منهاج الطالبين وعمدة المفتين في الفقه

مقدمة المؤلف
...
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله البر الجواد الذي جلت نعمه عن الإحصاء بالأعداد المان باللطف والإرشاد الهادي إلى سبيل الرشاد الموفق للتفقه في الدين من لطف به واختاره من العباد أحمده أبلغ حمد وأكمله وأزكاه وأشمله وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد الغفار وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى المختار صلى الله عليه وسلم وزاده فضلا وشرفا لديه.
أما بعد فإن الاشتغال بالعلم من أفضل الطاعات وأولى ما أنفقت فيه نفائس الأوقات وقد أكثر أصحابنا رحمهم الله من التصنيف من المبسوطات والمختصرات وأتقن مختصر المحرر للإمام أبي القاسم الرافعي رحمه الله تعالى ذي التحقيقات وهو كثير الفوائد عمدة في تحقيق المذهب معتمد للمفتي وغيره من أولى الرغبات وقد التزم مصنفه رحمه الله أن ينص على ما صححه معظم الأصحاب ووفى بما التزمه وهو من أهم أو أهم المطلوبات لكن في حجمه كبر يعجز عن حفظه أكثر أهل العصر إلا بعض أهل العنايات فرأيت اختصاره في نحو نصف حجمه ليسهل حفظه مع ما أضمه إليه إن شاء الله تعالى من النفائس المستجدات منها التنبيه على قيود في بعض المسائل هي من الأصل محذوفات ومنها مواضع يسيرة ذكرها في المحرر على خلاف المختار في المذهب كما ستراها إن شاء الله تعالى واضحات ومنها إبدال ما كان من ألفاظه غريبا أو موهما خلاف الصواب بأوضح وأخصر منه بعبارات جليات ومنها بيان القولين والوجهين والطريقين والنص ومراتب

(1/7)


الخلاف في جميع الحالات فحيث أقول في الأظهر أو المشهور فمن القولين أو الأقوال فإن قوى الخلاف قلت: الأظهر وإلا فالمشهور وحيث أقول الأصح أو الصحيح فمن الوجهين أو الأوجه فإن قوى الخلاف. قلت: الأصح، وإلا فالصحيح وحيث أقول المذهب فمن الطريقين أو الطرق وحيث أقول النص فهو نص الشافعي رحمه الله ويكون هناك وجه ضعيف أو قول مخرج وحيث أقول الجديد فالقديم خلافه أو القديم أو في قول قديم فالجديد خلافه وحيث أقول وقيل: كذا فهو وجه ضعيف والصحيح أو الأصح خلافه وحيث أقول وفي قول كذا فالراجح خلافه ومنها مسائل نفيسة أضمها إليه ينبغي أن لا يخلى الكتاب منها وأقول في أولها:
قلت: وفي آخرها والله أعلم وما وجدته من زيادة لفظة ونحوها على ما في المحرر فاعتمدها فلا بد منها وكذا ما وجدته من الأذكار مخالفا لما في المحرر وغيرة من كتب الفقه فاعتمده فإني حققته من كتب الحديث المعتمدة وقد أقدم بعض مسائل الفصل لمناسبة أو اختصار وربما قدمت فصلا للمناسبة وأرجو إن تم هذا المختصر أن يكون في معنى الشرح للمحرر فإني لا أحذف منه شيئا من الأحكام أصلا ولا من الخلاف ولو كان واهيا مع ما أشرت إليه من النفائس وقد شرعت في جمع جزء لطيف على صورة الشرح لدقائق هذا المختصر ومقصودي به التنبيه على الحكمة في العدول عن عبارة المحرر وفي إلحاق قيد أو حرف أو شرط للمسألة ونحو ذلك وأكثر ذلك من الضروريات التي لا بد منها وعلى الله الكريم إعتمادي وإليه تفويضي واستنادي وأسأله النفع به لي ولسائر المسلمين ورضوان عني وعن أحبائي وجميع المؤمنين.

(1/8)


كتاب الطهارة
مدخل
...
كتاب الطهارة
قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً} 1 يشترط لرفع الحدث والنجس ماء مطلق وهو ما يقع عليه اسم ماء بلا قيد فالمتغير بمستغنى عنه كزعفران تغيرا يمنع إطلاق اسم الماء غير طهور ولا يضر تغير لا يمنع الاسم ولا متغير بمكث وطين وطحلب وما في مقره وممره وكذا متغير بمجاور كعود ودهن أو بتراب طرح فيه في الأظهر ويكره المشمس والمستعمل في فرض الطهارة قيل: ونفلها غير طهور في الجديد فإن جمع قلتين فطهور في الأصح ولا تنجس قلتا الماء بملاقاة نجس فإن غيره فنجس فإن زال تغيره بنفسه أو بماء طهر أو بمسك وزعفران فلا وكذا تراب وخف في الأظهر ودونهما ينجس بالملاقاة فإن بلغهما بماء ولا تغير به فطهور فلو كوثر بإيراد طهور فلم يبلغهما لم يطهر وقيل: طاهر لا طهور ويستثنى ميتة لا دم لها سائل فلا تنجس مائعا على المشهور وكذا في قول نجس لا يدركه طرف.
__________
1 سورة الفرقان، آية:48.

(1/9)


قلت: ذا القول أظهر والله أعلم والجاري كراكد وفي القديم لا ينجس بلا تغير والقلتان خمسمائة رطل بغدادي تقريبا في الأصح والتغير المؤثر بطاهر أو نجس طعم أو لون أو ريح ولو اشتبه ماء طاهر بنجس اجتهد وتطهر بما ظن طهارته وقيل: إن قدر على طاهر بيقين فلا والأعمى كبصير في الأظهر أو ماء وبول لم يجتهد على الصحيح بل يخلطان ثم يتيمم أو ماء ورد توضأ بكل مرة وقيل: له الاجتهاد وإذا استعمل ما ظنه أراق الآخر فإن تركه وتغير ظنه لم يعمل بالثاني على النص بل يتيمم بلا إعادة في الأصح ولو أخبره بتنجسه مقبول الرواية وبين السبب أو كان فقيها موافقا اعتمده ويحل استعمال كل إناء طاهر إلا ذهبا وفضة فيحرم وكذا اتخاذه في الأصح ويحل المموه في الأصح والنفيس كياقوت في الأظهر وما ضبب بذهب أو فضة ضبة كبيرة لزينة حرم أو صغيرة بقدر الحاجة فلا أو صغيرة لزينة أو كبيرة لحاجة جاز في الأصح وضبة موضع الاستعمال كغيره في الأصح.
قلت: المذهب تحريم ضبة الذهب مطلقا والله أعلم.

(1/10)


باب أسباب الحدث
هي أربعة: أحدها: خروج شيء من قبله أو دبره إلا المنى ولو انسد مخرجه وانفتح تحت معدته فخرج المعتاد نقض وكذا نادر كدود في الأظهر أو فوقها وهو منسد أو تحتها وهو منفتح فلا في الأظهر الثاني: زوال العقل إلا نوم ممكن مقعده الثالث: التقاء بشرتي الرجل والمرأة إلا محرما في الأظهر والملموس كلامس في الأظهر ولا تنقض صغيرة وشعر وسن وظفر في الأصح الرابع: مس قبل الآدمي ببطن الكف وكذا في الجديد حلقة دبره

(1/10)


إلا فرج بهيمة وينقض فرج الميت والصغير ومحل الجب والذكر الأشل وباليد الشلاء في الأصح ولا ينقض رأس الأصابع وما بينها ويحرم بالحدث الصلاة والطواف وحمل المصحف ومس ورقه وكذا جلده على الصحيح وخريطة وصندوق فيهما مصحف وما كتب لدرس قرآن كلوح في الأصح والأصح حل حمله في أمتعة وتفسير ودنانير لا قلب ورقه بعود وأن الصبي المحدث لا يمنع.
قلت: الأصح حل قلب ورقه بعود وبه قطع العراقيون والله أعلم ومن تيقن طهرا أو حدثا وشك في ضده عمل بيقينه فلو تيقنهما وجهل السابق فضد ما قبلهما في الأصح.
فصل
يقدم داخل الخلاء يساره والخارج يمينه ولا يحمل ذكر الله تعالى ويعتمد جالسا يساره ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ويحرمان بالصحراء ويبعد ويستتر ولا يبول في ماء راكد وجحر ومهب ريح ومتحدث وطريق وتحت مثمرة ولا يتكلم ولا يستنجي بماء في مجلسه ويستبرىء من البول ويقول عند دخوله بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث وعند خروجه غفرانك الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني ويجب الاستنجاء بماء أو حجر وجمعهما أفضل وفي معنى الحجر كل جامد طاهر قالع غير محترم وجلد دبغ دون غيره في الأظهر وشرط الحجر أن لا يجف النجس ولا ينتقل ولا يطرأ أجنبي ولو ندر أو انتشر فوق العادة ولم يجاوز صفحته وحشفته جاز الحجر في الأظهر ويجب

(1/11)


ثلاث مسحات ولو بأطراف حجر فإن لم ينق وجب الإنقاء وسن الإيثار وكل حجر لكل محله وقيل: يوزعن لجانبيه والوسط ويسن الاستنجاء بيساره ولا استنجاء لدود وبعر بلا لوث في الأظهر.

(1/12)


باب الوضوء
فروضه ستة أحدها: نية رفع حدث أو استباحة مفتقر إلى طهر أو أداء فرض الوضوء ومن دام حدثه كمستحاضة كفاه نية الاستباحة دون الرفع على الصحيح فيهما ومن نوى تبردا مع نية معتبرة جاز على الصحيح أو ما يندب له وضوء كقراءة فلا في الأصح ويجب قرنها بأول الوجه وقيل: يكفي بسنة قبله وله تفريقها على أعضائه في الأصح.
الثاني: غسل وجهه وهو ما بين منابت رأسه غالبا ومنتهى لحييه وما بين أذنيه فمنه موضع الغمم وكذا التحذيف في الأصح لا النزعتان وهما بياضان يكتنفان الناصية.
قلت: صحح الجمهور أن موضع التحذيف من الرأس والله أعلم ويجب غسل كل هدب وحاجب وعذار وشارب وخد وعنفقة شعرا وبشرا وقيل: لا يجب باطن عنفقة كثيفة واللحية إن خفت كهدب وإلا فليغسل ظاهرها وفي قول لا يجب غسل خارج عن الوجه.
الثالث: غسل يديه مع مرفقيه فإن قطع بعضه وجب غسل ما بقي أو من مرفقيه فرأس عظم العضد على المشهور أو فوقه ندب باقي عضد.
الرابع: مسمى مسح لبشرة رأسه أو شعر في حده والأصل جواز غسله ووضع اليد بلا مد.

(1/12)


الخامس: غسل رجليه مع كعبيه.
السادس: ترتيبه هكذا فلو اغتسل محدث فالأصح أنه إن أمكن تقدير ترتيب بأن غطس ومكث صح وإلا فلا.
قلت: الأصح الصحة بلا مكث والله أعلم وسننه السواك عرضا بكل خشن لا أصبعه في الأصح ويسن للصلاة وتغير الفم ولا يكره إلا للصائم بعد الزوال والتسمية أوله فإن ترك ففي أثنائه وغسل كفيه فإن لم يتيقن طهرهما كره غمسهما في الإناء قبل غسلهما والمضمضة والاستنشاق والأظهر أن فصلهما أفضل ثم الأصح يتمضمض بغرفة ثلاثا ثم يستنشق بأخرى ثلاثا ويبالغ فيهما غير الصائم.
قلت: الأظهر تفضيل الجمع بثلاث غرف يتمضمض من كل ثم يستنشق والله أعلم وتثليث الغسل والمسح ويأخذ الشاك باليقين ومسح كل رأسه ثم أذنيه فإن عسر رفع العمامة كمل بالمسح عليها وتخليل اللحية الكثة وأصابعه وتقديم اليمنى وإطالة غرته وتحجيله والموالاة وأوجبها القديم وترك الاستعانة والنفض وكذا التنشيف في الأصح ويقول بعده: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك وحذفت دعاء الأعضاء إذ لا أصل له.

(1/13)


باب مسح الخف
يجوز في الوضوء للمقيم يوما وليلة وللمسافر ثلاثة بلياليها من الحدث بعد لبس فإن

(1/13)


مسح حضرا ثم سافر أو عكس لم يستوف مدة سفر وشرطه أن يلبس بعد كمال طهر ساترا محل فرضه طاهرا يمكن تباع المشي فيه لتردد مسافر لحاجاته قيل: وحلالا ولا يجزىء منسوج لا يمنع ماء في الأصح ولا جرموقان في الأظهر ويجوز مشقوق قدم شد في الأصح ويسن مسح أعلاه وأسفله خطوطا ويكفي مسمى مسح يحاذي الفرض إلا أسفل الرجل وعقبها فلا على المذهب.
قلت: حرفه كأسفله والله أعلم ولا مسح لشاك في بقاء المدة فإن أجنب وجب تجديد لبس ومن نزع وهو بطهر المسح غسل قدميه وفي قول يتوضأ.

(1/14)


باب الغسل
موجبه موت وحيض ونفاس وكذا ولادة بلا بلل في الأصح وجنابة بدخول حشفة أو قدرها فرجا وبخروج منى من طريقه المعتاد وغيره ويعرف بتدفقه أو لذة بخروجه أو ريح عجين رطبا أو بياض بيض جافا فإن فقدت الصفات فلا غسل والمرأة كرجل ويحرم بها ما حرم بالحدث والمكث بالمسجد لا عبوره والقرآن وتحل أذكاره لا بقصد قرآن وأقله نية رفع جنابة أو استباحة مفتقر إليه أو أداء فرض الغسل مقرونة بأول فرض وتعميم شعره وبشره ولا تجب مضمضة واستنشاق وأكمله إزالة القذر ثم الوضوء وفي قول يؤخر غسل قدميه،

(1/14)


ثم تعهد معاطفه ثم يفيض الماء على رأسه ويخلله ثم شقه الأيمن ثم الأيسر ويدلك ويثلث وتتبع لحيض أثره مسكا وإلا فنحوه ولا يسن تجديده بخلاف الوضوء ويسن أن لا ينقص ماء الوضوء عن مد والغسل عن صاع ولا حد له ومن به نجس يغسله ثم يغتسل ولا تكفي لهما غسلة وكذا في الوضوء.
قلت: الأصح تكفيه والله أعلم ومن اغتسل لجنابة وجمعة حصلا أو لأحدهما حصل فقط قلت: ولو أحدث ثم أجنب أو عكسه كفى الغسل على المذهب والله أعلم.

(1/15)


باب النجاسة
هي كل مسكر مائع وكلب وخنزير وفرعهما وميتة غير الآدمي والسمك والجراد ودم وقيح قيء وروث وبول ومذي وودي وكذا منى غير الآدمي في الأصح.
قلت: الأصح طهارة منى غير الكلب والخنزير وفرع أحدهما والله أعلم ولبن ما لا يؤكل غير الآدمي والجزء المنفصل من الحي كميتته إلا شعر المأكول فطاهر وليست العقلة والمضغة ورطوبة الفرج بنجس في الأصح ولا يطهر نجس العين إلا خمر تخللت وكذا إن نقلت من شمس إلى ظل وعكسه في الأصح فإن خللت بطرح شيء فلا وجلد نجس بالموت فيطهر بدبغه ظاهره وكذا باطنه على المشهور والدبغ نزع فضوله بحريف لا شمس وتراب ولا يجب الماء في أثنائه في الأصح والمدبوغ كثوب نجس وما نجس بملاقاة شيء من كلب غسل سبعا إحداها بتراب والأظهر تعين التراب وأن الخنزير

(1/15)


ككلب ولا يكفي تراب نجس ولا ممزوج بمائع في الأصح وما نجس ببول صبي لم يطعم غير لبن نضح وما نجس بغيرهما إن لم تكن عين كفى جرى الماء وإن كانت وجب إزالة الطعم ولا يضر بقاء لون أو ريح عسر زواله وفي الريح قول.
قلت: فإن بقيا معا ضرا على الصحيح والله أعلم ويشترط ورود الماء لا العصر في الأصح والأظهر طهارة غسالة تنفصل بلا تغير وقد طهر المحل ولو نجس مائع تعذر تطهيره وقيل: يطهر الدهن بغسله.

(1/16)


باب التيمم
يتيمم المحدث والجنب لأسباب أحدها: فقد الماء فإن تيقن المسافر فقده تيمم بلا طلب وإن توهمه طلبه من رحله ورفقته ونظر حواليه إن كان بمستو فإن احتاج إلى تردد تردد قدر نظره فإن لم يجد تيمم فلو مكث موضعه فالأصح وجوب الطلب لما يطرأ فلو علم ماء يصله المسافر لحاجته وجب قصده إن لم يخف ضرر نفس أو مال فإن كان فوق ذلك تيمم ولو تيقنه آخر الوقت فانتظاره أفضل أو ظنه فتعجيل التيمم أفضل في الأظهر ولو وجد ماء لا يكفيه فالأظهر وجوب استعماله ويكون قبل التيمم ويجب شراؤه بثمن مثله إلا أن يحتاج إليه لدين مستغرق أو مؤنة سفره أو نفقة حيوان محترم ولو وهب له ماء أو أعير دلوا وجب القبول في الأصح ولو وهب ثمنه فلا ولو نسيه في رحله أو أضله فيه فلم يجده بعد الطلب فتيمم قضى في الأظهر ولو أضل رحله في رحال فلا يقضي.

(1/16)


الثاني: أن يحتاج إليه لعطش محترم ولو مآلا.
الثالث: مرض يخاف معه من استعماله على منفعة عضو وكذا بطء البرء أو الشين الفاحش في عضو ظاهر في الأظهر وشدة البرد كمرض وإذا امتنع استعماله في عضو إن لم يكن عليه ساتر وجب التيمم وكذا غسل الصحيح على المذهب ولا ترتيب بينهما للجنب فإن كان محدثا فالأصح اشتراط التيمم وقت غسل العليل فإن جرح عضواه فتيممان وإن كان كجبيرة لا يمكن نزعها غسل الصحيح وتيمم كما سبق ويجب مع ذلك مسح كل جبيرته بماء وقيل: بعضها فإذا تيمم لفرض ثان ولم يحدث لم يعد الجنب غسلا ويعيد المحدث ما بعد عليله وقيل: يستأنفان وقيل: المحدث كجنب قلت: هذا الثالث: أصح والله أعلم.
فصل
يتيمم بكل تراب طاهر حتى ما يداوى به وبرمل فيه غبار لاما بمعدن وسحاقة خزف ومختلط بدقيق ونحوه وقيل: إن قل الخليط جاز ولا بمستعمل على الصحيح وهو ما بقي بعضوه وكذا ما تناثر في الأصح ويشترط فصده فلو سفته ريح عليه فردده ونوى لم يجزىء ولو يمم بإذنه جاز وقيل: يشترط عذر.
وأركانه: نقل التراب فلو نقل من وجه إلى يد أو عكس كفى في الأصح ونية استباحة الصلاة لا رفع الحدث ولو نوى فرض التيمم لم يكف في الأصح ويجب قرنها بالنقل وكذا استدامتها إلى مسح شيء من الوجه على الصحيح فإن نوى فرضا ونفلا أبيحا أو فرضا فله النفل على المذهب أو نفلا أو الصلاة تنفل لا الفرض على المذهب ومسح وجهه ثم يديه

(1/17)


مع مرفقيه ولا يجب إيصاله منبت الشعر الخفيف ولا ترتيب في نقله في الأصح فلو ضرب بيديه ومسح بيمينه وجهه وبيساره يمينه جاز وتندب التسمية ومسح وجهه ويديه بضربتين
قلت: الأصح المنصوص وجوب ضربتين وإن أمكن بضربة بخرقة ونحوها والله أعلم ويقدم يمينه وأعلى وجهه ويخفف الغبار وموالاة التيمم كالوضوء.
قلت: وكذا الغسل ويندب تفريق أصابعه أولا ويجب نزع خاتمه في الثانية والله أعلم ومن تيمم لفقد ماء فوجده إن لم يكن في صلاة بطل إن لم يقترن بمانع كعطش أو في صلاة لا تسقط به بطلت على المشهور وإن أسقطها فلا وقيل: يبطل النفل والأصح أن قطعها ليتوضأ أفضل وأن المتنفل لا يجاوز ركعتين إلا من نوى عددا فيتمه ولا يصلي بتيمم غير فرض ويتنفل ما شاء والنذر كفرض في الأظهر والأصح صحة جنائز مع فرض وأن من نسي إحدى الخمس كفاه تيمم لهن وإن نسي مختلفتين صلى كل صلاة بتيمم وإن شاء تيمم مرتين وصلى بالأول أربعا ولاء وبالثاني أربعا ليس منها التي بدأ بها أو متفقتين صلى الخمس مرتين بتيممين ولا يتيمم لفرض قبل وقت فعله وكذا النفل المؤقت في الأصح ومن لم يجد ماء ولا ترابا لزمه في الجديد أن يصلي الفرض ويعيد ويقضي المقيم المتيمم لفقد الماء لا المسافر إلا العاصي بسفره في الأصح ومن تيمم لبرد قضى في الأظهر أو لمرض يمنع الماء مطلقا أو في عضو ولا ساتر فلا إلا أن يكون بجرحه دم كثير وإن كان ساتر لم يقض في الأظهر إن وضع على طهر فإن وضع على حدث وجب نزعه فإن تعذر قضى على المشهور.

(1/18)


باب الحيض
أقل سنه تسع سنين وأقله يوم وليلة وأكثره خمسة عشر بلياليها وأقل طهر بين الحيضتين خمسة عشر ولا حد لأكثره ويحرم به ما حرم بالجنابة وعبور المسجد إن خافت تلويثه والصوم ويجب قضاؤه بخلاف الصلاة وما بين سرتها وركبتها وقيل: لا يحرم غير الوطء فإذا انقطع لم يحل قبل الغسل غير الصوم والطلاق والاستحاضة حدث دائم كالسلس فلا تمنع الصوم والصلاة فتغسل المستحاضة فرجها وتعصبه وتتوضأ وقت الصلاة وتبادر بها فلو أخرت لمصلحة الصلاة كستر وانتظار جماعة لم يضر وإلا فيضر على الصحيح ويجب الوضوء لكل فرض وكذا تجديد العصابة في الأصح ولو انقطع دمها بعد الوضوء ولم تعتد انقطاعه وعوده أو اعتادت ووسع زمن الإنقطاع وضوء الصلاة وجب الوضوء.
فصل
رأت لسن الحيض أقله ولم يعبر أكثره فكله حيض والصفرة والكدرة حيض في الأصح فإن عبره فإن كانت مبتدأة مميزة بأن ترى قويا وضعيفا فالضعيف استحاضة والقوي حيض إن لم ينقص عن أقله ولا عبر أكثره ولا نقص الضعيف عن أقل الطهر أو مبتدأة لا مميزة بأن رأته بصفة أو فقدت شرط تمييز فالأظهر أن حيضها يوم وليلة

(1/19)


وطهرها تسع وعشرون أو معتادة بأن سبق لها حيض وطهر فترد إليهما قدرا ووقتا وتثبت بمرة في الأصح ويحكم للمعتادة المميزة بالتمييز لا العادة في الأصح أو متحيرة بأن نسيت عادتها قدرا ووقتا ففي قول كمبتدأة والمشهور وجوب الاحتياط فيحرم الوطء ومس المصحف والقراءة في غير الصلاة وتصلي الفرائض أبدا وكذا النفل في الأصح وتغتسل لكل فرض وتصوم رمضان ثم شهرا كاملين فيحصل من كل أربعة عشر ثم تصوم من ثمانية عشر ثلاثة أولها وثلاثة آخرها فيحصل اليومان الباقيان ويمكن قضاء يوم بصوم يوم ثم الثالث: والسابع عشر وإن حفظت شيئا فلليقين حكمه وهي في المحتمل كحائض في الوطء وطاهر في العبادة وإن احتمل انقطاعا وجب الغسل لكل فرض والأظهر أن دم الحامل والنقاء بين أقل الحيض حيض وأقل النفاس لحظة وأكثره ستون وغالبه أربعون ويحرم به ما حرم بالحيض وعبوره ستين كعبوره أكثره.

(1/20)


كتاب الصلاة
مدخل
...
كتاب الصلاة
المكتوبات خمس الظهر وأول وقته زوال الشمس وآخره مصير ظل الشيء مثله سوى ظل استواء الشمس وهو أول وقت العصر ويبقى حتى تغرب والاختيار أن لا تؤخر عن مصير الظل مثلين والمغرب بالغروب ويبقى حتى يغيب الشفق الأحمر في القديم وفي الجديد ينقضي بمضي قدر وضوء وستر عورة وأذان وإقامة وخمس ركعات ولو شرع في الوقت ومد حتى غاب الشفق الأحمر جاز على الصحيح.
قلت: القديم أظهر والله أعلم والعشاء بمغيب الشفق ويبقى إلى الفجر والاختيار أن لا تؤخر عن ثلث الليل وفي قول نصفه والصبح بالفجر الصادق وهو المنتشر ضوؤه معترضا بالأفق ويبقى حتى تطلع الشمس والاختيار أن لا تؤخر عن الإسفار.
قلت: يكره تسمية المغرب عشاء والعشاء عتمة والنوم قبلها والحديث بعدها إلا في خير والله أعلم ويسن تعجيل الصلاة لأول الوقت وفي قول تأخير العشاء أفضل ويسن الإبراد بالظهر في شدة الحر والأصح اختصاصه ببلد حار وجماعة مسجد يقصدونه من بعد ومن وقع بعض صلاته في الوقت فالأصح أنه إن وقع ركعة فالجميع أداء وإلا فقضاء ومن جهل الوقت اجتهد بورد ونحوه فإن تيقن صلاته قبل الوقت قضى

(1/21)


في الأظهر وإلا فلا ويبادر بالفائت ويسن ترتيبه وتقديمه على الحاضرة التي لا يخاف فوتها وتكره الصلاة عند الاستواء إلا يوم الجمعة وبعد الصبح حتى ترتفع الشمس كرمح والعصر حتى تغرب إلا لسبب كفائته وكسوف وتحية وسجدة شكر وإلا في حرم مكة على الصحيح.
فصل
إنما تجب الصلاة على كل مسلم بالغ عاقل طاهر ولا قضاء على كافر إلا المرتد ولا الصبي ويؤمر بها لسبع ويضرب عليها لعشر ولا ذي حيض أو جنون أو إغماء بخلاف السكر ولو زالت هذه الأسباب وبقي من الوقت تكبيرة وجبت الصلاة وفي قول يشترط ركعة والأظهر وجوب الظهر بإدراك تكبيرة آخر العصر والمغرب آخر العشاء ولو بلغ فيها أتمها وأجزأته على الصحيح أو بعدها فلا إعادة على الصحيح ولو حاضت أو جن أول الوقت وجبت تلك إن أدرك قدر الفرض وإلا فلا.
فصل
الأذان والإقامة سنة وقيل فرض كفاية وإنما يشرعان لمكتوبة ويقال في العيد

(1/22)


ونحوه الصلاة جامعة والجديد ندبه للمنفرد ويرفع صوته لا بمسجد وقعت فيه جماعة ويقيم للفائتة ولا يؤذن في الجديد.
قلت: القديم أظهر والله أعلم فإن كان فوائت لم يؤذن لغير الأولى ويندب لجماعة النساء الإقامة لا الأذان على المشهور والأذان مثنى والإقامة فرادى إلا لفظ الإقامة ويسن إدراجها وترتيله والترجيع فيه والتثويب في الصبح وأن يؤذن قائما للقبلة ويشترط ترتيبه وموالاته وفي قول لا يضر كلام وسكوت طويلان وشرط المؤذن الإسلام والتمييز والذكورة ويكره للمحدث وللجنب أشد والإقامة أغلظ ويسن صيت حسن الصوت عدل والإمامة أفضل منه في الأصح.
قلت: الأصح انه أفضل منها والله أعلم وشرطه الوقت إلا الصبح فمن نصف الليل ويسن مؤذنان للمسجد يؤذن واحد قبل الفجر وآخر بعده ويسن لسامعه مثل قوله لا في حيعلاته فيقول لا حول ولا قوة إلا بالله.
قلت: وإلا في التثويب فيقول صدقت وبررت والله أعلم ولكل أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد فراغه ثم اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته.

(1/23)


فصل
استقبال القبلة شرط لصلاة القادر إلا في شدة الخوف ونفل السفر فللمسافر التنفل راكبا وماشيا ولا يشترط طول سفره على المشهور فإن أمكن استقبال الراكب في مرقد وإتمام ركوعه وسجوده لزمه وإلا فالأصح أنه إن سهل الاستقبال وجب وإلا فلا ويختص بالتحرم وقيل: يشترط في السلام أيضا ويحرم انحرافه عن طريقه إلا إلى القبلة ويوميء بركوعه وسجوده أخفض والأظهر أن الماشي يتم ركوعه وسجوده ويستقبل فيهما وفي إحرامه ولا يمشي إلا في قيامه وتشهده ولو صلى فرضا على دابة واستقبل وأتم ركوعه وسجوده وهي واقفة جاز أو سائرة فلا ومن صلى في الكعبة واستقبل جدارها أو بابها مردودا أو مفتوحا مع ارتفاع عتبته ثلثي ذراع أو على سطحها مستقبلا من بنائها ما سبق جاز ومن أمكنه علم القبلة حرم عليه التقليد والاجتهاد وإلا أخذ بقول ثقة يخبر عن علم فإن فقد وأمكن الاجتهاد حرم التقليد فإن تحير لم يقلد في الأظهر وصلى كيف كان ويقضي ويجب تجديد الاجتهاد لكل صلاة تحضر على الصحيح ومن عجز عن الاجتهاد وتعلم كأدلة لأعمى قلد ثقة عارفا وإن قدر فالأصح وجوب التعلم فيحرم التقليد ومن صلى بالاجتهاد فتيقن الخطأ قصى في الأظهر فلو تيقنه فيها وجب استثنافها وإن تغير اجتهاده عمل بالثاني ولا قضاء حتى لو صلى أربع ركعات لأربع جهات بالاجتهاد فلا قضاء.

(1/24)


باب صفة الصلاة
أركانها ثلاثة عشر: النية: فإن صلى فرضا وجب قصد فعله وتعيينه والأصح وجوب نية الفرضية دون الإضافة إلى الله تعالى وأنه يصح الأداء بنية القضاء وعكسه والنفل ذو الوقت أو السبب كالفرض فيما سبق وفي نية النفلية وجهان:
قلت: الصحيح لا تشترط نية النفلية والله أعلم ويكفي في النفل المطلق نية فعل الصلاة والنية بالقلب ويندب النطق قبل التكبير.
الثاني: تكبيرة الإحرام ويتعين على القادر الله أكبر ولا تضر زيادة لا تمنع الاسم كالله الأكبر وكذا الله الجليل أكبر في الأصح لا أكبر الله على الصحيح ومن عجز ترجم ووجب التعلم إن قدر ويسن رفع يديه في تكبيره حذو منكبيه والأصح رفعه مع ابتدائه ويجب قرن النية بالتكبيرة وقيل: يكفي بأوله.
الثالث: القيام في فرض القادر وشرطه نصب فقاره فإن وقف منحنيا أو مائلا بحيث لا يسمى قائما لم يصح فإن لم يطق انتصابا وصار كراكع فالصحيح أنه يقف كذلك ويزيد انحناءه لركوعه إن قدر ولو أمكنه القيام دون الركوع والسجود قام وفعلهما بقدر إمكانه ولو عجز عن القيام قعد كيف شاء وافتراشه أفضل من تربعه في الأظهر ويكره الإقعاء بأن يجلس على وركيه ناصبا ركبتيه ثم ينحني لركوعه بحيث تحاذي جبهته ما قدام ركبته والأكمل أن يحاذي موضع سجوده فإن عجز عن القعود صلى لجنبه الأيمن فإن عجز فمستلقيا وللقادر التنفل قاعدا وكذا مضطجعا في الأصح.

(1/25)


الرابع: القراءة ويسن بعد التحرم دعاء الافتتاح ثم التعوذ ويسرهما ويتعوذ في كل ركعة على المذهب والأولى آكد وتتعين الفاتحة كل ركعة لا ركعة مسبوق والبسملة منها وتشديداتها ولو أبدل ضادا بظاء لم تصح في الأصح ويجب ترتيبها وموالاتها فإن تخلل ذكر قطع الموالاة فإن تعلق بالصلاة كتأمينه لقراءة إمامه وفتحه عليه فلا في الأصح ويقطع السكوت الطويل وكذا يسير قصد به قطع القراءة في الأصح فإن جهل الفاتحة فسبع آيات متوالية فإن عجز فمتفرقة.
قلت: الأصح المنصوص جواز المتفرقة مع حفظه متوالية والله أعلم فإن عجز أتى بذكر ولا يجوز نقص حروف البدل عن الفاتحة في الأصح فإن لم يحسن شيئا وقف قدر الفاتحة ويسن عقب الفاتحة آمين خفيفة الميم بالمد ويجوز القصر ويؤمن مع تأمين إمامه ويجهر به في الأظهر وتسن سورة بعد الفاتحة إلا في الثالثة والرابعة في الأظهر.
قلت: فإن سبق بهما قرأها فيهما على النص والله أعلم ولا سورة للمأموم بل يستمع فإن بعد أو كانت سرية قرأ في الأصح ويسن للصبح والظهر طوال المفصل وللعصر والعشاء أوساطه وللمغرب قصاره ولصبح الجمعة في الأولى {ألم تنزيل} وفي الثانية {هَلْ أَتَى}
الخامس: الركوع وأقله أن ينحني قدر بلوغ راحتيه ركبتيه بطمأنينة بحيث ينفصل رفعه عن هويه ولا يقصد به غيره فلو هوى لتلاوة فجعله ركوعا لم يكف وأكمله تسوية ظهره وعنقه ونصب ساقيه وأخذ ركبتيه بيديه وتفرقة أصابعه للقبلة ويكبر في ابتداء

(1/26)


هويه ويرفع يديه كإحرامه ويقول سبحان ربي العظيم ثلاثا ولا يزيد الإمام ويزيد المنفرد اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي وما استقلت: به قدمي.
السادس: الاعتدال قائما مطمئنا ولا يقصد غيره فلو رفع فزعا من شيء لم يكف ويسن رفع يديه مع ابتداء رفع رأسه قائلا سمع الله لمن حمده فإذا انتصب قال ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد ويزيد المنفرد أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ويسن القنوت في اعتدال ثانية الصبح وهو اللهم اهدني فيمن هديت إلى آخره والإمام بلفظ الجمع والصحيح سن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخره ورفع يديه ولا يمسح وجهه وأن الإمام يجهر به وأنه يؤمن المأموم للدعاء ويقول الثناء فإن لم يسمعه قنت ويشرع القنوت في سائر المكتوبات للنازلة لا مطلقا على المشهور.
السابع: السجود وأقله مباشرة بعض جبهته مصلاه فإن سجد على متصل به جاز إن لم يتحرك بحركته ولا يجب وضع يديه وركبتيه وقدميه في الأظهر.
قلت: الأظهر وجوبه والله أعلم ويجب أن يطمئن وينال مسجده ثقل رأسه وأن لا يهوى لغيره فلو سقط لوجهه وجب العود إلى الاعتدال وأن ترتفع أسافله على أعاليه في الأصح وأكمله يكبر لهويه بلا رفع ويضع ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه ويقول: سبحان

(1/27)


ربي الأعلى ثلاثا ويزيد المنفرد اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين ويضع يديه حذو منكبيه وينشر أصابعه مضمومة للقبلة ويفرق ركبتيه ويرفع بطنه عن فخذيه ومرفقيه عن جنبيه في ركوعه وسجوده وتضم المرأة والخنثى.
الثامن: الجلوس بين سجدتيه مطمئنا ويجب أن لا يقصد برفعه غيره وأن لا يطوله ولا لاعتدال وأكمله يكبر ويجلس مفترشا واضعا يديه قريبا من ركبتيه وينشر أصابعه قائلا رب اغفر لي وارحمني واجبرني وارفعني وارزقني واهدني وعافني ثم يسجد الثانية كالأولى والمشهور من جلسة خفيفة بعد السجدة الثانية في كل ركعة يقوم عنها.
التاسع والعاشر والحادي عشر: التشهد وقعوده والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فالتشهد وقعوده إن عقبهما سلام ركنان وإلا فسنتان وكيف قعد جاز ويسن في الأول افتراش فيجلس على كعب يسراه وينصب يمناه ويضع أطراف أصابعه للقبلة وفي الآخر التورك وهو كالافتراش لكن يخرج يسراه من جهة يمينه ويلصق وركه بالأرض والأصح يفترش المسبوق والساهي ويضع فيهما يسراه على طرف ركبتيه منشورة الأصابع بلا ضم.
قلت: الأصح الضم والله أعلم ويقبض من يمناه الخنصر والبنصر وكذا الوسطى في الأظهر ويرسل المسبحة ويرفعها عند قوله إلا الله ولا يحركها والأظهر ضم الإبهام

(1/28)


إليها كعاقد ثلاثة وخمسين والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فرض في التشهد الأخير والأظهر سنها في الأول ولا تسن على الآل في الأول على الصحيح وتسن في الآخرة وقيل: تجب وأكمل التشهد مشهور وأقله التحيات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وقيل: يحذف وبركاته والصالحين ويقول: وأن محمدا رسوله.
قلت: الأصح وأن محمدا رسول الله وثبت في صحيح مسلم والله أعلم وأقل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وآله اللهم صل على محمد وآله والزيادة إلى حميد مجيد سنة في الآخر وكذا الدعاء بعده ومأثوره أفضل ومنه اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت الخ ويسن أن لا يزيد على قدر التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ومن عجز عنهما ترجم ويترجم للدعاء والذكر المندوب العاجز لا القادر في الأصح.
الثاني عشر: السلام وأقله السلام عليكم والأصح جواز سلام عليكم قلت: الأصح المنصوص لا يجزئه والله أعلم وأنه لا تجب نية الخروج وأكمله السلام عليكم ورحمة الله مرتين يمينا وشمالا ملتفتا في الأولى حتى يرى خده الأيمن وفي الثانية الأيسر ناويا السلام على من عن يمينه ويساره من ملائكة وإنس وجن وينوي الإمام السلام على المقتدين وهم الرد عليه.
الثالث عشر: ترتيب الأركان كما ذكرنا فإن تركه عمدا بأن سجد قبل ركوعه بطلت صلاته وإن سها فما بعد المتروك لغو فإن تذكر قبل بلوغ مثله فعله وإلا تمت به ركعته

(1/29)


وتدارك الباقي فلو تيقن في آخر صلاته ترك سجدة من الأخيرة سجدها وأعاد تشهده أو من غيرها لزمه ركعة وكذا إن شك فيهما وإن علم في قيام ثانية ترك سجدة فإن كان جلس بعد سجدته سجد وقيل: إن جلس بنية الاستراحة لم يكفه وإلا فليجلس مطمئنا ثم يسجد قيل: يسجد فقط وإن علم في آخر رباعية ترك سجدتين أو ثلاث جهل موضعها وجب ركعتان أو أربع فسجدة ثم ركعتان أو خمس أو ست فثلاث أو سبع فسجدة ثم ثلاث.
قلت: يسن إدامة نظره إلى موضع سجوده وقيل: يكره تغميض عينيه وعندي لا يكره إن لم يخف ضررا والخشوع وتدبر القرآن والذكر ودخول الصلاة بنشاط وفرغ قلب وجعل يديه تحت صدره آخذا بيمينه يساره والدعاء في سجوده وإن يعتمد في قيامه من السجود والقعود على يديه وتطويل قراءة الأولى على الثاينة في الأصح والذكر بعدها وأن ينتقل للنفل من موضع فرضه وأفضله إلى بيته وإذا صلى وراءهم نساء مكثوا حتى ينصرفن وأن ينصرف في جهة حاجته وإلا فيمينه وتنقضي القدوة بسلام الإمام فللمأموم أن يشتغل بدعاء ونحوه ثم يسلم ولو اقتصر إمامه على تسليمة سلم ثنتين. والله أعلم.

(1/30)


باب شروط الصلاة خمسة
معرفة الوقت والاستقبال وستر العورة وعورة الرجل ما بين سرته وركبته وكذا الأمة في الأصح والحرة ما سوى الوجه والكفين وشرطه ما منع إدراك لون

(1/30)


البشرة ولو بطين وماء كدر والأصح وجوب التطين على فاقد الثوب ويجب ستر أعلاه وجوانبه لا أسفله فلو رؤيت عورته من جيبه في ركوع أو غيره لم يكف فليزره أو يشد وسطه وله ستر بعضها بيده في الأصح فإن وجد كان في سوأتيه تعين لهما أو إحداهما فقبله وقيل: دبره وقيل: يتخير وطهارة الحدث فإن سبقه بطلت وفي القديم يبني ويجربان في كل مناقض عرض بلا تقصير وتعذر دفعه في الحال فإن أمكن بأن كشفته ريح فستر في الحال لم تبطل وإن قصر بأن فرغت مدة خف فيها بطلت وطهارة النجس في الثوب والبدن والمكان ولو اشتبه طاهر ونجس اجتهد ولو نجس بعض ثوب أو بدن وجهل وجب غسل كله فلو ظن طرفا لم يكف غسله على الصحيح ولو غسل نصف نجس ثم باقيه فالأصح أنه إن غسل مع باقيه مجاوره طهر كله وإلا فغير المتنصف ولا تصح صلاة ملاق بعض لباسه نجاسة وإن لم يتحرك بحركته ولا قابض طرف شيء على نجس إن تحرك وكذا إن لم يتحرك في الأصح فلو جعله تحت رجله صحت مطلقا ولا يضر نجس يحاذي صدره في الركوع والسجود على الصحيح ولو وصل عظمه بنجس لفقد الطاهر فمعذور وإلا وجب نزعه إن لم يخف ضررا ظاهرا قيل: وإن خاف فإن مات لم ينزع على الصحيح ويعفى عن محل استجماره ولو حمل مستجمر أبطلت في الأصح وطين الشارع المتيقن نجاسته يعفى عنه عما يتعذر الاحتراز منه غالبا ويختلف بالوقت وموضعه من الثوب والبدن وعن قليل دم البراغيث وونيم الذباب والأصح لا يعفي عن كثيره ولا قليل انتشر بعرق وتعرف الكثرة بالعادة.
قلت: الأصح عند المحققين العفو مطلقا والله أعلم ودم البثرات كالبراغيث وقيل: إن عصره فلاو الدماميل والقروح وموضع الفصد والحجامة قيل: كالبثرات

(1/31)


والأصح إن كان مثله يدوم غالبا فكالإستحاضة وإلا فكدم الأجنبي فلا يعفى وقيل: يعفى عن قليله.
قلت: الأصح أنها كالبثرات والأظهر العفو عن قليل دم الأجنبي والله أعلم والقيح والصديد كالدم وكذا ماء القروح والمتنفط الذي له ريح كذا بلا ريح في الأظهر.
قلت: المذهب طهارته والله أعلم ولو صلى بنجس لم يعلمه وجب القضاء في الجديد وإن على ثم نسي وجب القضاء على المذهب.
فصل
تبطل بالنطق بحرفين أو حرف مفهم وكذا مدة بعد حرف في الأصح والأصح أن التنحنح والضحك والبكاء والأنين والنفخ إن ظهر به حرفان بطلت وإلا فلا ويعذر في يسير الكلام إن سبق لسانه أو نسي الصلاة أو جهل تحريمه إن قرب عهده بالإسلام لا كثيره في الأصح وفي التنحنح ونحوه للغلبة وتعذر القراءة لا الجهر في الأصح ولو أكره على الكلام بطلت في الأظهر ولو نطق بنظم القرآن بقصد التفهيم كيا يحيى خذ الكتاب إن قصد معه قراءة لم تبطل وإلا بطلت ولا تبطل بالذكر والدعاء إلا أن يخاطب كقوله لعطاس يرحمك الله ولو سكت طويلا بلا غرض لم تبطل في الأصح ويسن لمن نابه شيء كتنبيه إمامه وإذنه لداخل وإنذاره أعمى أن يسبح وتصفق المرأة بضرب اليمين على ظهر اليسار ولو فعل في صلاته غيرها إن كان من جنسها بطلت إلا أن ينسى وإلا فتبطل بكثيره لا قليله والكثرة بالعرف فالخطوتان أو الضربتان قليل والثلاث كثير إن توالت وتبطل بالوثبة الفاحشة لا الحركات الخفيفة المتوالية كتحريك أصابعه في سبحة أو حك في الأصح وسهو الفعل الكثير كعمده في الأصح وتبطل بقليل الأكل قلت: إلا أن يكون ناسيا أو جاهلا تحريمه والله أعلم فلو كان بفمه سكرة فبلغ ذوبها بطلت في الأصح ويسن للمصلي إلى جدار أو

(1/32)


سارية أو عصا مغروزة أو بسط مصلى أو خط قبالته دفع المار والصحيح تحريم المرور حينئذ قلت: يكره الالتفات إلا لحاجة ورفع بصره إلى السماء وكف شعره أو ثوبه ووضع يده على فمه بلا حاجة والقيام على رجل والصلاة حاقنا أو حاقبا أو بحضرة طعام يتوق إليه وأن يبصق قبل وجهه أو عن يمينه ووضع يده على خاصرته والمبالغة في خفض الرأس في ركوعه والصلاة في الحمام والطريق والمزبلة والكنيسة وعطن الإبل والمقبرة الطاهرة. والله أعلم.

(1/33)


باب سجود السهو
سنة عند ترك مأمور به أو فعل منهي عنه فالأول: إن كان ركنا وجب تداركه وقد يشرع السجود لزيادة حصلت بتدارك ركن كما سبق في الترتيب أو بعضا وهو القنوت أو قيامه أو التشهد الأول أو قعوده وكذا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه في الأظهر سجد وقيل: إن ترك عمدا فلا.
قلت: وكذا الصلاة على الآل حيث سنناها والله أعلم ولا تجبر سائر السنن والثاني: إن لم يبطل عمده كالالتفات والخطوتين لم يسجد لسهوه وإلا سجد إن لم تبطل بسهوه ككلام كثير في الأصح وتطويل الركن القصير يبطل عمده في الأصح فيسجد لسهوه فالاعتدال قصير وكذا الجلوس بين السجدتين في الأصح ولو نقل ركنا قوليا كفاتحة في ركوع أو تشهد لم تبطل بعمده في الأصح ويسجد لسهوه في الأصح وعلى هذا تستثنى هذه الصورة من قولنا ما لا يبطل عمده لا سجود لسهوه ولو نسي التشهد الأول فذكره بعد

(1/33)


انتصابه لم يعد له فإن عاد عالما بتحريمه بطلت أو ناسيا فلا ويسجد للسهو أو جاهلا فكذا في الأصح وللمأموم العود لمتابعة إمامه في الأصح.
قلت: الأصح وجوبه والله أعلم ولو تذكر قبل انتصابه عاد للتشهد ويسجد إن كان صار إلى القيام أقرب ولو نهض عمدا فعاد بطلت إن كان إلى القيام أقرب ولو نسي قنوتا فذكره في سجوده لم يعد له أو قبله عاد ويسجد للسهو إن بلغ حد الراكع ولو شك في ترك بعض سجد أو ارتكاب نهي فلا ولو سها وشك هل سجد فيسجد ولو شك أصلى ثلاثا أم أربعا أتى بركعة وسجد والأصح أنه يسجد وإن زال شكه قبل سلامه وكذا حكم ما يصليه مترددا واحتمل كونه زائدا ولا يسجد لما يجب بكل حال إذا زال شكه مثاله شك في الثالثة: أثالثة هي أم رابعة فتذكر فيها لم يسجد أو في الرابعة: سجد ولو شك بعد السلام في ترك فرض لم يؤثر على المشهور وسهوه حال قدوته يحمله إمامه فلو ظن سلامه فسلم فبان خلافه سلم معه ولا سجود ولو ذكر في تشهده ترك ركن غير النية والتكبير قام بعد سلام إمامه إلى ركعته ولا يسجد وسهوه بعد سلامه لا يحمله فلو سلم المسبوق بسلام إمامه بنى وسجد ويلحقه سهو إمامه فإن سجد لزمه متابعته وإلا فيسجد على النص ولو اقتدى مسبوق بمن سها بعد اقتدائه وكذا قبله في الأصح فالصحيح أنه يسجد معه ثم في آخر صلاته فإن لم يسجد الإمام سجد آخر صلاة نفسه على النص وسجود السهو وإن كثر سجدتان كسجود الصلاة والجديد أن محله بين تشهده وسلامه فإن سلم عمدا فات في الأصح أو سهوا وطال الفصل فات في الجديد وإلا فلا على النص وإذا سجد صار عائدا إلى الصلاة في الأصح ولو سها إمام الجمعة وسجدوا فبان فوتها أتموا ظهرا وسجدوا ولو ظن سهوا فسجد فبان عدمه سجد في الأصح.

(1/34)


باب تسن سجدات التلاوة
وهن في الجديد أربع عشرة منها سجدتا الحج لا ص بل هي سجدة شكر تستحب في غير الصلاة وتحرم فيها على الأصح وتسن للقارىء والمستمع وتتأكد بسجود القارىء.
قلت: وتسن للسامع والله أعلم وإن قرأ في الصلاة سجد الإمام والمنفرد لقراءته فقط والمأموم لسجدة إمامه فإن سجد إمامه فتخلف أو انعكس بطلت صلاته ومن سجد خارج الصلاة نوى وكبر للإحرام رافعا يديه ثم للهوى بلا رفع وسجد كسجدة الصلاة ورفع مكبرا وسلم وتكبيرة الإحرام شرط على الصحيح وكذا السلام في الأظهر وتشترط شروط الصلاة ومن سجد فيها كبر للهوى وللرفع ولا يرفع يديه.
قلت: ولا يجلس للاستراحة والله أعلم ويقول سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته ولو كرر آية في مجلسين سجد لكل وكذا المجلس في الأصح وركعة كمجلس وركعتان كمجلسين فإن لم يسجد وطال ال فصل لم يسجد وسجدة الشكر لا تدخل الصلاة وتسن لهجوم نعمة أو اندفاع نقمة أو رؤية مبتلى أو عاص ويظهرها للعاصي لا للمبتلي وهي كسجدة التلاوة والأصح جوازهما على الراحلة للمسافر فإن سجد تلاوة صاة جاز عليها قطعا.

(1/35)


الصبح وركعتان قبل الظهر وكذا بعدها وبعد المغرب والعشاء وقيل: لا راتب للعشاء وقيل: أربع قبل الظهر وقيل: وأربع بعدها وقيل: وأربع قبل العصر والجميع سنة وإنما الخلاف في الراتب المؤكد وركعتان خفيفتان قبل المغرب.
قلت: هما سنة على الصحيح ففي صحيح البخاري الأمر بهما وبعد الجمعة أربع وقبلها ما قبل الظهر والله أعلم ومنه الوتر وأقله ركعة وأكثره إحدى عشرة وقيل: ثلاث عشرة ولمن زاد على ركعة الفصل وهو أفضل والوصل بتشهد أو تشهدين في الآخرتين ووقته بين صلاة العشاء وطلوع الفجر وقيل: شرط الإيثار بركعة سبق نفل بعد العشاء ويسن جعله آخر صلاة الليل فإن أوتر ثم تهجد لم يعده وقيل: يشفعه بركعة ثم يعيده ويندب القنوت آخر وتره في النصف الثاني من رمضان وقال كل سنة وهو كقنوت الصبح ويقول قبله اللهم إنا نستعينك ونستغفرك إلى آخره.
قلت: الأصح بعده أن الجماعة تندب في الوتر عقب التراويح جماعة والله أعلم ومنه الضحى وأقلها ركعتان وأكثرها ثنتا عشرة وتحية المسجد ركعتان وتحصل بفرض أو نفل آخر لا بركعة على الصحيح.
قلت: وكذا الجنازة وسجدة التلاوة والشكر وتتكر بتكرر الدخول على قرب في الأصح والله أعلم ويدخل وقت الرواتب قبل الفرض بدخول وقت الفرض وبعده بفعله ويخرج النوعان بخروج وقت الفرض ولو فات النفل المؤقت ندب قضاؤه في الأظهر وقسم يسن جماعة كالعيد والكسوف والاستسقاء وهو أفضل مما لا يسن جماعة لكن الأصح تفضيل الراتبة على التراويح وأن الجماعة تسن في التراويح ولا حصر للنفل المطلق فإن أحرم بأكثر من ركعة فله التشهد في كل ركعتين وفي كل ركعة.

(1/36)


قلت: الصحيح منعه في كل ركعة والله أعلم وإذا نوى عددا فله أن يزيد وينقص بشرط تغيير النية قبلهما وإلا فتبطل فلو نوى ركعتين فقام إلى ثالثة سهوا فالأصح أنه يقعد ثم يقوم للزيادة إن شاء.
قلت: نفل الليل أفضل وأوسطه أفضل ثم آخره وأن يسلم من كل ركعتين ويسن التهجد ويكره قيام كل الليل دائما وتخصيص ليلة الجمعة بقيام وترك تهجد اعتاده. والله أعلم.

(1/37)


باب صلاة النفل
قسمان قسم لا يسن جماعة فمنه الرواتب مع الفرائض وهي ركعتان قبل

(1/35)


كتاب صلاة الجماعة
مدخل
...
كتاب صلاة الجماعة
هي في الفرائض غير الجمعة سنة مؤكدة وقيل: فرض كفاية للرجال فتجب بحيث يظهر الشعار في القرية فإن امتنعوا كلهم قوتلوا ولا يتأكد الندب للنساء تأكده للرجال في الأصح.
قلت: الأصح المنصوص أنها فرض كفاية وقيل: عين والله أعلم وفي المسجد لغير المرأة أفضل وما كثر جمعه أفضل إلا لبدعة إمامه أو بعطل مسجد قريب لغيبته وإدراك تكبيرة الإحرام فضيلة وإنما تحصل بالإستغال بالتحريم عقب تحرم إمامه وقيل: بإدراك بعض القيام وقيل: بأول ركوع والصحيح إدراك الجماعة ما لم يسلم وليخفف الإمام مع فعل الأبعاض والهيآت إلا أن يرضى بتطويله محصورون ويكره التطويل ليلحق آخرون ولو أحسن في الركوع أو التشهد الأخير بداخل لم يكره انتظاره في الأظهر إن لم يبالغ فيه ولم يفرق بين الداخلين.
قلت: المذهب استحباب انتظاره والله أعلم ولا ينتظر في غبرهما ويسن للمصلي وحده وكذا جماعة في الأصح عادتها مع جماعة يدركها وفرضه الأولى في الجديد والأصح أنه ينوي بالثانية الفرض ولا رخصة في تركها وإن قلنا سنة إلا بعذر عام كمطر أو ريح عاصف بالليل وكذا وحل شديد على الصحيح أو خاص كمرض وحر وبرد شديدين وجوع وعطش ظاهرين ومدافعة حدث وخوف ظالم على نفس أو مال وملازمة غريم معسر

(1/38)


أو عقوبة يرجى تركها إن تغيب أياما وعرى وتأهب لسفر مع رفقة ترحل وأكل ذي ريح كريه وحضور قريب محتضر أو مريض بلا متعهد أو يأنس به.
فصل
لا يصح اقتداؤه بمن يعلم بطلان صلاته أو يعتقده كمجتهدين اختلفا في القبلة أو إناءين فإن تعدد الطاهر والأصح الصحة ما لم يتعين إناء الإمام للنجاسة فإن ظن طهارة إناء غيره اقتدى به قطعا فلو اشتبه خمسة فيها نجس على خمسة فظن كل طهارة إناء فتوضأ به وأم كل في صلاة ففي الأصح يعيدون العشاء إلا إمامها فيعيد المغرب ولو اقتدى شافعي بحنفي مس فرجه أو افتصد فالأصح الصحة في الفصد دون المس اعتبار أبنية المقتدي ولا تصح قدوة بمقتد ولا بمن تلزمه إعادة كمقيم تيمم ولا قارىء بأمي في الجديد وهو من يخل بحرف أو تشديدة من الفاتحة ومنه أرت يدغم في غير موضعه وألثغ يبدل حرفا بحرف وتصح بمثله وتكره بالتمتام والفأفاء واللاحن فإن غير معنى كأنعمت بضم أو كسر أبطل صلاة من أمكنه التعلم فإن عجز لسانه أو لم يمض زمن إمكان تعلمه فإن كان في الفاتحة فكأمي وإلا فتصح صلاته والقدوة به ولا تصح قدوة رجل ولا خنثى بامرأة ولا خنثى ولا تصح للمتوضيء بالمتيمم وبماسح الخف وللقائم بالقاعد والمضطجع وللكامل بالصبي والعبد والأعمى والبصير سواء على النص والأصح صحة قدوة السليم بالسلس

(1/39)


والطاهر بالمستحاضة غير المتحيرة ولو بان أمامه امرأة أو كافرا معلنا قيل: أو مخفيا وجبت الإعادة لا جنبا وإذا نجاسة خفية.
قلت: الأصح النصوص هو قول الجمهور أن مخفي الكفر هنا كمعلنه والله أعلم والأمي كالمرأة في الأصح ولو اقتدى بخنثى فبان رجلا لم يسقط القضاء في الأظهر والعدل أولى من الفاسق والأصح أن الأفقه أولى من الأقرإ والأورع ويقدم الأفقه والأقرأ على الأسن النسيب والجديد تقديم الأسن على النسب فإن استويا فبنظافة الثوب والبدن وحسن الصوت وطيب الصنعة ونحوها ومستحق المنفعة بملك ونحوه أولى فإن لم يكن أهلا فله التقديم ويقدم على عبده الساكن لا مكاتبه في ملكه والأصح تقديم المكتري على المكري والمعير على المستعير والوالي في محل ولايته أولى من الأفقه والمالك.
فصل
لا يتقدم على إمامه في الموقف فإن تقدم بطلت في الجديد ولا تضر مساواته ويندب تخلفه قليلا والإعتبار بالعقب ويستديرون في المسجد الحرام حول الكعبة ولا يضر كونهم أقرب إلى الكعبة في غير جهة الإمام في الأصح وكذا لو وقفا في الكعبة واختلف جهتاهما ويقف الذكر عن يمينه فإن حضر آخر أحرم عن يساره ثم يتقدم الإمام أو يتأخران وهو أفضل ولو حضر رجلان أو رجل وصب صفا خلفه وكذا امرأة أو نسوة ويقف خلفه الرجال ثم الصبيان ثم النساء وتقف إمامتهن وسطهن ويكره وقوف المأموم فردا بل يدخل الصف إن وجد سعة وإلا فليجر شخصا بعد الإحرام وليساعده المجرور ويشترط علمه بانتقالات

(1/40)


الإمام بأن يراه أو بعض صف أو يسمعه أو مبلغا وإذا جمعهما مسجد صح الإقتداء وإن بعدت المسافة وحالت أبنية ولو كانا بفضاء شرط أن لا يزيد ما بينهما على ثلاثمائة ذراع تقريبا وقيل: تحديدا فإن تلاحق شخصان أو صفان اعتبرت المسافة بين الأخير والأول وسواء الفضاء المملوك والوقف والمبعض ولا يضر الشارع المطروق والنهر المحوج إلى سباحة على الصحيح فإن كانا في بناءين كصحن وصفة أو بيت فطريقان أصحهما إن كان بناء المأموم يمينا أو شمالا وجب اتصال صف من أحد البناءين بالآخر ولا تضر فرجه لاتسع واقفا في الأصح وإن كان خلف بناء الإمام فالصحيح صحة القدوة بشرط أن لا يكون بين الصفين أكثر من ثلاثة أذرع والطريق الثاني لا يشترط إلا القرب كالفضاء إن لم يكن حائل أو حال باب نافذ فإن حال ما يمنع المرور لا الرؤية فوجهان أو جدار بطلت باتفاق الطريقين.
قلت: الطريق الثاني أصح والله أعلم وإذا صح اقتداؤه في بناء آخر صح اقتداء من خلفه وإن حال جدار بينه وبين الإمام ولو وقف في علو وإمامه في أسفل أو عكسه شرط محاذاة بعض بدنه بعض بدنه ولو وقف في موات وإمامه في مسجد فإن لم يحل شيء فالشرط التقارب معتبرا من آخر المسجد وقيل: من آخر صف وإن حال جدار أو باب مغلق منع وكذا الباب المردود والشباك في الأصح.
قلت: يكره ارتفاع المأموم على إمامه وعكسه إلا لحاجة فيستحب ولا يقوم حتى يفرغ المؤذن من الإقامة ولا يبتدىء نفلا بعد شروعه فيها فإن كان فيها أئمة إن لم يخش فوت الجماعة. والله أعلم.
فصل
شرط القدوة أن ينوي المأموم مع التكبير الإقتداء أو الجماعة والجمعة كغيرها على الصحيح فلو ترك هذه النية وتابع في الأفعال بطلت صلاته على الصحيح ولا يجب تعيين

(1/41)


الإمام فإن عينه وأخطأ بطلت صلاته ولا يشترط للإمام نية الإمامة وتستحب فلو أخطأ في تعيين تابعه لم يضر وتصح قدوة المؤدي بالقاضي والمفترض بالمتنفل وفي الظهر بالعصر وبالعكوس وكذا الظهر بالصبح والمغرب وهو كالمسبوق ولا تضر متابعة الإمام في القنوت والجلوس الآخر في المغرب وله فراقه إذا اشتغل بهما ويجوز الصبح خلف الظهر في الأظهر فإذا قام للثالثة فإن شاء فارقه وسلم وإن شاء انتظره ليسلم معه.
قلت: انتظاره أفضل والله أعلم وإن أمكنه القنوت في الثانية قنت وإلا تركه وله فراقه ليقنت فإن اختلف فعلهما كمكتوبة وكسوف أو جنازة لم يصح على الصحيح.
فصل
تجب متابعة الإمام في أفعال الصلاة بأن يتأخر ابتداء فعله عن ابتدائه ويتقدم على فراغه منه فإن قارنه لم يضر إلا تكبيرة إحرام وإن تخلف بركن بأن فرغ الإمام منه وهو فيما قبله لم تبطل في الأصح أو بركنين بأن فرغ منهما وهو فيما قبلهما فإن لم يكن عذر بطلت وإن كان بأن أسرع قراءته وركع قبل إتمام المأموم الفاتحة فقيل: يتبعه وتسقط البقية والصحيح يتمها ويسعى خلفه ما لم يسبق بأكثر من ثلاثة أركان مقصودة وهي الطويلة فإن سبق بأكثر فقيل: يفارقه والأصح يتبعه فيما هو فيه ثم يتدارك بعد سلام الإمام ولو لم يتم الفاتحة لشغله بدعاء الافتتاح فمعذور هذا كله في الموافق فأما مسبوق ركع الإمام في فاتحته فالأصح أنه إن لم يشتغل بالافتتاح والتعوذ ترك قراءته وركع وهو مدرك للركعة وإلا لزمه قراءة بقدره ولا يشتغل المسبوق بسنة بعد التحرم بل بالفاتحة إلا أن يعلم إدراكها ولو علم المأموم في ركوعه أنه ترك الفاتحة أو شك لم يعد إليها بل يصلي ركعة بعد سلام الإمام

(1/42)


فلو علم أو شك وقد ركع الإمام ولم يركع هو قرأها وهو متخلف بعذر وقيل: يركع ويتدارك بعد سلام الإمام ولو سبق إمامه بالتحرم لم تنعقد أو بالفاتحة أو التشهد لم يضره ويجزئه وقيل: يجب إعادته ولو تقدم بفعل كركوع وسجود إن كان بركنين بطلت وإلا فلا وقيل: تبطل بركن.
فصل
خرج الإمام من صلاته انقطعت القدوة فإن لم يخرج وقطعها المأموم جاز وفي قول لا يجوز إلا بعذر يرخص في ترك الجماعة ومن العذر تطويل الإمام أو تركه سنة مقصودة كتشهد ولو أحرم منفردا ثم نوى القدوة في خلال صلاته جاز في الأظهر وإن كان في ركعة أخرى ثم يتبعه قائما كان أو قاعدا فإن فرغ والإمام أولا فهو كمسبوق أو هو فإن شاء فارقه وإن شاء انتظر ليسلم معه وما أدركه المسبوق فأول صلاته فيعيد في الباقي القنوت ولو أدرك ركعة من المغرب تشهد في ثانيته وإن أدركه راكعا أدرك الركعة.
قلت: بشرط أن يطمئن قبل ارتفاع الإمام عن أقل الركوع والله أعلم ولو شك في إدراك حد الإجزاء لم تحسب ركعته في الأظهر ويكبر للإحرام ثم للركوع فإن نواهما بتكبيرة لم تنعقد وقيل: تنعقد وقيل: تنعقد نفلا وإن لم ينو بها شيئا لم تنعقد على الصحيح ولو أدركه في اعتداله فما بعده انتقل معه مكبرا والأصح أنه يوافقه في التشهد والتسبيحات وأن من أدركه في سجدة لم يكبر للانتقال إليها وإذا سلم الإمام قام المسبوق مكبرا إن كان موضع جلوسه وإلا فلا في الأصح

(1/43)


باب صلاة المسافر
إنما تقصر رباعية مؤداة في السفر الطويل المباح لا فائتة الحضر ولو قضى فائتة السفر فالأظهر قصره في السفر دون الحضر ومن سافر من بلدة فأول سفره مجاوزه سورها فإن كان وراءه عمارة اشترط مجاوزتها في الأصح.
قلت: الأصح لا يشترط والله أعلم فإن لم يكن سور فأوله مجاوزة العمران إلى الخراب والبساتين والقرية كبلدة وأول سفر ساكن الخيام مجاوزة الحلة وإذا رجع انتهى سفره ببلوغه ما شرط مجاوزته ابتداء ولو نوى إقامة أربعة أيام بموضع انقطع سفره بوصوله ولا يحسب منها يوما دخوله وخروجه على الصحيح لو أقام ببلد بنية أن يرحل إذا حصلت حاجة يتوقعها كل وقت قصر ثماينة عشر يوما وقيل: أربعة وفي قول أبدا وقيل: الخلاف في خائف القتال لا التاجر ونحوه ولو علم بقاءها مدة طويلة فلا قصر على المذهب.
فصل
طويل السفر ثمانية وأربعون ميلاها شمية.
قلت: وهي مرحلتان بسير الأثقال والبحر كالبر فلو قطع الأميال فيه في ساعة قصر والله أعلم ويشترط قصد موضع معين أولا فلا قصر للهائم وإن طال تردده ولا طالب غريم وآبق يرجع متى وجده ولا يعلم موضعه ولو كان لمقصده طريقان طويل وقصير فسلك الطويل

(1/44)


لغرض كسهولة أو أمن قصر وإلا فلا في الأظهر ولو اتبع العبد أو الزوجة أو الجندي مالك أمره في السفر ولا يعرف مقصده فلا قصر فلو نووا مسافة القصر قصر الجندي دونهما ومن قصد سفرا طويلا فسار ثم نوى رجوعا انقطع فإن سار فسفر جديد ولا يترخص العاصي بسفره كآبق وناشزة فلو أنشأ مباحا ثم جعله معصية فلا ترخص في الأصح ولو أنشأه عاصيا ثم تاب فمشا السفر من حين التوبة ولو اقتدى بمتم لحظة لزمه الإتمام ولو رعف الإمام المسافر واستخلف متما أتم المقتدون وكذا الوعاد الإمام واقتدى به ولو لزم الإتمام مقتديا ففسدت صلاته أو صلاة إمامه أو بان أمامه محدثا أتم ولو اقتدى بمن ظنه مسافرا فبان مقيما أو بمن جهل سفره أتم ولو علمه مسافرا وشك في نيته قصر ولو شك فيها فقال إن قصر قصرت وإلا أتممت قصر في الأصح ويشترط للقصر نيته في الإحرام والتحرز عن منافيها دواما ولو أحرم قاصرا ثم تردد في أنه يقصر أو يتم أو في أنه نوى القصر أو قام إمامه لثالثة فشك هل هو متم أم ساه أتم ولو قام القاصر لثالثة عمدا بلا موجب للإتمام بطلت صلاته وإن كان سهوا عاد وسجد له وسلم فإن أراد أن يتم عاد ثم نهض متما ويشترط كونه مسافرا في جمع صلاته فلو نوى الإقامة فيها أو بلغت سفينته دار إقامته أتم وأقصر أفضل من الإتمام على المشهور إذا بلغ ثلاث مراحل والصوم أفضل من الفطر إن لم يتضرر به.
فصل
يجوز الجمع بين الظهر والعصر تقديما وتأخيرا والمغرب والعشاء كذلك في السفر الطويل وكذا القصير في قول فإن كان سائرا وقت الأولى فتأخيرها أفضل وإلا فعكسه.

(1/45)


وشروط التقديم ثلاثة البداءة لأولى فلو صلاهما فبان فسادها فسدت الثانية ونية الجمع ومحلها أول الأولى وتجوز في أثنائها في الأظهر والموالاة بأن لا يطول بينهما فصل فإن طال ولو بعذر وجب تأخير الثانية إلى وقتها ولا يضر فصل يسير ويعرف طوله بالعرف وللمتيمم الجمع على الصحيح ولا يضر تخلل طلب خفيف ولو مع ثم علم ترك ركن من الأولى بطلتا ويعيدهما جامعا أو من الثانية فإن لم يطل تدارك وإلا فباطلة ولا جمع ولو جهل أعادهما لوقتيهما وإذا أخر الأولى لم يجب الترتيب والموالاة ونية الجمع على الصحيح ويجب كون التأخير بنية الجمع وإلا فيعصى وتكون قضاء ولو جمع تقديما فصار بين الصلاتين مقيما بطل الجمع وفي الثانية وبعدها لا يبطل في الأصح أو تأخيرا فأقام بعد فراغها لم يؤثر وقبله يجعل الأولى قضاء ويجوز الجمع بالمطر تقديما والجديد منعه تأخيرا وشرط التقديم وجوده أولها والأصح اشتراطه عند سلام الأولى والثلج والبرد كمطران ذابا والأظهر تخصيص الرخصة بالمصلي جماعة بمسجد بعيد يتأذى بالمطر في طريقه.

(1/46)


باب صلاة الجمعة
إنما تتعين على كل مكلف حر ذكر مقيم بلا مرض ونحوه ولا جمعة على معذورة بمرخص في ترك الجماعة والمكاتب وكذا من بعضه رقيق على الصحيح ومن صحت طهره صحت جمعته وله أن ينصرف من الجامع إلا المريض ونحوه فيحرم انصرافه إن دخل الوقت إلا أن يزيد ضرره بانتظاره وتلزم الشيخ الهرم والزمن إن وجدا مركبا ولم يشق

(1/46)


الركوب والأعمى يجد قائدا وأهل القرية إن كان فيهم جمع تصح به الجمعة أو بلغهم صوت عال في هدو من طرف يليهم لبلد الجمعة لزمتهم وإلا فلا ويحرم على من لزمه السفر بعد الزوال إلا أن تمكنه الجمعة في طريقه أو يتضرر بتخلفه عن الرفقة وقبل الزوال كبعده في الجديد إن كان سفرا مباحا وإن كان طاعة جاز.
قلت: الأصح إن الطاعة كالمباح والله أعلم ومن لا جمعة عليهم تسن الجماعة في ظهرهم في الأصح ويخفونها إن خفي عذرهم ويندب لمن أمكن زوال عذره تأخير ظهره إلى اليأس من الجمعة ولغيره كالمرأة والزمن تعجيلها ولصحتها مع شرط غيرها شروط: أحدها: وقت الظهر فلا تقضي جمعة فلو ضاق عنها صلوا ظهرا ولو خرج وهم فيها وجب الظهر بناء وفي قول استئنافا والمسبوق كغيره وقيل: بتمامها جمعة الثاني: أن تقام في خطة أبنية أوطان المجمعين ولو لازم أهل الخيام الصحراء أبدا فلا جمعة في الأظهر الثالث: أن لا يسبقها ولا يقارنها جمعة في بلدتها إلا إذا كبرت وعسر اجتماعهم في مكان وقيل: لا تستثنى هذه الصورة وقيل: إن حال نهر عظيم بين شقيها كانا كبلدين وقيل: إن كانت قرى فاتصلت تعددت الجمعة بعددها فلو سبقت جمعة فالصحيحة السابقة وفي قول إن كان السلطان مع الثانية فهي الصحيحة والمعتبر سبق التحريم وقيل: التحلل وقيل: بأول الخطبة فلو وقعتا معا أو شك استؤنفت الجمعة وإن سبقت إحداهما ولم تتعين أو تعينت ونسيت صلوا ظهرا وفي قول جمعة الرابع: الجماعة وشرطها كغيرها وأن تقام بأربعين مكلفا حرا ذكرا مستوطنا لا يظعن شتاء ولا صيفا إلا لحاجة والصحيح انعقادها بأربعين وأن الإمام لا يشترط كونه فوق أربعين ولو انفض الأربعون أو بعضهم في الخطبة لم يحسب المفعول في غيبتهم ويجوز البناء على ما مضى إن عادوا قبل طول الفصل وكذا بناء الصلاة على الخطبة أن انفضوا بينهما فإن عادوا بعد طوله وجب الاستئناف في الأظهر وإن انفضوا في الصلاة بطلت وفي قول لا إن بقي اثنان وتصح خلف العبد والصبي والمسافر

(1/47)


في الأظهر إذا أتم العدد بغيره ولو بان الإمام جنبا أو محدثا صحت جمعتهم في الأظهر إن تم العدد بغيره وإلا فلا ومن لحق الإمام المحدث راكعا لم تحسب ركعة على الصحيح الخامس خطبتان قبل الصلاة وأركانهما خمسة حمد الله تعالى والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولفظهما متعين والوصية بالتقوى ولا يتعين لفظها على الصحيح وهذه الثلاثة أركان في الخطبتين والرابع: قراءة آية في إحداهما وقيل: في الأولى وقيل: فيهما وقيل: لا تجب والخامس: ما يقع عليه اسم دعاء للمؤمنين في الثانية وقيل: لا يجب ويشترط كونها عربية مرتبة الأركان الثلاثة الأولى وبعد الزوال والقيام فيها إن قدر والجلوس بينهما وإسماع أربعين كاملين والجديد أنه لا يحرم عليهم الكلام ويسن لإنصات.
قلت: الأصح أن ترتيب الأركان ليس بشرط والله أعلم والأظهر اشتراط الموالاة وطهارة الحدث والخبث والستر وتسن على منبر أو مرتفع ويسلم على من عند المنبر وأن يقبل عليهم إذا صعد ويسلم عليهم ويجلس ثم يؤذن وأن تكون بليغة مفهومة قصيرة ولا يلتفت يمينا وشمالا في شيء منها ويعتمد على سيف وعصا ونحوه ويكون جلوسه بينهما نحو سورة الإخلاص وإذا فرغ شرع المؤذن في الإقامة وبادر الإمام ليبلغ المحراب مع فراغه ويقرأ في الأولى الجمعة وفي الثانية المنافقين جهرا.
فصل
يسن الغسل لحاضرها وقيل: لكل أحد ووقته من الفجر وتقريبه من ذهابه أفضل فإن عجز تيمم في الأصح ومن المسنون غسل العيد والكسوف والاستسقاء ولغاسل الميت

(1/48)


والمجنون والمغمى عليه إذا أفاقا والكافر إذا أسلم وأغسال الحج وآكدها غسل غاسل الميت ثم الجمعة وعكسه القديم.
قلت: القديم هنا اظهر ورجحه لأكثرون وأحاديث صحيحة كثيرة وليس للجديد حديث صحيح والله أعلم ويسن التبكير إليها ماشيا بسكينة وأن يشتغل في طريقه وحضوره بقراءة أو ذكر ولا يتخطى وأن يتزين بأحسن ثيابه وطيب وإزالة الظفر والريح.
قلت: وأن يقرأ الكهف يومها وليلتها ويكثر الدعاء والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحرم على ذي الجمعة التشاغل بالبيع وغيره بعد الشروع في الأذان بين يدي الخطيب فإن باع صح ويكره قبل الأذان بعد الزوال. والله أعلم.
فصل
من أدرك ركوع الثانية أدرك الجمعة فيصلي بعد سلام الإمام ركعة وإن أدركه بعده فاتته فيتم بعد سلامه ظهرا أربعا والأصح أنه ينوي في اقتدائه الجمعة وإذا خرج الإمام من الجمعة أو غيرها بحدث أو غيره جاز الاستخلاف في الأظهر ولا يستخلف للجمعة إلا مقتديا به قبل حدثه ولا يشترط كونه حضر الخطبة ولا الركعة الأولى في الأصح فيهما ثم إن كان أدرك الأولى تمت جمعتهم وإلا فتتم لهم دونه في الأصح ويراعى المسبوق نظم المستخلف فإذا صلى ركعة تشهد وأشار إليهم ليفارقوه أو ينتظروا ولا يلزمهم استئناف نية القدوة في الأصح ومن زوحم عن السجود فأمكنه على إنسان فعل وإلا فالصحيح أنه ينتظر

(1/49)


ولا يؤمىء به ثم إن تمكن قبل ركوع إمامه سجد فإن رفع والإمام قائم قرأ أو راكع فالأصح يركع وهو كمسبوق فإن كان إمامه فرغ من الركوع ولم يسلم وافقه فيما هو فيه ثم صلى ركعة بعده وإن كان سلم فاتت الجمعة وإن لم يمكنه السجود حتى ركع الإمام ففي قول يراعي نظم نفسه والأظهر أنه يرفع معه ويحسب ركوعه الأول في الأصح فركعته ملفقة من ركوع الأولى وسجود الثانية وتدرك بها الجمعة في الأصح فلو سجد على ترتيب نفسه عالما بأن واجبه المتابعة بطلت صلاته وإن نسي أو جهل لم يحسب سجوده الأول فإذا سجد ثانيا حسب والأصح إدراك الجمعة بهذه الركعة إذا كملت السجدتان قبل سلام الإمام ولو تخلف بالسجود ناسيا حتى ركع الإمام للثانية ركع معه على المذهب.

(1/50)


باب صلاة الخوف
هي أنواع الأول: يكون العدو في القبلة فيرتب الإمام القوم صفين ويصلي بهم فإذا سجد سجد معه صف سجدتيه وحرس صف فإذا قاموا سجد من حرس ولحقوه وسجد معه في الثانية من حرس أولا وحرس الآخرون فإذا جلس سجد من حرس وتشهد بالصفين وسلم وهذه صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان ولو حرس فيهما فرقتا صف جاز وكذا فرقة في الأصح. الثاني: يكون في غيرها فيصلي مرتين كل مرة بفرقة وهذه صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ببطن نخل أو تقف فرقة في وجهه ويصلي بفرقة ركعة فإذا قام للثانية فارقته وأتمت وذهبت إلى وجهه وجاء الواقفون فاقتدوا به فصلى بهم الثانية فإذا جلس للتشهد قاموا فأتموا ثانيتهم ولحقوه وسلم بهم وهذه صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بذات الرقاع والأصح أنها أفضل من بطن نخل ويقرأ الإمام في انتظاره الثانية ويتشهد وفي قول يؤخر لتلحقه فإن صلى مغربا فبفرقة ركعتين

(1/50)


وبالثانية ركعة وهو أفضل من عكسه في الأظهر وينتظر في تشهده أو قيام الثالثة: وهو أفضل في الأصح أو رباعية فبكل ركعتين فلو صلى بكل فرقة ركعة صحت صلاة الجميع في الأضهر وسهو كل فرقة محمول في أولاهم وكذا ثانية الثانية في الأصح لا ثانية الأولى وسهوه في الأولى يلحق الجميع وفي الثانية لا يلحق الأولين ويسن حمل السلاح في هذه الأنواع وفي قول يجب الرابع: أن يلتحم القتال أو يشتد الخوف فيصلي كيف أمكن راكبا وماشيا ويعذر في ترك القبلة وكذا الأعمال الكثيرة لحاجة في الأصح لا صياح ويلقى السلاح إذا دمى فإن عجز أمسكه ولا قضاء في الأظهر وإن عجز عن ركوع وسجود أومأ والسجود أخفض وله ذا النوع في كل قتال وهزيمة مباحين وهرب من حريق وسيل وسبع وغريم عند الإعسار وخوف حبسه والأصح منعه لمحرم خاف فوت الحج ولو صلوا لسواد ظنوه عدوا فبان غيره قضوا في الأظهر.
فصل
يحرم على الرجل استعمال الحرير بفرش وغيره ويحل للمرأة لبسه والأصح تحريم افتراشها وأن للولي إلباسه الصبي.
قلت: الأصح حل افتراشها وبه قطع العراقيون وغيرهم والله أعلم ويجوز للرجل لبسه للضرورة كحر وبرد مهلكين أو فجأة حرب ولم يجد غيره للحاجة كجرب وحكة ودفع

(1/51)


قمل وللقتال كديباج لا يقوم غيره مقامه ويحرم المركب من ابر يسم وغيره إن زاد وزن الإبر يسم ويحل عكسه وكذا إن استويا في الأصح ويحل ما طرز أو طرف بحرير قدر العادة ولبس الثوب النجس في غير الصلاة ونحوها لا جلد كلب وخنزير إلا لضرورة كفجأة قتال وكذا جلد الميتة في الأصح ويحل الاستصباح بالدهن النجس على المشهور.

(1/52)


باب صلاة العيدين
هي سنة وقيل: فرض كفاية وتشرع جماعة للمنفرد والعبد والمرأة والمسافر ووقتها بين طلوع الشمس وزوالها ويسن تأخيرها لترتفع كرمح وهي ركعتان يحرم بهما ثم يأتي بدعاء الافتتاح ثم سبع تكبيرات يقف بين كل ثنتين كآية معتدلة يهلل ويكبر ويمجد ويحسن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثم يتعوذ ويقرأ ويكبر في الثانية خمسا قبل القراءة ويرفع يديه في الجميع ولسن فرضا ولا بعضا ولو نسيها وشرع في القراءة فاتت وفي القديم يكبر ما لم يرفع ويقرأ بعد الفاتحة في الأولى ق وفي الثانية اقتربت بكمالها جهرا ويسن بعدها خطبتان أركانهما كهي في الجمعة ويعلمهم في الفطر الفطرة وفي الأضحى الأضحية يفتتح الأولى بتسع تكبيرات والثانية بسبع ولاء ويندب الغسل ويدخل وقته بنصف الليل وفي قول بالفجر والتطيب والتزين كالجمعة وفعلهم بالمسجد أفضل وقيل: بالصحراء إلا لعذر ويستخلف من يصلي بالضعفة ويذهب في طريق ويرجع في أخرى ويبكر الناس ويحضر الإمام وقت صلاته ويعجل في الأضحى.

(1/52)


قلت: ويأكل في عيد الفطر قبل الصلاة ويمسك الأضحى ويذهب ماشيا بسكينة ولا يكره النفل قبلها لغير الإمام. والله أعلم.
فصل
يندب التكبير بغروب الشمس ليلتي العيد في المنازل والطرق والمساجد والأسواق برفع الصوت والأظهر إدامته حتى يحرم الإمام بصلاة العيد ولا يكبر الحاج ليلة الأضحى بل يلبي ولا يسن ليلة الفطر عقب الصلوات في الأصح ويكبر الحاج من ظهر النحر ويختم بصبح آخر التشريق وغيره كهو في الأظهر وفي قول من مغرب ليلة النحر وفي قول من صبح عرفة ويختم بعصر آخر التشريق والعمل على هذا والأظهر أنه يكبر في هذه الأيام للفائتة والراتبة والنافلة وصيغته المحبوبة الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد ويستحب أن يزيد كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا ولو شهدوا يوم الثلاثين قبل الزوال برؤية الهلال الليلة الماضية أفطرنا وصلينا العيد وإن شهدوا بعد الغروب لم تقبل الشهادة أو بين الزوال والغروب أفطرنا وفاتت الصلاة ويشرع قضاؤها متى شاء في الأظهر وقيل: في قول تصلي من الغد أداء.

(1/53)


باب صلاة الكسوفين
هي سنة فيحرم بنية صلاة الكسوف ويقرأ الفاتحة ويركع ثم يرفع ثم يقرأ الفاتحة ثم يركع ثم يرفع ثم يعتدل ثم يسجد فهذه ركعة ثم يصلي ثانية كذلك ولا يجوز زيادة ركوع ثالث لتمادي الكسوف ولانقصه للإنجلاء في الأصح والأكمل أن يقرأ في القيام الأول بعد الفاتحة البقرة وفي الثاني كمائتي آية منها وفي الثالث: مائة وخمسين والرابع: مائة تقريبا

(1/53)


ويسبح في الركوع الأول قدر مائة من البقرة وفي الثاني ثمانين والثالث: سبعين والرابع: خمسين تقريبا ولا يطول السجدات في الأصح.
قلت: الصحيح تطويلها ثبت في الصحيحين ونص في البويطي أنه يطولها نحو الركوع الذي قبلها والله أعلم وتسن جماعة ويجهر بقراءة كسوف القمر لا الشمس ثم يخطب الإمام خطبتين بأركانهما في الجمعة ويحث على التوبة والخير ومن أدرك الإمام في ركوع أول أدرك الركعة أو في ثان او قيام ثان فلا في الأظهر وتفوت صلاة الشمس بالإنجلاء وبغروبها كاسفة والقمر بالإنجلاء وطلوع الشمس لا الفجر في الجديد ولا بغروبه خاسفا ولو اجتمع كسوف وجمعة أو فرض آخر قدم الفرض إن خيف فوته وإلا فالأظهر تقديم الكسوف ثم يخطب للجمعة متعرضا للكسوف ثم يصلي الجمعة ولو اجتمع عيد أو كسوف وجنازة قدمت الجنازة.

(1/54)


باب صلاة الإستسقاء
هي سنة عند الحاجة وتعاد ثانيا وثالثا إن لم يسقوا فإن تأهبوا للصلاة فسقوا قبلها اجتمعوا للشكر والدعاء ويصلون على الصحيح ويأمرهم الإمام بصيام ثلاثة أيام أولا والتوبة والتقرب إلى الله تعالى بوجوه البر والخروج من المظالم ويخرجون إلى الصحراء في الرابع: صياما في ثياب بذلة وتخشع ويخرجون الصبيان والشيوخ وكذا البهائم في الأصح ولا يمنع أهل الذمة الحضور ولا يختلطون بنا وهي ركعتان كالعيد لكن قيل: يقرأ في الثانية: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً} 1 ولا تختص بوقت العيد في الأصح ويخطب كالعيد لكن يستغفر الله تعالى
__________
1 سورة نوح، آية:1.

(1/54)


بدل التكبير ويدعو في الخطبة الأولى اللهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريئا مريعا غدقا مجللا سحا طبقا دائما اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا ويستقبل القبلة بعد صدر الخطبة الثانية ويبالغ في الدعاء سرا وجهرا ويحول رداءه عند استقباله فيجعل يمينه يساره وعكسه وينكسه على الجديد فيجعل أعلاه أسفله وعكسه ويحول الناس مثله.
قلت: ويترك محولا حتى ينزع الثياب ولو ترك الإمام الاستسقاء فعله الناس ولو خطب قبل الصلاة جاز ويسن أن يبرز لأول مطر السنة ويكشف غير عورته ليصيبه وأن يغتسل أو يتوضأ في السيل ويسبح عند الرعد والبرق ولا يتبع بصره البرق ويقول عند المطر اللهم صيبا نافعا ويدعو بما شاء وبعده مطرنا بفضل الله ورحمته ويكره مطرنا بنوء كذا وسب الريح ولو تضرروا بكثرة المطر فالسنة أن يسألوا الله تعالى رفعه اللهم حوالينا ولا علينا ولا يصلى لذلك. والله أعلم.

(1/55)


باب إن ترك الصلاة جاحدا وجوبها
كفر أو كسلا قتل حدا والصحيح قتله بصلاة فقط بشرط إخراجها عن وقت الضرورة ويستتاب ثم يضرب عنقه وقيل: ينخس بحديدة حتى يصلي أو يموت ويغسل ويصلى عليه ويدفن مع المسلمين ولا يطمس قبره.

(1/55)