منهاج الطالبين وعمدة المفتين في الفقه

كتاب الجنائز
ليكثر ذكر الموت ويستعد بالتوبة ورد المظالم والمريض آكد ويضجع المحتضر لجنبه الأيمن إلى القبلة على الصحيح فإن تعذر لضيق مكان ونحوه ألقي على قفاه ووجه وأخمصاه للقبلة ويلقن الشهادة بلا إلحاح ويقرأ عنده يس وليحسن ظنه بربه سبحانه وتعالى فإذا مات غمض وشد لحياه بعصابة ولينت مفاصله وستر جميع بدنه بثوب خفيف ووضع على بطنه شيء ثقيل: ووضع على سرير ونحوه ونزعت ثيابه ووجه للقبلة كمحتضر ويتولى ذلك أرفق محارمه ويبادر بغسله إذا تيقن موته وغسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه فروض كفاية وأقل الغسل تعميم بدنه بعد إزالة النجس ولا تجب نية الغاسل في الأصح فيكفي غرقه أو غسل كافر.
قلت: الصحيح المنصوص وجوب غسل الغريق والله أعلم والأكمل وضعه بموضع خال مستور على لوح ويغسل في قميص بماء بارد ويجلسه الغاسل على المغتسل مائلا إلى ورائه ويضع يمينه على كتفه وإبهامه في نقرة قفاه ويسند ظهره إلى ركبته اليمنى ويمر يساره على بطنه إمرارا بليغا ليخرج ما فيه ثم يضجعه لقفاه ويغسل بيساره وعليها خرقة سوأتية ثم

(1/56)


يلف أخرى ويدخل أصبعه فمه ويمرها على أسنانه ويزيل ما في منخريه من أذى ويوضئه كالحي ثم يغسل رأسه ثم لحيته بسدر ونحوه ويسرحهما بمشط واسع الأسنان برفق ويرد المنتف إليه ويغسل شقه الأيمن ثم الأيسر ثم يحرفه إلى شقه الأيسر فيغسل شقه الأيمن مما يلي القفا والظهر إلى القدم ثم يحرفه إلى شقه الأيمن فيغسل الأيسر كذلك فهذه غسلة ويستحب ثانية وثالثة وأن يستعان في الأولى بسدر أو خطمى ثم يصب ماء قراح من فرقه إلى قدمه بعد زوال السدر وأن يجعل في كل غسلة قليل كافور ولو خرج بعده نجس وجب إزالته فقط وقيل: مع الغسل إن خرج من الفرج وقيل: الوضوء ويغسل الرجل الرجل والمرأة المرأة ويغسل أمته وزوجته وهي زوجها ويلفان خرقة ولا مس فإن لم يحضر إلا أجنبي أو أجنبية يمم في الأصح وأولى الرجال به أولا لهم بالصلاة وبها قراباتها ويقدمن على زوج في الأصح وأولاهن ذات محرمية ثم الأجنبية ثم رجال القرابة كترتيب صلاتهم.
قلت: إلا ابن العم ونحوه فكالأجنبي والله أعلم ويقدم عليهم الزوج في الأصح ولا يقرب المحرم طيبا ولا يؤخذ شعره وظفره وتطيب المحدة في الأصح والجديد أنه لا يكره في غير المحرم أخذ ظفره وشعر إبطه وعانته وشاربه.
قلت: الأظهر كراهته. والله أعلم.

(1/57)


فصل
يكفن بما له لبسه حيا وأقله ثوب ولا تنفذ وصيته بإسقاطه والأفضل للرجل ثلاثة ويجوز رابع وخامس ولها خمسة ومن كفن منهما بثلاثة فهي لفائف وإن كفن في خمسة زيد قميص وعمامة تحتهن وإن كفنت في خمسة فإزار وخمار وقميص ولفافتان وفي قول ثلاث لفائف وإزار وخمار ويسن الأبيض ومحله أصل التركة فإن لم يكن فعلى من عليه نفقته من قريب وسيد وكذا الزوج في الأصح ويبسط أحسن اللفائف وأوسعها والثانية فوقها وكذا الثالثة ويذر على كل واحدة حنوط ويوضع الميت فوقها مستلقيا وعليه حنوط وكافور ويشد ألياه ويجعل على منافذ بدنه قطن ويلف عليه اللفائف وتشد فإذا وضع في قبره نزع الشداد ولا يلبس المحرم الذكر محيطا ولا يستر رأسه ولا وجه المحرمة وحمل الجنازة بين العمودين أفضل من التربيع في الأصح وهو أن يضع الخشبتين المقدمتين على عاتقيه ورأسه بينهما ويحمل المؤخرتين رجلان والتربيع أن يتقدم رجلان ويتأخر آخران والمشي أمامها بقربها أفضل ويسرع بها إن لم يخف تغيره.
فصل
لصلاته أركان أحدها: النية ووقتها كغيرها وتكفي نية الفرض وقيل: تشترط نية فرض

(1/58)


كفاية ولا يجب تعيين الميت فإن عين وأخطأ بطلت وإن حضر موتى نواهم.
الثاني: أربع تكبيرات فإن خمس لم تبطل في الأصح ولو خمس إمامه لم يتابعه في الأصح بل يسلم أو ينتظره ليسلم معه.
الثالث: السلام كغيرها.
الرابع: قراءة الفاتحة بعد الأولى.
قلت: تجزىء الفاتحة بعد غير الأولى. والله أعلم.
الخامس: الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الثانية والصحيح أن الصلاة على الآل لا تجب.
السادس: الدعاء للميت بعد الثالثة
السابع: القيام على المذهب إن قدر ويسن رفع يديه في التكبيرات وإسرار القراءة وقيل: يجهر ليلا والأصح ندب التعوذ دون الإفتتاح ويقول في الثالثة: اللهم هذا عبدك وابن عبديك إلى آخره ويقدم عليه اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ويقول في الطفل مع هذا الثاني اللهم اجعله فرطا لأبويه وسلفا وذخرا وعظة واعتبار وشفيعا وثقل به موازينهما وأفرغ الصبر على قلوبهما وفي الرابعة اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده ولو تخلف المقتدي بلا عذر فلم يكبر حتى كبر إمامه أخرى بطلت صلاته ويكبر المسبوق ويقرأ الفاتحة وإن كان الإمام في غيرها فلو كبر الإمام أخرى قبل شروعه في الفاتحة كبر معه وسقطت القراءة وإن كبرها وهو في الفاتحة تركها وتابعه في الأصح وإذا سلم الإمام تدارك المسبوق باقي التكبيرات بأذكارها وفي قول لا يشترط الأذكار ويشترط

(1/59)


شروط الصلاة لا الجماعة ويسقط فرضها بواحد وقيل: يجب اثنان وقيل: ثلاثة وقيل: أربعة ولا يسقط بالنساء وهناك رجال في الأصح ويصلى على الغائب عن البلد ويجب تقديمها على الدفن وتصح بعده والأصح تخصيص الصحة بمن كان من أهل فرضها وقت الموت ولا يصلي على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحال.
فرع: الجديد أن الوالي أولى بإمامتها من الوالي فيقدم الأب ثم الجد وإن علا ثم الابن ثم ابنه ثم الأخ والأظهر تقديم الأخ لأبوين على الأخ لأب ثم ابن الأخ لأبوين ثم لأب ثم العصبة على ترتيب الإرث ثم ذووا الأرحام ولو اجتمعا في درجة فالأسن العدل أولى على النص ويقدم الحر البعيد على العبد القريب ويقف عند رأس الرجل وعجزها وتجوز على الجنائز صلاة وتحرم على الكافر ولا يجب غسله والأصح وجوب تكفين الذمي ودفنه ولو وجد عضو مسلم علم بموته صلى الله والسقط إن استهل أو بكى ككبير وإلا فإن ظهرت أمارة الحياة كاختلاج صلى عليه في الأظهر وإن لم تظهر ولم يبلغ أربعة أشهر لم يصل عليه وكذا إن بلغها في الأظهر ولا يغسل الشهيد ولا يصلى عليه وهو من مات في قتال الكفار بسببه فإن مات بعد انقضائه أو في قتال البغاة فغير شهيد في الأظهر وكذا في القتال لا بسببه على المذهب ولو استشهد جنب فالأصح أنه لا يغسل وأنه تزال نجاسته غير الدم ويكفن في ثيابه الملطخة بالدم فإن لم يكن ثوبه سابغا تمم.

(1/60)


فصل
أقل القبر حفرة تمنع الرائحة والسبع ويندب أن يوسع ويعمق قامة وبسطة واللحد أفضل من الشق إن صلبت الأرض ويوضع رأسه عند رجل القبر ويسل من قبل رأسه برفق ويدخله القبر الرجال وأولاهم الأحق بالصلاة.
قلت: إلا أن تكون امرأة مزوجة فأولاهم الزوج والله أعلم ويكونون وترا ويوضع في اللحد على يمينه للقبلة ويسند وجهه إلى جداره وظهره بلبنة ونحوها ويسد فتح اللحد بلبن ويحثو من دنا ثلاث حثيات تراب ثم يهال بالمساحي ويرفع القبر شبرا فقط والصحيح أن تسطيحه أولى من تسنيمه ولا يدفن اثنان في قبر إلا لضرورة فيقدم أفضلهما ولا يجلس على القبر ولا يوطأ ويقرب زائره كقربه منه حيا والتعزية سنة قبل دفنه وبعده ثلاثة أيام ويعزى المسلم بالمسلم أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك وبالكافر أعظم الله أجرك وصبرك والكافر بالمسلم غفر الله لميتك وأحسن عزاءك ويجوز البكاء عليه قبل الموت وبعده ويحرم الندب بتعديد شمائله والنوح والجزع بضرب صدره ونحوه.
قلت: هذه مسائل منثورة يبادر بقضاء دين الميت ووصيته ويكره تمني الموت لضر نزل به إلا لفتنة دين ويسن التداوي ويكره إكراهه عليه ويجوز لأهل الميت ونحوهم تقبيل وجهه ولا بأس بالإعلام بموته للصلاة وغيرها بخلاف نعي الجاهلية ولا ينظر الغاسل من بدنه إلا قدر الحاجة من غير العورة ومن تعذر غسله يمم ويغسل الجنب والحائض الميت بلا كراهة وإذا ما غسلا غسلا واحد فقط وليكن الغاسل أمينا فإن رأى خيرا ذكره أو غيره حرم

(1/61)


ذكره إلا لمصلحة ولو تنازع أخوان أو زوجتان أقرع والكافر أحق بقريبه الكافر ويكره الكفن المعصفر والمغالاة فيه والمغسول أولى من الجديد والصبي كبالغ في تكفينه بأثواب والحنوط مستحب وقيل: واجب ولا يحمل الجنازة إلا الرجال وإن كانت أنثى ويحرم حملها على هيئة مزرية وهيئة يخاف منها سقوطها ويندب للمرأة ما يسترها كتابوت ولا يكره الركوب في الرجوع منها ولا بأس باتباع المسلم جنازة قريبه الكافر ويكره اللغط في الجنازة وإتباعها بنار ولو اختلط مسلمون بكفار وجب غسل الجميع والصلاة فإن شاء صلى على الجميع بقصد المسلمين وهو الأفضل والمنصوص أو على واحد فواحد ناويا الصلاة عليه إن كان مسلما ويقول اللهم اغفر له إن كان مسلما ويشترط لصحة الصلاة تقدم غسله وتكره قبل تكفينه فلو مات بهدم ونحوه وتعذر إخراجه وغسله لم يصل عليه ويشترط أن لا يتقدم على الجنازة الحاضرة ولا القبر على المذهب فيهما وتجوز الصلاة عليه في المسجد ويسن جعل صفوفهم ثلاثة فأكثر وإذا صلى عليه فحضر من لم يصل صلى ومن صلى لا يعيد على الصحيح ولا تؤخر لزيادة مصلين وقاتل نفسه كغيره في الغسل والصلاة ولو نوى الإمام صلاة غائب والمأموم صلاة حاضر أو عكس جاز والدفن بالمقبرة أفضل ويكره المبيت بها ويندب ستر القبر بثوب وإن كان رجلا وأن يقول بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يفرش تحته شيء ولا مخدة ويكره دفنه في تابوت إلا في أرض ندية أو رخوة ويجوز الدفن ليلا ووقت كراهة الصلاة إذا لم يتحره وغيرهما أفضل ويكره تجصيص القبر والبناء والكتابة عليه ولو بنى في مقبرة مسبلة هدم ويندب أن يرش القبر بماء ويوضع عليه حصى وعند رأسه حجر أو خشبة وجمع الأقارب في موضع وزيادة القبور للرجال وتكره للنساء وقيل: تحرم وقيل: تباح ويسلم الزائر ويقرأ ويدعو ويحرم نقل الميت إلى بلد آخر وقيل: يكره إلا أن يكون بقرب مكة أو المدينة أو بيت المقدس نص عليه ونبشه بعد دفنه للنقل وغيره حرام إلا لضرورة بأن دفن بلا غسل أو في أرض أو ثوب مغصوبين أو

(1/62)


وقع فيه مال أو دفن لغير القبلة لا للتكفين في الأصح ويسن أن يقف جماعة بعد دفنه عند قبره ساعة يسألون له التثبت ولجيران أهله تهيئة طعام يشبعهم يومهم وليلتهم ويلح عليهم في الأكل ويحرم تهيئته للنائحات. والله أعلم.

(1/63)


كتاب الزكاة
مدخل
...
كتاب الزكاة
باب زكاة الحيوان
إنما تجب منه في النعم وهي الإبل والبقر والغنم لا الخيل والرقيق والمتولد من غنم وظباء ولا شيء في الإبل حتى تبلغ خمسا ففيها شاة وفي عشر شاتان وخمس عشرة ثلاث وعشرين أربع وخمس وعشرين بنت مخاض وست وثلاثين بنت لبون وست وأربعين حقة وإحدى وستين جذعة وست سبعين بنتا لبون وإحدى وتسعين حقتان ومائة وإحدى وعشرين ثلاث بنات لبون ثم في كل أربعين بنت لبون وكل خمسين حقة وبنت المخاض لها سنة واللبون سنتان والحقة ثلاث والجذعة أربع والشاة جذعة ضان لها سنة وقيل: ستة أشهر أو ثنية معزلها سنتان وقيل: سنة والأصح أنه مخير بينهما ولا يتعين غالب غنم البلد وأنه يجزىء الذكر وكذا بعير الزكاة عن دون خمس وعشرين فإن عدم بنت المخاض فابن لبون والمعيبة كمعدومة ولا يكلف كريمة لكن تمنع ابن لبون في الأصح ويؤخذ

(1/64)


الحق عن بنت مخاض لا لبون في الأصح ولو اتفق فرضان كمائتي بعير فالمذهب لا يتعين أربع حقوق بل هن أو خمس بنات لبون فإن وجد بماله أحدهما وإلا أخذ وإلا فله تحصيل ما شاء وقيل: يجب الأغبط للفقراء وإن وجدهما فالصحيح تعين الأغبط ولا يجزىء غيره إن دلس أو قصر الساعي وإلا فيجزىء والأصح وجوب قدر التفاوت ويجوز إخراجه دراهم وقيل: يتعين تحصيل شقص به ومن لزمه بنت مخاض فعدمها وعنده بنت لبون دفعها وأخذ شاتين وعشرين درهما أو بنت لبون فعدمها دفع بنت مخاض مع شاتين أو عشرين درهما أو حقة وأخذ شاتين أو عشرين درهما والخيار في الشاتين والدراهم لدافعها وفي الصعود والنزول للمالك في الأصح إلا أن تكون إبله معيبة وله صعود درجتين وأخذ جبرانين ونزوله درجتين مع جبرانين بشرط تعذر درجة في الأصح ولا يجوز أخذ جبران مع ثنية بدل جذعة على أحسن الوجهين.
قلت: الأصح عند الجمهور الجواز والله أعلم ولا تجزىء شاة وعشرة دراهم وتجزي شاتان وعشرون لجبرانين ولا البقر حتى تبلغ ثلاثين ففيها تبيع ابن سنة ثم في كل ثلاثين تبيع وكل أربعين مسنة لها سنتان وإلا الغنم حتى تبلغ أربعين فشاة جذعة ضأن أو ثنية معزوفي مائة وإحدى وعشرين شاتان ومائتين وواحدة ثلاث وأربعمائة أربع ثم في كل مائة شاة.
فصل
إن اتحد نوع الماشية أخذ الفرض منه فلو أخذ عن ضأن معزا وعكسه جاز في الأصح بشرط رعاية القيمة وإن اختلف كضأن ومعز ففي قول يؤخذ من الأكثر فإن استويا فالأغبط والأظهر أنه يخرج ما شاء مقسطا عليهما بالقيمة فإن كان ثلاثون عنزا وعشر نعجات أخذ عنزا أو نعجت بقيمة ثلاث أرباع عنز وربع نعجة ولا تؤخذ مريضة ولا معيبة إلا من مثلها ولا ذكرا إلا إذا وجب وكذا لو تمحضت ذكورا في الأصح وفي الصغار وصغير في الجديد ولا ربي وأكولة وحامل وخيار إلا برضا المالك ولو اشترك أهل الزكاة في ماشية زكيا كرجل

(1/65)


وكذا لو خلطا مجاورة بشر أن لا تتميز في المشرب والمسرح والمراح وموضع الحلب وكذا الراعي والفحل في الأصح لا نية الخلطة في الأصح والأظهر تأثير خلطة الثمر وللزرع والنقد وعرض التجارة بشرط أن لا يتميز الناطور والجرين والد كان والحارس ومكان الحفظ ونحوها ولو وجب زكاة الماشية شرط إن مضى الحول في ملكه لكن ما نتج من نصاب يزكي بحوله ولا يضم المملوك بشراء وغيره في الحول فلو ادعى النتاج بعد الحول صدق فإن اتهم حلف ولو زال ملكه في الحول فعاد أو بادل بمثله استأنف وكونها سائمة فإن علفت معظم الحول فلا زكاة وإلا فالأصح إن علفت قدرا تعيش بدونه بلا ضرر بين وجبت وإلا فلا ولو سامت بنفسها أو اعتلفت السائمة أو كانت عوامل في حرث ونضح ونحوه فلا زكاة في الأصح وإذا وردت ماء أخذت زكاتها عنده وإلا فعند بيوت أهلها ويصدق المالك في عددها إن كان ثقة وإلا فتعد عند مضيق. والله أعلم.

(1/66)


باب زكاة النبات
تختص بالقوت وهو من الثمار الرطب والعنب ومن الحب الحنطة والشعير والأرز والعدس وسائر المقتات
اختيارا وفي القديم تجب في الزيتون والزعفران والورس والقرطم والعسل ونصابه خمسة أوسق وهي ألف وستمائة رطل بغدادية وبالدمشقي ثلثمائة وستة وأربعون رطلا وثنتان.
قلت: الأصح ثلثمائة واثنان وأربعون وستة أسباع رطل لأن الأصح أن رطل بغداد مائة وثمانية وعشرين درهما وأربعة أسباع درهم وقيل: بلا أسباع وقيل: ثلاثون والله

(1/66)


أعلم. ويعتبر تمرا أو زبيبا ان تتمر وتزبب وإلا فرطبا وعنبا والحب مصفى من تبنه وما ادخر في قشره كالأرز والعلس فعشرة أوسق ولا يكمل جنس بجنس ويضم النوع إلى النوع ويخرج من كل بقسطه فإن عسر أخرج الوسط ويضم العلس إلى الحنطة لأنه نوع منها والسلت جنس مستقل وقيل: شعير وقيل: حنطة ولا يضم ثمر عام وزرعه إلى آخر ويضم ثمر العام بعضه إلى بعض وإن اختلف إدراكه وقيل: إن طلع الثاني بعد جذاذ الأول لم يضم وزرعا العام يضمان والأظهر اعتبار وقوع حصاديهما في سنة وواجب ما شرب بالمطر أو عروقه لقربه من الماء من ثمر وزرع العشر وما سقى بنضح أو دولاب أو بماء اشتراه نصفه والقنوات كالمطر على الصحيح وما سقى بهما سواء ثلاثة أرباعه فإن غلب أحدهما ففي قول يعتبر هو والأظهر يسقط باعتبار عيش الزرع ونمائه وقيل: بعدد السقيات وتجب ببدو صلاح الثمر واشتداد الحب ويسن خرص أثرا إذا بدا صلاحه على مالكه والمشهور إدخال جميعه في الخرص وأنه يكفي خارص وشرطه العدلة وكذا الحرية والذكورة في الأصح فإذا خرص فإن الأظهر أن حق الفقراء ينقطع من عين الثمر ويصير في ذمة المالك التمر والزبيب ليخرجهما بعد جفافه ويشترط التصريح بتضمينه وقبول المالك على المذهب وقيل: ينقطع بنفس الخرص فإذا ضمن جاز تصرفه في جميع المخروص بيعا وغيره ولو ادعى هلاك المخروص بسبب خفي كسرقة أو ظاهر عرف صدق بيمينه فإن لم يعرف الظاهر طولب ببينة على الصحيح ثم يصدق بيمينه في الهلاك به ولو ادعى حيف الخارص أو غلطه بما يبعد لم يقبل أو بمحتمل قبل في الأصح.

(1/67)


باب زكاة النقد
نصاب الفضة مائتا درهم والذهب عشرون مثقالا بوزن مكة وزكاتهما ربع عشر ولا شيء في المغشوش حتى يبلغ خالصه نصابا ولو اختلط إناء منهما وجهل أكثرهما زكى الأكثر ذهبا وفضة أو ميز ويزكى المحرم من حلي وغيره لا المباح في الأظهر فمن المحرم الإناء والسواء والخلخال للبس الرجل فلو اتخذ سوارا بلا قصد أو بقصد إجارته لمن له استعمال فلا زكاة في الأصح وكذا لو انكسر الحلي وقصد إصلاحه ويحرم على الرجل الحلي الذهب إلا الأنف والأنملة والسن لا الإصبع ويحرم سن الخاتم على الصحيح ويحل له من الفضة الخاتم وحلية آلات الحرب كالسيف والرمح والمنطقة لا ما لا يلبسه كالسرج واللجام في الأصح وليس للمرأة حلية آلة الحرب ولها لبس أنواع حلي الذهب والفضة وكذا ما نسج بهما في الأصح والأصح تحريم المبالغة في السرف كخلخال وزنه مائتا دينار وكذا إسرافه في آلة الحرب وجواز تحلية المصحف بفضة وكذا للمرأة بذهب وشرط زكاة النقد الحول ولا زكاة في سائر الجواهر كاللؤلؤ.

(1/68)


باب زكاة المعدن والركاز والتجارة
من استخرج ذهبا أو فضة من معدن لزمه ربع عشرة وفي قول الخمس وفي قول إن حصل بتعب فربع عشرة وإلا فخمسه ويشترط النصاب لا الحول على المذهب فيهما ويضم بعضه إلى بعض إن تتابع العمل ولا يشترط اتصال النيل على الجديد وإذا قطع

(1/68)


العمل بعذر ضم وإلا فلا يضم الأول إلى الثاني وبضم الثاني إلى الأول كما يضمه إلى ما ملكه بغير المعدن في إكمال النصاب وفي الركاز الخمس يصرف مصرف الزكاة على المشهور شرطه النصاب والنقد على المذهب لا الحول وهو الموجود الجاهلي فإن وجد إسلامي علم مالكه فله وإلا فلقطة وكذا إن لم يعلم من أي الضربين هو وإنما يملكه الواجد وتلزمه الزكاة إذا وجده في موات أو ملك أحياه فإن وجد في مسجد أو شارع فلقطة على المذهب أو في ملك شخص فللشخص إن ادعاه وإلا فلمن ملك منه وهكذا حتى ينتهي إلى المحي ولو تنازعه بائع ومشتر أو مكر ومكتر أو معير ومستعير صدق ذو اليد بيمينه.
فصل
شرط زكاة التجارة الحول والنصاب معتبرا بآخر الحول وفي قول بطرفيه وفي قول بجميعه فعلى الأظهر لورد إلى النقد في خلال الحول وهو دون النصاب واشترى به سلعة فالأصح أنه ينقطع الحول ويبتدأ حولها من شرائها ولو تم الحول وقيمة العرض دون النصاب فالأصح أنه يبتدأ حول ويبطل الأول ويصير عرض التجارة للقنية بنيتها وإنما يصير العرض للتجارة إذا اقترنت نيتها بكسبه بمعاوضة كشراء وكذا المهر وعوض الخلع في الأصح لا بالهبة والاحتطاب والاسترداد بعيب وإذا ملكه بنقد نصاب فحوله من حين ملك النقد أو دونه أو بعرض قنية فمن الشراء وقيل: إن ملكه بنصاب سائمة بنى على حولها ويضم الربح إلى الأصل في الحول إن لم ينض لا إن نض في الأظهر والأصح إن ولد لعرض وثمر مال تجارة وإن حوله حول الأصل وواجبها ربع عشرة القيمة فإن ملك بنقد قوم به إن ملك بنصاب وكذا دونه في الأصح أو بعرض فبغالت نقد البلد فإن غلب نقدان وبلغ

(1/69)


بأحدهما نصابا قوم به فإن بلغ بهما قوم بالأنفع للفقراء وقيل: يتخير المالك وإن ملك بنقد وعرض قوم ما قابل النقد به والباقي بالغالب وتجب فطرة عبد التجارة مع زكاتها ولو كان العرض سائمة فإن كمل نصاب إحدى الزكاتين فقط وجبت أو نصابهما فزكاة العين في الجديد فعلى هذا الوسبق حول التجارة بأن اشترى بمالها بعد ستة أشهر نصاب سائمة فالأصح وجوب زكاة التجارة لتمام حولها ثم يفتتح حولا لزكاة العين أبدا وإذا قلنا عامل القراض لا يملك الربح بالظهور فعلى المالك زكاة الجميع فإن أخرجها من مال القراض حسبت من الربح في الأصح وإن قلنا يملك بالظهور لزم المالك زكاة رأس المال وحصته من الريح والمذهب أنه يلزم العامل زكاة حصته.

(1/70)


باب زكاة الفطر
تجب بأول ليلة العيد في الأظهر فتخرج عمن مات بعد الغروب دون من ولد ويسن أن لا تؤخر عن صلاته ويحرم تأخيرها عن يومه ولا فطرة على كافر إلا في عبده وقريبه المسلم في الأصح ولا رقيق وفي المكاتب وجه ومن بعضه حر يلزمه بقسطه ولا معسر فمن لم يفضل عن قوته وقوت من في نفقته ليلة العيد ويومه شيء فمعسر ويشترط كونه فاضلا عن مسكن وخادم يحتاج إليه في الأصح ومن لزمه فطرته لزمه فطرة من تلزمه نفقته لكن لا يلزم المسلم فطرة العبد والقريب والزوجة الكفار ولا العبد فطرة زوجته ولا الابن فطرة زوجة أبيه وفي الابن وجه ولو أعسر الزوج أو كان عبدا فالأظهر أنه يلزم زوجته الحرة فطرتها وكذا سيد الأمة.

(1/70)


قلت: الأصح المنصوص لا يلزم الحرة والله أعلم ولو انقطع خبره فالمذهب وجوب إخراج فطرته في الحال وقيل: إذا عاد وفي قول لا شيء والأصح أن من أيسر ببعض صاع يلزمه وأنه لو وجد بعض الصيعان قدم نفسه ثم زوجته ثم ولده الصغير ثم الأب ثم الأم ثم الكبير وهو صاع وهو ستمائة درهم وثلاثة وتسعون درهما وثلث.
قلت: والأصح ستمائة وخمسة وثمانون درهما وخمسة أسباع درهم لما سبق في زكاة النبات والله أعلم وجنسه القوت المعشر وكذا الأقط في الأظهر تجب من قوت بلده وقيل: قوته وقيل: يتخير بين الأقوات ويجزىء الأعلى على الأدنى ولا عكس والاعتبار بزيادة القيمة في وجه وبزيادة الاقتيات في الأصح فالبر خير من التمر والأرز والأصح أن الشعير خير من التمر وأن التمر خير من الزبيب وله أن يخرج عن نفسه من قوته وعن قريبه أعلى منه ولا يبعض الصاع ولو كان في بلد أقوات لا غالب فيها تخير والأفضل أشرفها ولو كان عبده ببلد آخر فالأصح أن الاعتبار بقوت بلد العبد.
قلت: الواجب الحب السليم ولو أخرج من ماله فطرة ولده الصغير الغني جاز كأجنبي أذن بخلاف الكبير ولو اشترك موسر أو معسر في عبد لزم الموسر نصف صاع ولو أيسر أو اختلف واجبهما أخرج كل واحد نصف صاع من واجبه في الأصح. والله أعلم.

(1/71)


باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه
شرط وجوب زكاة المال الإسلام والحرية وتلزم المرتد إن أبقينا ملكه دون المكاتب وتجب في مال الصبي والمجنون وكذا من ملك ببعضه الحر نصابا في الأصح وفي المغصوب والضال والمجحود في الأظهر ولا يجب دفعها حتى يعود والمشتري قبل قبضه

(1/71)


وقيل: فيه القولان وتجب في الحال عن الغائب إن قدر عليه وإلا فكمغصوب والدين وإن كان ماشية أو غير لازم كمال كتابة فلا زكاة أو عرضا أو نقدا فكذا في القديم وفي الجديد أنه إن كان حالا وتعذر أخذه لإعسار وغيره فكمغصوب وإن تيسر وجب تزكيته في الحال أو مؤجلا فالمذهب انه كمغصوب وقيل: يجب دفعها قبل قبضه ولا يمنع الدين وجوبها في أظهر الأقوال والثالث: يمنع في المال الباطن وهو النقد والعرض فعلى الأول لو حجر عليه لدين فحال الحول في الحجر فكمغصوب ولو اجتمع زكاة ودين آدمي في تركة قدمت وفي قول الدين وفي قول يستويان والغنيمة قبل القسمة إن اختار الغانمون تملكها ومضى بعده حول والجميع صنف زكوي وبلغ نصيب كل شخص نصابا أو بلغه المجموع في موضع ثبوت الخلطة وجبت زكاتها وإلا فلا ولو أصدقها نصاب سائمة معينا لزمها زكاته إذا تم حول من الإصداق ولو أكرى دارا أربع سنين بثمانين دينارا وقبضها فالأظهر انه لا يلزمه أن يخرج إلا زكاة ما استقر فيخرج عند تمام السنة الأولى زكاة عشرين ولتمام الثانية زكاة عشرين لسنة وعشرين لسنتين ولتمام الثالثة: زكاة أربعين لسنة وعشرين لثلاث سنين ولتمام الرابعة: زكاة ستين لسنة وعشرين لأربع والثاني يخرج لتمام الأولى زكاة ثمانين.
فصل
تجب الزكاة على الفور إذا تمكن وذلك بحضور المال والأصناف وله أن يؤدي بنفسه زكاة المال الباطن وكذا الظاهر على الجديد وله التوكيل والصرف إلى الإمام والأظهر أن الصرف إلى الإمام أفضل إلا أن يكون جائرا وتجب النية فينوي هذا فرض زكاة مالي أو فرض صدقة مالي ونحوهما ولا يكفي هذا فرض مالي وكذا الصدقة في الأصح ولا يجب تعيين المال ولو عين لم يقع عن غيره ويلزم الولي النية إذا أخرج زكاة الصبي أو المجنون

(1/72)


وتكفي نية الموكل عند الصرف إلى الوكيل في الأصح والأفضل أن ينوي الوكيل عند التفريق أيضا ولو دفع إلى السلطان كفت النية عنده فإن لم ينو يجزىء على الصحيح وإن نوى السلطان والأصح أنه يلزم السلطان النية إذا اخذ زكاة الممتنع وأن نيته تكفي.
فصل
لا يصح تعجيل الزكاة على مالك النصاب ويجوز قبل الحول ولا تعجيل لعامين في الأصح وله تعجيل الفطرة من أول رمضان والصحيح منعه قبله وأنه لا يجوز إخراج زكاة التمر قبل بدو صلاحه ولا الحب قبل اشتداده ويجوز بعدهما وشرط إجزاء المعجل إبقاء المالك أهلا للوجوب إلى آخر الحول وكون القابض في آخر الحول مستحقا وقيل: إن خرج عن الاستحقاق في أثناء الحول لم يجزه ولا يضر غناه بالزكاة وإذا لم يقع المعجل زكاة استرد إن كان شرط الاسترداد إن عرض مانع والأصح أنه لو قال هذه زكاتي المعجلة فقط استرد وأنه إن لم يتعرض للتعجيل ولم يعلمه القابض لم يسترد وأنهما لو اختلفا في مثبت الاسترداد صدق القابض بيمينه ومتى ثبت والمعجل تالف وجب ضمانه والأصح اعتبار قيمته يوم القبض وأنه لو وجده ناقصا فلا أرش وأنه لا يسترد زيادة منفصلة وتأخير الزكاة بعد التمكن يوجب الضمان إن تلف المال ولو تلف قبل التمكن فلا ولو تلف بعضه فالأظهر أنه يغرم قسط ما بقي وإن أتلفه بعد الحول وقبل التمكن لم تسقط الزكاة وهي تتعلق بالمال تعلق شركة وفي قول تعلق الرهن وفي قول بالذمة فلو باعه قبل إخراجها فالأظهر بطلانه في قدرها وصحته في الباقي.

(1/73)


كتاب الصيام
مدخل
...
كتاب الصيام
يجب صوم رمضان بإكمال شعبان ثلاثين أو رؤية الهلال وثبوت رؤيته بعدل وفي قول عدلان وشرط الواحد صفة العدول في الأصح لا عبد وامرأة وإذا صمنا بعدل ولم نر الهلال بعد ثلاثين أفطرنا في الأصح وإن كانت السماء مصحية وإذا رؤى ببلد لزم حكمه البلد القريب دون البعيد في الأصح ومسافة البعيد مسافة القصر وقيل: باختلاف المطالع.
قلت: هذا أصح والله أعلم وإذا لم يوجب على البلد الآخر فسافر إليه من بلد الرؤية فالأصح أنه يوافقهم في الصوم آخرا ومن سافر من البلد الآخر إلى بلد الرؤية عيد معهم وقضى يوما ومن أصبح معيدا فسارت سفينته إلى بلدة بعيدة أهلها صيام فالأصح أنه يمسك بقية اليوم.
فصل
النية شرط للصوم ويشترط لفرضه التبييت والصحيح أنه لا يشترط النصف الآخر من الليل وأنه لا يضر الأكل والجماع بعدها وأنه لا يجب لتجديد إذا نام ثم تنبه ويصح النفل بنية قبل الزوال وكذا بعده في قول والصحيح اشتراط حصول شرط الصوم من أول النهار.

(1/74)


ويجب التعيين في الفرض وكماله في رمضان أن ينوي صوم غد عن أداء فرض رمضان هذه السنة لله تعالى وفي الأداء والفرضية والإضافة إلى الله تعالى الخلاف المذكور في الصلاة والصحيح أنه لا يشترط تعيين السنة ولو نوى ليلة الثلاثين من شعبان صوم غد عن رمضان إن كان منه فكان منه لم يقع عنه إلا إذا اعتقد كونه منه بقول من يثق به من عبد أو امرأة أو صبيان رشداء ولو نوى ليلة الثلاثين من رمضان صوم غد إن كان من رمضان أجزأه إن كان منه ولو اشتبه صام شهرا بالاجتهاد فإن وافق ما بعد رمضان أجزأه وهو قضاء على الأصح فلو نقص وكان رمضان تاما لزمه يوم آخر ولو غلط بالتقديم وأدرك رمضان لزمه صومه وإلا فالجديد وجوب القضاء ولو نوت الحائض صوم غد قبل انقطاع دمها ثم انقطع ليلا صح إن تم لها في الليل أكثر الحيض وكذا قدر العادة في الأصح.
فصل
شرط الصوم الإمساك عن الجماع والاستقاءة والصحيح انه لو تيقن أنه لم يرجع شيء إلى جوفه بطل وإن غلبه القيء فلا بأس وكذا لو اقتلع نخامة ولفظها في الأصح فلو نزلت من دماغه وحصلت في حد الظاهر من الفم فليقطعها من مجراها وليمجها فإن تركها مع القدرة فوصلت الجوف أفطر في الأصح وعن وصول العين إلى ما يسمى جوفا وقيل: يشترط مع هذا أن يكون فيه قوة تحيل الغذاء أو الدواء فعلى الوجهين باطن الدماغ والبطن والأمعاء والمثانة مفطر بالاستعاط أو الأكل أو الحقنة أو الوصول من جائفة أو مأمومة ونحوهما والتقطير في باطن الأذن وإلا حليل مفطر في الأصح وشرط الواصل كونه من منفذ مفتوح فلا يضر وصول الدهن بتشرب المسام ولا الاكتحال وإن وجد طعمه بحلقه وكونه بقصد فلو وصل جوفه ذباب أو بعوضة أو غبار الطريق أو غربلة الدقيق لم يفطر ولا يفطر ببلع ريقه من معدنه فلو خرج عن الفم ثم رده وابتلعه أو بل خيطا بريقه ورده إلى فمه وعليه رطوبة تنفصل أو ابتلع ريقه مخلوطا بغيره أو متنجسا أفطر ولو جمع ريقه فابتلعه لم يفطر في الأصح ولو سبق ماء المضمضة أو الاستنشاق إلى جوفه فالمذهب أنه إن بالغ

(1/75)


أفطر وإلا فلا ولو بقي طعام بين أسنانه فجرى به ريقه لم يفطر إن عجر عن تمييزه ومجه ولو أوجر مكرها لم يفطر وإن أكره حتى أكل أفطر في الأظهر.
قلت: الأظهر لا يفطر والله أعلم وإن أكل ناسيا لم يفطر إلا أن يكثر في الأصح قلت: الأصح لا يفطر والله أعلم والجماع كالأكل على المذهب وعن الاستمناء فيفطر به وكذا خروج المنى بلمس وقبلة ومضاجعة لا فكر ونظر بشهوة وتكره القبلة لمن حركت شهوته والأولى لغيره تركها.
قلت: هي كراهة تحريم في الأصح والله أعلم ولا يفطر بالقصد والحجامة والاحتياط أن لا يأكل آخر النهار إلا بيقين ويحل بالاجتهاد في الأصح ويجوز إذا ظن بقاء الليل.
قلت: وكذا لو شك والله أعلم ولو أكل باجتهاد أولا أو آخر أو بان الغلط بطل صومه أو بلا ظن ولم يبن الحال صح إن وقع في أوله وبطل في آخره ولو طلع الفجر وفي فمه طعام فلفظه صح صومه وكذا لو كان مجامعا فنزع في الحال فإن مكث بطل.
فصل
شرط الصوم الإسلام والعقل والنقاء عن الحيض والنفاس جميع النهار ولا يضر النوم المستغرق على الصحيح والأظهر أن الإغماء لا يضر إذا أفاق لحظة من نهار ولا يصح صوم العيد وكذا التشريق في الجديد ولا يحل التطوع يوم الشك بلا سبب فلو صامه لم يصح في الأصح وله صومه عن القضاء والنذر وكذا لو وافق عادة تطوعه وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا تحدث الناس برؤيته أو شهد بها صبيان أو عبيد أو فسقة وليس إطباق العيم بشك ويسن تعجيل الفطر على تمر وإلا فماء وتأخير السحور ما لم يقع في شك وليصن لسانه عن الكذب والغيبة ونفسه عن الشهوات ويستحب أن يغتسل عن الجنابة قبل الفجر وأن يحترز

(1/76)


عن الحجامة والقبلة وذوق الطعام والعلك وأن يقول عند فطره اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت وأن يكثر الصدقة وتلاوة القرآن في رمضان وأن يعتكف لا سيما في العشر الأواخر منه.
فصل
شرط وجوب صوم رمضان العقل والبلوغ وإطاقته ويؤمر به الصبي لسبع إذا أطاق ويباح تركه للمريض إذا وجد به ضررا شديدا وللمسافر سفرا طويلا مباحا ولو أصبح صائما فمرض أفطر وإن سافر فلا ولو أصبح المسافر والمريض صائمين ثم أراد الفطر جاز فلو أقام وشفى حرم الفطر على الصحيح وإذا أفطر المسافر والمريض قضيا وكذا الحائض والمفطر بلا عذر وتارك النية ويجب قضاء ما فات بالإغماء والردة دون الكفر الأصلي والصبا والجنون وإذا بلغ بالنهار صائما وجب إتمامه بلا قضاء ولو بلغ فيه مفطرا أو أفاق أو أسلم فلا قضاء في الأصح ولا يلزمهم إمساك بقية النهار في الأصح ويلزم من تعدى بالفطر أو نسي النية لا مسافرا ومريضا زال عذرهما بعد الفطر ولو زال قبل أن يأكلا ولم ينويا ليلا فكذا في المذهب والأظهر أنه يلزم من أكل يوم الشك ثم ثبت كونه من رمضان وإمساك بقية اليوم من خواص رمضان بخلاف النذر والقضاء.
فصل
من فاته شيء من رمضان فمات قبل إمكان القضاء فلا تدارك له ولا إثم وإن مات بعد التمكن لم يصم عنه وليه في الجديد بل يخرج من تركته لكل يوم مد طعام وكذا النذر والكفارة.

(1/77)


قلت: القديم هنا أظهر والولي كل قريب على المختار ولو صام أجنبي بإذن الولي صح لا مستقلا في الأصح ولو مات وعليه صلاة أو اعتكاف لم يفعل عنه ولا فدية وفي الاعتكاف قول والله أعلم والأظهر وجوب المد على من أفطر للكبر وأما الحامل والمرضع فإن أفطرتا خوفا على نفسهما وجب القضاء بلا فدية أو على الولد لزمتهما الفدية في الأظهر والأصح أنه يلحق بالمرضع من أفطر لإنقاذ مشرف على هلاك لا المتعدي بفطر رمضان بغير جماع ومن أخر قضاء رمضان مع إمكانه حتى دخل رمضان آخر لزمه مع القضاء لكل يوم مد والأصح تكرره بتكرر السنين وإنه لو أخر القضاء مع إمكانه فمات أخرج من تركته لكل يوم مدان مد للفوات ومد للتأخير ومصرف الفدية الفقراء والمساكين وله صرف إمداد إلى شخص واحد وجنسها جنس الفطرة.
فصل
تجب الكفارة فإفساد صوم يوم من رمضان بجماع أثم به بسبب الصوم فلا كفارة على ناس ولا مفسد غير رمضان أو بغير الجماع ولا مسافر جامع بنية الترخص وكذا بغيرها في الأصح ولا على من ظن الليل فبان نهارا ولا على من جامع بعد الأكل ناسيا وظن أنه أفطر به وإن كان الأصح بطلان صومه ولا من زنى ناسيا ولا مسافر أفطر بالزنا مترخصا والكفارة على الزوج عنه وفي قول عنه وعنها وفي قول عليها كفارة أخرى وتلزم من انفرد برؤية الهلال وجامع في يومه ومن جامع في يومين لزمه كفارتان وحدوث السفر بعد الجماع لا يسقط الكفارة وكذا المرض على المذهب ويجب معها قضاء يوم الإفساد على الصحيح وهي عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام

(1/78)


ستين مسكينا فلو عجز عن الجميع استقرت في ذمته في الأظهر فإذا قدر على خصلة فعلها والأصح أن له العدول عن الصوم إلى الإطعام لشدة الغلمة وأنه لا يجوز للفقير صرف كفارته إلى عياله.

(1/79)


باب صوم التطوع
يسن صوم الاثنين والخميس وعرفة وعاشوراء وتاسوعاء وأيام البيض وستة من شوال وتتابعها أفضل ويكره إفراد الجمعة وإفراد السبت وصوم الدهر غير العيد والتشريق مكروه لمن خاف به ضررا أو فوت حق ومستحب لغيره ومن تلبس بصوم تطوع أو صلاته فله قطعهما ولا قضاء ومن تلبس بقضاء حرم عليه قطعه إن كان على الفور وهو صوم من تعدى بالفطر. وكذا إن لم يكن على الفور في الأصح بأن لم يكن تعدى بالفطر.

(1/79)


كتاب الاعتكاف
هو مستحب كل وقت وفي العشر الأواخر من رمضان أفضل لطلب ليلة القدر وميل الشافعي رحمه الله إلى أنها ليلة الحادي أو الثالث والعشرين وإنما يصح الاعتكاف في المسجد والجامع أولى والجديد أنه لا يصح اعتكاف امرأة في مسجد بيتها وهو المعتزل المهيأ للصلاة ولو عين المسجد الحرام في نذره الاعتكاف تعين وكذا مسجد المدينة والأقصى في الأظهر ويقوم المسجد الحرام مقامهما ولا عكس ويقوم مسجد المدينة مقام الأقصى ولا عكس والأصح أنه يشترط في الاعتكاف لبث قدر يسمى عكوفا وقيل: يكفي مرور بلا لبث وقيل: يشترط مكث نحو يوم ويبطل بالجماع وأظهر الأقوال أن المباشرة بشهوة كلمس وقبلة تبطله إن أنزل وإلا فلا ولو جامع ناسيا فكجماع الصائم ولا يضر التطيب والتزين والفطر بل يصح اعتكاف الليل وحده ولو نذر اعتكاف يوم هو فيه صائم لزمه ولو نذر أن يعتكف صائما أو يصوم معتكفا لزماه والأصح وجوب جمعهما ويشترط نية الاعتكاف وينوي في النذر الفرضية وإذا أطلق كفته نيته وإن طال مكثه لكن لو خرج وعاد احتاج إلى الاستئناف ولو نوى مدة فخرج فيها وعاد فإن خرج لغير قضاء الحاجة لزمه الاستئناف أولها فلا وقيل: إن طالت مدة خروجه استأنف وقيل: لا يستأنف مطلقا ولو نذر مدة متتابعة فخرج لعذر لا يقطع التتابع لم يجب استئناف النية وقيل: إن خرج لغير حاجة وغسل الجنابة وجب وشرط المعتكف الإسلام والعقل والنقاء عن الحيض والجنابة ولو

(1/80)


ارتد المعتكف أو سكر بطل والمذهب بطلان ما مضى من اعتكافهما المتتابع ولو طرأ جنون أو إغماء لم يبطل ما مضى إن لم يخرج ويحسب زمن الإغماء من الاعتكاف دون الجنون أو الحيض وجب الخروج وكذا جنابة إن تعذر الغسل في المسجد فلو أمكن جاز الخروج ولا يلزم ولا يحسب زمن الحيض ولا الجنابة.
فصل
إذا نذر متتابعة لزمه والصحيح أنه لا يجب التتابع بلا شرط وأنه لو نذر يوما لم يجز تفريق ساعاته وأنه لو عين مدة كأسبوع وتعرض للتتابع وفاته لزمه التتابع في القضاء وإن لم يتعرض له لم يلزمه في القضاء وإذا ذكر التتابع وشرط الخروج لعارض صح الشرط في الأظهر والزمان المصروف إليه لا يجب تداركه إن عين المدة كهذا الشهر وإلا فيجب وينقطع التتابع بالخروج بلا عذر ولا يضر إخراج بعض الأعضاء ولا الخروج لقضاء الحاجة ولا يجب فعلها في غير داره ولا يضر بعدها إلا أن يفحش فيضر في الأصح ولو عاد مريضا في طريقه لم يضر ما لم يطل وقوفه أو يعدل عن طريقه ولا ينقطع التتابع بمرض يحوج إلى الخروج ولا بحيض إن طالت مدة الاعتكاف فإن كانت بحيث تخلو عنه انقطع في الأظهر ولا بخروج ناسيا على المذهب ولا بخروج مؤذن راتب إلى منارة منفصلة عن المسجد للأذان في الأصح ويجب قضاء أوقات الخروج بالأعذار إلا وقت قضاء الحاجة.

(1/81)