الإقناع
في فقه الإمام أحمد بن حنبل كتاب الديات
مدخل
مدخل
...
كتاب الديات
وهي جمع دية وهي: المال المؤدى إلى مجني عليه
أو وليه بسبب جناية.
كل من أتلف إنسانا مسلما أو ذميا مستأمنا أو
مهادنا بمباشرة أو سبب عمدا أو خطأ أو شبه عمد
- لزمته ديته: إما في ماله أو على عاقلته على
ما سيأتي فإن كان عمدا محضا فهي في مال الجاني
حالة وشبه العمد والخطأ وما أجرى مجراه على
عاقلته لا يلزمه شيء منها فإن كان التالف جزءا
من الإنسان فسيأتي في باب العاقلة: إن شاء
الله فإذا ألقاه على أفعى أو ألقاها عليه
فقتلته أو طلبه بسيف مجرد ونحوه أو ما يخيف
كلت ودبوس فهرب منه فتلف في هربه: بأن سقط من
شاهق أو انخسف به سقف أو خر في مهواة من بئر
أو غيره أو سقط فتلف أو لقيه سبع فافترسه أو
غرق في ماء أو احترق بنار: سواء كان المطلوب
صغيرا أو كبيرا أو أعمى أو بصيرا عاقلا أو
مجنونا أو روعه بأن شهر السيف في وجهه أو دلاه
من شاهق فمات من روعته أو ذهب عقله أو حفر
بئرا محرما حفرها في فنائه أو في فناء غيره أو
في طريق لغير مصلحة المسلمين أو في ملك غيره
بغير إذنه أو وضع حجرا أو رماه أو غيره من
منزله أو حمل به رمحا جعله بين يديه أو خلفه -
لا قائما في الهواء وهو يمشي لعدم تعيده -
فأتلف إنسانا أو غيره أو صب ماء في طريق،
(4/199)
أو فنائه أو
رمى قشر بطيخ أو خيار أو بقلا في طريق أو بال
أو بالت دابته في طريق ويده عليها: راكبا كان
أو ماشيا أو قائدا فتلف به إنسان أو ماشية أو
تكسر منه عضو فعليه ضمان مالا تحمله العاقلة
وإن حفر بئرا أو نصب سكينا أو وضع آخر حجرا
فعثر به إنسان أو دابة فوقع في البئر أو على
السكين - ضمن واضع الحجر المال وعلى عاقلته
دية الحر: كدافع إذا تعديا وإلا فعلى متعد
منهما وإن أعمق بئرا قصيرة ولو ذراعا فحفرها
إلى القرار ضمنا التالف بينهما إن كان مالا
ودية الحر على عاقلتهما فإن وضع آخر فيها
سكينا فأثلاثا وإن حفرها بملكه أو وضع فيها
حجرا أو حديدة وسترها فمن دخل بإذنه وتلف بها
فالقود وإلا فلا: كمكشوفة بحيث يراها إن كان
بصيرا أو دخل بغير إذنه وإن كان الداخل أعمى
أو كان بصيرا لكن في ظلمة لا يبصرها - ضمنه
وإن قال صاحب الدار: ما أذنت له في الدخول
وادعى ولي الهالك أنه أذن له فقول المالك وإن
قال: كانت مكشوفة وقال الآخر: كانت مغطاة فقول
ولي الداخل وإن تلف أجير لحفرها بها أو دعا من
يحفرها له بداره أو بمعدن فمات بهدم - فهدر
وإن حفر بئرا في ملكه أو في ملك غيره بإذنه
فلا ضمان عليه وكذلك إن حفرها في موات أو وضع
حجرا أو نصب شركا أو شبكة أو منجلا ليصيد بها
وإن فعل شيئا من ذلك في طريق ضيق فعليه ضمان
ما تلف به أذن له الإمام أ لم يأذن ولو فعل
ذلك الإمام لضمن فإن كان الطريق واسعا فحفرها
في مكان منها يضر بالمسلمين
(4/200)
ضمن وإن كان لا
يضر وحفرها لنفسه ضمن ما تلف بها وإن حفرها في
ملك مشترك بينه وبين غيره بغير إذنه - ضمن ما
تلف به جميعه وتقدمت أحكام البئر في آخر الغصب
وإن غصب صغيرا حرا فنهشته حية أو أصابته صاعقة
ففيه الدية وإن كان فنا فالقيمة - قال الشيخ:
ومثل ذلك كل سبب يختص البقعة: كالوباء وانهدام
سقف عليه ونحوهما - انتهى وإن مات بمرض أو
فجأة لم يضمن الحر وإن قيد حرا مكلفا أو غلة
فتلف بصاعقة أو حية - وجبت الدية.
(4/201)
فصل: - وإن اصطدم حران مكلفان بصيران أو
ضريران أو أحدهما وهما ماشيان أو راكبان أو
راكب وماش - فماتا
فعلى عاقلة كل واحد منهما دية الآخر وقيل بل
نصفها لأنه هلك بفعل نفسه وفعل صاحبه فيهدر
فعل نفسه وهذا هو العدل وكالمنجنيق إذا رجع
فقتل أحد الثلاثة وإن مات أحد المتصادمين
فديته كلها أو نصفها على عاقلة الآخر على
الخلاف وإن اصطدما عمدا ويقتل غالبا فعمد يلزم
كل واحد منهما دية الآخر في ذمته فيتقاصان
وإلا فشبه عمد ولو تجاذبا حبلا ونحوه فانقطع
فسقطا فماتا فكمتصادمين: سواء انكبا أو
استلقيا أو انكب أحدهما واستلقى الآخر لكن نصف
دية المنكب على عاقلة المستلقي مغلظة ونصف دية
المستلقي على عاقلة المنكب وإن اصطدم قنان
ماشيان فماتا فهدر وإن مات أحدهما فقيمته في
رقبة الآخر كسائر جناياته وإن كانا حرا وقنا
وماتا ضمنت قيمة القن في تركة الحر ووجبت دية
الحر كاملة في تلك القيمة وإن اصطدم امرأتان
فماتا فكرجلين فإن أسقطت
(4/201)
كل واحدة منهما
جنينها فعلى كل واحدة نصف ضمان جنينها ونصف
ضمان جنين صاحبتها وعلى كل واحدة عتق ثلاث
رقاب: واحدة لقتل صاحبتها واثنتان لمشاركتها
في الجنينين فإن أسقطت أحدهما دون الأخرى
اشتركتا في ضمانه وعلى كل واحدة منهما عتق
رقبتين وإن كان المتصادمان راكبين فرسين أو
بغلين أو حمارين أو جملين أو أحدهما راكبا
فرسا والآخر غيره: مقبلين أو مدبرين فماتت
الدابتان فعلى كل واحد منهما قيمة دابة الآخر
أو نصفها على الخلاف وإن ماتت إحداهما فعلى
الآخر قيمتها وإن نقصت فعليه نقصها وإن كان
أحدهما يسير بين يدي الآخر فأدركه الثاني
فصدمه فماتت الدابتان أو إحداهما فالضمان على
اللاحق وإن كان أحدهما يسير والآخر واقفا فعلى
عاقلة السائر دية الواقف وعليه ضمان دابته فإن
مات الصادم أو دابته فهدر وإن انحرف الواقف في
طريق ضيق غير مملوك له: قاعدا أو واقفا فلا
ضمان فيه إن كان مملوكا للواقف ضمنه السائر
ولا يضمن واقف لسائر شيئا ولو في طريق ضيق ومن
أركب صغيرين لا ولاية له عليهما فاصطدما فماتا
فعلى الذي أركبهما ديتهما في ماله وما تلف من
مالهما ففي ماله أيضا وإن ركبا من عند أنفسهما
فكالبالغين المخطئين وكذا إن أركبهما ولي
لمصلحة كما إذا أراد أن يمرنهما على الركوب
وكانا يثبتان بأنفسهما فأما إن كانا لا يثبتان
بأنفسهما فالضمان عليه وإن اصطدم صغير وكبير:
فإن مات الصغير ضمنه الكبير وإن
(4/202)
مات الكبير
ضمنه الذي أركب الصغير وإن قرب صغيرا من هدف
فأصابه سهم ضمنه المقرب وإن أرسله في حاجة
فأتلف مالا أو نفسا فجنايته خطأ من مرسله وإن
جنى عليه ضمنه ذكره في الإرشاد وغيره وتقدم في
الغصب إذا اصطدم سفينتان.
(4/203)
فصل: - وإن رمى
ثلاثة بمنجنيق فرجع الحجر فقتل رابعا
فعلى عواقلهم ديته أثلاثا ولا قود ولو قصدوه
بعينه فإن قصدوه أو قصدوا جماعة فهو شبه عمد
لأن قصد واحد بالمنجنيق لا يكاد يفضي إلى
إتلافه وإن لم يقصدوا قتل آدمي فهو خطأ فإن
كانوا أكثر من ثلاثة فالدية حالة في أموالهم
وإن قتل أحدهم سقط فعل نفسه وما يترتب عليه
وعلى عاقلة صاحبيه ثلثا الدية وإن رجع الحجر
فقتل اثنين وجب على عاقلة الحي منهم لكل ميت
ثلث ديته وعلى عاقلة كل واحد من الميتين ثلث
دية صاحبه ويلقى فعل نفسه والضمان في ذلك
يتعلق بمن مد الحبال ورمى الحجر دون من وضعه
في الكفة وأمسك الخشب كمن وضع سهما في قوس
إنسان ورماه صاحب القوس فالضمان على الرامي
دون الواضع ومن جنى على نفسه أو طرفه عمدا أو
خطأ فلا شيء له من بيت المال وغيره وإن نزل
رجل بئرا فخر عليه آخر فمات الأول من سقطته
فعلى عاقلته ديته وإن كان عمدا وهو مما يقتل
غالبا فعليه القصاص وإلا فشبه عمد وإن وقع خطأ
فالدية على عاقلته مخففة وإن مات الثاني
بسقوطه على الأول فدمه هدر وإن سقط ثالث فمات
الثاني فعلى عاقلته ديته وإن مات الأول من
سقطتهما فديته على عاقلتهما
(4/203)
ودم الثالث هدر
هذا إذا كان الوقوع هو الذي قتله فإن كان
البئر عميقا يموت الواقع بمجرد وقوعه لم يجب
ضمان على أحد وإن احتمل الأمرين فكذلك وإن جذب
الأول الثاني وجذب الثاني الثالث وماتوا فلا
شيء على الثالث وديته على عاقلة الثاني ودية
الثاني على عاقلة الأول ولو كان الأول هلك من
وقعة الثالث فضمان نصف ديته على عاقلة الثاني
والباقي هدر ولو كانوا أربعة فجذب الثالث
رابعا فماتوا جميعهم بوقوع بعضهم على بعض فلا
شيء على الرابع وديته على عاقلة الثالث وإن لم
يقع بعضهم على بعض بل ماتوا بسقوطهم أو كان
البئر عميقا بموت الواقع فيه بنفس الوقوع أو
كان فيه ما يغرق الواقع فيقتله أو أسد يأكلهم
ولم يتجاذبوا لم يضمن بعضهم بعضا وإن شك في
ذلك لم يضمن بعضهم بعضا وإن كان موتهم لوقوع
بعضهم على بعض فدم الرابع هدر وعليه1 دية
الثالث ودية الثاني عليه وعلى الثالث نصفين
ودية الأول على الثلاثة أثلاثا وإن خر رجل في
زبية أسد فجذب آخر وجذب الثاني ثالثا وجذب
الثالث رابعا فقتلهم الأسد فدم الأول هدر وعلى
عاقلته دية الثاني وعلى عاقلة الثاني دية
الثالث وعلى عاقلة الثالث دية الرابع وكذا لو
تدافع أو تزاحم عند حفرة جماعة فسقط منهم
أربعة فيها متجاذبين كما وصفنا.
ـــــــ
1 يريد على عاقلته، وكذا قوله: ودية الثاني
عليه وعلى الثالث: أي عاقلة الرابع وعاقلة
الثالث.
(4/204)
فصل: - ومن أخذ طعام إنسان أو شرابه في برية
أو مكان لايقدر فيه على طعام ولا شراب أو أخذ
دابته فمات بذلك
...
فصل: - ومن أخذ طعام إنسان أو شرابه في برية
أو مكان لا يقدر فيه على طعام ولا شراب أو أخذ
دابته فهلك بذلك أو هلكت بهيمته -
فعليه ضمان ما تلف به ومثلها في الحكم لو أخذ
منه قوسا يدفع بها عن نفسه ضربا ذكره في
الانتصار وإن اضطر إلى طعام أو شراب لغير مضطر
فطلبه منه فمنعه إياه فمات بذلك - ضمنه
المطلوب منه بديته في ماله وإن لم يطلبه منه
لم يضمنه لأنه لم يمنعه ومن أمكنه إنجاء آدمي
أو غيره من هلكة: كماء أو نار أو سبع فمل يفعل
حتى هلك لم يضمن ومن أفزع إنسانا أو ضربه
فأحدث بغائط أو بول ونص أو ريح - فعليه ثلث
ديته إن لم يدم فإن دام فسيأتي في دية الأعضاء
ولو مات من الإفزاع فعلى الذي أفزعه الضمان
تحمله العاقلة بشرطه وإذا أكره رجلا على قتل
إنسان فصار الأمر إلى الدية فهي عليهما ولو
أكره رجل امرأة على الزنا فحملت وماتت في
الولادة ضمنها وتحمله العاقلة: إلا أن لا يثبت
ذلك إلا باعترافه فتكون الدية عليه وإن شهد
شاهدان على إنسان بقتل عمد فقتل ثم رجعا عن
الشهادة لزمهما الضمان في مالهما.
(4/205)
فصل: - ومن أدب ولده أو امرأته في النشوز أو
المعلم صبيه أو السلطان رعيته ولم يسرف فأفضى
إلى تلف لم يضمن
وإن أسرف أو زاد على ما يحصل به المقصود أو
ضرب من لا عقل له من صبي وغيره - ضمن ومن
أسقطت بطلب سلطان أو تهديده لحق الله تعالى أو
غيره أو ماتت بوضعها أو فزعا أو ذهب عقلها من
ذلك أو استدعى إنسان عليها إلى السلطان - ضمن
السلطان ما كان بطلبه ابتداء
(4/205)
باب مقادير دية
النفس
مدخل
...
باب مقادير دية
النفس
دية الحر المسلم مائة من الإبل أو مائتا بقرة
أو ألفا شاة أو ألف مثقال ذهبا أو اثنا عشر
ألف درهم فضة من دراهم الإسلام
(4/206)
التي كل عشرة
منها سبعة مثاقيل فهذه الخمس أصول في الدية:
لا حلل1 فأيها أحضر من لزمته - لزم الولي
قبوله فإن كان القتل عمدا أو شبه عمد وجبت
مغلظة أرباعا: خمس وعشرون بنت مخاض وخمس
وعشرون بنت لبون وخمس وعشرون حقة وخمس وعشرون
جذعة وتجب في قتل الخطأ مخففة أخماسا: عشرون
بنت مخاض وعشرون ابن مخاض وعشرون بنت لبون
وعشرون حقة وعشرون جذعة ذكورا وإناثا ويؤخذ من
البقر النصف مسنات والنصف أتبعة ومن الغنم
النصف ثنايا والنصف أجذعة2 ولا تعتبر القيمة
في شيء من ذلك بعد أن يكون سليما من العيوب
فيؤخذ المتعارف مع التنازع وتغلظ دية طرف كقتل
ولا تغليظ في غير إبل والتخفيف في الخطأ من
ثلاثة أوجه: الضرب على العاقلة والتأجيل ثلاث
سنين ووجوها مخمسة وشبه العمد تخفف فيه من
وجهين: الضرب على العاقلة والتأجيل ثلاث سنين
وتغلظ من وجه وهو التربيع وفي العمد المحض
تغلظ بتخصيصها بالجاني وتعجيلها عليه وتبديل
التخميس بالتربيع فإن لم تمكن قسمة دية الطرف
مثل أن يوضحه عمدا أو شبه عمد فإنه يجب أربعة
أرباعا3 والخامس من أحد الأنواع الأربعة قيمته
ربع
ـــــــ
1 يعني ليست حلل الثياب من أصول الدية، وذلك
أخذ من المصنف بالرواية المشهورة عن الإمام،
وهناك رواية أخرى باعتبار الحلل من أصول
الدية، وعليها تكون الدية منها مائتي حلة
يمنية: كل واحدة منها إزار ورداء.
2 الثني من الضأن ما تم له سنة والجذع ما تم
له ستة أشهر.
3 أربعة أرباعا يعني بنت مخاض، وبنت لبون،
وحقة، وجذعة، وتوضيح =
(4/207)
قيمة الأربع
وإن كان أوضحه خطأ وجبت الخمس من الأنواع
الخمسة من كل نوع بعير وإن كان الواجب دية
أنملة وجبت ثلاثة أبعرة وثلث قيمتها نصف قيمة
الأربعة وثلثها وإن كان خطأ ففيها ثلثا قيمة
الخمس ولا يعتبر في الإبل أن تكون من جنس إبل
الجاني ولا إبل بلده ودية المرأة نصف دية رجل
من أهل ديتها وتساوي جراحها جراحه فيما دون
ثلث ديته فإذا بلغته أو زادت صارت على النصف
ودية الخنثي المشكل نصف دية رجل ونصف دية أنثى
ويقاد به الذكر والأنثى ويقاد هو بكل واحد
منهما وتساوى جراحه جراح الذكر فيما دون الثلث
وفي الثلث وما زاد عنه ثلاثة أرباع جرح ذكر
ودية الذكر الكتابي الحر نصف دية الحر المسلم
إن كان ذميا أو معاهدا أو مستأمنا وجراحاتهم
من دياتهم كجراحات المسلمين من دياتهم ودية
الكافر على قاتله المسلم عمدا ويأتي آخر الباب
وأما عبدة الأوثان وسائر من لا كتاب له كالترك
ومن عبد ما استحسن - فلا دية لهم إذا لم يكن
لهم أمان ولا
ـــــــ
= ذلك الفرع أن الموضحة المعتمدة فيها خمس من
الإبل، والأنواع التي يخرج الواجب منها هي
الأربعة، والخامس يختار من أحد الأنواع على أن
يلاحظ في قيمته أنها ربع قيمة المجموع حتى
يكون الواجب مستوفى، وقوله بعد: في الموضحة
الخطأ وجبت الخمس يريد تلك الأنواع الأربعة مع
زيادة ابن المخاض.
(4/208)
عهد فإن كان له
أمان فديته دية المجوسي ومن لم تبلغه الدعوة
إن وجد فلا ضمان فيه إذا لم يكن لهم أمان ولا
عهد فإن كان له أمان فديته دية أهل دينه فإن
يمل يعرف دينه فكمجوسي ودية العبد والأمة
قيمتهما ولو بلغت دية الحجر أو زادت عليها
والمدبر والمكاتب وأم الولد كالقن وفي جراحه -
إن لم يكن مقدرا من الحر كما لو شجه دون موضحة
- ما نقصه بعد التئام الجرح ولو زاد على أرش
الموضحة وإن كان مقدرا من الحر فهو مقدر من
العبد منسوب إلى قيمته ففي يده نصف قيمته وفي
موضحته نصف عشر قيمته: نقصته الجناية أقل من
ذلك أو أكثر ومن نصفه حر فعلى قاتله نصف دية
حر ونصف قيمته إذا كان عمدا وإن كان غيره ففي
ماله نصف قيمته ونصف الدية على العاقلة وكذا
الحكم في جراحه إن كان قدر الدية من أرشها
يبلغ ثلث الدية: مثل أن يقطع أنفه أو يديه وإن
قطع إحدى يديه فالجميع على الجاني وإن قطع
خصيتيه أو أنفه أو أذنيه لزمته قيمته للسيد
ولم يزل ملك السيد عنه وإن قطع ذكره ثم خصاه
لزمته قيمته لقطع الذكر وقيمته مقطوع الذكر
وملك سيده باق عليه والأمة كالعبد وإن بلغت
جراحتها ثلث قيمتها لم ترد إلى النصف لأن ذلك
في الحرة على خلاف الأصل.
(4/209)
فصل: - ودية الجنين الحر المسلم إذا سقط ميتا
بجناية عمدا أو خطأ
أو ظهر بعضه أو ألقته حيا لدون ستة أشهر أو
ألقت يدا أو رجلا أو رأسا أو جزءا من أجزاء
الآدمي: في حياة أمه أو بعد موتها أو ألقت ما
تصير به الأمة أم ولد - غرة: عبدا أو أمة
قيمتها خمس من الإبل: ذكرا كان أو أنثى وهو
عشر دية أمة من ضربة أو دواء أو غيره ولو
بفعلها ويعلم ذلك بأن يسقط عقب الضرب أو تبقى
متألمة
(4/209)
إلى أن يسقط
وإن ألقته رأسين أو أربع أيد لم يجب أكثر من
غيرة لأنه يجوز أن يكون من جنين واحد وما زاد
مشكوك فيه وإن دفع بدل الغرة دراهم أو غيرها
ورضي المدفوع إليه جاز ولو قتل حاملا ولم تسقط
جنينها أو ضرب من في جوفها حركة أو انتفاخ
فسكن الحركة وأذهبها وأسقطت ما ليس فيه صورة
آدمي أو ألقت مضغة فشهد ثقات من القوابل أنه
مبدأ خلق آدمي لو بقى تصور أو ضرب بطن حربية
أو مرتدة حامل فأسلمت ثم وضعت جنينا ميتا فلا
شيء فيه وإن شهدت أن فيه صورة ففيه غرة وإذا
كان أبوا الجنين كتابيين فغرته نصف قيمة غرة
المسلم وقيمة غرة جنين المجوسية أربعون درهما
فإن تعذر وجود غرة بهذه الدراهم وجبت الدراهم
وإن لم يجد الغرة وجبت قيمتها من أحد الأصول
في الدية لأن الخيرة للجاني في دفع ما شاء من
الأصول.
(4/210)
فصل: - والغرة موروثة عنه كأنه سقط حيا
يرثها ورثته فلا يرث منها قاتل ولا رقيق وترث
عصبة سيد قاتل جنين معتقته لا جنين أمته: إلا
أن يكون حرا فإن أسقطته ميتا ثم ماتت ورثت
نصيبها من الغرة ثم يرثها ورثتها وإن ماتت
قبله ثم ألقته ميتا لم يرث أحدهما صاحبه وإن
خرج حيا ثم ماتت قبله ثم مات أو ماتت ثم خرج
حيا ثم مات - ورثها ثم يرثه ورثته وإن اختلف
ورثتهما في أولهما موتا فلهما حكم الغرقى وإن
ألقت جنينا: ميتا أو حيا ثم ماتت ثم ألقت آخر
حيا ففي الميت غرة وفي الحي الأول دية إن كان
سقوطه لوقت يعيش مثله ويرثهما الحي الآخر ثم
يرثه ورثته إن مات
(4/210)
وإن كانت الأم
ماتت بعد الأول وقبل الثاني - ورثت الأم
والجنين الثاني من دية الأول ثم إذا ماتت الأم
ورثها الثاني ثم يصير ميراثه لورثته فإن ماتت
الأم بعدهما ورثتهما جميعا وإن ضرب بطنها
فألقت أجنة ففي كل واحد غرة وإن ألقتهم أحياء
لوقت يعشون لمثله ثم ماتوا ففي كل واحد منهم
دية كاملة وإن كانت أم الجنين أمة وهو حر
فتقدر حرة أو كانت ذمية حاملا من ذمي ومات على
أصلنا فتقدر مسلمة ولا يقبل في الغرة خنثي ولا
خصي ونحوه وإن كثرت قيمته ولا معيب يرد في
البيع ولا هرمة ولا من له دون سبع سنين بل من
له سبع فأكثر ولو جاوز خمس عشرة سنة أو أسود
كأبيض.
(4/211)
فصل: - وإن كان الجنين مملوكا ففيه عشر قيمة
أمه يوم الجناية نقدا
ومع سلامته وعيبها تعتبر سليمة ولو كانت أمه
حرة فتقدر أمة ويؤخذ عشر قيمتها نقدا ولا يجب
مع الغرة ضمان نقص الأم وولد المدبر والمكاتبة
والمعلق عتقها بصفة وأم الولد إذا حملت من غير
سيدها من غير من يعتق عليه - له حكم ولد الأمة
لأنه مملوك جنين معتق بعضها بالحساب وإذا سقط
جنين ذمية قد وطئها مسلم وذمي في طهر واحد -
وجب فيه ما في الجنين الذمي فإن ألحق بعد ذلك
بالمسلم فعليه تمام الغرة وإن ادعت نصرانية أو
ورثتها أن جنينها من مسلم من وطء شبهة أو زنا:
فإن اعترف الجاني فعليه غرة كاملة وإن اعترفت
العاقلة أيضا وكن مما تحمله فالغرة عليها
وتحلف مع الإنكار وعليها ما في جنين الذميين
والباقي على الجاني وإن اعترفت
(4/211)
العاقلة دون
الجاني فالغرة عليها مع دية أمه، وإن أنكر
الجاني والعاقلة فالقول قولهم مع إيمانهم: أنا
لا نعلم أن هذا الجنين من مسلم وجبت دية ذمي
ولا يلزمهم اليمين على البت وإن كان ما لا
تحمله العاقلة فقول الجاني وحده مع يمينه ولو
كانت النصرانية امرأة مسلم فادعى الجاني أن
الجنين من ذمي بشبهة أو زنا فقول ورثة الجنين.
(4/212)
فصل: - وإذا كانت الأمة بين شريكين فحملت
بمملوكين فضربها أحدهما فأسقطت
-
ضمن لشريكه نصف عشر قيمة أمه ويسقط ضمان نفسه
وإن أعتقها الضارب بعد ضربها وكان معسرا ثم
أسقطت عتق نصيبه منها ومن ولدها وعليه لشريكه
نصف عشر قيمة الأم ولا يجب عليه ضمان ما أعتقه
وإن كان موسرا سرى العتق إليها وإلى جنينها
وإن ضرب غير سيد بطن أمة فعتقت مع جنينها أو
عتق وحده ثم أسقطت ففيه غيرة وإن كان الجنين
محكوما بكفره ففيه غرة قيمتها عشر دية أمه وإن
كان أحد أبويه كتابيا والآخر مجوسيا - اعتبر
أكثرهما دية من أب أو أم وأخذ غبرة قيمتها عشر
الدية وإن سقط الجنين حيا ثم مات ففيه دية حرا
إن كان حرا أو قيمته إن كان مملوكا إذا كان
سقوطه لوقت يعيش لمثله، وهو أن تضعه لستة أشهر
فصاعدا إذا ثبتت حياته باستهلاله أو ارتضاعه
أو تنفسه أو عطاسه أو غير ذلك مما تعلم به
حياته ولدون ستة أشهر فحكمه حكم الميتة وإن
ألقته حيا فجاء آخر فقتله وكانت فيه حياة
مستقرة فعلى الثاني القصاص إذا كان عمدا أو
الدية كاملة إذا كان سقوطه لوقت يعيش لمثله،
(4/212)
وإن لم تكن فيه
حياة مستقرة بل كانت حركته كحركة المذبوح
فالقاتل هو الأول وعليه الدية كاملة ويؤدب
الثاني وإن بقى الجنين حيا وبقى زمنا سالما لا
ألم به لم يضمنه الضارب لأن الظاهر أنه لم يمت
من جنايته وإن اختلفا في خروجه حيا فقول جان
مع يمينه.
(4/213)
فصل: - وإن ادعت أن ضربها فأسقطت جنينها فأنكر
فالقول قوله
وإن أقر أو ثبت ببينة أنه ضربها وأنكر إسقاطها
فقوله أيضا مع يمينه أنه لا يعلم إسقاطها وإن
ثبت الإسقاط والضرب وادعى أنها أسقطته من غير
ضرب وأنكرته: فإن كانت أسقطته عقب ضربها
فقولها وإن ادعى أنها ضربت نفسها أو شرب دواء
أسقطت منه فقولها وإن أسقطت بعد الضرب بأيام
وبقيت سالمة إلى حين الإسقاط فقولها أيضا وإن
لم تكن سالمة فقوله كما لو ضرب إنسانا فلم يبق
متألما ولا ضمنا ومات بعد أيام وإن اختلف في
وجود التألم فقوله وإن تأملت في بعض المدة
فادعى برأها فقولها وإن قالت: سقط حيا وقال
ميتا فقوله وإن ثبتت حياته وقالت: لوقت يعيش
لمثله وأنكر فقولها وإن أقامت ببينة باستهلاله
وأقام ببينة بخلافها قدمت ببينتها وإن قالت:
مات عقب الإسقاط وقال: عاش مدة - فقولها ومع
التعارض تقدم ببينته وإن ثبت أنه عاش مدة
فقالت المرأة: بقى متألما حتى مات فأنكر -
فقوله ومع التعارض تقدم ببينتها ويقبل في
استهلال الجنين وسقوطه وبقائه متألما أو بقاء
أمه متأملة قول امرأة عدل وإن اعترف الجاني
باستهلاله أو ما يوجب فيه دية كاملة فالدية في
ماله وإن كان مما تحمل العاقلة فيه
(4/213)
الغرة - فهي
على العاقلة: وباقي الدية في مال القاتل؛ وكل
من قلنا القول قوله - فمع يمينه.
(4/214)
فصل: - وإن انفصل منها جنينان ذكر وأنثى
فاستهل أحدهما واختلفوا في المستهل
فقال الجاني: هو الأنثى وقال وارث الجنين: هو
الذكر - فقول الجاني وإن كان لأحدهما بينة قدم
بها وإن كان لهما بينتان وجبت دية الذكر وإن
اعترف الجاني باستهلال الذكر فأنكرت العاقلة
فقولهم فإذا حلفوا كان عليهم دية الأنثى وعلى
الجاني تمام دية الذكر وهو نصف الدية وإن
اتفقوا ولم يعرف لزم دية أنثى وتجب الغرة في
الذي لم يستهل وإن ضربها فألقت يدا ثم ألقت
جنينا فإن كان إلقاؤهما متقاربا وبقيت المرأة
متألمة إلى أن ألقته - دخلت اليد في ضمان
الجنين ثم إن كان سقط ميتا أو حيا لوقت لا
يعيش لمثله ففيه غرة وإلا فدية كاملة وإن بقي
حيا لم يمت فعلى الضارب ضمان اليد بديتها وإن
ألقت اليد وزال الألم ثم ألقت الجنين - ضمن
اليد وحدها ثم إن ألقته ميتا أو حيا لوقت لا
يعيش لمثله ففي اليد نصف غرة وإن ألقته حيا
لوقت يعيش لمثله ثم مات أو عاش وكان بين إلقاء
اليد وإلقائه مدة يحتمل أن تكون الحياة لم
تخلق فيه قبلها فإن قلن أي: القوابل أنها يد
من لم تخلق فيه الحياة أو يد من خلقت فيه ولم
يمض له ستة أشهر أو أشكل عليهن - وجب نصف غرة
وإذا شربت الحامل دواء فألقت به جنينا فعليها
غرة لا ترث منها لأنها قاتلة وإن جنى على
بهيمة فألقت جنينها ففيه ما نقصها
(4/214)
فصل: - وتغلظ دية النفس: لا الطرف - في قتل
الخطأ فقط في ثلاثة مواضع:
حرم مكة وإحرام وأشهر حرم فقط فيزداد لكل واحد
ثلث الدية فإن اجتمعت هذه الحرمات الثلاث وجب
ديتان وظاهر كلام الخرقي أنها لا تغلظ لذلك
وهو ظاهر الآية والأخبار واختاره جمع وإن قتل
مسلم كافرا: كتابيا أو غيره حيث حقن دمه عمدا
- ضعفت الدية على قاتله لإزالة القود وإن قتله
ذمي أو قتل الذمي مسلما لم تضعف الدية عليه
وإن جنى رقيق: خطأ أو عمدا لا قود فيه أو فيه
قود واختير المال أو أتلف مالا بغير إذن سيده
- تعلق ذلك برقبته فيخير سيده بين أن يفديه
بأرش جنايته أو يسلمه إلى ولي الجناية فيملكه
أو يبيعه ويدفع ثمنه فإن كانت الجناية أكثر من
قيمته لم يكن على السيد أكثر من قيمته: إلا أن
يكون أمره بالجناية أو أذن له فيها فيلزمه
الأرش كله فلو أمره أن يقطع يد حر فعلى السيد
دية يد الحر وإن كانت أكثر من قيمة العبد
وكذال لو أمره أن يجرحه ولو قتل العبد أجنبي
تعلق الحق بقيمته - جزم به في المحرر واختاره
أبو بكر والمطالبة للسيد والسيد يطالب الجاني
بالقيمة وإن سلم الجاني سيده فأبى ولي الجناية
قبوله وقال: بعه أنت وادفع ثمنه إلى لم يلزمه
ويبيعه الحاكم وإن فضل عن ثمنه شيء من أرش
الجناية فهو للسيد وللسيد التصرف فيه بعتق
وغيره وينفذ عتقه: علم بالجناية أو لم يعلم
ويضمن إذا أعتقه ما يلزمه من ضمانه إذا امتنع
من تسليمه قبل عتقه وإن باعه أو وهبه صح ولم
يزل تعلق الجناية عن رقبته؛ فإن
(4/215)
كان المشتري
عالما بحاله فلا خيار له وينتقل الخيار في
فدائه وتسليمه إليه: كالسيد الأول وإن لم يعلم
فله الخيار بين إمساكه ورده وإن جنى الرقيق
عمدا فعفا الولي عن القصاص على رقبته لم يملكه
بغير رضا سيده وإن جنى على اثنين فأكثر خطأ
اشتركوا فيه بالحصص فإذا عفا أحدهم أو مات
المجني عليه فعفا بعض ورثته تعلق حق الباقين
بكل العبد وشراء ولي القود الجاني عفو عنه وإن
جرح العبد حرا فعفا عنه ثم مات من الجراحة ولا
مال له وقيمة العبد عشر دية الحر واختار السيد
فداءه بقيمته صح العفو في ثلث ما مات عنه
والثلثان للورثة ولو أن عشرة أعبد قتلوا عبدا
فعليهم القصاص فإن اختار السيد قتلهم فله ذلك
وإن عفا إلى مال تعلقت قيمة عبده برقابهم: على
كل واحد منهم عشرها يباع منه بقدرها أو يفديه
سيده فإن اختار قتل بعضهم والعفو عن بعض فله
ذلك وإن قتل عبد عبدين لرجلين قتل بالأول
منهما فإن عفا عنه الأول قتل بالثاني وإن
قتلهما دفعة واحدة - أقرع بين السيدين فمن
وقعت له القرعة - اقتص وسقط حق الآخر وإن عفا
الثاني تعلقت قيمة القتيل الآخر سقط حتى الأول
من القيمة وإن عفا الثاني تعلقت قيمة القتيل
الثاني برقبته أيضا ويباع فيهما ويقسم ثمنه
على قدر القيمة ولم يقدم الأول بالقيمة.
(4/216)
باب دية
الأعضاء ومنافعها
دية الأعضاء
ومنافعها
...
باب دية الأعضاء
ومنافعها
من أتلف ما في الإنسان منه شيء واحد ففيه دية
نفسه وما فيه منه
(4/216)
شيئان ففيهما
الدية وفي أحدهما نصفها وما فيه ثلاثة أشياء
ففيها الدية وفي كل واحد منها ثلثها وما فيه
منه أربعة أشياء ففيها الدية وفي كل واحد منها
ربعها وما فيه عنه عشرة أشياء ففيها الدية وفي
كل واحد منها عشرها ففي العينين الدية ولو مع
حول وعمش ومرض وبياض لا ينقص البصر من كبير أو
صغير وفي أحدهما نصفها: لكن إن كان بهما أو
بأحدهما بياض ينقص البصر نقص منها بقدره وفي
ذهاب البصر الدية وفي ذهاب بصر إحداهما نصفها
فإن ذهب بالجناية على رأسه أو عينه أو بمداواة
الجناية وجبت الدية فإن ذهب ثم عاد لم تجب وإن
كان قد أخذها ردها وإن ذهب بصره أو سمعه فقال
عدلان من أهل الخبرة: لا يرجى عوده - وجبت وإن
قالا يرجى عوده إلى مدة عيناها - انتظر إليها
ولم يعط الدية حتى تنقضي المدة فإن بلغها ولم
يعد أو مات قبل مضيها وجبت الدية وإن قلع أجني
عينه في المدة استقرت على الأول الدية أو
القصاص وعلى الثاني حكومة وإن قال الأول: عاد
ضوؤها وأنكر الثاني فقول المنكر مع يمينه وإن
صدق المجني عليه الأول سقط حقه عنه ولم يقبل
قوله على الثاني وإن قال أهل الخبرة: يرجى
عوده لكن لا نعرف به مدة وجبت الدية أو القصاص
وإن اختلف في ذهابه رجع إلى عدلين من أهل
الخبرة فإن لم يوجد أهل الخبرة أو تعذر معرفة
ذلك اعتبر بأن يوقف في عين الشمس ويقرب الشيء
من عينه في أوقات غفلته: فإن طرف وخاف من الذي
تخوف به فهو كاذب وإلا حكم له وكذلك الحكم في
السمع والشم
(4/217)
والسن وإن جنى
عليه فنقص ضوء عينيه أو أسود بياضهما أو احمر
ولم يتغير البصر فحكومة وإن اختلفا في نقص
سمعه وبصره فقول المجني عليه مع يمينه وإن
ادعى نقص ضوء إحداهما عصبت العليلة وأطلقت
الصحيحة ونصب له شخص ويعطى الشخص شيئا كبيضة
مثلا ويتباعد عنه في جهة شيئا فشيئا فكلما
قال: قد رأيته فوصف لونه علم صدقه حتى ينتهي
فإن انتهت رؤيته علم موضع الانتهاء بخيط أو
غيره ثم تشد الصحيحة وتطلق العليلة وينصب له
الشخص ثم يذهب في الجهة حتى تنتهي رؤيته فيعلم
موضعها ثم يرد الشخص إلى انتهاء جهة أخرى
فيصنع به مثل ذلك ويعلم منه المسافتان ثم
يذرعان ويقابل بينهما وإن اختلف المسافتان فقد
كذب فيردد حتى تستوي المسافة من الجانبين وإن
جنى على عينيه فندرتا1 أو احولتا أو اعمشتا
ونحوه فحكومة: كما لو ضرب يده فاعوجت والجناية
على الصغير والمجنون كالجناية على المكلف لكن
المكلف خصم لنفسه والخصم للصغير والمجنون
وليهما فإذا توجهت اليمين عليهما لم يحلفا ولم
يحلف الولي فإذا تكلفا حلفا وفي عين الأعور
دية كاملة فإن قلعها صحيح فله القود بشرطه مع
أخذ نصف الدية وإن قلع الأعور عين صحيح لا
تماثل عينه أو قلع المماثلة خطأ فليس عليه إلا
نصف الدية وإن قلع عينه الصحيحة عمدا فلا قصاص
وعليه دية كاملة وإن قلع عيني صحيح عمدا خير
بين قلع عينه ولا شيء له غيرها وبين الدية وفي
يد أقطع أو رجله - نصف الدية: كبقية الأعضاء
فلو قطع يد صحيح قطعت يده،
ـــــــ
1 ندرتا: بمعنى تضخمتا، أو فسدتا.
(4/218)
وفي الأشفار
الأربعة: وهي الأجفان ولو من أعمى - الدية وفي
كل واحد منها ربعها فإن قطع العينين بأجفانها
وجبت ديتان وفي أهداب العينين - وهي الشعر
الذي على الأجفان - الدية وفي كل واحد منها
ربعها فإن قطع أجفانا بأهدابها لم يجب أكثر من
دية وفي كل واحد من الشعور الثلاثة الأخرى
الدية وهي شعر الرأس واللحية والحاجلين: كثيفة
كانت أو خفيفة جميلة أو قبيحة من صغير أو كبير
بحيث لا تعود ولا قصاص في هذه الشعور الأربعة
لعدم إمكان المساواة وفي كل حاجب نصفها وفي
بعض ذلك بقسطه من الدية يقدر بالمساحة وإن عاد
الشعر قبل أخذ الدية سقطت وبعده ترد وإن بقى
من شعر اللحية أو غيره من الشعور ما لا جمال
فيه فدية كاملة وفي الشارب حكومة وفي الأذنين
ولو من أصم الدية وفي إحداهما نصفها وإن قطع
بعض الأذن وجب بالحساب من ديتها يقدر بالأجزاء
وكذا قطع بعض المارن والحلمة واللسان والشفة
والحشفة والأنملة والسن وشق الحشفة طولا فن
جنى على أذنه فاستحشفت أي شلت ففيها حكومة فإن
قطعها قاطع بعد استحشافها ففيها ديتها وفي
السمع إذا ذهب سمعه فديتان فإن اختلفا في ذهاب
سمعه فإنه يغتفل ويصاح به وينظر اضطرابه
ويتأمل عند صوت الرعد والأصوات المزعجة فإن
ظهر منه انزعاج أو التفات أو ما يدل على السمع
فقول الجاني مع يمينه وإن لم يوجد شيء من ذلك
فقوله مع يمينه وإن ادعى نقصان
(4/219)
سمع إحداهما
فاختباره بأن تشد العليلة تطلق الصحيحة ويصبح
رجل من موضع يسمعه ويعمل كما تقدم في نقص
البصر في إحدى العينين ويؤخذ من الدية بقدر
نقصه وإن تعدى نقصان السمع فيهما حلف ووجبت
فيه حكومة وفي مارن الأنف - وهو ما لان منه
ولو من أخشم الدية وإن قطع المارن وشيئا من
القصبة فدية واحدة وفي كل واحد من المنخرين
والحاجز بينهما ثلث الدية وفي قطع أحدهما مع
نصف الحاجز نصفها ومع كله ثلثاها وفي الشم
الدية وفي ذهابه من أحد المنخرين نصفها وفي
بعضه حكومة وإن نقص من أحدهما قدر بما يقدر به
نقص السمع من إحدى الأذنين وإن قطع أنفه فذهب
شمه فديتان وإن ادعى ذهاب شمه اختبر بالروائح
الطيبة والمنتنة فإن هش للطيب وتنكر من المنتن
فقول الجاني مع يمينه وإلا فقول مجني عليه مع
يمينه وإن ادعى نقص شمه فقوله مع يمينه ويجب
ما تخرجه الحكومة وإن قطع مع الأنف اللحم الذي
تحته ففي اللحم حكومة: كقطع الذكر واللحم الذي
تحته وإن ضرب أنفه فأشله أو عوجه أو غير لونه
فحومة وفي قطعه إلا جلدة بقي معلقا بها فلم
يلتحم واحتيج إلى قطعة ففيه ديته وإن رده
فالتحم أو أبانه فرده فالتحم فحكومة وفي
الشفتين الدية وفي كل واحدة منهما نصفها فإن
ضربهما فأشلهما أو تقلصتا فلم تنطبقا على
الأسنان أو استرختا فصارتا لا ينفصلان عن
الأسنان ففيهما الدية وإن تقلصتا بعض التقلص
فحومة وحد الشفة السفلى من أسف ما تجافى عن
الأسنان واللثة مما ارتفع من جلدة الذقن وحد
العليا من فوق ما تجافى عن الأسنان واللثة إلى
اتصاله بالمنخرين والحاجز
(4/220)
وحدهما طولا
طول الفم إلى حاشية الشدقين، وفي اللسان
الناطق الدية وفي الكلام الدية وفي الذوق إذا
ذهب ولو من لسان أخرس الدية والمذاق الخمس:
الحلاوة والمرارة والحموضة والعذوبة والملوحة
فإذا ذهب واحد منها فلم يدركه وأدرك الباقي
فخمس الدية وإن ذهب اثنتان فخمسان وفي ثلاثة
ثلاثة أخماس وفي أربعة أربعة أخماس وإن لم
يدرك بواحدة ونقص الباقي فخمس الدية وحكومة
لنقص الباقي وإن جنى على لسان ناطق فأذهب
كلامه وذوقه فديتان فإن قطعه فذهبتا معا فدية
واحدة وإن ذهب بعض الكلام وجب من الدية بقدر
ما ذهب: يعتبر ذلك بحروف المعجم وهي ثمانية
وعشرون حرفا ففي الحرف الواحد ربع سبع الدية
وفي الحرفين نصف سبعها وكذا حساب ما زاد ولا
فرق بين ما خف على اللسان من الحروف أو ثقل
ولا بين الشفوية والحلقية اللسانية وإن جنى
على شفتيه فذهب بعض الحرف وجب فيه بقدره وكذلك
إن ذهب بعض حروف الحلق بجناية وإن ذهب حرف
فعجز عن كلمة كجعله أحمد أمد لم يجب غير أرش
الحرف وإن ذهب حرف فأبدل مكانه حرفا آخر: مثل
أن كان يقول درهم فصار يقول: دلهم أو دغهم أو
دنهم فعليه ضمان الحرف الذاهب لا إن جنى عليه
فذهب البدل وجبت ديته أيضا لأنه أصل وإن لم
يذهب شيء من الكلام لكن حصلت فيه عجلة أو
تمتمة أو فأفأة فعليه حكومة فإن جنى عليه جان
آخر فأذهب كلامه ففيه الدية كاملة فإن أذهب
الأول الحروف وأذهب الثاني بقية
(4/221)
الكلام فعلى كل
واحد منهما بقسطه، وإن كان ألثغ من غير جناية
عليه فذهب إنسان بكلامه كله: فإن كان مأيوسا
من زوال لثغته ففيه بقسطه ما ذهب من الحروف
وإن كان غير مأيوس من زوالها كالصغير ففيه
الدية كاملة وكذلك الكبير إذا أمكن زوال لثغته
بالتعليم وإن قطع بعض اللسان فذهب بعض الكلام
فإن استويا مثل أن قطع ربع لسانه فذهب ربع
كلامه فربع الدية فإن ذهب أكثر من الآخر وهو
نصف الدية في الحالين وإن قطع ربع اللسان فذهب
نصف الكلام ثم قطع آخر بقيته فذهب الكلام فعلى
الأول نصف الدية وعلى الثاني نصفها وحكومة
لربع اللسان ولو قطع نصفه فذهب ربع الكلام ثم
آخر فزال ثلاثة أرباعه فعلى الأول نصف الدية
وعلى الثاني ثلاثة أرباعها وإن عاد كلامه أو
ذوقه أو لسانه سقطت الدية وإن كان قبضها ردها
وإن قطع نصفه فذهب كل كلامه ثم قطع آخر بقيته
فعاد كلامه لم يجب رد الدية وإن قطعه فذهب
كلامه ثم عاد اللسان دون الكلام لم يرد الدية
وإن اقتص من قطع بعض لسانه فذهب من كلام
الجاني مثل ما ذهب من كلام المجني عليه أو
أكثر فقد استوفى حقه ولا شيء له في الزائد
لأنه من سراية القود وسراية القود غير مضمونة
وإن ذهب أقل فللمقتص دية ما بقي لأنه لم يستوف
بدله وإذا قطع لسان صغير لم يتكلم لطفوليته
ففيه الدية وإن بلغ حدا يتكلم مثله فلم يتكلم
ففيه حكومة كلسان الأخرس وإن كبر
(4/222)
فنطق ببعض
الحروف وجب فيه بقدر ما ذهب من الحروف لأنا
تبينا أنه كان ناطقا وإن كان قد بلغ إلى حد
يتحرك بالبكاء أو غيره فلم يتحرك ففيه حكومة
وإن لم يبلغ إلى حد يتحرك ففيه الدية وفي كل
سن ممن قد أثغر خمس من الإبل والأضراس
والأنياب كالأسنان إذا قلعت بسنخها - وهو ما
بطن منها في اللحم - أو قطع الظاهر فقط سواء
قلعها في دفعة أو دفعات وإن قلع منها السنخ
فقط ولو كان هو الذي جنى على ظهرها ففيه حكومة
ولا يجب بقلع سن الصغير الذي لم يثغر في الحال
شيء لكن ينتظر عودها: فإن مضت مدة ييأس من
عودها وجبت ديتها إلا أن ينبت مكانها أخرى وإن
عادت قصيرة أو شوهاء أو أطول من أخواتها أو
صفراء أو حمراء أو سوداء أو خضراء فحكومة وإن
أمكن تقدير نقصها من نظيرتها أو كان فيها ثلمة
أمكن تقديرها ففيها بقدر ما نقص وإن نبتت
مائلة عن صف الأسنان بحيث لا ينتفع بها ففيها
ديتها وإن كان ينتفع بها فحكومة وإن جعل مكان
السن سنا أخرى أن سن حيوان أو عظمها فثبتت وجب
ديتها وإن قلعت هذه الثلاثة فحكومة وإن قلع
سنه أو قلع طرفه ونحوهما فرده فالتحم فله أرش
نقصه ثم إن أبانه أجنبي وجبت ديته وإن عادت سن
من قد أثغر ولو بعد الأياس من عودها رد ديتها
إن كان أخذها وإن كسر بعض ظاهر السن ففيه من
دية السن بقدره كالنصف وإن جاء آخر فكسر
الباقي منها فعليه بقية الأرش وإن اختلفا
فالقول قول المجني عليه في قدر ما أتلف كل
واحد منهما وإن انكشفت اللثة عن
(4/223)
بعض السن
فالدية في قدر الظاهر عادة دون ما انكشف على
خلاف العادة وإن اختلفا في قدر الظاهر اعتبر
ذلك بأخواتها فإن لم يكن له شيء تعتبر به ولم
يمكن أن يعرف ذلك أهل الخبرة فقول الجاني إن
قلع سنا مضطربة لكبر أو مرض وكانت منافعها
باقية من المضغ وحفظ الطعام والريق وجبت ديتها
وكذلك إن ذهب منافعها وبقي بعضها وإن ذهبت
منافعها كلها فهي كاليد الشلاء وإن قلع سنا
فيها داء أو أكلة ولم يذهب شيء من أجزائها
ففيها دية سن صحيحة: وإن سقط من أجزائها شيء
سقط من ديتها بقدر الذاهب منها ووجبت الباقي
وإن كانت ثنيته قصيرة نقص من ديتها بقدر نقصها
كما لو نقصت بكسرها وإن جني على سنه فبقي فيها
اضطراب ففيها حكومة وفي تسويد السن والظفر
والأذن والأنف بحيث لا يزول عنه ديته فإن ذهبت
بعد ذلك بجناية ففيها حكومة وإن احمرت السن أو
اصفرت أو اخضرت أو كلت أو تحركت فحكومة فإن
قلعها بعد ذلك قالع فحكومة ولو نبتت من صغير
سوادء ثم ثغر ثم عادت سوداء فديتها وفي
اللحيين الدية وهما العظمان اللذان فيهما
الأسنان السفلى وفي إحداهما نصفها فإن قلعها
بما عليها من الأسنان وجبت ديتها ودية الأسنان
وفي اليدين الدية وفي إحداهما نصفها وسواء
قطعهما من الكوع أو المنكب أو مما بينهما فإن
قطعهما من الكوع ثم قطعهما من المرفق أو مما
قبله أو بعده ففي المقطوع ثانيا حكومة وإن جني
عليهما فأشلهما وأذهب نفعهما أو أشل رجله أو
ذكره أو أنثييه أو اسكتيها وكذا سائر الأعضاء
ففيه ديته إلا الأذن والأنف كما تقدم
(4/224)
وإن جني على يد
فعوجها أو نقص قوتها أو شأنها فحكومة وإن
كسرها ثم انجبرت مستقيمة فحكومة لشينها إن
شأنها ذلك وإن عادت موجعة فالحكومة أكثر وإن
قال الجاني: أنا أكسرها ثم أجبرها مستقيمة لم
يمكن فإن كسرها تعديا ثم جبرها فاستقامت لم
يسقط ما وجب من الحكومة في اعوجاجها وفي الكسر
الثاني حكومة أخرى وتجب دية اليد في يد
المرتعش وقدم الأعرج ويد الأعسم: وهو اعوجاج
في الرسغ فإن كان له كفان في ذراع أو يدان في
عضد وإحداهما باطشة دون الأخرى أو أكثر بطشا
أو في سمت الذراع والأخرى منحرفة عنه أو
إحداهما تامة والأخرى ناقصة - فالأولى هي
الأصلية والأخرى زائدة ففي الأصلية ديتها
والقصاص بقطعها عمدا وفي الزائدة حكومة: سواء
قطعها منفردة أو مع الأصلية وإن استوتا من كل
الوجوه: فإن كانتا غير باطشتين ففيهما حكومة
وإن كانتا باطشتين ففيهما جميعا دية يد واحدة
وحكومة للزائدة وإن قطع إحداهما فلا قود وفيها
نصف ما فيهما إذا قطعتا: أي نصف يد وحكومة وإن
قطع أصبعا من إحداهما فنصف أرش أصبع وحكومة
وإن قطع ذو اليد التي لها طرفان يدا - لم
يقطعا ولا إحداهما وكذا الرجل وإن قطع كفا
بأصابعه لم يجب إلا دية اليد وإن قطع كفا عليه
بعض أصابع دخل ما حاذى الأصابع في ديتها وعليه
أرش باقي الكف وإن قطع أنملة بظفرها فليس عليه
إلا ديتها وفي كف بلا أصابع وذراع بلا كف وعضد
بال ذراع حكومة وفي الرجلين الدية وفي أحدهما
نصفها وتفصيلهما كاليدين ومفصل الكعبين مثل
مفصل الكفين فإن كان
(4/225)
له قدمان على
ساق فكالكفين على ذراع واحد فن كانت أحدهما
أطول من الأخرى فقطع الطولي وأمكنه المشي على
القصيرة فهي الأصلية وإلا زائدة وفي الثديين
الدية وفي أحدهما نصفها وفي حلمتيهما الدية
وفي إحداهما نصفها وإن قطع الثديين بحلمتيهما
فدية واحدة فإن حصل مكان قطعها جائفة ففيها
ثلث الدية مع ديتهما وإن جائفتان فدية وثلثان
وإن جني فأذهب لبنهما من غير أن يشلهما فحكومة
وإن جني عليهما من صغيرة ثم ولدت فلم ينزل لها
لبن: فإن قال أهل الخبر: قطعته الجناية فعليه
ما على من ذهب باللبن بعد وجوده وإن قالوا: قد
انقطع من غير الجناية لم يضمن وإن نقص لبنهما
أو كانا ناهدين فكسرهما أو صار بهما مرض
فحكومة وفي ثندؤتي الرجل - مفرز الثدي - الدية
وفي إحداهما نصفها وفي الأليتين الدية وفي
إحداهما نصفها: وهما ما علا وأشرف عن الطهر
وعن استواء الفخذين وإن لم يحصل إلى العظم
الذي تحتهما وفي ذهاب بعضهما بقدره فإن جهل
المقدار فحكومة وفي كسر الصلب الدية إذا لم
ينجبر فإن ذهب به مشيه أو نكاحه فدية واحدة
وإن ذهبا فديتان وإن جبر فعادت إحدى المنفعتين
لم يجب إلا دية إلا أن تنقص الأخرى أو تنقصا
فحكومة وإن ادعى ذهاب جماعة فقال رجلان من أهل
الخبرة: إن مثل هذه الجناية تذهب الجماع فقول
المجني عليه مع يمينه وإن ذهب ماؤه أو أحباله
دون جماعه ففيه الدية وفي ذهاب الأكل الدية
وفي إذهاب منفعة الصوت الدية وفي الحدب الدية
فإن انحنى قليلا فحكومة وفي الصفر الدية: وهو
أن يجني عليه فيصير وجهه في
(4/226)
جانب ولا يعود
فلا يقدر على النظر أمامه ولا يمكنه لي عنقه
وإن صار الالتفات أو ابتلاع الماء أو غيره
شاقا عليه فحكومة وفي الذكر الدية من صغير
وكبير وشيخ وشاب وإن قطع نصفه بالطول ففيه دية
كاملة لأنه ذهب بمنفعة الجماع وحشفته الدية
وفي ذكر الخصي ولو جامع به وذكر العنين والذكر
دون حشفتة - حكومة وفي الأنثيين الدية وفي
إحداهما نصفها فإن قطع الذكر والأنثيين معا أو
الذكر ثم الأنثيين فديتان وإن قطع الأنثيين ثم
الذكر ففي الأنثيين الدية وفي الذكر حكومة وإن
رش أنثييه أو أرسلهما كملت ديتهما وإن قطعهما
فذهب نسله فدية واحدة وفي أسكتي المرأة: وهما
اللحم المحيط بالفرج من جانبيه إحاطة الشفتين
بالفم وهما شفراها - الدية وفي إحداهما نصفها
وسواء كانتا غليظتين أو دقيقتين قصيرتين أو
طويلتين من بكر أو ثيب صغيرة أو كبيرة مخفوضة:
أي مختونة أو غير مخفوضة ولو من رتقاء وفي ركب
المرأة - وهو عانتها حكومة وكذا عانته فإن أخذ
منه شيء مع فرجها أو ذكره فحكومة مع الدية وفي
أصابع اليدين الدية وفي أصابع الرجلين الدية
وفي كل أصبع عشرها وفي كل أنملة ثلث العشر فإن
كانت من إبهام فنصف العشر وفي الظفر خمس دية
الأصبع إذا قلعه ولم يعد وفي الأصبع الزائدة
حكومة وإن جنى على مثانته فلم يستمسك بوله
ففيه الدية وإن جنى عليه فلم يستمسك غائطه
ففيه الدية وإن أذهب المنفعتين فديتان وفي
ذهاب العقل الدية فإن نقص نقصا معلوما: مثل أن
صار يجن يوما ويفيق يوما ففيه من الدية بقدر
ذلك وإن لم يعلم: مثل أن صار مدهوشا
(4/227)
أو يفزع مما لا
يفزع منه ويستوحش إذا خلا فحكومة وإن أذهب
عقله بجناية توجب أرشا: كالجراح أو قطع عضوا
من يديه أو رجليه أو غيرهما أو ضربه على رأسه
وجبت الدية وأرش الجرح إن كان وإن جنى عليه
فأذهب سمعه وعقله وبصره وكلامه - وجب أربع
ديات مع أرش الجرح فإن مات من الجناية لم يجب
إلا دية واحدة وإن أنكر الجاني زوال عقله
ونسبه إلى التجافن راقبناه في خلواته: فإن لم
تنضبط أحواله وجبت الدية ولا يحلف وفي تسويد
الوجه إذا لم يزل الدية فإن حمره أو صفره
فحكومة.
(4/228)
فصل: - في العضو الأشل
...
فصل: - وفي العضو الأشل
- وهو الذي ذهبت منفعته - من اليد والرجل
والذكر والثدي ولسان الأخرس والعين القائمة في
موضعها: صورتها كصورة الصحيحة غير أنه ذهب
بصرها وشحمة الأذن وذكر الخصي والعنين والسن
السوداء التي ذهبت منفعتها بحيث لا يمكنه أن
يعض بها شيئا والثدي دون حلمته والذكر دون
حشفته وقصبة الأنف دون مارنه واليد والأصبع
الزائدين - حكومة وتقدم بعضه ولا تجب دية جرح
حتى يندمل ولا دية سن وظفر ومنفعة حتى ييأس من
عودها فإن مات في المد فلوليه دية سن وظفر وله
القود في غيرهما وتقدم بعضه ولو التحمت
الجائفة أو الموضحة وما فوقها على غير شين لم
يسقط موجبها.
(4/228)
باب الشجاج
وكسر العظام
مدخل
...
باب الشجاج وكسر
العظام
الشجة: اسم لجرح الرأس والوجه خاصة هي عشر:
خمس لا
(4/228)
فصل: - وفي الجائفة ثلث الدية:
وهي التي تصل إلى باطن الجوف من بطن أو ظهر أو
صدر أو نحر وإن أجافه جائفتين بينهما حاجز
فعليه ثلثا الدية وإن خرق الجاني ما بينهما أو
خرق بالسراية صارا جائفة واحدة فيها ثلث الدية
لا غير وإن خرق ما بينهما أجنبي أو المجني
عليه فعلى الأول ثلثا الدية وعلى الأجنبي
الثاني ثلثها ويسقط ما قبل فعل المجني عليه
وإن احتاج إلى خرق ما بينهما للمداواة فخرقها
المجني عليه أو غيره بأمره أو ولي المجني عليه
لذلك أو الطبيب بأمره فلا شيء في خرق الحاجز
وعلى الأول ثلثا الدية وإن جرحه من جانب فخرج
من الجانب الآخر فجائفتان وإن خرق شدقه أو
أنفه فوصل إلى فمه فليس بجائفة لأن باطن الفم
في حكم الظاهر وإن طعنه في خده فكسر العظم
ووصل إلى فمه فليس بجائفة أيضا وعليه دية
منقلة لكسر العظم وفيما زاد حكومة وإن جرحه في
ذكره فوصل إلى مجرى البول أو في جفنه فوصل إلى
بيضة عينه فحكومة: كإدخاله أصبعه في فرج بكر
وداخل عظم فخذ وإن جرحه في وركه فوصل الجرح
إلى جوفه أو أوضحه فوصل إلى قفاه فعليه دية
جائفة وموضحة وحكومة: كجرح القفا والورك وإن
أجافه ووسع آخر الجرح فجائفتان: على كل واحد
منهما أرش جائفة وإن وسعها الطبيب بإذنه أو
بإذن وليه لمصلحته فلا شيء عليه وإن أدخل
سكينا في الجائفة ثم أخرجها عزر ولا شيء عليه
وإن خاطها فجاء آخر فقطع الخيط وأدخل السكين
فيها قبل أن تلتحم عزر أشد من التعزير الذي
قبله وغرم ثمن الخيوط وأجرة الخياط
(4/231)
ولا شيء عليه
وإن التحمت الجائفة ففتحها آخر فهي جائفة أخرى
عليه أرشها وإن التحم بعضها دون بعض ففتق ما
التحم فعليه أرش جائفة وإن فتق غير ما التحم
فليس عليه أرش جائفة وحكمه حكم من فعل مثل
فعله قبل أن يلتحم منها شيء وإن وسع بعض ما
التحم في الظاهر فقط أو الباطن فقط فعليه
حكومة ومن وطئ زوجته وهي صغيرة أو نحيفة لا
يوطأ مثلها لمثله فخرق ما بين مخرج بول ومني
أو ما بين القبل والدبر فلم يستمسك البول
لزمته الدية وإن استمسك فعليه ثلث الدية
ويلزمه المهر المسمى في النكاح مع أرش الجناية
ويكون أرش الجناية في ماله إن كان عمدا محضا:
وهو أن يعلم أنها لا تطيقه وإن وطأه يفضيها
وإن علم ذلك وكان مما يحتمل أن لا يفضي إليه
فعلى العاقلة وإن اندمل الحاجز وزال الإفضاء
وجبت حكومة فقط وإن كانت كبيرة محتملة للوطء:
يوطأ مثلها لمثله أو أجنبية كبيرة مطاوعة ولا
شبهة وهي حرة مكلفة فهدر ولا مهر: كما لو أذنت
في قطع يدها فسرى إلى نفسها وإن كانت مكرهة أو
وطئها بشبهة فأفضاها لزمه ثلث ديتها ومهر
مثلها وأرش البكارة وإن استطلق بولها فدية
فقط.
(4/232)
فصل: - وفي كسر الضلع
بعير وفي الترقوتين بعيران وفي إحداهما بعير -
والترقوة: العظم المستدير حول العنق من النحر
إلى الكتف لكل آدمي ترقوتان - وفي كل واحد من
الذراع - وهو الساعد الجامع لعظمي الزند
والعضد - والفخذ والساق: إذا جبر ذلك مستقيما
- بعيران وإلا فحكومة ولا مقدر في غير هذه
(4/232)
العظام وما عدا
ما ذكرنا من الجروح وكسر العظام: مثل خرزة
الصلب والعصعص والعانة - ففيه حكومة وخرزة
الصلب إن أريد بها كسر الصلب ففيه الدية1
والحكومة: أن يقوم المجني عليه كأنه عبد لا
جناية به ثم يقوم وهي به قد برئت: فما نقص من
القيمة فله مثله من الدية: كأن كان قيمته وهو
صحيح عشرون وقيمته وبه الجناية تسعة عشر ففيه
نصف عشر ديته: إلا أن تكون الحكومة في شيء فيه
مقدر فلا يبلغ به أرش المقدر فإن كانت في
الشجاج التي دون الموضحة لم يبلغ بها أرش
الموضحة وإن كانت في أصبع لم يبلغ بها دية
الأصبع وإن كانت في أنملة لم يبلغ بها ديتها
وإن كانت مما لا تنقص شيئا بعد الاندمال قومت
حال الجناية ولا تكون هدرا فإن لم تنقصه حال
الجناية ولا بعد الاندمال أو زادته حسنا:
كإزالة الحية امرأة أو أصبع أو يد زائدة فلا
شيء فيها كما لو قطع سلعة أو ثؤلولا أو بط
جراحا وإن لطمه في وجهه فلم يؤثر فلا ضمان
ويعزر كما لو شتمه.
ـــــــ
1 خرزة الصلب: هي إحدى فقاره. والقول بوجوب
الدية فيها أحد توجيهين والثاني هو حكومة على
أي حال، كما تقدم قريبا، وذلك لعدم ورود تقدير
فيه.
(4/233)
باب العاقلة
وما تحمله
مدخل
...
باب العاقلة وما
تحمله
العاقلة: من غرم ثلث الدية فأكثر بسبب جناية
غيره فعاقلة الجاني ذكرا كان أو أنثى - ذكور
عصبته نسبا وولاء: قريبهم وبعيدهم حاضرهم
وغائبهم صحيحهم ومريضهم ولو هرما وزمنا وأعمى
ومنهم عمودا نسبه: آباؤه وأبناؤه ولا يعتبر أو
يكونوا وارثين في الحال بل متى كانوا يرثون
لولا الحجب عقلوا وليس منهم الأخوة لأم ولا
سائر
(4/233)
ذوي الأرحام
ولا الزوج ولا المولى من أسفل ولا مولى
الموالاة: وهو الذي يوالي رجلا يجعل له ولاءه
ونصرته ولا الحليف الذي يحالف آخر على التناصر
لا العديد: وهو الذي لا عشيرة له ينضم إلى
عشيرة فيعد منهم وإن عرف نسب قاتل من قبيلة
ولم يعلم من أي بطونها لم يعقلوا عنه ولا مدخل
لأهل الديوان في المعاقلة وليس على فقير ولو
معتملا ولا صبي ولا زائل العقل ولا امرأة ولا
خنثي مشكل ولو كانوا معتقين ولا رقيق ولا
مخالف لدين الجاني - حمل شيء من الدية ولا
يحمل الموسر من غيرهم وهو هنا من ملك نصابا
عند حلول الحول فاضلا عنه: كحج وكفارة ظهار
وخطأ الإمام والحاكم في أحكامهما - في بيت
المال: كخطأ وكيل1 فعلى هذا للإمام عزل نفسه
وخطؤهما الذي تحمله العاقلة وشبهه في غير حكم
- على عاقلتهما وكذا الحكم إن زاد سوطا لخطأ
في حد أو تعزيز أو جهلا حملا أو بان من حكما
بشهادته غير أهل في أنه من بيت المال ويأتي في
كتاب الحدود ولا تعاقل بين ذمي وحربي بل بين
ذميين إن اتحدت ملتهما فلا يعقل يهودي ولا
نصراني عن الآخر فإن تهود نصراني أو تنصر
يهودي أو ارتد مسلم لم يعقل عنهم أحد وتكون
جناياتهم في أموالهم كسائر الجناية التي لا
تحملها العاقلة ومن لا عاقلة له أو له وعجزت
عن الجميع فالدية أو باقيها عليه إن كان ذميا
وإن كان مسلما أخذت أو باقيها من بيت المال
حالة دفعة واحدة فإن تعذر فليس على القاتل شيء
لأن الدية تلزم العاقلة ابتداء وإن رمى ذمي أو
مسلم صيدا ثم تغير دينه
ـــــــ
1 يعني أن خطأ الوكيل على موكله فكذا خطأ
الإمام على بيت المال.
(4/234)
ثم أصاب السهم
آدميا فقتله فالدية في ماله ولو اختلف دين
جارح حالتي جرح وزهوق حملته عاقلته حال الجرح
ولو جنى ابن المعتقة من عبد فعقله على موالي
أمه فإن عتق أبوه وانجر ولاؤه ثم سرت جنايته
أو رمى بسهم فلم يقع السهم حتى عتق أبوه
فأرشها في ماله.
(4/235)
فصل: - ولا تحمل العاقلة عمدا محضا
ولو لم يجب فيه القصاص
كالجائفة ولا عبدا قتل عمدا أو خطأ ولا طرفه
ولا جنايته ولا قيمة دابة ولا صلح إنكار ولا
اعترافا: بأن يقر على نفسه بجناية خطأ أو شبه
عمد توجب ثلث الدية فأكثر: إن لم تصدقه
العاقلة ولا ما دون ثلث الدية الكاملة وهي دية
الذكر الحر المسلم: إلا غرة جنين مات مع أمه
بجناية واحدة أو بعد موتها: لا قبلها لنقصه عن
الثلث فهذا كله في مال الجاني حالا وتحمل دية
المرأة وتحمل من جراحها ما يبلغ أرشه ثلث
الدية الكاملة فأكثر: كدية أنفها لا يدها وكذا
حكم الكتابي ولا تحمل شيئا من دية المجوسي
والوثني لأنها دون الثلث وتحمل شبه العمد
كالخطأ وما أجرى مجراه وما يحمله كل واحد من
العاقلة غير مقدر وترجع فيه إلى اجتهاد الحاكم
فيحمل كل إنسان منهم ما يسهل ولا يشق ويبدأ
بالأقرب فالأقرب: كعصبات في ميراث لكن يؤخذ من
بعيد لغيبة قريب فإن اتسعت أموال الأقربين لها
- لم يتجاوزهم وإلا انتقل إلى من يليهم فيبدأ
بالآباء ثم بالأبناء ثم بالأخوة ثم بنيهم ثم
أعمام ثم بنيهم ثم أقارب الأب ثم بنيهم ثم
أعمام الجد ثم بنيهم كذلك فإذا انقرض
المناسبون فعلى المولى
(4/235)
المعتق ثم على
عصابته فإن كان المعتق امرأة حمل عنها جناية
عتيقها من يحمل جنايتها من عصابتها ثم على
مولى المولى ثم على عصابته: الأقرب فالأقرب:
كالميراث - سواء فيقدم من يدلي بأبوين على من
يدلي بأب وإن تساوى جماعة في القرب وكثروا وزع
ما يلزمهم بينهم ومن صار أهلا عند الحول ولم
يكن أهلا عند الوجوب كفقير يستغني وصبي يبلغ
ومجنون يفيق دخل في التحمل وعاقلة ابن
الملاعنة عصبة أمه.
(4/236)
فصل: وما تحمله
العاقلة - يجب مؤجلا في ثلاث سنين:
في آخر كل سنة ثلثه إن كان دية كاملة كدية
النفس أو طرف كالأنف وإن كان الثلث كدية
المأمومة - وجب في آخر السنة الأولى وإن كان
نصف الدية الكاملة كدية اليد ودية المرأة
والكتابي أو ثلثيها: كدية المنخرين وجب الثلث
في آخر السنة الأولى والثلث الثاني أو السدس
الباقي من النصف - في آخر الثانية وإن كان
أكثر من دية: مثل أن ذهب سمع إنسان وبصره
بجناية واحدة - ففي ست سنين: في كل سنة ثلث
وكذا لو قتلت الضربة الأم جنينها بعد ما استهل
لم يزد في كل حول على ثلث الدية وإن قتل اثنين
أو أذهب سمعه وبصره بجنايتين فديتهما في ثلاث
سنين: من كل دية ثلث وابتداء الحول في الجرح
من حين الاندمال وفي القتل من حين الموت: سواء
كان قتلا موحيا أو عن سراية جرح ومن مات من
العاقلة قبل الحول أو افتقر أو جن لم يلزمه
شيء وإن مات بعد الحول لم يسقط وعمد غير مكلف
- خطأ: تحمله العاقلة وتقدم في كتاب الجنايات
(4/236)
باب كفارة القتل
من قتل نفسا محرمة أو شارك فيها ولو نفسه أو
قنه أو مستأمنا أو معاهدا خطأ أو ما أجرى
مجراه أو شبه عمد أو قتل بسبب في حباته أو بعد
موته: كحفر بئر ونصب سكين وشهادة زور: لا في
قتل عمد محض ولا في قتل أسير حربي يمكنه أن
يأتي به الإمام فقتله قبله ولا في قتل نساء
حرب وذريتهم ولا من لم تبلغه الدعوة إن وجد -
فعليه كفارة كاملة في ماله ولو كان القاتل
إماما في خطأ يحمله بيت المال أو كافرا: وهي
عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين
متتابعين وتقدم حكمها عند كفارة الظهار ولو
ضرب بطن امرأة فألقت جنينا ميتا أو حيا ثم مات
فعليه الكفارة: لا بإلقاء مضغة وإن قتل جماعة
لزمه كفارات: سواء كان المقتول مسلما أو كافرا
مضمونا حرا أو عبدا صغيرا أو كبيرا ذكرا أو
أنثى وسواء كان القاتل كبيرا عاقلا أو صبيا أو
مجنونا أو حرا أو عبدا أو ذكرا أو أنثى ولا
تجب كفارة اليمين على الصبي والمجنون ويكفر
العبد بالصيام ويأتي في آخر كتاب الإيمان -
ويكفر من مال غير مكلف وليه ومن رمى في دار
الحرب مسلما يعتقده كافرا أو رمى إلى صف
الكفار فأصاب فيهم مسلما فعليه الكفارة ولا
كفارة في قتل مباح كقتل حربي وباغ وصائل وزان
محصن وقتل قصاصا أو حدا ولا في قطع طرف وقتل
بهيمة.
وأكبر الذنوب الشرك بالله ثم القتل ثم الزنا
(4/237)
باب القسامة
الأول: دعوى القتل
عمدا أو خطأ أو شبه عمد
...
باب القسامة
وهي أيمان مكررة في دعوى قتل معصوم ولا تثبت
إلا بشروط: -
أحدها : دعوى القتل عمدا أو خطأ أو شبه عمد
على واحد معين مكلف ذكر أو أنثى حر أو عبد
مسلما أو ذميا ويقسم على العبد سيده وأم الولد
ولامدبر والمكاتب والمعلق عتقه بصفة: كالقن
فإن قتل عبد المكاتب فللمكاتب أن يقسم على
الجاني وإن عجز قبل أن يقس فلسيده دونه ولا
قسامة فيما دون النفس من الجراح والأطراف
والمال غير العبد والدعوى فيها كالدعوى في
سائر الحقوق: البينة على المدعي واليمين على
من أنكر يمينا واحدة وكذا لو ادعى القتل من
غير وجود قتيل ولا عداوة والمحجور عليه لسفه
أو فلس - كغيره في دعوى القتل والدعوى عليه
إلا أنه إذا أقر بمال أو لزمته الدية بالنكول
عن اليمين - لم يلزمه في حال حجره ولو جرح
مسلم فارتد المجروح ومات على الردة فلا قسامة
وإن مات مسلما فارتد وارثه قبل القسامة فكذلك
وإن ارتد قبل موتت موروثه كانت القسامة لغيره
من الوارث وإن لم يكنن له وارث سواه فلا قسامة
فيه وإن ارتد رجل فقتل عبده ثم ارتد: فإن عاد
إلى الإسلام فله القسامة وإلا فلا.
(4/238)
فصل: - الثاني: اللوث ولو في الخطأ وشبه العمد:
واللوث
(4/238)
العداوة
الظاهرة: كنحو ما كان بين الأنصار وأهل خيبر
وكما بين القبائل التي يطلب بعضها بعضا بثأر
وما بين أحياء العرب وأهل القرى الذين بينهم
الدماء والحروب وما بين البغاة وأهل العدل وما
بين الشرط واللصوص وكل من بينه وبين المقتول
ضغن يغلب على الظن قتله قال القاضي: يجوز
للأولياء أن يقسموا على القاتل إذا غلب على
ظنهم أنه قتله وإن كانوا غائبين عن مكان القتل
لأن للإنسان أن يحلف على غالب ظنه: كما إن من
اشترى من إنسان شيئا فجاء آخر يدعيه جاز أن
يحلف أنه لا يستحقه لأن الظاهر أنه ملك الذي
باعه وكذلك إذا وجد شيئا بخطه أو بخط أبيه في
دفتره جاز أن يحلف وكذلك إذا باع شيئا لم يعلم
فيه عيبا فادعى عليه المشتري أنه معيب وأراد
رده كان له أن يحلف أنه باعه قبل العيب ولا
ينبغي أن يحلف المدعي إلا بعد الاستثبات وغلبة
ظنن تقارب اليقين - وينبغي للحاكم أن يعظهم
ويعرفهم ما في اليمين الكاذبة ويدخل في اللوث
لو حصل عداوة بين سيد عبد وعصبته فلو وجد قتيل
في صحراء وليس معه غير عبده كان ذلك لوثا في
حق العبد ولورثة سيده القسامة فإن لم تكن
عداوة ظاهرة ولكن غلب على الظن صدق المدعي:
كتفرق جماعة عن قتيل أو كانت عصبته من غير
عداوة ظاهرة أو وجد قتيل عند من معه سيف ملطخ
بدم أو في زحام أو شهادة جماعة ممن لا يثبت
القتل بشهادتهم كالنساء والصبيان والفساق أو
عدل واحد وفسقه أو تفرق فنآن عن قتيل1 أو شهد
رجلان على رجل أنه قتل أحد هذين
ـــــــ
1 الفنء – بوزن شيء – الجماعة وهذا التمثيل
شبيه بقوله قريبا: أو تفرق جماعة عن قتيل.
(4/239)
القتيلين أو
شهد أن هذا القتيل قتله أحد هذين أو شهد
أحدهما أن إنسانا قتله والآخر أنه أقر بقتله
أو شهد أحدهما أنه قتله بسيف والآخر بسكين
ونحو ذلك - فليس بلوث ولا يشترط مع العداوة
ألا يكون في الموضع الذي به القتل غير العدو
ولا أن يكون بالقتيل أثر القتل كدم في أذنه أو
أنفه وقول القتيل قتلني فلان - ليس بلوث ومتى
ادعى القتل عمدا أو غيره أو وجد قتيل في موضع
فادعى أولياؤه على قاتل مع عدم اللوث حلف
المدعى عليه يمينا واحدة وبرئ وإن نكل لم يقض
عليه بالقود بل بدية.
(4/240)
فصل: - الثالث: اتفاق الأولياء في الدعوى
فإن كذب بعضهم بعضا فقال أحدهم: قتله هذا وقال
آخر: لم يقتله هذا أو بل قتله هذا - لم تثبت
القسامة: عدلا كان المكذب أو فاسقا لعدم
التعيين فلو كانت الدعوى على أهل مدينة أو
محلة أو واحد غير معين لم تسمع فإن لم يكذبه
أحدهم ولم يوافقه في الدعوى: مثل أن قال أحدهم
قتله هذا وقال الآخر: لا نعلم قاتله - تثبت
أيضا وكذلك إن كان أحد الوليين غائبا فادعى
الحاضر دون الغائب أو ادعيا جميعا على واحد
ونكل أحدهما عن الأيمان لم يثبت القتل وإذا
قال الولي بعد القسامة غلطت ما هذا الذي قتله
أو ظلمته بدعواي القتل عليه أو كان هذا المدعي
عليه في بلد آخر يوم قتل وليي وكان بينهما بعد
لا يمكنه أن يقتله إذا كان فيه - بطلت القسامة
ولزمه رد ما أخذه وإن قال ما أخذته حرام - سئل
عن ذلك فإن قال أردت أني كذبت في دعواي
(4/240)
عليه بطلت
القسامة أيضا وإن قال: أردت أن الإيمان تكون
في حنية المدعى عليه تبطل1 وإن قال: هذا مغصوب
وأقر بمن غصبه منه لزمه رده عليه ولا يقبل
قوله على من أخذ منه وإن لم يقر به لأحد لم
ترفع يده عنه لأنه لم يتعين مستحقه والقول
قوله في مراده وإن أقام المدعي عليه بينة أنه
كان يوم القتل في بلد بعيد من بلد المقتول لا
يمكنه مجيئه إليه في يوم واحد - بطلت الدعوى
وإن قالت بينة: نشهد أن فلانا لم يقتله لم
تسمع هذه الشهادة فإن قالا: ما قتله فلان بل
قتله فلان سمعت وإن قال إنسان: ما قتله هذا
المدعى عليه بل أنا قتلته: فإن كذبه الولي لم
تبطل دعواه وله القسامة ولا يلزمه رد الدية إن
كان أخذها وإن صدقه الولي أو طالبه بموجب
القتل لزمه رد ما أخذه وبطلت دعواه على الأول
وسقط القود عنهما وله مطالبة الثاني بالدية.
ـــــــ
1 الحنية على وزن غنية: فسرها صاحب الكشاف
بالجهة. وفي القاموس بمعنى القوس والأول أنسب
والمعنى: أن يكون مذهب الولي يقتضي طلب اليمين
من جهة المدعي عليه، وأن طلبها وحصولها من
جهته هو غير مشروع – فإن كان القسامة صحيحة إذ
المدار فيها على مذهب الإمام أو اجتهاده، وقد
عمل بذلك.
(4/241)
فصل: - الرابع: أن يكون في المدعين ذكور
مكلفون ولو واحدا
فلا مدخل للنساء والخناثى والصبيان والمجانين
في القسامة: عمدا كان القتل أو خطأ فيقسم
الرجال العقلاء فقط والحق للجميع وإن كان
الجميع لا مدخل لهم فكما لو نكل الورثة فإن
كان اثنين فأكثر: البعض غائب أو غير مكلف و
ناكل عن اليمين فلحاضر مكلف أن يحلف بقسطه
ويستحق نصيبه من الدية إن كانت الدعوى خطأ أو
شبه عمد فإذا قدم الغائب وبلغ الصبي وعقل
المجنون؛ حلف
(4/241)
ما يخصه وإن
كانت عمدا لم تثبت القسامة حتى يحضر الغائب
ويبلغ الصغير ويعقل المجنون لأن الحق لا يثبت
إلا بالبينة الكاملة والبينة أيمان الأولياء
كلهم.
ويشترط أيضا ألا يكون للمدعين بينة - وتكليف
قاتل لتصح الدعوى - وإمكان القتل منه - وصفة
القتل - وطلب الورثة واتفاقهم على القتل وعين
القاتل وتقدم بعضه وليس من شطرها أن تكون
الدعوى بقتل عمد يوجب القصاص فلو كان القاتل
ممن لا قصاص عليه كالمسلم يقتل كافرا أو الحر
يقتل عبدا سمعت القسامة لكن إن كان على قتل
محض لم يقسموا إلا على واحد معين وكذا إن كان
خطأ أو شبه عمد إن قلنا تجري فيهما القسامة.
(4/242)
فصل - ويبدأ في
القسامة بأيمان المدعين
فيحلفون خمسين يمينا بحضرة الحاكم أنه قتله
وثبت حقهم قبله فإن لم يحلفوا حلف المدعى عليه
- ولو امرأة - خمسين يمينا وبرئ ويعتبر حضور
المدعى عليه وقت اليمين كالبينة عليه وحضور
المدعى أيضا وتختص الأيمان بالورثة الذكور دون
غيرهم فتقسم بين الرجال من ذوي الفروض
والعصبات على قدر إرثهم إن كانوا جماعة وإن
كان واحدا حلفها وإن كانوا خمسين حلف كل واحد
يمينا وإن كانوا أكثر حلف منهم خمسون: كل واجد
يمينا وإن كانوا أقل فإن انقسمت من غير كسر
مثل: أن يخلف المقتول ابنين أو أخا وزوجا -
حلف كل واحد منهما خمسة وعشرين يمينا وإن كان
فيها كسر جبر عليهم كزوج وابن يحلف الزوج
ثلاثة عشر يمينا والابن ثمانية وثلاثين وإن
كانوا ثلاثة بنين حلف
(4/242)
كل واحد سبعة
عشر وإن كان فيهم من لا قسامة عليه بحال
كالنساء سقط حكمه: فابن وبنت يحلف الابن خمسين
وأخ وأخت لأب وأم وأخ وأخت لأم - قسمت الأيمان
بين الأخوين على أحد عشر: على الأخ من الأبوين
ثمانية وعلى الأخ لأم ثلاثة ثم يجبر الكسر
عليهما فيحلف الأخ من الأب سبعا وثلاثين
والآخر أربع عشرة.
(4/243)
فصل: - وإن مات المستحق انتقل إلى وراثه ما
عليه من الإيمان على حسب مواريثهم
ويجبر الكسر فيما عليهم كما يجبر في حق ورثة
القتيل فإن مات بعضهم قسم نصيبه من الإيمان
بين ورثته فلو كان للقتيل ثلاثة بنين فعلى كل
واحد سبعة عشر فإن مات أحدهم قبل أن يقسم وخلف
ثلاثة بنين قسمت أيمانهم بينهم كل واحد ست
أيمان فإن كان موته بعد شروعه في الإيمان فحلف
بعضها استأنفها ورثته ولا يبنون على أيمانه
لأن الخمسين جرت مجرى اليمين الواحدة وإن جن
في أثنائها ثم أفاق أو تشاغل عنه الحاكم في
أثنائها: تمم ولم يستأنف لأن الأيمان لا تبطل
بالتفريق وكذا إن عزل الحاكم في أثنائها أتمها
عند الثاني فلا يشترط أن تكون في مجلس واحد
وكذا لو سأله الحاكم في أثنائها إنظاره
فأنظره.
(4/243)
فصل: - وإذا حلف الأولياء استحقوا القود إذا
كانت الدعوى عمدا:
إلا أن يمنع مانع وصفة اليمين أن يقول: والله
الذي لا إليه إلا هو علام خائنة الأعين وما
تخفي الصدور لقد قتل فلان بن فلان الفلاني -
ويشير إليه - فلانا ابني أو أخي منفردا بقتله
ما شركه غيره عمدا أو شبه عمد أو خطأ بسيف أو
بما يقتل غالبا ونحو ذلك: فإن اقتصر على لفظ
والله كفى
(4/243)
|