الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل

كتاب الجنائز
ترك الدواء أفضل ولا يجب ولو ظن نفعه ويحرم بسم فإن كان الدواء مسموما وغلب منه السلامة ورجى نفعه أبيح لدفع ما هو أعظم منه: كغيره من الأدوية ولا بأس بالحمية ويحرم بمحرم أكلا وشربا وكذا صوت ملهاة وغيره ولو أمره أبوه بشرب دواء بخمر وقال: أمك طالق ثلاثا إن لم تشربه حرم شربه وتحرم التميمة: وهو عوذة أو خرزة أو خيط ونحوه يتعلقها ولا بأس بكتب قرآن وذكر في إناء ثم يسقي فيه مريض وحامل لعسر الولد ويسن الإكثار من ذكر الموت والاستعداد له وعيادة المريض ونصه: غير المبتدع ومثله من جهر بالمعصية من أول مرضه وقال ابن حمدان: عيادته فرض كفاية قال الشيخ: الذي يقتضيه النص وجوب ذلك واختار جمع والمراد مرة وظاهره ولو من وجع ضرس ورمد ودمل خلافا لأبي المعالي بن المنجا وتحرم بعيادة الذمي ويأتي ويسأله عن حاله وينفس له في الأجل بما يطيب نفسه ولا يطيل الجلوس عنده وتكره وسط النهار نصا وقال: يعاد بكرة وعشيا وفي رمضان ليلا قال جماعة:

 

ج / 1 ص -211-  ويغب بها ويخبر المريض بما يجده ولو لغير طبيب وبلا شكوى بعد أن يحمد الله ويستحب له أن يصبر والصبر الجميل صبر بلا شكوى إلى المخلوق والشكوى إلى الخالق لا تنافيه بل مطلوبة ويحسن ظنه بربه قال بعضهم: وجوبا ويغلب الرجاء ونصه يكون خوفه ورجاؤه واحد فأيهما غلب صاحبه هلك قال الشيخ: هذا العدل ويكره الأنين وتمني الموت لضر نزل به ولا يكره لضرر بدينه وتمني الشهادة ليس من تمنى الموت المنهي عنه ذكره في الهدى ويذكره التوبة والوصية والخروج من المظالم ويرغب في ذلك ولو كان مرضه غير مخوف ويدعو بالصلاح والعافية ولا بأس بوضع يده عليه وبرقاه ويقول في دعائه: أذهب البأس رب الناس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما ويقول: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ويعافيك سبع مرات فإذا نزل به سن أن يليه أرفق أهله به وأعرفهم بمداراته وأتقاهم لله ويتعاهد بل حلقه بماء أو شراب ويندي شفتيه بقطنة ويلقنه قول: لا إله إلا الله مرة فإن لم يجب أو تكلم بعدها أعاد تلقينه بلطف ومداراة وقال أبو المعالي: يكره تلقين الورثة للمحتضر بلا عذر ويسن أن يقرأ عنده يس والفاتحة وتوجيهه إلى القبلة قبل النزول به وتيقن موته وبعده وعلى جنبه الأيمن إن كان المكان واسعا أفضل وإلا على ظهره وعنه مستلقيا على قفاه اختاره الأكثر قال جماعة: يرفع رأسه قليلا ليصير وجهه إلى القبلة دون السماء واستحب الموفق و الشارح تطهير ثيابه قبيل موته فإذا مات سن

 

ج / 1 ص -212-  تغميض عينه ويكره من جنب وحائض وأن يقرباه وللرجل أن يغمض ذات محرمه وتغمض ذا محرمها ويقول: بسم الله وعلى وفاة رسول الله ولا يتكلم من حضره إلا بخير ويشد لحييه ويلين مفاصله عقب موته بإلصاق ذراعيه بعضديه ثم يعيدهما وإلصاق ساقيه فخذيه وفخذيه ببطنه ثم يعيدها فإن شق ذلك عليه تركه وينزع ثيابه ويسجى بثوب أو يجعل على بطنه مرآة من حديد أو طين ونحوه متوجها على جنبه الأيمن منحدرا نحو رجليه ولا يدعه على الأرض ويجب أن يسارع في قضاء دينه وما فيه إبراء ذمته من إخراج كفارة وحج نذر وغير ذلك ويسن تفريق وصيته كل ذلك قبل الصلاة عليه فإن تعذر إيفاء دينه في الحال استحب لوارثه أو غيره أن يتكفل به عنه ويسن الإسراع في تجهيزه إن مات غير فجأة ولا بأس أن ينتظر به من يحضره من ولي وكثرة جمع إن كان قريبا: ما لم يخشى عليه أو يشق على الحاضرين وفي موت فجأة بصعقة أو هدم أو خوف من حرب أو سبع أو ترد من جبل أو غير ذلك وفيما إذا شك في موته حتى يعلم بانخساف صدغيه وميل أنفه وانفصال كفيه وارتخاء رجليه وغيبوبة سواد عينه في البالغين وهو أقواها لاحتمال أن يكون عرض له سكتة ونحوها وقد يفيق بعد ثلاثة أيام ولياليها وقد يعرف موت غيره بهذه العلامات أيضا وغيرها يكره النعي: وهو النداء بموه ولا بأس أن يعلم به أقاربه وإخوانه من غير نداء قال الآجري فيمن عمان عشية: يكره في بيت وحده بل يبيب معه أهله ولا بأس بتقبيله والنظر إليه ولو بعد تكفينه.

 

ج / 1 ص -213-  فصل غسل الميت المسلم وتكفينه والصلاة عليه
ودفنه متوجها إلى القبلة وحمله فرض كفاية ويكره أخذ أجرة على شيء من ذلك ويأتي فلو دفن قبل الغسل من أمكن غسله لزم نبشه إن لم يخف تفسخه أو تغيره ومثله من دفن غير متوجه إلى القبلة أو قبل الصلاة عليه أو قبل تكفينه ولو كفن بحرير فالأولى عدم نبشه1 ويجوز نبشه لغرض صحيح: كتحسين كفنه ودفنه في بقعة خير من بقعته ومجاورة صالح: إلا الشهيد حتى لو نقل رد إله لأن دفنه في مصرعه سنة ويأتي وحمل الميت إلى غير بلده لغير حاجة مكروه ويجوز نبشه إذا دفن لعذر بلا غسل ولا حنوط وكأفراد في قبر عمن دفن معه والحائض والجنب إذا ماتا كغيرهما في الغسل يسقط غسلهما بغسل الموت ويشترط له ماء طهور وإسلام غاسل ونيته وعقله ويستحب أن يكون ثقة أمينا عارفا بأحكام الغسل ولو جنبا وحائضا من غير كراهة وإن حضره مسلم ونوى غسله وأمر كافرا بمباشرة غسله فغسله نائبا عنه فظاهر كلام أحمد لا يصح وقدم في الفروع الصحة ويجوز أن يغسل حلال محرما وعكسه: لكن لا يكفنه لأجل الطيب إن كان ويكره ويصح من مميز وأولى الناس بغسل الميت وصية إن كان عدلا ثم أبوه وإن علا ثم ابنه وإن نزل ثم الأقرب فالأقرب من عصباته نسبا ثم نعمة ثم ذوو أرحامه: كميراث ثم الأجانب ويقدم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الدفن في الحرير حرام كما سيأتي، ولكن لو دفن الميت المكفن فلا ينبش احتراما للميت.

 

ج / 1 ص -214-  الأصدقاء منهم ثم غيرهم: الأدين الأعراف الأحرار في الجميع والأجانب أولى من زوجته وهي أولى من أم ولد وأجنبية أولى من وزج وسيد والسيد أحق بغسل عبده ويأتي ولا حق للقاتل في غسل المقتول إن لم يرثه: عمدا كان القتل أو خطأ ولا في الصلاة والدفن وغسل المرأة أحق الناس به بعد وصيتها على ما سبق أمها وإن علت ثم بنتها وإن نزلت ثم القربى فالقربى كميراث ويقدم منهن من يقدم من الرجال وعمتها وخالتها سوءا: كبنت أخيها وبنت أختها ثم الأجنبيات ولكل واحد من الزوجين إن لم تكن الزوجة ذمية غسل صاحبه ولو قبل الدخول ولو وضعت عقب موته أو بعد طلاق رجعي: ما لم تتزوج لا من إبانها ولو في مرض موته وينظر من غسل منهما صاحبه غير العورة وسيد وأمته: وطئها أو لا وأم ولده: كالزوجين ويغسل مكاتبته ولو لم يشترط وطأها وتغسله إن شركه وإلا فلا ولا يغسل أمته المزوجة ولا المعتدة من وزج ولا المعتق بعضها ولا من هي في استبراء واجب ولا تغسله وإن مات له أقارب بدفعة واحدة بهدم ونحوه ولم يمكن تجهيزهم دفعة واحدة استحب أن يبدأ بالأخوف فالأخوف فإن استووا بدأ بالأب ثم بالابن ثم بالأقرب فلأقرب فإن استووا كالإخوة والأعمام قدم أفضلهم ثم أسنهم ثم بقرعة ولرجل وامرأة غسل من له دون سبع سنين ولو بلحظة ومس عورته ونظرها وليس له غسل ابنة سبع فأكثر ولو محرما ولا لها غسل ابن سبع ولو محرما: غير من تقدم فيهما وإن مات رجل بين نسوة لا رجل معهن أو عكسه ممن لا يباح

 

ج / 1 ص -215-  لهم غسله أو خنثى مشكل- يمم بحائل ويحرم بدونه لغير محرم ورجل أولى بتميم خنثى مشكل إن كانت له أمة غسلته.

فصل وإذا أخذ في غسله ستر عورته وجوبا
لا من له دون سبع ثم جرده من ثيابه ندبا: إلا النبي صلى الله عليه وسلم ولو غسله في قميص خفيف واسع الكمين جاز وستره عن العيون تحت ستر أو سقف ونحوه ويكره النظر إليه لغير حاجة حتى الغاسل فلا ينظر إلا ما لا بد منه ـ قال ابن عقيل: لأن جميعه صار عورة فلهذا شرع ستر جميعه ـ انتهى وأن يحضره غير من يعين في غسله: الأولية فله الدخول عليه كيف شاء ولا يغطي وجهه ويستحب خضب لحية رجل ورأس امرأة ولو غير شائبين بحناء ثم يرفع رأسه برفق في أول غسله إلى قريب من جلوسه ولا يشق عليه ويعصر بطن غير حامل بيده عصرا رفيقا ويكثر صب الماء حينئذ ويكون ثم بخور ثم يلف على يديه خرقة خشنة أو يدخلها في كيس فينجي بها أحد فرجيه ثم ثانية للفرج الثاني ولا يحل مس عورة من له سبع سنين فأكثر ولا النظر إليها ويستحب إلا يمس سائر بدنه إلا بخرقة ولا يجب فعل الغسل فلو ترك تحت ميزاب ونحوه وحضر أهل لغسله ونوى ومضى زمن يمكن غسله فيه صح ثم ينوي غسله نيته فرض وكذا تعميم بدنه به ثم يسمي وحكمها حكم تسمية وضوء وغسل حي ثم يغسل كفيه ويعتبر غسل ما عليه من نجاسة ولا يكفي مسحها ولا وصول الماء إليها ويستحب أن يدخل أصبعيه السبابة والإبهام عليهما خرقة خشنة مبلولة بالماء

 

ج / 1 ص -216-  بين شفتيه فيمسح أسنانه ومنخريه وينظفهما ولا يدخله فيها ويتبع ما تحت أظفاره بعود إن لم يمكن قلمها ويسن للغاسل أن يوضئه في أول غسلاته: كوضوء حدث: ما خلا المضمضة والاستنشاق: إن لم يخرج منه شيء فإن خرج أعيد وضوئه ويأتي حكم غسله ويجزئ غسله مرة وكذا لو نوى وسمى وغمسه في ماء كثير مرة واحدة ويكره الاقتصار عليها ويسن ضرب سدر ونحوه فيغسل برغوته رأسه ولحيته فقط وبدنة بالثفل ويقوم الخطمي ونحوه مقام السدر ويكون السدر في كل غسلة ويسن تيامنه فيغسل شقه الأيمن من نحو رأسه إلى نحو رجليه يبدأ بصفحة عنقه ثم إلى الكتف ثم إلى الرجل الأيسر كذلك ويقلبه على جنبه مع غسل شفتيه فيرفع جانبه الأيمن ويغسل ظهره ووركه وفخذه ويفعل بجانبه الأيسر كذلك ولا يكبه على وجهه ثم يفيض الماء القراح على جميع بدنه فيكون ذلك غسلة واحدة يجمع فيها بين السدر والماء القراح يفعل ذلك ثلاثا: إلا أن الوضوء في الأولى فقط يمر في كل مرة يده على بطنه فإن لم ينق بالثلاث غسله إلى سبع فإن لم ينق بسبع فالأولى غسله حتى ينقى ويقطع على وتر من غير إعادة وضوء وإن خرج من شيء من السبيلين أو غيرهما بعد السبع غسلت النجاسة ووضئ ولا غسل: لكن يحشوه بالقطن أو يلجم به كما تفعل المستحاضة فإن لم يمسكه ذلك حشي بالطين الحر الذي له قوة يمسك المحل ولا يكره حشو المحل إن لم يستمسك

 

ج / 1 ص -217-  وإن خيف خروج شيء من منافذ وجهه فلا بأس أن يحشى بقطن وإن خرج منه شيء بعد وضعه في أكفانه ولفها عليه حمل ولم يعد غسل ولا وضوء: سواء كان في السابعة أو قبلها ويسن أن يجعل في الأخيرة كافورا وسدرا وغسله بالماء البارد أفضل ولا بأس بغسله بماء حار وخلال والأولى أن يكون من شجرة لينة: كالصفصاف ونحوه مما ينقي ولا يجرح وإن جعل على رأسه قطنا فحسن ويزيل ما بأنفه وصماخيه من أذى فاشنان إن احتيج إليهن1 وإلا كره في الكل وإن كان الميت شيخا أو به حدب أو نحو ذلك وأمكن تمديده بالتليين والماء الحار فعل ذلك وإن لم يمكن إلا بعسف ـ تركه بحاله فإن كان على صفة لا يمكن تركه على النعش إلا على وجه يشهر بالمثلة ترك في تابوت أو تحت مكبة: كما يصنع بالمرأة ويأتي في يفصل الحمل ولا بأس بغسله في حمام وبمخاطبته له حال غسله نحو: انقلب يرحمك الله ولا يغتسل غاسل بفضل ما سخن له فإن لم يجد غيره تركه حتى يبرد ويقص شارب غير محرم ويقلم أظفاره إن طالا ويأخذ شعر إبطيه ويجعل ذلك معه كعضو ساقط ويعاد غسله لأنه جزء منه كعضو والمراد يستحب وإن كان الميت مقطوع الرأس أو أعضاءه مقطعة لفق بعضها إلى بعض بالتقميط والطين الحر حتى لا يتبين تشويهه فإن فقد منها شيء لم يجعل له شكل من طين ولا غيره وإن كان في أسنانه شيء يتحرك وخيف سقوطه ترك ولم ينزع ونص أنه يربط بذهب فإن سقط لم يربط به ويؤخذ إن لم يسقط ويحرم حلق شعر عانته ورأسه،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الضمير في قول: إليهن راجع إلى المذكورات من الماء الحار والخلال والاشتان. الخ.

 

ج / 1 ص -218-  وخنته ولا يسرح شعره قال القاضي: يكره ويبقى عظم نجس جبر به مع مثلة وتزال اللصوق لغسل واجب فيغسل ما تحتها فإن خيف من قلعها مثلة مسح عيها ولا يبقى خاتم ونحوه ولو ببردة: كحلقة في أذن امرأة لا أنف ذهب ويأتي آخر الباب ويسن ضفر المرأة ثلاثة قرون أي ضفائرها: قرنيها وناصيتها ويسدل خلفها قيل لأحمد في العروس تموت فتحلى فأنكره شديدا فإذا فرغ من غسله نشفه بثوب ندبا ولا يتنجس ما نشف به ومحرم ميت: كهو حي فيجنب ما يجنب في حياته لبقاء الإحرام: لكن لا يجب الفداء على الفاعل به ما يوجب الفدية لو فعله حيا ويستر عل نعشه بشيء ويكفن في ثوبيه نصا وتجوز الزيادة كبقية كفن حلال فيغسل بماء وسدر ولا يلبس ذكر المخيط ويغطى وجهه ورجلاه وسائر بدنه لا رأسه ولا وجه أنثى ولا يقرب طيبا ولا تمنع منه معتدة ولا يوقف بعرفة إن مات قبله ولا يطاف به.

فصل ويحرم غسل شهيد المعركة
المقتول بأيديهم ولو غير مكلف أو غالا: رجلا أو امرأة: إلا أن يكون جنبا أو حائضا أو نفساء طهرتا أو لا1 فيغسل غسلا واحدا وإن أسلم ثم استشهد قبل غسل الإسلام لم يغسل وإن قتل وعليه حدث أصغر لم يوضأ وتغسل نجاسته ويجب بقاء دم لا نجاسته معه فإن لم تزل إلا بالدم غسلا وينزع عنه السلاح والجلود ونحو فروة وخف ويجب دفنه في ثيابه التي قتل فيها وظاهره ولو كان تحريرا فلا يزاد فيها ولا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد: انقطع دمهما أولا.

 

ج / 1 ص -219-  ينقص ولو لم يحصل المسنون فإن كان قد سلبها كفن بغيرها ويستحب دفنه في مصرعه وإن سقط من شاهق أو دابة لا بفعل العدو أو رفسته فمات أو مات حتف أنفه أو عاد سهمه عليه أو سيفه أو وجد ميتا ولا أثر به أو حمل بعد جرحه فأكل أو شرب أو نام أو بال أو تكلم أو عطس أو طال بقاؤه عرفا ـ غسل وصلى عليه وجوبا ومن قتل مظلوما حتى من قتله الكفار صبرا في غير الحرب الحق بشهيد المعركة والشهداء غير شهيد المعركة بضعة وعشرون ـ المطعون والمبطون والغريق والشريق والحريق وصاحب الهدم وذات الجنب والسل وصاحب اللقوة1 والصابر في الطاعون والمتردي من رؤس الجبال ومن مات في سبيل الله ومن طلي الشهادة بنية صادقة وموت المرابط وموت المرابط وأمناء الله في الأرض والمجنون والنفساء واللديغ ومن قتل دون ماله أو أهله أو دينه أو دمه أو مظلمته وفريس السبع ومن خر عن دابته ومن أغربها موت الغريب وأغرب منه العاشق إذا عف وكتم ذكر تعادهم في غاية المطلب وكل شهيد غسل صلى عليه وجوبا ومن لا فلا والشهيد بغير قبل: كغريق ونحوه مما تقدم ذكره يغسل ويصلى عيه وذا ولد السقط لا كثر من أربعة أشهر غسل وصلى عليه ولو لم يستهل ويستحب تسميته ولو ولد قبل أشهر وإن جهل أذكر أم أنثى ! سمي بصالح لها: كطلحة وهبة الله ولو كان السقط من كافرين فإن حكم بإسلامه فكمسلم وإلا فلا ويصلى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 اللقوة: بقتح اللام من أمراض الوجه الخطرة.

 

ج / 1 ص -220-  على طفل حكم بإسلامه ومن تعذر غسله لعدم ماء أو عذر غيره ـ يمم وكفن وصلى عليه وإن تعذر غسل بعضه يمم له وإن أمكن صب الماء عليه بلا عرك صب عليه وترك عركه ثم إن يمم لعدم الماء وصلى عليه ثم وجد الماء قبل دفنه وجب غسله وإن وجد فيها بطلت الصلاة ويلزم الوارث قبول ما وهب للميت: لا ثمنه ويجب على الغاسل ستر قبيح رآه: كطبيب ويستحب إظهاره إن كان حسنا قال جمع محققون: إلا على مشهور ببدعة مضلة أو قلة دين أو فجور ونحوه فيستحب إظهار شره وستر خيره ولا نشهد إلا لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم1.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد لا تشهد بالجنة أو النار.

فصل في الكفن
يجب كفن الميت ومؤنة تجهيزه: غير حنوط وطيب ويأتي ـ في ماله لحق الله تعالى وحق الميت: ذكرا كان أو أنثى ثوب واحد يستر جميع البدن فلو وصى بأقل منه لم تسمع وصيته ويشترط إلا يصف البشرة ويجب ملبوس مثله في الجمع والأعياد: ما لم يوص بدونه مقدما هو ومؤنة تجهيزه على دين ولو برهن وأرش جناية ووصية وميراث وغيرها ولا ينتقل إلى الوارث من مال الميت إلا ما فضل عن حاجته الأصلية وإن أوصى في أثواب ثمينة لا تليق به لم تصح والجديد أفضل من العتيق ما لم يوص بغيره ولا بأس باستعداد الكفن لحل أو لعبادة فيه قيل لأحمد: يصلي فيه أو يحرم فيه ثم يغسله ويضعه لكفنه فرآه حسنا ويجب كفن الرقيق على مالكه فإن لم يكن للميت مال فعلى من تلزمه نفقته وكذلك دفنه

 

ج / 1 ص -221-  وما لا بد للميت منه: إلا الزوج1 ثم من بيت المال إن كان مسلما ثم على مسلم عالم به ويكره في رقيق يحكى هيئة البدن وبشعر وصوف مع القدرة على غيره وبمزعفر ومعصفر ولولا مرأة حتى المنقوش قطنا كان أو غيره ويحرم بجلود وحرير ومذهب ولولا مرأة وصبي يجوز فيهما مضرورة ويكون ثوبا وحدا فإن لم يجد ما يستر جميعه ستر العورة ثم رأسه وما يليه وجعل على باقيه حشيش أو ورق فإن لم يوجد إلا ثوب واحد ووجد جماعة من الأموات جمع في الثوب ما يمكن جمعه فيه وأفضل الأكفان البياض وأفضله القطن ويستحب تكفين رجل في ثلاث لفائف بيض من قطن وأحسنها أعلاها ليظهر للناس كعادة الحي وتكره الزيادة وتعميمه ويكفن صغير في ثوب ويجوز في ثلاثة وإن ورثه غير مكلف لم تجز الزيادة على ثوب لأنه تبرع قاله المجد وقال ابن عقيل: ومن أخرج فوق العادة فأكثر للطيب والحوائج وأعطى المقربين بين يدي الجنازة وأعطى الحمالين والحفارين زيادة على العادة على طريق المروءة لا بقد الواجب ـ فمتبرع فإن كان من التركة فمن نصيبه انتهى وتكفن الصغيرة إلى بلوغ في قميص ولفافتين وخنثى: كأنثى فتبسط اللفائف فوق بعض ويجمرها بالعود بعد رشها بماء ورد أو غيره ليعلق به ثم يوضع عليها مستلقيا ويجعل الحنوط: وهو أخلاط من طيب فيما بينها: لا على ظهر العليا ولا على الثوب الذي على النعش ويجعل منه في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد استثناء الزوج ممن يجب عليهم تجهيز الميت وإن كانت نفقة الزوجة أيام حياتها كانت عليه.

 

ج / 1 ص -222-  قطن يجعل بين اليتيه ويشد فوقه خرقة مشقوقة الطرف: كالتبان1 تجمع إليتيه ومثانته وكذلك في الجراح النافذة ويجعل الباقي على منافذ وجهه ومواضع سجوده ومغابنه: كطي ركبتيه وتحت إبطه وكذا سرته ويطيب رأسه ولحيته وإن طيب ولو بمسك بغير ورس وزعفران سائر بدنه غير داخل عينيه كان حسنا ويكره داخل عينيه وبورس وزعفران ويكره طليه بصبر ليمسكه ويغيره: ما لم ينقل قاله المجد والطيب والحنوط غير واجبين بل مستحبان ثم يرد طرف اللفافة العليا من الجانب الأيسر على شقه الأيمن ثم طرفها الأيمن على الأيسر ثم الثانية والثالثة كذلك ويجعل ما عند رأسه أكثر مما عند رجليه لشرفه والفاضل عن وجهه ورجليه عليهما بعد جمعة ثم يعقدها إن خاف انتشارها ثم تحل العقدة في القبر زاد أبو المعالي وغيره ولو نسي بعد تسوية التراب قريبا لأنه سنة ولا يحل الإزار ولا يخرق الكفن ولو خيف نبشه وكرهه أحمد وإن كفن في قميص بكمين ودخاريص وإزالة ولفافة: جاز من غير كراهة وظاهره ولو لم تنعقد اللفائف ويجعل المئزر مما يلي جسده ولا يزر عليه القميص ويدفن في مقبرة مسبلة بقول بعض الورثة لأنه لامنة وعكسه الكفن والمؤنة ولو بذله بعض الورثة من نفسه لم يلزم بقيتهم قبوله لكن ليس للبقية نقله وسلبه من كفنه بعد دفنه بخلاف مبادرته إلى ملك الميت لانتقاله إليهم لكن يكره ويسن تكفين امرأة في خمسة أثوب بيض أزار وخمار ثم قميص: وهو ا لدرع ثم لفافتين ونصه وجزم به جماعة خرقة تشد بها فخذها ثم مئزر ثم قميص ثم خمار ثم لفاقة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 التبان على وزن رمان: السروال على قدر العورتين فحسب. اهـ قاموس.

 

ج / 1 ص -223-  ولا بأس أن تنقب وتسن تغطية تعش بأبيض ويكره بغيره وإن مات مسافر كفنه رفيقه من ماله فإن تعذر فمنه ويأخذه من تركته أو ممن تلزمهن نفقته إن نوى الرجوع ولا حاكم فإن وجد حاكما وأذن فيه رجع وإن لم يأذن ونوي الرجوع رجع1 وإن كان للميت كفن وثم حي مظطر إليه لبرد ونحوه فالحي أحق به قال به المجد وغيره إن خشي التلف وإن كان لحاجة الصلاة فيه فالميت أحق بكفنه ولو كان في لفافتين ويصلي الحي عليه وإن نبش وسرق كفنه كفن من تركته ثانيا وثالثا ولو قسمت ما لم تصرف في دين أو وصية وإن أكله سبع أو أخذه سيل وبقي كفنه فإن كان ممن ماله فتركه وإن كان من متبرع به فهو له لورثة الميت وإن جبى كفنه فما فضل إن علم فإن جهل ففي كفن آخر فإن تعذر تصدق به ولا يحبى كفن لعم أن ستر بحشيش.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد: رجع على التركة أو من تلزمه نفقته.

فصل في الصلاة على الميت
ويسقط فرضها بواحد: رجلا رجلا كان أو امرأة أو خنثى كغسله وتسن لها الجماعة ولو النساء: إلا على النبي صلى الله عليه وسلم فلا احتراما له وتعظيما ولا يطاف بالجنازة على أهل الأماكن ليصلوا عليها فهي كالإمام يقصد ولا يقصد والأولى بها بعد الوصي السلطان ثم نائبه الأمير ثم الحاكم وهو القاضي: لكن السيد أولى برقيقه بها من السلطان وبغسل وبدفن ثم أقرب العصبة ثم ذووا رحامه ثم الزوج ومع التساوي يقدم الأولى بالإمامة فإن استووا في الصفات أقرع ويقدم الحر البعيد على العبد القريب ويقدم العبد المكلف على الصبي والمرأة فإن اجتمع

 

ج / 1 ص -224-  أولياء موتى قدم الأولى بالإمامة ثم قرعة ولولي كل ميت أن ينفرد بصلاته على ميته إن أمن فسادا ومن قدمه ولي فهو بمنزلته فإن بدر أجنبي وصلى بغير إذن فإن صلى الولي خلفه صار إذنا وإلا فله أن يعيد الصلاة لأنها حقه وإذا سقط فرضها سقط التقديم الذي هو من أحكامها وليس للوصي أن يقدم غيره ولا تصح الوصية بتعيين مأموم لعدما الفائدة ويستحب للإمام أن يصفهم وأن يسوي صفوفهم وإلا ينقصهم عن ثلاثة صفوف والفذ هنا كغيرها ويسن أن يقوم إمام عند صدر رجل ووسط امرأة وبين ذلك من خنثى فإن اجتمع رجال موتى فقط أو خناثى فقط ـ سوى بين رؤسهم ومنفرد كأمام ويقدم إلى لإمام من كل نوع أفضلهم فإن تتساووا قدم أكبر فإن تساووا فسابق فإن تساووا فقرعة ويقدم الأفضل من الموتى أمام المفضولين في المسير ويجعل وسط المرأة حذاء صدر الرجل وخنثى بينهما وجمع الموتى في الصلاة عليهم أفضل من الصلاة عليهم منفردين والأولى معرفة ذكوريته وأنوثيته و اسمه وتسميته في دعائه ولا يعتبر ذلك ولا بأس بالإشارة حال الدعاء للميت ثم يحرم كما سبق في صفة الصلاة ويضع يمينه على شماله ويتعوذ قبل الفاتحة ولا يستفتح ويكبر تكبيرات يقرأ في الأولى الفاتحة فقط سرا ولو ليلا ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في الثانية: كما في التشهد ولا يزيد عليه ويدعو في الثالثة سرا بأحسن ما يحضره ولا توقيت فيه ويسن بالمأثور فيقول: اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا إنك تعلم متقلبنا ومثوانا وأنت على كل شيء قدير

 

ج / 1 ص -225-  اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله وأوسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وزوجا خيرا من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار وأفسح له في قبره ونور له فيه اللهم إنه عبدك ابن أمتك نزل بك وأنت خير منزول به ولا أعلم إلا خيرا اللهم إن كان محسنا فجازه بإحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عنه اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده وإن كان صغيرا ولو أنثى أو بلغ مجنونا واستمر جعل مكان الاستغفار له اللهم اجعله ذخرا لوالديه وفرطا وأجرا وشفيعا مجابا اللهم ثقل به موازينهما وأعظم به أجورهما وألحقه بصالح سلف المؤمنين واجعله في كفالة إبراهيم وقه برحمتك عذاب الجحيم وإن لم يعرف إسلام والديه دعا لمواليه ويقول في دعائه لا مرأة: اللهم إن هذه أمتك ابنة أمتك نزلت بك وأنت خير منزول به ولا يقول أبدلها زوجا خيرا من زوجها في ظاهر كلامهم ويقول في خنثى: هذا الميت ونحوه وإن كان يعلم من الميت غير الخير فلا يقول ولا أعلم إلا خيرا ويقف بعد الرابعة قليلا ولا يدعو ولا يتشهد ولا يسبح بعدها ولا قبلها ولا بأس بتأمينه ويسلم واحدة عن يمينه يجهر بها الإمام ويجوز تلقاء وجهه ويجوز ثانية عن يساره ويرفع يديه مع كل تكبيرة ويسن وقوفه مكانه حتى ترفع.
والواجب من ذلك ـ القيام: إن كانت الصلاة فرضا ولا تصح من قاعد ولا راكب والتكبيرات الأربع فإن ترك منها عمدا

 

ج / 1 ص -226-  بطلت وسهوا يكبر: ما لم يطل الفصل فإن طال اوجد مناف من كلام ونحوه استأنف ـ والفاتحة على إمام منفردـ والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ـ ودعوه الميت ولا يتعين الدعاء للميت في الثالثة بل يجوز في الرابعة ويتعين ـ وتسليمة ولو لم يقل ورحمة الله أجزأ وتقدم في صفة الصلاة ـ وجميع ما يشترط لمكتوبة مع حضور الميت بين يديه قبل الدفن إلا الوقت فلا تصح على جنازة محمولة لأنها كإمام ولا من وراء حائل قبل الدفن: كحائط ونحوه ويشترط إسلام ميت وتطهيره بماء لو تراب لعذر ولا يجب أن يسامت الإمام الميت فإن لم يسامته كره قال في الرعاية ولا يشترط معرفة عين الميت فينوي على الحاضر وإن نوى أحد الموتى اعتبر تعيينه فإن بان غيره فجزم أبو المعالي أنها لا تصح وقال: إن نوى على هذا الرجل فبان امرأة أو عكس فالقياس الأجزاء ولا تجوز الزيادة على سبع تكبيرات ولا النقص عن أربع والأولى إلا يزيد على الأربع فإن زاد إمام تابع مأموم إلى سبع: ما لم تظن بدعته أو رفضه فلا يتابع ولا يعدو بعد الرابعة في المتابعة أيضا ولا يتابع فيما زاد عن السبع ولا تبطل بمجال زتها ولو عمدا وينبغي أن يسبح بعدها به: لا فيما دونها ولا يسلم قبله ومنفرد كإمام في الزيادة وإن كبر الثالثة ونوى الجنائز الثلاث فإن جئ برابعة كبر الرابعة ونوى الكل فيصير مكبرا على الأول أربعا وعلى الثانية ثلاثا وعلى الثالثة اثنتين وعلى الرابعة واحدة فيأتي بثلاث تكبيرات أخر فيتم سبعا

 

ج / 1 ص -227-  يقرأ في الخامسة ويصلي في السادسة ويدعو في السابعة فيصير مكبرا على الأولى سبع وعلى الثانية ستا وعلى الثالثة خمسا وعلى الرابعة أربعا فإن جئ بخامسة لم ينوها بالتكبير بل يصلي علها بعد سلامه وكذا لو جئ بثانية عقب التكبيرة الرابعة لأنه لم يبق من السبع أربع فإن أراد أهل الجنازة الأولى رفعها قبل سلام الإمام لم يجز وفي الكافي يقرأ في الرابعة الفاتحة ويصلي في الخامسة ويدعو لهم في السادسة ومن سبق ببعض الصلاة كبر ودخل مع الإمام ولو بين تكبيرتين ندبا أو بعد تكبيه الرابعة قبل السلام ويقضي ثلاث تكبيرات ويقضي مسبوق ما فاته على صفته بعد سلام الإمام فإن أدركه في الدعاء تابعه فيه فإذا سلم الإمام كبر وقرأ الفاتحة ثم كبر وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم كبر وسلم فإن خشي رفعها تابع بين التكبيرتين من غير ذكر ولا دعاء: رفعت أم لا فإن سلم ولو يقض صح ومتى رفعت بعد الصلاة لم توضع لأحد فظاهره يكره ومن لم يصل استحب له إذا وضعت أن يصلي عليها قبل الدفن أو بعده ولو جماعة على القبر وكذا غريق ونحوه إلى شهر من دفنه وزيادة يسيرة ويحرم بعدها وإن شك في انقضاء المدة صلى حتى يعلم فراغها ويصلى إمام وغيره على غائب عن البلد ولو كان دون مسافة قصر أو في غير جهة القلة بالنية إلى شهر: لا في أحد جانبي البلد ولو كان كبيرا ولو لمشقة مطر أو مرض ولا يصلي كل يوم على كل غائب ومن صلى كله له إعادة الصلاة: إلا إذا صلى عليه بالنية إذا حضر أو وجد بعض ميت

 

ج / 1 ص -228-  صلى على جملته فتسن فيهما أو صلى عليه بلا إذن من هو أولى منه مع حضوره فتعاد تبعا.

فصل ويحرم أن يغسل مسلم كافرا
ولو قريبا أو يكفنه أو يصلي عليه أو يتبع جنازته أو يدفنه: إلا يجد ما يواريه غيره فيوارى عند العدم فإن أراد المسلم أن يتبع قريبا له كافرا إلى المقبرة ركب دابته وسار أمامه فلا يكون معه ولا يصلي على مأكول في بطن سبع ومستحيل بإحراق ونحوها ولا يسن للإمام الأعظم وإمام كل قرية وهو واليها في القضاء ـ الصلاة على غال: وهو من كتم غنيمة أو بعضها وقاتل نفسه عمدا ولو صلى عليهما فلا بأس كبقية الناس وإن ترك أئمة الدين الذين يقتدي بهم الصلاة على قاتل نفسه زجرا لغيره فهذا أحق ويصلى على كل عاص: كسارق وشارب خمر ومقتول قصاصا أو حدا أو غيرهم وعلى مدين لم يخلف وفاء ولا يغسل ولا يصلى على كل صاحب بدعة مكفرة نصا ولا يورث ويكون ماله فيئا قال أحمد: الجهمية والرافضة لا يصلى عليهم وقال أهل البدع: إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تصلوا عليهم وإن وجد بعض ميت تحقيقا: غير شعر وظفر وسن ـ غسل وكفن وصلى عليه ودفن وجوبا ينوي ذلك البعض فقط إن لم يكن صلى على جملته وإلا سنت الصلاة ولم تجب ثم إن وجد الباقي صلى عليه ودفن بجنبه ولم ينبش ولا يصلى على ما بان من حي كيد سارق ونحوه ولا يجوز أن يدفن المسلم في مقبرة الكفار ولا بالعكس ولو جعلت مقبرة الكفار المندرسة مقبرة

 

ج / 1 ص -229-  للمسلمين جاز فإن بقي عظم دفن بموضع آخر وغيرها أولى إن أمكن لا العكس وإن اختلط من يصلى عليه بمن لا يصلى واشتبه: كمسلم وكافر صلى على الجميع ينوى من يصلي عليه بعد غسلهم وتكفينهم ودفنوا منفردين إن أمكن وإلا فمع المسلمين وإن وجد ميت فلم يعلم أمسلم هو أم كافر؟ ولو يتميز بعلامة من ختان وثياب وغير ذلك فإن كان في دار إسلام غسل وصلى عليه وإن كان في دار كفر لم يغسل ولو يصل عليه وتباح الصلاة عليه في مسجد إن أمن تلويثه وإلا حرم وإن لم يحضره غير نساء صلين عليه وجوبا جماعة ويقدم منهن من يقدم من الرجال وتقف في صفهن: كمكتوبة وأما إذا صلى الرجال فإنهن يصلين فرادى وله بصلاة الجنازة قيراط: وهو أمر معلوم عند الله وله بتمام دفنها قيراط آخر بشرط أن يكون معها من ا لصلاة حتى تدفن.

فصل حمله ودفنه من فروض الكفاية
وكذا مؤنتهما ولا يختص أن يكون الفاعل من أهل القربة فلهذا يسقط بكافر ويكره أخذ الأجرة على ذلك وعلى الغسل فيوضع الميت على النعش مستلقيا ويستحب إن كان امرأة أن يستر بمكبة فوق السرير تعمل من خشب أو جريد أو قصب مثل القبة فوقها ثوب ويسن أن يحمله أربع لأنه يسن التربيع في حمله وكرهه الآجري وغيره مع الازدحام وهو أفضل من الحمل بين العمودين وصفته: أن يضع قائمة النعش اليسرى المقدمة على كتفه اليمنى ثم ينتقل إلى المؤخرة ثم يضع قائمة اليمنى المقدمة على كتفه اليسرى وينتقل إلى المؤخرة وإن حمل

 

ج / 1 ص -230-  بين العمودين كل عمود على عاتق كان حسنا ولم يكره ولا بأس بحمل طفل على يديه وبحمل الميت بأعمدة للحاجة وعلى دابة لغرض صحيح كعبد ونحوه ولا بأس بالدفن ليلا ويكره عند طلوع الشمس وغروبها وقيامها ويسن الإسراع بها دون الخبب: ما لم يخف عليها منه واتباعها سنة وهو حق للميت وأهله وذكر الآجري إن من الخيران يتبعها لقضاء حق أخيه المسلم ويكره لامرأة ويستحب كون المشاة أمامها ولا يكره خلفها وحيث شاؤا والركبان ولو في سفينة خلفها فلو ركب وكان أمامها كره ويكره ركوب إلا لحاجة ولعود والقرب منها أفضل فإن بعد أو تقدم إلى القبر فلا بأس ويكره أن يتقدم إلى موضع الصلاة عليها وأن تتبع بنار إلا لحاجة ضوء وأن تتبع بماء ورد ونحوه ومثله التبخير عند خروج روحه ويكره جلوس من تبعها حتى توضع بالأرض للدفن إلا لمن بعد عنها وإن جاءت وهو جالس أو مرت به كره قيامه لها وكان أحمد إذا صلى على جنازة هو وليها لم يجلس حتى تدفن ونقل حنبل: لا بأس بقيامه على القبر حتى تدفن جبرا وإكراما ويكره رفع الصوت والضجة عند رفعها وكذا معها ولو بقراءة أو ذكر بل يسن سرا ويسن أن يكون متخشعا متفكرا في مآله متعظا بالموت وبما يصير إليه الميت ويكره التبسم والضحك أشد منه والتحدث في أمر الدنيا وكذا مسحه بيديه أو بشيء عليها تبركا وقول القائل مع الجنازة استغفروا له ونحوه بدعة وحرمه أبو حفيص ويحرم أن يتبعها مع منكر وهو عاجز عن إزالته نحو طبل

 

ج / 1 ص -231-  ونياحة ولطم نسوة وتصفيق ورفع أصواتهن فإن قدر تبع وإزالة لزوما فلو ظن إن أتبعها أزيل المنكر لزمه وضرب النساء بالدف منكر منهي عنه اتفاقا قاله الشيخ.

فصل ويسن أن يدخل قبره من عند رجليه
إن كان أسهل عليهم وإلا من حيث سهل سواء ولا توقيت في عدد من يدخله من شفع أو وتر بل بحسب الحاجة ويكره أن يسجى قبر رجل إلا لعذر مطر أو غيره ويسن لامرأة ومن مات في سفينة وتعذر خروجه إلى البر ثقل بشيء بعد غسله وتكفينه والصلاة عليه والقي في البحر سلا كإدخاله القبر وإن مات في بئر إخراج فإن تعذر طمت عليه ومع الحاجة إليها يخرج مطلقا وأولى الناس بتكفين ودفن أولاهم بغسل والأولى للأحق أن يتولاه بنفسه ثم بنائبه ثم من بعدهم بدفه رجل الرجال الأجانب ثم محارمه من النساء ثم الأجنبيات وبدفن امرأة محارمها الرجال ثم زوجها ثم الرجال الأجانب ثم محارمها النساء ويقدم من الرجال خصتي ثم شيخ ثم أفضل دينا ومعرفة ومن بعد عهده بجماع أولى ممن قرب ولا يكره للرجال دفن امرأة وثم محرم واللحد أفضل ـ وهو أن يخفر في أرض القبر مما يلي القبلة مكانا يوضع فيه الميت ـ ويكره الشق ـ وهو أن يبني جانبا القبر بلبن أو غيره أو يشق وسطه فيصير كالحوض ثم يوضع الميت فيه ويسقف عليه ببلاط أو غيره ـ فإن كانت الأرض رخوة لا يثبت فيها اللحد شق فيها للجاجة ويسن تعميقه وتوسعه بلا حد وقال الأكثر: قامة وسطا وبسطه ـ

 

ج / 1 ص -232-  وهي بسط يده قائمة ـ ويكفي ما يمنع الرائحة والسباع وينصب عليه اللبن نصا وهو أفضل من النصب ويجوز ببلاط ويسد ما بين اللبن أو غيره بطين لئلا ينهار عليه التراب ويكره دفنه في تابوت ولو امرأة ويكره إدخاله خشبا إلا لضرورة وما مسته نار ويستحب قول من يدخله عند وضعه: بسم الله وعلى ملة رسول الله وإن أتى عند وضعه وإلحاده بذكر أو دعاء يليق فلا بأس ويستحب الدعاء له عند القبر بعد دفنه واقفا واستحب الأكثر تلقينه بعد دفنه: فيقوم الملقن عند رأسه بعد تسوية التراب عليه فيقول: يا فلان بن فلانة ثلاثا فإن لم يعرف اسم أمه نسبه إلى حواء اذكر ما خرجت عليه من الدنيا: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسول وأنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبالقرآن إماما وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخوانا وأن الجنة حقا وأن النار حق وإن البعث حق وأن الساعة حق آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ـ قال أبو المعالي: لو أنصفوا قبل قبله لم يعودوا وهل يلقن غير المكلف مبني على نزول الملكين إليه المرجح النزول وصححه الشيخ قال ابن عبدوس: يسأل الأطفال عن الإقرار الأول حين الذرية والكبار يسألون عن معتقدهم في الدنيا وإقرارهم الأول ويسن وضعه في لحده على جنبه الأيمن ووضع لبنة أو حجر أو شيء مرتفع كما يصنع الحي تحت رأسه وتكره مخدة والمنصوص ومضربة وقطيفة تحته ونصه لا بأس بها من علة ويسند خلفه وأمامه بتراب لئلا يسقط ويجب استقبال القبلة ويسن لكل من

 

ج / 1 ص -233-  حضر أن يحثوا التراب فيه من قبل رأسه أو غيره ثلاثا باليد ثم يهال عليه التراب.

فصل ويستحب رفع القبر قدر شبر
ويكره فوقه وتسنيمه أفضل من تسطيحه إلا بدار حرب إذا تعذر نقله: فالأولى تسويته بالأرض وإخفاؤه ويسن أن يرش عليه الماء ويوضع عليه حصى صغار محلل به ليحفظ ترابه ولا بأس بتطيينه وتعليمه تحجرا أو خشبة أو نحوهما ويكره البناء عليه: سواء لاصق البناء الأرض أو لا ولو في ملكه من قبة أو غيرها للنهي عن ذلك وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان: يجب هدم القباب التي على القبور لأنها أسست على معصية الرسول انتهى وهو في المسبلة أشد كراهة وعنه منع البناء في وقف عام قال الشيخ: هو غاصب قال أبو حفص: تحرم الحجرة بل تهدم وهو الصواب وكره أحمد الفسطاط والخيمة على القبر وتغشية قبور الأنبياء والصالحين ـ أي: سترها بغاشية ـ ليس مشروعا في الدين قاله الشيخ وقال في موضع آخر: في كسوة القبر بالثياب: اتفق الأئمة على أن هذا منكر إذا فعل بقبور الأنبياء والصالحين فكيف بغيرهم وتكره الزيادة على تراب القبر من غيره إلا أن يحتاج إليه ويكره المبيت عنده وتجصيصة وتزويقه وتخليقه1 وتقبيله والطواف به وتبخيره وكتابة الرقاع إليه ودوسها في الأنقاب والاستشفاء بالتربة من الأسقام والكتابة عليه والجلوس والوطء عليه قال بعضهم: إلا لحاجة والاتكاء عليه ويحرم التخلي عليها وبينها والدفن في صحراء أفضل: سوى النبي صلى لله عليه وسلم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد جعله على شكل خلقة الجسم كما يفعل العوام في قبورهم.

 

ج / 1 ص -234-  واختار صاحباه الدفن معه تشرفا وتبركا ولم يزد عليهما لأن الخرق يتسع والمكان ضيق وجاءت أخبار تدل على دفنهم كما وقع وذكره المجد وغيره ويحرم إسراجها واتخاذ المسجد عليها وبينها وتتعين إزالتها وفي كتاب الهدى: لو وضع المسجد والقبر معالم يجز ولم يصح الوقف ولا الصلاة وتقدم في اجتناب النجاسة ويكره المشي بالنعل فيها حتى التمشك: ـ بضم التاء والميم وسكون الشين ـ لأنه نوع منها لا بخف ويسن خلع النعل إذا دخلها إلا لخوف نجاسة أو شوك ونحوه ومن سبق إلى مسبلة قدم ويقرع إن جامعا ولا بأس بتحويل الميت ونقله إلى مكان آخر بعيد لغرض صحيح كبقعة شريفة ومجاورة صالح مع أمن التغير إلا الشهيد حتى ولو نقل رد إليه ويجوز نبشه لغرض صحيح كتحسين كفنه وبقعة خير من بقعته كإفراده عمن دفن معه وتقدم ويستحب جمع الأقارب في البقاع الشريفة وما كثر فيه الصالحون ويحرم قطع شيء من أطراف الميت وإتلاف ذاته وإحراقه ولو أوصى به ولا ضمان فيه ولوليه أن يحامي عنه وإن آل ذلك إلى إتلاف المطالب فلا ضمان1 ومن أمكن غسله فدفن قبله لزم نبشه وتغسيله وتقدم ودفن اثنين فأكثر في قبر واحد إلا لضرورة أو حاجة إن شاء سوى بين رءوسهم وإن شاء حفر قبرا طويلا وجعل رأس كل واحد عند رجل الآخر أو وسطه كالدرج ويجعل رأس المفضول عند رجلي الفاضل ويسن حجزه بينهما بتراب والتقديم إلى القبلة كالتقديم إلى الإمام في الصلاة: فيسن وتقدم في صلاة الجماعة ولا ينبش قبر ميت باق لميت آخر ومتى علم ومرادهم ظن أنه بلي وصار

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد: إذا كان الدفاع عن الميت يدعو إلى إتلاف القاطع لجزء منه فلا ضمان على المدافع.

 

ج / 1 ص -235-  رميما جاز نبشه ودفه غيره فيه وإن شك في ذلك رجع إلى قول أهل الخبرة: فإن حفر فوجد فيها عظاما دفنها وحفر في مكان آخر وإذا صار رميما جازت الزراعة وحرثه وغير ذلك وإلا فلا والمراد إذا لم يخالف شرط واقف لتعيينه الجهة ويجوز نبش قبور المشركين ليتخذ مكانها مسجدا أو لمال فيها كقبر أبى رغال ولو وصى بدفنه في ملكه دفن مع المسلمين لأنه يضر الورثة ولا بأسي بشرائه موضع قبره ويوصي بدفنه فيه ويصح بيع ما دفن فيه من ملكه ما لم يجعل أو يصير ويحرم حفره في مسبلة قبل الحاجة إليه ودفنه في مسجد ونحوه وينبش وفي ملك غيره وللمالك إلزام دافنه بنقله والأولى تركه ويحرم أن يدفن مع الميت حلي أو ثياب غير كفنه كإحراق ثيابه وتكسير أوانيه ونحوها وإن وقع في القبر ماله قيمة عرفا أو رماه ربه فيه نبش وأخذ وإن كفن بثوب غصب أو بلع مال غيره بغير إذنه وتبقى ماليته كخاتم وطلبه ربه لم ينبش وغرم ذلك من تركته كمن غصب عبدا فأبق تجب قيمته لأجل الحيلولة فإن تعذر الغرم لعدم تركة ونحوه نبش وأخذ الكفن في الأولى وشق جوفه في الثانية وأخذ المال إن لم يبذل له قيمته وإن بلعه بإذن ربه أخذ إذا بلي ولا يعرض له قبله ولا يضمنه وإن بلع مال نفسه لم ينبش قبل أن يبلى إلا أن يكون عليه دين ولو مات وله أنف ذهب لم يقلع: لكن إن كان بائعه لم يأخذ ثمنه أخذه من تركته ومع عدم التركة يأخذه إذا بلي ولو ماتت حامل بمن ترجى حياته حرم شق بطنها وتسطو عليه القوابل فيخرجنه فإن لم يوجد نساء لم

 

ج / 1 ص -236-  يسط الرجال عليه فإن تعذر ترك حتى يموت ولا تدفن قبله ولا يوضع عليه ما يموته ولو خرج بعضه حيا شق حتى يخرج فلو مات قبل خروجه أخرج وغسل وإن تعذر خروجه ترك وغسل ما خرج منه وأجزأ وما بقي ففي حكم الباطن فلا يحتاج إلى التيمم من أجله وصلى عليه معها وإن ماتت ذمية حامل بمسلم دفنها مسلم وحدها إن أمكن وإلا فمع المسلمين وجعل ظهرها إلى القبلة على جنبها الأيسر ولا يصلي عليه لأنه غير مولود ولا سقط ويصلي على مسلمة حامل وحملها بعد مضي زمن تصويره وإلا عليها دونه ويلزم تمييز أهل الذمة ويأتي ولا تكره القراءة على القبر وفي المقبرة بل يستحب وكل قربة فعلها المسلم وجعل ثوابها أو بعضها كالنصف ونحوه لمسلم حي أو ميت جاز ونفعه لحصول الثواب له حتى لرسول الله صلى الله عليه وسلم: من تطوع وواجب تدخله النيابة: كحج ونحوه أولا: كصلاة ودعاء واستغفار وصدقة وأضحية وأداء دين وصوم وكذا قراءة وغيرها واعتبر بعضهم إذا نواه حال الفعل أو قبله ويستحب إهداء ذلك فيقول: اللهم اجعل ثواب كذا لفلان قال ابن تميم: والأولى أن يسأل الأجر من الله تعالى بم يجعله له فيقول: الله أثبني برحمتك على ذلك واجعل ثوابه لفلان ويسن أن يصلح لأهل الميت طعام يبعث به إليهم ثلاثا لا لمن يجتمع عندهم فيكره ويكره فعلهم ذلك للناس قال الموفق وغيره: إلا من حاجة: كأن يجيئهم من يحضر منهم من أهل القرى البعيدة ويبيت عندهم فلا يمكنهم إلا أن يطعموه ويكره الأكل من طعامهم قاله في النظم وإن كان من

 

ج / 1 ص -237-  التركة وفي الورثة محجور عليه حرم فعله والأكل منه ويكره الذبح عند القبر والأكل منه قال الشيخ: والتضحية ولو نذر ذلك ناذر لم يكن له أن يوفي به فلو شرطه واقف لكان شرطا فاسدا وأنكر من ذلك أن يوضع على القبر الطعام والشراب ليأخذه الناس وخارج الصدقة مع الجنازة بدعة مكروهة وفي معنى ذلك الصدقة عند القبر.

فصل يسن لذكر زيارة قبر مسلم بلا سفر
وتباح لقبر كافر ولا يسلم عليه بل يقول له: أبشر بالنار ولا يمنع كافر من زيارة قريبه المسلم وتكره للنساء فإن علم أنه يقع منهن محرم حرمت: غير قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه فيسن وإن اجتازت امرأة بقبر في طريقها فسلمت عليه ودعت له فحسن ويقف الزائر أمام القبر ويقرب منه ولا بأس بلمسه باليد وأما التمسح به والصلاة عنده أو قصده لأجل الدعاء عنده معتقدا أن الدعاء هناك أفضل من الدعاء في غيره أو النذر له أو نحو ذلك قال الشيخ: فليس هذا من دين المسلمين بل هو مما أحدث من البدع القبيحة التي هي من شعب الشرك ويسن إذا زارها أو مر بها أن يقول معرفا: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم ونحوه ويخير بين تعريفه وتنكيره في سلامه على الحي وابتداؤه سنة ومن جماعة سنة كفاية والأفضل السلام من جميعهم فلو سلم عليه جماعة فقال وعليكم السلام وقصد الرد عليهم جميعا جاز وسقط الفرض في

 

ج / 1 ص -238-  حق الجميع ورفع الصوت بابتداء السلام سنة ليسمعه المسلم عليه سماعا محققا وإن سلم على إيقاظ عندهم نيام أو على من لا يعلم هل هم إيقاظ أو نيام خفض صوته بحيث لا يسمع الإيقاظ ولا يوقظ النيام ولو سلم على إنسان ثم لقيه على قرب سن أن يسلم عليه ثانيا وثالثا وأكثر ويسن أن يبدأ بالسلام قبل كل كلام ولا يترك السلام إذا كان يغلب على ظنه أن المسلم عليه لا يرد وإن دخل على جماعة فيهم علماء سلم على الكل ثم سلم على العلماء سلاما ثانيا ورده فرض عين على المنفرد وكفاية على الجماعة فورا ورفع الصوت به واجب قدر الإبلاغ وتزاد الواو في رد السلام وجوبا ويكره أن يسلم على امرأة أجنبية إلا أن تكن عجوزا أو برزة ويكره في الحمام وعلى من يأكل أو يقاتل وفيمن يأكل نظر وعلى تال وذاكر وملب ومحدث وخطيب وواعظ وعلى من يسمع لهم ومكرر فقه ومدر س وعلى من يبحثون في العلم وعلى من يؤذن أو يقيم وعلى من هو على حاجته أو يتمتع بأهله أو مشتغل بالقضاء ونحوهم ومن سلم في حالة لا يستحب فيها السلام لم يستحق جوابا ويكره أن يخص بعض طائفة لقيهم بالسلام وأن يقول: سلام الله عليكم والهجر المنهي عنه يزول بالسلام ويسن السلام عند الانصراف وإذا دخل على أهله فإن دخل بيتا خاليا أو مسجدا خاليا قال السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين وإذا ولج بيته فليقل: اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج باسم الله ولجنا وباسم الله خرجنا وعلى الله ربنا توكلنا ثم يسلم على أهله ولا بأس به على الصبيان تأديبا لهم وإن سلم على

 

ج / 1 ص -239-  صبي لم يجب رده وإن سلم على صبي وبالغ رده البالغ ولو يكف رد الصبي لأن فرض الكفاية لا يحصل به وإن سلم صبي على بالغ وجب الرد في وجه وهو الصحيح ويجزئ في السلام: السلام عليكم ولو على منفرد وفي الرد وعليكم السلام وتسن مصافحة الرجل الرجل والمرأة المرأة ولا بأس بمصافحة المردان لمن وثق من نفسه وقصد تعليمهم حسن الخلق ولا يجوز مصافحة المرأة الأجنبية الشابة وأن سلمت شابة على رجل رده عليها وإن سلم عليها لم ترده وإرسال السلام إلى الأجنبية وإرسالها إليه لا بأس به للمصلحة وعدم المحذور ويسن أن يسلم الصغير والقليل والماشي والراكب على ضدهم فإن عكس حصلت السنة هذا إذا تلاقوا في طريق أما إذا وردوا على قاعد أو قعود فإن الوارد يبدأ مطلقا وإن سلم على من وراء جدار أو الغائب عن البلد برسالة أو كتابة وجبت الإجابة عند البلاغ ويستحب أن يسلم على الرسول فيقول: وعليك وعليه السلام وإن بعث معه السلام وجب بتبليغه أن تحمله ويستحب لكل واحد من المتلاقيين أن يحرص على الابتداء بالسلام فإن التقيا وبدأ كل واحد منهما صاحبه معا فعلى كل واحد منهما الإجابة ولو سلم على أصم جمع بين اللفظ والإشارة كرد سلامه وسلام الأخرس وجوابه بالإشارة وآخر السلام ابتداء وردا وبركانه ويجوز أن يزيد الابتداء على الرد وعكسه وسلام النساء على النساء كسلام الرجال على الرجال ولا ينزع يده من يد من صافحه حتى ينزعها إلا لحاجة كحيائه ونحوه ولا بأس بالمعانقة وتقبيل الرأس واليد لأهل العلم والدين

 

ج / 1 ص -240-  ونحوهم ويكره تقبيل فم غير زوجته وجاريته وإذا تثاءب كظم ما استطاع فإن غلبه التثاؤب غطى فمه بكمه أو غيره وإذا عطس خمر وجهه وغض صوته ولا يلتفت يمينا ولا شمالا وحمد الله جهرا بحيث يسمع جليسه ليشمته وتشميته فرض كفاية فيقول له: يرحمك الله أو يرحمكم الله ويرد عليه العاطس فيقول: يهديكم الله ويصلح بالكم ويكره أن يشمت من لم يحمد الله وإن نسى لم يذكره لكن يعلم الصغير أن يحمد الله وكذا حديث عهد بإسلام ونحوه ولا يستحب تشميت الذمي فإن قيل له: يهديكم الله ـ جاز ويقال للصبي إذا عطس بورك فيك وجبرك الله وتشمت المرأة المرأة والرجل الرجل والمرأة العجوز البرزة ولا يشمت الشابة ولا تشمته فإن عطس ثانيا شمته وثالثا شمته ورابعا دعا له بالعافية ولا يشمت إلا إذا لم يكن شمته قبلها ولا يجيب المتجشي بشيء فإن حمد قال: هينئا مريئا وهناك الله وأمراك ويجب الاستئذان على كل من يريد الدخول عليه من أقارب وأجانب فإن أذن وإلا رجع ولا يزيد على ثلاث وإلا أن يظن عدم سماعهم.

فصل ويستحب تعزية أهل المصيبة بالميت قبل الدفن أو بعده
حتى الصغير والصديق ونحوه ومن شق ثوبه لزوال المحرم وهو الشق وإن نهاه فحسن ويكره استدامة لبسه إلا ثلاث وكرهها جماعة بعدها لإذن الشارع في الإحداد فيها ويكره تكررها فلا يعزي عند القبر من عزى قبل ذلك ويكره الجلوس لها والمبيت عندهم وفي الفصول: يكره الاجتماع بعد خروج الروح لتهييجه الحزن وتكره لشابة

 

ج / 1 ص -241-  أجنبية ولا بأس بالجلوس بقرب دار الميت ليتبع جنازته أو يخرج وليه فيعزيه ومعنى التعزية: التسلية والحث على الصبر بوعد الأجر والدعاء للميت والمصاب ولا تعيين فيما يقوله ويختلف باختلاف المعزين: فإن شاء قال في تعزية المسلم بالمسلم: أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك وفي تعزيته بكافر: أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وتحرم تعزية الكافر ويقول المعزي: استجاب الله دعاءك ورحمنا الله وإياك ولا يكره أخذه بيد من عزاه ولا بأس أن يجعل المصاب عليه علامة يعرف بها ليعزى ويسن أن يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها ويصلي ركعتين ويصبر ويجب منه ما يمنعه من محرم ويكره له تغيير حاله: من خلع ردائه ونعله وغلق حانوته وتعطيل معاشه ونحوه ولا يكره البكاء على الميت قبل الموت وبعده ولا يجوز الندب: وهو البكاء مع تعديد محاسن الميت ولا النياحة: وهي رفع الصوت بذلك برنة ولا شق الثياب ولطم الخدود وما أشبه ذلك: من الصراخ وخمش الوجه ونتف الشعر ونشره وحلقه وفي الفصول: يحرم النحيب والتعداد وإظهار الجزع لأن ذلك يشبه التظلم من الظالم وهو عدل من الله تعالى ويباح يسير الندبة الصدق إذا لم يخرج مخرج النوح ولا قصد نظمه نحو قوله: يا أبتاه يا ولداه ونحنو ذلك ـ وجاءت الأخبار الصحيحة بتعذيب الميت بالنياحة والبكاء عليه وما هيج المصيبة من وعظ أو إنشاء شعر فمن النياحة.