فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب ط دار الفكر

كتاب المسابقة.
هي سنة ولو بعوض ولازمة في حق ملتزمه فليس له فسخها ولا ترك عمل ولا زيادة ونقص فيه ولا في عوض وشرطها كون المعقود عليه عدة قتال كذي حافر وخف ونصل ورمي بأحجار ومنجنيف لا كطير وصراع وكرة محجن وبندق وعوم وشطرنج وخاتم بعوض وجنسا أو بغلا وحمارا وعلم مسافة ومبدإ مطلقا وغاية لراكبين ولراميين إن ذكرت وتساو فيهما وَتَعْيِينُ الْمَرْكُوبَيْنِ وَلَوْ بِالْوَصْفِ وَالرَّاكِبَيْنِ وَالرَّامِيَيْنِ بِالْعَيْنِ ويتعينون بها وإمكان.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ.
عَلَى الْخَيْلِ وَالسِّهَامِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَأْتِي فَالْمُسَابَقَةُ تَعُمُّ الْمُنَاضَلَةَ وَالرِّهَانَ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْأَصْلِ تَغَايُرَ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ النِّضَالُ فِي الرَّمْيِ وَالرِّهَانُ فِي الْخَيْلِ وَالسِّبَاقُ فيهما.
" هي " للرجال المسلمين بقصد الجهاد " سنة " للإجماع وللآية: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} 1 وَفَسَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُوَّةَ فِيهَا بِالرَّمْيِ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِخَبَرِ "لَا سَبَقَ إلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ" رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالسَّبَقُ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْعِوَضُ وَيُرْوَى بِالسُّكُونِ مَصْدَرًا " وَلَوْ بِعِوَضٍ " لِأَنَّ فِيهِ حَثًّا عَلَى الِاسْتِعْدَادِ لِلْجِهَادِ " وَلَازِمَةٌ فِي حَقِّ مُلْتَزَمِهِ " أَيْ الْعِوَضِ وَلَوْ غَيْرَ الْمُتَسَابِقِينَ كَالْإِجَارَةِ " فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهَا وَلَا تَرْكُ عَمَلٍ " قَبْلَ الشُّرُوعِ وَلَا بَعْدَهُ وإن كَانَ مَسْبُوقًا أَوْ سَابِقًا وَأَمْكَنَ أَنْ يُدْرِكَهُ الْآخَرُ وَيَسْبِقَهُ وَإِلَّا فَلَهُ تَرْكُهُ لِأَنَّهُ تَرَكَ حَقَّ نَفْسِهِ " وَلَا زِيَادَةَ وَ " لَا " نَقْصَ فِيهِ " أَيْ فِي الْعَمَلِ " وَلَا فِي عِوَضٍ " وتعبيري بالعوض أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَالِ وَقَوْلِي فِي حَقِّ مُلْتَزَمِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَخَرَجَ بِهِ غَيْرُهُ فَهِيَ جَائِزَةٌ فِي حَقِّهِ " وَشَرْطُهَا " أَيْ الْمُسَابَقَةِ بَيْنَ اثْنَيْنِ مَثَلًا " كَوْنُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عِدَّةُ قِتَالٍ " لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا التَّأَهُّبُ لَهُ وَلِهَذَا قَالَ الصَّيْمَرِيُّ لَا تَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ مِنْ النِّسَاءِ لِأَنَّهُنَّ لَسْنَ أَهْلًا لِلْحَرْبِ وَمِثْلُهُنَّ الْخَنَاثَى " كَذِي حَافِرٍ " مِنْ خَيْلٍ وَبِغَالٍ وَحَمِيرٍ " وَ " ذِي " خُفٍّ " مِنْ إبِلٍ وَفِيَلَةٍ " وَ " ذِي " نَصْلٍ " كَسِهَامٍ وَرِمَاحٍ وَمِسَلَّاتٍ " وَرَمْيٍ بِأَحْجَارٍ " بِيَدٍ أَوْ مِقْلَاعٍ بخلاف إشالتها المسماة بالعلاج والمراماة بها بأي يَرْمِيَهَا كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى الْآخَرِ " وَمِنْجَنِيقٍ لَا كَطَيْرٍ وَصِرَاعٍ " بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَيُقَالُ بِضَمِّهِ.
" وَكُرَةِ مِحْجَنٍ وَبُنْدُقٍ وَعَوْمٍ وَشِطْرَنْجٍ " بِفَتْحِ وَكَسْرِ أَوَّلِهِ الْمُعْجَمِ وَالْمُهْمَلِ " وَخَاتَمٍ " وَوُقُوفٍ عَلَى رِجْلٍ وَمَعْرِفَةِ ما بيده من شفع ووتر مسابقة بِسُفُنٍ وَأَقْدَامٍ " بِعِوَضٍ " فِيهَا لِأَنَّهَا لَا تَنْفَعُ فِي الْحَرْبِ وَأَمَّا مُصَارَعَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُكَانَةَ عَلَى شِيَاهٍ كَمَا رَوَاهَا أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ فَأُجِيبَ عَنْهَا بِأَنَّ الْغَرَضَ أَنْ يُرِيَهُ شِدَّتَهُ لِيُسْلِمَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمَّا صَرَعَهُ فَأَسْلَمَ رَدَّ عَلَيْهِ غَنَمَهُ وَالْكَافُ مِنْ زِيَادَتِي وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي بِعِوَضٍ مَا إذَا خلت عنه المسابقة فجائزة " وَ " كَوْنُهُ " جِنْسًا " وَاحِدًا وَإِنْ اخْتَلَفَ نَوْعُهُ " أَوْ بَغْلًا وَحِمَارًا " فَيَجُوزُ وَإِنْ اخْتَلَفَ جِنْسُهُمَا لِتَقَارُبِهِمَا وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنْ زِيَادَتِي.
" وَعِلْمُ مَسَافَةٍ " بِالْأَذْرُعِ أَوْ الْمُعَايَنَةِ " وَ " عُلِمَ " مَبْدَأٍ " يبتدئان مِنْهُ " مُطْلَقًا " أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَا رَاكِبَيْنِ أَوْ رَامِيَيْنِ " وَ " عِلْمُ " غَايَةٍ " يَنْتَهِيَانِ إلَيْهَا " لِرَاكِبَيْنِ وَ " كَذَا " لِرَامِيَيْنِ إنْ ذُكِرَتْ " أَيْ الْغَايَةُ فَلَوْ أَهْمَلَا الثَّلَاثَةَ أَوْ بَعْضَهَا وَشَرَطَ الْعِوَضَ لِمَنْ سَبَقَ أَوْ قَالَا إنْ اتَّفَقَ السَّبْقُ دُونَ الْغَايَةِ لِوَاحِدٍ مِنَّا فَالْعِوَضُ لَهُ لَمْ يَصِحَّ لِلْجَهْلِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَغْلِبْ عُرْفٌ وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَلْ يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ وَذِكْرُ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِالْمَسَافَةِ فِي الْمَرْكُوبِ مَعَ ذِكْرِ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِالْمَبْدَأِ وَالْغَايَةِ فِي الرَّمْيِ مِنْ زِيَادَتِي أَمَّا إذَا لَمْ تُذْكَرْ الْغَايَةُ فِي الرَّامِيَيْنِ فَلَا يَأْتِي اشْتِرَاطُ الْعِلْمِ بِهَا فَلَوْ تَنَاضَلَا عَلَى أن يكون السبق لا بعدهما رَمْيًا وَلَا غَايَةً صَحَّ الْعَقْدُ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَأْتِي حِينَئِذٍ اشْتِرَاطُ الْعِلْمِ بِالْمَسَافَةِ أَيْضًا وَعَلَى ذَلِكَ يُشْتَرَطُ اسْتِوَاءُ الْقَوْسَيْنِ فِي الشدة.
__________
1 سورة الأنفال الآية: 60.

(2/239)


سبق كل وقطع المسافة بلا ندور وعلم عوض ويعتبر عند شرطه منهما محلل كفء هو ومركوبه يغنم ولا يغرم فإن سبقهما أخذ العوضين أَوْ سَبَقَاهُ وَجَاءَا مَعًا أَوْ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدٌ فَلَا شَيْءَ لِأَحَدٍ أَوْ جَاءَ مَعَ أحدهما فَعِوَضُ هَذَا لِنَفْسِهِ وَعِوَضُ الْمُتَأَخِّرِ لِلْمُحَلِّلِ وَمَنْ معه وإلا فعوض المتأخر للسابق ولو تسابق جمع وَشُرِطَ لِلثَّانِي مِثْلُ الْأَوَّلِ أَوْ دُونُهُ صَحَّ وسبق ذي خف بكتد وذي حافر بعنق وشرط لمناضلة بيان بادىء وعدد رمي وإصابة وبيان قدر غرض وارتفاعه إن لم يغلب عرف لا مبادرة بأن يبدر أحدهما بإصابة المشروط من عدد معلوم مع استوائهما في المرمى أو.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَاللِّينِ وَالسَّهْمَيْنِ فِي الْخِفَّةِ وَالرَّزَانَةِ " وَتَسَاوٍ " مِنْهُمَا " فِيهِمَا " فَلَوْ شُرِطَ تَقَدُّمُ مَبْدَأِ أَحَدِهِمَا أَوْ غايته لم يجز لأن المقصود معرف حذف الرَّاكِبِ أَوْ الرَّامِي وَجَوْدَةِ سَيْرِ الْمَرْكُوبِ وَذَلِكَ لَا يُعْرَفُ مَعَ تَفَاوُتِ الْمَسَافَةِ.
" وَتَعْيِينُ الْمَرْكُوبَيْنِ وَلَوْ بِالْوَصْفِ وَالرَّاكِبَيْنِ وَالرَّامِيَيْنِ بِالْعَيْنِ " لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَا مَرَّ آنِفًا وَلَا يُعْرَفُ إلَّا بِالتَّعْيِينِ " وَيَتَعَيَّنُونَ " أَيْ الْمَرْكُوبَانِ وَالرَّاكِبَانِ وَالرَّامِيَانِ " بِهَا " أَيْ بِالْعَيْنِ لَا بِالْوَصْفِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فَلَا يَجُوزُ إبْدَالُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ " وَإِمْكَانُ سَبْقِ كُلٍّ " مِنْ الرَّاكِبَيْنِ أَوْ الرَّامِيَيْنِ " وَ " إمْكَانُ " قَطْعِ الْمَسَافَةِ بِلَا نُدُورٍ " فِيهِمَا فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ضَعِيفًا يَقْطَعُ بِتَخَلُّفِهِ أَوْ فَارِهًا يَقْطَعُ بِتَقَدُّمِهِ أو كان سبقه ممكنا على ندور أولا يُمْكِنُهُ قَطْعُ الْمَسَافَةِ إلَّا عَلَى نُدُورٍ لَمْ يَجُزْ وَذِكْرُ تَعْيِينِ الرَّاكِبَيْنِ وَالرَّامِيَيْنِ وَتَعَيُّنِهِمَا وَإِمْكَانِ سَبْقِ كُلٍّ مِنْ الرَّامِيَيْنِ وَإِمْكَانِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ بلا نُدُورٍ مَعَ التَّصْرِيحِ بِقَوْلِي بِهَا مِنْ زِيَادَتِي وتعبيري هنا وفيما يأتي بالمركوب مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْفَرَسِ.
" وَعِلْمُ عِوَضٍ " عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا كَالْأُجْرَةِ فَلَوْ شَرَطَا عِوَضًا مَجْهُولًا كثوب غير موصوف لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ " وَيُعْتَبَرُ " لِصِحَّتِهَا " عِنْدَ شَرْطِهِ مِنْهُمَا مُحَلِّلٌ كُفْءٌ هُوَ " لَهُمَا فِي الرُّكُوبِ وَغَيْرِهِ " وَ " كُفْءٌ " مَرْكُوبُهُ " الْمُعَيَّنُ لِمَرْكُوبَيْهِمَا " يَغْنَمُ " إنْ سَبَقَ " وَلَا يَغْرَمُ " إنْ لَمْ يَسْبِقْ " فَإِنْ سَبَقَهُمَا أَخَذَ الْعِوَضَيْنِ " جَاءَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ " أَوْ سَبَقَاهُ وَجَاءَا مَعًا أَوْ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدٌ فَلَا شَيْءَ لِأَحَدٍ أَوْ جَاءَ مَعَ أَحَدِهِمَا " وَتَأَخَّرَ الْآخَرُ " فَعِوَضُ هَذَا لِنَفْسِهِ وَعِوَضُ الْمُتَأَخِّرِ لِلْمُحَلِّلِ وَمَنْ مَعَهُ " لِأَنَّهُمَا سَبَقَاهُ " وَإِلَّا " بِأَنْ تَوَسَّطَهُمَا أَوْ سَبَقَاهُ وَجَاءَا مُرَتَّبَيْنِ أَوْ سَبَقَهُ أَحَدُهُمَا وَجَاءَ مَعَ الْمُتَأَخِّرِ " فَعِوَضُ الْمُتَأَخِّرِ لِلسَّابِقِ " لِسَبْقِهِ لَهُمَا أَمَّا إذَا كَانَ الشَّرْطُ مِنْ غَيْرِهِمَا إمَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ كَقَوْلِهِ مَنْ سَبَقَ مِنْكُمَا فَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ عَلَيَّ كَذَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا كَقَوْلِهِ إنْ سَبَقْتَنِي فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا وَإِنْ سَبَقْتُك فَلَا شَيْءَ لِي عَلَيْك فَيَصِحُّ بِغَيْرِ مُحَلِّلٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الشَّرْطُ مِنْهُمَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ أَنْ يَغْنَمَ وَأَنْ يَغْرَمَ وَهُوَ صُورَةُ الْقِمَارِ الْمُحَرَّمِ وَإِنَّمَا صَحَّ شَرْطُهُ مِنْ غَيْرِهِمَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْرِيضِ عَلَى تَعَلُّمِ الْفُرُوسِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَبَذْلِ عِوَضٍ فِي طَاعَةٍ وَاشْتِرَاطِ كَفَاءَةِ الْمُحَلِّلِ لَهُمَا وَغُنْمِهِ وَعَدَمِ غُرْمِهِ مَعَ قَوْلِي أَوْ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدٌ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِقَوْلِي وَإِلَّا أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.
" وَلَوْ تَسَابَقَ جَمْعٌ " ثَلَاثَةٌ فَأَكْثَرُ " وَشُرِطَ لِلثَّانِي مِثْلُ الْأَوَّلِ أَوْ دُونُهُ صَحَّ " لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَجْتَهِدُ أَنْ يَكُونَ أَوَّلًا أَوْ ثَانِيًا فِي الْأَوْلَى لِيَفُوزَ بِالْعِوَضِ وَأَوَّلًا فِي الثَّانِيَةِ لِيَفُوزَ بِالْأَكْثَرِ وَمَا ذَكَرْته فِي الْأُولَى هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ وَوَقَعَ فِي الْأَصْلِ الْجَزْمُ فِيهَا بِالْفَسَادِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ لَا يَجْتَهِدُ فِي السَّبَقِ لِوُثُوقِهِ بِالْعِوَضِ سَبَقَ أَوْ سُبِقَ فَإِنْ شُرِطَ لِلثَّانِي أَكْثَرُ مِنْ الْأَوَّلِ لَمْ يَصِحَّ لِذَلِكَ أَوْ لِلْأَخِيرِ أَقَلُّ مِنْ الْأَوَّلِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا " وَسَبْقُ ذِي خُفٍّ " مِنْ إبِلٍ وَفِيَلَةٍ عِنْدَ إطْلَاقِ الْعَقْدِ " بِكَتَدٍ " بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا وَهُوَ مَجْمَعُ الْكَتِفَيْنِ بَيْنَ أَصْلِ الْعُنُقِ وَالظَّهْرِ وَتَعْبِيرِي بِهِ هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَبَعًا لِلنَّصِّ وَالْجُمْهُورُ وَالْأَصْلُ عَبَّرَ بِكَتِفٍ " وَ " سَبْقُ " ذِي حَافِرٍ " مِنْ خَيْلٍ وَنَحْوهَا " بِعُنُقٍ " عِنْدَ الْغَايَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذِي الْخُفِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْفِيلَ مِنْهُ لَا عُنُقَ لَهُ حَتَّى يُعْتَبَرَ وَالْإِبِلَ مِنْهُ تَرْفَعُ أَعْنَاقَهَا فِي الْعَدْوِ فَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهَا والخيل ونحوها تمدها فالتقدم بِبَعْضِ الْكَتَدِ أَوْ الْعُنُقِ سَابِقٌ وَإِنْ زَادَ طُولُ أَحَدِ الْعُنُقَيْنِ فَالسَّبْقُ بِتَقَدُّمِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الزَّائِدِ وَتَعْبِيرِي بِذِي خُفٍّ وَحَافِرٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ إبِلٌ وَخَيْلٌ.
" وَشُرِطَ لِمُنَاضَلَةٍ " زِيَادَةٌ على ما مر " بيان بادىء " مِنْهُمَا بِالرَّمْيِ لِاشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمَا فِيهِ حَذَرًا من اشتباه المصيب بِالْمُخْطِئِ لَوْ رَمْيًا مَعًا " وَ " بَيَانُ " عَدَدِ رَمْيٍ " وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي " وَ " عَدَدِ " إصَابَةٍ " فِيهَا كَخَمْسَةٍ مِنْ عِشْرِينَ " وَبَيَانُ قَدْرِ غَرَضٍ " بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ أَيْ مَا يُرْمَى إلَيْهِ مِنْ نَحْوِ خَشَبٍ أَوْ جِلْدٍ أَوْ قِرْطَاسٍ طُولًا وَعَرْضًا وَسُمْكًا " وَ " بَيَانُ " ارْتِفَاعِهِ " مِنْ الْأَرْضِ " إنْ " ذَكَرَ الْغَرَضَ وَ " لَمْ يَغْلِبْ عُرْفٌ " فِيهِمَا فَإِنْ غَلَبَ فَلَا يُشْتَرَطُ بيان شيء منهما بل يحمل المطلق

(2/240)


اليأس منه فيها ومحاطة بِأَنْ تَزِيدَ إصَابَتُهُ عَلَى إصَابَةِ الْآخَرِ بِكَذَا منه ونوب ويحمل المطلق على المبادرة وأقل نوبه ولا قوس وسهم فإن عين لغا وجاز إبداله بمثله وشرط منعه مفسد وسن بيان صفة إصابة الغرض من قرع وهو مجردها أو خزق بأن يثقبه ويسقط أو خسق بأن يثبت فيه وإن سقط أو مرق بأن ينفذ فإن أطلقا كفى القرع ولو عين زعيمان حزبين متساويين جاز لا بقرعة فإن عين من ظنه راميا فأخلف بطل فيه وفي مقابله لا في الباقي ولهم الفسخ فإن أجازوا وتنازعوا في مقابله فسخ وإذا نضل حزب قسم العوض بالسوية لا الإصابة إن شرط وتعتبر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عَلَيْهِ وَقَوْلِي وَارْتِفَاعِهِ مِنْ زِيَادَتِي " لَا " بَيَانُ " مُبَادَرَةٍ بِأَنْ يَبْدُرَ " بِضَمِّ الدَّالِ أَيْ يَسْبِقَ " أَحَدُهُمَا بِإِصَابَةِ " الْعَدَدِ " الْمَشْرُوطِ " إصَابَتُهُ بِقُيُودٍ زِدْتهَا بِقَوْلِي " مِنْ عَدَدٍ مَعْلُومٍ " كَعِشْرِينَ مِنْ كُلٍّ منهما " مع استوائهما في " عدد " المرمي أو اليأس مِنْهُ " أَيْ مِنْ اسْتِوَائِهِمَا " فِيهَا " أَيْ فِي الْإِصَابَةِ فَلَوْ شَرَطَا أَنَّ مَنْ سَبَقَ إلَى خَمْسَةٍ مِنْ عِشْرِينَ فَلَهُ كَذَا فَرَمَى كُلٌّ عِشْرِينَ أَوْ عَشَرَةً وَأَصَابَ أَحَدُهُمَا خَمْسَةً وَالْآخَرُ دُونَهَا فَالْأَوَّلُ نَاضَلَ وَإِنْ أَصَابَ كُلٌّ مِنْهُمَا خَمْسَةً فَلَا نَاضَلَ وَكَذَا لَوْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا خَمْسَةً مِنْ عِشْرِينَ وَالْآخَرُ أَرْبَعَةً مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ بَلْ يُتِمُّ الْعِشْرِينَ لِجَوَازِ أَنْ يُصِيبَ في الباقي وإن أصاب أحدهما الآخر من التسعة عشر ثلاثة يتم العشرين وصار منصولا لِيَأْسِهِ مِنْ الِاسْتِوَاءِ فِي الْإِصَابَةِ مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي رَمْيِ عِشْرِينَ " وَ " لَا بَيَانُ " مُحَاطَّةٍ " بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ " بِأَنْ تَزِيدَ إصَابَتُهُ عَلَى إصَابَةِ الْآخَرِ بِكَذَا " كَوَاحِدٍ " مِنْهُ " أَيْ مِنْ عَدَدٍ مَعْلُومٍ كَعِشْرِينَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَقَوْلِي مِنْهُ مِنْ زِيَادَتِي " وَ " لَا بَيَانُ عَدَدِ " نُوَبٍ " للرمي كسهم سهم وَاثْنَيْنِ اثْنَيْنِ " وَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ " عَنْ التَّقْيِيدِ بِمُبَادَرَةٍ ومحاطة وبعد نُوَبِ الرَّمْيِ " عَلَى الْمُبَادَرَةِ وَ " عَلَى " أَقَلِّ نُوَبِهِ " وَهُوَ سَهْمٌ سَهْمٌ لِغَلَبَتِهِمَا وَمَا ذَكَرْته مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ بَيَانِ الثَّلَاثِ هُوَ الْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمَا فِي الْأَخِيرَةِ وَالْأَصْلُ جَزَمَ بِاشْتِرَاطِ بَيَانِ الثَّلَاثِ.
" وَلَا " بَيَانُ " قَوْسٍ وَسَهْمٍ " لِأَنَّ العمدة على الرامي " فَإِنْ عُيِّنَ " شَيْءٌ مِنْهُمَا " لَغَا وَجَازَ إبْدَالُهُ بِمِثْلِهِ " مِنْ نَوْعِهِ وَلَوْ بِلَا عَيْبٍ بِخِلَافِ الْمَرْكُوبِ كَمَا مَرَّ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ عَيَّنَا نَوْعًا كَقِسِيٍّ فَارِسِيَّةٍ أَوْ عَرَبِيَّةٍ فَلَا يُبْدِلُ بِنَوْعٍ آخَرَ إلَّا بِتَرَاضٍ مِنْهُمَا " وَشَرْطُ مَنْعِهِ " أَيْ مَنْعَ إبْدَالٍ " مُفْسِدٌ " لِلْعَقْدِ لِفَسَادِهِ لِأَنَّ الرَّامِيَ قَدْ يَعْرِضُ لَهُ أَحْوَالٌ خَفِيَّةٌ تُحْوِجُ إلَى الْإِبْدَالِ وَفِي مَنْعِهِ مِنْهُ تَضْيِيقٌ فَأَشْبَهَ تَعْيِينَ الْمِكْيَالِ فِي السَّلَمِ " وَسُنَّ بَيَانُ صِفَةِ إصَابَةِ الْغَرَضِ " هُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِصِفَةِ الرَّمْيِ " مِنْ قَرْعٍ " بِسُكُونِ الرَّاءِ " وَهُوَ مُجَرَّدُهَا " أَيْ مُجَرَّدِ إصَابَةِ الْغَرَضِ أَيْ يَكْفِي فِيهِ ذَلِكَ لَا أَنَّ مَا بَعْدَهُ يَضُرُّ وَكَذَا فِيمَا يَأْتِي " أَوْ خَزْقٍ " بِمُعْجَمَةٍ وَزَايٍ " بِأَنْ يَثْقُبَهُ وَيَسْقُطَ أَوْ خَسْقٍ " بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ " بِأَنْ يَثْبُتَ فِيهِ وَإِنْ سَقَطَ" بَعْدَ ذَلِكَ " أَوْ مَرْقٍ " بِالرَّاءِ " بِأَنْ يَنْفُذَ " مِنْهُ أَوْ خَرْمٍ بِالرَّاءِ بِأَنْ يُصِيبَ طَرَفَ الْغَرَضِ فَيَخْرِمَهُ أَوْ الْحَوَابِي بِالْمُهْمَلَةِ بِأَنْ يَقَعَ السَّهْمُ بَيْنَ يدي الغرض ثم يثب إليه من حبى الصَّبِيُّ " فَإِنْ أَطْلَقَا كَفَى الْقَرْعُ " لِصِدْقِ الصِّيغَةِ بِهِ كَغَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ.
" وَلَوْ عَيَّنَ زَعِيمَانِ " أَيْ كَبِيرَانِ مِمَّنْ جَمَعَ فِي الْمُنَاضَلَةِ " حِزْبَيْنِ " بِأَنْ عَيَّنَ أَحَدُهُمَا وَاحِدًا ثُمَّ الْآخَرُ بِإِزَائِهِ وَاحِدًا وَهَكَذَا إلَى آخِرِهِمْ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " مُتَسَاوِيَيْنِ " فِي عَدَدِهِمَا وَفِي عَدَدِ الرَّمْيِ بِأَنْ يَنْقَسِمَ عَلَيْهِمَا صَحِيحًا " جَازَ " إذْ لَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ وَفِي الْبُخَارِيِّ مَا يَدُلُّ لَهُ " لَا " تَعْيِينُهُمَا " بِقُرْعَةٍ " وَلَا أَنْ يَخْتَارَ وَاحِدٌ جميع الحزب أو لا لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَسْتَوْعِبَ الْحُذَّاقُ وَالْقُرْعَةُ قَدْ تَجْمَعُهُمْ فِي جَانِبٍ فَيَفُوتُ مَقْصُودُ الْمُنَاضَلَةِ نَعَمْ إنْ ضَمَّ حَاذِقٌ إلَى غَيْرِهِ فِي كُلِّ جَانِبٍ وَأَقْرَعَ فَلَا بَأْسَ قَالَهُ الْإِمَامُ وَبَعْدَ تَرَاضِي الْحِزْبَيْنِ وَتَسَاوِيهِمَا عَدَدًا يَتَوَكَّلُ كُلُّ زعيم عن حزبه في العقد ويقعدان " فَإِنْ عَيَّنَ مَنْ ظَنَّهُ رَامِيًا فَأَخْلَفَ " أَيْ فَبَانَ خِلَافُهُ " بَطَلَ " الْعَقْدُ " فِيهِ وَفِي مُقَابِلِهِ " مِنْ الْحِزْبِ الْآخَرِ لِيَحْصُلَ التَّسَاوِي كَمَا إذَا خَرَجَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ الْمَبِيعِينَ مُسْتَحَقًّا فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِيهِ الْبَيْعُ وَيَسْقُطُ مِنْ الثَّمَنِ مَا يُقَابِلُهُ " لَا فِي الْبَاقِي " عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ " وَلَهُمْ " جَمِيعًا " الْفَسْخُ " لِلتَّبْعِيضِ " فَإِنْ أَجَازُوا وَتَنَازَعُوا فِي " تَعْيِينِ مَنْ يُجْعَلُ فِي " مُقَابِلِهِ فُسِخَ " الْعَقْدُ لتعذر إمضائه ثم الحزبان كالشخصين فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ فِيهِمَا.
" وَإِذَا نَضَلَ حِزْبٌ قُسِمَ الْعِوَضُ بِالسَّوِيَّةِ " بَيْنَهُمْ لِأَنَّ الْحِزْبَ كَالشَّخْصِ وَكَمَا إذَا غَرِمَ حِزْبٌ الْعِوَضَ فَإِنَّهُ يُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ بِالسَّوِيَّةِ " لَا " بِعَدَدِ "الْإِصَابَةِ إلَّا إنْ شَرَطَ " الْقَسْمَ بِعَدَدِهَا فَيُقْسَمُ بِعَدَدِهَا عَمَلًا بِالشَّرْطِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَصَحَّحَ الْأَصْلُ أَنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِحَسَبِ الْإِصَابَةِ.

(2/241)


بنصل فلو تلف وتر أو قوس أو عرض ما انصدم به السهم وأصاب حسب له وإلا لم يحسب عليه إن لم يقصر وَلَوْ نَقَلَتْ رِيحٌ الْغَرَضَ فَأَصَابَ مَحَلَّهُ حُسِبَ له وإلا حسب عليه ولو شرط خسق فلقي صلابة فسقط حسب له.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مُطْلَقًا لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِهَا " وَتُعْتَبَرُ " أَيْ الْإِصَابَةُ المشروطة " بنصل " بمهملة لأن الْمَفْهُومُ مِنْهَا " فَلَوْ تَلِفَ " وَلَوْ مَعَ خُرُوجِ السَّهْمِ مِنْ الْقَوْسِ " وَتْرٌ " بِالِانْقِطَاعِ " أَوْ قَوْسٌ " بالانكسار " أو عرض مَا انْصَدَمَ بِهِ السَّهْمُ " كَبَهِيمَةٍ " وَأَصَابَ " فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْغَرَضَ " حُسِبَ لَهُ " لِأَنَّ الْإِصَابَةَ مَعَ ذَلِكَ تَدُلُّ عَلَى جُودَةِ الرَّمْيِ " وَإِلَّا " أَيْ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ " لَمْ يُحْسَبْ عَلَيْهِ " بقيد زدته بقولي " إن لم يقصر " لعذر فَيُعِيدُ رَمْيَهُ فَإِنْ قَصَّرَ حُسِبَ عَلَيْهِ " وَلَوْ نَقَلَتْ رِيحٌ الْغَرَضَ فَأَصَابَ مَحَلَّهُ حُسِبَ لَهُ " عَنْ الْإِصَابَةِ الْمَشْرُوطَةِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهِ لَأَصَابَهُ " وَإِلَّا " أَيْ وَإِنْ لَمْ يُصِبْ مَحَلَّهُ " حُسِبَ عَلَيْهِ " وَإِنْ أَصَابَ الْغَرَضَ فِي الْمَحَلِّ المستقل إلَيْهِ وَهَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَفِي أكثر نسخ المحرر ما يوافقه فقول الْأَصْلُ وَإِلَّا فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ وَلَعَلَّهُ تَبِعَ بَعْضَ نُسَخِ الْمُحَرَّرِ " وَلَوْ شُرِطَ خَسْقٌ فَلَقِيَ صَلَابَةً فَسَقَطَ " وَلَوْ مِنْ غَيْرِ ثَقْبٍ " حُسِبَ لَهُ " لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْغَرَضِ شَاهِدَانِ لِيَشْهَدَا عَلَى مَا وَقَعَ مِنْ إصَابَةٍ وَخَطَأٍ وَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَمْدَحَا الْمُصِيبَ وَلَا أَنْ يَذُمَّا الْمُخْطِئَ لِأَنَّ ذَلِكَ يُخِلُّ بِالنَّشَاطِ.

(2/242)