الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل

كتاب العدد
*
مدخل
...
كتاب العدد
وهي: التربص المحدود شرعا كل امرأة فارقها زوجها في حياته قبل المسيس والخلوة فلا عدة عليها وإن خلا بها وهي مطاوعة ولو لم يمسها ولو في نكاح فاسد فعليه العدة سواء كان بهما أو بأحدهما مانع من الوطء كإحرام وصيام وحيض ونفاس ومرض وجب وعنة ورتق وظهار وإيلاء واعتكاف أو لم يكن إلا ألا يعلم بها كأعمى وطفل ومن لا يولد لمثله لصغره أو كانت لا يوطأ مثلها لصغرها أو غير مطاوعة وفارقها في حياته فلا عدة عليها ولا يكمل صداقها ولا تجب بالخلوة بلا وطء في نكاح مجمع على بطلانه فارقها أو مات عنها وإن وطئها ثم مات أو فارقها

(4/108)


اعتدت لوطئه بثلاثة قروء منذ وطئها كالمزني بها من غير عقد ولا بتحملها ماء الرجل ولا بالقبلة واللمس من غير خلوة وتجب على الذمية من الذمي والمسلم ولو لم تكن من دينهم وعدتها كعدة المسلمة وتجب العدة على من وطئت مطاوعة كانت أو مكرهة إلا أن يكون الواطئ لا يولد لمثله لصغره وهو مذهب المالكية.
والمعتدات ست: إحداهن أولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن تنقضي عدتها إلا وضع كل الحمل ولو لم تطهر وتغتسل من نفاسها لكن إن تزوجت في مدة النفاس حرم وطؤها حتى تطهر فلو ظهر بعض الولد فهي في عدة حتى ينفصل باقيه إن كان واحدا وإن كان أكثر فحتى ينفصل باقي الأخير فإن وضعت ولدا وشكت في وجود ثان لم تنقض عدتها حتى تزول الريبة وتتيقن أنه لم يبق معها حمل والحمل الذي تنقضي به العدة تصير به الأمة أم ولد وهو ما تبين فيه شيء من خلق الإنسان كرأس ورجل فإن وضعت مضغة لا يتبين فيها شيء من ذلك فذكر ثقات من النساء أنه مبدأ خلق آدمي لم تنقض به العدة وكذا لو ألقت نطفة أو دما أو علقة لكن لو وضعت مضغة لم يتبين فيها الخلق فشهدت ثقات من القوابل أن فيها صورة خفية بأن بها أنها خلقة أدمي انقضت به العدة وإن أتت بولد لا يلحقه نسبه كامرأة صغير لا يولد لمثله وخصي مجبوب ومطلقة عقب عقد ومن أتت به لدون ستة أشهر منذ عقد عليها وعاش أو بعد أربع سنين منذ مات أو

(4/109)


بانت منه أو انقضاء عدتها إن كانت رجعية لم تنقض عدتها به وتعتد بعده عدة وفاة أو عدوة فراق حيث وجبت وأقل مدة الحمل ستة أشهر وغالبها تسعة أشهر وأكثرها أربع سنين وأقل ما يتبين به الولد أحد وثمانون يوما.

(4/110)


فصل. الثانية المتوفى عنها زوجها
ولو طفلا أو طفلة لا يولد لمثلهما ولو قبل الدخول فتعتد إن لم تكن حاملا منه أربعة أشهر وعشر ليال بعشرة أيام إن كانت حرة وإن كانت أمة نصفها وإن كانت حاملا من غيره اعتدت للزوج بعد وضع الحمل ومعتق بعضها بالحساب من عدة حرة وأمة ويجبر الكسر وإن مات زوج الرجعية في عدتها استأنفت عدة وفاة من حين موته وسقطت عدة الطلاق وإذا قتل المرتد في عدة امرأته استأنفت عدة وفاته ولو أسلمت امرأة كافر ثم مات قبل انقضاء العدة انتقلت إلى عدة وفاته في قياس التي قبلها وإن طلقها في الصحة بائنا ثم مات في عدتها لم تنتقل عنها وإن كان الطلاق في مرض موته اعتدت أطول الأجلين من عدة طلاق وعدة وفاة إل أن تكون ل ترثه كالأمة أو الحر يطلقها العبد أو الذمية يطلقها المسلم أو تكون هي سألته الطلاق أو الخلع أو فعلت ما يفسخ نكاحها فتعتد للطلاق ل غير وإن كانت المطلقة مبهمة و معينة ثم أنسيها ثم مات اعتدت كل واحدة الأطول منهما ما لم تكن حاملا وإن مات المريض المطلق في مرضه بعد انقضاء عدتها بالحيض أو بالشهور أو بوضع الحمل أو كان طلاقه قبل الدخول فليس عليها عدة لموته ولا يعتبر وجود الحيض في عدة الوفاة وإن ارتابت المتوفى عنها كظهور إمارات الحمل من الحركة

(4/110)


وانتفاخ البطن وانقطاع الحيض ونزول اللبن في ثديها وغير ذلك قبل أن تنكح ولو بعد فراغ شهور العدة لم تزل في عدة حتى تزول الريبة وإن تزوجت قبل ذلك لم يصح النكاح ولو تبين عدم الحمل وإن كان بعد الدخول لم يفسد نكاحها ولم يحل وطؤها حتى تزول الريبة وإن كان قبله وبعد العقد لم يفسد أيضا إلا أن تأتي بولد والمراد ويعيش لدون ستة أشهر منذ نكاحها فيفسد فيهما وإن مات عن امرأة فنكاحها فاسد كالنكاح المختلف فيه فعليها عدة وفاة.

(4/111)


فصل. الثالثة ذات القروء المفارقة في الحياة بعد الدخول بها
بطلاق أو خلع أو لعان أو رضاع أو فسخ بعيب أو إعسار أو اعتلق تحت عبد أو اختلاف دين أو غيره فعدتها ثلاثة قروء وإن كانت حرة أو بعضها وقرآن إن كان أمة والقرء الحيض ولا يعتد بالحية التي طلقها فيها وإن قال الزوج وقع الطلاق في الحيض أو في أوله وقالت بل في الطهر الذي قبله أو قال انقضت حروف الطلاق مع انقضاء الطهر فوقع في أول الحيض وقالت بل بقي منه بقية فالقول قولها وإذا انقطع دمها من الحيضة الثالثة لم تحل للأزواج حتى تغتسل وإن فرطت في الاغتسال مدة طويلة وتنقطع بقية الأحكام بانقطاعه - وتقدم في الرجعة.

(4/111)


فصل. الرابعة المفارقة في الحياة ولم تحض لا يأس أو صغر
فعدتها ثلاثة أشهر وإن كانت أمة أو أم ولد شهران ومن بعضها حر بالحساب والابتداء من حين وقع الطلاق سواء كان في الليل أو النهار أو في أثنائهما من ذلك الوقت إلى مثله فإن كان الطلاق أول

(4/111)


فصل. الخامسة: من ارتفع حيضها ولو بعد حيضة أو حيضتين لا تدري ما رفعه
اعتدت سنة تسعة أشهر للحمل وثلاثة للعدة لأنها لا تبنى عدة على عدة أخرى وإن كانت أمة فبأحد عشر شهرا فإن عاد الحيض إلى الحرة أو الأمة قبل انقضاء عدتها ولو في آخرها لزمها الانتقال إليه وإن عاد بعد مضيها ولو قبل نكاحها لم تنتقل فإن عاد وعادة المرأة أن يتباعد ما بين حيضتيها لم تنقض عدتها إلا بثلاث حيض وإن طالت وعدة الجارية التي أدركت ولم تحض والمستحاضة المبتدأة ثلاثة أشهر والأمة شهران وإن كانت عادة أو تمييز عملت به فإن كانت عادتها سبعة أيام من أول كل شهر فمضى لها شهر إن بالهلال وسبعة أيام من أول الثالث فقد انقضت عدتها وإن علمت أن لها حيضة في كل شهر أو شهرين و نحوه ونسيت وقتها فعدتها ثلاثة أمثال ذلك وإن عرفت

(4/112)


ما رفعه من مرض أو رضاع أو نفاس فلا تزال في عدة حتى يعود الحيض فتعتد به أو تبلغ سن الآيسة فتعتد عدتها وعنه تنتظر زواله ثم إن حاضت اعتدت به وإلا اعتدت بسنة.

(4/113)


فصل. السادسة: امرأة المفقود الذي انقطع خبره لغيبة ظاهرها الهلاك:
كالذي يفقد من بين أهله أو يخرج إلى الصلاة فلا يرجع أو يمضي إلى مكان قريب ليقضي حاجته ويرجع فلا يظهر له خبر أو يفقد في مفازة أو بين الصفين إذا قتل قوم أو من غرق مركبه ونحو ذلك: فإنها تتربص أربع سنين ولو كان أمة ثم تعتد للوفاة أربعة أشهر وعشرا والأمة شهران وخمسة أيام - وفي التنقيح كحرة وهو سهو - ولا يفتقر الأمر إلى الحاكم ليحكم بضرب المدة وعدة الوفاة والفرقة ولا إلى طلاق ولي زوجها بعد اعتدادها فلو مضت المدة والعدة تزوجت وإذا حكم الحكم بالفرقة أو غرفت المدة نفذ الحكم في الظاهر فلو طلق الأول صح طلاقه لبقاء نكاحه وكذا لو ظاهر منها ونحوه ولو تزوجت امرأته قبل الزمان لمعتبر ثم تبين أنه كان ميتا أو أنه كان طلقها قبل ذلك بمدة تنقضي فيها العدة لم يصح النكاح وإذا تربصت واعتدت ثم تزوجت ثم قدم زوجها الأول قبل وطء الثاني ردت إليه ولا صداق على الثاني وإن كان بعده خير الأول بين أخذها بالعقد الأول ولو لم يطلق الثاني نصا ويطأ بعد عدته وبين تركها مع الثاني من غير تجديد عقد - اختار الموفق التجديد انتهى - ويأخذ الأول قدر الصداق الذي أعطاها هو من الثاني ويرجع الثاني على الزوجة بما أخذ منه فإن رجع الأول بعد موتها

(4/113)


لم يرثها وإن رجع بعد موت الثاني ورثته واعتدت ورجعت إلى الأول وأما من انقطع خبره لغيبة ظاهرها السلامة كسفر التاجر في غير مهلكة وأباق العبد وطلب العلم والسياحة والأسر وسفر الفرجة ونحوه فإن امرأته تتربص تمام تسعين سنة من يوم ولد ثم يعتد عدة الوفاة ثم تحل وتقدم في باب ميراث المفقود وإن كانت غيبته غير منقطعة يعرف خبره ويأتي كتابه فليس لامرأته أن تتزوج إلا أن يتعذر الإنفاق عليها من ماله فلها الفسخ لا بتعذر الوطء إذا لم يقصد بغيبته الإضرار بتركه فإن قصده فلها الفسخ به إذا كان سفره أكثر من أربعة أشهر ومن ظهر موته باستفاضة كأن تظاهرت الأخبار بموته أو بينة فاعتدت زوجته للوفاة أبيح لها أن تتزوج فإن عاد زوجها بعد ذلك فكمفقود يخير زوجها بين أخذها وتركها وله الصداق وله تضمين البينة ما تلف من ماله وإن اختارت امرأة المفقود المقام والصبر حتى يتبين أمره فلها النفقة من ماله ما دام حيا فإن تبين أنه مات أو فارقها رجع عليهما بما بعد ذلك من النفقة وإن ضرب لها حاكم مدة التربص فلها فيها النفقة لا في العدة وإن تزوجت أو فرق الحاكم بينهما سقطت فإن قدم الزوج بعد ذلك وردت إليه عادت نفقتها من حين الرد وإذا تزوج امرأة لها ولد من غيره وليس للولد ولد ولا ولد ابن ولا أب ولا جد وهي غير آيسة فمات اعتزلها الزوج وجوبا حتى تحيض أو يتبين حملها لأن حملها يرثه فإن لم يفعل وأتت بولد قبل ستة أشهر ورث وإن أتت به بعدها من حين وطئها بعد موت الولد لم يرث ومن طلقها زوجها أو مات

(4/114)


عنها وهو غائب عنها فعدتها من يوم مات أو طلق وإن لم يجتنب ما تجتنبه المعتدة وإن أقر الزوج أنه طلقها من مدة تزيد على العدة إن كان فاسقا أو مجهول الحال لم يقبل قوله في انقضاء العدة التي فيها حق الله وإن كان عدلا غير متهم مثل إن كان غائبا فلما حضر أخبرها أنه طلق من كذا وكذا فتعتد من حين الطلاق كما لو قامت به بينة وعدة موطوءة بشبهة أو بزنا كمطلقة إلا أمة غير مزوجة فبحيضة وإن وطئت زوجة أو سرية بشبهة أو زنا حرمت حتى تعتد الزوجة وتستبرأ السرية وله الاستمتاع منهما بما دون الفرج.

(4/115)


فصل: وإن وطئت معتدة بشبهة أو نكاح فاسد فرق بينهما
وأتمت عدة الأول ولا يحتسب منها مدة مقامها عند الواطئ الثاني وله رجعة رجعية في مدة تتمة عدته ثم استأنفت العدة من الواطئ وإن كانت بائنا قاصا بها المطلق عمدا فكذلك وإن أصابها بشبهة استأنفت العدة للوطء ودخلت فيها بقية الأولى وإن وطئت امرأة بشبهة ثم طلقها زوجها رجعيا اعتدت له أولا ثم اعتدت للشبهة وكل معتدة من غير النكاح الصحيح كالزانية والموطوءة بشبهة أو نكاح فاسد قياس المذهب تحريمها على الواطئ وغيره في العدة - قال الشارح وقال الموفق: والأولى حل على نكاحها لمن هي معتدة منه إن كان يلحقه نسب ولدها وإلا فلا - وتقدم في المحرمات في النكاح إن لم يلزمها عدة من غيره وإن تزوجت في عدتها فنكاحها باطل ويجب أن يفرق بينهما وتسقط نفقة الرجعية وسكناها عن الزوج الأول لنشوزها ولم تنقطع عدتها

(4/115)


حتى يطأ الثاني ثم إذا فارقها بنت على عدتها من الأول واستأنفت العدة من الثاني وإن أتت بولد من أحدهما عينا انقضت عدتها به منه ثم اعتدت للآخر وإن أمكن أن يكون منهما أرى القافة معهما فألحق بمن ألحقوه به منهما وانقضت عدتها به وإن ألحقته بهما لحق بهما وانقضت عدتها به منهما وإن نفته عنهما أو أشكل عليها أو لم يوجد قافة ونحوه اعتدت بعد وضعه بثلاثة قروء وللثاني أن ينكحها بعد انقضاء العدتين فإن وطئ رجلان امرأة بشبهة أو زنا فعليها عدتان لهما وإذا تزوج معتدة وهما عالمان بالعدة وبتحريم النكاح فيها ووطئها فيها فهما زانيان عليهما حد الزنا ولا مهر لها إن لم تكن أمة ولا يلحقه النسب وإن كانا جاهلين بالعدة أو التحريم ثبت النسب وانتفى الحد ووجب المهر وإن علم هو دونها فعليه الحد والمهر وإن علمت هي دونه فعليها الحد ولا مهر له ويلحقه النسب.

(4/116)


فصل. وإن طلقها واحدة فلم تنقض عدتها حتى طلقها ثانية بنت على ما مضى من العدة
إن راجعها ثم طلقها بعد دخوله بها أو قبله استأنفت العدة كفسخها بعد الرجعة بعتق أو غيره وإن طلقها بائنا ثم نكحها في عدتها ثم طلقها قبل دخوله بنت على ما مضى.

(4/116)


فصل. ويلزم الإحداد في العدة كل متوفى عنها فقط في نكاح صحيح
ويباح لبائن ويحرم فوق ثلاث على ميت غير زوج ولا يجب في نكاح فاسد والمسلمة والذمية والمكلفة وغيرها فيه سواء وهو اجتناب ما يدعو إلى جماعها ويرغب في النظر إليها ويحسنها من زينة وطيب ولو في دهن كدهن ورد وبنفسج وياسمين وبان ونحوه لكن لها أن

(4/116)


فصل. وتجب عدة الوفاة في المنزل الذي وجبت فيه وهو الذي مات فيه زوجها وفي ساكنة فيه
سواء كان لزوجها أو بأجارة أو عارية إذا تطوع الورثة بإسكانها فيه أو السلطان أو أجنبي وإن انتقلت إلى غيره لزمها العود إليه إلا أن تدعو الضرورة إلى خروجها منه بأن يحولها مالك أو تخشى على نفسها من هدم أو غرق أو عدو أو غير ذلك كخروجها لحق أو لا تجد ما تكتري به أو لا تجد إلا من مالها وفي المغني وغيره أو

(4/117)


يطلب منها فوق أجرته فتسقط السكنى وتسكن حيث شاءت ولا سكنى لها ولا نفقة في مال الميت ولا على الورثة إذا لم تكن حاملا ولهم إخراجها لأذاها ولا تخرج ليلا ولو لحاجة بل لضرورة ولها الخروج نهارا لحوائجها فقط ولو وجدت من يقضيها لها وليس لها المبيت في غير بيتها فلو تركت الاعتداد في المنزل أو لم تحد عصت وتمت العدة بمضي الزمان والأمة كالحرة في الإحداد والاعتداد في منزلها إلا أن سكناها في العدة كسكناها في حياة زوجها للسيد إمساكها نهارا ويرسلها ليلا فإن أرسلها ليلا ونهارا اعتدت زمانها كله في المنزل والبدوية كالحضرية فإن انتقلت الحلة انتقلت معهم وإن انتقل غير أهل المرأة لزمها المقام مع أهلها وإن انتقل أهلها انتقلت معهم إلا أن يبقى من الحلة ما لا تخاف على نفسها معهم فتخير بين الإقامة والرحيل وإن هرب أهلها فخافت هربت معهم فإن أمنت أقامت لقضاء العدة في منزلها وإن مات صاحب السفينة وامرأته فيها ولها مسكن في البر فكمسافرة في البر وإن لم يكن لها مسكن سواها وكان لها فيها بيت يمكنها المسكن فيه بحيث لا تجتمع مع الرجال وأمكنها المقام فيه بحيث تأمن على نفسها ومعها محرمها لزمها أن تعتد وإن كنت ضيقة وليس معها محرم أو لا يمكنها الإقامة فيها إلا بحيث تختلط مع الرجال لزمها الانتقال عنها إلى غيرها وإذا أذن للمرأة زوجها في النقلة من بلد إلى بلد أو من دار إلى دار فمات قبل خروجها من الدار أو البلد قبل نقل متاعها من الدار أو بعده لزمها الاعتداد في الدار وإن مات بعد انتقالها إلى الثانية اعتدت فيها وكذلك إن مات بعد وصولها

(4/118)


إلى البلد الآخر وإن مات وهي بين الدارين أو بلدين خيرت بينهما وإن سافر بها لغير النقلة فمات في الطريق قريبا وهي دون مسافة القصر لزمها العود وإن كان فوقها خيرت بين البلدين وإذا مضت إلى مقصدها فلها الإقامة حتى تقضي ما خرجت إليه وتقضي حاجتها من تجارة أو غيرها وإن كان خروجها لنزهة أو زيارة ولم يكن قدر لها مدة أقامت ثلاثا وإن كان قدر لها مدة فلها إقامتها فإذا مضت مدتها أو قضت حاجتها ولم يمكنها الرجوع لخوف أو غيره أتمت العدة في مكانها وإن أمكنها الرجوع لكن لا يمكنها الرجوع إلى منزلها حتى تنقضي لزمتها الإقامة في مكانها وإن كانت تصل وقد بقي منها شيء لزمها العود لتأتي به في مكانها وإن أذن لها في الحج أو كانت حجة الإسلام فأحرمت به ثم مات فخشيت فوات الحج مضت في سفرها وإن لم تخش وهي في بلدها أو قريبة يمكنها العود أقامت لتقضي العدة في منزلها وإلا مضت في سفرها ولو كان عليها حجة الإسلام فمات لزمتها العدة في منزلها وإن فاتها الحج إن أحرمت قبل موته أو بعده وأمكن الجمع بينهما بأن تأتي بالعدة في منزلها وبحج لزمها العود ولو تباعدت وإن لم يمكن قدمت مع البعد الحج ومع القرب العدة كما لو لم تكن أحرمت ومتى كان عليها في الرجوع خوف أو ضرر فلها المضي في سفرها كالبعيدة ومتى رجعت وبقي عليها شيء منها أتت به في منزل زوجها.

(4/119)


فصل. وتعتد بائن حيث شاءت من بلدها
في مكان مأمون ولا تسافر ولا تبيت إلا في منزلها وجوبا فلو كانت دار المطلق متسعة لهما

(4/119)


وأمكنها السكنى في موضع منفرد كالحجرة وعلو الدار وبينها باب يغلق وسكن الزوج في الباقي جاز كما لو كانتا حجرتين متجاورتين وإن لم يكن بينهما باب مغلق ولها موضع تستتر فيه بحيث لا يراها ومعها محرم تتحفظ به جاز أيضا ولو غاب من لزمته السكنى لها أو منعها منها اكتراه الحاكم من ماله أو اقترض عليه أو قرض أجرته وإن اكترته بإذنه أو أذن حاكم أو بدونهما للعجز عن إذنه رجعت ومع القدرة إن نوت الرجوع رجعت ولو سكنت ملكها فلها أجرته ولو سكنته أو اكترت مع حضوره وسكوته فلا أجرة لها وليس له الخلوة مع امرأته البائن إلا مع زوجته أو أمته أو محرم أحدهما وإن أراد إسكان البائن في منزله أو غيره مما يصلح لها تحصينا لفراشه ولا محذور فيه لزمها ذلك ولو لم تلزمه نفقة كمعتدة لشبهة أو نكاح فاسد أن مستبرأة بعتق وحكم الرجعية في العدة حكم المتوفى عنها في لزوم المنزل.

(4/120)


باب الاستبراء
مدخل
...
باب الاستبراء
وهو: قصد علم براءة رحم ملك يمين حدوثا أو زوالا من حمل غالبا بأحد ما يستبرأ به.
إذا ملك ولو طفلا أمة ببيع أو هبة أو إرث أو سبي أو وصية أو غنيمة أو غير ذلك لم يحل له وطؤها ولا الاستمتاع بها بقبلة ونظر لشهوة ولا بما دون فرج بكرا كانت أو ثيبا صغيرة يوطأ مثلها أو كبيرة ممن تحمل أو ممن لا تحمل - حتى يستبرئها وسواء ملكها من صغير أو كبير أو رجل أو امرأة أو مجبوب أو من رجل قد استبرأها ثم لم يطأها وإن اشترى

(4/120)


غير مزوجة فأعتقها قبل استبرائها لم يصح تزوجه بها قبله ولغيره نكاحها قبل الاستبراء مع الرق والعتق إن كان البائع ما وطئ أو وطئ ثم استبرأ ولا يجب استبراء الصغيرة التي لا يوطأ مثلها ولا بملك أنثى من أنثى وإن اشترى زوجته أو عجزت مكاتبته أو فك أمته من الرهن أو أسلمت أمته المجوسية أو المرتدة أو الوثنية التي حاضت عنده أو كان هو المرتد وأسلم أو اشترى مكاتبه من ذوات محارمه فحضن عنده ثم عجز أو زوج السيد أمته ثم طلقت قبل الدخول أو اشترى عبده التاجر أمة ثم أخذها سيده حلت بغير استبراء لكن يستحب في الزوجة ليعلم هل حملت في زمن الملك أو غيره وإن كان ما اشتراه المكاتب من غير ذوات محارمه بعد أن حاضت عنده وأخذها السيد لعجزه لزمه الاستبراء وإن وطئ المشتري الجارية وهي حامل حملا كان موجودا حين البيع من غير البائع انقضى استبراؤها بوضعه - قال أحمد: ولا يلحق بالمشتري ولا يبيعه ولكن يعتقه لأنه قد شرك فيه لأن الماء يزيد في الولد انتهى - ويحرم وطء مستبرأة زمن استبرائها فإن فعل لم ينقطع به وتبنى على ما مضى فإن حملت قبل الحيضة استبرأت بوضعه وإن أحبلها فيها وقد ملكها حائضا فكذلك وفي حيضة ابتدأتها عنده تحل في الحال لجعل ما مضى حيضة وإن وجد استبراء مشتر ونحوه في يد بائع ونحوه أو يد وكيله بعد الشراء وقبل القبض أجزأ ولا يكون استبراء إلا بعد ملك المشتري لجميع الأمة فلو ملك بعضها ثم ملك باقيها لم يحتسب الاستبراء إلا من حين ملك باقيها وإن باع أمته أ وهبها ونحوه ثم عادت إليه بفسخ أو غيره حيث

(4/121)


انتقل الملك وجب استبراؤها ولو قبل القبض إن افترقا وإلا فلا يجب وتقدم في الإقالة ويكفي استبراء زمن خيار لمشتر وإن اشترى أمة مزوجة فطلقها الزوج قبل الدخول وجب استبراؤها أو ملكها معتدة أو زوج أمته ثم طلقت بعد الدخول وأعتقت في العدة لم يجب استبراء اكتفاء بالعدة وإن كانت الأمة لرجلين فوطئاها ثم باعاها لرجل آخر أجزأه استبراء واحد وإن أعتقاها لزمها استبراآن

(4/122)


فصل. وإن وطئ أمته ثم أراد تزويجها أو بيعها لم يجز حتى يستبرئها
فلو خالف وفعل صح البيع دون النكاح وإن لم يطأ أو كانت آيسة لم يلزمه استبراؤها إذا أراد بيعها لكن يستحب وإذا اشترى جارية فظهر بها حمل لم تحل من خمسة أحوال: أحدها أن يكون البائع أقر بوطئها عند البيع أو قبله وأتت بولد لدون ستة أشهر أو يكون البائع ادعاه وصدقه المشتري فهو ابن للبائع وتصير أم ولد له والبيع باطل الثاني: أن يكون أحدهما استبرأ ثم أتت بولد لأكثر من ستة أشهر من حين وطئها المشتري فالولد له والجارية أم ولد له الثالث: أتت به لأكثر من ستة أشهر بعد استبراء أحدهما لها ولأقل من ستة أشهر منذ وطئها المشتري فلا يحلق بواحد منهما ويكون ملكا للمشتري ولا يملك فسخ البيع فإن ادعاه كل واحد منهما فهو للمشتري وإن ادعاه البائع وحده فصدقه المشتري لحقه وكان البيع باطلا وإن أكذبه فالقول قول المشتري في ملك الولد الرابع: أن تأتي به بعد ستة أشهر منذ وطئها المشتري وقبل استبرائها ونسبه لاحق به فإن ادعاه البائع فأقر له المشتري لحقه وبطل

(4/122)


البيع، وإن أكذبه فالقول قول المشتري وإن ادعى كل واحد منهما أنه من الآخر عرض على القافة فالحق بمن ألحقوه به منهما وإن ألحقوه بهما لحق بهما وينبغي أن يبطل البيع وتكون الجارية أم ولد للبائع الخامس: أتت به لأقل من ستة أشهر منذ باعها ولم يكن أقر بوطئها فلا بيع صحيح والولد مملوك للمشتري فإن ادعاه البائع فالحكم كما ذكرنا في الثالث وإذا أعتق أم ولده أو أمته التي كان يصيبها قبل استبرائها أو مات عنها لزمها استبراء نفسها لكن لو أراد أن يتزوجها أو استبرأ بعد وطئه ثم أعتقها أو باعها فأعتقها مشتر قبل وطئها أو كانت مزوجة أو معتدة أو فرغت عدتها من زوجها فأعتقها أو أراد تزويجها قبل وطئه فلا استبراء وإن أبانها قبل الدخول بها أو بعده أو مات فاعتدت ثم مات سيدها فلا استبراء بأن لم يطأ وإن باع ولم يستبرئ فأعتقها المشتري قبل وطء واستبراء استبرأت أو تممت ما وجد عند مشتر وإذا زوج أم ولده ثم مات عتقت ولم يلزمها استبراء وإن بانت من الزوج قبل الدخول بطلاق أو موت زوجها أو بطلاقه بعد الدخول فأتمت عدتها ثم مات سيدها فعليها الاستبراء وإن مات زوجها وسيدها ولم يعلم السابق منهما وبين موتهما أقل من شهرين وخمسة أيام لزمها بعد موت الآخر منهما عدة الحرة من الوفاة فقط وإن كان بينهما أكثر من ذلك أو جهلت المدة لزمها بعد موت الآخر منهما الأطول من عدة الحرة للوفاة أو استبراء ولا ترث الزوج وإن ادعت أمة موروثة تحريمها على وارث بوطء موروثة أو مستبرأة أن لها زوجا صدقت وإن أعتق أم ولده أو أمة كان يصيبها ممن تحل له إصابتها فله أن يتزوجها في الحال

(4/123)


من غير استبراء وإن اشترك رجلان في وطء أمة لزمها استبراآن.
فصل. ويحصل استبراء حامل بوضع الحمل كله وبحيضة لا ببقيتها لمن تحيض ويمضي شهر لآيسة وصغيرة وبالغ لم تحض وتصدق في الحيض فلو أنكرته فقال أخبرتني به صدق وإن ارتفع حيضها ما تدري رفعه فبعشرة أشهر تسعة للحمل وشهر للاستبراء وإن عرفت ما رفعه انتظرته حتى يجئ فتستبرئ به أو تصير من الآيسات فتستبرئ استبراءهن.

(4/124)