الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل

ج / 1 ص -242-  كـتاب الـزكـاة
وهو أحد أركان الإسلام وفرضت بالمدينة: وهي حق واجب في مال مخصوص لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص وتجب في السائمة من بهيمة الأنعام ـ والخارج من الأرض وما في حكمة من الغسل ـ والأثمان وعروض التجارة ويأتي بيانها في أبوابها وتجب في متولد بين وحشي وأهل تغليبا واحتياطا فتضم إلى جنسها الأهلي وتجب في بقر وحش وغنمة واختار الموفق وجمع لا تجب ولا تجب في سائر الأموال إذا لم تكن للتجارة: حيوانا كان كالرقيق والطيور والخيل والبغال والحمير والظباء ـ سائمة كان أو لا ـ أو غير حيوان كاللآلي والجواهر والثياب والسلاح وأدوات الصناع وأثاث البيوت والأشجار والنبات والأواني والعقار من الدور والأرضين للسكنى ولكراء ولا تجب إلا بشروط خمسة: ـ الإسلام: ـ والحرية فلا تجب ـ بمعنى الأداء ـ على كل كافر ولو مرتدا ولا عبد لأنه لا يملك بتمليك ولا غيره وزكاة ما بيده على سيده ولو مدبرا أو أم ولد ولا على مكاتب لنقص ملكه بل معتق بعضه فيزكي ما ملك بحريته ولو اشترى عبدا ووهبه شيئا ثم ظهر أن العبد كان حرا فله أن يأخذ منه ما وهبه له ويزكيه فإن تركه زكاة الأخذ فله وتجب في مال الصبي والمجنون ولا تجب في المال المنسوب إلى الجنين ـ الثالث: ملك نصاب ففي أثمان وعروض تقريب

 

ج / 1 ص -243-  فلا يضر نقص حبتين وفي ثمر وزرع تحديد وقيل تقريب فلا يؤثر نحو رطلين ومدين ويؤثران على الأول وعليهما لا اعتبار بنقص يتداخل في المكاييل كالأوقية وتجب فيما زاد على النصاب بالحساب وإلا في السائمة فلا زكاة في وقصها ـ الرابع تمام الملك فلا زكاة في دين الكتابة ولا في السائمة وغيرها الموقوفة على غير معين كالمساكين أو على مسجد ورباط ونحوهما: كمال موصى به في وجوه بر أو يشتري به ما يوقف فإن اتجر به وصى قبل مصرفه فربح فربحه من أصل المال فيما وصى فيه ولا زكاة فيهما وإن خسر ضمن النقص وتجب في سائمة وغلة أرض وشجر موقوفة على معين ويخرج من غير السائمة: فإن كانوا جماعة وبلغ نصيب كل واحد منهما من غلته نصابا وجبت وإلا فلا ولا حصة مضارب قبل القسمة ولو ملكت بالظهور فلا ينعقد عليها الحلول قبل استقرارها ويزكي رب المال حصته منه كالأصل لملكه بظهوره فلو دفع إلى رجل ألفا مضاربة على أن الربح بينهما نصفين فحال الحول وقد ربح ألفين فعلى رب المال زكاة ألفين فإن أداها منه حسب من المال والربح فينقص ربع عشر رأس المال والمال الموصي به يزكيه من حال الحلول وهو على ملكه ولو وصى بنفع نصاب سائمة زكاها مالك الأصل ومن له دين على ملى باذل: من قبض أو دين عروض تجارة أو مبيع لم يقبضه بشرط الخيار أولا أو دين سلم إن كان للتجارة ولو يكن أثمانا أو ثمن بيع أو رأس مال سلم قبل قبض عوضهما ولو انفسخ العقد أو صداق أو عوض خلع أو أجرة

 

ج / 1 ص -244-  بالعقد قبل القبض وإن لم تستوف المنفعة وكذا كل دين لا في مقابلة مال أو مال غير زكوي كموصي به وموروث وثمن مسكن ونحو ذلك ـ جرى في حول الزكاة من حين ملكه: عينا كان أو دينا من غير بهيمة الأنعام لا منها لاشتراط السوم فإن عينت زكيت كغيرها وكذا الدية الواجبة لا تزكى لأنها لم تتعين مالا زكويا ـ زكاة إذا قبضه أو شيئا منه1 فكلما قبض شيئا أخرج زكاته ولو لم يبلغ المقبوض نصابا أو أبرأ منه لما مضى: قصد ببقائه عليه الفرار من الزكاة أولا ويجزي إخراجها قبل قبضه ولو كان في يده بعض نصاب وباقيه دين أو غصب أو ضال زكى ما بيده ولعله فيما إذا ظن رجوعه وكل دين سقط قبل قبضه لم يتعوض عنه كنصف صداق قبل قبضه بطلاق أو كله لانفساخه من جهتها فلا زكاة كعين وهبها وللبائع إخراج زكاة مبيع فيه خيار منه: فيبطل البيع في قدره وإن زكت صداقها كله ثم تنصف بطلاق رجع فيما بقي بكل حقه ولا تجزيها زكاتها منه بعد طلاق لأنه مشترك ومتى لم تزكه رجع بنصفه كاملا وتزكيه هي وتجب أيضا في دين على ملئ وعلى مماطل وفي مؤجل ومجحود ببينة أولا وفي مغصوب في جميع الحلول أو بعضه ويرجع المغصوب منه على الغاصب بالزكاة لنقصه بيده: كتلفه وتجب في ضانع كلقطة فحول التعريف على ربها وما بعده على ملتقط: فإن أخرج الملتقط زكاته عليه منها ثم أخذها ربها رجع عليه بما أخرج وتجب على مسروق ومدفون منسي في داره أو غيرها أو مذكور جهل عند من هو وفي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قوله: زكاة، جواب عن قوله سابقا ومن له دين.

 

ج / 1 ص -245-  موروث ومرهون ويخرجها الراهن منه إن أذن له المرتهن أو لم يكن له مال يؤدي منه وإلا فمن غيره وتجب في مبيع ولو كان فيه خيار قبل القبض: فيزكي بائع مبيعا غير متعين ولا متميز ومشتر يزكي غيره وتجب في مال مودع وليس للمودع إخراجها منه بغير إذن مالكها وفي غائب مع عبده أو وكيله ولو أسر رب المال أو حبس ومنع من التصرف في ماله لم تسقط زكاته ولا زكاة فيمن عليه دين يستغرق النصاب أو ينقصه ولا يجد ما يقضيه به سوى النصاب أو مالا يستغني عنه ولو كان الدين من غير جنس المال حتى دين خراج وأرض جناية عبيد التجارة وما استدانه لمؤنة حصاد وجذاذ وديانس وكراء أرض ونحوه: لا دينا بسبب ضمان فيمنع وجوبها في قدره: حالا كان الدين أو مؤجلا في الأموال الباطنة: كالأثمان وقيم عروض التجارة والمعدن والظاهرة: كالمواشي والحبوب والثمار ومعنى قولنا يمنع قدره: أنا نسقط من المال بقدر الدين كأنه غير مالك له ثم يزكي ما بقي فلو كان له مائة من الغنم وعليه ما يقابل ستين فعليه زكاة الأربعين فإن قابل إحدى وستين فلا زكاة عليه لأنه ينقص النصاب ومن كان له عرض قنية يباع لو أفلس يفي بما عليه من الدين جعل في مقابلة ما معه فلا يزكيه وكذا من بيده ألف وله على ملئ ألف وعليه ألف ولا يمنع الدين خمس الركاز ومتى برى المدين أو قضى من مال مستحدث ابتدا حولا وحكم دين الله من كفارة وزكاة ونذر مطلق ودين حج ونحوه كدين آدمي فإن قال: لله علي أن أتصدق فحال الحول فلا زكاة فيه وإن قال: لله علي أن أتصدق بهذا

 

ج / 1 ص -246-  النصاب إذا حال عليه الحول وجبت الزكاة وتجزئة الزكاة منه ويبرأ بقدرها من الزكاة والنذر إن نواهما معا وكذا لو نذر الصدقة ببعض النصاب.
الخامس: ـ مضي الحول على نصاب تام ويعفى عن نحو ساعتين إلا في الخارج من الأرض فإذا استفاد مالا ولو من غير جنس ما يملكه فلا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول: إلا نتاج السائمة وربح التجارة فإن حوله حول أصله إن كان أصله نصابا وإن لم يكن نصابا فحوله من حين كمل النصاب ويضم المستفاد إلى نصاب بيده من جنسه أو في حكمه ويزكي كل مال إذا تم حوله ولا يعتبر النصاب في المستفاد وإن كان من غير جنس النصاب ولا في حكمه فله حكم نفسه: فلا يضم إلى ما عنده في حول ولا نصاب ولا شيء فيه إن لم يكن نصابا ولا يبني وارث على حول موروث بل يستأنف حولا وإن ملك نصابا صغارا انعقد عله الحول من حين ملكه: فلو تغذت باللين فقط لم تجب لعدم السوم ولا ينقطع بموت إلا مات والنصاب تام بالنتاج ولا بيع فاسد ومتى نقص النصاب في بعض الحول أو باعه أو أبدله بغير جنسه أو ارتد مالكه انقطع الحول وإلا في إبدال ذهب بفضة وعكسه وعروض تجارة وأموال الصيارف ويخرج ما معه عند وجوب الزكاة ولا ينقطع الحول فيما أبدله بحبسه مما تجب الزكاة في عينه: حتى لوم أبدل نصابا من السائمة بنصابين زكاهما ولو أبدل نصاب سائمة بمثله ثم ظهر على عيب بعد أن وجبت الزكاة فله الرد،

 

ج / 1 ص -247-  ولا تسقط الزكاة عنه فإن أخرج من النصاب فله رد ما بقي ويرد قيمة المخرج والقول قوله في قيمته وإن أبدله بغير جنسه ثم رد عليه بعيب ونحوه استأنف الحول ومتى قصد بيع ونحوه الفرار من الزكاة بعد مضي أكثر الحول حرم ولو تسقط ويزكي من جنس المبيع لذلك الحول وإن قال: لم أقصد الفرار فإن دلت قرينة عليه وإلا قبل قوله وإذا تم الحول وجبت الزكاة في عين المال لا من عينه فإذا مضى حولان فأكثر على نصاب لم يؤد زكاته فزكاة واحدة وإن كان أكثر من نصاب نقص من زكاته لكل حول بقدر نقصه بها إلا ما كان زكاته الغنم من الإبل ففي الذمة وتتكرر بتكرار الأحوال ففي خمسة وعشرين بعيرا لثلاثة أحوال لأول حول بنت مخاض ثم ثمان شياه: لكل حول أربع شياه فلو لم يكن له إلا خمس من الإبل امتنعت زكاة الحول الثاني لكونها دينا ولو باع النصاب كله تعلقت الزكاة بذمته وصح البيع ويأتي قريبا وتعلق الزكاة بالنصاب كتعلق أرش جناية: لا كتعلق دين برهن ولا بمال محجور عليه لفلس ولا تعلق شركة: فله إخراجها من غيره والنماء بعد وجوبها له ولو أتلفه لزمه ما وجب في التالف لا قيمته ويتصف فيه بيع وغيره ولا يرجع بائع بعد لزوم بيع في قدرها ويخرجها فإن تعذر فسخ في قدرها إن صدقه مشتر ولمشتر الخيار فتجب بمضي الحول ولا يعتبر في وجوبها إمكان الأداء لكن لو كان النصاب غائبا عن البلد لا يقدر على الإخراج منه لم يلزمه إخراج زكاته حتى يتمكن من الأداء منه ولو تلف المال بعد الحول قبل التمكن ضمنها ولا تسقط بتلف المال إلا الزرع

 

ج / 1 ص -248-  والثمر إذا تلف بجائحة قبل حصاد وجذاذ ويأتي وما لم يخل تحت اليد كالديون وتقدم معناه وديون الله تعال من الزكاة والكفارة والنذر غير المعين ودين حج سواء فإذا مات من عليه منها زكاة أو غيرها بعد وجوبها لم تسقط وأخذت من تركته: فيخرجها وارث فإن كان صغيرا فوليه فإن كان معها دين آدمي وضاق ماله اقتسموا بالحصص إلا إذا كان به رهن فيقدم وتقدم أضحية معينة عليه ويقدم نذر بمعين على الزكاة وعلى الدين وكذا لو أفلس حي.

باب زكاة بهيمة الأنعام
ولا تجب إلا في السائمة للدر والغسل: وهي التي ترعى مباحا كل الحول أو أكثره: طرفا أو وسطا فلو اشترى لها ما ترعاه أو جمع لها ما تأكل أو اعتلفت بنفسها أو علفها غاصب أو ربها ولو حراما فلا زكاة ولا تجب في العوامل أكثر السنة ولو لإجارة ولو كانت سائمة نصا كالإبل التي تكرى ولو نوى بالسائمة العمل لم تؤثر نيته ما لم يوجد العمل ولو سامت بعض الحول وعلفت ببعضه فالحكم للأكثر وتجب في متولد بين سائمة ومعلوفة ولا يعتبر للسوم والعلف نية: فلو سامت بنفسها أو أسامها غاصب وجب كغصبه حبا وزرعه في أرض ربه فيه العشر على مالكه كما لو نبت بلا زرع.
وهي ثلاثة أنواع:
أحدها: الإبل فلا زكاة فيها حتى تبلغ خمسا فتجب فيها شاة بصفة الإبل وجوده وردائه فإن كانت الإبل معيبة فالشاة

 

ج / 1 ص -249-  صحيحة تنقص قيمتها بقدر نقص الإبل فإن أخرج شاة معيبة أو بعيرا لم يجزئه: كبقرة وكنصفي شاتين وفي العشر شاتان وفي خمس عشرة ثلاث شياه وفي العشرين أربع شياه فإن كانت الشاة من الضأن اعتبر أن يكون لها ستة أشهر فأكثر وإن كانت من المعز فسنة فأكثر وتكون أنثى فلا يجزئ الذكر وكذلك شاة الجبران وأيهما أخرج أجزأه ولا يعتبر كونها من جنس غنمه ولا جنس غنم البلد فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها بنت مخاض لها سنة سمت بذلك لأن أمها قد حملت غالبا وليس بشرط والماخض: الحامل فإن كانت عنده وهي أعلى من الواجب فإن عدمها ـ أي ليست في ماله أوفيه لكن معيبة: أجزأه أبن لبون أو خنثي ولد لبون وهو الذي له سنتان ولو نقصت قيمته ويجزئ أيضا مكانها حق أو جذع أو ثني وأولى لزيادة السن ولا جبران ولو وجد ابن لبون فإن عدم ابن لبون لزمه شراء بنت مخاض ولا يجبر فقد الأنوثية بزيادة سن الذكر الخرج في غير بنت مخاض فلا يخرج عن بنت لبون حقا إذا لم تكن في ماله ولا عن الحقة جذعا وفي ست وثلاثين بنت لبون ولها سنتان سميت به لأن أمها وضعت فهي ذات لبن وفي ست وأربعين حق لها ثلاث سنين سميت بذلك لأنها استحقت أن تركب ويحمل عليها ويطرقها الفحل وفي إحدى وستين جذعة لها أربع سنين سميت بذلك لإسقاط سنها وتجزئ عنها ثنية لها خمس سنين بلا جبران سميت بذلك لأنها ألقت ثنيتها وفي ست وسبعين بنتا لبون وفي إحدى وتسعين حقتان

 

ج / 1 ص -250-  إلى عشرين ومائة فإن زادت واحدة ففيها ثلاث بنات لبون ثم تستقر الفريضة: ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة ولا أثر لزيادة بعض بعير أو بقرة أو شاة فإذا بلغت مائتين اتفق الفرضان إن شاء أخرج أربع حقاق وإن شاء أخرج خمس بنات لبون إلا أن يكون النصاب كله بنات لبون أو حقاقا فيخرج منه ولا يكلف غيره أو يكون مال يتيم أو مجنون فيتعين إخراج أدون مجزئ وكذا الحكم في أربعمائة وإن أخرج منها من النوعين بلا تشقيص كأربع حقاق وخمس بنات لبون أو عن ثلاثمائة حقتين وخمس بنات لبون صح أما مع الكسر فلا: كحقتين وبنتي لبون ونصف عن مائتين وإن وجد أحد الفرضين كاملا والآخر ناقصا لا بد له من جبران: مثل أن يجد أحد الفرضين كاملا والآخر ناقصا لا بد له من جبران: مثل أن يجد في المائتين خمس بنات لبون وثلاث حقاق فيتعين الكامل وهو بنات اللبون وإن كان كل واحد يحتاج إلى جبران: مثل أن يجد أربع بنات لبون وثلاث حقاق فهو مخير أيهما شاء أخرج مع الجبران فإن بذل حقة وثلاث بنات لبون مع الجبران لم يجزئه لعدوله عن الفرض مع وجوده إلى الجبران وإن لم يجد إلا حقة وأربع بنات لبون أداها وأخذ الجبران ولم يكن له دفع ثلاث بنات لبون وحقه مع الجبران وإن كان الفرضان معدومين أو معيبين فله العدول عنهما مع الجبران: فإن شاء أخرج أربع جذعات وأخذ ثمان شياه أو ثمانين درهما وإن شاء أخرج خمس بنات مخاض ومعها خمس شياه أو مائة درهم ولا يجوز أن يخرج بنات المخاض عن الحقاق هنا ويضعف الجبران ولا الجذعات عن بنات اللبون ويأخذ الجبران

 

ج / 1 ص -251-  مضاعفا ولا أن يخرج أربع بنات لبون مع جبران ولا خمس حقاق ويأخذ الجبران وليس فيما بين الفريضتين شيء وهو الأوقاص فهو عفو لا تتعلق به الزكاة بل بالنصاب فقط ومن وجبت عليه سن فعدمها خير المالك في الصعود والنزول: فإن شاء أخرج سنا أسفل سنا ومعها شاتان أو عشرون درهما وإن شاء أخرج أعلى منها وأخذ مثل ذلك من الساعي إلا ولي يتيم ومجنون فيتعين عليه إخراج أدون مجزئ ويعتبر كون ما عدل إليه في ملكه فإن عدمها حصل الأصل فإن عدم ما يليها انتقل إلى الأخرى وضاعف الجبران فإن عدمه أيضا انتقل إلى ثالث كذلك وحيث جاز تعدد الجبران جاز جبران عنما وجبران دراهم ويجزئ إخراج جبران واحد وثان وثالث: النصف دراهم والنصف شياه فلو كان النصاب كله مراضا وعدمت الفريضة فيه فله دفع السن السفلى مع الجبران وليس له دفع الأعلى وأخذ جبران بل مجانا فإن كان المخرج ولي يتيم أو مجنون لم يجز له أيضا النزول لأنه لا يجوز أن يعطي الفضل من مالهما فيتعين شراء الفرض من غير المال ولا مدخل للجبران في غير الإبل فمن عدم فريضة البقر أو الغنم ووجد دونها حرم إخراجها وإن وجد أعلى منها فدفعها بغير جبران قبلت منه وإن لم يفعل كلف شراءها من غير ماله.

فصل النوع الثاني البقر
ولا زكاة فيها حتى تبلغ ثلاثين فيجب فيها تبيع أو تبيعة لكل منهما سنة قد حازى قرنه أذنه غالبا وهو جذع البقر ويجزئ إخراج مسن عنه وفي أربعين مسنة وهي ثنية

 

ج / 1 ص -252-  البقر ألقت سنا غالبا لها سنتان ويجوز إخراج أنثى أعلى منه بدلها لا إخراج مسن عنها وفي الستين تبيعان ثم في كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة: فإذا بلغت مائة وعشرين اتفق الفرضان: فيخير بين ثلاث مسنات وأربعة أتبعة ولا يجزى الذكر في الزكاة غير التبيع في زكاة البقر وابن لبون أو ذكر أعلى منه مكان بنت مخاض إذا عدمها وتقدم إلا أن يكون النصاب كله ذكورا فيجزى فيه ذكر في جميع أنواعها ويؤخذ من الصغار صغيرة في غنم دون إبل وبقر فلا يجزى إخراج فصلان وعجاجيل فيقوم النصاب من الكبار ويقوم فرضه ثم تقوم الصغار ويؤخذ عنها كبيرة بالقسط والتعديل بالقيمة مكان زيادة السن ولو كانت دون خمس وعشرين من الإبل صغار اوجب في كل خمس شاة كالكبار وتؤخذ من المراض مريضة فإن اجتمع صغار وكبار وصحاح ومعيبات وذكور وإناث لم يؤخذ إلا أنثى صحيحة كبيرة على قدر قيمة المالين إلا إذا لزمه شاتان في مال كله معيب إلا واحدة: كمائة وإحدى وعشرين شاة الجميع معيب إلا واحدة أو كانت المائة وإحدى وعشرون سخالا إلا واحدة كبيرة فيخرج في الأولى الصحيحة ومعيبة معها وفي الثانية الشاة وسخلة معها فإن كانت نوعين كالبخاتي والعراب والبقر والجواميس والضأن والمعز والمتولد بين وحشي وأهلي ـ أخذت الفريضة من أحدهما على قدر قيمة المالين فإن كان فيه كرام ولئام وسمان ومهازيل وجب الوسط بقدر قيمة المالين وإن أخرج عن

 

ج / 1 ص -253-  النصاب من غير نوعه ما ليس في ماله منه جاز إن لم تنقص قيمة المخرج عن النوع الواجب.

فصل النوع الثالث الغنم
ولا زكاة فيها حتى تبلغ أربعين فتجب فيها شاة إلى مائة وعشرين فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى مائتين فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى أربعمائة فيجب فيها أربع شياه ثم في كل مائة شاة شاة ويؤخذ من معز ثني ومن ضأن جذع هنا وفي كل موضع وجبت فيه شاة على ما يأتي بيانه في الأضحية وتقدم بعضه ولا يؤخذ تيس إلا فحل ضراب لخيره برضاه ربه: حيث يؤخذ ذكر ويجزئ ولا هرمة ولا ذات عوار ـ وهي المعيبة بذهاب عضو أو غيره عيبا يمنع التضحية بها ـ إلا أن يكون النصاب كله كذلك ولا الربى ـ وهي التي لها ولد تربيه ـ ولا حامل ولا طروقة الفحل لأنها تحمل غالبا ولا خيار المال ولا إلا كولة ـ وهي السمينة ـ ولا سن من جنس الواجب أعلى منه إلا برضا ربه: كبنت لبون عن بنت مخاض ولا يجزي إخراج القيمة: سواء كان حاجة أو مصلحة أو في الفطرة أولا وإن أخرج سنا أعلى من الفرض من جنسه أجزأ فيجزئ مسن عن تبيع وأعلى من المسنة عنها وبنت لبون عن بنت مخاض وحقة عن بنت لبون وجذعة عن حقة ولو كان الواجب عنده وتقدم بعض ذلك ونجزئ ثنية وأعلى مها عن جذعة ولا جبران.

فصل الخلطة في المواشي
لها تأثير في الزكاة إيجابا وإسقاطا: فتصير الأموال كالموال الواحد في نصاب الزكاة دون الحول فإذا اختلط

 

ج / 1 ص -254-  نفسان أو أكثر من أهل الزكاة في نصاب من الماشية حولا لم يثبت لهما حكم الانفراد في بعضه فحكمهما في الزكاة حكم الواحد سواء كانت خلطة أعيان: بأن يملكا مالا مشاعا بإرث أو شراء أو وهبة أو غيره: أو خلطة أوصاف: بأن يكون مال كل منهما متميزا فلو استأجر لرعي غنمه بشاة منها فحال الحول ولم يفردها فهما خليطان ولو كانت لأربعين من أهل الزكاة أربعون شاة مختلطة لزمهم شاة ومع إنفرادهم لا يلزمهم شيء ولو كان لثلاثة أنفس مائة وعشرون لكل واحد أربعون شاة لزمتهم شاة واحدة ومع انفرادهم ثلاث شياة ويوزع الواجب على قدر المال مع الوقص: فستة أبعرة مختلطة مع تسعة يلزم رب الستة شاة وخمس شاة ويلزم رب التسعة شاة وأربعة أخماس شاة.
ويشترط في خلطه أوصاف إشتراكهما في مراح ـ بضم الميم وهو المبيت والماوى أيضا ـ ومسح: وهو مكان اجتماعهما لتذهب إلى المرعى ومشرب: وهو مكان الشرب فقط ومحلب: وهو موضع الحلب وفحل وهو عدم اختصاصه في طرقه بأحد المالين إن اتحد النوع فإن اختلف كالضان والمعز والجاموس والبقر لم يضر اختلاف الفحل للضرورة ومرعى: وهو موضع الرعي ووقته وراع على منصوص أحمد والحديث ويظهر أن اتحاده كما في الفحل ولا تعتبر نية خلطة كالأوصاف والأعيان ولا خلط اللبن ولا أثر لخلطة من ليس من أهل الزكاة كالكافر والمكاتب والمدين ولا فيما دون نصاب ولا خلطة الغاصب بمغصوب فإن اختل شرطا منها أو ثبت لها حكم الانفراد في

 

ج / 1 ص -255-  بعض الحول: كأن اختلطا في أثناء الحول في نصابين بعد انفرادهما زكيا زكاة المنفردين فيه وفيما بعده زكاة الخلطة وإن ثبت لأحدهما حكم الانفراد وحده: مثل أن يكون لرجل نصاب ولآخر دونه ثم اختلطا في أثناء الحول فإذا تم حول الأول فعليه شاة وإذا تم حول الثاني فعليه زكاة الخلطة أو يملك نفسان كل واحد أربعين شاة فخلطاها في الحال من غير مضي زمن إن أمكن ثم باع أحدهما نصيبه أجنبيا أو يكون لأحدهما نصاب منفرد فيشتري الآخر نصابا ويخلطه به في الحال كما تقدم فإن المشتري ملك أربعين مختلطة لم يثبت لها حكم الانفراد فإذا تم حول الأول لزمه زكاة إنفراد: شاة إن كان الأول أخرجها من غير المال وإن كان أخرجها منه لزم الثاني أربعون جزأ من تسعة وسبعين جزأ من شاة ثم يزكيان فيما بعدى ذلك الحول زكاة الخلطة: كلما تم حول أحدهما فعليه بقدر ماله منهما وأبين من هذين المثالين لو ملك نصابين شهرا ثم باع أحدهما مشاعا كما يأتي قريبا ومن كان بينهما نصاب خلطة ثمانون شاة فباع كل منهما غنمه بغنم صاحبه واستداما الخلطة لم ينقطع حولهما ولم يزل خلطهما وكذا لو تبايعا البعض بالبعض قل أو كثر ولو ملك رجل نصابا شهرا ثم باع أحدهما مشاعا ثبت للبائع حكم الانفراد وعليه عند تمام حوله زكاة منفرد كان المال ستين في هذه المسألة والمبيع ثلثها زكى البائع بشاة وإذا ملك نصابا شهرا ثم ملك آخر لا يتغير به الفرض مثل أن يملك أربعين شاة في المحرم

 

ج / 1 ص -256-  ولربعين في صفر فعليه زكاة الأول عند تمام حوله ولا شيء عليه في الثاني وإن كان الثاني يتغير به الفرض: مثل أن يكون مائة شاة فعليه زكاته إذا تم حوله وقدرها بأن تنظر إلى زكاة الجميع فتسقط منها ما وجب في الأول ويجب الباقي في الثاني وهو شاة وإن كان الثاني يتغير به الفرض ولا يبلغ نصابا: مثل أن يملك ثلاثين من البقر في المحرم وعشرا في صفر فعليه في العشر إذا تم حولها زكاة خلطة: ربع مسنة وإن ملك مالا يبلغ نصابا ولا يغير الفرض كخمس فلا شيء فيها ومثله لو ملك عشرين شاة بعد أربعين أو ملك عشرا من البقر بعد أربعين منها فلا شيء فيها وإذا كان بعض مال الرجل مختلطا وبعضه الآخر منفردا أو مختلطا مع مال لرجل آخر فإنه يصير ماله كله كالمختلط: إن كان مال الخلطة نصابا وإلا لم يثبت حكمها وإذا كان لرجل ستون شاة كل عشرين منها مختلطة بعشرين لآخر فعلى الجميع شاة نصفها على صاحب الستين ونصفها على خلطائه على كل واحد سدس شاه ضما لمال كل خليط إلى مال الكل فيصير كمال واحد وإن كان كل عشر منها مختلطة بعشر لآخر فعليه شاة ولا شيء على خلطائه لأنهم لم يختلطوا في نصاب وإذا كانت ماشية الرجل متفرقة في بلدين فأكثر لا تقصر بينهما الصلاة فهي كالمجتمعة وإن كان بينهما مسافة قصر فلكل مال حكم نفسه كما لو كان لرجلين ولا تؤثر تفرقة البلدان في غير الماشية ولا الخلطة في غير السائمة وللساعي أخذ الفرض من مال أي الخليطين شاء مع الحاجة وعدمها ولو بعد قسمة في خلطة أعيان وقد وجبت الزكاة

 

ج / 1 ص -257-  مع بقاء التعيين ويرجع المأخوذ منه على خلطه بقيمة حصته يوم أخذت فإذا أخذ الفرض من مال رب الثلث رجع بقيمة ثلثي المخرج على شريكه وإن أخذه من الآخر رجع بقيمة ثلثه فإن اختلفا في قيمة المأخوذ فقول المرجوع عليه مع يمينه إذا احتمل صدقه وعدمت البينة وإذا أخذ الساعي أكثر من الفرض بلا تأويل كأخذه عن أربعين مختلطة شاتين من مال أحدهما أو عن ثلاثين بعيرا: جذعة ـ رجع على خلطه في الأولى بقيمة نصف شاة وفي الثانية بقيمة نصف بنت مخاض ولم يرجع بالزيادة لأنها ظلم فلا يرجع بها على غير ظالمه وإذا أخذه بتأويل كأخذ صحيح عن مراض أو كبيرة عن صغار أو قيمة الواجب ـ رجع عليه ويجزئ ولو أعتقد المأخوذ منه عدم الأجزاء ومن بذل الواجب لزم قبوله ولا تبعة عليه ويجزئ إخراج بعض الخلطاء بدون إذن بقيتهم مع حضورهم وغيبتهم والاحتياط بإذنهم ومن أخرج منهم فوق الواجب لم يرجع بالزيادة.

باب زكاة الخارج من الأرض
تجب الزكاة في كل مكيل مدخر: من قوت وغيره فتجب في كل الحبوب: كالحنطة والشعير والسلت ـ وهو نوع من الشعير لونه لون الحنطة وطبعه طبع الشعير في البرودة ـ والذرة والقطنيات: والباقلاء والحمص واللوبيا والعدس والماش والترمس: حب عريض أصغر من الباقلاء والدخن والأرز والهرطمان وهو الجلبانة

 

ج / 1 ص -258-  والكرسنة والحلبة والخشخاش والسمسم ولا يجزئ الإخراج من شيرجه وكبزر البقول كلها: كالهندبا والكرفس والبصل وبزر قطونا ونحوها وبزر الرياحين جميعا وأبازير القدر: كالكزبرة والكمون والكراويا والشونين وكذا حب الرازيانج وهو الشمر والأنسيون والشهدانج: وهو حب القنب والخردل وبزر الكتان والقطن واليقطين والقرطم والقثاء والخيار والبطيخ والرشاد والفجل وبزر البقلة الحمقاء ونحوه وتجب في كل ثمر يكال ويدخر كالثمر والزبيب واللوز والفستق والبندق والسماق لا في عناب وزيتون وقطن وكتان وقنب وزعفران وورس ونيل وفوة وغبيراء وحناء ونارجيل وجوز وسائر الفواكه كالتين والمشمش والتوت والأظهر وجوبا في العناب والتين والمشمس والتوت ولا تجب في التفاح والأنجاص والخوخ والكمترى والسرفجل والرمان والنبق والزعرور والموز ولا في قصب السكر والخضر كبطيخ وقثاء وخيار وباذنجان ولفت ـ وهو السلجم ـ وسلق وكرنب وقنبيط وبصل وثوم وكراث وجزر وفجل ونحوه ولا في البقول كالهندبا والكرفس والنعناع والرشاد وبقلة الحمقاء والقرظ والكزبرة والجرجير ونحوه ولا في المسلك والزهر كالورد والبنفسح والنرجس واللينوفر والخيرى ـ وهو المنثور ـ ونحوه ! ولا في طلع الفحال ـ بضم أوله وتشديد ثانيه: وهو ذكر النخل ـ ولا في السعف وهو أغصان النخل ولا في الخوص وهو ورقه ولا في قشور الحب والتين والحطب والخشب وأغصان الخلاف وورق التوت

 

ج / 1 ص -259-  والكلأ والقصب الفارسي ولبن الماشية وصوفها ونحو ذلك وكذا الحرير ودود القز وتجب الزكاة في صعتر وأشنان وحب ذلك وكل مقصود كورق سدر وخطمى وآس وهو المرسن.

فصل ويعتبر لوجوبها شرطان
أحدهما أن يبلغ نصابا قدره بعد التصفية في الحبوب والجفاف في الثمار خمسة أوسق والوسق ستون صاعا والصاع: خمسة أرطال وثلث بالعراقي فيكون النصاب في الكل ألفا وستمائة رطل عراقي وهو ألف وأربعمائة وثمانية وعشرون رطلا وأربعة أسباع رطل مصري وما وافقه وثلاثمائة واثنان وأربعون رطلا وستة أسباع رطل دمشقي وما وافقه ومائتان وخمسة وثمانون رطلا وخمسة أسباع رطل حلبي وما وافقه ومائتان وسبعة وخمسون رطلا وسبع رطل قدسي وما وافقه ومائتان وثمانية وعشرون رطلا وأربعة أسباع رطل بعلي وما وافقه والوسق والصاع والمد: مكاييل نقلت إلى الوزن لتحفظ وتنقل والمكيل يختلف في الوزن: فمنه ثقيل ومتوسط: كبر وعدس وخفيف: كشعير وذرة فالاعتبار في ذلك بالمتوسط نصا ومثل مكيله من غيره وإن لم يبلغ الوزن نصا: فمن اتخذ وعاء يسع خمسة أرطال وثلثا عراقية من جيد البر ثم كال به ما شاء عرف ما بلغ حد الوجوب من غيره فإن شك في بلوغ قد النصاب ولو يجد ما يقدره به احتاط وأخرج ولا يجب ونصاب علس؟ وهو نوع من الحنطة وأرز يدخران في قشريهما عادة لحفظهما عشرة أوسق إذا كان ببلد قد خبره أهله وعرفوا أنه يخرج منه مصفي

 

ج / 1 ص -260-  النصف لأنه يختلف في الخفه والثقل فيرجع إلى أهل الخبرة ويؤخذ بقدره وإن صفيا فنصاب كل منهم خمسة أوسق فإن شك في بلوغهما نصابا خير بين أن يحتاط ويخرج عشره قبل قشره وبين قشره واعتباره بنفسه كمغشوش أثمان ولا يجوز تقدير غيره من الحنطة في قشره ولا إخراجه قبل تصفيته وتضم ثمرة العام الواحد وزرعه بعضها إلى بعض في تكميل النصاب ولو أختلف وقت إطلاعه وإدراكه بالفصول وسواء تعدد البلد أولا فإن كان له نخل تحمل في السنة حملين ضم أحدهما إلى الآخر كزرع العام الواحد ولا تضم ثمرة عام واحد ولا زرعه إلى آخره وتضم أنواع الجنس بعضها إلى بعض في تكميل النصاب: فالسلت نوع من الشعير فيضم إليه والعلس نوع من الحنطه فيضم إليها ولا يضم جنس إلى آخر كأجناس الثمار والماشيه ولا تضم الأثمان إلى شيء منها إلا إلى عروض التجارة ويأتي في الباب بعده ـ الثاني: أن يكون النصاب مملوكا له وقت وجوب الزكاة فتجب فيما ثبت بنفسه مما يزرعه الآدمي: كمن سقط له حب في أرضه أو أرض مباحة ولا تجب فيما يكتسبه اللقاط أو يوهب له أو يأخذه أجرة لحصاده ودياسه ونحوه ولا فيما يملك من زرع وثمرة بعد بدو صلاحه بشراء أو إرث أو غيرها ولا فيما يجتنبه من مباح كبطم وزعبل ـ وهو شعير الجبل ـ وبزر قطونا وكزبرة وعفض وأشنان وسماق غيره وسواء أخذه من موات أو نبت في أرضه لأنه لا يملك إلا يأخذه.

 

ج / 1 ص -261-  فصل ويجب العشر
واحد من عشرة فيما سقى بغير مؤنة كالغيث: وهو المطر والسيوح كالأنهار والسواقي وما يشرب بعروقه وهو البعل ولا يؤثر حفر الأنهار والسواقي وتنقيتها وسقى في نقص الزكاة لقلة المؤنة وكذا من يحول الماء في السواقي لأنه كحرث الأرض وإن اشترى ماء بركة أو حفيرة وسقى به سيحا فالعشر وكذا إن جمعه وسقى به ويجب نصف العشر فيما سقى بكلفة كالدوالي: جمعى دالية وهي الدولاب تديره البقر والناعورة: يديرها الماء والساقية والنواضح وأحدهما ناضح وناضحة: وهما البعير يستقي عليه وما يحتاج في ترقيتة الماء إلى الأرض إلى آلة من غرب أو غيره ـ وقال الشيخ: وما يديره الماء من النواعير ونحوها مما يصنع من العام إلى العام أو في أثناء العام ولا يحتاج إلى دولاب يديره الدواب يجب فيه العشر لأن مؤنته خفيفة فهي كحرث وإصلاح طرق الماء فإن سقى بكلفة وبغير كلفة سواء وجب ثلاثة أرباع العشر فإن سقى بأحدهما أكثر أعتبر أكثرها فإن جهل المقدار وجب العشر والاعتبار بالأكثر نفعا ونموا لا بالعدد والمدة ومن له حائطان أو أرضان ضما في تكميل النصاب ولكل منهما حكم نفسه في سقيه بمؤنة أو بغيرها ويصدق المالك فيما سقى به بلا يمين وإذا اشتد الحب وبدا إصلاح الثمرة: ففي فستق وبندق ونحوه انعقاد لبه وفي غيره كبيع: وجبت الزكاة فإن قطعها قبله لغرض صحيح كأكل أو بيع أو تجفيف أو تحسين بقيتها فلا زكاة فيه وإن فعله فرارا من الزكاة أثم ولزمته ولو باعه أو وهبه خرص أم لا فزكاته عليه

 

ج / 1 ص -262-  لا على المشتري والمهوب له ولو مات وله ورثة لم تبلغ حصة واحد منهم نصابا لم يؤثر ذلك ولو ورثه من عليه دين لم يمنع دينه الزكاة ولو كان ذلك قبل صلاح الثمر واشتداد الحب انعكست الأحكام ولو باعه وشرط الزكاة على المشتري صح فإن لم يخرجها المشتري وتعذر الرجوع عليه ألزم بها البائع ويفارق إذا استثنى زكاة نصاب ماشية للجهالة أو اشترى ما لم يبد صلاحه بأصله فإن لا يجوز شرط المشتري زكاته على البائع ولا يستقر الوجوب إلا بجعلها في جرين وبيدر ومسطاح فإن تلفت قبله بغير تعد منه سقطت الزكاة: خرصت أو لم تخرص وإن تلف البعض زكى الباقي إن كان نصابا وإلا فلا أو إن تلفت بعد الاستقرار لم تسقط وإن ادعى تلفها قبل قوله بغير يمين ولو اتهم إلا أن يدعيه بجائحة ظاهرة تظهر عادة فلا بد من بينة ثم يصدق في قدر التالف ويجب إخراج زكاة الحب مصفى والثمر يابسا فلو خالف وأخرج سنبلا ورطبا وعنبا لو يجزئه ووقع نفلا فلو كان الأخذ الساعي فإن جففه وصفاه وجاء قدر الواجب أجزأه وإلا رد الفضل إن زاد وأخذ النقص إن نقص وإن كان بحاله رده وإن تلف رد بدله وإن احتيج إلى قطع ثمر يجئ منه ثمر وزبيب مثلا بعد بدو صلاحه وقبل كماله لضعف أصل ونحوه كخوف عطش أو تحسين بقيته جاز وعليه زكاته يابسا كما لو قطع لغرض البيع بعد خرصه ويحرم قطعه مع حضور ساع إلا بإذنه وإن كان رطبا لا يجئ منه ثمرا وعنبا لا يجئ منه زبيب وجب قطعه وفيه الزكاة إن بلغ نصابا يابسا من

 

ج / 1 ص -263-  غيره: تمرا أو زبيبا مقدرا بغيره خرصا وإلا فمستحيل أن يخرج من عينه تمر أو زبيب إذا لم يجئ تمر أو زبيب أو يخرج منه رطبا وعنبا اختاره القاضي وجماعة وله أن يخرج الواجب منه مشاعا أو مقسوما بعد الجذاذ أو قبله بالخرص فيخير الساعي بين مقاسمة رب المال الثمرة قبل الجذاذ فيأخذ نصيب الفقراء شجرات مفردة وبين مقاسمته بعد جذها بالكيل وله بيعها منه أو من غيره والمذهب أنه لا يخرج عنه إلا يابسا فإن أتلف النصاب ربه بقيت الزكاة في ذمته: تمرا أو زبيبا وظاهره ولو لم يتلفه فإن لم يجدهما بقيا في ذمته فيخرجه إذا قدر عليه والمذهب أيضا أنه يحرم ولا يصح شراءه زكاته ولا صدقته وسواء اشتراها ممن أخذها منه أو من غيره وإن رجعت إليه بإرث أو هبة أو وصية أو أخذها من دينه أو ردها له الإمام بعد قبضه منه لكونه من أهلها كما يأتي.

فصل ويسن أن يبعث الإمام ساعيا خارصا إذا بدأ صلاح الثمر
ويعتبر أن يكون مسلما أمينا خبيرا غير متهم ولو عبدا ويكفي خارص واحد وأجرته على رب النخل والكرم فيخرص ثمرها على أربابه ولا تخرص الحبوب ولا ثمر غيرهما والخرص حزر مقدار الثمرة في رؤس النخل والكرم وزنا بعد أن يطوف به ثم يقدره تمرا ثم يعرف المالك قدر الزكاة ويخيره بين أن يتصرف بما شاء ويضمن قدها وبين خفظها إلى وقت الجفاف فإن لم يضمن وتصرف صح تصرفه وكره وإن حفطها إلى وقت الجفاف زكى الموجود فقط وافق قول الخارص أولا وسواء اختار حفظها ضمانا: بأن يتصرف أو أمانة

 

ج / 1 ص -264-  وإن أتلفها المالك أو تلفت بتفريطه ضم زكاتها بخرصها تمرا وإن ترك الساعي شيا من الواجب أخرجه المالك فإن لم يبعث ساعيا فعلى رب المال من الخرص ما يفعله الساعي إن أراد تصرف ليعرف قدر الواجب قبل تصرفه ثم إن كان أنواعا لزم خرص كل نوع وحده لاختلاف الأنواع وقت الجفاف وإن كان نوعا واحدا فله خرص كل شجرة وحدها وله خرص الجميع دفعة واحدة وإن ادعى رب المال غلط الخارص غلطا محتملا قبل قوله بغير يمين كما لو قال: لم يحصل في يدي غير كذا وإن فحش لم يقبل وكذا إن ادعى كذبه عمدا ويجب أن يترك في الخرص لرب المال الثلث أو الربع فيجتهد الساعي بحسب المصلحة ولا يكمل بهذا القدر المتروك النصاب إن أكله وإن لم يأكله كمل به ثم يأخذه زكاة الباقي سواء بالقسط وإن لم يترك الخارص شيئا فلرب المال الأكل هو وعياله قدر ذلك ولا يحتسب به عليه ويأكل هو من حبوب ما جرت به العادة كفريك ونحوه وما يحتاجه ولا يحتسب به عليه ولا يهدي ولا يأكل من زرع وثمر مشترك شيئا إلا بإذن شريكه ويأخذ العشر من كل نوع على حدته بحصته ولو شق لكثرة الأنواع واختلافها ولا يجوز إخراج جنس عن جنس آخر: فإن أخرج الوسط عن جيد وردئ قدر قمتي الواجب منها أو أخرج الرديء عن الجيد بالقيمة لم يجزئه ويجب العشر على المستأجر والمستعير دون المالك الخراج عليه دونهما ولا زكاة في قدر الخراج إذا لم يكن له مال يقابله لأنه كدين

 

ج / 1 ص -265-  آدمي ولأنه من مؤنة الأرض: كنفقة زرعه وإذا لم يكن له سوى غلة الأرض وفيما فيه زكاة وما لا زكاة فيه كالخضر ـ جعل الخراج في مقابلته لأنه أحوط للفقراء ولا ينقص النصاب بمؤنة الحصاد والدياس وغيرهما منه لسبق الوجوب ذلك وتلزم الزكاة في المزارعة الفاسدة من حكم بالزرع له وإن كانت صحيحة فعلى من بلغت حصته منهما نصابا العشر ومتى حصد غاصب الأرض زرعه استقر ملكه وزكاته وإن تملكه رب الأرض قبل اشتداد الحب زكاه وكره الإمام أحمد الحصاد والجذاذ ليلا ويجتمع العشر والخراج في كل أرض خراجية: فالخراج في رقبتها والعشر في غلته إن كانت لمسلم ـ وهي: ما فتحت عنوى ولو تقسم ـ وما جلا عنها أهلها خوفا منا: ـ وما صولحوا عليها على أنها لنا ونفقرها معهم بالخراج والأرض العشرية لإخراج عليها ـ وهي: الأرض المملوكة التي أسلم أهلها عليها كالمدينة ونحوها ـ وما أحياه المسلمون واختطوه كالبصرة ـ وما صالح أهلها على أنها لهم بخراج يضرب عليها كاليمن ـ وما أقطعها الخلفاء الراشدون إقطاع تمليك ـ وما فتح عنوة وقسم: كنصف خيبر ـ وللإمام إسقاط الخراج على وجه المصلحة ويأتي ويجوز لأهل الذمة شراء أرض عشرية من مسلم: كالخراجية ولا عشر عليه كالسائمة وغيرها لا زكاة فيها لكن يكره للمسلم بيع أرضه من ذمي وإجارتها نصا لإفضائه إلى إسقاط عشر الخارج منها إلى لتغلبى فلا يكره ذلك ولا شيء على ذمي فيما اشتراه من أرض خراجية لا فيما استأجره أو استعاره من مسلم إذا زرعه ولا فيما إذا جعل داره

 

ج / 1 ص -266-  بستانا أو مزرعة ولا فيما إذا رضخ الإمام له أرضا من الغنيمة أو أحيا مواتا.

فصل وفي العسل العشر
سواء أخذه من موات أو من ملكه أو ملك غيره لأنه لا يملك بملك الأرض كالصيد ونصابه عشرة أفراق كل فرق ـ بفتح الراء ـ ستة عشر رطلا عراقية: فيكون مائة وستين رطلا ولاتتكرر زكاة معشرات ولو بقيت أحوالا ما لم تكن للتجارة ولا شيء في المن والترنجبيل والشيرخشك ونحه مما ينزل من السماء: كاللآذن وهو طل وندى ينزل على نبت تأكله المعزى فتتعلق الرطوبة بها فيؤخذ وتضمين أموال العشر والخراج باطل وعلله في الأحكام السلطانية غيره الأحكام السلطانية وغيرها بأن ضمانها بقر معلوم يقتضي الاقتصار عليه في تملك ما زاد وغرم ما نقص وهذا مناف لموضوع العمالة وحكم الأمانة.

فصل في المعدن
وهو كل متولد في الأرض من جنسها ليس نباتا: فمن استخرج من أهل الزكاة من معدن في أرض مملوكة له أو مباحة أو مملوكة لغيره إن كان جاريا ولو من داره ـ نصاب ذهب أو فضة أو ما يبلغ قيمة أحدهما من غيره بعد سبكه وتصفيته: منطبعا كان كصفر ورصاص وحديد أو غير منطبع كياقوت وعقيق وبنفش وزبرجد وموميا 1 ونورة وبشم وزاج وفيروزج وبلور وسبح وكحل ومغرة وكبريت وزفت وزئبق وزجاج وملح وقار وسندروس ونفط وغيره مما يسمى معدنا: ففيه الزكاة في الحال

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 معدن في قوة القارة - الزفت.

 

ج / 1 ص -267-  ربع العشر من قيمتها أو من عينها إن كانت أثمانا وما يجده في ملكه أو موات فهو أحق به فإن استبق اثنان إلى معدن في موات فالسابق أولى به مادام يعمل فإن تركه جاز لغيره العمل فيه وما يجده في مملوك يعرف مالكه فهو لمالك المكان إن كان جامدا وأما الجاري فمباح على كل حال ولا يمنع الذمي من معدن ولو بدارنا ولا زكاة فيما يخرجه كالمكاتب المسلم لأنهما ليسا من أهل الزكاة ويأتي ذكر المعادن في بيع الأصول ووقت وجوبها بظهوره واستقرارها بإحرازه: سواء استخرجه في دفعة أو دفعات لم يترك العمل بينها ترك إهمال وحده ثلاثة أيام إن لم يكن عذر فإن كان فبزواله فلا أثر لتركه لإصلاح آلة ومرض وسفر يسير واستراحة ليلا أو نهار مما جرت به العادة أو اشتغاله بتراب خرج بين النيلين أو هرب عبده أو أجيره ونحوه فيضم الجنس الواحد بعضه إلى بعض ولو من معادن في تكميل نصاب ولا يضم جنس إلى آخر غير نقد ولو كانت متقاربة كقار ونفط وحديد ونحاس ولو من معدن واحد ولا ضم مع الإهمال ولا يجوز إخراجها إذا كانت أثمانا إلا بعد سبك وتصفية فإن وقت الإخراج عقبها فإن أخرج قبل ذلك لم يجز ورد عليه إن كان باقيا أو قيمته إن تلف فإن اختلفوا في القيمة أو القدر فالقول قول القابض مع يمينه فإن صفاه آخذه فكان قدر الواجب أجزأ وإن نقص فعلى المخرج النقص وإن زاد رد الزيادة عليه إلا أن يسمح به ولا يرجع بتصفيته ومؤنة تصفيته وسبكه على مستخرجه فلا يحتسب بذلك

 

ج / 1 ص -268-  كالحبوب فإن كان ذلك دينا احتسب عليه كما يحتسب بما أنفق على الزرع ولا تتكرر زكاته إذا لم يقصد به التجارة إلا أن يكون نقدا وإن استخرج أقل من نصاب فلا شيء فيه ولا زكاة فيما يخرج من البحر من اللؤلؤ والمرجان والعنبر وغيره والحيوان كصيد بر وإن كان المعدن بدار حرب ولم يقدر على إخراجه إلا بقوم لهم منعة فغنيمة: يخمس بعد ربع العشر.

فصل ويجب في الركاز الخمس
في الحال أي نوع كان من المال ولو غير نقد قل أو كثر ويجوز إخراج الخمس من غيره ويصرف مصرف الفيء المطلق للمصالح كلها ويجوز للإمام رد خمس الركاز أو بعضه لواجده بعد قبضه وتركه له قبل قبضه:كالخراج وكما له رد خمس الفيء والغنيمة له أيضا رد الزكوات على من أخذت منه إن كان من أهلها لأنه أخذ بسبب متجدد كإرثها وقبضها عن دين كما تقدم في الباب فإن تركها له من غير قبض لم يبرأ ويجوز لواجده تفرقته بنفسه وباقيه له ولو ذميا ومستأمنا بدارنا ومكاتبا وصغيرا ومجنونا ويخرج عنهما الولي إلا أن يكون واجده أجيرا فيه لطالبه فلمستأجره ولو أستؤجر لحفر بئر أو هدم شيء فوجده فهو له لا لمستأجر وإن وجد عبد فهو من كسبه لسيده وإن وجد واجده من موات أو شارع أو أرض لا يعلم مالكها أو على وجه هذه الأرض أو في طريق غير مسلوك أو خربة أو في ملكه الذي أحياه ـ وإن علم

 

ج / 1 ص -269-  مالكها ـ أو كانتا منتقلة إليه فهو له أيضا1 إن لم يدعه المالك لأن الركاز لا يملك بملك الأرض:فلو ادعاه بلا بينة ولا وصف فله مع يمينه وإن اختلف الورثة فادعى بعضهم أنهه لورثهم وأنكر البعض فحكم من أنكر في نصيبه حكم المالك الذي لم يعترف به وحكم المدعين حكم المالك المعترف وإن وجد فيها لقطة فواجدها أحق من صاحب الملك وكذا حكم المستأجر والمستعير يجد في الدار ركازا أو لقطة فإن ادعى كل منهما أنه وجده أولا أو دفنه فقول مكتر لزيادة اليد إلا أن يصفه أحدهما فيكون له مع يمينه والركاز: ما وجد من دفن الجاهلية أو من تقدم من كفار في الجملة في دار إسلام أو عهد أو دار حرب وقدر عليه وحده أو بجماعة لا منعة لهم فإن لم يقدر عليه في دار الحرب إلا بجماعة لهم منعة فغنيمة: عليه أو على بعضه علامة كفر فقط فإن كان عليه أو على بعضه علامة المسلمين أو لم تكن عليه علامة كالأواني والحلي والسبائك فهو لقطة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي فهو لواجه في جميع هذه الصور.

باب زكاة الذهب والفضة وحكم التحلي
تجب زكاتها ويعتبر النصاب فنصاب الذهب عشرون مثقالا زنة المثقال دهم وثلاثة أسباع درهم ولم تتغير في جاهلية ولا في إسلام وهو ثنتان وسبعون حبة شعير متوسطة وقيل: ثنتان وثمانون حبة

 

ج / 1 ص -270-  وثلاثة أعشار حبة من الشعير المطلق ولا تنافي بينهما وزنة العشرين مثقالا بالدراهم ثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم وبدينار الوقت الآن الذي زنته درهم وثمن درهم خمسة وعشرون دينار وسبعا دينار وتسعه ونصاب الفضة مائتا درهم وبالمثاقيل مائة وأربعون مثقالا وفيهما ربع العشر مضروبين أو غير مضروبين والاعتبار بالدرهم الإسلامي الذي زنته ستة دوانق والعشرة دراهم سبعة مثاقيل فالدرهم نصف مثقال وخمسه وكان الدراهم في صدر الإسلام صنفين: سوداء وهي البغلية نسبة إلى ملك يقال له رأس البغل: الدرهم منها ثمانية دوانق والطبرية نسبة إلى طبرية الشام: الدرهم منها أربعة دوانق فجمعتهما بنو أمية وجعلوهما درهمين متساويين: كل درهم ستة دوانق فيرد ذلك كله إلى المثقال والدرهم الإسلامي ولا زكاة في مغشوشهما حتى يبلغ قدر ما فيه من الخالص نصابا فإن شك هل فيه نصاب خالص خير: بين سبكه وإخراج قدر زكاة نقده إن بلغ نصابا وبين استظهاره وإخراج زكاته بيقين وإن وجبت الزكاة وشك في زيادة استظهر فألف ذهب وفضة مختلطة: ستمائة من أحدهما واشتبه عليه من أيهما وتعذر التمييز ـ زكى ستمائة ذهبا وأربعمائة فضة وإن أراد أن يزكي المغشوشة منها وعلم قدر الغش في كل دينار جاز وإلا لم يجزئه إلا أن يستظهر فيخرج قدر الزكاة بيقين وإن أخرج مالا غش فيه فهو أفضل ويعرف قدر غشه حقيقة بأن يدع ماء في إناء ثم يعد فيه ذهبا خالص زنة المغشوش ويعلم علو الماء ثم يرفعه ويدع بدله فضة خالصة زنة المغشوش ويعلم علو الماء وهو أعلى من الأول لأن الفضة

 

ج / 1 ص -271-  أضخم من الذهب ثم يرفعها ويدع المغشوش ويعلم علو الماء ثم يمسح ما بين العلامة الوسطى والعليا وما بين الوسطى والسفلى فإن كان الممسوحان سواء فنصف المغشوش ذهب ونصفه فضة وإن زاد أو نقص فبحسابه فعلى هذا لو كان ما بين العليا إلى الوسطى ثلثي ما بين العلامتين وما بين السفلى إلى الوسطى ثلثه كانت الفضة ثلثين والذهب ثلث وبالعكس الذهب الثلثان والأولى أن يكون الإناء ضيقا ويتعين أن يكون علاه وأسفله في السعة والضيق سواء: كقصبة ونحوها ولا زكاة في غشها إلا أن يكون فضة: فيضم إلى ما معه من النقد فضة كان أو ذهبا ويكره ضرب نقد مغشوش واتخاذه نص عليه ويجوز المعاملة به مع الكراهة إذا أعلمه بذلك وإن جهل قدر الغش قال الشيخ الكيمياء غش وهي تشبيه المصنوع من ذهب أو فضة بالمخلوق باطلة في العقل محرمة بلا نزاع بين علماء المسلمين ولو ثبتت على الروابص ويقترن بها كثيرا السيمياء التي هي من السحر ومن طلب زيادة المال بما حرمه الله عوقب بنقيضه كالمرابي وهي أشد تحريما منه ولو كنت حقا مباحا لوجب فيها خمس أو زكاة ولم يوجب عالم فيها شيئا والقول بأن قرون عملها باطل ولم يذكرها أو يعملها إلا فيلسوف أو إتحادي أو ملك ظالم وقال: ينبغي للسلطان أن يضرب لهم فلوسا تكون بقيمة العدل في معاملاتهم من غير ظلم لهم ولا يتجر ذو السلطان في الفلوس بأن يشتري نحاسا فيضربه فيتجر فيه ولا بأن يحرم عليهم الفلوس التي بأيديهم ويضرب لهم غيرها بل يضرب بقيمته من غير

 

ج / 1 ص -272-  ربح فيه للمصلحة العامة ويعطي أجرة الصناع من بيت المال فإن التجارة فيها ظلم عظيم من أبواب ظلم الناس وأكل أموالهم بالباطل فإنه إذا حرم المعاملة بها صارت عرضا وإذا ضرب لهم فلوسا أخرى أفسد ما كان عندهم من الأموال بنقص أسعارها فظلمهم فيما يضربه بإغلاء سعرها وفي السنن عنه صلى لله عليه وسلم:  أنه نهى عن كسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس  فإذا كانت مستوية الأسعار بسعر النحاس ولم يشتر ولي الأمر النحاس والفلوس الكاسدة ليضربها فلوسا ويتجر في ذلك حصل المقصود من الثمينة وكذلك الدراهم انتهى ولا يضرب لغير السلطان لأن الناس إن رخص لهم ركبوا العظائم ويخرج عن جيد صحيح ورديء من جنسه ومن كل نوع بحصته وإن أخرج بقدر الواجب من الأعلى كان أفضل وإن أخرج عن الأعلى مكسرا أو بهرجا ـ وهو الرديء ـ زاد قدر ما بينهما من الفضل وأجزأ وإن أخرج من الأعلى بقدر القيمة دون الوزن لم يجزئه ويجزئ قليل القيمة عن كثيرها مع الوزن ويجزئ مغشوش عن جيد ومكسر عن صحيح وسود عن بيض مع الفضل بينهما ولا يلزم قبول رديء عن جيد في عقد وغيره ويثبت الفسخ ويضم أحد نقدين إلى الآخر في تكميل النصاب ويخرج عنه ويكون الضم بالإجزاء لا بالقيمة فعشرة مثاقيل ذهبا نصف نصاب ومائة درهم نصف فإذا ضما كمل النصاب وإن بلغ أحدهما نصابا ضم إليه

 

ج / 1 ص -273-  ما نقص عن الآخر ولا يجزئ إخراج الفلوس عنهما وتضم قيمة العروض إلى كل منهما وإليهما ويضم جيد كل جنس ومضروبه إلى رديئة وتبره.

فصل ولا زكاة في حلي مباح
لرجل وامرأة من ذهب وفضة معد لاستعمال مباح أو إعارة ولو لم يعر أو يلبس أو ممن يحرم عليه كرجل يتخذ حلي النساء لإعارتهن ومرآة تتخذ حلي الرجال لإعارتهم لا فارا منها وإن كان الحلي ليتيم لا يلبسه فلوليه إعارته فإن فعل فلا زكاة وإلا ففيه الزكاة نصا فأما الحلي المحرم: كطوق الرجل وسواره وخاتمه الذهب وحلية مراكب الحيوان ولباس الخيل: كاللجم والسروج وقلائد الكلاب وحلية الركاب والمرآة والمشط والمكحلة والميل والسرجة والمروحة والمسربة والمدهنة والمسعط والمجمرة والملعقة والقنديل والآنية وحلية كتب العلم والدواة والمقلمة وما أعد لكراء كحلي المواشط نصا: حل له لبسه أولا أو أعد للتجارة: كحلي الصيارف أو قنية أو إدخار أو نفقة إذا احتاج إليه أو لم يقصد به شيئا ـ ففيه الزكاه ولا زكاه في الجوهر واللؤلؤ وإن كثرت قيمته أو كان في حلي إلا أن يكون لتجاره فيقوم جميعه تبعا لنقد والفلوس كعروض التجار فيها زكاة القيمة قال المجدد: وإن كانت للنفقة فلا والاعتبار في نصاب الكل بوزنه: إلا المباح المعد لتجارة ولو نقدا فالاعتبار بقيمته نصا فيقوم النقد بنقد آخر إن كان أحظ للفقراء أو نقص عن نصاب لأنه عرض وإن انكسر الحلي وأمكن لبسه كانشقاقه ونحوه فهو كالصحيح وإن لم يكن

 

ج / 1 ص -274-  لبسه فإن لم يحتج في إصلاحه إلى سبك وتجديد صنعة ونوى إصلاحه فلا زكاة فيه وإن نوى كسره أو لم ينو شيئا ففيه الزكاة وإن احتاج إلى تجديد صنعة زكاه والاعتبار في الإخراج من الحلي المحرم بوزنه وإن كان للتجارة أو كان مباح الصناعة ووجبت زكاته لعدم استعمال أو لعدم إعارة ونحوه فالاعتبار في الإخراج بقيمته فإن أخرج مشاعا أو مثله وزنا يقابل جودته زيادة الصنعة جاز وإن أراد كسره لم يجز لأن كسره ينقص قيمته ويباح للذكر من الفضة خاتم ولبسه في خنصر يسارا أفضل ويجعل فصه مما يلي كفه ولا بأس بجعله مثقالا فأكثر ما لم يخرج عن العادة وجعل فصه منه أو من غيره ولو من ذهب إن كان يسيرا ويكره لبسه في سبابة ووسطى وظاهره لا يكره في الإبهام والبنصر ويكره أن يكتب عليه ذكر الله من القرآن أو غيره ويحرم أن ينقش عليه صورة حيوان ويحرم لبسه وهي عليه ويباح التختم بالعقيق ويكره لرجل وامرأة خاتم حديد وصفر ونحاس ورصاص وكذا دملج ويباح له من الفضة قبيعة سيف وحلية منطقة وجوشن وبيضة ـ وهي الخوذة ـ وخف ران ـ وهو شيء يلبس تحت الخف ـ وحمائل ونحو ذلك: كالمغفر والنعل ورأس الرمح وشعيرة السكين والتركاش والكلاليب بسير ونحو ذلك ولو اتخذ لنفسه عدة خواتيم أو مناطق فالأظهر جوازه وعدم زكاته وجواز لبس خاتمين فأكثر جميعا وتحرم حلية مسجد ومحراب بنقد ولوقف على مسجد ونحوه قنديل من ذهب أو فضة لم يصح ويحرم وقال الموفق: هو بمنزلة الصدقة فيكسر ويصرف

 

ج / 1 ص -275-  في مصلحة المسجد وعمارته ويحرم تمويه سقف وحائط بذهب أو فضة وتجب إزالته وزكاته وإن استهلك فلم يجتمع منه شيء فله استدامته ولا زكاة فيه لعدم المالية ولا يباح من الفضة إلا ما استثناه الأصحاب على ما تقدم: فلا يجوز لذكر وخنثى لبس منسوج بذهب أو فضة أو مموه بأحدهما وتقدم في ستر العورة ويباح له من الذهب قبيعة السيف وذكر ابن عقيل: إن قبيعة سيف النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية مثاقيل وما دعت إليه ضرورة: كأنف وربط سن أو أسنان به ويباح للنساء من الذهب والفضة ما جرت عادتهن بلبسه: كطوق وخلخال وسوار ودملج وقرط وعقد ـ وهو القلادة ـ وتاج وخاتم وما في المخانق والمقالد من حرائز وتعاويذ وأكر وما أشبه ذلك: قل أو كثر ولو زاد على ألف مثقال حتى دراهم ودنانير معراة أو في مرسلة ويباح للرجل والمرأة التحلي بالجوهر ونحوه ولو في حلي ولا زكاة فيه إلا أن يعدى فيه للكراء أو للتجارة كما تقدم ويحرم تشبه رجل بامرأة وامرأة برجل: في لباس وغيره ويجب انكاؤه وتقدم.

باب زكاة عروض التجارة
وهي: ما يعد لبيع وشراء لأجل ربح غير النقدين غالبا
تجب الزكاة في عروض التجارة إذا بلغت قيمتها نصاب يؤخذ منها لأنها محل الوجوب لا من العروض ولا تصير للتجارة إلا أن يملكها بفعله بنية التجارة حال التملك بأن يقصد التكسب بها: إما بمعاوضة محضة: كالبيع

 

ج / 1 ص -276-  والإجارة والصلح عن المال بمال والأخذ بالشفعة والهبة المقتضية للثواب أو استرد ما باعه أو غير محضة: كالنكاح والخلع والصلح عن دم العمد أو بغير معاوضة: كالهبة المطلقة والغنيمة والوصية والإحتشاش والإحتطاب والإصطياد فإن ملكها بإرث أو ملكها بفعله بغير نية ثم نوى التجارة بها لم تصر للتجارة إلا أن يكون اشتراها بعرض تجارة فلا يحتاج إلى نية وإن كان عنده عرض للتجارة فنواه للقنية ثم نواه للتجارة لم يصر للتجارة: إلا حلي اللبس إذا نوى التجارة فيصير لها بمجرد النية لأن التجارة أصل فيه وتقوم العروض عند الحول بالأحظ لأهل الزكاة وجوبا: من عين أو ورق وسواء كان من نقد البلد وهو الأولى أولا وسواء بلغت قيمتها بكل منهما نصابا أو بأحدهما ولا يعتبر ما اشتريت به ولا عبرة نقصه بعد تقويمه ولا بزيادته: إلا المغنية فتقوم ساذجة ولا عبرة بقيمة آنية ذهب أو فضة ويقوم الخصي بصفته وإن اشترى عرضا بنصاب من الأثمان أو من العروض بنى على حوله وإن اشتراه بنصاب من السائمة أو باعه بنصاب منها لم يبن على حوله وإن اشترى نصاب سائمة لتجارة بنصاب سائمة لقنية ـ بنى وإن ملك نصاب سائمة لتجارة فحال الحول ـ والسوم ونية التجارة موجودان ـ فعليه زكاة تجارة دون سوم ولو سبق حول سوم وقت وجوب زكاة التجارة مثل أن ملك أربعين شاة قيمتها دون مائتي درهم ثم صارت قيمتها في نصف الحول مائتي درهم ـ زكاها زكاة تجارة إذا تم حولها لأنه انفع للفقراء فإن لم تبلغ قيمتها نصاب التجارة فعليه زكاة السوم ولو ملك سائمة للتجارة نصف حول ثم قطع نية التجارة استأنف

 

ج / 1 ص -277-  حولا وإن اشترى أرضا لتجارة بزرعها أو زرعها ببذر تجارة أو اشترى شجر لتجارة تجب في ثمره الزكاة فأثمر واتفق حولاهما: بأن يكون بدو الصلاح في الثمرة واشتداد الحب عند تمام الحول وكانت قيمة الأصل تبلغ نصاب التجارة زكى الجميع زكاة قيمة ولو سبق وجوب العشر ولا عشر عليه ما لم تكن قيمتها دون نصاب كما تقدم فإن كانت دون نصاب فعليه العشر ولو زرع بذر القنية في أرض التجارة فواجب الزرع العشر وواجب الأرض زكاة القيمة وإن زرع بذر التجارة في أرض القنية زكى الزرع زكاة قيمة ولو كان الثمر مما لا زكاة فيه كالسفرجل والتفاح ونحوهما أو كان الزرع لا زكاة فيه كالخضراوات أو كان لعقار التجارة وعبيدها أجرة ـ ضم قيمة الثمرة والخضراوات والأجرة إلى قيمة الأصل في الحول كالربح ولو أكثر من شراء عقار فارا من الزكاة زكى قيمته ولا زكاة فيما أعد للكراء من عقار وحيوان وغيرهما ولو اشترى شقصا للتجارة بألف فصار عند الحول بألفين زكاهما وأخذه الشفيع بألف ولو اشتراه بألفين فصار عند الحول بألف زكى ألف وأخذه الشفيع بألفين ولو اشترى صباغ ما يصبغ به ويبقى كزعفران ونيل وعصفر ونحوه فهو عرض تجارة يقوم عند حوله لاعتياضه عن صبغ قائم بالثوب: ففيه معنى التجارة ومثله ما يشتريه دباغ ليدبغ به كعفص وقرظ وما يدهن: به كسمن وملح ولا زكاة فيما لا يبقى له أثر كما يشتريه قصار: من حطب وقلى ونورة وصابون وأشنان ونحوه ولا زكاه في آلات الصناع وأمتعة التجارة وقوارير العطار والسمان ونحوهم

 

ج / 1 ص -278-  إلا أن يريد بيعها بما فيها وكذا آلات الدواب إن كانت لحفظها وإن كان يبيعها معها فهي مال تجارة ولو لم يكن ملكه عين مال بل منفعة عين وجبت الزكاة ولو قتل عبد تجارة خطأ أو عمدا فصالح سيده على مال صار للتجارة ولو أتخذ عصيرا للتجارة فتخمر ثم تخلل عاد حكم التجارة ولو اشترى عرض تجارة بعض قنية فرد عليه بعيب انقطع الحول وإذا أذن كل واحد من الشريكين لصاحبه في إخراج زكاته فأخرجاهما معا أو جهل السبق ضمن كل واحد منهما نصيب صاحبه لأنه انعزل حكما ولأنه لم يبق عليه زكاة وإن أخرج أحدهما قبل الآخر ضمن الثاني نصيب الأول: علم أو لم يعلم لا إن أدى دينا بعد أداء موكله ولم يعلم ويرجع الموكل على القابض بما قبض من الوكيل ولو أذن غير شريكين كل واحد منهما للآخر في إخراج زكاته فكالشريكين فيما سبق ولا يجب إخراج زكاته أولا بل يستحب ويقبل قول الموكل إنه أخرج زكاته قبل دفع وكيله إلى الساعي وقول من دفع زكاة ماله إليه ثم ادعى أنه كان أخرجها وتؤخذ من الساعي إن كانت بيده فإن تلفت أو كان دفعتا إلى الفقير أو كانا دفعها إليه فلا ومن لزمه نذر وزكاة قدم الزكاة فإن قدم النذر لم يصر زكاة وله الصدقة تطوعا قبل إخراج زكاته.

باب زكاة الفطر
وهي صدقة تجب بالفطر من رمضان طهر للصائم من اللغو

 

ج / 1 ص -279-  والرفث وصرفها كزكاة وهي واجبة وتسمى فرضا على كل مسلم حر ولو من أهل البادية ومكاتب ذكر وأنثى كبير وصغير ولو يتيما ويخرج عنه من مال وليه ويسد مسلم عن عبده المسلم وإن كان للتجارة لا الكافر وتجب في مال صغير تلزمه مؤنة نفسه وفي العبد المرهون والموصي به على مالكه وقت الوجوب وكذا المبيع في مدة الخيار فإن لم يكن للراهن شيء غير العبد بيع منه بقدر الفطرة إذا فضل عنده عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته صاع ويعتبر كون ذلك فاضلا بعدما يحتاجه لنفسه ولمن تلزمه مؤنته من مسكن وخادم ودابة ثياب بذلة ودار يحتاج إلى أجرها لنفقته وسائمة يحتاج إلى نمائها وبضاعة يحتاج إلى ربحها وكذا كتب يحتاجها للنظر والحفظ وحلي المرأة: للبسها أو لكراء يحتاج إليه وتلزم المكاتب فطرة زوجته وقريبه ممن تلزمه مؤنته ورقيقه وإن لم يفضل إلا بعض صاع لزمه إخراجه عن نفسه فإن فضل صاع وبعض صاع أخرجه الصاع عن نفسه وبعض الصاع عمن تلزمه نفقته ويكمله المخرج عنه ويلزم المسلم فطرة من يمونه من المسلمين حتى زوجة عبده الحرة ومالك نفع قن فقط وخادم زوجته إن لزمته نفقته ولا تلزم الزوج لبائن حامل لأن النفقة للحمل لا لها ولا من استأجر أجيرا أو ظئرا بطعامه وكسوته كضيف ولا من وجبت نفقته في بيت المال: كعبد الغنيمة قبل القسمة والفيء ونحو ذلك ولا من تلزمه نفقة زوجته الأمة ليلا فقط بل هي على سيدها وترتيبها كالنفقة فإن لم يجد ما يؤدي عن جميعهم بدأ لزوما بنفسه ثم

 

ج / 1 ص -280-   بامرأته ولو أمة ثم برقيقه ثم بأمه ثم بأبيه ثم بولده ثم على ترتيب الميراث: الأقرب فالأقرب وإن استوى اثنان فأكثر ولم يفضل غير صاع ـ أقرع ولا تجب عن جنين بل تستحب ومن تبرع بمؤنة مسلم شهر رمضان كله لزمته فطرته: لا إن مأنه جماعة وإذا كان رقيق واحد بين شركاء أو بعضه حر أو قريب أو تلزم نفقته اثنين أو ألحقت القافلة واحدا باثنين فأكثر ـ فعليه صاع واحد ولا تدخل الفطرة في المهايأة فيمن بعضه حر فإن كان يوم العيد نوبة العبد المعتق نصفه مثلا ـ اعتبران يفضل عن قوته نصف صاع وإن كانت نوبة السيد ولزم العبد أيضا نصف صاع ومن عجز منهم عما عليه لم يلزم الآخر سوى قسطه: كشريك ذمي وإن عجز زوج المرأة عن فطرتها فعليها إن كانت حرة وعلى سيدها إن كانت أمة ولا ترجع الحرة والسيد بها على الزوج إذا أيسر ومن له عبد آبق أو ضال أو مغصوب أو محبوس كأسير فعليه فطرته إلا أن يشك في حياته فتسقط فإن علم حياته بعد ذلك أخرج لما مضى ولا يلزم الزوج فطرة ناشز وقت الوجوب ولو حاملا ولا من لا تلزمه نفقتها كغير المدخول بها إذا لم تسلم إليه والصغيرة التي لا يمكن الاستمتاع بها وتلزمه فطرة مريضة ونحوها لا تحتاج إلى نفقة ومن لزم غيره فطرته فأخرج عن نفسه بغير إذنه أجزأ كما لو أخرج بإذنه لأن الغير متحمل لا أصيل ولو لم يخرج من تلزمه فطرة غيره مع قدرته لم يلزم الغير شيء وله مطالبته بالإخراج ولو أخرج العبد بغير إذن سيده لم يجزئه وإن أخرج عمن لا تلزمه فطرته بإذنه أجزأ وإلا فلا

ج / 1 ص -281-  ولا يمنع الدين وجوب الفطرة إلا أن يكون مطالبا به.
وتجب بغروس شمس ليلة الفطر فمن أسلم بعد ذلك أو تزوج أو ولد له ولد أو ملك عبدا أ و كان معسرا وقت الوجوب ثم أيسر بعده ـ فلا فطرة وإن وجد ذلك قبل الغروب وجبت وإن مات قبل الغروب أو أعسر أو أبان الزوجة أو اعتق العبد ونحوه لم تجب ولا تسقط بعد وجوبها بموت ولا غيره ويجوز تقديمها قبل العيد بيوم أو يومين فقط وآخر وقتها غروب الشمس يوم الفطر فإن أخرها عنه أثم وعليه القضاء والأفضل إخراجها يوم العيد قبل الصلاة أو قدرها ويجوز في سائره مع الكراهة ومن وجبت عليه فطرة غيره أخرجها مكان نفسه ويأتي.

فصل الواجب فيها
صاع عراقي من البر أو مثل مكيله من التمر أو الزبيب ـ ولو منزوعي العجم ـ أو الشعير وكذا الأقط ولو لم يكن قوته ولم تعدم الأربعة أو من مجمع من ذلك ولو لم يكن المخرج قوتا له ولا عبرة بوزن تمر وغيره مما يخرجه: سوى البر1 فإذا بلغ صاعا بالبر أجزأ وإن لم يبلغ الوزن ويحتاط في الثقيل فيزيد على الوزن شيئا يعلم أنه قد بلغ صاعا ليسقط الفرض بيقين ولا يجزئ نصف صاع من بر ويجزئ صاع دقيق وسويق ولو مع وجود الحب والسويق: بر أو شعير يحمص ثم يطحن وصاع الدقيق وزن حبة ويجزئ بلا نخل والإقط: لبن جامد يخفف بالمصف يعمل من اللبن المخيض ولا يجزئ غير هذه الأصناف الخمسة مع قدرته على تحصيلها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد: لا يجزئ  إخراج المقدار وزنا، بل المقيس عليه في ذلك هو مقدار الصاع من البر.

 

ج / 1 ص -282-  ولا القيمة فإن عدم المنصوص عليه إخراج ما يقوم مقامه: من حب وتمر يقتات إذا كان مكيلا: كالذرة والدخن والماش ونحوه ولا يجزئ إخراج حب معيب: كمسوس ومبلول وقديم تغير طعمه ونحوه ولا خبز فإن خالط المخرج مالا يجزئ وكثر لم يجزئه وإن قل زاد بقدر ما يكون المصفى صاعا وأحب أحمد تنقية الطعام وأفضل مخرج تمر ثم زبيب ثم بر ثم أنفع ثم شعير ثم دقيق بر ثم دقيق شعير ثم سويقها ثم إقط ويجوز أن يعطي الجماعة ما يلزم الواحد لكن الأفضل ألا ينقصه عن مدبر أو نصف صاع من غيره وأن يعطي الواحد ما يلزم الجماعة ولفقير إخراج فطرة وزكاة عن نفسه إلى من أخذتا منه ما لم يكن حيلة وكذا الإمام أو نائبه إذا حصلتا عنده فقسمهما ردهما إلى من أخذتا منه وتقدم بعض ذلك وكان عطاء يعطي عن أبويه صدقة الفطر حتى مات وهو تبرع استحسنه أحمد.

باب إخراج الزكاة
وما يتعلق به من حكم النقل والتعجيل ونحوه.
لا يجوز تأخيره عن وقت وجوبها مع إمكانه فيجب إخراجها على الفور كنذر مطلق وكفارة ويأتي إلا أن يخاف ضرر كرجوع ساع أو خوفه على نفسه أو ماله ونحوه أو كان فقيرا محتاجا إلى زكاته تختل كفايته ومعيشته بإخراجها وتؤخذ منه عند يساره أو أخرها ليخرجها لمن حاجته أشد أو لقريب أو جار أو لتعذر

 

ج / 1 ص -283-  إخراجها من النصاب لغيبة ونحوها ولو قدر على الإخراج من غيره وتقدم في كتاب الزكاة أو لغيبة المستحق أو الإمام عند خوف رجوعه وكذا للإمام والساعي التأخير عند ربها لعذر قحط ونحوه فإن جحد وجوبها جهلا ـ ومثله يجهله ـ كقريب عهد بإسلام أو نشئة ببادية بعيدة يخفى عليه ـ عرف ذلك ونهى عن المعاودة فإن أصر أو كان عالما بوجوبها كفر1 وأخذت منه إن كانت وجبت عليه واستتيب ثلاثة أيام وجوبا فإن لم يتب قتل كفرا وجوبا ومن منعها بخلا بها أو تهاونا أخذت منه وعزروه أمام عدل فيها أو عامل زكاة ما لم يكن جاهلا وإن فعله لكون الإمام غير عدل فيها لا يضعها مواضعها لم يعزر وإن غيب ماله أو كتمه وأمكن أخذها أخذت منه من غير زيادة وإن لم يمكن أخذها أستتيب ثلاثة أيام وجوبا فإن تاب أخرج وإلا قتل حدا وأخذت من تركته وإن لم يمكن أخذها إلا بقتال وجب على الإمام قتاله إن وضعها مواضعها ولا يكفر بقتاله له ومن طولب بها فادعى ما يمنع وجوبها من نقصان الحول أو النصاب أو انتقاله في بعض الحول ونحوه: كادعائه أداءها أو تجدد ملكه قريبا أو أن ما بيده لغيره

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إنما حكم بتكفيره لأن جحوده تكذيب لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم فيما ورد من نصوص الكتاب والسنة بإيجابها. ومن ذلك تفهم أن جحوده لما لم يرد فيه قاطع لا يكون كفرا. ومثال الأخير أن يجحد الزكاة في مال الصغير أو يجحد وجوبها في العسل أو أي نوع من الحبوب سوى البر والشعير والتمر والزبيب وأما هذه الأربعة فالنص فيها قطعي. وسيأتي لذلك بقية.

 

ج / 1 ص -284-  أو أنه منفرد أو مختلط ـ قبل قوله بغير يمين إن أقر بقدر زكاته ولم يخبر بقدر ماله أخذت منه بقوله ولم يكلف إحضار ماله والصبي والمجنون يخرج عنهما وليهما في ما لمها: كنفقة أقاربهما وزوجاتهما وأرش جناياتهما ويستحب للإنسان تفرقة زكاته وفطرته بنفسه بشرط أمانته وهو أفضل من دفعها إلى إمام عادل وله دفعها إلى الساعي وإلى الإمام ولو فاسقا يضعها في مواضعها وإلا حرم ويجوز كتمها إذن ويبرأ بدفعها إليه ـ ولو تلفت في يده أو لم يصرفها في مصارفها ويجزئ دفعها إلى الخوارج والبغاة نص عليه في الخوارج إذا غلبوا على بلد وأخذوا منه العشر وقع موقعه وكذلك من أخذها من السلاطين قهرا أم اختيارا: عدل فيها أو جار ويأتي قي قتال أهل البغي وللإمام طلب النذر والكفارة وطلب الزكاة من المال الظاهر والباطن إن وضعها في أهلها ولا يجب الدفع إليه إذا طلبها وليس له أن يقاتل على ذلك: إذا لم يمنع إخراجها بالكلية.

فصل ولا يجزئ إخراجها إلا بنية
مكلف وغير المكلف ينوي عنه وليه فينوي الزكاة أو الصدقة الواجبة أو صدقة المال أو الفطر فلو لم ينو أو نوى صدقة مطلقة ـ لم يجز عما في ذمته حتى ولو تصدق بجميع المال: كصدقته بغير النصاب من جنسه1 والأولي مقارنتها للدفع وتجوز قبله: كصلاة ولا تعتبر نية الفرض ولا تعيين المال المزكى عنه فلو كان له مالان غائب وحاضر فنوى زكاة أحدهما لا بعين أجزأ عن أيهما شاء بدليل أن من له أربعون دينار إذا أخرج نصف دينار عنها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كأن يتصدق عن نصاب البر بشعير، ولو قال: كان يتصدق عن النصاب من غير جنسه لكان اظهر.

 

ج / 1 ص -285-  صح ووقع عن عشرين دينارا منها غير معينة ولو كان له خمس من الإبل وأربعون من الغنم فقال: هذه الشاة عن الإبل أو الغنم ـ أجزأته عن أحدهما ولو نوى زكاة ماله الغائب فإن كان تالفا فعن الحاضر ـ أجزأ عنه إن كان الغائب تالفا ولو نوى أن هذه زكاة مالي إن كان سالما وإلا فهو تطوع مع شك في سلامته فبان سالما ـ أجزأت ولو نوى عن الغائب فبان تالفا لم يكن له صرفه إلى غيره1 فإن قال: هذا زكاة مالي أو نفل أو قال: هذا زكاة إرثي من مورثي إن كن مات ـ لم يجزئه2 وإن أخذها الإمام قهرا لامتناعه كفت نية الإمام دون نية رب المال وأجزأته ظاهرا لا باطنا ومثل ذلك لو دفعها رب المال إلى مستحقها كرها وقهرا وإن أخذها الإمام أو الساعي لغيبة رب المال أو تعذر الوصول إليه بحبس ونحوه أجزأته ظاهرا وباطنا وإن دفعها إلى الإمام طوعا ناويا ولم ينو الإمام حال دفعها إلى الفقراء جاز وإن طال لأنه وكيل الفقراء: لا إن نواها الإمام دونه أو لم ينوياها وتقع نفلا ويطالب بها ولا بأس بالتوكيل في إخراجها ويعتبر كون الوكيل ثقة مسلما فإن دفعها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لم يكن له في هذه الصورة أن يصرف نية الزكاة إلى غير الغائب لأنه حصر النية فيه بخلاف ما تقدم في الصورة التي نوى فيها عن الغائب إن كان سالما وإلا فعن الحاضر حيث لم يقصر النية على أحدهما بخصوصه، والنية كما تعلم شرط في وقوع الزكاة موقعها.
2 لم تجزئه الزكاة مع ذكر النفل لعدم تمحيض النية، وفي تعليقها على موت المورث لأنه لم يبن على أصل الوجوب وهو العلم بالملك فكأنه ينوي ما لايراه فرضا.

 

ج / 1 ص -286-  إلى وكيله أجزأت النية من موكل مع قرب زمن الإخراج ومع بعده لا بد من نية الموكل حال الدفع إلى الوكيل ونية الوكيل عند الدفع إلى المستحق ولا تجزئ نية الوكيل وحده وإن أخرج زكاة شخص أو كفارته من ماله بإذنه صح وله الرجوع عليه إن نواه وإن كان بغير إذنه لم يصح كما لو أخرجها من مال المخرج عنه بلا إذنه ولو وكله في إخراج زكاته ودفع إليه مالا وقال: تصدق به ولم ينو الزكاة فأخرجها الوكيل من المال الذي دفعه إليه ونواها زكاة ـ أجزأت ولو قال ـ تصدق به نفلا أو عن كفارتي ثم نوى الزكاة قبل أن يتصدق أجزأ عنها لأن دفع وكيله كدفعه ويصح توكيل المميز في دفع الزكاة ومن أخرج زكاته من مال غصب لم يجزئه ولو أجازها ربه: ويستحب أن يقول المخرج عند دفعها: اللهم اجعلها مغنما ولا تجعلها مغرما ويحمد الله على توفيقه لأدائها وأن يقول الآخذ ـ سواء كان الفقير أو العامل أو غيرهما وفي حق العامل آكد آجرك الله فيما أعطيت وبارك لك فيما أبقيت وجعله لك طهورا وإظهار أخراجها مستحب سواء كان بموضع يخرج أهله الزكاة أم لا وإن علم أن الآخذ أهل لأخذها كره إعلامه بأنها زكاة قال أحمد: لم يبكته؟ يعطيه ويسكت وإن علمه أهلا ـ والمراد ظنه ويعلم من عادته أنه لا يأخذها فأعطاه ولم يعمله لم يجزئه وله نقل زكاة إلى دون مسافة قصر وفي فقراء بلده أفضل ولا يدفع الزكاة إلا لمن يظنه أهلا فلو لم يظنه من أهلها فدفع إليه ثم بان من أهلها لم يجزئه ولا

 

ج / 1 ص -287-  يجوز نقلها عن بلدها إلى ما تقصر فيه الصلاة ولو لرحم وشدة حاجة أو لاستيعاب الأصناف فإن خالف وفعل أجزأه وإن كان ببادية أو خلا ببلدة عن مستحق لها ـ فرقها أو ما بقي منها بعدهم في أقرب البلاد إليه والمسافر بالمال يفرقها في موضع أكثر إقامة المال فيه وله نقل كفارة ونذر ووصية مطلقة ولو إلى مسافة قصر: لا مقيدة لفقراء مكان معين وإن كان في بلد وماله في آخر أو أكثر ـ أخرج زكاة كل مال في بلده أي بلد المال: متفرقا كان أو مجتمعا إلا في نصاب سائمة في بلدين فيجوز الإخراج في أحد البلدين لئلا يفضي إلى تشقيص زكاة الحيوان ويخرج فطرة نفسه وفطرة من يمونه ـ في بلد نفسه وإن كانوا في غيره وتقدم وحيث جاز النقل فأجرته على رب المال كأجرة كيل ووزن وإذا حصل عند الإمام ماشية استحب له وسم الإبل والبقر في أفخاذها والغنم في آذانها فإن كانت زكاة ـ كتب: لله أو زكاة وإن كانت جزية كتب: صغار أو جزية لتتميز.

فصل ويجوز تعجيل الزكاة
وتركه أفضل لحولين فأقل فقط بعد كمال النصاب لا قبله ولا قبل السوم فلو ملك بعض نصاب فعجل زكاته أو زكاة نصاب ـ لم يجزئه ولو ظن ماله ألفا فجعل زكاته فبان خمسمائة أجزأه عن عامين وإن أخذ الساعي فوق حقه حسبه من حول ثان قال أحمد: يحسب ما أهداه للعامل من الزكاة أيضا وليس لولي رب المال أن يعجل زكاته وإن عجل عن النصاب وما ينمي في حوله أجزأ عن النصاب دون النماء ويجوز تعجيل زكاة الثمر بعد ظهوره

 

ج / 1 ص -288-  وبعد طلوع الطلع قبل تشققه والزرع بعد نباته أو ظهوره كالنصاب وإدراكه كحولان الحول1 فإن عجل قبل طلوع الطلع والحصرم ونبات الزرع ـ لم يجزئه وإن عجل زكاة النصاب فتم الحول وهو ناقص قدر ما عجله ـ أجزأ إذا المعجل في حكم الموجود وإن عجل عن أربعين شاة شاتين من غيرها أو شاة منها وأخرى من غيرها ـ أجزأ عن الحولين وشاتين منها لا يجزئ عنهما وينقطع الحول وكذا لو عجل شاة عن الحول الثاني وحده لأن ما عجله منه للحول الثاني زال ملكه عنه فينقص به وإن ملك شاة استأنف الحول من الكمال وإن عجل زكاة المائتين فنتجت عند الحول سخلة لزمته ثالثة وإن عجل عن مائة وعشرين واحدة ثم نتجت قبل الحول أخرى لزمه إخراج ثانية ولو عجل عن خمس عشرة من الإبل وعن نتاجها بنت مخاض فنتجت مثلها لم تجزئه ويلزمه بنت مخاض ولو عجل مسنة عن ثلاثين من البقر ونتاجها فنتجت عشرا أجزأت عن ثلاثين فقط ويخرج لعشر ربع مسنة وإن عجل عن أربعين شاة شاة ثم أبدلها بمثلها أو نتجت أربعين سخلة ثم ماتت إلا ماتت الأمات ـ أجزأ المعجل عن البدل والسخال ولو عجل شاة عن مائة شاة أو تبيعا عن ثلاثين بقرة ثم نتجت إلا مات مثلها ثم ماتت ـ أجزأ المعجل عن النتاج ولو نتج نصف الشياه مثلها ثم ماتت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد أن يقول تعجيل زكاة الزرع صحيح كتعجيل زكاة السائمة ويكون أدراك الزرع فيما بعد: أشبه بحولان الحول على السائمة، والمدار في ذلك على وجوب السبب الذي هو نبات الزرع وعلى كمال نضوجه واستقرارها فيه وإلا فهي نفل.

 

ج / 1 ص -289-  أمات الأولاد أجزأ المعجل عنها ولو نتج نصف البقر مثلها أجزأ المعجل ولو عجل عن أحد نصابيه وتلف ـ لم يصرفه إلى الآخر: كما لو عجل شاة عن خمس من الإبل فتلفت وله أربعون شاة لم يجزئه عنها ولو كان له ألف درهم فعجل خمسين وقال: إن ربحت ألفا قبل الحول فهي عنها وإلا كانت للحول الثاني ـ جاز وإن عجلها فدفعها إلى مستحقها فمات قابضها أو ارتد أو استغنى منها أو من غيرها ـ أجزأت عنه وإن دفعها إلى غنى أو كافر يعلم غناه أو كفره فافتقر عند الوجوب أو أسلم ـ لم يجزئه وإن عجلها ثم هلك المالك أو ارتد قبل الحول لم يرجع على المسكين: سواء كان الدافع رب المال أو الساعي: أعلمه أنها زكاة معجلة أولا فإن كانت بيد الساعي وقت التلف رجع ولا يصح زكاة معدن بحال ولا ما يجب في ركاز وللإمام ونائبه استسلاف زكاة برضا رب المال لا إجباره على ذلك فإن استسلفها فتلفت بيده لم يضمنها وكانت من ضمان الفقراء: سواء سأله ذلك الفقراء أو رب المال أو لم يسأله أحد لأن له قبضها كولي اليتيم وإن تلفت في يد الوكيل قبل أدائها فمن ضمان رب المال ويشترط لملك الفقير لها وأجزائها عن ربها قبضه لها فلا يجزئ غداء الفقراء ولا عشاؤهم ولا يقضي منها دين ميت غرم لمصلحة نفسه أو غيره لعدم أهليته لقبولها كما لو كفنه منها ولا يكفي إبراء المدين من دينه بنية الزكاة: سواء كان المخرج عنه دينا أو عينا ولا تكفي الحوالة بها وإن أخرج زكاته فتلفت قبل أن يقبضها الفقير لزمه بدلها ولا يصح تصرف الفقير قبل

 

ج / 1 ص -290-  قبضها ولو قال الفقير لرب المال: إشتر لي بها ثوبا ولم يقبضها منه لم يجزئه ولو اشتراه كان للمالك وإن تلف كان من ضمانه: ولا يجزئ إخراج قيمة زكاة المال والفطرة طائعا أو مكرها ولو للحاجة: من تعذر الفرض ونحوه أو لمصلحة ويجب على الإمام أن يبعث السعاة قرب الوجوب لقبض زكاة المال الظاهر ويجعل حول الماشية المحرم وإن أخر الساعي قسمة زكاة عنده بلا عذر: كاجتماع الفقراء أو الزكاة ـ لم ويضمن ما تلف لتفريطه: كوكيل في إخراجها يؤخره وإن وجد الساعي مالا لم يحل حوله ولم يعجلها ربه وكل ثقة في قبضها عند وجوبها وصرفها في مصرفها ولا بأس بجعله إلى رب المال إن كان ثقة فإن لم يجد ثقة أخرجها ربتا إن لم يخف ضررا وإلا أخرها إلى العام الثاني وإذا قبض الساعي الزكاة فرقها في مكانه وما قاربه فإن فضل شيء حمله وإلا فلا وله بيع الزكاة من ماشية وغيرها لحاجة: كخوف تلف ومؤنة ومصلحة وصرفه في الأحظ للفقراء أو حاجتهم حتى في أجرة مسكن وإن باع لغير حاجة ومصلحة لم يصح لعدم الإذن وضمن قيمة ما تعذر قال أحمد: إذا أخذ الساعي زكاته كتب له به براءة لأنه ربما جاء ساع آخر فيطالبه فيخرج تلك البراءة فتكون حجة له.

باب ذكر أهل الزكاة وما يتعلق بذلك
من بيان شروطهم وقدر ما يعطاه كل واحد وصدقة التطوع

 

ج / 1 ص -291-  وهم ثمانية أصناف لا يجوز صرفها إلى غيرهم وسئل الشيخ عمن ليس معه ما يشتري به كتبا يشتغل فيها فقال: يجوز أخذه ما يحتاج إليه من كتب العلم التي لا بد لمصلحة دينه ودنياه منها.
أحدهم الفقراء: وهم أسوأ حالا من المساكين والفقير: من لا يجد شيئا البتة أو يجد شيئا يسيرا من الكفاية دون نصفها من كسب أو غيره مما لا يقع موقعا من كفايته ـ الثاني المساكين والمسكين: من يجد معظم الكفاية أو نصفها ومن ملك نقدا ولو خمسين درهما فأكثر أو قيمتها من الذهب أو غيره ولو كثرت قيمته لا يقوم بكفايته ليس بغنى فيأخذ تمام كفايته سنة فلو كان في ملكه عروض للتجارة قيمتها ألف دينار أو أكثر لا يرد عليه ربحها قدر كفايته أو له مواش تبلغ نصابا أو زرع يبلغ خمسة أوسق لا يقوم بجميع كفايته ـ جاز له أخذ الزكاة قال أحمد: إذا كان له ضيعة أو عقار يستغلها عشرة آلاف أو أكثر لا تكفيه ـ يأخذ من الزكاة وقيل له ـ يكون له الزرع القائم وليس عنده ما يحصده أيأخذ من الزكاة؟ قال: نعم قال الشيخ: وفي معناه ما يحتاج إليه لإقامة مؤنته وإن لم ينفقه بعينه في المؤنة وكذا من له كتب يحتاجه للحفظ والمطالعة أو لها حلي للبس أو كراء تحتاج إليه وإن تفرغ قادر على التكسب للعلم وتعذر الجمع أعطي: لا إن تفرغ للعبادة وإطعام الجائع ونحوه واجب مع أنه ليس في المال حق سوى الزكاة ومن أبيح له أخذ شيء أبيح له سؤاله ويحرم السؤال وله ما يغنيه ولا بأس بمسألة شرب الماء والاستعارة, والاستقراض ولا بسؤال

 

ج / 1 ص -292-  الشيء اليسير: كشسع النعل وإن أعطى مالا من غير مسألة ولا استشراف نفس مما يجوز له أخذه وجب أخذه وإن استشرفت نفسه: بأن قال: سيبعث لي فلان أو لعله يبعث لي فلا بأس بالرد1 وإن سأل غيره لمحتاج غيره في صدقة أو حج أو غزو أو حاجة فلا بأس والتعريض أعجب إلى أحمد ولو سأله من ظاهره الفقر أن يعطيه شيئا قبل قول الدافع في كونه قرضا: كسؤال مقدرا: كعشرة دراهم وإن قال أعطني شيئا إني فقير ـ قبل قوله في كونه صدقة وإن أعطى مالا ليفرقه جاز أخذه وعدمه والأولى العمل بما فيه المصلحة ـ الثالث العاملون عليها: كجاب وكاتب وقاسم وحاشر المواشي وعدادها وكيال ووزان وساع وراع وحمال وجمال وحاسب وحافظ ومن يحتاج إليه فيها: غير قاض ووال ويأتي وأجرة كيلها ووزنها في أخذها ومؤنة دفعها على المالك: ـ ويشترط كونه مسلما أمينا مكلفا كافيا من غير ذوي القربى: ـ ويشترط علمه بأحكام الزكاة إن كان من عمال التفويض وإن كان منفذا وقد عين له الإمام ما يأخذه جاز ألا يكون عالما قاله القاضي: ولا يشترط حريته ولا فقره واشتراط ذكوريته أولى وما يأخذه العامل أجرته ويجوز أن يكون الراعي والجمال ونحوهما كافرا أو عبدا وغيرهما ممن منع الزكاة لأن ما يأخذه أجرة لعمله لا لعمالته وإن وكل غيره في تفرقة زكاته لم يدفع إليه من سهم العامل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد: فلا بأس أن يرفض ذلك المستشرق قبول ما يعطى له وكذلك لا مانع من قبوله ولو كان ممنوعا من سؤاله.

 

ج / 1 ص -293-  ويأتي وإن تلف المال بيده بلا تفريط لم يضمن وأعطى أجرته من بيت المال وإن لم تتلف فمنها وإن كان أكثر من ثمنها وإن رأى الإمام إعطاءه أجرته من بيت المال أو يجعل له رزقا فيه ولا يعطيه منها شيئا فعل ويخير الإمام في العامل: إن شاء أرسله من غير عقد ولا تسمية شيء وإن شاء عقد له إجارة ثم إن شاء جعل له أخذ الزكاة وتفريقها أو أخذها فقط وإن أذن له في تفريقها أو أطلق فله ذلك وإلا فلا وإذا تأخر العامل بعد وجوب الزكاة تشاغلا بأخذها من ناحية أخرى أو عذر غيره انتظره أرباب الأموال ولم يخرجوا وإلا أخرجوا بأنفسهم باجتهاد أو تقليد ثم إذا حضر العامل وقد أخرجوا وكان اجتهاده مؤديا إلى إيجاب ما أسقط رب المال أو الزيادة على ما أخرجه رب المال نظر: فإن كان وقت مجيئه باقيا فاجتهاد العامل أمضى وإن كان فائتا فاجتهاد رب المال أنفذ وإن أسقط العامل أو أخذ دون ما يعتقده المالك لزمه الإخراج فيما بينه وبين الله تعالى وإن ادعى المالك دفعها إلى العامل وأنكر ـ صدق المالك في الدفع وحلف العامل وبرئ وإن ادعى العامل دفعها إلى الفقير فأنكر ـ صدق العامل في الدفع والفقير في عدمه ويقبل إقراره بقبضها ولو عزل وإن عمل إمام أو نائبه على زكاة لم يكن له أخذ شيء منها لأنه يأخذ رزقه من بيت المال ويقدم العامل بأجرته على غيره من أهل الزكاة وإن أعطى فله الأخذ وإن تطوع بعمله لقصة عمر وتقبل شهادة أرباب الأموال عليه في وضعها غير موضعها لا في أخذها منهم وإن شهد به بعضهم لبعض قبل التناكر والتخاصم قبل

 

ج / 1 ص -294-  وغرم العامل وإلا فلا وإن شهد أهل السهمان له أو عليه لم يقبل ولا يجوز له قبول هدية من أرباب الأموال ولا أخذ رشوة ويأتي عند هدية القاضي وما خان فيه أخذه الإمام لا أرباب الأموال قال الشيخ: ويلزمه رفع حساب ما تولاه إذا طلب منه.
الرابع: المؤلفة قلوبهم وحكمهم باق وهم رؤساء قومهم: من كافر يرجى إسلامه أو كف شره ومسلم يرجى بعطيته قوة إيمانه أو إسلام نظيره أو نصحه في الجهاد أو الدفع عن المسلمين أو كف شر كالخوارج ونحوهم أو قوة على جباية الزكاة ممن لا يعطيها إلا أن يخوف ويهدد كقوم في طرف بلاد الإسلام إذا أعطوا من الزكاة جبوها منه ويقبل قوله في ضعف إسلامه لا أنه مطاع في قومه إلا ببينة ولا يحل للمؤلف المسلم ما يأخذه إن أعطي ليكف شره كالهدية للعامل وإلا حل.
الخامس: الرقاب وهم المكاتبون المسلمون الذين لا يجدون وفاء ما يؤدون ولو مع القوة والكسب ولا يدفع إلى من علق عتقه على مجيء المال وللمكاتب الأخذ قبل حلول نجم ولو تلفت بيده أجزأت ولو يغرمها سواء عتق أم لا ولو دفع إليه ما يقضي به دينه لم يجز له أن يصرفه في غيره ويأتي قريبا ولو عتق تبرعا من سيده أو من غيره فما معه منها له في قول ولو عجز أو مات وبيده وفاء أو اشترى بالزكاة شيئا ثم عجز ولا عوض بيده فهو لسيده ويجوز الدفع إلى سيده بلا إذنه وهو الأولى فإن رق لعجزه أخذت من سيده ويجوز أن يفدى بها أسيرا مسلما في أيدي الكفار قال أبو المعالي: ومثله لو دفع إلى فقير مسلم غرمه سلطان

 

ج / 1 ص -295-  مالا ليدفع جوره ويجوز أن يشتري منها رقبة يعتقها لا من يعتق عليه بالشراء كرحم محرم ولا إعتاق عبده أو مكاتبه عنها ومن أعتق من الزكاة فما رجع من ولائه رد في عتق مثله في رواية1 وما أعتقه الساعي من الزكاة فولاؤه للمسلمين وأما المكاتب فولاؤه لسيده ولا يعطى المكاتب لجهة الفقر لأنه عبد.
السادس: الغارمون وهم المدينون المسلمون وهم ضربان: أحدهما من غرم لإصلاح ذات البين ولو بين أهل ذمة وهو من تحمل بسبب إتلاف نفس أو مال أو يهب دية أو مالا لتسكين فتنة وقعت بين طائفتين ويتوقف صلحهم على من يتحمل ذلك فيدفع إليه ما يؤدي حمالته وإن كان غنيا أو شريفا وإن كان قد أدى ذلك لم يكن له أن يأخذ لأنه قد سقط الغرم ومن تحمل بضمان أو كفالة عن غيره مالا فحكمه حكم من غرم لنفسه فإن كان الأصيل والحميل معسرين جاز الدفع إلى كل منهما وإن كانا موسرين أو أحدهما لم يجز ويجوز الأخذ لقضاء دين الله تعالى ويأتي الثاني: من غرم لإصلاح نفسه في مباح حتى في شراء نفسه من الكفار فيأخذ إن كان عاجزا عن وفاء دينه ويأخذه ومن غرم لإصلاح ذات البين ولو قبل حلول دينهما وإذا دفع إليه ما يقضي به دينه لم يجز صرفه في غيره وإن كان فقيرا وإن دفع إلى الغارم لفقره جاز أن يقضي به دينه فالمذهب أن من أخذ بسبب يستقر الأخذ به ـ وهو الفقر والمسكنة والعمالة والتالف ـ صرفه فيما شاء كسائر ماله وإن لم يستقر صرفه فيما أخذه له خاصة لعدم ثبوت ملكه عليه من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد: ما يرثه المعتق عن العتيق بسبب الولاء يدفعه في عبد آخر يعتقه.

 

ج / 1 ص -296-  كل وجه ولهذا يسترد منه إذا برئ أو لم يغز وإن وكل الغارم من عليه الزكاة قبل قبضها منه بنفسه أو نائبه في دفعها إلى الغريم عن دينه جاز وإن دفع المالك إلى الغريم بلا إذن الفقير صح كما أن للإمام قضاء الدين عن الحي من الزكاة بلا وكالة.
السابع: في سبيل الله وهم الغزاة الذين لا حق لهم في الديوان فيدفع إليهم كفاية غزوهم وعودهم ولو مع غناهم: ومتى ادعى أنه يريد الغزو قبل قوله ويدفع إليه دفعا مراعى فيعطى ثمن السلاح والفرس إن كان فارسا وحمولته ودرعه وسائر ما يحتاج إليه ويتمم لم أخذ من الديوان دون كفايته من الزكاة ولا يجوز لرب المال أن يشتري ما يحتاج إليه الغازى ثم يصرفه إليه لأنه قيمة ولا شراؤه فرسا منها يصير حبيسا ولا دار أو ضيعة للرباط أو يقفها على الغزاة ولا غزوه على فرس أخرجه من زكاته فإن اشترى الإمام بزكاة رجل فرسا فله دفعها إليه يغزو عليها كما له أن يرد عليه زكاته لفقره أو غرمه ولا يحج أحد بزكاة ماله ولا يغزو ولا يحج بها عنه ولا يغزي والحج من السبيل نصا فيأخذ إن كان فقيرا ما يؤدي به فرض حج أو عمرة أو يستعين به فيه.
الثامن: ابن السبيل وهو المسافر المنقطع به في سفر طاعة أو مباح دون المنشئ للسفر بلده وليس معه ما يوصله إلى بلده أو منتهى قصده وعوده إلى بلده ولو مع غناه ببلد فيعطى لذلك ولو وجد من يقرضه فإن كان فقيرا في بلده أعطي لفقره ولكونه ابن السبيل ما يوصله ولا

 

ج / 1 ص -297-  يقبل قوله أنه ابن سبيل إلا ببينة وإن ادعى الحاجة ولم يعرف له مال في المكان الذي هو فيه أو ادعى إرادة الرجوع إلى بلده قبل قوله بغير بينة وإن عرف له مال في المكان الذي هو فيه لم تقبل دعوى الحاجة إلا ببينة ويعطى الفقير والمسكين تمام كفايتهما سنة والعامل قدر أجرة مثله ولو جاوزت الثمن ويعطى مكاتب وغارم ما يقضيان به دينهما ولو دينا لله تعالى وليس لهما صرفه إلى غيره كغاز وتقدم والمؤلف ما يحصل به التأليف والغازي ما يحتاج إليه لغزوه وإن كثر ولا يزاد أحد منهم ولا ينقص عن ذلك ومن كان ذا عيال أخذ ما يكفيهم ولا يعطى أحد منهم مع الغنى إلا أربعة: العامل والمؤلف والغزي والغرم لإصلاح ذات البين: ما لم يكن دفعهما من ماله وتقدم وإن فضل مع غارم ومكاتب ـ حتى ولو سقط ما عليها ببراءة أو غيرها ـ وغاز وابن سبيل شيء بعد حاجتهم لزمه رده: كما لو أخذ شيئا لفك رقبته وفضل منه وإن فضل مع المكاتب شيء عن حاجته من صدقة التطوع لم يسترجع منه والباقون يأخذون أخذا مستقرا فلا يردون شيئا ولو أدعى الفقر من عرف بغنى أو ادعى إنسان أنه مكاتب أو غارم لنفسه لم يقبل إلا ببينه بخلاف غاز ويكفي اشتهار الغرم لإصلاح ذات البين فإن خفي لم يقبل إلا ببينة به والبينة فيمن عرف بغنى ثلاثة رجال وإن صدق المكاتب سيده أو الغرم غريمه قبل وأعطي وإن ادعى الفقر من لم يعرف بالغنى قبل وإن كان جلدا وعرف له كسب لم يجز إعطاءه ولم يملك شيئا فإن لم يعرف وذكر أنه لا كسب له أعطاه من غير يمين إذا لم يعلم كذبه بعد أن يخبره وجوبا

 

ج / 1 ص -298-  في ظاهر كلامهم أنه لاحظ فيها الغنى ولا لقوي مكتسب وأن رآه متجملا قبل قوله أيضا: لكن ينبغي أن يخبره أنها زكاة والقدرة على اكتساب المال بالبضع ليس بغنى معتبر: فلا تمنع المرأة من أخذ الزكاة إذا كانت ممن يرغب في نكاحها وتقدر على تحصيل المهر بالنكاح فلا تجبر عليه وكذا فلو أفلست أو كان لها أقارب يحتاجون إلى النفقة وتقدم إذا تفرغ القادر لطلب العلم وتعذر الجمع أنه يعطى فإن ادعى أن له عيالا قلد وأعطى من غرم أو سافر في معصية لم تدفع إليه إلا أن يتوب وكذا لو سافر في مكروه أو نزهة ولو أتلف ماله في المعاصي حتى افتقر دفع إليه من سهم الفقراء ويستحب صرفها في الأصناف الثمانية كلها: لكل صنف ثمنها إن وجد حيث وجب الإخراج لأن في ذلك خروجا من الخلاف وتحصيلا للأجزاء ولا يحب الاستيعاب كما لو فرقها الساعي ولا التعداد من كل صنف كالعامل فلو اقتصر على صنف منها أو واحد منه أجزأه وإن فرقها ربها أو دفعها إلى الإمام الأعظم أو نائبه على القطر نيابة شاملة لقبض الزكوات وغيرها سقط سهم لعامل لأنهما يأخذان كفايتهما من بيت المال على الإمامة والنيابة وتقدم وليس لرب المال ولا لوكيله في تفرقتها أخذ نصيب العامل لكونه فعل وظيفة العامل ومن فيه سببان كغارم فقير أخذ بهما ولا يجوز أن يعطي عن أحدهما لا بعينه لاختلاف أحكامهما في الاستقرار وغيره وإن أعطى بهما وعين لكل سبب قدر وإلا كان بينهما نصفين وتظهر فائدته لو وجد ما يوجب الرد ويستحب صرفه إلى أقاربه الذين لا تلزمه مؤنتهم ويفرقها فيهم على قدر

 

ج / 1 ص -299-  حاجتهم ولو أحضر رب المال إلى العامل من أهله من لا تلزمه نفقته ليدفع إليهم زكاته دفعها قبل خلطها بغيرها وبعده هم كغيرهم ولا يخرجهم منها ويجزئ السيد دفع زكاته إلى مكاتبه وإلى غريمه ليقضي دينه: سواء دفعها إليه ابتداء أو استوفى حقه ثم دفعها إليه ليقضي دين المقرض ما لم يكن حيلة نصا وقال أيضا: إن أراد إحياء ماله لم يجز وقال القاضي وغيره: معنى الحيلة أن يعطيه بشرط الرجوع لم يوجد وإن رد الغريم من نفسه ما قبضه وفاء عن دينه من غير شرط ولا مواطأ جاز أخذه ويقدم الأقرب والأحوج وإن كان الأجنبي أحوج فلا يعطي القريب ويمنع البعيد بل يعطي الجميع ولا يحابي بها قريبه ولا يدفع بها مذمة ولا يستخدم بسببها قريبا ولا غيره ولا يقي ماله بها: كقوم عودهم برا من ماله فيعطيهم من الزكاة لدفع ما عودهم والجار أولى من غيره والقريب أولى منه ويقدم العالم والدين على ضدهما وكذا ذو العائلة.

فصل ولا يجوز دفعها إلى كافر ما لم يكن مؤلفا
ولو زكاة فطر ولا إلى عبد كامل الرق ولو كان سيده فقيرا وأما من بعضه حر فيأخذ بقدر حريته بنسبته من كفايته ما لم يكن عاملا ولا إلى فقيرة لها زوج غني ولا إلى عمودي نسبه في حال تجب نفقتهم فيه أولا تجب ورثوا أو لم يرثوا حتى ذوي الأرحام منهم ولو في غرم لنفسه أو في كتابة أو كان ابن سبيل ما لم يكونوا عمالا أو مؤلفة أو غزاة أو غارمين لذات البين ولا إلى الزوج ولا إلا الزوجة ولو لم تكن في مؤنته

 

ج / 1 ص -300-  كناشز وكذا عبده المغصوب ولا لبني هاشم كالنبي صلى الله عليه وسلم وهم من كان من سلالة هاشم: فدخل فيهم آل عباس وآل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل الحرث بن عبد المطلب وآل أبي لهب ما لم يكونوا غزاة أو مؤلفة أو غارمين لذات البين واختار الشيخ وجمع جواز أخذهم إن منعوا الخمس ويجوز إلى ولد هاشمية من غير هاشمي في ظاهر كلامهم وقاله القاضي اعتبار بالأب ولا لموالي بني هاشم ويجوز لموالي مواليهم ولهم الأخذ من صدقة التطوع ـ إلا النبي صلى الله عليه وسلم ـ ووصايا الفقراء ومن نذر لا كفارة ولا يحرم على أزواجه صلى الله عليه وسلم في ظاهر كلام أحمد: كمواليهن1 ولا يجزئ دفعها إلى من تلزمه مؤنته من أقاربه ممن يرثه: بفرض أو تعصيب نسب أو ولاء كأخ وبن عم ما لم يكونوا عمالا أو غزاة أو مؤلفة أو مكاتبين أو أبناء سبيل أو غارمين لذات البين فلو كان أحدهما يرث الآخر والآخر لا يرثه كعتيق ومعتقه وأخوين لأحدهما ابن ونحوه ـ فالوارث منهما تلزمه مؤنته فلا يدفع زكاته إلى الآخر وغير الوارث يجوز ولا إلى فقير ومسكين مستغنيين بنفقة لازمة فإن تعذرت النفقة من زوج أو قريب بغيبة أو امتناع أو غيره: كمن غصب ماله أو تعطل منافع عقاره ـ جاز الأخذ ويجوز إلى بني المطلب وله الدفع إلى ذوي أرحامه: كعمته وبنت أخيه غير عمودي نسبه ولو ورثوا الضعف قرابتهم وإن تبرع بنفقة قريب أو يتيم أو غيره ضمه إلى عياله جاز دفعها إليه وكل من حرم عليه الزكاة مما سبق فله قبولها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وفي قول آخر أن الزكاة محرمة على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.

 

 

ج / 1 ص -301-  هدية ممن أخذها من أهلها والذكر والأنثى في أخذ الزكاة وعدمه سواء والصغير ولو لم يأكل الطعام كالكبير فيصرف ذلك في أجرة رضاعه وكسوته وما لا بد منه ويقبل ويقبض له منها ولو مميزا ومن هبة وكفارة من يلي ماله وهو وليه أو وكيل وليه الأمين وفي المغنى: يصح قبض المميز انتهى وعند عدم الولي يقبض له من يليه من أم وقريب وغيرهما نصا ولا يجوز دفع الزكاة إلا لمن يعلم أو يظنه من أهلها: فلو لم يظنه من أهلها فدفعها إليه ثم بان من أهلها لم يجزئه فإن دفعها إلى من لا يستحقها لكفر أو شرف أو كونه عبدا أو قريبا وهو لا يعلم ثم علم لم يجزئه ويستردها ربها بزيادتها مطلقا وإن تلفت في يد القابض ضمنها العدم ملكه بهذا القبض وهو قبض باطل لا يجوز له قبضه وإن كان الدافع الإمام أو الساعي ضمن إلا إذا بان غنيا والكفارة كالزكاة فيما تقدم ولو دفع صدقة التطوع إلى غني وهو لا يعلم لم يرجع فإن دفع إليه من الزكاة يظنه فقيرا فبان غينا أجزأت.

فصل وصدقة التطوع مستحبة كل وقت
وسرا أفضل بطيب نفس وفي الصحة وفي رمضان وأوقات الحاجة وكل زمان أو مكان فاضل: كالعشر والحرمين وهي على ذي الرحم صدقة وصلة لا سيما منع العداوة فهي عليه ثم على جار أفضل وتستحب بالفاضل عن كفايته وكفاية من يمونه دائما بمتجر أو غلة ملك أو وقف أو صنعة وإن تصدق بما ينقص مؤنة من تلزمه مؤنته أو أضر بنفسه أو بغريمه أو بكفالته أثم ومن أراد الصدقة بماله كله ـ وهو

 

ج / 1 ص -302-  وحده ـ ويعلم من نفسه حسن التوكل والصبر عن المسألة فله ذلك أي يستحب وإن لم يعلم ذلك حرم ويمنع منه ويحجر عليه وإن كان له عائلة ولهم كفاية أو يكفيهم بمكسبه جاز لقصة الصديق وإلا فلا ويكره لمن لا صبر له على الضيق أو لإعادة له به أن ينقص عن نفسه الكفاية التامة والفقير لا يقترض ويتصدق ووفاء الدين مقدم على الصدقة وتجوز صدقة التطوع على الكافر والغني وغيرهما ولهم أخذها ويستحب التعفف فلا يأخذ الغنى صدقة ولا يتعرض لها فإن أخذها مظهر للفاقة حرم ويحرم المن بالصدقة وغيرها وهو كبيرة ويبطل الثواب بذلك ومن أخرج شيئا يتصدق به أو وكل في ذلك ثم بدا له استحب أن يمضيه ويتصدق بالجيد ولا يقصد الخبيث فيتصدق به وأفضلها جهد المقل.