِسْطُ الْإِرْضَاعِ مِنْ الْأُجْرَةِ " وَالْحَضَانَةُ " الْكُبْرَى " تَرْبِيَةُ صَبِيٍّ " أَيْ جِنْسِهِ الصَّادِقِ بِالذَّكَرِ وَغَيْرِهِ " بِمَا يُصْلِحُهُ " كَتَعَهُّدِهِ بِغَسْلِ جَسَدِهِ وَثِيَابِهِ وَدَهْنِهِ وَكُحْلِهِ وَرَبْطِهِ فِي الْمَهْدِ وَتَحْرِيكِهِ لِيَنَامَ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَحْتَاجُهُ وَالْإِرْضَاعُ وَيُسَمَّى الْحَضَانَةُ الصُّغْرَى أَنْ تُلْقِمَهُ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي حِجْرِهَا مَثَلًا الثَّدْيَ وَتَعْصِرَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَالْمُسْتَحَقُّ بِالْإِجَارَةِ الْمَنْفَعَةُ وَاللَّبَنُ تَبَعٌ.
فَصْلٌ: فِيمَا يَجِبُ بِالْمَعْنَى الْآتِي عَلَى الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي لِعَقَارٍ أَوْ دَابَّةٍ.
" عَلَيْهِ " أَيْ عَلَى الْمُكْرِي " تَسْلِيمُ مِفْتَاحِ دَارٍ " مَعَهَا " لِمُكْتَرٍ وَعِمَارَتُهَا " كَبِنَاءٍ وَتَطْيِينِ سطح ووضع باب وميزاب.

(1/296)


عرصتها من ثلج وكناسة وعلى مكر دابة لركوب إكاف وبرذعة وحزام وثفر وبرة وخطام وعلى مكتر محمل ومظلة ووطاء وغطاء وتوابعها ويتبع في نحو سرج وحبر وكحل منهج الطلاب عرف مطرد وَعَلَى مُكْرٍ فِي إجَارَةِ ذِمَّةٍ ظَرْفٌ مَحْمُولٌ وتعهد دابة وإعانة راكب محتاج في ركوبه ونزوله ورفع حمل وحطه وشد محمل وحله.
فصل:
تصح الإجارة مدة تبقى فيها العين غالبا وجاز إبدال مستوف ومستوفي به كمحمول وفيه بمثلها لا مستوفي.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وإصلاح منكسر. " وكنس ثلج سطحها " لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا وَسَوَاءٌ فِي وُجُوبِ تَسْلِيمِ الْمِفْتَاحِ الِابْتِدَاءُ وَالدَّوَامُ حَتَّى لَوْ ضَاعَ من المكتري وجب على المكري تَجْدِيدُهُ وَالْمُرَادُ بِالْمِفْتَاحِ مِفْتَاحُ الْغَلْقِ الْمُثَبَّتِ أَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ بَلْ وَلَا قَفْلُهُ كَسَائِرِ الْمَنْقُولَاتِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَا قَالُوهُ فِي ثَلْجِ السَّطْحِ مَحَلُّهُ فِي دَارٍ لَا يَنْتَفِعُ سَاكِنُهَا بِسَطْحِهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ جَمَلُونَاتٍ وَإِلَّا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ كَالْعَرْصَةِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ مَا ذَكَرَ وَاجِبًا عَلَى الْمُكْرِي أَنَّهُ يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ أَوْ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ بَلْ أَنَّهُ إنْ تَرَكَهُ ثَبَتَ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ كَمَا بَيَّنْتُهُ بِقَوْلِي " فَإِنْ بَادَرَ " وَفَعَلَ مَا عَلَيْهِ فَذَاكَ " وَإِلَّا فَلِمُكْتِرٍ خِيَارٌ " إنْ نَقَصَتْ الْمَنْفَعَةُ لِتَضَرُّرِهِ بِنَقْصِهَا نَعَمْ إنْ كَانَ الْخَلَلُ مُقَارِنًا لِلْعَقْدِ وَعَلِمَ بِهِ فَلَا خِيَارَ لَهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَذِكْرُ الْخِيَارِ فِي غَيْرِ الْعِمَارَةِ مِنْ زِيَادَتِي " وَعَلَيْهِ " أَيْ عَلَى الْمُكْتَرِي " تَنْظِيفُ عَرْصَتِهَا " أَيْ الدَّارِ " مِنْ ثَلْجٍ وَكُنَاسَةٍ " أَمَّا الْكُنَاسَةُ وَهِيَ مَا يسقط مِنْ الْقُشُورِ وَالطَّعَامِ وَنَحْوِهِمَا فَلِحُصُولِهَا بِفِعْلِهِ وَأَمَّا الثَّلْجُ فَلِلتَّسَامُحِ بِنَقْلِهِ عُرْفًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِيهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُكْتَرِي نَقْلُهُ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ وَكَذَا التُّرَابُ الْمُجْتَمِعُ بِهُبُوبِ الرِّيَاحِ لَا يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا انْتَهَى.
" وَعَلَى مُكْرٍ دَابَّةً لِرُكُوبٍ " فِي إجارة عين أو ذمة عِنْدَ الْإِطْلَاقِ " إكَافٌ " وَهُوَ مَا تَحْتَ الْبَرْذَعَةِ كَمَا مَرَّ مَعَ ضَبْطِهِ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ " وَبَرْذَعَةٌ " بِفَتْحِ الْبَاءِ وَالذَّالِ مُعْجَمَةً وَمُهْمَلَةً " وَحِزَامٌ وَثَفْرٌ " بِمُثَلَّثَةٍ " وَبُرَةٌ " بِضَمِّ الْبَاءِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ حَلْقَةٌ تُجْعَلُ فِي أَنْفِ الْبَعِيرِ " وَخِطَامٌ " بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ زِمَامٌ يُجْعَلُ فِي الْحَلْقَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الرُّكُوبِ بِدُونِهَا " وَعَلَى مُكْتِرٍ مَحْمِلٌ " وَتَقَدَّمَ فِي الصُّلْحِ ضَبْطُهُ " ومظلة " يظلل بِهَا عَلَى الْمَحْمِلِ " وَوِطَاءٌ وَغِطَاءٌ " بِكَسْرِ أَوَّلِهِمَا وَالْوِطَاءُ مَا يُفْرَشُ فِي الْمَحْمِلِ لِيُجْلَسَ عَلَيْهِ " وَتَوَابِعُهَا " كَالْحَبْلِ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ الْمَحْمِلُ عَلَى الْجَمَلِ أَوْ أَحَدِ الْمَحْمِلَيْنِ إلَى الْآخَرِ وَهُمَا عَلَى الْأَرْضِ " وَيُتَّبَعُ فِي نَحْوِ سَرْجٍ وَحِبْرٍ وكحل " كقتب وخيط وصبغ وطلع " وعرف مُطَّرِدٌ " فِي مَحَلِّ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ لَا ضَابِطَ لَهُ فِي الشَّرْعِ وَلَا فِي اللُّغَةِ فَمَنْ اطَّرَدَ فِي حَقِّهِ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ أَوْ اخْتَلَفَ الْعُرْفُ فِي مَحَلِّ الْإِجَارَةِ وَجَبَ الْبَيَانُ وَلَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَ فِي السَّرْجِ مَا مَرَّ فِي الْبَرْذَعَةِ مِنْ أَنَّهَا عَلَى الْمُكْرِي لِأَنَّ الْعُرْفَ اطَّرَدَ فِيهَا فَوُجِدَ أَنَّهَا عليه فَإِنْ اضْطَرَبَ الْعُرْفُ وَجَبَ الْبَيَانُ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ.
" وَعَلَى مُكْرٍ فِي إجَارَةِ ذِمَّةٍ ظَرْفٌ مَحْمُولٌ وَتَعَهُّدُ دابة وإعانة راكب محتاج " الإعانة " فِي رُكُوبِهِ " لَهَا " وَنُزُولِهِ " عَنْهَا وَيُرَاعَى الْعُرْفُ فِي كَيْفِيَّةِ الْإِعَانَةِ فَيُنِيخُ الْبَعِيرَ لِلْمَرْأَةِ وَالضَّعِيفِ بِمَرَضٍ أَوْ شَيْخُوخَةٍ وَيُقَرِّبُ الدَّابَّةَ مِنْ مُرْتَفِعٍ لِيَسْهُلَ عَلَيْهِ الرُّكُوبُ " وَ " عَلَيْهِ " رَفْعُ حِمْلٍ وَحَطُّهُ وَشَدُّ مَحْمِلٍ " وَلَوْ بِأَنْ يَشُدَّ أَحَدَ الْمَحْمِلَيْنِ إلَى الْآخَرِ وَهُمَا عَلَى الْأَرْضِ " وَحَلُّهُ " لِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ ذَلِكَ أَمَّا فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.
فَصْلٌ: فِي بَيَانِ غَايَةِ الزَّمَنِ الَّذِي تُقَدَّرُ الْمَنْفَعَةُ بِهِ تَقْرِيبًا مَعَ مَا يُذْكَرُ مَعَهَا.
" تَصِحُّ الْإِجَارَةُ مدة تبقى فيها العين " المؤجرة " غالبا " فَيُؤَجِّرُ الرَّقِيقَ وَالدَّارَ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَالدَّابَّةَ عَشْرَ سِنِينَ وَالثَّوْبَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ وَالْأَرْضَ مِائَةَ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ " وَجَازَ إبْدَالُ مُسْتَوْفٍ وَمُسْتَوْفًى بِهِ كَمَحْمُولٍ " مِنْ طَعَامٍ وَغَيْرِهِ فَإِنْ شَرَطَ عَدَمَ إبْدَالِ الْمَحْمُولِ اتبع " و " مستوفى " فِيهِ " كَأَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِرُكُوبٍ فِي طَرِيقٍ إلَى قَرْيَةٍ " بِمِثْلِهَا " أَيْ بِمِثْلِ الْمُسْتَوْفَى وَالْمُسْتَوْفَى بِهِ وَالْمُسْتَوْفَى فِيهِ أَوْ بِدُونِ مِثْلِهَا الْمَفْهُومُ بِالْأُولَى أَمَّا الْأَوَّلُ فَكَمَا لَوْ أَكْرَى مَا اكتراه لغيره وأما الثاني.

(1/297)


منه إلا في إجارة ذمة فيجب لتلف أو تعيب ويجوز مع سلامة برضا مكتر والمكتري أمين ولو بعد المدة كأجير فلا ضمان إلَّا بِتَقْصِيرٍ كَأَنْ تَرَكَ الِانْتِفَاعَ بِالدَّابَّةِ فَتَلِفَتْ بسبب في وقت لو انتفع بها سلمت وكأن ضربها أو نخعها فوق عادة أو أركبها أثقل منه أو أسكنه حدادا أو قصارا أَوْ حَمَّلَهَا مِائَةَ رَطْلٍ شَعِيرٍ بَدَلَ مِائَةِ بر أو عكسه أو عشرة أقفزة بر بدل شعير لا عكسه ولا أجرة لعمل بلا شرطها ولو اكترى لحمل قدر فحمل زائدا لزمه أجرة مثله وإن تلفت ضمنها إن لم يكن صاحبها معها وإلا ضمن قسط الزائد إن تلفت بالحمل كما لو سلم ذلك للمكري فحمله جاهلا وَلَوْ وَزَنَ الْمُكْرِي وَحَمَّلَ فَلَا أُجْرَةَ لِلزَّائِدِ ولا ضمان وَلَوْ قَطَعَ ثَوْبًا وَخَاطَهُ قَبَاءً وَقَالَ بِذَا أمرتني فقال بل قميصا حلف المالك ولا أجرة وله أرش.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَالثَّالِثُ فَلِأَنَّهُمَا طَرِيقَانِ لِلِاسْتِيفَاءِ كَالرَّاكِبِ لَا مَعْقُودَ عَلَيْهِمَا وَالتَّقْيِيدُ بِالْمِثْلِ فِي الثَّانِيَةِ مَعَ ذِكْرِ الثَّالِثَةِ مِنْ زِيَادَتِي فَلَا يُبَدَّلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِمَا فَوْقَهُ فَلَا يُسْكِنُ غَيْرُ حَدَّادٍ وَقَصَّارٍ حَدَّادًا أَوْ قَصَّارًا لِزِيَادَةِ الضَّرَرِ بِدَقِّهِمَا وَالِاسْتِيفَاءُ يَكُونُ بِالْمَعْرُوفِ فَيَلْبَسُ الثَّوْبَ نَهَارًا وَلَيْلًا إلى النوم فلا يَنَامُ فِيهِ لَيْلًا وَيَجُوزُ النَّوْمُ فِيهِ نَهَارًا وَقْتَ الْقَيْلُولَةِ نَعَمْ عَلَيْهِ نَزْعُ الْأَعْلَى فِي غَيْرِ وَقْتِ التَّجَمُّلِ " لَا " إبْدَالُ " مُسْتَوْفًى مِنْهُ " كَدَابَّةٍ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ إمَّا مَعْقُودٌ عَلَيْهِ أَوْ مُتَعَيَّنٌ بِالْقَبْضِ " إلَّا فِي إجَارَةِ ذِمَّةٍ فَيَجِبُ " إبْدَالُهُ " لِتَلَفٍ أَوْ تَعَيُّبٍ وَيَجُوزُ مَعَ سَلَامِهِ " مِنْهُمَا " بِرِضَا مُكْتِرٍ " لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ وَالتَّصْرِيحُ بِوُجُوبِ الْإِبْدَالِ فِي التَّالِفِ وَجَوَازِهِ فِي السَّالِمِ مَعَ تَقْيِيدِهِ بِرِضَا الْمُكْتَرِي مِنْ زِيَادَتِي.
" والمكتري أمين " على العين المكتراه لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ حَقِّهِ إلَّا بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهَا وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَيَدُ الْمُكْتَرِي عَلَى الدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ يَدُ أَمَانَةٍ " وَلَوْ بَعْدَ الْمُدَّةِ " أَيْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ إنْ قُدِّرَتْ بزمن أومدة إمكان الاستيفاء إن قدرت بمحمل عَمَلٍ اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ كَالْوَدِيعِ " كَأَجِيرٍ " فَإِنَّهُ أَمِينٌ وَلَوْ بَعْدَ الْمُدَّةِ " فَلَا ضَمَانَ " عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَوْ اكْتَرَى دَابَّةً وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا فَتَلِفَتْ أَوْ اكْتَرَاهُ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ أَوْ صَبْغِهِ فَتَلِفَ لَمْ يَضْمَنْ سَوَاءٌ انْفَرَدَ الْأَجِيرُ بِالْيَدِ أَمْ لَا كَأَنْ قَعَدَ الْمُكْتَرِي مَعَهُ حَتَّى يَعْمَلَ أَوْ أَحْضَرَهُ مَنْزِلَهُ لِيَعْمَلَ كَعَامِلِ الْقِرَاضِ " إلَّا بِتَقْصِيرٍ كَأَنْ تَرَكَ الِانْتِفَاعَ بِالدَّابَّةِ فتلفت بسبب " كانهدام سقف اصطبلها عليها " في وقت ولو انْتَفَعَ بِهَا " فِيهِ عَادَةً "سَلِمَتْ وَكَأَنْ ضَرَبَهَا أَوْ نَخَعَهَا" بِاللِّجَامِ " فَوْقَ عَادَةٍ " فِيهِمَا " أَوْ أَرْكَبَهَا أَثْقَلَ مِنْهُ أَوْ أَسْكَنَهُ " أَيْ مَا اكتراه " حدادا أو قصارا " دَقَّ وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ " أَوْ حَمَّلَهَا " أَيْ الدَّابَّةَ " مِائَةَ رِطْلِ شَعِيرٍ بَدَلَ مِائَةِ " رِطْلِ " برأ وعكسه أَوْ " حَمَّلَهَا " عَشَرَةَ أَقْفِزَةِ بُرٍّ بَدَلَ " عَشْرَةِ أَقْفِزَةِ " شَعِيرٍ " فَيَضْمَنُ الْعَيْنَ أَيْ يَصِيرُ ضَامِنًا لَهَا لِتَعَدِّيهِ " لَا عَكْسُهُ " بِأَنْ حَمَّلَهَا عَشَرَةَ أَقْفِزَةِ شَعِيرٍ بَدَلَ عَشَرَةِ أَقْفِزَةِ بُرٍّ لِخِفَّةِ الشعير مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْحَجْمِ وَكَأَنْ أَسْرَفَ الْخَبَّازُ فِي الْوَقُودِ حَتَّى احْتَرَقَ الْخُبْزُ " وَلَا أُجْرَةَ لعمل " كخلق رَأْسٍ وَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ " بِلَا شَرْطِهَا " أَيْ الْأُجْرَةِ وَإِنْ عُرِفَ بِذَلِكَ الْعَمَلُ بِهَا لِعَدَمِ الْتِزَامِهَا مَعَ صَرْفِ الْعَامِلِ مَنْفَعَتَهُ بِخِلَافِ دَاخِلِ الْحَمَّامِ بلا إذن فإنه استوفى منفعة الحمام بسكونه وَبِخِلَافِ عَامِلِ الْمُسَاقَاةِ إذَا عَمِلَ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ لِلْإِذْنِ فِي أَصْلِ الْعَمَلِ الْمُقَابَلِ بِعِوَضٍ.
" وَلَوْ اكْتَرَى " دَابَّةً " لِحَمْلِ قَدْرٍ " كَمِائَةِ رِطْلٍ " فَحَمَلَ زَائِدًا " لَا يُتَسَامَحُ بِهِ كَمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ " لَزِمَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ " أَيْ الزَّائِدِ لِتَعَدِّيهِ بِذَلِكَ وَتَعْبِيرِي فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ " وَإِنْ تَلِفَتْ " بِذَلِكَ أَوْ بِغَيْرِهِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ تَلِفَتْ بِذَلِكَ " ضَمِنَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهَا مَعَهَا " لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا لَهَا بِتَحْمِيلِ الزَّائِدِ " وَإِلَّا " بِأَنْ كَانَ معها " ضمن قسط الزائد إنْ تَلِفَتْ بِالْحَمْلِ " مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ " كَمَا لَوْ سَلَّمَ " الْمُكْتَرِي " ذَلِكَ لِلْمُكْرِي فَحَمَلَهُ جاهلا " بالزائد بأن أخبره بأنه مائة كاذبا فتلفت الدابة به فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَعَ أُجْرَةِ الزَّائِدِ قِسْطَهُ لِأَنَّهُ مُلْجَأٌ إلَى الْحَمْلِ شَرْعًا فَلَوْ حَمَّلَهَا عَالِمًا بِالزَّائِدٍ وَقَالَ لَهُ الْمُكْتَرِي احْمِلْ هَذَا الزَّائِد قَالَ الْمُتَوَلِّي فَكَمُسْتَعِيرٍ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ شَيْئًا فَحُكْمُهُ كَمَا فِي قَوْلِي " وَلَوْ وَزَنَ الْمُكْرِي وَحَمَّلَ فَلَا أُجْرَةَ لِلزَّائِدِ " لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِي نَقْلِهِ " وَلَا ضَمَانَ " لِلدَّابَّةِ إنْ تَلِفَتْ بِذَلِكَ سَوَاءٌ أَغَلِطَ الْمُكْرِي أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَجَهِلَ الْمُكْتَرِي الزَّائِدَ أَمْ عَلِمَهُ وَسَكَتَ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ وَلَا يَدَ لَهُ وَلَوْ تَلِفَ الزَّائِدُ ضَمِنَهُ الْمُكْرِي.
" وَلَوْ قَطَعَ ثَوْبًا وَخَاطَهُ قَبَاءً وَقَالَ بِذَا أَمَرْتَنِي فَقَالَ " الْمَالِكُ " بَلْ " أَمَرْتُك بِقَطْعِهِ " قَمِيصًا حَلَفَ الْمَالِكُ " فَيُصَدَّقُ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْإِذْنِ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَذِنَ لَهُ فِي قَطْعِهِ قَبَاءً " وَلَا أُجْرَةَ " عَلَيْهِ إذَا حَلَفَ " وَلَهُ " عَلَى الخياط " أرش " لنقص الثَّوْبِ لِأَنَّ الْقَطْعَ بِلَا إذْنٍ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ وَفِيهِ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بِلَا تَرْجِيحٍ أحدهما أنه ما بين قيمته.

(1/298)


فَصْلٌ:
تَنْفَسِخُ بِتَلَفِ مُسْتَوْفَى مِنْهُ مُعَيَّنٍ فِي مُسْتَقْبَلٍ وَبِحَبْسِ غَيْرِ مُكْتَرٍ لَهُ مُدَّةَ حَبْسِهِ إن قدرت بمدة لا يموت عاقد من حيث إنه عاقد ولا ببلوغ بغير سن وَلَا بِزِيَادَةِ أُجْرَةٍ وَلَا بِظُهُورِ طَالِبٍ بِهَا ولا بإعتاق رقيق ولا يرجع بأجرة ولا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
صَحِيحًا وَمَقْطُوعًا وَصَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَغَيْرُهُ لأنه أثبت بيمينه أمه لَمْ يَأْذَنْ فِي قَطْعِهِ قَبَاءً. وَالثَّانِي مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَقْطُوعًا قَمِيصًا وَمَقْطُوعًا قَبَاءً. وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَقَالَ: لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ أَصْلَ الْقَطْعِ مَأْذُونٌ فِيهِ وَعَلَى هَذَا لَوْ لَمْ يكن بينهما تفاوت أو كان مقطوعا قباء أكثر من قيمه فلا شيء عليه.
فَصْلٌ: فِيمَا يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ وَالْخِيَارَ فِي الْإِجَارَةِ وما لا يقتضيهما.
" تنفسخ " الإجارة " بتلف مُسْتَوْفًى مِنْهُ مُعَيَّنٍ " فِي الْعَقْدِ حِسًّا كَانَ التَّلَفُ كَدَابَّةٍ وَأَجِيرٍ مُعَيَّنَيْنِ مَاتَا وَدَارٍ انْهَدَمَتْ أَوْ شَرْعًا كَامْرَأَةٍ اُكْتُرِيَتْ لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ مُدَّةً فَحَاضَتْ فِيهَا " فِي " زَمَانٍ " مُسْتَقْبَلٍ " لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ فِيهِ لَا فِي مَاضٍ بَعْدَ الْقَبْضِ بعد إذَا كَانَ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ لِاسْتِقْرَارِهِ بِهِ فَيَسْتَقِرُّ قسطه من المسمى بِاعْتِبَارِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَلَوْ كَانَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ سنة ومضى نصفها وأجرة مثله مثلا أُجْرَةِ النِّصْفِ الْبَاقِي وَجَبَ مِنْ الْمُسَمَّى ثُلُثَاهُ وإن كان بالعكس فثلثه وخرج بالمستوفي منه غيره مما مر وبالمعين عَمَّا فِي الذِّمَّةِ فَإِنَّ تَلَفَهُمَا لَا يُوجِبُ انْفِسَاخًا بَلْ يُبَدَّلَانِ كَمَا مَرَّ " وَ " تَنْفَسِخُ " بحبس غير مكتر له " أي للمعين " مُدَّةَ حَبْسِهِ إنْ قُدِّرَتْ بِمُدَّةٍ " سَوَاءٌ أَحَبَسَهُ الْمُكْرِي أَمْ غَيْرُهُ كَغَاصِبٍ لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَذِكْرُ حُكْمِ غَيْرِ الْمُكْرِي مِنْ زِيَادَتِي وَقَوْلِي بِتَلَفِ مُسْتَوْفًى مِنْهُ مُعَيَّنٍ مَعَ قَوْلِي لَهُ مُدَّةَ حَبْسِهِ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ فِي التَّلَفِ وَالْحَبْسِ وَمِنْ تَقْيِيدِهِ الْحَبْسَ بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَخَرَجَ بِالتَّقْدِيرِ بِالْمُدَّةِ التَّقْدِيرُ بِالْمَحَلِّ كَأَنْ أَجَّرَ دَابَّةً لِرُكُوبِهَا إلَى مَكَان وَحُبِسَتْ مُدَّةَ إمْكَانِ السَّيْرِ إلَيْهِ فَلَا تَنْفَسِخُ إذْ لَمْ يَتَعَذَّرْ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ " لَا بِمَوْتِ عَاقِدٍ من حيث إنه عاقد " للزومها كالبيع سواءا كانت إجَارَةَ عَيْنٍ أَمْ ذِمَّةٍ وَتَعْبِيرِي بِالْحَيْثِيَّةِ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ وَخَرَجَ بِهَا مَا لَوْ مَاتَ نَحْوَ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ أَوْ الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَةِ شَيْءٍ مُدَّةَ حَيَاتِهِ بَعْدَ إيجَارِهِ وَالنَّظَرُ في الأول لِكُلِّ بَطْنٍ فِي حِصَّتِهِ مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِهِ فَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ الْإِجَارَةُ لَا لِكَوْنِهِ مَوْتَ عَاقِدٍ بَلْ لِفَوَاتِ شَرْطِ الْوَاقِفِ أَوْ الْمُوصِي حِينَئِذٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ الْحَقُّ إلَّا مُدَّةَ حَيَاتِهِ وكذا لو أجره الناظر ولوحا كما لِلْبَطْنِ الثَّانِي فَمَاتَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ لِانْتِقَالِ الْمَنَافِعِ إليه وَالشَّخْصُ لَا يَسْتَحِقُّ لِنَفْسِهِ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا وَكَذَا لَوْ أَجَّرَ مَنْ يُعْتَقُ بِمَوْتِهِ كَمُسْتَوْلَدَتِهِ ثُمَّ مَاتَ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْعِتْقَ قَبْلَ إجَارَتِهِ.
" وَلَا بِبُلُوغٍ بِغَيْرِ سِنٍّ " أَيْ بِاحْتِلَامٍ أَوْ غَيْرِهِ كَأَنْ أَجَّرَهُ مُدَّةً لَا يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ فَبَلَغَ فِيهَا بِغَيْرِهِ لِأَنَّ وَلِيَّهُ بَنَى تَصَرُّفَهُ فِيهِ عَلَى الْمَصْلَحَةِ فَلَزِمَ فَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ بِهِ نَعَمْ إنْ بَلَغَ سَفِيهًا صَحَّتْ فِيهِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ " وَلَا بِزِيَادَةِ أُجْرَةٍ وَلَا بِظُهُورِ طَالِبٍ بِهَا " أَيْ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهَا وَلَوْ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ وَقَفَ لِجَرَيَانِهَا بِالْغِبْطَةِ فِي وَقْتِهَا كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ مُوَلِّيهِ ثُمَّ زَادَتْ الْقِيمَةُ أَوْ ظَهَرَ طَالِبٌ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهَا وَهَاتَانِ ذَكَرَهُمَا الْأَصْلُ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ وَإِنْ صَوَّرَهُمَا بِإِجَارَةِ الْمَوْقُوفِ " وَلَا بِإِعْتَاقِ رَقِيقٍ " كَمَا فِي الْبُلُوغِ بِغَيْرِ السِّنِّ " وَلَا يَرْجِعُ " عَلَى سَيِّدِهِ " بِأُجْرَةٍ " لِمَا بَعْدَ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهِ حَالَةَ مِلْكِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ وَاسْتَقَرَّ مَهْرُهَا بِالدُّخُولِ ثُمَّ أَعْتَقَهَا لَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَخَرَجَ بِإِعْتَاقِهِ عِتْقُهُ كَأَنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ ثُمَّ أَجَّرَهُ فَوُجِدَتْ الصِّفَةُ فَتَنْفَسِخُ الإجارة لاستحقاقه العتق قبلها.

(1/299)


خيار ولا ببيع المؤجرة ولا بعذر كتعذر وقود حمام وسفر ومرض وهلاك زرع وخير في إجارة عين بعيب كَانْقِطَاعِ مَاءِ أَرْضٍ اُكْتُرِيَتْ لِزِرَاعَةٍ وَعَيْبِ دَابَّةٍ وغصب وإباق ولو أكرى جمالا وسلمها وهرب مونها القاضي من مال مكر ثم اقترض ثم بَاعَ مِنْهَا قَدْرَ مُؤْنَتِهَا وَلَهُ أَنْ يَأْذَنَ لمكتر في مؤنتها ليرجع.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
" وَلَا خِيَارَ " لِأَحَدٍ فِي هَذِهِ الْمَنْفِيَّاتِ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ فِيهَا لَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَنْفَعَةِ وَلَا فِي الْعَقْدِ نَعَمْ إنْ مَاتَ الْمُكْرِي فِي إجَارَةِ ذِمَّةٍ وَلَمْ يَخْلُفْ وَفَاءً وَامْتَنَعَ وَارِثُهُ مِنْ الْإِيفَاءِ فَلِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ وَذِكْرُ هَذَا فِي غَيْرِ الْإِعْتَاقِ مِنْ زِيَادَتِي " وَلَا " تَنْفَسِخُ " ببيع " العين " المؤجرة " للمكتري أو لغيره ولو بغير إذن المكتري ولا يؤثر طر وملك الرَّقَبَةِ وَإِنْ تَبِعَتْهُ الْمَنَافِعُ لَوْلَا مِلْكُهَا أَوَّلًا كما لو ملك ثمرة غير مؤبرة ثم اشترى الشجرة لا يؤثر طر وملكها فِي مِلْكِ الثَّمَرَةِ وَإِنْ دَخَلَتْ فِي الشِّرَاءِ لَوْلَا مِلْكُهَا أَوَّلًا " وَلَا بِعُذْرٍ " فِي غَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ " كَتَعَذُّرِ وَقُودِ حَمَّامٍ " عَلَى مُكْتَرِيهِ بِفَتْحِ الْوَاوِ مَا يُوقَدُ بِهِ وَبِضَمِّهَا الْمَصْدَرُ " وَسَفَرٍ " لِمُكْتَرٍ دَارًا مَثَلًا " وَمَرَضٍ " لِمُكْتَرٍ دَابَّةً ليسافر عليها " وَهَلَاكِ زَرْعٍ " وَلَوْ بِجَائِحَةٍ كَشِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ سَيْلٍ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلِهَذَا لَا يُحَطُّ لِلْجَائِحَةِ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
" وَخُيِّرَ " الْمُكْتَرِي " فِي إجَارَةِ عَيْنٍ بِعَيْبٍ " يُؤَثِّرُ فِي الْمَنْفَعَةِ تَأْثِيرًا يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتُ الْأُجْرَةِ " كَانْقِطَاعِ مَاءِ أَرْضٍ اُكْتُرِيَتْ لِزِرَاعَةٍ وَعَيْبِ دَابَّةٍ " مُؤَثِّرٍ " وَغَصْبٍ وَإِبَاقٍ " لِلشَّيْءِ الْمُكْتَرَى فَإِنْ بَادَرَ الْمُكْرِي إلَى إزَالَةِ ذَلِكَ كَسَوْقِ مَاءٍ إلَى الْأَرْضِ وَانْتِزَاعِ الْمَغْصُوبِ وَرَدِّ الْآبِقِ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ سَقَطَ خِيَارُ الْمُكْتَرِي وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ شَيْئًا فَشَيْئًا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ إنْ قُدِّرَتْ بِزَمَنٍ وَإِلَّا فَلَا تَنْفَسِخُ وَقَوْلِي بِعَيْبٍ مَعَ جَعْلِ الْمَذْكُورَاتِ أَمْثِلَةً لَهُ أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَيْهَا وَخَرَجَ بِالتَّقْيِيدِ بِإِجَارَةِ الْعَيْنِ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي فِي الْأَخِيرَتَيْنِ إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَلَا خِيَارَ فِيهَا بِذَلِكَ بَلْ عَلَى الْمُكْرِي الْإِبْدَالُ كَمَا مَرَّ فَإِنْ امْتَنَعَ اكْتَرَى الْحَاكِمُ عَلَيْهِ وَبِانْقِطَاعِ مَاءِ الْأَرْضِ نَحْوٌ غَرَقِهَا بِمَاءٍ وَلَمْ يَتَوَقَّعْ انْحِسَارَهُ عَنْهَا مُدَّةَ الْإِجَارَةِ فَتَنْفَسِخُ بِهِ كَانْهِدَامِ الدَّارِ وَالْخِيَارُ فِيمَا ذَكَرَ عَلَى التَّرَاخِي لِأَنَّ سَبَبَهُ تَعَذُّرُ قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ وَذَلِكَ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الزَّمَنِ.
" وَلَوْ أَكْرَى جَمَّالًا " وَلَوْ فِي ذمة " وَسَلَّمَهَا وَهَرَبَ " فَلَا انْفِسَاخَ وَلَا خِيَارَ بَلْ إنْ شَاءَ تَبَرَّعَ بِمُؤْنَتِهَا أَوْ " مَوَّنَهَا الْقَاضِي مِنْ مَالِ مُكْرٍ ثُمَّ " إنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَالًا وَلَا فَضْلَ فِيهَا " اقْتَرَضَ " عَلَيْهِ الْقَاضِي وَدَفَعَ مَا اقْتَرَضَهُ لِثِقَةٍ مِنْ الْمُكْتَرِي أو غيره " ثُمَّ " إنْ تَعَذَّرَ الِاقْتِرَاضُ أَوْ لَمْ يَرَهُ الْقَاضِي " بَاعَ مِنْهَا قَدْرَ مُؤْنَتِهَا وَلَهُ أَنْ يَأْذَنَ لِمُكْتَرٍ فِي مُؤْنَتِهَا " مِنْ مَالِهِ " لِيَرْجِعَ " لِلضَّرُورَةِ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِهَا عَادَةً وَيَدْخُلُ فِي مُؤْنَتِهَا مُؤْنَةُ مَنْ يَتَعَهَّدُهَا وَلَوْ هَرَبَ مُكْرِيهَا بِهَا فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ اكْتَرَى الْقَاضِي عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَالًا اقْتَرَضَ عَلَيْهِ الْقَاضِي وَاكْتَرَى فَإِنْ تَعَذَّرَ الِاكْتِرَاءُ عَلَيْهِ فَلِلْمُكْتَرِي الْفَسْخُ وَإِنْ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ فَلَهُ الْفَسْخُ كَمَا لَوْ نَدَّتْ الدَّابَّةُ وَتَعْبِيرِي بِثُمَّ الثَّانِيَةِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِخِلَافِ تَعْبِيرِهِ بِالْوَاوِ.

(1/300)