فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب ط دار الفكر

كتاب الأيمان.
اليمين تحقيق محتمل بما اختص الله تعالى به كوالله ورب العالمين وَالْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَمَنْ نَفْسِي بِيَدِهِ إلا أن يريد غير اليمين وبما هو فيه أَغْلَبُ كَالرَّحِيمِ وَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ وَالرَّبِّ مَا لَمْ يرد غيره أو فيه وَفِي غَيْرِهِ سَوَاءً كَالْمَوْجُودِ وَالْعَالِمِ وَالْحَيِّ إنْ أراده وبصفته كعظمته وعزته وكبريائه وكلامه وَمَشِيئَتِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَحَقِّهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْحَقِّ الْعِبَادَاتِ وَبِاَللَّذَيْنِ قَبْلَهُ الْمَعْلُومَ وَالْمَقْدُورَ وَبِالْبَقِيَّةِ ظهور آثارها وأحرف القسم باء وواو وتاء ويختص الله بالتاء ولو قال الله بتثليث آخره أو تسكينه فكناية وأقسمت أَوْ أَقْسِمُ أَوْ حَلَفْت أَوْ أَحْلِفُ بِاَللَّهِ لأفعلن.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كِتَابُ الْأَيْمَانِ.
جَمْعُ يَمِينٍ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَآيَةِ: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} 1 وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحْلِفُ لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ وَالْيَمِينُ والحلف والإيلاء والقسم ألفاظ مترادفة.
" اليمين تَحْقِيقُ " أَمْرٍ " مُحْتَمِلٍ " هَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَخَرَجَ بِالتَّحْقِيقِ لَغْوُ الْيَمِينِ بِأَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَى مَا لَمْ يَقْصِدْهُ بِهَا أَوْ إلَى لَفْظِهَا كَقَوْلِهِ فِي حَالِ غَضَبِهِ أَوْ صِلَةِ كَلَامٍ لَا وَاَللَّهِ تَارَةً وَبَلَى وَاَللَّهِ أُخْرَى وَبِالْمُحْتَمِلِ غيره كقوله والله لأموتن أَوْ لَا أَصْعَدُ السَّمَاءَ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ لِامْتِنَاعِ الْحِنْثِ فِيهِ بِذَاتِهِ بِخِلَافِ وَاَللَّهِ لَأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ فَإِنَّهُ يَمِينٌ تَلْزَمُ بِهِ الْكَفَّارَةُ حَالًا وَتَنْعَقِدُ بِأَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ " بِمَا اخْتَصَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ " وَلَوْ مُشْتَقًّا أَوْ مِنْ غَيْرِ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى " كو الله " بِتَثْلِيثِ آخِرِهِ أَوْ تَسْكِينِهِ إذْ اللَّحْنُ لَا يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ " وَرَبِّ الْعَالَمِينَ " أَيْ مَالِك الْمَخْلُوقَاتِ لِأَنَّ كُلَّ مَخْلُوقٍ عَلَامَةٌ عَلَى وُجُودِ خَالِقِهِ وَخَالِقِ الْخَلْقِ " وَالْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَمَنْ نَفْسِي بِيَدِهِ " أَيْ بِقُدْرَتِهِ يُصَرِّفُهَا كَيْفَ يَشَاءُ والدي أَعْبُدُهُ أَوْ أَسْجُدُ لَهُ " إلَّا أَنْ يُرِيدَ " به " غير اليمين " فَلَيْسَ بِيَمِينٍ فَيُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ فِي الطلاق والعتاق والإيلاء ظاهرا لتعلق حَقُّ غَيْرِهِ بِهِ فَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ أَرَادَ بِهَا غَيْرَهُ تَعَالَى فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إرَادَتُهُ ذَلِكَ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا لِأَنَّ الْيَمِينَ بِذَلِكَ لَا تَحْتَمِلُ غَيْرَهُ فَقَوْلُ الْأَصْلِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لَمْ أُرِدْ بِهِ اليمين مؤول بذلك أَوْ سَبْقُ قَلَمٍ " وَبِمَا هُوَ فِيهِ " تَعَالَى عِنْدَ الْإِطْلَاقِ " أَغْلَبُ كَالرَّحِيمِ وَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ وَالرَّبِّ مَا لَمْ يُرِدْ " بِهَا " غَيْرَهُ " تَعَالَى بِأَنْ أَرَادَهُ تَعَالَى أَوْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَرَادَ بِهَا غَيْرَهُ لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ مُقَيَّدًا كَرَحِيمِ الْقَلْبِ وَخَالِقِ الْإِفْكِ وَرَازِقِ الْجَيْشِ وَرَبِّ الْإِبِلِ " أَوْ " بِمَا هُوَ " فِيهِ " تَعَالَى " وَفِي غَيْرِهِ سَوَاءً كَالْمَوْجُودِ وَالْعَالِمِ وَالْحَيِّ إنْ أَرَادَهُ " تَعَالَى بِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَرَادَ بِهَا غَيْرَهُ أَوْ أَطْلَقَ لِأَنَّهَا لَمَّا أُطْلِقَتْ عَلَيْهِمَا سَوَاءً أَشْبَهَتْ الْكِنَايَاتِ.
" وَبِصِفَتِهِ " الذَّاتِيَّةِ " كَعَظَمَتِهِ وعزته وكبريائه وكلامه ومشيئته وعلمه وقدرته وحقه إلا أن يرد بِالْحَقِّ الْعِبَادَاتِ وَبِاَللَّذَيْنِ قَبْلَهُ الْمَعْلُومَ وَالْمَقْدُورَ وَبِالْبَقِيَّةِ ظُهُورَ آثَارِهَا " فَلَيْسَتْ يَمِينًا لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهَا وَقَوْلِي وَبِالْبَقِيَّةِ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَقَوْلُهُ وَكِتَابِ اللَّهِ يَمِينٌ وَكَذَا وَالْقُرْآنِ أَوْ الْمُصْحَفِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْقُرْآنِ الْخُطْبَةَ وَالصَّلَاةَ وَبِالْمُصْحَفِ الورق والجلد " وأحرف الْقَسَمِ " الْمَشْهُورَةِ " بَاءٌ " مُوَحَّدَةٌ " وَوَاوٌ وَتَاءٌ " فَوْقِيَّةٌ كَبِاللَّهِ وَوَاللَّهِ وَتَاللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا " وَيَخْتَصُّ اللَّهُ " أَيْ لَفْظُهُ " بِالتَّاءِ " الْفَوْقِيَّةِ وَالْمُظْهَرُ مُطْلَقًا بِالْوَاوِ وسمع شاذا ترب الكعبة وَتَالرَّحْمَنِ وَتَدْخُلُ الْمُوَحَّدَةُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْمُضْمَرِ فَهِيَ الْأَصْلُ وَتَلِيهَا الْوَاوُ ثُمَّ التَّاءُ " وَلَوْ قَالَ اللَّهُ " مَثَلًا " بِتَثْلِيثِ آخِرِهِ أَوْ تَسْكِينِهِ " لَأَفْعَلَنَّ كَذَا " فَكِنَايَةٌ " كَقَوْلِهِ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَوْ لَعَمْرُ اللَّهِ أَوْ عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ وَذِمَّتُهُ وَكَفَالَتُهُ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا إنْ نَوَى بِهَا الْيَمِينَ وَإِلَّا فَلَا وَاللَّحْنُ وَإِنْ قِيلَ بِهِ فِي الرفع لا.
__________
1 سورة البقرة الآية: 225.

(2/243)


يمين إلا إن نوى خبرا وأقسم عليك بالله أو أسألك بالله لتفعلن يمين إن أراد يمين نفسه لا إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا يَهُودِيٌّ أَوْ نَحْوُهُ وتصح على ماض وغيره وتكرر إلا في طاعة ودعوى وحاجة فإن حلف على معصية عصى ولزمه حنث وكفارة أو مباح سن ترك حنثه أو ترك مندوب أو فعل مكروه سن حنثه وعليه كفارة أو عكسهما كره وَلَهُ تَقْدِيمُ كَفَّارَةٍ بِلَا صَوْمٍ عَلَى أَحَدِ سببيها كمنذور مالي.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ كَمَا مَرَّ عَلَى أَنَّهُ لَا لَحْنَ فِي ذَلِكَ فَالرَّفْعُ بِالِابْتِدَاءِ أَيْ اللَّهُ أَحْلِفُ بِهِ لَأَفْعَلَنَّ وَالنَّصْبُ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَالْجَرُّ بِحَذْفِهِ وَإِبْقَاءِ عَمَلِهِ وَالتَّسْكِينُ بِإِجْرَاءِ الْوَصْلِ مَجْرَى الْوَقْفِ وَقَوْلِي أَوْ تَسْكِينُهُ مِنْ زِيَادَتِي.
" وَ " قَوْلُهُ " أَقْسَمْت أَوْ أَقْسِمُ أَوْ حَلَفْت أَوْ أَحْلِفُ بِاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ " كَذَا " يَمِينٌ " لِأَنَّهُ عُرْفُ الشَّرْعِ قَالَ تَعَالَى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} 1 " إلَّا إنْ نَوَى خَبَرًا " مَاضِيًا فِي صِيغَةِ الْمَاضِي أَوْ مُسْتَقْبَلًا فِي الْمُضَارِعِ فَلَا يَكُونُ يَمِينًا لِاحْتِمَالِ مَا نَوَاهُ " وَ " قَوْلُهُ لِغَيْرِهِ " أُقْسِمُ عَلَيْك بِاَللَّهِ أَوْ أَسْأَلُك بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ " كذا " يمين إنْ أَرَادَ يَمِينَ نَفْسِهِ " فَيُسَنُّ لِلْمُخَاطَبِ إبْرَارُهُ فِيهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَرِدْهَا وَيُحْمَلُ عَلَى الشَّفَاعَةِ فِي فِعْلِهِ " لَا " قَوْلُهُ: " إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا يَهُودِيٌّ أَوْ نَحْوُهُ " كَأَنَا برئ مِنْ الْإِسْلَامِ أَوْ مِنْ اللَّهِ أَوْ مِنْ رَسُولِهِ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ وَلَا يَكْفُرُ بِهِ إنْ قَصَدَ تَبْعِيدَ نَفْسِهِ عَنْ الْفِعْلِ أَوْ أَطْلَقَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَذْكَارِ وَلْيَقُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ وَإِنْ قَصَدَ الرِّضَا بِذَلِكَ إنْ فَعَلَهُ فَهُوَ كَافِرٌ فِي الْحَالِ وَقَوْلِي أَوْ نَحْوِهِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ بَرِيءَ مِنْ الْإِسْلَامِ " وَتَصِحُّ " أَيْ الْيَمِينُ " عَلَى مَاضٍ وَغَيْرِهِ " نَحْوَ وَاَللَّهِ مَا فَعَلْت كَذَا أَوْ فَعَلْته وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا أَوْ لَا أَفْعَلُهُ " وَتُكْرَهُ " أَيْ الْيَمِينُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} 2 " إلَّا فِي طَاعَةٍ " مِنْ فِعْلٍ وَاجِبٍ أَوْ مَنْدُوبٍ وَتَرْكِ حَرَامٍ أَوْ مَكْرُوهٍ فَطَاعَةٌ " وَ " فِي " دَعْوًى " عِنْدَ حَاكِمٍ " وَ " فِي " حَاجَةٍ " كَتَوْكِيدِ كَلَامٍ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَوَاَللَّهِ لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا" أَوْ تَعْظِيمِ أَمْرٍ كَقَوْلِهِ: "وَاَللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا" فَلَا تُكْرَهُ فِيهِمَا وَهُمَا مِنْ زِيَادَتِي.
" فَإِنْ حَلَفَ عَلَى " ارْتِكَابِ " مَعْصِيَةٍ " كَتَرْكِ وَاجِبٍ عَيْنِيٍّ وَلَوْ عَرَضًا وفعل حرام " عَصَى " بِحَلِفِهِ " وَلَزِمَهُ حِنْثٌ وَكَفَّارَةٌ " لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ" وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْحِنْثُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ سِوَاهُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ فَإِنَّ لَهُ طَرِيقًا بِأَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ صَدَاقِهَا أَوْ يُقْرِضَهَا ثُمَّ يُبَرِّئَهَا لِأَنَّ الْغَرَضَ حَاصِلٌ مَعَ بَقَاءِ التَّعْظِيمِ " أَوْ " عَلَى تَرْكِ أَوْ فِعْلِ " مُبَاحٍ " كَدُخُولِ دَارٍ وَأَكْلِ طَعَامٍ وَلُبْسِ ثَوْبٍ " سُنَّ تَرْكُ حِنْثِهِ " لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى نَعَمْ إنْ تَعَلَّقَ بِتَرْكِهِ أَوْ فِعْلِهِ غَرَضٌ دِينِيٌّ كَأَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ طَيِّبًا وَلَا يَلْبَسَ نَاعِمًا فَقِيلَ يَمِينٌ مَكْرُوهَةٌ وَقِيلَ يَمِينُ طَاعَةٍ اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ فِي خُشُونَةِ الْعَيْشِ وَقِيلَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَقُصُودِهِمْ وَفَرَاغِهِمْ لِلْعِبَادَةِ قَالَ الشَّيْخَانِ وَهُوَ الْأَصْوَبُ " أَوْ " عَلَى " تَرْكِ مَنْدُوبٍ " كَسُنَّةِ ظُهْرٍ " أَوْ فِعْلِ مَكْرُوهٍ " كَالْتِفَاتٍ فِي الصَّلَاةِ " سُنَّ حِنْثُهُ وَعَلَيْهِ " بِالْحِنْثِ " كَفَّارَةٌ " لِلْخَبَرِ السَّابِقِ " أَوْ " عَلَى " عَكْسِهِمَا " أَيْ عَلَى فِعْلِ مَنْدُوبٍ أَوْ تَرْكِ مَكْرُوهٍ " كُرِهَ " أَيْ حِنْثُهُ وَعَلَيْهِ بِالْحِنْثِ كَفَّارَةٌ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي.
" وَلَهُ تَقْدِيمُ كَفَّارَةٍ بِلَا صوم على أحد سببيها " لِأَنَّهَا حَقٌّ مَالِيٌّ تَعَلَّقَ بِسَبَبَيْنِ فَجَازَ تَقْدِيمُهَا عَلَى أَحَدِهِمَا كَالزَّكَاةِ فَتَقَدَّمَ عَلَى الْحِنْثِ وَلَوْ كَانَ حَرَامًا كَالْحِنْثِ بِتَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ حَرَامٍ وَعَلَى عَوْدٍ فِي ظِهَارٍ كَأَنْ ظَاهَرَ من رجعية ثُمَّ رَاجَعَهَا وَكَأَنْ طَلَّقَ رَجْعِيًّا عَقِبَ ظِهَارِهِ ثُمَّ كَفَّرَ ثُمَّ رَاجَعَ وَعَلَى مَوْتٍ فِي قَتْلٍ بَعْدَ جُرْحٍ أَمَّا الصَّوْمُ فَلَا يُقَدَّمُ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَلَا تُقَدَّمُ عَلَى وَقْتِ وُجُوبِهَا بِغَيْرِ حَاجَةٍ كَصَوْمِ رَمَضَانَ وَخَرَجَ بِغَيْرِ حَاجَةٍ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ تَقْدِيمًا وَالتَّقْيِيدُ بِغَيْرِ الصَّوْمِ فِيمَا عَدَا الْحِنْثَ مِنْ زِيَادَتِي " كَمَنْذُورٍ مَالِيٍّ " فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى وَقْتِهِ الْمُلْتَزَمِ لِمَا مَرَّ سَوَاءٌ أَقَدَّمَهُ عَلَى الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ كإشفاء أَمْ لَا كَقَوْلِهِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ عَبْدًا أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ عَبْدًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ الَّذِي يَعْقُبُ الشِّفَاءَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إعْتَاقُهُ قَبْلَ الشِّفَاءِ وَقَبْلَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ الذي عقب الشفاء.
__________
1 سورة الأنعام الآية: 109.
2 سورة البقرة الآية: 224.

(2/244)


فصل
خير في كفارة يمين بين إعتاق كظهار وتمليك عشرة مساكين كل مدا من جنس فطرة أو مسمى كسوة وَلَوْ مَلْبُوسًا لَمْ تَذْهَبْ قُوَّتُهُ وَلَمْ يَصْلُحْ لِلْمَدْفُوعِ لَهُ كَقَمِيصِ صَغِيرٍ وَعِمَامَتِهِ وَإِزَارِهِ وَسَرَاوِيلِهِ لكبير لا نحو خف فإن عجز عن كل بغير غيبة ماله لزمه صوم ثلاثة ولو مفرقة فإن كان أمة تحل لم تصم إلا بإذن كغيرها والصوم يضره وقد حنث بلا إذن ومبعض كحر في غير إعتاق.
فصل
حلف لا يسكن أو لا يقيم بها فمكث بلا عذر حنث وإن بعث متاعه كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ وَهُمَا فِيهَا فمكثا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَصْلٌ: فِي صِفَةِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ.
وَهِيَ مُخَيَّرَةٌ ابْتِدَاءً مُرَتَّبَةٌ انْتِهَاءً كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي.
" خُيِّرَ " الْمُكَفِّرُ الْحُرُّ الرَّشِيدُ وَلَوْ كَافِرًا " فِي كَفَّارَةِ يَمِينٍ بَيْنَ إعْتَاقٍ كَظِهَارٍ " أَيْ كَإِعْتَاقٍ عَنْ كَفَّارَتِهِ وَهُوَ إعْتَاقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ بِلَا عَيْبٍ يُخِلُّ بِالْعَمَلِ وَالْكَسْبِ كَمَا مَرَّ فِي محله " وَتَمْلِيكِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ كُلٍّ " مِنْهُمْ إمَّا " مُدًّا مِنْ جِنْسِ فِطْرَةٍ " كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْكَفَّارَةِ وَإِنْ عَبَّرَ الْأَصْلُ هُنَا بِمُدِّ حَبٍّ مِنْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِهِ " أَوْ مُسَمًّى كِسْوَةً " مِمَّا يُعْتَادُ لُبْسُهُ كَعِرْقِيَّةٍ وَمِنْدِيلٍ " وَلَوْ مَلْبُوسًا لَمْ تَذْهَبْ قُوَّتُهُ وَلَمْ يَصْلُحْ لِلْمَدْفُوعِ لَهُ كقميص صغير وعمامته وإزراره وَسَرَاوِيلِهِ لِكَبِيرٍ " وَحَرِيرٍ لِرَجُلٍ " لَا نَحْوَ خُفٍّ " مِمَّا لَا يُسَمَّى كِسْوَةً كَدِرْعٍ مِنْ حَدِيدٍ أَوْ نَحْوِهِ وَقُفَّازَيْنِ وَهُمَا مَا يُعْمَلَانِ لِلْيَدَيْنِ وَيُحْشَيَانِ بِقُطْنٍ كَمَا مَرَّ فِي الْحَجِّ وَمِنْطَقَةٍ وَهِيَ مَا تُشَدُّ فِي الْوَسَطِ فَلَا تُجْزِئُ وَقَوْلِي نَحْوَ خُفٍّ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ " فَإِنْ " لَمْ يَكُنْ الْمُكَفِّرُ رَشِيدًا أَوْ " عَجَزَ عَنْ كُلٍّ " مِنْ الثَّلَاثَةِ هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ عَنْ الثَّلَاثَةِ " بِغَيْرِ غَيْبَةِ مَالِهِ " بِرِقٍّ أَوْ غَيْرِهِ " لَزِمَهُ صَوْمُ ثَلَاثَةٍ " مِنْ الْأَيَّامِ " وَلَوْ مُفَرَّقَةً " لِآيَةِ: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} 1 وَالرَّقِيقُ لَا يَمْلِكُ أَوْ يَمْلِكُ مِلْكًا ضَعِيفًا فَلَوْ كَفَّرَ عَنْهُ سَيِّدُهُ بِغَيْرِ صَوْمٍ لَمْ يجز ويجزئ بعد موته بِالْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ لِأَنَّهُ لَا رِقَّ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَهُ فِي الْمُكَاتَبِ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ بِهِمَا بِإِذْنِهِ وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُكَفِّرَ بِهِمَا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَمَّا الْعَاجِزُ بِغِيبَةِ مَالِهِ فَكَغَيْرِ الْعَاجِزِ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ فَيَنْتَظِرُ حُضُورَ مَالِهِ بِخِلَافِ فَاقِدِ الْمَاءِ مَعَ غَيْبَةِ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ لِضِيقِ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَبِخِلَافِ الْمُتَمَتِّعِ الْمُعْسِرِ بِمَكَّةَ الْمُوسِرِ بِبَلَدِهِ فَإِنَّهُ يَصُومُ لِأَنَّ مَكَانَ الدَّمِ بِمَكَّةَ فَاعْتُبِرَ يساره وعدمه بها ومكان الكفارة مطلق فاعتبرا مطلقا فإن كان هُنَا رَقِيقٌ غَائِبٌ تُعْلَمُ حَيَاتُهُ فَلَهُ إعْتَاقُهُ فِي الْحَالِ.
" فَإِنْ كَانَ " الْعَاجِزُ " أَمَةً تَحِلُّ " لِسَيِّدِهَا " لَمْ تَصُمْ إلَّا بِإِذْنٍ " مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّهَا الصَّوْمُ فِي خِدْمَةِ السَّيِّدِ لِحَقِّ التَّمَتُّعِ " كَغَيْرِهَا " مِنْ أَمَةٍ لَا تَحِلُّ لَهُ وَعَبْدٍ " وَالصَّوْمُ يَضُرُّهُ " أَيْ غَيْرِهَا فِي الْخِدْمَةِ " وَقَدْ حَنِثَ بِلَا إذْنٍ " مِنْ السَّيِّدِ فَإِنَّهُ لا يصوم إلا بإذن وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْحَلِفِ لِحَقِّ الْخِدْمَةِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْحِنْثِ صَامَ بِلَا إذْنٍ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْحَلِفِ فَالْعِبْرَةُ فِي الصَّوْمِ بِلَا إذْنٍ فِيمَا إذَا أَذِنَ فِي أَحَدِهِمَا بِالْحِنْثِ وَوَقَعَ فِي الْأَصْلِ تَرْجِيحُ اعْتِبَارِ الْحَلِفِ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِيهِ إذْنٌ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْتِزَامِ الْكَفَّارَةِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ لِأَنَّ الْحَلِفَ مَانِعٌ مِنْ الْحِنْثِ فَلَا يَكُونُ الْإِذْنُ فِيهِ إذْنًا فِي الْتِزَامِ الْكَفَّارَةِ فَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ الصَّوْمُ فِي الْخِدْمَةِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إذْنٍ فِيهِ وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ الْأَمَةِ مِنْ زِيَادَتِي " وَمُبَعَّضٌ كَحُرٍّ فِي غَيْرِ إعْتَاقٍ " فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ كَفَّرَ بِتَمْلِيكِ مَا مَرَّ بِإِعْتَاقٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْوَلَاءِ وَإِلَّا فَيَصُومُ وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ.
فَصْلٌ: فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا.
مِمَّا يَأْتِي لَوْ " حَلَفَ لَا يَسْكُنُ " بِهَذِهِ الدَّارِ " أَوْ لَا يُقِيمُ بِهَا " وَهُوَ فِيهَا " فَمَكَثَ " فِيهَا " بِلَا عُذْرٍ حنث وإن بعث متاعه " وأهله.
__________
1 سورة البقرة الآية: 225.

(2/245)


لبناء حائل لا إن خرج إحدهما حالا أَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا وَهُوَ فِيهَا أَوْ لَا يَخْرُجُ وَهُوَ خَارِجٌ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فاستدام ويحنث باستدامة نحو لبس ومن حلف لا يدخل الدار حنث بدخوله داخل بابها ولو برجله معتمدا عليها فقط لا بصعود سطح ولو محوطا لم يسقف ولو صارت غير دار فدخل لم يحنث أو لا يدخل دار زيد حنث بما يملكها أو تعرف به فإن أراد مسكنه فبه أو لا يدخل داره أَوْ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ فَزَالَ ملكه فدخل وكلم لم يحنث إلا أن يشير ولم يرد ما دام ملكه أَوْ لَا يَدْخُلُ دَارًا مِنْ ذَا الْبَابِ حنث بالمنفذ أو بيتا فبمسماه أو لَا يَدْخُلُ عَلَى زَيْدٍ فَدَخَلَ عَلَى قَوْمٍ هو فيهم حنث وإن استثناه وفي نظيره من السلام يحنث إن لم يستثنه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كَمَا لَوْ لَمْ يَبْعَثْهُمَا لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى سُكْنَى نَفْسِهِ فَلَا يَحْنَثُ إنْ خَرَجَ حَالًا بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ وَإِنْ تَرَكَهُمَا وَلَا إنْ مَكَثَ بِعُذْرٍ كَجَمْعِ مَتَاعٍ وَإِخْرَاجِ أَهْلٍ وَلُبْسِ ثَوْبٍ وَإِغْلَاقِ بَابٍ وَمَنْعٍ مِنْ خُرُوجٍ وَخَوْفٍ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ " كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يساكنه وهما فيها فَمَكَثَا لِبِنَاءٍ حَائِلٍ " بَيْنَهُمَا فَيَحْنَثُ لِوُجُودِ الْمُسَاكَنَةِ إلَى تَمَامِ الْبِنَاءِ بِلَا ضَرُورَةٍ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْجُمْهُورِ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَصَحَّحَ الْأَصْلُ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِاشْتِغَالِهِ بِرَفْعِ الْمُسَاكَنَةِ " لَا إن خرج أحدهما حالا " بينة التَّحَوُّلِ " أَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا وَهُوَ فِيهَا أَوْ لَا يَخْرُجُ وَهُوَ خَارِجٌ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ " مِمَّا لَا يَتَقَدَّرُ بِمُدَّةٍ كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَتَطَهُّرٍ وَتَطَيُّبٍ وَتَزَوُّجٍ وَوَطْءٍ وَغَصْبٍ إذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُهَا " فَاسْتَدَامَ " هَا فَلَا يَحْنَثُ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْأُولَى ظَاهِرٌ إذْ لَا مُسَاكَنَةَ وَأَمَّا فِيمَا عَدَاهَا فَلِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ لَيْسَتْ كَإِنْشَائِهَا إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ دَخَلْت شَهْرًا وَكَذَا الْبَقِيَّةُ وَصُورَةُ حَلِفِ الْمُصَلِّي أَنْ يَحْلِفَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ يَكُونَ أَخْرَسَ وَيَحْلِفُ بِالْإِشَارَةِ " وَيَحْنَثُ بِاسْتِدَامَةِ نَحْوِ لُبْسٍ " مِمَّا يَتَقَدَّرُ بِمُدَّةٍ كَرُكُوبٍ وَقِيَامٍ وَقُعُودٍ وَسُكْنَى وَاسْتِقْبَالٍ وَمُشَارَكَةِ فُلَانٍ إذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُهَا فَيَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهَا لِصِدْقِ اسْمِهَا بِذَلِكَ إذْ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لَبِسْت شَهْرًا وَرَكِبْت لَيْلَةً وَكَذَا الْبَقِيَّةُ وَإِذَا حَنِثَ بِاسْتِدَامَةِ شَيْءٍ ثُمَّ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ فَاسْتَدَامَهُ لزمه كفارة أخرى لانحلال اليمين اوولى باستدامة الْأُولَى وَتَعْبِيرِي فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ.
" وَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ " هَذِهِ " الدَّارَ حَنِثَ بِدُخُولِهِ دَاخِلَ بَابِهَا " حَتَّى دِهْلِيزَهَا " وَلَوْ بِرِجْلِهِ مُعْتَمِدًا عَلَيْهَا فَقَطْ " لِأَنَّهُ يُعَدُّ دَاخِلًا بِخِلَافِ مَا لَوْ مَدَّهَا وَقَعَدَ خَارِجَهَا أَوْ دَخَلَ بِهَا وَلَمْ يَعْتَمِدْ عَلَيْهَا فَقَطْ وَإِنْ أَطْلَقَ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ بِهَا وَبِخِلَافِ مَا لَوْ أَدْخَلَ رَأْسَهُ أَوْ يَدَهُ أَوْ دَخَلَ طَاقًا مَعْقُودًا قُدَّامَ الْبَابِ " لَا بِصُعُودِ سَطْحٍ " مِنْ خَارِجِ الدَّارِ " وَلَوْ مُحَوَّطًا لَمْ يُسْقَفْ " لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ دَاخِلًا بِخِلَافِ مَا إذَا سُقِفَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ وَنُسِبَ إلَيْهَا بِأَنْ كَانَ يُصْعَدُ إليه منها كما هو الغالب لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَطَبَقَةٍ مِنْهَا وَقَوْلِي لَمْ يُسْقَفْ مِنْ زِيَادَتِي " وَلَوْ صَارَتْ غَيْرَ دَارٍ " كَأَنْ صَارَتْ فَضَاءً أَوْ جُعِلَتْ مَسْجِدًا " فَدَخَلَ لَمْ يَحْنَثْ " لِزَوَالِ اسْمِ الدَّارِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ بَقِيَ اسْمُهَا كَأَنْ بَقِيَ رُسُومُ جُدُرِهَا أَوْ أُعِيدَتْ بِآلَتِهَا " أَوْ " حَلَفَ " لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ حَنِثَ بِ " دُخُولِ " مَا " أَيِّ دَارٍ " يَمْلِكُهَا أَوْ " دَارٍ " تُعْرَفُ بِهِ " كَدَارِ الْعَدْلِ وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْهَا دُونَ دَارٍ يَسْكُنُهَا بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ نَحْوِهَا لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى مَنْ يَمْلِكُ تَقْتَضِي ثُبُوتَ الْمِلْكِ حَقِيقَةً أَوْ مَا أُلْحِقَ بِهِ " فَإِنْ أَرَادَ " بِهَا " مَسْكَنَهُ فَ " يَحْنَثُ " بِهِ " أَيْ بِمَسْكَنِهِ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَمْ يُعْرَفْ بِهِ وَلَا يَحْنَثُ بِغَيْرِ مَسْكَنِهِ وَإِنْ كَانَ مَلَكَهُ أَوْ عُرِفَ بِهِ وَقَوْلِي أَوْ تُعْرَفُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِي.
" أَوْ " حَلَفَ " لَا يَدْخُلُ داره " أي زيد " أَوْ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ فَزَالَ مِلْكُهُ " عَنْ الثَّلَاثِ أَوْ بَعْضِ الْأَوَّلِينَ " فَدَخَلَ " الدَّارَ " وَكَلَّمَ " الْعَبْدَ أَوْ الزَّوْجَةَ " لَمْ يَحْنَثْ " لِزَوَالِ الْمِلْكِ " إلَّا أَنْ يُشِيرَ " إلَيْهِمْ بِأَنْ يَقُولَ دَارِهِ هَذِهِ أَوْ عَبْدَهُ هَذَا أَوْ زَوْجَتَهُ هَذِهِ " وَلَمْ يُرِدْ مَا دَامَ مِلْكُهُ " بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ فَيَحْنَثُ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ فَإِنْ أَرَادَ مَا دَامَ مِلْكَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ مَعَ الْإِشَارَةِ كَمَا دَخَلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَمَلًا بِإِرَادَتِهِ وَزَوَالُ مِلْكِهِ فِي غَيْرِ الزَّوْجَةِ بِلُزُومِ الْعَقْدِ مِنْ قِبَلِهِ وَفِيهَا بِإِبَانَتِهِ لَهَا لَا بِطَلَاقِهِ الرَّجْعِيِّ فَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فَبَاعَهُمَا أَوْ طَلَّقَهَا وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا حنث لو مَعَ الْإِشَارَةِ فِي زَوَالِ الِاسْمِ كَزَوَالِ اسْمِ الْعَبْدِ بِعِتْقِهِ وَاسْمِ الدَّارِ بِجَعْلِهَا مَسْجِدًا فَقَوْلُهُمْ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ أَيْ مَعَ بَقَاءِ الِاسْمِ كَمَا يعلم مما يأتي أو اخر الْفَصْلِ الْآتِي " أَوْ " حَلَفَ " لَا يَدْخُلُ دَارًا مِنْ ذَا الْبَابِ حَنِثَ بِالْمَنْفَذِ " الْمُشَارِ إلَيْهِ لَا بِغَيْرِهِ وَإِنْ نُقِلَ إلَيْهِ خَشَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْبَابَ حَقِيقَةٌ فِي الْمَنْفَذِ مَجَازٌ فِي الْخَشَبِ فَإِنْ أَرَادَ الثَّانِيَ حُمِلَ عَلَيْهِ " أَوْ " حلف لا يدخل " بيتا فَ " يَحْنَثُ " بِمُسَمَّاهُ" أَيْ بِمَا يُسَمَّى بَيْتًا وَلَوْ خَشَبًا أَوْ خَيْمَةً أَوْ شَعْرًا لِوُقُوعِ اسْمِهِ عَلَى الْجَمِيعِ بِخِلَافِ مَا لَا يُسَمَّى بَيْتًا كَمَسْجِدٍ وَحَمَّامٍ وَغَارِ جَبَلٍ وَكَنِيسَةٍ وَبِيَعَةٍ لأنه لا.

(2/246)


فصل
حلف لا يأكل رؤوسا حنث برؤوس نعم لا برؤوس طير وصيد إلا إن كان من بلد تباع فيه مفردة أو بيضا فبمفارقة بائضه حيا كدجاج ونعام أو لحما فبلحم مأكول ولو لحم رأس ولسان لا سمك وجراد ويتناول شحم ظهر وجنب لا بطن وعين والشحم عكسه والألية والسنام ليسا شحما ولا لحما ولا يتناول أحدهما الآخر والدسم يتناولهما وشحم نحو ظهر ودهنا ويتناول لحم البقر جاموسا وبقر وحش والخبز كل خبز ولو من أرز وباقلا وذرة وحمص وإن ثرده والطعام قوتا وفاكهة والفاكهة رطبا وعنبا ورمانا وأترجا ورطبا ويابسا وليمونا ونبقا وبطيخا ولب.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ الْبَيْتِ إلَّا بِتَقْيِيدٍ أَوْ تَجَوُّزٍ فَإِنْ أَرَادَ شَيْئًا حُمِلَ عَلَيْهِ " أَوْ " حَلَفَ " لَا يَدْخُلُ عَلَى زَيْدٍ فَدَخَلَ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ " عَالِمًا بِذَلِكَ " حَنِثَ وَإِنْ اسْتَثْنَاهُ " بِلَفْظِهِ أَوْ نِيَّتِهِ لِوُجُودِ الدُّخُولِ عَلَيْهِ " وفي نظيره من السلام " وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ " يَحْنَثُ إنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ " لِظُهُورِ اللَّفْظِ فِي الْجَمِيعِ فَإِنْ اسْتَثْنَاهُ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالنِّيَّةِ لَمْ يَحْنَثْ وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ الدُّخُولَ لَا يَتَبَعَّضُ بِخِلَافِ السَّلَامِ.
فَصْلٌ: فِي الْحَلِفِ عَلَى أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ مَعَ بَيَانِ مَا يَتَنَاوَلُهُ بَعْضُ الْمَأْكُولَاتِ.
لَوْ " حَلَفَ لا يأكل رؤوسا " وأطلق " حنث برؤوس نَعَمٍ " لِأَنَّهَا الْمُتَعَارَفَةُ لِاعْتِيَادِ بَيْعِهَا مُفْرَدَةً " لَا برؤوس طَيْرٍ وَصَيْدٍ " بَرِّيٍّ أَوْ بَحْرِيٍّ " إلَّا إنْ كَانَ " الْحَالِفُ " مِنْ بَلَدٍ تُبَاعُ فِيهِ مُفْرَدَةً " وَإِنْ حَلَفَ خَارِجَهُ فَيَحْنَثُ بِأَكْلِهَا فِيهِ قَطْعًا وَفِي غَيْرِهِ عَلَى الْأَقْوَى فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا قَالَا وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى ظَاهِرِ النَّصِّ لَكِنْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ مُقَابِلَهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالرُّويَانِيُّ وَمَالَ إلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ بَلْ صَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِهِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يُفْهِمُهُ " أَوْ " لَا يَأْكُلُ " بَيْضًا فَ " يَحْنَثُ " بِمُفَارِقِ بَائِضِهِ " أَيْ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُفَارِقَهُ " حَيًّا " وَيُؤْكَلَ بيضه مُنْفَرِدًا " كَدَجَاجٍ وَنَعَامٍ " وَإِنْ فَارَقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَبَيْضِ سَمَكٍ وَهُوَ بَطَارِخُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُفَارِقُهُ مَيِّتًا بِشَقِّ بَطْنِهِ وَكَبَيْضِ جَرَادٍ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ مُنْفَرِدًا " أَوْ " حَلَفَ لَا يَأْكُلُ " لَحْمًا فَ " يَحْنَثُ " بِلَحْمِ مَأْكُولٍ " كَنَعَمٍ وَخَيْلٍ وَطَيْرٍ وَوَحْشٍ مَأْكُولِينَ فَيَحْنَثُ بِالْأَكْلِ مِنْ مُذَكَّاةٍ " وَلَوْ لَحْمَ رَأْسٍ وَلِسَانٍ لَا " لَحْمَ " سَمَكٍ وَجَرَادٍ " لِأَنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ اللَّحْمِ عُرْفًا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَ اللَّحْمِ كَكِرْشٍ وَكَبِدٍ وَطِحَالٍ وَقَلْبٍ وَرِئَةٍ " وَيَتَنَاوَلُ " أَيْ اللَّحْمُ " شَحْمَ ظَهْرٍ وَجَنْبٍ " لِأَنَّهُ لَحْمٌ سَمِينٌ وَلِهَذَا يَحْمَرُّ عِنْدَ الْهُزَالِ " لَا " شَحْمَ " بَطْنٍ وَعَيْنٍ " لِأَنَّهُ يُخَالِفُ اللَّحْمَ فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ " وَالشَّحْمُ عَكْسُهُ " فَلَا يَتَنَاوَلُ شَحْمَ ظَهْرٍ وَجَنْبٍ وَيَتَنَاوَلُ شَحْمَ بَطْنٍ وَعَيْنٍ وَذِكْرُ الْجَرَادِ مَعَ عَدَمِ تَنَاوُلِ اللَّحْمِ شَحْمَ الْعَيْنِ وَالشَّحْمِ شَحْمَ الْجَنْبِ وَمَعَ تَنَاوُلِ الشَّحْمِ شَحْمَ الْبَطْنِ وَالْعَيْنِ مِنْ زِيَادَتِي.
" وَالْأَلْيَةُ وَالسَّنَامُ " بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا " لَيْسَا " أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا " شَحْمًا وَلَا لَحْمًا " لِمُخَالَفَتِهِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ " وَلَا يَتَنَاوَلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ " لِذَلِكَ فَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ " وَالدَّسَمُ " وَهُوَ الودك " يتناولهما " أي الألية وَالسَّنَامَ " وَ " يَتَنَاوَلُ " شَحْمَ نَحْوِ ظَهْرٍ " كَبَطْنٍ وَجَنْبٍ " وَدُهْنًا " مَأْكُولًا فَيَحْنَثُ بِأَكْلِ أَحَدِهِمَا مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ دَسَمًا وَقَوْلِي نَحْوَ ظَهْرٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ ظَهْرٌ وَبَطْنٌ " وَيَتَنَاوَلُ لَحْمُ الْبَقَرِ جَامُوسًا وَبَقَرَ وَحْشٍ " فَيَحْنَثُ بِأَكْلِ أَحَدِهِمَا مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ بَقَرٍ وَذِكْرُ بَقَرِ الْوَحْشِ مِنْ زِيَادَتِي " وَ " يَتَنَاوَلُ " الْخُبْزُ كُلَّ خُبْزٍ وَلَوْ مِنْ أَرُزٍّ " بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ عَلَى الْأَشْهَرِ " وَبَاقِلَّا " بِتَشْدِيدِ اللَّامِ مَعَ الْقَصْرِ عَلَى الْأَشْهَرِ " وَذُرَةٍ " بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَالْهَاءُ عِوَضٌ عَنْ وَاوٍ أَوْ يَاءٍ " وَحِمَّصٍ " بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا فَيَحْنَثُ بِأَكْلِ أَحَدِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ خبزا "وَإِنْ ثَرَّدَهُ " بِمُثَلَّثَةٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ مَعْهُودَ بَلَدِهِ لِظُهُورِ اللُّغَةِ فِيهِ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا مَرَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْعُرْفِ سَوَاءٌ ابْتَلَعَهُ بَعْدَ مَضْغٍ أَمْ دُونَهُ " وَ " يَتَنَاوَلُ " الطَّعَامُ قُوتًا وَفَاكِهَةً " لِوُقُوعِ اسْمِهِ عَلَيْهِمَا وَالْفَاكِهَةُ تَشْمَلُ الْأُدْمَ والحلوى كَمَا مَرَّ فِي الرِّبَا وَتَقَدَّمَ ثَمَّ أَنَّ الطَّعَامَ يَتَنَاوَلُ الدَّوَاءَ بِخِلَافِهِ هُنَا مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ " وَ " يَتَنَاوَلُ "الْفَاكِهَةُ رُطَبًا وَعِنَبًا وَرُمَّانًا وَأُتْرُجًّا " بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ ويقال فيه أترنج بالنون وترج.

(2/247)


فستق وغيره لا قثاء وخيارا وباذنجانا وجزرا ولا يتناول الثمر يابسا ولا البطيخ والتمر والجوز هنديا ولا لرطب تمرا وبسرا ولا العنب زبيبا وعكوسها ولو قال لَا آكُلُ ذَا الْبُرَّ حَنِثَ بِهِ عَلَى هيئته ولو مطبوخا لا على غيرها أو ذا فبالجميع أو ذا الرطب فأكله تمرا أو لا أكلم هذا الصبي أو ذا العبد فكلمه كاملا لم يحنث أو لَا آكُلُ مِنْ ذِي الْبَقَرَةِ أَوْ مِنْ ذي الشجرة حنث بما يؤكل منهما لا بولد ولبن ونحو ورق أو لَا آكُلُ سَوِيقًا فَسَفَّهُ أَوْ تَنَاوَلَهُ بِآلَةٍ أو مائعا فأكله بخبز حنث لا إن شربه أو لا أشربه فبالعكس أو لا آكل سمنا فأكله بِخُبْزٍ أَوْ فِي عَصِيدَةٍ وَعَيْنُهُ ظَاهِرَةٌ حَنِثَ.
فصل
حلف لا يأكل ذي الثمرة فَاخْتَلَطَتْ بِتَمْرٍ فَأَكَلَهُ إلَّا بَعْضَ تَمْرَةٍ لَمْ يحنث أو ليأكلها فاختلطت أو ذي الرمانة لم يبر إلا بالجميع أَوْ لَا يَلْبَسُ ذَيْنَ لَمْ يَحْنَثْ بِأَحَدِهِمَا أولاذا ولاذا حنث به أو ليأكلن ذا غدا فتلف أو مات في غد بعد تمكنه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
" ورطبا ويابسا " كتمر وَزَبِيبٍ " وَلَيْمُونًا وَنَبْقًا " بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِهَا " وَبِطِّيخًا وَلُبَّ فُسْتُقٍ " بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِهَا " وَ " لُبَّ " غَيْرِهِ " كَلُبِّ بُنْدُقٍ " لَا قِثَّاءً " بِكَسْرِ الْقَافِ أَكْثَرَ مِنْ فَتْحِهَا وَبِمُثَلَّثَةٍ مَعَ الْمَدِّ " وَخِيَارًا وَبَاذِنْجَانًا " بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ " وَجَزَرًا " بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا فَلَيْسَتْ مِنْ الْفَاكِهَةِ وَكَذَا الْبَلَحُ وَالْحِصْرِمُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِي الْبَلَحِ فِي غَيْرِ الَّذِي حَلَا أَمَّا مَا حَلَا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ مِنْ الْفَاكِهَةِ " وَلَا يَتَنَاوَلُ الثَّمَرُ " بِمُثَلَّثَةٍ " يَابِسًا وَلَا الْبِطِّيخُ وَالتَّمْرُ " بِمُثَنَّاةٍ " وَالْجَوْزُ هِنْدِيًّا " وَالْهِنْدِيُّ مِنْ الْبِطِّيخِ الْأَخْضَرُ وَاسْتُشْكِلَ " وَلَا الرُّطَبُ تَمْرًا وَبُسْرًا " وَبَلَحًا " وَلَا الْعِنَبُ زَبِيبًا " وَحِصْرِمًا " وَعُكُوسُهَا " لِاخْتِلَافِهَا اسْمًا وَصِفَةً فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ التَّمْرُ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رُطَبًا وَالْعَكْسُ وَكَذَا الْبَاقِي وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْعِنَبَ أَوْ الرُّمَّانَ لَمْ يَحْنَثْ بِشُرْبِ عَصِيرِهِ وَلَا بِدِبْسِهِ وَلَا بِامْتِصَاصِهِ وَرَمْيِ ثُفْلِهِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى أَكْلًا.
فَائِدَةٌ: أَوَّلُ التَّمْرِ طَلْعٌ ثُمَّ خَلَالٌ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ بَلَحٌ ثُمَّ بُسْرٌ ثُمَّ رُطَبٌ ثُمَّ تَمْرٌ " وَلَوْ قال " في حلقه مُشِيرًا لِبُرٍّ " لَا آكُلُ ذَا الْبُرَّ حَنِثَ به على هيئته وَلَوْ مَطْبُوخًا لَا عَلَى غَيْرِهَا " كَطَحِينِهِ وَسَوِيقِهِ وَعَجِينِهِ وَخُبْزِهِ لِزَوَالِ اسْمِهِ " أَوْ " قَالَ فِيهِ مشيرا له لا آكل " ذاف " يَحْنَثُ " بِالْجَمِيعِ " عَمَلًا بِالْإِشَارَةِ " أَوْ " قَالَ مُشِيرًا الرطب لَا آكُلُ " ذَا الرُّطَبَ فَأَكَلَهُ تَمْرًا أَوْ " لصبي أو عبد " لا أكلم هذا الصَّبِيَّ أَوْ ذَا الْعَبْد فَكَلَّمَهُ كَامِلًا " بِالْبُلُوغِ أَوْ الْحُرِّيَّةِ " لَمْ يَحْنَثْ " لِزَوَالِ الِاسْمِ وَذِكْرُ حُكْمِ الْعَبْدِ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِالْكَامِلِ فِي الصَّبِيِّ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالشَّيْخِ.
" أَوْ " قَالَ مُشِيرًا لِبَقَرَةٍ أَوْ شَجَرَةٍ " لَا آكُلُ مِنْ ذِي الْبَقَرَةِ أَوْ مِنْ ذِي الشَّجَرَةِ حَنِثَ بِمَا يُؤْكَلُ مِنْهُمَا " مِنْ لَحْمٍ وَغَيْرِهِ فِي الْأُولَى وَمِنْ ثَمَرٍ وَجُمَّارٍ فِي الثَّانِيَةِ " لَا بِوَلَدٍ وَلَبَنٍ " فِي الْأُولَى " وَنَحْوِ وَرَقٍ " كَطَرَفِ غُصْنٍ فِي الثَّانِيَةِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ وَتَعْبِيرِي بِمَا يُؤْكَلُ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِلَحْمٍ وَثَمَرٍ " أَوْ " قَالَ فِي حَلِفِهِ " لَا آكُلُ سَوِيقًا فَسَفَّهُ أَوْ تَنَاوَلَهُ بِآلَةٍ " هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ بِأُصْبُعٍ " أَوْ " لَا آكُلُ " مَائِعًا " أَوْ لَبَنًا " فَأَكَلَهُ بِخُبْزٍ حَنِثَ " لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ أَكْلًا " لَا إنْ شَرِبَهُ " أَيْ السَّوِيقَ فِي مَائِعٍ أَوْ الْمَائِعَ أَوْ اللَّبَنَ فَلَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لم يَأْكُلُهُ " أَوْ " قَالَ " لَا أَشْرَبُهُ " أَيْ السَّوِيقَ أَوْ الْمَائِعَ " فَبِالْعَكْسِ " أَيْ يَحْنَثُ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى فِيهِمَا " أَوْ " قَالَ " لَا آكُلُ سمنا فَأَكَلَهُ " وَلَوْ ذَائِبًا " بِخُبْزٍ أَوْ فِي عَصِيدَةٍ وَعَيْنُهُ ظَاهِرَةٌ حَنِثَ " لِأَنَّهُ مُتَمَيِّزٌ فِي الْحِسِّ وَقَدْ أَكَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَزِيَادَةً بِخِلَافِ مَا إذَا شَرِبَهُ ذَائِبًا كَمَا عُلِمَ وَمَا إذَا لَمْ تَظْهَرْ عَيْنُهُ لِاسْتِهْلَاكِهِ.
فَصْلٌ: فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ.
لَوْ " حَلَفَ لَا يَأْكُلُ ذِي التَّمْرَةَ فَاخْتَلَطَتْ بِتَمْرٍ فَأَكَلَهُ إلَّا بَعْضَ تَمْرَةٍ لَمْ يَحْنَثْ " لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا وَلَفْظُ بَعْضَ مِنْ زِيَادَتِي " أَوْ لَيَأْكُلَنَّهَا فَاخْتَلَطَتْ أَوْ " لَيَأْكُلَنَّ " ذِي الرُّمَّانَةَ لَمْ يَبَرَّ إلَّا بالجميع " لاحتمال أن يكون المتروك هُوَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ أَوْ بَعْضَهُ فِي الْأُولَى وَلِتَعَلُّقِ الْيَمِينِ بِالْجَمِيعِ فِي الثَّانِيَةِ " أَوْ لَا يَلْبَسُ ذَيْنَ لَمْ يَحْنَثْ بِأَحَدِهِمَا " لِأَنَّ الْحَلِفَ.

(2/248)


أو أتلفه قبله حنث أو ليقضين حقه عند رأس الهلال فليقص عند غروب آخر الشهر فإن خالف مع تمكنه حنث لا إن شرع في مقدمة القضاء حينئذ فتأخر أَوْ لَا يَتَكَلَّمُ لَمْ يَحْنَثْ بِمَا لَا يبطل الصلاة أو لا يكلمه فسلم عليه حنث لَا إنْ كَاتَبَهُ أَوْ رَاسَلَهُ أَوْ أَشَارَ إليه أو أفهمه بقراءة آية مراده ونواها أو لَا مَالَ لَهُ حَنِثَ بِكُلِّ مَالٍ وَإِنْ قل حتى بمدبره ودينه ولو مؤجلا لا بمكاتب أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ بَرَّ بِمَا يُسَمَّى ضَرْبًا وَلَوْ لطما ووكزا ولا يشترط إيلام إلا أن يصفه بنحو شديد أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ أَوْ خَشَبَةٍ فَضَرَبَهُ ضربة بمائة مشدودة أو في الثانية بعثكال عليه مائة غصن بر وإن شك في إصابة الكل أو مائة مرة لم يبر بهذا أو لا يفارقه حتى يستوفي حقه ففارقه ولو بوقوف أو بفلس أو أبرأه أو.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عَلَيْهِمَا " أَوْ لَا " يَلْبَسُ " ذَا وَلَا ذَا حَنِثَ بِهِ " أَيْ بِأَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ يَمِينَانِ " أَوْ لَيَأْكُلَنَّ ذَا " الطَّعَامَ " غَدًا فَتَلِفَ " بِنَفْسِهِ أَوْ بِإِتْلَافٍ " أَوْ مَاتَ " الْحَالِفُ فِي غَدٍ بَعْدَ " تمكنه " من أكله " أو أتلفه قبله " أي قبل تمكنه "
er y يَحْنَثُ كَالْمُكْرَهِ وَاعْتِبَارِي فِي الْإِتْلَافِ قَبْلِيَّةَ التَّمَكُّنِ أَعَمُّ مِنْ اعْتِبَارِهِ فِيهِ قَبْلِيَّةَ الْغَدِ " أَوْ لَيَقْضِيَنَّ حَقَّهُ عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ " أَوْ مَعَهُ أَوْ أَوَّلَ الشَّهْرِ " فَلْيَقْضِ عِنْدَ غُرُوبِ " شَمْسِ " آخِرِ الشَّهْرِ فَإِنْ خَالَفَ " بِأَنْ قَدَّمَ أَوْ أخر " مع تمكنه " من القضاء فيه " حَنِثَ " فَيَنْبَغِي أَنْ يُعِدَّ الْمَالَ وَيَرْصُدَ ذَلِكَ الْوَقْتَ فَيَقْضِيَهُ فِيهِ " لَا إنْ شَرَعَ فِي مُقَدِّمَةِ الْقَضَاءِ " كَوَزْنٍ وَكَيْلٍ وَعَدٍّ وَحَمْلِ مِيزَانٍ " حِينَئِذٍ فَتَأَخَّرَ " الْقَضَاءُ لِكَثْرَتِهَا فَلَا يَحْنَثُ لِلْعُذْرِ وَتَعْبِيرِي بِمُقَدِّمَةِ الْقَضَاءِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْكَيْلِ.
" أَوْ لَا يَتَكَلَّمُ لَمْ يَحْنَثْ بِمَا لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ " كَذِكْرٍ وَدُعَاءٍ غَيْرِ مُحَرَّمٍ لَا خِطَابَ فِيهِمَا وَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَشَيْءٍ مِنْ التَّوْرَاةِ غَيْرِ مُحَرَّمٍ أَوْ الْإِنْجِيلِ لِأَنَّ اسْمَ الْكَلَامِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَى كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ فِي مُحَاوَرَاتِهِمْ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالتَّسْبِيحِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ " أَوْ لَا يُكَلِّمُهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ " وَلَوْ مِنْ صَلَاةٍ " حَنِثَ " لِأَنَّ السَّلَامَ عَلَيْهِ نَوْعٌ مِنْ الْكَلَامِ " لَا إنْ كَاتَبَهُ أَوْ رَاسَلَهُ أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ " بِيَدٍ أَوْ غيرها " أَوْ أَفْهَمَهُ بِقِرَاءَةِ آيَةٍ مُرَادَهُ وَنَوَاهَا " فَلَا يَحْنَثُ بِهِ اقْتِصَارًا بِالْكَلَامِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَقَالَ تعالى: {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً، فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ} 1 فَإِنْ لَمْ يَنْوِ فِي الْأَخِيرَةِ قِرَاءَةً حَنِثَ لِأَنَّهُ كَلَّمَهُ وَدَخَلَ فِي الْإِشَارَةِ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ فَلَا يَحْنَثُ بِهَا وَإِنَّمَا نَزَلَتْ إشَارَتُهُ مَنْزِلَةَ النُّطْقِ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ لِلضَّرُورَةِ " أَوْ " حَلَفَ " لَا مَالَ لَهُ حَنِثَ بِكُلِّ مَالٍ وَإِنْ قَلَّ حَتَّى بِمُدَبَّرِهِ " وَمُسْتَوْلَدَتِهِ " وَدَيْنِهِ وَلَوْ مُؤَجَّلًا " لصدق إسمه على ذلك " لا بمكاتب " لأن كَالْخَارِجِ عَنْ مِلْكِهِ وَلَا بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ لِلسَّيِّدِ لِتَعْلِيلِهِمْ بِأَنَّ الدَّيْنَ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَلَا زَكَاةَ فِي هَذَا الدَّيْنِ لِسُقُوطِهِ بِالتَّعْجِيزِ وَلَا بِمِلْكِ مَنْفَعَةٍ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ إطْلَاقِ الْمَالِ الْأَعْيَانُ.
" أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ بَرَّ بِمَا يُسَمَّى ضَرْبًا وَلَوْ لَطْمًا " أَيْ ضَرْبًا لِلْوَجْهِ بِبَاطِنِ الرَّاحَةِ " وَوَكْزًا " أَيْ دَفْعًا وَيُقَالُ ضَرْبًا بِالْيَدِ مطبقها لأن كلا منهما ضرب خلاف مَا لَا يُسَمَّى ضَرْبًا كَعَضٍّ وَخَنِقٍ بِكَسْرِ النُّونِ وَقَرْصٍ وَوَضْعِ سَوْطٍ عَلَيْهِ وَنَتْفِ شَعْرٍ " وَلَا يُشْتَرَطُ " فِيهِ " إيلَامٌ " لِأَنَّهُ يُقَالُ ضَرَبَهُ فَلَمْ يُؤْلِمْهُ وَيُخَالِفُ الْحَدَّ وَالتَّعْزِيرَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا الزَّجْرُ " إلَّا أَنْ يَصِفَهُ " أَيْ الضَّرْبَ " بنحو شديد " كَمُبَرِّحٍ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِيلَامُ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي " أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ أَوْ خَشَبَةٍ فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً بِمِائَةٍ مَشْدُودَةٍ " مِنْ السِّيَاطِ فِي الْأُولَى وَمِنْ الْخَشَبِ فِي الثَّانِيَةِ " أَوْ " ضَرَبَهُ ضَرْبَةً " في الثانية بعثكال عليه مائة غصن بر وإن شك في إصابة الكلل " عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَهُوَ إصَابَةُ الْكُلِّ وَخَالَفَ نَظِيرَهُ فِي حَدِّ الزِّنَا لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهِ الْإِيلَامُ بِالْكُلِّ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ وَهُنَا الِاسْمُ وَقَدْ وُجِدَ وَفِيمَا لَوْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا الْيَوْمَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ فَلَمْ يَفْعَلْهُ وَمَاتَ زَيْدٌ وَلَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَتُهُ حَيْثُ يَحْنَثُ لِأَنَّ الضَّرْبَ سَبَبٌ ظَاهِرٌ فِي الِانْكِبَاسِ وَالْمَشِيئَةُ لَا أَمَارَةَ عَلَيْهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَالشَّكُّ هُنَا مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ وَهُوَ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ فَلَوْ تَرَجَّحَ عَدَمُ إصَابَةِ الْكُلِّ فَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ كَمَا فِي الْمُهِّمَّاتِ عَدَمُ الْبِرِّ وَتَقْيِيدِي الْعِثْكَالَ بِالثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِي فَخَرَجَ الْأُولَى فَلَا يَبَرُّ بِهِ فِيهَا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسِيَاطٍ وَلَا مِنْ جِنْسِهَا وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ مِنْ أَنَّهُ يَبَرُّ بِهِ فِيهَا ضَعِيفٌ وَإِنْ زَعَمَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ الصَّوَابُ " أَوْ " لَيَضْرِبَنَّهُ " مِائَةَ مَرَّةٍ لَمْ يَبَرَّ بِهَذَا " الْمَذْكُورِ مِنْ الْمِائَةِ الْمَشْدُودَةِ وَمِنْ الْعِثْكَالِ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْرِبْهُ إلَّا مَرَّةً.
" أَوْ لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ " حَقَّهُ مِنْهُ " فَفَارَقَهُ " مُخْتَارًا ذَاكِرًا لِلْيَمِينِ " وَلَوْ بوقوف " بأن كانا ماشيين ووقف أحدهما.
__________
1 سورة مريم الآية: 26.

(2/249)


أحال أو احتال حنث لا إن فارقه غريمه وإن استوفى وفارقه ووجده غير جنس حقه وجهله أو رديئا لم يحنث أَوْ لَا أَرَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعْته إلَى الْقَاضِي فَرَآهُ بَرَّ بِالرَّفْعِ إلَى قَاضِي الْبَلَدِ فإن مات وتمكن فلم يرفعه حنث أو إلى قاض بر بكل قاض أَوْ إلَى الْقَاضِي فُلَانٍ بَرَّ بِالرَّفْعِ إلَيْهِ ولو معزولا فإن نوى ما دام قاضيا وتمكن فلم يرفعه حتى عزل حنث.
فصل:
حلف لا يفعل كذا وَأَطْلَقَ حَنِثَ بِفِعْلِهِ لَا بِفِعْلِ وَكِيلِهِ لَهُ لا فيما لو حلف لا ينكح فَيَحْنَثُ بِقَبُولِ وَكِيلِهِ لَهُ لَا بِقَبُولِهِ هُوَ لغيره ولا يحنث بفاسد إلا بنسك أو لا يهب حنث بتمليك تطوع في حياة أو لا يتصدق لم يحنث بهبة أَوْ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا أَوْ مِنْ طَعَامٍ اشتراه زيد حنث بما اشتراه وحده ولو سلما لا إن اختلط بغيره ولم يظن أكله منه أَوْ لَا يَدْخُلُ دَارًا اشْتَرَاهَا زَيْدٌ لَمْ يحنث بدار أخذها بلا شراء كشفعة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حَتَّى ذَهَبَ الْآخَرُ " أَوْ بِفَلَسٍ " بِأَنْ فَارَقَهُ بسبب ظهور فلسه إلى أن يوسر " أَوْ أَبْرَأَهُ " مِنْ الْحَقِّ " أَوْ أَحَالَ " بِهِ عَلَى غَرِيمِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي " أَوْ احْتَالَ " بِهِ عَلَى غَرِيمِ غَرِيمِهِ " حَنِثَ " فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ لِوُجُودِ الْمُفَارَقَةِ فِي الْأُولَى بِأَنْوَاعِهَا وَلِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَلِعَدَمِ الِاسْتِيفَاءِ الْحَقِيقِيِّ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ نَعَمْ إنْ فَارَقَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْفَلَسِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ لَمْ يَحْنَثْ كَالْمُكْرَهِ " لَا إنْ فَارَقَهُ غَرِيمُهُ " وَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَوْ تَمَكَّنَ مِنْ اتِّبَاعِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ فَلَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ " وَإِنْ اسْتَوْفَى " حَقَّهُ " وَفَارَقَهُ وَوَجَدَهُ غَيْرَ جِنْسِ حَقِّهِ " كمغشوش أو نحاس " وجهله أو " وجده " رديئا لَمْ يَحْنَثْ " لِعُذْرِهِ فِي الْأُولَى وَلِأَنَّ الرَّدَاءَةَ لَا تَمْنَعُ الِاسْتِيفَاءَ فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ غَيْرَ جِنْسِ حَقِّهِ وَعَلِمَ بِهِ " أَوْ " حَلَفَ " لَا أَرَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعْته إلَى الْقَاضِي فَرَآهُ بَرَّ بِالرَّفْعِ إلَى قَاضِي الْبَلَدِ " فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لَا إلَى غَيْرِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَى التَّعْرِيفِ بِأَلْ حَتَّى لَوْ انْعَزَلَ وَتَوَلَّى غَيْرُهُ بَرَّ بِالرَّفْعِ إلَى الثَّانِي.
" فَإِنْ مَاتَ وَتَمَكَّنَ " مِنْ رَفْعِهِ إلَيْهِ " فَلَمْ يَرْفَعْهُ حَنِثَ " لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ " أَوْ " لَا أَرَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعْته " إلَى قَاضٍ بَرَّ بِكُلِّ قَاضٍ " فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَغَيْرِهِ " أَوْ إلى القاضي فلان بر بالرفع إليه وَلَوْ مَعْزُولًا " لِتَعَلُّقِ الْيَمِينِ بِعَيْنِهِ " فَإِنْ نَوَى مَا دَامَ قَاضِيًا وَتَمَكَّنَ " مِنْ رَفْعِهِ " فَلَمْ يَرْفَعْهُ حَتَّى عُزِلَ حَنِثَ " لِمَا مَرَّ فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ فَلَا يَحْنَثُ لِعُذْرِهِ وَإِنْ نَوَى وَهُوَ قَاضٍ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ لَمْ يَبَرَّ بِرَفْعِهِ إلَيْهِ بَعْدَ عَزْلِهِ وَلَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ رُبَّمَا وَلِيَ ثَانِيًا وَالرَّفْعُ عَلَى التَّرَاخِي وَيَحْصُلُ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي بِأَنْ يُخْبِرَهُ بِهِ أَوْ يكتب إليه أو يرسل رَسُولًا يُخْبِرُهُ بِهِ.
فَصْلٌ: فِي الْحَلِفِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا.
لَوْ " حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا " كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَعِتْقٍ " وَأَطْلَقَ حَنِثَ بِفِعْلِهِ لَا بِفِعْلِ وَكِيلِهِ لَهُ " لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ " إلَّا فِيمَا لَوْ حَلَفَ لا ينكح فيحنث بقبول وكيله لَا بِقَبُولِهِ هُوَ لِغَيْرِهِ " لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ سَفِيرٌ مَحْضٌ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ تَسْمِيَةِ الْمُوَكِّلِ وَخَرَجَ بِقَوْلِي وَأَطْلَقَ مَا لَوْ أَرَادَ فِي الْأُولَى أَنْ لَا يَفْعَلَهُ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ وَفِي الثَّانِيَةِ أَنْ لَا يَنْكِحَ لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ فَيَحْنَثُ عَمَلًا بِنِيَّتِهِ وَقَوْلِي وَأَطْلَقَ مِنْ زِيَادَتِي فِيهَا " وَلَا يَحْنَثُ بِفَاسِدٍ " مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ غَالِبًا فِي الْحَلِفِ مُنَزَّلٌ عَلَى الصَّحِيحِ " إلَّا بِنُسُكٍ " فَيَحْنَثُ بِهِ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا لِأَنَّهُ مُنْعَقِدٌ يَجِبُ الْمُضِيُّ فِيهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا قَالَهُ " أَوْ لَا يَهَبُ حَنِثَ بِتَمْلِيكٍ " مِنْهُ " تَطَوُّعٍ فِي حَيَاةٍ " كَهَدِيَّةٍ وَعُمْرَى وَرُقْبَى وَصَدَقَةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا هِبَةٌ فَلَا يَحْنَثُ بِإِعَارَةٍ وَضِيَافَةٍ وَوَقْفٍ وَبِهِبَةٍ بِلَا قَبْضٍ وَزَكَاةٍ وَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ وَهِبَةٍ ذَاتِ ثَوَابٍ وَوَصِيَّةٍ إذْ لَا تَمْلِيكَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ وَلَا تَمْلِيكَ تَامٌّ فِي الرَّابِعَةِ ولا تطوع في الأربعة بعدها أو لا تَمْلِيكَ فِي الْحَيَاةِ فِي الْأَخِيرَةِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.
" أَوْ لَا يَتَصَدَّقُ لَمْ يَحْنَثْ بِهِبَةٍ " وَلَا هَدِيَّةٍ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا صَدَقَةً كَمَا مَرَّ وَلِهَذَا حَلَّتَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ الصَّدَقَةِ وَيَحْنَثُ بالصدقة الواجبة والمندوبة وبما تقرر علم أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْهِبَةِ فِي هَذِهِ مَا يُقَابِلُ الصَّدَقَةَ وَالْهَدِيَّةَ وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا الْهِبَةُ الْمُطْلَقَةُ " أَوْ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا أَوْ مِنْ طَعَامٍ اشْتَرَاهُ زَيْدٌ حَنِثَ بِمَا اشْتَرَاهُ " زَيْدٌ " وَحْدَهُ وَلَوْ سَلَمًا " أَوْ تَوْلِيَةً أَوْ مُرَابَحَةً لِأَنَّهَا.

(2/250)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أنواع من الشراء " لا إن اختلط " ما اشتراه وحده " بغير وَلَمْ يَظُنَّ أَكْلَهُ مِنْهُ " بِأَنْ يَأْكُلَ قَلِيلًا كَعَشْرِ حَبَّاتٍ وَعِشْرِينَ حَبَّةً لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يكون من غير المشتري بِخِلَافِ مَا إذَا أَكَلَ كَثِيرًا كَكَفٍّ وَخَرَجَ بِمَا اشْتَرَاهُ وَحْدَهُ مَا لَوْ اشْتَرَاهُ وَكِيلُهُ أَوْ شَرِكَةً أَوْ مَلَكَهُ بِقِسْمَةٍ فَلَا يَحْنَثُ وَوَجْهُهُ فِيمَا إذَا اشْتَرَاهُ شَرِكَةً أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ مُشْتَرَكٌ وَتَعْبِيرِي بِالظَّنِّ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْيَقِينِ " أَوْ لَا يَدْخُلُ دَارًا اشْتَرَاهَا زَيْدٌ لَمْ يَحْنَثْ بِدَارٍ أَخَذَهَا بِلَا شِرَاءٍ كَشُفْعَةٍ " كَأَنْ أَخَذَهَا بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ بَعْدَ حُكْمِ الْحَنَفِيِّ لَهُ بِهَا أَوْ أَخَذَ بَعْضَهَا بِشُفْعَةٍ وَبَاقِيَهَا بِشِرَاءٍ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى شِرَاءً عُرْفًا وَقَوْلِي بِلَا إلَى آخِرِهِ أَعَمُّ مِنْ قوله بشفعة.

(2/251)