الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل

كتاب الظهار
مدخل
مدخل
...
كتاب الظهار
وهو محرم وهو أن يشبه امرأته أو عضوا منها بظهر من تحرم عليه على التأبيد أو إلى أمد أو بها ولو بغير العربية ولو اعتقد الحل كمجوسي أو بعضو منها أو بذكر أو عضو منه: كأنت كظهر أمي أو أنت علي كظهر أمي أو بطن أو كيد أو رأس أمي أو أختي أو كوجه حماتي ونحوه أو يقول

(4/82)


ظهرك أو يدك أو رأسك أو جلدك أو فرجك علي كظهر أمي أو كيد أختي أو عمتي أو خالتي من نسب أو رضاع وإن قال كشعر أمي أو كسنها أو ظفرها أو شبة شيئا من ذلك من امرأته بأمه أو بعضو من أعضائها أو قال بروح أمي أو عرقها أو ريقها أو دمعها أو دمها أو قال وجهي من وجهك حرام فليس بظهار وإن قال أنا مظاهر أو علي الظهار أو على الحرام أو الحرام لي لازم فلغو ومع نية أو قرينة ظهار وكذا أنا عليك حرام أو كظهر رجل ويكره أن يسمى الرجل امرأته بمن تحرم عليه كقوله لها يا أختي يا ابنتي ونحوه ولا يثبت به حكم الظهار لأنه ما نواه به، وإن قال أنت عندي أو منى أو أنت علي كأمي كان مظاهرا وإن قال أردت كأمي في الكرامة قبل حكما وأنت كظهر أمي طالق وقع الظهار والطلاق معا وأنت طالق كظهر أمي طلقت ولم يكن ظهارا إلا أن ينويه فإن نواه وكان الطلاق بائنا فكالظهار من الأجنبية لأنه أتى به بعد بينونتها كالطلاق وإن كان رجعيا كان ظهارا صحيحا وأنت أمي أو كأمي أو مثل أمي أو امرأتي أمي ليس بظهار إلا أن ينويه أو يقرن به ما يدل على إرادته وإن قال أمي امرأتي أو مثل امرأتي لم يكن مظاهرا وأنت علي كظهر أبي أو كظهر غيره من الرجل أو كظهر أجنبية أو أخت زوجتي أو عمتها أو خالتها ونحوه ظهار وأنت علي كظهر البهيمة أو أنت حرام إن شاء الله فلا ظهار وأنت علي حرام ظهار أو لو نوى طلاقا أو يمينا وإن قال ذلك لمحرمة عليه بحيض أو نحوه ونوى الظهار فظهار وإن نوى أنها محرمة عليه لذلك أو أطلق فليس بظهار، وإن قال

(4/83)


الحل علي حرام أو ما أحل الله لي أو ما أنقلب إليه حرام فمظاهر وإن صرح بتحريم المرأة أو نواها كقوله ما أحل الله علي حرام من أهل ومال فهو آكد وتجزيه كفارة الظهار لتحريم المرأة والمال وأنت علي كظهر أمي حرام أو أنت علي حرام كظهر أمي حرام.

(4/84)


فصل. ويصح من كل زوج يصح طلاقه
فيصح ظهار الصبي المميز - وقال الموفق: الأقوى عندي أنه لا يصح من الصبي ظهار ولا إيلاء - ويصح من الذمي كجزاء صيد ويكفر بغير صوم ويصح من السكران بناء على طلاقه ومن العبد ويأتي حكم تكفيره ويصح ممن يخنق في الأحيان في إفاقته كطلاقه ولا يصح ظهار الطفل والمكره والزائل العقل بجنون أو إغماء أو نوم أو غيره ويصح من كل زوجة لعموم الآية ولأنها زوجة يصح طلاقها فإذا ظاهر من أمته أو أم ولده أو قال لها أنت علي حرام فعليه كفارة يمين وإن قالت لزوجها أنت علي كظهر أبي أو قالت إن تزوجت فلانا فهو علي كظهر أبي فليس بظهار وعليها كفارته لا تجب عليها حتى يطأها مطاوعة ويجب عليها تمكينه قبلها وإن قال لأجنبية أنت علي كظهر أمي أو إن تزوجتك فأنت علي كظهر أمي لم يطأها إن تزوجها حتى يكفر كفارة الظهار وكذا إن قال كل النساء أو كل امرأة أتزوجها علي كظهر أمي فإن تزوج نساء وأراد العود فعليه كفارة واحدة وسواء تزوجهن في عقد أو عقود فإن قال لأجنبية أ ت علي كظهر أمي وقال أردت أنها مثلها في التحريم دين ولم يقبل في الحكم وإن قال هلا أنت علي حرام وأراد في كل حال

(4/84)


فمظاهر وإن أراد في تلك الحال أو أطلق فلا ولو ظاهر من إحدى زوجتيه ثم قال للأخرى أشركتك معها أو أنت مثلها فصريح في حق الثانية أيضا ويصح الظهار معجلا ومعلقا بشرط نحو إن دخلت الدار فأنت علي كظهر أمي أو إن شاء زيد فمتى شاء زيد أو دخلت الدار صار مظاهرا ومطلقا ومؤقتا نحو أنت علي كظهر أمي شهرا أو شهر رمضان فإذا مضى الوقت زال الظهار وحلت بلا كفارة ولا يكون عائدا إلا بالوطء في المدة وأنت علي كظهر أمي إن شاء الله أو ما أحل الله علي حرام إن شاء الله وأنت علي حرام إن شاء الله أو إن شاء الله وشاء زيد فشاء زيد وأنت إن شاء الله حرام ونحوه لا ينعقد ظهاره وأنت علي حرام و والله لا وكلتك إن شاء الله عاد الاستثناء إليهما إلا أن يريد أحدهما.

(4/85)


فصل. ويحرم علي مظاهر ومظاهر منها الوطء والاستمتاع منها بما دون الفرج قبل التكفير
ومن مات منهما ورثه الآخر وتجب الكفارة بالعود - وهو الوطء في الفرج - وذلك أنها شرط لحل الوطء فيؤمر بها من أراده ليستحله بها وتقديم الكفارة قبل الوجوب تعجيل لها قبل وجوبها لوجود سببها كتعجيل الزكاة قبل الحول بعد كمال النصاب ولو مات أحدهما أو طلقها قبل الوطء فلا كفارة فإن عاد فتزوجها لم يطأها حتى يكفر وإن وطئ قبل التكفير أثم مكلف واستقرت عليه الكفارة ولو مجنونا وتحريمها باق عليه حتى يكفر وتجزيه كفارة واحدة وإن ظاهر من امرأته الأمة ثم اشتراها لم تحل له حتى يكفر فإن أعتقها عن كفارته صح فإن تزوجها

(4/85)


بعد ذلك حلت له بلا كفارة فإن أعتقها في غير الكفارة ثم تزوجها لم تحل له حتى يكفر وإن كرر الظهار قبل التكفير فكفارة واحدة في مجلس كان أو مجالس نوى التأكيد والإفهام ولم ينو وإن ظاهر ثم كفر ثم ظاهر فكفارة ثانية وإن ظاهر من نسائه بكلمة واحدة بأن قال أنتن علي كظهر أمي فكفارة واحدة وإن كان بكلمات بأن قال لكل واحدة أنت علي كظهر أمي فلكل واحدة كفارة.

(4/86)


فصل. في كفارة الظهار وغيرها.
فكفارة الظهار على الترتيب فيجب تحرير رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا وكفارة الوطء في نهار رمضان مثلها كفارة القتل مثلهما لطن لا إطعام فيها والاعتبار في الكفارات بحالة الوجوب كالحد1 وإمكان الأداء مبني على زكاة فإن وجبت وهو موسر ثم أعسر لم يجزئه إلا العتق وإن وجبت وهو معسر ثم أيسر أو هو عبد ثم عتق لم يلزمه العتق وله الانتقال إليه إن شاء ووقت الوجوب من وقت العود لا وقت المظاهرة ووقته في اليمين من الحنث لا وقت اليمين وفي القتل زمن الزهوق لا زمن الجرح فإن شرع في الصوم ثم قدر على العتق لم يلزمه الانتقال إليه وله
ـــــــ
1 يريد أو الوجوب يتعلق بما يقدر عليه المظاهر وقت استقرارها من عتق ثم صيام ثم إطعام. فإذا وجب عليه واحد منها ثم عجز عنه فليس له العدول إلى ما هو أقل منه بل ينظر إلى وقت القدرة، فظهر لك أن الترتيب في نفس الوجوب لا في الخراج وأمثلة المصنف توضح لك هذا.

(4/86)


أن ينتقل إليه أو إلى الإطعام والكسوة في كفارة اليمين وإن كفر الذمي بالعتق لم يجزئه إلا رقبة مؤمنة فإن كانت في ملكه أو ورثها أجزأت عنه وإلا فلا سبيل له إلى شراء رقبة مؤمنة ويتعين تكفيره بالإطعام إلا أن يقول لمسلم اعتق عبدك عني وعلى يمنه فيصح وإن أسلم قبل التكفير بالإطعام فكالعبد يعتق قبل التكفير بالصيام1 وإن ظاهر وهو مسلم ثم ارتد وصام في ردته عن كفارته لم يصح وإن كفر بعتق أو إطعام لم يجزئه نصا.
ـــــــ
1 مراده أن الإطعام هو الذي استقر في ذمته حين وجوب الكفارة. فإسلامه لا يغير ذلك الواجب كما أن العبد لا بعدل عن الصيام إلى العتق حيث لم يجب عليه في أول أمره.

(4/87)


فصل. فمن ملك رقبة أو أمكنه تحصيلها بما هو فاضل عن كفايته وكفاية من يمونه على الدوام
وغيرها من حوائجه الأصلية ورأس ماله كذلك ووفاء دينه ولو لم يكن مطالبا به بثمن مثلها لزمه العتق وليس له الانتقال إلى الصوم إذا كان حرام مسلما ولو كان له عبد اشتبه بعبد غيره أمكنه العتق بأن يعتق الرقبة التي في ملكه ثم يقرع بين الرقاب فيعتق من وقعت عليه الرقعة ومن له خادم يحتاج إلى خدمته أما لكبر أو مرض أو زمانة أو عظم خلق ونحوه مما يعجز عن خدمة نفسه أو يكون ممن لا يخدم نفسه عادة ولا يجد رقبة فاضلة عن خدمته أو له دار يسكنها أو دابة يحتاج إلى ركوبها أو الحمل عليها أو كتب علم يحتاجها أو ثياب يتجمل بها إذا كان صالحا لمثله أو لم يجد رقبة إلا بزيادة عن ثمن

(4/87)


مثلها تجحف به لمط يلزمه العتق وإن كانت لا تجحف به لزمه وإن وجد يمينها وهو محتاج إليه لم يلزمه شراؤها وإن كان له مال يحتاجه لأكل الطيب ولبس الناعم وهو من أهله لزمه شراؤها وإن كان له خادم يخدم امرأته وهو ممن عليه إخدامها أو كان له رقيق يتقوت بإخراجهم أو عقار يحتاج إلى غلته أو عرض للتجارة ولا يستغني عن ربحه في مؤنته لم يلزم العتق وإن استغنى عن شيء من ذلك مما يمكنه أن يشتري به رقبة لزمه فلو كان له خادم يمكن بيعه ويشتري به رقبتين يستغني بخدمة أحدهما ويعتق الأخرى لزمه ذلك وكذا لو كان له ثياب فاخرة تزيد على ملابس مثله يمكنه بيعها وشراء ما يكفيه في لباسه ورقبة يعتقها أو له دار يمكنه بيعها وشراء ما يكفيه لسكنى مثله ورقبة أو صنعة يفضل منها عن كفايته ما يمكنه به شراء رقبة: ويراعى في ذلك الكفاية التي حرم معها أخذ الزكاة: لزمه ويستثنى من ذلك لو كان له سرية لم يلزمه إعتاقها وإن أمكنه بيعها أو شراء رقبة أخرى ورقبة يعتقها لم يلزمه ذلك وإن وجد رقبة بثمن مثلها إلا أنها رفيعة يمكن أن يشتري بثمنها رقابا من غير جنسها لزمه شراؤها وإن وهبت له رقبة لم يلزمه قبولها وإن كان ماله غائبا وأمكنه شراؤها بنسيئة أو كان ماله دينا مرجو الوفاء لزمه ذلك فإن لم تبع بالنسيئة جاز الصوم ولو في غير كفارة الظهار.

(4/88)


فصل. ولا يجزى في جميع الكفارات ونذر العتق المطلق إلا رقبة مؤمنة سليمة من العيوب المضرة بالعمل ضررابينا
كالعمى وقطع اليدين أو إحداهما أو الرجلين أو إحداهما أو أشل شيء من ذلك أو قطع

(4/88)


إبهام اليد أو قطع أنملة منه أو أنملتين من غيره كقطع الكل أو قطع سبابتها أو الوسطى أو قطع الخنصر والبنصر من يد واحدة وقطع أنملة واحدة من غير الإبهام ولو من الأصابع الأربع لا يمنع الإجزاء ويجزئ من قطعت خنصره أو بنصره أو قطعت إحداهما من يد والأخرى من اليد الأخرى ومن قطعت أصابع قدمه كلها والأعرج يسيرا ومن يخنق في الأحيان والرتقاء والكبيرة التي تقدر على العمل والأمة المزوجه والحبلى وله استثناء حملها والمدبر وولد الزنا والصغير حيث كان محكوما بإسلامه والأعرج والمؤجر والمرهون ولو كان الراهن معسرا والخصي ولو مجبوبا والأقرع والأبخر والأبرص وأصم غير أخرس والجاني ولو قتل في الجناية والأحمق: وهو الذي يعمل القبيح والخطأ على بصيرة لقلة مبالاته بما يعقبه من المضار: ويجزى مقطوع الأنف والأذنين ومن ذهب شمه ولا يجزي مريض مأيوس من برئه كمرض السل ولا النحيف العاجز عن العمل وإن كان يتمكن من العمل أجزأ كمريض يرجى برؤه كمن به حمى ونحوه ولا يجزى جنين وإن ولد حيا ولا زمن ولا مقعد ولا غائب لا يعلم خبره فإن أعتقه ثم تبين أنه حي أجزأ ولا مجنون مطبق ولا أخرس لا تفهم إشارته فإن فهمت وفهم إشارة غيره أجزأ ولا أخرس أصم ولو فهمت إشارته ولا من علق عتقه بصفة عند وجودها فإن علق عتقه للكفارة أو أعتقه قبل وجود الصفة أجزأ ولا من يعتق عليه بالقرابة ولا من اشتراه بشرطك العتق ولو قال له رجل اعتق عبدك عن كفارتك ولك

(4/89)


عشرة دنانير ففعل لم يجزئه عن الكفارة وولاؤه له فإن رد العشرة بعد العتق على باذلها ليكون العتق عن الكفارة لم يجز عنها وإن قصد العتق عن الكفارة وحدها وعزم على رد العشرة أو رد العشرة قبل العتق وأعتقه عن كفارته أجزأه وإن اشترى عبدا ينوي إعاقته عن كفارته فوجد به عيبا لا يمنع الإجزاء في الكفارة فأخذ أرشه ثم أعتقه عن كفارته أجزأه وكان الأرش له فإن أعتقه قبل العلم بالعيب ثم ظهر على العيب فأخذ أرشه فهو له أيضا ولا تجزئ أم ولد ولا ولدها الذي ولدته بعد كونها أم ولد ولا مكاتب أدى من كتابته شيئا ولا مغصوب ولا من أوصى بخدمته أبدا ولو أعتق عن كفارته عبدا لا يجزئ في الكفارة نفذ عتقه ولا يجزئ عنها ومن أعتق غيره عنه عبدا بغير أمره لم يعتق عن المعتق عنه إذا كان حيا وولاؤه لمعتقه ولا يجزي عن كفارته وإن نوى ذلك وكذا من كفر عنه غيره بالإطعام فأما الصيام فلا يصح أن ينوب عنه ولو بإذنه وإن أعتقه عنه بأمره ولو لم يجعل له عوضا صح العتق عن المعتق عنه وله ولاؤه وأجزأ عن كفارته فإن كان المعتق عنه ميتا وكان قد أوصى بالعتق صح وإن لم يوص فأعتق عنه أجنبي لم يصح وإن أعتق عنه وارثه ولم يكن عليه واجب لم يصح عنه ووقع عن المعتق وإن كان عليه عتق واجب صح فإن كان عليه كفارة يمين فأطعم عنه أو كسا جاز وإن أعتق عنه ففيه وجهان ولو قال من عليه الكفارة أطعم أو أكس عن كفارتي صح ضمن له عوضا أولا ولو ملك نصف عبد فأعتقه عن كفارته وهو معسر1 ثم
ـــــــ
1 يريد وهو معسر بقيمة نصيب شريكه فإن العتق لا يتجاوز وملكه كما هو معلوم.

(4/90)


اشترى باقية فأعتقه كله عن كفارته وهو معسر1 سرى إلى نصيب شريكه وعتق ولم يجزئه عن كفارته وأجزأه عتق نصيبه2 فإن أعتق نصفا آخر أجزأه كمن أعتق نصفي عبدين أو نصفي أمتين أو نصف أمة ونصف عبد فإن كان العبد كله له فأعتق جزأ منه معينا أو مشاعا عتق جميعه فإن نوى به الكفارة أجزأ عنه وإن نوى إعتاق الجزء الذي باشره بالإعتاق عن الكفارة دون بقيته لم يحتسب له إلا بما نوى.
ـــــــ
1 جملة "وهو معسر: الثانية" حال من قوله عن كفارته يعني عن كفارته التي وجبت عليه في حالة الإعسار. وليست حالا من قوله سابقا ثم اشترى الخ كما قد يتوهم لئلا يضطرب المعنى: وعليه فالمراد أنه حيثما اشترى الباقي ضم إلى عتق النصف الأول عتق الثاني عن تلك الكفارة التي لزمته معسرا.
2 كأنه يريد التنصيص على أن العتق سرى من النصف الأول إلى الثاني بمجرد شرائه ومن غير احتياج منه إلى قصد وعلى ذلك فعتقه للنصف الثاني غير مجزئ في بقية الكفارة لأنه لم يصادف ملكا باقيا "والله أعلم".

(4/91)


فصل. فمن لم يجد رقبة فعليه صيام شهرين متتابعين حرا كان أو عبدا
فلا يجوز أن يفطر فيهما ولا أن يصوم فيهما عن غير الكفارة ولا تجب نية التتابع ويكفي فعله وكالمتابعة بين الركعات وإن تخلل صومهما صوم رمضان أو فطر واجب كفطر العيدين وأيام التشريق أو حيض أو نفاس أو جنون أو إغماء أو لمرض: ولو غير مخوف ولسفر أو ولديهما أو لإكراه أو نسيان أو لخطأ لا لجهل: كمن أكل يظن أن الفجر لم يطلع وقد كان طلع أو أفطر يظن أن الشمس قد غابت ولم تغب

(4/91)


أو وطئ غير المظاهر منها ليلا ولو عمدا أو نهارا ناسيا للصوم أو لعذر يبيح الفطر أو في أثناء الإطعام أو العتق أو أصاب المظاهر منها في أثناء الإطعام أو العتق لم ينقطع التتابع1 وإن أفطر يظن أنه قد أتم الشهرين فبان بخلافه أو ظن أن الواجب شهر واحد أو ناسيا لوجوب التتابع أو أفطر لغير عذر أو صام تطوعا أو قضاء أو عن نذر أو كفارة أخرى أو أصاب المظاهر منها ليلا أو نهارا ولو ناسيا2 أو مع عذر يبيح الفطر انقطع ويقع صومه عما نواه3 وإن لمس المظاهر منها أو باشرها دون الفرج على وجه يفطر به قطع التتابع وإلا فلا وحيث انقطع التتابع لزمه الاستئناف فإن كان عليه نذر صوم غير معين أخره إلى فراغه من الكفارة وإن كان معينا أخر الكفارة عنه أو قدمها عليه إن أمكن وإن كان أياما من كل شهر كيوم خميس أو أيام البيض قدم الكفارة عليه وقضاه بعدها ويجوز أن يبتدئ صوم الشهرين من أول شهر ومن أثنائه فإن الشهر اسم لما بين الهلالين ولثلاثين يوما فإن بدأ من أول شهر فصام شهرين بالأهلة أجزأه وإن كانا ناقصين أو أحدهما وإن بدأ من أثناء شهر وصام ستين يوما أو صام شهرا بالهلال وشهرا بالعدد كمن
ـــــــ
1 "لم ينقطع" جواب أن الشرطية المتقدمة في قوله: وإن تخلل صومهما الخ والمعنى أن فعل شيء مما ذكر لا يحيط ما مضى من الصوم كما أن إصابة المظاهر منها لا تبطل ما مضى من الإطعام أو العتق إذا كانت الكفارة بواحد منها.
2 ذكر النسيان فيما يقطع التتابع يتعارض مع ذكره فيما لا يقطعه كما تقدم والظاهر ترجيح عدم ذكره لأنه معفو عنه.
3 يريد صومه الذي أتى به للتطوع أو خلاف بين أيام الكفارة.

(4/92)


صام خمسة عشر من المحرم وصفر وخمسة عشر من ربيع أجزأه وإن كان صفر ناقصا وإن نوى صوم رمضان عن الكفارة لم يجزئه عن واحد منهما وانقطع التتابع حاضرا كان أو مسافرا.

(4/93)


فصل. فإن لم يستطع الصوم لكبر أو مرض
ولو رجي زواله أو لخوف زيادته أو تطاوله أو لشق فلا يصير فيه عن جماع الزوجة إذا لم يقدر على غيرها أو لضعف عن معيشته لزمه إطعام ستين مسكينا مسلما حرا أو مكاتبا ذكرا كان أو أنثى كبيرا كان أو صغيرا ولو لم يأكل الطعام ولو مجنونا ويقبض لهما وليهما ويجوز دفعها إلى مكاتبه وإلى من يعطي من زكاة لحاجة ولا يجوز دفعها إلى كافر ولا إلى قن ولا إلى من تلزمه مؤونته ويجوز إلى من ظاهره الفقر أو المسكنة فإن بان غنيا أجزأه لا إن بان كافرا أو قنا وإن ردها على مسكين واحد ستين يوما لم يجزئه إلا ألا يجد غيره فيجزيه1 وإن دفع إلى مسكين في يوم واحد من كفارتين أجزأه كما لو كان الدافع اثنين ولو دفع ستين مدا إلى ثلاثين مسكينا من كفارة واحدة كل مسكين مدان أجزأه ثلاثون ويطعم ثلاثين آخرين فإن دفع الستين من كفارتين أجزأه عن كل كفارة ثلاثون والمخرج في الكفارة ما يجزئ في الفطرة فإن كان قوت بلده غير ذلك كالذرة والدخن والأرز لم يجز إخراجه وإخراج الحب أفضل فإن أخرج دقيقا جاز لكن
ـــــــ
1 لا يجزئ دفعها إلى مسكين في ستين يوما لقوله تعالى: {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً} إلا إذا عدم غيره فيجزئ ترديدها عليه للعذر ولا يكلف اله نفسا إلا وسعها.

(4/93)


يزيد على المد قدرا يبلغ المد حبا أو يخرجه بالوزن رطلا وثلثا ولا يجوز إخراجه خبز - وعنه واختاره جمع أجزاء الخبز - ولا يجزى من البر أقل من مد ومن التمر والشعير والزبيب والأقط أقل من مدين ولا من خبز البر أقم من رطلين بالعراقي ولا من خبز الشعير أقم من أربعة أرطال إلا أن يعلم أنه مدمن البر أو مدان من الشعير فإذا أخذ من دقيق البر ثلاثة عشر رطلا وثلثا أو من الشعير مثليه فخبز وقسم على عشرة مساكين في كفارة اليمين أجزأ ولو لم يبلغ خبز البر عشرين رطلا ولا خبز الشعير أربعين رطلا وكذا في سائر الكفارات ويستحب إخراج أدم مع المجزئ ولا يجزى إخراج القيمة ويجب أن يملك المسكين القدر الواجب من الكفارة فإن غدى المساكين أو عشاهم ولو بمد فأكثر لكل واحد لم يجزئه وإن قدم لهم ستين مدا وقال بينكم بالسوية فقبلوها أجزأه ولا يجب التتابع في إطعام الكفارة.

(4/94)


فصل: ولا يجزئ إطعام وعتق وصوم إلا بنية
...
فصل. ولا يجزئ إطعام وعتق وصوم الأبنية:
بأن ينويه عن الكفارة مع التكفير أو قبله بيسير: ونية الصوم واجبة كل ليلة ولا يجزى فيهن نية التقرب فقط فإن كانت عليه كفارة واحدة فنوى عن كفارتين أجزأه وإن كان عليه كفارات من جنس واحد لم يجب تعيين سببها ولا تتداخل1 فلو كان مظاهرا من أربع نسائه فأعتق عبدا عن ظهاره أجزأه عن إحداهن وحلت له واحدة غير معينة فتخرج بقرعة فإن كان الظهار من ثلاث نسوة فأعتق عن إحداهن وصام عن
ـــــــ
1 بخلاف كفارة اليمين فإنها تتداخل إذا تعدد الحنث ولم يكن أخرجها.

(4/94)


أخرى ومرض فأطعم عن أخرى أجزأه وحل له الجميع من غير قرعة ولا تعيين وإن كانت من أجناس كظهار وقتل وجماع في رمضان ويمين لم يجب تعيين السبب أيضا ولا تتداخل فلو كانت عليه كفارة واحدة نسي سببها أجزأته كفارة واحدة وإن كانت كفارتان من ظهار أ من ظهار وقتل فقال أعتقت هذا عن هذه وهذا عن هذه أو هذا عن إحدى الكفارتين وهذا عن الأخرى من غير تعيين أو أعتقهما عن الكفارتين أو أعتقت كل واحد منهما عنهما جميعا أجزأه ولا يجزى تقديم كفارة قبل سببها فلا يجزى كفارة الظهار قبله ولا كفارة اليمين عليها ولا كفارة القتل قبل الجرح فلو قال لعبده أنت حر الساعة إن تظهرت عتق ولم يجزئه عن ظهاره أن تظهر ولو قال إن دخلت الدار فأنت علي كظهر أمي لم يجز التكفير قبل الدخول ولو قال لعبده تظهرت فأنت حر عن ظهاري ثم تظهر عنق العبد ولم يجزئه عن الكفارة فإن لم يجد ما يطعم لم تسقط وتبقى في ذمته وتقدم في باب ما يفسد الصوم بعض ذلك وحكم أكله.

(4/95)