الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل

كتاب اللعان وما يحلق من النسب
مدخل
...
كتاب اللعان وما يحلق من النسب
وهو شرعا شهادات مؤكدات بأيمان من الجانبين مقرونة باللعن والغضب قائمة مقام حد قذف أو تعزيز في جانبه أو حد زنا في جانبها.
إذا قذف الرجل زوجته بالزنا في طهر أصابها فيه أولا في قبل أو

(4/95)


دبر كما يأتي ولم تصدقه ولم يأت بالبينة لزمه ما يلزم بقذف أجنبية من حد أو تعزيز وحكم بفسقه وردت شهادته فإن لاعن ولو وحده سقط عنه وله إسقاط بعضه أيضا باللعان ولو بقى منه سوط ويسقط الحد والباقي منه أيضا بتصديقها وله إقامة البينة بعد اللعان ونفى الولد ويثبت موجبهما وصفته أن يقول الزوج بحضرة حاكم أو نائبه - وكذا لو حكما رجلا أهلا للحكم ويأتي في القضاء - أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما رميت به امرأتي هذه من الزنا مشيرا إليها ولا يحتاج مع حضورها والإشارة إليها إلى تسميتها ونسيها كما لا يحتاج إلى ذلك في سائر العقود وإن لم تكن حاضرة سماها ونسبها حتى يكمل ذلك أربع مرات ولا يشترط حضورهما معا بل لو كان أحدهما غائبا عن صاحبه مثل أن لاعن الرجل في المسجد والمرأة على بابه لعذر جاز ثم يقول في الخامسة: وأن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رميتها به من الزنا ثم تقول هي أشهد بالله أن زوجي هذا لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا وتشير إليه إن كان حاضرا وإن كان غائبا سمته ونسبته وإذا كملت أربع مرات تقول في الخامسة: وأن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فقط وتزيد استحبابا فيما رماني به من الزنا فإن نقص أحدهما من الألفاظ الخمسة شيئا أو بدأت باللعان قبله أو تلاعنا بغير حضرة حاكم أو أبدل أحدهما لفظة أشهد بأقسم أو أحلف أو أوالي أو لفظة اللعنة بالإبعاد أو أبدلها بالغضب أو أبدلت لفظة الغضب بالسخط أو قدمت الغضب أو بدلته باللعنة أو قدم اللعنة أو أتى به أحدهما

(4/96)


قبل إلقائه عليه أو علقه بشرط أو لم يوال بين الكلمات عرفا أو أتى به بغير العربية من يحسنها أو أتى به قبل مطالبتها له بالحد مع عدم وله يريد نفيه لم يعتد به وإن عجزا عنه بالعربية لم يلزمهما تعلمها ويصح بلسانهما فإن كان الحاكم يحسن لسانهما أجزأ ذلك ويستحب أن يحضر معه أربعة يحسنون لسانهما وإن كان لا يحسن فلا يجزى في الترجمة إلا عدلان وإذا فهمت إشارة الأخرس منهما أو كتابته صح لعانه بها وإلا فلا وإذا قذف الأخرس ولاعن ثم أطلق لسانه فتكلم فأنكر القذف واللعان لم يقبل إنكاره للقذف ويقبل اللعان فيما عليه فيطالب بالحد ويلحقه النسب ولا تعود الزوجة فإن لاعن لسقوط الحد ونفى النسب فله ذلك ويصح اللعان ممن اعتقل لسانه وأيس من نطقه بإشارة فإن رجي عود نطقه بقول عدلين من أطباء المسلمين انتظر به ذلك.

(4/97)


فصل. والسنة أن يتلاعنا قياما بحضرة جماعة
ويستحب ألا ينقصوا عن أربعة في الأوقات والأماكن المعظمة ففي مكة بين الركن والمقام وبالمدينة عند منبر النبي صلى الله عليه وسلم وفي بيت المقدس عند الصخرة وفي سائر البلدان في جوامعها وتقف الحائض عند باب المسجد والزمان بعد العصر - وقال ابن الخطاب في موضع آخر بين الأذانين1 فإذا بلغ كل واحد منهما الخامسة أمر الحاكم رجلا فأمسك بيده فم الرجل وامرأة تضع يدها على فم المرأة ثم يعظه فيقول: اتق الله فإنها موجبة وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة وإذا قذف نساءه ولو بكلمة
ـــــــ
1 الأذان والإقامة.

(4/97)


واحدة فعليه أن يفرد كل واحدة بلعان فيبدأ بلعان التي تبدأ بالمطالبة فإن طالبن جميعا وتشاححن بدأ بإحداهن بقرعة وإن لم يتشاححن بدأ بلعان من شاء منهن ولو بدأ بواحدة مع المشاحة من غير قرعة صح وإن كانت المرأة خفرة بعث الحاكم من يلاعن بينهما نائبا عنه ويستحب أن يبعث معه عدولا ليلاعنوا بينهما وإن بعثه وحده جاز.

(4/98)


فصل: ولا يصح إلا بزوجين ولو قبل الدخول
...
فصل. ولا يصح إلا بزوجين1 ولو قبل الدخول
ولها نصف الصداق عاقلين بالغين سواء كانا مسلمين أو ذميين حرين أو رقيقين عدلين أو فاسقين أو محدودين في قذف أو كان أحدهما كذلك وإذا قذف أجنبية فعليه الحد لها إن كانت محصنة والتعزير لغيرها وإن قذفها ثم تزوجها أو قال لامرأته زنيت قبل أن أنكحك حد ولم يلاعن حتى ولو لنفي والولد وإن ملك أمة ثم قذفها فلا لعان ولو كانت فراشا ولا حد عليه ويعزر وإن قال لامرأته أنت طالق يا زانية ثلاثا فله أن يلاعن وإن قال أنت طالق ثلاثا يا زانية حد ولم يلاعن لأنه أبانها ثم قذفها إلا أن يكون بينهما ولد فله أن يلاعن لنفيه وكذا لو أبانها بفسخ أو غيره ثم قذفها بالزنا في النكاح أو في العدة أو في النكاح الفاسد لاعن لنفي الولد وإلا فلا ويحد أيضا إن لمط يضف القذف إلى النكاح وإن قالت قذفتني قبل أن تتزوجني وقال بل بعده أو قالت بعد ما بنت منك وقال بل قبله فقوله وإذا اشترى زوجته الأمة ثم أقر بوطئها ثم أتت بولد
ـــــــ
1 هذا أحد شروط اللعان الثلاثة، والثاني القذف الموجب للحد أو التعزير والثالث أن تكذبه وتستمر على التكذيب ويستمر على قذفه.

(4/98)


لستة أشهر كان لاحقا به إلا أن يدعي الاستبراء فينتفي عنه لأنه محلق به بالوطء في الملك دون النكاح1 وإن لم يكن أقر بوطئها وأقر به وأتت به لدون ستة أشهر منذ وطئ كان ملحقا بالنكاح إن أمكن ذلك وله نفيه باللعان وهل يثبت هذا اللعان التحريم المؤبد؟ على وجهين وإن قذف زوجته الرجعية صح لعانها ولو لم يكن بينهما ولد وكل موضع قلنا لا لعان فيه فالنسب لا حق به ويجب بالقذف موجبه من حد أو تعزير إلا أن يكون القاذف صبيا أو مجنونا فلا ضرر فيه ولا لعان وإن قذف زوجته الصغيرة التي لا يجامع مثلها أو المجنونة حال جنونها عزر ولا لعان بينهما حتى ولو أراد نفي المجنونة ويكون لاحقا به ولا يحتاج في التعزير إلى مطالبة وإن كانت الصغيرة يوطأ مثلها كإبنة تسع فصاعدا فعليه الحد وليس لوليها المطالبة به ولا بالتعزير ولا لها حتى تبلغ ثم إن شاء الزوج أسقط الحد باللعان وإن قذف المجنونة وأضافه إلى حال إفاقتها أو قذفها وهي عاقلة ثم جنت فليس لوليها المطالبة فإذا أفاقت فلها المطالبة بالحد وللزوج إسقاطه باللعان وإن قذفها الزوج وهو طفل لم يحد وإن أتت امرأته بولد لم يلحقه نسبه إن كان له دون عشر سنين وإن كان مجنونا فلا حكم لقذفه وإن أتت امرأته بولد فنسبه لا حق به فإذا عقل فله نفيه وإن ادعى أنه كان ذاهب العقل حين قذفه فأنكرت ولا بينة ولم يكن له حال علم فيها زوال عقله فالقول قولها مع يمينها وإن عرف جنونه ولم
ـــــــ
1 مراده إذا أتت الأمة بولد ثم ادعى سيدها الذي كان زوجا لها أنه بعد الوطء استبرأها فلم يعد لوطئها في ملكه أثر في إثبات النسب

(4/99)


يعرف له حال إفاقة فقوله مع يمينه وإن عرف له الحالان فوجهان.

(4/100)


فصل. القذف الذي يترتب عليه الحد أو اللعان
بأن يقذفها بالزنا في القبل أو الدبر فيقول زنيت أو يا زانية أو رأيتك تزنين وسواء في ذلك الأعمى والبصير فإن قال وطئت بشبهة أو مكرهة أو نائمة أو مع إغماء أو جنون أو وطئت بشبهة والولد من الواطئ فلا لعان ولو كان بينهما ولد ولو قال وطئك فلان بشبهة وكنت عالمة فله أن يلاعن وينفي الولد - اختاره الموفق وغيره - وإن قال لامرأته التي في حباله لم تزني أو لم أقذفك ولكن ليس هذا الولد مني فهو ولده في الحكم ولا حد عليه وإن قال بعد أن أبانها أو قاله لسريته فشهدت بينة - وتكفي أنها امرأة مرضية - أنه ولد على فراشه لحقه نسبه وإن قال ما ولدته وإنما التقطته أو استعارته فقالت بل هو ولدي منك لم يقبل قولها ولا يلحقه نسبه إل ببينة وتكفي امرأة مرضية تشهد بولادتها له فإذا ثبتت ولادتها لحقه نسبه وكذلك لا تقبل دعواها الولادة إذا علق طلاقها بها ولا دعوى الأمة لها لتصير أم ولد ويقبل قولها فيه لتنقضي عدتها به وإن ولدت توأمين فأقر بإحداهما ونفي الآخر أو سكت عنه لحقه نسبهما وإن كان قذف أمهما فطالبته بالحد فله إسقاطه باللعان والأخوان المنفيان إخوان لأم فقط لا يتوارثان بأخوة أبوة وإن أتت بولد فنفاه ولاعن لنفيه ثم ولدت آخر لأقل من ستة أشهر لم ينتف الثاني وباللعان الأول ويحتاج في نفيه إلى لعان ثان فإن أقر بالثاني أو سكت عن نفيه فإنهما توأمان لكون ما بينهما أقل من ستة أشهر وإن أتت

(4/100)


الثاني بعد ستة أشهر فليسا توأمين وله نفيه باللعان وإن استحلقه أو ترك نفيه لحقه ولو كانت قد بانت باللعان لأنه يمكن أن يكون قد وطئها بعد وضع الأول وإن لاعنها قبل وضع الأول فأتت بولد ثم ولدت آخر بعد ستة أشهر لم يحلقه الثاني وإن مات الولد أو مات واحد من توأمين أو ماتا فله أن يلاعن لنفي النسب.

(4/101)


فصل. فإن صدقته الزوجة فيما رماها به مرة أو مرارا أو سكتت أو عفت عنه أو ثبت زناها بأربعة سواه
أو قذف خرساء أو ناطقه فخرست أو صماء لحقه النسب ولا حد ولا لعان وإن كان إقرارها دون الأربع مرات أو أربع مرات ثم رجعت فلا حد عليها وإن كان تصديقها قبل لعانه فلا لعان بينهما وإن كان بعده لم تلاعن هي وإن مات أحدهما قبل اللعان أو في أثناء لعان أحدهما أو قبل لعانها ورثه صاحبه ولحق الزوج نسب الولد ولا لعان لكن إن كانت قد طالبت في حيلتها فإن أولياءها يقومون في الطلب به مقامها فإن طولب به فله إسقاطه باللعان وإذا قذف امرأته وله بينة بزناها فهو مخير بين لعانها وإقامة البينة وإن قال لي بينة غائبة أقيمها أمهل اليومين أو الثلاثة فإن أتى بالبينة وإلا حد إلا أن يلاعن إن كان زوجا فإن قال قذفتها وهي صغيرة فقالت بل كبيرة وأقام كل واحد منهما بينة لما قال فهما قذفان1 وكذلك إن اختلفا في الكفر أو الرق أو الوقت إلا أن يكونا مؤرختين تاريخا
ـــــــ
1 فقذفها في الكبر موجب للحد عليه وقد أثبتته بالبينة. وقذفها في الصغر يوجب التعزير وقد اعترف به.

(4/101)


واحدا فيسقطان في أحد الوجهين وفي الآخر يقرع بينهما فإن شهدا أنه قذف فلانة وقذفهما لم تقبل شهادتهما لاعترافهما بعداوته وإن أبرآه وزالت العداوة ثم شهدا عليه بذلك لم تقبل بعد ردها وإن ادعيا أنه قذفهما ثم زالت العداوة ثم شهدا عليه بقذف زوجته قبلت ولو شهدا أنه قذف امرأته ثم ادعيا أنه قذفهما فإن أضافا دعواهما إلى ما قبل شهادتهما بطلت وإن لم يضيفاها وكان ذلك قبل الحكم بشهادتهما لم يحكم بها لا بعده وإن شهدا أنه قذف امرأته ومهما لم تقبل وإن شهدا على أبيهما قذف ضرة أمهما قبلت وإن شهدا بطلاق الضرة فوجهان ولو شهد شاهد أنه أقر بالعربية أنه قذفها وشهد آخر أقر بذلك بالعجمية ثبتت الشهادة وكذا لو شهد أحدهما أنه أقر يوم الخميس بقذفها وشهد الآخر أنه أقر بذلك يوم الجمعة وإن شهد أحدهما أنه قذفها بالعربية والآخر بالعجمية أو شهد أحدهما أنه قذفها يوم الخميس والآخر يوم الجمعة لم يثبت وإن لاعن ونكلت عن اللعان فلا حد عليها وحبست حتى تقر أربعا أو تلاعن ولا يعرض للزوج حتى تطالبه فإن أراد اللعان من غير طلبها فإن كان بينهما ولد يريد نفيه فله ذلك وإلا فلا.

(4/102)


فصل. وإذا تم اللعان بينهما ثبت أربعة أحكام
أحدها سقوط الحد عنه إن كانت محصنة أو التعزير إن لم تكن محصنة فإن نكل عن اللعان أو عن تمامه فعليه الحد فإن ضرب بعضه فقال أنا ألاعن سمع ذلك منه ولو نكلت المرأة عن الملاعنة ثم بذلتها سمعت أيضا فإن قذفها برجل بعينه سقط الحد عنه لهما بلعانه ذكر الرجل في لعانه أو لم يذكره

(4/102)


فإن لم يلاعن فلكل منهما المطالبة وأيهما طالب حد له وحده وإن قذف امرأته وأجنبية بكلمتين فعليه حدان فيخرج من حد الأجنبية بالبينة ومن حد الزوجة بها أو باللعان وكذا بكلمة واحدة إلا أنه إذا لم يلاعن ولم يقم بينة فحد واحد وإن قال لزوجته يا زانية بنت الزانية فقد قذفها بكلمتين فإن حد لأحدهما لم يحد للأخرى حتى يبرا جلده من حد الأولى الثاني الفرقة بينهما ولو لم يفرق الحاكم فلا يقع الطلاق1 وله أن يفرق بينهما من غير استئذانهما ويكون تفريقه بمعنى إعلامه لهما حصول الفرقة، الثالث الحريم المؤبد فلا تحل له ولو أكذب نفسه وإن لاعنها أمة ثم اشتراها لم تحل له، الرابع انتفاء الولد عنه إذا ذكره في اللعان في كل مرة صريحا أو تضمنا بأن يقول إذا قذفتها بنا في طهر لم يصبها فيه وادعى أنه اعتزلها حتى ولدت: أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما ادعيت عليها أو فيما رميتها من الزنا ونحوه فإن لم يذكر لم ينتف إلا أن يعيد اللعان ويذكر نفيه ولو نفى أولادا كفاه لعان واحد ولا ينتفي عنه إلا أن ينفيه باللعان التام: وهو أن يوجد اللعان منهما جميعا فلا ينتفي بلعان الزوج وحده وإن نفى الحمل في لعانه لم ينتف فإذا وضعته عاد اللعان لنفيه.
ـــــــ
1 يعني لا يلحقها طلاقها حيث انقطعت العلقة بينها تماما بالملاعنة.

(4/103)


فصل. ومن شرط نفي الولد أن ينفيه حالة علمه بولادته من غير تأخير إذا لم يكن عذر -
قال أبو بكر لا يتقدر ذلك بثلاث بل هو على ما جرت به العادة فإن كان ليلا فحتى تصبح وينتشر الناس وإن كان جائعا أو ظمآن فحتى يأكل أو يشرب أو ينام إن كان ناعسا أو يلبس ثيابه

(4/103)


ويسرج دابته ويركب ويصلي إن حضرت الصلاة ويحرز ماله إن كان غير محرز وأشباه هذا من أشغاله فإن أخره بعد هذا لم يكن له نفيه - ومن شرطه ألا يوجد منه دليل على الإقرار به فإن أقر به أو بتوأمه أو نفاه وسكت عن توأمه أو هنئ به فسكت أو أمن على الدعاء أو قال أحسن الله جزاءك أو بارك عليك أو رزقك الله مثله أو أخر نفيه مع إمكانه لحقه نسبه وامتنع نفيه وإن قال أخرت نفيه رجاء موته لم يعذر بذلك وإن قال لم أعلم بولادته وأمكن صدقه بأن يكون في محلة أخرى قبل قوله مع يمينه وإن لم يمكن مثل أن يكون معها في الدار لم يقبل وإن قال علمت ولادته ولم أعلم إن لي نفيه أو علمت ذلك ولم أعلم أنه على الفور وكان ممن يخفى عليه ذلك كعامة الناس أو من هو حديث عهد بإسلام أو من أهل البادية قبل منه وإن كان فقيها لم يقبل منه وإن أخره لحبس أو مرض أو غيبة أو اشتغال بحفظ مال يخاف عليه منه ضيعته أو بملازمة غريم يخاف فوته أو بشيء يمنعه ذلك لم يسقط نفيه وإن قال لم أصدق المخبر به وكان مشهور العدالة أو كان الخبر مستفيضا لم يقبل قوله وإلا قبل وإن علم وهو غائب فأمكنه السير فاشتغل به لم يبطل خياره وإن أقام من غير حاجة بطل ومتى أكذب نفسه بعد نفيه واللعان لحقه نسبه حيا كان أو ميتا غنيا كان أو فقيرا ويتوارثان ولزمه الحد إن كانت محصنة وإلا التعزير فإن رجع عن إكذاب نفسه وقال لي بينة أقيمها بزناها أو أراد إسقاط الحد باللعان لم يسمعها وإن ادعت أنه قذفها فأنكر فأقامت به بينة فقال صدقت البينة ليس ذلك قذفا لأن القذف

(4/104)


الرمي بالزنا كذبا وأنا صادق فيما رميتها به لم يكن ذلك إكذابا لنفسه وله إسقاط الحد باللعان فإن قال ما زنت ولا رميتها بالزنا فقامت البينة عليه بقذفها لزمه الحد ولم تسمع بينته ولا لعانه ولو اتفقت الملاعنة على الولد ثم استلحقه الملاعن رجعت عليه بالنفقة ويأتي في النفقات ولا يلحقه نسبه باستلحاق ورثته له بعد موته ولعانه ولو نفى من لم ينتف وقال أنه من زنا حد إن لم يلاعن.

(4/105)


فصل. فيما يحلق من النسب -
من ولدت امرأته من أمكن كونه منه ولو مع غيبته ولا ينقطع الإمكان عنه بالحيض بأن تلده بعد ستة أشهر منذ أمكن اجتماعه بها أو لأقل من أربع سنين منذ أبانها وهو ممن يولد لمثله كابن عشر لحقه نسبه ما لم ينفه باللعان ومع هذا فلا يكمل به مهر ولا يثبت به عدة ولا رجعة ولا يحكم ببلوغه إن شك فيه وإن أتت به لدون ستة أشهر منذ تزوجها وعاش وإلا لحقه بالإمكان كما بعدها أو لأكثر من أربع سنين منذ أبانها أو أخبرت بانقضاء عدتها بالقرء ثم أتت به لأكثر من ستة أشهر لم يلحق الزوج فأما إن طلقها فاعتدت بالإقراء ثم ولدت قبل مضي ستة أشهر من آخر إقرائها لحقه ولزم ألا يكون الدم حيضا وإن فارقها حاملا فولدت ثم ولدت آخر قبل مضي ستة أشهر لحقه وإن كان بينهما أكثر من ستة أشهر لم يحلقه وانتفى عنه من غير لعان وإن كان بينهما أكثر من ستة أشهر لم يلحقه وانتفى عنه من غير لعان وإن علم أنه لا يجتمع بها كالذي يتزوجها بحضرة الحاكم أو غيره ويطلقها في المجلس أو يموت قبل غيبته عنهم أو يتزوجها وبينهما مسافة لا يصل إليها في المدة التي ولدت فيها لم يلحقه وإن أمكن وصوله في المدة

(4/105)


لحقه النسب وإن كان الزوج صبيا له دون عشر سنين أو مقطوع الذكر والأنثيين أو الأنثيين فقط لم يلحقه نسبه ويلحق مقطوع الذكر فقط والعنين.

(4/106)


فصل. وإن طلقها طلاقها رجعيا فولدت لأكثر من أربع سنين منذ طلقها وقبل نصف سنة منذ أخبرت بفراغ العدة أو لم تخبر
أو لأقل من أربع سنين منذ انقضت عدتها لحقه نسبه وإن أخبرت بموت زوجها فاعتدت ثم تزوجت لحق الثاني ما ولدته لنصف سنة فأكثر وإن وطئ رجل امرأة لا زوج لها بشبهة فأتت بولد لحقه نسبه - وقال أحمد كل من درات عنه الحد ألحقت به الولد - ولو تموج رجلان اختين فزنت كل واحدة منهما إلى زوج الأخرى غلطا فوطئها وحملت منه لحق الولد بالواطئ لا بالزوج وإن وطئت امرأته أو أمته بشبهة في طهر لم يصبها فيه فاعتزلها حتى أتت بولد لستة أشهر من حين الوطء لحق الواطئ وانتفى عن الزوج من غير لعان وإن أنكر الواطئ الوطء فالقول قوله بغير يمين ويلحق نسب الولد بالزوج وإن أتت به لدون ستة أشهر من حين الوطء لحق الزوج وإن اشتركا في وطئها في طهر فأتت بولد يمكن أن يكون منهما لحق الزوج لأن الولد للفراش وإن ادعى الزوج أنه م الواطئ فقال بعض أصحابنا يعرض على القافة معهما فيلحق بمن ألحقته به منهما فإن ألحقته بالواطئ لحقه ولم يملك نفيه عن نفسه وانتفى عن الزوج بغير لعان وإن ألحقته بالزوج لحق ولم يملك الواطئ نفيه باللعان وإن ألحقته القافة بهما لحق بهما ولم يملك الواطئ نفيه عن نفسه وهل يملك الزوج

(4/106)


نفيه باللعان على روايتين فإن لم يوجد قافة أو اشتبه عليهم لحق الزوج وإن أتت امرأته بولد فادعى أنه من زوج قبله وكانت تزوجت بعد انقضاء العدة أو بعد أربع سنين منذ باتت من الأول لم يلحق بالأول وإن وضعته لأقل من ستة أشهر منذ تزوجها الثاني لم يحلق به وينتفي عنهما وإن كان أكثر من ستة أشهر فهو ولده وإن كان لأكثر من ستة أشهر منذ تزوجها الثاني ولأقل من أربع سنين من طلاق الأول ولم يعلم انقضاء العدة لحق بمن ألحقته القافة فإن ألحقته بالأول انتفى عن الزوج بغير لعان وإن ألحقته بالزوج انتفى عن الأول وليس للزوج نفيه وتعتبر عدالة القائف وذكوريته وكثرة إصابته لا حريته ويكفي واحد ولا يبطل قولها بقول أخرى ولا بإلحاقها غيره - وتقدكم في اللقيط بعضه.

(4/107)


فصل. ومن اعترف بوطء أمته في الفرج أو دونه
لأنه قد يجامع فيسبق الماء إلى الفرج فولدت لستة أشهر لحقه نسبه وإن ادعى العزل أو عدم الإنزال إلا أن يدعي الاستبراء ويحلف عليه فينتفي بذلك فإن ادعى الاستبراء فأتت بولدين فأقر بأحدهما ونفى الآخر لحقاه وإن أعتقها أو باعها ونحوه بعد اعترافه يوطئها فأتت بولد لدون ستة أشهر من حين العتق أو البيع لحق به وتصير أم ولد له والبيع باطل وكذا إن لم يستبرئها فأتت به لأكثر من ستة أشهر وادعى المشتري أنه من البائع فهو ولد البائع سواء ادعاه البائع أو لم يدعه وإن ادعاه المشتري لنفسه أو ادعى كل واحد منهما أنه للآخر والمشتري مقر بالوطء أرى القافة وإن استبرئت ثم أتت بولد لأكثر من ستة أشهر

(4/107)


لم يلحقه نسبه وكذا إن تستبرأ ولم يقر المشتري للبائع به وإن ادعاه بعد ذلك وصدقه المشتري لحقه نسبه وبطل البيع فإن لم يكن البائع أقر بوطئها قبل بيعها لم يلحقه الولد بحال سواء ولدته لستة أشهر أو لأقل وإن اتفقا على أنه ولد البائع فهو ولده وبطل البيع وإن ادعاه البائع ولم يصدقه المشتري فهو عبد للمشتري كما لو باع عبدا ثم أقر أنه كان أعتقه والقول قول المشتري مع يمينه ويحلق الولد بوطء الشبهة وفي كل نكاح فاسد فيه شبهة كنكاح صحيح لا كملك اليمين ولا أثر لشبهة ملك مع فراش وإن وطئ المجنون من لا شبهة له عليها ولا شبهة ملك لم يلحقه نسبه.

(4/108)