نهاية المطلب في دراية المذهب

كتاب صلاة العيدين
1569 - الأصل فيها الكتاب، والسنة، والإجماع. قال الله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] قيل: أراد صلاة العيد. ونقلُ صلاة العيد متواترٌ والإجماع من الكافة منعقدٌ.
وكان رضي الله عنه يصدّر الكتابَ بالاستحثاث على إحياء ليلتي العيد، ويستدل بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من أحيا ليلتي العيد، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب" (1).
1570 - ثم قال الشافعي: "من وجب عليه حضور الجمعة، وجب عليه حضور العيدين (2) "، فذكر لفظ الوجوب، واللفظ مؤوّل في صلاة العيد، محمولٌ على التأكد، ثم لما جرى ذكر صلاة العيد مقروناً بصلاة الجمعة، أجرى ذكرهما على اتساق. فالذي صار إليه معظم الأئمة أن صلاة العيد سنة مؤكدة.
وذهب الإصطخري في طائفة إلى أنها من فروض الكفايات، وهذا التردد يطرد في كل شعيرة ظاهرة في الإسلام، وصلاة العيدين أظهرها، ثم قدمت الترتيب في أمثالها، في أول باب الأذان، وهذا الذي نحن فيه في التفاصيل، وفي نصب القتال عند فرض الامتناع عن الإقامة كما تقدم.
__________
(1) حديث إحياء ليلتي العيدين، ذكره الدارقطني في العلل، عن أبي أمامة، ورواه ابن ماجة.
وهو حديث ضعيف، أورده ابن الجوزي في العلل المتناهية: 2/ 56 - 57، والألباني في الضعيفة: ح 521، (وانظر ابن ماجة: الصيام، باب فيمن قام ليلتي العيدين، ح 1782، وخلاصة البدر المنير: 1/ 230 ح 800، والتلخيص: 2/ 80).
(2) ر. المختصر: 1/ 149.

(2/611)


1571 - ثم المنصوص عليه للشافعي هاهنا وفي كتبه الجديدة أنه لا يشترط في صحة صلاة العيد، ما يشترط في صلاة الجمعة، فتصح من المنفرد، والمسافر، ومن النسوة في الدور وراء الخدور، وسبيلها كسبيل سائر النوافل، غيرَ أنا نستحب فيها الجماعة.
وللشافعي قول في القديم أنه يشترط في صحة صلاة العيد ما يشترط في الجمعة، من العدد، والجماعة، وكمال صفات الأربعين، ودار الإقامة، كما ذكرناه في الجمعة، غير أن خطبتي الجمعة قبلها، وهذا قياس الشرائط، وخطبتا العيد بعد الصلاة، كما سيأتي.
ثم إذا مضت الصلاةُ وفُرض إخلال بالخطبة، فيبعد جداً في التفريع على هذا القول أن يقال: ينعطف البطلان على الصلاة.
والذي رأيته للأئمة أن صلاة العيد كصلاة الجمعة في القديم في الشرائط، إلا أن الجمعة لا تقام في الجبّانة (1) البارزة من خِطة البلدة، وصلاة العيد تقام بارزة. وعمل الأئمة الماضين أصدق شاهد في ذلك.
ولا يمتنع مع المصير إلى التسوية ضرب من الفرق، كما نبهنا عليه من وقت الخطبتين.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقيم صلاة العيد بالمدينة في الجبَّانة.
وذكر شيخي: أنا إذا فرعنا على القديم، لم نجوز صلاة العيد، إلا حيث نجوز إقامة صلاة الجمعة، وهذا وإن كان قياساً، فهو في حكم المعاندة لما عليه الناس.
1572 - ثم ذكر الشافعي الغسل وهو محثوث عليه لصلاة العيد، ولو أتى المرء به قبل طلوع الفجر، فهل يعتد به؟ فيه وجهان مشهوران: أحدهما - لا يعتد به؛ فإنه لم يقع في يوم العيد، فأشبه غُسلَ الجمعة، كما مضى القول فيه.
ومن أئمتنا من جوز إقامة الغسل قبل الفجر، واعتلّ بأن أهل السواد (2) يبتكرون إلى
__________
(1) الجبّانة: الصحراء. (معجم).
(2) السواد: هنا المراد به القرى، يقال: خرجوا إلى سواد المدينة: أي إلى القرى حولها (المعجم).

(2/612)


المصلى من قراهم؛ ولو لم يغتسلوا قبل الفجر، يعسر عليهم إقامة الغسل، ثم من جوز ذلك فالمحفوظ أن جميع ليلة العيد وقت له، وكان لا يبعد في القياس أن يقرَّب بقريب الأذان لصلاة الصبح.
1573 - ثم قال الشافعي: "وأحب إظهارَ التكبيرِ جماعةً، وفرادى ... إلى آخره" (1)
يستحب إظهار التكبيرات، ورفعُ الصوت بها، ليلتي العيد، وفي يوميهما إلى المنتهى الذي نصفه إن شاء الله تعالى، وهذه التكبيراتُ مرسلة يستحب إظهارها في المساجد والطرق، قال الصيدلاني: وفي الحضر والسفر.
وليعلم الناظر أن التكبيرات التي تذكر في هذا الكتاب أجناس، ولها مواضع: منها التكبيرات المرسلة، وهي التي نحن فيها، ومنها التكبيرات في أدبار الصلوات، في عيد الأضحى، وأيام التشريق، وقد عقد الشافعي فيها باباً، ومنها التكبيرات الزائدة في صلاة العيد، كما سنذكرها، ومنها التكبيرات في الخطبة كما سيأتي.
وإنما نحن الآن في التكبيرات المرسلة، التي لا اختصاص لها بأدبار الصلوات، وهي جارية في العيدين جميعاًً، ويدخل وقتُها بغروب الشمس في ليلة العيد، ثم الناس يصبحون مكبرين، حيث كانوا، وفي الطرق، رافعي أصواتهم، هكذا كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه رضي الله عنهم.
ثم إلى متى يمتد هذا الجنس؟ اختلف نص الشافعي فقال [في موضع:] (2) إلى خروج الإمام، وقال في موضعٍ: إلى أن يتحرم الإمام بالصلاة.
ونقل شيخي نصاً ثالثاً: أنها تدوم إلى أن يفرغ الإمام من الصلاة، ثم قال: من أئمتنا من قال: النصوص أقوال، فعلى هذا معنى مَدِّه إلى فراغ الإمام يظهر في حق من لم يدرك المصلَّى بعدُ؛ فإنه يكبر مادام الإمام في الصلاة في طريقه، ولا شك أنه لا يُؤْثر له أن يكبر بحيث يجرّ تكبيره لبساً، بأن يعتقد قوم هم في الصلاة في طرف
__________
(1) ر. المختصر: 1/ 149.
(2) زيادة من (ت 1)، (ل).

(2/613)


المصلى، أنّ هذا تكبير المترجم، فيركعون قبل أوان الركوع.
والطريقة المرضية التي لم يذكر الأئمة غيرَها، أن المسألة ليست على اختلاف قول، والمعتبر تحرم الإمام بالصلاة، وهذا اختيار المزني، وما ذكره الشافعي من خروج الإمام، أراد التحرّم، فعبر عنه بما يقرب منه؛ فإنه ليس بين خروج الإمام وبين تحرمه فصل، بل كما (1) ينتهي يكبّر، فجرى ما ذكره الشافعي على مذهب التقريب والاستعارة.
وما ذكره من فراغ الإمام عن الصلاة فيما نقله شيخي -ولم أره لغيره- فهو محمول على التكبيرات الزائدة في الصلاة، فكأنه يقول: التكبيرات الواقعة في هذا اليوم تنقطع بفراغ الإمام، ولكن يرد على هذا التأويل تكبيراتُ الخطبة؛ فإنها تقع بعد الصلاة.
1574 - ثم قال صاحب التقريب: التكبيرات المرسلة هل نستحبها على أدبار الصلوات في ليلة عيد الفطر، وفي صبيحتها؟ فعلى وجهين، وكذلك إذا استحببنا التكبيرات في أيام التشريق، في أدبار الصلوات، فهل يستحب إرسال التكبيرات في الطرق، في هذه الأيام؟ فعلى وجهين، والمسألة محتملة، وإيثارها في إثر الصلوات ليلة عيد الفطر أقرب من إرسال التكبيرات في الطرق أيام التشريق، ووجهه إن قلنا به أن الحجيج يكبرون كل يوم عند رمي الجمرات، وذلك لا يجري في أثر صلاةٍ، ونحن نقتدي بهم جهدنا، غير أنا لا نرمي، ونؤثر التكبيرات في الطرق أبداً.
فهذا بيان التكبيرات المرسلة في العيدين.
1575 - ثم قال الشافعي: "وأحب للإمام أن يصلي بهم، حيث أَرْفَقُ بهم" (2).
هذا أكبر تجمع في السَّنة، وقد يضيق عنهم البنيان، ولهذا كان يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس إلى الجبّان، والذي يعتبر في ذلك أولاً ما هو الأرفق، فإن كان يضيق المسجد عن الجمع برزوا، وقد ثبت أن المسلمين قد كانوا أقاموا صلاة
__________
(1) "كما" بمعنى "عندما".
(2) ر. المختصر: 1/ 150.

(2/614)


العيد في المسجد بمكة (1). وهذا ثابت لا نزاع فيه، فيمكن أن يقال: هو لسعة المسجد وشَرفه، والضابط فيه أن المسجد المحرم مستثنى من كل اعتبار وقياس، وفيه اتساع الخِطة والشرف، وفعلُ الناس (2).
فأما ما عداه من المساجد فإن ضاق عن جمع العيد، فالبروز إلى الجبَّان هو المأمور به، وإن كبر المسجد، أو قل الناس، وإن كان يوماً مطيراً، فلا شك أن الأولى إقامة الصلاة في الجامع، وإن كان السماء مصحية، ولا عذر، والمسجد كان يسع الجمع، فقد ذكر صاحب التقريب في الأَوْلى وجهين: أحدهما - أن الأَوْلى إقامة الصلاة في المسجد؛ فإنه أفضل من الجبان.
والثاني - أن البروز أَوْلى؛ فإنَّ أصحاب القرى يشهدون مع دوابّهم، ولا يتأتّى إحضار الدواب إلا في الجبان، والموضع البارز.
هذا ما أردناه.
1576 - ثم قال: "ويمشي إلى المصلى" (3)، ينبغي للإمام وغيره أن يمشي إلى المصلى، وفي الحديث: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يركب في العيد، والاستسقاء، والجنازة، وعيادة المريض" (4).
1577 - ثم ينبغي أن يبتكر في عيد الأضحى، ويستأخر قليلاً في عيد الفطر، هكذا كان يفعل رسول الله (5)، والسبب فيه أن التضحية تقع بعد الصلاة، فينبغي أن يعجل الصلاة، حتى يتسرع الناس إلى الأضاحي، وتفرقة اللحوم على المحاويج، وتفريق صدقة الفطر في الأولى تقع قبل البروز، فهذا سبب استئخار هذه الصلاة.
__________
(1) ر. الأم: 1/ 234.
(2) أي ما جرى عليه الناس.
(3) ر. المختصر: 1/ 150.
(4) سبق الكلام عن هذا الحديث، في الجمعة.
(5) قال الحافظ في التلخيص: "من طريق وكيع عن المعلى بن هلال، عن الأسود بن قيس، عن جندب قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بنا يوم الفطر، والشمس على قدر رمحين، والأضحى على قدر رمح". (التلخيص: 2/ 83 ح 684) ".

(2/615)


1578 - ثم الصلاتان جميعاًً يقعان بعد طلوع الشمس، وكما طلعت، دخل أول وقت صلاة العيد، ثم ينبغي أن يسبق الناسُ الإمامَ؛ فإنه إذا خرج تقدّم وتحرّم بالصلاة، فالوجه أن ينتظروه؛ فإنه لا ينتظر أحداً، فإذا حضر نادى المنادي: "الصلاة جامعة" وكبر الإمام.
1579 - ونحن نصف الآن كيفية صلاة العيد، فأقلها ركعتان، كسائر النوافل، مع نية صلاة العيد، والتكبيرات الزائدة فيها ليست من أركانها، ولا يتعلق بتركها أيضاً سجود السهو، فهذا بيان الأقل.
فأما الأكمل، فيتحرم بالصلاة، والذي عليه اتفاق الأئمة، وهو المنصوص عليه في التكبير، أنه يأتي بدعاء الاستفتاح عقيب تكبيرة الإحرام، ثم إذا نجز ابتدأ التكبيرات الزائدة، فيأتي بسبع تكبيرات سوى تكبيرة العقد، وبين كل تكبيرتين مقدار آية، لا طويلة ولا قصيرة، ثم يسبح فيها، ولا يسكت، ويقول "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، والله أكبر" هكذا ذكره الصيدلاني وغيره، فإذا فرغ من التكبيرات السبع، فقد ذكر الأئمة أنه يتعوذ بعد الفراغ من التكبيرات الزائدة؛ فإن التعوّذ حقه أن يتصل بالقراءة، ولا يتخلل بينه وبين القراءة شيء، ثم يستحب رفع اليدين مع كل تكبيرة يريدها، كما يرفع يديه مع تكبيرة العقد.
ثم يقرأ بعد التعوذ الفاتحة، ويقرأ سورة "ق" في الركعة الأولى، ثم يكبر ويركع ويتم الركعة، ثم يرفع رأسه ويعتدل إلى الركعة الثانية، ويكبر خمس تكبيرات سوى التكبيرة التي اعتدل بها، على حسب ما ذكرناه في الأولى، ويخلل التسبيح بين التكبيرة التي ارتفع بها وبين التكبيرات التي يفتتحها، ثم كذلك بين كل تكبيرتين، ثم إذا نجزت قرأ الفاتحة، وسورة "اقتربت" ثم يهوي ويتمم الركعة، فهذا بيان كيفية الصلاة.
ثم نذكر فروعاً تستوعب الغرض.
فرع:
1580 - إذا ترك التكبيرات الزائدة حتى قرأ، ثم تذكر، فهل يكبر الآن قبل الركوع؟ فعلى قولين: المنصوص عليه في الجديد أنه لا يكبر، وقال في القديم: يتدارك التكبيرات.

(2/616)


ووجه القول الجديد أن وقت التكبيرات الزائدة قد فات، فلا تعاد.
ووجه القديم أن القيام مادام مستداماً، فوقت التكبير قائم.
وذكر الشيخ أبو علي أن حق المتحرم بصلاة العيد أن يعقب التحريمَ بدعاء الاستفتاح كما ذكرناه، فلو أتى بالتكبيرات الزائدة، أو ببعضها، فهل يأتي بدعاء الاستفتاح، فعلى طريقين: أحدهما - أن المسألة على قولين، كالقولين فيه إذا ترك التكبيرات وقرأ، فهل يعيد التكبيرات؟ فعلى ما قدمناه. فهذه طريق.
ومن أئمتنا من قطع القول بأن دعاء الاستفتاح لا سبيل إلى استدراكه قولاً واحداً؛ فإنه إذا تأخر عن صدر الصلاة، فقد تحقق الفوات فيه؛ من جهة أنه معروف بالاستفتاح، وموضع الاستفتاح على أثر التحرّم، فإذا تأخّر، وتخلل ذكرٌ أو قراءة فقد تحقق اليأس من الإتيان بالاستفتاح، وليس في التكبيرات الزائدة صفةٌ تسقط بتقدم شيء عليها.
1581 - ثم بنى صاحب التقريب والشيخ أبو علي، على ما قدمناه أصلاً، وهو أنا إن قلنا: يؤتى بالتكبيرات بعد القراءة، فلا كلام، وإن قلنا: التكبيرات قد فاتت ولا تستدرك، فلو أتى بها تاركُها بعد القراءة، فهل نأمره بسجود السهو أم لا؟ ذكر فيه وجهين.
وهذا يستدعي ترتيباً، وتجديدَ عهدٍ بشيء تقدم في باب سجود السهو، فنقول: من أتى بركن في غير موضعه، وكان ذلك الركن من جنس القراءة والذكر، فقرأ الفاتحة في التشهد، أو قرأ التشهد في القيام، ففي اقتضاء ذلك لسجود السهو وجهان ذكرناهما، وهذا الذي أوردناه فيه إذا لم ينضمّ إلى النقل تطويلُ ركن قصير، ثم ذكرنا تردداً في أن هذا إن وقع عمداً، فهل يؤثّر في إبطال الصلاة، أم لا؟ وكأنّ من يأمر (1) بسجود السهو فسببه (2) عنده أنه غيّر نظام الصلاة تغييراً واضحاً، فكان قريباً ممّن ترك بعضاً من أبعَاض الصلاة.
__________
(1) كذا (يأمر) في النسخ الثلاث. بدون ضمير المفعول. وفي (ل): يأمره.
(2) كذا في النسخ الثلاث بالفاء "فسببه" ومثلها جاءت (ل).

(2/617)


فلو نقل ذكراً ليس من الأركان، نظر فيه: فإن كان من أبعاض الصلاة كالقنوت، ففي اقتضاء الإتيان به في غير موضعه للسجود وجهان مرتبان على ما إذا نقل ركناً، وهذا أولى بألا يقتضي سجود السهو، فإن حكمه في وضع الصلاة أهون؛ إذ ليس ركناً، ولو أتى بذكرٍ موظفٍ ليس بركن، ولا بعضٍ من أبعاض الصلاة، في غير موضعه الذي شرع فيه، ففي اقتضاء هذا السجود للسهو وجهان، مرتبان على القنوت، وهذا أولى بألا يقتضي سجودَ السهو؛ فإنه في وضعه دون الأبعاض؛ إذ لا يتعلق به سجود السهو لو تُرك، فكذلك إذا نقل، ويخرّج عليه أنه لو أتى بالتكبيرات بعد القراءة، وقلنا: لا ينبغي أن يأتي بها، وكذلك لو أتى بدعاء الاستفتاح بعد القراءة وقد منعناه منه، ففي اقتضاء السجود في هذه المواضع وجهان، مرتبان على نقل الأبعاض، ويخرّج عليه أنه لو قرأ السورة في التشهد هل يسجد؛ فإن قراءة السورة ليست بركن، ولا بعض.
فهذا وجه التنبيه على هذه القاعدة.
فإن [زادها] (1) زائد تفصيلاً وترتيباً، لم يخرج ما يأتي به عن الترتيب الذي نبهنا عليه.
ولو أتى المصلِّي بذكر غير مشروع، ولم يطوّل به ركناً، فلا يتعلق به سجود السهو، كالذي يأتي بدعاء بعد القراءة قبل الركوع، فهذا لا وقع له ولا أثر.
فهذا تمام القول في ذلك.
1582 - ثم ذكر الشافعي بعد الفراغ عن كيفية الصلاة أن الخطبتين بعد الصلاة.
والأمر على ما قال. وعليه جرى الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده (2).
وقيل: كان مروان يقدّم الخطبة على صلاة العيد؛ فإن الناس كانوا لا يعرّجون على استماع خطبته بعد الصلاة، فحضره أبو سعيد الخدري يوماً، فلما هم بصعود المنبر
__________
(1) في الأصل، (ط): رآها، وسقطت من (ت 1)، والمثبت من (ل). والمعنى: إن حاول محاولٌ زيادة تفصيل وترتيب، لم يخرج عما انتهينا إليه.
(2) ورد هذا في الصحيحين من حديث ابن عباس، وابن عمر (ر. اللؤلؤ والمرجان: 1/ 169، 170 ح 505، 508).

(2/618)


جذبه وقال: قد غيرت يا رجل، فقال مروان: دع يا هذا؛ فقد ذهب ما تعلم، فقال أبو سعيد: لكن ما أعلم خير مما تعلم" (1).
لكن (2) الخطبتان مسنونتان، فلو قُدِّمتا على الصلاة، ففي الاعتداد بهما احتمال عندي مع الكراهية، ولا يعتد بهما قبل طلوع الشمس.
ثم الإمام إذا انتهى إلى مجلسه من المنبر، أقبل على الناس بوجهه وهم يردّون سلامه، قال الشافعي: إن ذلك روي عالياً، وقد اختُلف في معناه، فقيل: معناه أن صوته صلى الله عليه وسلم بالسلام روي عالياً، وقيل: الخبر عالٍ، وهذه عبارة يطلقها أئمة الحديث.
1583 - ثم في المنصوص عليه للشافعي في (الكبير) أنه يجلس بمقدار ما يجلس قبل الخطبتين يوم الجمعة، وهذه الجلسة مقصودها الاستراحة؛ فإن الإنسان قد ينبهر (3) إذا رَقِيَ في المنبر.
وحكى العراقيون وجهاً عن أبي إسحاق المروزي أنه كان لا يرى الجلوس ويقول: سبب الجلوس قبل خطبتي الجمعة أن يؤذن المؤذّن، ولا أذان في صلاة العيد.
فأما الجلوس بين الخطبتين، فلا شك أنه مشروع، وهو كالجلوس بين خطبتي الجمعة.
1584 - ثم ذكر الشيخ أبو بكر، والعراقيون، وغيرُهم أن الخطيب يأتي قبل الخوض في الخطبة الأولى بتسع تكبيرات، ويأتي قبل الخوض في الثانية بسبع تكبيرات، وسبب العدد الذي ذكرناه تشبيه الخطبتين بركعتي صلاة العيد؛ فإن الركعة الأولى تشتمل على تسع تكبيرات، تكبيرة التحريمة وتكبيرة الهوى إلى الركوع، وسبعٍ زائدة بينهما، والركعة الثانية تشمل على سبع تكبيرات على الترتيب الذي ذكرناه، وقد روي عن ابن مسعود في ذلك أثر (4).
__________
(1) حديث أبي سعيد ومروان هذا، رواه إمام الحرمين هنا بلفظ مغاير، وهو متفق عليه عن أبي سعيد الخدري. (ر. اللؤلؤ والمرجان: 1/ 170 ح 510).
(2) في (ت 1)، (ل): ثم.
(3) "ينبهر" أي يصيبه الدهشة والحيرة، ويغلب. (المعجم).
(4) أثر ابن مسعود رواه البيهقي في سننه الكبرى (3/ 299).

(2/619)


ثم قال العراقيون: لو أتى بالتكبيرات التي ذكرناها وِلاء في صدر الخطبة، جاز، ولو كان يخلل أذكاراً بين التكبيرات، جاز، ولكن لا ينبغي أن تكون تلك الأذكار من الخطبة. ولم يأتوا في ذلك بثَبَت يُعتمد.
1585 - ثم قال: "ولا بأس أن يتنفلَ المأموم ... إلى آخره" (1).
من شهد المصلى من القوم، وقد ارتفعت الشمس، فلا بأس لو تنفل قبل صلاة العيد أو بعدها؛ فإن الوقت لا كراهية فيه، ولكن ليس الموضع مسجداً حتى يؤمر بأن يحيِّي البقعة، وقد نقل الشافعي أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم من كان يتنفل قبلها وبعدها، ومنهم من كان يتنفل قبلها، ولم يُرِد بنقل ذلك اختلافَ مذاهب الصحابة، ولكن أوضح أنهم كانوا يأتون بالصلاة على حكم الخِيَرة والوفاق.
فأما الإمام؛ فإنه لا يتفرغ إلى ذلك؛ فإنه كما (2) ينتهي إلى موضعه، يفتتح صلاة العيد، وإذا تحلل عنها، مشى إلى المنبر، واشتغل بالخطبة، ولا يعرّج على تنفُّل (3) بعدهما بل ينصرف.
1586 - ثم قال: "وأحب حضور العجائز غيرِ ذوات الهيئات" (4).
والأمر على ما قال، وكنّ يحضرن في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "يشهدن الذكر ودعوة المسلمين" (5) وكن يخرجن تَفِلات متلفعات بجلاليب لا يشهرن، وكان يخرج على الصفة التي ذكرناها نسوة فيهن بقيةٌ (6) أيضاً.
قال الشيخ: واليوم، فنحن نكره لهن الخروج، وقد روي عن عائشة أنها نهت
__________
(1) ر. المختصر: 1/ 153.
(2) "كما" بمعنى عندما.
(3) في (ت 1): شغل.
(4) ر. المختصر: 1/ 54.
(5) حديث خروج النساء لمصلى العيد، متفق عليه، من حديث أم عطية. (اللؤلؤ والمرجان: 171 ح 511).
(6) أي غير العجائز.

(2/620)


النساء عن الخروج فقيل لها: كن يخرجن في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم [فقالت:] (1) لو عاش صلى الله عليه وسلم إلى زماننا، لمنعهن من الخروج" (2).
وقد روي أن عبد الله بن عمرو بن العاص رأى [امرأته] (3) خارجة يوم الجماعة فجرّ بعض ثيابها وكان يريد امتحانها، فمرت وما التفتت، وقيل انصرفت من مكانها، فلما عاد عبد الله سألها عن حضورها، فذكرت له القصة، وقالت له: لا أخرج بعد هذا أبداً، فقال عبد الله: أنا الذي جررت ثوبك لأمتحنك، فقالت: فلا أخرج إذاً أبداً، ولو لم يربك مني أمر لَما امتحنتني (4). وقد قال أبو هريرة: "ما نفضنا أيدينا عن تراب قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنكرنا قلوبنا" (5).
1587 - ثم قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلى المصلى من طريق ويعود من طريق" (6).
وقد اختلف أئمتنا في سبب ذلك، فمنهم من قال: كان يفعل هذا حذراً من غوائل المنافقين في اليوم المشهود، وقيل: كان [يفعل ذلك لتنال بركته الطريقين. وقيل:
__________
(1) مزيدة من (ت 1)، (ل).
(2) حديث عائشة متفق عليه بلفظ: "لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء، لمنعهن المساجد ... " (ر. اللؤلؤ والمرجان: 1/ 92 ح 255).
(3) مزيدة من (ت 1)، (ل).
(4) لم أصل إلى هذه الحكاية عن عبد الله بن عمرو.
(5) حديث: "أنكرنا قلوبنا ... " أخرجه الترمذي في المناقب، باب سلوا الله لي الوسيلة 5/ 588 ح 3618، وابن ماجة في الجنائز، باب ذكر وفاته ودفنه صلى الله عليه وسلم، ح 1631، وصححه الألباني. وهو عندهما من حديث أنس. ولم نره من حديث أبي هريرة.
(6) حديث: "كان صلى الله عليه وسلم: يخرج إلى المصلى من طريق، ويعود من طريق" أخرجه البخاري من حديث جابر، بلفظ "كان صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق"، وأما عن أبي هريرة فقد رواه الترمذي وأبو داود، وابن ماجة، والحاكم، والبيهقي، وقد صححه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي، وفي الباب عن ابن عمر، وعن أبي رافع، (ر. خلاصة البدر المنير: 1/ 237 ح 826، وسنن الترمذي: 2/ 424، 425، 426، أبواب العيدين، باب ما جاء في خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى العيد في طريق ورجوعه من طريق آخر، ح 541، وإرواء الغليل: 3/ 104 ح 637، والتلخيص: 2/ 86 ح 694).

(2/621)


كان] (1) يفعله ليستفتى في الطريقين، فتعم الفوائد، وقيل: لعله كان يسلك أطول الطريقين في خروجه ليكثر خطاه؛ إذ كان يخرج ماشياً، وكان يؤثر في انصرافه أقرب الطريقين؛ إذ لا قربة في الانصراف.
وذكر العراقيون عن أبي إسحاق أنه كان يقول: من ذكر معنىً فيما نحن فيه يوجد في غير رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنه يؤثَر ويستَحب له مثل ما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ذكر معنى كان يختص به [رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا نرى لغير رسول الله صلى الله عليه وسلم إيثار المخالفة] (2) في طريق قصده ورجوعه، بل هو على خيرته في ذلك.
ونقلوا عن أبي علي بن أبي هريرة أنه كان يؤثر للناس كافة ذلك، وإن كان المعنى مختصاً برسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك كالرَّمَل والاضطباع في الطواف. وهذا التردد الذي حكَوْه من هذين الشخصين، يجري في نظائر هذا المعنى في المسائل.
1588 - ثم قال: "ولا أرى بأساً أن يأمر الإمام من يصلي بضعفة الناس" (3).
وقد ذكرنا أن المنصوص عليه في الجديد، أنا لا نشترط في صلاة العيد ما نشترطه في الجمعة، فعلى هذا لو انفرد الرجل بصلاة العيد في رحله جاز، ولو فرضت جماعاتٌ متفرقة، صحت الصلوات، ولكن الإمام يمنع من هذا من غير حاجة، حتى تجتمع الجماعاتُ على صعيد واحد؛ فلو علم أن في الناس ضعفة، لا يقدرون على البروز، فحسنٌ أن يأمر إنساناً حتى يصلي بهم في مسجد أو غيره.
وإن فرعنا على القديم، فلا يجوز إقامة جماعتين، ولو فُرضتا، لكان القول فيهما على القديم كالقول في صلاة الجمعة، إذا عقدت فيها جمعتان.
...
__________
(1) زيادة من (ت 1)، (ل).
(2) زيادة من (ت 1).
(3) ر. المختصر: 1/ 154.

(2/622)


باب التكبير
1589 - مقصود الباب تفصيل القول في التكبيرات أدبار الصلوات في الأضحى، وظاهر نص الشافعي أنه يبتدئها على إثر صلاة الظهر من يوم النحر، ويختمها على إثر صلاة الصبح من آخر أيام التشريق. وهو النَّفْر الثاني.
وهذا هو المروي عن ابن عباس، وهو إحدى الروايتين عن ابن عمر، وهذا ظاهر المذهب.
وذكر الشافعي في موضع آخر أن الناس يبتدئون التكبير على إثر صلاة الصبح، من يوم عرفة، ويختمون إذا كبروا في إثر صلاة العصر، من آخر أيام التشريق. وهذا مذهب عمرَ، وعليٍّ، وإحدى الروايتين عن ابن عمرَ، وابن مسعود (1)، وهو مذهب المزني، واختيار ابن سريج.
وقال في موضع آخرَ: يبتدىء التكبير على إثر صلاة المغرب ليلة النحر. ولم يتعرض في هذا النص للختم.
فله ثلاثة نصوص في الابتداء، كما ذكرناها، ونصان في الختم.
فمن أئمتنا من جعل النصوص أقوالاً، ومنهم من قال: مذهب الشافعي منها البداية بالتكبير عقيب صلاة الظهر من يوم النحر، والختم على التكبير عقيب صلاة الصبح، من آخر أيام التشريق، فيكون المجموع خمسة عشر صلاة. وهذا القائل يقول: قصد الشافعي بغير هذا حكايةَ المذاهب.
وقال العراقيون، أما الحجيج، فلا خلاف أنهم يبتدئون عقيب الظهر يوم النحر، وذلك أنهم قبل ذلك يلبون ولا يكبرون قبلَ يوم النحر.
__________
(1) انظر مرويات الصحابة الذين أشار إليهم إمام الحرمين، وما قيل فيها، عند البيهقي: 3/ 312 - 314، والدارقطني: 2/ 49 - 51، وإرواء الغليل للألباني: 3/ 124، 125.

(2/623)


والأمر على ما ذكروه. وقالوا أيضاً في الحجيج: إنهم يختمون عقيب صلاة الصبح في اليوم الأخير من أيام التشريق. أما الابتداء، فلا شك فيه، وأما ما ذكروه في الانتهاء، ففيه تردد واحتمال.
1590 - ثم الكلام في هذه التكبيرات في فصولٍ: منها كيفية التكبير، ومنها الصلوات التي يستحب التكبير عقيبها، ومنها مسائل في المقتدي.
فأما كيفية التكبير فبيّنةٌ، وينبغي أن يكبر ثلاثاً نسقاً. وقال أبو حنيفة (1): يكبر مرتين. وقد نُقل المذهبان جميعاًً عن الصحابة رضي الله عنهم، واختار الشافعي الزيادة.
ثم إنْ مَحَضَ التكبيرَ، جاز، ولو سبّح، وهلل، مع التكبير، ففي بعض التصانيف قول محكي أن تمحيض التكبير أولى، وهذا غير معتد به (2)، ولكن ذكر الصيدلاني عن الشافعي في التكبير: أنه كان يرى أن يقول بعد التكبيرات الثلاث: [الله أكبر] (3) كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، مخلصين له الدين، ولو كره الكافرون، لا إله إلاّ الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله والله أكبر.
وقال في القديم يقول: الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، الله أكبر على ما هدانا، والحمد لله على ما أبلانا وأولانا.
ولست أرى ما نقل عن الشافعي مستنداً إلى خبر ولا أثر، ولكن لعلّه رضي الله عنه ثبت عنده هذه الألفاظ في الدعوات المأثورة، فرآها لائقة بالتكبيرات.
فإن قيل [أليس] (4) تكرير تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى للمحرم من تهليل وتسبيح يأتي به، فما الفرق؟ قلنا: قد ثبت أن تكرير التلبية مأمور به أبداً في
__________
(1) ر. مختصر الطحاوي: 37، المبسوط: 2/ 43، حاشية ابن عابدين: 1/ 563.
(2) سبق أن أشرنا إلى أنه يقصد "ببعض التصانيف" و"بعض المصنفين" الإمام الفوراني، فهو كثير الحط عليه، غفر الله لنا ولهم جميعاًً.
(3) مزيدة من (ت 1). حيث سقطت من الأصل، ومن (ط).
(4) مزيدة من (ت 1)، (ل).

(2/624)


أوان التلبية، فكان تكرير تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى؛ إذ قد ثبت الأمر بالتكرير، وأما التكبير، فلا يؤثر أن يزيد على ثلاث في أثر الصلوات، فإذا كان كذلك، فالإتيان بعدها بذكر وتهليل تبعاً للتكبير يحسن.
فهذا بيان التكبير وما يتصل به.
1591 - فأما القول في الصلوات، فلا شك أن وظائف الفرائض في أيام [التكبير] (1) تستعقب التكبيرَ، ولا فرق بين أن يكون الذي فرغ من الصلاة إماماً، أو مقتدياً، أو منفرداً.
فأما النوافل التي يُقيمها المرء في أيام التكبير، فهل يكبر على أثرها؟ في المسألة قولان: أحدهما - لا يكبر؛ فإن النوافل لا نهاية لها. ولا ضبط فيها، والتكبيرات على إثر الصلوات شعائرُ للصلوات المحصورة، كالأذان، والإقامة، والجماعة.
والثاني - يكبر على إثر كل صلاة؛ فإن المرعي الصلاة في هذا الوقت المخصوص، فإذا اجتمعا (2)، ظهر الندب إلى التكبير.
1592 - فأما قضاء الصلوات المفروضة، فإن فاتت صلاة في أيام التشريق، وقضاها فيها، فقد قطع الأئمة بأنه يكبر على إثرها، واختلفوا أن التكبير يكون في حكم المقضي كالصلاة، أو يكون في حكم المؤدَّى، وهذا الخلاف قريب من القولين في النوافل، فإن قلنا: إن المتنفل يكبر، فكل صلاةٍ تقام في هذه الأيام تقتضي تكبيراً، فعلى هذا تكون التكبيرات مؤدّاة، ولا نظر إلى صفة الصلاة، وإن خصصنا التكبير بوظائف الفرائض، فيجوز أن يقال: إذا قضيت، فالتكبيرات مقضية أيضاً، تبعاً لها.
ولو كانت الصلوات قد فاتت في غير أيام التشريق، فأراد قضاءها في أيام التشريق، فهل يكبر عقيبها؟ فعلى قولين مأخوذين مما ذكرناه، من التردد في أن التكبيرات على إثر المقضية الفائتة في أيام التشريق مقضية أو مؤداة، فإن قلنا: مؤداة،
__________
(1) مزيدة من (ت 1)، (ل).
(2) "اجتمعا" أي الوقت والصلاة.

(2/625)


كبَّر. وإن قلنا: التكبيراتُ في الصورة المقدّمة مقضية، فهذه المقضيات لا تستعقب التكبيرَ، فإنها ليست من وظائف الوقت، وإن فاتت، لم تكن مستعقبةً للتكبير، فلا قضاء إذن، وهذان القولان هما المذكوران في النوافل.
ومن أئمتنا من قطع بأن الفوائت تستعقب التكبيرَ، وإن كانت فاتت في غير أيام التشريق، لمرتبة الفرائض وعلوّ منصبها.
والوجه التسوية، فلا أثر لقوة الفرضية، وإنما المرعي ما ذكرناه قبلُ.
والصلوات المندوبة (1) كالنوافل بلا خلاف.
ومن فاتته صلوات في أيام التشريق، فقضاها في غيرها، لم يكبر قولاً واحداً؛ فإن التكبير من خصائص هذه الأيام، والأصل المرجوع إليه أن هذه الأوقات تقتضي التكبيرَ.
ثم تردد الأئمة، فذهب بعضهم إلى أنَّا نستحب التكبيرات فيها أبداً، مرسلة ومقيدة، وهذا وجة حكيته فيما تقدم عن صاحب التقريب.
ومنهم من قال: لا نستحبها شعاراً مع رفع الصوت بها إلا مقيدة بأسباب، فكأن الوقت في محل المقتضي والعلّة، والصلواتُ في درجة محل العلة، ثم اختلفت الأقوال والطرق، ففي قول تختص بالفرائض المؤداة، أو بالمقضية، إذا كان فواتها فيها.
وفي قولٍ: تتعلق بكل فريضة موقعةٍ فيها، مؤداةٍ كانت أو مقضية، كان فواتها فيها أو غيرها، ولا تتعلق بالنوافل.
وفي قول: تتعلق بكل صلاة تقام في هذه الأوقات: نفلاً كانت، أو فرضاً.
فأما إقامتها وراء أيام التشريق، فلا قائل به أصلاً، لما ذكرته من أن المقتضي الوقتُ، والتفصيل بعده في تعيين المحل.
فهذا تحقيق القول في ذلك.
__________
(1) كصلاة الضحى مثلاً، فحكمها حكم النوافل المطلقة.

(2/626)


1593 - وإن قلنا التكبيرات تتقيد بأدبار الصلوات، فلو صلى الرجل، ونسي التكبير، فإن تذكر على قرب من الزمان، كبر. وإن طال الزمان -وقد تمهد في باب السهو الضبطُ في طول الزمان وقصره- فهل يكبر بعد طول الزمان؛ مستدركاً لما تركه من التكبير؟ فعلى وجهين: وهما قريبان من الوجهين، في أن من تلا آية فيها سجود، فلم يسجد حتى تخلل زمانٌ طويل، فهل يسجد بعد طول الزمان؟ فيه خلاف تقدم ذكره في موضعه.
1594 - فأما ما يتعلق من التكبير بالمقتدي والإمام، فقد قال الأئمة: إن سلم الإمام، أو كبر في وقت، كان المقتدي يرى أنه لا يكبر فيه، فهل نُؤثر له التكبيرَ استحباباً اقتداءً بالإمام؟ فعلى وجهين: أصحهما - أن الاقتداء لا أثر له في هذا؛ فإن الإمام إذا تحلل عن صلاته، فقد انقطع أثر القدوة، فليجرِ المرءُ على موجب عقده في التكبير.
ومنهم من قال: يتابع إمامَه فيكبر؛ فإن التكبير من توابع الصلاة، ولهذا رأيناه متقيداً بها.
وهذا التردد ذكره ابن سريج ثم طرده في العكس، فقال: لو كان الإمام لا يرى التكبيرَ، والمقتدي يراه، فهل يتركه متابعةً له؟ فعلى ما ذكرناه.
ولو نسيه الإمام، ولم يأت به، فهذا أيضاً فيه احتمال، والعلم عند الله تعالى.
ولو فرض ما ذكرناه في التكبيرات الزائدة في صلاة العيد، فقد قال الأئمة: يتبع المأمومُ الإمامَ نفياً وإثباتاً، ويترك موجب عقده على القياس المتقدم في القنوت، حيث يراه الإمام، ولا يراه المأموم، أو على العكس، وذلك أن تلك التكبيرات تجري في نفس الصلاة، والقدوة قائمة.
ولو كان المقتدي مسبوقاً، فتحلّل الإمامُ وكبر، فالمقتدي لا يكبر في أثناء صلاته متابعاً باتفاق الأئمة؛ فإن هذه التكبيراتِ مشروعة وراء الصلاة، والمقتدي بعدُ في الصلاة.

(2/627)


1595 - ثم لا يخفى أن ما نفيناه وأثبتناه من التكبيرات في إثر الصلوات، نعني بها ما يأتي به المرء شعاراً مع رفع الصوت، فأما لو استغرق المرء عمرَه بالتكبير في نفسه، فهو ذكرٌ من أذكار الله تعالى لا يتحقق المنع منه.
فصل
قال: "ولو شهد عدلان في الفطر ... إلى آخره" (1).
1596 - هذا الفصل فيه اختباطٌ واختلاط، فلا بد من فضل اعتناءٍ به.
ونحن نقول في أوله: صلاةُ العيد سنَةٌ على الرأي الظاهر، وعليه التفريع، وهي مؤقتةٌ يدخل أول وقتها بطلوع الشمس يوم العيد، ويمتد إلى زوال الشمس، ثم يلتقي في صلاة العيد أمران: أحدهما - أنا ذكرنا قولين في أن النوافل المؤقتة هل تُقضى إذا فاتت مواقيتها؟ وهذا قد مضى مفصلاً في أحكام النوافل.
والثاني - أنا حكينا قولاً للشافعي في تنزيل صلاة العيد منزلةَ صلاة الجمعة وشرائطها، وعلى هذا القول لو فاتت، لم أر أن تُقضى كالجمعة، وإن قلنا: النوافل تُقضى إذا فاتت مواقيتها.
ثم قد ينضم إلى هذين الأمرين تفصيلٌ في أداء الشهادة وتعديل الشهود، فينبغي أن
يكون المرء على ذُكرٍ في هذه الأمور.
1597 - ونحن نرى أن نبدأ بأمرٍ في أداء الشهادة، ثم نبني عليه في التفاصيل ما ينبغي.
فنقول: إذا أصبح الناس يوم الثلاثين من رمضان صياماً، ولم تظهر لهم رؤيةُ الهلال ليلة الثلاثين، ثم استمروا [على الصوم] (2) حتى غربت الشمس، فلو شهد شاهدان بعد غروب الشمس يوم الثلاثين على رؤية الهلال ليلة الثلاثين، فلا نُصغي إلى
__________
(1) ر. المختصر: 1/ 156.
(2) مزيدة من (ت 1)، (ل).

(2/628)


هذه الشهادة، ولا نقيم لها وزناً، ونقيم صلاة العيد من الغد.
والسبب فيه أن هذه الشهادة ما أقيمت في وقتها.
وتحقيق القول في ذلك: أن الشهادة تُعنى لفائدةٍ، والناس قد صاموا يوم
الثلاثين، وأفطروا عند الغروب، فهذه الشهادة لو قبلت لا تُفيد إلا تركَ الصلاة غداً، وإذا سقطت فائدةُ الشهادة، لم نُصْغِ إليها، وجعلنا وجودَها كعدمها، ورأيت الطرقَ مشيرةً إلى أنا نصلي من الغد، وننوي الأداء، والشهادة بعد الغروب لا أثر لها.
وإن قلنا: لا نُصغي إلى الشهادة، فوجودُها كعدمها، ولا فرق بين أن يشهد عدلان، أو مستوران [ثم] (1) يُعدَّلان قبل طلوع [الشمس] (2)؛ فإن النظر في صفات الشهود فرعُ الإصغاء إلى الشهادة وإقامتها.
فهذا فيه إذا شهد من شهد بعد غروب الشمس.
1598 - فأما إذا شهد عدلان قبل زوال الشمس يومَ الثلاثين: أنا رأينا الهلال البارحة، فلا شك أنه يُصغى إلى الشهادة، وكذلك إذا كانا مستورين، أصغينا إلى الشهادة، ونظرنا بعدها في العدالة، والسبب في الإصغاء ظاهر، وذلك أنا نستفيد بالشهادة لو ثبتت سقوطَ الصوم في هذا اليوم، وليس كالشهادة المقامة بعد غروب الشمس.
فإذا تقرر هذا قلنا: إذا ثبتت العدالة قبل الزوال يوم الثلاثين، وقد قامت الشهادة، أفطرنا أولاً، ثم إن كان في الوقت سعة قبل الزوال، بَدَرْنا وصلينا وعيّدنا ولا شك.
وإن قامت الشهادة بعد الزوال، فإنا نصغى إليها لمكان توقع الإفطار في هذا النهار، فهذه فائدة ظاهرة، ارتبطت بالشهادة، فلو جرت الشهادة نهاراً قبل الزوال، أو بعده، فلم يُعدَّل الشهودُ حتى طلعت الشمس يوم الحادي والثلاثين، ثم ظهرت العدالة بعد ذلك، فالناس يقيمون صلاة العيد يوم الحادي والثلاثين، ولا يبالون بما
__________
(1) في الأصل: لم.
(2) مزيدة من (ت 1)، (ل).

(2/629)


جرى من الشهادة، وإن أصغينا إليها، ثم ينوون والحالة هذه أداء صلاة العيد، ولا يعتقدونها مقضية.
ويلتحق هذا بما قدمناه في الصورة الأولى، وهي أن يقيموا الشهادة بعد الغروب، فإن قيل: هلا فرقتم بين هذه الصورة والأولى، من جهة أنكم قد أصغيتم إلى هذه الشهادة نهاراً، ثم التعديل وإن بان آخراً، فقد استند إلى حالة الشهادة، قلنا: لا فرق؛ فإن العدالة عماد الشهادة، وإن تأخر العلم بها، فقد صام الناس وبنَوْا أمرهم على أن يُعيدوا يوم الحادي والثلاثين، فإذا طلعت الشمس، فلا يُصغَى إلى التعديل كما لا يصغى إلى إنشاء الشهادة بعد الغروب، فالتعديل في هذا الوقت ساقطٌ إذن، ولو لم يعدَّلوا، لما كان للشهادة حكم، فكذلك إذا عُدّلوا بعد طلوع الشمس.
1599 - فأما إذا وقعت الشهادة نهاراً، وعدّل الشهود بعد الغروب، قبل طلوع الشمس، فهل نعيِّد غداً، وهل نصلي صلاة العيد حقيقة؟ ذلك أنا هل نحكم في هذه الصورة بفوات صلاة العيد؟ فعلى قولين: أحدهما - أنها فاتت؛ لأن هذه الشهادة أقيمت نهاراً، وسمعت، ثم عدّل الشهود قبل دخول وقت الصلاة في الحادي والثلاثين، فلنَقْضِ بالفوات، ثم نتكلم بعد ذلك في القضاء.
والقول الثاني - لا تفوت؛ فإن التعديل جرى بعد ما أتم الناس الصيام، فتؤول فائدة التعديل، إلى ترك الصلاة، فيسقط أثر التعديل، ومن حكم سقوط أثره أداء الصلاة.
فإن قلنا: لا أثر لهذا التعديل، فتؤدَّى الصلاة، كما لو عدّلوا بعد طلوع الشمس.
وإن قلنا: قد فاتت الصلاة، فهذا الآن ينبني على أصلين: أحدهما - أن النافلة هل تقضى؟ فإن قلنا: لا تقضى، فلا كلام، وإن قلنا: تُقضَى، فصلاة العيد هل تقضى؟ فعلى قولين مبنيين على أن صلاة العيد هل يشترط فيها ما يشترط في صلاة الجمعة أم لا؟ فإن قلنا: إنها كصلاة الجمعة، فلا تقضى كما أن صلاة الجمعة لا تقضى.
1600 - وقد يطرأ على ما ذكرناه شيء كما نذكره في الصورة التي تلي هذه، فلو شهد الشهود نهاراً وعُدّلوا نهاراً، فالناس يفطرون لا محالة، ثم إن جرى التعديل بعد الزوال، فظاهر المذهب أنا نحكم بفوات صلاة العيد؛ فإن الشهادة سُمعت وعُدلت

(2/630)


وثبت أثرها في الفطر، وقد زالت الشمس، وليس كما لو جرى التعديل بعد الغروب؛ فإن الناس قد صاموا ظاهراً.
[وفي] (1) المسألة قول آخر: إن الصلاة لم تفت، ونعيِّد غداً، والسبب فيه أن التردد في الهلال كثيرُ الوقوع، وصلاة العيد من شعائر الإسلام، فيقبح ألا تقام على النعت المعهود في كل سنة، وهي مشبهة عند هذا القائل بالغلط الذي يفرض وقوعه في وقوف الحاج بعرفة، فلو وقفوا يوم العاشر، وقع موقع الإجزاء أداء، واعتد به، وأقيم مقام الوقوف يوم التاسع، فلتكن صلاةُ العيد كذلك.
وهذا لطيف حسن.
فإن قلنا: هي مؤداة، فيتعين إيقاعها بعد طلوع الشمس، يوم الحادي والثلاثين، وإن جرينا على ظاهر المذهب، وهو أن الصلاة قد فاتته، فإن قلنا: لا تقضى بناء على ما تقدم، فلا كلام، وإن قلنا: إنها تقضى قياساً على سائر النوافل -إذا قلنا إنها مقضية- فيجوز قضاؤها في بقية الثلاثين، ويجوز تأخيرها إلى ضحوة الغد.
1601 - وقد اختلف الأئمة في الأوْلى، فمنهم من قال: الأوْلى الإقامة في بقية النهار؛ فإنه يوم العيد، فالصلاة وإن كانت مقضية، فهي بيوم العيد أليق، ومنهم من قال: الأولى أن تؤخر إلى ضحوة الغد؛ فإن اجتماع الناس فيها أمكن، ولا خلاف أنه إذا كان يشق جمعُ الناس يومَ الثلاثين، فالتأخير إلى الضحوة من الغد أولى.
ثم إن قلنا: هي تقضى يومَ الثلاثين، أو ضحوة الحادي والثلاثين (2 فلو اتفق تأخيرها عن الحادي والثلاثين 2)، فهل تقضى بعد ذلك؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنها تُقضى كالفرائض إذا فاتت؛ فإنه لا يتأقت قضاؤها.
والثاني - أنها لا تقضى بعد الحادي والثلاثين؛ فإن الحادي يجوز أن يُفرض يوم العيد، فوقوع هذا الشعار فيه يتّجه، فأما إذا فرض بعده فلا. وهذا له نظير على الجملة في النوافل الراتبة، إذا قلنا: إنها تقضى، فهل يتأقت وقت قضائها؟ فيه تفصيل مقدّم.
__________
(1) مزيدة من (ت 1)، (ل).
(2) ما بين القوسين ساقط من (ت 1).

(2/631)


فهذا من طريق التشبيه الظاهر.
1602 - ولكن السر عندي في ذلك أن الصلاة إن كانت تقام في جماعة ومشهد من الناس، فيظهر قولنا: لا تقام بعد الحادي والثلاثين؛ فإنه يخالف الشعارَ المعهودَ، ويشيع منه سمعةٌ (1) غيرُ مألوفة في البلاد، لا يدركها إلا خواصُّ الناس، وتعطيل الشعار سنةً أهون من هذا.
وإن وقع في الحادي، لم تكن الصلاة فيه بِدْعاً.
وإن أراد الناس أن يقضوا صلاة العيد فرادى: من غير إظهار الشعار، فالظاهر أنه لا منع منه بعد الحادي والثلاثين.
فهذا وجه التنبيه على سر المسألة.
1603 - ثم مما أجراه بعض الأصحاب في ذلك أنا إذا قلنا: تُقضى الصلاة بعد الحادي، فيمتد إلى شهر، فإن وقع بعد شهر، فعلى وجهين، وهذا عندي على وضوح سقوطه يخرّج على ما فصلته؛ فإن كانت الجماعة لا تقام، فلا معنى لذكر الشهر، وإن كانت الجماعة تقام، فهذا الخيال الفاسد في رعاية الشهر يجري إذاً، ثم لعله في شهر شوال نَقَصَ أو كمل، وفي (2) بقية شهر ذي الحجة وإن كانت عشرين [يوماً] (3).
وعلى الجملة لا أعتد بهذا من المذهب.
فهذا بيان حقيقة الفصل.
ومن تأمل تصانيف الأصحاب، لم يُلْف هذا المساق (4) فيها، ولكني أتيت به على تحقُّق وثقة، ومعظم من خاض فيه غيرُ محيط بحقيقته.
__________
(1) ضبطت في (ل): سمعة (بالنصب).
(2) أي على هذا الخيال الفاسد تصلّى صلاة عيد الفطر طول أيام شهر شوال، وصلاة الأضحى في العشرين الباقية -بعد العيد- من ذي الحجة، فقوله: "وفي بقية شهر ذي الحجة" معطوف على قوله في شهر شوال.
(3) مزيدة من (ل).
(4) (ل): الميثاق.

(2/632)


1604 - وتمام الفصل وختامه أن ما أجريته في أثناء الفصل أن من أئمتنا في بعض صور الشهادة والتعديل يقول: وإن ظهر فوات الوقت، فالصلاة مؤداة في صبيحة الحادي، فهذا إنما نُجريه إذا كان الناس معذورين.
فأما إذا تركوا صلاةَ العيد على علمٍ وبصيرة حتى فات وقتها، فهي فائتة قطعاً، ولا يصير أحد إلى أنها مؤداة في الحال؛ فإنّ صورة اللَّبس شبهها بعضُ الناس بما يقع للحجيج، و [هذا] (1) لا يتأتى مع تعمد الإخراج عن الوقت؛ فإذاً لا يجري في التعمد إلا ما ذكرناه، من أن صلاة العيد هل تُقضى أم لا؟ وقد سُقنا ما يتعلق بذلك على ما يجب، والله المشكور.
فرع: ذكره العراقيون:
1605 - وهو أنه إذا كان يوم العيد يوم جمعة، فحضر من أهل القرى من بلغه النداء، وكان بحيث يلزمهم حضورُ جامع البلدة لإقامة الجمعة، فإذا حضروا للعيد، وعلموا أنهم لو انصرفوا، فاتتهم الجمعة، فهل يلزمهم أن يصبروا ليقيموا الجمعة، أم يجوز لهم أن ينصرفوا ويتركوا الجمعة؟ فعلى وجهين: أحدهما - يلزمهم الصبر، ووجهه في القياس بيّن.
والثاني - لهم أن ينصرفوا، وهذا هو الصحيح عندهم، وقد نقلوا فيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرخص لأهل القرى أن ينصرفوا ويتركوا الجمعة (2).
...
__________
(1) مزيدة من (ت 1)، (ل).
(2) حديث "الترخيص لأهل القرى في الانصراف" رواه أبو داود، وابن ماجة، والحاكم، من حديث أبي هريرة، ورواه النسائي معهم عن زيد بن أرقم، وروي أيضاً عن ابن عمر، وصححه الألباني (ر. التلخيص: 2/ 87 ح 697، وخلاصة البدر المنير: 1/ 238 ح 829، وأبو داود: الصلاة، باب إذا وافق يوم الجمعة يوم عيد، ح 1070، 1073، وصحيح أبي داود: 1/ 199 ح 945، والنسائي: العيد، باب الرخصة في التخلّف عن الجمعة لمن شهد العيد، ح 1592، وابن ماجة: الصلاة، باب ما جاء إذا اجتمع العيدان في يوم، ح 1310، 1311).

(2/633)