منهاج الطالبين وعمدة المفتين في الفقه

كتاب الشفعة
لا تثبت في منقول بل في أرض وما فيها من بناء وشجر تبعا وكذا ثمر لم يؤبر في الأصح ولا شفعة في حجرة بنيت على سقف غير مشترك وكذا مشترك في الأصح وكل ما لو قسم بطلت منفعته المقصودة كحمام ورحى لا شفعة فيه في الأصح ولا شفعة إلا لشريك ولو باع دارا وله شريك في ممرها فلا شفعة له فيها والصحيح ثبوتها في الممر إن كان للمشتري طريق آخر إلى الدار أو أمكن فتح باب إلى شارع وإلا فلا وإنما تثبت فيما ملك بمعاوضة ملكا لازما متأخرا عن ملك الشفيع كمبيع ومهر وعوض خلع وصلح دم ونجوم وأجرة ورأس مال سلم ولو شرط في البيع الخيار لهما أو للبائع لم يؤخذ بالشفعة حتى ينقطع الخيار وإن شرط للمشتري وحده فالأظهر أنه يؤخذ إن قلنا الملك للمشتري وإلا فلا ولو وجد المشتري بالشقص عيبا وأراد رده بالعيب وأراد الشفيع أخذه ويرضى بالعيب فالأظهر إجابة الشفيع ولو اشترى اثنان دارا أو بعضها فلا شفعة لأحدهما على الآخر ولو كان للمشتري شرك في الأرض فالأصح أن الشريك لا يأخذ كل المبيع بل حصته ولا يشترط في التملك بالشفعة حكم حاكم ولا إحضار الثمن ولا حضور المشتري ويشترط لفظ من الشفيع كتملكت أو أخذت بالشفعة ويشترط مع ذلك إما تسليم العوض إلى المشتري فإذا تسلمه أو ألزمه القاضي التسلم ملك الشفيع الشقص وإما رضا المشتري

(1/151)


بكون العوض في ذمته وإما قضاء القاضي له بالشفعة إذا حضر مجلسه وأثبت حقه فيملك به في الأصح ولا يتملك شقضا لم يره الشفيع على المذهب.
فصل
إن اشترى بمثلي أخذه الشفيع بمثله أو بمتقوم فبقيمته يوم البيع وقيل: يوم استقراره بانقطاع الخيار أو بمؤجل فالأظهر أنه مخير بين أن يعجل ويأخذ في الحال أو يصبر إلى المحل ويأخذ ولو بيع شقص وغيره أخذه بحصته من القيمة ويؤخذ الممهور بمهر مثلها وكذا عوض الخلع ولو اشترى بجزاف وتلف امتنع الأخذ فإن عين الشفيع قدرا وقال المشتري لم يكن معلوم القدر حلف على نفي العلم وإن ادعى علمه ولم يعين قدرا لم تسمع دعواه في الأصح وإذا ظهر الثمن مستحقا فإن كان معينا بطل البيع والشفعة وإلا أبدل وبقيا وإن دفع الشفيع مستحقا لم تبطل شفعته إن جهل وكذا إن علم في الأصح وتصرف المشتري في الشقص كبيع ووقف وإجارة صحيح وللشفيع نقض ما لا شفعة فيه كالوقف وأخذه ويتخير فيما فيه شفعة كبيع بين أن يأخذ بالبيع الثاني أو ينقضه ويأخذ بالأول ولو اختلف المشتري والشفيع في قدر الثمن صدق المشتري وكذا لو أنكر الشراء أو كون الطالب شريكا فإن اعترف الشريك بالبيع فالأصح ثبوت الشفعة ويسلم الثمن إلى البائع إن لم يعترف بقبضه وإن اعترف فهل يترك في يد الشفيع أم يأخذه القاضي ويحفظه فيه خلاف سبق في الإقرار نظيره ولو استحق الشفعة جمع أخذوا على قدر الحصص وفي قول على الرؤس ولو باع أحد الشريكين نصف حصته لرجل ثم باقيها لآخر فالشفعة في النصف

(1/152)


الأول للشريك القديم والأصح أنه إن عفا عن النصف الأول شاركه المشتري الأول في النصف الثاني وإلا فلا والأصح أنه لو عفا أحد شفيعين سقط حقه ويخبر الآخر بين أخذ الجميع وتركه وليس له الإقتصار على حصته وأن الواحد إذا أسقط بعض حقه سقط كله ولو حضر أحد شفيعين فله اخذ الجميع في الحال فإذا حضر الغائب شاركه والأصح أن له تأخير الأخذ إلى قدوم الغائب ولو اشتريا شقصا فللشفيع أخذ نصيبهما ونصيب أحدهما ولو اشترى واحد من اثنين فله أخذ حصة أحد البائعين في الأصح والأظهر أن الشفعة على الفور فإذا علم الشفيع بالبيع فليبادر على العادة فإن كان مريضا أو غائبا عن بلد المشتري أو خائفا من عدو فليوكل إن قدر وإلا فليشهد على الطلب فإن ترك المقدور عليه منهما بطل حقه في الأظهر فلو كان في صلاة أو حمام أو طعام فله الإتمام ولو أخر وقال لم أصدق المخبر لم يعذر إن أخبره عدلان وكذا ثقة في الأصح ويعذر أن أخبره من لا يقبل خبره ولو أخبر بالبيع بألف فترك فبان بخمسمائة بقي حقه وإن بان بأكثر بطل ولو لقي المشتري فسلم عليه أو قال بارك الله في صفقتك لم يبطل وفي الدعاء وجه ولو باع الشفيع حصته جاهلا بالشفعة الأصح بطلانها

(1/153)


كتاب القراض
القراض والمضاربة أن يدفع إليه مالا ليتجر فيه والربح مشترك ويشترط لصحته كون المال دراهم أو دنانير خالصا فلا يجوز على تبر وحلي ومغشوش وعروض ومعلوما معينا وقيل: يجوز على إحدى الصرتين ومسلما إلى العامل فلا يجوز شرط كون المال في يد المالك ولا عمله معه ويجوز شرط عمل غلام المالك معه على الصحيح ووظيفة العامل التجارة وتوابعها كنشر الثياب وطيها فلو قارضه ليشتري حنطة فيطحن ويخبز أو غزلا ينسجه ويبيعه فسد القراض ولا يجوز أن يشترط عليه شراء متاع معين أو نوع يندر وجوده أو معاملة شخص ولا يشترط بيان مدة القرض فلو ذكر مدة ومنعه التصرف بعدها فسد وإن منعه الشراء بعدها فلا في الأصح ويشترط اختصاصهما بالربح واشتراكهما فيه ولو قال قارضتك على أن كل الربح لك فقراض فاسد وقيل: قراض صحيح وإن اقل كله لي فقراض فاسد وقيل: إبضاع وكونه معلوما بالجزئية فلو قال على أن لك فيه شركة أو نصيبا فسد أو بيننا فالأصح الصحة ويكون نصفين ولو قال لي النصف فسد في الأصح وإن قال لك النصف صح على الصحيح ولو شرط لأحدهما عشرة أو ربح صنف فسد.

(1/154)


فصل
يشترط إيجاب وقبول وقيل: يكفي القبول بالفعل وشرطهما كوكيل وموكل ولو قارض لعامل آخر بإذن المالك ليشاركه في العمل والربح لم يجز في الأصح وبغير أذنه فاسد فإن تصرف الثاني فتصرف غاصب فإن اشترى في الذمة وقلنا بالجديد فالربح للعامل الأول في الأصح وعليه للثاني أجرته وقيل: هو للثاني وإن اشترى بعين مال القراض فباطل ويجوز أن يقارض الواحد اثنين متفاضلا متساويا والإثنان واحدا والربح بعد نصيب العامل بينهما بحسب المال وإذا فسد القراض نفذ تصرف العامل والربح للمالك وعليه للعامل أجرة مثل عمله إلا إذا قال قارضتك وجميع الربح لي فلا شيء له في الأصح ويتصرف العامل محتاطا لا بغبن ولا نسيئة بلا إذن وله البيع بعرض وله الرد بعيب تقتضيه مصلحة فإن اقتضت الإمساك فلا في الأصح وللمالك الرد فإن اختلفا عمل بالمصلحة ولا يعامل المالك ولا يشتري للقراض بأكثر من رأس المال ولا من يعتق على المالك بغير إذنه وكذا زوجه في الأصح ولو فعل لم يقع للمالك ويقع للعامل إن اشترى في الذمة ولا يسافر بالمال بلا إذن ولا ينفق منه على نفسه حضرا وكذا سفرا في الأظهر وعليه فعل ما يعتاد كطي الثوب ووزن الخفيف كذهب ومسك لا الأمتعة الثقيل: ة ونحوه وما لا يلزمه له الاستئجار عليه والأظهر أن العامل يملك حصته من الربح بالقسمة لا بالظهور وثمار الشجر والنتاج وكسب الرقيق والمهر الحاصلة من مال القراض يفوز بها المالك وقيل: مال قراض والنقص الحاصل بالرخص محسوب من الربح ما أمكن ومجبور به وكذا لو تلف بعضه بآفة أو غصب أو سرقة بعد تصرف العامل في الأصح وإن تلف قبل تصرفه فمن رأس المال في الأصح.

(1/155)


فصل
لكل فسخه ولو مات أحدهما أو جن أو أغمى عليه انفسخ ويلزم العامل الاستيفاء إذا فسخ أحدهما وتنضيض رأس المال إن كان عرضا وقيل: لا يلزمه التنضيض إن لم يكن ربح ولو استرد المالك بعضه قبل ظهور ربح وخسران رجع رأس المال إلى الباقي وإن استرد بعد الربح فالمسترد شائع ربحا ورأس مال مثاله رأس المال مائة والربح عشرون واسترد عشرين فالربح سدس المال فيكون المسترد سدسه من الربح فيستقر للعامل المشروط منه وباقيه من رأس المال وإن استرد بعد الخسران فالخسران موزع على المسترد والباقي فلا يلزم جبر حصة المسترد لو ربح بعد ذلك مثاله المال مائة والخسران عشرون ثم استرد عشرين فربع العشرين حصة المسترد ويعود رأس المال إلى خمسة وسبعين ويصدق العامل بيمينه في قوله أربح أو لم أربح إلا كذا أو اشتريت هذا للقراض أولى أولم تنهني عن شراء كذا وفي قدر رأس المال ودعوى التلف وكذا دعوى الرد في الأصح ولو اختلفا في المشروط له تحالفا وله أجرة المثل.

(1/156)


كتاب المساقاة
تصح من جائز التصرف ولصبي ومجنون بالولاية وموردها النخل والعنب وجوزها القديم في سائر الأشجار المثمرة ولا تصح المخابرة وهي عمل الأرض ببعض ما يخرج منها والبذر من العامل ولا المزارعة وهي هذه المعاملة والبذر من المالك فلو كان بين النخل بياض صحت المزارعة عليه مع المساقاة على البخل بشرط اتحاد العامل وعسر أفراد النخل بالسقي والبياض بالعمارة والأصح انه يشترط أن لا يفصل بينهما وأن لا يقدم المزارعة وإن كثير البياض كقليله وأنه لا يشترط تساوي الجزء المشروط من الثمر والزرع وأنه لا يجوز أن يخابر تبعا للمساقاة فإن أفردت أرض بالمزارعة فالمغل للمالك وعليه للعامل أجرة عمله ودوابه وآلاته وطريق جعل الغلة لهما ولا أجرة أن يستأجره بنصف البذر ليزرع له النصف لآخر ويعيره نصف الأرض أو يستأجره بنصف البذر ونصف منفعة الأرض ليزرع النصف الآخر في النصف الآخر من الأرض.

(1/157)


فصل
يشترط تخصيص الثمر بهما واشتراكهما فيه والعلم بالنصيبين بالجزئية كالقراض والأظهر صحة المساقاة بعد ظهور الثمر لكن قبل بدو الصلاح ولو ساقاه على ودي ليغرسه ويكون الشجر لهما لم يجز ولو كان مغروسا وشرط له جزأ من الثمر على العمل فإن قدر له مدرة يثمر فيها غالبا صح وإلا فلا وقيل: أن تعارض الاحتمالان صح وله مساقاة شريكه في الشجر إذا شرط له زيادة على حصته ويشترط أن لا يشرط على العامل ما ليس من جنس أعمالها وأن ينفرد بالعمل وباليد في الحديقة ومعرفة العمل بتقدير المدة كسنة أو أكثر ولا يجوز التوقيت بإدراك الثمر في الأصح وصيغتها ساقيتك على هذا النخل بكذا أو سلمته إليك لتتعهده ويشترط القبول دون تفصيل الأعمال ويحمل المطلق في كل ناحية على العرف الغالب وعلى العامل ما يحتاج إليه لصلاح المثمر واستزادته مما يتكرر كل سنة كسقي وتنقية نهر وإصلاح الإجاجين التي يثبت فيها الماء وتلقيح وتنحية حشيش وقضبان مضرة وتعريش جرت به عادة وكذا حفظ الثمر وجذاذه وتجفيفه في الأصح وما قصد به حفظ الأصل ولا يتكرر كل سنة كبناء الحيطان وحفر نهر جديد فعلى المالك والمساقاة لازمة فلو هرب العامل قبل الفراغ وأتمه المالك متبرعا بقي استحقاق العامل وإلا استأجر الحاكم عليه من يتمه وإن لم يقدر على الحاكم فليشهد على الإنفاق إن أراد الرجوع ولو مات وخلف تركه أتم الوارث العمل منها له أن يتم العمل بنفسه أو بماله ولو ثبتت خيانة عامل ضم إليه مشرف فإن لم يتحفظ به استؤجر من ماله ولو خرج الثمر مستحقا فللعامل على المساقي أجره المثل.

(1/158)


كتاب الإجارة
شرطها كبائع ومشتر والصيغة آجرتك هذا أو أكريتك أو ملكتك منافعه سنة بكذا فيقول قبلت أو استأجرت أو اكتريت والأصح انعقادها بقوله آجرتك منفعتها ومنعها بقوله بعتك منفعتها وهي قسمان واردة على عين كإجارة العقار ودابة أو شخص معينين وعلى الذمة كاستئجار دابة موصوفة وبأن يلزم ذمته خياطة أو بناء ولو قال استأجرتك لتعمل كذا فإجارة عين وقيل: ذمة ويشترط في إجارة الذمة تسليم الأجرة في المجلس وإجارة العين لا يشترط ذلك فيها ويجوز فيها التعجيل والتأجيل إن كانت في الذمة وإذا أطلقت تعجلت وإن كانت معينة ملكت في الحال ويشترط كون الأجرة معلولة فلا تصح بالعمارة والعلف ولا ليسلخ بالجلد ويطحن ببعض الدقيق أو بالنخالة ولو استأجرها لترضع رقيقا ببعضه في الحال جاز على الصحيح وكون المنفعة متقومة فلا يصح استئجار بياع على كلمة لا تتعب وإن روجت السلعة وكذا دراهم ودنانير للتزيين وكلب للصيد في الأصح وكون المؤجر قادرا على تسليمها فلا يصح استئجار آبق ومغصوب وأعمى للفحظ وأرض للزراعة لا ماء لها دائم ولا يكفيها المطر المعتاد ويجوز أن كان لها ماء دائم وكذا إن كفاها

(1/159)


المطر المعتاد أو ماء الثلوج المجتمعة والغالب حصولها في الأصح والامتناع الشرعي كالحسي فلا يصح استئجار لقلع سن صحيحة ولا حائض لخدمة مسجد وكذا منكوحة لرضاع أو غيره بغير إذن الزوج في الأصح ويجوز تأجيل المنفعة في إجارة الذمة كألزمت ذمتك الحمل إلى مكة أول شهر كذا ولا يجوز إجارة عين لمنفعة مستقبلة فلو أجر السنة الثانية لمستأجر الأولى قبل انقضائها جاز في الأصح ويجوز كراء العقب في الأصح وهو أن يؤجر دابة رجلا ليركبها بعض الطريق أو رجلين ليركب هذا أياما وذا أياما ويبين البعضين ثم يقتسمان.
فصل
يشترط كون المنفعة معلومة ثم تارة تقدر بزمان كدار سنة وتارة بعمل كدابة إلى مكة وكخياطة ذا الثوب فلو جمعهما فاستأجره ليخيطه بياض النهار لم يصح في الأصح وبقدر تعليم القرآن بمدة أو تعيين سور وفي البناء يبين الموضع والطول والعرض والسمك وما يبني به إن قدر بالعمل وإذا صلحت الأرض لبناء وزراعة وغراس اشترط تعيين المنفعة ويكفي تعيين الزراعة عن ذكر ما يزرع في الأصح ولو قال لتنتفع بها بما شئت صح وكذا لو قال إن شئت فازرع وإن شئت فاغرس في الأرض ويشترط في إجارة دابة لركوب معرفة الراكب بمشاهدة أو وصف تام وقيل: لا يكفي الوصف وكذا الحكم فيما يركب عليه من محمل وغيره إن كان له ولو شرط حمل المعاليق مطلقا فسد العقد في الأصح وإن لم يشرطه لم يستحق ويشترط في إجارة العين تعيين الدابة وفي اشتراط رؤيتها الخلاف في بيع الغائب وفي إجاره الذمة ذكر الجنس والنوع والذكورة أو الأنوثة ويشترط فيهما بيان قدر

(1/160)


السير كل يوم إلا أن يكون بالطريق منازل مضبوطة فينزل عليها ويجب في الإيجار للحمل أن يعرف المحمول فإن حضر رآه وامتحنه بيده إن كان في ظرف وإن غاب قدر بكيل أو وزن وجنسه لا جنس الدابة وصفتها إن كانت إجارة ذمة إلا أن يكون المحمول زجاجا ونحوه.
فصل
لا تصح إجارة مسلم لجهاد ولا عبادة تجب لها نية إلا الحج وتفرقة زكاة وتصح لتجهيز ميت ودفنه وتعليم القرآن ولحضانة وإرضاع معا ولأحدهما فقط والأصح أنه لا يستتبع أحدهما الآخر والحضانة حفظ صبي وتعهده بغسل رأسه وبدنه وثيابه ودهنه وكحله وربطه في المهد وتحريكه لينام ونحوها ولو استأجر لهما فانقطع اللبن فالمذهب انفساخ العقد في الإرضاع دون الحضاة والأصح أنه لا يجب حبر وخيط وكحل على وراق وخياط وكحال.
قلت: صحح الرافعي في الشرح الرجوع فيه إلى العادة فإن اضطربت وجب البيان وإلا فتبطل الإجارة. والله أعلم.
فصل
يجب تسليم مفتاح الدار إلى المكتري وعمارتها على المؤجر فإن بادر وأصلحها وإلا فللمكتري الخيار وكسح الثلج عن السطح على المؤجر وتنظيف عرصة الدار عن ثلج وكناسه على المكتري وإن أجر دابة لركوب فعلى المؤجر الكاف وبرذعة وخرام وثفر وبرة وخطام وعلى المكتري محمل ومظلة ووطاء وغطاء وتوابعها والأصح في السرج اتباع العرف وظرف المحمول على المؤجر في إجارة الذمة وعلى المكتري في إجارة العين وعلى المؤجر في

(1/161)


إجارة الذمة الخروج مع الدابة لتعهدها وإعانة الراكب في ركوبه ونزوله بحسب الحاجة ورفع الحمل وحطه وشد المحمل وحله وليس عليه في إجارة العين إلا التخلية بين المكتري والدابة وتنفسخ إجارة العين بتلف الدابة ويثبت الخيار بعيبها ولا خيار في إجارة الذمة بل يلزمه الإبدال والطعام المحمول ليؤكل يبدل إذا أكل في الأظهر.
فصل
يصح عقد الإجارة مدة تبقى فيها العين غالبا وفي قول لا يزاد على سنة وفي قوله ثلاثين وللمكتري استيفاء المنفعة بنفسه وبغيره فيركب ويسكن مثله ولا يسكن حدادا ولا قصارا وما يستوفي منه كدار ودابة معينة لا يبدل وما يستوفي به كثوب وصبي عين للخياطة والإرتضاع يجوز إبداله في الأصح ويد المكتري على الدابة والثوب يد أمانة مدة الإجارة وكذا بعدها في الأصح ولو ربط دابة اكتراها لحمل أو ركوب ولم ينتفع بها لم يضمن إلا إذا انهدم عليها اصطبل في وقت لو انتفع بها لم يصبها الهدم ولو تلف المال في يد أجير بلا تعد كثوب استؤجر لخياطته أو صبغه لم يضمن إن لم ينفرد باليد بأن قعد المستؤجر معه أو أحضره منزله وكذا إذا انفرد في أظهر الأقوال والثالث: يضمن المشترك وهو من التزم عملا في ذمته لا المنفرد وهو من أجر نفسه مدة معينة لعمل ودفع ثوبا إلى قصار ليقصره أو خياط ليخيطه ففعل ولم يذكر أجرة فلا أجرة له وقيل: له وقيل: إن كان معروفا بذلك العمل فله وإلا فلا وقد يستحسن ولو تعدى المستأجر بأن ضرب الدابة وكبحها فوق العادة أو أركبها أثقل منه أو أسكن حدادا أو قصارا ضمن العين وكذا لو اكترى لحمل مائة رطل من حنطة فحمل مائة شعيرا أو عكس أو لعشرة أقفزة شعير فحمل حنطة دون عكسه ولو

(1/162)


اكترى لمائة فحمل مائة وعشرة لزمه أجرة المثل للزيادة وإن تلفت بذلك ضمنها إن لم يكن صاحبها معها فإن كان ضمن قسطا للزيادة وفي قول نصف القيمة ولو سلم المائة والعشرة إلى المؤجر فحملها جاهلا ضمن المكتري على المذهب ولو وزن المؤجر وحمل فلا أجرة للزيادة ولا ضمان إن تلفت ولو أعطاه ثوبا ليخيطه فخاطه قباء وقال أمرتني بقطعه قباء فقال بل قميصا فالأظهر تصديق المالك بيمينه ولا أجرة عليه وعلى الخياط أرش النقص.
فصل
لا تنفسخ الأجرة بعذر كتعذر وقود حمام وسفر ومرض مستأجر دابة لسفر ولو استأجر أرضا لزراعة فزرع فهلك الزرع بجائحة فليس له الفسخ ولا حط شيء من الأجرة وتنفسخ بموت الدابة والأجيبر المعينين في المستقبل لا الماضي في الأظهر فيستقر قسطه من المسمى ولا تنفسخ بموت العاقدين ومتولي الوقف ولو أجر البطن الأول مدة ومات قبل تمامها أو الولي صبيا مدة لا يبلغ فيها بالسن فبلغ بالاحتلام فالأصح انفساخها في الوقف لا الصبي وإنها تنفسخ بانهدام الدار لا انقطاع ماء أرض استؤجرت لزراعة بل يثبت الخيار وغصب الدابة وإباق العبد تثبت الخيار ولو أكرى جمالا وهرب وتركها عند المكتري راجع القاضي ليمونها من مال الجمال فإن لم يجد له مالا اقترض عليه فإن وثق بالمكتري دفعه إليه وإلا جعله عند ثقة وله أن يبيع منها قدر النفقة ولو أذن للمكتري في الإنفاق من ماله ليرجع جاز في الأظهر ومتى قبض المكتري الدابة أو الدار وأمسكها حتى مضت مدة إجارة استقرت الأجرة وإن لم ينتفع وكذا لو اكترى لركوب إلى موضع وقبضها ومضت مدة إمكان السير

(1/163)


إليه وسواء فيه إجارة العين والذمة إذا سلم الدابة الموصوفة وتستقر في الإجارة الفاسدة أجرة المثل بما يستقر به المسمى في الصحيفة ولو أكرى عينا مدة ولم يسلمها حتى مضت انفسخت ولو لم يقدر مدة وأجر لركوب إلى موضع ولم يسلما حتى مضت مدة السير فالأصح أنها لا تنفسخ ولو أجر عبده ثم أعتقه فالأصح أنها لا تنفسخ الإجارة وأنه لا خيار للعبد والأظهر أنه لا يرجع على سيده بأجرة ما بعد العتق ويصح بيع المستأجرة للمكتري ولا تنفسخ الإجارة في الأصح ولو باعها لغيره جاز في الأظهر ولا تنفسخ.

(1/164)


كتاب إحياء الموات
الأرض التي لا تعمر قط إن كانت ببلاد الإسلام فللمسلم تملكها بالأحياء وليس هو لذمي وإن كانت ببلاد كفار فلهم إحياؤها وكذا لمسلم إن كانت مما لا يذبون المسلمين عنها وما كان معمورا فلمالكه إن لم يعرف والعمارة إسلامية فمال ضائع وإن كانت جاهلية فالأظهر أنه يملك بالأحياء ولا يملك بالأحياء حريم معمور وهو ما تمس الحاجة إليه لتمام الانتفاع فحريم القرية النادي ومرتكض الخيل ومناخ الإبل ومطرح الرماد ونحوها وحريم البئر في الموات موقف النازح والحوض والدولاب ومجتمع الماء ومتردد الدابة وحريم الدار في الموات مطرح رماد وكناسة وثلج وممر في صوب الباب وحريم آبار القناة ما لو حفر فيه نقص ماؤها أو خيف الانهيار والدار المحفوفة بدور لا حريم لها ويتصرف كل واحد في ملكه على العادة فإن تعدى ضمن والأصح أنه يجوز أن يتخذ داره المحفوفة بمساكن حماما واصطبلا وحانوته في البزازين حانوت حداد إذا احتاط واحكم الجدران ويجوز إحياء موات الحرم دون عرفات في الأصح.
قلت: ومزدلفة ومنى كعرفة والله أعلم ويختلف الأحياء بحسب الغرض فإن أراد مسكنا اشترط تحويط البقعة وسقف بعضها وتعليق باب وفي الباب وجه أو زريبة دواب

(1/165)


فتحويط لا سقف وفي الباب الخلاف أو مزرعة فجمع التراب حولها وتسوية الأرض وترتيب ماء لها إن لم يكفها المطر المعتاد لزراعة في الأصح أو بستانا فجمع التراب والتحويط حيث جرت العادة به وتهيئة ماء ويشترط الغرس على المذهب ومن شرع في عمل إحياء ولم يتمه أو أعلم على بقعة لنصب أحجار أو غرز خشبا فمتحجر وهو أحق به لكن الأصح أنه لا يصح بيعه وأنه لو أحياه آخر ملكه ولو طالت مدة التحجر قال له السلطان أحي أو أترك فإن استمهل أمهل مدة قريبة ولو أقطعه الإمام مواتا صار أحق بإحيائه كالمتحجر ولا يقطع إلا قادرا على الإحياء وقدرا يقدر عليه وكذا التحجر والأظهر أن للإمام أن يحمي بقعة موات لرعي نعم جزية وصدقة وضالة وضعيف عن النجعة وإن له نقض حماه للحاجة ولا يحمي لنفسه.
فصل
منفعة الشارع المرور ويجوز الجلوس به لاستراحة ومعاملة نحوهما إذا لم يضيق على المارة ولا يشترط إذن الإمام وله تظليل مقعده ببارية وغيرها ولو سبق إليه اثنان أقرع وقيل: يقدم لإمام برأيه ولو جلس فيه للمعالمة ثم فارقه تاركا للحرفة أو منتقلا إلى غيره بطل حقه وإن فارقه ليعود لم يبطل إلا أن تطول مفارقته بحيث ينقطع معاملوه عنه ويألفون غيره ومن ألف من المسجد موضعا يفتي فيه ويقرئ كالجالس في شارع المعاملة ولو جلس فيه الصلاة لم يصر أحق به في غيرها فلو فارقه لحاجة ليعود لم يبطل اختصاصه في تلك الصلاة في الأصح وإن لم يترك إزاره ولو سبق رجل إلى موضع من رباط مسبل أو فقيه إلى مدرسة أو صوفي إلى خانقاه لم يزعج ولم يبطل حقه بخروجه لشراء حاجة ونحوه.

(1/166)


فصل
المعدن الظاهر وهو ما خرج بلا علاج كنفط وكبريت وقار وموميا وبرام وأحجار رحى لا يملك بإحياء ولا يثبت فيه اختصاص بتحجر ولا اقطاع فإن ضاق نيله قدم السابق بقدر حاجته فإن طلب زيادة فالأصح إزعاجه ولو جاءآ معا أقرع في الأصح والمعدن الباطن وهو ما لا يخرج إلا بعلاج كذهب وفضة وحديد ونحاس لا يملك بالحفر والعمل في الأظهر ومن أحيا مواتا فظهر فيه معدن باطن ملكه والمياه المباحة من الأودية والعيون في الجبال يستوي الناس فيها فإن أراد قوم سقي أراضيهم منها فضاق سقي الأعلى فالأعلى وحبس كل واحد الماء حتى يبلغ الكعبين فإن كان في الأرض ارتفاع وانخفاض أفرد كل طرف بسقي وما أخذ من هذا الماء في إناء ملك على الصحيح وحافر بئر بموات للارتفاق أولى بمائها حتى يرتحل والمحفورة للتملك أو في ملك يملك ماؤها في الأصح وسواء ملكه أم لا لا يلزمه بذل ما فضل عن حاجته لزرع ويجب لماشية على الصحيح والقناة المشتركة يقسم ماؤها بنصب خشبة في عرض النهر فيها ثقب متساوية أو متفاوتة على قدر الحصص ولهم القسمة مهايأة.

(1/167)