مختصر المزني في فروع الشافعية ط العلمية

ص -82-        كتاب الصيام
باب النية في الصوم.

قال الشافعي: ولا يجوز لأحد صيام فرض من شهر رمضان ولا نذر ولا كفارة إلا أن ينوي الصيام قبل الفجر فأما في التطوع فلا بأس إن أصبح ولم يطعم شيئا أن ينوي الصوم قبل الزوال واحتج في ذلك ب "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدخل على أزواجه فيقول: هل من غداء؟ فإن قالوا: لا قال:
"إني صائم"1 ولا يجب عليه صوم رمضان حتى يستيقن أن الهلال قد كان أويستكمل شعبان ثلاثين فيعلم أن الحادي والثلاثين من رمضان لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تصوموا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يوما"2 وكان ابن عمر يتقدم الصيام بيوم3 وإن شهد شاهدان أن الهلال رئي قبل الزوال أو بعده فهو لليلة المستقبلة ووجب الصيام ولو شهد على رؤيته واحد رأيت أن أقبله للأثر فيه والاحتياط ورواه عن علي رضي الله عنه وقال علي عليه السلام: "أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان"4 قال: والقياس أن لا يقبل على مغيب إلا شاهدان قال: وعليه كل ليلة نية الصيام للغد ومن أصبح جنبا من جماع أو احتلام اغتسل وأتم صومه لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنبا من جماع ثم يصوم5 قال: وإن كان يرى الفجر لم يجب وقد وجب أو يرى أن الليل قد وجب ولم يجب أعاد طلع الفجر وفي فيه طعام لفظه فإن ازدرده أفسد صومه وإن كان مجامعا أخرجه مكانه فإن مكث شيئا أو تحرك إخراجه أفسد وقضى كفر وإن كان بين أسنانه ما يجري به الريق فلا قضاء عليه وإن تقيأ عامدا أفطر وإن ذرعه القيء لم يفطر واحتج في القيء بابن عمر رضي الله عنهما6 قال المزني: وقد رويناه عن النبي صلى الله عليه وسلم7 قال المزني: أقرب ما يحضرني للشافعي فيما يجري به الريق أنه لا يفطر ما غلب الناس من الغبار في الطريق وفي الدقيق وهدم الرجل الدار وما يتطاير من ذلك في العيون والأنوف والأفواه وما كان من ذلك يصل إلى الحلق يفتحه فيدخل فيه فيشبه ما قال الشافعي: من قلة ما يجري به.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ج 4/203.
2 انظر الأم 2/124.
3 انظر الأم 2/124.
4 انظر الأم 2/130, 131.
5 انظر الأم 2/126.
6 انظر الأم 2/131.
7 انظر الأم 2/130. 136.

 

ص -83-        الريق قال: وحدثني إبراهيم قال: سمعت الربيع أخبر عن الشافعي قال: الذي أحب أن يفطر يوم الشك أن لا يكون صوما كان يصومه ويحتمل مذهب ابن عمر1 أن يكون متطوعا قبله ويحتمل خلافه قال: وإن أصبح لا يرى أن يومه من رمضان ولم يطعم ثم استبان ذلك فعليه صيامه وإعادته ولو نوى أن يصوم غدا فإن كان أول الشهر فهو فرض وإلا فهو تطوع فإن بان له أنه من رمضان لم يجزئه لأنه لم يصمه على أنه فرض وإنما صامه على الشك ولوعقد رجل على أن غدا عنده من رمضان في شك ثم بان له أنه من رمضان أجزأه وإن أكل شاكا في الفجر فلا شيء عليه وإن وطىء امرأته وأولج عامدا فعليهما القضاء والكفارة واحدة عنه وعنها وإن كان ناسيا فلا قضاء عليه للخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكل الناسي قال: والكفارة عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن أفطر فيهما ابتدأهما فإن لم يستطع فإطعام ستين مدا لكل مسكين بمد النبي صلى الله عليه وسلم واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبره الواطىء أنه لا يجد رقبة ولا يستطيع صيام شهرين متتابعين ولا يجد إطعام ستين مسكينا أتي بعرق فيه تمر2 قال سفيان: والعرق المكتل فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اذهب فتصدق به" قال الشافعي: والمكتل خمسة عشر صاعا وهو ستون مدا قال الشافعي: وإن دخل في الصوم ثم وجد رقبة فله أن يتم صومه وإن أكل عامدا في صوم رمضان فعليه القضاء والعقوبة ولا كفارة إلا بالجماع في شهر رمضان قال: وإن تلذذ بامرأته حتى ينزل فقد أفطر ولا كفارة وإن أدخل في دبرها حتى يغيبه أو في بهيمة أو تلوط ذاكرا للصوم فعليه القضاء والكفارة: والحامل والمرضع إذا خافتا على ولدهما أفطرتا وعليهما القضاء وتصدقت كل واحدة منهما عن كل يوم على مسكين بمد من حنطة قال المزني: كيف يكفر من أبيح له الأكل والإفطار ولا يكفر من لم يبح له الأكل فأكل وأفطر؟ وفي القياس أن الحامل كالمريض وكالمسافر وكل يباح له الفطر فهو في القياس سواء واحتج بالخبر: "من استقاء عامدا فعليه القضاء ولا كفارة"3 قال المزني: ولم يجعل عليه أحد من العلماء علمته فيه كفارة وقد أفطر عامدا وكذا قالوا في الحصاة يبتلعها الصائم قال: ومن حركت القبلة شهوته كرهتها له وإن فعل لم ينتقض صومه وتركه أفضل قال إبراهيم: سمعت الربي يقول فيه قولا آخر: إنه يفطر إلا أن يغلبه فيكون في معنى المكره يبقى ما بين أسنانه وفي فيه من الطعام فيجري به الريق وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقبل وهو صائم قالت عائشة: "وكان أملككم لإربه بأبي هو وأمي"4 قال: وروي عن ابن عمر وابن عباس أنهما كانا يكرهانها للشباب ولا يكرهانها للشيخ5 قال: وإن وطىء دون الفرج فأنزل أفطر ولم يكفر وإن تلذذ بالنظر فأنزل لم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الأثر عن ابن عمر أخرجه البيهقي 4/290.
2 انظر الأم 2/133, 134.
3 انظر الأم 2/136.
4 انظر الأم 2/133.
5 انظر الأم 2/132, 133.

 

ص -84-        يفطر وإذا أغمي على رجل فمضى له يوم أو يومان من شهر رمضان ولم يكن أكل ولا شرب فعليه القضاء فإن أفاق في بعض النهار فهو في يومه ذلك صائم وكذلك إن أصبح راقدا ثم استيقظ قال المزني: إذا نوى من الليل ثم أغمي عليه فهو عندي صائم أفاق أو لم يفق واليوم الثاني ليس بصائم لأنه لم ينوه في الليل وإذا لم ينو في الليل فأصبح مفيقا فليس بصائم قال الشافعي: وإذا حاضت المرأة فلا صوم عليها فإذا طهرت قضت الصوم ولم يكن عليها أن تعيد من الصلاة إلا ما كان في وقتها الذي هو وقت العذر والضرورة كما وصفت في باب الصلاة قال: وأحب تعجيل الفطر وتأخير السحور اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم1 وإذا سافر الرجل بالمرأة سفرا يكون ستة وأربعين ميلا بالهاشمي كان لهما أن يفطرا في شهر رمضان ويأتي أهله فإن صاما في سفرهما أجزأهما وليس لآحد أن يصوم في شهر رمضان2 دينا ولا قضاء لغيره فإن فعل لم يجزه لرمضان ولا لغيره "صام رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر وأفطر وقال لحمزة رضي الله عنه: "إن شئت فصم وإن شئت فأفطر"3 قال: وإن قدم رجل من سفر نهارا مفطرا كان له أن يأكل حيث لا يراه أحد وإن كانت امرأته حائضا فطهرت كان له أن يجامعها ولوترك ذلك كان أحب إلي ولو أن مقيما نوى الصوم قبل الفجر ثم خرج بعد الفجر مسافرا لم يفطر يومه لأنه دخل فيه مقيما قال المزني: "روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صام في مخرجه إلى مكة رمضان حتى بلغ كراع الغميم وصام الناس معه ثم أفطر وأمر من صام معه بالإفطار"4 ولو كان لا يجوز فطره ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم قال: ومن رأى الهلال وحده وجب عليه الصيام فإن رأى هلال شوال حل له أن يأكل حيث لا يراه أحد ولا يعرض نفسه للتهمة بترك فرض الله والعقوبة من السلطان قال: ولا أقبل على رؤية الفطر إلا عدلين قال المزني: هذا بعض5 لأحد قوليه أن لا يقبل في الصوم إلا عدلين قال: حدثنا إبراهيم قال حدثنا الربيع قال الشافعي: لا يجوز أن يصام بشهادة رجل واحد ولا يجوز أن يصام إلا بشاهدين ولأنه الاحتياط قال6: وإن صحا قبل الزوال أفطر وصلى بهم الإمام صلاة العيد وإن كان بعد الزوال فلا صلاة في يومه وأحب إلي أن يصلي العيد من الغد لما ذكر فيه وإن لم يكن ثابتا قال المزني: وله قول آخر أنه لا يصلي من الغد وهو عندي أقيس لأنه لو جاز.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 حديث ابن عمر ورد في البيهقي 4/237, 238.
2 قوله دينا كذا في النسخ ولعله محرف من الناسخ عن نذرا أو نحوه فحرر كتبه مصححه
3 الحديث أخرجه البيهقي 4/243.
4 انظر الأم 2/5.
5 قوله بعض لأحد قوله كذا في الأصل وفي نسخة يقض وليحرر اللفظ كتبه مصححه.
6 قوله وإن صحا الخ كذا في الأصل وعبارة الأم وإن غما أي هلال رمضان وشوال فجاءتهم البينة أنهم صاموا يوم الفطر أفطروا أي ساعة جاءتهم البينة فإن جاءتهم البينة قبل الزوال صلوا صلاة العيد الخ اهـ وبها يعلم ما هنا كتبه مصححه.

 

ص -85-        أن يقضي جاز في يومه وإذا لم يجز القضاء في أقرب الوقت كان فيما بعده أبعد ولو كان ضحى غد مثل ضحى اليوم لزم في ضحى يوم بعد شهر لأنه مثل ضحى اليوم قال: ومن كان عليه الصوم من شهر رمضان لمرض أو سفر فلم يقضه وهو يقدر عليه حتى دخل عليه شهر رمضان آخر كان عليه أن يصوم الشهر ثم يقضي من بعده الذي عليه ويكفر لكل يوم مدا لمسكين بمد النبي صلى الله عليه وسلم فإن مات أطعم عنه وإن لم يمكنه القضاء حتى مات فلا كفارة عليه قال: ومن قضى متفرقا أجزأه ومتتابعا أحب إلي ولا يصام يوم الفطر ولا يوم النحر ولا أيام منى فرضا أو نفلا قال: وإن بلع حصاة أو ما ليس بطعام أو احتقن أو داوى جرحه حتى يصل إلى جوفه أو استعط حتى يصل إلى جوف رأسه فقد أفطر إذ كان ذاكرا ولا شيء عليه إذا كان ناسيا وإذا استنشق رفق فإن استيقن أنه قد وصل إلى الرأس أو الجوف في المضمضة وهو عامد ذاكر لصومه أفطر وقال: في كتاب ابن أبي ليلى لا يلزمه حتى يحدث ازدرادا فأما إن كار أراد المضمضة فسبقه لإدخال النفس وإخراجه فلا يعيد وهذا خطأ في معنى النسيان أو أخف منه قال المزني: إذ كان الآكل لا يشك في الليل فيوافي الفجر مفطرا بإجماع وهو بالناسي أشبه لأن كليهما لا يعلم أنه صائم والسابق إلى جوفه الماء يعلم أنه صائم فإذا أفطر في الأشبه بالناسي كان الأبعد عندي أولى بالفطر قال الشافعي: وإن اشتبهت الشهور على أسير فتحرى شهر رمضان فوافقه أو ما بعده أجزأه وللصائم أن يكتحل وينزل الحوض فيغطس فيه ويحتجم كان ابن عمر يحتجم صائما قال: ومما سمعت من الربيع1 قال الشافعي: ولا أعلم في الحجامة شيئا يثبت ولو ثبت الحديثان حديث: "أفطر الحاجم" وحديث آخر "أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهم صائم"2 فإن حديث ابن عباس احتجم وهو صائم ناسخ للأول3 وأن فيه بيان وأنه زمن الفتح وحجامة النبي صلى الله عليه وسلم بعده وأكره العلك لأنه يحلب الريق قال: وصوم شهر رمضان واجب على كل بالغ من رجل وامرأة وعبد ومن احتلم من الغلمان أو أسلم من الكفار بعد أيام من شهر رمضان فإنهما يستقبلان الصوم ولا قضاء عليهما في ما مضى وأحب للصائم أن ينزه صيامه عن اللغط القبيح والمشاتمة وإن شوتم أن يقول: إني صائم للخبر في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال4: والشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصوم ويقدر على الكفارة يتصدق عن كل يوم بمد من حنطة5 وروي عن ابن عباس في قوله جل وعز:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر الأم 2/128.
2 انظر الأم 2/146.
3 وأن فيه بيان وأنه زمن الفتح كذا في الأصل وأظن العبارة محرفة فحررها كتبه مصححه.
4 انظر الأم 2/138.
5 قوله: وروى عن ابن عباس في قوله جل وعز:
{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} عبارة الكشاف بعد فسر الآية على القراءة المشهورة وقرأ ابن عباس يطيقونه تفعيل من الطوق أي يكلفونه أو يقلدونه ويقال لهم...............=

 

ص -86-        {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}1 قال: المرأة الهم والشيخ الكبير الهم يفطران ويطعمان لكل يوم مسكينا2 قال الشافعي: وغيره من المفسرين يقرؤونها يطيقونه3 وكذلك نقرؤها ونزعم أنها نزلت حين نزل فرض الصوم ثم نسخ ذلك قال: وآخر الآية يدل على هذا المعنى لأن الله عز وجل قال: {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً}4 فزاد على مسكين {فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} ثم قال: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ}5 قال فلا يأمر بالصيام من لا يطيقه ثم بين فقال: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}6 وإلى هذا نذهب وهو أشبه بظاهر القرآن قال المزني: هذا بين في التنزيل مستغني فيه عن التأويل قال الشافعي: ولا أكره في الصوم السواك بالعود الرطب وغيره وأكرهه بالعشي لما أحب من خلوف فم الصائم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= صوموا وعنه يتطوقونه بمعنى يتكلفونه ويطوقون بإدغام التاء في الطاء ويطيقونه بمعنى يتطوقونه وأصلهما يطيقونه ويتطوقونه على أنهما من فعيل وتفعيل من الطوق اهـ ملخصا وبهذا يعلم ما هنا كتبه مصححه.
1 سورة البقرة: 184.
2 الأثر عن ابن عباس أخرجه البيهقي 4/230.
3 سورة البقرة: 184.
4 سورة البقرة: 184.
5 سورة البقرة: 185.
6 سورة البقرة: 184.

باب صوم التطوع.
قال الشافعي: رحمه الله تعالى: أخبرنا سفيان عن طلحة بن يحيى بن طلحة عن عمته "عائشة بنت طلحة أنها قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: خبأنا لك حيسا فقال:
"أما إني كنت أريد الصوم ولكن قربيه"7 قال: وقد صام رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفره حتى بلغ كراع الغميم ثم أفطر وركع عمرركعة ثم انصرف فقيل له في ذلك فقال: إنما هو تطوع فمن شاء زاد ومن شاء نقص ومما يثبت عن علي رضي الله عنه مثل ذلك وعن ابن عباس رحمه الله وجابر أنهما كانا لا يريان بالإفطار في صوم التطوع بأسا8 وقال ابن عباس في رجل صلى ركعة ولم يصل معها: له أجر ما احتسب قال الشافعي: رحمه الله تعالى: فمن دخل في صوم أو صلاة فأحب أن يستتم وإن خرج قبل التمام لم يعد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
7 انظر الأم 2/141.
8 الأثار أخرجه البيهقي 4/277.

باب النهي عن الوصال في الصوم.
قال الشافعي: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال فقيل: يا رسول الله إنك تواصل قال:
"إني لست مثلكم إني أطعم وأسقى"9 قال الشافعي: وفرق الله بين رسوله صلى الله عليه وسلم وبين الناس في أمور أباحها له حظرها عليهم وفي أمور كتبها عليه خففها عنهم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
9 حديث ابن عمر أخرجه البيهقي 4/282.

 

ص -87-        باب النهي عن صيام يومي الفطر والأضحى وأيام التشريق.
قال الشافعي: وأنهى عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى وأيام التشريق لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنها2 ولو صامها متمتع لا يجد هديا لم يجز عنه عندنا قال المزني: قد كان قال يجزيه ثم رجع عنه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 الحديث أخرجه البيهقي 4/297, 298.

باب فضل الصدقة في رمضان وطلب القراءة.
قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس "عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في شهر رمضان وكان جبريل عليه السلام يلقاه في كل ليلة في رمضان فيعرض عليه القرآن فإذا لقيه كان أجود بالخير من الريح المرسلة"3 قال الشافعي: وأحب للرجل الزيادة بالجود في شهر رمضان اقتداء به ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم ولتشاغل كثير منهم بالصوم والصلاة عن مكاسبهم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
3 انظر الأم 2/305.

باب النهي عن صيام يومي الفطر والأضحى وأيام التشريق.
قال الشافعي: وأنهى عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى وأيام التشريق لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنها2 ولو صامها متمتع لا يجد هديا لم يجز عنه عندنا قال المزني: قد كان قال يجزيه ثم رجع عنه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 الحديث أخرجه البيهقي 4/297, 298.

باب فضل الصدقة في رمضان وطلب القراءة.
قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس "عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في شهر رمضان وكان جبريل عليه السلام يلقاه في كل ليلة في رمضان فيعرض عليه القرآن فإذا لقيه كان أجود بالخير من الريح المرسلة"3 قال الشافعي: وأحب للرجل الزيادة بالجود في شهر رمضان اقتداء به ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم ولتشاغل كثير منهم بالصوم والصلاة عن مكاسبهم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
3 انظر الأم 2/305.

باب الاعتكاف.
قال الشافعي: أخبرنا مالك عن أبي الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحرث التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن "عن أبي سعيد الخدري أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأوسط من شهر رمضان فلما كانت ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها من اعتكافه قال:
"من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر" قال: "وأريت هذه الليلة ثم أنسيتها" قال: "ورأيتني أسجد في صبيحتها في ماء وطين فالتمسوها في العشر الأواخر والتمسوها في كل وتر" فمطرت السماء من تلك الليلة وكان المسجد على عريش فوكف المسجد قال أبو سعيد: فأبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف علينا وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين في صبيحة إحدى وعشرين"4 قال الشافعي: وحديث النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أنها في العشر الأواخر والذي يشبه أن يكون فيه ليلة إحدى أو ثلاث.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
4 انظر الأم 2/315.

 

ص -88-        وعشرين ولا أحب ترك طلبها فيها كلها وروي حديث "عائشة أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان وقالت عائشة: فغسلته وأنا حائض"1 قال الشافعي: فلا بأس أن يدخل المعتكف رأسه في البيت ليغسل ويرجل والأعتكاف سنة حسنة ويجوز بغير صوم وفي يوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق قال المزني: لو كان الاعتكاف يوجب الصوم وإنما هو تطوع لم يجز صوم شهر رمضان بغير تطوع وفي اعتكافه صلى الله عليه وسلم في رمضان دليل على أنه لم يصم للاعتكاف فتفهموا رحمكم الله ودليل آخر لو كان الاعتكاف لا يجوز إلا مقارنا للصوم لخرج منه الصائم بالليل لخروجه فيه من الصوم فلما لم يخرج منه من الاعتكاف بالليل وخرج فيه من الصوم ثبت منفردا بغير الصوم وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر أن يعتكف ليلة كانت عليه نذرصا في الجاهلية ولا صيام فيها2 قال الشافعي: ومن أراد أن يعتكف العشر الأواخر دخل فيه قبل الغروب فإذا هل شوال فقد أتم العشر ولا بأس أن يشترط في الاعتكاف الذي أوجبه بأن يقول إن عرض لي عارض خرجت ولا بأس أن يعتكف ولا ينوي أياما متى شاء خرج واعتكافه في المسجد الجامع أحب إلي فإن اعتكف في غيره فمن الجمعة إلى الجمعة قال: ويخرج للغائط والبول إلى منزله وإن بعد ولا بأس أن يسأل عن المريض إذا دخل منزله وإن أكل فيه فلا شيء عليه ولا يقيم بعد فراغه ولا بأس أن يشتري ويبيع ويخيط ويجالس العلماء ويحدث بما أحب ما لم يكن مأثما ولا يفسده سباب ولا جدال ولا يعود المرضى ولا يشهد الجنازة إذا كان اعتكافه واجبا قال": ولا بأس إذا كان مؤذنا أن يصعد المنارة وإن كان خارجا وأكره الأذان بالصلاة للولاة وإن كانت عليه شهادة فعليه أن يجيب فإن فعل خرج من اعتكافه وإن مرض أو أخرجه السلطان واعتكافه واجب فإذا برئ أو خلي عنه بنى فإن مكث بعد برئه شيئا من غير عذر ابتدأ وإن خرج لغير حاجة نقض اعتكافه فإن نذر اعتكافا بصوم فأفطر استأنف وقال: في باب ما جمعت له من كتاب الصيام والسنن والآثار لا يباشر المعتكف فإن فعل أفسد اعتكافه وقال: في موضع من مسائل في الاعتكاف لا يفسد الاعتكاف من الوطء إلا ما يوجب الحد قال المزني: هذا أشبه بقوله لأنه منهي في الاعتكاف والصوم والحج عن الجماع فلما لم يفسد عنده صوم ولا حج بمباشرة دون ما يوجب الحد أو الإنزال في الصوم كانت المباشرة في الاعتكاف كذلك عندي في القياس قال الشافعي: وإن جعل على نفسه اعتكاف شهر ولم يقل متتابعا أحببته متتابعا قال المزني: وفي ذلك دليل أنه يجزئه متفرقا قال: وإن نوى يوما فدخل في نصف النهار اعتكف إلى مثله وإن قال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر الأم 2/147.
2 انظر الأم 2/141, 144.

 

ص -89-        لله علي اعتكاف يوم دخل فيه قبل الفجر إلى غروب الشمس وإن قال يومين فإلى غروب الشمس من اليوم الثاني إلا أن يكون له نية النهار دون الليل ويجوز اعتكافه ليلة وإن قال: لله علي أن أعتكف يوم يقدم فلان فقدم في أول النهار اعتكف في ما بقي فإن كان مريضا أو محبوسا فإذا قدر قضاه قال المزني: يشبه أن يكون إذ قدم في أول النهار أن يقضي مقدار ما مضى من ذلك اليوم من يوم آخر حتى يكون قد أكمل اعتكاف يوم وقد يقدم في أول النهار لطلوع الشمس وقد مضى بعض يوم فيقضي بعض يوم فلا بد من قضائه حتى يتم يوم ولو استأنف يوما حتى يكون اعتكافه موصولا كان أحب إلي قال الشافعي: ولا بأس أن يلبس المعتكف والمعتكفة ويأكلا ويتطيبا بما شاءا وإن هلك زوجها خرجت فاعتدت ثم بنت ولا بأس أن توضع المائدة في المسجد وغسل اليدين في الطشت ولا بأس أن ينكح نفسه وينكح غيره والمرأة والعبد والمسافرون يعتكفون حيث شاءوا لأنه لا جمعة عليهم.